حرت بين السهم والجود
04-08-2012, 06:02 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف
ما هو الخمس؟ وما الفرق بينه وبين الزكاة؟ وما أدلة وجوبه؟
الخمس فريضة إسلامية تقضي بدفع خمس ما يربحه المسلم مما فاض عن مؤونته، سواء كان ذلك الربح من المكاسب كالتجارة والعمل، أم من غنائم الحرب، أم من استخراج المعادن في باطن الأرض، أم من استخراج اللؤلؤ والمرجان وما أشبه من الغوص في الماء، أم من العثور على الكنوز، أم من المال الحلال المختلط بالحرام. وكذا يجب الخمس على الذمي إذا اشترى أرضاً من مسلم.
وهذا الخمس ثابت في كتاب الله تعالى والسنة الشريفة. ففي كتاب الله قوله عزّ من قائل: ”وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِن كُنتُمْ آمَنتُمْ بِاللّهِ وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ“. (الأنفال: 42).
ومن السنة الشريفة قول رسول الله صلى الله عليه وآله: ”أتدرون ما الإيمان بالله وحده؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصيام رمضان، وأن تعطوا من المغنم الخمس“. (صحيح البخاري ج1 ص22).
وهذا الخمس قد فرضه الله تعالى إكراما لنبيّه وأهل بيته (عليهم الصلاة والسلام) وذريّته عوضاً عن الزكاة التي لا تحلّ لهم، فقد قال الإمام الصادق عليه السلام: ”إن الله لا إله إلا هو لمّا حرّم علينا الصدقة أنزل لنا الخمس، فالصدقة علينا حرام والخمس لنا فريضة، والكرامة لنا حلال“. (وسائل الشيعة).
ويقسّم الخمس إلى ستة أسهم كما هو منطوق الآية الكريمة، سهم لله، وسهم للرسول، وسهم لذوي قرباه، وهذه الثلاثة - التي هي نصف الخمس - تُعطى للنبي (صلى الله عليه وآله) فإذا فُقِد فلنائبه الإمام (عليه السلام) فإذا تعذّر ذلك أو غابَ أُعطي لنائبه وهو الفقيه الجامع للشرائط، فيصرفه الفقيه في ما يحفظ الدين ويقيم شريعة سيد المرسلين صلى الله عليه وآله وسلم، كتأسيس المساجد والحسينيات والحوزات العلمية ودور النشر وما أشبه.
والأسهم الثلاثة الأخرى؛ فسهم ليتامى آل محمد (صلى الله عليه وآله)، وسهم للمساكين منهم، وسهم لأبناء السبيل منهم، فتُعطى للمحتاجين من هؤلاء بمأذونية الفقيه الجامع للشرائط.
فهذا هو حكم الخمس، وهو كما ترين مختلف عن الزكاة، والمسلمون - أي الشيعة - يتلزمون بأدائه أما غيرهم فلا! مع أنه حكم قد فرضه الله تعالى في كتابه. وحجة هؤلاء الممتنعين عن الأداء هي أن الخمس واجب في غنائم الحرب فقط! مع أن الله تعالى يقول: ”وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ“ فلم يخصّص الغنيمة بالتي تكون من الحرب وإنما أطلقها إطلاقاً، والغنيمة في اللغة هي مطلق ما يحصل عليه الإنسان، وقد اعترف القرطبي بأن الآية ليس فيها تخصيص فيجب أن يشمل حكم دفع الخمس كل الغنائم التي يحصل عليها الإنسان، سواءً حصل عليها من ساحة الحرب والقتال أم لا، إلا أنه - أي القرطبي - دافع عن مذهب قومه بتخصيص الخمس بغنائم الحرب بأن ذلك هو عُرف الشرع، ويقصد بذلك ما تسالم عليه فقهاء مذهبه، ولا يخفى بطلانه. قال: ”وَاعْلَمْ أَنَّ الاتِّفَاقَ حَاصِل عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى : غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْء؛ مَال الْكُفَّار إِذَا ظَفِرَ بِهِ الْمُسْلِمُونَ عَلَى وَجْه الْغَلَبَة وَالْقَهْر. وَلا تَقْتَضِي اللُّغَة هَذَا التَّخْصِيصَ عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ, وَلَكِنَّ عُرْف الشَّرْع قَيَّدَ اللَّفْظَ بِهَذَا النَّوْع“! (تفسير القرطبي ج8 ص1).
ولو أن القرطبي وأضرابه قد رجعوا إلى أئمة أهل البيت (عليهم السلام) لعرفوا أن حكم الخمس أعمّ من ذلك، بل إنهم لو دقّقوا في ما يروونه بأنفسهم عن سيرة رسول الله (صلى الله عليه وآله) لأدركوا ذلك، فإنهم قد رووا أنه (صلى الله عليه وآله) قد أرسل مع عمرو بن حزم كتابا لبني عبد كلال في اليمن شكرهم فيه على امتثالهم أداء فريضة الخمس، فكتب صلى الله عليه وآله: ”وأعطيتم من الغنائم خمس الله عز وجل“. (سنن البيهقي ج4 ص89 ومستدرك الحاكم ج1 ص395 وكنز العمال ج3 ص186 عن الطبراني وغيرهم كثير).
وبنو عبد كلال ما خاضوا آنذاك حربا قط، ومع ذلك فقد أخذ (صلى الله عليه وآله) منهم الخمس، فعلمنا من ذلك أن الخمس يشمل كل يحصل عليه الإنسان لا غنائم الحرب فقط.
ثم إن المخالفين البكريين قد اختلفوا حتى في خمس غنائم الحرب! فوقعوا في حَيْصَ بَيْص! لا يعرفون لمن يُعطون هذا الخمس بعد رحيل نبي الرحمة صلى الله عليه وآله! ولا يعرفون أقسام هذا الخمس وأسهمه، وكان من أطرف ما ذكره بعض علمائهم أن نصيب الله من الخمس يجب أن يوضع في الكعبة! قال ابن كثير: ”اِخْتَلَفَ الْمُفَسِّرُونَ هَهُنَا فَقَالَ بَعْضهمْ: لِلَّهِ نَصِيب مِنْ الْخُمُس يُجْعَل فِي الْكَعْبَة“! (تفسير ابن كثير ج2 ص323).
والله ولي التوفيق وبهِ نستعين.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف
ما هو الخمس؟ وما الفرق بينه وبين الزكاة؟ وما أدلة وجوبه؟
الخمس فريضة إسلامية تقضي بدفع خمس ما يربحه المسلم مما فاض عن مؤونته، سواء كان ذلك الربح من المكاسب كالتجارة والعمل، أم من غنائم الحرب، أم من استخراج المعادن في باطن الأرض، أم من استخراج اللؤلؤ والمرجان وما أشبه من الغوص في الماء، أم من العثور على الكنوز، أم من المال الحلال المختلط بالحرام. وكذا يجب الخمس على الذمي إذا اشترى أرضاً من مسلم.
وهذا الخمس ثابت في كتاب الله تعالى والسنة الشريفة. ففي كتاب الله قوله عزّ من قائل: ”وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِن كُنتُمْ آمَنتُمْ بِاللّهِ وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ“. (الأنفال: 42).
ومن السنة الشريفة قول رسول الله صلى الله عليه وآله: ”أتدرون ما الإيمان بالله وحده؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصيام رمضان، وأن تعطوا من المغنم الخمس“. (صحيح البخاري ج1 ص22).
وهذا الخمس قد فرضه الله تعالى إكراما لنبيّه وأهل بيته (عليهم الصلاة والسلام) وذريّته عوضاً عن الزكاة التي لا تحلّ لهم، فقد قال الإمام الصادق عليه السلام: ”إن الله لا إله إلا هو لمّا حرّم علينا الصدقة أنزل لنا الخمس، فالصدقة علينا حرام والخمس لنا فريضة، والكرامة لنا حلال“. (وسائل الشيعة).
ويقسّم الخمس إلى ستة أسهم كما هو منطوق الآية الكريمة، سهم لله، وسهم للرسول، وسهم لذوي قرباه، وهذه الثلاثة - التي هي نصف الخمس - تُعطى للنبي (صلى الله عليه وآله) فإذا فُقِد فلنائبه الإمام (عليه السلام) فإذا تعذّر ذلك أو غابَ أُعطي لنائبه وهو الفقيه الجامع للشرائط، فيصرفه الفقيه في ما يحفظ الدين ويقيم شريعة سيد المرسلين صلى الله عليه وآله وسلم، كتأسيس المساجد والحسينيات والحوزات العلمية ودور النشر وما أشبه.
والأسهم الثلاثة الأخرى؛ فسهم ليتامى آل محمد (صلى الله عليه وآله)، وسهم للمساكين منهم، وسهم لأبناء السبيل منهم، فتُعطى للمحتاجين من هؤلاء بمأذونية الفقيه الجامع للشرائط.
فهذا هو حكم الخمس، وهو كما ترين مختلف عن الزكاة، والمسلمون - أي الشيعة - يتلزمون بأدائه أما غيرهم فلا! مع أنه حكم قد فرضه الله تعالى في كتابه. وحجة هؤلاء الممتنعين عن الأداء هي أن الخمس واجب في غنائم الحرب فقط! مع أن الله تعالى يقول: ”وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ“ فلم يخصّص الغنيمة بالتي تكون من الحرب وإنما أطلقها إطلاقاً، والغنيمة في اللغة هي مطلق ما يحصل عليه الإنسان، وقد اعترف القرطبي بأن الآية ليس فيها تخصيص فيجب أن يشمل حكم دفع الخمس كل الغنائم التي يحصل عليها الإنسان، سواءً حصل عليها من ساحة الحرب والقتال أم لا، إلا أنه - أي القرطبي - دافع عن مذهب قومه بتخصيص الخمس بغنائم الحرب بأن ذلك هو عُرف الشرع، ويقصد بذلك ما تسالم عليه فقهاء مذهبه، ولا يخفى بطلانه. قال: ”وَاعْلَمْ أَنَّ الاتِّفَاقَ حَاصِل عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى : غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْء؛ مَال الْكُفَّار إِذَا ظَفِرَ بِهِ الْمُسْلِمُونَ عَلَى وَجْه الْغَلَبَة وَالْقَهْر. وَلا تَقْتَضِي اللُّغَة هَذَا التَّخْصِيصَ عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ, وَلَكِنَّ عُرْف الشَّرْع قَيَّدَ اللَّفْظَ بِهَذَا النَّوْع“! (تفسير القرطبي ج8 ص1).
ولو أن القرطبي وأضرابه قد رجعوا إلى أئمة أهل البيت (عليهم السلام) لعرفوا أن حكم الخمس أعمّ من ذلك، بل إنهم لو دقّقوا في ما يروونه بأنفسهم عن سيرة رسول الله (صلى الله عليه وآله) لأدركوا ذلك، فإنهم قد رووا أنه (صلى الله عليه وآله) قد أرسل مع عمرو بن حزم كتابا لبني عبد كلال في اليمن شكرهم فيه على امتثالهم أداء فريضة الخمس، فكتب صلى الله عليه وآله: ”وأعطيتم من الغنائم خمس الله عز وجل“. (سنن البيهقي ج4 ص89 ومستدرك الحاكم ج1 ص395 وكنز العمال ج3 ص186 عن الطبراني وغيرهم كثير).
وبنو عبد كلال ما خاضوا آنذاك حربا قط، ومع ذلك فقد أخذ (صلى الله عليه وآله) منهم الخمس، فعلمنا من ذلك أن الخمس يشمل كل يحصل عليه الإنسان لا غنائم الحرب فقط.
ثم إن المخالفين البكريين قد اختلفوا حتى في خمس غنائم الحرب! فوقعوا في حَيْصَ بَيْص! لا يعرفون لمن يُعطون هذا الخمس بعد رحيل نبي الرحمة صلى الله عليه وآله! ولا يعرفون أقسام هذا الخمس وأسهمه، وكان من أطرف ما ذكره بعض علمائهم أن نصيب الله من الخمس يجب أن يوضع في الكعبة! قال ابن كثير: ”اِخْتَلَفَ الْمُفَسِّرُونَ هَهُنَا فَقَالَ بَعْضهمْ: لِلَّهِ نَصِيب مِنْ الْخُمُس يُجْعَل فِي الْكَعْبَة“! (تفسير ابن كثير ج2 ص323).
والله ولي التوفيق وبهِ نستعين.