د. حامد العطية
17-08-2012, 10:20 PM
ملك التكفير السعودي الوهابي ودعوة الحوار
د. حامد العطية
دعوة للحوار بين المذاهب الإسلامية أطلقها الملك السعودي بالأمس، في مؤتمر القمة الاستثنائي للدول الإسلامية المنعقد في مكة المكرمة، تبدو لأول وهلة مستحقة للثناء، لكنها بعد النظر في كل الحقائق الجوهرية تفقد بريقها بل وحتى مصداقيتها.
لعل الملك السعودي يجهل بأن هذا الحوار قائم بالفعل، بل هو قديم قدم التاريخ الإسلامي، إذ منذ نشوء المذاهب الإسلامية واصحابها يتحاورون، في المجالس الخاصة والعامة، شفهياً وكتابياً، وقد تركوا لنا إرثاً غنياً من ألاف المؤلفات في المواضيع المذهبية والفقهية التحاورية، وتطور الحوار مؤخراً إلى محاولات للتقريب، ولكن بدلاً من جسر هوة الاختلاف بين أتباع المذاهب المختلفة افضى الحوار إلى تفاقم التنائي والتباغض بينهم.
المسلمون ميالون للسلم والتعايش، مثل غالبية البشر، لولا الخلافات بين الحكام واصحاب المصالح، الذين يستثمرون الفروقات المذهبية ويثيرون الصراعات الطائفية خدمة لمصالحهم، والنظام السعودي أول المتلبسين بجرم إثارة النعرات الطائفية.
من السخف دعوة مذاهب إسلامية للحوار في الوقت الذي يرمي كهان الوهابية السعودية أتباع هذه المذاهب بالانحراف عن الملة ويحكمون عليهم بالشرك والكفر.
كيف يستطيع المحاور الشيعي الجلوس على طاولة حوار واحدة مع وهابي افتى بأن الشيعة أخطر على الإسلام والمسلمين من اليهود ولم يستثني على الأقل الصهاينة الذين يحتلون فلسطين وينتهكون حرمة المسجد الأقصى؟
بعد زيارة المحاور الشيعي أو الصوفي احدى مكتبات مدينة الرياض والاطلاع فيها على مئات الكتب المنشورة من قبل المؤسسة الوهابية الحكومية أو بموافقتها والطافحة بالأكاذيب والمفتريات التي تقدح في عقيدته وتسفهها وتكفرها فهل سيقبل بعد ذلك على الحوار بهمة عالية وتفاؤل بالنتائج؟ وفي ثمانينات القرن الماضي قرأت في كتاب معروض في احدى هذه المكتبات السعودية بأن الشيعة ينكحون امهاتهم، وهذا هو مستوى الموضوعية والتهذيب لدى فقهاء وكتاب السعودية التي خرج علينا مليكها بدعوة الحوار.
في كل دقيقة يبث من قناة فضائية ممولة من الحكومة السعودية واتباعها وحلفائها برامج دينية تحث على الفرقة والتناحر بين الفرق الإسلامية وسيكون الحوار في ظل استمرار هذه القنوات الفضائية وبرامجها التحريضية غير ذي جدوى وقيمة.
الإعلام السعودي المكتوب والمسموع والمقروء يركز في مناسبة وغير مناسبة على البعد المذهبي والطائفي لكل قضية أو خلاف بين المسلمين، وهذا جهد مخرب لاهداف وأغراض الحوار بين المذاهب المقترح من قبل ملك السعودية.
للحكومة السعودية أعوان وانصار في مختلف الدول الإسلامية مثل لبنان وسورية والعراق والباكستان وغيرها يقومون بالترويج لمشاريع طائفية أدت إلى خلافات عميقة بين طوائف اسلامية تفاقمت إلى حد استعمال العنف والحرب الأهلية، واستمرار وجود هذه الجماعات الممولة والمدعومة من النظام السعودي لا يتجانس والحوار بين المذاهب.
ولا شك بأن المحاورين من الشيعة والصوفية والزيدية مهتمون بمعرفة اسماء الفريق الذي سيحاورونه في الرياض، فهل سيكون المفتي السعودي الموظف لدى آل سعود من ضمنهم؟ ولا أظنه سيكون مرتاحاً للجلوس بجانب القرضاوي المستجير بنظام آل ثاني القطري، ولا أستبعد ابداً أن يكون بين فريقهم من أفتى برضاع الكبير أو غيرها من الفتاوى التي جعلت من مذهبهم هدفاً متكرراً للتندر والسخرية، ولا ننسى بالطبع حجز مقعد لمهرجهم العرعور.
النظام السعودي، ومن غير تجني أو تحيز، هو أكبر عقبة أمام اي حوار جاد مثمر بين المذاهب الإسلامية، ولو أراد اقناع المسلمين بصدق نواياه وراء دعوة الحوار فليبدأ بإصلاح نفسه، وأول الخطوات المطلوبة إزالة معوقات الحوار.
المطلوب من النظام السعودي لكي يثبت حسن نواياه في دعوته للحوار أن يمنع رجال دينه الطائفيين عن اصدار الفتاوى التكفيرية ويوقف قنواته الفضائية الطائفية وينهي سياسات وسائل إعلامه التحريضية ويضع حداً للفتن التي يشعلها أتباعه في الدول الإسلامية، ولن يفعل لأنه حينئذ سيزول من الوجود، لذا فهي دعوة حق اريد بها باطل، والحقيقة هي أن النظام السعودي ومن يمثله ليس فقط معرقلاً للحوار بين المذاهب الإسلامية بل هو ألد أعداء الاسلام.
17 اب 2012م
د. حامد العطية
دعوة للحوار بين المذاهب الإسلامية أطلقها الملك السعودي بالأمس، في مؤتمر القمة الاستثنائي للدول الإسلامية المنعقد في مكة المكرمة، تبدو لأول وهلة مستحقة للثناء، لكنها بعد النظر في كل الحقائق الجوهرية تفقد بريقها بل وحتى مصداقيتها.
لعل الملك السعودي يجهل بأن هذا الحوار قائم بالفعل، بل هو قديم قدم التاريخ الإسلامي، إذ منذ نشوء المذاهب الإسلامية واصحابها يتحاورون، في المجالس الخاصة والعامة، شفهياً وكتابياً، وقد تركوا لنا إرثاً غنياً من ألاف المؤلفات في المواضيع المذهبية والفقهية التحاورية، وتطور الحوار مؤخراً إلى محاولات للتقريب، ولكن بدلاً من جسر هوة الاختلاف بين أتباع المذاهب المختلفة افضى الحوار إلى تفاقم التنائي والتباغض بينهم.
المسلمون ميالون للسلم والتعايش، مثل غالبية البشر، لولا الخلافات بين الحكام واصحاب المصالح، الذين يستثمرون الفروقات المذهبية ويثيرون الصراعات الطائفية خدمة لمصالحهم، والنظام السعودي أول المتلبسين بجرم إثارة النعرات الطائفية.
من السخف دعوة مذاهب إسلامية للحوار في الوقت الذي يرمي كهان الوهابية السعودية أتباع هذه المذاهب بالانحراف عن الملة ويحكمون عليهم بالشرك والكفر.
كيف يستطيع المحاور الشيعي الجلوس على طاولة حوار واحدة مع وهابي افتى بأن الشيعة أخطر على الإسلام والمسلمين من اليهود ولم يستثني على الأقل الصهاينة الذين يحتلون فلسطين وينتهكون حرمة المسجد الأقصى؟
بعد زيارة المحاور الشيعي أو الصوفي احدى مكتبات مدينة الرياض والاطلاع فيها على مئات الكتب المنشورة من قبل المؤسسة الوهابية الحكومية أو بموافقتها والطافحة بالأكاذيب والمفتريات التي تقدح في عقيدته وتسفهها وتكفرها فهل سيقبل بعد ذلك على الحوار بهمة عالية وتفاؤل بالنتائج؟ وفي ثمانينات القرن الماضي قرأت في كتاب معروض في احدى هذه المكتبات السعودية بأن الشيعة ينكحون امهاتهم، وهذا هو مستوى الموضوعية والتهذيب لدى فقهاء وكتاب السعودية التي خرج علينا مليكها بدعوة الحوار.
في كل دقيقة يبث من قناة فضائية ممولة من الحكومة السعودية واتباعها وحلفائها برامج دينية تحث على الفرقة والتناحر بين الفرق الإسلامية وسيكون الحوار في ظل استمرار هذه القنوات الفضائية وبرامجها التحريضية غير ذي جدوى وقيمة.
الإعلام السعودي المكتوب والمسموع والمقروء يركز في مناسبة وغير مناسبة على البعد المذهبي والطائفي لكل قضية أو خلاف بين المسلمين، وهذا جهد مخرب لاهداف وأغراض الحوار بين المذاهب المقترح من قبل ملك السعودية.
للحكومة السعودية أعوان وانصار في مختلف الدول الإسلامية مثل لبنان وسورية والعراق والباكستان وغيرها يقومون بالترويج لمشاريع طائفية أدت إلى خلافات عميقة بين طوائف اسلامية تفاقمت إلى حد استعمال العنف والحرب الأهلية، واستمرار وجود هذه الجماعات الممولة والمدعومة من النظام السعودي لا يتجانس والحوار بين المذاهب.
ولا شك بأن المحاورين من الشيعة والصوفية والزيدية مهتمون بمعرفة اسماء الفريق الذي سيحاورونه في الرياض، فهل سيكون المفتي السعودي الموظف لدى آل سعود من ضمنهم؟ ولا أظنه سيكون مرتاحاً للجلوس بجانب القرضاوي المستجير بنظام آل ثاني القطري، ولا أستبعد ابداً أن يكون بين فريقهم من أفتى برضاع الكبير أو غيرها من الفتاوى التي جعلت من مذهبهم هدفاً متكرراً للتندر والسخرية، ولا ننسى بالطبع حجز مقعد لمهرجهم العرعور.
النظام السعودي، ومن غير تجني أو تحيز، هو أكبر عقبة أمام اي حوار جاد مثمر بين المذاهب الإسلامية، ولو أراد اقناع المسلمين بصدق نواياه وراء دعوة الحوار فليبدأ بإصلاح نفسه، وأول الخطوات المطلوبة إزالة معوقات الحوار.
المطلوب من النظام السعودي لكي يثبت حسن نواياه في دعوته للحوار أن يمنع رجال دينه الطائفيين عن اصدار الفتاوى التكفيرية ويوقف قنواته الفضائية الطائفية وينهي سياسات وسائل إعلامه التحريضية ويضع حداً للفتن التي يشعلها أتباعه في الدول الإسلامية، ولن يفعل لأنه حينئذ سيزول من الوجود، لذا فهي دعوة حق اريد بها باطل، والحقيقة هي أن النظام السعودي ومن يمثله ليس فقط معرقلاً للحوار بين المذاهب الإسلامية بل هو ألد أعداء الاسلام.
17 اب 2012م