مرتضى علي الحلي
31-08-2012, 04:41 PM
: إضاءات فقهيَّة :القسم الأول:
===================
:قاعدة إشتراك المُسلمين المُكلَّفين في أحكام الإسلام:
============================
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله المعصومين
إنَّ من جملة ما إمتاز به الإسلام عقيدةً وشريعةً
هو الديمومة الوجودية أصولاً وفروعا.
إذ توفَّرتْ شريعة الإسلام على قواعد وأسس ثابتة غير قابلة للتبديل والتغيير.
قادرةٍ على تلبيَّة حاجة الإنسان المُكلّف في كل زمان ومكان وعلى أي حال كان.
تلك الإسس هي القواعد الفقهيَّة التي أرساها
النبي محمد:صلى الله عليه وآله وسلّم :
وأئمة أهل البيت المعصومين:عليهم السلام:
والتي وصلتنا يداً بيد عبر الأجيال تدويناً وتبياناً وتفريعا.
لذا سنشرع ببيان أهم القواعد الفقهية الثابتة بصورة إضاءة فقهية تُنيرُ لنا طريق العمل العبادي والمعاملاتي في حياتنا البشرية.
ومن أهم هذه القواعد الفقهيَّة مايلي :
:1:
:قاعدة الإشتراك الأحكامي :
==============
وهذه القاعدة تنصُ دلالة وقصداً على أنَّ جميع المسلمين المُكلَّفين مُشتركون في أحكام الإسلام رجالاً ونساءً إلى يوم القيامة.
بمعنى أنه إذا ثبتَ حكماً ما لشخصٍ أو لطائفةٍ من المسلمين الأوائل في عصر النبي :ص:
وعصر الأئمة المعصومين:ع:
ولم تكن في الحكم خصوصية مأخوذة فيه شخصياً بحيث لايمكن إشراك الآخرين فيه
فالحكم حينها يكون ثابتاً لجميع المسلمين المُكلّفين .
كوجوب الصلاة اليومية مثلا.
وقاعدة الإشتراك الأحكامي هي من الضروريات الدينية بل وحتى البديهية.
ولكن مع هذا ممكن ذكر الأدلة العلميّة على تلك القاعدة الفقهية.
:1 :
كون القرآن الكريم كتاباً أحكامياً إلهيَّاً مُقدَّساً
لجميع المسلمين من الأولين
ولِمَن أسلمَ من بعدهم أوولِدَ على فطرة الإسلام
وفي دار الإسلام مُسلِما.
إذ هو آخر كتاب مُنزّل للعالمين أجمعين وإلى يوم القيامة
بما فيه من تبيان كل شيء من الله تعالى لجميع العباد
وهذا هو بعينه الإشتراك الأحكامي.
وهذا الأمر واضحٌ في الإرتكاز المُتشرعي والضرورة الشرعية
دلالة وسلوكا عند عامة المسلمين من الأولين والآخرين
بأنَّ كتاب الله تعالى واحد للجميع
وحكم الله تعالى في الواقعة والموضوع هو واحدٌ للجميع أيضا.
وقد تبيَّن هذا الوضوح الدلالي والسلوكي عند المسلمين في عصر النص والصدور
ثم وصل إلينا في مدونات العقيدة والفقه والشريعة.
قال الله تعالى:
(( قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ يُحْيِـي وَيُمِيتُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ )) الأعراف158
((وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ )) سبأ28
ولولا قاعدة الإشتراك الأحكامي لما إستمرتْ الشريعة الإسلامية في حضورها الفعلي إلى يومنا هذا وإلى يوم القيامة.
وأيضاً لو كانت الأحكام الشرعية خاصة بالمسلمين في عصر النبي :ص:
لهُدِمَتْ الشريعة الإسلاميّة ولما وصلتْ إلينا .
فالإشتراك الأحكامي إنما يكون في الأحكام الكليّة العامة للمُكلّفين.
وإن إختلفت خصوصيات القيود والشروط بالنسبة للرجل والمرأة .
:2:
الخبر المشهور روائياً وعملياً :
عن زرارة بن أعين :ثقةٌ جليل القدر:
قال : سألتُ أبا عبد الله الإمام جعفر الصادق
:عليه السلام :
:عن الحلال والحرام ؟
فقال :عليه السلام:
حلالُ محمدٍ حلالٌ أبدا إلى يوم القيامة
وحرامه حرام أبدا إلى يوم القيامة
لا يكون غيره ولا يجئ غيره
وقال:عليه السلام :
قال علي :عليه السلام : ما أحدٌ ابتدع بدعة إلاّ تركَ بها سَّنة :
الكافي : الكليني :ج1:ص58.
:3:
الحديث المروي عن رسول الله :ص: أنه قال:
: نَضَّرَ اللهُ عبداً سمع مقالتي فوعاها
وبلَّغها مَن لم تبلغه
يا أيها الناس ليبلِّغ الشاهدُ الغائب :
:الكافي :الكليني :ج1:ص403.
وهذا الحديث يحكي عن ضرورة التواصل والإشتراك بين الأولين والآخرين في الأحكام الشرعية.
:4:
ما ورد في حديث طويل في حكم الجهاد
عن الأئمة المعصومين:عليهم السلام: وتعليل ذلك الحكم
:لأنَّ حكم الله عز وجل في الأولين والآخرين وفرائضه عليهم سواء
إلاَّ مِن علّة أو حادث يكون
والأولون والآخرون أيضا في منع الحوادث شركاء والفرائض عليهم واحدة
يُسألُ الآخرون عن أداء الفرائض عما يُسألُ عنه الأولون ويُحاسبون عما به يُحاسبون :
:الكافي :الكليني :ج5:ص18.
وما يدعم قاعدة الإشتراك الأحكامي بين المسلمين جميعاً من الأولين والآخرين
هو ما ورد أيضاً عن أئمة أهل البيت المعصومين
:عليهم السلام:
بلزوم أخذ أحكام الشريعة من العلماء والفقهاء ورواة الأحاديث عنهم:عليهم السلام:
إذ ورد في التوقيع المُقدَّس بخط مولانا صاحب الزمان :عليه السلام :
وأما الحوادث الواقعة ، فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا فإنَّهم حجتي عليكم ، وأنا حجة الله عليهم :
:عوائد الأيام : المحقق النراقي: ص442.
:5:
إستمرار المسلمين في أداء الحج الواجب يكشف عن الإشتراك الأحكامي شرعياً
خاصة والقرآن الكريم قد نصَّ على وجوب الحج وبشرط الإستطاعة على الناس كافة في كل زمان ومكان.
((وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ )) آل عمران97
بمعنى:
وقد أوجب اللهُ على المُستطيع من الناس كافة
في أي مكان قَصْدَ هذا البيت لأداء مناسك الحج.
ومَن جَحدَ فريضة الحج فقد كفر
والله غني عنه وعن حجِّه وعمله وعن سائر خَلْقه .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مرتضى علي الحلي : النجف الأشرف :
===================
:قاعدة إشتراك المُسلمين المُكلَّفين في أحكام الإسلام:
============================
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله المعصومين
إنَّ من جملة ما إمتاز به الإسلام عقيدةً وشريعةً
هو الديمومة الوجودية أصولاً وفروعا.
إذ توفَّرتْ شريعة الإسلام على قواعد وأسس ثابتة غير قابلة للتبديل والتغيير.
قادرةٍ على تلبيَّة حاجة الإنسان المُكلّف في كل زمان ومكان وعلى أي حال كان.
تلك الإسس هي القواعد الفقهيَّة التي أرساها
النبي محمد:صلى الله عليه وآله وسلّم :
وأئمة أهل البيت المعصومين:عليهم السلام:
والتي وصلتنا يداً بيد عبر الأجيال تدويناً وتبياناً وتفريعا.
لذا سنشرع ببيان أهم القواعد الفقهية الثابتة بصورة إضاءة فقهية تُنيرُ لنا طريق العمل العبادي والمعاملاتي في حياتنا البشرية.
ومن أهم هذه القواعد الفقهيَّة مايلي :
:1:
:قاعدة الإشتراك الأحكامي :
==============
وهذه القاعدة تنصُ دلالة وقصداً على أنَّ جميع المسلمين المُكلَّفين مُشتركون في أحكام الإسلام رجالاً ونساءً إلى يوم القيامة.
بمعنى أنه إذا ثبتَ حكماً ما لشخصٍ أو لطائفةٍ من المسلمين الأوائل في عصر النبي :ص:
وعصر الأئمة المعصومين:ع:
ولم تكن في الحكم خصوصية مأخوذة فيه شخصياً بحيث لايمكن إشراك الآخرين فيه
فالحكم حينها يكون ثابتاً لجميع المسلمين المُكلّفين .
كوجوب الصلاة اليومية مثلا.
وقاعدة الإشتراك الأحكامي هي من الضروريات الدينية بل وحتى البديهية.
ولكن مع هذا ممكن ذكر الأدلة العلميّة على تلك القاعدة الفقهية.
:1 :
كون القرآن الكريم كتاباً أحكامياً إلهيَّاً مُقدَّساً
لجميع المسلمين من الأولين
ولِمَن أسلمَ من بعدهم أوولِدَ على فطرة الإسلام
وفي دار الإسلام مُسلِما.
إذ هو آخر كتاب مُنزّل للعالمين أجمعين وإلى يوم القيامة
بما فيه من تبيان كل شيء من الله تعالى لجميع العباد
وهذا هو بعينه الإشتراك الأحكامي.
وهذا الأمر واضحٌ في الإرتكاز المُتشرعي والضرورة الشرعية
دلالة وسلوكا عند عامة المسلمين من الأولين والآخرين
بأنَّ كتاب الله تعالى واحد للجميع
وحكم الله تعالى في الواقعة والموضوع هو واحدٌ للجميع أيضا.
وقد تبيَّن هذا الوضوح الدلالي والسلوكي عند المسلمين في عصر النص والصدور
ثم وصل إلينا في مدونات العقيدة والفقه والشريعة.
قال الله تعالى:
(( قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ يُحْيِـي وَيُمِيتُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ )) الأعراف158
((وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ )) سبأ28
ولولا قاعدة الإشتراك الأحكامي لما إستمرتْ الشريعة الإسلامية في حضورها الفعلي إلى يومنا هذا وإلى يوم القيامة.
وأيضاً لو كانت الأحكام الشرعية خاصة بالمسلمين في عصر النبي :ص:
لهُدِمَتْ الشريعة الإسلاميّة ولما وصلتْ إلينا .
فالإشتراك الأحكامي إنما يكون في الأحكام الكليّة العامة للمُكلّفين.
وإن إختلفت خصوصيات القيود والشروط بالنسبة للرجل والمرأة .
:2:
الخبر المشهور روائياً وعملياً :
عن زرارة بن أعين :ثقةٌ جليل القدر:
قال : سألتُ أبا عبد الله الإمام جعفر الصادق
:عليه السلام :
:عن الحلال والحرام ؟
فقال :عليه السلام:
حلالُ محمدٍ حلالٌ أبدا إلى يوم القيامة
وحرامه حرام أبدا إلى يوم القيامة
لا يكون غيره ولا يجئ غيره
وقال:عليه السلام :
قال علي :عليه السلام : ما أحدٌ ابتدع بدعة إلاّ تركَ بها سَّنة :
الكافي : الكليني :ج1:ص58.
:3:
الحديث المروي عن رسول الله :ص: أنه قال:
: نَضَّرَ اللهُ عبداً سمع مقالتي فوعاها
وبلَّغها مَن لم تبلغه
يا أيها الناس ليبلِّغ الشاهدُ الغائب :
:الكافي :الكليني :ج1:ص403.
وهذا الحديث يحكي عن ضرورة التواصل والإشتراك بين الأولين والآخرين في الأحكام الشرعية.
:4:
ما ورد في حديث طويل في حكم الجهاد
عن الأئمة المعصومين:عليهم السلام: وتعليل ذلك الحكم
:لأنَّ حكم الله عز وجل في الأولين والآخرين وفرائضه عليهم سواء
إلاَّ مِن علّة أو حادث يكون
والأولون والآخرون أيضا في منع الحوادث شركاء والفرائض عليهم واحدة
يُسألُ الآخرون عن أداء الفرائض عما يُسألُ عنه الأولون ويُحاسبون عما به يُحاسبون :
:الكافي :الكليني :ج5:ص18.
وما يدعم قاعدة الإشتراك الأحكامي بين المسلمين جميعاً من الأولين والآخرين
هو ما ورد أيضاً عن أئمة أهل البيت المعصومين
:عليهم السلام:
بلزوم أخذ أحكام الشريعة من العلماء والفقهاء ورواة الأحاديث عنهم:عليهم السلام:
إذ ورد في التوقيع المُقدَّس بخط مولانا صاحب الزمان :عليه السلام :
وأما الحوادث الواقعة ، فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا فإنَّهم حجتي عليكم ، وأنا حجة الله عليهم :
:عوائد الأيام : المحقق النراقي: ص442.
:5:
إستمرار المسلمين في أداء الحج الواجب يكشف عن الإشتراك الأحكامي شرعياً
خاصة والقرآن الكريم قد نصَّ على وجوب الحج وبشرط الإستطاعة على الناس كافة في كل زمان ومكان.
((وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ )) آل عمران97
بمعنى:
وقد أوجب اللهُ على المُستطيع من الناس كافة
في أي مكان قَصْدَ هذا البيت لأداء مناسك الحج.
ومَن جَحدَ فريضة الحج فقد كفر
والله غني عنه وعن حجِّه وعمله وعن سائر خَلْقه .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مرتضى علي الحلي : النجف الأشرف :