سراج الربيعي
18-09-2012, 11:02 PM
أأنسى حسيناً بالطفوفِ بأهلِهِ
ديارُ حبيبي في العراقِ طلولُ = وينْدِبنَ رَكْباً ما إليهِ وصولُ
وما عُشتُ مِن بعدِ الصَّريمِ بفرحةٍ = وللقلبِ خطبٌ في الزمانِ جليلُ
كأنّي وليلي والطلولَ وناقتي = رفاقٌ ومِن بلوى الزمان ذُهولُ
إذا بزغَتْ شمسُ النهارِ بكيتها = وإن لامني في ما اكتويتُ عذولُ
ويأسى عليكِ الليلُ إذْ لكِ غرّةٌ = كما النجمُ في عين ِالدليلِ دليلُ
تُسايرها الأقمارُ في كلٍّ جانبٍ = وللشامتين الحاسدينَ مُحولُ
وقدْ سكنتْ روحي الديارَ مع الأسى = غداةَ سرتْ بالنائحاتِ خيولُ
فأُجري بها دمعي وأبكي ربوعَها = لعلَّ إلى قلبِ الربابِ وصولُ
ففي كلِّ حينٍ للخليلِ مدامعٌ = عساها لمفجوعِ الفؤادِ حلولُ
أرِقْتُ ولمْ أهجعْ إلى النومِ لحظة ً = ولمْ يُسْلِ مثكولَ الفؤادِ هديلُ
وما نلتُ من بَعْدِ المصيبةِ سلوةً = فدمعي على سربِ الظباءِ سيولُ
وكم كنتُ أبكي والنجومُ شواهدٌ = كواكبُها حولَ الطلولِ شُكولُ
إذا أنت َ شاهدتَ الحبيبَ ببقعةٍ = تنوحُ وعن هجرِ الحبيبِ تقولُ
رمانا الذي يرمي الجميعَ بسهمهِ = ويُردي نفوساً للثرى ويصولُ
فهل تكتفي بالصبرِ بنتٌ يتيمةٌ = وكلُّ مكانٍ بالوجودِ ثكولُ
رمى الدهرُ بالسُّمرِ اللدانِ أعِزَّةً = كماةً وأمّا نهجُهُم فسبيلُ
يهونُ علينا أنْ تُحزَّ رقابَنا = وتُسْلَبُ أعراضُ لنا وحمولُ
إذا كانَ حزُّ الرأسِ أبخسَ سلعةٍ = فكلُّ نفيسٍ للحسينِ بديلُ
ومازالَ منهاجاً من الحقِّ صادقاً = على نهجهِ نبني الدُّنا ونَصولُ
وما زُلفةٌ إلاّ وللسبط مثلها = تحيّرَ فيها في السّماءِ خليلُ
وكمْ هدّتْ الأيامُ عرشاً وحاكماً = ومالتْ بهم حيثُ الأمورُ تميلُ
وبايعهُ يومَ الطفوفِ بواسلٌ = لهُمْ في قلوبِ الصادقين مقيلُ
ونَعْلَمُ أنّا في الحياةِ جحافلٌ = وأنتمْ كماةٌ في الجهاد ِ شبولُ
وللناسِ في كلِّ العصور ِ أئمّةٌ = أما عَلِموا أنّ الحسينَ كفيلُُ ؟
همامٌ إذا ما كرَّ يومَ كريهةٍ = تحيّرَ فيها الجيشُ كيفَ يؤولُ
فحزّ رقابَ القومِ حزاً إلى اللظى = لها زفرةٌ مِن جُرمِهِمْ وذُحولُ
تراهُ كأنّ البرقَ مرَّ بسيفهِ = فليسَ لطعّانٍ إليهِ نزولُ
يهدَّ حصونَ البغيِّ يومَ نزالِهِ = وفي الحربِ جولاتٌ لهُ وفصولُ
فأورَدَهمْ نارَ الجحيم ِ ببأسِهِ = وما علموا أنّ البلاءَ ثقيلُ
إمامٌ لوى زندَ الردى وقد ارتقى = جناناً وأمّا كربلا فدليلُ
نطوفُ كما طافَ الحجيجُ بمكّةٍ = غداةَ ثوى للأنبياءِ سليلُ
وتنعاكَ مِن عرشِ الإلهِ ملائكٌ = وتأتي إلى أرضِ الطفوفِ مثيلُ
تناوبَ ناعيكَ البكاءَ بكربلا = وفي الطفِ مِن بعد الحسينِ عويلُ
ضياغمُ فوقَ الأرضِ قابلها الردى = تسابقَ فيها فتيةٌ وكهولُ
تمُرُّ سِراعاً في الوداعِ كأنّها = نجومٌ لها قبلَ الحسينِ أُفولُ
فقمْ ياعمادَ الدينِ حدِّثْ عن السّما = فأنتَ بليغٌ بالكلامِ قؤولُ
أخذتَ مِن المولى بياناً وحكمةً = بما لمْ يُحدِّثْ شاهدٌ ورسولُ
فقولُكَ لمْ يُنكرهُ في الكونِ عاقلٌ = لهُ بين آفاقِ السماءِ أصولُ
تجودُ بأنجادٍ وتُفدي بغيرها = وأنت بآياتِ الطفوفِ قتيلُ
وجودُكَ يوم الطفِّ بالنفس ِ واهباً = هو النصرُ لمْ يغلبك فيه منيلُ
مضيتَ بأرواح الرجال ِ إلى العُلا = وليس لها في العالمين قبيلُ
شبولٌ كأنّ الموتَ ظبيٌّ أمامهم = فأضحى كأنّ الشبلَ منهُ أكولُ
أسودٌ لهم في الظالمينَ وقائعٌ = وصَعْقٌ بهامِ الغادرينَ وبيلُ
ليوثٌ بأبوابِ العفافِ وقوفهم = كرامٌ وبذلُ المخلصينَ جزيلُ
وما كانَ نصرُ السّبطِ إلاّ لأنّهُ = إمامٌ وأنّ الطاهرينَ قليلُ
فأصبحَ مثلَ الرُّسلِ في الناسِ قائماً = ولكنْ كما قالَ الرسولُ أقولُ
وأنكرهُ مَن كان يبغضُ أهلهُ = لئيمٌ حقودٌ بالحياةِ رذيلُ
فلا ترجُوَن ْ مِن خائنٍ في محبّةٍ = وهان عليه الودُّ وهو بخيل
فإنّ السيوفَ الصاقلات إذا خلتْ = مِن الحزِّ والتقطيع فهي ذيولُ
فأصبحَ مثلَ العيسِ في البرِّ تائهاً = وفي قلبها نحو السّرابِ فُضولُ
وهلْ يهتدي بالنجمِ أعمى بصيرةٍ = وأعوزهُ عندَ المسيرِ دليلُ
وخيرُ عقولُ المدركين هي التي = متى صالَ سيفُ الطاهرين تصولُ
فما هزّني إلا مصائبُ عترةٍ = إذا نزلتْ فوق الجبالَ تزولُ
تفرّقَ عنهمْ في الجهادِ مُعاهداً = وسُلّتْ عليهم في الحروبِ نصولُ
إذا ماتجلى الصبحُ في الطفِّ باكياً = أتتْ كلُّ قلبٍ أنّةٌ وعويلُ
وأنّ الفتى يوم الطفوفِ سبيلُهُ = يجودُ وعن سبط النبيِّ بديلُ
أبتْ عَينُه ُ أن يُدركُ النومُ جَفنها = وفي الطفِّ محزوزُ الوريدِ قتيلُ
على أنها سحّتْ ولمْ تتركُ البُكا = لعبرتها نهرُ الفراتِ يسيلُ
ألا إنّ عيناً لاتسُحُّ دموعها = فذلك قلبٌ بالوفاءِ بخيلُ
إذا شحّ قلبٌ بالبكاء لعلّةٍ = فكلُّ دواءٍ للبخيلِ قتولُ
هجرتُ النوادي ما بقلبي سعادة = فأمستْ عليَّ الفاجعات تلولُ
فحزني على أهلي يزولُ بوقتهِ = وحزني على آل الرسولِ طويلُ
حسينٌ بكتْ حُزْناً عليه قلوبُنا = وَسَحّ لها دمعٌ عليه سيولُ
وزلزلتْ الشمُّ الجبالُ بقتلهِ = وللحوتِ في بطن البحارِ عويلُ
أأنسى حسيناً بالطفوفِ بأهلِهِ = يقاتلُ جيشاً زاحفاً ويصولُ
أأنساهُ إذْ قلّ النصيرُ بركنهِ = فيفرحُ واشٍ أو يُسَرَّ عذولُ
يرى الحتفَ لايخشاهُ طول حياتهِ = وللسيفِ مِن وقعِ الحسينِ صليلُ
لهُ مِن وليِّ الله نفسُ صفاتهِ = فليس لصنديدٍ إليهِ وصولُ
فما كلُّ مولى في البريةِ حيدرٌ = ولا كلُّ جدٍّ في العبادِ رسولُ
وما كلُّ عمٍ في الجهادِ كجعفرٍ = وما كلُّ فردٍ في الرجالِ عقيلُ
وما كلُّ أُمٍ في النساءِ كفاطمٍ = ولا كلُّ شخصٍ في الوجودِ سليلُ
كفاهُ علواً في الكتابِ كجدّهِ = فذلك فخرٌ دائمٌ وأثيلُ
فلهفي وقد دارت عليه عصابةٌ = عصاةً وعن نهج الرسولِ تميلُ
وأكفانُهُ تُرْبُ الصعيدِ بكربلا = أمّا الدماءُ عن الفرات غسيلُ
فلهفي وقد رمقَ الخيام بطرفه = غيوراً وأمّا خطبه فجليلُ
برزنَ إليه الثاكلات تتابعاً = نوائحها حول الحسينِ تطولُ
وعاد جواد السبط يصهل عاليا = به نائحا ً عند النساء يجولُ
فلهفي لأخت السبط تلطم وجهها = وليس لها إلاّ النساءَ مُعيلُ
فخاضت جموعَ القومِ تبعثُ شجوها = فأعوزها عند البلاءِ كفيلُ
فيا لكِ ثكلى لاتنامُ جفونها = وفي كلِّ ذكرٍ ماخلاهُ ذهولُ
فنادتهُ مِن بين الجموعِ وأنشدتْ = ومِن بعدها للثاكلاتِ عويلُ
فلو كان في أرض الطفوفِ محمدٌ = فما ابتهجتْ في الطفِ فيه نغولُ
ولا برزت نحو الحسين كتائبٌ = ولا قُرعتْ بوقٌ لها وطبولُ
ولا ظلّ ظمآنُ الفؤادِ على الثرى = سليبَ الرِّدى تعدو عليه خيولُ
مضى وسياطُ الدهرِ فوق مِتونَنا = لها أثرٌ فوق المتونِ دليلُ
ففي القلبِ بعد الثاكلاتِ مآتمٌ = وللنوحِ في حبِّ الحسينِ فصولُ
فلا مأتمي يابن النبيِّ مسَكِّنٌ = ثكولاً ولا وجدي الشديدُ يزولُ
أمولاي قلبي لا يخفّ أنينُهُ = ودمعي سخينٌ بالأسى ويسيلُ
يعزُّ على المثكول ِ خطبُكَ فادحٌ = وذلك خطبٌ في السماءِ جليلُ
برزنّ إليك الحاسراتُ نوائحاً = فلم يبق َ في تلك الخيام ثكولُ
فلمّا وصلنَ الثاكلات بقربهِ = لهنّ على جسد الوليِّ نزولُ
فتلك تنادي بالثبور وهذه = تلوذُ وأخرى بالنحيب تطيلُ
فألقتْ إليه نظرةً وتصبّرتْ = وفي قلبها فقدُ الحسينِ يجولُُ
فودّعتِ الجسدَ الخضيبِ بهيبةٍ = أبتْ أن يراها تستكينُ عذولُ
إذا ما تجلى الليلُ في الأفق داجياً = كواكبهُ بعد الطفوفِ أُفولُ
دنوتُ ولا غير ُ الوليِّ مقاصدي = عساهُ لأيتام الرسولِ يؤولُ
فيا مُبْلجاً نورَ الجنان ِ بوجههِ = ومِن دونهِ نورُ الشموسِ كليلُ
ألمْ ترَ أنّ الظالمين توافدوا = فماذا عسى بعد الكفيلِ نقولُ
فإن الخيامَ النّيرات ِ إذا خَلَتْ = من الجودِ والأبطالِ فهي طلولُ
فللصبحِ في هذا المصابِ تكدّرٌ = وللبدرِ من وقع المصابِ أُفولُ
فيا آل َ خير المرسلين قصدتكم = ليومٍ به وقعُ الحسابِ ثقيلُ
أعينوا ذليلاً بالحسينِ رجوتكم = لعلمي بكم أن العطاءَ جزيل
فشعري عن التفصيل في طفِ كربلا = ضعيفٌ وقولُ الإعتذارِ بديلُ
عليك سلامُ الله يا كعبةَ الإبا = ويا كهفَ مَن عزّت عليه ِ طلولُ
فيا آيةً في جنبِ مجدٍ وعزّةٍ = سيتلو بها قلبي وليس يحولُ
فيا خيرَ نهجٍ لأعظمَ ثورةٍ = إذا حلّ في أرضٍ فليس يزولُ
فما أنا في هذا القريض ِ بمبدعٍ = فلي في المراثي والعزاء أُصولُ
عزاءٌ يَفُتُّ الصخرَ مِن أشجانهِ = وقولٌ كنعيِّ الثاكلين فصولُ
كتبتُ أُناجي سبطَ أحمدَ في الورى = وبانَ على قلبي العليل ِ نحولُ
أُجددُ ذكرى حُزنِكُمْ بوثائقٍ = لعلمي بها أنّ العزاءَ طويلُ
أمولاي عيني لاتكلّ مِن البُكا = إذا عاينتْ نهر الفراتِ يسيلُ
فيا عجبا حتى الفرات بكى دماً = فهان عليه البوحُ وهو خجولُ
فإنْ غبتُمُ يومَ الطفوف فإنّما = لكُم في قلوبُ المؤمنين َ مقيلُ
لها حيث أغدو والجنانُ بجانبي = وإنّي بجناتِ الحسينِ نزيلُ
دبي - 7 محرم الحرام 1432 هـ 13/12/2010 – سراج الربيعي أبو حسين
ديارُ حبيبي في العراقِ طلولُ = وينْدِبنَ رَكْباً ما إليهِ وصولُ
وما عُشتُ مِن بعدِ الصَّريمِ بفرحةٍ = وللقلبِ خطبٌ في الزمانِ جليلُ
كأنّي وليلي والطلولَ وناقتي = رفاقٌ ومِن بلوى الزمان ذُهولُ
إذا بزغَتْ شمسُ النهارِ بكيتها = وإن لامني في ما اكتويتُ عذولُ
ويأسى عليكِ الليلُ إذْ لكِ غرّةٌ = كما النجمُ في عين ِالدليلِ دليلُ
تُسايرها الأقمارُ في كلٍّ جانبٍ = وللشامتين الحاسدينَ مُحولُ
وقدْ سكنتْ روحي الديارَ مع الأسى = غداةَ سرتْ بالنائحاتِ خيولُ
فأُجري بها دمعي وأبكي ربوعَها = لعلَّ إلى قلبِ الربابِ وصولُ
ففي كلِّ حينٍ للخليلِ مدامعٌ = عساها لمفجوعِ الفؤادِ حلولُ
أرِقْتُ ولمْ أهجعْ إلى النومِ لحظة ً = ولمْ يُسْلِ مثكولَ الفؤادِ هديلُ
وما نلتُ من بَعْدِ المصيبةِ سلوةً = فدمعي على سربِ الظباءِ سيولُ
وكم كنتُ أبكي والنجومُ شواهدٌ = كواكبُها حولَ الطلولِ شُكولُ
إذا أنت َ شاهدتَ الحبيبَ ببقعةٍ = تنوحُ وعن هجرِ الحبيبِ تقولُ
رمانا الذي يرمي الجميعَ بسهمهِ = ويُردي نفوساً للثرى ويصولُ
فهل تكتفي بالصبرِ بنتٌ يتيمةٌ = وكلُّ مكانٍ بالوجودِ ثكولُ
رمى الدهرُ بالسُّمرِ اللدانِ أعِزَّةً = كماةً وأمّا نهجُهُم فسبيلُ
يهونُ علينا أنْ تُحزَّ رقابَنا = وتُسْلَبُ أعراضُ لنا وحمولُ
إذا كانَ حزُّ الرأسِ أبخسَ سلعةٍ = فكلُّ نفيسٍ للحسينِ بديلُ
ومازالَ منهاجاً من الحقِّ صادقاً = على نهجهِ نبني الدُّنا ونَصولُ
وما زُلفةٌ إلاّ وللسبط مثلها = تحيّرَ فيها في السّماءِ خليلُ
وكمْ هدّتْ الأيامُ عرشاً وحاكماً = ومالتْ بهم حيثُ الأمورُ تميلُ
وبايعهُ يومَ الطفوفِ بواسلٌ = لهُمْ في قلوبِ الصادقين مقيلُ
ونَعْلَمُ أنّا في الحياةِ جحافلٌ = وأنتمْ كماةٌ في الجهاد ِ شبولُ
وللناسِ في كلِّ العصور ِ أئمّةٌ = أما عَلِموا أنّ الحسينَ كفيلُُ ؟
همامٌ إذا ما كرَّ يومَ كريهةٍ = تحيّرَ فيها الجيشُ كيفَ يؤولُ
فحزّ رقابَ القومِ حزاً إلى اللظى = لها زفرةٌ مِن جُرمِهِمْ وذُحولُ
تراهُ كأنّ البرقَ مرَّ بسيفهِ = فليسَ لطعّانٍ إليهِ نزولُ
يهدَّ حصونَ البغيِّ يومَ نزالِهِ = وفي الحربِ جولاتٌ لهُ وفصولُ
فأورَدَهمْ نارَ الجحيم ِ ببأسِهِ = وما علموا أنّ البلاءَ ثقيلُ
إمامٌ لوى زندَ الردى وقد ارتقى = جناناً وأمّا كربلا فدليلُ
نطوفُ كما طافَ الحجيجُ بمكّةٍ = غداةَ ثوى للأنبياءِ سليلُ
وتنعاكَ مِن عرشِ الإلهِ ملائكٌ = وتأتي إلى أرضِ الطفوفِ مثيلُ
تناوبَ ناعيكَ البكاءَ بكربلا = وفي الطفِ مِن بعد الحسينِ عويلُ
ضياغمُ فوقَ الأرضِ قابلها الردى = تسابقَ فيها فتيةٌ وكهولُ
تمُرُّ سِراعاً في الوداعِ كأنّها = نجومٌ لها قبلَ الحسينِ أُفولُ
فقمْ ياعمادَ الدينِ حدِّثْ عن السّما = فأنتَ بليغٌ بالكلامِ قؤولُ
أخذتَ مِن المولى بياناً وحكمةً = بما لمْ يُحدِّثْ شاهدٌ ورسولُ
فقولُكَ لمْ يُنكرهُ في الكونِ عاقلٌ = لهُ بين آفاقِ السماءِ أصولُ
تجودُ بأنجادٍ وتُفدي بغيرها = وأنت بآياتِ الطفوفِ قتيلُ
وجودُكَ يوم الطفِّ بالنفس ِ واهباً = هو النصرُ لمْ يغلبك فيه منيلُ
مضيتَ بأرواح الرجال ِ إلى العُلا = وليس لها في العالمين قبيلُ
شبولٌ كأنّ الموتَ ظبيٌّ أمامهم = فأضحى كأنّ الشبلَ منهُ أكولُ
أسودٌ لهم في الظالمينَ وقائعٌ = وصَعْقٌ بهامِ الغادرينَ وبيلُ
ليوثٌ بأبوابِ العفافِ وقوفهم = كرامٌ وبذلُ المخلصينَ جزيلُ
وما كانَ نصرُ السّبطِ إلاّ لأنّهُ = إمامٌ وأنّ الطاهرينَ قليلُ
فأصبحَ مثلَ الرُّسلِ في الناسِ قائماً = ولكنْ كما قالَ الرسولُ أقولُ
وأنكرهُ مَن كان يبغضُ أهلهُ = لئيمٌ حقودٌ بالحياةِ رذيلُ
فلا ترجُوَن ْ مِن خائنٍ في محبّةٍ = وهان عليه الودُّ وهو بخيل
فإنّ السيوفَ الصاقلات إذا خلتْ = مِن الحزِّ والتقطيع فهي ذيولُ
فأصبحَ مثلَ العيسِ في البرِّ تائهاً = وفي قلبها نحو السّرابِ فُضولُ
وهلْ يهتدي بالنجمِ أعمى بصيرةٍ = وأعوزهُ عندَ المسيرِ دليلُ
وخيرُ عقولُ المدركين هي التي = متى صالَ سيفُ الطاهرين تصولُ
فما هزّني إلا مصائبُ عترةٍ = إذا نزلتْ فوق الجبالَ تزولُ
تفرّقَ عنهمْ في الجهادِ مُعاهداً = وسُلّتْ عليهم في الحروبِ نصولُ
إذا ماتجلى الصبحُ في الطفِّ باكياً = أتتْ كلُّ قلبٍ أنّةٌ وعويلُ
وأنّ الفتى يوم الطفوفِ سبيلُهُ = يجودُ وعن سبط النبيِّ بديلُ
أبتْ عَينُه ُ أن يُدركُ النومُ جَفنها = وفي الطفِّ محزوزُ الوريدِ قتيلُ
على أنها سحّتْ ولمْ تتركُ البُكا = لعبرتها نهرُ الفراتِ يسيلُ
ألا إنّ عيناً لاتسُحُّ دموعها = فذلك قلبٌ بالوفاءِ بخيلُ
إذا شحّ قلبٌ بالبكاء لعلّةٍ = فكلُّ دواءٍ للبخيلِ قتولُ
هجرتُ النوادي ما بقلبي سعادة = فأمستْ عليَّ الفاجعات تلولُ
فحزني على أهلي يزولُ بوقتهِ = وحزني على آل الرسولِ طويلُ
حسينٌ بكتْ حُزْناً عليه قلوبُنا = وَسَحّ لها دمعٌ عليه سيولُ
وزلزلتْ الشمُّ الجبالُ بقتلهِ = وللحوتِ في بطن البحارِ عويلُ
أأنسى حسيناً بالطفوفِ بأهلِهِ = يقاتلُ جيشاً زاحفاً ويصولُ
أأنساهُ إذْ قلّ النصيرُ بركنهِ = فيفرحُ واشٍ أو يُسَرَّ عذولُ
يرى الحتفَ لايخشاهُ طول حياتهِ = وللسيفِ مِن وقعِ الحسينِ صليلُ
لهُ مِن وليِّ الله نفسُ صفاتهِ = فليس لصنديدٍ إليهِ وصولُ
فما كلُّ مولى في البريةِ حيدرٌ = ولا كلُّ جدٍّ في العبادِ رسولُ
وما كلُّ عمٍ في الجهادِ كجعفرٍ = وما كلُّ فردٍ في الرجالِ عقيلُ
وما كلُّ أُمٍ في النساءِ كفاطمٍ = ولا كلُّ شخصٍ في الوجودِ سليلُ
كفاهُ علواً في الكتابِ كجدّهِ = فذلك فخرٌ دائمٌ وأثيلُ
فلهفي وقد دارت عليه عصابةٌ = عصاةً وعن نهج الرسولِ تميلُ
وأكفانُهُ تُرْبُ الصعيدِ بكربلا = أمّا الدماءُ عن الفرات غسيلُ
فلهفي وقد رمقَ الخيام بطرفه = غيوراً وأمّا خطبه فجليلُ
برزنَ إليه الثاكلات تتابعاً = نوائحها حول الحسينِ تطولُ
وعاد جواد السبط يصهل عاليا = به نائحا ً عند النساء يجولُ
فلهفي لأخت السبط تلطم وجهها = وليس لها إلاّ النساءَ مُعيلُ
فخاضت جموعَ القومِ تبعثُ شجوها = فأعوزها عند البلاءِ كفيلُ
فيا لكِ ثكلى لاتنامُ جفونها = وفي كلِّ ذكرٍ ماخلاهُ ذهولُ
فنادتهُ مِن بين الجموعِ وأنشدتْ = ومِن بعدها للثاكلاتِ عويلُ
فلو كان في أرض الطفوفِ محمدٌ = فما ابتهجتْ في الطفِ فيه نغولُ
ولا برزت نحو الحسين كتائبٌ = ولا قُرعتْ بوقٌ لها وطبولُ
ولا ظلّ ظمآنُ الفؤادِ على الثرى = سليبَ الرِّدى تعدو عليه خيولُ
مضى وسياطُ الدهرِ فوق مِتونَنا = لها أثرٌ فوق المتونِ دليلُ
ففي القلبِ بعد الثاكلاتِ مآتمٌ = وللنوحِ في حبِّ الحسينِ فصولُ
فلا مأتمي يابن النبيِّ مسَكِّنٌ = ثكولاً ولا وجدي الشديدُ يزولُ
أمولاي قلبي لا يخفّ أنينُهُ = ودمعي سخينٌ بالأسى ويسيلُ
يعزُّ على المثكول ِ خطبُكَ فادحٌ = وذلك خطبٌ في السماءِ جليلُ
برزنّ إليك الحاسراتُ نوائحاً = فلم يبق َ في تلك الخيام ثكولُ
فلمّا وصلنَ الثاكلات بقربهِ = لهنّ على جسد الوليِّ نزولُ
فتلك تنادي بالثبور وهذه = تلوذُ وأخرى بالنحيب تطيلُ
فألقتْ إليه نظرةً وتصبّرتْ = وفي قلبها فقدُ الحسينِ يجولُُ
فودّعتِ الجسدَ الخضيبِ بهيبةٍ = أبتْ أن يراها تستكينُ عذولُ
إذا ما تجلى الليلُ في الأفق داجياً = كواكبهُ بعد الطفوفِ أُفولُ
دنوتُ ولا غير ُ الوليِّ مقاصدي = عساهُ لأيتام الرسولِ يؤولُ
فيا مُبْلجاً نورَ الجنان ِ بوجههِ = ومِن دونهِ نورُ الشموسِ كليلُ
ألمْ ترَ أنّ الظالمين توافدوا = فماذا عسى بعد الكفيلِ نقولُ
فإن الخيامَ النّيرات ِ إذا خَلَتْ = من الجودِ والأبطالِ فهي طلولُ
فللصبحِ في هذا المصابِ تكدّرٌ = وللبدرِ من وقع المصابِ أُفولُ
فيا آل َ خير المرسلين قصدتكم = ليومٍ به وقعُ الحسابِ ثقيلُ
أعينوا ذليلاً بالحسينِ رجوتكم = لعلمي بكم أن العطاءَ جزيل
فشعري عن التفصيل في طفِ كربلا = ضعيفٌ وقولُ الإعتذارِ بديلُ
عليك سلامُ الله يا كعبةَ الإبا = ويا كهفَ مَن عزّت عليه ِ طلولُ
فيا آيةً في جنبِ مجدٍ وعزّةٍ = سيتلو بها قلبي وليس يحولُ
فيا خيرَ نهجٍ لأعظمَ ثورةٍ = إذا حلّ في أرضٍ فليس يزولُ
فما أنا في هذا القريض ِ بمبدعٍ = فلي في المراثي والعزاء أُصولُ
عزاءٌ يَفُتُّ الصخرَ مِن أشجانهِ = وقولٌ كنعيِّ الثاكلين فصولُ
كتبتُ أُناجي سبطَ أحمدَ في الورى = وبانَ على قلبي العليل ِ نحولُ
أُجددُ ذكرى حُزنِكُمْ بوثائقٍ = لعلمي بها أنّ العزاءَ طويلُ
أمولاي عيني لاتكلّ مِن البُكا = إذا عاينتْ نهر الفراتِ يسيلُ
فيا عجبا حتى الفرات بكى دماً = فهان عليه البوحُ وهو خجولُ
فإنْ غبتُمُ يومَ الطفوف فإنّما = لكُم في قلوبُ المؤمنين َ مقيلُ
لها حيث أغدو والجنانُ بجانبي = وإنّي بجناتِ الحسينِ نزيلُ
دبي - 7 محرم الحرام 1432 هـ 13/12/2010 – سراج الربيعي أبو حسين