المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حقوق المراة في الاسلام حق الزوجة


عبد القادر المصلاوي
26-09-2012, 12:59 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
حقوق المراة في الاسلام حق الزوجة

نتعرض إلى حقوق المرأة في الإسلام فان اللّه‏ سبحانه جعل المرأة سكناً وراحة وطمأنينة لكي يعيش الأنسان عيشة السعداء وعيشة الأمن والاستقرار ففي الحقوق لكل من الزوج والزوجة حتى لا يكون عدم الاستقرار فقد أمر اللّه‏ الزوجة بطاعة زوجها وعدم الخروج إلا بإذنه إلا في فريضة الحج الواجبة عليها فانه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق وما عدا ذلك فليس من حقها الخروج كما لا يجوز لها التصدق في ماله إلا بإذنه فإذا أعطت شيئاً من غير رضاه كانت ضامنة ووجب عليها إرجاع المال إليه كما يجب عليها أن لا تمانعه في فراشه وإلا تكون ناشزاً .
وأما ما عدا ذلك فان حقوقها أن يقوم بكسوتها والإنفاق عليها بالطعام والشراب والإسكان في دار يناسبها وإذا كانت ممن تخدم وجب عليه أن يجعل لها خادماً . وبالجملة أن الحقوق يمكن أن تقسم إلى قسمين :
1 ـ الحقوق الشرعية . 2 ـ الحقوق الأخلاقية .
فمثل الحقوق الشرعية كما أسلفنا من الالتزام بالإنفاق في الطعام والشراب والكسوة والإسكان المناسب .
وأما الحقوق الأخلاقية فكثيرة مثل القيام بالخدمة والمشاركة مع زوجته في عمل المنزل أو إتيانه بالفاكهة في مثل يوم الجمعة وتقديمها لعائلته أو قيامه بإخراج عائلته في مقامات الأندية المحافظة أو إرسالها إلى العتبات المقدسة أو خروجه مع زوجته لزيارة أقاربه أو أقاربها وإدخال السرور عليها كان ذلك من ضمن الحقوق الأخلاقية أو تقديم احسن الالبسة أو احسن الأثاث والامتعة كل ذلك من الأمور الأخلاقية .
إن طبيعة الحق ما كان قابلا للإسقاط، والحكم غير قابل للإسقاط كما أن حق الولاية غير قابل للإسقاط لأنه حق عام للأمة يحفظ كيانها، ويقسم الحق على نوعين حق عام كحق الولاية وحق خاص كحق الحيازة والشُفعة وحق الرضاع وحق الزوجة وحق الزوج، وقد تطرقنا إلى أن حق الزوج أن لا تخرج المرأة إلا بإذن زوجها والرجال قوامون على النساء بالإدارة وليس بسلب الحرية فلا يتخيل الرجل أن المرأة مسلوبة الاختيار والحرية والإرادة وعدم الحركة فلو أن المرأة ملكت مالاً و أمكنها المضي إلى الحج وجب عليها المضي إلى بيت اللّه‏ وإن خالف زوجها ذلك ما دامت مأمونة على عرضها وشرفها حيث لا طاعة للمخلوق في معصية الخالق فأعطاها الدين الإسلامي الحرية ولما جعل اللّه‏ المرأة سكنا وراحة ورحمة وأمانا فلا يصح أن تعامل المرأة بقسوة وجفاء وخشونة وازدراء وإنما المرأة ريحانة لا قهرمانة.
وقال الإمام زين العابدين عليه‏السلام : «وحق الزوجة أن تعلم أن اللّه‏ عز وجل جعلها لك سكنا وأنسا وتعلم أن ذلك نعمة من اللّه‏ تعالى عليك فتكرمها وترفق بها وإن حقك عليها أوجب فإن لها عليك أن ترحمها لأنها أسيرك وتطعمها وتكسوها فإذا جهلت عفوت عنها».
فالصلة الجنسية بين المرأة والرجل أوجب خلق علاقة وترابط وانسجام وتواد ورحمة وبذلك يتحقق السكن للنفس وهدوء العصب والراحة للجسم واستقرار للقلب وأنس للروح ويوجد الهدوء والراحة والاطمئنان لكل من الرجل والمرأة على السواء.
ويقول سبحانه : « لتسكنوا إليها »[1]. و يقول عزوجل: « و جعل بينكم مودة ورحمة »[2]. و يقول تعالى: « هن لباس لكم وأنتم لباس لهن »[3].
فكان بهذه العلاقة الجنسية حصول التوافق والاستجابة الفطرية بين النفسين فيحصل منهما السكن والامتقرار والمودة. شرعت الزوجية لأجل أن يتولد منهما البناء الأسري فتنحدر منهما البنوة ووجدت الأبوة وتولدت الأخوة والقرابة والمصاهرة وبها يوجد الترابط الأسري وينطلق منهما الاجتماع فإذا صلحت الأسرة صلحت الأمة وصلحت الدولة وسوف نشير إلى دور الإصلاح الأسري لبناء حياة الأمة والمجتمع.
إن اللّه‏ جعل المرأة السكن للرجل والاطمئنان والراحة والمتعة وهدوء النفس والستر والعفاف كما قال سبحانه: « هن لباس لكم وأنتم لباس لهن »[4]. ومقتضى اللباس لكل من الرجل والمرأة أن تكون العفة والحياء لكل منهما وأن لا ينظر كل واحد منهما إلى ما متع اللّه‏ به من زوجات حسان للآخرين ورجال كرام.
وترتسم حقوق المرأة على نهج الخطوط الآتية:
أ ـ الانفاق : الإنفاق على المرأة بما يناسب حالها وشرفها ومكانتها الاجتماعية فلا يقتر الرجل على المرأة ولا يضيق عليها ويجعلها تنظر إلى الآخرين نظرة الاستجداء والحقارة فقد ورد عن الإمام الباقر عليه‏السلام : «من كانت عنده امرأة فلم يكسها ما يواري عورتها ويطعمها ما يقيم صلبها كان حقا على الإمام أن يفرق بينهما».
و ورد عن أبي عبد اللّه‏ عليه‏السلام في قوله تعالى « ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه اللّه‏ »[5] قال : «إن أنفق عليها ما يقيم ظهرها مع كسوة وإلا فرق بينهما». و عن الإمام الصادق عليه‏السلام قال: «لما نزلت هذه الآية « يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم و أهليكم نارا »[6] جلس رجل من المسلمين يبكي وقال أنا قد عجزت من نفسي كلفت أهلي فقال رسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله «حسبك أن تأمرهم بما تأمر به نفسك وتنهاهم عما تنهى عنه نفسك».
وقد حرض الدين والشريعة الإلهية على الإنفاق كما في قوله تعالى: « لينفق ذو سعة من سعته »[7].
و قوله صلى‏الله‏عليه‏و‏آله : «أن تحسنوا إليهن» فليوسع على زوجته ما استطاع وليحسن إليها ما وجد فإن ذلك أبقى للمودة وأرعى للحرمة وأنفى لكفر النعمة وعدم جعل المرأة في حاجة وكان الإسلام يرى أن الرجل في ظرف الحكر والتضييق على المرأة الواجب مفارقتهما حتى تكون المرأة في فسحة وانطلاق في حريتها ومكانتها فلا يحبذ الكبت والاستبداد والقسوة وإنما يريد المساواة والعدالة وحفظ الحقوق بين الطرفين فلا يتعدى الرجل على المرأة ولا تتعدى المرأة على الرجل وأن تكون المرأة حصنا منيعا في ماله وعرضه وحفظ كرامته في غيبته في سفره وحضره.
و قال صلى‏الله‏عليه‏و‏آله : «خير الرجال من أمتي الذين لا يتطاولون على أهليهم ويحنون عليهم ولا يظلمونهم ثم قرأ: « الرجال قوامون على النساء بما فضل اللّه‏ بعضهم على بعض »[8].
و قال صلى‏الله‏عليه‏و‏آله : «عيال الرجل أسراؤه وأحب العباد إلى اللّه‏ عز وجل أحسنهم صنعا إلى أسرائه». و قال الكاظم عليه‏السلام : «عيال الرجل أسراؤه فمن أنعم اللّه‏ عليه نعمة فليوسع على أسرائه فإن لم يفعل أوشك أن تزول عنه تلك النعمة».
وجاءت إلى رسول اللّه‏ خولة وقالت لرسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله إني أتعطر لزوجي كأني عروس أزفّ إليه فآتيه في لحافه فيولي عني ثم آتيه من قبل وجهه فيولي عني فأراه قد أبغضني يا رسول اللّه‏ فما تأمرني قال اتقي اللّه‏ وأطيعي زوجك قالت فما حقي عليه قال حقك عليه أن يطعمك مما يأكل ويكسوك مما يلبس ولا يلطم ولا يصيح في وجهك قالت فما حقه عليّ قال حقه عليك أن لا تخرجي من بيته إلا بإذنه ولا تصومي تطوعا إلا بإذنه ولا تتصدقي من بيته إلا بإذنه وإن دعاك على ظهر قتب ـ الرحل ـ تجيبيه.
إن مسألة الحقوق ميدانها عريض وعلينا أن نؤدي حق اللّه‏ وحق البشر و ان ما تعرضنا إلى أحد مصاديقه وهو حق الزوجة على الزوج فمن جملة الحقوق، كما يلي:
ب ـ حق اللبن : حق اللبن وهو الرضاع فالمرأة عندما تعطي ولدها اللبن فقد أوجب الشارع المقدس فريضة لازمة على الزوج أن يسلم حق اللبن لها فإنها تطالبه ولا يخرج عن العهدة إلا بالوفاء فإنه من جملة الديون اللازمة كما ورد في صحيح‏ابن سنان عن أبي عبد اللّه‏ عليه‏السلام : «في رجل مات وترك امرأته ومعها منه ولد فألقته على خادمة لها فأرضعته ثم جاءت تطلب رضاع الغلام من الوصي فقال لها أجرة مثلها وليس للوصي أن يخرجه من حجرها حتى يدرك ويدفع إليه ماله»[9].
والميزان في الإرضاع الرجوع إلى العرف بأن ترضعه بنفسها أو تستعين بخادمة ونحوها ونهاية الرضاع إلى مقدار حولين كاملين لمن أراد الرضاعة كما دلت عليه الآية الكريمة وليس للمرأة أن ترضع أكثر من ذلك ويجوز الأنقص كما ورد عن الإمام الصادق عليه‏السلام في خبر سماعه : «الرضاع أحد و عشرون شهرا»[10]، و دل عليه قوله تعالى « وحمله وفصاله ثلاثون شهرا »[11].
بما أن الحمل أكثره تسعة أشهر والباقي في دور اللبن وإذا نقص عن هذه المدة كان جوراعلى الطفل لابد من اشتداد لحمه وعظمه ورعاية الحنو عليه من قبل والدته ولا يجب على الوالد دفع ما زاد على الحولين.
ويكون دور الأم أحق من غيرها في إرضاع الولد كما دل عليه قوله تعالى: « والوالدات يرضعن أولادهن »[12]. و قوله تعالى : « لا تضار والدة بولدها »[13].
و ورد عن أبي عبد اللّه‏ عليه‏السلام : «الحبلى المطلقة ينفق عليها حتى تضع حملها وهي أحق بولدها أن ترضعه بما تقبله امرأة أخرى إن اللّه‏ عز وجل يقول: « لا تضار والدة بولدها و لا مولود له بولده »[14].
وخبر البقباق قلت لأبي عبد اللّه‏ عليه‏السلام : «الرجل أحق بولده أم المرأة فقال لا بل الرجل قال فإن قالت المرأة لزوجها الذي طلقها أنا أرضع ابني بمثل ما تجد من ترضعه فهي أحق به»[15].
و إن رفضت الأم الإرضاع وكان هناك متبرعة في إرضاع الولد فللأب أن يسلمه إلى المتبرعة. ويستحب أن ترضع الأم ولدها لما ورد عن علي عليه‏السلام «ما من لبن يرضع به الصبي أعظم بركة عليه من لبن أمه»[16] و الأفضل أن تعطيه من الثديين لا من ثدي واحد كما ورد في خبر العباس بن الوليد عن أمه أم إسحاق بنت سليمان قالت نظر الصادق عليه‏السلام إليّ وأنا أرضع أحد ابني محمدا أو إسحاقا فقال يا أم إسحاق لا ترضعيه من ثدي واحد وارضعيه من كليهما يكون أحدهما طعاما والآخر شرابا»[17].
و نستكشف من عرض هذه الروايات أن المرأة لها حق على الزوج أن يقابلها الأجرة وعليه أن يبرئى ذمته منها فإنها من الحقوق التي تقابل بالمال فلابد من فراغ الذمة.
ج ـ حق الحضانة : حق الحضانة ذكر المسالك والقواعد وهي ولاية وسلطنة على تربية الطفل وما يتعلق بها من مصلحته وحفظه وجعله في سرير وكحله وتنظيفه وغسل غرفه وثيابه وذكر أن لها مطالبة الزوج بالأجرة والحضانة من الحقوق. والمراد من الحضانة من الحضن وهو ما دون الإبط إلى الكشح كما ورد عن العين وغيره ويقال حضن الطائر بيضه يحضنه إذا ضمه إلى نفسه.
و ورد في خبر أيوب بن نوح قال كتب إليه مع بشار بن بشير جعلت فداك رجل تزوج امرأة فولدت منه ثم فارقها متى يجب له أن يأخذ ولده فكتب إذا صار له سبع سنين فإن أخذه فله وإن تركه فله[18].
و تسقط حضانة الكافرة مع الأب المسلم حيث يتبع الولد إسلام ابيه « ولن يجعل اللّه‏ للكافرين على المؤمنين سبيلا »[19]. كما لا حضانة للمجنونة لأنها محتاجة إلى الحضن والتعهد فلا يسلم إليها.
كما أن الشارع أسقط الحضانة عنها إذا كان فيها مرض معد كالجذام ونحوه من سائر الأمراض المعدية وقد قال صلى‏الله‏عليه‏و‏آله : «فر من المجذوم فرارك من الأسد».
و ذكر في القواعد أن موارد الحضانة السفر فلو أن المسافر كان هو الأب فالأم أحق به وإن كانت الأم مسافرة فإن انتقلت من قربه إلى بلاد أخرى فهي أحق به وإن انتقلت من بلد إلى قربه فالأب أحق به لأن في السواد يقل تعليمه كما أن المرأة أحق بالحضانة ما لم تتزوج كما ورد أن امرأة قالت يا رسول اللّه‏ إن ابني هذا كان بطني له وعاءًوثدي له سقاءً وحجري له حواءً وإن أباه طلقني وأراد أن ينتزعه مني فقال لها النبي صلى‏الله‏عليه‏و‏آله أنت أحق به ما لم تنكحي[20].
د ـ التوارث : و مما يثبت للمرأة ـ إلا المنقطعة ما لم تشترط في العقد ـ حق التوارث عند موت زوجها فتأخذ الثمن مع الورثة والربع عند عدم الورثة والسدس مع مشاركتها مع أبناء أبنائها فأصبحت المرأة تسير في ضمان اجتماعي متواصل في دور الأبوة ودور الزوجية ودور الأبناء وتنتقل بين أحضان الرعاية والعطف والمحبة ولا تسلب حريتها ومكانتها وهي اليد المطاعة في أسرتها وأبنائها.

و قال النبي صلى‏الله‏عليه‏و‏آله : «إنما المرأة لعبة فمن اتخذها فليصنها».
و قال أمير المؤمنين عليه‏السلام لمحمد بن الحنفية : «يا بني إذا قويت فاقو على طاعة اللّه‏ وإن ضعفت فاضعف عن معصية اللّه‏ وإن استطعت أن لا تملك المرأة من أمرها ما جاوز نفسها فافعل فإنه أدوم لجمالها وأرخى لبالها وأحسن لحالها فإن المرأة ريحانه وليست بقهرمانة فدارها على كل حال وأحسن الصحبة لها فيصفو عيشك».
و ورد عن الصادق عليه‏السلام «قال اتقوا اللّه‏ في الضعيفين يعني المملوك والمرأة».
فكان الإسلام ينظر للمرأة نظر الرحمة والعطف والمودة والشفقة وإعطاء الحرية لها وعدم القسوة فإنه أدوم لجمالها وأرخى لبالها لتكسب الحرية ما لم يضر بشرفها وقداسة عرضها وما عدا ذلك فلتكن مرخاة العنان حتى تجد من نفسها الانطلاق في فضاء الحرية والسير في ركاب العدالة والمساواة لتكون آمنة مطمئنة فأصبحت المرأة مضمونة اجتماعيا وأخلاقيا ونفسيا وجسديا. وإذا ساءت أخلاقها لظروف طارئة فعليك بفحص السبب وأن تأخذها بالجميل وحسن الأخلاق واللطف وفسح الفرصة للتفكر والرجوع إلى عشها الآمن.
و قال صلى‏الله‏عليه‏و‏آله : «لا يترك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقا رضي منها آخر واللّه‏ تعالى يقول: « و عاشروهن بالمعروف »[21]».
إن المرأة بعد أن كانت السكن والأمان والراحة للزوج في نفسه وجسده واستقراره فكان من العدل أن تسير في دور التربية في بناء جيلها وأن تشاطر الرجل في جهاده الخارجي وهو طلب الكسب والسعي إلى طلب الرزق الحلال ليقيت أهله وأسرته فلم يهملها الإسلام في دورها الجهادي وأحد جهادها صبرها على بلاء الزوج وأخلاقه الشرسة إن كان يتعاطى أذيتها وسلب كرامتها وما نلاحظه في عرض المرأة في الإعلام والمجلات والصحف وكشف محاسنها وجمالها كل ذلك لم يكن خدمة للمرأة وإنما وضعها بضاعة رخيصة تباع وتشترى في نيل مطامع الرجال من شهواتهم في النظر إلى مفاتن أجسامهن وتحريك شعور الآخرين إليهن في إطار الجنس والشهوة ليس إلا، ولماذا لم تعرض المرأة على صعيد العلم والثقافة ودورها التربوي في بناء الأسرة وكفاحها في الوصول إلى تربية أبنائها الصالح وتهيئة الأجواء الصحيحة لخدمتها في الحصول على الراحة والاطمئنان بما تلاقيه من مشقة في بناء الأسرة وجهادها المرير في تربية أبنائها وكفاحها في تنظيم أسرتها.
كان على الإعلام أن يرعى هذا الجانب ويقدم الخدمات الوافية والأساليب المشجعة فيما تمارسه المرأة من جهاد وصبر وثبات في تكوين المجتمع الصغير وهو المجتمع الذي ينبثق منه المجتمع الكبير وعرض تدرج كفاحها ومواساتها مع الرجل، كان من المناسب أن تقدم لجان خاصة فيما تمر به المرأة في أول زواجها وفي دور تنشئة أبنائها وفي دور انتقال أبنائها إلى مرحلة التعليم وكيفية مواصلتها معهم في كل حركة ثم تنتقل معهم إلى دور الزوجية وسلوكها مع زوجية أبنائها وأصهارها، وهكذا وأخذ المعالم والآثار في هذا التدرج وما تلاقيه المرأة من صعوبة في أساليب الإنفاق والتربية والتعليم والتطبيق، وإذا لاحظنا الإسلام في منعها لبعض الجوانب مثل الشهادة في القصاص والهلال وعدم جعلها قاضية ليس ذلك لأجل نقص في كرامتها وإنما جاء الإسلام على وفق بنائها وتركيبة جسدها البيولوجي فهو عين العدل وعين الإنصاف للتوفيق بين وجودها التكويني وأفعالها الخارجية وقدراتها العقلية والعاطفية.
فإذا كانت المرأة في دور الحيض والاستحاضة والنفاس وقد أدلت بشهادة من قصاص أو هلال ربما كانت الشهادة على عدم تمام المشاهدة والتركيز في تمام القوى النفسية والعضلية وحيث إن اهتمام المرأة بالجانب العاطفي هو أيضاً عين العدل في بناء هيكلها فلا يمكنها الإدلاء المتكامل في الشهادة كما لا يمكنها الاستقامة في جميع الأدوار كمقام القضاء والتحكيم فأبعدها عن هذا المحل الذي يحتاج فيه إلى التركيز والاستقامة والصبر والثبات والبعد عن تيار الانفعال والعاطفة والدقة في التفكير والثبات والصبر.
كما إنه في دور الميراث وإن أنقصها وجعلها نصف الرجل في بعض المراحل كما لو كان للاب ورثة ذكور وإناث ولكن بعد ذلك جعل حياتها مضمونة اقتصادياً في دور الأبوة ودور الزوجية ودور الأمومة وأخذها تتنقل من رعاية إلى رعاية ومن حضانة إلى أخرى وأخذها في تمام المدارات والحنان والاحترام والتقدير وإن كان بعين ذلك جعلها مساوية في الميراث مع الرجل كما لو مات ولدها فلها حق السدس كما للرجل أيضاً حق السدس كما جعل للمرأة حقاً أكثر من الرجل فيما لو كانت بنتاً ولم يكن معها وارث فلها نصف التركة والباقي للرجل وزوجته اللذين هما أبواها، فالمرأة على هذا في دورها المالي تأخذ تمام الحق ولم يكن حيفا عليها كما ينتقده أعداء الإسلام حيث يقولون إن الإسلام قد سلب حقوق المرأة كما انتقد أعداء الإسلام تعدد الزوجية.
إن ما يطرحه أعداء الإسلام في عدم حفظ حقوق المرأة وجواز تعداد الزوجات يوجب سلب كرامتها.
ه ـ تأكيد الاسلام على حقوق المرأة : لقد تحدثنا عن حقوق المرأة والدفاع عنها من قبل الشريعة الإسلامية وأنها الريحانة لا القهرمانة وأنها المصانة على عرضها وشرفها وكرامتها وقداستها وإعطاء الحرية لها من غير تعد ولا سلب حقوق فإن الإسلام دين العدل ودين الإنصاف ودين المساواة ودين الرحمة ودين العطف ودين الشفقة ودين النظام العالمي الذي لا اعوجاج فيه ولا نقصان يعتريه وقد أكد الإمام زين العابدين عليه‏السلام على حقوقها وحفظ كرامتها وقال في رسالة الحقوق «وأما حق رعيتك بملك النكاح يعني الزوجة فأن تعلم أن اللّه‏ جعلها سكناً وأنساً وواقية وكذلك كل واحد منكما يجب أن يحمد اللّه‏ على صاحبه ويعلم أن ذلك نعمة منه عليه ويجب أن يحسن صحبة نعمة اللّه‏ ويكرمها ويرفق بها وإن كان حقك عليها أغلظ وطاعتك بها ألزم فيما أحببت وكرهت ما لم تكن معصية فإن لها حق الرحمة والمؤانسة وموضع السكون إليها قضاء اللذة التي لابد من قضائها وذلك عظيم ولا قوة إلا باللّه‏».
وتعبير الإمام عليه‏السلام بالحق وهو كما أشرنا أنه يراد به معنى الحق العام ومعنى الثبوت وهو الذي يقابل الحكم فإن الحق قابل للإسقاط والحكم غير قابل للإسقاط ومن حق الزوج أن يرى رعيته وأن يقيم العدل والمساواة وعدم الحيف وعدم الظلم وربما يدخل الإنسان النار بسبب ظلمه وسوء خلقه في أهل بيته كما يروى في تشييع رسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آلهلسعد وأنه شيعه سبعون ملكاً إلا أن النبي صلى‏الله‏عليه‏و‏آله قال : سوف يعصره القبر حيث كان سيِّي الخلق مع أهله[22].
ولو قارنا النظام الإسلامي في نظريته لحق المرأة مع سائر القوانين القديمة والحديثة لوجدنا أنه قد حفظها من جميع الطبقات الداخلية والخارجية فإن الإسلام نظر إلى المرأة بما أنها الوعاء الطيب فقدر له جميع الحقوق المالية والاعتبارية والأخلاقية، أما الحقوق المالية فقد ضمن معيشتها وجعلها في ضمان اجتماعي من قبل أسرة الأبوين ثم بعد ذلك تنتقل إلى أسرة الزوجية وبعدها تنتقل إلى أسرة الأبناء فهي مضمونة في جميع أدوارها ولم ينقصها شيءٌ من حيث الجانب المالي وأما الجانب الاعتباري فهي مأمونة ومرعية في سلوكها، قد ألزم الأب والزوج والأبناء في الحفاظ عليها فهي تسير في أمان واستقرار واطمئنان وراحة تنتقل من ضمان إلى ضمان آخر، هذا من حيث الأمر الداخلي وهو محيط الأسرة كما أنها مرعية من قبل النظام الإسلامي في الخارج فقد طوقها بسوار الأمان والرعاية وحفظ الحقوق وعدم النظر إليها بريبة وعدم الهتك لكرامتها وقداستها ومن تعدى على كرامتها أخذته محكمة العدل والإنصاف وأخذت حقوقها بكل قوة حتى لا يكون تفريطاً على مقامها وكيانها وقداستها.
وأما الجانب الأخلاقي فقد ألزم الزوج بمسايرتها وإعطائها الخلق الطيب ومساعدتها حتى في منزلها فلا يكون الزوج جباراً وسلطاناً مارداً وملكاً قاهراً وإنما ألزمه بحسن الخلق وإبداء البشاشة والابتسامة والكلمة الطيبة والمجالسة معها باللطف والحنان والرقة والإنسانية.
ولو جئنا إلى التربية الأخلاقية في دور المقاربة الجنسية وأدوارها وكيفية الإنتقاء للوعاء الطاهر، وإليك بعض النماذج الأخلاقية في دور النكاح وآدابه كما ورد في مكارم الأخلاق عن النبي صلى‏الله‏عليه‏و‏آله مخاطبا للإمام علي عليه‏السلام : «يا علي لا تجامع امرأتك في أول الشهر و وسطه و آخره فإن الجنون والجذام والخبل يسرع إليها وإلى ولدها».
«يا علي لا تجامع امرأتك بعد الظهر فإن قضي بينكما ولد في ذلك الوقت يكون أحول والشيطان يفرح بالحول في الإنسان».
«يا علي لا تتكلم عند الجماع فإنه إن قضى بينكما ولد لا يؤمن أن يكون أخرس، ولا ينظر أحد في فرج امرأته وليغض بصره عند الجماع فإن النظر إلى الفرج يورث العمى يعني في الولد».
«يا علي لا تجامع امرأتك بشهوة امرأة غيرك فإني أخشى إن قضى بينكما ولد أن يكون مخنثاً مؤنثاً مخبلاً».
«يا علي لا تجامع امرأتك إلا ومعك خرقه ومع أهلك خرقه ولا تمسحا بخرقة واحدة فتقع الشهوة على الشهوة فإن ذلك يعقب العداوة بينكما ثم يؤدي بكما إلى الفرقة والطلاق».
«يا علي لا تجامع امرأتك من قيام فإن ذلك من فعل الحمير وإن قضى بينكما ولد كان بوّالاً في الفراش كالحمير».
«يا علي لا تجامع امرأتك في ليلة الفطر فإنه إن قضي بينكما ولد لم يكن ذلك الولد إلا كثير الشر».
فمثل هذه الأمور كثيرة تريد منا أن نسير على وفق نظام في دور المجامعة وفي دور الأخلاق والسلوك ودور التربية والتوعية الصالحة ونسير على وفق قوانين وأنظمة وأن لا نتعدى حقوق الآخرين من اشعة الايمان الخاقاني تحقيق dr. Sajid Sharif Atiya سجاد الشمري .




[1] . الروم / 21
[2] . الروم / 21
[3] . البقرة / 187
[4] . البقره / 187
[5] . الطلاق / 7
[6] . التحريم / 6
[7] . الطلاق / 7
[8] . النساء / 34
[9] . الوسائل باب71 أحكام الأولاد ح1.
[10] . الوسائل باب70 أحكام الأولاد ح5-2.
[11] . الاحقاف / 15
[12] . البقره / 233
[13] . البقرة / 233
[14] . البقرة / 233
[15] . الوسائل باب81 أحكام الأولاد ح5-2-3.
[16] . الوسائل باب68 أحكام الأولاد ح3.
[17] . الوسائل باب69 أحكام الأولاد ح1-9.
[18] . الوسائل باب81 الأولاد ح7.
[19] . النساء / 141
[20] . سنن البيهقي ح8 ص4.
[21] . النساء / 19
[22] . فروع الكافي المجلد3 باب المسألة في القبر ج6 ص236.