مرتضى علي الحلي
04-08-2012, 12:18 AM
: التَّعاطي العَقََْدي مع الإمام المهدي:عليه السلام:ق10:
=============================
: شهرُ رمضان أنموذجا :
===============
:القسم العاشر :
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله المعصومين
:10:
إنتظارُ الإمام المهدي:عليه السلام:
:التكليفُ والمُعطيات :
====================
: تمهيد:
=====
إنَّ الحديث عن مفهوم الإنتظار الواعد والصالح تعبداً ووعياً ومنهجا
ليس هو حديثاً عن خيالٍ أدبي أو فلسفي ينسجه الذهن البشري من دون إعمال العقل والتفكير بالأدلة القويمة والمنُتجة دلالة وقصدا.
بل هو حديثُ عن جهدٍ يجب أن يبذله الإنسان المؤمن برغبة وقناعة وصولاً إلى الهدف المنشود عقديّاً وإنسانيا.
أو الإسهام في تحقيق هذا الهدف ولو نسبيَّا.
وذلك من خلال معرفة الإمام المهدي :عليه السلام:
والتفكّر في وجوده الشريف ليكون ذلك دافعاً إلى المزيد من الإلتزام العبادي، وتحسين السلوك الأخلاقي
وعدم الإنسياق وراء المناهج الحياتية غير الإسلامية،
والتي توقع الإنسانَ المُنتَظِر في متاهات، تبعده عن وظيفته الإنتظاريَّة المقدسة، في تنشئة ذاته ، والحفاظ على المجتمع قويماً خالياً من الإنحرافات.
:مفهوم الإنتظار لغةً وإصطلاحا:
======================
قال صاحب المفردات في مادة نظر :
النظر تقليبُ البصر والبصيرة لادراك الشئ ورؤيته .
وقد يُراد به التأمل والفحص .
والنظرُ الإنتظار :
يُقال نظرته وانتظرته .
قال تعالى : ( وانتظروا إنا منتظرون )
وقال تعالى:
( فهل ينتظرون إلا مثل أيام الذين خلوا من قبلهم - قل فانتظروا إني معكم من المنتظرين )
:مفردات غريب القرآن :الراغب الأصفهاني:مادة نظر:ص497:498.
إنَّ فهمنا لمعنى الإنتظار لغةً ودلالة يجعلنا قادرين على فهم معناه إصطلاحا وتعبدا.
كون مفهوم إنتظار الإمام المهدي:عليه السلام:
قد أخذ موقعاً رئيساً في المنظومة العبادية للإنسان المسلم والمؤمن.
حتى أصبح حقيقة شرعيّة وعقديّة تحددتْ معالمها وثمراتها في عصر النبي الأكرم محمد
:صلى الله عليه وآله وسلّم:
والأئمة المعصومين:عليهم السلام:
فعن أمير المؤمنين علي :عليه السلام :
قال : قال رسول الله : صلى الله عليه وآله وسلّم :
: أفضل العبادة انتظار الفرج :
:كمال الدين وتمام النعمة : الصدوق :ص287.
وقال: صلى الله عليه وآله وسلَّم :
: أفضل جهاد أمتي انتظار الفرج :
:تحف العقول :ابن شعبة الحراني :ص37.
أي: الترقب والتهيؤ له بحيث يصدق عليه اسم المُنتَظِر والمُترقِب
وليس معناه ترك السعي والعمل لأنه ينافي معنى الجهاد
وعن أبي حمزة الثمالي عن أبي خالد الكابلي عن علي بن الحسين :عليه السلام :
قال:
تمتدُّ الغيبة بولي الله الثاني عشر من أوصياء رسول الله :صلى الله عليه وآله وسلَّم: و الأئمة بعده
يا أبا خالد:
إنَّ أهل زمان غيبته والقائلين بإمامته المُنتَظرين لظهوره أفضل أهل كل زمان
لأن الله تعالى ذكرُه أعطاهم من العقول والأفهام
و المعرفة ما صارت به الغيبةُ عندهم بمنزلةِ المشاهدة
وجَعلهم في ذلك الزمان بمنزله المجاهدين بين يدي رسول الله: صلى الله عليه وآله و سلَّم: بالسيف،
أولئك المخلصون حقاً و شيعتُنا صدقاً و الدعاةُ إلى دين الله سراً و جهراً:
:إعلام الورى بأعلام الورى :الطبرسي :ج2:ص196.
و عن محمد بن الفضيل عن الرضا :عليه السلام :
قال سألته عن شئٍ من الفرج
فقال :عليه السلام:
أليس انتظار الفرج مِن الفرج ؟
إنَّ الله عزَّ و جلَّ يقول :
(( قُلِ انتَظِرُواْ إِنَّا مُنتَظِرُونَ ))الأنعام158
:مكيال المكارم:ميرزا محمد تقي الأصفهاني:ج2:ص273.
إذاً وفق ما حدده المعصومون:عليهم السلام: لنا من معالم لمفهوم إنتظار الإمام المهدي:عليه السلام:
وبيان صبغته التعبديّة
يمكن لنا إدراك ماهيّة الإنتظار إصطلاحا وتعبدا.
وتجليه في صورة إلتزام الإنسان المؤمن بالعقيدة الحقة والسلوك الصالح في عصر الغيبة الكبرى للإمام المهدي:عليه السلام:
فضلاً عن إشتمال معناه اللغوي للتفكر والإستبصار والتأمل والتفحص والترقب الفطن في شأن العقيدة والتشريع والحياة
هذا من جهة ومن جهة أخرى إنَّ مفهوم الإنتظار قد تمَّ بيانه قرآنيا.
بحيث يتوضح الإرشاد الإلهيِّ به مفهوماً وتطبيقا في هذه الحياة الدنيا.
قال الله تعالى:
(( هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن تَأْتِيهُمُ الْمَلآئِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لاَ يَنفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْراً قُلِ انتَظِرُواْ إِنَّا مُنتَظِرُونَ )) الأنعام158
(( فَانتَظِرُواْ إِنِّي مَعَكُم مِّنَ الْمُنتَظِرِينَ )) الأعراف71
(( وَيَقُولُونَ لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلّهِ فَانْتَظِرُواْ إِنِّي مَعَكُم مِّنَ الْمُنتَظِرِينَ )) يونس20
(( فَهَلْ يَنتَظِرُونَ إِلاَّ مِثْلَ أَيَّامِ الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِهِمْ قُلْ فَانتَظِرُواْ إِنِّي مَعَكُم مِّنَ الْمُنتَظِرِينَ ))يونس102
(( وَانتَظِرُوا إِنَّا مُنتَظِرُونَ )) هود122
(( وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْفَتْحُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ{28}
قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لَا يَنفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمَانُهُمْ وَلَا هُمْ يُنظَرُونَ{29}
فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَانتَظِرْ إِنَّهُم مُّنتَظِرُونَ {30))
:السجدة:
وفي معنى آيات السجدة 28:29:30:
قال أمير المؤمنين الإمام علي:عليه السلام :
. . وتخرج لهم الأرض كنوزها ويقول القائم :
عليه السلام:
كلوا هنيئا بما أسلفتم في الأيام الخالية
فالمسلمون يومئذ أهل صواب للدين أذن لهم في الكلام
فيومئذ تأويل هذه الآية :
(( وجاء ربك والملك صفا صفا ))
فلا يقبل الله يومئذ إلاَّ دينه الحق ألا لله الدين الخالص
فيومئذ تأويل هذه الآية :
أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْمَاء إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعَامُهُمْ وَأَنفُسُهُمْ أَفَلَا يُبْصِرُونَ{27 :
وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْفَتْحُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ{28}
قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لَا يَنفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمَانُهُمْ وَلَا هُمْ يُنظَرُونَ{29}
فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَانتَظِرْ إِنَّهُم مُّنتَظِرُونَ {30))
:السجدة:
:مخُتَصر بصائر الدرجات : الحسن بن سليمان الحلي:ص202.
إذاً يتبيَّن أنَّ الإنتظار في مفهومه القرآني يرتبط كليّا بحتميَّة تحققُ الشيء المُنتَظر وقوعا.
وصدقيَّته من أول وهلة في الإنتظار إلى يوم تحققه بإذن الله تعالى.
والملاحظ في سياقيَّة الآيات القرآنية أعلاه هو أنَّ الإنتظار قد يأخذ بُعداً زمانيا في إمتداده
وبعداً عَقْديّاً يتجلى في صورة إختبار المُنتَظرين إيمانيا.
:ثمراتُ الإنتظار:
=========
:1:
إنَّ نفس إعتقاد المؤمنين بتعبديّة وعباديَّة الإنتظار الواعد والمُنتج يجعلهم في شد وتعاقد
مع الإمام المهدي:عليه السلام:
إذ أنَّ العقيدة هي عقد ووثاق وإلتزام بين طرفين هما
:المُعتَقِد:الإنسان المؤمن:
و
:المُعتَقَد به: الإمام المهدي:عليه السلام:
وبالتالي يُوجد لنا مفهوم الإنتظار وتطبيقه عقيدةً ومنهجا وسلوكا إنساناً هادفاً وبصيرا في دينه
ومُمَهِداَ لإمام زمانه:عجّلَ اللهُ تعالى فرجه الشريف:
:2:
إنَّ مفهوم الإنتظار يستبطن في ماهيَّته البُعدين العَقْديَّ والشرعيّ .
إذ أنَّ الإسلام يتكون من عقيدة وشريعة.
ففي البعد العقدي يُمثِّل مفهوم الإنتظار تكليفاً آيديولوجيا ووظيفيا.
بمعنى أنَّ الإنسان المُنتَظر هو مُكلَّف عقدياً وبتوجيه من المعصومين:عليهم السلام: أن يلتزم بإنتظار
فرج الإمام المهدي:عليه السلام:
إنتظاراً يدركُ معه وظيفته في تربية ذاته وفق الإعتقاد الحق.
وهذا الإعتقاد بالحق يُحقِّق له الفراغ اليقيني بعد إشتغال ذمته بضرورة تحصيل اليقين في الإيمان بإمامة الإمام المهدي:عليه السلام: حقا وصدقا.
إذ أنَّ الإنسان المؤمن مُطالبٌ عقديَّا بتحصيل اليقين الجازم في إعتقاداته الحقة.
وأما في البعد الشرعي فمفهوم الإنتظار يرفد الإنسان المُنتَظِر بوعي وإيمان بضرورة أخذ الأحكام الشرعيّة من مصادرها الموثوقة والحقة.
والتي أسس لها الإمام المهدي:عليه السلام:
في مطلع غيبته الصغرى إذ أحالنا :عليه السلام:
في الرجوع شرعيا وفقهياً إلى علماء الوقت الذين تتوفر فيهم شروط الرجوع علميا وأخلاقيا .
حيث قال:عليه السلام: في أحد توقيعاته المُقدَّسة.
: وأما الحوادث الواقعة ، فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا ، فإنَّهم حجتي عليكم ، وأنا حُجّة الله عليهم :
:مُستَنَد الشيعة : المُحقق النراقي :ج17:ص19.
وبتأمين البعد الشرعي يكون قد أحرزنا تكليفنا شرعا بصورة صحيحة ومُجزية عند الله تعالى.
:3:
إنَّ مفهوم الإنتظار فيه من القدرة على تركيز بُعد الحاجة والإفتقار إلى الإمام المعصوم:عليه السلام:
لاسيما إمامنا المهدي :عجّلَ الله تعالى فرجه الشريف:
وصيرورة ذلك ضرورة حياتية ينشدها الناس قاطبة
لإنَّ كل ما جربته البشرية من أنظمة حكم وإدارة وتقنين قد إمتزجت بالظلم والفساد وإختلال النظام وغياب العدل .
مما يجعل خيار إنتظار الإمام المهدي:عليه السلام:
خياراً واقعيّا لا بديل له بشريا.
بإعتبار أنَّ حفظ النظام العادل مفهوما وتطبيقا في هذه الحياة يحتاج إلى علّة مُحدِثَةٍ له ومُبقيَّة وجوديا.
وهذا ما نعتقد تمثله بالإمام المعصوم الإمام المهدي
:عليه السلام:
إذ هو مَن سيملأ الأرض قسطا وعدلا وتوازنا في التطبيق بين الناس.
والسلامُ عليكم ورحمة الله وبركاته
مرتضى علي الحلي : النجف الأشرف :
=============================
: شهرُ رمضان أنموذجا :
===============
:القسم العاشر :
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله المعصومين
:10:
إنتظارُ الإمام المهدي:عليه السلام:
:التكليفُ والمُعطيات :
====================
: تمهيد:
=====
إنَّ الحديث عن مفهوم الإنتظار الواعد والصالح تعبداً ووعياً ومنهجا
ليس هو حديثاً عن خيالٍ أدبي أو فلسفي ينسجه الذهن البشري من دون إعمال العقل والتفكير بالأدلة القويمة والمنُتجة دلالة وقصدا.
بل هو حديثُ عن جهدٍ يجب أن يبذله الإنسان المؤمن برغبة وقناعة وصولاً إلى الهدف المنشود عقديّاً وإنسانيا.
أو الإسهام في تحقيق هذا الهدف ولو نسبيَّا.
وذلك من خلال معرفة الإمام المهدي :عليه السلام:
والتفكّر في وجوده الشريف ليكون ذلك دافعاً إلى المزيد من الإلتزام العبادي، وتحسين السلوك الأخلاقي
وعدم الإنسياق وراء المناهج الحياتية غير الإسلامية،
والتي توقع الإنسانَ المُنتَظِر في متاهات، تبعده عن وظيفته الإنتظاريَّة المقدسة، في تنشئة ذاته ، والحفاظ على المجتمع قويماً خالياً من الإنحرافات.
:مفهوم الإنتظار لغةً وإصطلاحا:
======================
قال صاحب المفردات في مادة نظر :
النظر تقليبُ البصر والبصيرة لادراك الشئ ورؤيته .
وقد يُراد به التأمل والفحص .
والنظرُ الإنتظار :
يُقال نظرته وانتظرته .
قال تعالى : ( وانتظروا إنا منتظرون )
وقال تعالى:
( فهل ينتظرون إلا مثل أيام الذين خلوا من قبلهم - قل فانتظروا إني معكم من المنتظرين )
:مفردات غريب القرآن :الراغب الأصفهاني:مادة نظر:ص497:498.
إنَّ فهمنا لمعنى الإنتظار لغةً ودلالة يجعلنا قادرين على فهم معناه إصطلاحا وتعبدا.
كون مفهوم إنتظار الإمام المهدي:عليه السلام:
قد أخذ موقعاً رئيساً في المنظومة العبادية للإنسان المسلم والمؤمن.
حتى أصبح حقيقة شرعيّة وعقديّة تحددتْ معالمها وثمراتها في عصر النبي الأكرم محمد
:صلى الله عليه وآله وسلّم:
والأئمة المعصومين:عليهم السلام:
فعن أمير المؤمنين علي :عليه السلام :
قال : قال رسول الله : صلى الله عليه وآله وسلّم :
: أفضل العبادة انتظار الفرج :
:كمال الدين وتمام النعمة : الصدوق :ص287.
وقال: صلى الله عليه وآله وسلَّم :
: أفضل جهاد أمتي انتظار الفرج :
:تحف العقول :ابن شعبة الحراني :ص37.
أي: الترقب والتهيؤ له بحيث يصدق عليه اسم المُنتَظِر والمُترقِب
وليس معناه ترك السعي والعمل لأنه ينافي معنى الجهاد
وعن أبي حمزة الثمالي عن أبي خالد الكابلي عن علي بن الحسين :عليه السلام :
قال:
تمتدُّ الغيبة بولي الله الثاني عشر من أوصياء رسول الله :صلى الله عليه وآله وسلَّم: و الأئمة بعده
يا أبا خالد:
إنَّ أهل زمان غيبته والقائلين بإمامته المُنتَظرين لظهوره أفضل أهل كل زمان
لأن الله تعالى ذكرُه أعطاهم من العقول والأفهام
و المعرفة ما صارت به الغيبةُ عندهم بمنزلةِ المشاهدة
وجَعلهم في ذلك الزمان بمنزله المجاهدين بين يدي رسول الله: صلى الله عليه وآله و سلَّم: بالسيف،
أولئك المخلصون حقاً و شيعتُنا صدقاً و الدعاةُ إلى دين الله سراً و جهراً:
:إعلام الورى بأعلام الورى :الطبرسي :ج2:ص196.
و عن محمد بن الفضيل عن الرضا :عليه السلام :
قال سألته عن شئٍ من الفرج
فقال :عليه السلام:
أليس انتظار الفرج مِن الفرج ؟
إنَّ الله عزَّ و جلَّ يقول :
(( قُلِ انتَظِرُواْ إِنَّا مُنتَظِرُونَ ))الأنعام158
:مكيال المكارم:ميرزا محمد تقي الأصفهاني:ج2:ص273.
إذاً وفق ما حدده المعصومون:عليهم السلام: لنا من معالم لمفهوم إنتظار الإمام المهدي:عليه السلام:
وبيان صبغته التعبديّة
يمكن لنا إدراك ماهيّة الإنتظار إصطلاحا وتعبدا.
وتجليه في صورة إلتزام الإنسان المؤمن بالعقيدة الحقة والسلوك الصالح في عصر الغيبة الكبرى للإمام المهدي:عليه السلام:
فضلاً عن إشتمال معناه اللغوي للتفكر والإستبصار والتأمل والتفحص والترقب الفطن في شأن العقيدة والتشريع والحياة
هذا من جهة ومن جهة أخرى إنَّ مفهوم الإنتظار قد تمَّ بيانه قرآنيا.
بحيث يتوضح الإرشاد الإلهيِّ به مفهوماً وتطبيقا في هذه الحياة الدنيا.
قال الله تعالى:
(( هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن تَأْتِيهُمُ الْمَلآئِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لاَ يَنفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْراً قُلِ انتَظِرُواْ إِنَّا مُنتَظِرُونَ )) الأنعام158
(( فَانتَظِرُواْ إِنِّي مَعَكُم مِّنَ الْمُنتَظِرِينَ )) الأعراف71
(( وَيَقُولُونَ لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلّهِ فَانْتَظِرُواْ إِنِّي مَعَكُم مِّنَ الْمُنتَظِرِينَ )) يونس20
(( فَهَلْ يَنتَظِرُونَ إِلاَّ مِثْلَ أَيَّامِ الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِهِمْ قُلْ فَانتَظِرُواْ إِنِّي مَعَكُم مِّنَ الْمُنتَظِرِينَ ))يونس102
(( وَانتَظِرُوا إِنَّا مُنتَظِرُونَ )) هود122
(( وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْفَتْحُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ{28}
قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لَا يَنفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمَانُهُمْ وَلَا هُمْ يُنظَرُونَ{29}
فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَانتَظِرْ إِنَّهُم مُّنتَظِرُونَ {30))
:السجدة:
وفي معنى آيات السجدة 28:29:30:
قال أمير المؤمنين الإمام علي:عليه السلام :
. . وتخرج لهم الأرض كنوزها ويقول القائم :
عليه السلام:
كلوا هنيئا بما أسلفتم في الأيام الخالية
فالمسلمون يومئذ أهل صواب للدين أذن لهم في الكلام
فيومئذ تأويل هذه الآية :
(( وجاء ربك والملك صفا صفا ))
فلا يقبل الله يومئذ إلاَّ دينه الحق ألا لله الدين الخالص
فيومئذ تأويل هذه الآية :
أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْمَاء إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعَامُهُمْ وَأَنفُسُهُمْ أَفَلَا يُبْصِرُونَ{27 :
وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْفَتْحُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ{28}
قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لَا يَنفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمَانُهُمْ وَلَا هُمْ يُنظَرُونَ{29}
فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَانتَظِرْ إِنَّهُم مُّنتَظِرُونَ {30))
:السجدة:
:مخُتَصر بصائر الدرجات : الحسن بن سليمان الحلي:ص202.
إذاً يتبيَّن أنَّ الإنتظار في مفهومه القرآني يرتبط كليّا بحتميَّة تحققُ الشيء المُنتَظر وقوعا.
وصدقيَّته من أول وهلة في الإنتظار إلى يوم تحققه بإذن الله تعالى.
والملاحظ في سياقيَّة الآيات القرآنية أعلاه هو أنَّ الإنتظار قد يأخذ بُعداً زمانيا في إمتداده
وبعداً عَقْديّاً يتجلى في صورة إختبار المُنتَظرين إيمانيا.
:ثمراتُ الإنتظار:
=========
:1:
إنَّ نفس إعتقاد المؤمنين بتعبديّة وعباديَّة الإنتظار الواعد والمُنتج يجعلهم في شد وتعاقد
مع الإمام المهدي:عليه السلام:
إذ أنَّ العقيدة هي عقد ووثاق وإلتزام بين طرفين هما
:المُعتَقِد:الإنسان المؤمن:
و
:المُعتَقَد به: الإمام المهدي:عليه السلام:
وبالتالي يُوجد لنا مفهوم الإنتظار وتطبيقه عقيدةً ومنهجا وسلوكا إنساناً هادفاً وبصيرا في دينه
ومُمَهِداَ لإمام زمانه:عجّلَ اللهُ تعالى فرجه الشريف:
:2:
إنَّ مفهوم الإنتظار يستبطن في ماهيَّته البُعدين العَقْديَّ والشرعيّ .
إذ أنَّ الإسلام يتكون من عقيدة وشريعة.
ففي البعد العقدي يُمثِّل مفهوم الإنتظار تكليفاً آيديولوجيا ووظيفيا.
بمعنى أنَّ الإنسان المُنتَظر هو مُكلَّف عقدياً وبتوجيه من المعصومين:عليهم السلام: أن يلتزم بإنتظار
فرج الإمام المهدي:عليه السلام:
إنتظاراً يدركُ معه وظيفته في تربية ذاته وفق الإعتقاد الحق.
وهذا الإعتقاد بالحق يُحقِّق له الفراغ اليقيني بعد إشتغال ذمته بضرورة تحصيل اليقين في الإيمان بإمامة الإمام المهدي:عليه السلام: حقا وصدقا.
إذ أنَّ الإنسان المؤمن مُطالبٌ عقديَّا بتحصيل اليقين الجازم في إعتقاداته الحقة.
وأما في البعد الشرعي فمفهوم الإنتظار يرفد الإنسان المُنتَظِر بوعي وإيمان بضرورة أخذ الأحكام الشرعيّة من مصادرها الموثوقة والحقة.
والتي أسس لها الإمام المهدي:عليه السلام:
في مطلع غيبته الصغرى إذ أحالنا :عليه السلام:
في الرجوع شرعيا وفقهياً إلى علماء الوقت الذين تتوفر فيهم شروط الرجوع علميا وأخلاقيا .
حيث قال:عليه السلام: في أحد توقيعاته المُقدَّسة.
: وأما الحوادث الواقعة ، فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا ، فإنَّهم حجتي عليكم ، وأنا حُجّة الله عليهم :
:مُستَنَد الشيعة : المُحقق النراقي :ج17:ص19.
وبتأمين البعد الشرعي يكون قد أحرزنا تكليفنا شرعا بصورة صحيحة ومُجزية عند الله تعالى.
:3:
إنَّ مفهوم الإنتظار فيه من القدرة على تركيز بُعد الحاجة والإفتقار إلى الإمام المعصوم:عليه السلام:
لاسيما إمامنا المهدي :عجّلَ الله تعالى فرجه الشريف:
وصيرورة ذلك ضرورة حياتية ينشدها الناس قاطبة
لإنَّ كل ما جربته البشرية من أنظمة حكم وإدارة وتقنين قد إمتزجت بالظلم والفساد وإختلال النظام وغياب العدل .
مما يجعل خيار إنتظار الإمام المهدي:عليه السلام:
خياراً واقعيّا لا بديل له بشريا.
بإعتبار أنَّ حفظ النظام العادل مفهوما وتطبيقا في هذه الحياة يحتاج إلى علّة مُحدِثَةٍ له ومُبقيَّة وجوديا.
وهذا ما نعتقد تمثله بالإمام المعصوم الإمام المهدي
:عليه السلام:
إذ هو مَن سيملأ الأرض قسطا وعدلا وتوازنا في التطبيق بين الناس.
والسلامُ عليكم ورحمة الله وبركاته
مرتضى علي الحلي : النجف الأشرف :