جمال محمود الهاشمى
04-08-2012, 08:43 AM
*************************************
ميلاد الإمام الحسن المجتبى عليه السلام وكمالاته
*************************************
للكاتب والباحث الإسلامى السيد /
جمال محمود الهاشمى الحسنى
* أولا : كمال تسميته :
إن كمالات أهل البيت صلوات الله عليهم لا تعد ولا تحصى لأنهم محل العناية الإلهية ومستقر التجليات الربانية ومن كمالاتهم القدسية كمال أسمائهم حيث أن الذى تولى تسميتهم هو الله عز وجل لأنهم أهل اصطفائه واجتبائه لذلك فهم مصنوعون على عين الله عز وجل ، ولأن الذكرى هى ذكرى ميلاد كريم أهل البيت الإمام الحسن المجتبى (عليه السلام
) فنسوق هاتين الروايتين الشريفتين لبيان كمال تسميته من الله عز وجل فى عالم الدنيا ، وكمال تسميته فى عالم الأنوار قبل خلق الدنيا باشتقاق اسمه الشريف وأسماء المعصومين صلوات الله عليهم من أسماء الله عز وجل .
اللهم صل على آل بيت نبيك المصطفى شموس الكمالات الإلهية ، وبدور الجمالات الربانية .
الرواية الأولى :
لمّا ولدت السيّدة فاطمةالزهراء(عليها السلام) الإمام الحسن(عليه السلام)، قالت لعلي(عليه السلام) : «سمّه» ، فقال الإمام (عليه السلام) : «ما كنت لأسبق باسمه رسول الله(صلى الله عليه وآله)».
فلمّا جاء النبي(صلى الله عليه وآله) قال لعلي (عليه السلام): «هل سمّيته» ؟ فقال : «ما كنت لأسبقك باسمه» ؟ فقال (صلى الله عليه وآله) : «ما كنت لأسبق باسمه ربّي عزّ وجلّ» ، فأوحى الله تبارك وتعالى إلى جبريل أنّه قد ولد لحبيبى محمّد ابن فاهبط وأقرئه السلام وهنّئه ، وقل له : إنّ علياً منك بمنزلة هارون من موسى، فسمّه باسم ابن هارون، فهبط جبرائيل(عليه السلام) فهنّأه من الله عزّ وجلّ ، ثمّ قال: «إنّ الله عزّ وجلّ يأمرك أن تسمّيه باسم ابن هارون » .
قال : «وما كان اسمه»؟ قال : «شبّر» ، قال : «لساني عربي» ، قال : «سمّه الحسن»، فسمّاه الحسن .
((ولم يكن يُعرف هذا الاسم في الجاهلية))
الرواية الثانية :
عن النبّي (صلى الله عليه وآله) إنّه قال : لمّا خلق الله تعالى آدم أبا البشر ونفخ فيه من روحه، التفت آدم يمنة العرش فإذا في النور خمسة أشباح سجّداً وركّعاً ، قال آدم : يا ربّ هل خلقت أحداً من طين قبلي ؟ قال : لا ، يا آدم ، قال : فمن هؤلاء الخمسة الأشباح الّذين أراهم في هيئتي وصورتي ؟ قال: هؤلاء خمسة من ولدك ، لولاهم ما خلقتك ، هؤلاء خمسة شققت لهم خمسة أسماء من أسمائي، لولاهم ما خلقت الجنّة ولا النار ، ولا العرش ، ولا الكرسي ، ولا السماء ، ولا الأرض ، ولا الملائكة ، ولا الإنس ، ولا الجنّ.
فأنا المحمود وهذا محّمد ، وأنا العالي وهذا علّي ، وأنا الفاطر وهذه فاطمة ، وأنا الإحسان وهذا الحسن ، وأنا المحسن وهذا الحسين ، آليت بعزّتي أنّه لا يأتيني أحد بمثقال ذرّة من خردل من بغض أحدهم إلاّ أدخلته ناري ولا أبالي .
يا آدم ، هؤلاء صفوتي من خلقي ، بهم أنجيهم وبهم أهلكهم ، فإذا كان لك إليّ حاجة فبهؤلاء توسّل . فقال النبّي (صلى الله عليه وآله) : نحن سفينة النجاة ، من تعلّق بها نجا ، ومن تخلف عنها هلك ، فمن كان له إلى الله حاجة فليسأل بنا أهل البيت .
* ثانيا : كمال كرمه وجوده :
إن أهل البيت خلقوا جوداء كرماء يعطون كجدهم صلوات الله عليه عطاء من لا يخشى الفقر ، ويكفى مدح الله لكرمهم وجودهم فى سورة الإنسان ( ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا * إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا * إنا نخاف من ربنا يوما عبوسا قمطريرا * فوقاهم الله شر ذلك اليوم * ولقاهم نضرة وسرورا *
وجزاهم بما صبروا جنة وحريرا ) .
وقد عُرف (عليه السلام) بكريم أهل البيت، فقد قاسم الله أمواله ثلاث مرّات، نصف يدفعه في سبيل الله ونصف يبقيه له، بل وصل إلى أبعد من ذلك، فقد أخرج ماله كلّه مرّتين في سبيل الله ولا يبقي لنفسه شيئاً، فهو كجدّه رسول الله (صلى الله عليه وآله) يعطي عطاء من لا يخشى الفقر ، وهو سليل الأسرة التي قال فيها ربّنا وتعالى ( ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون ) .
وقد كان الإمام الحسن عليه السلام قمة الكمال فى الجود والكرم ، فقد جاءت إليه جاريته وأهدته طاقة من الريحان فقال لها عليه السلام على الفور بعد أن قبل هديتها : أنت حرة لوجه الله تعالى فقال له أحد الحاضرين : أتعتقها لأنها أهدتك طاقة ريحان فقال عليه السلام : نعم ألم تسمع قول الله عز وجل : (( وإذا حييتم بتحية فـحـيـوا بأحسن منها أو ردوها )) ولم أجد أحسن من هديتها إلا عتقها .
نعم يا سيدى ومولاى أبا محمد أنتم أهل الجود والكرم وإحسانكم لا يقاس به أى إحسان فأنتم أهل الكمال فى الجود والكرم والإحسان.
يروى أن رجل من بنى أمية ورجل من بنى هاشم تنافسا فيما بينهما أى قوم أجود وأكرم بنى أمية أم بنى هاشم ، فاتفقا الرجلان على أن يذهب كل واحد إلى عشرة من وجهاء قومه ويستقرضهم مالا ليريا أيهما يجمع مالا أكثر على أن يردوا المال بعد ذلك لأصحابه ، فذهب الرجل الأموي إلى عشرة من وجهاء بنى أمية واستقرضهم فكان جماع ما استقرضه من العشرة 100 ألف درهم ، وذهب الرجل الهاشمي إلى سيدنا الحسن عليه السلام ليستقرض منه مالا فأعطاه الإمام الحسن عليه السلام 150 ألف درهم ، ثم ذهب الهاشمى إلى الإمام الحسين عليه السلام ليستقرض منه مالا فقال له الإمام الحسين عليه السلام هل استقرضت من أحد قبلى :
قال الهاشمي نعم استقرضت من أبى محمد الحسن عليه السلام فقال الإمام الحسين عليه السلام : ما كنت لأزيد على سيدى ومولاى وأخى أبا محمد وأعطاه 150 ألف درهم فعاد الهاشمي إلى الأموي وقال الله : كم استقرضت من وجهاء قومك العشرة فقال الأموي : 100 ألف درهم فقال الهاشمي : أما أنا فقد استقرضت من اثنين فقط من وجهاء قومى فأقرضونى 300 ألف درهم ، فغلب الهاشمي الأموي ثم اتفقا الاثنين على أن يردوا ما استقرضوه إلى أصحابه فذهب الأموي إلى العشرة من وجهاء قومه وأعطاهم ما استقرضه منهم فأخذوه واستردوه ، وذهب الهاشمي
إلى سيدنا الإمام الحسن وسيدنا الإمام الحسين ليرد ما استقرضه منهما فقالا له : نحن أهل البيت لا نأخذ ما أقرضناه ولا نسترد ما أعطيناه فاذهب فهي لك خالصة لله عز وجل .
نعم سادتى آل البيت أنتم آل الجود والكرم والإحسان تـفـيـضون بمددكم الإلهي على الأكوان .
* ثالثا : كمال حلمه وعفوه :
أهل البيت عليهم السلام هم أهل الحلم والعفو والصفح وهم المثل الأعلى والأكمل فى الحلم والعفو ، وقد كانت صفة الحلم من أخص صفات الإمام الحسن المجتبى عليه السلام حتى سُمي حليم أهل البيت ، ومن حلمه عليه السلام ما رواه المبرد وغيره : أن شامياً كان متعصباً لبنى أمية رآه راكباً فجعل يلعنه ويسبه ويشتمه ، والإمام الحسن عليه
السلام لا يرد ، فلما فرغ أقبل عليه الإمام الحسن عليه السلام فسلم عليه وضحك، فقال: أيها الشيخ أظنك غريباً ، ولعلك شبهت ، فلو استعتبتنا أعتبناك ، ولو سألتنا أعطيناك ، ولو استرشدتنا أرشدناك ، ولو استحملتنا أحملناك ، وإن كنت جائعاً أشبعناك ، وإن كنت عرياناً كسوناك ، وإن كنت محتاجاً أغنيناك ، وإن كنت طريداً آويناك ، وإن كان لك حاجة قضيناها لك ، فلو حركت رحلك إلينا وكنت ضيفنا إلى وقت ارتحالك ، كان أعود عليك ، لأن لنا موضعا رحبا وجاها عريضا ومالا كثيرا.
فلما سمع الرجل كلامه بكى ، ثم قال: أشهد أنك خليفة الله في أرضه، الله أعلم حيث يجعل رسالته ، لقد كنت أنت وأبوك أبغض خلق الله إليّ ، والآن أنت أحب خلق الله إليّ وحوّل رحله إليه، وكان ضيفه إلى أن ارتحل، وصار معتقدا لمحبتهم .
وروي أنه لما مات الإمام الحسن عليه السلام أخرجوا جنازته فحمل مروان بن الحكم سريره ، فقال له الإمام الحسين عليه : تحمل اليوم جنازته وكنت بالأمس تجرعه الغيظ ؟ قال مروان : نعم كنت أفعل ذلك بمن يوازن حلمه الجبال .
فانظر إلى شهادة أعدى أعدائه ( والفضل ما شهدت به الأعداء ) بأن حلمه لو وضع فى كفة ووضعت الجبال فى كفة لرجح حلم الإمام الحسن عليه السلام .
اللهم صل على سيدنا محمد وآل سيدنا محمد أهل الحلم والعفو والصفح ، اللهم بحقهم وبكمالهم وبأنوارهم وبأسرارهم أن ترزقنا شفاعتهم وتجعلنا من أهل معيتهم وتدخلنا جنتهم .
ميلاد الإمام الحسن المجتبى عليه السلام وكمالاته
*************************************
للكاتب والباحث الإسلامى السيد /
جمال محمود الهاشمى الحسنى
* أولا : كمال تسميته :
إن كمالات أهل البيت صلوات الله عليهم لا تعد ولا تحصى لأنهم محل العناية الإلهية ومستقر التجليات الربانية ومن كمالاتهم القدسية كمال أسمائهم حيث أن الذى تولى تسميتهم هو الله عز وجل لأنهم أهل اصطفائه واجتبائه لذلك فهم مصنوعون على عين الله عز وجل ، ولأن الذكرى هى ذكرى ميلاد كريم أهل البيت الإمام الحسن المجتبى (عليه السلام
) فنسوق هاتين الروايتين الشريفتين لبيان كمال تسميته من الله عز وجل فى عالم الدنيا ، وكمال تسميته فى عالم الأنوار قبل خلق الدنيا باشتقاق اسمه الشريف وأسماء المعصومين صلوات الله عليهم من أسماء الله عز وجل .
اللهم صل على آل بيت نبيك المصطفى شموس الكمالات الإلهية ، وبدور الجمالات الربانية .
الرواية الأولى :
لمّا ولدت السيّدة فاطمةالزهراء(عليها السلام) الإمام الحسن(عليه السلام)، قالت لعلي(عليه السلام) : «سمّه» ، فقال الإمام (عليه السلام) : «ما كنت لأسبق باسمه رسول الله(صلى الله عليه وآله)».
فلمّا جاء النبي(صلى الله عليه وآله) قال لعلي (عليه السلام): «هل سمّيته» ؟ فقال : «ما كنت لأسبقك باسمه» ؟ فقال (صلى الله عليه وآله) : «ما كنت لأسبق باسمه ربّي عزّ وجلّ» ، فأوحى الله تبارك وتعالى إلى جبريل أنّه قد ولد لحبيبى محمّد ابن فاهبط وأقرئه السلام وهنّئه ، وقل له : إنّ علياً منك بمنزلة هارون من موسى، فسمّه باسم ابن هارون، فهبط جبرائيل(عليه السلام) فهنّأه من الله عزّ وجلّ ، ثمّ قال: «إنّ الله عزّ وجلّ يأمرك أن تسمّيه باسم ابن هارون » .
قال : «وما كان اسمه»؟ قال : «شبّر» ، قال : «لساني عربي» ، قال : «سمّه الحسن»، فسمّاه الحسن .
((ولم يكن يُعرف هذا الاسم في الجاهلية))
الرواية الثانية :
عن النبّي (صلى الله عليه وآله) إنّه قال : لمّا خلق الله تعالى آدم أبا البشر ونفخ فيه من روحه، التفت آدم يمنة العرش فإذا في النور خمسة أشباح سجّداً وركّعاً ، قال آدم : يا ربّ هل خلقت أحداً من طين قبلي ؟ قال : لا ، يا آدم ، قال : فمن هؤلاء الخمسة الأشباح الّذين أراهم في هيئتي وصورتي ؟ قال: هؤلاء خمسة من ولدك ، لولاهم ما خلقتك ، هؤلاء خمسة شققت لهم خمسة أسماء من أسمائي، لولاهم ما خلقت الجنّة ولا النار ، ولا العرش ، ولا الكرسي ، ولا السماء ، ولا الأرض ، ولا الملائكة ، ولا الإنس ، ولا الجنّ.
فأنا المحمود وهذا محّمد ، وأنا العالي وهذا علّي ، وأنا الفاطر وهذه فاطمة ، وأنا الإحسان وهذا الحسن ، وأنا المحسن وهذا الحسين ، آليت بعزّتي أنّه لا يأتيني أحد بمثقال ذرّة من خردل من بغض أحدهم إلاّ أدخلته ناري ولا أبالي .
يا آدم ، هؤلاء صفوتي من خلقي ، بهم أنجيهم وبهم أهلكهم ، فإذا كان لك إليّ حاجة فبهؤلاء توسّل . فقال النبّي (صلى الله عليه وآله) : نحن سفينة النجاة ، من تعلّق بها نجا ، ومن تخلف عنها هلك ، فمن كان له إلى الله حاجة فليسأل بنا أهل البيت .
* ثانيا : كمال كرمه وجوده :
إن أهل البيت خلقوا جوداء كرماء يعطون كجدهم صلوات الله عليه عطاء من لا يخشى الفقر ، ويكفى مدح الله لكرمهم وجودهم فى سورة الإنسان ( ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا * إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا * إنا نخاف من ربنا يوما عبوسا قمطريرا * فوقاهم الله شر ذلك اليوم * ولقاهم نضرة وسرورا *
وجزاهم بما صبروا جنة وحريرا ) .
وقد عُرف (عليه السلام) بكريم أهل البيت، فقد قاسم الله أمواله ثلاث مرّات، نصف يدفعه في سبيل الله ونصف يبقيه له، بل وصل إلى أبعد من ذلك، فقد أخرج ماله كلّه مرّتين في سبيل الله ولا يبقي لنفسه شيئاً، فهو كجدّه رسول الله (صلى الله عليه وآله) يعطي عطاء من لا يخشى الفقر ، وهو سليل الأسرة التي قال فيها ربّنا وتعالى ( ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون ) .
وقد كان الإمام الحسن عليه السلام قمة الكمال فى الجود والكرم ، فقد جاءت إليه جاريته وأهدته طاقة من الريحان فقال لها عليه السلام على الفور بعد أن قبل هديتها : أنت حرة لوجه الله تعالى فقال له أحد الحاضرين : أتعتقها لأنها أهدتك طاقة ريحان فقال عليه السلام : نعم ألم تسمع قول الله عز وجل : (( وإذا حييتم بتحية فـحـيـوا بأحسن منها أو ردوها )) ولم أجد أحسن من هديتها إلا عتقها .
نعم يا سيدى ومولاى أبا محمد أنتم أهل الجود والكرم وإحسانكم لا يقاس به أى إحسان فأنتم أهل الكمال فى الجود والكرم والإحسان.
يروى أن رجل من بنى أمية ورجل من بنى هاشم تنافسا فيما بينهما أى قوم أجود وأكرم بنى أمية أم بنى هاشم ، فاتفقا الرجلان على أن يذهب كل واحد إلى عشرة من وجهاء قومه ويستقرضهم مالا ليريا أيهما يجمع مالا أكثر على أن يردوا المال بعد ذلك لأصحابه ، فذهب الرجل الأموي إلى عشرة من وجهاء بنى أمية واستقرضهم فكان جماع ما استقرضه من العشرة 100 ألف درهم ، وذهب الرجل الهاشمي إلى سيدنا الحسن عليه السلام ليستقرض منه مالا فأعطاه الإمام الحسن عليه السلام 150 ألف درهم ، ثم ذهب الهاشمى إلى الإمام الحسين عليه السلام ليستقرض منه مالا فقال له الإمام الحسين عليه السلام هل استقرضت من أحد قبلى :
قال الهاشمي نعم استقرضت من أبى محمد الحسن عليه السلام فقال الإمام الحسين عليه السلام : ما كنت لأزيد على سيدى ومولاى وأخى أبا محمد وأعطاه 150 ألف درهم فعاد الهاشمي إلى الأموي وقال الله : كم استقرضت من وجهاء قومك العشرة فقال الأموي : 100 ألف درهم فقال الهاشمي : أما أنا فقد استقرضت من اثنين فقط من وجهاء قومى فأقرضونى 300 ألف درهم ، فغلب الهاشمي الأموي ثم اتفقا الاثنين على أن يردوا ما استقرضوه إلى أصحابه فذهب الأموي إلى العشرة من وجهاء قومه وأعطاهم ما استقرضه منهم فأخذوه واستردوه ، وذهب الهاشمي
إلى سيدنا الإمام الحسن وسيدنا الإمام الحسين ليرد ما استقرضه منهما فقالا له : نحن أهل البيت لا نأخذ ما أقرضناه ولا نسترد ما أعطيناه فاذهب فهي لك خالصة لله عز وجل .
نعم سادتى آل البيت أنتم آل الجود والكرم والإحسان تـفـيـضون بمددكم الإلهي على الأكوان .
* ثالثا : كمال حلمه وعفوه :
أهل البيت عليهم السلام هم أهل الحلم والعفو والصفح وهم المثل الأعلى والأكمل فى الحلم والعفو ، وقد كانت صفة الحلم من أخص صفات الإمام الحسن المجتبى عليه السلام حتى سُمي حليم أهل البيت ، ومن حلمه عليه السلام ما رواه المبرد وغيره : أن شامياً كان متعصباً لبنى أمية رآه راكباً فجعل يلعنه ويسبه ويشتمه ، والإمام الحسن عليه
السلام لا يرد ، فلما فرغ أقبل عليه الإمام الحسن عليه السلام فسلم عليه وضحك، فقال: أيها الشيخ أظنك غريباً ، ولعلك شبهت ، فلو استعتبتنا أعتبناك ، ولو سألتنا أعطيناك ، ولو استرشدتنا أرشدناك ، ولو استحملتنا أحملناك ، وإن كنت جائعاً أشبعناك ، وإن كنت عرياناً كسوناك ، وإن كنت محتاجاً أغنيناك ، وإن كنت طريداً آويناك ، وإن كان لك حاجة قضيناها لك ، فلو حركت رحلك إلينا وكنت ضيفنا إلى وقت ارتحالك ، كان أعود عليك ، لأن لنا موضعا رحبا وجاها عريضا ومالا كثيرا.
فلما سمع الرجل كلامه بكى ، ثم قال: أشهد أنك خليفة الله في أرضه، الله أعلم حيث يجعل رسالته ، لقد كنت أنت وأبوك أبغض خلق الله إليّ ، والآن أنت أحب خلق الله إليّ وحوّل رحله إليه، وكان ضيفه إلى أن ارتحل، وصار معتقدا لمحبتهم .
وروي أنه لما مات الإمام الحسن عليه السلام أخرجوا جنازته فحمل مروان بن الحكم سريره ، فقال له الإمام الحسين عليه : تحمل اليوم جنازته وكنت بالأمس تجرعه الغيظ ؟ قال مروان : نعم كنت أفعل ذلك بمن يوازن حلمه الجبال .
فانظر إلى شهادة أعدى أعدائه ( والفضل ما شهدت به الأعداء ) بأن حلمه لو وضع فى كفة ووضعت الجبال فى كفة لرجح حلم الإمام الحسن عليه السلام .
اللهم صل على سيدنا محمد وآل سيدنا محمد أهل الحلم والعفو والصفح ، اللهم بحقهم وبكمالهم وبأنوارهم وبأسرارهم أن ترزقنا شفاعتهم وتجعلنا من أهل معيتهم وتدخلنا جنتهم .