مرتضى علي الحلي
11-09-2012, 10:56 AM
: المُناخات السياسية التي عاشها الإمام جعفر الصادق
:عليه السلام:
وقدرته وحكمته السديدة في التعاطي معها :
========================= =
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله المعصومين
من المعلوم تأريخياً أنّ الإمام الصادق:عليه السلام:
عاصر أشرس نظام حكم وهو النظام الأموي قرابة (40)سنة ورأى بأم عينه صور الظلم الأموي وإرهابه
وتسلط الولاة الظلمة على رقاب المسلمين عامة والعلويين وشيعتهم خاصة.
ومن أهم الأحداث التي عاصرها الإمام الصادق:ع:
هي ثورة عمه زيد بن علي بن الحسين
ضد الحاكم الأموي هشام بن عبد الملك بن مروان الذي بلغ في زمنه الظلم والفساد بحد لا يطاق .
حيث فرض الأمويون في زمنه ضرائب قاسية على الناس واعتبروا الناس عبيدا لهم.
: سيرة الأئمة الأثني عشر: الحسني: 2ج:235ص.
وزيدٌ هذا:رضوان الله تعالى عليه:
كان عابدا شجاعاً وملازماً للقرآن .
وثورة زيد بن علي :رض:
التي قامت بالعراق في عهد هشام ابن عبد الملك في سنة121: للهجرة.
كانت أهم أهدافها:
:1:
هي الدعوة إلى كتاب الله وسنة نبيه ، وجهاد الظالمين ،
:2:
والدفع عن المستضعفين ، وإعطاء المحرومين ،
:3:
وقسم الفيء بين أهله بالسواء ، ورد الظالمين ، ونصرة أهل البيت على من نصب لهم وجهل حقهم
:4:
ودعا إلى البدع أن تطفأ ، وللأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، والطلب بثارات الحسين : عليه السلام :
: تاريخ الرسل والملوك: الطبري:ج7:ص172.
وكان الإمامُ الصادق : عليه السلام :
يحث الناس ويدفعهم لنصرة زيد والوقوف معه في ثورته ضد الحكم الأموي .
وكان يقول :
: رحم الله عمي زيدا إنه دعا إلى الرضا من آل محمد
ولو ظفر لوفى بما دعا إليه
لقد استشارني في خروجه
فقلتُ : إن رضيتَ أن تكون المقتولَ المصلوبَ بالكناسة فشأنك :
: وسائل الشيعة: الحر العاملي:ج11:ص39.
وعندما بلغه مقتل زيد بكى عليه حتى أبكى النساء من خلف الستور
: منافب آل أبي طالب: ابن شهر آشوب:ج4:ص236.
: وفرَّقَ من ماله على عيال من أصيب مع زيد من أصحابه ألف دينار :
: الإرشاد: المفيد :ص 269.
والحدث الثاني المهم جدا والذي عاصره الإمام الصادق:ع: بوعي وإستثمارعلمي ومعرفي
وهو سقوط دولة بني أمية رسميا سنة132 للهجرة.
وبدء قيام دولة العباسيين
وهذه الفترة كانت تمثل للإمام الصادق :ع:
فترة إنتقال وتغيير في شكل الحكم وجغرافيته وسياسته نسبيا
ففيها نشر علومه ومعارفه وثقافة الأسلام الحقة وذاع صيته في العالم أجمع آنذاك وكثر طلابه .
مع أنه :عليه السلام:
كان يُمارس دوره العلمي والفقهي أينما حل وإرتحل دون خوف من أحد
ولكن التغييرات التي طرأت على نظام الحكم في وقته سمحتْ له من توسيع نطاق نشاطه المعرفي بصورة أكبر.
والحدث الأخير والخطير
الذي عاصره الإمام جعفر الصادق:ع:
هو ثورة محمد بن عبد الله بن الحسن: ذو النفس الزكية: سنة 145:للهجرة
ضد المنصور العباسي العدو والشديد
على أهل البيت :عليهم السلام: وشيعتهم.
ومحمد هذا ثار في المدينة وقُتِلَ فيها وثار أخوه أيضا في البصرة وقُتِلَ أيضا قرب الكوفة.
وبعد هذا الحدث الخطير إزداد الإرهاب ضد الإمام الصادق:ع: وأتباعه وشيعته .
إلاّّ إنَّ الإمام الصادق:ع: وبحسب نقولات التأريخ لم يستسلم لظلم بني العباس وطاغيتهم المنصور
بل على العكس راح يُربي العلماء والشيعة خاصة على مقاطعة الحكام الظلمة ومقاومتهم
عن طريق نشر الوعي العقدي والسياسي والشرعي والتفقه في الدين
وكان:عليه السلام: يوجه خطاباته علنا برفض الظلم والتعامل معه بقبول قلبي أو عملي:
ومن أبرز ما قاله في ذلك هو:
: العامل بالظلم والمُعين له والراضي به شركاء ثلاثتهم :
: الكافي: الكليني: ج2:ص333.
: من عذر ظالما بظلمه سلط الله عليه من يظلمه
فإن دعا لم يستجب له ولم يأجره الله على ظلامته :
الكافي:الكليني:ج2:ص334.
فوصل الحال بالمنصور العباسي الى أن يجلب
الإمام الصادق:ع:
من المدينة الى العراق عدة مرات لوضعه تحت المراقبة ومحاولة الحصول على شرعيَّة لحكمه الظالم.
حتى أنه كتب كتاباً إلى الإمام الصادق:ع:
يطلبُ تقرّب الإمام منه ومصاحبته
ومما جاء في كتاب المنصور العباسي:
: لِمَ لا تغشانا كما يغشانا الناس:
أي لِمَ لاتُعاشرنا كمعاشرة الناس لنا
فكتب إليه الإمام الصادق:ع
: ليس لنا ما نخافك من أجله
ولا عندك من أمر الآخرة ما نرجوك له
ولا أنتَ في نعمة فنهنئك ولا نراها نقمة فنعزيك:
فكتب إليه المنصور:
: تصحبنا لتنصحنا:
فأجابه الإمام الصادق:ع:
:من أراد الدنيا لا ينصحك ومن أراد الآخرة لايصحبك:
جامع أحاديث الشيعة:السيد البروجردي:ج14:ص430.
وهكذا عاش الإمام جعفر الصادق:ع:
مُناخات سياسية مشحونة بالتوتر والعداء ضد أهل البيت وشيعتهم
ولكنه بحكمته وقوة جهاده العلمي والمعرفي
إستطاع أن يؤدي دوره الرسالي كإمام معصوم وقدوة للناس أجمعين
بحيث تخرج على يديه جيلا من الأصحاب الأجلاّء له وعلماء وفقهاء ومتكلمين لايسع المقام ذكرهم.
وسلامٌ على الإمام جعفر الصادق في العالمين
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مرتضى علي الحلي : النجف الأشرف.
:عليه السلام:
وقدرته وحكمته السديدة في التعاطي معها :
========================= =
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله المعصومين
من المعلوم تأريخياً أنّ الإمام الصادق:عليه السلام:
عاصر أشرس نظام حكم وهو النظام الأموي قرابة (40)سنة ورأى بأم عينه صور الظلم الأموي وإرهابه
وتسلط الولاة الظلمة على رقاب المسلمين عامة والعلويين وشيعتهم خاصة.
ومن أهم الأحداث التي عاصرها الإمام الصادق:ع:
هي ثورة عمه زيد بن علي بن الحسين
ضد الحاكم الأموي هشام بن عبد الملك بن مروان الذي بلغ في زمنه الظلم والفساد بحد لا يطاق .
حيث فرض الأمويون في زمنه ضرائب قاسية على الناس واعتبروا الناس عبيدا لهم.
: سيرة الأئمة الأثني عشر: الحسني: 2ج:235ص.
وزيدٌ هذا:رضوان الله تعالى عليه:
كان عابدا شجاعاً وملازماً للقرآن .
وثورة زيد بن علي :رض:
التي قامت بالعراق في عهد هشام ابن عبد الملك في سنة121: للهجرة.
كانت أهم أهدافها:
:1:
هي الدعوة إلى كتاب الله وسنة نبيه ، وجهاد الظالمين ،
:2:
والدفع عن المستضعفين ، وإعطاء المحرومين ،
:3:
وقسم الفيء بين أهله بالسواء ، ورد الظالمين ، ونصرة أهل البيت على من نصب لهم وجهل حقهم
:4:
ودعا إلى البدع أن تطفأ ، وللأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، والطلب بثارات الحسين : عليه السلام :
: تاريخ الرسل والملوك: الطبري:ج7:ص172.
وكان الإمامُ الصادق : عليه السلام :
يحث الناس ويدفعهم لنصرة زيد والوقوف معه في ثورته ضد الحكم الأموي .
وكان يقول :
: رحم الله عمي زيدا إنه دعا إلى الرضا من آل محمد
ولو ظفر لوفى بما دعا إليه
لقد استشارني في خروجه
فقلتُ : إن رضيتَ أن تكون المقتولَ المصلوبَ بالكناسة فشأنك :
: وسائل الشيعة: الحر العاملي:ج11:ص39.
وعندما بلغه مقتل زيد بكى عليه حتى أبكى النساء من خلف الستور
: منافب آل أبي طالب: ابن شهر آشوب:ج4:ص236.
: وفرَّقَ من ماله على عيال من أصيب مع زيد من أصحابه ألف دينار :
: الإرشاد: المفيد :ص 269.
والحدث الثاني المهم جدا والذي عاصره الإمام الصادق:ع: بوعي وإستثمارعلمي ومعرفي
وهو سقوط دولة بني أمية رسميا سنة132 للهجرة.
وبدء قيام دولة العباسيين
وهذه الفترة كانت تمثل للإمام الصادق :ع:
فترة إنتقال وتغيير في شكل الحكم وجغرافيته وسياسته نسبيا
ففيها نشر علومه ومعارفه وثقافة الأسلام الحقة وذاع صيته في العالم أجمع آنذاك وكثر طلابه .
مع أنه :عليه السلام:
كان يُمارس دوره العلمي والفقهي أينما حل وإرتحل دون خوف من أحد
ولكن التغييرات التي طرأت على نظام الحكم في وقته سمحتْ له من توسيع نطاق نشاطه المعرفي بصورة أكبر.
والحدث الأخير والخطير
الذي عاصره الإمام جعفر الصادق:ع:
هو ثورة محمد بن عبد الله بن الحسن: ذو النفس الزكية: سنة 145:للهجرة
ضد المنصور العباسي العدو والشديد
على أهل البيت :عليهم السلام: وشيعتهم.
ومحمد هذا ثار في المدينة وقُتِلَ فيها وثار أخوه أيضا في البصرة وقُتِلَ أيضا قرب الكوفة.
وبعد هذا الحدث الخطير إزداد الإرهاب ضد الإمام الصادق:ع: وأتباعه وشيعته .
إلاّّ إنَّ الإمام الصادق:ع: وبحسب نقولات التأريخ لم يستسلم لظلم بني العباس وطاغيتهم المنصور
بل على العكس راح يُربي العلماء والشيعة خاصة على مقاطعة الحكام الظلمة ومقاومتهم
عن طريق نشر الوعي العقدي والسياسي والشرعي والتفقه في الدين
وكان:عليه السلام: يوجه خطاباته علنا برفض الظلم والتعامل معه بقبول قلبي أو عملي:
ومن أبرز ما قاله في ذلك هو:
: العامل بالظلم والمُعين له والراضي به شركاء ثلاثتهم :
: الكافي: الكليني: ج2:ص333.
: من عذر ظالما بظلمه سلط الله عليه من يظلمه
فإن دعا لم يستجب له ولم يأجره الله على ظلامته :
الكافي:الكليني:ج2:ص334.
فوصل الحال بالمنصور العباسي الى أن يجلب
الإمام الصادق:ع:
من المدينة الى العراق عدة مرات لوضعه تحت المراقبة ومحاولة الحصول على شرعيَّة لحكمه الظالم.
حتى أنه كتب كتاباً إلى الإمام الصادق:ع:
يطلبُ تقرّب الإمام منه ومصاحبته
ومما جاء في كتاب المنصور العباسي:
: لِمَ لا تغشانا كما يغشانا الناس:
أي لِمَ لاتُعاشرنا كمعاشرة الناس لنا
فكتب إليه الإمام الصادق:ع
: ليس لنا ما نخافك من أجله
ولا عندك من أمر الآخرة ما نرجوك له
ولا أنتَ في نعمة فنهنئك ولا نراها نقمة فنعزيك:
فكتب إليه المنصور:
: تصحبنا لتنصحنا:
فأجابه الإمام الصادق:ع:
:من أراد الدنيا لا ينصحك ومن أراد الآخرة لايصحبك:
جامع أحاديث الشيعة:السيد البروجردي:ج14:ص430.
وهكذا عاش الإمام جعفر الصادق:ع:
مُناخات سياسية مشحونة بالتوتر والعداء ضد أهل البيت وشيعتهم
ولكنه بحكمته وقوة جهاده العلمي والمعرفي
إستطاع أن يؤدي دوره الرسالي كإمام معصوم وقدوة للناس أجمعين
بحيث تخرج على يديه جيلا من الأصحاب الأجلاّء له وعلماء وفقهاء ومتكلمين لايسع المقام ذكرهم.
وسلامٌ على الإمام جعفر الصادق في العالمين
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مرتضى علي الحلي : النجف الأشرف.