أبو حيدر11
15-09-2012, 09:59 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف
http://c.shia4up.net/uploads/13439406731.jpg (http://c.shia4up.net/)
حب أهل البيت عليهم السّلام وولايتهم فرض على المسلمين
إن أهل بيت النبيّ صلّى الله عليه وآله خرجوا من بطون أمهاتهم فسقطوا في حجر الرسول صلّى الله عليه وآله وترعرعوا بين أحضانه، فهم أبناء الرسول صلّى الله عليه وآله لحمهم من لحمه ودمهم من دمه. وهم حملة الكتاب وورثة علم النبيّ صلّى الله عليه وآله، وهم الذين ينطبق عليهم وصف التربية النبوية بمعناها الحقيقي، ولا شك أن تلك التربية كانت ترمي إلى جعلهم أئمّة للخلق، حيث أنهم الامتداد الأوحد للبيت النبوي، وقد انعكست عليهم شخصية مربيهم صلّى الله عليه وآله لا يشاركهم في هذا الامتياز أحد من الخلق، وقد نزلت الآيات المحكمات وتظاهرت الأحاديث المتواترة في بيان فضلهم وجليل قدرهم.
مَن هم أهل البيت ؟
قال تعالى: إنما يريد اللهُ لِيُذهبَ عنكم الرجسَ أهلَ البيت ويطهّرَكم تطهيراً ( الاحزاب:33 ).
أجمع المفسرون كافة على نزول هذه الآية في أهل الكساء الخمسة، وقد أورد السيوطي في « الدر المنثور » عند تفسير هذه الآية عشرين رواية من طرق مختلفة في أن المراد من أهل البيت هنا إنما هم الخمسة لا غير. وقد ذكر ابن جرير الطبري في تفسيره سبع عشرة رواية باسانيد مختلفة في قصر الآية عليهم، وحسبنا في ذلك قوله صلّى الله عليه وآله: « أُنزلت هذه الآية في خمسة، فيّ وفي علي والحسن والحسين وفاطمة ».( اخرجه ابن جرير والطبراني ).
وقد نزلت هذه الآية الشريفة في بيت أم سلمة، فيما أخرجه عنها المحدّثون قالت: إن رسول الله صلّى الله عليه وآله قال لفاطمة: « إئتيني بزوجكِ وابنَيك » فجاءت بهم، فألقى عليهم كساءاً فدكياً، ثم وضع يده عليهم ثم قال: « اللهم إن هؤلاء آل محمد، فاجعل صلواتك وبركاتك على محمد وآل محمد، إنك حميد مجيد ». قالت: فرفعتُ الكساء لأدخل معهم فجذبني من يدي وقال: « إنكِ على خير ». ( أخرجه أحمد 323:6 من مسنده ).
وكان النبيّ صلّى الله عليه وآله قد مكث ستة أشهر بعد نزول الآية كلّما خرج إلى صلاة الفجر يمر ببيت فاطمة فيقول: الصلاة يا أهل البيت.. إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً . ( المصدر السابق 259:2 ).
مما تقدم يتبين لنا نزول الآية في أصحاب الكساء الخمسة لا يشاركهم فيها أحد. وقد بدأت بكلمة « إنّما » الدالة على الحصر والقصر، وتأكدت بالمفعول المطلق « تطهيراً »، وأثبتت أن أهل البيت عليهم السّلام مبرّأون من كل إثم، ومطهرون عن كل نقص وفقاً لإرادة الله عزّوجلّ.
المباهلة
قال تعالى: فمَن حاجّك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالَوا ندعُ أبناءَنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهلْ فنجعلْ لعنةَ الله على الكاذبين ( آل عمران:61).
أخرج الرازي في تفسيره الكبير أن رسول الله صلّى الله عليه وآله خرج وعليه مُرْط (1) من شعرٍ أسود، وكان قد احتضن الحسين وأخذ بيد الحسن، وفاطمةُ تمشي خلفه، وعلي خلفها وهو يقول: « إذا دعوتُ فأمّنوا ». فقال أسقف نجران: يا معشر النصارى، إني أرى وجوهاً لو سألوا الله أن يزيل جبلاً من مكانه لأزاله بها، فلا تُباهلوا فتهلكوا ولا يبقى على وجه الأرض نصراني إلى يوم القيامة.
وقد ذكر الرازي عدة استدلالات في تعليقه على الآية منها:
المسألة الرابعة: هذه الآية دالة على أن الحسن والحسين عليهما السّلام كانا ابنَي رسول الله صلّى الله عليه وآله. وعن أن يدعو أبناءه فدعا الحسن والحسين فوجب أن يكونا ابنَيه، ومما يؤكد هذا قوله تعالى في سورة الأنعام: ومن ذريّته داوودَ وسليمان إلى قوله عزّوجلّ: وزكريّا ويحيى وعيسى . ومعلوم أن عيسى عليه السّلام إنما انتسب إلى إبراهيم عليه السّلام بالأم لا بالأب.
المسألة الخامسة: أن عليّاً عليه السّلام قد وقع من رسول الله صلّى الله عليه وآله موقع النفس، إذ إن الرجل لا يدعو نفسه، وثبت أن النبيّ صلّى الله عليه وآله قد دعا عليّاً وهذا يعني أن تلك النفس تماثل تلك النفس، وأنها أشبه ما تكون بها وإن تفرّق كلّ منهما في جسدين.
ومما سبق يظهر بجلاءٍ اختصاصُ النبيّ صلّى الله عليه وآله أهلَ البيت عليهم السّلام بمقام المباهلة حيث إنه لم يَدعُ مع الزهراء أحداً من النساء ولا مع سبطيه أحدا من الأبناء ولا مع نفسه ( علي ) أحداً من الأقرباء أو الأصحاب. وفي ذلك بيان للمنزلة الخاصة لأهل البيت عليهم السّلام عند الله عزّوجلّ ورسوله صلّى الله عليه وآله.
وجوب محبة أهل البيت عليهم السّلام
أما عن قوله عزّوجلّ: قل لا أسألكم عليه أجراً إلاّ المودةَ في القربى ( الشورى:23 ).
فقد أخرج الطبراني والحاكم وابن أبي حاتم عن ابن عباس: ( ما نصّ عليه ابن حجر في تفسير الآية 14 من الآيات التي أوردها في الفصل الأول من الباب 11 في صواعقه ). قال: لمّا نزلت هذه الآية قالوا: يا رسول الله، مَن قَرابتُك هؤلاء الذين وجبت علينا مَودّتُهم ؟ قال صلّى الله عليه وآله: « علي وفاطمة وابناهما ». وكما نرى فإنّ مودّتهم فرض على جميع الأمة. ويؤيّد ذلك ما أخرجه مسلم في صحيحه ـ كتاب الإيمان ـ بالإسناد إلى عليّ عليه السّلام أنه قال: « والذي فلق الحبة وبرأ النسمة، إنه لَعهدُ النبيّ الأميّ صلّى الله عليه وآله إليّ، أنّه لا يحبّني إلاّ مؤمن ولا يبغضني إلاّ منافق ». وكان الشافعي ينشد:
يا أهل بيت رسول الله حبُّكـمُ فرضٌ من الله في القرآن أنزلَهُ
كفاكمُ من عظيم الفضل أنكـمُ من لم يصلِّ عليكم لا صلاة لَهُ
وأخرج أحمد مرفوعاً: « من أبغض أهل البيت فهو منافق ».
آيات في فضل أهل البيت عليهم السّلام
• قوله تعالى في سورة الدهر: إن الأبرار يشربون من كأس كان مزاجها كافوراً * عيناً يشرب بها عباد الله يفجّرونها تفجيراً * يُوفون بالنَّذْر... ( الدهر:5 ـ 7 ) السورة التي نزلت في عليّ وفاطمة والحسن والحسين عليهم السّلام، أخرج ذلك عن ابن عباس الواحديُّ في كتابه البسيط، وأبو إسحاق الثعلبي في تفسيره الكبير، وابن المؤيد موفق بن أحمد في كتابه الفضائل، وغيرهم.
• أما قوله تعالى: إنّما وليُّكمُ اللهُ ورسولُه والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون ( المائدة:55 ) فقد أجمع المفسرون على نزولها في الإمام عليّ عليه السّلام إذ تصدّق بخاتمه وهو راكع. وحسبنا من ذلك ما ذكره أبو إسحاق الثعلبي في تفسيره الكبير عند بلوغه هذه الآية بالإسناد إلى أبي ذر الغفاري قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وآله بهاتين وإلا صُمّتا، ورأيته بهاتين وإلا عَمِيتا، يقول: « علي قائد البَرَرة، وقاتل الكفرة، منصورٌ مَن نصره، مخذول من خذله ». أمَا إني صليت مع رسول الله صلّى الله عليه وآله ذات يوم فسأل سائل في المسجد فلم يعطه أحد شيئاً، وكان علي راكعاً فأوما بخنصره إليه، وكان يتختّم بها فأقبل السائل حتّى أخذ الخاتم من خنصره عليه السّلام، فتضرّع النبيّ صلّى الله عليه وآله إلى الله عزّوجلّ يدعوه فقال: اللهمّ إن أخي موسى سألك قال ربّ اشرح لي صدري ويسّر لي أمري واحلُلْ عُقدة من لساني يفقهوا قولي واجعل لي وزيراً من أهلي هارون أخي اشدد به أزري وأشركه في أمري كي نسبّحك كثيراً ونذكرك كثيراً إنك كنت بنا بصيراً فأوجبتَ إليه قد أُوتيتَ سُؤلك يا موسى ( طه:25 ـ 35 ) اللهمّ وإني عبدك ونبيّك، فاشرح لي صدري ويسّر لي أمري واجعل لي وزيراً من أهلي علياً اشدد به ظهري. قال أبو ذر: فوالله ما استَتمّ رسول الله صلّى الله عليه وآله الكلم حتّى هبط عليه الأمين جبرائيل بهذه الآية: إنّما وليّكمُ الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون * ومن يَتَولَّ اللهَ ورسوله فإنّ حزب الله هم الغالبون ( المائدة:55 ـ 56 ).
• أما عن قوله تعالى: واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرّقوا ( آل عمران:103 ) فأخرج الثعلبي في تفسير هذه الآية عن الإمام جعفر الصادق عليه السّلام أنه قال: « نحن حبل الله المتين الذي قال الله فيه واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرّقوا ».
والآيات القرآنية الواردة في أهل البيت عليهم السّلام كثيرة جداً لا يمكن استيعابها، ومن أراد الاستزادة فعليه بكتاب ( شواهد التنزيل لقواعد التفضيل ) للحافظ الحاكم الحسكاني الحذّاء الحنفي النيسابوري.
أحاديث شريفة
بعدما ذكرنا بعض ما نزل في أهل البيت من الآيات المحكمات نورد فيما يلي بعض الأحاديث التي تظهر فضل أهل البيت عليهم السّلام وتحثّ على التمسك بهم، فمن ذلك ما جاء عن جابر بن عبدالله قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: يا أيها الناس، إني تركتُ فيكم ما إن أخذتم به لن تضلّوا: كتاب الله وعترتي أهل بيتي ( أخرجه الترمذي والنساني ).
• وعن حسن الكناني قال: سمعت أبا ذر يقول وهو آخذٌ بباب الكعبة: أيها الناس، من عرفني فقد عرفني ومن أنكرني فأنا أبو ذر، سمعت رسول الله صلّى الله عليه وآله يقول: « مَثلُ أهل بيتي كمثل سفينة نوح، مَن ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق » ( أخرجه الحاكم في مستدركه 343:2 ).
• وعن ابن عباس أن رسول الله صلّى الله عليه وآله قال: « النجوم أمان لأهل الأرض من الغرق، وأهل بيتي أمان لأمتي من الاختلاف » ( أخرجه الحاكم في مستدركه 194:3 ).
• وعن زياد بن مطرف قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وآله يقول: « من أحبّ أن يحيا حياتي ويموت ميتتي ويدخل الجنة التي وعدني ربّي وهي جنة الخُلد، فَلْيتولَّ علياً وذريته من بعدي، فإنهم لن يُخرجوكم من باب الهدى ولن يُدخلوكم باب الضلالة » ( أخرجه مطير والبارودي وابن جرير وابن شاهين وابن مندة ).
• وعن البراء بن عازب قال: كنّا مع رسول الله صلّى الله عليه وآله فنزلنا بغدير خمّ فنودي الصلاة جامعة، وكُسح لرسول الله صلّى الله عليه وآله تحت شجرتين فصلّى الظهر، وقال: « ألستم تعلمون أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم ؟ » قالوا: بلى. قال: فأخذ بيد علي وقال صلّى الله عليه وآله: « من كنتُ مولاه فعليّ مولاه، أللهمّ والِ من والاه وعادِ من عاداه ». قال: فلقيه عمر بعد ذلك فقال له: هنيئاً يا ابن أبي طالب، أصبحتَ وأمسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة. وهذا الحديث يُعرَف بحديث الغدير وله طرق كثيرة جداً قد جمعها الطبري في مصنّف خاص به.
• وعن ابن عباس قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: « يا عليّ، أنت سيد في الدنيا وسيد في الآخرة، حبيبك حبيبي وحبيبي حبيب الله، وعدوّك عدوّي وعدوّي عدوّ الله، والويل لمن أبغضك من بعدي » ( أخرجه الحاكم 128:3 من مستدركه ).
• وعن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: « الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة، وفاطمة سيدة نساء أهل الجنة إلاّ ما كان من مريم بنت عمران » ( أخرجه النسائي في خصائص العلوية ص 24 ).
• وعن علي عليه السّلام قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله لفاطمة: « إن الله يغضب بغضبك ويرضى لرضاك » ( أخرجه الحاكم في المستدرك 154:3 ).
• وعن سلمان قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وآله يقول: « الحسن والحسين ابناي، مَن أحبّهما أحبّني ومن أحبني أحبّه الله ومن أحبّه الله أدخله الجنّة، ومن أبغضهما أبغضني ومن أبغضني أبغضه الله ومن أبغضه الله دخل النار ». ( أخرجه الحاكم في المستدرك 166:3 ).
• وعن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: « والذي نفسي بيده، لا يبغض أحدٌ أهل البيت إلاّ أدخله الله النار ». ( أخرجه الحاكم في المستدرك 150:3 ).
والآيات والأحاديث في مناقب أهل البيت عليهم السّلام وفضائلهم لا تحصى، وفيما ذكرناه الكفاية لمن أراد الهداية، واردنا بذلك أن نثبت وجوب محبة أهل البيت عليهم السّلام وتعظيمهم، بل وموالاتهم على الأمّة الإسلامية كافة، ولله الحمد والمنة.
ومع السلامة.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف
http://c.shia4up.net/uploads/13439406731.jpg (http://c.shia4up.net/)
حب أهل البيت عليهم السّلام وولايتهم فرض على المسلمين
إن أهل بيت النبيّ صلّى الله عليه وآله خرجوا من بطون أمهاتهم فسقطوا في حجر الرسول صلّى الله عليه وآله وترعرعوا بين أحضانه، فهم أبناء الرسول صلّى الله عليه وآله لحمهم من لحمه ودمهم من دمه. وهم حملة الكتاب وورثة علم النبيّ صلّى الله عليه وآله، وهم الذين ينطبق عليهم وصف التربية النبوية بمعناها الحقيقي، ولا شك أن تلك التربية كانت ترمي إلى جعلهم أئمّة للخلق، حيث أنهم الامتداد الأوحد للبيت النبوي، وقد انعكست عليهم شخصية مربيهم صلّى الله عليه وآله لا يشاركهم في هذا الامتياز أحد من الخلق، وقد نزلت الآيات المحكمات وتظاهرت الأحاديث المتواترة في بيان فضلهم وجليل قدرهم.
مَن هم أهل البيت ؟
قال تعالى: إنما يريد اللهُ لِيُذهبَ عنكم الرجسَ أهلَ البيت ويطهّرَكم تطهيراً ( الاحزاب:33 ).
أجمع المفسرون كافة على نزول هذه الآية في أهل الكساء الخمسة، وقد أورد السيوطي في « الدر المنثور » عند تفسير هذه الآية عشرين رواية من طرق مختلفة في أن المراد من أهل البيت هنا إنما هم الخمسة لا غير. وقد ذكر ابن جرير الطبري في تفسيره سبع عشرة رواية باسانيد مختلفة في قصر الآية عليهم، وحسبنا في ذلك قوله صلّى الله عليه وآله: « أُنزلت هذه الآية في خمسة، فيّ وفي علي والحسن والحسين وفاطمة ».( اخرجه ابن جرير والطبراني ).
وقد نزلت هذه الآية الشريفة في بيت أم سلمة، فيما أخرجه عنها المحدّثون قالت: إن رسول الله صلّى الله عليه وآله قال لفاطمة: « إئتيني بزوجكِ وابنَيك » فجاءت بهم، فألقى عليهم كساءاً فدكياً، ثم وضع يده عليهم ثم قال: « اللهم إن هؤلاء آل محمد، فاجعل صلواتك وبركاتك على محمد وآل محمد، إنك حميد مجيد ». قالت: فرفعتُ الكساء لأدخل معهم فجذبني من يدي وقال: « إنكِ على خير ». ( أخرجه أحمد 323:6 من مسنده ).
وكان النبيّ صلّى الله عليه وآله قد مكث ستة أشهر بعد نزول الآية كلّما خرج إلى صلاة الفجر يمر ببيت فاطمة فيقول: الصلاة يا أهل البيت.. إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً . ( المصدر السابق 259:2 ).
مما تقدم يتبين لنا نزول الآية في أصحاب الكساء الخمسة لا يشاركهم فيها أحد. وقد بدأت بكلمة « إنّما » الدالة على الحصر والقصر، وتأكدت بالمفعول المطلق « تطهيراً »، وأثبتت أن أهل البيت عليهم السّلام مبرّأون من كل إثم، ومطهرون عن كل نقص وفقاً لإرادة الله عزّوجلّ.
المباهلة
قال تعالى: فمَن حاجّك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالَوا ندعُ أبناءَنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهلْ فنجعلْ لعنةَ الله على الكاذبين ( آل عمران:61).
أخرج الرازي في تفسيره الكبير أن رسول الله صلّى الله عليه وآله خرج وعليه مُرْط (1) من شعرٍ أسود، وكان قد احتضن الحسين وأخذ بيد الحسن، وفاطمةُ تمشي خلفه، وعلي خلفها وهو يقول: « إذا دعوتُ فأمّنوا ». فقال أسقف نجران: يا معشر النصارى، إني أرى وجوهاً لو سألوا الله أن يزيل جبلاً من مكانه لأزاله بها، فلا تُباهلوا فتهلكوا ولا يبقى على وجه الأرض نصراني إلى يوم القيامة.
وقد ذكر الرازي عدة استدلالات في تعليقه على الآية منها:
المسألة الرابعة: هذه الآية دالة على أن الحسن والحسين عليهما السّلام كانا ابنَي رسول الله صلّى الله عليه وآله. وعن أن يدعو أبناءه فدعا الحسن والحسين فوجب أن يكونا ابنَيه، ومما يؤكد هذا قوله تعالى في سورة الأنعام: ومن ذريّته داوودَ وسليمان إلى قوله عزّوجلّ: وزكريّا ويحيى وعيسى . ومعلوم أن عيسى عليه السّلام إنما انتسب إلى إبراهيم عليه السّلام بالأم لا بالأب.
المسألة الخامسة: أن عليّاً عليه السّلام قد وقع من رسول الله صلّى الله عليه وآله موقع النفس، إذ إن الرجل لا يدعو نفسه، وثبت أن النبيّ صلّى الله عليه وآله قد دعا عليّاً وهذا يعني أن تلك النفس تماثل تلك النفس، وأنها أشبه ما تكون بها وإن تفرّق كلّ منهما في جسدين.
ومما سبق يظهر بجلاءٍ اختصاصُ النبيّ صلّى الله عليه وآله أهلَ البيت عليهم السّلام بمقام المباهلة حيث إنه لم يَدعُ مع الزهراء أحداً من النساء ولا مع سبطيه أحدا من الأبناء ولا مع نفسه ( علي ) أحداً من الأقرباء أو الأصحاب. وفي ذلك بيان للمنزلة الخاصة لأهل البيت عليهم السّلام عند الله عزّوجلّ ورسوله صلّى الله عليه وآله.
وجوب محبة أهل البيت عليهم السّلام
أما عن قوله عزّوجلّ: قل لا أسألكم عليه أجراً إلاّ المودةَ في القربى ( الشورى:23 ).
فقد أخرج الطبراني والحاكم وابن أبي حاتم عن ابن عباس: ( ما نصّ عليه ابن حجر في تفسير الآية 14 من الآيات التي أوردها في الفصل الأول من الباب 11 في صواعقه ). قال: لمّا نزلت هذه الآية قالوا: يا رسول الله، مَن قَرابتُك هؤلاء الذين وجبت علينا مَودّتُهم ؟ قال صلّى الله عليه وآله: « علي وفاطمة وابناهما ». وكما نرى فإنّ مودّتهم فرض على جميع الأمة. ويؤيّد ذلك ما أخرجه مسلم في صحيحه ـ كتاب الإيمان ـ بالإسناد إلى عليّ عليه السّلام أنه قال: « والذي فلق الحبة وبرأ النسمة، إنه لَعهدُ النبيّ الأميّ صلّى الله عليه وآله إليّ، أنّه لا يحبّني إلاّ مؤمن ولا يبغضني إلاّ منافق ». وكان الشافعي ينشد:
يا أهل بيت رسول الله حبُّكـمُ فرضٌ من الله في القرآن أنزلَهُ
كفاكمُ من عظيم الفضل أنكـمُ من لم يصلِّ عليكم لا صلاة لَهُ
وأخرج أحمد مرفوعاً: « من أبغض أهل البيت فهو منافق ».
آيات في فضل أهل البيت عليهم السّلام
• قوله تعالى في سورة الدهر: إن الأبرار يشربون من كأس كان مزاجها كافوراً * عيناً يشرب بها عباد الله يفجّرونها تفجيراً * يُوفون بالنَّذْر... ( الدهر:5 ـ 7 ) السورة التي نزلت في عليّ وفاطمة والحسن والحسين عليهم السّلام، أخرج ذلك عن ابن عباس الواحديُّ في كتابه البسيط، وأبو إسحاق الثعلبي في تفسيره الكبير، وابن المؤيد موفق بن أحمد في كتابه الفضائل، وغيرهم.
• أما قوله تعالى: إنّما وليُّكمُ اللهُ ورسولُه والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون ( المائدة:55 ) فقد أجمع المفسرون على نزولها في الإمام عليّ عليه السّلام إذ تصدّق بخاتمه وهو راكع. وحسبنا من ذلك ما ذكره أبو إسحاق الثعلبي في تفسيره الكبير عند بلوغه هذه الآية بالإسناد إلى أبي ذر الغفاري قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وآله بهاتين وإلا صُمّتا، ورأيته بهاتين وإلا عَمِيتا، يقول: « علي قائد البَرَرة، وقاتل الكفرة، منصورٌ مَن نصره، مخذول من خذله ». أمَا إني صليت مع رسول الله صلّى الله عليه وآله ذات يوم فسأل سائل في المسجد فلم يعطه أحد شيئاً، وكان علي راكعاً فأوما بخنصره إليه، وكان يتختّم بها فأقبل السائل حتّى أخذ الخاتم من خنصره عليه السّلام، فتضرّع النبيّ صلّى الله عليه وآله إلى الله عزّوجلّ يدعوه فقال: اللهمّ إن أخي موسى سألك قال ربّ اشرح لي صدري ويسّر لي أمري واحلُلْ عُقدة من لساني يفقهوا قولي واجعل لي وزيراً من أهلي هارون أخي اشدد به أزري وأشركه في أمري كي نسبّحك كثيراً ونذكرك كثيراً إنك كنت بنا بصيراً فأوجبتَ إليه قد أُوتيتَ سُؤلك يا موسى ( طه:25 ـ 35 ) اللهمّ وإني عبدك ونبيّك، فاشرح لي صدري ويسّر لي أمري واجعل لي وزيراً من أهلي علياً اشدد به ظهري. قال أبو ذر: فوالله ما استَتمّ رسول الله صلّى الله عليه وآله الكلم حتّى هبط عليه الأمين جبرائيل بهذه الآية: إنّما وليّكمُ الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون * ومن يَتَولَّ اللهَ ورسوله فإنّ حزب الله هم الغالبون ( المائدة:55 ـ 56 ).
• أما عن قوله تعالى: واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرّقوا ( آل عمران:103 ) فأخرج الثعلبي في تفسير هذه الآية عن الإمام جعفر الصادق عليه السّلام أنه قال: « نحن حبل الله المتين الذي قال الله فيه واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرّقوا ».
والآيات القرآنية الواردة في أهل البيت عليهم السّلام كثيرة جداً لا يمكن استيعابها، ومن أراد الاستزادة فعليه بكتاب ( شواهد التنزيل لقواعد التفضيل ) للحافظ الحاكم الحسكاني الحذّاء الحنفي النيسابوري.
أحاديث شريفة
بعدما ذكرنا بعض ما نزل في أهل البيت من الآيات المحكمات نورد فيما يلي بعض الأحاديث التي تظهر فضل أهل البيت عليهم السّلام وتحثّ على التمسك بهم، فمن ذلك ما جاء عن جابر بن عبدالله قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: يا أيها الناس، إني تركتُ فيكم ما إن أخذتم به لن تضلّوا: كتاب الله وعترتي أهل بيتي ( أخرجه الترمذي والنساني ).
• وعن حسن الكناني قال: سمعت أبا ذر يقول وهو آخذٌ بباب الكعبة: أيها الناس، من عرفني فقد عرفني ومن أنكرني فأنا أبو ذر، سمعت رسول الله صلّى الله عليه وآله يقول: « مَثلُ أهل بيتي كمثل سفينة نوح، مَن ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق » ( أخرجه الحاكم في مستدركه 343:2 ).
• وعن ابن عباس أن رسول الله صلّى الله عليه وآله قال: « النجوم أمان لأهل الأرض من الغرق، وأهل بيتي أمان لأمتي من الاختلاف » ( أخرجه الحاكم في مستدركه 194:3 ).
• وعن زياد بن مطرف قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وآله يقول: « من أحبّ أن يحيا حياتي ويموت ميتتي ويدخل الجنة التي وعدني ربّي وهي جنة الخُلد، فَلْيتولَّ علياً وذريته من بعدي، فإنهم لن يُخرجوكم من باب الهدى ولن يُدخلوكم باب الضلالة » ( أخرجه مطير والبارودي وابن جرير وابن شاهين وابن مندة ).
• وعن البراء بن عازب قال: كنّا مع رسول الله صلّى الله عليه وآله فنزلنا بغدير خمّ فنودي الصلاة جامعة، وكُسح لرسول الله صلّى الله عليه وآله تحت شجرتين فصلّى الظهر، وقال: « ألستم تعلمون أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم ؟ » قالوا: بلى. قال: فأخذ بيد علي وقال صلّى الله عليه وآله: « من كنتُ مولاه فعليّ مولاه، أللهمّ والِ من والاه وعادِ من عاداه ». قال: فلقيه عمر بعد ذلك فقال له: هنيئاً يا ابن أبي طالب، أصبحتَ وأمسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة. وهذا الحديث يُعرَف بحديث الغدير وله طرق كثيرة جداً قد جمعها الطبري في مصنّف خاص به.
• وعن ابن عباس قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: « يا عليّ، أنت سيد في الدنيا وسيد في الآخرة، حبيبك حبيبي وحبيبي حبيب الله، وعدوّك عدوّي وعدوّي عدوّ الله، والويل لمن أبغضك من بعدي » ( أخرجه الحاكم 128:3 من مستدركه ).
• وعن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: « الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة، وفاطمة سيدة نساء أهل الجنة إلاّ ما كان من مريم بنت عمران » ( أخرجه النسائي في خصائص العلوية ص 24 ).
• وعن علي عليه السّلام قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله لفاطمة: « إن الله يغضب بغضبك ويرضى لرضاك » ( أخرجه الحاكم في المستدرك 154:3 ).
• وعن سلمان قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وآله يقول: « الحسن والحسين ابناي، مَن أحبّهما أحبّني ومن أحبني أحبّه الله ومن أحبّه الله أدخله الجنّة، ومن أبغضهما أبغضني ومن أبغضني أبغضه الله ومن أبغضه الله دخل النار ». ( أخرجه الحاكم في المستدرك 166:3 ).
• وعن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: « والذي نفسي بيده، لا يبغض أحدٌ أهل البيت إلاّ أدخله الله النار ». ( أخرجه الحاكم في المستدرك 150:3 ).
والآيات والأحاديث في مناقب أهل البيت عليهم السّلام وفضائلهم لا تحصى، وفيما ذكرناه الكفاية لمن أراد الهداية، واردنا بذلك أن نثبت وجوب محبة أهل البيت عليهم السّلام وتعظيمهم، بل وموالاتهم على الأمّة الإسلامية كافة، ولله الحمد والمنة.
ومع السلامة.