د. حامد العطية
05-08-2012, 09:32 PM
المشترك بين الملك السعودي والرئيس المصري والقرضاوي والراقصة دينا
د. حامد العطية
لعلها العروبة، أو على الأقل الانتماء لها، ولو اسمياً، أو حتى مجرد النطق باللغة العربية، لكن ذلك ليس مهماً، لأنه سواء أقر بذلك القوميون أم انكروه، لم تكن القومية الواحدة يوماً رابطة تقرب بين جميع العرب والمستعربين، وهم كانوا ومازالوا تجمعهم وتفرقهم القبلية والمناطقية والمصالح والأهواء.
كلهم مسلمون، وهم يشهدون على أنفسهم بذلك، وكان من المفترض أن يعتصموا بحبل الله جميعاً لكن المذاهب والمصالح السياسية والتنافس على النفوذ فرقتهم، حتى انطبق عليهم الوصف القرآني بأنهم أحزاب وشيع، كل حزب بما لديهم فرحون.
ولكن الأربعة اتفقوا على أمر واحد، وهو الوسطية، أو هكذا يدعون.
ففي الأمس القريب صرح الرئيس المصري مرسي بأن: " مصر والسعودية حاميتان للإسلام الوسطي السني "، وتكفي مشاهدة حلقة واحدة أوحتى جانب من برنامج القرضاوي لتسمعه يدعو مراراً وتكراراً للوسطية في الإسلام، ومؤخراً انضمت الراقصة المصرية دينا لهذه الجبهة بقولها في أحد البرامج التلفزيونية الحوارية، وفقاً لما تناقلته بعض المواقع الإلكترونية، بأنها تؤيد الوسطية.
لم يكتفي الرئيس المصري في بيان عقيدته بذكر الاسلام، بل اضاف إلى ذلك صفتين، السني والوسطي، فهل كان الرسول الأعظم هو الآخر سنياً وسطياً؟
وإذا كان الرئيس المصري يجاهر بأنه هو والملك السعودية على المذهب السني فلم ينكر البعض منهم علينا مجرد الاشارة إلى أن مذهب هذا الرئيس أو ذاك سني، فيعلق أحدهم بأن تلك "حماقة" ويتهمنا آخر بالطائفية، ام أن من حقهم هم ورؤسائهم وملوكهم التصريح بمذهبهم وحرام علينا حتى ترداد ذلك؟
ولكن هل اصاب الرئيس مرسي في وصفه؟ دأب رجال الدين السعوديون ومنذ الهجوم الإرهابي على أمريكا على وصف مذهبهم بالوسطي، في محاولة يائسة منهم للتنصل من ابوتهم لإرهاب تنظيم القاعدة السلفي، ملقين بالمسؤولية على الأخوان المسلمين عن نشر التطرف والعنف الديني في السعودية، وهو اتهام لم يمل أو يكل نايف آل سعود وزير الداخلية المتوفي حديثاً من تكراره، وفي التشكيلة الوزارية لأول حكومة في عهد الرئيس المصري وقع الاختيار على سلفي متطرف ليشغل وزارة الأوقاف بدلاً عن رئيس جامعة الأزهر المعتدل، مما يلقي ظلالاً اضافية من الشك على وصف الرئيس المصري لنظامه وللحكم السعودي بأنهما وسطيان.
في كل يوم يقتل الفلسطينيون، وهم مسلمون سنة ووسطيون على الأغلب، وتستباح أراضيهم وممتلكاتهم، والصهاينة ماضون في تهويد القدس والاستيلاء التدريجي على المسجد الأقصى، ولكن مصر والسعودية ملتزمتان باتفاقات التسوية مع الكيان الصهيوني، لذا تكتفيان من نصرة الفلسطينيين والقدس والمسجد الاقصى بالتصريحات الخجولة الجوفاء، ولا ننسى مسلمي ميانمار، فهم ايضاً على مذهب مصر والسعودية، يقتلون ويشردون، ولم يبادر أي منهما لمساعدتهم ولو بالضغط على المجتمع الدولي.
لو قصد الرئيس المصري حماية الاسلام من اعداءه لما خصص واستثنى، وبما أن لا عداء لهما مع السلفيين، فالواضح أن المعني بذلك هم الشيعة، وهو ما يؤكده توأمته بين حكومتي مصر والسعودية، فالنظام السعودي كان وما زال يعتبر الشيعة في كل مكان ألد الأعداء، ويفهم من تصريح الرئيس المصري تضامنه المطلق مع السعودية في دعمها للنظام البحريني الطائفي في قمع شعبه وللإرهاب الوهابي في العراق والمنطقة، وفي عدوانها على الحوثيين في ديارهم باليمن، وفي توسلها لأمريكا والصهاينة لشن حرب على إيران الإسلامية.
تفهم الراقصة دينا جيداً معنى الوسطية، في السعودية ومصر وغيرهما، فهي تدرك جيداً بأن الوسطية في جوهرها تحليل براغماتي وحسابات واقعية، وفي القرار النهائي سيضحي الوسطيون بكل الاعتبارات على مذبح المصالح، فلا غنى لبلدها عن عوائد السياحة، لذا هي مطمئنة لمواصلة عملها، وهي واثقة أيضاً من "وسطية واعتدال" السعوديين، والتي لولاهما لما جنت الشهرة والأموال الطائلة.
الراقصة دينا من الوسط الفني المصري الوسطي، ويشتهر هذا الوسط بشتيمة ترددت كثيراً في مسرحياته وافلامه: "يا ابن الرفضي"، لذا هم في نظري أكثر صراحة وجرأة من ملوك ورؤوساء العرب الطائفيين ومن أشباه مثقفيهم السفهاء الذين يخفون طائفيتهم وراء اقنعة علمانية مصطنعة ومهلهلة.
5 اب 2012م
د. حامد العطية
لعلها العروبة، أو على الأقل الانتماء لها، ولو اسمياً، أو حتى مجرد النطق باللغة العربية، لكن ذلك ليس مهماً، لأنه سواء أقر بذلك القوميون أم انكروه، لم تكن القومية الواحدة يوماً رابطة تقرب بين جميع العرب والمستعربين، وهم كانوا ومازالوا تجمعهم وتفرقهم القبلية والمناطقية والمصالح والأهواء.
كلهم مسلمون، وهم يشهدون على أنفسهم بذلك، وكان من المفترض أن يعتصموا بحبل الله جميعاً لكن المذاهب والمصالح السياسية والتنافس على النفوذ فرقتهم، حتى انطبق عليهم الوصف القرآني بأنهم أحزاب وشيع، كل حزب بما لديهم فرحون.
ولكن الأربعة اتفقوا على أمر واحد، وهو الوسطية، أو هكذا يدعون.
ففي الأمس القريب صرح الرئيس المصري مرسي بأن: " مصر والسعودية حاميتان للإسلام الوسطي السني "، وتكفي مشاهدة حلقة واحدة أوحتى جانب من برنامج القرضاوي لتسمعه يدعو مراراً وتكراراً للوسطية في الإسلام، ومؤخراً انضمت الراقصة المصرية دينا لهذه الجبهة بقولها في أحد البرامج التلفزيونية الحوارية، وفقاً لما تناقلته بعض المواقع الإلكترونية، بأنها تؤيد الوسطية.
لم يكتفي الرئيس المصري في بيان عقيدته بذكر الاسلام، بل اضاف إلى ذلك صفتين، السني والوسطي، فهل كان الرسول الأعظم هو الآخر سنياً وسطياً؟
وإذا كان الرئيس المصري يجاهر بأنه هو والملك السعودية على المذهب السني فلم ينكر البعض منهم علينا مجرد الاشارة إلى أن مذهب هذا الرئيس أو ذاك سني، فيعلق أحدهم بأن تلك "حماقة" ويتهمنا آخر بالطائفية، ام أن من حقهم هم ورؤسائهم وملوكهم التصريح بمذهبهم وحرام علينا حتى ترداد ذلك؟
ولكن هل اصاب الرئيس مرسي في وصفه؟ دأب رجال الدين السعوديون ومنذ الهجوم الإرهابي على أمريكا على وصف مذهبهم بالوسطي، في محاولة يائسة منهم للتنصل من ابوتهم لإرهاب تنظيم القاعدة السلفي، ملقين بالمسؤولية على الأخوان المسلمين عن نشر التطرف والعنف الديني في السعودية، وهو اتهام لم يمل أو يكل نايف آل سعود وزير الداخلية المتوفي حديثاً من تكراره، وفي التشكيلة الوزارية لأول حكومة في عهد الرئيس المصري وقع الاختيار على سلفي متطرف ليشغل وزارة الأوقاف بدلاً عن رئيس جامعة الأزهر المعتدل، مما يلقي ظلالاً اضافية من الشك على وصف الرئيس المصري لنظامه وللحكم السعودي بأنهما وسطيان.
في كل يوم يقتل الفلسطينيون، وهم مسلمون سنة ووسطيون على الأغلب، وتستباح أراضيهم وممتلكاتهم، والصهاينة ماضون في تهويد القدس والاستيلاء التدريجي على المسجد الأقصى، ولكن مصر والسعودية ملتزمتان باتفاقات التسوية مع الكيان الصهيوني، لذا تكتفيان من نصرة الفلسطينيين والقدس والمسجد الاقصى بالتصريحات الخجولة الجوفاء، ولا ننسى مسلمي ميانمار، فهم ايضاً على مذهب مصر والسعودية، يقتلون ويشردون، ولم يبادر أي منهما لمساعدتهم ولو بالضغط على المجتمع الدولي.
لو قصد الرئيس المصري حماية الاسلام من اعداءه لما خصص واستثنى، وبما أن لا عداء لهما مع السلفيين، فالواضح أن المعني بذلك هم الشيعة، وهو ما يؤكده توأمته بين حكومتي مصر والسعودية، فالنظام السعودي كان وما زال يعتبر الشيعة في كل مكان ألد الأعداء، ويفهم من تصريح الرئيس المصري تضامنه المطلق مع السعودية في دعمها للنظام البحريني الطائفي في قمع شعبه وللإرهاب الوهابي في العراق والمنطقة، وفي عدوانها على الحوثيين في ديارهم باليمن، وفي توسلها لأمريكا والصهاينة لشن حرب على إيران الإسلامية.
تفهم الراقصة دينا جيداً معنى الوسطية، في السعودية ومصر وغيرهما، فهي تدرك جيداً بأن الوسطية في جوهرها تحليل براغماتي وحسابات واقعية، وفي القرار النهائي سيضحي الوسطيون بكل الاعتبارات على مذبح المصالح، فلا غنى لبلدها عن عوائد السياحة، لذا هي مطمئنة لمواصلة عملها، وهي واثقة أيضاً من "وسطية واعتدال" السعوديين، والتي لولاهما لما جنت الشهرة والأموال الطائلة.
الراقصة دينا من الوسط الفني المصري الوسطي، ويشتهر هذا الوسط بشتيمة ترددت كثيراً في مسرحياته وافلامه: "يا ابن الرفضي"، لذا هم في نظري أكثر صراحة وجرأة من ملوك ورؤوساء العرب الطائفيين ومن أشباه مثقفيهم السفهاء الذين يخفون طائفيتهم وراء اقنعة علمانية مصطنعة ومهلهلة.
5 اب 2012م