مرتضى علي الحلي
26-08-2012, 11:38 PM
{ أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ }
=============================
بسم الله الرحمن الرحيم
وصلّى الله على نبينا محمد وآله المعصومين
قال اللهُ تعالى :
الم{1}
أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ{2} وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ{3} : العنكبوت :
من المعلوم أنَّ الفتنةَ هي سُنَّة إلهيَّة جرتْ على الأولين وتجري على الآخرين قطعا
لذا فهذه الآية الشريفة بمفادها الظاهري تعطي صورة واضحة عن حقيقة استمرارية الفتن حياتيا.
كون القرآن الكريم قد ربط بين مقولة الإيمان
وإمتحان الإنسان بالفتنة
ولطالما الإيمان مفهوماً ومصداقاً موجودا
فالفتنة موجودة أيضا.
وحتى في إنتقاء القرآن للفظة الفتنة
فيه وجه خصوصية التمحيص والتصفيَّة
كما يُفتتنُ الذهبُ بالنار لتنقيته
ومعنى الفِتْنة الابتلاء والامْتِحانُ والاختبار، وأَصلها مأْخوذ من قولك فتَنْتُ الفضة والذهب إِذا أَذبتهما بالنار لتميز الرديء من الجيِّدِ:
:لسان العرب:ابن منظور: مادة فتن:
و عن مُعمَّر بن خلاّد قال :
سمعتُ أبا الحسن الإمام الرضا:عليه السلام:
يقول:
الم{1}
أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ{2}
ثم قال لي
ما الفتنة ؟
قلتُ جُعُلتُ فداك الذي عندنا
: الفتنة في الدين :
فقال :عليه السلام:
: يُفتنون كما يُفتَنُ الذهبُ
ثم قال يُخلَصون كما يُخَلَص الذهب:
: الكافي : الكليني: ج1:ص370.
وهنا اقر الإمام الرضا :عليه السلام:
بسكوته عن جواب مُعمَّر بن خلاّد
بأنَّ الفتنة تكون وتتحق في الدين
فقد تكون في الحلال أوالحرام
أو في الحق أو الباطل
أو العدل أوالظلم
أو في الأمور الحسنة أو القبيحة
أو الخير أو الشر وهو الغالب .
قال تعالى:
{كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ }الأنبياء35
وعلى هذا الأساس القرآني أننَّا لابد من أنْ
نُمتَحن بفتنة حتى يتبيَّن صدق الإيمان من كذبه
: فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ :
وهذا الأمر واضح في كثير من الروايات التي تحدثت عن أخبار أخر الزمان والتي منها :
ما قاله الإمام علي :عليه السلام: في نهج البلاغة :
: والذي بعثه بالحق لَتُبلبلنّ بلبلةً ولُتغربلّن غربلة ولتُساطنَّ سوط القِدر
:أ ي كما تختلط الابزار:التوابل: ونحوها في القدر
عند غليانه فينقلب أعلاها أسفلها وأسفلها أعلاها
وكل ذلك حكاية عما يؤول إليه الأمر
من الاختلاف وتقطع الأرحام وفساد النظام:
حتى يعود أسفلكم أعلاكم وأعلاكم أسفلكم .
وليسبقن سابقون كانوا قصّروا .
وليقصرنَّ سبّاقون كانوا سبقوا .
والله ما كتمتُ وشمة:كلمة:
ولا كذبت كذبة .
ولقد نُبئتُ بهذا المقام وهذا اليوم :
: نهج البلاغة: خطبة 16 : تحقيق: صبحي الصالح
ونقل ثقة الإسلام الشيخ الكُليني :
رضوان الله تعالى عليه :
في باب التمحيص والإمتحان :
ما هو قريب من معنى الحديث أعلاه :
فروى عن أبي يعفور عن الامام جعفرالصادق
:عليه السلام:
أنه قال :
: لابد للناس من أن يُمحصواويُمّيزوا وُيغربلوا ويُستَخرجُ في الغربال خلق كثير
ثم تعرَّضَ الإمام الصادق :عليه السلام:
إلى ما هو اخطر من هذا بشأن الغيبة الكبرى
للإمام المهدي :عجَّلَ اللهُ تعالى فرجه الشريف:
فقال:
: يا منصورُ :أحد أصحابه:
إنَّّ هذا الأمر
: يعني ظهور الإمام المهدي :عليه السلام:
لا يأتيكم إلاَّ بعد إياسٍ
ولا والله حتى تُميَّزوا
ولا والله حتى تُمحَصوا
ولا والله حتى يشقى من شقى ويسعد من سعد:
: الكافي :الكليني :ج 1 : ص 370 .
وهنا أمر ٌعظيم يقرَّه الإمام الصادق :عليه السلام:
بالقسم بالله ثلاث مرات
وهذا لايأتي من فراغ بل هو أمر أكيد في التحقق
وفي حديث آخر عن الإمام الصادق
:عليه السلام:أيضا.
يقول:
: ما من قبض ولابسط إلاّ ولله مشيئة وقضاء وابتلاء:
:الكافي :الكليني :ج1:ص152 .
والقبض لغة هو الإمساك والمنع
والبسط هو النشر والعطاء
والله تعالى هو القابض والباسط
وممكن أن تكون غيبة الإمام المهدي :عليه السلام:
هي قبضٌ للظهور الشريف قبضاً ومنعا مُؤقتا
الى أن يبسط الله تعالى القسط والعدل بظهوره وقيامه
:عليه السلام:
وهذه فتنة وإمتحان للعالمين
فالحكمة من الإمتحان بالفتنة
وأعني : غيبة الإمام المهدي:عليه السلام:
قد تكون هي إمتحان عَقْدي للإنسان
كما عبّر القرآن الكريم عن هذه الحقيقة
في قوله تعالى:
(( فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ ))
وقد يكون الإمام المهدي :عليه السلام:
نفسه هو الآخر مُمتَحَنٌ بالغيبة
كما أمتحن الله تعالى الأنبياء والأئمة
:عليهم السلام: من قبلة بفتن ومِحَن .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مرتضى علي الحلي : النجف الأشرف :
=============================
بسم الله الرحمن الرحيم
وصلّى الله على نبينا محمد وآله المعصومين
قال اللهُ تعالى :
الم{1}
أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ{2} وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ{3} : العنكبوت :
من المعلوم أنَّ الفتنةَ هي سُنَّة إلهيَّة جرتْ على الأولين وتجري على الآخرين قطعا
لذا فهذه الآية الشريفة بمفادها الظاهري تعطي صورة واضحة عن حقيقة استمرارية الفتن حياتيا.
كون القرآن الكريم قد ربط بين مقولة الإيمان
وإمتحان الإنسان بالفتنة
ولطالما الإيمان مفهوماً ومصداقاً موجودا
فالفتنة موجودة أيضا.
وحتى في إنتقاء القرآن للفظة الفتنة
فيه وجه خصوصية التمحيص والتصفيَّة
كما يُفتتنُ الذهبُ بالنار لتنقيته
ومعنى الفِتْنة الابتلاء والامْتِحانُ والاختبار، وأَصلها مأْخوذ من قولك فتَنْتُ الفضة والذهب إِذا أَذبتهما بالنار لتميز الرديء من الجيِّدِ:
:لسان العرب:ابن منظور: مادة فتن:
و عن مُعمَّر بن خلاّد قال :
سمعتُ أبا الحسن الإمام الرضا:عليه السلام:
يقول:
الم{1}
أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ{2}
ثم قال لي
ما الفتنة ؟
قلتُ جُعُلتُ فداك الذي عندنا
: الفتنة في الدين :
فقال :عليه السلام:
: يُفتنون كما يُفتَنُ الذهبُ
ثم قال يُخلَصون كما يُخَلَص الذهب:
: الكافي : الكليني: ج1:ص370.
وهنا اقر الإمام الرضا :عليه السلام:
بسكوته عن جواب مُعمَّر بن خلاّد
بأنَّ الفتنة تكون وتتحق في الدين
فقد تكون في الحلال أوالحرام
أو في الحق أو الباطل
أو العدل أوالظلم
أو في الأمور الحسنة أو القبيحة
أو الخير أو الشر وهو الغالب .
قال تعالى:
{كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ }الأنبياء35
وعلى هذا الأساس القرآني أننَّا لابد من أنْ
نُمتَحن بفتنة حتى يتبيَّن صدق الإيمان من كذبه
: فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ :
وهذا الأمر واضح في كثير من الروايات التي تحدثت عن أخبار أخر الزمان والتي منها :
ما قاله الإمام علي :عليه السلام: في نهج البلاغة :
: والذي بعثه بالحق لَتُبلبلنّ بلبلةً ولُتغربلّن غربلة ولتُساطنَّ سوط القِدر
:أ ي كما تختلط الابزار:التوابل: ونحوها في القدر
عند غليانه فينقلب أعلاها أسفلها وأسفلها أعلاها
وكل ذلك حكاية عما يؤول إليه الأمر
من الاختلاف وتقطع الأرحام وفساد النظام:
حتى يعود أسفلكم أعلاكم وأعلاكم أسفلكم .
وليسبقن سابقون كانوا قصّروا .
وليقصرنَّ سبّاقون كانوا سبقوا .
والله ما كتمتُ وشمة:كلمة:
ولا كذبت كذبة .
ولقد نُبئتُ بهذا المقام وهذا اليوم :
: نهج البلاغة: خطبة 16 : تحقيق: صبحي الصالح
ونقل ثقة الإسلام الشيخ الكُليني :
رضوان الله تعالى عليه :
في باب التمحيص والإمتحان :
ما هو قريب من معنى الحديث أعلاه :
فروى عن أبي يعفور عن الامام جعفرالصادق
:عليه السلام:
أنه قال :
: لابد للناس من أن يُمحصواويُمّيزوا وُيغربلوا ويُستَخرجُ في الغربال خلق كثير
ثم تعرَّضَ الإمام الصادق :عليه السلام:
إلى ما هو اخطر من هذا بشأن الغيبة الكبرى
للإمام المهدي :عجَّلَ اللهُ تعالى فرجه الشريف:
فقال:
: يا منصورُ :أحد أصحابه:
إنَّّ هذا الأمر
: يعني ظهور الإمام المهدي :عليه السلام:
لا يأتيكم إلاَّ بعد إياسٍ
ولا والله حتى تُميَّزوا
ولا والله حتى تُمحَصوا
ولا والله حتى يشقى من شقى ويسعد من سعد:
: الكافي :الكليني :ج 1 : ص 370 .
وهنا أمر ٌعظيم يقرَّه الإمام الصادق :عليه السلام:
بالقسم بالله ثلاث مرات
وهذا لايأتي من فراغ بل هو أمر أكيد في التحقق
وفي حديث آخر عن الإمام الصادق
:عليه السلام:أيضا.
يقول:
: ما من قبض ولابسط إلاّ ولله مشيئة وقضاء وابتلاء:
:الكافي :الكليني :ج1:ص152 .
والقبض لغة هو الإمساك والمنع
والبسط هو النشر والعطاء
والله تعالى هو القابض والباسط
وممكن أن تكون غيبة الإمام المهدي :عليه السلام:
هي قبضٌ للظهور الشريف قبضاً ومنعا مُؤقتا
الى أن يبسط الله تعالى القسط والعدل بظهوره وقيامه
:عليه السلام:
وهذه فتنة وإمتحان للعالمين
فالحكمة من الإمتحان بالفتنة
وأعني : غيبة الإمام المهدي:عليه السلام:
قد تكون هي إمتحان عَقْدي للإنسان
كما عبّر القرآن الكريم عن هذه الحقيقة
في قوله تعالى:
(( فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ ))
وقد يكون الإمام المهدي :عليه السلام:
نفسه هو الآخر مُمتَحَنٌ بالغيبة
كما أمتحن الله تعالى الأنبياء والأئمة
:عليهم السلام: من قبلة بفتن ومِحَن .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مرتضى علي الحلي : النجف الأشرف :