المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : : الخوارجُ همُ المارقون :


مرتضى علي الحلي
06-08-2012, 02:19 PM
: الخوارجُ همُ المارقون :
===============

: مِن الأمس إلى اليوم وحدة إنطلاق وهدف:
=========================

بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله المعصومين



إنَّ طائفة الخوارج قد إكتَسبتْ توصيفها هذا من واقعها الموضوعي آنذاك وحتى اليوم.

أي أنَّهم إتصفوا بالخروج عن منظومة الدين الإسلامي عقيدةً وشريعة.
حتى بلغ بهم الأمر إلى رتبة الضديَّة لمنصب الإمامة الحقة والمجعولة إلهيَّا.
الذي يعتقد به أهل البيت المعصومين:عليهم السلام: وأتباعهم.

وإلى هذا المعنى أشار الشهرستاني:

فقال:

:كل مَن خرجَ على الإمام الحق الذي إتفقتْ الجماعة عليه يُسمى خارجيا سواء كان الخروج في أيام الصحابة على الأئمة الراشدين
أو كان بعدهم على التابعين بإحسان والأئمّة في كل زمان:
:المِلَل والنِحَل :الشهرستاني :ج1:ص105.

أما خروجهم عن عقيدة الإسلام الحق فهو لإعتقادهم بكفر مَن خرجوا عليه.

فهم كُفّار إعتقاداً


وقال العلاّمة الحليِّ :

:وعندنا الخوارج كُفّارٌ وإنَّ كلَّ مَن سبّ الإمام :أي المعصوم:عليه السلام: وجبَ قتله:
:تذكرة الفقهاء :العلاّمة الحلي :ج9:ص409.


وكان أول خروجٍ لهم هو ضد إمامهم الإمام علي بن أبي طالب
:عليه السلام:
وتهديدهم إيّاه :عليه السلام: بالقتل أو يُسلموه إلى الباغي معاوية إن لم يقبل بالتحكيم الذي حصل في واقعة صفين.

وهم مَن رفعوا شعار:لاحكم إلاَّ لله:بعد رفع المصاحف.
وقد خاطبهم الإمام علي :عليه السلام:


بقوله:
: إنَّما رفع القوم لكم هذه المصاحف خديعة ووهناً ومكيدة
فرددتم على رأيي ، وقلتم : لا بل نقبل منهم
فقلتُ لكم : اذكروا قولي لكم ومعصيتكم إيّاي

فلما أبيتم إلاّ الكتاب ، اشترطتُ على الحَكمَين :أي:أبو موسى الأشعري:
وعمرو بن العاص:
أن يُحييا ما أحياه القرآن
وأن يُميتا ما أماتَ القرآن
فإنَّ حَكَما بحكم القرآن

فليس لنا أن نخالف حكمَ مَن حكمَ بما في الكتاب
وإن أبَيا فنحن من حكمهما برآء :

فقال له بعض الخوارج :

فخبِّرنا أتراه عدلاً تحكيم الرجال في الدماء ؟

فقال :عليه السلام :

إنَّا لم نُحكِّم الرجال ، إنَّما حكَّمنا القرآن
وهذا القرآن إنّما هو خط مسطور بين دفتين لا ينطق
وإنّما يتكلم به الرجال:
:الإرشاد : المفيد :ج1:ص271.



وإنَّ خروج الخوارج هو من جملة ما أخبره به الرسول الأكرم
:صلى الله عليه وآله وسلّم:
في الحديث المتواتر والمشهور عنه.

وهو قوله:
: عن أبي سعيد
قال : سمعتُ رسول الله : صلى الله عليه وآله وسلَّم يقول :
: يخرجُ فيكم قوم تحقرون صلاتكم مع صلاتهم .
وصيامكم مع صيامهم .
وأعمالكم مع أعمالهم .

يقرؤون القرآن ، ولا يُجاوز حناجرهم .
يمرقون من الدين ، مروق السهم من الرمية .

تنظر في النصل ، فلا ترى شيئا وتنظر في القدح ، فلا ترى شيئا .
وتنظر في الريش ، فلا ترى شيئا . وتتمارى في الفوق :

. أخرجه البخاري في : 66 - كتاب فضائل القرآن ، 36 - باب من رأيا بقراءة القرآن .
و
مسلم في : 12 - كتاب الزكاة ، 47 - باب ذكر الخوارج وصفاتهم ، حديث 148
:الموطأ : الإمام مالك :ج1:ص205.


ومعنى:
يمرقون من الدين ، مروق السهم من الرمية .
أي:
يخرجون عن الجماعة الحقة خروج السهم ونفوذه من الشق الآخر.



حتى أنَّ النبي محمد:ص: قد أبلغ علياً:عليه السلام:
بأنه سيُقاتلهم من بعده.
يا علي:عليه السلام:
: تُقاتل بعدي الناكثين والقاسطين والمارقين:
:الإقتصاد :الطوسي :ص181.


وهذا الحديث قد أخرجه ابن كثير عن علي:عليه السلام: من سبعة طرق
وعن أبي أيوب الأنصاري من ثلاثة طرق
وعن أبي سعيد الخدري وعبد الله بن مسعود.
:البداية والنهاية:ابن كثير:ج7:ص338:340.

والإمام علي :عليه السلام: نفسه قد حدَّثَ بهذا الخبر

فقال:عليه السلام:

: أُمرتُ بقتال ثلاثة : القاسطين ، والناكثين والمارقين
فأما القاسطون فأهل الشام :صفين:
وأما الناكثون فذكرهم
:أي:هم أصحاب الجمل الذين نكثوا البيعة في البصرة:
وأما المارقون فأهل النهروان :
وهم المُحكّمة الحرورية: الذين قبلوا التحكيم وخرجوا في حروراء. .
:كنز العمال : المتقي الهندي:ج11:ص292.


بل حتى أنَّ الصحابة من المسلمين آنذاك كانوا في وعيٍ تام لهذا الحدث الذي سيقع مستقبلا.
يُروى عن رجل :
أنه قال :
دخلتُ على أبي أيوب الأنصاري ، وهو يعلفُ خيلاً له
فقلتُ له : يا أبا أيوب قاتلتَ بسيفك المشركين مع رسول الله :
صلوات الله عليه وآله
فلما أن أظهر الله الاسلام ، جئتَ إلى المسلمين تقاتلهم به ؟

فقال : نعم ، أمرنا رسول الله صلوات الله عليه وآله :
بقتال الناكثين و القاسطين والمارقين .
فقد قاتلنا الناكثين ، وهم أهل الجمل
والقاسطين ، وهم أهل الشام .
وأنا مُقيمٌ حتى أقاتل المارقين بالنهروان والطرقات
ووالله ما أدري أين هي .
ولكن لابد من قتالهم إن شاء الله :
:شرح الأخبار :القاضي النعمان المغربي:ج1:ص339.


إذاً بحسب مُعطيات التوصيف المنهجي لفرقة الخوارج تأريخيا
يتبيّن الجامع المُشترك بين خوارج الأمس وخوارج اليوم
وأبرز مُنطَبَقٍ لهذا الجامع هو:

:1:

رفض إمامة الإمام الحق والمنصوب من قبل الله تعالى إماماً للمسلمين خاصة وللناس عامة.
وهذا مايُجسده الواقع المُعاصر تماماً في أوساط مَن يشبهون الخوارج في عقايدهم وأفانينهم التكفيرية.
لاسيما أتباع محمد بن عبد الوهاب الذين خرجوا من نجد وتغلبوا على الحرمين وكفّروا كلَّ مَن يُخالفهم واستباحوا دمه.


:2:

تمسكهم بالكتاب:القرآن الكريم:اللفظي:حصراً:
ورفضهم تحكيم الإمام الحق العارف بكتاب الله تعالى لإستنطاق الحكم الإلهيِّ المُبين.
وهذه هي مقولتهم للإمام علي:عليه السلام:

فخبِّرنا أتراه عدلاً تحكيم الرجال في الدماء ؟
فقال :عليه السلام :
إنَّا لم نُحكِّم الرجال ، إنَّما حكَّمنا القرآن
وهذا القرآن إنّما هو خط مسطور بين دفتين لا ينطق
وإنّما يتكلم به الرجال:


:3:
يمتاز خوارج الأمس واليوم بالسطحيَّة والنفاق الظاهر
لاسيما في تعاطيهم مع كتاب الله العزيز القرآن الكريم:
وهذا هو معنى قول الرسول الأكرم:ص:
: يقرؤون القرآن ، ولا يُجاوز حناجرهم :

بمعنى أنَّ قراءتهم للقرآن لاتتجاوز حد الحنجرة واللقلقة الصوتية
ولم تأخذ طريقها إلى عقولهم وقلوبهم في ترسيخ الوعي والرشد والبصيرة.
لذا جمدوا على الظاهر من الألفاظ القرآنية فقالوا بتجسيم الله تعالى
وكفّروا المسلمين من غير دليل ووجه حق.


:4:

يمتاز خوارج الأمس واليوم أيضا بممارسة إسلوب الإرهاب الدموي العنيف
فينقل التأريخ لنا عنهم جرائم بحق الأطفال والنساء وعامة الناس
ما يخرجهم عن نطاق البشرية ويُدخلهم في حضيض الوحوش الكاسرة.

فقد أخرج يعقوب بن سفيان بسند صحيح عن حميد بن هلال قال :
حدّثنا رجل من عبد القيس قال :
لحقتُ بأهل النهروان مع طائفة منهم أسيرا إذ أتينا على قرية بيننا نهر فخرج رجل من القرية مروعا

فقالوا له : لا روع عليك وقطعوا إليه النهر
فقالوا : أنتَ ابن خباب بن الأرت صاحب النبي صلى الله عليه وآله وسلم ؟
قال: نعم
قالوا : فحدِّثنا عن أبيك فحدَّثَهم بحديث
تكون فتنة فإن استطعت أن تكون عبد الله المقتول فكن

فقدموه فضربوا عنقه ثم دعوا سريته وهي حبلى فبقروا عما في بطنها .

ولابن أبي شيبة من طريق أبي مجاز قال :
قال علي:عليه السلام: لأصحابه :
لا تبدؤوهم بقتال حتى يحدثوا حدثا

قال : فمر بهم عبد الله بن خباب فذكر قتلهم له ولجاريته وأنهم بقروا بطنها
وكانوا مروا على ساقية فأخذ واحد منها تمرة فوضعها في فيه فقالوا له تمرة مُعاهد فيمَ استحللتها ؟
فقال لهم عبد الله بن خباب : أنا أعظم حرمة من هذه التمرة فأخذوه فذبحوه
فبلغ علياً :عليه السلام:
فأرسل إليهم أفيدونا بقاتل عبد الله بن خباب
فقالوا : كُلّنا قَتلَه ، فأذن حينئذ في قتالهم:

:نيل الأوطار : الشوكاني :ج7:ص350



والفرقُ بين خوارج الأمس واليوم هو في الأواتْ والوسائل الإجراميّة
وإلاَّ فالمنطلقُ واحد والعقيدة واحدة.

وقد أخبر الإمام علي :عليه السلام: بعد أن قطع دابر الخوارج في واقعة النهروان
بأنّ نسل هولاء الخوارج سيبقى مُمتدّاً بإمتداد وجود الأحفاد عبر الأجيال
وذلك في قوله:عليه السلام: بعد أن إستبشر المسلمون بالخلاص منهم.

:كلاّ والله إنّهم لفي أصلاب الرجال وأرحام النساء:
:نهج البلاغة:خ93:



وفعلا إنَّ واقعنا المعاصر يُثبت إمكان وصحة ذلك ميدانيا وحتى علميّا.
بحيث تمكنَّ العلم الحديث من إكتشاف الحمض النووي:
:dna:

والذي يقوم بعمليّة توصيل المعلومات والصفات الوراثية من جيلٍ لآخر
ويرثُ الإنسان حامضه النووي وخارطته الوراثية من أبويه .
:إنظر: الموسوعة الحرّة :ويكيبيديا:


والقرآن الكريم أيضا قد أشار إلى تلك الحقيقة البايلوجية في سورة نوح:

قال تعالى:

وَقَالَ نُوحٌ رَّبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّاراً{26}
إِنَّكَ إِن تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِراً كَفَّاراً{27 :

والمعنى:
ربِّ لا تترك من الكافرين بكَ أحدًا حيًّا على الأرض:ديّاراً:
يدور ويتحرك في كفره وإضلاله للعباد.
وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِراً كَفَّاراً :



وأخيراً قد قُتِلَ أمير المؤمنين الإمام علي :عليه السلام: غدراً في صلاة الفجر على يد واحد من هولاء المارقين الخارجين عن الدين الحق
يُدعى عبد الرحمن بت مُلجم
وذلك في التاسع عشر من شهر رمضان المبارك في مسجد الكوفة.
سنة أربعين للهجرة.
قتله أشقى الآخرين كما وصفه الحديث البنوي الشريف:
: الوافي بالوفيّات : الصفدي :ج18:ص173.


فسلامٌ على الإمام علي في العالمين
إنّه من عباد الله المُخلَصين .


والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

مرتضى علي الحلي : النجف الأشرف :

الجزائرية
06-08-2012, 02:26 PM
وَقَالَ نُوحٌ رَّبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّاراً{26}
إِنَّكَ إِن تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِراً كَفَّاراً{27 :
فعلا وهذا هو الواقع الاجيال الكافرة والفاجرة امتدت الى يومنا هذا وخرجوا ابناءمعاوية ويزيد والشمر لعنهم الله
ليحاربوا شيعة امير المؤمنين عليه السلام وتمتد الفتنة والطائفية الى ظهور صاحب الزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف..
احسنتم واجدتم والله سلمت اناملكم المباركة
موضوع جدا رائع ولك مني تقييم بخمس نجوم..

مرتضى علي الحلي
06-08-2012, 03:53 PM
وأحسن اللهُ تعالى إليكم وشكرا لكم وتقبل الله تعالى صيامكم