المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : رسائل بين الصدر وصدام


ابو الحسن الكاظمي
30-09-2012, 04:29 PM
رسالتان متبادلتان بين الشهيد السعيد الإمام محمد باقر الصدر (قد) والطاغية الذليل صدام، تم تبادلهما في آذار 1980 أي قبل شهر من إعدام الشهيد حيث تلقى السيد الشهيد محمد باقر الصدر في سجنه رسالة من الطاغية المقبور صدام حسين.

نص رسالة الطاغية صدام:
لعلك تعلم ان مبادئ حزبنا منبثقة عن روح الإسلام وان شعاراتنا التي نطرحها هي شعارات ذلك الدين السمح لكن بلغة العصر . وان الذي نريد تطبيقه على واقع الحياة في وقتنا هذا هو أحكام الشريعة الغراء ولكن بلون متطور رائد يلائم هذه الحياة الصاعدة . واننا نحب علماء الإسلام وندعمهم ما داموا لا يتدخلون في ما لا يعنيهم من شؤون السياسة والدولة ولا ندري بعد ذلك لماذا حرّمتم حزبنا على الناس؟ ولماذا دعوتم الى القيام ضدنا؟ ولماذا أيدتم أعداءنا في إيران؟ وقد أنذرناكم ونصحنا لكم واعذرنا إليكم في هذه الأمور جميعاً غير إنكم أبيتم وأصررتم ورفضتم الا طريق العناد مما يجعل قيادة هذه الثورة تشعر بأنكم خصمها العنيد وعدوها اللدود وأنتم تعرفون ما موقفها ممن يناصبها العداء وحكمه في قانونها. وقد اقترحت رأفة بكم ان نعرض عليكم أمورا ان أنتم نزلتم على رأينا فيها أمنتم حكم القانون وكان لكم ما تحبون من المكانة العظيمة والجاه الكبير والمنزلة الرفيعة لدى الدولة ومسؤوليها تُقضى بها كل حاجاتكم وتُلبى كل رغباتكم، وان أبيتم كان ما قد تعلمون من حكمها نافذاً فيكم سارياً عليكم مهما كانت الأحوال وأمورنا التي نختار منها ثلاثة لا يكلفكم تنفيذها اكثر من سطور قليلة يخطها قلمكم لتنشر في الصحف الرسمية وحديث تلفزيوني جواباً على تلك الاقتراحات لتعودوا بعد ذلك مكرمين معززين من حيث أنتم أتيتم لتروا من بعدها من فنون التعظيم والتكريم ما لم تره عيونكم وما لم يخطر على بالكم. - أول تلك الأمور هو ان تعلنوا عن تأييدكم ورضاكم عن الحزب القائد وثورته المظفرة. - ثانيهما ان تعلنوا تنازلكم عن التدخل في الشؤون السياسية وتعترفوا بأن الإسلام لا ربط له بشؤون الدولة. - ثالثهما ان تعلنوا تنازلكم عن تأييد الحكومة القائمة في ايران وتظهروا تأييدكم لموقف العراق منها. وهذه الأمور كما ترون يسيرة التنفيذ، كثيرة الاثر، جمة النفع لكم من قبلنا، فلا تضيعوا هذه الفرصة التي بذلتها رحمة الثورة لكم.
نص جواب الشهيد السعيد محمد باقر الصدر (قد):
لقد كنت احسب أنكم تعقلون القول وتتعقلون، فيقل عزمكم إلزام الحجة، ويقهر غلواءكم وضوح البرهان، فقد وعظتكم بالمواعظ الشافية أرجو صلاحكم، وكاشفتكم من صادق النصح ما فيه فلاحكم، وأبنت لكم من امثلات الله ما هو حسبكم، زاجراً لكم لو كنتم تخافون المعاد، ونشرت لكم من مكنون علمي ما يبلو غلوتكم لو كنتم إلى الحقيقة ظمأ، ويشفي سقمكم لو كنتم تعلمون إنكم مرضى ضلال، ويحييكم بعد موتكم لو كنتم تشعرون إنكم صرعى غواية، حتى حصحص أمركم وصرح مكنونكم، أضل سبيلاً من الأنعام السائبة، واقسي قلوباً من الحجارة الخاوية، واشره إلى الظلم والعدوان من كواسر السباع، لا تزدادون مع المواعظ الا غياً، ومع الزواجر إلا بغياً، أشباه اليهود وأتباع الشيطان، أعداء الرحمان، قد نصبتم له الحرب الضروس، وشننتم على حرماته الغارة العناء، وتربصتم بأوليائه كل دائرة، وبسطتم إليهم أيديكم بكل مساءة، وقعدتم لهم كل مرصد، وأخذتموه على الشبهات وقتلتموهم على الظنة على سنن آبائكم الأولين، تقتفون آثارهم وتنهجون سبيلهم لا يردعكم عن كبائر الإثم رادع، ولا يزعجهم عن عظائم الجرم وازع، قد ركبتم ظهور الأهواء فتحولت بكم في المهالك، واتبعتم داعي الشهوات فأوردكم أسوأ المسالك، قد نصبتم حبائل المكر وأقمتم كمائن الغدر، لكم في كل ارض صريع وفي كل دار فجيع تخضمون مال الله فاكهين وتكرعون في دماء الأبرياء شرهين، فأنتم والله كالخشب اليابس أعيى على التقويم او كالصخر الجامس، أعيى عن التفهيم فما بعد ذلك يأساً منكم . شذاذ الآفاق، وأوباش الخلق، وسوء البرية وعبدة الطاغوت وأحفاد الفراعنة. وأذناب المستعبدين. أظننتم أنكم بالموت تخيفونني وبكر القتل تلونني، وليس الموت الا سنة الله في خلقه (كلاً على حياضه واردون ) أوليس القتل على أيدي الظالمين الا كرامة الله لعباده المخلصين، فاجمعوا أمركم وكيدوا كيدكم واسعوا سعيكم فأمركم إلى تباب وموعدكم سوء العذاب لا تنالون من أمرنا ولا تطفئون نورنا وأعجب ما في أمركم مجيئكم لي بحيلة الناصحين تنتقون القول وتزورون البيان، تعدونني خير العاجلة برضاكم وثواب الدنايا بهواكم. تريدون مني ان أبيع الحق بالباطل وان اشتري طاعة الله بطاعتكم وان أسخطه وأرضيكم وان اخسر الحياة الباقية لأربح الحطام الزائل، ضللت اذاً وما انا من المهتدين، تباً لكم ولما تريدون، أظننتم ان الإسلام عندي شيء من المتاع يشترى ويباع؟ او فيه شيء من عرض الدنيا يؤخذ ويعطى آي تعرضون لي فيه باهظ الثمن جاهلين، وتمنونني عليه زخارف خادعة من الطين، اتعدونني عليه وتوعدون وترغبونني عنه، فوالله لا أعطيكم بيدي إعطاء الذليل ولا اقر لكم اقرار العبيد، فان كان عندكم غير الموت ما تخيفونني به فامهلوا به او كان لديكم سوى القتل تكيدونني به فكيدون ولا تنتظروا لتبصروا ان لي بالجبال الشم شبيهاً من التعالي وان عندي من الرواسي شامخات ما تبلي من الرسوخ والثبات، قولوا لمن بعثكم ومن وراء اسيادهم ان دون ما يريدون من الصدر الف قتلة بالسيف او خضباً امر، وان الذي يريدونه مني نوع من المحال لا تبلغوه على اية حال، فوالله لن تلبثوا بعد قتلي الا اذلة خائفين تهول اهوالكم وتتقلب احوالكم ويسلط الله عليكم من يجرعكم مرارة الذل والهوان يسيقكم مصاب الهزيمة والخسران ويذيقكم ما لم تحتسبوه من طعم العناء ويريكم ما لم ترتجوه من البلاء لا يزال بكم على هذا الحال حتى يحول بكم شر فأل جموع مثبورة صرعى في الروابي والفوات حتى اذا انقضى عديدكم وقل حديدكم ودمدم عروشكم وترككم ايادي سبأ اشتات بين ما أكلتم بواترهم ومن هاموا على وجوههم في الأمصار فولوا الى شتى الأمصار وأورث الله المستضعفين أرضكم ودياركم وأموالكم فاذا قد أمسيتم لعنة تجدد على أفواه الناس وصفحة سوداء في أحشاء التأريخ.

ألشمري ألعراقي
03-10-2012, 12:30 PM
الله (http://www.imshiaa.com/vb)م صل وسلم على محمد (http://www.imshiaa.com/vb) وال محمد (http://www.imshiaa.com/vb)
الطيبين الطاهرين
طرح روووعة
موفق بحق الحسين ع

ألشمري ألعراقي
03-10-2012, 12:46 PM
لعنة الله على صدام الطاغية وكل طاغية

اللهم احشرنا في ركاب محمد و آل محمد
موضوع جميل جداا
سلمت ايدك يا اخي الطيب
ما ننحرم من جميل مشاركاتك
السيد الشهيد محمد باقر الصدر رض كان وما زال جبل شامخا على مر السنين
وشكرا

ابو الحسن الكاظمي
03-10-2012, 03:05 PM
الأخ الشمري العراقي
مرورك شرفني وزادني تألقا
دمت في امان الله

بريق
03-10-2012, 08:56 PM
الله على هذا الكلام الذي هز عروش الظالمين سيدي يا محمد الصدر سلام الله عليك فقد ورثت البطولة من سيدتي زينب عليه السلام الا وهي جدتك
السلام عليك حين ولدت علما يرفرف فوق عروش الطغاة وحين استشهدت وسال دمك فأخلدت من أجلك الحياة وحين تبعث حيا ويأخذ بثأرك محمد عليه اشرف الصلوات

س البغدادي
04-10-2012, 12:05 AM
روعة المنطق ..وحسن الخطابة ...وروحية الاسلام
متجسدة بمنهج الامام محمد باقر الصدر ...
حياكم الله على حسن الانتقاء ....والطرح

ابو الحسن الكاظمي
04-10-2012, 04:49 PM
الأخت بريق الغالية
كلماتك زادت الموضوع أهمية
دمت في سؤدد وسعادة

ابو الحسن الكاظمي
04-10-2012, 05:19 PM
الأخ س البغدادي
مرورك اسعدني
دمت في أمان وسعادة

فهد لازم
04-10-2012, 07:43 PM
ما شاء الله. خطاب فصيح. ورؤيا إستشرافية وعلم رفيع، هكذا هم علماء الدين وكأنه لديهم إستطلاع لما قد يحدث في المستقبل البعيد. قربهم من الله يجعل قلوبهم واعية وإيمانهم راسخ.

ابو الحسن الكاظمي
06-10-2012, 05:09 PM
الأخ فهد لازم
مرحبا بك على جداري المتواضع
دمت في أمان

س البغدادي
06-10-2012, 10:32 PM
حقيقة رسالة آية الله الشهيد السيد محمد باقر الصدر إلی صدام!

تساؤلات تميط الثام عن حقيقة هذه الرسائل..هل فعلا جرت مراسلة بين الشهيد الصدر والطاغية صدام؟!!

بحث أستدلالي
متابعة ـ علي عبد سلمان
ـــ نشرت صحيفة (السياسية) الكويتيّة في عددها رقم (12598) الصادر في 2003/12/17 م، ص:22 مقالاً تحت عنوان: (الصدر رافضاً إغراءات وتهديدات صدّام: لن تلبثوا بعدي إلّا أذلّةً وستتجرّعون الهوان)، حيث جاء أنّه تمّ العثور مؤخّراً علی رسالتين إحداهما قد وجّهها صدّام إلی السيّد الصدر (ره) قبل خمسة أيّام من استشهاده في التاسع من نيسان، والثانية عبارة عن جواب الشهيد الصدر (ره) عن رسالة صدّام.
وقد نشرت صحيفة (القبس) الكويتيّة مقالاً تعقيبيّاً علی مقال (السياسية) بتاريخ 2003/12/18 م جاء تحت عنوان (كلمة الصدر أمام سلطان جائر) بقلم (عبد المحسن يوسف جمال).

ثمّ قامت مجلّة (العصر) الكويتيّة بإعادة نشر الرسالتين في عددها الثامن والعشرين في كانون الثاني 2004 م حيث جاء أنّ تاريخ الرسالتين يرجع إلی 9/4/1980م يوم شهادة السيّد الصدر(ره):

وقد أذاعت هاتين الرسالتين قناة (العراقيّة) الفضائيّة بتاريخ 8/4/2005م في ذكری استشهاد السيّد الصدر (ره):

رسالة صدام

أمّا نصّ رسالة صدّام فقد جاء فيها: [ورد في صحيفة (السياسية) الكثير من الأخطاء، وقد قمنا بتصحيح أكثرها اعتماداً علی (سبحات روحيّة)، وأبقينا علی البعض الطفيف]:

«لعلّك تعلم أنّ مبادئ حزبنا منبثقة عن روح الإسلام، وأن شعاراتنا التي نطرحها هي شعارات ذلك الدين السمح لكن بلغه العصر، وأنّ الذي نريد تطبيقه علی واقع الحياة علی الأقلّ في وقتنا الحاضر هذا هو أحكام الشريعة الغراء ولكن بلونِ متطوّر رائد يلائم هذه الحياة الصاعدة، وأنّنا نحب علماء الإسلام وندعمهم ما داموا لا يتدخلون فيما لا يعنيهم من شؤون السياسية والدولة.

ولا ندري بعد ذلك لماذا حرّمتم حزبنا علی الناس؟ ولماذا دعوتم إلی القيام ضدّنا؟ ولماذا أيدتم أعداءنا في إيران؟ ولقد أنذرناكم ونصحنا لكم، واعذرنا إليكم في هذه الأمور جميعاً، غير أنكم أبيتم وأصررتم ورفضتم إلا طريق العناد، مما جعل قيادة الثورة تشعر بأنكم خصمها العنيد وعدوها اللدود، وأنتم تعرفون ما موقفها ممن يناصبها العداء، وحكمه في قانونها.

وقد اقترحت رأفةً بكم أن نعرض عليكم أموراً إن أنتم نزلتم علی رأينا فيها أمنتم حكم القانون، وكان لكم ما تحبون من المكانة العظيمة والجاه الكبير، والمنزلة الرفيعة لدی الدولة ومسؤوليها تقضی بها كل حاجاتكم، وتلبی كل رغباتكم.

وإن أبيتم كان ما قد تعلمون من حكمها نافذاً فيكم، سارياً عليكم مهما كانت وأمورنا التي نختار منها ثلاثة يكفكم إلّا تنفيذها أكثر من سطور قليلة يخطّها قلمكم لتنشر في الصحف الرسميّة وحديث تلفزيوني جواباً علی تلك الاقتراحات لتعود بعد ذلك مكرّمين معزّزين من حيث أتيتم لتروا من بعدها فنون التعظيم والتكريم ما لم تره عيونكم وما لم يخطر علی بالكم.

أول تلك الأمور: هو أن تعلنوا عن تأييدكم ورضاكم عن الحزب القائد وثورته المظفّرة.

وثانيها: أن تعلنوا تنازلكم عن التداخل في الشؤون السياسية، وتعترفوا بأن الإسلام لا ربط له بشؤون الدولة.

وثالثها: أن تعلنوا تنازلكم عن تأييد الحكومة القائمة في ايران، وتظهروا تأييدكم لموقف العراق منها.

وهذه الأمور كما ترون يسيرة التنفيذ، كثيرة الأثر، جمة النفع لكم من قبلنا، فلا تضيعوا هذه الفرصة التي بذلتها رحمة الثورة لكم. (سبحات روحيّة: 154_155)[رئيس مجلس قيادة الثورة صدّام حسين](ما بين [ ] من: صحيفة السياسية). [واذا رفضتم ذلك فأقل شيء يرضي ثورتنا عنكم هو مقابلة صحيفة معكم تنشر في صحفنا](ما بين [ ] من: سبحات روحيّة: 155).

رد الصدر (ره)

وجاء ردّ السيّد الصدر كما يلي:

«لقد كنت أحسب أنّكم تعقلون القول وتتعقّلون، فيفلّ حدّ عرامتكم إلزام الحجّة، ويقهر غلواءكم وضوح البرهان: فقد وعظتكم بالمواعظ الشافية أرجو صلاحكم، وكاشفكم من صادق النصح ما فيه فلاحكم، وأبنت لكم من أمثلات الله ما هو حسبكم زاجراً لكم لو كنتم تخافون المعاد.

ونثرت لكم من مكنون علمي ما يبلُّ غلّتكم لو كنتم إلی الحقيقة ظماء، ويشفي سقمكم لو كنتم تعملون أنّكم مرضی ضلال، ويحييكم بعد موتكم لو كنتم تشعرون أنّكم صرعی غواية، حتّی حصحص أمركم، وصرّح مكنونكم أنّكم أضلّ سبيلاً من الأنعام السائمة، وأقسی قلوباً من الحجارة الخاوية، وأشره إلی الظلم والعدوات من كواسر السباع، لا تزدادون مع المواعظ إلّا غيّاً، ومع الزواجر إلّا بغياً، أشباه اليهود، وأتباع الشيطان وأعداء الرحمن، قد نصبتم له الحرب الضروس، وشننتم علی حرماته الغارة الرعناء، وتربّصتم بأوليائه كلّ دائرة، وبسطتم إليهم يديكم بكلّ مساءة، وقعدتم لهم كلّ مرصد، وأخذتموهم علی الشبهات، وقتلتموهم علی الظنّة، علی سنن سبيلهم، لا يردعكم عن كبائر الإثم رادع، ولا يزعكم عن عظائم الجرم وازع، قد ركبتم ظهور الأهواء فتحوّلت بكم إلی المهالك، واتّبعتم داعي الشهوات فأوردكم أسوأ المسالك.

قد نصبتم حبائل المكر، وأقمتم كمائن الغدر. لكم في كل أرض صريع ولكم في كل دار فجيع، تخضمون مال الله فكهين، وتكرعون في دماء الأبرياء شرهين، فأنتم والله كالخشب اليابس أعيی علی التقويم، وكالصخر الجامس أنأی الأشياء عن التفهيم، فمالي بعد ذلك لا أنفض يدي يأساً منكم؟ يا شذّاذ الآفاق، وأوباش الخلق، وشرّ البرية، وعبدة الطاغوت، وأحفاد الفراعنة، وأذناب المستعبدين، أظننتم أنّكم بالموت تخيفونني؟ وبذكر القتل تلوونني؟ وليس الموت إلّا سنّة الله في خلقه كلّهم علی حياضه واردون، وليس القتل علی أيدي الظالمين إلّا كرامة الله لعباده المخلصين.

فأجمعوا أمركم، وكيدوا كيدكم، واسعوا سعيكم، فأمركم إلی تباب، وموعدكم سوء العذاب، لا تنالون من أمرنا ولا تطفئون نورنا.

وأعجب ما في أمركم مجيئكم إلّي بحلية الناصحين، تنمّقون القول، وتزوّرون البيان، تعدونني خير العاجلة برضاكم، وثواب الدنيا بهواكم، تريدون منّي أن أبيع الحقّ بالباطل، وأن أشري طاعة الله بطاعتكم، وأن أسخطه لأرضيكم، وأن أخسر الحياة الباقية لأربح الحطام الزائل.

ظللتُ إذن وما أنا من المهتدين، تبّاً لكم ولما تريدون، أظننتم أنّ الإسلام عندي شيء من المتاع يشتری ويباع؟ أو أنّه شيء من عرض الدنيا يؤخذ ويعطی؟ تعرضون لي فيه باهظ الثمن جاهلين، وتمنونني عليه زخارف خادعة من الطين؟ أتعدونني عليه وتوعدون؟ وترغبونني فيه وتنذرون؟

[فأوبوا بخيبتكم محسورين، وارجعوا علی الأعقاب مدحورين]، فوالله لا أعطيكم بيدي إعطاء الذليل ولا أقرُّ لكم إقرار العبيد.

فإن كان عندكم غير الموت ممّا تخيفون به فهلمّوا به، أو كان لديكم سوی القتل ما تنذرون به فكيدوني ولا تنظرون، لتبصروا أنّ لي بالجبال الشمّ شبيهاً من التعالي والشمم، وأنّ عندي من الرواسي الشامخات مثيلاً من الرسوخ والثبات.

قولوا لمن بعثكم ومن وراءهم من أسيادهم أنّ دون ما تريدون من الصدر ألف قتله بالسيف أوخطباً أمرّ منه، وأنّ الذي تطلبونه منه لونٌ من المحال لا تبلغونه علی أيّ حال.

ووالله لن تلبثوا بعد قتلي إلّا أذلّة خائفين، تهول أهوالكم، وتتقلّب أحوالكم. يُسلّط الله عليكم بأيديكم من يجرّعكم مرارة الذل والهوان، ويسقيكم مصاب الهزيمة والخسران، يذيقكم ما لم تحتسبوا من طعم العناء، ويريكم ما لم تتوجّسوا من البلاء، فلا يزال بكم علی هذه الحال، حتّی يؤول بكم إلی شر مآل، جموعاً مثبورة في الروابي والفلوات، وفلولاً مدحورة تطلب السلامة والنجاة، حتّی إذا انفضّ عديدُكم وفلّ حديدكم، دمدم عليكم فدمر عروشكم، وترككم أيادي سبأ، أشتاتاً بين من أكلتهم بواتره ومن هاموا علی وجوههم في الأقطار، وولّوا مذعورين إلی شتّی الأمصار، ويورث الله المستضعين أرضكم ودياركم وأموالكم، فإذا بكم قد أمسيتم لعنة تتجددّ علی أفواه الناس، وصفحة سوداء في أحشاء التاريخ»(سبحات روحيّة: 157_160).

ملاحظات علی الرسالتين

والتحقيق أنّ لدينا جملة من الملاحظات:

أولاً: جاء النصّ في صحيفة (السياسية) كما يلي: «..ومن هذه الوثائق المهمّة رسالة وجّهها صدّام إلی المرجع الشيعي العراقي محمّد باقر الصدر (ره)(قبل خمسة أيّام من استشهاده) في التاسع من نيسان.

ونحن نجد أنّ من غير الطبيعي أن يكون السيّد الصدر (ره) في قبضة صدّام منذ يوم السبت 1980/4/5 م، متعرّضاً لشتّی أنواع التعذيب، ثمّ بعد ذلك تحدث بينهما مراسلات كتبيّة، فلم يكن صدّام حسين بحاجة إلی مراسلته لأنّه في قبضته؟!!

أسلوب النصين!

ثانياً: إنّ الأسلوب الأدبي للنصّين يدلّل بنفسه علی عدم صحّة النسبة.

أمّا نصّ صدّام، فواضح.

وأمّا نصّ السيّد الصدر (ره)؛ فإنّه مخالفٌ لأسلوبه الموجود في معظم كتاباته. فإنّ أسلوب السيّد الصدر (ره)، وإنّ كان سلساً سيّالاً من السهل الممتنع، وجاحظيّاً (كما يری الدكتور شبلي الملّاط)، إلّا أنّه خالٍ من أساليب السجع وما شابه ذلك.

وبعد وضوح هذين الأمرين نقول:

حقيقة الأمر

الواقع أنّ هذين النصّين ليسا لصدّام والسيّد الصدر (ره)؛ بل هما للسيّد فاضل النوري أحد تلامذة السيّد الصدر (ره)؛ كان قد أوردهما في كتابه (الشهيد الصدر فضائله وشمائله) الذي صدر بعد أربعة أعوام علی شهادة أستاذه، وقد نشر النصّ في صحيفة (بدر)، السنة الرابعة، العدد (134)، 10/ذي القعدة/1415هـ. وليسا علی الإطلاق رسالةً تمّ العثور عليها بعد زوال حكم صدّام.

والأسلوب الذي اعتمده السيّد فاضل النوري في كتابه هذا هو سرد الوقائع بأسلوب أدبي يحكي كثيراً من الوقائع بلسان الحالو وما نقلته الصحف المذكورة هو في الحقيقة مأخوذٌ من كتابات السيّد فاضل نوري الذي دوّن مفاوضات السيّد الصدر (ره).

مع السلطة بالشكل الذي يراه القارئ. وقد تعرّضنا في كتاب (محمد باقر الصدر السيرة والمسيرة) إلی سرد أحداث المفاوضات وفقاً لما رواه الشيخ محمّد رضا النعماني، وما تحدّث عنه السيّد فاضل النوري عبارة عن مفاوضات الفترة الأخيرة التي كانت مع المبعوث المدعو (أبا علي) كما ذكرنا في الكتاب، والتي دارت رحاها حول التنازل عن موقف تأييد الإمام الخميني (ره).

والإقلاع عن فكرة إقامة حكومة إسلاميّة، ثم وصلت المحادثات إلی كفّ التعرّض له مقابل بضعة مطالب بسيطة في نظرهم من قبيل إجراء مقابلة مع صحيفة أجنبيّة أو الإشادة بتأميم النفط أو ما شابه ذلك ممّا تعرّضنا له مفصّلاً في الكتاب.

وممّا تقدّم استوحی السيّد فاضل النوري حواراً أجراه علی لسان السلطة والسيّد الصدر (ره). إلّا أنّ النصّ الذي جاء ذكره في المجلّة علی لسان صدّام قد جاء في كتاب السيّد فاضل النوري علی لسان بعض أزلامه، ويقصد (أبا علي) المتقدّم الذكر. يقول السيّد النوري:

«ويجيء النهار فيدخل عليه نفرٌ هم مبعوث رأس الضلال إليه، قد نمّقوا موقفهم بين يديه بظاهر التوقير والتواضع له، وغطّوا علی جفاوة ألسنتهم السليطة بظاهر الكلام المهذّّب، ويتحدّث متحدّثهم، بكلام كثير مجمله هذه السطور: لعلّك تعلم أنّ مبادئ حزبنا...بذلتها رحمة الثورة لكم»(الشهيد الصدر فضائله وشمائله:150).

ثمّ جاء بعض صفحتين: «ويرفع الإمام رأسه بعد صمت وسكون...لقد قال لهم: قد كنت أحسب أنّكم تعقلون القول أو تتعقّلون...وصفحة سوداء في أحشاء التاريخ».

توضيح من كاتب النصين

ولعلّ السيّد فاضل النوري احتمل أنّ صياغة الكلام بهذا الأسلوب قد يوحي للقارئ بأنّ هذا الحوار قد حدث فعلاً بحرفيّته هذه، فعمد في الطبعة الثانية للكتاب، والتي جاءت عام 1996 تحت عنوان (سبحات روحيّة في سيرة الإمام الشهيد الصدر) إلی تغيير بعض الكلمات في مقدّمة الحوار، فقال في صدد ذكره لكلام مبعوث السلطة: «وكأنّي بمتحدّثهم يتحدّث بكلام كثير، يعيد فيه ما طرحه النظام من قبل علی سمع الإمام، فرفضه رفض الباسل الهمام: لعلّك تعلم أنّ مبادئ حزبنا..بذلتها رحمة الثورة لكم». وهنا يضيف جملة لم ترد في الطبعة الأولی، وهي: «وإذا رفضتم ذلك فأقلّ شيء يرضي ثورتنا عنكم هو مقابلة صحيفة معكم تنشر في صحفنا»(سبحات روحيّة:154).

وعندما يصل إلی الجواب المسجّل علی لسان السيّد الصدر (ره)، يكتب:«ويرفع الإمام رأسه بعد صمت وسكون.... كأنّي به قد قال لهم: قد كنت أحسب أنّكم تعقلون القول أو تتعقّلون...وصفحة سوداء في أحشاء التاريخ»(سبحات روحيّة:157_160).

ومن الواضح أنّ السيّد النوري قد أورد في الطبعة الثانيّة عبارتي (وكأنّي بمتحدّثهم) و(كأنّي به قد قال لهم) ليرفع الوهم الذي قد يتوهّمه القارئ من أنّ هذا الكلام قد صدر بعينه عن السيّد الصدر (ره) ومبعوث صدّام.

ولكن يبدو أنّه قد وقع وهمان بدل وهمٍ واحد:

وهمان

أحدهما: أنّ الحوار الذي سجّله السيّد فاضل النوري قد جری فعلاً بعينه.

ثانيهما: أنّ هذا الحوار كان في رسالتين متبادلتين يوم استشهاد السيّد الصدر (ره):

وكنّا قد أرسلتُ هذا الجواب إلی مجلّة (العصر) تعقيباً علی ما نشرته، ولكنّها اعتذرت عن نشره، فبقي الوهم عالقاً حتّی اليوم.

وأخيراً فقد تمكّنتُ بتاريخ 2005/4/9 م من الاتّصال بالسيّد فاضل النوري وعرضتُ عليه المسألة، فصادق علی صحّة النتيجة التي انتهيتُ إليها، وأكّد أنّ ما ذكره علی لسان السيّد الصدر (ره) كان استيحاء منه، خاصّة وأنّه _ أي السيّد النوري_ لم يكن معه في المعتقل، وكان اعتماده _والكلام للسيّد النوري_ علی لبابة القارئ، وكان السيّد النوري قد نبّه في مقدّمة الكتاب علی هذه المسألة، حيث قال مخاطباً السيّد الصدر (ره):

«وصفحاً يا سيّدي ثمّ صفحاً إن كنتُ قد نسبتُ إليك كلاماً قاله لسانُ حالك الموحي لا لسانك الناطق، مجاراةٌ لشبيهاته الوافرات أو رسمتك إذ غبتَ عن عيني وعزّ عليّ التحقّق بحالٍ أنت أهلها وهي شأنك محاكاةً لنظائرها الكثيرات»(الشهيد الصدر..فضائله وشمائله: 39).
اخي العزيز ابو الحسن الاصفهاني .....
ما جعلني لنقل هذا الرد الذي وجدته في موقع شبكة براثا ...رغم اني قد اطلعت عليه سابقا وقرأته حرفا حرفا ..اقول ما دفعني لهذا هو للتحقق ليس الا ..وليس من باب التشكيك ...حاشا لله
ولكم التقدير والاعتزاز ......وعذرا .

س البغدادي
06-10-2012, 10:32 PM
حقيقة رسالة آية الله الشهيد السيد محمد باقر الصدر إلي صدام!

تساؤلات تميط الثام عن حقيقة هذه الرسائل..هل فعلا جرت مراسلة بين الشهيد الصدر والطاغية صدام؟!!

بحث أستدلالي
متابعة ـ علي عبد سلمان
ـــ نشرت صحيفة (السياسية) الكويتيّة في عددها رقم (12598) الصادر في 2003/12/17 م، ص:22 مقالاً تحت عنوان: (الصدر رافضاً إغراءات وتهديدات صدّام: لن تلبثوا بعدي إلّا أذلّةً وستتجرّعون الهوان)، حيث جاء أنّه تمّ العثور مؤخّراً علي رسالتين إحداهما قد وجّهها صدّام إلي السيّد الصدر (ره) قبل خمسة أيّام من استشهاده في التاسع من نيسان، والثانية عبارة عن جواب الشهيد الصدر (ره) عن رسالة صدّام.
وقد نشرت صحيفة (القبس) الكويتيّة مقالاً تعقيبيّاً علي مقال (السياسية) بتاريخ 2003/12/18 م جاء تحت عنوان (كلمة الصدر أمام سلطان جائر) بقلم (عبد المحسن يوسف جمال).

ثمّ قامت مجلّة (العصر) الكويتيّة بإعادة نشر الرسالتين في عددها الثامن والعشرين في كانون الثاني 2004 م حيث جاء أنّ تاريخ الرسالتين يرجع إلي 9/4/1980م يوم شهادة السيّد الصدر(ره):

وقد أذاعت هاتين الرسالتين قناة (العراقيّة) الفضائيّة بتاريخ 8/4/2005م في ذكري استشهاد السيّد الصدر (ره):

رسالة صدام

أمّا نصّ رسالة صدّام فقد جاء فيها: [ورد في صحيفة (السياسية) الكثير من الأخطاء، وقد قمنا بتصحيح أكثرها اعتماداً علي (سبحات روحيّة)، وأبقينا علي البعض الطفيف]:

«لعلّك تعلم أنّ مبادئ حزبنا منبثقة عن روح الإسلام، وأن شعاراتنا التي نطرحها هي شعارات ذلك الدين السمح لكن بلغه العصر، وأنّ الذي نريد تطبيقه علي واقع الحياة علي الأقلّ في وقتنا الحاضر هذا هو أحكام الشريعة الغراء ولكن بلونِ متطوّر رائد يلائم هذه الحياة الصاعدة، وأنّنا نحب علماء الإسلام وندعمهم ما داموا لا يتدخلون فيما لا يعنيهم من شؤون السياسية والدولة.

ولا ندري بعد ذلك لماذا حرّمتم حزبنا علي الناس؟ ولماذا دعوتم إلي القيام ضدّنا؟ ولماذا أيدتم أعداءنا في إيران؟ ولقد أنذرناكم ونصحنا لكم، واعذرنا إليكم في هذه الأمور جميعاً، غير أنكم أبيتم وأصررتم ورفضتم إلا طريق العناد، مما جعل قيادة الثورة تشعر بأنكم خصمها العنيد وعدوها اللدود، وأنتم تعرفون ما موقفها ممن يناصبها العداء، وحكمه في قانونها.

وقد اقترحت رأفةً بكم أن نعرض عليكم أموراً إن أنتم نزلتم علي رأينا فيها أمنتم حكم القانون، وكان لكم ما تحبون من المكانة العظيمة والجاه الكبير، والمنزلة الرفيعة لدي الدولة ومسؤوليها تقضي بها كل حاجاتكم، وتلبي كل رغباتكم.

وإن أبيتم كان ما قد تعلمون من حكمها نافذاً فيكم، سارياً عليكم مهما كانت وأمورنا التي نختار منها ثلاثة يكفكم إلّا تنفيذها أكثر من سطور قليلة يخطّها قلمكم لتنشر في الصحف الرسميّة وحديث تلفزيوني جواباً علي تلك الاقتراحات لتعود بعد ذلك مكرّمين معزّزين من حيث أتيتم لتروا من بعدها فنون التعظيم والتكريم ما لم تره عيونكم وما لم يخطر علي بالكم.

أول تلك الأمور: هو أن تعلنوا عن تأييدكم ورضاكم عن الحزب القائد وثورته المظفّرة.

وثانيها: أن تعلنوا تنازلكم عن التداخل في الشؤون السياسية، وتعترفوا بأن الإسلام لا ربط له بشؤون الدولة.

وثالثها: أن تعلنوا تنازلكم عن تأييد الحكومة القائمة في ايران، وتظهروا تأييدكم لموقف العراق منها.

وهذه الأمور كما ترون يسيرة التنفيذ، كثيرة الأثر، جمة النفع لكم من قبلنا، فلا تضيعوا هذه الفرصة التي بذلتها رحمة الثورة لكم. (سبحات روحيّة: 154_155)[رئيس مجلس قيادة الثورة صدّام حسين](ما بين [ ] من: صحيفة السياسية). [واذا رفضتم ذلك فأقل شيء يرضي ثورتنا عنكم هو مقابلة صحيفة معكم تنشر في صحفنا](ما بين [ ] من: سبحات روحيّة: 155).

رد الصدر (ره)

وجاء ردّ السيّد الصدر كما يلي:

«لقد كنت أحسب أنّكم تعقلون القول وتتعقّلون، فيفلّ حدّ عرامتكم إلزام الحجّة، ويقهر غلواءكم وضوح البرهان: فقد وعظتكم بالمواعظ الشافية أرجو صلاحكم، وكاشفكم من صادق النصح ما فيه فلاحكم، وأبنت لكم من أمثلات الله ما هو حسبكم زاجراً لكم لو كنتم تخافون المعاد.

ونثرت لكم من مكنون علمي ما يبلُّ غلّتكم لو كنتم إلي الحقيقة ظماء، ويشفي سقمكم لو كنتم تعملون أنّكم مرضي ضلال، ويحييكم بعد موتكم لو كنتم تشعرون أنّكم صرعي غواية، حتّي حصحص أمركم، وصرّح مكنونكم أنّكم أضلّ سبيلاً من الأنعام السائمة، وأقسي قلوباً من الحجارة الخاوية، وأشره إلي الظلم والعدوات من كواسر السباع، لا تزدادون مع المواعظ إلّا غيّاً، ومع الزواجر إلّا بغياً، أشباه اليهود، وأتباع الشيطان وأعداء الرحمن، قد نصبتم له الحرب الضروس، وشننتم علي حرماته الغارة الرعناء، وتربّصتم بأوليائه كلّ دائرة، وبسطتم إليهم يديكم بكلّ مساءة، وقعدتم لهم كلّ مرصد، وأخذتموهم علي الشبهات، وقتلتموهم علي الظنّة، علي سنن سبيلهم، لا يردعكم عن كبائر الإثم رادع، ولا يزعكم عن عظائم الجرم وازع، قد ركبتم ظهور الأهواء فتحوّلت بكم إلي المهالك، واتّبعتم داعي الشهوات فأوردكم أسوأ المسالك.

قد نصبتم حبائل المكر، وأقمتم كمائن الغدر. لكم في كل أرض صريع ولكم في كل دار فجيع، تخضمون مال الله فكهين، وتكرعون في دماء الأبرياء شرهين، فأنتم والله كالخشب اليابس أعيي علي التقويم، وكالصخر الجامس أنأي الأشياء عن التفهيم، فمالي بعد ذلك لا أنفض يدي يأساً منكم؟ يا شذّاذ الآفاق، وأوباش الخلق، وشرّ البرية، وعبدة الطاغوت، وأحفاد الفراعنة، وأذناب المستعبدين، أظننتم أنّكم بالموت تخيفونني؟ وبذكر القتل تلوونني؟ وليس الموت إلّا سنّة الله في خلقه كلّهم علي حياضه واردون، وليس القتل علي أيدي الظالمين إلّا كرامة الله لعباده المخلصين.

فأجمعوا أمركم، وكيدوا كيدكم، واسعوا سعيكم، فأمركم إلي تباب، وموعدكم سوء العذاب، لا تنالون من أمرنا ولا تطفئون نورنا.

وأعجب ما في أمركم مجيئكم إلّي بحلية الناصحين، تنمّقون القول، وتزوّرون البيان، تعدونني خير العاجلة برضاكم، وثواب الدنيا بهواكم، تريدون منّي أن أبيع الحقّ بالباطل، وأن أشري طاعة الله بطاعتكم، وأن أسخطه لأرضيكم، وأن أخسر الحياة الباقية لأربح الحطام الزائل.

ظللتُ إذن وما أنا من المهتدين، تبّاً لكم ولما تريدون، أظننتم أنّ الإسلام عندي شيء من المتاع يشتري ويباع؟ أو أنّه شيء من عرض الدنيا يؤخذ ويعطي؟ تعرضون لي فيه باهظ الثمن جاهلين، وتمنونني عليه زخارف خادعة من الطين؟ أتعدونني عليه وتوعدون؟ وترغبونني فيه وتنذرون؟

[فأوبوا بخيبتكم محسورين، وارجعوا علي الأعقاب مدحورين]، فوالله لا أعطيكم بيدي إعطاء الذليل ولا أقرُّ لكم إقرار العبيد.

فإن كان عندكم غير الموت ممّا تخيفون به فهلمّوا به، أو كان لديكم سوي القتل ما تنذرون به فكيدوني ولا تنظرون، لتبصروا أنّ لي بالجبال الشمّ شبيهاً من التعالي والشمم، وأنّ عندي من الرواسي الشامخات مثيلاً من الرسوخ والثبات.

قولوا لمن بعثكم ومن وراءهم من أسيادهم أنّ دون ما تريدون من الصدر ألف قتله بالسيف أوخطباً أمرّ منه، وأنّ الذي تطلبونه منه لونٌ من المحال لا تبلغونه علي أيّ حال.

ووالله لن تلبثوا بعد قتلي إلّا أذلّة خائفين، تهول أهوالكم، وتتقلّب أحوالكم. يُسلّط الله عليكم بأيديكم من يجرّعكم مرارة الذل والهوان، ويسقيكم مصاب الهزيمة والخسران، يذيقكم ما لم تحتسبوا من طعم العناء، ويريكم ما لم تتوجّسوا من البلاء، فلا يزال بكم علي هذه الحال، حتّي يؤول بكم إلي شر مآل، جموعاً مثبورة في الروابي والفلوات، وفلولاً مدحورة تطلب السلامة والنجاة، حتّي إذا انفضّ عديدُكم وفلّ حديدكم، دمدم عليكم فدمر عروشكم، وترككم أيادي سبأ، أشتاتاً بين من أكلتهم بواتره ومن هاموا علي وجوههم في الأقطار، وولّوا مذعورين إلي شتّي الأمصار، ويورث الله المستضعين أرضكم ودياركم وأموالكم، فإذا بكم قد أمسيتم لعنة تتجددّ علي أفواه الناس، وصفحة سوداء في أحشاء التاريخ»(سبحات روحيّة: 157_160).

ملاحظات علي الرسالتين

والتحقيق أنّ لدينا جملة من الملاحظات:

أولاً: جاء النصّ في صحيفة (السياسية) كما يلي: «..ومن هذه الوثائق المهمّة رسالة وجّهها صدّام إلي المرجع الشيعي العراقي محمّد باقر الصدر (ره)(قبل خمسة أيّام من استشهاده) في التاسع من نيسان.

ونحن نجد أنّ من غير الطبيعي أن يكون السيّد الصدر (ره) في قبضة صدّام منذ يوم السبت 1980/4/5 م، متعرّضاً لشتّي أنواع التعذيب، ثمّ بعد ذلك تحدث بينهما مراسلات كتبيّة، فلم يكن صدّام حسين بحاجة إلي مراسلته لأنّه في قبضته؟!!

أسلوب النصين!

ثانياً: إنّ الأسلوب الأدبي للنصّين يدلّل بنفسه علي عدم صحّة النسبة.

أمّا نصّ صدّام، فواضح.

وأمّا نصّ السيّد الصدر (ره)؛ فإنّه مخالفٌ لأسلوبه الموجود في معظم كتاباته. فإنّ أسلوب السيّد الصدر (ره)، وإنّ كان سلساً سيّالاً من السهل الممتنع، وجاحظيّاً (كما يري الدكتور شبلي الملّاط)، إلّا أنّه خالٍ من أساليب السجع وما شابه ذلك.

وبعد وضوح هذين الأمرين نقول:

حقيقة الأمر

الواقع أنّ هذين النصّين ليسا لصدّام والسيّد الصدر (ره)؛ بل هما للسيّد فاضل النوري أحد تلامذة السيّد الصدر (ره)؛ كان قد أوردهما في كتابه (الشهيد الصدر فضائله وشمائله) الذي صدر بعد أربعة أعوام علي شهادة أستاذه، وقد نشر النصّ في صحيفة (بدر)، السنة الرابعة، العدد (134)، 10/ذي القعدة/1415هـ. وليسا علي الإطلاق رسالةً تمّ العثور عليها بعد زوال حكم صدّام.

والأسلوب الذي اعتمده السيّد فاضل النوري في كتابه هذا هو سرد الوقائع بأسلوب أدبي يحكي كثيراً من الوقائع بلسان الحالو وما نقلته الصحف المذكورة هو في الحقيقة مأخوذٌ من كتابات السيّد فاضل نوري الذي دوّن مفاوضات السيّد الصدر (ره).

مع السلطة بالشكل الذي يراه القارئ. وقد تعرّضنا في كتاب (محمد باقر الصدر السيرة والمسيرة) إلي سرد أحداث المفاوضات وفقاً لما رواه الشيخ محمّد رضا النعماني، وما تحدّث عنه السيّد فاضل النوري عبارة عن مفاوضات الفترة الأخيرة التي كانت مع المبعوث المدعو (أبا علي) كما ذكرنا في الكتاب، والتي دارت رحاها حول التنازل عن موقف تأييد الإمام الخميني (ره).

والإقلاع عن فكرة إقامة حكومة إسلاميّة، ثم وصلت المحادثات إلي كفّ التعرّض له مقابل بضعة مطالب بسيطة في نظرهم من قبيل إجراء مقابلة مع صحيفة أجنبيّة أو الإشادة بتأميم النفط أو ما شابه ذلك ممّا تعرّضنا له مفصّلاً في الكتاب.

وممّا تقدّم استوحي السيّد فاضل النوري حواراً أجراه علي لسان السلطة والسيّد الصدر (ره). إلّا أنّ النصّ الذي جاء ذكره في المجلّة علي لسان صدّام قد جاء في كتاب السيّد فاضل النوري علي لسان بعض أزلامه، ويقصد (أبا علي) المتقدّم الذكر. يقول السيّد النوري:

«ويجيء النهار فيدخل عليه نفرٌ هم مبعوث رأس الضلال إليه، قد نمّقوا موقفهم بين يديه بظاهر التوقير والتواضع له، وغطّوا علي جفاوة ألسنتهم السليطة بظاهر الكلام المهذّّب، ويتحدّث متحدّثهم، بكلام كثير مجمله هذه السطور: لعلّك تعلم أنّ مبادئ حزبنا...بذلتها رحمة الثورة لكم»(الشهيد الصدر فضائله وشمائله:150).

ثمّ جاء بعض صفحتين: «ويرفع الإمام رأسه بعد صمت وسكون...لقد قال لهم: قد كنت أحسب أنّكم تعقلون القول أو تتعقّلون...وصفحة سوداء في أحشاء التاريخ».

توضيح من كاتب النصين

ولعلّ السيّد فاضل النوري احتمل أنّ صياغة الكلام بهذا الأسلوب قد يوحي للقارئ بأنّ هذا الحوار قد حدث فعلاً بحرفيّته هذه، فعمد في الطبعة الثانية للكتاب، والتي جاءت عام 1996 تحت عنوان (سبحات روحيّة في سيرة الإمام الشهيد الصدر) إلي تغيير بعض الكلمات في مقدّمة الحوار، فقال في صدد ذكره لكلام مبعوث السلطة: «وكأنّي بمتحدّثهم يتحدّث بكلام كثير، يعيد فيه ما طرحه النظام من قبل علي سمع الإمام، فرفضه رفض الباسل الهمام: لعلّك تعلم أنّ مبادئ حزبنا..بذلتها رحمة الثورة لكم». وهنا يضيف جملة لم ترد في الطبعة الأولي، وهي: «وإذا رفضتم ذلك فأقلّ شيء يرضي ثورتنا عنكم هو مقابلة صحيفة معكم تنشر في صحفنا»(سبحات روحيّة:154).

وعندما يصل إلي الجواب المسجّل علي لسان السيّد الصدر (ره)، يكتب:«ويرفع الإمام رأسه بعد صمت وسكون.... كأنّي به قد قال لهم: قد كنت أحسب أنّكم تعقلون القول أو تتعقّلون...وصفحة سوداء في أحشاء التاريخ»(سبحات روحيّة:157_160).

ومن الواضح أنّ السيّد النوري قد أورد في الطبعة الثانيّة عبارتي (وكأنّي بمتحدّثهم) و(كأنّي به قد قال لهم) ليرفع الوهم الذي قد يتوهّمه القارئ من أنّ هذا الكلام قد صدر بعينه عن السيّد الصدر (ره) ومبعوث صدّام.

ولكن يبدو أنّه قد وقع وهمان بدل وهمٍ واحد:

وهمان

أحدهما: أنّ الحوار الذي سجّله السيّد فاضل النوري قد جري فعلاً بعينه.

ثانيهما: أنّ هذا الحوار كان في رسالتين متبادلتين يوم استشهاد السيّد الصدر (ره):

وكنّا قد أرسلتُ هذا الجواب إلي مجلّة (العصر) تعقيباً علي ما نشرته، ولكنّها اعتذرت عن نشره، فبقي الوهم عالقاً حتّي اليوم.

وأخيراً فقد تمكّنتُ بتاريخ 2005/4/9 م من الاتّصال بالسيّد فاضل النوري وعرضتُ عليه المسألة، فصادق علي صحّة النتيجة التي انتهيتُ إليها، وأكّد أنّ ما ذكره علي لسان السيّد الصدر (ره) كان استيحاء منه، خاصّة وأنّه _ أي السيّد النوري_ لم يكن معه في المعتقل، وكان اعتماده _والكلام للسيّد النوري_ علي لبابة القارئ، وكان السيّد النوري قد نبّه في مقدّمة الكتاب علي هذه المسألة، حيث قال مخاطباً السيّد الصدر (ره):

«وصفحاً يا سيّدي ثمّ صفحاً إن كنتُ قد نسبتُ إليك كلاماً قاله لسانُ حالك الموحي لا لسانك الناطق، مجاراةٌ لشبيهاته الوافرات أو رسمتك إذ غبتَ عن عيني وعزّ عليّ التحقّق بحالٍ أنت أهلها وهي شأنك محاكاةً لنظائرها الكثيرات»(الشهيد الصدر..فضائله وشمائله: 39).
اخي العزيز ابو الحسن الاصفهاني .....
ما جعلني لنقل هذا الرد الذي وجدته في موقع شبكة براثا ...رغم اني قد اطلعت عليه سابقا وقرأته حرفا حرفا ..اقول ما دفعني لهذا هو للتحقق ليس الا ..وليس من باب التشكيك ...حاشا لله
ولكم التقدير والاعتزاز ......وعذرا .

مصطفى السليماوي
07-10-2012, 12:15 AM
اللهم صلي على محمد وال محمد
بس اخي ممكن تذكر مصدر هذه الرسائل لان روعه وحق الزهراء

مصحح المسار
08-10-2012, 08:16 PM
من ثم يأتي فلان وعلان ويقول أناكنت أنا سـ...؟!!!!!!!!

احمد حاتم كريم
08-10-2012, 09:06 PM
اول مرة ارى هذة الكلمات النورانية كأني قد قرأت الأن نهج البلاغة لسيدي ومولاي علي ابن ابي طالب الا لعنة الله على من قتل السيد الشهيد الصدر الاول والشهيد الصدر الثاني لعنة الله والملائكة والناس اجمعين على من اذى حرم رسول الله وعترته الطيبة الطاهرة ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم وانا لله وانا اليه راجعون

مودة علي
09-10-2012, 06:37 AM
السلام على الشهيد الصدر يوم ولد ويوم مات ويوم يبعث حيا
شكرا على هذه المعلومات القيمة

ابو الحسن الكاظمي
09-10-2012, 08:52 PM
الأخ (ت) س البغدادي المحترم(ة)
جزاك الله خيرا على هذا التوضيح ولكن يبقى الكلام في ثبوته وعدمه محل الاخذ والرد ولو فرضنا ان هذه الكلمات لم تصدر حقيقة من فم السيد الشهيد فانها يقينا قد صدرت من فم الزمان الذي اثبت ذلك شكرا مرة ثانية ودامت تأييداتك
ملاحظة: اسمي ابو الحسن الكاظمي لا الاصفهاني

ابو الحسن الكاظمي
09-10-2012, 08:53 PM
الاخ مصطفى السليماوي
شكرا لمرورك العبق
دمت في أمان

ابو الحسن الكاظمي
09-10-2012, 08:54 PM
الأخ العزيز مصحح المسار
مرحبا بك مشتاق لمرورك الوضاء

ابو الحسن الكاظمي
09-10-2012, 08:57 PM
اول مرة ارى هذة الكلمات النورانية كأني قد قرأت الأن نهج البلاغة لسيدي ومولاي علي ابن ابي طالب الا لعنة الله على من قتل السيد الشهيد الصدر الاول والشهيد الصدر الثاني لعنة الله والملائكة والناس اجمعين على من اذى حرم رسول الله وعترته الطيبة الطاهرة ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم وانا لله وانا اليه راجعون


الأخ احمد حاتم كريم
مرحبا بك على جداري المتواضع

ابو الحسن الكاظمي
09-10-2012, 08:58 PM
السلام على الشهيد الصدر يوم ولد ويوم مات ويوم يبعث حيا
شكرا على هذه المعلومات القيمة
مودة علي
مرورك زاد الموضوع ألقا شكرا لك ايضا

س البغدادي
09-10-2012, 09:18 PM
الاخ العزيز ابو الحسن الكاظمي
حياكم الله على سعة صدركم ...وحلمكم ...فمبارك عليكم هذا
عذرا على الخط الغير المقصود .....
صدقني لم انتبه اليه
ولكم التقدير

ابو الحسن الكاظمي
10-10-2012, 08:29 PM
الاخ العزيز ابو الحسن الكاظمي
حياكم الله على سعة صدركم ...وحلمكم ...فمبارك عليكم هذا
عذرا على الخط الغير المقصود .....
صدقني لم انتبه اليه
ولكم التقدير
س البغدادي
مرورك يسعدني وليس بين الاخوان خطاء
دمت في أمان وسعادة