مرتضى علي الحلي
01-09-2012, 02:48 PM
: إضاءات فقهيَّة : القسم الثاني :
=================
:2:
:قاعدة الصَّحة :
أو
:أصالة الصّحة في فعل الغير :
=================
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله المعصومين
إنَّ المراد من هذه القاعدة الفقهيّة :
هو حَمل عَمَل الغير على الصحَّة
لا حمل عمل النفس على الصحّة.
والصحّة الفقهيّة هنا تَحتمل معنيين هما:
:1:
:المعنى الأول:
أنَّ الصحّة المطلوبةَ في الحمل هي في مقابل المَساءة والقبح .
بمعنى أننّا في إعمال هذه القاعدة ينبغي لنا أن نحمل
فعل الغير على ما هو حسنٌ عقلا ومُباح شرعا.
فمثلاً إذا شككنا في أنَّ ما صدر من زيد المؤمن
هل هو معصيّة أو هو فعل مُباح شرعا ؟
فقاعدة الصحّة هنا تقتضي حمل فعل زيد المؤمن
على ما هو مُباح شرعا.
وقد دلّتْ على هذه القاعدة الفقهيّة بهذا المعنى
العديدُ من الآيات والروايات.
ومنها :
: أ :
قوله تعالى:
(( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ))الحجرات:12
وفي هذه الآية الشريفة أمر إرشادي :اجْتَنِبُوا:
إلى ضرورة تجنب سوء الظن بالآخرين من المؤمنين
إذ لربمّا في الغالب يكون بعض الظن إثم
لأنّه مُجانب للحقيقة.
:ب:
ومنها :
: ما ورد عن المعصومين:عليهم السلام:
أنَّ المؤمن لا يتهم اخاه المؤمن
وانه إذا اتهم اخاه إنماث: ذاب : الإيمان في قلبه كإنمياث الملح في الماء :
:الكافي : الكليني :باب التهمة وسوء الظن :حديث1:
بمعنى:
إنَّ حمل الأفعال الصادرة من المؤمن على الفساد
هو اتهام له وسوء ظن به وهذا أمرٌ منهي عنه
فلا بد من الحمل على الصحّة وترتيب الأثار على ذلك.
:ج:
ومنها:
ماورد عن الأئمة المعصومين:عليهم السلام:
:كذّب سمعكَ وبصركَ عن أخيك
فإن شهدَ عندكَ خمسون قُسامة :أي :مَن يَحلف قسماً: أنه قال:كذا:
وقال:المؤمن: لم أقله فصدّقه وكذّبهم:
:أصول الكافي:الكليني :ج2:ص362.
ومعنى هذه الرواية هو إرادة الإمام :عليه السلام:
حمل قول المؤمن على الصدق ظاهراً
ومعنى تكذيب القسامة هو حملهم على الإشتباه
أو عدم الإعتناء بقسمهم وعدم ترتيب الأثر عليه
سيما إذا كانوا من غير المؤمنين.
أو ربما لم يُنتج قسمهم درجة عالية من الإطمئنان بقولهم فلم يُعتد به
وأما إذا أورث قسمهم الإطمئنان القوي بصدق قولهم فطبيعي أن يُؤخَذ بقولهم
ويُرتبُ عليه الأثر ويُعتبرُ ذاك المؤمنُ فاسقا.
وقاعدة الصحة بهذا المعنى هي مُختصَّةٌ بعمل المؤمنين
فلا تجري في حق غيرهم
بإعتبار أنّ العمل بالصحة هنا هو من حقوق الأخوة بين المؤمنين
ولاتشمل عامة المسلمين .
والثمرة الحياتيّة المُتوخاة من إعمال هذه القاعدة الفقهيّة بمعناها الأخلاقي والقيمي بين المؤمنين
هو لأجل الشد والرتق للبنية المُجتمعية وحفظاً للتوازن في التعايش الجمعي ولئلا يختل النظام العام بشرياً.
إذ بسوء الظن وإتهام المؤمنين تنفتق البنية القوية للجماعة الصالحة وتنخرم الوحدة والإخوة بين المؤمنين
:2:
:المعنى الثاني:
هو أنَّ الصحة المقصودة هنا
هي في مقابل الفساد والبطلان للعمل بالمعنى الفقهي.
فيكون معناها في حال إعمالها
هو إعتبار العمل الصادر عن الغير صحيحاً فقهيّا.
وهنا تُرتَّبُ آثار الصحة عند نفس العامل بها .
فمثلاً لو شكَّ زيد المُصلي خلف الإمام: إمام الجماعة:
في صحة قراءة الإمام أو عدم صحتها.
فإنَّ قاعدة الصحة تقتضي بزيد المُصلي أن يحمل قراءة إمام الجماعة على الصحة
وبهذا يصح لزيد المُصلي أن يأتم بإمام الجماعة.
وهذه القاعدة بهذا المعنى تشمل عمل مُطلق المُسلم .
ولا تختص بالمؤمنين.
وأبرز ما دلَّ على مشروعيّة هذه القاعدة وبهذا المعنى الفقهي :
هو السلوك العقلائي المُعاصر لعصر النص والصدور الشرعي والمُمضى من الشارع الإسلامي نفسه
إذ تعاقد العقلاء على أنَّ الأعمال الصادرة عن الغير
في ظرف الشك بصحتها مع إحراز علم العامل بضوابط الصحة والفساد فهي بهذا تُحمل على الصحّة .
وقد دلّتْ السيرة القطعيَّة من جميع المسلمين المتدينين المُتصلة
بزمن المعصومين :عليهم السلام:
والتي لم يرد ردع عنها شرعا.
على أنَّ ترتيب آثار الصحة في فعل الآخرين من المسلمين معمولٌ به
وخصوصا في العبادات والمعاملات والعقود والإيقاعات.
والعمل بقاعدة الصحة بهذا المعنى الثاني يتّسع ويَمتَد إلى أقوال وإعتقادات الآخرين
مثلاً لو شككنا في قول زيد هل هو مُباح أو مُحرّم ؟
وفي مثل هذا الحال يمكن لنا حمل قوله على الصحة
إذ قد يكون ما قاله مُباحا شرعا.
أما في مسألة الإعتقاد
فمثلا لو تكلّم زيدٌ بكلام وشككنا في أنه هل هو مُعتقداً
بما يقول أو هو غير مُعتقد به ؟
كأن ذكر كلاماً فيه إنكار للإمامة الحقة
للإئمة المعصومين:عليهم السلام:
فهنا يُحملُ كلامه على الجد ويُنسبُ إليه الإعتقاد بما قال.
وتجري قاعد الصحة في تطابق قوله وإعتقاده.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
:مرتضى علي الحلي : النجف الأشرف :
=================
:2:
:قاعدة الصَّحة :
أو
:أصالة الصّحة في فعل الغير :
=================
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله المعصومين
إنَّ المراد من هذه القاعدة الفقهيّة :
هو حَمل عَمَل الغير على الصحَّة
لا حمل عمل النفس على الصحّة.
والصحّة الفقهيّة هنا تَحتمل معنيين هما:
:1:
:المعنى الأول:
أنَّ الصحّة المطلوبةَ في الحمل هي في مقابل المَساءة والقبح .
بمعنى أننّا في إعمال هذه القاعدة ينبغي لنا أن نحمل
فعل الغير على ما هو حسنٌ عقلا ومُباح شرعا.
فمثلاً إذا شككنا في أنَّ ما صدر من زيد المؤمن
هل هو معصيّة أو هو فعل مُباح شرعا ؟
فقاعدة الصحّة هنا تقتضي حمل فعل زيد المؤمن
على ما هو مُباح شرعا.
وقد دلّتْ على هذه القاعدة الفقهيّة بهذا المعنى
العديدُ من الآيات والروايات.
ومنها :
: أ :
قوله تعالى:
(( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ))الحجرات:12
وفي هذه الآية الشريفة أمر إرشادي :اجْتَنِبُوا:
إلى ضرورة تجنب سوء الظن بالآخرين من المؤمنين
إذ لربمّا في الغالب يكون بعض الظن إثم
لأنّه مُجانب للحقيقة.
:ب:
ومنها :
: ما ورد عن المعصومين:عليهم السلام:
أنَّ المؤمن لا يتهم اخاه المؤمن
وانه إذا اتهم اخاه إنماث: ذاب : الإيمان في قلبه كإنمياث الملح في الماء :
:الكافي : الكليني :باب التهمة وسوء الظن :حديث1:
بمعنى:
إنَّ حمل الأفعال الصادرة من المؤمن على الفساد
هو اتهام له وسوء ظن به وهذا أمرٌ منهي عنه
فلا بد من الحمل على الصحّة وترتيب الأثار على ذلك.
:ج:
ومنها:
ماورد عن الأئمة المعصومين:عليهم السلام:
:كذّب سمعكَ وبصركَ عن أخيك
فإن شهدَ عندكَ خمسون قُسامة :أي :مَن يَحلف قسماً: أنه قال:كذا:
وقال:المؤمن: لم أقله فصدّقه وكذّبهم:
:أصول الكافي:الكليني :ج2:ص362.
ومعنى هذه الرواية هو إرادة الإمام :عليه السلام:
حمل قول المؤمن على الصدق ظاهراً
ومعنى تكذيب القسامة هو حملهم على الإشتباه
أو عدم الإعتناء بقسمهم وعدم ترتيب الأثر عليه
سيما إذا كانوا من غير المؤمنين.
أو ربما لم يُنتج قسمهم درجة عالية من الإطمئنان بقولهم فلم يُعتد به
وأما إذا أورث قسمهم الإطمئنان القوي بصدق قولهم فطبيعي أن يُؤخَذ بقولهم
ويُرتبُ عليه الأثر ويُعتبرُ ذاك المؤمنُ فاسقا.
وقاعدة الصحة بهذا المعنى هي مُختصَّةٌ بعمل المؤمنين
فلا تجري في حق غيرهم
بإعتبار أنّ العمل بالصحة هنا هو من حقوق الأخوة بين المؤمنين
ولاتشمل عامة المسلمين .
والثمرة الحياتيّة المُتوخاة من إعمال هذه القاعدة الفقهيّة بمعناها الأخلاقي والقيمي بين المؤمنين
هو لأجل الشد والرتق للبنية المُجتمعية وحفظاً للتوازن في التعايش الجمعي ولئلا يختل النظام العام بشرياً.
إذ بسوء الظن وإتهام المؤمنين تنفتق البنية القوية للجماعة الصالحة وتنخرم الوحدة والإخوة بين المؤمنين
:2:
:المعنى الثاني:
هو أنَّ الصحة المقصودة هنا
هي في مقابل الفساد والبطلان للعمل بالمعنى الفقهي.
فيكون معناها في حال إعمالها
هو إعتبار العمل الصادر عن الغير صحيحاً فقهيّا.
وهنا تُرتَّبُ آثار الصحة عند نفس العامل بها .
فمثلاً لو شكَّ زيد المُصلي خلف الإمام: إمام الجماعة:
في صحة قراءة الإمام أو عدم صحتها.
فإنَّ قاعدة الصحة تقتضي بزيد المُصلي أن يحمل قراءة إمام الجماعة على الصحة
وبهذا يصح لزيد المُصلي أن يأتم بإمام الجماعة.
وهذه القاعدة بهذا المعنى تشمل عمل مُطلق المُسلم .
ولا تختص بالمؤمنين.
وأبرز ما دلَّ على مشروعيّة هذه القاعدة وبهذا المعنى الفقهي :
هو السلوك العقلائي المُعاصر لعصر النص والصدور الشرعي والمُمضى من الشارع الإسلامي نفسه
إذ تعاقد العقلاء على أنَّ الأعمال الصادرة عن الغير
في ظرف الشك بصحتها مع إحراز علم العامل بضوابط الصحة والفساد فهي بهذا تُحمل على الصحّة .
وقد دلّتْ السيرة القطعيَّة من جميع المسلمين المتدينين المُتصلة
بزمن المعصومين :عليهم السلام:
والتي لم يرد ردع عنها شرعا.
على أنَّ ترتيب آثار الصحة في فعل الآخرين من المسلمين معمولٌ به
وخصوصا في العبادات والمعاملات والعقود والإيقاعات.
والعمل بقاعدة الصحة بهذا المعنى الثاني يتّسع ويَمتَد إلى أقوال وإعتقادات الآخرين
مثلاً لو شككنا في قول زيد هل هو مُباح أو مُحرّم ؟
وفي مثل هذا الحال يمكن لنا حمل قوله على الصحة
إذ قد يكون ما قاله مُباحا شرعا.
أما في مسألة الإعتقاد
فمثلا لو تكلّم زيدٌ بكلام وشككنا في أنه هل هو مُعتقداً
بما يقول أو هو غير مُعتقد به ؟
كأن ذكر كلاماً فيه إنكار للإمامة الحقة
للإئمة المعصومين:عليهم السلام:
فهنا يُحملُ كلامه على الجد ويُنسبُ إليه الإعتقاد بما قال.
وتجري قاعد الصحة في تطابق قوله وإعتقاده.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
:مرتضى علي الحلي : النجف الأشرف :