الشيخ علي محمد حايك
24-07-2012, 08:34 PM
بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على محمد وآله الطاهرين (أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِئَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَلْ لَبِثْتَ مِئَةَ عَامٍ فَانْظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانْظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آَيَةً لِلنَّاسِ وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) ( البقرة259 )
من هو صاحب هذه القصة؟ من الواضح ان هذه الايات لم تصرح باسم الشخص الذي تدور حوله احداث هذه القصة واقصى ما يستفاد من الايات انه كان من صالحي عباد الله ، عالما بمقام ربه ، مراقبا لامره وأنه كان يوحى اليه بل كان مأنوسا بالوحي والتكليم حيث يظهر من الايات ان نزول الوحي عليه في هذه القصة لم يكن المرة الاولى فلم يخاطب كما خوطب نبي الله موسى عليه السلام لأول مرة (اني انا ربك) الا ان المشهور والمعروف ان المقصود به هو نبي الله عزير ويدل على ذلك جملة من الاخبار ، وقد كان عزير شابا ونبيا من انبياء بني اسرائيل وقيل أنه كان فيما بين داود وسليمان.
ما هي احداث هذه القصة باختصار ؟ خرج نبي الله عزير من داره قاصدا مكانا بعيدا عن قريته، قيل انه خرج إلى ضيعة له يتعاهدها في يوم شديد الحر، وكان خروجه مع حمار يركبه ، حاملا للطعام والشراب حتى يتغذى بهما ، وفي الطريق مر بالقرية التي ذكر الله تعالى أنها كانت (خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا) (كأن السقوف سقطت ووقع البنيان عليها) ، والتي قيل ان القرية هي بيت المقدس، وتدل الايات على انه لم يكن قاصدا نفس القرية ، وإنما مر بها مرورا ثم وقف معتبرا بما يشاهده من أمر القرية الخربة التي كان قد أبيد أهلها وشملتهم نازلة الموت ، وحيث هاله ما شاهده فقال (قَالَ أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا) ولم يقل ذلك إنكارا ولا تعجبا ولا ارتيابا ، ولكنه أحب أن يريه الله إحياءها مشاهدة ليحصل له العلم به ضرورة كما ورد في البحار، ويظهر من اسم الاشارة (هذه) ان الأموات المشار إليهم لم يكونوا مقبورين،بل كانت عظامهم الرميمة بمرئى ومنظر منه عليه السلام (فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِئَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ) ، فما لبث ان سمع هاتف الوحي من السماء (قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ) وكان مترددا بين اليوم وبعض اليوم لأن موته كان في صدر النهار وبعثه في آخره فظن ان مدة موته اما يوما كاملا ونيف واما بعض يوم ولو كان بالعكس من ذلك لقال : لبثت يوما من غير ترديد ، فرد الله سبحانه عليه (قَالَ بَلْ لَبِثْتَ مِئَةَ عَامٍ)
ثم استشهد تعالى على قوله : بل لبثت مأة عام بقوله : (فَانْظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ)(أي لم يتغير بمرور السنين مع ان طعامه كان تينا وعنبا، وشرابه عصيرا وهذه الثلاثة مما يتغير بسرعة) ، (وَانْظُرْ إِلَى حِمَارِكَ) كيف تفرقت اجزاؤه وتبددت عظامه، وحال الحمار الذي كان رميما يدل على طول مدة المكث، وحال الطعام والشراب يدل على إمكان ان يبقى طول هذه المدة على حال واحد من غير أن يتغير (وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا) الظاهر انه كان ينظر الى عظامه وعظام حماره حيث قيل: أول ما أحيا الله منه عينيه، فجعل ينظر إلى العظام البالية المتفرقة تجتمع إليه ، وإلى اللحم الذي قد أكلته السباع تأتلف إلى العظام من ههنا ومن ههنا ، وتلتزق بها حتى قام وقام حماره، وفي الرواية عن الامام الصادق عليه السلام (ونظر إلى أعضائه كيف تلتئم ، وكيف تلبس اللحم ، وإلى مفاصله وعروقه كيف توصل ، فلما استوى قاعدا قال : " أعلم أن الله على كل شئ قدير )
ثم رجع الى قومه اليهود بعد ان نزل عليهم العذاب بسبب انهم عملوا بالمعاصي وسلط الله عليهم في بلدهم من يسفك دماءهم ويأخذ أموالهم وهو بخت نصر ، وكانت معصيتهم كما أوحى الله الى نبيه قل لهم : (لأنكم رأيتم المنكر فلم تنكروه) ، وكان بخت نصر قد احرق التوراة فأملاها عزير من ظهر قلبه ، فقالوا : فما جعل الله التوراة في قلبه إلا وهو ابنه ، فقالوا : " عزير ابن الله " وقولهم هذا وان لم يكن معروفا عنهم اليوم الا انهم كانوا يقولون بذلك في عصر النزول .
قال العلامة الطباطبائي :والظاهر أن ذلك كان لقبا تشريفيا يلقبونه به قبال ما خدمهم وأحسن إليهم في إرجاعهم إلى أورشليم ( بيت المقدس ) بعد اسارة بابل ، وجمع لهم التوراة ثانيا بعد ضياعه في قصة بخت نصر ، ويستفاد من هذه القصة عدة رسائل:
الرسالة الاولى: انه من العقائد الثابتة عند مذهب اهل البيت الرجعة في آخر الزمان والتي تعني رجوع بعض الناس الى الحياة الدنيا بعد الموت وهذه الحادثة تعتبر من الادلة الواضحة على امكان ذلك بل وقوعه.
الرسالة الثانية:الاعتبار بما جرى على بني اسرائيل من سفك للدماء وتخريب للبلاد وضياع للاموال بسبب تركهم لفرضية النهي عن المنكر.
الرسالة الثالثة: عدم الغلو بمن يجري الله على يديه المعجزة او الكرامة كما فعل بنو اسرائيل في قولهم بان عزير هو ابن الله .( وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ)(التوبة 30) وليعلم ان اليهود لا تعبد عزيرا وإنما قالوا عزير ابن الله تشريفا كما قالوا : نحن أبناء الله وأحباؤه
من هو صاحب هذه القصة؟ من الواضح ان هذه الايات لم تصرح باسم الشخص الذي تدور حوله احداث هذه القصة واقصى ما يستفاد من الايات انه كان من صالحي عباد الله ، عالما بمقام ربه ، مراقبا لامره وأنه كان يوحى اليه بل كان مأنوسا بالوحي والتكليم حيث يظهر من الايات ان نزول الوحي عليه في هذه القصة لم يكن المرة الاولى فلم يخاطب كما خوطب نبي الله موسى عليه السلام لأول مرة (اني انا ربك) الا ان المشهور والمعروف ان المقصود به هو نبي الله عزير ويدل على ذلك جملة من الاخبار ، وقد كان عزير شابا ونبيا من انبياء بني اسرائيل وقيل أنه كان فيما بين داود وسليمان.
ما هي احداث هذه القصة باختصار ؟ خرج نبي الله عزير من داره قاصدا مكانا بعيدا عن قريته، قيل انه خرج إلى ضيعة له يتعاهدها في يوم شديد الحر، وكان خروجه مع حمار يركبه ، حاملا للطعام والشراب حتى يتغذى بهما ، وفي الطريق مر بالقرية التي ذكر الله تعالى أنها كانت (خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا) (كأن السقوف سقطت ووقع البنيان عليها) ، والتي قيل ان القرية هي بيت المقدس، وتدل الايات على انه لم يكن قاصدا نفس القرية ، وإنما مر بها مرورا ثم وقف معتبرا بما يشاهده من أمر القرية الخربة التي كان قد أبيد أهلها وشملتهم نازلة الموت ، وحيث هاله ما شاهده فقال (قَالَ أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا) ولم يقل ذلك إنكارا ولا تعجبا ولا ارتيابا ، ولكنه أحب أن يريه الله إحياءها مشاهدة ليحصل له العلم به ضرورة كما ورد في البحار، ويظهر من اسم الاشارة (هذه) ان الأموات المشار إليهم لم يكونوا مقبورين،بل كانت عظامهم الرميمة بمرئى ومنظر منه عليه السلام (فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِئَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ) ، فما لبث ان سمع هاتف الوحي من السماء (قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ) وكان مترددا بين اليوم وبعض اليوم لأن موته كان في صدر النهار وبعثه في آخره فظن ان مدة موته اما يوما كاملا ونيف واما بعض يوم ولو كان بالعكس من ذلك لقال : لبثت يوما من غير ترديد ، فرد الله سبحانه عليه (قَالَ بَلْ لَبِثْتَ مِئَةَ عَامٍ)
ثم استشهد تعالى على قوله : بل لبثت مأة عام بقوله : (فَانْظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ)(أي لم يتغير بمرور السنين مع ان طعامه كان تينا وعنبا، وشرابه عصيرا وهذه الثلاثة مما يتغير بسرعة) ، (وَانْظُرْ إِلَى حِمَارِكَ) كيف تفرقت اجزاؤه وتبددت عظامه، وحال الحمار الذي كان رميما يدل على طول مدة المكث، وحال الطعام والشراب يدل على إمكان ان يبقى طول هذه المدة على حال واحد من غير أن يتغير (وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا) الظاهر انه كان ينظر الى عظامه وعظام حماره حيث قيل: أول ما أحيا الله منه عينيه، فجعل ينظر إلى العظام البالية المتفرقة تجتمع إليه ، وإلى اللحم الذي قد أكلته السباع تأتلف إلى العظام من ههنا ومن ههنا ، وتلتزق بها حتى قام وقام حماره، وفي الرواية عن الامام الصادق عليه السلام (ونظر إلى أعضائه كيف تلتئم ، وكيف تلبس اللحم ، وإلى مفاصله وعروقه كيف توصل ، فلما استوى قاعدا قال : " أعلم أن الله على كل شئ قدير )
ثم رجع الى قومه اليهود بعد ان نزل عليهم العذاب بسبب انهم عملوا بالمعاصي وسلط الله عليهم في بلدهم من يسفك دماءهم ويأخذ أموالهم وهو بخت نصر ، وكانت معصيتهم كما أوحى الله الى نبيه قل لهم : (لأنكم رأيتم المنكر فلم تنكروه) ، وكان بخت نصر قد احرق التوراة فأملاها عزير من ظهر قلبه ، فقالوا : فما جعل الله التوراة في قلبه إلا وهو ابنه ، فقالوا : " عزير ابن الله " وقولهم هذا وان لم يكن معروفا عنهم اليوم الا انهم كانوا يقولون بذلك في عصر النزول .
قال العلامة الطباطبائي :والظاهر أن ذلك كان لقبا تشريفيا يلقبونه به قبال ما خدمهم وأحسن إليهم في إرجاعهم إلى أورشليم ( بيت المقدس ) بعد اسارة بابل ، وجمع لهم التوراة ثانيا بعد ضياعه في قصة بخت نصر ، ويستفاد من هذه القصة عدة رسائل:
الرسالة الاولى: انه من العقائد الثابتة عند مذهب اهل البيت الرجعة في آخر الزمان والتي تعني رجوع بعض الناس الى الحياة الدنيا بعد الموت وهذه الحادثة تعتبر من الادلة الواضحة على امكان ذلك بل وقوعه.
الرسالة الثانية:الاعتبار بما جرى على بني اسرائيل من سفك للدماء وتخريب للبلاد وضياع للاموال بسبب تركهم لفرضية النهي عن المنكر.
الرسالة الثالثة: عدم الغلو بمن يجري الله على يديه المعجزة او الكرامة كما فعل بنو اسرائيل في قولهم بان عزير هو ابن الله .( وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ)(التوبة 30) وليعلم ان اليهود لا تعبد عزيرا وإنما قالوا عزير ابن الله تشريفا كما قالوا : نحن أبناء الله وأحباؤه