المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الصوم كما يصوره السيد الشهيد


مولى أبي تراب
02-08-2012, 08:37 AM
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ
الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِيْنَ ... وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرِيْنَ
---------------
عند تعرضه لأحكام الصوم في رسالته العملية ( الفتاوى الواضحة ) ذكر السيد الشهيد محمد باقر الصدر قدس سره مقدمة تمهيدية

صوّر فيها الصوم من ناحية فقهية وقرّب فكرته بصورة إجمالية ، ولمّا كان ذلك بأسلوب لطيف وسهل وببيان موجز
أحببت اقتطاع تلك المقدمة ونقلها لتكون بين يدي القرّاء الكرام لما فيها من تصوير لفريضة الصوم مع فوائد فقهية جمّة
وإتماماً لما في كلامه رحمه الله من فوائد وحتى لا يقتصر دوري على النقل فقط ارتأيت أن أعلّق على بعض ما جاء في هذا التمهيد
وجعلته على شكل هوامش ترقيمية أسفل التمهيد وميّزتها عن كلامه قدس سره ذي اللون الأزرق بتلوينها باللون الأسود
أسأل الله تعالى أن يتغمده وسائر من مضى من علمائنا الأخيار بوافر رحمته ، وينفعنا بعلمه ، ويجعلنا من المقتفين لأثره
.
قال رضوان الله عليه :
*****
.
الصيام في شهر رمضان
تمهيد
معنى الصيام في اللغة مطلق الكف والامساك (1) ، ومنه الامتناع عن الكلام ، قال سبحانه : - ( فقولي اني نذرت للرحمن صوما فلن أكلم اليوم انسيا ) ( 26 مريم ) وفي الشرع (2) : الكف والامساك (3) عن أشياء معينة (4) من الطعام والشراب وغيرهما في زمن معين (5) على ما يأتي إن شاء الله تعالى (6) .
ويجب الصيام في حالات معينة (7) أهمها شهر رمضان المبارك (8) ، فان الصيام في هذا الشهر من أهم واجبات الشريعة واحد الأركان الخمسة التي بني عليها الاسلام (9) .
ويعتبر هذا الوجوب من ضروريات الدين (10) فمن أنكره تحدياً وتمرداً كان كافراً (11) ، ومن أقر بالوجوب ولكن عصاه (12) وأفطر بدون عذر شرعي كان آثما ، وهو جدير بالتأديب في الدنيا ( التعزير ) والعقاب في الآخرة ما لم يتب .
ويتلخص صيام هذه الشهر المبارك (13) في أن يحاول المكلف ان يطلع عليه الفجر وهو طاهر من الجنابة وينوي الامساك (14) عن الطعام والشراب والجماع وانزال المني بالمداعبة ونحوها وعن أمور أخرى يأتي تفصيلها ( وتسمى بالمفطرات ) من طلوع الفجر إلى المغرب ، اي من حين ابتداء وقت صلاة الفجر إلى حين ابتداء وقت صلاة المغرب ، ويقصد الصائم بنية الامساك هذه التقرب إلى الله تعالى (15) ، ويستمر وجوب صيام النهار في شهر رمضان على ما بيناه من النهار الأول إلى النهار الأخير منه (16) ، وبنهاية اليوم الأخير منه يهل هلال شهر شوال ويعتبر اليوم الأول من شوال عيدا ويسمى بعيد الفطر (17) .
وشهر رمضان باعتباره شهرا قمريا يكون تارة ثلاثين يوما ويسمى شهرا كاملا ، وأخرى تسعة وعشرين يوما ويسمى شهرا ناقصا . والمعروف بين العلماء والفقهاء كافة انه لا يقل عن تسعة وعشرين يوما (18)
ولصوم شهر رمضان أداء وقضاء كما أن للصلاة أداء وقضاء (19) ، فمن فاته أداء هذا الصيام في شهره المقرر له قضاه بعد مضي وقته . وقد يجب الصيام (20) لا أداءً في شهر رمضان ولا قضاءً له بل كفارة لبعض الذنوب والمعاصي (21) ( ويسمى بصوم الكفارة أو صيام التكفير ) أو وفاء لنذر أو يمين ونحو ذلك ، وهو بدون كل ذلك (22) عبادة مستحبة مطلوبة مشرعا في سائر الأيام وان كان استحبابه على درجات فهو في بعض الأيام مطلوب استحبابا بدرجة أكيدة كما في شهري رجب وشعبان وفي بعض الأيام مطلوب استحبابا بدرجة أقل كما في الأشهر الأخرى ، وأحيانا يكون حراما كصيام عيد يوم الفطر مثلا (23) .
.
.
.
-------------------------
(1) أي سواء كان عن الأكل والشرب او الكلام او النظر او أي شيء آخر فكل كف وإمساك عن أي شيء يسمى في اللغة صياماً ، ومن هنا سمي كف مريم عليها السلام عن الكلام مع قومها صوماً .
(2) أي وفي الاصطلاح الشرعي والفقهي الصيام ليس مطلق الكف بل كف خاص وهو الكف والامتناع عن خصوص المفطرات ، فالمعنى الشرعي أخص من المعنى اللغوي لأن اللغوي يشمل كل كف أما الشرعي فيختص بالكف عن المفطرات فقط ، بمعنى أن الشريعة وضعت لفظ الصيام لمعنى آخر وهو الكف عن المفطرات ، غير المعنى الذي كان لفظ الصوم موضوع له في أصل اللغة وهو مطلق الكف والامتناع والإمساك .
(3) العطف بين الكف والإمساك عطف تفسير فاللفظان مترادفان ومعناهما واحد .
(4) عيّنها الشارع نفسه وهي عبارة عن المفطرات .
(5) وهو نهار شهر رمضان ، وإن كان الاصطلاح الشرعي لا يختص بشهر رمضان فالكف والإمساك عن المفطرات يسمى في الشرع صوماً سواء كان في شهر رمضان او غيره .
(6) يقصد في كتاب الصوم الذي هو بصدد التمهيد له فمن شاء فليراجع .
(7) وليس دائماً الصوم واجب فقد يكون مستحباً وقد يكون محرماً كالصوم في العيدين وقد يكون مكروهاً كصوم يوم عرفة لمن يضعفه عن الدعاء ، كما سنذكر إن شاء الله .
(8) يمكن أن يكون وجه الأهمية من ناحية فقهية أن صوم شهر رمضان هو الصوم الوحيد من أنواع الصوم الواجب الذي وجوبه أصلي وعيني بمعنى أوجبه الشارع مباشرة وابتداءً على جميع المكلفين ، أما ما عداه من أنواع الصوم الواجب فهي واجبة بالعارض او بعناون ثانوي او بحالات طارئة وعلى بعض المكلفين ، ويمكن أن يقصد من الأهمية الأهمية من ناحية أخرى ككونه أفضل أنواع الصوم تأثيراً على تكامل الإنسان وبناء روحه .
(9) في إشارة الى الحديث المروي عن أبي جعفر الباقر عليه السلام قال : بني الاسلام على خمس : على الصلاة والزكاة والصوم والحج والولاية ولم يناد بشئ كما نودي بالولاية ، فأخذ الناس بأربع وتركوا هذه - يعني الولاية - . ( الكافي / ج2 ص18 )
(10) ضروريات الدين مصطلح فقهي يطلق على بعض الأحكام الشرعية يقال وجوب الصلاة من ضروريات الدين وهكذا وجوب الصوم ووجوب الحج وحرمة الخمر وحرمة الكذب وغير ذلك من ضروريات الدين أي من مسلمات الشريعة التي لا جدال في ثبوتها ولا خلاف فيها بين جميع المسلمين بحيث لا يختلف فيها اثنان ولا تقبل الاجتهاد ولا تحتاج الى تقليد فهي مسلمة الثبوت في مقابل غيرها من الأحكام التي تثبت باجتهاد المجتهدين ويكون هناك احتمال الخطأ فيها ويقع فيها الاختلاف بين المسلمين من قبيل نجاسة الخمر ونجاسة العصير العنبي إذا غلا وحرمة شرب التتن ووجوب جلسة الاستراحة في الصلاة وغير ذلك من المسائل الخلافية . وهناك ضروريات المذهب وهي المسائل المتفق عليها بين أبناء المذهب الواحد وإن خالفهم بقية المذاهب من قبيل مسح القدمين في الوضوء في مذهبنا فهو من ضروريات المذهب الإمامي إذ لا خلاف في وجوبه عندنا وإن خالفنا فيه غيرنا ، والحاصل ضروريات الدين هي الأحكام المتفق عليها بين جميع المسلمين ، وضروريات المذهب هي الأحكام المتفق عليها بين أبناء المذهب الواحد .
(11) من خصائص ضروريات الدين التي تمتاز بها عن ضروريات المذهب وعن غير الضروريات ، أن منكرها يعتبر كافراً لأن إنكارها وتكذيبها يعتبر تكذيباً لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لأن معنى كونها ضرورية أنها ثابتة في الشريعة بلا إشكال ومعنى ذلك أنها مما جاء بها النبي وأخبر بها فمن أنكرها يعتبر رآدّاً على النبي ومكذباً لإخباره ، فكون الصوم من ضروريات الدين يعني أننا متيقنون أن النبي بلّغ وجوبه عن الله تعالى وأخبرنا بوجوبه فمن أنكر وجوبه فقد كذب النبي في إخباره ومكذب النبي كافر لأن تكذيبه يرجع الى إنكار النبوة التي هي أصل من أصول الإسلام ومن فقد أصلاً من أصول الإسلام فلا إشكال في كفره ، وحكم هذا أنه يستتاب فإن تاب والا استتيب مرة أخرى والا قتل في الرابعة وقيل في الثالثة مضافاً الى بينونة زوجته منه وقسمة أمواله لورثته ، هذا إذا كان إنكار الضروري لمجرد العناد والتمرد ، أما إذا كان إنكاره لشبهة أو جهل كما إذا لم يكن ملتفتاً الى كونه ضرورياً فلا يعتبر كافراً .
(12) أي لا ينكر وجوب الصوم في الشريعة بل هو معترف به ولكن متمرد على الطاعة والامتثال فهذا ليس كافراً بل مجرد عاصٍ للحكم الشرعي كما عليه أغلب التاركين للصلاة والصوم ، وحكم هذا أنه يعزّر أي يؤدب بالجلد بالسوط بما يحدده الحاكم الشرعي من عدد الجلدات ، مضافاً الى العقوبة الأخروية ما لم يتب ويتدارك ما عليه .
(13) يريد بيان ما يتحقق به الصوم شرعاً ومتى يكون الصوم صحيحاً وذلك بتوفر أمرين .
(14) هذا هو الأمر الأول وهو الإمساك والكف عن المفطرات والعزم على تركها من الفجر الى الغروب فيتخلص من الجنابة قبل الفجر بحيث يطلع عليه الفجر وهو طاهر لأن إحدى المفطرات تعمد البقاء على الجنابة حتى يطلع الفجر ثم بطلوع الفجر يمسك ويمتنع عن باقي المفطرات وهي الأكل والشرب ، والجماع ، وإنزال المني بأي موجب لإنزاله كالمداعبة والاستمناء ، والكذب على الله تعالى والمعصومين عليهم السلام ، وغمس الرأس بكامله في الماء وشبهه ، والحقنة بالمائع في المخرج المعتاد ، والتقيؤ ، فيجب الامتناع عن هذه الأمور من الفجر الى الغروب المسمى بالنهار الشرعي ، ( وليس من الضروري في نية الصيام ان يكون الصائم على معرفة كاملة بكل المفطرات التي ينوي الاجتناب عنها ، بل يكفي ان يجد في نفسه - عند النية - القدرة على اجتناب تلك المفطرات ولو بالتعرف عليها بعد ذلك ، أو بترك كل ما يحتمل كونه مفطرا ) منه قدس سره أنظر ص 491 .
(15) هذا هو الأمر الثاني وهو كون الإمساك والامتناع عن المفطرات بقصد التقرب الى الله تعالى بحيث يكون الداعي والباعث للمكلف على ترك المفطرات هو امتثال أمره تعالى بالصوم وبقصد التقرب اليه ، ولا يكفي لصحة الصوم الإمساك عن المفطرات .
(16) أي من اليوم الأول من شهر رمضان الى اليوم الأخير ففي كل يوم من شهر رمضان لا بد في صحة صومه تحقق كلا الأمرين وهما الإمساك والامتناع عن المفطرات قربة الله تعالى .
(17) ويجب فيه الإفطار ويحرم صومه .
(18) ذكر قدس سره في ص 501 بحثاً عن الهلال وثبوته فقال : ( شهر رمضان وشعبان من الشهور القمرية وهي تتكون تارة من تسعة وعشرين يوما وأخرى من ثلاثين يوما حسب طول الدورة الاقترانية للقمر وقصرها ، وهي دورة القمر حول الأرض ، حيث إن القمر يتحرك حول الأرض من المغرب إلى المشرق ، وله وجهان أحدهما وجه نير دائما يكتسب ضوءه من الشمس والآخر وجه مظلم دائما ، والقمر أثناء دورته هذه حول الأرض تارة يصبح في موضع بين الأرض والشمس على صورة يكون مواجها بموجبها للأرض بوجهه المظلم ومختفيا عنها بوجهه المنير اختفاء كاملا ، وأخرى يصبح في موضع على نحو تكون الأرض بينه وبين الشمس ، وثالثة يكون بين هذين الموضعين ، وحينما يكون البدر في الموضع الواقع بين الأرض والشمس على النحو الذي وصفناه لا يمكن أن يرى منه شئ وهذا هو المحاق ، ثم يتحرك عن هذا الموضع فتبدو لنا حاقة النصف أو الوجه المضئ المواجه للشمس وهذا هو الهلال ، ويعتبر ذلك بداية الحركة الدورية للقمر حول الأرض وتسمى بالحركة الاقترانية ، لأن بدايتها تقدر من حين اقتران القمر بالأرض والشمس وتوسطه بينهما على النحو الذي وصفناه وابتدائه بتجاوز هذه النقطة . وكلما بعد الهلال عن موضع المحاق زاد الجزء الذي يظهر لنا من وجهه أو نصفه المضاء ، ولا يزال الجزء المنير يزداد حتى يواجهنا النصف المضاء بتمامه في منتصف الشهر ويكون القمر إذا ذاك بدرا وتكون الأرض بينه وبين الشمس ، ثم يعود الجزء المضئ إلى التناقض حتى يدخل في دور المحاق ثم يبدأ دورة اقترانية جديدة وهكذا . وعلى هذا الأساس تعتبر بداية الشهر القمري الطبيعي عند خروج القمر من المحاق وابتدائه بالخروج عن حالة التوسط بين الأرض والشمس ، وابتداؤه بالخروج هذا يعني ان جزءا من نصفه المضئ سيواجه الأرض وهو الهلال وبذلك كان الهلال هو المظهر الكوني لبداية الشهر القمري الطبيعي . وظهور الهلال في أول الشهر يكون عند غروب الشمس ويرى فوق الأفق الغربي بقليل ولا يلبث غير قليل فوق الأفق ثم يختفي تحت الأفق الغربي ، ولهذا لا يكون واضح الظهور وكثيرا ما تصعب رؤيته ، بل قد لا يمكن ان يرى بحال من الأحوال لسبب أو لآخر ، كما إذا تمت مواجهة ذلك الجزء المضئ من القمر للأرض ثم غاب واختفى تحت الأفق قبل غروب الشمس فإنه لا تتيسر حينئذ رؤيته ما دامت الشمس موجودة ، أو تواجد بعد الغروب ولكن كانت مدة مكثه بعد غروب الشمس قصيرة جدا بحيث يتعذر تمييزه من بين ضوء الشمس الغاربة القريبة منه ، أو كان هذا الجزء النير المواجه للأرض من القمر ( الهلال ) ضئيلا جدا لقرب عهده بالمحاق إلى درجة لا يمكن رؤيته بالعين الاعتيادية للانسان ، ففي كل هذه الحالات تكون الدورة الطبيعية للشهر القمري قد بدأت على الرغم من أن الهلال لا يمكن رؤيته . ولكن الشهر القمري الشرعي في هذه الحالات التي لا يمكن فيها رؤية الهلال لا يبدأ تبعا للشهر القمري الطبيعي بل بتوقف ابتداء الشهر القمري الشرعي على أمرين : أحدهما - خروج القمر من المحاق وابتداؤه بالتحرك بعد أن يصبح بين الأرض والشمس ، وهذا يعني مواجهة جزء من نصفه المضئ للأرض ، والآخر - ان يكون هذا الجزء مما يمكن رؤيته بالعين الاعتيادية المجردة . وعلى هذا الأساس قد يتأخر الشهر القمري الشرعي عن الشهر القمري الطبيعي ، فيبدأ هذا ليلة السبت مثلا ولا يبدأ ذاك الا ليلة الأحد ، وذلك في كل حالة خرج فيها القمر من المحاق ولكن الهلال كان على نحو لا يمكن ان يرى . والشهر القمري الطبيعي - كما مر - قد يكون كاملا يتكون من ثلاثين يوما وقد يكون ناقصا يتكون من تسعة وعشرين يوما ، ولا يكون ثمانية وعشرين يوما ولا واحدا و ثلاثين يوما بحال من الأحوال . واما الشهر القمري الشرعي فهو أيضا قد يكون ثلاثين يوما وقد يكون تسعة وعشرين يوما ولا يكون أقل من هذا ولا أكثر من ذاك . وقد تقول ان الشهر القمري الشرعي قد يتأخر ليلة عن الشهر القمري الطبيعي كما تقدم ، وان الشهر القمري الطبيعي قد يكون تسعة وعشرين يوما كما مر ، وهذان الافتراضان إذا جمعناهما في حالة واحدة أمكننا ان نفترض شهرا قمريا طبيعيا ناقصا بدأ ليلة السبت وتأخر عنه الشهر القمري الشرعي يوما فبدأ ليلة الأحد نظرا إلى أن الهلال في ليلة السبت لم يكن بالامكان رؤيته ، وفي هذه الحالة نلاحظ ان الشهر القمري الشرعي قد يكون ثمانية وعشرين يوما وذلك : لأن الشهر القمري الطبيعي بحكم افتراضه ناقصا سينتهي في تسعة وعشرين يوما ويهل هلال الشهر التالي في ليلة الأحد بعد مضي تسعة وعشرين يوما وقد يكون هذا الهلال في ليلة الأحد ممكن الرؤية فيبدأ الشهر القمري التالي طبيعيا وشرعيا في هذه الليلة ، ونتيجة ذلك أن يكون الشهر القمري الشرعي الأول مكونا من ثمانية وعشرين يوما لأنه تأخر عن الشهر القمري الطبيعي الناقص يوما وانتهى بنهايته . والجواب : ان في حالة من هذا القبيل تعتبر بداية الشهر القمري الشرعي الأول من ليلة السبت على الرغم من عدم الرؤية الهلال لكي لا ينقص الشهر الشرعي عن تسعة وعشرين يوما وبهذا أمكن القول ان الشهر القمري الشرعي يبدأ في الليلة التي يمكن ان يرى في غروبها الهلال لأول مرة بعد خروجه من المحاق أو في الليلة التي لم ير فيها الهلال كذلك ولكن رؤي هلال الشهر اللاحق في ليلة الثلاثين من تلك الليلة ) .
(19) تنقسم الواجبات الى قسمين : واجبات مؤقتة / وهي التي عيّن الشارع لامتثالها وقتاً مخصوصة كصوم شهر رمضان والصلوات اليومية ، وواجبات غير مؤقتة / وهي التي ليس لامتثالها وقت مخصوص كقضاء الصوم والصلاة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر . ثم إن إتيان المكلف للواجب المؤقت في وقته يسمى في الاصطلاح الفقهي الأداء ، وإتيانه له بعد وقته يسمى القضاء ، فصوم شهر رمضان إذا أتى به المكلف في وقته وهو شهر رمضان سمي ذلك أداءً ، وإذا أتى به بعد وقته كشهر شوال سمي قضاءً ، وهناك بحث بين الفقهاء يدور حول أن القضاء في عموم الواجبات المؤقتة يجب بمجرد عدم الأداء وامتثال الواجب في وقته أم يتوقف على صدور أمر جديد بالقضاء من الشارع ؟ والمعروف هو الثاني .
(20) تنبيه الى بعض أنواع الصوم الواجب الأخرى غير صوم شهر رمضان وقضائه وقد ذكر الفقهاء أن الصوم الواجب يقع على سبعة أنواع وهي : 1. صوم شهر رمضان 2. صوم القضاء 3. صوم الكفارة 4. صوم بدل الهدي في حج التمتع 5. وصوم النذر والعهد واليمين 6. الصوم الواجب بإجارة أو شرط 7. صوم اليوم الثالث من أيام الاعتكاف .
(21) كتعمد الإفطار في شهر رمضان من دون عذر شرعي ، وكالإفاضة من عرفات قبل الغروب .
(22) أي بدون أسباب الوجوب وهي الكفارة والقضاء والنذر واليمين وغيرها فهو في سائر الأيام غير شهر رمضان مستحب الا الأيام التي يحرم صومها كما سيأتي إن شاء الله ، وقد أكد الشارع عن طريق السنة المطهرة على صيام بعض الأزمنة ويسمى صيامها بالمستحب المؤكد لتأكيد الشارع على استحباب الصوم في تلك الأزمنة كشهري رجب وشعبان وثلاثة أيام من كل شهر ويوم عرفة ويوم الغدير ويوم مولد النبي ويوم مبعثه ويوم المباهلة ويوم دحو الأرض وهكذا ، وفي غيرها مستحب غير مؤكد أو قل مستحب بدرجة أقل وبتعبير السيد اليزدي رحمه الله (ما لا يختص بسبب مخصوص ولا زمان معين ) .
(23) ذكر الفقهاء أن الصوم أربعة أقسام : 1. الواجب ، وهو على سبعة أنواع تقدم ذكرها 2. المستحب ، وهو مؤكد وغير مؤكد أو قل خاص وعام أو مطلق 3. الحرام ، كصوم العيدين الأول من شوال والعاشر من ذي الحجة ومن قبيل الصوم المضر ضرراً يحرم تحمله ، وصوم أيام التشريق لمن كان بمنى لأداء مناسك الحج ، وصوم الوصال بأن يوصل صوم الليل بالنهار ، وصوم المسافر الا في بعض الحالات ، وصوم الحائض والنفساء ، وصوم يوم الشك في آخر شعبان بنية رمضان ، وصوم نذر المعصية بأن ينذر الصوم لله شكراً إن تمكن من فعل بعض المعاصي كالانتقام من مؤمن ، وصوم الصمت وهو أن يصوم الإنسان ناوياً أن يكون الصمت عن الكلام جزءاً من صيامه ، وهناك بعض أنواع الصوم وقع الخلاف في حرمتها كصوم الزوجة ندباً دون إذن الزوج 4. المكروه ، كصوم يوم عرفة لمن يضعفه عن الدعاء المستحب في ذلك اليوم ، او مع احتمال أنه العاشر من ذي الحجة للشك في ثبوت الهلال ، وصوم الولد من غير إذن والده ، والصوم ندباً لمن دعي إلى طعام .
والحمد لله رب العالمين
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين

الحوزويه الصغيره
03-08-2012, 03:12 AM
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وفرجنا بهم يا كريم

بوركت شيخنا الفاضل على الجهد الموفق والمتواصل
تقبل الله صيامكم و طاعاتكم بحق الصلاة على محمد وآل محمد
تحيتي

الروح
03-08-2012, 04:33 AM
السلام عليكم
بوركتُم لهذا العطاء وهذا الجُهد
في موازين أعمالِكُم إن شاء الله
بحاجة لمواضيع مبنية على أراء فقهاءنا الأعلام
وبحاجة لنقرأ بشكلٍ ميسر آراؤهم..؛
تقديري

مولى أبي تراب
04-08-2012, 12:33 PM
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ
وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرِيْنَ
-----------------
وعلى أختيّ الفاضلتين / الحوزوية الصغيرة ، الروح
السلام ورحمة الله وبركاته
شكراً للتعقيب المبارك أسأل الله أن لا يحرمني بركة دعائكما
وفقكما الله تعالى