المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : : التَّعاطي العَقََْدي مع الإمام المهدي:عليه السلام:القسم السادس :


مرتضى علي الحلي
28-07-2012, 11:53 PM
: التَّعاطي العَقََْدي مع الإمام المهدي:عليه السلام:ق6:

=============================


: شهرُ رمضان أنموذجا :
===============

:القسم السادس :
=========
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله المعصومين.


:البُعدان التكويني والتشريعي في وجود الإمام المهدي:عليه السلام:
=======================================

تتميماً للبحث السابق في كون الإمام المهدي
:عليه السلام:

له واقع وشأن خاص به يُمارس فيه وظيفته الإلهيَّة في الهداية وحفظ الكتاب العزيز بأحكامه وشرايعه وغاياته الشريفة.
وإن لم ندرك ذلك ظاهرا وحسّا.


نقول إنَّ لقضيَّة الإمام المهدي:عليه السلام:
بوصفه إماماً معصوماً ومنصوباً من قبل الله تعالى .

بُعدان تكويني وتشريعي يُمثّلان في ضرورة وعيهما واقع القضيَّة المهدوية

سواء على مستوى وجود شخص الإمام المهدي
:عليه السلام:
أو على مستوى مشروعه الحكيم المُؤسَّس له إلهيَّاً


أما البُعد التكويني :أو بُعد ماوراء الحس والعيان .

فهذا يكتسب قيمته و وصفه من الإرتباط بعنصر الغيب المكنون في واقع القضية المهدوية
وشخصها الإمام المهدي :عليه السلام:


وهذا البعد التكويني قد تناولته الروايات المتواترة والصحيحة بكثرة وبصورة لا تقبل نكران الحقيقة

فعن أبي جعفر : عليه السلام :

قال :
لو بقيتْ الأرضُ يوماً واحداً بلا إمام منّا
لساختْ الأرض بأهلها
:أي: تفككتْ أجزائها وتلاشتْ: وهو تعبير كنائي عن الهلاك.

ولعذبهم الله بأشد عذابه وذلك أنَّ اللهَ جعلنا حجة في أرضه

وأماناً في الأرض لأهل الأرض
لن يزالوا بأمان مِنْ أن تسيخ بهم الأرض
ما دمنا بين أظهرهم

فإذا أراد الله أن يهلكهم ، ثم لا يُمهلهم
ولا ينظرهم ، ذهب بنا من بينهم
ثم يفعل الله تعالى بهم ما يشاء :

:الكافي : الكليني :ج1:ص178.
:دلائل الإمامة : محمد بن جرير الطبري :الشيعي :ص436.



وهذه الرواية تعني أنَّ في حقيقة الامام المعصوم:عليه السلام:
بعدٌ تكويني له آثاره الوجودية واقعا


كما هو حال وجود النبي محمد:صلى الله عليه وآله وسلّم:
إذ كان لوجوده الشريف في حد ذاته

ولغيره من الناس قدراً كبيرا في القيمة والمُعطيات بحيث يرتهن بقاء الناس في أمان ببقاءه
:صلى الله عليه وآله وسلّم : حيّا.

وهذه الحقيقة الشريفة قد بيّنها القرآن الكريم نصّاً

قال الله تعالى:

(( وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ )) الأنفال33

بمعنى :

إنَّ وجود المعصوم:عليه السلام: نبيٌ أو إمام
هو بمثابة علة الإمان والحفظ لنوع الإنسان على هذه الأرض .

ذلك بإعتباره :عليه السلام:

هو مَنْ يعمل على إرساء دعامة التعايش البشري وفق عقيدة وشريعة الله تعالى في أرضه

بحيث إذا ارتفع وجوده الشريف من بين الناس لحلَّ العذاب والهلاك بهم

لما يحصل من الفساد والإختلال والظلم في التعايش حياتيا .
بسبب تلبس الناس بالذنوب والمعاصي بصورة دائمة.


قال اللهُ تعالى:

(( وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِم مَّا تَرَكَ عَلَيْهَا مِن دَآبَّةٍ وَلَكِن يُؤَخِّرُهُمْ إلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ )) النحل61


(( وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِن دَابَّةٍ وَلَكِن يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيراً )) فاطر45



وهذا التأخير إلى أجل مُسمّى إنما يكون بفعل أثر وجود المعصوم :عليه السلام:
بين الناس وإستغفارهم في فترة توبتهم ورجوعهم إلى الله تعالى.



ويُمثِّل البعد التكويني في واقع وجود الإمام المهدي:عليه السلام:
أيضاً جانب بقاء الحجة الإلهيَّة وإستدامتها وجوداً إلى أن يقوم الناس لرب العالمين


بمعنى أنَّ نفس وجود الإمام المهدي:عليه السلام:

كحجة إلهيّة حدوثاً وبقاءاً
وإن كانتْ في طور الغيبَة المؤقتة

يفي بالغرض الإلهي في شد الناس وربطهم إعتقاداً بوجود إمام معصوم حجة عليهم
سيظهر ليملأ الأرض قسطا وعدلا كما مُلِئِتْ ظلما وجورا.



وممكن القول إنَّ البعد التكويني في واقع وجود الإمام المهدي:عليه السلام:

يُمثِّل أيضاً الإمتداد العمودي بين السماء والأرض
بمعنى :صيرورة الإمام المعصوم:عليه السلام:

سبباً عموديا في إستنزال ما تدبّره السماء إلى الأرض

من علم وحكمة وتشريع وخيرات وغيرها مما يصب في مصلحة الناس أجمعين.


ولا نقصد هنا بالسبب أو الإمتداد العمودي
هو الوحيَّ الإصطلاحي كالذي ينزل على الأنبياء :عليهم السلام:

لا بل نقصد العلم اللدني للإمام المعصوم
:عليه السلام: والتسديد الإلهي له .


وإن كنّا نعتقد بإمكان أن تُحدّثهم الملائكة أو تلهمهم من علم الله وحكمته سبحانه.



وهذا المعنى قد أرشدتْ إليه الروايات الصحيحة أيضاً

عن أبي سعيد الخدري أنَّ النبي محمد:
صلى الله عليه وآله وسلّم:

قال :
إنِّي أوشك أن أدعي فأجيب وإنِّي تارك فيكم الثقلين كتاب الله عز وجل وعترتي

كتاب الله حبل ممدود بين السماء والأرض
وعترتي أهل بيتي

وإنَّ اللطيف الخبير أخبرني أنَّهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض
فانظروا بماذا تخلفوني فيهما:

: كمال الدين وتمام النعمة : الصدوق :ص235.




والروايات ذاتها قد بيَّنتْ في متونها

أنَّ هذا الحبل الممدود بين السماء والأرض

طرفه الأول من جهة السماء هو بيد الله تعالى

وطرفه الثاني من جهة الأرض هو بيد المعصوم:عليه السلام:
ونعني هنا الإمام المهدي:عليه السلام:


وهذا الحبلُ يُمثل جانب الإرتباط بالله تعالى والعهد والذمة وحتى السببيّة .




أما البعدُ التشريعي في وجود الإمام المهدي
:عليه السلام:


فهو يتجلى بالإمتداد الإفقي بين الناس

ذلك لما تختزنه ذات المعصوم:عليه السلام:

من علوم السماء وحكمتها وتشريعاتها الهادفة.

فالإمام المهدي :عليه السلام:

هو مَنْ يعرف الحلال والحرام واقعا

وهو مَن يعرف الحق من الباطل

وهو مَن سيدعو الناس إلى سبيل الله
وقد جرت إرادة الله تعالى الحكيمة

على أن لا تخلو الأرض من حجة
يهدي الناس إلى سبل الرشاد ويُصلح حالهم ويقوِّم نظامهم .



وعن أبي بصير ، عن أحدهما :عليهما السلام:

قال:
: إنَّ اللهَ لم يدع الأرض بغير عالم
ولولا ذلك لم يُعرف الحق من الباطل :


عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله الإمام الصادق :عليه السلام :

قال :
إنَّ الله أجل و أعظم من أن يترك الأرض
بغير إمام عادل :


عن أبي عبد الله عليه السلام:

قال :
ما زالتْ الأرضُ إلاّ ولله فيها الحجة
يعرف الحلال والحرام ويدعو الناس إلى سبيل الله :

الكافي : الكليني : ج1:ص178.



وهذا البعدُ التشريعي في واقع وجود الإمام المهدي :عليه السلام:

قد أخذ في حركته جانب الغياب المؤقّت لما فرضته الغيبة الكبرى من ضرورات وإضطرار على شخص الإمام المهدي:عليه السلام:


بحيث عمل : عليه السلام: على تدريب المؤمنين على ضرورة تفهم وضع المعصوم:ع:
في حال عدم قدرتهم على الإتصال به

وضرورة الرجوع إلى النواب العامين وبالشروط الشرعية والأخلاقية والعلمية.


والتي تُشابه اليوم في عصرنا هذا عصر الغيبة الكبرى

شرائط المُجتهد المُؤَهَل للتقليد والجامع للفقاهة والعدالة

والإيمان:أي :مؤمن بإمامة الأئمة المعصومين :ع: وغيرها من الضوابط الشرعية والأخلاقية


حيث قال: عجّلَ الله تعالى فرجه الشريف:
في توقيعه الشريف:

( أما الحوادث الواقعة فإرجعوا فيها إلى رواة حديثنا فإنّهم حجتي عليكم وأنا حجة الله )
:كمال الدين وتمام النعمة: الصدوق: ص484.


والمقصود بالنائب العام
:أي: غير المُعيَّن مباشرة من لدن الإمام المهدي:ع:

وهو الفقيه العادل الجامع للشرائط الذي يقوم مقام الإمام: عليه السلام :

في تبليغ أحكام الدين وفي إدارة شؤون المسلمين وحفظ بيضة الإسلام .

والذي يستند إلى مصادر التشريع المتعارفة مصادر الإستنباط الكتاب:القرآن الكريم:
والسنة النبوية والإجماع والعقل .




ويتبعُ القسم السابع إن شاء الله تعالى

والسلامُ عليكم ورحمة الله وبركاته


مرتضى علي الحلي : النجف الأشرف :

سما المجلسي
29-07-2012, 12:22 AM
نشكركم على هذا الموضوع المتواصل ونرجو المزيد

مرتضى علي الحلي
29-07-2012, 11:30 AM
لا شكر على واجب وتقبل اللهُ تعالى صيامكم