مرتضى علي الحلي
30-07-2012, 02:42 PM
: التَّعاطي العَقْدي مع الإمام المهدي:عليه السلام:ق7:
=============================
: شهرُ رمضان أنموذجا :
===============
:القسم السابع :
=========
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله المعصومين.
:7:
:بيان مفهوم حُجيَّة الإمام المعصوم:عليه السلام:
والمُعطيات العَقْديّةً والتشريعيّة :
============================
: تمهيد:
=====
: أ :
معنى الحُجّة :لغةً :
الحجّة في اللغة العربيّة هي الدليل والبرهان
أو هي الوجه الذي يكون به الظفر عند الخصومة.
:لسان العرب :ابن منظور : مادة الحجة:
: ب :
معنى الإمام لغةٌ :
الإمامُ هو كلُ مَنْ إئتمَّ به قومٌ كانوا على الصراط المستقيم أو كانوا ضالين.
ومنه قوله تعالى :
الإسراء71 {يَوْمَ نَدْعُو كُلََّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ }
:لسان العرب :ابن منظور : مادة إمام :
وإنَّ إطلاق وصف الحجّة على الإمام المعصوم
:عليه السلام:
هو من باب إطلاق السبب وإرادة مُسبَّبه
إذ إنَّ الإمام المعصوم :عليه السلام: يكون سبباً للغلبة على الخصم والإحتجاج الظافر عليه.
: ج :
معنى الحجّة إصطلاحاً:
إنَّ لمفهوم الحجّّة عدة معانٍ كل بحسب تخصصه
فمثلاً الحجة عند أهل المنطق تعني غير ما هو عند أهل الأصول :أصول الفقه: أو حتى عند أهل الكلام :الإعتقاد:
والذي يهمنا في هذا البحث هو الحُجّة عند علماء الإصول وعلماء الكلام.
أما في باب الإعتقاد فيكون معنى الحُجّة هو البرهان
أو الدليل القاطع الذي يُحتَجُ به على الخصم.
وهذا البرهان القاطع تارةً يكون مُتجليّا بالقرآن الكريم
أو المُعجزة
أو بوجود الشخص المعصوم الذي يكون وجوده حجةً مُجعولة من قبل الله تعالى ومؤيَّد بالبراهين الدامغة.
أما الحجة عند علماء الإصول فقد تُطلَقُ ويرادُ بها
المُنجزيَّة و المُعذريَّة
والمُنجزَّية هي المسؤوليَّة وثبوت العهدة في ذمّة المُكلَّف.
والمُعذريَّة هي إنتفاء المسؤوليّة عن ذمة المُكلّف
وصحة
الإعتذار عن منافاة الواقع فيما لو حصل ذلك.
وهنا يتجلى قول وفعل وتقرير الإمام المعصوم
:عليه السلام:
بمعنى أنَّ حيثيّات وجود الإمام المعصوم :عليه السلام:
هي حجّة شرعا وعقلا من جميع الجهات
اللفظية والفعلية:السلوكية: والتقريرية.
أي بقول وفعل وتقرير الإمام المعصوم:ع:
يصبحُ الإنسانُ المُكلّف مُلزماً في جانب التطبيق ومسؤولاً عن ذلك شرعا.
ويكون معذوراً في جانب الترك للمَنهي عنه.
: المُعطيات العَقْديّةً والتشريعيّة لمفهوم حجيَّة الإمام المعصوم:عليه السلام:
=============================================
: أ :
: المُعطيات العَقْديّةً :
===========
إننّا نعتقد أنَّ نصب الإمام المعصوم :عليه السلام: وتعيِّينه هو واجب عقلا على الله تعالى.
بمعنى أنَّ من يَنصبُ الإمام ويختاره هو الله تعالى لا غير ذلك لكونه تعالى مُطلعاً على ذات ووجود المعصوم ولعلمه بأهليّته وطهارته وقدرته على تحمل مقام الإمامة الإلهيّة الجعل.
هذا من جهة
ومن جهة أخرى أنَّ نصب وجعل الإمام المعصوم
:عليه السلام:
حجةًّ على الناس أجمعين هو مُقتضى من مقتضيات الحكمة الإلهيّة في الوجود.
بمعنى أنَّ الله تعالى لمّا أوجد الخَلق فيقيناً أو جدهم لحكمة ومصلحة .
وهذه الحكمة أو المصلحة راجعة إلى نفس الخَلق.
ومن هنا كان على الله تعالى بفعل وملاك حكمته أن ينصب لهم إماماً معصوماً يُرشدهم إلى ما فيه مصلحتهم وصلاحهم دنيويا وآخرويا
ويردعهم عما فيه فسادهم وإنحرافهم .
وقد ذكر علماء الكلام والإعتقاد أنَّ وظيفة الإمام المعصوم:عليه السلام:
تنبسط بواجباتها على أحوال الناس الحياتية الدنيوية وحتى الأخروية .
ولخّصوا مهام الإمام المعصوم:ع: بنقاط رئيسة أهمها.
:1:
إنَّ الضرورة الحياتية في إجتماع الناس تقتضي إجتماعهم وفق نظام صالح يحفظ بقائهم بصورة آمنة وعادلة تُجنبهم التجاذب والصراعات فيما بينهم.
وهذا لن يتسنى ما لم يوجد المعصوم:
وأعني هنا الإمام:عليه السلام:بحيث يستطيع أن يشدّهم إلى عقيدة الله تعالى وشرعه وأمره ونهيه.
:2:
إذا لم يوجد للناس عقيدة وتركوا وشأنهم لأتخذَ كل واحد منهم سبيله ورأيه بما يقتضيه عقله وهواه وميله وما يوجبه طبعه.
وبالتالي تظهر عقايد متنوعة ومختلفة ومتنافية في وجودها وآثارها.
ويحصل الضلال والفساد والتناحر والهلاك.
لذا كان من اللازم في الحكمة الإلهيّة أن يوجدُ إمامٌ معصومٌ منصوبٌ من قبل الله تعالى تتوفر فيه الحجّة العَقْديَّة الدالة على حقانيته وصدقه
والتي يتمكن معها من إرشاد الناس إلى الإعتقاد الحق والنافع لهم بما يؤِّمن صلاحهم وهدايتهم في الدنيا والآخرة.
:3:
بما أنَّ على الإنسان أن يعتقد جازماً بحقيقة وجود الله تعالى
و الآخرة والحساب والجزاء .
فذلك يتطلبُ وجود إمام معصوم:عليه السلام:
يوضِّح البراهين على ذلك
بإزالة الشبهات عن أذهان الناس وتذكيرهم بخالقهم الحق
وتقرير العبادات والأعمال الصالحة لهم
وترغيبهم بالثواب على ذلك وتحذيرهم من العقاب .
: ب :
: المُعطيات التشريعية :
=============
إنَّ كون الإمام حجة الله تعالى على الناس أجمعين
يَتَمثَّلُ في جانبي المُنجزيَّة والمُعذِّريّة
العقلانيّة والشرعية بحق جميع المُكلَّفين من الناس أجمعين
بمعنى أنََّ مَنْ يعتقد بإمامة الإمام المنصوب ربانيا
سيكون مُلَزمَاً فكريا وشرعيا أمام الله تعالى في ضرورة إتّباع الإمام المعصوم منهجيا
في قوله وفعله وتقريره .
وستلاحقه هذه الإلزامية بالمُسائلة الإلهيَّة حتى فيما لو خالف إمامه المعصوم المنصوب إلهيّا.
ومعنى المُعِّذريِّة العقلانية والشرعية لِمَن يتبع الإمام المعصوم المنصوب ربانيا
والمُكلََّف بطاعة إمام زمانه :عليه السلام:
أنه سيكون معذورا أمام الله تعالى في حال إمتثاله لأوامر الإمام المعصوم ونواهيه التي هي من الله تعالى تشريعا
بخلاف مَنْ لا يتبع الإمام المعصوم :عليه السلام:
فإنّه سيكون غير معذور عقلانيا وشرعيا أمام الله تعالى في حال مخالفتة لإمام زمانه المعصوم:ع:
وليعلم جميع المسلمين أنَّ حجيّة الإمام المعصوم
:عليه السلام:
قد حققتْ غرضها السديد والهادف عبر التأريخ
بدءاً من بعد شهادة الرسول الأكرم:صلى الله عليه وآله وسلّم:
ومروراً بمراحل وفترات وجود الأئمة المعصومين :عليهم السلام:
في كل حقبة حقبة وإلى أن يظهر ويقوم الإمام المهدي
:عليه السلام:
الحجةُ البالغة لله تعالى على الناس أجمعين.
وهناك شواهد متينة تُدلل على ذلك بالنسبة لغيرنا ممن يُخالفونا في الإعتقاد
لايسع المقام ذكرها ولكن نذكرها على سبيل الإشارة وهي اللجوء إلى الإمام المعصوم:عليه السلام:
من قبل حكّام الوقت آنذاك .
في تدبير وإدارة الدولة الإسلامية والإفتاء وبيان الأحكام الشرعية.
وإشراكهم في بيان الرأي الشرعي حول الفتوحات في الشرق والغرب
فضلا عن تتلمذ أئمة المذاهب الإسلامية الأولية الأربعة على يدي الإمام جعفر الصادق :عليه السلام:
والشواهد كثيرة أعرض عنها للإختصار
والمهم أن يفهم الجميع معنى حجيّة الإمام المعصوم:عليه السلام: وضرورة وجودة ولزوم الإيمان به .
وإلى هذا المعنى أشار اللهُ تعالى في قوله سبحانه:
(( يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُوْلَـئِكَ يَقْرَؤُونَ كِتَابَهُمْ وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً )) الإسراء71
فعن أبي جعفر :عليه السلام: قال :
قال لما نزلتْ هذه الآية
((يوم ندعو كل أناس بإمامهم ))
قال المسلمون :
يا رسول الله ألستَ إمام الناس كلهم أجمعين ؟
قال :
فقال رسول الله : صلى الله عليه وآله :
أنا رسول الله إلى الناس أجمعين
ولكن سيكون من بعدي أئمة على الناس من الله من أهل بيتي
يقومون في الناس فيُكَذَّبون ، ويظلمهم أئمة الكفر والضلال وأشياعهم
فمن والاهم ، واتبعهم وصدقهم فهو مني ومعي وسيلقاني
ألا ومن ظلمهم وكذبهم فليس مني ولا معي وأنا منه برئ :
: الكافي : الكليني :ج1:ص215.
وعن الفضيل بن يسار قال : سألتُ أبا عبد الله
:الإمام الصادق: عليه السلام:
عن قول الله تبارك و تعالى:
(( يوم ندعو كل أناس بإمامهم ))
فقال :عليه السلام:
يا فضيل اعرف إمامك
فإنَّكَ إذا عرفتَ إمامك لم يضرك تقدم هذا الامر أو تأخر :أي ظهور الإمام المهدي:عليه السلام:
ومن عرف إمامه ثم مات قبل أن يقوم صاحب هذا الامر
:الإمام المهدي:عليه السلام:
كان بمنزلة من كان قاعدا في عسكره
لا بل بمنزلة من قعد تحت لوائه
قال : وقال بعض أصحابه :
بمنزلة من استشهد مع رسول الله: صلى الله عليه وآله :
:الكافي الكليني :ج1:ص371.
وعن محمد بن عثمان العمري:السفير الثاني :
للإمام المهدي:عليه السلام في الغيبة الصغرى
يقول : سمعتُ أبي:عثمان بن سعيد:السفير الأول :
يقول : سُئِلَ أبو محمد الحسن بن علي الإمام العسكري:عليهما السلام:
وأنا عنده عن الخبر الذي روي عن آبائه
: عليهم السلام :
: أنَّ الأرضَ لا تخلو من حجة لله على خلقه إلي يوم القيامة
وأنَّ من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية :
فقال :عليه السلام :
إنَّ هذا حق كما أنَّ النهار حق
فقيل له : يا ابن رسول الله فمَن الحُجّة والامام بعدك ؟
فقال ابني محمد ، هو الامام والحجة بعدي
:أي الإمام المهدي:عجّلَ اللهُ تعالى فرجه الشريف:
من مات ولم يعرفه مات ميتة جاهلية .
أما إنَّ له غيبة يُحار فيها الجاهلون
ويَهلك فيها المُبطلون
ويُكذَّب فيها الوقاتون
ثم يخرج فكأني أنظرُ إلى الاعلام البيض تخفق فوق رأسه بنجف الكوفة :
: كمال الدين وتمام النعمة: الصدوق :ص409.
ويتبعُ القسم الثامن إن شاء اللهُ تعالى
والسلامُ عليكم ورحمة الله وبركاته
مرتضى علي الحلي : النجف الأشرف :
=============================
: شهرُ رمضان أنموذجا :
===============
:القسم السابع :
=========
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله المعصومين.
:7:
:بيان مفهوم حُجيَّة الإمام المعصوم:عليه السلام:
والمُعطيات العَقْديّةً والتشريعيّة :
============================
: تمهيد:
=====
: أ :
معنى الحُجّة :لغةً :
الحجّة في اللغة العربيّة هي الدليل والبرهان
أو هي الوجه الذي يكون به الظفر عند الخصومة.
:لسان العرب :ابن منظور : مادة الحجة:
: ب :
معنى الإمام لغةٌ :
الإمامُ هو كلُ مَنْ إئتمَّ به قومٌ كانوا على الصراط المستقيم أو كانوا ضالين.
ومنه قوله تعالى :
الإسراء71 {يَوْمَ نَدْعُو كُلََّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ }
:لسان العرب :ابن منظور : مادة إمام :
وإنَّ إطلاق وصف الحجّة على الإمام المعصوم
:عليه السلام:
هو من باب إطلاق السبب وإرادة مُسبَّبه
إذ إنَّ الإمام المعصوم :عليه السلام: يكون سبباً للغلبة على الخصم والإحتجاج الظافر عليه.
: ج :
معنى الحجّة إصطلاحاً:
إنَّ لمفهوم الحجّّة عدة معانٍ كل بحسب تخصصه
فمثلاً الحجة عند أهل المنطق تعني غير ما هو عند أهل الأصول :أصول الفقه: أو حتى عند أهل الكلام :الإعتقاد:
والذي يهمنا في هذا البحث هو الحُجّة عند علماء الإصول وعلماء الكلام.
أما في باب الإعتقاد فيكون معنى الحُجّة هو البرهان
أو الدليل القاطع الذي يُحتَجُ به على الخصم.
وهذا البرهان القاطع تارةً يكون مُتجليّا بالقرآن الكريم
أو المُعجزة
أو بوجود الشخص المعصوم الذي يكون وجوده حجةً مُجعولة من قبل الله تعالى ومؤيَّد بالبراهين الدامغة.
أما الحجة عند علماء الإصول فقد تُطلَقُ ويرادُ بها
المُنجزيَّة و المُعذريَّة
والمُنجزَّية هي المسؤوليَّة وثبوت العهدة في ذمّة المُكلَّف.
والمُعذريَّة هي إنتفاء المسؤوليّة عن ذمة المُكلّف
وصحة
الإعتذار عن منافاة الواقع فيما لو حصل ذلك.
وهنا يتجلى قول وفعل وتقرير الإمام المعصوم
:عليه السلام:
بمعنى أنَّ حيثيّات وجود الإمام المعصوم :عليه السلام:
هي حجّة شرعا وعقلا من جميع الجهات
اللفظية والفعلية:السلوكية: والتقريرية.
أي بقول وفعل وتقرير الإمام المعصوم:ع:
يصبحُ الإنسانُ المُكلّف مُلزماً في جانب التطبيق ومسؤولاً عن ذلك شرعا.
ويكون معذوراً في جانب الترك للمَنهي عنه.
: المُعطيات العَقْديّةً والتشريعيّة لمفهوم حجيَّة الإمام المعصوم:عليه السلام:
=============================================
: أ :
: المُعطيات العَقْديّةً :
===========
إننّا نعتقد أنَّ نصب الإمام المعصوم :عليه السلام: وتعيِّينه هو واجب عقلا على الله تعالى.
بمعنى أنَّ من يَنصبُ الإمام ويختاره هو الله تعالى لا غير ذلك لكونه تعالى مُطلعاً على ذات ووجود المعصوم ولعلمه بأهليّته وطهارته وقدرته على تحمل مقام الإمامة الإلهيّة الجعل.
هذا من جهة
ومن جهة أخرى أنَّ نصب وجعل الإمام المعصوم
:عليه السلام:
حجةًّ على الناس أجمعين هو مُقتضى من مقتضيات الحكمة الإلهيّة في الوجود.
بمعنى أنَّ الله تعالى لمّا أوجد الخَلق فيقيناً أو جدهم لحكمة ومصلحة .
وهذه الحكمة أو المصلحة راجعة إلى نفس الخَلق.
ومن هنا كان على الله تعالى بفعل وملاك حكمته أن ينصب لهم إماماً معصوماً يُرشدهم إلى ما فيه مصلحتهم وصلاحهم دنيويا وآخرويا
ويردعهم عما فيه فسادهم وإنحرافهم .
وقد ذكر علماء الكلام والإعتقاد أنَّ وظيفة الإمام المعصوم:عليه السلام:
تنبسط بواجباتها على أحوال الناس الحياتية الدنيوية وحتى الأخروية .
ولخّصوا مهام الإمام المعصوم:ع: بنقاط رئيسة أهمها.
:1:
إنَّ الضرورة الحياتية في إجتماع الناس تقتضي إجتماعهم وفق نظام صالح يحفظ بقائهم بصورة آمنة وعادلة تُجنبهم التجاذب والصراعات فيما بينهم.
وهذا لن يتسنى ما لم يوجد المعصوم:
وأعني هنا الإمام:عليه السلام:بحيث يستطيع أن يشدّهم إلى عقيدة الله تعالى وشرعه وأمره ونهيه.
:2:
إذا لم يوجد للناس عقيدة وتركوا وشأنهم لأتخذَ كل واحد منهم سبيله ورأيه بما يقتضيه عقله وهواه وميله وما يوجبه طبعه.
وبالتالي تظهر عقايد متنوعة ومختلفة ومتنافية في وجودها وآثارها.
ويحصل الضلال والفساد والتناحر والهلاك.
لذا كان من اللازم في الحكمة الإلهيّة أن يوجدُ إمامٌ معصومٌ منصوبٌ من قبل الله تعالى تتوفر فيه الحجّة العَقْديَّة الدالة على حقانيته وصدقه
والتي يتمكن معها من إرشاد الناس إلى الإعتقاد الحق والنافع لهم بما يؤِّمن صلاحهم وهدايتهم في الدنيا والآخرة.
:3:
بما أنَّ على الإنسان أن يعتقد جازماً بحقيقة وجود الله تعالى
و الآخرة والحساب والجزاء .
فذلك يتطلبُ وجود إمام معصوم:عليه السلام:
يوضِّح البراهين على ذلك
بإزالة الشبهات عن أذهان الناس وتذكيرهم بخالقهم الحق
وتقرير العبادات والأعمال الصالحة لهم
وترغيبهم بالثواب على ذلك وتحذيرهم من العقاب .
: ب :
: المُعطيات التشريعية :
=============
إنَّ كون الإمام حجة الله تعالى على الناس أجمعين
يَتَمثَّلُ في جانبي المُنجزيَّة والمُعذِّريّة
العقلانيّة والشرعية بحق جميع المُكلَّفين من الناس أجمعين
بمعنى أنََّ مَنْ يعتقد بإمامة الإمام المنصوب ربانيا
سيكون مُلَزمَاً فكريا وشرعيا أمام الله تعالى في ضرورة إتّباع الإمام المعصوم منهجيا
في قوله وفعله وتقريره .
وستلاحقه هذه الإلزامية بالمُسائلة الإلهيَّة حتى فيما لو خالف إمامه المعصوم المنصوب إلهيّا.
ومعنى المُعِّذريِّة العقلانية والشرعية لِمَن يتبع الإمام المعصوم المنصوب ربانيا
والمُكلََّف بطاعة إمام زمانه :عليه السلام:
أنه سيكون معذورا أمام الله تعالى في حال إمتثاله لأوامر الإمام المعصوم ونواهيه التي هي من الله تعالى تشريعا
بخلاف مَنْ لا يتبع الإمام المعصوم :عليه السلام:
فإنّه سيكون غير معذور عقلانيا وشرعيا أمام الله تعالى في حال مخالفتة لإمام زمانه المعصوم:ع:
وليعلم جميع المسلمين أنَّ حجيّة الإمام المعصوم
:عليه السلام:
قد حققتْ غرضها السديد والهادف عبر التأريخ
بدءاً من بعد شهادة الرسول الأكرم:صلى الله عليه وآله وسلّم:
ومروراً بمراحل وفترات وجود الأئمة المعصومين :عليهم السلام:
في كل حقبة حقبة وإلى أن يظهر ويقوم الإمام المهدي
:عليه السلام:
الحجةُ البالغة لله تعالى على الناس أجمعين.
وهناك شواهد متينة تُدلل على ذلك بالنسبة لغيرنا ممن يُخالفونا في الإعتقاد
لايسع المقام ذكرها ولكن نذكرها على سبيل الإشارة وهي اللجوء إلى الإمام المعصوم:عليه السلام:
من قبل حكّام الوقت آنذاك .
في تدبير وإدارة الدولة الإسلامية والإفتاء وبيان الأحكام الشرعية.
وإشراكهم في بيان الرأي الشرعي حول الفتوحات في الشرق والغرب
فضلا عن تتلمذ أئمة المذاهب الإسلامية الأولية الأربعة على يدي الإمام جعفر الصادق :عليه السلام:
والشواهد كثيرة أعرض عنها للإختصار
والمهم أن يفهم الجميع معنى حجيّة الإمام المعصوم:عليه السلام: وضرورة وجودة ولزوم الإيمان به .
وإلى هذا المعنى أشار اللهُ تعالى في قوله سبحانه:
(( يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُوْلَـئِكَ يَقْرَؤُونَ كِتَابَهُمْ وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً )) الإسراء71
فعن أبي جعفر :عليه السلام: قال :
قال لما نزلتْ هذه الآية
((يوم ندعو كل أناس بإمامهم ))
قال المسلمون :
يا رسول الله ألستَ إمام الناس كلهم أجمعين ؟
قال :
فقال رسول الله : صلى الله عليه وآله :
أنا رسول الله إلى الناس أجمعين
ولكن سيكون من بعدي أئمة على الناس من الله من أهل بيتي
يقومون في الناس فيُكَذَّبون ، ويظلمهم أئمة الكفر والضلال وأشياعهم
فمن والاهم ، واتبعهم وصدقهم فهو مني ومعي وسيلقاني
ألا ومن ظلمهم وكذبهم فليس مني ولا معي وأنا منه برئ :
: الكافي : الكليني :ج1:ص215.
وعن الفضيل بن يسار قال : سألتُ أبا عبد الله
:الإمام الصادق: عليه السلام:
عن قول الله تبارك و تعالى:
(( يوم ندعو كل أناس بإمامهم ))
فقال :عليه السلام:
يا فضيل اعرف إمامك
فإنَّكَ إذا عرفتَ إمامك لم يضرك تقدم هذا الامر أو تأخر :أي ظهور الإمام المهدي:عليه السلام:
ومن عرف إمامه ثم مات قبل أن يقوم صاحب هذا الامر
:الإمام المهدي:عليه السلام:
كان بمنزلة من كان قاعدا في عسكره
لا بل بمنزلة من قعد تحت لوائه
قال : وقال بعض أصحابه :
بمنزلة من استشهد مع رسول الله: صلى الله عليه وآله :
:الكافي الكليني :ج1:ص371.
وعن محمد بن عثمان العمري:السفير الثاني :
للإمام المهدي:عليه السلام في الغيبة الصغرى
يقول : سمعتُ أبي:عثمان بن سعيد:السفير الأول :
يقول : سُئِلَ أبو محمد الحسن بن علي الإمام العسكري:عليهما السلام:
وأنا عنده عن الخبر الذي روي عن آبائه
: عليهم السلام :
: أنَّ الأرضَ لا تخلو من حجة لله على خلقه إلي يوم القيامة
وأنَّ من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية :
فقال :عليه السلام :
إنَّ هذا حق كما أنَّ النهار حق
فقيل له : يا ابن رسول الله فمَن الحُجّة والامام بعدك ؟
فقال ابني محمد ، هو الامام والحجة بعدي
:أي الإمام المهدي:عجّلَ اللهُ تعالى فرجه الشريف:
من مات ولم يعرفه مات ميتة جاهلية .
أما إنَّ له غيبة يُحار فيها الجاهلون
ويَهلك فيها المُبطلون
ويُكذَّب فيها الوقاتون
ثم يخرج فكأني أنظرُ إلى الاعلام البيض تخفق فوق رأسه بنجف الكوفة :
: كمال الدين وتمام النعمة: الصدوق :ص409.
ويتبعُ القسم الثامن إن شاء اللهُ تعالى
والسلامُ عليكم ورحمة الله وبركاته
مرتضى علي الحلي : النجف الأشرف :