المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : : علامات الظُهور وإشكاليَّة التطبيق :


مرتضى علي الحلي
21-08-2012, 07:09 PM
: علامات الظُهور وإشكاليَّة التطبيق :
======================
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله المعصومين
ربيّ عجِّل لوليك الإمام المهدي الفرج
وإجعلنا من أنصاره الواعين بين يديه

تُشكِّل علامات ظهور الإمام المهدي:عليه السلام: بصنفيها المحتومة وغير المحتومة مُحدداً عَقْدياً رسميا صاغه المعصومون:عليه السلام: في مُجمل منظومة القضية المهدوية وظاهرة الإنتظار في آخر الزمان
وقبيل الظهور والقيام المهدوي الحق.
صياغةً يتمكن معها الإنسان المؤمن من التعاطي مع أحداث ما قُبيل الظهور الشريف .
وتحديد موقفه تجاه ما يحصل في حال الترقب والترصد والإنتظار للإمام المهدي:عليه السلام:
لكن هذا المُحدد العقدي الرسمي قد يخضع في صنفه غير المحتوم إلى آليات نظام البداء الإلهي الحكيم.
فيحصل فيه تبدّل وتغيير وفق ظروف مرحلة إقتضاء التحقق وعدمه

لذا لايمكن الجزم بوقوعه ميدانيا لطالما تحكمه قوانين البداء الإلهي الحكيم وكونه قضاءً غير محتوم
ومعلوم أنَّ البداء الإلهي الذي تقول به مدرسة أهل البيت المعصومين:عليهم السلام:
هو الإظهار بعد الإخفاء .

بمعنى أنَّ الله تعالى قد يُظهر أشياء قد أخفاها على غيره مُطلقاً
فيختص بها لوحده ولا يُظهرها إلاَّ في وقتها المناسب وفقاً لنظام الوجود الأصلح والأكمل.
ومن هنا تأتي إشكاليّة التطبيق في العلامات غير المحتومة التي تسبق وقت تحقق العلامة الحتمية الجزمية.
كما يحدث آلان في الشام :سوريا:تحديداً
بما يُقارب مفهوماً وثقافةً أحداث ما قُبيل الظهور الشريف للإمام المهدي:عليه السلام:

وتنبع إشكاليّة التطبيق في العلامات غير الحتمية من كونها قد تأتي بخلاف ما رسمه وحدده المعصومون:عليهم السلام: لنا في فترة ما قُبيل الظهور الشريف
وبذلك يلزم الكذب على المعصوم:عليه السلام:
وحاشاه عن ذلك
لذا نجد الأئمة المعصومين:عليهم السلام:
قد وضعوا حلولاً وخيارات منطقية وعقلانية في صورة التعاطي مع أحداث ما قُبيل الظهور الشريف
حتى يتوضَّح الموقف في سداديته وصوابيته


وتتلخص هذه الحلول ب:
:1:
:عدم التوقيت:والذي هو سلوك يُرادف التطبيق غير الصحيح واقعا.
فعن الفضل بن يسار ، عن أبي جعفر :عليه السلام:
قال : قلتُ : لهذا الأمر وقت ؟
:إستفهام عن وقت الظهور الشريف للإمام المهدي
:عليه السلام:
فقال:عليه السلام:
كَذِبَ الوقّاتون ، كذب الوقاتون ، كذب الوقاتون
إنَّ موسى :عليه السلام: لما خرج وافدا إلى ربه واعدهم ثلاثين يوما
فلما زاده الله على الثلاثين عشرا
قال قومه : قد أخلفنا موسى فصنعوا ما صنعوا
فإذا حدثناكم الحديث فجاء على ما حدثناكم به
فقولوا : صدق الله
وإذا حدثناكم الحديث فجاء على خلاف ما حدثناكم به فقولوا : صدق الله تؤجروا مرتين :
:وهنا إشارة واضحة من الإمام المعصوم:عليه السلام: إلى قضيّة تحكُم نظام البداء الإلهي في العلامات غير المحتومة:
:الكافي : الكليني :ج1 :ص369.


:2:
:عدم الإستعجال في التعاطي مع العلامة غير المحتومة :
عن أبي المرهف ، عن أبي جعفر : عليه السلام :
قال : الغُبرة على من أثارها
:أي أثر الغبار يقع على مَن أثاره وحركه:
هلكَ المحاضير
:المُستعجلون في قيام دولة الحق قبل أوانها:

قلتُ : جُعلتُ فداك وما المحاضير
قال:عليه السلام :
المُستعجلون أما إنَّهم لن يريدوا إلا مَن يعرض لهم
ثم قال:عليه السلام :
يا أبا المرهف أما إنهم لم يريدوكم بمجحفة:داهيّة:
إلاّ عرض الله عز وجل لهم بشاغل
ثم نكتَ أبو جعفر : عليه السلام : في الأرض
ثم قال : يا أبا المرهف !
قُلتُ : لبيك
قال:عليه السلام : أترى قوماً حبسوا أنفسهم على الله عز ذكره لا يجعل الله لهم فرجا ؟
بلى والله ليجعلن الله لهم فرجا :
:الكافي :الكليني :ج8:ص274.

والمحاضير فاعل جمع محضار وهو الشديد الجري من حضر الفرس وهو شدة جريه وركضه
فالإمام المعصوم:عليه السلام: قد نهى عن التسرع للأمور وعدم التأني والتأمل في عواقبها
وحذّرَ من المسارعة إلى اظهار ما في النفوس
مما قد يأتي مُخالفاً للواقع.

:3:
ضرورة وعي العلاقة والإرتباط بين تحقق العلامة غير الحتمية ونظام البداء والقضاء غير المُبرم إلهيّا.

عن الفضل الكاتب قال : كنتُ عند أبي عبد الله
الإمام الصادق: عليه السلام :
فأتاه كتاب أبي مسلم
فقال :عليه السلام: ليس لكتابك جواب اخرج عنا
فجعلنا يُسار بعضنا بعضا .
فقال:عليه السلام :
أي شئ تُسارون يا فضل
إنَّ الله عز وجل ذكره لا يَعجل لعجلة العباد
ولإزالة جبل عن موضعه أيسر من زوال ملك لم ينقض أجله
ثم : قال:عليه السلام :
إنَّ فلان بن فلان حتى بلغ السابع من ولد فلان
:هذه الفقرة قد ترمز إلى السرية في تحديد هوية الإمام المهدي:عليه السلام:

وقد يكون معناها أنَّ الإمام المهدي هو محمد بن الإمام الحسن العسكري:عليه السلام:
وهو السابع من ولد الإمام الباقر:عليه السلام: بحسب متن الروايات الصحيحة:

قلتُ :الرواي: فما العلامة فيما بيننا وبينك جُعلتُ فداك ؟ قال :عليه السلام:
لا تبرح الأرض يا فضل حتى يخرج السفياني
فإذا خرج السفياني فأجيبوا إلينا –
: يقولها ثلاثا - وهو من المحتوم :
: :الكافي :الكليني :ج8:ص274.

لاحظوا دقة الفقرة
: إنَّ الله عز وجل ذكره لا يَعجل لعجلة العباد
ولإزالة جبل عن موضعه أيسر من زوال مُلكٍ لم ينقض أجله :
فهذه الفقرة تحكي عن دقة نظام البداء والقضاء الإلهي الحكيم

وبهذا يتبيَّن أنَّ من جملة ما مطلوب منا عَقْدياً في عصر الغيبة الكبرى
هو ضرورة الإيمان بعقيدة البداء الإلهي والقضاء
بحيث يتولَّد في نفوسنا مِشعَل الأمل والرجاء والطمأنينة بحقيقة كون مجاري الأمور ومصائرها هي بيد الله تعالى ولا تخرج عن سلطنته إطلاقا.
عن هشام بن سالم ، عن أبي عبد الله الإمام الصادق
: عليه السلام :
: ما عُظِّمَ اللهُ بمثلِ البداء :
:الكافي :الكليني:ج1:ص146.

: فالقول بالبداء :
هو الإعتراف الصريح بأنَّ العَالَم تحت سلطان الله وقدرته في حدوثه وبقائه
وأنَّ إرادة الله نافذة في الأشياء أزلاً وأبدا ، :
:البيان في تفسير القرآن:السيد الخوئي:قد:ص391.


:4:
: معرفة العلامة :أي:معرفة الإمام المهدي:
هويةً وعقيدةً:
:عن عمر بن أبان قال : سمعتُ أبا عبد الله
الإمام جعفر الصادق :عليه السلام :يقول :
اعرف العلامة
فإذا عرفته لم يضرك ، تقدَّمَ هذا الأمرُ أو تأخر
إنَّ الله عز وجل يقول :
(( يوم ندعو كل أناس بإمامهم ))
فمَن عرف إمامه كان كمن كان في فسطاط المُنتَظَر :عليه السلام :
:الكافي :الكليني :ج1:ص372.

وهنا يظهر جليّا أنَّ وظيفة الإنسان المؤمن المُنتَظِر لإمامه المهدي:عليه السلام:
تتحدد بمعرفة كون الإمام المهدي:ع: هو إمام وقته بحق
وهذه المعرفة تتكفل بإبراء ذمة صاحبها عقديا وشرعيا
وتجعله ممَن يُدعون بإمامهم الحق يوم القيامة
وإن لم يدرك ظهور وقيام الإمام المهدي:عليه السلام:

وأخيراً إنَّ ظهور الإمام المهدي:عليه السلام:
وقيامه بالحق والعدل هو مُرتبط كلياً بإرادة الله تعالى النافذة وجوديا
ومرتبط بظروف وشروط مرحلة التحقق والوقوع فعليّا
وهذه الظروف والشروط تنخلق قُبيل وقتها بما يضمن حتميَّة تحقق الظهور الشريف وقيام دولة الحق الإلهيّة في الأرض .

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته


: مرتضى علي الحلي : النجف الأشرف :

تلميذة الحسين
21-08-2012, 11:36 PM
بوركتم على الطرح القيم وكل عام وانتم بخير

مرتضى علي الحلي
21-08-2012, 11:51 PM
وبكم يُباركُ اللهُ تعالى أكثر وشكرا لكم
وكل عام وأنتم بألف خير

نووورا انا
22-08-2012, 01:17 AM
اللهم صل على محمد وآل محمد

احسنتم اخي بارك الله بكم وسدد خطاكم
كل عام وانتم بالف خير

مرتضى علي الحلي
22-08-2012, 11:34 AM
شكرا لمروركم الكريم وأسعد الله أيامكم ووفقكم لحج بيته الحرام

مرتضى علي الحلي
22-08-2012, 12:12 PM
إنَّ العلامة الحتميَّة غير خاضعة لآليات نظام البداء قطعاً ولا بد من تحققها جزما .

لذا أنا ركَّزتُ في البحث على أنَّ إشكاليّة التطبيق تقع في العلامات غير الحتميّة من جهة أنّها واقعة تحت تأثير نظام البداء
فممكن أن يطالها التبديل والتغيير وفق المصلحة والحكمة في وقتها.

: ونعم : أنَّ لفعل الإنسان الصالح والمؤمن دور في دفع البلاء
أو عدم تحقق العلامة غير الحتمية وهذا الأمر تناولته الروايات بصورة صحيحة وخاصة في مسألة الدعاء لدفع البلاء

فعن الإمام موسى الكاظم: عليه السلام: أنه قال:

: عليكم بالدعاء فإنّ الدعاء لله والطلب الى الله يرد البلاء وقد قُدِّرَ وقُضي ولم يبق إلاّ إمضاؤه فإذا دُعيَ اللهُ وسُئل صرف البلاء صرفه:
: اصول الكافي : ج2 : ص 470

أما بالنسبة للسؤال ؟
هل أنَّ الحتميات تخرج سلطة الله تعالى عن التحكم في الامور لأنَّ البداء لايدخل فيها وبالتالي لا بد من تحققها جزما ؟

:الجواب:
=====
إنَّ الحتميّات تدخل في منظومة القضاء المحتوم وهو القضاء الذي يكون فيه تقدير الله تعالى للأمور مُبرما وقطعيا
لايُرد ولايُبدَّل ولا يتغيّر ولا يناله البداء أبدا

وهو الذي عبَّر عنه القرآن الكريم بالسنَّة الإلهية :
((فلن تجد لسنة الله تبديلا ولن تجد لسنة الله تحويلا )):43 :فاطر

وهذا لايعني أنّ الله سبحانه وتعالى عاجز عن تغييره ولكن اقتضتْ حكمته الأزلية أن تكون هذه سنته وهذا قضاؤه

وهذا القضاء لايتبدل لا بالاستغفار ولا بالصدقة ولابالدعاء
وهنا نعتقد قطعا أنّ وجود الإمام المهدي :عليه السلام: وظهوره هو من المحتوم الإلهي الذي لايتغير
بل حتى أنّ بعض العلامات لوقت ما قبل الظهور التي أكّد الائمة المعصومون:عليهم السلام:

على أنها من المحتوم كالسفياني مثلا هنا تكون من القضاء المحتوم .

وهذا النظام الإلهي هو الذي يُعزز في إيماننا بالظهور للمهدي :ع :
إذ أنه سنّة إلهية لاتتحول ولاتتبدل قطعا

وسلامٌ عليكم ورحمة الله وبركاته

س البغدادي
22-08-2012, 07:45 PM
حياكم الله
اخي العزيز
فلو توسعت بالنهج قليلا ...ادامكم الله

مرتضى علي الحلي
22-08-2012, 09:40 PM
شكرا لمروركم الكريم ووفقكم الله لكل خير
:عفوا: أنا أعمل وفق منهج : لا إختصار مُخل و لا تطويل مُمِل :

فأعتذر لكم عن التقصير
وسلامٌ عليكم ورحمة الله وبركاته

مرتضى علي الحلي
23-08-2012, 02:48 PM
سؤال :
=====
لماذا أصبحتْ بعض العلامات حتميّة والأخرى غير حتميّة
هل هذا بسببٍ إلهيِّ أم بسببٍ آخر ؟

:الجواب:
======
بدايةً لِنَعتَقِد أولاً إنَّ هذا الأمرَ راجعُ إلى الله تعالى بإعتبار كون التقدير والقضاء هما من شؤون الله تعالى وحده.
{لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ }الأنبياء23

هذا من جهة
ومن جهة أخرى إنَّ ما يفهمه الذهن البشري من الهدف والحكمة من تصنيف العلامة إلى حتميّة وغير حتميّة
هو أنَّ الله تعالى أبى إلاَّ أن يجري الأمور بأسبابها الطبيعية في الكون والحياة
بمعنى أنَّ ما يحكم الحدث الوجودي حياتياً هو مجموعة عناصر مركزية
أهمها
الله تعالى والإنسان وظرف تحقق الحدث أو وقوعه
و كون ما يحدث وجوداً لا يخرج عن سلطنة الله تعالى ونظره ودور الإنسان وفعله الإختياري فيه .
فتصنيف العلامة في رتبة الحتميَّة هو راجعٌ يقينياً إلى تقدير الله تعالى وقضائه لوحده.

أما تصنيف العلامة في رتبة غير الحتميَََّة فهو وإن كان لله تأثير فيه من جهة التبديل والتغيير وفق مقتضيات نظام البداء
ولكن قد تركَ اللهُ تعالى للإنسان قسطاً كبيراً من إمكانيّة تغيير الحدث
بما يُناسب المصلحة والحكمة الإلهيّة
كون الإنسان كائناً مختاراً في إراداته وخياراته تجاه الأحداث شأنيّا أو وقوعا.

لذا كانتْ العلامات غير الحتميّة مُرتبطة بإختبار الإنسان وتكليفه وتمحيصه
وإشراكة في صناعة الحدث وجودياً لما فيه صلاحه ومصلحته.

إذاً للتصنيف في العلامة ضرورته الوجودية إلهيّا وبشريا.
فالعلامة الحتميّة مُنحصرة تسبيبياً بالله تعالى
والعلامة غير الحتميّة هي مُشتركة بين الطرفين :الله تعالى : والإنسان :


والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته