المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : اخبار دولية


kumait
21-10-2012, 07:12 AM
http://www.aawsat.com/2012/10/19/images/hassad1.700350.jpg

بريطانيا.. على مفترق طرق
استفتاء 2014 قد يؤدي إلى استقلال اسكوتلندا وبداية تفكك المملكة المتحدة
لندن: عبد اللطيف جابر

«أريد أن أكون رئيس الوزراء الذي حافظ على وحدة المملكة المتحدة»، هذا ما قاله ديفيد كاميرون بعد توقيعه هذا الأسبوع مع رئيس الحكومة المركزية، الزعيم الاسكوتلندي أليكس ساموند، على اتفاقية، يتم بموجبها تنظيم استفتاء في أواخر عام 2014 ويعطي اسكوتلندا حق الانفصال عن بريطانيا. لو أجاب الاسكوتلنديون بكلمة «نعم» للانفصال في الاستفتاء، وهذا ما يفضله القوميون، وخصوصا الحزب القومي الاسكوتلندي الحاكم في برلمان ادنبره المحلي، والذي يتزعمه أليكس ساموند، فإن ذلك سيضع نهاية للاتحاد بين لندن وأدنبره والذي دام أكثر من 300 عام، أي منذ التوقيع على اتفاقية الاتحاد بينهما عام 1707 والتي ربطت شمال البلاد بجنوبها. ومنذ ذلك التاريخ شكلت اسكوتلندا مع إنجلترا وإقليم ويلز وشمال آيرلندا، ما يسمى بالمملكة المتحدة. وقد يكون هذا التاريخ الجديد بداية تفكك الاتحاد.. وقد يشجع انفصال اسكوتلندا أقاليم أخرى لاتخاذ الخطوة نفسها.

وبعد التوقيع مباشرة توجه كاميرون إلى ميناء لبناء السفن الحربية في منطقة «فايف» باسكوتلندا حيث يجري بناء حاملة طائرات بريطانية جديدة لصالح سلاح الجو الملكي. الزيارة تنطوي على الكثير من الرموز، إذ أراد كاميرون جلب الانتباه إلى أهمية الاتحاد بين ادنبره ولندن بخصوص قضايا الدفاع ووضع بريطانيا الاستراتيجي في العلاقات الدولية، وهذا ما ستفقده اسكوتلندا المستقلة التي لن تكون على الأرجح عضوا في منظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو)، لأن الحزب القومي الاسكوتلندي الحاكم يعارض السياسات النووية للحلف.

وقال أليكس ساموند الذي يمتلك حزبه الأغلبية في البرلمان الإقليمي في إدنبره «إنه يوم تاريخي لاسكوتلندا». وأضاف بعد توقيع الاتفاقية «سننتصر من خلال وضع رؤية إيجابية». وعلى الرغم من أن حكومة رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون تعارض بشدة خطوات اسكوتلندا للاستقلال فإنها وافقت على مضض إجراء الاستفتاء. وقال كاميرون «أنا عاطفي تجاه الاتحاد. يجب أن نحافظ على العائلة معا». «ولكن ومع ذلك، فمن الصائب أن (تحترم) الحكومة البريطانية إرادة الشعب الاسكوتلندي وتسمح لهم بالاستفتاء». وبعد أشهر من المشاورات الصعبة، التقى كاميرون مع ساموند في مقر الحكومة المحلية في اسكوتلندا ووقعا بالأحرف الأولى على «اتفاق ادنبره» ثم تصافحا. وقال كاميرون «أعتقد بقوة أن اسكوتلندا ستبقى» بريطانية. لكنه أضاف أن بريطانيا «لا تستطيع بأي حال إبقاء بلد متحد معها ضد إرادة شعبه».

وأوضح أن الاسكوتلنديين «انتخبوا حزبا كان يريد إجراء استفتاء. وأعتقد أن من الضروري احترامهم»، لكنه أعرب عن الأمل «بأن تبقى بريطانيا موحدة، لأننا معا نكون أكثر غنى وأكثر قوة ونتمتع بمزيد من الأمان». وقالت نائبة رئيس الوزراء الاسكوتلندية نيكولا ستورجن لـ«بي بي سي»، «قدم الجانبان تنازلات لكنني راضية للتوصل إلى اتفاق يضمن تنظيم الاستفتاء». ونجحت السلطات الاسكوتلندية في الحصول على تنظيم الاستفتاء في 2014 في حين كان تريد لندن أن ينظم في أسرع وقت ممكن. كما وافقت لندن على خفض السن للمشاركة في الاستفتاء إلى 16 عاما وهو مطلب آخر للقوميين الذين يعتقدون أن الشباب الاسكوتلندي ميال إلى الاستقلال. ويرغب اليوم ثلث الاسكوتلنديين وعددهم 5,2 مليون في الاستقلال عن المملكة المتحدة، حسب آخر استطلاع لتلفزيون «إي تي في». إلا أن التنازل الاسكوتلندي تمثل في أن يتضمن الاستفتاء خيارا واحدا لا غير وهو تأييد أو رفض الاستقلال، وهذا ما تريده لندن، في حين كان يرغب القوميون في إضافة سؤال آخر في الاستفتاء حول الحصول على حكم بصلاحيات أكبر في حال رفض الاستقلال لتجنب فوز المعسكر المعارض للاستقلال.

اختيار ساموند لعام 2014 للاستفتاء كان مقصودا، إنها الذكرى الـ700 لمعركة بانوكبيرن وهي المعركة الوحيدة التي انتصر فيها الاسكوتلنديون على الإنجليز، ويعتقد المعلقون أن ساموند أراد من هذا التاريخ تأجيج الشعور القومي الاسكوتلندي ضد إنجلترا ولندن. وتخشى السلطات البريطانية من أن يؤدي انفصال اسكوتلندا إلى إحداث مزيد من الانشقاقات في المملكة المتحدة. وبحسب استطلاع أخير للرأي تراجع عدد أنصار الاستقلال خصوصا مع اندلاع الأزمة المالية في أوروبا وخصوصا بعد أن قامت لندن بضخ المليارات في البنوك الاسكوتلندية من أجل إنقاذها.

لقد ضخت بريطانيا ما قيمته 187 مليار جنيه إسترليني في البنوك الاسكوتلندية، وهذا أكبر من الدخل القومي الاسكوتلندي الذي يقدر بـ122 مليار جنيه إسترليني. وفي مقابلة سابقة مع القناة الرابعة البريطانية قال ساموند إنه سيحصل على 90 في المائة من مداخيل بحر الشمال التي تقدر بـ10.5 مليار جنيه إسترليني سنويا. حقول النفط والغاز في بحر الشمال تحتوي 24 مليار برميل والتي تقدر قيمتها بـ1.5 تريليون جنيه إسترليني. إلا أن حكومة لندن تقول إن حصة اسكوتلندا هي 8 في المائة من مبيعات غاز بحر الشمال. ويعتقد بعض الخبراء أنه حتى في حالة حصول اسكوتلندا المستقلة على حصة الأسد من مبيعات بترول وغاز بحر الشمال (بعد الحسم جغرافيا للمياه الإقليمية بين البلدين) فإن التذبذب في أسعار السوق لن يكون دائما لصالح اسكوتلندا، كما أن احتياطي النفط في حالة تراجع. أضف إلى ذلك أن ملكية الآبار ستثير معارك قانونية بين البلدين.

وقال البروفيسور جون كيرتيس من جامعة ستراثكلايد إن على ساموند إقناع الناخبين بأن «أوضاعهم الاقتصادية ستكون أفضل في اسكوتلندا المستقلة على المدى البعيد». للبرلمان الاسكوتلندي حاليا صلاحيات في مجالات التربية والصحة والبيئة والعدل. إلا أن المسائل المتعلقة بالشؤون الخارجية والطاقة والضرائب والدفاع تبقى من صلاحية لندن. ووعد كاميرون الاسكوتلنديين بمزيد من الحكم الذاتي» إذا ما قالوا «لا» للاستقلال. ولهذه المسألة دعم واسع مع جميع الأحزاب البريطانية في البرلمان ومع الطبقة السياسية البريطانية. من جانبه، جعل ساموند الاستفتاء أبرز نقاط معركته ووصف الاتفاق بـ«اليوم التاريخي» لاسكوتلندا، معربا عن ثقته بفوز «نعم». وقال «لدى الحكومة الاسكوتلندية رؤية طموحة لاسكوتلندا: بلد أوروبي مزدهر، ينجح ويعكس القيم الاسكوتلندية.. اسكوتلندا تشغل مكانا جديدا في العالم».

وذكر الوزير البريطاني المكلف ملف اسكوتلندا مايكل مور بـ«المخاطر» التي يطرحها في نظره الاستقلال خصوصا من الناحية الاقتصادية أو لجهة النفوذ الدولي. وتتهم لندن أنصار الاستقلال بترك مسائل عدة عالقة خصوصا ملكية الاحتياطي النفطي الهائل في بحر الشمال أو مستقبل اسكوتلندا المستقلة داخل الاتحاد الأوروبي والسياسة الدفاعية. وكتبت صحيفة «سكوتيش صن» الاثنين أن «المعركة حول مستقبل اسكوتلندا تبدأ اليوم». وتساءلت الصحيفة تحت صورة المسؤولين وهما يتشاجران على صورة لاسكوتلندا ملتقطة عبر الأقمار الاصطناعية «هل علينا أن نصدق أليكس سالموند عندما يعد بمستقبل زاهر لاسكوتلندا مستقلة أم ديفيد كاميرون».

ارتبطت اسكوتلندا مع إنجلترا بمعاهدة، تعود إلى أكثر من 300 عام، بنيت خلالها بريطانيا أكبر إمبراطورية في تاريخ البشرية. وحتى بعد تلاشي نفوذها الجغرافي المباشر، ما زالت بريطانيا واحدة من أعظم اقتصادات العالم. فماذا يعني انفصال اسكوتلندا عن المملكة المتحدة.. سياسيا.. واقتصاديا.. واجتماعيا.. وحتى عسكريا؟ كيف يمكن تفكيك قواتها المسلحة، المكونة من شعوب المملكة المتحدة، التي تنتشر قواعدها العسكرية على كامل أراضي المملكة المتحدة وأسلحتها وغواصاتها النووية في مياهها الإقليمية؟ ومن سيبقى من جنودها الموجودين في مهمات عسكرية خارج البلاد؟ ومن سيستحوذ على مقعدها الدائم في مجلس الأمن؟ وماذا سيحدث لسفاراتها؟ حتى العلم سيصبح محل نقاش، وسيتم فصل ألوانه التي تتشكل من اللونين الأحمر والأبيض (علم سانت جورج الإنجليزي، والأبيض والأزرق علم اسكوتلندا). وأخيرا وليس آخرا، هل ستبقى اسكوتلندا ملكية وتبقى إليزابيث الثانية ملكة على اسكوتلندا أيضا؟ أم تصبح جمهورية؟

وعلى الرغم من تأكيدات الوزير الأول الاسكوتلندي أليكس ساموند أنه على علاقة وثيقة مع العائلة المالكة، فإن الأسئلة تبقى. وقال ساموند إن الملكة ستبقى رئيسة الدولة كما هو معمول به بالنسبة لدول الكومنولث، أي دول التاج البريطاني. إلا أن هناك اعتقادا بأن اسكوتلندا المستقلة ستجري استفتاء آخر حول بقاء الملكية.

هذه مجرد بعض المشكلات التي ستكون شائكة وتحتاج إلى سنين من المفاوضات القانونية والعملية بين البلدين والتي سيواجهها طلاق اسكوتلندا عن باقي المملكة المتحدة، التي بدأ المعلقون يطرحونها بصراحة ويرون أنها ستكون معضلة حقيقية للجهتين، خصوصا أن هناك حركة إنسانية مستمرة ولمئات السنين بين شعوب المملكة المتحدة. فالتعداد السكاني لاسكوتلندا (مثلا) يصل إلى خمسة ملايين ونصف المليون، ويعيش أكثر من مليون منهم، أي 20 في المائة، في إنجلترا.. هذه معضلة عبرت عنها صحيفة «التايمز» في افتتاحياتها عندما طرح موضوع الاستفتاء في يناير (كانون الثاني) الماضي تحت عنوان «سلطة دون مسؤولية». كتبت «التايمز»، التي تعكس عادة تفكير النخبة السياسية البريطانية، تقول إن على الوزير الأول الاسكوتلندي زعيم الحزب القومي الاسكوتلندي أليكس ساموند أن يحدد ما يريد.. ويحدد بالضبط كل الأمور مثل الدفاع والخارجية والسياسات المالية. وقالت صحيفة «التايمز» بأن على أليكس ساموند أن يقرر هل يريد الاستحواذ على مداخيل مبيعات الغاز والبترول من بحر الشمال فقط، لكنه لا يريد الديون المترتبة على اسكوتلندا، خصوصا بعد عملية إنقاذ البنوك التي قامت بها حكومة غوردن براون، التي ضخت المليارات في البنك الملكي الاسكوتلندي لإنقاذه. وقيل آنذاك إنه لو كانت اسكوتلندا مستقلة وقت وقوع الأزمة المالية العالمية لأعلنت إفلاسها مثل آيسلندا. هذه الأفكار عكسها أيضا وزير الخزانة السابق أليستر دارلينغ في مقابلة مع «بي بي سي» هذا الأسبوع التي اتهم فيها أليكس ساموند بأنه يؤجج الشعور القومي للاستقلال، من خلال هجومه على المحافظين الإنجليز، ويرفض الدخول في حوار جدي حول الأمور المالية.

وتثير «التايمز» أسئلة تعتقد أن على أليكس ساموند الإجابة عنها مثل: هل ستكون الحكومة الاسكوتلندية قادرة على إصدار سندات خزينة بالجنيه الإسترليني إذا احتفظت بالعملة نفسها؟ وهل تريد من حكومة لندن إنقاذ البنوك في حال التدهور المالي لها، مثلما عملت في السابق مع البنك الملكي الاسكوتلندي؟ ومن يحدد سعر الفائدة.. البنك المركزي في لندن أم بنك مركزي أسكوتلندي؟ وهذا يعني خلق سياسات مالية متناقضة بين لندن وإدنبره. وهل الاستقلالية بالقرارات المالية تعني أن جزءا من الديون سيتم تحولها إلى ميزانية الدولة الاسكوتلندية؟ وهل يريد أليكس ساموند فقط المداخيل من بحر الشمال، أما بالنسبة للديون فإنه يريدها أن تبقى مسؤولية لندن؟ وماذا عن مسؤولية الدفاع والخارجية؟ وإذا قررت بريطانيا إرسال قواتها إلى الخارج كما حصل في حالة العراق وأفغانستان، فهل ستخالف القرار وتسحب الجنود الاسكوتلنديين من المعركة؟

وبعد التوقيع على اتفاقية الاستفتاء قال وزير الخزانة البريطاني الحالي جورج أوزبورن إن أليكس ساموند لم يحدد بعد شكل الاتحاد المالي بين البلدين، ويعتقد أيضا أن سعر الفائدة سيكون أعلى بالنسبة للدولة المستقلة. أضف إلى ذلك أن اسكوتلندا ستواجه نفس المشكلات التي تواجهها بعض الدول الأوروبية بخصوص سعر الفائدة والبنك المركزي الأوروبي واليورو. وفي ظل الأزمة الاقتصادية العالمية والمصير غير المعروف لليورو ومنطقة اليورو، يقول أليستر دارلينغ إن اسكوتلندا ستواجه مشكلات أكبر في حالة الانفصال ودخولها الاتحاد الأوروبي كبلد كامل العضوية. إذا قررت دخول الاتحاد الأوروبي فعليها قبول اليورو كعملة قانونية لاقتصادها. لكن ساموند نوه سابقا بأن اسكوتلندا المستقلة قد تبقي على الجنيه الإسترليني عملة متداولة. لكن يرى بعض المعلقين أن ذلك لن يلبي طموحات اسكوتلندا الوطنية لأن إعطاء بنك إنجلترا المركزي الحق في تحديد سياسات اسكوتلندا الضريبية سيعيد الأمور إلى سابق عهدها، وهذا ما تعاني منه بعض الدول الأوروبية الجنوبية مثل اليونان والبرتغال وإسبانيا وغيرها ممن قد تجبر على الانفصال عن منطقة اليورو لاحقا. ويقول دارلينغ الاقتصادي المحنك: «الجوانب السلبية للانفصال مخيفة وكذلك المخاطر، ولهذا لا أعتقد أنها تستحق المغامرة». آراء أليستر دارلينغ عوملت من قبل الكثير من وسائل الإعلام على أنها أساس لحوار جاد حول موضوع الاستقلال يضع النقاط على الحروف ويواجه رد الفعل القومي الاسكوتلندي الذي «يختبئ» وراءه أليكس ساموند، الذي اتهم من معظم الأحزاب البريطانية والكثير من المعلقين بأنه يحاول دائما تمييع الأمور بخصوص التداعيات المالية لمستقبل اسكوتلندا. وأصبح ينظر إلى دارلينغ - على الرغم من أنه عمالي وناقد شديد لسياسات ديفيد كاميرون - على أنه الشخص المثالي ليقود حملة الدفاع عن وحدة المملكة المتحدة وإبقاء اسكوتلندا فيها. ولهذا يعتبر دارلينغ أنه من المهم جدا مواجهة ساموند بالقضايا الاقتصادية المهمة. ويطرح ثلاثة سيناريوهات بهذا الخصوص. يقول إن ساموند لم يتكلم بوضوح حول السياسات المالية المستقبلية.

ويتساءل: هل يريد أن يبقي «الباوند»، أي الجنيه الإسترليني، كعملة لاسكوتلندا المستقبلية؟ وهذا ما نوه به ساموند في مناسبات مختلفة، قائلا إن «اسكوتلندا المستقلة قد تحتفظ بعلاقات مالية مشتركة مع إنجلترا حتى بعد الانفصال». بهذه الحالة، الجنيه يصبح عملة بين بلدين، أي إنه اتحاد مصغر لمنطقة اليورو. لكن دارلينغ يقول: «إذا جلست مع باقي أعضاء المملكة المتحدة ووافقت على عملة مشتركة، فإن الأعضاء سيقولون له: هل سترفع سقف الضرائب؟ وهل ستستمر بمستوى الصرف العام نفسه على الخدمات، وتزيد من ديونك دون سقف واضح». وهذا ما يواجهه بعض أعضاء منطقة اليورو. عندما تكون هناك عملة مشتركة، فإن ذلك يعني ليس اتحادا اقتصاديا فقط، لكنه يصبح اتحادا سياسيا، وإذا كان هذا هو المطلوب إذن، «لماذا كل هذا التعب والمطالبة بالانفصال من أجل أن تجد نفسك مرة ثانية في نقطة البداية؟ ولهذا فإن العملية غير مجدية». كما أن الخيار الثاني، وهو أن تتجه اسكوتلندا لاختيار عملتها الخاصة، أمر مليء بالمخاطر. ويقول دارلينغ: «تصور كيف تفيق في صباح يوم الاثنين وتجد أن كل مدخراتك في البنوك لا تساوي شيئا، لأنه لا أحد يعرف إلى أين تتجه الأمور بعد أن تقرر دولة استخدام عملة خاصة بها في بداية الأسبوع. وإذا خاف الناس قبل ذلك بيوم واحد وقرروا سحب مدخراتهم ووضعها في بنوك أخرى بعملة مختلفة، فإن ذلك قد يطيح بالنظام المصرفي الاسكوتلندي».

أما المخاوف الأخرى التي يطرحها دارلينغ فهي اتجاه اسكوتلندا المستقلة لاتخاذ اليورو عملة لها. ويقول إن دخول الاتحاد الأوروبي دولة مستقلة سيجبر اسكوتلندا أيضا دخول منطقة اليورو وهذا ما تنص عليه اتفاقية الاتحاد الأوروبي. ولهذا ما الفائدة أيضا أن تصبح اسكوتلندا عرضة للتقلبات وسياسة سعر الفائدة التي يحددها البنك المركزي الأوروبي؟ «فما الجديد بالنسبة لاسكوتلندا، التي تطالب بالانفصال عن بريطانيا من أجل التنازل السياسي والاقتصادي للاتحاد الأوروبي». ويعتقد دارلينغ أن «العالم يتجه لبناء تكتلات اقتصادية عالمية ضخمة. وما الهدف من فلسفة اللجوء إلى تكتل اقتصادي أوروبي وفي الوقت نفسه تحاول الابتعاد عن جارك؟».

kumait
21-10-2012, 07:24 AM
http://www.aawsat.com/2012/10/19/images/hassad1.700348.jpg

شافيز.. للمرة الرابعة
يبيع «الاشتراكية» لفقراء فنزويلا.. ويحصل على أصواتهم للبقاء في السلطة
واشنطن: هبة القدسي

بعد فوز الرئيس الفنزويلي هوغو شافيز بولاية جديدة الأسبوع الماضي، أدرك الأميركيون أن أمام أميركا اللاتينية وقتا طويلا حتى تنحسر السياسات الاشتراكية أو تتراجع حالة العداء السياسي بين واشنطن وكراكاس. ويعد فوز شافيز تحديا أمام المراقبين في دول النصف الشمالي من الكرة الأرضية، فهو بذلك الفوز رسخ أقدامه ليظل لمدة ست سنوات مقبلة رئيسا لفنزويلا وزعيما للحركات الاشتراكية في أميركا اللاتينية وربما في العالم، بل يأتي فوزه دفعه للاشتراكية في المنطقة.

فالرئيس هوغو شافيز، 58 عاما، الذي تولى السلطة منذ عام 1999 وتنتهي ولايته «الرابعة» إلى عام 2019، سيكون قد حكم بلاده عقدين كاملين. ويدخل ولايته الجديدة بكل أفكاره القديمة ضد الولايات المتحدة والإمبريالية والرأسمالية لترسيخ الاشتراكية في فنزويلا ودول أميركا اللاتينية. يقول المحللون إنه يملك كاريزما خاصة يستغلها لجذب الطبقات الفقيرة إلى سياساته وأفكاره الاشتراكية في بلد يعيش أكثر من ربع سكانه في حالة فقر شديد. وتبدو أفكاره الاشتراكية واضحة في سياسات التأميم التي مارسها في الكثير من الصناعات مثل صناعة الصلب وصناعة الذهب وقطاع البناء والنفط والقطاع المالي والزراعي.

وحصل شافيز في الانتخابات الرئاسية على نسبة 55% فيما حصل منافسه على 44% من الأصوات. وحسب المجلس الوطني للانتخابات في فنزويلا فإن ما يقرب من 15 مليون شخص شاركوا في التصويت، وهو ما يعد إقبالا قياسيا لهذه الدولة التي يبلغ عدد سكانها 30 مليون نسمة. البعض يرجع أسباب فوزه الساحق لأن سياساته تجد شعبية واسعة، ولدية كيمياء خاصة مع الفقراء، فخلال ولاياته الثلاث السابقة استخدم شافيز ثروة البلاد النفطية لإعطاء الفقراء فرصة عمل ورعاية صحية ومنازل، وقام بإنفاق حكومي كبير على المشاريع الخدمية في الأحياء الفقيرة.

لكن المعارضون لسياساته يرون أن تلك السياسات زادت من سيطرة الدولة، وأدت إلى تأكل القطاع الخاص، وانتشار الفساد والمحسوبية وضعف البنية التحتية، وسوء إدارة عائدات النفط وانقطاع التيار الكهربائي في بلد غني بموارد الطاقة. واتهمت المعارضة شافيز باستخدام قوة الدولة في شراء الأصوات واستقطاب الناخبين، لكن لا أحد يستطيع أن ينكر أن الانتخابات جاءت في جو ديمقراطي وكانت حرة ونزيهة ولم تشهد أي تزوير، بل لا أحد يجادل أن كثيرا من الناخبين يريدون شافيز. وقد وصف الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر - الذي أشرف على الانتخابات - نظام التصويت في فنزويلا بأنه الأفضل في العالم.

ويثير شافيز الجدل أينما حل وكلما تحدث، فهو يطلق لكلماته العنان دون رابط يهاجم يمينا ويسارا. يدافع عن الشعوب والفقراء والمطحونين ضد تسلط حكامهم تارة، ويدافع عن الحكام الديكتاتوريين تارة أخرى. وهو أحد الشخصيات اليسارية الرائدة في أميركا اللاتينية، وواحد من أكثر المنتقدين للولايات المتحدة وأكثرهم صخبا. وهو من أقرب الأصدقاء المقربين للرئيس الكوبي السابق فيدل كاسترو والرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد.

يظهر شافيز دائما بمظهر المثقف الفيلسوف والذي يستشهد بالكلمات المأثورة لأشهر الكتاب في أميركا اللاتينية، ويلقي خطبه للشعب الفنزويلي وهو جالسا على مكتبه، وأمامه عدة كتب مفتوحة وكأنه يقرا عدة كتب في وقت واحد. ويحلل القضايا الداخلية والدولية لساعات، وهي دائما، في رأيه، وراءها مؤامرة امبريالية وتحالف دولي. فقد اعتبر فوزه وهزيمة منافسة هنريك كابرليس هو انتصار على القوى الخارجية التي تحاول الإطاحة به، وقال عقب فوزه «لم انتصر فقط على منافسي بل على التحالف الدولي فلم تكن الانتخابات مجرد معركة داخلية». واتهم شافيز الولايات المتحدة وأوروبا بإرسال 500 ألف رسالة إلكترونية للناخبين لحثهم على انتخاب هنريك كابرليس. وفي رأي شافيز فإن أميركا والدول الامبريالية تقف وراء كل المصائب في العالم بل إنه يري أن واشنطن تقف وراء مرض السرطان الذي أصاب خمسة رؤساء دول في أميركا اللاتينية بما في ذلك شافيز نفسه.

ويعشق شافيز الملابس الصارخة الألوان مثل علم فنزويلا، فمعظم ملابسه تتنوع ما بين الأحمر والأصفر والأزرق. وعندنا انتخب لأول مرة في ديسمبر (كانون الأول) 1998، فاز شافيز بأغلبية ساحقة وكان عمره 44 عاما ليصبح أصغر رئيس يتولى الحكم في فنزويلا. ومن ميزات شافيز قدرته على تبديل مظهره ومنطقه بسهولة لافتة فيظهر مرة في لباس المظليين ومرة أخرى في بدلة أنيقة. وهو يستعير عبارات لماو تسي تونغ وهو يرفع صليبا ويحمل بعنف على «الإمبراطورية الأميركية» التي يبيعها نصف إنتاجه النفطي. ويقول شافيز المدافع عن حقوق الفقراء «من أجل القضاء على الفقر يجب إعطاء السلطة للشعب». ويروق لهذا الرجل الأب لأربعة أولاد الذي سبق وطلق زوجتين أن يقول عن نفسه إنه «متزوج بالوطن». وهو يندد بنبرة المبشرين الملهمين بـ«طريق الرأسمالية التي تقود إلى الجحيم» مؤكدا أنه لو «عاد المسيح لكان صوتا للثورة».

وشافيز يطل كل يوم أحد على المواطنين مباشرة عبر برنامج تلفزيوني مطول بعنوان «آلو سيدي الرئيس»، كما يهوى المنابر الدولية والمداخلات الصاخبة ويوضح الكاتب ألبرتو باريرا في سيرة للفتنانت كولونيل السابق بعنوان «شافيز من دون اللباس العسكري» أن «فورته الكلامية هي تكتيك عسكري يقوم على الاستفزاز»، ويشير إلى أن «البعض يشدد على صفات الزعامة لديه والبعض الآخر يرى فيه روحا تبشيرية أو شعبوية جموحة لكن لا يمكن لأي كان إنكار الكاريزما التي يتمتع بها». ويمكنه أن يمزج في خطاب واحد أغنيات شاعرية وشتائم وإبداء معرفة ثقافية واسعة. أسلوبه في الحكم غير تقليدي يستند فيه إلى حدسه وما تعلمه من تدريبه العسكري. وهو لا ينام إلا قليلا ولا يأخذ عطلة، ما دفعه إلى الاعتراف بأنه ارتكب «خطأ أساسيا» بإهمال صحته طيلة سنوات.

وتعتبر المؤرخة مرغاريتا لوبث مايا التي كانت حليفته وأصبحت معارضة له، أن «شافيز مزيج متناقض من الميل إلى اليسار والنزعة العسكرية ويحب امتلاك السلطة. وأحد أكبر دوافعه هو البقاء في الحكم بلا قيود». وقد حاول شافيز أن يرسم لنفسه دورا على الساحة الدولية من خلال محاولة تنظيم اتحاد يساري في أميركا اللاتينية يضم كوبا ونيكاراغوا وبوليفيا والإكوادور والأرجنتين ليكون تحالفا ضد الولايات المتحدة. وبمساندة إيران وبالقيام بتدريبات بحرية مشترك مع روسيا.

وهو صاحب شخصية مناضلة، مثله الأعلى هو سيمون بوليفار، ونضاله لم يقتصر فقط على المجال السياسي فقد خاص شافيز معركة مع مرض السرطان خلال عام 2011 وخضع للعلاج في كوبا لأكثر من 16 شهرا وخضع لثلاث عمليات جراحية في منطقة الحوض إلى جانب العلاج الإشعاعي والكيميائي. وسرت وقتها شائعات بقرب نهايته لكنه عاد إلى فنزويلا بعد شهور من العلاج معلنا انتصاره على المرض وشفاءه منه، وبدا خلال حملته الانتخابية أنه الشخص الذي لا يمكن هزيمته. وهناك تكهنات أن تكون حالته الصحية أكثر خطورة مما تم الكشف عنه.

علاقته بالحكام العرب غريبة، فقد كان الصديق المقرب للزعيم الليبي السابق معمر القذافي، وهاجم بشدة الطريقة الوحشية التي مات بها وألقى باللوم على الولايات المتحدة وأوروبا. وقد نعى شافيز القذافي وقال إنه شهيد ومناضل وثائر. وهو يساند نظام الرئيس السوري بشار الأسد ويعتبره الزعيم الشرعي لسوريا، ويصف المعارضين لنظام الأسد بالإرهابيين، ويعتبر دعم المتمردين السوريين محاولة للإطاحة بالرئيس بشار الأسد. وفي إحدى خطبه قال شافيز «إنه أمر محزن أن العالم دخل حقبة جديدة من الامبريالية وحكومة الولايات المتحدة هي واحدة من أكثر المسؤولين عن هذه الكارثة في سوريا». وقارن شافيز بين الوضع في سوريا والوضع في ليبيا عندما تم الإطاحة بمعمر القذافي. وتقوم فنزويلا بإرسال شحنات من النفط لسوريا لسد الفجوة الناجمة عن العقوبات المفروضة على سوريا.

يعشق شافيز التحدي والوقوف في وجه التيارات، ففي خضم الهجوم الدولي على إيران ومطالبتها بالالتزام بتعهداتها الدولية ووقف طموحها لامتلاك سلاح نووي، قام شافيز بتعزيز علاقات فنزويلا بإيران وقام بزيارة طهران ثلاث عشرة مرة مند بدء حكمه في عام 1999 فيما زار أحمدي نجاد فنزويلا ست مرات منذ عام 2005. ووقع البلدان أكثر من 270 اتفاقية تعاون في عدد من المجالات التي تشمل النفط والغز الطبيعي والتجارة. ووصف كل من شافيز وأحمدي نجاد علاقة البلدين بأنها «تحالف استراتيجي» بهدف القضاء على النظام العالمي الحالي. ويتشابه شافيز مع الزعيم الراحل معمر القذافي في تحليله التآمري للأحداث، وفي عشقه لإلقاء الخطب السياسية الطويلة التي تستمر لساعات، والكثير منها كان موجها لانتقاد الولايات المتحدة، وفي تبني أفكار مخالفة، ومثيرة للجدل دائما، وحب السلطة، لكنه لا يحمل ألقابا كثيرة كما يحملها القذافي.

وكان شافيز معارضا للغزو الأميركي لأفغانستان وحرب العراق. ومن أشهر خطبه السياسية، خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 2006 حيث وجه انتقادات حادة للرئيس جورج بوش ووصفه بالشيطان، والسيد الخطر. وكان خطابه بعد خطاب بوش مباشرة، فقال بعد أن وصل إلى المنصة.. «إني أشم رائحة الشيطان هنا». وطالب شافيز بمحاكمة بوش أمام المحكمة الجنائية الدولية لقيامه بارتكاب جرائم إبادة جماعية. وفي مقابلة وصف شافيز الولايات المتحدة بأنها مثل «مصاص الدماء دراكولا». لكن عداءه للولايات المتحدة لم يقلل من مساندته للرئيس الأميركي باراك أوباما، فقد أعلن شافيز عدة مرات أنه لو كان أميركيا لصوت لصالح إعادة انتخاب أوباما. ووصف شافيز أوباما بقوله «إنه رجل جيد» وفي مقابلة تلفزيونية بعد فوزه قال شافيز «بعد انتصاري، وبعد الانتصار المحتمل للرئيس أوباما، آمل أن نتمكن من بدء مرحلة جديدة من العلاقات الطبيعية مع الولايات المتحدة». وفي واشنطن هنأ البيت الأبيض الشعب الفنزويلي على الانتخابات الرئاسية، وقال جاي كارني المتحدث باسم البيت الأبيض «لدينا خلافات مع الرئيس شافيز لكننا نهنئ الفنزويليين بالعملية الانتخابية السليمة». وعلى الرغم من هذا العداء الآيديولوجي والفكري السياسي بين فنزويلا والولايات المتحدة، فإن حسابات الاقتصاد تخرج من دائرة العداء، ففنزويلا هي أكبر خامس دولة نفطية في العالم من ناحية الإنتاج أو الاحتياطي، وهي تصدر 90% من هذا النفط للولايات المتحدة.

خلفية شافيز الفقيرة صاغت الكثير من ملامح شخصيته وأفكاره، فقد جاء شافيز من بيئة متواضعة، كان والده بن هوغو دي لوس ريبس شافيز، ووالدته إيلينا فرياس دي شافيز يعملان مدرسين. وولد شافيز في 28 يوليو (تموز) عام 1954 في سابانيتا وهي مدينة في ولاية باريناس في فنزويلا. وتعكس الحياة في فنزويلا جانبا كبيرا من التناقضات السياسية والاقتصادية حيث تتسع الفجوة بين الفقراء والأغنياء، وبين الأقلية الغنية التي تحتكر 77% من الأراضي الزراعية والأغلبية من الفقراء الذين يعيشون تحت خط الفقر.

وتأثر شافيز في سن مبكرة بسيمون بوليفار الجندي والسياسي الفنزويلي الذي قاد حركة لتحقيق استقلال أميركية اللاتينية من الحكم الإسباني في أوائل القرن التاسع عشر. ووضع شافيز نفسه في قالب بوليفار وهو يخوض ثورته الخاصة «الشافيزية». أنصاره يعتبرونه البطل الأسطورة الذي يأخذ من الأغنياء ويعطي الفقراء على غرار روبن هود الشخصية الأسطورية. ويصفه معارضون بأنه السياسي الداهية والديكتاتور المستبد الذي يستغل الثروات النفطية في البلاد للبقاء في السلطة. ووفقا للبنك الدولي يشكل النفط أكثر من 30% من الناتج المحلي الإجمالي لفنزويلا و90% من صادراتها و50% من دخلها المالي.

كان صعود شافيز في عالم السياسة مليئا بالأحداث، فقد كان يحلم بأن يصبح لاعبا محترفا لكرة البيسبول لكنه انضم للجيش بعد تخرجه من الأكاديمية العسكرية في كراكاس في فنزويلا عام 1975، وبدأت ميوله وتوجهاته الاشتراكية اليسارية في الظهور أثناء دراسته وخدمته العسكرية. ودرس أيضا العلوم السياسية في جامعة سيمون بوليفار في كاراكاس في عامي 1989 و1990 وبعدها حصل على درجة الدكتوراه.

في عام 1992 كان شافيز يشغل منصبا كبيرا في الجيش برتبة مقدم، واستغل موجة الغضب الشعبي من النخبة السياسية وسياسات التقشف الاقتصادي وقاد حركة انقلاب فاشلة ضد الرئيس أندريس بيريز كارلوس، وألقي بعدها في السجن لمدة عامين. وأطلق سراحه الرئيس الجديد رافائيل كالديرا رودريغيز، خرج بعدها شافيز ليشكل حركة باسم الجمهورية الخامسة، التي استغلها كحركة معارضة للحكومة ووسيلة لانتقاد الفساد الحكومي ونظام الحزبين في فنزويلا، متهما النخبة الحاكمة بإهدار ثروة البلاد النفطية. وسرعان ما التقت الطبقات الفقيرة واليسارية حول شافيز وحركته المعارضة.

وظهر شافيز على الساحة السياسية بقوة باعتباره شخصية معارضة وجذب المناصرين والمؤيدين له بتعهداته بحل الكونغرس وإعادة توزيع الثروة النفطية في البلاد وهو ما جعله يفوز بالسلطة في فبراير (شباط) عام 1999، وبعد أدائه اليمين وضعت حكومته دستورا جديدا عام 2000 وبموجبه أعيد انتخاب شافيز لرئاسة فنزويلا لمدة ست سنوات. في خلال عامي 2001 و2002 واجه شافيز نكسات كبيرة، ومعارضة واسعة لأجندته الاجتماعية، بلغت ذروتها في احتجاجات واسعة النطاق. وقاد الجيش انقلابا ضده وأحل محله بيدرو كارمونا، لكن كارمونا قام بحل البرلمان وعلق العمل بالدستور مما دفع الجيش إلى إجباره على الاستقالة. وفي صورة من صور لعبة الكراسي الموسيقية، تولى نائب شافيز ديوسدادو كابيلو منصب الرئيس ثم أعاد شافيز إلى السلطة خلال أيام.

أحكم شافيز سيطرته على خيوط اللعبة السياسية في فنزويلا وأحكم قبضته على السلطة وبحلول نهاية عام 2006 أعيد انتخاب شافيز لفترة ولاية ثالثة بأقل قليلا من ثلثي الأصوات. وشهدت تلك الولاية أكثر التغييرات الدستورية التي قام بها لتعزيز بقاءه بالسلطة، ومنها إقرار إمكانية إعادة الانتخاب لأجل غير مسمى دون تحديد مدد للرئاسة. وقلص شافيز في التغييرات الدستورية من صلاحيات الهيئات الرقابية، وألغى مجلس الشيوخ بحيث أصبح لفنزويلا مجلس تشريعي وحيد. وتحول الدستور الذي وعد بإصلاحه إلى أداة في يد شافيز لجمع مقاليد السلطة في يده. وضاق صدره بالمعارضة فقام بإغلاق محطات الإذاعة المعارضة وضيق الخناق على حركات المعارضة.

على الرغم من أن شافيز ينفي سعيه «لإقامة ديكتاتورية»، فإنه حذر المعارضة من أنها لن تعود «أبدا إلى السلطة» فيما لا يتصور أن يتخلى هو نفسه عن الرئاسة قبل 2021 على أقل تقدير، في الذكرى المئوية الثانية لآخر المعارك الكبرى ضد العرش الإسباني في فنزويلا. وعلى الرغم من ذلك فهو يعد الحاكم المستبد ناشر الديمقراطية بطريقته الخاصة، والثائر الاشتراكي البازغ نجمه في عتمة انحسار الشيوعية وانهيار الاشتراكية. وسيظل أسطورة الجزء الجنوبي من الكرة الأرضية وبطل التحديات والتناقضات في أفكاره وآرائه وسياساته.

kumait
21-10-2012, 07:36 AM
http://www.aawsat.com/2012/10/05/images/hassad1.698281.jpg

ميليباند.. رئيس وزراء بريطانيا المرتقب
من «إد الأحمر» إلى «إد الواقعي البراغماتي»
لندن: عبد اللطيف جابر

هل صحيح أن التناحر الآيديولوجي بين الرأسمالية والاشتراكية قد وصل إلى نهايته، بسقوط الكتلة الشرقية، في نهاية حقبة الثمانينات، وأن العالم قد دخل في مرحلة الرأسمالية الليبرالية، كما يقول المنظر اليميني فرانسيس فوكوياما، الشهير بكتابه «نهاية التاريخ»، أم إن الصراع ازداد حدة كما يروج منظرون يساريون في ذاك الوقت، من أمثال الأميركي ناعوم تشومسكي أو التشيكي سلافوي جيجيك، الذين يرون على أن الرأسمالية تواجه أزمة حقيقية؟ وحاليا ومع مع بروز الأزمة المالية التي عصفت بالعالم، خصوصا الولايات المتحدة وأوروبا، عاد الحديث عن الصراع الآيديولوجي من جديد.

على هذه الخلفية يمكن تسليط الضوء على توجهات زعيم المعارضة العمالية في بريطانيا، إد ميليباند، الذي يرى العديد من المعلقين السياسيين أن خطابه الذي ألقاه 4 اكتوبر في مؤتمر الحزب السنوي قد وضعه في موقع جديد في الوسط بين تلك الصراعات الآيديولوجية، محاولا كسب مكانة سياسية جديدة تخوله أن يكون منافسا جديا لتولي سدة الحكم في البلاد ويعيد حزبه إلى السلطة التي خسرها في الانتخابات العامة البرلمانية عام 2010، مما جعل وسائل إعلام ومنظرين ومحللين سياسيين يطلقون عليه لقب «رئيس الوزراء المنتظر».

لكن إد ميليباند في وضع لا يحسد عليه. الطريقة التي تم انتخابه بها زعيما بعد هزيمة حزب العمال عام 2010 في الانتخابات العامة واستقالة رئيس الوزراء السابق غوردن براون كانت مؤلمة وصعبة على مستويين؛ أولا أنه خاض المنافسة ضد شقيقه ديفيد، وزير الخارجية الأسبق، المحسوب على تيار توني بلير، وهذه المنافسة أدت إلى بروز حواجز عائلية، إن لم تكن قطيعة، مع شقيقه؛ إذ لم يصبحا يلتقيان كما كان معمول به سابقا مع والدتهما يوم الأحد من كل أسبوع، حتى لا يجلسان تحت سقف واحد، كما صرحت والدتهما.

ثانيا لقد فاز إد ميليباند في المنافسة ضد شقيقه بسبب دعم النقابات العمالية له، التي جاء صوتها حاسما وكانت تميل لصالح الشقيق الأصغر، وبهذا، وحسب المنطق، فإنه يصبح مدينا لها أخلاقيا وسياسيا. الصحافة البريطانية الشعبية المحافظة أطلقت عليه اسم «إد الأحمر» أي الشيوعي. النقابات كانت تطمح إلى أن ينحاز إد إلى جانبها في أي معركة مع الحكومة المحافظة بخصوص الزيادة في الأجور والدعم في حالة اللجوء للإضرابات. إلا أن إد حاول هذا الأسبوع في خطابه وفي مناسبات سابقة، خصوصا في مؤتمر النقابات الذي جاء بعد فترة قصيرة من انتخابه، أن يبعد نفسه عنها.

وفي أول خطاب له أمام مؤتمر الحزب بعد فوزه، أرسل إد ميليباند رسالة واضحة إلى النقابات التي دعمته والتي كانت تخطط وما زالت لسلسلة من الإضرابات العمالية ضد سياسة التقليص للحكومة الائتلافية. وفي الوقت نفسه الذي هاجم فيه سياسة تقليص الخدمات للحكومة، طلب من النقابات أن لا تتبع سياسة «غير مسؤولة» لأن ذلك سيفاقم من المشكلات الاقتصادية التي تواجهها البلاد. لقد فاجأ النقابات بموقفه، مؤكدا أنه غير مدين لها بشيء، الأمر الذي أغضب بعضها وصاح بعض النقابيين بأعلى صوتهم في القاعة خلال إلقاء خطابه متهمين إد بأن ما تفوه به هو «القمامة نفسها».

وقال بوب كرو النقابي الذي يقود نقابة عمال السكك الحديدية والمواصلات البحرية، والتي تعتبر من أكثر الاتحادات راديكالية، إن النقابات تفكر جليا في قطع علاقاتها بحزب العمال، مضيفا أن «إد ميليباند، الزعيم الجديد، فضل الذهاب إلى الحفلة الصيفية التي أقامها قطب الإعلام روبرت ميردوخ بدلا من حضور الحفلة التي أقامها عمال المناجم في منطقة ديرهام. إد ميليباند طلب من المدرسين وموظفي الجهاز الإداري مقاطعة الإضراب الذي دعت إليه النقابات قبل عام.. «عند الإضراب، إما أن تأخذ جانب العمال أو تنحاز إلى جانب أرباب العمل» قال كرو. لكن إد حاول عدم الانحياز لأي منهما. لكن كيف سيقنع إد ميليباند جمهور الناخبين ليصل إلى سدة الحكم. لحد الآن ومنذ فوزه بقيادة الحزب والصحافة والمعلقين السياسيين ينتقدون إد ميليباند على أدائه في مجلس العموم وأنه لم يسجل أي ضربات سياسية تذكر ضد الحكومة أو خصمه زعيم حزب المحافظين رئيس الوزراء ديفيد كاميرون.

لكن حدد في خطابه، الذي دام 65 دقيقة (لم يكن مكتوبا ومن دون أي ملاحظات مدونة) سياساته للفترة المقبلة، بعيدا عن النقابات وقريبا من سياسات شد الأحزمة واضعا الحزب في خانة الوسط مع الميل قليلا إلى اليسار. وتلقى المعلقون خطابه بإيجابية وقالوا إنه يعكس «عقلانية وبراغماتية إد» ومؤهلاته القيادية ليكون «رئيس الوزراء المنتظر».

الزعيم العمالي قدم نفسه حاميا لمصالح بريطانيا وليس لطبقة اجتماعية أو تكتلات سياسية، قائلا: «لا يوجد مستقبل لحزب يدافع عن مصالح فئة اجتماعية»، أي إنه ليس مع العمال ضد الرأسماليين. وردد عبارة «أمة واحدة» 44 مرة في خطابه. التعبير جاء اقتباسا من بنيامين ديزرائيلي رئيس الوزراء المحافظ في الربع الأخير من القرن التاسع عشر. وفي هذا يحاول ميليباند أن يسحب البساط من تحت ديفيد كاميرون، الذي اعتاد على ترديد عبارة: «نحن جميعا في خندق واحد» ليبرر سياسة شدد الأحزمة. لكنه توقف عن استخدامها عندما أصبحت أداة سخرية للكوميديين والمتهكمين بسبب الأوضاع المزرية لملايين من العاطلين عن العمل.

وحدد ميليباند بالضبط أين يقف، وقال إن بريطانيا كانت متحدة في الحرب وفي السلام، أي إنها كسبت الحرب العالمية الثانية وكانت متحدة بصفتها أمة وكذلك ازدهرت بصفتها أمة واحدة في أيام السلم. «في كل مرة واجهت بريطانيا التحديات انتصرت بصفتها أمة واحدة. وهذا ما ينساه السياسيون. الآن نواجه هذا التحدي (الاقتصادي)، ولهذا نحتاج إلى أن نتوحد من أجل هذه المهمة». إلى أنه أضاف: «لن أقبل اقتصادا يؤدي إلى اتساع الفجوة بين الأغنياء والفقراء. بالنسبة لمعتقداتي - لا أعني هنا معتقداتي الدينية- فإن عدم المساواة قضية مركزية ومهمة.. في مجتمع متحد تقع المسؤولية على الجميع وتصل إلى قمة الهرم.. أغنى الأغنياء في المجتمع عليهم مسؤولية كبيرة تجاه الضعفاء والفقراء». ميليباند اتهم ديفيد كاميرون بتقسيم البلاد إلى «شمال وجنوب وقطاع خاص وقطاع عام، وبين من هم منخرطون في وظائف والعاطلين عن العمل».

ووجد ميليباند ضالته في الزوبعة التي سببها أحد وزراء كاميرون الذي هاجم أحد رجال الشرطة أخيرا. وقال ميليباند مخاطبا رئيس الوزراء ديفيد كاميرون: «كيف يمكنك أن تقود البلاد وأحد وزرائك يوجه الإهانات للشرطة ويقول لهم إنكم مجرد أفراد من عامة الشعب»، وهذا يعني أن حكام البلاد المحافظين ينتمون إلى الطبقات العليا ولا ينتمون لعامة الشعب. وقال إن سياسات الحكومة لم تقدم أي حلولا للمشكلات الاقتصادية المستعصية، ولهذا «إذا لم يؤد الدواء مفعوله، فعلينا ليس فقط تغيير الدواء وإنما الطبيب أيضا».

حاول ميليباند إبعاد حزب العمال تحت قيادته عن تيار توني بلير، الذي ما زال متنفذا في الحزب من خلال العديد من أعضاء حكومة الظل.. «ليس هناك أي مجال للرجوع إلى أيام حزب العمال الجديد»، قال ميليباند بوضوح، واضعا حدا لجناح بلير في الحزب، الذي يعتبر شقيقه ديفيد من أكثر المتحمسين له.

إد ميليباند، 42 عاما، أصبح أصغر زعيم للحزب منذ تأسيسه قبل أكثر من قرن من الزمان. كما أن منافسه على زعامة الحزب شقيقه الأكبر ديفيد، الذي عمل وزيرا للخارجية وكان الأصغر في هذه الوظيفة في تاريخ بريطانيا بعد ديفيد أوين، وزير خارجية حكومة جيم كلاهان العمالية في سبعينات القرن الماضي.

يعترف كل منهما بتركة والدهما السياسية وتأثيره عليهما، أي على أهمية العمل السياسي، وأن الأفكار أساسية في آلية التغيير من أجل العدالة الاجتماعية. وعندما سئل إد خلال المنافسة على زعامة الحزب حول تأثير والده رالف ميليباند على قراره في دخول المنافسة على زعامة الحزب، جاء رده قائلا: «إنني قررت ذلك بسببه، ولكنني لم أقم بذلك من أجله»، مؤكدا أن والده وجهه إلى الانخراط في العمل السياسي، لكنه لم يستق أفكاره منه.

الراحل رالف ميليباند، الأكاديمي الماركسي كان واحدا من أهم منظري اليسار في القرن العشرين في أوروبا الغربية. لكن، على الرغم من ذلك، فإنه لم يحاول أي منهما أن يحمل الشعلة الماركسية من والدهما. طبعا هذا من المتطلبات الأساسية في الحياة السياسية في بريطانيا لأحزاب المؤسسة الحاكمة خصوصا عندما يكون عليك أن تقود واحدا من أهم الأحزاب العمالية في أوروبا الغربية. أن تكون ماركسيا وقائدا سياسيا يعني أنك ضد المؤسسة الحاكمة بكل أطيافها السياسية، بما في ذلك حزب العمال، الذي يعمل على حمايتها وحماية النظام الحاكم وليس قلبه.

والدهما الذي قدم إلى بريطانيا مع والده اليهودي من بلجيكا لاجئا سياسيا هربا من النازية بعد احتلالها عام 1940 درس العلوم السياسية في معهد لندن للعلوم السياسية والاقتصادية بجامعة لندن، وأصبح محاضرا فيها وفي أعلى وأهم المؤسسات الأكاديمية في بريطانيا والولايات المتحدة.

رالف الأب انتمى لفترة وجيزة لحزب العمال وحضر بعض مؤتمراته السنوية، لكنه وصل إلى قناعاته بعد فترة قصيرة بأن هذا الحزب هو حزب المؤسسة الحاكمة، وليس حزبا اشتراكيا، ولن يعمل لصالح الطبقة العاملة. لكن ابنيه أصبحا وزيرين في الحكومة العمالية السابقة في الوقت نفسه، ديفيد وزيرا للخارجية وإد وزيرا للبيئة، وهذا لم يحدث منذ 1938 في بريطانيا، أي أن يجلس شقيقان على الطاولة نفسها في اجتماعات الحكومة. الخلافات بين معتقدات الأب وأبنائه أصبحت مادة دسمة في أوساط المثقفين اليساريين. وأصبحت النكتة المتداولة بأن «رالف ميليباند آمن بأن حزب العمال ليس اشتراكيا ولن يعمل أي شيء لصالح الطبقة العاملة، والآن جاء دور أبنائه ليثبتا صحة نظريته».

ووالدتهما ماريون ميليباند، هي الأخرى مهاجرة يهودية من بولندا، وعملت هي الأخرى في الحقل الأكاديمي وشاطرت زوجها الكثير من الأفكار السياسية والماركسية وما زالت ناشطة اشتراكية وفي منظمات سياسية يهودية متضامنة من حقوق الشعب الفلسطيني، خصوصا في منظمة «يهود من أجل العدالة للفلسطينيين». ويقال إن إد هو الأقرب إلى والدته من شقيقيه ديفيد.

وحاول في مناسبات عدة أن يتكلم عن الوضع في الشرق بتعاطف واضح مع الحقوق الفلسطينية، كما أنه حضر اجتماعات تضامنية داخل البرلمان نظمها «أصدقاء فلسطين في حزب العمال»، ويقال إن هذا هو بسبب تأثير والدته عليه، كما أنه يحاول دائما أن يبعد نفسه عن قرار الحرب في العراق. بدأ مشوار إد السياسي منذ أيام الدراسة في مدرسته في شمال لندن، والتي درس فيها العديد من زملائه في الحزب وفي البرلمان إضافة إلى العديد من المشاهير في الحياة الثقافية والأكاديمية. على الرغم من أن المدرسة حكومية، فإنها استقطبت العديد من أبناء النخبة اليسارية الأثرياء ممن يقطنون في المناطق الفاخرة في شمال لندن.
وفي خطابه أمس، حاول التركيز على هذا الجانب من خلفيته المدرسية ليميز نفسه عن زعيم حزب المحافظين وأعضاء الحكومة الذين درس معظمهم في مدارس خاصة مثل كلية إيتون الشهيرة.

الكاتبان مهدي حسن وجيمس ماكنتاير في كتابهما «إد: الأخوان ميليباند وزعامة حزب العمال» يقولان إن إد يحمل معه برنامجا سياسيا مختلفا عن شقيقه ديفيد، إلا أن صفحات الكتاب تبين مدى المنافسة «الأخوية» التي تطغى في معظم الأحيان على زعامة الحزب. إد خاض الكثير من المعارك، كما يبين الكتاب، التي أكسبته الحنكة السياسية وصقلته في مشواره السياسي منذ الأيام الجامعية، والتي كلفته الكثير على الصعيد الأكاديمي، إذ لم يحالفه النجاح، مثلما حالف شقيقيه، الذي تخرج في موضوعه (سياسة وفلسفة واقتصاد) من الكلية نفسها في جامعة أكسفورد بامتياز، لانشغاله في بعض النشاطات والحملات الطلابية التي أبعدته ولو قليلا عن تحصيله الأكاديمي كما كان متوقعا، وكانت النتيجة أنه تخرج بتقدير جيد جدا.

لكن إد تتبع خطوات شقيقه بحذافيرها: المدرسة في شمال لندن وجامعة أكسفورد وكلية كوربوس كريستي ودراسة السياسة والفلسفة والاقتصاد وحتى انخراطه في بعض النوادي السياسية في الجامعة ثم الالتحاق بجامعة هارفارد للدراسة ومن ثم التدريس فيها ودخول البرلمان البريطاني ومن ثم الوزارة. لكن أوجه الشبه وصلت إلى نهاية المطاف، ولم يكن طريق آخر غير خوض المنافسة وجها لوجه على زعامة الحزب.

ويقول مهدي حسن وجيمس ماكنتاير إن إد ميليباند زعيم أعاد للحزب مكانته وتوجهاته السابقة التي كان عليها قبل أن يسيطر عليه تيار توني بلير، الذي اختار الطريق الثالث في السياسة البريطانية، والتي أصبحت معروفة باسم مشروع «حزب العمال الجديد» تحت قيادته إلى أن تمكنت من الفوز بثلاث انتخابات عامة متتالية، وهذا لم يحصل في تاريخ الحزب. وتمثلت هذه السياسة في الانحياز إلى سياسة السوق المفتوحة مع تقليص دور الدولة والقطاع العام وكذلك دور النقابات العمالية في الحياة السياسية، إضافة إلى سياسة دفاعية قائمة على التدخلات الخارجية وعلاقة أقوى مع واشنطن، كان من نتائجها الحرب في أفغانستان والعراق، وسياسة أكثر انحيازا إلى جانب إسرائيل.

المنافسة على زعامة الحزب، بين الشقيقين، تركزت على هذه النقاط، أو هكذا حاول إد ميليباند أن يصور الخلافات بينه وبين شقيقه ديفيد، الذي كان مصمما على الاستمرار في مشروع توني بلير لو حالفه الحظ بالفوز بالزعامة، ويقال إن هذا كان السبب وراء خسارته أمام شقيقه.

منذ أن أعلن إد دخوله المنافسة حاول أن يلخص ما يؤمن به من سياسات، وكان صريحا في هجومه على «حزب العمال الجديد»، أي بمعنى آخر هجومه على شقيقه ديفيد، الذي كان وحتى اللحظات الأخيرة من إعلان النتيجة مقتنعا بأنه الأحق والأوفر حظا في قيادة الحزب. لكن على الرغم من ذلك، فإنه فشل، كما يعتقد العديد من المعلقين، خلال الفترة السابقة من قيادته للحزب في تقديم سياسات تمييز قيادته وتشكل رؤيته للحكم في المستقبل. وما زال منتقدوه من تيار شقيقه يشكون في قدراته السياسية، وأن منافسته شقيقه ديفيد كانت مجرد منافسة تقليدية بين أشقاء وأنها خالية من أي مضمون.

ومن هنا جاء أيضا تعليق أحد أصدقاء إد وحلفائه السياسيين، دوغلاس أليكساندر، أحد الوجوه الصاعدة في حزب العمال الذي يقوم حاليا بوظيفة وزير خارجية الظل. أليكساندر دعم ديفيد في المنافسة ضد صديقه إد لاعتقاده بأنه من الخطأ جدا أن ينافس الشقيق الأصغر شقيقه على زعامة الحزب، كما أنه يعتقد أن الدافع وراء قرار إد للفوز بزعامة الحزب هو إثبات نفسه أمام شقيقه، «وإذا كانت الغيرة الأخوية هي الدافع وراء قراره، فهذا يعني أنه تمت التضحية بالحزب لإشباع غرائز إد، ولهذا فإن الحزب سيدفع الثمن غاليا في المستقبل».

لقد تبين بعد إعلان النتيجة أن شقيقه ديفيد حصل على أعلى نسبة أصوات من عدد أعضاء الحزب في مجلس العموم وكذلك عضوية الحزب بشكل عام، ولولا دعم النقابات لإد لما فاز بزعامة الحزب، ولهذا سيبقى، كما يعتقد كثير من المحللين، أسير سياسات النقابات العمالية والتي ينظر إليها على أنها غير «مسؤولة وغير واقعية» في مطالبها خصوصا في ظل الأوضاع الاقتصادية العالمية والإضرابات التي تعصف بالعديد من المجتمعات الأوروبية نتيجة سياسات التقشف والتقليص لخدمات الدولة. وفي هذا الأسبوع، وفي خطابه، أوضح إد موقفه من هذه القضية ووقف موقفا ثابتا في وجه النقابات التي تقف ضد تقليص النفقات، وتطالب بزيادة الأجور، وتدعو إلى الإضرابات التي يقف إد ضدها.

ويقول حسن وماكنتاير إن إد قادر على أن يشد إليه التيارات السياسية المختلفة داخل الحزب ويبعد نفسه عن النقابات التي أوصلته إلى القيادة. كما أنه قادر على أن يتصرف باستقلالية وبعيدا عن سياسة «الولاء» والعشائرية تجاه حلفائه السياسيين. ما زال الطريق طويلا أمام إد ليثبت أن قيمه السياسية تختلف عن قيم شقيقه ديفيد، إلا إذا قرر الأخير أن ينافس شقيقه مرة أخرى قبل نهاية الفترة البرلمانية الحالية، أي قبل أن يتمكن إد من خوض الانتخابات العامة المقبلة وهو على رأس الحزب، وهذا ما زال ممكنا من الناحية النظرية.

kumait
24-10-2012, 07:19 PM
السعودية وبريطانيا واستحقاقات التغيير السياسي

التهديدات التي اوصلتها الحكومة السعودية لبريطانيا بتجميد التعاون الاقتصادي ما لم يتوقفالبرلمانيون البريطانيون عن ما اسمته 'التدخل في شؤون دول مجلس التعاون الخليجي خصوصا البحرين' لها دلالاتها السياسية والاخلاقية. فقد ذكرت بي بي سي ان الرياضمنزعجة جدا من تعاطي بعض اعضاء البرلمان البريطاني مع الثورة في البحرين، وان ذلك امر مزعج للسعودية بشكل خاص. فمنذ ان عبرت قواتها الجسر بين البلدين في منتصف شهراذار (مارس) 2011 للمشاركة في قمع الاحتجاجات السياسية وضرب المعتصمين بدواراللؤلؤة، اصبح الوضع السياسي في البحرين قرارا سعوديا.

وقد استطاعت الرياض منعاي موقف غربي ضد ذلك الاجراء الذي يعتبره البحرانيون 'احتلالا'، بينما يراه الكثيرون مغامرة لا تختلف جوهريا عن الاجتياح العراقي للكويت في 1990. وكانت لجنةالعلاقات الخارجية بالبرلمان البريطاني قد انتقدت موقف وزارة الخارجية ازاء ما يجري في البحرين، وطالبتها بتصنيفها ضمن الدول 'المثيرة للقلق'. وتطرقت اللجنة في تقريراصدرته مؤخرا لما اعتبرته من مبررات لذلك التصنيف اهمها فشل حكومة ذلك البلد في القيام باي اصلاح حقيقي او تنفيذ توصيات لجنة تقصي الحقائق او الالتزام بحقوق الانسان.

ومع استمرار الحراك الميداني في البحرين، والاحتجاجات اليومية في شوارعها ووصول تلك الاحتجاجات الى العاصمة في الاسابيع الاخيرة، تشعر السعودية انعليها تشديد الحصار الاعلامي على ثورة ذلك البلد الصغير بحجمه، الكبيربمشاكله.يضاف الى ذلك ان التوتر السياسي الذي بدأ في ذلك البلد الصغير قد انتقلالى عواصم خليجية أخرى، آخرها الكويت التي توترت الاوضاع فيها مؤخرا بعد حل مجلس الامة، وتصاعد نغمة المطالبة بالاصلاح واستهداف امير الكويت شخصيا بالنقد اللاذع،كا فعل مسلم البراك، عضو مجلس الامة.

وشهدت الكويت في الايام الاخير مسيرات ضخمة هي الاكبر في تاريخ الكويت المعاصر تطالب باسقاط الحكومة واعادة النظر في قانون الانتخابات. واعتقلت السلطات عددا من النشطاء والنواب السابقين الذين اعتبرتهم قادة المظاهرة ولكنها افرجت عنهم لمنع تفاقم الاوضاع. وشهدت الامارات، هي الاخرى، توترا امنيا باعتقال اكثر من خمسين شخصا من المحسوبين على حركة الاخوان المسلمين وغلق جمعية الاصلاح التي تعتبر واجهتهم الدينية والسياسية.

من خلال هذه الحقائق تدرك الرياض عددا من الامور:

اولها ان تدخلها العسكري في البحرينلم يحقق هدفه الاساسي وهو القضاء على الثورة، بل زاد المحتجون حماسا للاستمرار في الاحتجاج. واصبح انتقاد العائلة الحاكمة في البحرين يعنيها بشكل اساسي لانها منذ ذلك التدخل اصبحت اللاعب الاول في الساحة، بتواجدها العسكري ودعمها السياسيوالمالي. وتخشى كذلك من تبعات اية مناقشة للوضع البحراني وانعكاساته على اوضاعهاالداخلية وحالة الاحتقان الشديد في مجتمعها وما قد يتمخض عنه من انفجار امني مستقبلا. فاي حديث عن انتهاكات حقوق الانسان يصبح موجها للسياسة السعودية، ولاتستطيع الرياض التنصل من مسؤولية ما توصلت اليه لجنة التحقيق التي تشكلت بزعامة الدكتور شريف بسيوني، بضغط دولي.

ومن ذلك: التعذيب الممنهج الذي لم يتوقف حتى الآن،والقتل خارج القانون وهدم المساجد واعتقال الاطباء وطرد اكثر من اربعة آلاف موظف بحراني من وظائفهم. واصبح جليا ان السعودية تمثل المعوق الاكبر لاية محاولة لاقامة نظام ديمقراطي في الدول العربية. وقد وقفت بوضوح امام ثورة مصر واسقاط حسني مبارك،واستقبلت الرئيس التونسي المخلوع، الديكتاتور زين العابدين بن علي، وتدخلت بقوة لمنع حدوث التغيير المنشود في اليمن، وسعت للتأثير على مسارات ثورتي ليبيا وسوريا. وعندما لا تنجح بشكل كامل تحرك المجموعات التي تمولها للقيام باعمال التخريب وهدم المساجد.

ويشعر المحتجون في البحرين بانهم مستهدفون بشكل مباشر من قبل القواتالسعودية التي ما تزال تعمل في الخطوط الخلفية، ويرتدي افرادها زي القوات البحرينية لمواجهة الاحتجاجات والتظاهرات التي تجري يوميا بدون انقطاع نهارا وليلا. وقدتدخل الامريكيون والبريطانيون امنيا بارسال خبراء شرطة بزعامة الامريكي جون تيمونيوالبريطاني جون ييتس، لادارة الملف الامني. وبرغم ما تدعيه واشنطن ولندن بان وجود هؤلاء الخبراء انما هو بهدف 'تدريب' القوات البحرينية على مراعاة حقوق الانسانعند مواجهة المحتجين او اعتقالهم، فان عدد من قتل من المواطنين سواء في الاحتجاجات ام السجون ام نتيجة الاستخدام المكثف للغازات الكيماوية ومسيلات الدموع يفوق اضعافاعدد الذين سقطوا قبل اجتياح البحرين. السعودية تعلم ان اي انتقاد لممارسات نظام الحكم في ذلك البلد يمسها بشكل مباشر لانها المسؤولة المباشرة عما يجري في شوارعالبحرين وسجونها، ولا تستطيع التنصل من مسؤولية ما يجري لانها هي التي وفرت لنظام الحكم القدرة على مواجهة ثورة الشعب. ويستحيل على اي نظام ديكتاتوري ان يحترم حقوق الانسان او يلتزم بالمواثيق الدولية في مواجهة الاحتجاجات او يتخلى عن تعذي بمعارضيه والتنكيل بمن يعبر عن رأيه علنا.

ثانيها: ان الرياض تدرك ان قبضتهاالحديدية على مجلس التعاون بدأت تتداعى. فسعت لاسترجاع الهيمنة على المجلس ولكن باساليبها المعهودة غير الناجحة، مستغلة نفوذها المالي على المجموعات او المؤسسات المختلفة، او النفوذ الديني عبر المجموعات السلفية التي تنضوي تحت عباءتها. ومايجري في الكويت من احتقان متصاعد ليس منفصلا عن التأثير السعودي على المجموعاتالقبلية والسلفية. فالكويت انتهجت سياسة مختلفة مع كل من العراق وايران، كما هي سلطنة عمان، الامر الذي اظهر مجلس التعاون متباينا ليس في اوضاعه الداخلية فحسب، بل في سياساته الخارجية ايضا. وليس مستبعدا ان يكون الاحتقان في الكويت بتحريك من الرياض هدفه اعادة حكومتها الى بيت الطاعة تحت العباءة السعودية. وبرغم ما يبدو من نتناغم في المواقف بين الرياض والدوحة، فالسعودية ليست مرتاحة لقفز الاخيرة علىالدور السعودي في القضايا الاقليمية، خصوصا خلال الربيع العربي الذي برزت قطر فيه كلاعب اساسي.

وجاء التدخل السعودي في البحرين ليس لحماية حكم العائلة الخليفية فحسب، بل لايصال الرسالة واضحة لقطر والامارات: بان السعودية قد تسكت طويلا ولكنهالن تتردد في اتخاذ القرار الحاسم اذا اقتضت الحاجة. وانزعجت السعودية بشكل خاص عندما سعى امير الكويت العام الماضي للقيام بمبادرة سياسية لحل الازمة والتقىم مثلوه ببعض زعماء المعارضة السياسية في البحرين، وهي مبادرة سرعان ما رفضهاالسعوديون بشكل حاسم. وكان ذلك رسالة واضحة لحكومات الخليج، بعدم محاولة القفز على الدور السعودي خصوصا في محيط مجلس التعاون. السعودية تتعامل مع دول المجلس بانهاتابعة لها وليست مستقلة الا ضمن اطر محدودة، ولا تتردد في استخدام اية وسيلة لضمان عدم التمرد. وربما نجحت في ذلك لو لم تسع لالغاء سيادة عائلات الحكم في الدولالاخرى بانتهاك حدودها والسيطرة على مساحات من اراضيها، فقد احتلت مساحة واسعة منارض دولة الامارات تشمل حقل الشيبة النفطي، الامر الذي ادى الى توتر العلاقات بين البلدين حتى الآن. وما تزال تحتل مساحات كويتية خصوصا في الجنوب وفي محيط ماكان يسمى سابقا 'المنطقة المحايدة' على الحدود المشتركة في غرب الكويت. وبرغم الصمت الحالي، فان العلاقات بين السعودية وقطر فاترة جدا، لان قطر تمارس دورا اقليميا ساهم في تقزيم الدور السعودي، الامر الذي ازعج الحكومة السعودية واشعرها بان نفوذهاضمن منظومة مجلس التعاون يتراجع تدريجيا. ولا يستبعد ان يكون تحريك الاوضاع في الكويت رسالة لقطر والامارات ايضا، بان لدى السعودية مفاتيح قادرة على فتح بوابات الصراع الداخلي في تلك البلدان.

ثالثها: انه بدلا من القضاء على ثورة البحرين،انتقلت الثورة الى العمق السعودي. وبعد الاجتياح السعودي للبحرين في منتصف اذار (مارس) 2011 انتفض مواطنو المنطقة الشرقية ضد ذلك التدخل وطالبوا باصلاحات سياسية يستحيل على الحكم الملكي تحقيق شيء منها. وتواصل الحراك الميداني في القطيف والعوامية وغيرهما وادى الى استشهاد اكثر من 15 شخصا برصاص قوات الجيش والشرطة،واعتقل المئات من مواطني تلك المنطقة لتتصاعد اعداد السجناء بشكل متصاعد. وقد اصبحت قضية السجناء السياسيين واحدة من اكبر التحديات التي تواجه الحكم السعودي.

فهناك اكثر من عشرين الف معتقل في سجون عديدة، مضى على بعضهم اكثر من عشرة اعوام واعتقل هؤلاء بتهم شتى من بينها الانتماء لتنظيم القاعدة او القيام بانشطة سياسية ترفضهاالعائلة السعودية. ويقضي هؤلاء السجناء سنوات عمرهم في السجن بدون محاكمات عادلة. ويمكن القول ان استمرار سجن هؤلاء يمثلون واحدا من اكبر التحديات للنظام السعودي. فان اطلق سراحهم فستغضب الولايات المتحدة الامريكية التي تخشى انتماءهم لتنظيم القاعدة، ويمثل اطلاق سراحهم تهديدا للامن الامريكي وضربة لسياسة الحرب على الارهاب. وان استمرت في سجنهم فسوف تتواصل الانتقادات للنظام السعودي، لان ذلك يمثل انتهاكا فاضحا لحقوق الانسان.

وقد بدأت عائلات هؤلاء السجناء تعبر عن غضبهاالشديد ضد النظام السعودي بسبب استمرار سجن ابنائها بالتظاهر بشكل شبه يومي في شوارع المدن السعودية كالرياض والجوف والقصيم والمدينة. وقد اصبح سجن الطرفية فيالرياض مسرحا للاحتجاجات المطالبة بالافراج عن السجناء. انها ازمة متواصلة لنتتراجع بسهولة، بل ستضغط على الحكم السعودي ومن شأنها ان تنفجر في شكل تظاهرات واحتجاجات خصوصا مع استمرار سياسات القمع والاستبداد وغياب حكم القانون المؤسس على خيار الشعب. وهنا يتضح فشل سياسة التدخل السعودية في شؤون الشعوب الجارة. وقد سبقان تكبد الجيش السعودي خسائر كبيرة عندما اجتاح الاراضي اليمنية قبل بضع سنوات. واستطاعت مجموعة الحوثيين القليلة العدة والسلاح صد التدخل السعودي وأسر العشرات منجنوده، الامر الذي اضطر القوات السعودية للانسحاب بدون تحقيق اهدافها.

رابعها: لقداصبح واضحا تراجع الدور السعودي على الصعيد الاقليمي. ولذلك اسبابه الموضوعية منبينها شيخوخة الجيل الحاكم من ابناء عبد العزيز وتشوش منظومة الحكم ازاء قضاياالتطوير السياسي والدور الاقليمي للمملكة. كما ان صعود انظمة جديدة في مصر وتونسوليبيا اصبح يصادر الدور السعودي تدريجيا. فوجود انظمة حكم منتخبة في هذه البلدان يحاصر منظومة الحكم السعودية المؤسسة على تغييب دور الشعب عن الحكموالادارة والشراكة السياسية. كما ان تراجع السياسة الامريكية في المنطقة ادى الى اضعاف موقف واشنطن ومعها السعودية، الحليف الاكبر للولايات المتحدة، وذيلها السياسي في المنطقة.

ويتوقع صعود دور مصر الاقليمي تدريجيا وان كانت السعودية تسعى لمنع ذلك. وأظهر الصراع في سوريا تباين اولويات الدول التي وقفت ضد نظام بشار الاسد،وتعمق الصراع على النفوذ في ما بينها. فتركيا لم تستطع اثبات دورها بوضوح وفاعلية،وكذلك السعودية التي اتسمت سياستها بالغموض من جهة والسعي لاستكمال مشوار التناف سمع تركيا من جهة اخرى. وقد تقزم الدور السعودي باستعادة مصر، بعد انتخاب الدكتورمحمد مرسي، جانبا من دورها الاقليمي. وثمة ظاهرة آخذة في التصاعد تتمثل باستيعاباطراف سياسية عديدة في الثورات العربية حقيقة استهداف المساجد ودور العبادة في هذهالبلدان. وقد دفعت ليبيا اغلى الاثمان حيث استطاعت الميليشيات المدعومة من السعوديةتدمير قطاع واسع من المساجد التاريخية في عدد من المدن والبلدات الليبية. ويشعرالليبيون بخسارة كبيرة بضياع هذا الإرث التاريخي الانساني ويحثون الآخرين على التصدي لعملية ابادة التاريخ ومعالمه.

وهكذا الامر في مصر التي استهدفت فيهامساجد الصوفيين وحدثت في اثر ذلك محاولات عديدة لاحتواء الظاهرة السلفية بدون جدوى. وقد تعمقت نقمة قطاعات واسعة من المواطنين ضد السعودية التي يعتبرونها اساسالاستهداف المذهبي والطائفي، وان بعض الحركات السلفية تحولت الى اذرع امنيةللسعودية تصفي بها الحسابات مع الجهات التي تختلف معها سياسيا او مذهبيا. حالةالاستقطاب لغير صالح الحكم السعودي اضعفت دوره وموقعه على الصعيد العربي وهمشته بشكل غير مسبوق.

يضاف الى ذلك ان هناك قلقا من تداعيات الوضع السوري الذي قديؤدي الى تقسيم سوريا في حال استمرت تلك التداعيات. فان حدث ذلك اصبحت تركيا والعراق ومصر والسعودية مهددة بالتقسيم، على غرار ما حدث في السودان.

فالسعودية ليست شعبا متجانسا بل اقاليم غير متجانسة وغير منسجمة نتيجة سياسات الحكم المركزيفي الرياض، وان ضعف القبضة الامنية سيؤدي الى انفراط الوحدة القلقة التي فرضهاالملك عبد العزيز بقوة السيف.

فالى اين يتجه الوضع السعودي؟
وهل ستستطيع الرياض ان تبحر في هذا البحر اللجي باستخدام مهاراتها القديمة المؤسسة على استعمال الدولارالنفطي لبسط النفوذ الاقليمي؟
هذه التساؤلات تقلق حكام السعودية وتزعجهم وتفرض عليهم اعادة النظر في حساباتهم وافتراضاتهم.

د. سعيد الشهابي كاتب وصحافي بحريني يقيم في لندن

kumait
02-11-2012, 08:46 PM
http://studies.aljazeera.net/ResourceGallery/media/Images/2012/10/24//2012102413122767734_2.jpg
ميت رومني: أضواء على رئيس الولايات المتحدة المحتمل
محمود حمد

"طلب الصعاب يقوي الرجال"
"The pursuit of the difficult makes men strong"
من مقولات ميت رومني المفضلة نقلا عن والده 1

لا يعتبر ويلارد ميت رومني المرشح الجمهوري لانتخابات الرئاسة الأميركية من الشخصيات المعروفة خارج الولايات المتحدة، وبالذات في الوطن العربي. ومن ثم فان طبيعة شخصية رومني، وبالتالي سياسياته المتوقعة -إذا قدر له الجلوس على سدة الرئاسة في المكتب البيضاوي- تعد لغزا كبيرا للمتخصصين وغير المتخصصين على حد سواء.

ويمكن القول بوجود ثلاثة مفاتيح لسبر أغوار شخصية المرشح الجمهوري الذي قد يكون في أشهر قليلة الرئيس الخامس والأربعين للولايات المتحدة: المفتاح الأول لفهم شخصية رومني هو خلفيته الدينية المختلفة عن كل رؤساء أميركا السابقين، أما المفتاح الثاني فيركز على أصول رومني العائلية، وسنيّ النشأة الأولى، ومشواره الدراسي، وأخيرا، فان المفتاح الثالث هو تجاربه المهنية والسياسية.

أولا: الخلفية الدينية

ينتمي رومني لكنيسة يسوع المسيح لقديسي اليوم الآخر المعروفة إعلاميا بطائفة المورمون، وهو في ذلك يختلف عن كل رؤساء الولايات المتحدة السابقين. فباستثناء جون فيتزجيرالد كيندى الكاثوليكي، انتمى كل رؤساء الولايات المتحدة إلى طائفة المسيحيين الإنجيليين وهى ديانة الأغلبية تاريخيا. والمورمون إحدى الأقليات الدينية الصغيرة في الولايات المتحدة، فهم يشكلون نحو 1.7% من السكان وهى نسبة تقارب عدد اليهود وتفوق عدد المسلمين والبوذيين. ويقدم المورمون أنفسهم باعتبارهم مسيحيين، ولكن الكثير من المسيحيين وبخاصة الأصوليون منهم يشككون في ذلك2 .

وتعتبر المورمون ديانة أميركية بامتياز؛ فقد تأسست الطائفة في ولاية نيويورك على يد جوزيف سميث الذي نادى بنفسه نبيا مرسلا3 . وفي إبريل/نيسان 1840 وبعد نشر كتاب المورمون أسس سميث مع خمسة من أتباعه كنيسة يسوع المسيح لقديسي اليوم الآخر في ولاية ميسوري، ولكن أهل الولاية تصدوا لهم وقاموا بطردهم، فهاجروا إلى ولاية إلينوي. وقد حققت الدعوة نجاحا لافتا في الفترة الأولى، ولكن الكثيرين وصموا سميث وأتباعه بالهرطقة، ولذلك أمر حاكم الولاية بإيداعه السجن هو واثنين من أتباعه لحين محاكمتهم، وفي 1844 ادعى جوزيف سميث بأنه قد تلقى إعلانا إلهيا بتعدد الزوجات، فثار عليه أهل المدينة، وهاجموا السجن، وحدثت معركة قتل فيها جوزيف وله من العمر 39 عاما. وعقب قتل جوزيف سميث تولى القيادة بعده بريجهام ينج، فقاد المئات من أتباعه إلى ما يعرف الآن بولاية يوتاUtah هربا من الاضطهاد، حيث عملوا بالزراعة، وقاموا ببناء حاضرة كبيرة في الصحراء "سولت ليك سيتي".

وتاريخيا استمر تعرض أبناء الطائفة للاضطهاد، الأمر الذي دفع الكثيرين من أبناء الطائفة وبينهم جد رومني للهجرة إلى المكسيك حيث ولد جورج رومني. ولكن الأسرة اضطرت للعودة للولايات المتحدة بعد اندلاع الثورة في المكسيك وقيام الثوار بتهديد الرعايا الأميركيين.

ويؤمن أتباع الطائفة بالإنجيل، وإن كانوا يعتقدون أنه قد أصابه التحريف، ولذلك، فإن كتاب "مورمون" هو كلمة الله غير المحرفة. ويدعي المورمون أنهم قد أحيوا الكنيسة الحقيقية التي أسسها السيد المسيح، وأن المسيحية قد عاشت في الارتداد والوثنية لمدة 18 قرنا حتى جاء سميث فأعلن الحق وأعاد الإنجيل الصحيح الذي فُقد (إنجيل المورمون).

ويؤمن المورمون كذلك بأن السيد المسيح سيبعث في القدس، ولكنه سيؤسس دولته في القارة الأميركية، وتحديدا في ولاية ميسوري. ويمتنع المورمون عن المسكرات وشرب الشاي والقهوة، ويحرصون على زيادة عدد أعضاء الكنيسة، ولذلك يتزوجون مبكرا وينجبون العديد من الأبناء كما يحرصون على التبشير بديانتهم في الولايات المتحدة وخارجها4 . وتعتبر الأسرة من الركائز المقدسة في المجتمع المورموني ويمتنع أبناء الطائفة عن إقامة علاقات خارج إطار الزواج، كما تقف الكنيسة موقفا صلبا ضد الإجهاض ومثلي الجنس.

وقد سببت الاختلافات العقائدية وبخاصة تعداد الزوجات الكثير من الإشكالات السياسية تاريخيا للكنيسة. فقد منع الكونجرس الاعتراف بيوتاه كولاية مستقلة، ووضعت "مقاطعة الصحراء" كما كانت تعرف تحت الحكم الفيدرالي المباشر من واشنطون. وبهدف الحصول على الاعتراف بمقاطعتهم كولاية أصدرت الكنيسة بيان 1890 الذي حظر تعداد الزوجات، وتم النص على هذا الحظر في دستور الولاية كشرط من شروط الانضمام إلى الولايات المتحدة.

وتعمل الكنيسة على زيادة النفوذ السياسي للطائفة، حيث يعتبر المرمون من الأقليات الفاعلة في الساحة السياسية الأميركية، ولا يفوقهم في حجم تمثيلهم السياسي بين الأقليات على المستوى الفيدرالي غير اليهود. فعلى الرغم من أن المورمون يشكلون 1.7% من المجتمع، ولأن أغلب هذه النسبة من الأطفال دون الثامنة عشرة الذين لا يحق لهم التصويت، فإن عدد أعضاء الكونجرس من أبناء الطائفة يبلغ العشرة بنسبة تبلغ 2.3%، وتزيد النسبة إلى 5% في مجلس الشيوخ بمن فيهم زعيم الأغلبية الحالي السيد هارى ريد.

http://studies.aljazeera.net/ResourceGallery/media/Images/2012/10/24/2012102413032579734_8.jpg
شكل 1: النسبة المئوية لتمثيل الأديان المختلفة في المجتمع ومجلسي النواب والشيوخ (2011-2013)

وعلى الرغم من هذا النفوذ السياسي، وتحسن النظرة المجتمعية نسبيا في السنوات الأخيرة، فإن رجل الشارع لا يعرف الكثير عن هذه الطائفة التي تُبقى طقوسها وعقائدها سرا لا يطلع عليه الغرباء من غير أبناء الطائفة 5. ولذلك، فقد حرص ميت رومني على عدم لفت الأنظار لانتمائه الديني، وبخاصة خلال الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري حيث تنتمي كتلة كبيرة من الناخبين لليمين الديني المحافظ. ومن الملاحظ أن الفيلم الدعائي الرسمي الذي أصدرته حملته الانتخابية ومدته أكثر من عشر دقائق يخلو من أى ذكر عن الدين، وهو أمر شديد الغرابة لمرشح ينتمي للحزب الجمهوري حيث أغلب مناصري الحزب من المتدينين 6. كما يخلو التقديم الرسمي من أية إشارة للفترة التي قضاها رومني في فرنسا للتبشير بديانته. وربما تكون هذه الخلفية أهم الأسباب التي دفعت رومني لاختيار بول راين كشريك في التذكرة الانتخابية الرئاسية. فراين الكاثوليكي المعروف بانتمائه الديني المحافظ يعد من الشخصيات السياسية المفضلة لدى قطاعات عريضة من الناخبين المتدينين الذين مافتئوا يساورهم الشك في معتقدات رومني الدينية.

ثانيا: النشأة والتعليم

ولد ميت رومني في ولاية ميتشجان في 12 مارس/آذار 1947، وهو ينتمي لذلك إلى جيل Baby Boomer الذي ولد في أعقاب الحرب العالمية الثانية بعد عودة المقاتلين من جبهات القتال. وقد ولد ميت لعائلة ميسورة وذات نفوذ سياسي كبير؛ فوالده جورج رومني كان من كبار رجال الأعمال والسياسة في ولاية ميتشجان؛ فرومني الأب شغل منصب رئيس مجلس إدارة شركة السيارات الأميركية AmericanMotors Corporation بين عامي 1954-1962، ثم انتخب حاكما لولاية ميتشجان لثلاث دورات 1963-1969، وبعد ذلك شغل منصب وزير الإسكان والتنمية الحضرية 1969-1973.

وقد سعى السيد رومني للحصول على ترشيح الحزب الجمهوري في انتخابات الرئاسة عام 1968، ولكنه خسر بطاقة الترشيح إمام ريتشارد نيكسون الذي حظي بتأييد الحزب وانتخب رئيسا. أما والدة ميت، السيدة ليونور رومني، فقد انخرطت في الحياة السياسية، وترشحت دون توفيق عن الحزب الجمهوري في انتخابات مجلس الشيوخ عن ولاية ميتشجان عام 1970. ويبدو أثر العائلة كبيرا في حياة ميت رومني، الذي تتبع خطوات والده ووالدته في مجال المال والأعمال ومن ثم الترشح للمناصب السياسية على مستوى الولاية والحكومة الفيدرالية.

وقد تلقى رومني تعليمه في مدرسة كرانبروك الخاصة في ضواحي ديترويت، وهى المدرسة المفضلة لأبناء النخبة في المدينة. وبعد انتهائه من دراسته الثانوية التحق رومني بجامعة ستانفورد المرموقة ولكنه ترك دراسته بعد عام واحد للقيام بخدمة الكنيسة. ومثله مثل والده، وكحال الكثير من أبناء طائفة المورمون، فقد تطوع ميت رومني للتبشير في الخارج حيث قضى في فرنسا 30 شهرا كاملة 7. وتمنح فترة التبشير في الخارج أبناء الطائفة فرصة الاحتكاك بالعالم الخارجي وتعلم اللغات الأجنبية. ولذلك، فإن أبناء الطائفة من أكثر الطوائف تمثيلا في بعثات الولايات المتحدة في الخارج. وبعد عودته من بعثته التبشيرية التحق ميت رومني بجامعة بيرجهام ينج حيث حصل على درجته الجامعية الأولى.

وتعتبر الجامعة المعروفة اختصارا بـ BYU من أفضل جامعات الولايات المتحدة، ويمتاز طلابها بالدأب والرغبة في التحصيل. ولكونها جامعة الكنيسة، ولإيلائها اهتماما خاصا بتدريس الديانة المورمونية، فإن الأغلبية الساحقة من طلابها من أبناء الطائفة، ومعظمهم قد قام بتأدية بعثته التبشيرية، ولذلك فهم أكبر سنا وأكثر نضجا من نظرائهم من طلاب الجامعات الأخرى. وعند تخرجه، التحق ميت بأحد أكثر البرامج تميزا بجامعة هارفارد العريقة، حيث حصل رومني على إجازة الحقوق وماجستير إدارة الأعمال في آن معا8. ويبدو أن اختيار هذا الطريق المزدوج وليد تنازع الاهتمامات الشخصية والضغوط العائلية في تشكيل مستقبل السيد رومني، فبينما فضل ميت دراسة إدارة الأعمال بهدف العمل في القطاع الخاص، كان رومني الأب يدفع ابنه لدراسة الحقوق، وهى الباب الأبرز للولوج في عالم السياسة في الولايات المتحدة. وفى النهاية فقد اختط رومني طريقا جمع فيه بين الهدفين. وتشير قدرة رومني على الالتحاق بهذين البرنامجين الدراسيين إلى دأبه وتنوع مداركه وقدرته على التحصيل والإجادة 9.

ثالثا: الحياة العملية

وبعد تخرجه من هارفارد بدأ رومني حياته العملية في مجال المال والأعمال وبصفة خاصة تقديم الاستشارات الإدارية للشركات. واستطاع رومني في 1977 الحصول على وظيفة مرموقة في "باين وشركاؤهBain & Company" التي ترقى فيها سريعا ليشغل منصب الرئيس التنفيذي. وفى عام 1984 أسس رومني مع بعض من زملائه شركة أخرى هي باين للاستثمارات Bain Capital التي حققت نجاحا مدويا ومكنت رومني من تكوين ثروة كبيرة ساعدته على الانخراط في الحياة السياسية. وعندما تعرضت باين وشركاؤه لمصاعب جمة في بداية التسعينات من القرن الماضي استُدعي رومني لإنقاذ الشركة فاتخذ إجراءات حازمة، فقلص حصة مؤسسي الشركة بمقدار النصف، وأجرى اقتطاعات كبيرة على المرتبات والمكافآت، وفصل نصف الموظفين، وتفاوض بضراوة مع المقرضين. وقد مكنت هذه الإجراءات الحازمة الشركة على تخطى مصاعبها 10.

وعادة ما يشير رومني ومناصروه إلى نجاحه في قطاع الأعمال الخاص كأحد مصادر تفوقه على الرئيس باراك أوباما الذي قضى معظم حياته العملية في المجالين الأكاديمي والسياسي. ويركز رومني على قدرته على خلق الوظائف وإيجاد الظروف الملائمة للقطاع الخاص للانطلاق. ويكتسب هذا أهمية كبيرة في السباق الرئاسي 2012 بسبب عدم تعافي الاقتصاد الأميركي حتى الآن من آثار الأزمة الاقتصادية، وبسبب معدلات البطالة المرتفعة التي لم تستطع سنوات حكم الرئيس أوباما تخفيضها بشكل ملموس. ولكن أوباما ومناصريه يشيرون إلى أن نجاحات رومني تحققت على حطام الكثير من الشركات التي أغلقت، والعديد من العاملين الذين فقدوا وظائفهم بسبب إقامة مصانع خارج الولايات المتحدة وبالذات في الصين للاستفادة من رخص الأيدي العاملة المدربة.

ويعد الدور الذي لعبه رومني في تنظيم الألعاب الأولمبية الشتوية في مدينة سولت لايك سيتي إحدى المحطات الهامة التي يركز عليها الخطاب الانتخابي للمرشح الجمهورى؛ فمدينة سولت لايك سيتي عاصمة ولاية يوتا حاضرة المرمون في الولايات المتحدة كانت على موعد مع تنظيم الألعاب الأولمبية الشتوية بعد أشهر قليلة من الحادي عشر من سبتمبر 2011. ونظر الكثير إلى ذلك باعتباره مؤشرا على تعافي الولايات المتحدة من هذه الضربة المؤلمة. ولكن عملية التنظيم شابتها فضائح عدة شملت قضية رشوة دولية، وتحقيقات قضائية فيدرالية، واستقالة أعضاء اللجنة المنظمة، وانسحاب الراعيين الرئيسيين 11. وعرض رئيس اللجنة العليا على رومني تولى إدارة اللجنة المنظمة في ظل هذه الظروف لمحاولة إنقاذها من الفشل المتوقع، وهو التحدي الذي قبله رومني ونجح في تحويل الدفة في خلال أشهر قليلة.

وأصبح هذا الإنجاز محطة انطلاق لرومني في مجال السياسة كقائد قادر على تخطى الصعاب، ومدير ناجح في حشد الكفاءات في مجال العمل العام كحاله في قطاع المال والأعمال. وقد أبرز رومني هذا الإنجاز في كتيب ألفه حول تجربته في الألعاب الأوليمبية 12. ويعكس قرار رومني بالموافقة على الانخراط في هذا التحدي بعضا من طبيعة شخصيته المغامرة من جهة، وارتباطه الشديد بالكنيسة من جهة أخرى. حيث اعتبر الكثيرون أن الفشل الذي كان متوقعا للألعاب الأوليمبية في حاضرة المورمون فشلا للكنيسة وقيادتها بسبب الدور المسيطر الذي تلعبه الكنيسة في إدارة المدينة والولاية.

واتخذ رومني من هذا النجاح محطة للانطلاق في عالم السياسة، حيث ترشح لمنصب حاكم ولاية ماساتشوستس بعد شهر واحد من انتهاء الألعاب الأوليمبية. فبعد عامين من الفشل في الفوز بعضوية مجلس الشيوخ عن الولاية نجح رومني في الفوز بمنصب حاكم ماساتشوستس. وعادة ما يشير رومني إلى نجاحه في القضاء على عجز كبير في موازنة الولاية قدر ب 1.5 بليون دولار كدليل على قدرته على محاربة العجز الهائل للحكومة الفيدرالية ومكافحة التضخم الكبير في حجم الدين العام للولايات المتحدة 13. ولكن رومني حرص على عدم لفت الأنظار خلال الانتخابات التمهيدية بالذات إلى إنجازه الأبرز خلال ولايته المتمثل في قانون ماساتشوستس للرعاية الصحية، الذي شمل تغطية تأمينية طبية للغالبية الأعظم من ساكني الولاية للمرة الأولى في تاريخ أى ولاية أميركية. ويشبه هذا القانون إلى حد كبير قانون أوباما للرعاية الصحية الذى يلقى معارضة عاتية من الحزب الجمهوري واليمين المحافظ. وقد حرص رومني مثله مثل أى سياسي متمرس على تبيان الفوارق بين قانونه وقانون أوباما بهدف التأكيد على اتجاهه لتقليص دور الحكومة الفيدرالية في الاقتصاد والمجتمع.

وبعد انتهاء ولايته كحاكم، سعى رومني لتحقيق الحلم الذي عجز رومني الأب عن تحقيقه. فقبيل يوم واحد من انتهاء ولايته في 4 يناير/كانون الثاني 2007 أعلن رومني عن انخراطه في المنافسة بهدف الفوز بترشيح الحزب الجمهوري في الانتخابات الرئاسية عام 2008. ورغم تقدمه المبدئي فان الحملة الانتخابية سرعان ما تراجعت ليفوز جون ماكين بترشيح الحزب. لكن رومني المعروف بدأبه استمر خلال الأعوام الأربعة الماضية في بناء قاعدة تأييد داخل الحزب وفى جمع المال اللازم لخوض غمار حملة انتخابات تمهيدية ممتدة ومكلفة. وقد مكن ذلك ميت رومني من أن ينال شرف الترشح عن الحزب الجمهوري كأول مرشح من المورمون.

ماذا نستطيع أن نستنتج من ذلك؟

يشير سجل رومني في مجال الأعمال والسياسة إلى قدرته على الحسم وعدم تردده في اتخاذ القرارات الصعبة، وإذا ما تلاقى ذلك مع تقاليد الحزب الجمهوري في السياسة الخارجية والانتقادات المتوالية ضد سياسة أوباما الخارجية وبالذات فيما يتعلق بالشرق الأوسط (الصراع العربي- الإسرائيلي وتطورات الربيع العربي) فإنه يمكن توقع تحول في السياسة الخارجية الأميركية في ظل إدارة يرأسها رومني. ومن المنطقي أن يثير ذلك قدرا من التوجس في العواصم العربية وبالذات دول الربيع العربي التي تولت فيها أحزاب تنتمي للتيار الإسلامي السلطة. وهناك الكثير من مراكز الدراسات السياسية والإستراتيجية القريبة من الحزب الجمهوري تريد للولايات المتحدة أن تمارس قدرا أكبر من التأثير في تشكيل البنية السياسية والدستورية للدول العربية التي تتحول إلى الديمقراطية. وعلى العكس من أوباما الذي لا يربطه ود كبير برئيس الوزراء الإسرائيلي نتينياهو فإن رومني لا يخفى تأييده الكامل لإسرائيل وساستها، وقد حرص المرشح الجمهوري على أن تكون إسرائيل إحدى الدول القلائل التي قام بزيارتها منذ فوزه بترشيح حزبه للرئاسة. كما حرص على تأكيد دعمه الكامل للدولة العبرية وسياستها.

وقد أثار رومني كثيرا من الاستهجان عندما ألمح خلال زيارته للقدس إلى أن اختلاف الثقافة تفسر تخلف الاقتصاد في الأراضي الفلسطينية عن نظيره الإسرائيلي 14. ولم يحمل هذا إعجابا مطلقا بإسرائيل فحسب وإنما نظرة استعلائية تجاه الثقافة العربية والإسلامية تماثل كثيرا مما يردده كتاب اليمين المحافظ في الولايات المتحدة. ويشير ذلك إلى احتمالية سياسة خارجية أميركية أقل تفهما للمصالح العربية وأكثر اقترابا من سياسية إسرائيل في المنطقة إذا ما قدر لرومني الجلوس في المكتب البيضاوي في يناير/كانون الثاني القادم.
_____________________________________

محمود حمد - أستاذ مساعد العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعتي القاهرة (مصر) ودراك (الولايات المتحدة)
المصادر
(1) Mitt Romney, No Apology: The Case for American Greatness.
(2) يمكن القول إن النظرة المجتمعية للمورمون في الولايات المتحدة تشبه النظرة الاجتماعية للمنتمين إلى الطائفة الدرزية في الوطن العربي.
(3) ولد جوزيف سميث 1805 م بولاية فيرمونت بأميركا. ويدعى أنه وهو في سن الرابعة عشرة تلقى وحيا بأن جميع الكنائس مخطئة، ومن ثم لم ينضم لأي كنيسة من الكنائس المسيحية التقليدية. كما ادعى جوزيف أنه وهو في سن السابعة عشرة ظهر له ملاك يدعى "مورونى" وأرشده إلى كتاب المورمون المكتوب على ألواح ذهبية باللغة المصرية القديمة المعدلة.
(4) لا يتزوج المورمون عادة من خارج الطائفة، وقد حرص ميت وأسرته على العمل على تحول آن رومنى إلى المورمونية قبل زواجهم.
(5) بمناسبة ترشيح رومني قامت الكنيسة بتمويل حملة إعلانية ضخمة لتقديم أبناء الطائفة في صورة المواطن العادي غير المختلف في سلوكه أو اهتماماته عن أغلب الأميركيين.
(6) يمكن مشاهدة هذا التقديم الانتخابي على الموقع الرسمي للحملة: http://www.mittromney.com/learn/mitt
(7) يعتبر التبشير في الولايات المتحدة وخارجها من المهام المقدسة لأتباع الطائفة وشرطا أساسيا للترقي في المجتمع.
(8) على العكس من نظام التعليم في العالم العربي فإن دراسة الحقوق في الولايات المتحدة تدخل في نطاق الدراسات العليا التي يُلتحق بها بعد إتمام الدرجة الجامعية الأولي. وتعتبر دراسة الحقوق وبالذات في جامعات النخبة كهارفارد ويال بمثابة مفتاح الدخول إلى صفوة رجال السياسة والأعمال.
(9) من المفيد التذكير بأن الرئيس بوش الابن قد التحق بهارفارد لدراسة إدارة الأعمال بينما التحق الرئيس أوباما بذات الجامعة لدراسة القانون.
(10) George Glider, Romney, Bain, abdMe, The American Spectator, September 2012, 24-25.

(11) كُشف النقاب عن أن المنظمين قاموا بمنح بعض أعضاء اللجنة الأوليمبية الدولية رشا مالية وهدايا ومنح دراسية لضمان فوز المدينة بهذا الشرف الكبير خلال عملية الاختيار في شتاء 1989-1999.

(12) Mitt Romney and Timothy Robinson, Turnaround: Crisis, Leadership, and the OlympicGames.
(13) تخطى الدين الأميركي حاجز 16 تريليون دولار وعجز الموازنة السنوي مبلغ التريليون دولار خلال العام الحالي!
(14) أثارت هذه العبارات وغيرها خلال رحلة رومنى الخارجية انتقادات عديدة في الإعلام الأميركي، حتى إن صحيفة واشنطون بوست الذائعة الانتشار عنونت تغطيتها بأن رومنى لا يزال لديه الكثير لتعلمه " Mitt Romney’s international trip: Still on a learningcurve?"

kumait
02-11-2012, 08:59 PM
عندما انحنى كبير الجلادين عند حذاء الضحية
تجربة جنوب أفريقيا في انتقال سلمي للسلطة، من نظام أقلية مذهبها العنصرية والفصل العنصري،
إلى نظام نقيض أساسه التساوي أمام القانون، ما أمكن!
زياد منى

قيل: الثورة يطلقها مغامر، ويسير بها ثائر، ويجني ثمارها الجبان والانتهازي والثري. هذه القاعدة، لكن ثمة استثناءات، خصوصًا في الثورات التحررية الوطنية، عندما تنتصر، والاستثناء لا يلغي القاعدة، بل يؤكدها.

الآن، ونحن ننظر إلى عالمنا العربي، نرى مشاهد في بلاد الحراك حيث "الشعب غيَّر النظام!"، ويبدو أن المنظر لم يتغير، بل بعض "اللاعبين" ليس أكثر. فما زلنا نرى على شاشات الفضائيات مشاهد المظاهرات في الشوارع وقمع الشرطة والاشتباكات بين المعارضة والموالاة، أي بين "الأغلبية" و"الأقلية"، وبين المتظاهرين والشرطة. كذلك نسمع عن اغتيالات معارضين وقصف متبادل بين بلدات وما إلى ذلك من المشاهد المروعة.

" يبدو أن المنظر في عالمنا العربي لم يتغير،بل بعض اللاعبين ليس أكثر، فما زلنا نرى على شاشات الفضائيات مشاهد المظاهرات فيالشوارع وقمع الشرطة والاشتباكات بين المعارضة والموالاة "

وكنا من قبل عبّرنا عن خشيتنا من تبسيط الأمور والدفع باتجاه شعارات شعوبية لا تسمن ولا تغني من جوع، فإسقاط "إدارة" نظام ما قد يبدو سهلاً، لكن إقامة إدارة جديدة للنظام نفسه -على أساس منتصر ومهزوم- عبثية، ولن تؤدي إلا إلى إطالة الأزمات واشتداد تعقدها، وبالتالي ازدياد صعوبة البحث عن حل قائم على المصالحة الوطنية التاريخية. والمصالحة الوطنية كما نعرف، لا تتم بين أصدقاء، وإنما بين غرماء في الوطن.

رغم كل المشاهد المروعة عن صراعات في بعض بلادنا، فإننا لا نريد نشر روح اليأس وفقدان المقدرة على وضع بوصلة المحارب. قلنا من قبل: لا شرعية لثورةٍ ليست فلسطينُ شعارَها. لكن من الواضح أن القوى السائدة والمهيمنة -على الأقل إعلاميًا- على حراكات بعض الدول العربية، لا تكترث بفلسطين ولا حتى بالحرم الشريف والمسجد الأقصى أولى القبلتين وثالث الحرمين، ولا بكنيسة القيامة في القدس المحتلة وكنيسة المهد في بيت لحم المحتلة، ولا بالناصرة المحتلة، وهمها الوحيد ذاك الكرسي اللعين، إضافة إلى رغبة جامحة لدى البعض في الانتقام من الغريم إلى حد إلغائه- أي حمل السلاح وقتله- أيًا كانت النتائج، مع أن هذا الطريق أثبت عقمه، وأن الاقتتال لن يقود إلى نتيجة مفيدة، بل إحدى نتائجه تدمير الأوطان، والشعوب، وجعل المصالحة/ التسوية/ المساومة الوطنية أمرا غاية في الصعوبة.

ويقال أيضًا: اشتدي أزمةُ تنفرجي، والمقصود بذلك أن الفرقاء لن يجلسوا على طاولة ويبدؤون الحوار لحل أزمة ما، إلا بعدما يصلون إلى قناعة بعبثية ما يفعلون، وأن الطريق الوحيد المتاح أمامهم للخروج من المأزق التاريخي الذي أُوقعوا به أو أوقعوا به أنفسهم، هو الحوار والتفاهم.

هذا غالبًا ما يحدث بعد فوات الأوان، وبعدما يكون الدمار المادي والروحي والنفسي قد استفحل. لكن ثمة تجارب من التاريخ جلس الفرقاء (قبل فوات الأوان) فيها سوية وتحاوروا وتوصلوا إلى حل وسط يعطي لكل ذي حق حقه (من منظور كل طرف في النزاع)، وأعني هنا تجربة المناضلين في جنوب أفريقيا أيًا كانت انتماءاتهم الحزبية، بقيادة الزعيم الأسطوري نيلسون منديلا.

تجربة جنوب أفريقيا في انتقال سلمي للسلطة، من نظام أقلية مذهبها العنصرية والفصل العنصري، إلى نظام نقيض أساسه التساوي أمام القانون، ما أمكن! تلك هي تجربة جنوب أفريقيا التي سيبقى تاريخها الحديث مرتبطًا بالتسوية التاريخية الكبرى التي صاغها منديلا.

هذه التجربة يبدو أننا في بلادنا العربية لسنا على دراية بها، مع أن شعوب أمتنا تناضل وتضحي بكل ما تملكه الجماهير الفقيرة المعدمة، التي جردها الطغاة من كل مقومات الحياة المادية والروحية، وفي مقدمة ذلك العيش كبشر ذوي كرامة، ضحى أجدادهم بأموالهم وأرواحهم كي يحرروا الوطن من المستعمر.

كثير من "الجهلة" يدّعون أن انهيار نظام بريتوريا العنصري وتسليمه بالواقع السكاني والاقتصادي في جنوب أفريقيا، لم يكن ممكنًا قبل هزيمة المعسكر الشيوعي حيث زالت أخطار "وهمية" بأن المناضلين الأفارقة المنضوين تحت راية المؤتمر الوطني الأفريقي وغيره من التنظيمات السياسية، ما هم إلا مجموعة شيوعية هدفها تقويض إحدى قلاع "العالم الحر" المزعوم.

كثير من المدعين كتبوا عن ذلك، لكن من دون معرفة تفاصيل التطورات الداخلية التي أطلقت العملية التفاوضية التي أدت إلى نيل البشر السود من أهل البلاد حقوقهم القانونية.

" عملية الانتقال السلمي في جنوب أفريقيا كانتعلى جانب كبير من التعقيد، وشهدت تقلبات كثيرة وعمليات صعود وهبوط، وتفاؤل وأقصىدرجات التشاؤم "

الواقع أن عملية الانتقال السلمي كانت على جانب كبير من التعقيد، وشهدت تقلبات كثيرة وعمليات صعود وهبوط، وتفاؤل وأقصى درجات التشاؤم. وبالنظر في وثائق عملية الانتقال تلك، من بداياتها التي انطلقت من علاقات شخصية بين أطراف في جنوب أفريقيا متصارعة ولكنها في الوقت نفسه مصممة -وإن بدرجات متفاوتة- على استبدال نظام "صوت واحد لكل ناخب" بالنظام العنصري المكروه عالميًا، والذي لم يكن يحظى بتعاطف "مستتر أحيانًا" إلا من بعض دول الغرب الاستعمارية، وفي مقدمتها إدارة مارغريت ثاتشر في بريطانيا، التي لم يكن ينافسها في عشق ذلك النظام البغيض سوى كيان العدو الصهيوني والذي وثقه باحث جنوب أفريقي -يهودي، إن كان هذا الأمر يهم البعض- في كتاب "التحالف المسكوت عنه"، وقد سبق لنا عرض الكتاب في موقع الجزيرة نت.

لقد مرت عملية الانتقال التفاوضي بمراحل مختلفة بدأت باتصالات شخصية شارك فيها رجال أعمال جنوب أفريقيين وأوروبيين، في بيوت تقع وسط الغابات وفي غرف فنادق في سويسرا، بعيدة عن أعين المتطفلين والصحفيين الذين لو اطلعوا عليها لألحقوا بالعملية أخطارا حقيقية.

ومع أن سرية المحادثات بين الطرفين -والتي امتدت سنين طويلة- كانت حاسمة لاستمرار البحث عن حل سلمي يضمن للبشر السود في جنوب أفريقيا حقوقهم القانونية في بلادهم، فإن الوثائق ذات العلاقة والحقائق المرتبطة بها، تثبت أن العامل الحاسم الذي مكّن المؤتمر الوطني الأفريقي وحلفاءه من الوصول إلى أهدافهم الوطنية، كان تمسّك قيادته بحقوق شعبها كاملة، ورفض التنازل عن الحقوق الوطنية والمدنية مهما كان حجمها ضئيلاً، إضافة إلى تمسكها بالوحدة رغم محولات نظام بريتوريا زرع الفرقة بين أفرادها ومحاولة خلق تناقضات بين قيادة الداخل، أي في سجون نظام بريتوريا العنصري، وقيادة الخارج التي كانت تقيم بين الجزائر وزامبيا وغيرهما، ورفض إملاءات الخارج ومغرياته انطلاقًا من معرفة حقيقة أن الشيء الوحيد الذي يقدم مجانًا هو قطعة الجبن في مصيدة الفأر!

سرية المفاوضات كانت ضرورية لأن "الرؤوس الساخنة" في كلا المعسكرين كانت متوثبة لإفشال أي حل لا يحقق لها كل مطالبها، أو يضمن سيادتها العنصرية. في الواقع، شهدت مرحلة التفاوض العلني بين الطرفين سقوط عدد من الضحايا في كلا المعسكرين يفوق ما سقط إبان فترة الكفاح المسلح. مع هذا، تمكنت قيادة المؤتمر الوطني الأفريقي، بفضل حنكة زعيمها منديلا وتفانيه من أجل القضية الوطنية، من إثبات صحة الطريق الذي اختطته، والمتمثل في التسوية التاريخية الكبرى عبر التركيز على ما هو جوهري والابتعاد عما هو ثانوي قد يعرقل المصالحة.

لقد اجتمعت عوامل كثيرة ساهمت في إنجاح التسوية التفاوضية في جنوب أفريقيا، أهمها كما نرى، التعالي عن الجراح، والنظر إلى مستقبل أفضل يتساوى فيه كل سكان البلاد أمام القانون، وترك الاتهامات والاتهامات المتبادلة وكل ما يتمسك به صبية العمل السياسي ومراهقوه الذين نراهم يحيطون بنا في بلادنا وأوطاننا.

نيلسون منديلا كان على قناعة بأن الانطلاق من الجراح الشخصية وتقديمها على مصلحة الوطن والشعب لن يؤدي إلا إلى سكب المزيد من أنهر الدماء البريئة، والمزيد من الجراح وإشاعة الخراب في كل زاوية من زوايا الوطن. ويكفي برهانًا على صحة ذلك النظر حولنا لنرى بحور الدموع والدماء الغارقين فيها، ولكي نفهم أن خوض طريق غير المصالحة الوطنية التاريخية لن يغير سوى عدد الضحايا وكمّ الخراب والدمار.

منديلا انطلق في مشروع المصالحة التاريخية من قناعاته كثائر حقيقي يعشق الحياة عشقه لوطن حر. رئيس النظام العنصري أجبر على السير في الطريق ذاته، لكن التاريخ سيكتب أنه ساهم فيه بقسط وإن كان مجبرًا، حيث سجل أنه وصل إلى تلك القناعة عبر رؤية إلهية كانت تطالبه بالسير في طريق التسوية التفاوضية.

إن تجربة التسوية التفاوضية في جنوب أفريقيا فريدة ودرس في حكمة العمل يمكننا، بل علينا جميعنا الاستفادة منها لإخراج أوطاننا من أزماتها الحالية، ودليل عملي وعلمي لا مثيل له، لكيفية السمو عن كل ما هو شخصي، والنظر إلى مستقبل أفضل للجميع، وترك الماضي وإدانة الجاني السياسي لكتب التاريخ.

لذا فإننا في حاجة إلى عقلية مبدعة من أبناء أمتنا الذين لم يتلوثوا بأوهامنا وأكاذيبنا وحالات الإنكار التي تحيط بأعناقنا كحبل المشنقة، يتعلمون من دروس من سبقنا من شعوب العالم المظلومة، حتى يقدروا على ابتداع طرق تجنب أوطاننا الدمارَ الكلي والمنطقة الخرابَ الشامل.

" التاريخ يعلمنا أن المصالحة التاريخية الكبرىكانت نهاية كل أزمة وطنية. وكل من ظن أنه ربح الحرب الأهلية، اضطر في نهاية المطافإلى الدخول في مساومة تاريخية تعيد التوازن بين مكونات الوطن "

لنتذكَّر أن التاريخ يعلمنا أن المصالحة التاريخية الكبرى كانت نهاية كل أزمة وطنية. وكل من ظن أنه ربح الحرب الأهلية، اضطر في نهاية المطاف -أي بعد خراب البصرة- إلى الدخول في مساومة تاريخية تعيد التوازن بين مكونات الوطن، أي الشعب، وأنه ليس ثمة رابح وخاسر في الحرب، هناك منتصر ومهزوم، لكن الكل خاسر.

لقد توهم عنصريو جنوب أفريقيا بديمومة سيادتهم، وانطلقوا من وهمهم بأن انتماءهم إلى "العرق" الأبيض يمنحهم حقًا إلهيًا لاستمرار الهيمنة على البلاد. لكن الوقائع التاريخية أثبتت عكس ذلك، وأجبرتهم على الاقتناع بأن ما كانوا يؤمنون بأنه حقيقة مطلقة، ما هو إلا وهم. بل إن زعيمهم بوتا يصرح بأن ما دفعه للسير في طريق المساومة التاريخية الكبرى كانت رؤية مسيحانية سماوية ألهمته وكلفته بإنجازها.

الأطراف الأكثر تطرفًا في ذلك المعسكر المصاب بهوس ووهم امتلاك الحقيقة المطلقة، عملت على تصعيد الاقتتال حتى تمنع بحورُ الدم أيَّ مساومة. لكن هذا لم يُجدِ نفعًا، واضطرت في نهاية المطاف إلى الانكفاء أمام إصرار أغلبية المجتمع في تلك البلاد على إنهاء الأزمة عبر "التسوية التاريخية الكبرى"، وعادت عنقاء الحروب إلى دفن نفسها تحت الرمال التي أثارتها رياح التغيير المتعقل، وإن كان من منظور البعض "مكرهًا أخاك لا بطلا"!

أخيرًا، ثمة حادثة معبرة، عن أول لقاء بين نيلسون منديلا "السجين" الذي استجلبه السجان الأبيض من الزنزانة للاجتماع ببوتا رئيس نظام جنوب أفريقيا العنصري، إبان اللقاءات السرية التي كانت تتم بين الطرفين تحضيرًا للوصول إلى المساومة التاريخية الكبرى تقول: استقل الجميع المصعد مباشرة إلى الطابق الأول وخرجوا باتجاه باب مكتب الرئيس بوتا، وعندما كانوا على وشك الدخول، لاحظ برنارد "رئيس كل أجهزة مخابرات نظام بريتوريا العنصري" أن رباط حذاء منديلا غير معقود, فانحنى على ركبتيه ليربط شريط حذائه قبالة باب مكتب رئيس جمهورية جنوب أفريقيا!

تلك الانحناءة تلخِّص على نحو بليغ مصير كل جلاد، فهل نتعلم جميعنا قبل فوات الأوان!
المصدر:الجزيرة

kumait
04-11-2012, 04:37 AM
http://www.aawsat.com/2012/11/02/images/hassad1.702381.jpg

مالي.. في قبضة طالبان أفريقيا
تمبكتو وغاو وكيدال في يد المتشددين.. حتى موعد الضربات الجوية

قبل الوصول إلى مدينة «غاو»، وهي إلى جانب تمبكتو وكيدال، أكبر ثلاث مدن في شمال مالي، يصعد «رجل شرطة» من حركة «التوحيد والجهاد في غرب أفريقيا» التي تسيطر على المنطقة إلى حافلة مقبلة من الجنوب. يتحدث «الشرطي» باللهجة المحلية ويبلغ المسافرين بلهجة صارمة «ممنوع التدخين، لا راديو، لا كاميرات، لا أقراص كومبيوتر، ولا حلي في غاو». يأمر «الشرطي» بعد ذلك المسافرين المرعوبين، أن لا يجلس الرجال إلى جانب النساء، ويتأكد أن جميع النساء يرتدين الحجاب، في حين لا بد أن يرتدي الرجال سراويل قصيرة تصل إلى مستوى الركبة. كل ذلك أصبح الآن إجباريا في «غاو». عندما ينهي «رجل الشرطة» مهمته التفتيشية، يقفز من باب الخلفي للحافلة متأبطا رشاشه الكلاشنيكوف، ويقول بصوت مرتفع «السلام عليكم» وهي إشارة للحافلة المهترئة لمواصلة السير، في مناطق نفوذ «طالبان أفريقيا».

هذا المشهد رواه الصحافي الألماني بول هياسنس مبن، الذي زار المنطقة.. أخيرا وكتب عنها مقالا بعنوان «رحلة عبر الجحيم».. يكاد يكون هياسنس مبن الصحافي الغربي الوحيد الذي جال منطقة شمال مالي، وعاد بعدها إلى العاصمة باماكو، ليقدم وصفا دقيقا للأوضاع في الشمال حين استغلت الجماعات المتشددة حالة الفوضى التي سقطت فيها البلاد عقب الانقلاب العسكري الذي وقع في مارس (آذار) الماضي وانسحاب بعض وحدات الجيش المالي، ليبسطوا سيطرتهم على المنطقة، خاصة مدن تجمعات السكان الأساسية. قبل انقلاب مالي الذي قاده الرائد أمادو سانوغو وأطاح بالرئيس المالي المنتخب أمادو توماني توري في مارس الماضي، كان هناك قرابة مائة ألف من السكان معظمهم من الطوارق يعيشون في «غاو».

كانت المدينة في وقت مضى محطة مبهجة يستريح فيها السياح قبل مواصلة سفرهم إلى تمبكتو، العاصمة التاريخية لشمال مالي. لكنها الآن، وتحت سيطرة المتشددين من «حركة التوحيد والجهاد» أغلقت مطاعمها ومقاهيها، ومنعت الموسيقى، ولم يعد فيها سوى «رجال الشرطة» المتشددين يرهبون المعارضين لهم، يحملون شعارات «دولتهم الإسلامية»، التي أدت إلى نزوح 400 ألف من سكان شمال مالي إلى موريتانيا والنيجر. ومما أدى إلى تدهور الأوضاع أكثر أن المهندسين والفنيين الذين كانوا يشغلون محطات توليد الكهرباء والمياه غادروا المدينة، ولم تعد هناك خدمات أساسية، وانهار اقتصاد المنطقة تماما.

لم يعد أمام الشبان في «غاو» سوى الانضمام إلى «الشرطة» التي يوجد مقرها الرئيسي في «شارع واشنطن» وسط المدينة. ودور هذه «الشرطة» ليس «حفظ الأمن» كما هو معتاد، لكن أن يحددوا للسكان ما هو «الحلال» وما هو «الحرام»، وفي الغالب ما يكون ذلك بناء على اجتهادات أشخاص لا يفقهون شيئا في الدين.

كان مقر «محكمة الشريعة» في «شارع واشنطن»، لكن بعد أن حاولت مظاهرة غاضبة، في وقت سابق، فك أسر معتقلين كان يفترض أن يمثلوا أمام هذه المحكمة، راحت تعقد جلساتها في قاعدة عسكرية، تابعة للجيش تقع في ضواحي المدينة. ويصف بول هياسنس مبن وقائع، محاكمة شاب اتهم بسرقة قطيع من الماشية، يدعى «الحسان بونكانة مايغا»، فيقول «أحضر الشاب الحسان من طرف أربعة حراس وهو مقيد ويرتدي جلبابا فضفاضا أبيض اللون، وربط إلى كرسي في غرفة مظلمة، وأحضر طبيب ليحقنه بمخدر، وبعد ذلك استل رئيس المجموعة ويدعى (عمر بن سعيد) سكينا وراح يقطع كف الشاب الذي كان يتأوه من الألم مغمض العينين لكنه لم يصرخ، حتى حين وصلت السكين إلى العظم، وبعد ثلاث دقائق كانت كف الحسان تسقط في سطل وضع أمامه، ثم اتصل عمر بن سعيد برئيسه وأبلغه أن الشاب تمت معاقبته».

ربع ساعة بعد ذلك، أطلق سراح الحسان، وكان يصيح «أنا بريء، ماذا سأفعل الآن»، بعد أيام توفي «الحسان بونكانة مايغا» بسبب نزيف الدم من يده المقطوعة، ومضاعفات التهاب الجرح. بالمقابل شرعت مجموعة «أنصار الدين» في تطبيق قوانينها المتشددة في تمبكتو العاصمة الروحية والتاريخية للبلاد في يوليو (تموز) الماضي، وراحوا يهدمون البنايات التاريخية في هذه المدينة، وكان آخر عملياتهم هدم النصب التذكاري للاستقلال في الأسبوع الماضي بالبلدوزرات. كما حطموا ثلاثة مساجد تاريخية، شيد أحدها في عام 1327. ومثل «غاو» يلقى القبض في تمبكتو، على النساء غير المحجبات ويجلدن، كما يجلد المدخنون، وتقطع أيدي من يتهمون بالسرقة، حتى من دون ثبوت التهمة، وفي هذه المدينة نفذ حكم بالرجم على زوجين لم يستطيعا إثبات زواجهما.

يعيش «آياد أغا غالي» زعيم مجموعة «أنصار الدين» في مدينة «كيدال» التي تبعد 320 كيلومترا من «غاو» وعلى الرغم من أنه عاش حياة ماجنة عندما كان يقود إحدى فصائل «جبهة أزواد» التي تطالب باستقلال طوارق شمال مالي، فإنه الآن أصبح من المتطرفين، وبعد سيطرته على «كيدال» فرض قوانين متشددة، مثل منع الاستماع إلى الراديو وأزال أطباق الالتقاط من فوق البنايات وراح يفرض عقوبات على الذين يخالفونه باعتبارهم «أعداء للدين». في هذه المدينة أفلس «المليونير» يعقوب محمان مايغا، الذي كانت له شركة بناء تبلغ استثماراتها مليوني دولار تعمل في تشييد المباني الحكومية، كل من يزور المدينة حاليا يجد ميغا جالسا تحت ظل شجرة قرب المقر السابق لشركته، يحتسي أقداح الشاي وهو أقرب إلى حالة الجنون.

يتفاوض قائد جماعة أنصار الدين «آياد أغا غالي» مع عدة أطراف في منطقة غرب أفريقيا بما في ذلك الجزائريون، للبحث عن إمكانية إيجاد تسوية لأزمة شمال مالي، وهو في هذا الموقف يختلف عن «مجموعة التوحيد والجهاد» التي لها علاقة قوية مع «تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي» وترفض أي تفاوض.

في حوار أجرته صحيفة «الغارديان» البريطانية عبر هاتف ثريا، قال «عمر ولد حما» رئيس جهاز أمن حركة «التوحيد والجهاد» إن مجموعته ستهاجم باماكو إذا تعرضت المنطقة إلى غزو أجنبي، مشيرا إلى أن الجماعة جندت آلاف المقاتلين، ومضى يقول «إذا هاجمنا جيش مالي أو قوات أجنبية سنسيطر على باماكو خلال 24 ساعة، والمجتمع الدولي يتباطأ في قراره لأنه يدرك أنه في حالة مهاجمتنا فإن الجهاد سيكون في كل مكان». وزاد «نحن متيقنون أننا سنهزم أي قوات تأتي إلى هنا (شمال مالي) نحن نحظى بدعم السكان المحليين، وهناك مقاتلون من جميع أنحاء أفريقيا سينضمون إلينا، نحن مستعدون للموت». وقال ولد حما بشأن موقفهم من حكومة مالي التي تشكلت في باماكو في أغسطس (آب) الماضي «لا نعترف بأي حكومة في باماكو، دعاني وزير الدفاع للتفاوض حول دولة علمانية، وكان جوابي عليه إما الشريعة أو السيف».

السيناريو المتوقع في مالي الذي حصلت عليه «الشرق الأوسط» من مصادر وثيقة الاطلاع، يهدف إلى تحييد جماعة «أنصار الدين» بقيادة «آياد أغا غالي» ومحاولة إشراكه في السلطة قبل تنظيم انتخابات عامة في أبريل (نيسان) المقبل، وفي حال فشل الجهود السياسية في تسوية الأزمة، تتولى كل من فرنسا بريطانيا وألمانيا تدريب وحدات من «منظمة دول غرب أفريقيا الاقتصادية» (إكواس) التي تضم 15 دولة، تتكون في البداية من ثلاثة آلاف جندي، وطبقا لقرار مجلس الأمن الذي اتخذ في 12 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي يمكن لهذه القوات أن تتدخل، في حال فشل التسوية السياسية، بعد 26 نوفمبر (تشرين الثاني)، ومنح مجلس الأمن مهلة 45 يوما لإعداد خططها. ومن المرجح أن تساند كل من أميركا وفرنسا هذه القوات، إلى جانب الدعم اللوجيستيكي، بطائرات من دون طيار لضرب مواقع الجماعات المتشددة في كل من «غاو» و«كيدال» و«تمبكتو»، وكانت قيادة القوات الأميركية في أفريقيا (أفريكوم) شيدت عددا من المطارات السرية الصغيرة في دول أفريقية في حزام يمتد من موريتانيا حتى جيبوتي، أي من الأطلسي وحتى البحر الأحمر.

في أديس أبابا قالت رئاسة الاتحاد الأفريقي التي تؤيد موقف مجموعة «إكواس» إن القوات الأفريقية التي ستتدخل في شمال مالي ستكون جاهزة خلال أسابيع. وقالت نوكسازانا دلاميني زوما رئيسة مفوضية الاتحاد «طلب منا مجلس الأمن إعداد خطة للتدخل العسكري خلال 45 يوما، وهذه الخطة ستكون جاهزة في المهلة المحددة». لكن مصادر أوروبية تعتقد أن خطة وقوات التدخل الأفريقية لن تكون جاهزة إلا في بداية السنة المقبلة، وفي هذا الصدد يقول ستيفن أوبراين ممثل بريطانيا في منطقة الساحل والصحراء، إن العمل سيتواصل حتى ديسمبر (كانون الأول) المقبل لإعداد خطة تدخل في مالي. ومن المقرر أن يعقد وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي في 19 من الشهر الحالي اجتماعا لبحث الخيارات المطروحة في مالي، وقال غيدو فيسترفيلي وزير الخارجية الألماني إنه من المبكر الحديث عن تفاصيل بشأن أمكانية إرسال طائرات من دون طيار، مؤكدا أن الدول الأوروبية لن ترسل قوات أو أسلحة، وقال إنها ستقدم دعما لوجيستيكيا، مرجحا تدريب قوات التدخل الأفريقية. من جانبه أعلن رومانو برودي، رئيس الحكومة الإيطالية الأسبق، والمبعوث الأوروبي لمنطقة الساحل، أن الأولوية يجب أن تكون للحل السياسي. وأشار برودي إلى أن حكومة مالي التي تشكلت في أغسطس (آب) الماضي تضم 31 وزيرا من بينهم سبعة من الوزراء مقربين من قائد الانقلاب أمادو سانوغو، الذي أعلن تخليه عن السلطة لكن نفوذه ما يزال قويا على الحكومة، وتوقع برودي عدم إجراء انتخابات هناك قبل أبريل من العام المقبل.

في غضون ذلك يعاني الوضع الداخلي في مالي من غياب مؤسسات واضحة، رئيس المرحلة الانتقالية ديونكوندا تراوري يساند التدخل العسكري، وكاد أن يقتل إثر هجوم على القصر الرئاسي بعد مظاهرة قادها التحالف المساند للتدخل العسكري، ورئيس الوزراء يبحث عن توازنات داخلية والساحة السياسية منقسمة إلى «الجبهة الموحدة للحفاظ على الديمقراطية والجمهورية» وجبهة أخرى هي خليط من أحزاب مؤيدة للانقلاب العسكري وللرائد سانوغو. والواضح أن الجبهتين معا لا تراعيان عامل الزمن، وهذا ما أثار استياء وغيظ تجمع دول غرب أفريقيا، وهو أيضا ما دفع مجلس الأمن إلى التريث في مساندة التدخل العسكري.

وتسعى كل من واشنطن وباريس إلى أن تنضم الجزائر، التي تصل حدودها مع شمال مالي إلى ألفي كيلومتر، إلى مجموعة التدخل، لكن الجزائر حتى بعد زيارة هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الأميركية ومحادثاتها مع الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، تركت الباب مواربا، لم تقل «لا» لكنها لم تقل «نعم» كذلك.

وفي هذا الإطار يقول المتحدث باسم وزارة الخارجية الجزائرية عمار بلاني إن حكومة بلاده «تبحث عن مقاربة شاملة في إطار القرار الدولي 2071، الذي أصدره مجلس الأمن الدولي تحت البند السابع، في 12 أكتوبر الماضي، والذي يطالب الماليين بالحوار». ويبدو جليا، من خلال تصريح بلاني أن الجزائر لا تزال متمسكة بإعطاء فرصة لحل سياسي قائم على التفاوض بين الحكومة المالية والجماعات الإسلامية المسلحة غير المنتمية للإرهاب. ويقصد الجزائريون بذلك، عزل تنظيم «القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي» وذراعه «حركة التوحيد والجهاد في غرب أفريقيا»، عن مسار تفاوضي احتضنته الجزائر في الأشهر الماضية، شارك فيه انفصاليو أزواد الطوارق و«جماعة أنصار الدين».

وبشأن ما يشاع حول ضغوط تعرضت لها الجزائر، للمشاركة في التحضير للحرب، قال مسؤول جزائري فضل عدم نشر اسمه لـ«الشرق الأوسط»: «إن مسألة الخيار العسكري مسؤولية مجلس الأمن، وبالنسبة للجزائر فإنها ستتخذ القرار السيد في الوقت المناسب بما يخدم مصالحها.. وما يهمنا بالدرجة الأولى في هذه المرحلة هو تحصين أمننا وحماية حدودنا». «أما بالنسبة لمالي كدولة جارة وصديقة» يقول المسؤول الجزائري، «فسنواصل دعمنا للحكومة والجيش المالي خاصة في مجالات التكوين والتجهيزات والاستعلام». وحول زيارة كلينتون، أضاف «لقد جرت معها محادثات معمقة، واتسمت بتطابق وجهات النظر فيما يتعلق بحتمية مقاربة شاملة للخروج من الأزمة التي يعاني منها مالي».

ويقول أستاذ العلوم السياسية محمد خوجة المتخصص في قضايا الاستراتيجية، لـ«الشرق الأوسط»، إن الجزائر «وجدت نفسها في شبه عزلة دولية بخصوص مساعيها لتفادي الحرب في مالي. فقد حاولت بكل قوة إقناع شركائها الأساسيين في الساحل، وتحديدا موريتانيا والنيجر، برفض التدخل العسكري الأجنبي بذريعة أن ذلك يمنح الجهاديين شرعية قتال المحتل الغاصب». وتمكنت كلينتون، بعد زيارتها للجزائر، من ضم الجزائريين إلى قائمة البلدان الأفريقية التي تريد خوض المعركة مع «القاعدة»، ولكنها فشلت، إلى حد ما، في إقناعها بتوفير تغطية جوية للحرب المنتظرة. فالجزائر هي أقوى بلد بالمنطقة من حيث القدرات العسكرية، تجمعها حدود طويلة مع مالي حيث يسيطر المتطرفون، وبالتالي هي في عين الأميركيين والفرنسيين وتتوافر على أفضل الظروف لحسم الموقف عسكريا ضد الإرهاب انطلاقا من القواعد العسكرية في الجنوب الجزائري.

اهتمام واشنطن بالوضع في مالي مرده بالدرجة الأولى أن لا يكون هناك «ملاذ آمن» لـ«القاعدة» كما حدث في أفغانستان. ومن هذه الزاوية دخل الموضوع إلى جدالات الحملة الانتخابية في أميركا. ومن المقرر أن تنتقل ماريا أوترو مساعدة وزيرة الخارجية الأميركية لأمن المدنيين والديمقراطية وحقوق الإنسان، في مطلع الأسبوع المقبل إلى باماكو لبحث «جميع الاحتمالات» يقول بيير بويلي رئيس معهد الدراسات الأفريقية في باريس «التدخل العسكري في شمال مالي ممكن من دون مساندة عسكرية من طرف الجزائر، لكنه مستحيل من دون ضوء أخضر منها». وقال بيير بويلي إن الجزائر استدعت قيادات مهمة من «جماعة أنصار الدين»، لإقناعهم بقطع علاقاتهم مع «جماعة التوحيد والجهاد» التي تسيطر على «غالو» بالدرجة الأولى.

وفي السياق نفسه يعتقد الدكتور الموساوي العجلاوي، الباحث في «معهد الدراسات الأفريقية» في الرباط، أن الحل العسكري في شمال مالي ربما يعيد إنتاج مشكلات منطقة الساحل والصحراء، لذلك لا بد من البحث عن حل سياسي، مشيرا إلى أن الحل العسكري ربما يستهدف فقط استعادة المدن الثلاث من قبضة الحركات المتشددة، خاصة «التوحيد والجهاد» لكنه سيجعلها خارج العملية السياسية في مالي، وهو ما يعني أن المشكلة ستبقى من دون حل. وقال العجلاوي لـ«الشرق الأوسط» في معرض تحليله لتحفظ الجزائر بشأن الحل العسكري، إن الجزائر تخشى أن تتحول إلى «باكستان» المنطقة في حال توجيه ضربات للمتشددين في شمال مالي، نظرا لتداخل قبائل طوارق الجزائر في منطقة تمنراست مع طوارق شمال مالي، مشيرا في هذا الصدد إلى أن قبائل طوارق الجزائر يبلغ تعدادهم 50 ألفا.

ويؤكد العجلاوي أن تدفق السلاح في المنطقة بعد سقوط نظام العقيد معمر القذافي في أكتوبر من العام الماضي، هو الذي جعل الجماعات المتشددة في شمال مالي تحصل على كميات كبيرة من الأسلحة. ويرى أن تنسيقا بين المغرب والجزائر بشأن الوضع في شمال مالي «من المستحيلات لعدم وجود مواقف متشابهة بينهما، إذ يعتبر الجزائر المغرب منافسين ولا علاقة لهما بدول الساحل والصحراء». ويرجح العجلاوي إمكانية اللجوء إلى الحل العسكري في ديسمبر (كانون الأول) المقبل، وهو يعتقد كذلك أن المعلومات التي تتحدث عن مشاركة الأميركيين والفرنسيين في ضربات جوية ضد المتشددين، افتراض راجح.

نهر دجلة
04-11-2012, 08:19 PM
السلام عليكم


جهد رائع


الله يوفقك



http://www.noorfatema.org/up/uploads/13514400735.gif

kumait
05-11-2012, 05:11 AM
الانتخابات الأمريكية: مرشحون وأحزاب مقموعة
الخليج الإماراتية

عندما يتوجه الناخبون الأمريكيون الثلاثاء المقبل للإدلاء بأصواتهم، فالأغلبية منهم ستفاجأ بوجود أسماء غير معروفة لديهم في خانة المرشحين للرئاسة، سواء كانوا مرشحين عن أحزاب شبه مجهولة أو كمستقلين، فعلى مدى التاريخ السياسي للولايات المتحدة احتكر الحزبان الجمهوري والديمقراطي السلطتين التشريعية والتنفيذية، إلى درجة أقصاء غيرهما من اللعبة الديمقراطية بكافة الطرق الممكنة .

صحيح أن التاريخ يسجل لكل من المرشح المستقل رالف نادر خوضه غمار الانتخابات مستفيداً من تاريخه كمدافع عن حقوق المستهلك والضعفاء في مواجهة هيمنة الشركات الكبري، وأيضاً الملياردير روس بيرو الذي فضح سيطرة الحزبين مستغلاً قدرته المالية على الإنفاق على حملة انتخابية، إلا أن كل التجارب المنفردة لأشخاص وأحزاب أمريكية لخوض غمار أية انتخابات بما فيها التشريعية باءت بالفشل .

وحدهما فقط الحزبان الجمهوري والديمقراطي باتا يتحكمان في صنع وتسيير السياسات الأمريكية بل وفي العملية الانتخابية بما في ذلك تحديد المناظرات بين المرشحين وهي الفرصة الذهبية لأي مرشح لعرض برنامجه على ملايين الأمريكيين عبر محطات التلفزة لاسيما العامة، وذلك بفرضهما قواعد صارمة لا تسمح لغير مرشحيهم بالمشاركة .

وتاريخياً كان ترتيب هذه المناظرات يترك لما كان يعرف ب »عصبة النساء« وهي تجمع نسائي جرى تحفيزه في الماضي بتكليفه بهذه المهمة في إطار تشجيع النساء الامريكيات على المشاركة الانتخابية، ولكن بعد أن بدأت »عصبة النساء« قبل نحو العقدين في دعوة المزيد من مرشحي الرئاسة وفق قواعد قديمة تجعل من حق أي مرشح يستوفي التسجيل وجمع عدد مناسب من التوكيلات وهي نفس القواعد التي كانت تؤمن للحزبين عدم تمكن غير مرشحيهما من الوصول للناخب الأمريكي، لاسيما بعد أن تمكن الملياردير روس بيرو من فرض نفسه على مناظرة المرشحين وفضح تحكم الحزبين في أمريكا، ما جعل الحزبان الديمقراطي والجمهوري يتفقان على سحب المهمة من »عصبة النساء« والتحكم في الأمر بنفسيهما عبر تشكيل لجنة مشتركة للمناظرات وهو ما حدث بالفعل من وقتها وحتى الآن، وحيث أصبح معتاداً أن يوقع قادة من الحزبين كل انتخابات عقد اتفاق تعكس تفاصيله سيطرة اللجنة المشتركة على سير المناظرات بشكل يوظف لمصلحة ممثلي الحزبين، بل تحددها بثلاث فقط، وتضع قيوداً غير عادية على أي أسئلة خارج السياق، وتحدد من يسمح له بالحضور داخل القاعة، بل أيضاً هوية من يدير المناظرة، وكيفية ضمان عدم قيامه بتوجيه أسئلة غير متفق عليها، فضلاً عن تحديد الشركات التي يقبل وضع إعلاناتها بقاعة المناظرة .

هذه السيطرة التي يراها البعض أنها توصم الديمقراطية الأمريكية المفترضة، تحجب جانباً من المشهد الانتخابي الأمريكي فهناك عشرات من المرشحين والأحزاب الأمريكية يخوضون غمار انتخابات الرئاسة الأمريكية جنباً إلى جنب مع باراك أوباما وميت رومني وهؤلاء جميعاً لهم اجندتهم وبرامجهم الانتخابية، وبغض النظر عن هؤلاء المرشحين الذين يخوضون الانتخابات للشهرة أو دفاعاً عن وجهة نظر بعينها لتسجيل موقف ليس إلا فإن عدداً محدوداً منهم فقط تم اعتمادهم على قوائم الترشح في معظم الولايات وبعضهم اعتمد في ولايات محدودة بمعني أن مجرد تسجيل الناخب لاسم مرشح بعينه غير معتمد بالولاية قد يعرض تصويته للإلغاء حسب قانون الولاية، وبمراجعة سريعة لقائمة مختصرة لهؤلاء وتمثل مرشحين من أقصى اليسار لأقصى اليمين سنتوصل لنتيجة مختصرة وهي أن صاحب القرار في تحديد ديمقراطية أمريكا هو سلطة المال والنفوذ الإعلامي ودونهما لن يتمكن قط في الزمن الحالي على الأقل أن يصل أي شخص غير مدعوم بهما إلى إذن وعين الناخب الأمريكي وبالتالي إلى بطاقته الانتخابية .

أحزاب وتيارات وحركت سياسية

ظهرت مؤخراً على الساحة السياسية الأمريكية حركات جديدة أبرزها الحركة المعروفة باسم »جماعة حزب الشاي« وهي محسوبة على اليمين المتطرف، وتدعم الحزب الجمهوري الذي بات المحافظون الجدد يسيطرون على توجهاته . وهذا التيار أي »حزب الشاي« تمكن بحكم توافقه هذا مع الجمهوريين من اقتناص عدة فرص بما في ذلك وصول منتمين إليه إلى مقاعد بالكونغرس الأمريكي والمجالس المحلية، وذلك على عكس حركات تقدمية أخرى ظهرت في نهاية عهد بوش الابن وبدايات عهد أوباما، مثل الحركة المعروفة باسم »الوول ستريت« و»مجموعات ال 99%« المناهضة لسيطرة سوق المال الأمريكية والشركات الكبري المتسببة في الكارثة الاقتصادية التي ضربت الولايات المتحدة والعالم بتأثير جشع هذه الشركات وتلاعبها في سوق المال والقروض، والتي اعتمدت على المال العام الأمريكي أي جيب دفع الضرائب لإنقاذها من الانهيار . وقد نجحت السلطات الأمنية الأمريكية وإلى حد بعيد وبدعم من الإعلام الأمريكي من فرض الممكن من التعتيم في احتواء هذه الحركات التقدمية وملاحقة زعاماتها ومحاصرة تظاهراتهم التي اندلعت في مختلف الأنحاء الأمريكية لذا لم يسمع لها صوت يذكر في سجال الانتخابات الأمريكية على عكس الحركات اليمينية .

الأحزاب الأمريكية

على عكس الحزبين الجمهوري والديمقراطي وبسبب قانون أمريكي يلزم كل حزب بالتسجيل في الولايات المختلفة وللامتداد الجغرافي الأمريكي المتسع، فإن كثيراً من الأحزاب الأمريكية لم تتمكن من التسجيل بنفس الاسم في كافة الولايات الخمسين نتيجة القصور المالي أو تكرر تسجيل الاسم أو التشابه في أسماء الأحزاب المسجلة بنفس الولاية لذا نجد أحزاباً كثيرة - بما فيها الحزبان الرئيسيان - مسجلان بأسماء مختلفة مع وجود جزئي للاسم الأصلي، عموماً فإنه ومن قائمة طويلة للأحزاب الأمريكية التي يوجد لها مرشحين في انتخابات هذا العام الرئاسية نجد أحزاباً مثل: حزب أمريكا المستقل - حزب الموقع الثالث - حزب الدستور - حزب الخضر - حزب العدالة - حزب الأحرار - حزب الأهداف- حزب التحريم - حزب الاشتراكية والتحرر - حزب الإصلاح - حزب المساواة - الحزب الاشتراكي الأمريكي وحزب العمال الاشتراكي .

ومع ملاحظة أن الحركة العالمية الأمريكية يجري تقويضها منذ عقود طويلة، وتم سحقها في المهد لمصلحة أصحاب رأس المال، فالعالم كله كان شاهداً على أكبر حركة انتفاض عمالية تمت في العصر الحديث عندما أطلق أفراد الشرطة بمدينة شيكاغو الأمريكية في أول مايو/ أيار عام 1886 النار على المضربين من العمال أثناء إضراب عام شارك فيه عموم العمال، والحرفيين والتجار والمهاجرين مطالبين بحد أقصى لعدد ساعات العمل في اليوم الواحد لا يزيد على ثماني ساعات، وقد راح ضحية تلك الحادثة العشرات من العمال، وتمت بعد ذلك محاكمة مثيرة للجدل، حيث جرت محاكمة ثمانية من العمال بسبب معتقداتهم السياسية، وأدت المحاكمة في نهاية المطاف إلى إعدام سبعة عمال وصفوا بالفوضويين . في تلك الحادثة المعروفة باسم حادث هاي ماركت وألهمت العالم للاحتفال بعيد العمال في ذكرى الحادث في الأول من مايو كل عام، وحيث أصبح الأول من مايو احتفالاً دولياً للإنجازات الاجتماعية والاقتصادية للحركة العمالية فيما عدا الولايات المتحدة نفسها، حيث تم التعتيم عملياً على الذكرى لمحوها من ذاكرة العامة بتحديد يوم آخر للاحتفال بعيد العمال وهو الاثنين الأول من شهر سبتمبر/ أيلول من كل عام، حيث تحول الاحتفال بعيد العمال عملياً إلى الاحتفال بنهاية فصل الصيف وإجازات المدارس وأصبح مناسبة للتسوق .

وعلى مدى عقود تقترب من القرن لم يكن للاتحادات العمالية بالولايات المتحدة تأثيراً يذكر في نتائج الانتخابات الأمريكية باستثناء قطاعات بعينها مثل قطاعات صناعة السيارات وفي سنوات الكساد وبتأثير منظور لأصحاب الأعمال .

بالتالي فإن الأحزاب الأمريكية المدافعة عن حقوق العمال تبقى بعيدة كغيرها من الأحزاب عن إمكانية التأثير في انتخابات الرئاسة، ومن خلال رصد عينة تمثل مختلف توجهات هذه الأحزاب ومرشحيهم للرئاسة يمكننا التوقف عند الأحزاب والمرشحين التالية:

توم هوفلينغ عن الحزب الأمريكي:

وهو حزب يميني ويترشح عنه في انتخابات الرئاسة هذا العام توم هوفلينغ - من ولاية ايوا - ونائبه جي دي اليس - من ولاية تنيسي، وبرنامجهما الانتخابي يعكس توجه حزبهما، وهما ضد إباحة الإجهاض وضد زواج المثليين ومقتنعون بالملكيات الخاصة وبأنها منحة من الله ويتبنون سياسات فرض السلام في العالم باستخدام القوة ويفخرون بوجود أعداد كبيرة من الجنود الأمريكيين السابقين والحاليين ضمن مؤيديهم .

جيل ستاين مرشحة الخضر

تخوض الطبيبة جيل ستاين ونائبتها شيري هنكلا انتخابات الرئاسة الأمريكية عن حزب الخضر الذي يحظى رسمياً بدعم الحركات التقدمية المعروفة بحركة »وول ستريت«، وقد تعرضتا للاعتقال خارج مكان مناظرة الرئيس أوباما والمرشح ميت رومني التي انعقدت في نيويورك في السادس عشر من الشهر الحالي وذلك عندما قامتا بالاعتصام احتجاجاً على منعهما من المشاركة في المناظرة، وكذلك على وثيقة خطيرة تم تسريبها لاتفاق وعقد تفاهم يكشف عن قيام الحزبين الجمهوري والديمقراطي بالسيطرة سراً على المناظرات الرئاسية، وهو الأمر الذي نفاه المعسكران في البداية ثم قالا إنه مجرد اتفاق حول الشكليات خلال سير المناظرة ثم لاذا بالصمت . ومع ذلك فقد فرض تعتيم إعلامي على الحادث في مختلف وسائل الإعلام الأمريكية فيما عدا الصحافي الأمريكي مارك هالبرين ومحطة »إم اس إن بي سي« والإعلامية ايمي جودمان التي كانت الوحيدة تقريباً التي أتاحت المجال لبقية المرشحين للرئاسة ومنهم جيل ستاين بالظهور في برنامجها والرد على الأسئلة نفسها التي وجهت إلى أوباما ورومني . ويركز برنامج ستاين الانتخابي على دعم حقوق العمال وزيادة الحد الأدنى للأجور ومساواة أجور النساء بأجور الرجال وإجراء تخفيض في ميزانية البنتاغون بنسبة 50%، وتقليص الاعتماد على العسكر في وضع السياسات الخارجية واعتماد سياسة خارجية تركز على الدبلوماسية وتحترم القانون الدولي وحقوق الإنسان، وفرض منطقة خالية من السلاح النووي في الشرق الأوسط تلتزم بها جميع دول المنطقة دون استثناء - أي بما في ذلك إسرائيل - وإنهاء الحرب الأمريكية في أفغانستان والعراق بسحب جميع القوات الأمريكية بما في ذلك المتعاقدين، وإغلاق مايقرب من 140 قاعدة عسكرية أمريكية حول العالم، ووقف استخدام الطائرات من دون طيار والاغتيالات، بما في ذلك الاغتيالات عن طريق أطراف أخرى، وإلغاء التأمين الصحي الخاص وفرض ضرائب أكبر على الأثرياء مع تخفيض الضرائب على الفقراء والطبقة المتوسطة وتوسيع استثمار الدولة في البنية التحتية والتعليم ومنع خصخصة الخدمات العامة وتوفير مظلة تأمين شاملة لكل الأمريكيين واعتماد الطاقة النظيفة والبديلة وتوفير فرص عمل في هذا المجال بدعم وتشجيع الشركات التي تعتمد الحفاظ على البيئة، واحترام الحريات المدنية وإلغاء قوانين المواطنة المقيدة للحريات والمعروفة باسم قوانين ديك تشيني التي قلصت الحريات المدنية بزعم حماية أمريكا والحرب على الإرهاب .

روكي اندرسون عن حزب العدالة:

وهو عمدة سابق لمدينة سولت سيتي بولاية يوتا يخوض الانتخابات عن حزب العدالة وهو ذات الحزب المسجل تحت أسماء مختلفة في عدة ولايات - في ولاية كونكتكنت اسمه »الاستقلال« وفي ميشجان »الوطني« وأجندته عموماً تركز على مسألة إنهاء سلطة الحكومة على المواطنين ورفض هيمنة وحروب الحزبين الجمهوري والديمقراطي، وفي شعارات اندرسون نجد بوضوح هذه التوجهات ومنها »إذا كنت ضد الحرب فلا تصوت للديمقراطي ولا للجمهوري« ونجد أيضا دعاية مطبوعةتحمل جدولاً ورصداً للحروب التي تمت في عهد الحكومات الديمقراطية والجمهورية وتكلفتها .

ستيوارت الكسندر عن الحزب الاشتراكي

يخوض الأمريكي من أصل إفريقي ومعه نائب من أصل لاتيني وهو اليكس مندوزا الانتخابات الرئاسية الأمريكية بشعارات تحاول استقطاب نسبة ال 99% أي الطبقة المتوسطة وفقراء أمريكا، ويلاحظ في دعاية ستيوارت استخدامه مقابلته وهو طفل لمالكوم اكس الزعيم الأمريكي الأسود .

على أية حال فقائمة المرشحين للرئاسة الأمريكية طويلة وفيها إلى جانب الجادين أو مرشحي أحزاب بعينها الكثير من المستقلين ولأسباب بعضها غريب، ولكن يبقى السؤال الذي يؤرق الكثيرين وهو إلى متى تبقى سيطرة حزبين لا يسمحان لغيرهما بمجرد المشاركة في دولة متفردة كالولايات المتحدة، وهل تنجح أمريكا فعلاً في تصدير هذا الاحتكار للسلطة إلى عالمنا العربي لاسيما أن معالم من محاولة كهذه بدت واضحة في الممارسات الأمريكية في دول الربيع العربي؟

kumait
05-11-2012, 05:53 PM
قطر راعي جديد للسلفية

والحركات الجهادية تأسلم قطر بالوهابية
بقلم: جاسم محمد

قطر، هي شبه جزيرة تقع على الشاطئ الشرقي من شبه الجزيرة العربية ، وفي منتصف الساحل الغربي للخليج العربي، عاش سكان قطر كغيرهم من سكان الخليج العربي على رزقهم في التجارة والغوص على اللؤلؤ، حتي أكتشاف النفط الذي ساهم في الازدهار العمراني والثقاقي والأقتصادي في قطر. في اليوم الثالث 3 سبتمبر من عام 1971 تم إنهاء العلاقات التعاهدية مع بريطانيا وإلغاء المعاهدة التي كان الشيخ عبد الله بن قاسم ال ثاني قد وقعها مع بريطانيا في عام 1916، فأصبحت قطر دولة مستقلة ذات سيادة كاملة وفي الشهر ذاته انضمت قطر إلى جامعة الدول العربية

ألسياسة الخارجية

بدأت علاقات قطر الخارجية تشهد تغيرا مع وصول حمد بن خليفة ال ثاني الى الحكم في 27 يونيو من عام 1995،حيث تم عملية تغيير جذري في السياسة الخارجية القطرية ، ونتج عنه تثبيت مكانة دولة قطر في العلاقات الدولية مما خولها للعب دور مؤثر وفق سياسة تنتهج ألجرأة .على الصعيد الخليجي، تحاول دولة قطر على تشجيع مسيرة التعاون بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية من خلال حضورها الدائم ومشاركتها الفاعلة في الندوات والاجتماعات الخليجية ، وبحث القضايا والتحديات التي تواجه المنطقة. كما تدعو قطر دوماً إلى تعزيز مكانة مجلس التعاون الخليجي باعتباره نموذجاً للتكامل والتنسيق يقود إلى توحيد مواقف الدول الأعضاء. وبالرغم من أن العلاقات بين الرياض والدوحة مرّت بأزمة سياسية حادة منذ عام 1992 بعد حادثة مركز الخفوس الحدودي الا أن الجانبين حافظا على قدر من ضبط النفس .

الوساطة

لعبت قطر دور الوسيط العربي في المنطقة وشاركت منذ سنوات في جهود الوساطة في الصحراء الغربية، واليمن والصراع بين أثيوبيا وارتيريا ، وفي اندونيسيا وفي الصومال وفي دار فور، السودان وفي لبنان والعراق وفي فلسطين بين حماس وفتح وليبيا. وقد يكون دور قطر الوسيط نتيجة تمتعها بعلاقات جيدة مع اميركا واوربا واطراف قوى عالمية اخرى .

تأسلم بالوهابية

افتتح حمد بن خليفة آل ثاني أمير قطر في 17.09. 2011 أكبر مساجد الدوحة الذي سمي على اسم إمام الدعوة السلفية النجدية محمد بن عبد الوهاب وقال الشيخ حمد لدى افتتاحه الجامع الذي تبلغ مساحته 175 ألف متر مربع "جدنا المؤسس الشيخ جاسم – رحمه الله – وهو العالم بالدين والحاكم في الوقت نفسه كان ممن تلقفوا دعوة الشيخ ابن عبدالوهاب وتبنوها ونشروها في بلادنا وخارجها في أنحاء العالم ألاسلامي." ويتسع الجامع الذي بدأت أعماله الإنشائية أواخر عام 2006 لأكثر من 30 ألف مصل بالاضافة الى مصلى للنساء .

فتح حوار مع طالبان

جاء الإعلان عن فتح حركة طالبان الأفغانية مكاتب لها في قطر مطلع كانون الثاني 2012 ليثير الكثير من الجدل وعلامات الاستفهام حول الأهداف التي تبتغيها جميع الأطراف من وراء هذا الإجراء، ولاسيما انها تضمنت الولايات المتحدة وأفغانستان وحركة طالبان ودولة قطر . ويرى الخبراء أن هذه الخطوة جاءت من اجل احتواء حركة طالبان سياسياً، وبدء مفاوضات غير مباشرة بينها وبين أميركا على إلقاء السلاح، والانخراط في الحياة السياسية .

ووفقاً للدكتور جهاد عودة ، أستاذ السياسة الدولية جامعة حلوان، فإن هذا الاتفاق كان متوقعاً، ولاسيما أن الحرب في أفغانستان لن تستمر مدى الحياة، وقال لـ"إيلاف" إن أميركا لها نفوذ على جميع الأطراف في المعادلة الأفغانية ودول الجوار لها، بالإضافة إلى دول الخليج العربي، وأضاف أنه لا يمكن قراءة الاتفاق الجديد بمعزل عن القراءة التاريخية للوضع في أفغانستان ."

الدور الوسيط

وحول الدور القطري في الصفقة الجديدة ، قال عودة إن قطر لديها علاقات إستراتيجية مع أميركا، وتقوم بأدوار سياسية لصالحها في المنطقة ، بما يمكن وصفه بـ"المقاول من الباطن"، لكن لا يمكن وصفها بالدولة العميلة كما يحب البعض وصفها دائماً، مشيراً إلى أن تلك الأوصاف أو اللغة لم تعد موجودة في العلوم السياسية في المرحلة الراهنة ، بل يتم الاستعاضة منها بالقول إن هناك علاقات إستراتيجية مع أميركا وتبادل مصالح .

ويتبنى الدكتور رفعت سيد أحمد رئيس مركز يافا للدراسات والأبحاث وجهة نظر مغايرة، ويقول في تصريح نشرته ايلاف "إن قطر تلعب دوراً في إطار الإستراتيجية الأميركية في المنطقة ، مشيراً إلى أن حينما تفشل أميركا تدفع بقطر وبعض دول الخليج، ووصفها بأنها تعرف بـ"الدولة الشركة ".

ترحيب أميركي

وأعلن البيت الأبيض ترحيبه بقرار فتح مكتب سياسي لطالبان في قطر، وقال جاري كارني المتحدث باسمه "إن ذلك من شأنه أن يوفر عنوانا للمفاوضات مع المتشددين، ويزيح قتال واشنطن معهم لأكثر من عقد". وأضاف: "أننا نرحّب بأي خطوة على طول الطريق لعملية تقودها أفغانستان من أجل تحقيق المصالحة ."وأشار كارني إلى أن حركة طالبان طالبت بفتح مكتب في قطر ولكن أيضا كانوا يطالبون بالإفراج عن سجناء طالبان المحتجزين في غوانتانامو، وهذا ما دعا إليه الرئيس الأميركي باراك أوباما في خطابه حول بدء السلام في المنطقة والدعوة للمصالحة والمفاوضات التي تقودها الحكومة الأفغانية.

الخلاصة
شراكة أميركية

وصف المراقبون ان الخطوة القطرية هذه ـ فتح مكاتب طالبان ـ تعتبر امتداد لدورها الوسيط في اغلب ازمات المنطقة ، ولم تكن مفاجأة . حيث تبذل اميركا جهودا الان لاحتواء المجموعات الاسلامية الاصولية الجهادية في المنطقة بهدف تغيير مسارات تلك المجموعات بعد ان عجزت عن تحجيمها ، وهي سياسة اميركية جديدة باحتواء المجموعات الاصولية الجهادية الاقل تشددا من ايدلوجية القاعدة وتقليل الخصوم وتخفيض ميزانية الدفاع وسحب القوات الاميركية ومحاولة الفصل مابين القاعدة و طالبان .

كذلك تاتي هذه الخطوة ضمن استعدادت الادارة الاميركية بسحب قواتها من افغانستان 2014 ، هذه السياسة لايمكن اختصارها بالانتخابات الاميركية القادمة بقدر ماهي ستراتيجية اميركية جديدة بسحب قواتها وابدالها بالجهد الاستخباري المبرمج لوكالة المخابرات المركزية واصطياد اهدافها بعمليات طائرة بدون طيار ومجموعات النخبة القتالية ( الكومندوز) لتقليل الخسائر وتجنب استفزاز مشاعر الشعوب.

أختيار قطر

ان اختيار الادارة الاميركية قطر مكانا للحوار مع طالبان جاء امتداد للدور القطري الوسيط الذي عرفت به واشارة الى توصيات لجنة بيكر هاملتون ) الصادرة في عام 2006 ) و اعادة قرائتها من قبل مجموعة الخبراء نهاية العام الماضي 2011 ، القائمة على الحوار مع الخصوم وممكن اعتباره خيارا افضل بعد ان تدهورت علاقات الولايات المتحدة مع الباكستان و استخباراتها واستنفذت دورها الوسيط مع طالبان افغانستان و احتمالات الخروقات ألامنية .

اما ديفد باتريوس فهو وراء سياسة التفاوض مع طالبان خلال فترة مسؤوليته للقوات الاميركية في افغانستان وقبل تسلمه مسؤولية وكالة المخابرات المركزية في سبتمبر 2011 وان خبر تفاوض الادارة الاميركية مع طالبان لم يكن بمفاجأة فقد كانت هنالك تسريبات اعلامية للتفاوض في شهر اكتوبر عام 2010.

وقد تناولت الوكالات في الثامن والعشرين من ديسمبر الماضي 2011 حذف مكتب التحقيقات الفيدرالية الأمريكية اسم الملا عمر زعيم حركة طالبان الأفغانية من قائمة أكثر المطلوبين لدى الجهاز الأمني الأمريكي " اف بي اي" ومن المعروف أن أمريكا كانت قد خصصت 10 ملايين دولار من أجل القبض عليه وقد وافقت الولايات المتحدة من حيث المبدأ على الإفراج عن مسئولين رفيعى المستوى من حركة طالبان من المعتقل الأمريكى فى خليج جوانتانامو كصفقة مقابل موافقة المقاتلين على فتح مكتب سياسى لمفاوضات السلام فى قطر ، وفقا الى تصريحات ذبيح الله المتحدث الرسمي باسم طالبان وبمباركة اجتماع العشائر الوطني "لويه جركه" و المجلس الأعلى للسلام في أفغانستان . بعض المراقبون وصفوا المفاوضات بموت حركة طالبان عسكريا بتحولها الى حركة سياسية . ومن الجدير بالذكر ان المفاوضات قد تعكرت في موجة نشر الفلم الاميركي المسيء للرسول محمد ( ص ) الشهر الماض/ سبتمبر 2012 .

مواجهة الحراك الشيعي في الخليج العربي

ان دولة قطر باتت تلعب دوراً كبيراً في السنوات الأخيرة رغم أنها دولة صغيرة ، فقوة الدولة وقدرتها في التأثير على السلوك السائد لم يعد وفقا للتقاليد الكلاسيكية القديمة ، فقد تغيرت قواعد اللعبة جذريا وأصبحت هنالك دول صغيرة الحجم والسكان تحتل مكانة هامة .

أن دولة قطر هي الدولة الوحيدة في الشرق الأوسط التي تتمتع بدرجات مختلفة من العلاقة مع الولايات المتحدة وايران وحزب الله وإسرائيل . ويرى المراقبون ، أن افتتاح الجامع جاء في سياق تبني قطر بدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب كخطوة لسحب البساط من الدور السعودي في زعامة الوهابية / السلفية التكقيرية . وان عرض وكالة الأنباء القطرية لنسب الشيخ محمد بن عبد الوهاب مشيرة إلى انتمائه إلى قبيلة بني تميم التي تنتمي إليها الأسرة الحاكمة في قطر، وهو أمر يعتقد بأنه لإضفاء المزيد من الشرعية على تسميته . وممكن تفسير الخطوة القطرية هذه هي لمواجهة والمد الاخواني في مصر في اعقاب الثورات العربية .

ويرى مراقبون في الخطوة القطرية رغبة لاستقطاب السلفيين والحركات الجهادية ، وان واشنطن تستخدم قطر للتأثير على السلفيين بعد أن نجحت ـ اميركا ـ في احتواء الإخوان تحت مظلتها . أن الموقف القطري جاء منسجما مع الموقف السعودي لغرض أستخدام التيارات السلفية في مواجه التمدد ألايراني ومواجهة الحراك الشيعي في دول الخليج العربي ولغرض محاربة الإرهاب .هذه التطورات لا يمكن ان تكون بعيدة في جهود قطر والسعودية مع المعارضة السورية ، فهنالك تقسيم الادوار فاحدهما يمول الجيش السوري الحر والاخرى تمول الحركات السلفية التكفيرية داخل سوريا.

السياسة القطرية والسعودية تتماشى مع السياسة الاميركية في المنطقة التي تهدف الى تحجيم ايران في المنطقة وتفكيك المثلث السوري الايراني وحزب الله . اميركا والدول الداعمة تستخدم السلفية في سوريا والمنطقة حزام امان ضد ايران والتمدد السيغي في المنطقة ، ويبدو انها ستراتيجية اميركية للمستقبل البعيد لتحجيم ايران. هذه السياسة قد لا تكون مستبعدة عن ما يجري في سوريا. أن الوضع في سوريا اصبح فعلا معقد ومايحدث في سوريا من مجازر وابادة جماعية للشعب السوري تعدى كل معدلات القتل والعنف التي تعرضت لها الشعوب ومنها حرب فيتنام ومجازر صبرا وشاتيلا ومجازر البوسنه والهيرسك وغيرها من عمليات الابادة الجماعية.

السيناريو الاميركي في سوريا

الموقف الاميركي المتذبذب والاختلافات داخل المعارضة السورية تلقي بظلالها على النتائج المتوقعة لاجتماعات المعارضة السورية القادمة تحت الرعاية القطرية . يبدو ان الولايا ت المتحدة تعيد ذات السيناريو، عندما شنت حرب الخليج الثانية 1990 على العراق وفرضت الحظر والعقوبات الاقتصادية وغيرها من التحالفات التي كانت تهدف انذاك الى اضعاف العراق وصندقة النظام وفرض شروطها في خيمة صفوان، والتفاوض مع قادة العسكر اكثر من رجال السياسة ، وهذا في تقديرنا ماهو متوقع في الازمة السورية . وما جاء من تصريحات على لسان مسؤوليي الادارة الاميركية في واشنطن التي تلمح فيها الى امكانية تغيير رأس النظام والتحضير لحكومة انتقالية افضل من ترك مصير سوريا مفتوحا على كل الابواب ، قد اثارت غيض المعارضة السورية واعتبرته تناقضا لمقررات اجتماع جنيف.

تنظر الولايات المتحدة الى سوريا وحلفائها بشكل يختلف عن المعارضة السورية او الدول الداعمة للتغيير. ، فهي تاخذ بالحسابات تداعيات انهيار النظام السوري وعلاقات النظام مع حلفائه واحتمالات نبش الصراعات وتاجيج ألمنطقة الى ابعد ما تنظر اليه المعارضة السورية والدول الداعمة ، وهي حسابات ستراتيجية، أعتمدتها اميركا من تجربة العراق وافغانستان ، تلك السياسة ،التي عملت على ايقاظ وتفريخ الخلايا والشبكات الارهابية في المنطقة وتاجيج الارهاب ،وتحويل المنطقة الى صفيح ساخن .

kumait
08-11-2012, 12:54 AM
العلاقات الروسية الإسرائيلية: شراكة وتناقضات (I)

أصبح التطور المكثف للعلاقات مع إسرائيل إحدى السمات المميزة للسياسة الروسية في الشرق الاوسط بالسنوات الاخيرة. فقد عبّر أول سفير روسي في إسرائيل الكساندر بوفين، الذي تم تعيينه العام 1991 بعد استعادة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، في مذكراته عن أسفه قائلاً: «لم نتمكن خلال خمسة أعوام ونصف من عملي من تحقيق أي مشروع روسي - إسرائيلي ضخم». أما الآن فتُقدَّر مثل هذه المشاريع بالعشرات. وتمكّن العديد من المهاجرين القادمين في التسعينيات من القرن العشرين، من روسيا والجمهوريات السوفييتية السابقة، الذين بلغت بفضلهم نسبةُ الروس القاطنين في اسرائيل 20 %، من تحويل تفوُّقهم العددي إلى «رأسمال سياسي». وتعتبر اللغة الروسية اللغةَ الامّ بالنسبة لعدد من اعضاء الكنيست بتشكيلته الأخيرة. وتضم حكومة بنيامين نتنياهو أربعة وزراء (من أصل ثلاثين وزيراً) متحدرين من الاتحاد السوفياتي السابق. ويشغل أحدهم، افيغدور ليبرمان، منصب وزير الخارجية. وأصبح الإسرائيليون الناطقون بالروسية «وسيطاً هاماً» للاتصالات بين البلدين. فقد اعترف السفير الروسي السابق في إسرائيل بيتر ستيغني بأن «العامل البشري» اتى بنظرة روسية جديدة إلى ما يجري في إسرائيل بمشاكلها، و«عُقَدِها» وأخطائها ومنجزاتها».

تدرس النخبة الإسرائيلية الناطقة بالروسية بجدية، سعياً منها لتوطيد مواقعها في أجهزة السلطة، إمكانية تشكيل تحالف روسي - إسرائيلي جديد مستقبلاً، من شأنه أن يصبح (وإنْ لم يكن بديلاً) «مقابلا» للشراكة الأميركية - الإسرائيلية. وأعلن عن هذا الهدف في برنامجه الانتخابي العام 2009 افيغدور ليبرمان زعيم حزب «إسرائيل بيتنا»، الذي يمثل أساساً «إسرائيل الروسية».

وبالفعل، فإن روسيا حريصة على توسيع العلاقات مع إسرائيل. إن الاقتصاد الإسرائيلي القائم على استخدام التقنيات العالية، وتجربة إسرائيل في مجال تنمية مختلف قطاعات الاقتصاد في الظروف الطبيعية المعقدة، والآفاق المشجعة التي ذر قرنُها للاستثمار المشترك لاحتياطات الغاز التي تم استكشافها في إسرائيل، والتجربة الإسرائيلية في مكافحة الإرهاب، إنها بعض المجالات التي يمكن أن يصبح التعاون فيها مفيداً بالنسبة لروسيا. ومع ذلك فلا مبرِّر لأية حسابات مبنية على كوْن روسيا قادرةً على انْ تأخذ على عاتقها الأعباء الثقيلة الخاصة بضمان قدرات إسرائيل الدفاعية والأمنية، والتي تتحمّلها الولايات المتحدة على مدى عقود من السنين. إن الولايات المتحدة لا تزال تبقى المورِّدَ الرئيس الأهم، لأحدث الأسلحة إلى إسرائيل، كما يُخصص لإسرائيل ما يربو على 50% من برنامج البنتاغون لتمويل المساعدات العسكرية إلى البلدان الأجنبية. وبالإضافة إلى ذلك، يُخصص سنوياً زهاء 200 مليون دولار للخطط الأميركية - الإسرائيلية المشتركة للدرع الصاروخية. وتعتبر الشركات الأميركية شركاء رئيسيين للإسرائيليين في تنفيذ الطلبات العسكرية للبلدان الثالثة، وهي تعرقل، في حالات كثيرة، إقامة التعاون الروسي - الإسرائيلي في هذا المجال.

وقد صرح الخبير المعروف في العلاقات الاميركية الروسية والعامل في مركز «Heritage» آرئييل كويين، في أحد أحاديثه الصحافية بأن واشنطن لن ترغب، على الأرجح، في تقوية روسيا المفرطة في مجال التقنيات الحديثة والتحديث السريع للقوات المسلحة الروسية على حساب التعاون مع إسرائيل. إن أحد الأمثلة التي تؤكد وجهة النظر هذه، هو الضغط الأميركي، الذي مورس على الحلفاء الإسرائيليين العام 2008 في سياق محاولات إحباط صفقة بيع طائرات بلا طيار إلى روسيا. وترد من الولايات المتحدة إلى إسرائيل أموالٌ ضخمة سواء في إطار المساعدة الحكومية أو المساعدات الآتية من الجالية اليهودية الأميركية، وتعجز خزانة الدولة الروسية واليهود الروس عن التنافس مع هذه المساعدات، وليس لديهم النية في ذلك.

إن النخبة الإسرائيلية التقليدية تنظر إلى روسيا على أنها بلد، تسوده القيم والثقافة السياسية الغربية. وتجلى ذلك بوضوح بصدد اشتداد الهجمات على زعيم حزب «إسرائيل بيتنا» ووزير الخارجية أفيغدور ليبرمان وأنصاره، الذين تقدموا في الكنيسيت في يناير (كانون الثاني) عام 2011 بمبادرة تشكيل لجنة للتحقيق في نشاطات المنظمات الإسرائيلية لحقوق الإنسان. ويقوم الناشطون الإسرائيليون في مجال حقوق الإنسان بمراقبة وضع الفلسطينيين في الأراضي المحتلة والاعمال العسكرية الإسرائيلية تجاه المدنيين، ويؤمنون جمع معلومات عن طبيعة أعمال القوات الإسرائيلية إبّان عملية «الرصاص المسكوب» في قطاع غزة. ويثير نشاطهم سخطاً شديداً لدى الأوساط اليمينية ذات النزعة القومية، التي تَعتبر هذا النشاط خيانة لمصالح الدولة. لكن البنية المتفرعة للمنظمات الاجتماعية اليسارية واليمينية تبقى، من منظور النظام الديموقراطي الإسرائيلي بكل ما يميزه من خصائص وقيود، دليلاً على وجود مجتمع مدني فاعل في البلاد. فإذا لم يتجاوز نشاط هذه المنظمات الإطار القانوني، فإن أحداً لا يشكك في شرعية هذا النشاط.

وينظر كثيرون في إسرائيل إلى السعي لوضع ناشطي حقوق الإنسان تحت الرقابة القاسية، على أنه نتيجة لـ «زحف» منحدرين من الاتحاد السوفيتي السابق إلى هيئات السلطة، علماً بأنهم لا يملكون ـ من وجهة نظر الإسرائيليين ـ تجربة الحياة في مجتمع ديمقراطي طبيعي، بل تعودوا على قمع أي مخالف في الرأي، «على الطريقة السوفيتية». وانتشر في وسائل الإعلام مصطلح «لَبَرْمَنَة»، بحيث أصبح مرادفاً لضغط مناهض للديمقراطية ومحاولة كسب شعبية، مما يميز الساسة «الروس». وجدير بالذكر أن المهاجرين من الجمهوريات السوفيتية السابقة ينتمون إلى عدد من الكتل الحزبية الأخرى في الكنيست، ولا يمكن نسبهم بلا أساس إلى شركائهم في الرأي من حزب «إسرائيل بيتنا». بيد أن السخط الذي تعبر عنه بشكل خاص، الأوساط الليبرالية اليسارية رداً على «هجمات» ليبرمان السياسية يستهدف جميع الناطقين بالروسية. وليست هذه الأجواء مناسبة لذكر مساهمة حاسمة من جانب اليهود المنحدرين من الإمبراطورية القيصرية السابقة، في تكوُّن أساس الدولة، الذي يقوم عليه اليوم صرح الديمقراطية الإسرائيلية بأسره. فإن «الحكم» على الناطقين بالروسية لا يقوم على أثرهم الثقافي في الأدب والفن الإسرائيلي، ولا على حصتهم في إنشاء الإقتصاد الاسرائيلي المبني على استخدام التقنيات العالية. فإن السخط الشديد من الطابع المناهض للديمقراطية المميز للمهاجرين من روسيا ينتقل الآن آلياً إلى روسيا الجديدة. ويُنظر إلى العلاقات معها عبر منظار التقييم السلبي للنشاط السياسي، الذي يقوم به المهاجرون الجدد، حيث كانت تتعالى منذ عقدين من السنين أصواتٌ تدعوهم بإلحاح للهجرة إلى إسرائيل، غير أنهم يتحوّلون الآن إلى منافسين خطرين غير مرغوب فيهم للنخبة الإسرائيلية القائمة. إن مثل هذه الأجواء التي تشكّل الرأي العام بهذه الطريقة، لن تساعد على الأرجح، على التقارب السياسي الوثيق للبلدين.

روسيا: صديق أم عدو؟

إن تقدم روسيا إلى سوق الأسلحة الشرق أوسطي يبقى عاملاً يثير حفيظة الإسرائيليين، بسبب تسليح سوريا وإيران. إن تضمين هذا الموضوع «ذكريات» عن أزمنة « الحرب الباردة»، حين حاربت الجيوش العربية إسرائيلَ بالسلاح السوفيتي سواء في عام 1967، أم في العام 1973 ، يجعله «مؤلماً» للغاية. كما تؤكد وقائع الماضي القريب على صحة مخاوف إسرائيل من أن الأسلحة الروسية ستكون موجَّهةً ضدها. ففي أثناء الحرب اللبنانية الثانية العام 2006 ، استخدم مقاتلو «حزب الله» صواريخ «كورنيت» المضادة للدبابات، التي كانت قد قامت روسيا بتوريدها إلى سوريا.

إن بعض الساسة الإسرائيليين، وفي مقدمتهم، مندحرون من الاتحاد السوفيتي السابق، يرون إمكانية تخفيض المخاطر المتصلة بتقوية سوريا وإيران على حساب شرائهما المعدات الحربية الروسية عبر توسيع التعاون العسكري الإسرائيلي - الروسي. وتعليقاً على التوقيع على الاتفاقية الروسية - الإسرائيلية بشأن التعاون العسكري - التقني، صرح عضو الكنيست أحد رئيسي الاتحاد البرلماني المشترك «إسرائيل - روسيا»، زئيف إيلكين، بأن إسرائيل تسعى لجذب أهتمام روسيا بطرح مشاريع تجربة مشتركة كي تأخذ القيادة الروسية ورجال الأعمال الروس بعين الاعتبار مصالحَ إسرائيل بمزيد من الجدية.

بيد أن غياب الثقة بروسيا (بشكل تقليدي) بوصفها لاعباً في حلبة الشرق الأوسط مناهضاً ليس لإسرائيل وحدها، بل وللغرب، يدفع الإسرائيليين إلى التشكيك في آفاق الشراكة معها. فإن روسيا يُشتبه فيها بالعزم على استعادة مواقعها المفقودة في الشرق الأوسط جراء انهيار الاتحاد السوفيتي، وذلك بواسطة توحيد كتلة بلدان مناهضة للغرب بحكم طبيعتها. فإن جريدة «جيروزاليم بوست» التي أوردت كل التعاقدات الروسية الأخيرة المبرمة مع سوريا وإيران بشأن إمدادات بعض أنواع الاسلحة، مشيرة إلى احتمال وقوع هذه الأسلحة بأيدي التجمعات الإسلامية الراديكالية التي تحارب إسرائيل (مثل «حزب الله»، و«حماس»)، تتوصل إلى استنتاج «حادّ»، مفاده أن «روسيا لا يمكن اعتبارها في الوقت الحاضر شريكاً أميناً فيما يتعلق بمهام السياسة الخارجية والاعتبارات الأمنية».

إن بيع الأسلحة إلى البلدان العربية يُعتبر بالنسبة لروسيا صفقة تجارية محضة. فإن ذلك ما تقوم به الولايات المتحدة وغيرها من البلدان الغربية التي تبيع المعدات الحربية والأسلحة بمبالغ تُقدر بملايين من الدولارات إلى الدول المعروفة كخصوم إسرائيل. إن مثل هذا التعاون لا يتنافى والقانون الدولي، لا سيما أن الطرف الروسي يسعى جاهداً لتحقيق أقصى حد من الشفافية لصفقاتها مع الشركاء الإقليميين، حيث تضمِّن روسيا هذهالصفقات تعهداتٍ يأخذها على عاتقه «المنتفع النهائي»، بعدم تسليم الأسلحة المورَّدة إلى أطراف ثالثة. ومن جهة أخرى فإن متابعة تنفيذ هذه الشروط والتعهدات أمر في غاية الصعوبة، إنْ لم يكن مستحيلاً، في ظل النزاعات التي تسود الشرق الأوسط، والنشاط الخالي من أي مراقبة من قبل اللاعبين الإقليميين، مثل «حزب الله» و«حماس». ومع ذلك تقدِّم موسكو في بعض الحالات تنازلات متراجعةً عن مصالحها التجارية. ففي سبتمبر/أيلول العام 2010 وقع الرئيس ديمتري ميدفيديف مرسوماً يقضي بحظر بيع صواريخ «إس-300» إلى إيران، بسبب العقوبات المفروضة في مجلس الأمن الدولي على طهران. إن صواريخ إس ـ 300 «تعتبر أحد أكثر منظومات الدفاع الصاروخي فعاليةً في العالم. وكان يمكن لشرائها (لو تمّ) أن يجعل إيران أقلَّ تعرُّضاً لخطر ضربة عسكرية أميركية أو إسرائيلية. وتفيد أنباء وسائل الإعلام بأن القيادة الإسرائيلية أقدمت ـ استجابةً لمطالب موسكو - على تقليص التعاون العسكري مع جورجيا، وذلك لحثِّ الطرف الروسي على اتخاذ هذا القرار.

العلاقات الروسية الإسرائيلية: شراكة التناقضات(II)

لم تتراجع روسيا عن عزمها على تزايد دورها في تسوية النزاع العربي - الإسرائيلي. فمن منظور مصالح روسيا الوطنية، تتصدر إقامةُ السلام قائمة المهام ذات الأولوية، وتكتسب العلاقات الجيدة المبنية على الثقة مع إسرائيل، أهميةً خاصة في هذا السياق. ومع ذلك لا يجوز أن يتناسى المرء أن الحكومة الإسرائيلية الحالية، تمارس بشكل، لم يسبق له مثيل خلال السنوات العشرين الاخيرة، التعنتَ والعنادَ، رافضة أي حل وسط مع الطرف الفلسطيني. وهكذا فإن روسيا تقع في مصيدة مصالح سياسية خارجية «تصادمية»، حيث أن المستوى العالي المنقطع النظير لعلاقاتها مع إسرائيل، يضع روسيا في وضع بلدٍ يشجع في الواقع الزعماء الأقل ميْلاً لخوض مباحثات سياسية.

وفي غضون ذلك ليس ثمة أي أساس للاعتماد على مساعي الوساطة الروسية في تسوية النزاع، من جانب الساسة الناطقين بالروسية. فمثلا، صرح أفيغدور ليبرمان، في معرض أقواله الواعدة بشأن آفاق الشراكة بين روسيا وإسرائيل ، رداً على سؤال خاص بدور روسيا والرباعية الدولية في تقدم السلام: «يحدوني الأمل بأن الرباعية ستتركنا وشأننا وستتناسى وجودنا». ويبدو أن الإسرائيليين «الروس» لا يعتزمون المساهمة في الترويج لمصالح موسكو السياسية في هذا المجال الحساس.

ان بعض الخبراء الروس الذين تكوَّن بينهم خلال العقود الأخيرة من السنين «اللوبي» الموالي لإسرائيل، يشككون في دور روسيا في التسوية الشرق أوسطية، زاعمين أن مصالح روسيا تكمن في المجال الاقتصادي قبل غيره. إن إقامة الدولة الفلسطينية، من هذا المنظور، لا تحمل في طياتها أية منافع بالنسبة لروسيا، فيما تعتبر العلاقات مع إسرائيل واعدةً جداً من منظور المستقبل. إن مثل هذه «الحتمية» الاقتصادية المبتذلة من شأنها أن تزيل قضية النزاع بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وتُبعد الى المقام الثاني (إنْ لم نَقُلْ «تشطب») مسألة ضرورة احتواء التناقضات الفلسطينية الإسرائيلية في اثناء المفاوضات السياسية. أما سياسة روسيا الشرق أوسطية، فيبقى أحدَ مكوناتها الرئيسية، التمسكُ بمبدأ تسوية النزاع، وتفهُّم واقع أن تحقيق سلام وطيد في المنطقة مستحيل من دون حل القضية الفلسطينية.

لذا فإن الساسة أو الدبلوماسيين الروس لا يرون بديلاً آخر للحوار، مهما كان صعباً وطويلاً ومهما تطلب من القوى والشجاعة، من الطرفين. وفي اثناء مثل هذا الحوار، ينبغي أن تُبنى رؤيةٌ جديدة لتعايش إسرائيل مع جيرانها العرب عل أساس الشرعية الدولية المعترف بها.

وترى روسيا أن من المفيد، باستغلال سمعتها في العالم العربي، خوضَ حوار مع منظمات مثل «حماس»، التي تحتل مواقف أكثر تطرفاً إزاء اسرائيل. لقد أشار رئيس لجنة الشؤون الدولية في مجلس الاتحاد الروسي ميخائيل مارغيلوف ، إلى أن الاتصالات مع «حماس» هامة، لأنها تحمل طابعاً إعلامياً، وبالإضافة الى ذلك، فإن هذه الاتصالات تسمح بمحادثة ممثليه مباشرة، وبدون وساطة من قبل الإيرانيين والسوريين. وتهدف الاتصالات الروسية مع الجناح السياسي لـ «حماس» إلى دفع زعماء هذه المنظمة إلى القبول بشروط الاعتراف بها من قبل المجتمع الدولي وإلى اتخاذ موقف أكثر واقعيةً إزاء مسألة استعادة الوحدة الفلسطينية المطلوبة لتحقيق تقدّم على طريق التسوية السلمية.

إن «الحضور الروسي» في إسرائيل لا يُمثَّل بحوالى مليون من سكانها الناطقين بالروسية فحسب، بل وبتراث روسيا المتمثل في كنائس وأديرة ومبانٍ متنوعة وقِطعٍ من الأرض، أي ما صنعه المسيحيون الأرثوذكس الروس في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين. وخلال الفترة الممتدة بين عامي 1857 و1914، اشترت البعثة الدينية الروسية في القدس والجمعية الإمبراطورية الأرثوذكسية الفلسطينية أكثر من 65 قطعة أرض يبلغ مجموع مساحتها زهاء 150 هكتاراً. وزادت هذه الأملاك بست مرات عن أراضي كريملين موسكو المعاصر. ويقع الجزء الأكبر من هذه الأراضي في القدس وضواحيها، لكن قِطعًا أخرى من الأرض تم شراؤها في بيت لحم وأريحا وعند بحر الجليل والخليل وحيفا وعدد من المواقع الأخرى. أشارت الصحف الإسرائيلية المعاصرة إلى أن روسيا بنت في فلسطين أكثر مما بنته بريطانيا التي أدارت هذه الأراضي على مدى ثلاثين عاماً تقريباً.

عاد الجزء الأكبر من الأملاك الروسية إلى البعثة الدينية، غير أن الجمعية الفلسطينية، كانت بحوزتها أملاكٌ ضخمة. وتم تسجيل هذه الأملاك وفقاً للقواعد العاملة في الإمبراطورية العثمانية، حيث خُصص جزء منها للحكومة القيصرية، وسُجل جزء آخر على أسماء النبلاء منهم الأمير العظيم سيرغي الكساندروفيتش، الذي شارك بشكل فعال في نشاط الجمعية الفلسطينية، كما سُجّل جزء محدد من هذه الأملاك بصفة الوقف الشرعي. وجدير بالذكر أن هذه الأملاك تم شراؤها من خزانة الدولة، أساساً، لا بأموال خاصة. غير أن غياب ذكر «الدولة» (في الأوراق الرسمية)، كشخصية اعتبارية تتمتع بحق حيازة الملكية، شكل لاحقاً حواجز عديدة عرقلت إعادة الاملاك الروسية الى الاتحاد السوفيتي السابق، ومن ثم إلى روسيا.

أقرّت سلطات الانتداب البريطانية في العام 1926 «توجيهات بشأن إدارة الأملاك الروسية»، ثبَّتت وضعها كطرف وحيد تصرَّف بالأملاك الروسية في فلسطين. وفي القدس أقيمت على الأرض الروسية وفي المباني الروسية ـ مقابلَ أدنى أجرة ـ مؤسساتٌ حكومية بريطانية، مما خلق سابقةً استغلتها دولةُ إسرائيل بعد العام 1948.

وفي السنوات الاولى بعد قيام إسرائيل، سُلِّم إلى الكنيسة الروسية عدد من قطع الأرض والمباني الواقعة على أرضها وفي القدس الغربية. اما الأديرة والكنائس الروسية الواقعة على أراضٍ أدارها الاردن، فبقيت ملكاً للكنيسة. وفي اكتوبر/تشرين الأول العام 1964 وقعت وزيرة الخارجية الإسرائيلية غولدا مائير والسفير السوفيتي في إسرائيل ميخائيل بودروف اتفاقية، دخلت التاريخ باسم «الصفقة البرتقالية». فقد باعت حكومة نيكيتا خروشوف إلى أسرائيل، مقابل لا شيء، في واقع الأمر، اي مقابل مبلغ 4,5 مليون دولار 22 منشأة (أملاكاً عقارية) واقعة على أرضها.

وفي النصف الثاني من الثمانينيات من القرن العشرين، حين وصل إلى إسرائيل فريق قنصلي للدبلوماسيين الروس، طُرحت مسألة الأملاك الروسية. وبدأ الطرفان في دراسة هذه القضية منذ اوائل التسعينيات من القرن العشرين، حين استعادت روسيا العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل، وأسست سفارتها في تل أبيب. ودار الحديث بالدرجة الأولى عن إعادة تسجيل كنيسة الثالوث المقدس، ومبنى البعثة الدينية الروسية بمبانيها المتاخمة لها وقطعة أرض في شارع الملك جورج في وسط القدس، إلى الحكومة الروسية. واستمرت المباحثات خلال بضعة أعوام. وتباطأت اللجنة الإسرائيلية المعنية بدراسة مسألة الأملاك الروسية، والتي تمّ تشكيلها في السنوات السوفيتية، في الاعتراف بروسيا كوريثة للاتحاد السوفيتي السابق. وبالرغم من أن روسيا وقعت، بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، عدداً من الاتفاقيات مع الجمهوريات الاتحادية السابقة التي نصّت على أنها (روسيا) ستحصل على كل الأملاك السوفيتية في الخارج مقابل شطب الديون المستحقة على الاتحاد السوفيتي، إلا ان السلطات الاسرائيلية خشيت من مطالب أوكرانيا (مثلاً) بها.

وفي خريف العام 1996، أثناء زيارة وزير الخارجية الروسي آنذاك يفغيني بريماكوف إلى إسرائيل، سُلِّمت اليه وثائقُ تثبِّت لروسيا الاتحادية الحقَّ في الأملاك المذكورة. وتم تسليم المباني الكنسية المعادة، إلى الكنيسة الأرثوذكسية الروسية على الفور، بموجب مرسوم أصدره الرئيس الروسي. وطالت قصة تسليم «بيت سيرغي»، أي مجموعة المباني الواقعة في وسط القدس إلى روسيا. وبينت التعقيدات الخاصة بهذه المسألة بوضوح، سعي إسرائيل لربط تسوية قضايا الملكية بحل مهامها السياسية الخارجية. وفي خريف العام 2008، أثارت قلقاً بالغاً لدى السلطات الإسرائيلية نيةُ روسيا عقدَ معاهدة بشأن التعاون العسكري مع سوريا، وكذلك ما تردد من شائعات بإعداد العدة لبيع صواريخ «إس -300 « إلى إيران. ففي ذلك الوقت بالذات جاء رئيس الوزراء إيهود أولمرت إلى موسكو بقرار الحكومة الاسرائيلية تسليم «بيت سيرغي» إلى روسيا.

يظهر تاريخ العلاقات الروسية - الاسرائيلية خلال العقود الأخيرة أن الطرفين يتعلمان أثناء التعاون بينهما التغلبَ على سوء التفاهم والاعتبارات المتكوّنة تاريخياً، وإيجادَ مخرج من الأوضاع المعقدة التي تتسبب فيها مصالح إقليمية يستبعد بعضها البعض. غير أن تطور التعاون الثنائي الواسع النطاق لا سيما في المجال العسكري التقني، سيعرقله غيابُ الثقة بروسيا بسبب توجيه صادراتها العسكرية إلى بلدان معادية لإسرائيل، وبسبب الموقف الإسرائيلي المستقل من الملف النووي الإيراني. وستعرقل الإدارة والشركات الأميركية هي الاخرى، هذا التعاون.

تاتيانا نوسينكو - باحثة في قسم الدراسات الاسرائيلية معهد الاستشراق، الأكاديمية الروسية للعلوم

kumait
09-11-2012, 03:57 PM
النظام الحاكم في البحرين وسياسة تضييع الفرص والشعب

من الناحية التاريخية يمكن القول ان النظام في البحرين قد استنفذ امكانياته، ووصل الى طريق مسدود بنهاية الثمانينات وبداية التسعينات. وكانت انتفاضة التسعينات الشعبية استمرت حتى عام 2000 - والتي واجهها النظام بعنف منقطع النظير، كانت هي العلامة الفارقة على ان هذا النظام قد وصل الى طريق مسدود، ولم يعد بامكانه ان يحكم بالطرق القديمة. وليس بامكانه ان يقدم على عملية اصلاح سياسي شاملة تنقد البلاد والعباد، وتنقذ النظام.

في هذه الاثناء تدخل القدر وتوفي الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة امير البلاد في 6 مارس 1999، وحل محله ابنه الاكبر وولي عهده الشيخ حمد بن عيسى / الامير، ثم الملك الحالي.

ولأن ولي العهد / الملك الجديد قد استلم تركة سياسية ثقيلة من جراء سياسة عمه غير الرشيدة منذ الاستقلال في 1971 مرورا بحل المجلس الوطني بمنتصف السبعينات وقمعه لكل الحركات المطالبة بالديمقراطية - من جراء قانون ومحاكم امن الدولة - على اختلاف مشاربها بما فيها انتفاضة التسعينات، وتجفيف مؤسسات المجتمع المدني فقد حاول الملك ان يأخذ زمام المبادرة حيث كان العم العزيز كل شيء في عهد ابيه - ويتصرف باعتباره الرجل الأول وسيد البلاد والعباد، وسيبدأ صفحة جديدة مع شعبه ويخرج البلاد من عنق الزجاجة.

بدأ خطوات اجرائية متتالية مع بداية سنة 2000 تخللها التصويت على ما سمي بالميثاق في 2001 بنسبة تصويت عالية لا مبرر لها سوى قلة حيلة ادارة المعارضة حينذاك لعملية الصراع مع النظام، واعتبر ذلك شيكا على بياض للنظام من قبل المعارضة دون مقابل، وانتهت هذه الاجراءات بصدور دستور 2002 بديلا عن دستور 1973 واستبدال اسم البلد من دولة الى مملكة ومسمى الحاكم من امير الى ملك، واطلق على كل هذه الاجراءات اسم 'المشروع الاصلاحي'!. لكنها في حقيقة الامر لم تكن مشروعا اصلاحيا بل كانت بمثابة اجراءات فوقية لانعاش النظام المتهالك والذي اصيب بالشيخوخة منذ زمن ووصل الى طريق مسدود، ولاعتقاد الملك وبقية افراد العائلة الحاكمة انهم بهذه الاجراءات وبالطنطنة الاعلامية سيقنعون الشعب البحريني والعالم بأن ما قاموا به هو الاصلاح بذاته وبالتالي ينفخون في النظام شيئا من الروح . وبالفعل صدق كثير من المراقبين ان ما يقوم به ملك البحرين هو اصلاح غير مسبوق، لكن بعد برهة تبين ان جدوى ذلك الاصلاح ايضا لم ينطل على من يستشرف المستقبل المنظور من المتابعين للشأن البحريني. ربما انعش النظام قليلا لكنه لم يستمر طويلا، وسرعان ما عاد النظام الى سياساته القديمة وعلى اسوأ ولكن باخراج جديد .

بتقديري في هذه المناسبة كان بامكان الملك الجديد ان يقوم باصلاح حقيقي من خلال عملية مركبة ومعقدة في الوقت نفسه.

الاولى هي عملية اصلاح في بنية العائلة الحاكمة، وتتمثل في استبعاد الحرس القديم الذي عاصر اباه / الامير الراحل والحد من تكالب العائلة على مغانم البلاد وخيراتها ودمجها في النسيج الاجتماعي العام .

والثانية طرح برنامج متكامل وشامل للاصلاح السياسي يمكن ان يكون تدريجيا للوصول الى ملكية دستورية بمعنى الكلمة الحرفي كما هي مطبقة في عدد من الممالك، ومن خلال هذه العملية المركبة يستطيع الملك ان يمسك بكل مفاصل القوة في عائلته الحاكمة من جهة، وفي الوقت نفسه يستطيع انجاز الاصلاح السياسي المطلوب، أي الملكية الدستورية من ناحية اخرى من خلال توافق وطني حقيقي، وبالتالي يمكن حينها الحديث عن مشروع اصلاحي حقيقي يمكن قياسة والتحقق منه بمحكات على صعيد الواقع خلال فترة زمنية محددة .

لكن للاسف الشديد ان ما يسمى بالمشروع الاصلاحى ما هو الا اشبه بالاناء الفارغ وجعجعة دون طحين، فقط للشو كما يقال، اما مضمونه فهو تجديد آلة القمع وزيادة الفساد وزيادة استحواذ القبيلة على السلطة والثروة، واستشراء السرقات والاستيلاء الكامل على الدولة واجهزتها، وتحويل الوطن الى مزرعة كبيرة، وسجن كبير من جراء المشروع الاصلاحي المزعوم.

ولأنه ليس مشروعا اصلاحيا حقيقيا لذلك لم يمضِ هذا المشروع الاصلاحي قدما وولد ميتاً حيث بدأت المطالبات من قبل المعارضة منذ اقرار دستور 2002 بتصحيح المسار، وأن ما تم من قبل الملك ما هو الا التفاف على مطالب الشعب والانقلاب على ما تم الاتفاق عليه، فاستمر الحراك الشعبي المتنوع مقاطعة الانتخابات، مؤتمرات دستورية، نضالات سلمية مختلفة، احتجاجات هنا وهناك، مطالب حقوق انسان ، مشركة بعض المعارضة في المجلس النيابي بعد المقاطعة لعل وعسى ولكن دون فائدة - حتى جاء الانفجار الكبير في 14 فبراير سنة 2011 ليؤكد ان كل ما تم خلال عشر سنوات ما هو الا مزيد من سطوة العائلة الحاكمة في كل مناحي الحياة ومفاصلها، بتعبير آخر ما جرى انما هو خلفنة البلاد وإحكام سيطرة القبيلة على مقدرات البلاد .

ومع ذلك فإن ملك البحرين قد اضاع فرصة تاريخية قبل عشر سنوات كان بامكان البحرين ان لا تصل الى ما وصلت اليه من طريق مسدود، حيث يعوّل النظام على كسب الوقت، في حين ان ذلك لن يفيده شيئا. ذلك ان تسونامي التغيير قادم لا محالة ولا تفيد فيه الاصلاحات الشكلية، وأن المطالب الشعبية كلما طالت الازمة سيرتفع سقفها، فمن كان يطالب باصلاح النظام قبل عشر سنوات او قبل سنة بات يطالب باسقاط النظام، وتسقيط رموزه، لا لشيء انما بسبب تطرف النظام في تعامله القمعي مع المحتجين من جهة، وتطرفه في عدم استجابته للمطالب السياسية المشروعة. هذا هو منطق الامور في الصراع السياسي المتجدد والدائر في البحرين منذ قرن من الزمان .

اخيرا، كل ذلك لا يؤشر على قرب انفراج الوضع في البحرين، ولا يؤشر على قدرة النظام على تقديم حلول للمشكل السياسي، بل كل الدلائل تشير الى ان النظام استنفذ امكانيات الاصلاح، ويحاول اطالة عمره بألف حيلة ووسيلة وفي مقدمتها القمع بشتى الوسائل وليس آخرها منع المسيرات والتجمعات والمظاهرات، ولكن دون جدوى، بحكم منطق النظام والتاريخ. وان تسونامي التغيير قــــادم لا محالة على الرغم من آلة القمع والايديولوجــيا الخاصتين بالنظــــام. وذلك معنى ان النظام الحاكم في البحرين قد وصل الى طريق مسدود. فليس بالقمع وحده يحي النظام .

وفي وضع كهذا ليس امام النظام في البحرين إلا احد خيارين: اما نظام ملكي دستوري كما هو في الدول الملكية العريقة، وهو غير قادر على فعله لاسباب تعود الى بنيته القبلية الاستبدادية، واقصى ما يستطيعه هو اصلاحات شكلية فارغة لا تمس جوهر بنية النظام، وهذا لن يقبل به الشعب، او خيار الاسقاط، وهذا ليس خيارا، انما هو فعل ثوري شعبي سيقول الشعب فيه كلمته، وايضا لا يستطيع النظام ان يحكم الشعب بالطرق القديمة، فذاك عهد مضى وانقضى، والبلد على كف عفريت. اجل في كل الاحوال النظام في مأزق، وكل الخيارات مرة بالنسبة للقائمين عليه. هذا هو النظام الحاكم في البحرين المضيّع بارادته للفرص والوقت والشعب.

يوسف مكي - باحث بحريني في علم الاجتماع

kumait
18-11-2012, 10:58 PM
http://annabaa.org/nbanews/2012/11/Images/110.jpg
تقسيم سوريا... فرصة تاريخية ينتظرها الاتراك!

شبكة النبأ: بعد مرور عام ونصف على بدء الحرب الأهلية في سوريا، يشهد الفصل الأخير من الأحداث أعمالاً عدائية مسلحة بين سوريا وتركيا التي كانت ذات مرة دولة صديقة لنظام الأسد. ومنذ قرن من الزمن، كانت القوى الغربية هي التي فككت وقسّمت الإمبراطورية العثمانية بعد الحرب العالمية الأولى. واليوم يمكن أن تتولى تركيا دور القيادة في ترسيم الحدود على خارطة الشرق الأدنى الناشئة.

يشير وقوع سوريا في الفوضى إلى أن انشقاق وتقسيم البلد أصبح نتيجة محتملة جداً -على عكس وضع ليبيا في الوقت الراهن - إلا إذا سقط نظام الأسد. و بحسب ما يراه الباحثان (سونر چاغاپتاي) و (باراغ خانا) في تحليلهما المنشور في موقع معهد واشنطن لدراسات الشرق الادني.

إذا استمر الصراع في سوريا من دون رادع وأدى إلى وقوع حرب طائفية شاملة بين العلويين والسنّة وقيام توترات عرقية عنيفة بين العرب والأكراد، فمن المتوقع أن يتحقق السيناريو الأقرب إلى النموذج العراقي، حيث نشأت مناطق خاضعة لسيطرة شبه مستقلة. من المتوقع أن تبقى حلب ودمشق مرتبطتين مع أنهما قد تسيران في اتجاهين مختلفين بسبب الروابط التجارية المتعادلة . وسينشأ أيضاً معقل درزي متوسط في الجنوب، وفي الوقت نفسه، سينسحب العلويون، أو على الأقل أولئك الذين نجوا من الكوارث المأساوية المؤسفة، إلى معقلهم التقليدي في محيط مرفأ اللاذقية على البحر الأبيض المتوسط.

لكنّ الأهم بالنسبة لتركيا هو مصير المعاقل الكردية في سوريا. ويشكّل الأكراد بين 10 و20 في المائة من الشعب السوري، وهم يُعتبرون عامل ضغط يدفع باتجاه إنشاء منطقة كبرى يسيطر عليها الأكراد ويتمتعون فيها باستقلالية تامة في النهاية إلى جانب حلفائهم في العراق، وذلك نظراً إلى تمركز أكبر عدد من أكراد سوريا في شمال البلاد، على طول المناطق الحدودية التركية، مع امتداد نقاط التمركز شرقاً نحو العراق. فضلاً عن ذلك، من المعروف أن أكراد تركيا وسوريا والعراق (على الأقل أولئك الذين يعيشون في شمال غرب العراق، على طول الحدود مع تركيا وسوريا) يتشاركون اللغة نفسها. فهؤلاء الأكراد يتحدثون باللهجة الكرمانجية، بما يختلف عن لهجة الأكراد في إيران وفي شمال شرق العراق الذين يتحدثون باللهجة السورانية التي تختلف بشدة عن اللهجة الكرمانجية أكثر من اختلاف اللغة البرتغالية عن الإسبانية.

من المتوقع أن يتطلع أكراد سوريا إلى تركيا بحثاً عن الدعم، ولا شك أنهم سيقدرون أهمية دور تركيا كقوة موازنة تتصدى للنزعة القومية العربية. فقد تعلّموا درساً سريعاً من أكراد العراق الذين لجأوا إلى تركيا للاحتماء من بغداد منذ عام 2010. بسبب هذا الوضع، أصبحت تركيا أمام خيار حاسم. فطالما كانت ترفض فكرة نشوء دولة كردية مستقلة أو كيان كردي مشابه في أي مكان من المنطقة خشية أن تطالب الجماعات الكردية في تركيا بالأمر نفسه. لكن يمكن أن تتغير حساباتها من خلال احتمال غياب الاستقرار بصورة مزمنة في الدول العربية السنية المجاورة ونظراً إلى الحاجة إلى التصدي لمحور إيران الشيعي - الذي يمتد حالياً من بغداد عبر نظام الأسد وإلى «حزب الله» في لبنان. وتمثل بلقنة سوريا فرصة بالنسبة لتركيا تحدث مرة واحدة في قرن.

تتعدد الأسباب الفورية التي تبرر الدعم التركي للكيان الكردي المستقل في سوريا. ويمثل القصف على الحدود التركية السورية سبباً هاماً يمكن أن يجعل تركيا أفضل حالاً إذا نشأت مناطق عازلة مثل كردستان بدلاُ من التمسك بالحقائق الجغرافية المبهمة السائدة اليوم. وبالإضافة إلى ذلك فمع انهيار سلطة الأسد بوتيرة متسارعة في شمال غرب سوريا، يبدو أن الرئيس السوري غير مهتم بمنع "حزب العمال الكردستاني" من استعمال الأراضي السورية - وهذا الحزب هو جماعة متشددة تقود الكفاح من أجل الاستقلال الكردي في تركيا وتنفذ العديد من الهجمات الإرهابية في البلاد. لذا يجب أن تؤيد تركيا قيام حكومة جديدة مركزها حلب، شرط أن تسعى تلك الحكومة إلى إرساء الاستقرار والنظام على أراضيها وأن تتصرف بطريقة مسؤولة، كما تفعل "حكومة إقليم كردستان"، لكبح ميليشيات "حزب العمال الكردستاني" في شمال العراق. وفي الواقع، تتلقى اليوم القوات الكردية - التي تدافع عن نفسها ضد سوريا - تدريبات من قوات البشمركة في كردستان العراق.

وبغض النظر عن قدرة (أو استعداد) الأكراد السوريين على كبح جماح "حزب العمال الكردستاني"، تعلمت أبرز جهة سياسية كردية في سوريا ("حزب الوحدة الديمقراطي") من تتبع الأحداث في العراق المجاور بأن السنّة سيتوحدون على الأرجح في وجه الحكم الكردي الذاتي. وهكذا، فمن المفارقات أنه في الوقت الذي يستمر فيه "حزب العمل الكردستاني" في محاربة تركيا، قد يقرر الفرع السوري التابع لذلك الحزب إقامة صداقات مع أنقرة.

وعلاوة على ذلك، وكما هو الحال في كردستان العراق، قد تكون شركات البنى التحتية التركية من أبرز المستفيدين من الاستثمار في المنطقة الكردية في سوريا في مرحلة ما بعد الأسد وذلك بالحصول على عقود ضخمة كما فعلت في كردستان العراق بعد صدام. وعملياً، كانت الشركات التركية هي التي بنت كردستان العراق، حيث قامت برصف طرقها وتصميم مطاراتها والتنقيب عن النفط في أراضيها وبناء مجتمعاتها في المناطق الحضرية - ناهيك عن كونها المنفذ الضروري لتصريف موارد كردستان العراق من الطاقة. وبالمثل، فهي شريك تجاري أساسي لأي كيان محصور ينشأ في مرحلة ما بعد الأسد. وستصب الميزة التنافسية التي تمتعت بها تركيا في العراق - باعتبارها اقتصاداً متطوراً في المنطقة المجاورة - في مصلحتها في سوريا أيضاً بعد سقوط الأسد.

في ضوء كل هذه الأسباب المقنعة التي تبرر دعم كيان كردي مستقل في سوريا، قد تقتنع تركيا بأن تتراجع عن معارضتها القديمة لأي استقلال كردي في المنطقة. ولكن توجد عقبة رئيسية تقف أمام تركيا وتعيقها من الاستفادة من هذه التطورات وهي: سكانها الأكراد الذين ظلوا لأمد طويل يثيرون مسألة استقلالهم.

وبينما تقيم تركيا علاقات صداقة جيدة مع الأكراد السوريين والعراقيين، فإنه يتعين عليها إرضاء مواطنيها الأكراد الساخطين. وقد أثارت القومية الكردية الناشئة في مختلف أنحاء المنطقة حماسة الأكراد الذين يقطنون تركيا. وقد شهدت تركيا ارتفاعاً في وتيرة هجمات "حزب العمال الكردستاني" في الآونة الأخيرة وقد ذهبت تلك الجماعة إلى حد إطلاق حملة جريئة - تم إحباطها - للاستيلاء على بلدات في جنوب شرق البلاد. وعلى الصعيد السياسي، أدى فشل أنقرة في محاولتها إعطاء المزيد من الحقوق الثقافية للأكراد عام 2009 إلى حدوث زيادة في إحباطهم. وسيتم التعبير عن مثل هذه المشاعر بصوت عال في الانتخابات المحلية للبلاد عام 2013، حين من المرجح أن يستعيد "حزب السلام والديمقراطية" القومي الكردي السيطرة على المدن الرئيسية في جنوب شرق تركيا.

وسيصعب على تركيا بناء صداقة قوية مع الأكراد السوريين والعراقيين إذا بقي أكراد تركيا معزولين عن أنقرة. وفي الوقت الذي تسعى فيه أنقرة إلى فرض نفوذها في سوريا والعراق، يتعين عليها التصالح مع مجتمعها الكردي أولاً. فإذا كان الاستقلال هو السبيل لحل القضية الكردية في العراق وسوريا، فإن منح المزيد من الديمقراطية للأكراد في تركيا يعتبر بمثابة خطوة إلى الأمام لحل المشكلة. ويسود جدل في تركيا حالياً حول مسألة صياغة أول دستور مدني في البلاد. ويمنح ذلك تركيا فرصة مناسبة لوضع ميثاق ليبرالي حقيقي يعمل على توسيع حقوق الجميع بمن فيهم الأكراد.

وقد أشار قوميون أكراد مؤخراً بأن الوضع الراهن يشكل لحظة فارقة في تاريخ الأكراد. فقد يقلب الأكراد التحالفات التي سادت في الشرق الأوسط في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الأولى رأساً على عقب، ولكنهم لا يستطيعون فعل ذلك من دون تركيا. إنها في الواقع لحظة تاريخية لأكراد تركيا والشرق الأوسط عموماً -- وذلك إذا لعبت أنقرة دوراً إيجابياً في الداخل.

نبذة عن معهد واشنطن

الجدير بالذكر ان معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى بحسب موقعه الالكتروني أسس عام 1985 لترقية فهم متوازن وواقعي للمصالح الأمريكية في الشرق الأوسط. وبتوجيه من مجلس مستشارين بارز من كلا الحزبين من اجل توفير العلوم والأبحاث للإسهام في صنع السياسة الأمريكية في هذه المنطقة الحيوية من العالم.

وينقل موقع تقرير واشنطن الالكتروني إن الهدف من تأسيسه كان دعم المواقف الإسرائيلية من خلال قطاع الأبحاث ومراكز البحوث وان لجنة العلاقات الأمريكية-الإسرائيلية المعروفة بإيباك كانت المؤسسة الأم للمعهد حيث أن مديره المؤسس هو مارتن إنديك رئيس قسم الأبحاث السابق باللجنة. وتزعم المنظمة أنها اختارت مصطلح "الشرق الأدنى" لتعريف الهوية الذاتية للمعهد (بدلا من "الشرق الأوسط) لأنه المصطلح المعترف به في الخارجية الأمريكي لوصف العالم العربي والدول المجاورة.

kumait
18-11-2012, 11:54 PM
http://www.almuraqib.com/images/stories/one/174.jpg
قراءة أخرى في مستجدات واقعنا
محمد الصياد

تأسيساً على وقائع “السيل الجارف” من العنف الأصولي المندفع بقوة في أكثر من مجرى عربي وإسلامي بصورة مذهلة، هل لنا أن نتساءل عما إذا كان العالم العربي وجزء لا يستهان به من العالم الإسلامي، قد أعدا العدة وشارفا على الدخول بمحض إرادتهما في عصر الظلمات على غرار ما حدث لأوروبا في عصور سحيقة أكلها النسيان؟

وقبل الاسترسال ومحاولة إيجاد إجابات عن هذا السؤال الجوهري والأسئلة المتفرعة عنه، لعل من المفيد هنا استذكار ماهية عصور الظلام التي تعارف عليها الأوروبيون وأعطوها المسمى الإنجليزي ذائع الصيت لدى مؤرخي تاريخ الحضارة الأوروبية (Dark Ages)، أي القرون المظلمة الواقعة بين سنة 500 وسنة 1000 ميلادية، والتي تميزت بانتشار الانحطاط الفكري والتقوقع على الذات وتواري الحياة المدنية في ثنايا العصبيات والهوس الديني والتطاحنات والحروب الدينية ذات الخلفيات الإقطاعية التسلطية .

تُنبئنا سرديات مصادر التاريخ السحيق والحديث أنه كلما فاض الكيل، وبالمعنى الفلسفي حين تصل الحالة التراكمية الاجتماعية إلى ذروتها، فإن كمية “الذَّرّات” المتكاثرة عددياً (المتراكمة) والدائرة في فلكها (في فلك الحالة التراكمية)، وتحت ضغط هذا التزاحم التراكمي، سوف تُسَرِّع من تحولها تلقائياً إلى حالة نوعية أخرى مغايرة تماماً لما كانت عليه في فترة سكون وكمون الذرات الخادعيْن والسابقين .

ويمكن بكل يسر إسقاط هذا المذهب النظري الخاص بدراسة وتحليل المسيرة التطورية للمجتمعات البشرية وظواهرها الاجتماعية على الحالة الساكنة -تطورياً - للمجتمعات العربية، والتي رتبت حدوث النقلة التي أُعطيت اسماً كودياً هو “الربيع العربي” بعد أن تجاوزت الفجوة بين العناصر “أ” (قوى الإنتاج أو الموارد البشرية والعلم والتكنولوجيا وفنون ومعارف الإدارة الحديثة) والعناصر “ب” (سكون تموضعات الناس وعلاقاتهم بالنسبة إلى كل أنواع الأصول والموارد المادية والحيازات) في المعادلة التي تقيس درجة التوازن والاهتزاز في تطور المجتمعات .

مع الاستدراك هاهنا بأن ذلكم التحليل للحالة/الظاهرة لا يستبعد مطلقاً الدور المقرر للعامل “الخارجي” في “تحفيز” وإطلاق شرارة النقلة التحولية، إنما في حدود دور العامل الذاتي الموظف (بتشديد وكسر الظاء) للعامل الموضوعي الذي يشكل محور المعادلة . وما حصل هو أن هذا العامل المساعد الذي لعب دور الصاعق (Detonator) قد تحول إلى لاعب أساسي في خلط أوراق تداعيات المرحلة الانتقالية لتصعيد قوى اجتماعية بعينها لصدارة المشهد الجديد الحاكم للسياسات الكلية والجزئية .

وهذا، باعتقادنا، ما أحال الولادة الطبيعية للنقلة النوعية إلى الحالة موضوع المعادلة، في صورة ما سمي بالربيع العربي، إلى فوضى “خلاقة” هي التي أنتجت ذلكم الزخم المتدافع المنفلت العقال للحركات الأصولية ذات الخلفيات الأيديولوجية الإقصائية التي تستخدم العنف المسلح وسيلةً لتحقيق غاياتها . فمن الاستحالة بمكان إطلاق الفوضى “الخلاقة” من دون فقدان السيطرة على الخزين الوفير من الهويات والعصبيات الفاعل منها والكامن في ظل وجود وفرة لا حد لها من الفاعليات الناشطة والأخرى المتحفزة لهجر حالة الكمون لدى أي فرصة لائحة، للاندفاع تهوراً للتعبير عن ذواتها وأطماعها المستترة، وبضمنها بطبيعة الحال الأصوليات المستعدة للذهاب إلى آخر الشوط في هذا المضمار .

والنتيجة المذهلة للدخول المتطفل للعامل الخارجي في مسار نقلة التحول الفاصلة بأدوات الفوضى “الخلاقة”، هي وصول تلك الجماعات السلفية إلى بعض مواقع السلطة أو على مقربة منها في غير بلد عربي، ما أفضى إلى محصلة في غاية الغرابة . وفي ذلك بعض التفسير لكيفية إفلات “الربيع العربي” من قبضة القوى الاجتماعية التي لطالما ضحت بالغالي والثمين من أجل انجلاء ليل الاستبداد الطويل؟ وكيف أفلت زمام الأمور من القوى الشبابية التي تقدمت الصفوف في تحدي أنظمة بوليسية معتقة .

فالحراك الشعبي الذي انطلق أساساًتحت تأثير اختلال معادلة قانون التطور المجتمعيبهدف وضع حد لعقود من الاستبداد والفساد، انتهى به الأمر إلى إنشاء حالة لا تختلف في المضمون عن الحالة الزائلة من حيث استمرار تأمينها لبقاء وانتظام ذات البنى المؤسسية الراعية لماكينة الاستبداد والفساد .

وما يزيد الطين بلة أن هذه “الحالة” الجديدة ومقاربة إدارتها الكلية تتساندان بجماعات سياسية إسلامية متطرفة طالما عُرفت بعدائها الشديد والسافر للتعددية بشقيها الثقافي والسياسي وللرأي الآخر بصفة عامة، وهي جماعات كان يُنظر إليها حتى الأمس القريب على أنها قوى إقصائية وتكفيرية تشكل خطراً داهماً على المجتمعات الحاضنة لها، فإذا بها اليوم في موقع من يصنع ويقرر مصير هذه المجتمعات، حيث أتاح لها وجودها في بعض مواقع السلطة أو بالقرب منها فرصة بدء حملة ترويجية واستعراضية من أجل فتح جبهة صراع ضد الدولة المدنية ورموزها بما يفضي إلى تطهيرها وإفراغها من كوادرها بتهمة الانتماء إلى الليبرالية .

وبهذا المعنى فإن هناك خشية حقيقية من أن تفضي مخرجات الفوضى “الخلاقة” التي نعرف، إلى إدخال العالم العربي في حقبة تيه تكون الردة الحضارية عنوانها، ويكون البطش بالآخر المختلف أحد أكثر فصولها عتمةً . ذلك أن العداء للآخر - وليس فقط عدم احترامه - لابد أن ينتهي به المآل إلى استخدام العنف بكافة صوره سبيلاً لتحقيق الأجندات الخاصة المضمرة وشبه المعلنة .

kumait
19-11-2012, 01:32 AM
http://studies.aljazeera.net/ResourceGallery/media/Images/2012/10/21//20121021114759393734_2.jpg
مسلمو روسيا جزء من الأمة ومستعدون للتغاضي عن قضايا داخلية من أجل تحقيق مصالح الإسلام العالمية المشتركة

المسلمون الروس وسياسة روسيا الخارجية
د. رسلان غوربانوف ود. عبد الله رينات محمدوف

تُعتبر السياسة الخارجية الروسية بالنسبة لـ 20 مليون مسلم في روسيا شأنًا داخليًّا، وبحكم أن المسلمين في روسيا هم جزء من المجتمع الإسلامي العالمي الكبير الذي يبلغ تعداده المليار ونصف المليار مسلم، فإنهم يربطون أنفسهم ومصالحهم مع ما يجري لهذه الأمة الكبرى التي تقع خارج أرض الوطن. وبالنظر إلى السياسة الخارجية عمومًا في بعدها المحلي نجد أن اهتمام غالبية النخبة المسلمة في روسيا بالقضايا الخارجية لروسيا المتصلة بالعالم الإسلامي يقوم على أساس المبادئ الدينية، وليس على أساس المصلحة السياسية الضيقة.

التداخل بين الخارج والداخل

عندما أوصل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين روسيا في عام 2003 إلى منظمة التعاون الإسلامي (منظمة المؤتمر الإسلامي آنذاك)، لم يتلقَّ أي دعم يُذكر من قِبل مسلمي روسيا، ولا أية مساندة ضد المقاومة الشديدة التي لقيها حينها الرئيس من حاشيته والبطانة التي تدور حوله، سواء من الجهات الأمنية واللاعبين الرئيسيين في سوق الموارد الطبيعية أو من الاقتصاديين الليبراليين. منذ ذلك الوقت، صدرت تصريحات متعددة حول التقارب مع العالم الإسلامي واحترام المسلمين داخل البلاد، ثم أعقبها بعض الأحداث البارزة، أهمها انضمام روسيا بصفة مراقب إلى منظمة اليوسسكو (وهي منظمة مماثلة لليونسكو ولكن ضمن منظمة التعاون الإسلامي)، ثم جاءت زيارة قادة حماس لموسكو، وإرسال كتيبة عسكرية من الشيشان إلى لبنان بعد حرب عام 2006، ثم الزيارة التاريخية للرئيس الروسي إلى المملكة العربية السعودية وغيرها.

عبر تاريخ الدولة الروسية كله يعتبر فلاديمير بوتين أول سياسي من المستوى الرفيع يعترف رسميًّا بأن روسيا هي بلد "إسلامي" فضلا عن أبعادها الأخرى. مع العلم أنه لم يخطُ هذه الخطوة قبله لا القياصرة ولا الأباطرة، ولا أي أمين عام للحزب الشيوعي، بل ذهب بوتين أبعد من ذلك عندما قال: إن المسلمين في روسيا لديهم كل الحق للشعور بأنهم جزء من الأمة الإسلامية العالمية، وإن روسيا كانت -ولا تزال- حليفًا جيوسياسيًّا للإسلام.

في الشتاء الماضي، وخلال لقاء تليفزيوني خُصِّص للتواصل مع المواطنين الروس، شدَّد بوتين على أن الإسلام كان دائمًا واحدًا من أسس الدولة الروسية، وقال: "إن السلطة في روسيا سوف تحافظ دائمًا على إسلامنا التقليدي". بهذا وضع بوتين الخطوة التاريخية الثانية في تكييف الإسلام مع الظروف السياسية والاجتماعية في روسيا؛ فالخطوة الأولى كانت منذ 250 سنة مضت، في زمن القيصرية الروسية، عندما سُمِّي الإسلام "بدين التسامح"، أي اعتُرِف بأنه الدين الذي على الدولة أن تتوافق معه على كامل أراضيها، في حين كان الحال قبل هذا الاعتراف، أن الدولة كانت تعمل على استيعاب المسلمين واحتوائهم ضمن المجتمع المسيحي الغالب.

ومن الواضح أن نهج الرئيس فلاديمير بوتين قد واصل على منواله الرئيس السابق ديمتري ميدفيديف يوم أن قال: "إن روسيا بصفتها عضوًا مراقبًا في منظمة المؤتمر الإسلامي عازمة على مواصلة توسيع الحوار البنّاء مع العالم الإسلامي. إنني متأكد من أن هذا الانخراط النشط سيسهم في خلق نظام أكثر إنصافًا في العلاقات الدولية، وحلّ النزاعات على الصعيدين العالمي والإقليمي".

وخلال اللقاء الذي عُقد قبل بضع سنوات وجمع بين الرئيس الروسي آنذاك ميدفيدف والأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي (أي التعاون الإسلامي) أكمل الدين إحسان أوغلو؛ قال الأخير: "إن روسيا ومنظمة المؤتمر الإسلامي لديهما علاقة خاصة؛ فهي ليست فقط عضوًا مراقبًا في المنظمة، ولكننا نريد أيضًا أن تكون علاقاتنا معها متكاملة وبأشكال متنوعة وعلى منصات مختلفة". وأكد إحسان أوغلو أن "العالم الإسلامي بأسره يرحب بعضوية روسيا (بصفة مراقب) في منظمة المؤتمر الإسلامي، ويدعو إلى تطوير هذه العلاقات".

من جهة أخرى كان ميدفيديف بصفته أحد الزعماء السياسيين العالميين، هو الرئيس الوحيد الذي التقى شخصيًّا برئيس المكتب السياسي لحماس خالد مشعل، وهو ما كان مستغربًا حتى في العواصم الإسلامية. وعلى الرغم من المشاعر الطيبة التي يحملها النظام الروسي لمحمود عباس رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية، إلا أن روسيا أكدت من خلال هذا اللقاء أنه ليس لديها "أصحاب حظوة خاصة" داخل حركة فتح الفلسطينية؛ فروسيا هي الوحيدة من بين كل القوى الكبرى الدولية، التي لديها علاقة مع حماس. وبما أنه لا يمكن تحقيق أي حل حقيقي في الشرق الأوسط بدون حركة حماس، فإن الكرملين اعتبر أنه من المناسب سياسيًّا، التحسن الكبير في علاقاتها مع حركة المقاومة الإسلامية. أما بالنسبة لخالد مشعل فإن إجراء محادثات مع الرئيس الروسي لا يعني فقط التأكيد على أهمية دور حماس في الساحة الفلسطينية ولكنه أيضًا تقدير لدورها الذي يمكن أن تلعبه خاصة في العالم الإسلامي.

والجدير بالذكر أن القيادة الروسية، وكذلك المواطنين من المسلمين، يربطون العامل الإسلامي الداخلي بمثيله الخارجي؛ فمراكز التكامل مع العالم الإسلامي، بداية من جمهوريات آسيا الوسطى مرورًا بالدول العربية وماليزيا، يراها بوتين تنطلق من المناطق الروسية ذات الغالبية السكانية من المسلمين وتحديدًا من جمهوريات منطقة شمال القوقاز ومنطقة حوض الفولغا. وهذا يعني أن الرئيس بوتين يعتقد أن هذا شيء طبيعي ومبرر بالنسبة لتلك المناطق، فليست وجهة كل من في روسيا نحو الغرب، إنما هناك من ينظر نحو الشرق، وينطبق ذلك بشكل خاص على الاقتصاد.

وعلى ما يبدو فإن الرئيس يدرك أن موسكو باعتبارها واحدة من أكبر مدن العالم، لا تريد التحول نحو العالم الإسلامي. وهذا في حقيقة الأمر غير مطلوب، فالمطلوب البحث عن مراكز أخرى كقازان، وغروزني، وأوفا، ومحج قلعة وعواصم الجمهوريات الإسلامية داخل روسيا، بحيث تكون فكرة التقارب مع العالم الإسلامي تحمل طابعًا إقليميًّا مهمًّا، وتصبح قوة دافعة إضافية لتطوير الاتحاد الروسي. فدور المسلمين كوكلاء للمصالح الاقتصادية للبلاد في دول العالم الإسلامي له مبرراته من الناحية التاريخية.

ولعل هذا ما قصده الرئيس بوتين في كلمته التي ألقاها في اجتماع رسمي بمدينة قازان عام 2005، بمناسبة الاحتفال بمرور ألف سنة على إنشاء المدينة؛ حيث قال: "من خلال بناء علاقات قوية ودائمة مع خانات قازان، بدأ الحكام الروس بوعي تشكيل روسيا كدولة أوراسية متكاملة... وهنا في منطقة الفولغا، نرى أكثر من أي مكان آخر دور روسيا كجسر بين الحضارتين العظيمتين: الأوروبية والآسيوية... إن قازان التاريخية، لعبت دورًا كبيرًا في تطوير الحياة التجارية في روسيا، وتوسيع نفوذها الاقتصادي والسياسي. ويكفي أن نقول: إن تجار قازان من العرقية التترية على وجه الخصوص، كانوا في طليعة رجال الأعمال الذين ساهموا في تحريك رأس المال المحلي والنفوذ السياسي للإمبراطورية الروسية، كان ذلك بداية في سيبيريا، ثم انتقل بعد ذلك إلى آسيا الوسطى والقوقاز".

المشكلة هي أن هذه التصريحات المهمة من بوتين، ومحاولة بدء "حوار إستراتيجي بين موسكو والعالم الإسلامي" لم تجد دعمًا وتكملة من أولئك الذين كان من المفترض أن يقوموا بذلك. صحيح أن المسلمين مهتمون جدًّا بأن تأخذ مثل هذه المبادرات مجراها ولكنهم لا يملكون القوة ولا المهارات ولا الموارد للقيام بذلك. ولا تزال مشاركة موسكو في منظمة التعاون الإسلامي تحمل طابعًا عاديًّا بالرغم من أنها تحمل إمكانيات إستراتيجية.

هناك اختلافات بين التيار الرئيسي للسياسة الخارجية الروسية والمواقف العامة من جهة، وبين موقف المسلمين الروس من جهة أخرى بشأن الأحداث التي حصلت في يوغوسلافيا في الفترة 1998-1999. فالمجتمع المسلم لم يُخْفِ استياءه من وقوف موسكو بكل قوتها مع بلغراد الرسمية، دون أن تولي اهتمامًا للتمييز والجرائم التي ارتُكبت ضد الشعب في كوسوفا. أما في منطقة الشرق الأوسط الكبير فالمعلومات عن روسيا غير كافية، والناس بمختلف مستوياتهم يحملون عن روسيا وجهة نظر مسبقة وغير واضحة ، وينطبق الشيء نفسه بالنسبة لموسكو ونظرتها للعالم الإسلامي. أما في الأروقة التي تحاك فيها السياسة الخارجية، بما في ذلك العلاقة مع العالم الإسلامي، فليس هناك فهم كافٍ لمفهوم البلدان الإسلامية الحديثة، ولمنظمة التعاون الإسلامي والمجتمع الإسلامي العالمي بأسره، كما لا يوجد فهم لكيفية الاستفادة من كل هذه الدول المنتشرة على نطاق العالم بأسره.

إن المسلمين الروس يشتكون في هذا الصدد من نشاط بعض الطبقات السياسية والتجارية والجماعات التي تعارض تطوير العلاقات مع العالم الإسلامي. جماعات الضغط واللوبيات المرتبطة بالبيروقراطية الروسية موجودة بالفعل وتحول دون تنفيذ هذه المبادرة، ولكنها ليست على كلمة سواء، فهي تقوم بهذه التحركات لأسباب مختلفة، وتترك الموقف سلبيًّا ثم يقوم أصحابها بإجراءات سياسية ذات صلة. ومع ذلك، فإن المشكلة الرئيسية ليست فيهم، ولكن في المسلمين أنفسهم الذين لا يملكون لوبيًّا مماثلاً يحقق مصالحهم، وهو ما يؤثر سلبًا على الوضع.

يحتل العالم الإسلامي اليوم كشريك لموسكو المرتبة الثالثة بعد الغرب والصين، وربما يكون الشيء الإيجابي هو نظرتهم لروسيا في المقام الأول كقوة موازنة لسياسات الولايات المتحدة. ومن الواضح أن روسيا تختلف عن مثيلاتها من القوى العظمى بشأن العمل المنظم مع المجتمع الإسلامي؛ فأميركا مثلاً تمتلك شبكة واسعة من جماعات الضغط والتأثير وتنسيق المصالح في العالم العربي والإسلامي؛ فهي تتعامل مع طبقات المجتمع وعلى نطاق واسع كما تتعامل في نفس الوقت مع أطراف النزاع. حتى مع إيران فإن الولايات المتحدة لم تكن دومًا خصمًا لدودًا، بل لديهما تاريخ طويل من الاتفاقات (فالبعض مثلاً وعبر اتفاق "إيران كونتراس" يتحدث عن أن طهران تلقى دعمًا ليس فقط من الولايات المتحدة ولكن أيضًا من إسرائيل)، ولا يخفى أن هناك تعاونًا كبيرًا حول العراق، وهناك أرضية مشتركة بشأن أفغانستان بين الدولتين.

أما في روسيا، فالوضع مختلف تمامًا، فالقضايا التي ذكرناها آنفًا يتم مناقشتها ثم توزيعها على مجموعات مختلفة من الإدارات داخل وزارة الخارجية، كما توجد إدارات مماثلة تقريبًا في وزارة الدفاع وفي وكالات الاستخبارات. ويمكننا القول بعبارة ملطفة: إنهم لا يتعاطون مع هذه القضايا بالمستوى المهني المطلوب، مقارنة بملف علاقات روسيا مع أوروبا. هناك ما يسمى بمجموعة الرؤية الإستراتيجية "روسيا-العالم الإسلامي"، ولكن هذه الأخيرة لم تجتمع ولعدة سنوات. وغالبية من يعمل في هذا المجال هم من الدبلوماسيين القدامى ورجال الاستخبارات المتقاعدين، وهو ما يدلِّل على الضعف الملحوظ في هذا الجزء من السياسة الخارجية.

تحمل السياسة الخارجية الروسية طابعًا بيروقراطيًّا إلى حدٍّ كبير وخاصة في منطقة الشرق الأوسط، ويتمحور عملها فقط مع السلطة الرسمية، وليس مع النخبة ولا المعارضة ولا مع المجتمع المدني، لذلك تتمسك موسكو بعلاقاتها مع الأنظمة، وحتى المتهاوية منها إلى آخر رمق، لأنها بالنسبة لروسيا هي المدخل الوحيد للعمل في تلك المنطقة. وفي العادة لو تغير الوضع السياسي وجاء على النقيض من رغبات روسيا، فإن موسكو تتكيف مع الوضع الجديد ولو بعد فترة طويلة لكنها تتمسك بشكوكها وتحفظها وتشرع في البحث عن الأعداء بدلاً من الحراك الإيجابي. ومن الأمثلة الدالة على ذلك أن "جماعة الإخوان المسلمين" التي جاءت إلى السلطة في مصر وبعض الدول العربية الأخرى لا تزال إلى حدِّ الآن، وبسبب سوء الفهم، مدرجة في القائمة الروسية للمنظمات الإرهابية، التي يُحظَر التعامل معها.

إن روسيا تفتقر إلى هياكل للتجارة والأعمال التي من شأنها أن تسعى إلى تطوير العلاقات مع العالم الإسلامي. حتى جهود الدبلوماسي السابق، ورئيس مجلس الوزراء الأسبق وأحد أشهر المستشرقين الروس يفغيني بريماكوف، وما يقوم به مجلس الأعمال الروسي-العربي الذي ساهم في إنشائه لم تُثمر إلى الآن؛ فالمشاريع الاقتصادية موجودة ولكن يتمحور غالبيتها حول التعاون العسكري التقني.
وفي هذا الصدد عبّر شاميل سلطانوف رئيس مركز الدراسات الإستراتيجية "روسيا-العالم الإسلامي" عن خوفه؛ فقال: "ليس هناك موضوع علاقات للشراكة بين موسكو والعالم الإسلامي، وهذه نقطة أساسية؛ فالكرملين يحتاج إلى وضع مثل هذه الإستراتيجية. وقد تناول ذلك بوتين مرارًا وتكرارًا، وطالب بالجهد والعمل لإيجاد مجتمع مسلم في روسيا. ولكن لم نرَ أي رد فعل على كلام الرئيس.

"النقطة المضيئة" الوحيدة تمثلت في المؤتمر الدولي "العقيدة الإسلامية ضد الراديكالية"، الذي عُقِد في 25-26 مايو/أيار 2012 في موسكو، ومثّل خطوة ما في الحوار الإستراتيجي بين روسيا والمسلمين. حينها مُثِّل العالم الإسلامي في مجموعة من أكابر وأبرز علماء الدين الذين قدموا لأول مرة إلى روسيا. وقد أيّد العلماء الذين قدِموا إلى موسكو، بدعوة من مركز الوسطية في الكويت وصندوق دعم الثقافة الإسلامية والعلوم والتعليم، جهود روسيا في مواجهة التطرف. وقد اعتمد علماء الدين الإسلامي المعروفون على المستوى العالمي بيان مؤتمر موسكو حول مسائل الجهاد والتكفير والخلافة.

وكانت هذه الوثيقة على قدم المساواة مع تلك التي صدرت في عمان ومكة المكرمة. لم يتطرق العلماء الى السياسة الخارجية لروسيا بشكل مباشر، ولكن الزيارة التي قامت بها شخصيات بارزة ومؤثرة من العلماء، الذين يتخطى دورهم وتأثيرهم الأمور الدينية، اعتبرتها وسائل الإعلام العربية خطوة في الاتجاه نحو موسكو على الرغم من موقف الأخيرة من سوريا، والذي لا يجد تفهمًا ولا دعمًا في العالم العربي والإسلامي.

وعلى الرغم من كل الصعوبات وعدم الاستقرار السياسي في العالم العربي وعلاقة روسيا بذلك، فقد أظهر علماء الدين استعدادهم للعمل مع موسكو، لما رأوا فيها شريكًا إستراتيجيًّا جديدًا للعالم الإسلامي. وصار المسلمون في روسيا الذين كانوا المنظمين الرئيسيين لهذا الحوار، لأول مرة بمثابة الجسر بين روسيا والإسلام.

أما مركز الوسطية الكويتي، فيعتبر المركز العربي الوحيد الذي لديه أنشطة رسمية في روسيا. فمنذ عام 2000 أُغلقت جميع الجمعيات العربية، بسبب الاشتباه في تمويل الانفصاليين الشيشان. قدَّمت الكويت البلد الصغير مفهوم الوسطية الإسلامية، وأصبح النافذة الروسية إلى الدول العربية، وخاصة إلى دول الخليج التي لم تربطها تاريخيًّا علاقات جيدة مع روسيا. في عام 2010، منح ديمتري ميدفيديف وسام الصداقة لوكيل وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف الكويتية عادل الفلاح لمساهمته البارزة في تطوير العلاقات العربية-الروسية. وللمرة الأولى في تاريخ روسيا يتم منح هذه الجائزة لرجل عربي يعمل في المجال الاجتماعي والديني.
بالطبع لا يمكننا القول بأن المسؤولين في المؤسسات الدينية الإسلامية في روسيا يعملون بنشاط واضح على الاتجاه الخارجي.

فمجلس المفتين في روسيا يقوم بما يستطيع من أجل تعزيز جهود الرئيس المنتخب فلاديمير بوتين على الساحة الأوراسية (مبادرة المجموعة الاقتصادية الأوراسية، ومنظمة معاهدة الأمن الجماعي، والاتحاد الجمركي، وما إلى ذلك). لقد كان قادة مجلس المفتين في روسيا أول من قام بجولة لدول الربيع العربي في شمال إفريقيا، حيث التقوا بالقادة الجدد لتلك الدول. لكن هذا النشاط اقتصر على مجموعة صغيرة جدًّا من النخب.

وعلى صعيد آخر توجد عوائق كثيرة في التكامل مع مسلمي آسيا الوسطى، من بينها وجود معارضين للتكامل الأوروبي-الآسيوي بين الروس، لأنه سيؤدي إلى زيادة ضغط الهجرة على روسيا من تلك المنطقة. قد يبدو هذا للبعض غريبًا، ولكن المسلمين في روسيا ليسوا من المشجعين للهجرة لسبب وحيد، وهو أنها تزيد من الكمِّ فقط دون اهتمام بالكيف أي بنوعية المسلمين القادمين. لم يمضِ وقت طويل على تصريح لمجلس الشعب الأنغوشي الذي طالب علنًا بإيقاف تدفق العمال غير الشرعيين، وجاء في البيان: "على الرغم من الوضع الحرج بالنسبة للعمالة، إلا أننا نرى تدفق أعداد كبيرة جدًّا من العمال المهاجرين إلى الجمهورية من دول آسيا الوسطى. إننا نتفهم وجود مجالات عمل تحتاج هؤلاء، ولكن ما نراه في شوارعنا، وفي المدن والقرى قد تجاوز المعقول، وفي المقابل نرى السلطة تسخِّر جميع مواردها للوقوف ضدنا وتعتقد أن مشكلة الهجرة ليست بالأهمية القصوى" حسب البيان.

إستراتيجيات مقترحة للعلاقة مع المسلمين

قدّم المفكرون المسلمون في روسيا مجموعة من الأفكار للسياسة الخارجية؛ فبحسب رئيس اللجنة الإسلامية الدكتور حيدر جمال فإن روسيا في تحالفها مع إيران ينبغي أن تترأس مجموعة ما يسمى بـ "فقراء العالم" المحتجين. إن الشكل الذي يقترحه حيدر جمال غريب نوعًا ما. فجمال يعتقد أن سقوط نظام بشار الأسد في سوريا سيؤدي إلى اتحاد الدول التي انتصرت فيها الثورات العربية. وأن هذه الكتلة السنِّية ستدخل في حرب مع إيران، وسيصبح ذلك في وقت لاحق تهديدًا لوحدة الأراضي الروسية. ولذلك فإن موسكو مطالبة بضخّ كل إمكاناتها لإنقاذ الرئيس السوري وموقف طهران في البحر الأبيض المتوسط، ثم بعد ذلك تقوم بتطوير أساليبها في معركتها ضد الغرب، بأن تقوم باستنهاض كل الذين يعيشون على أقل من دولارين في اليوم ضده.

من جهة أخرى يقول رئيس مركز الدراسات الإستراتيجية "روسيا-العالم الإسلامي" شامل سلطانوف: "إن روسيا في تحالفها مع المجتمع الإسلامي كله ينبغي أن تعمل ضد الغرب في (حرب الحضارات) التي بدأت فعلاً". ووفقًا للمحلل، فإن المنطق الجيوستراتيجي نفسه "يدفع موسكو والعالم الإسلامي، اللذين يقعان تحت التهديد الغربي، إلى البحث عن الصداقة بين بعضهما البعض". وهذا الرأي يتوافق معه الخبير الروسي في معهد الدراسات الإستراتيجية، ورئيس تحرير صحيفة "مشاكل الإستراتيجية الوطنية" أجدار كورتوف الذي قال: "عندما كانت روسيا قوة عظمى، استطاعت بثقلها كحليف أن تساعد العالم الإسلامي في مواجهته مع منافسيه الجيوسياسيين، الذين يمثلون الغرب باعتراف جميع المسلمين". إذا استطاعت روسيا -حسب رأي الخبير- "أن تتحصل على القوة اللازمة، نتيجة الإجراءات الصحيحة التي ستتخذها خلال السنوات الست المقبلة من رئاسة بوتين الجديدة، فإن ذلك سوف يعود بالنفع على حالة العالم الإسلامي".

إن روسيا مطالبة بالاقتراب من البلدان الإسلامية التابعة لرابطة الدول المستقلة، بحسب دامير محدينوف النائب الأول لرئيس الإدارة الروحية للمسلمين في القسم الأوروبي لروسيا وكذلك حسب رأي عميد الجامعة الإسلامية بموسكو دامير خيرالدينوف "إن العنف وشبح الثورات الملونة يتجولان بالقرب من حدود دول رابطة الدول المستقلة"، ولذلك حسب رأيهما، فإن روسيا وآسيا الوسطى يجب "أن يطوِّرا، باسم تلبية احتياجات مواطنيهما، مفهوم الحفاظ على السلم الأهلي والاستقرار". إن دور الزعماء المسلمين في عملية الاندماج والتكامل، يراه محدينوف في تنفيذ ما صرّح بها ديمتري ميدفيديف لدى اجتماعه مع الزعماء الدينيين المسلمين في يوليو/تموز 2011 في مدينة نالتشيك حيث قال: "إن على رؤساء أكبر مؤسسات المجتمع المدني أن يقوموا بالتعامل مع القضايا المعقدة مثل مسألة التكيف الاجتماعي للمهاجرين".

من جهة أخرى يعتقد فريق من الخبراء المسلمين في مجموعة "مينار" أن روسيا تحتاج إلى التركيز أكثر على دول الربيع العربي وتركيا، ويعتقدون أن العرب على استعداد للاستثمار بشكل كبير في روسيا، فهم بحاجة إلى تنويع استثماراتهم، "لكي لا يكونوا تحت مطرقة الغرب، وحتى لا تكون حساباتهم البنكية في يوم ما، ولأي سبب من الأسباب السخيفة، قد جُمِّدت من قبل الأميركيين". إن الخبراء يذكِّرون بأن روسيا لم تتحارب في تاريخها مع أي دولة عربية فهي "لم تقم بقصف العراق وإرجاعه إلى العصر الحجري، بل إن روسيا كانت بطريقة أو بأخرى داعمة مستمرة للفلسطينيين، وهي التي قامت باستقبال قادة حماس على أعلى مستوى. وبشكل عام، فقد قدمت روسيا في القرن العشرين الكثير من الأشياء الجيدة للدول العربية.

وأعتقد أنه لا يزال لدينا فرصة لكي تصبح روسيا شريكًا مميزًا لدى العالم العربي الجديد. ولكن هناك مخاوف من أن تظل روسيا بدون أي حليف في الشرق الأوسط، وفي العالم العربي والإسلامي كله. إن هذه الآفاق غير السارة تنشأ بسبب ردة الفعل غير المتكافئة لثورات الربيع العربي. ومن المفروض أن لا نعطي الذرائع لأولئك الذين يؤكدون أن موسكو أصبحت حليفًا للإمبريالية الإيرانية الشيعية وخصمًا للصحوة السنية، فبحسب قول خبراء "مينار" إن الربيع العربي له طابع سُني واضح" ووفقًا لأولئك الذين يشاركون هذا الرأي فإن هناك اليوم محاولة لخلق تكتل عسكري-سياسي بين أنقرة والقاهرة والرياض والدوحة. والواقع أن هذه هي الأخيرة هي القوة الجديدة الواعدة في المنطقة، والوقوف ضدها وبشكل عام ضد الشعب العربي والعالم السني الذي قام من أجل حياة أفضل، إنما هو قصر نظر. روسيا كقوة عالمية وكحَكَم يجب عليها الحفاظ على علاقات مع جميع الأطراف الفاعلة على الأرض. إنه لمن الضروري وضع البيض في سلال مختلفة، وأن لا نراهن على الأقل على أصحاب الحظ الضعيف.

بين كل هذه المفاهيم يجب على المسلمين في روسيا أن يلعبوا دور الرابط بين موسكو والعالم الإسلامي. لكن المشكلة تكمن في أن المسلمين أنفسهم لا يفعلون إلا القليل من أجل تحقيق الشراكة السياسية الإستراتيجية، ناهيك عن الشراكة الاقتصادية، التي تحدث عنها كثيرًا بوتين وميدفيديف، ولافروف.

ولعله من المهم أن نلاحظ هنا أيضًا، أنه لا وجود لكثير من الفروق في أولويات السياسة الخارجية للمجموعتين الرئيسيتين من المسلمين في روسيا (التتار والبشكير من جهة، وشمال القوقاز من جهة أخرى)، على الرغم من أن طبع المجموعة الأولى وطريقة تفكيرها قريب من طبع وتفكير الأتراك في حين أن المجموعة الثانية أقرب إلى الطبع العربي.

ثانوية العلاقات الخارجية لدى المسلمين

قد لا يعلق مسلمو روسيا آمالاً كبيرة على جني بعض المنافع جرّاء النشاط السياسي الخارجي. ربما يرجع ذلك إلى التجارب السابقة، يوم أن كانت علاقات موسكو مع بلدان العالم الإسلامي جيدة، ومع ذلك كانت نتيجة المنافع هزيلة؛ فالصداقة الحميمة التي كانت تجمع الدول العربية وغيرها من الدول الإسلامية مع الاتحاد السوفيتي، جعلت تلك الدول "تتجاهل" اضطهاد الإسلام في هذه الربوع. واليوم لا تتعجل الدول الإسلامية بالحديث مع قيادة الدولة حول العديد من القضايا التي تهم المسلمين مثل حظر الكتب الإسلامية، التي لها علاقة مباشرة بالمملكة العربية السعودية وبتركيا. بل إن الشريك الإيراني لازَم الصمت أيضًا عندما قامت محكمة محافظة بينزا بحظر نشر وتوزيع "وصية" الإمام الخميني. على عكس الهند، التي عبّرت عن استيائها لمحاولة إضافة كتاب "بخاباغات غيتا" إلى قائمة المواد المتطرفة.

ربما يكون عامل التواجد الإسلامي داخل روسيا عائقًا لتحقيق التطور في العلاقات بين روسيا والعالم الإسلامي، مما يدفع الطرفين إلى الاهتمام بالقضايا الهامشية والشكاوى التي تصدر عادة من "الأقلية غير الراضية دومًا".

ما يمكن قوله في العموم هو أن السياسة الخارجية للمسلمين في روسيا تعتبر ثانوية وربما هامشية، كما أن المواقع الإلكترونية الناطقة باللغة الروسية حافلة بكثير من المعلومات عن المشاكل وبالقليل من النجاحات التي حققها إخوانهم المسلمون في الخارج (بداية من ميانمار إلى الولايات المتحدة). أما التعليقات على الأحداث في هذه المواقع فغالبيتها يحمل طابعًا معاديًا لإسرائيل ومناهضًا للغرب، بالرغم من علم هؤلاء المعلقين بمستوى الحرية الدينية في البلدان الغربية وعدد المساجد في مدن الإسلاموفوبيا كلندن أو نيويورك، التي لا يمكن مقارنتها بالوضع في موسكو بهذا الشأن وطبيعة الإسلاموفوبيا فيها. أما على الصعيد الداخلي فكل هذا لا يقارَن بردة فعل المسلمين على الشؤون الداخلية لروسيا وخاصة المسائل المتعلقة بالقضايا الدينية، والعِرقية وطلبات المسلمين المدنية.

بطبيعة الحال، يحبذ المسلمون أن تتحرك موسكو بنشاط أكبر للتقارب مع الدول الإسلامية وأن تساعدهم على ذلك، وأن تلتفت بإيجابية أكبر نحو الأحداث القاسية في العراق وأفغانستان وسوريا، وخصوصًا في فلسطين. والمسلمون في روسيا على استعداد لتقديم تضحيات في سبيل إخوانهم المسلمين خارج أرض الوطن، بل إنهم مستعدون للصبر والتغاضي عن الكثير من القضايا الداخلية من أجل تحقيق مصالح الإسلام العالمية المشتركة، فهم جزء من هذه الأمة والاهتمام بمشاكل المسلمين أينما كانوا واجب ديني. ولعل ذلك ينطبق على القضية الفلسطينية التي تعتبر الأكثر أهمية في السياسة الخارجية الروسية لمسلمي روسيا. وبالنسبة للأزمة السورية إن الآراء وردود أفعال المسلمين حول الأزمة السورية الحالية والأزمة الليبية التي سبقتها تختلف من مسلم لآخر، فالمسلمون مثل جميع المواطنين الروس يريدون أن تكون سياستهم الخارجية أكثر عقلانية ومؤثرة في رفاهية كل فرد في هذا العالم، سواء المادية منها أو الروحية.
_____________________________________
د. رسلان غوربانوف، باحث كبير في معهد الدراسات الشرقية لأكاديمية العلوم الروسية
د. عبد الله رينات محمدوف، منتج لقناة "روسيا اليوم"

kumait
28-11-2012, 06:37 PM
http://studies.aljazeera.net/ResourceGallery/media/Images/2012/11/6//201211671655642734_2.jpg

خارطة علاقة دول البلقان وشعوبها مع إسرائيل: حدودها وطبيعتها (1)
فريد موهيتش: ترجمة كريم الماجري

إن فهم علاقات بلدان البلقان بإسرائيل هو مفتاح فهم سياسة إسرائيل العامة وإستراتيجياتها ليس فقط في البلقان بل أيضًا في منطقة الشرق الأوسط وكذلك سياستها العالمية تهدف هذه الدراسة بعد إلى تتبع خارطة العلاقات التي تجمع إسرائيل ودول البلقان وبيان وجوهها المتعددة وخطوطها الأساسية، ولضرورات منهجية ستُقسَّم الدراسة إلى جزئين؛ خُصِّص الأول منهما لدراسة العلاقات الإسرائيلية مع الدول البلقانية التي لم تكن جزءًا من الاتحاد اليوغسلافي السابق ألا وهي: اليونان وبلغاريا وألبانيا.

أما الجزء الثاني فسيتعرض لعلاقة إسرائيل ببقية دول البلقان الست والتي كانت منضوية تحت الاتحاد اليوغسلافي السابق، وهي: مقدونيا، الجبل الأسود، صربيا، كوسوفا، البوسنة والهرسك و كرواتيا. وقبل الخوض في الجزء الأول من خارطة العلاقات، تستعرض الدراسة أحدث أزمة ذات صلة بالشأن اليهودي في منطقة البلقان.

الشوط الثالث، وعلاقة البلقان باليهود

أحدث عرض الفيلم المقدوني "الشوط الثالث" ضجة كبيرة في وسائل الإعلام المقدونية والبلغارية، كما كان سببًا في اتخاذ المؤسسات الديبلوماسية في كلا البلدين لعدد من الخطوات والقرارات التي وُصِفت بالقوية كما يبدو من خلال جملة الرسائل والبرقيات المتبادلة بين هذين البلدين البلقانيين. قد تبدو هذه الضجة مفهومة إذا علمنا أن موضوع الفيلم المقدوني تناول مسألة ترحيل اليهود خلال الحرب العالمية الثانية من أرض مقدونيا، وهو الموضوع الذي لا يزال محل خلاف كبير بين البلدين في روايتيهما الرسميتين للأحداث التاريخية لتلك الفترة، ويزيد الأمر تعقيدًا وجدية إذا تعلق بإسرائيل.

كما هو معروف، فإن إسرائيل هي المثال العالمي للدولة صاحبة الوضع الخاص وأي نقد سلبي لها، بقطع النظر عن مصدره ومهما كانت الحجج المقدمة للبرهنة عليه، يؤدي إلى نتائج غير مرغوب فيها للدولة التي جاء منها هذا النقد، وقد يصل الأمر أحيانًا إلى التشهير بصاحب النقد وتوجيه كل التهم له، وهو ما حدث مع الحاصلين على جائزة نوبل للسلام جيمي كارتر وديزموند توتو، ومع العالمين جون ميرشايمر وستيفن وولت، ومع مثقفين من أمثال نورمن فينكلشتاين ونعوم تشومسكي، وكُتّاب مثل أليس وولكر وغونثر غراس وروجيه غارودي وآخرين بمن فيهم سياسيون معروفون وحتى بعض الشهود الذين بقوا على قيد الحياة من ضحايا المحرقة، فكل هؤلاء أصبحوا بدورهم ضحايا لمجرد إقدامهم على إدانة إسرائيل بشأن اعتداءاتها المتكررة والمثبتة على حقوق الإنسان الفلسطيني في قطاع غزة، وخاصة في استنكار الاعتداء على قافلة الصليب الأحمر التي كانت متجهة نحو غزة في محاولة لتقديم مساعدات إنسانية لسكان غزة ورفع جزء من الحصار المفروض عليهم جورًا من قِبل إسرائيل.

الإشكال الذي يطرحه الفيلم المقدوني "الشوط الثالث" يتمثل في حقيقة أن المسؤولية عن عمليات الترحيل التي طالت اليهود في مقدونيا خلال الحرب العالمية الثانية تُحمّل على الجيش البلغاري الفاشي حليف النظام الألماني الفاشي المتهم بتلقي أوامر من القيادة الألمانية برئاسة أدولف هتلر تقضي بإحكام السيطرة ومراقبة الوضع في مقدونيا التي لم تكن تملك سيادتها على أراضيها ولم يكن لها بالتالي يد في ترحيل اليهود الذين كانوا موجودين على أراضيها في حينها.

الواضح اليوم هو أن تصنيف دولة إسرائيل لبلدان العالم الأخرى يعتمد بشكل حصري على مدى عمق ونوع العلاقات بينها وبين تلك البلدان سلبًا وإيجابًا، وهذا يمثل حجر الأساس في سياسة دولة إسرائيل الخارجية الذي قامت عليه منذ نشأتها في العام 1947، حيث عاملت تل أبيب بلدان العالم من خلال تصنيفها إلى بلدان صديقة ومقربة وأخرى عدوة عاملتها بالتهديد والوعيد، وبهذا صنعت شبكة علاقات فعالة على مستوى علاقاتها الدولية وكانت منطقة البلقان جزءًا من هذا التصور الإسرائيلي!

من جهة دولة مقدونيا التي تعي تمامًا أن عين إسرائيل ترقبها عن قرب، يأتي هذا الفيلم الذي أنتجته ليس فقط لدفع تهمة خيانة اليهود خلال الحرب العالمية الثانية وترحيلهم إلى معسكرات الموت الألمانية، بما أن الأراضي المقدونية كانت تحت السيطرة البلغارية حينها، بل أيضًا لاستنكار الهولوكوست وتوجيه التهمة لبلغاريا بشكل مباشر وتحميلها المسؤولية الكاملة في ذلك، وتذكيرها بماضيها الفاشي وإشراف سلطاتها المباشر على الترحيل القسري الجماعي ليهود مقدونيا إلى معسكرات الموت في ألمانيا، وبهذا فإن مقدونيا تحاول التقرب من إسرائيل وتنقية ماضيها من ناحية، وإحراج بلغاريا دوليًّا وإضعاف وضعها على الساحة الدولية من ناحية أخرى! وبما أن لا أحد يشكك في الماضي الأليم والطويل لليهود في البلقان فإن علاقات دول البلقان اليوم مع إسرائيل تؤثر بشكل واضح على القرارات السياسية للجانبين بل وحتى على مستقبلهما.

من الضروري استحضار أن التركيبة الحضارية والثقافية والدينية لمنطقة البلقان شديدة التنوع والتعدد، وأنها مكونة، دون استثناء، من جماعات وشعوب إثنية وثقافية ولغوية ودينية مختلفة. وبذلك فإن تعامل هذه المجتمعات البلقانية المختلفة مع اليهود الذين تواجدوا في المنطقة خلال الفترات التاريخية الماضية تعددت أوجهه بدورها سلبًا وإيجابًا، وعرفت فترات تشنج وكراهية كما شهدت عهودًا من الانفتاح على تلك الجاليات اليهودية ومعاملتها بتسامح. لكن التاريخ الحالي يشهد فصولاً درامية لا تعكس حقائق التاريخ وما كان من حسن المعاملة وما بذله المسلمون من حماية وما وفروه من استضافة لليهود المهجرين من أصقاع أوروبا على أرض الإسلام.

وحتى تكتمل فصول هذه الدراما، فإن من كانوا من أشد أعداء اليهود بالأمس أصبحوا اليوم من أقرب حلفائها، في حين بات من كانوا من أشد المدافعين والحامين لليهود خلال التاريخ المديد من أعداء دولة إسرائيل الحديثة. فالمسيحيون الكاثوليك وعلى امتداد التاريخ أظهروا عداءً واضحًا لليهود (من خلال مطاردتهم المستمرة لليهود منذ 1492 ومحاولاتهم إفنائهم واستئصال وجودهم بالكامل ، أو حملات الكاثوليك التي انطلقت في العام 1612 من أجل حمل اليهود على تغيير دينهم إلى المسيحية، وصولاً أخيرًا إلى تورط الفاتيكان غير المباشر مع سياسات الفاشيين خلال الحرب العالمية الثانية)، أما اليوم فنجد أن البلدان الكاثوليكية والبروتستانتية من أهمّ حلفاء إسرائيل.

في المقابل، ورغم أن الدول الأوروبية المسلمة مثّلت -وعلى امتداد 780 عامًا من حكم الأندلسيين و632 عامًا من حكم العثمانيين- الفضاء الوحيد الآمن والحامي لليهود الأوروبيين، فإن التوتر المستمر هو ما يطبع العلاقات اليوم بين تلك البلدان وإسرائيل. اللحظة الحاسمة في إنشاء شبكة العلاقات السياسية والاقتصادية والثقافية الإسرائيلية مع باقي الدول والجماعات الإثنية والمنظمات السياسية في البلقان كانت متأثّرة ومرهونة في طبيعة تشكيلها بهذا التناقض وقلب الحقائق التاريخية التي عاشها اليهود على أرض القارة الأوروبية.

من الحقائق الثابتة تاريخيًّا أن المسيحيين، وعلى الأخص الدول الكاثوليكية مثل: إسبانيا والبرتغال وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا وألمانيا بالإضافة إلى الولايات المتحدة الأميركية، وشعوب هذه البلدان من المسيحيين-الكاثوليك والكاثوليك الرومان والأنجليكيين والبروتستانت- هم اليوم من أقرب حلفاء إسرائيل، وهذه الحقيقة هي ما تزيد في الاستغراب من هذا التشوه التاريخي في الذاكرة والذهنية والنفسية لدى الطرفين؛ إذ إن التاريخ يثبت بكل قطعية أن تلك الدول والشعوب التي أشرنا إليها أعلاه ضاقت باليهود ذرعًا وطاردتهم وعاملتهم أسوأ معاملة وصولاً إلى محاولة التخلص النهائي من وجودهم ومحوهم من على وجه البسيطة خلال محرقة الهولوكوست التي دبّروها لهم في الحرب العالمية الثانية! وهذا التشوه في الذاكرة التاريخية والنفسية ذاته هو الذي يحكم اليوم علاقة إسرائيل بالدول والشعوب المسلمة.

هذا التشوه والتناقض في فهم التاريخ اليهودي يبدو أكثر جلاء وتمظهرًا في واقع العلاقات بين إسرائيل ودول البلقان؛ حيث إن تأثير تلك العلاقات بالغ الأهمية على السياسات البلقانية ومستقبل المنطقة بشكل عام. لهذا فإن فهم علاقات بلدان البلقان بإسرائيل هو مفتاح فهم سياسة إسرائيل العامة وإستراتيجياتها ليس فقط في البلقان بل أيضًا في منطقة الشرق الأوسط وكذلك سياستها العالمية.

كما هو معروف فإن الاعتراف بدولة إسرائيل لم يكن أمرًا يسيرًا، وإن كان أول اعتراف قانوني بهذه الدولة المعلنة من جانب واحد عند منتصف ليلة 14 مايو/أيار عام 1948، من قِبل حكومة أميركا بإعلان رئيسها آنذاك هاري ترومان الذي جاء بعد 11 دقيقة فقط من إعلان الدولة الإسرائيلية (ونذكّر هنا بأن الأمر في حينها تعلّق بالاعتراف بحكومة إسرائيلية ظرفية ومؤقتة)، أما الاعتراف الواقعي بإسرائيل فجاء في 31 يناير/كانون الثاني من العام 1949 وكان من قِبل عدد قليل جدًّا من الدول الأعضاء بعصبة الأمم؛ ففي الجولة الأولى من التصويت الأول على قرار الاعتراف بدولة إسرائيل المعلنة لم تقبل أية دولة من دول منطقة الشرق الأوسط ولا من قارة آسيا أو إفريقيا بالتصويت لصالح الإعلان، ثم تلت ذلك جولة ثانية من التصويت نُظِّمت في 14 مايو /أيار عام 1948؛ حيث صوّتت جمهورية جنوب إفريقيا، التي كانت مؤسسة على التفرقة العنصرية (الأبارتايد)، لصالح قرار الاعتراف بإسرائيل، ثم كانت الهند أول دولة آسيوية تقر لإسرائيل بالاعتراف بدولتها في 17 من سبتمبر/أيلول من عام 1950.

وبما أن بلدان الرابطة الشيوعية كانت على قدر عالٍ من الوحدة آنذاك، فقد شكّل اعتراف الاتحاد السوفيتي بدولة إسرائيل محفِّزًا لاعتراف دول البلقان بالدولة الإسرائيلية الوليدة، وكان على رأس تلك البلدان الاتحاد اليوغسلافي ودول أخرى مثل بلغاريا ورومانيا وألبانيا بالإضافة إلى اليونان، التي كانت عضوًا في حلف شمال الأطلسي وحليفة مقربة من أميركا. أما اليوم، وبما أن الخارطة السياسية للبلقان قد شهدت تغيرًا مهمًّا، فإنه من الضروري إجراء قراءة جديدة في واقع العلاقات السياسية بين بلدان البلقان وإسرائيل.

علاقات إسرائيل وبلدان منطقة جنوب شرق البلقان

تمثل اليونان وبلغاريا أولى بلدان منطقة البلقان انضمامًا إلى الاتحاد الأوروبي، كما أنهما كانا تحت الحكم العثماني الإسلامي خلال القرون الممتدة من الرابع عشر وحتى التاسع عشر، وعرف تاريخهما الماضي (العثماني) والحديث (فترة الحربين العالميتين وما تلاهما وخضوعهما للاستعمار النازي الألماني) نفس مستويات التعامل مع اليهود الذين كانوا يستوطنونهما. أما دولة ألبانيا فأُلحقت باليونان وبلغاريا لأنها أولاً من بلدان البلقان التي لم تنتمِ للاتحاد اليوغسلافي السابق، وثانيًا لأنها الدولة البلقانية، إلى جانب اليونان وبلغاريا التي لم تعِشْ ويلات حرب الاستقلال عن الأنظمة الشيوعية التي كانت تحكم بلدان المنطقة قبل انهيار جدار برلين والاتحاد السوفيتي. هذه البلدان الثلاثة التي تنتمي إلى حلف شمال الأطلسي، اكتمل بناء مفهوم الدولة فيها وعرفت مراحل متقدمة من الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي والسياسي، وهو ما لا يتوفر بشكل كامل في دول البلقان الأخرى وريثة الاتحاد اليوغسلافي السابق، وما من شأنه بالتالي أن يجعل طبيعة العلاقات التي تقيمها مع إسرائيل تختلف في مضمونها وتأثيراتها.

أولاً: اليونان

اعترفت اليونان بدولة إسرائيل قبيل نهاية العام 1949، إلا أن التمثيل الدبلوماسي كان في أدنى مستوياته بين الطرفين إلى غاية العام 1991 بافتتاح سفارتي البلدين في أثينا وتل أبيب، وتعود برودة العلاقات بين البلدين إلى تأثرها بقوة العلاقات التي كانت قائمة بين إسرائيل وتركيا العدو الرئيسي لليونان. وكانت وفاة رئيس الوزراء اليوناني أندرياس باباندريو في يونيو/حزيران من العام 1996 (كان باباندريو صديقًا للشعب الفلسطيني ومناصرًا لقضيته وداعمًا لمنظمة التحرير الفلسطينية، وهو ما لم تغفره إسرائيل أبدًا له ولبلده)، قد مثّلت أولى بشائر تحسن العلاقات اليونانية-الإسرائيلية، ثم دفع برود العلاقات بين إسرائيل وتركيا منذ العام 2010 إلى تمتين التقارب والتعاون اليوناني-الإسرائيلي بشكل واضح.

يعود تاريخ وجود اليهود في جُلّ الأراضي اليونانية، كما في كل بلدان البلقان الأخرى، إلى العام 1492م بعد ترحيلهم قسرًا من إسبانيا الكاثوليكية. وكان الاستقبال والترحيب الذي لاقاه اليهود من قبل سلطات وشعب الإمبراطورية العثمانية محكومًا بمعاهدة المدينة المنورة (وهي نفس المعاهدة التي أبرمها المسلمون الأوائل مع يهود المدينة المنورة عام 623م)، وقد وفرت لهم سلطات العثمانيين ظروفًا كريمة لحياة مستقرة ومزدهرة تدل عليها حقيقة أن مدينة سولون (وتسميتها الحالية تيسالونيكي) كانت في بداية القرن العشرين أكبر مدينة في العالم لتجمع الجاليات اليهودية التي بلغ تعدادها 15 ألف يهودي.

سبقت العلاقات الاقتصادية بين البلدين علاقاتهما الدبلوماسية، فقد بلغ حجم الصادرات الإسرائيلية إلى اليونان من المواد الكيميائية عام 1995 مئتي (200) مليون دولار، في حين كانت صادرات اليونان إلى إسرائيل، التي تتكون في الغالب من المواد الإسمنتية والغذائية ومواد البناء، قد بلغت 150 مليون دولار. العلاقات الجيدة بين إسرائيل وتركيا من جهة، وعلاقات اليونان الحميمة مع منظمة التحرير الفلسطينية في عهد باباندريو من جهة ثانية، أثّرتا بشكل واضح على طبيعة العلاقات الثنائية بين هذه البلدان الثلاثة سلبًا وإيجابًا.

ولهذا فقد ظلت معاهدة التعاون العسكري بين أثينا وتل أبيب الموقعة عام 1994 حبرًا على ورق، ومن ذلك أن البلدان لم يجريا أبدًا المناورات العسكرية المشتركة التي اتفقا عليها عام 2007. إلا أن تعكُّر صفو العلاقات الإسرائيلية-التركية على خلفية اعتراض قافلة الحرية التي نظمتها منظمة الصليب الأحمر الدولية التي كانت متوجهة إلى غزة وما صاحبها من هجوم على طاقمها وقتل عدد من الناشطين الأتراك على متنها، سمح للقوات العسكرية الجوية الإسرائيلية واليونانية بتنفيذ مناورات مشتركة بينهما في العام 2010 على الأراضي اليونانية، كما أرسلت اليونان عام 2011 خمس طائرات من نوع F-16 للمشاركة في تدريبات في إسرائيل، ثم تواصلت وتيرة العلاقات العسكرية بين البلدين حيث وقّع وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك في يناير/كانون الثاني من العام 2012 أثناء زيارته إلى اليونان معاهدة عسكرية تقضي بمزيد من التعاون المشترك في مجال الدفاع القومي.

طُبِعت العلاقات الإسرائيلية - اليونانية بمزيد من التقارب والتنسيق من خلال جملة اللقاءات الثنائية بين قيادات البلدين في أعلى المستويات. فقد قام الرئيس الإسرائيلي موشيه كاتساف بزيارة إلى اليونان في أول زيارة من نوعها في تاريخ البلدين. وكان رئيس الوزراء اليوناني جيورجيوس باباندريو (نجل أندرياس باباندريو) قد زار إسرائيل رسميًّا في يونيو/حزيران 2010 بهدف تحسين العلاقات الثنائية. وفي أغسطس/آب من نفس العام ردّ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الزيارة وقَدِم إلى اليونان في سابقة من نوعها بين البلدين.

زيارة نتنياهو لأثينا جاءت كرد للجميل على موقف اليونان التي أمسكت عن التصويت على قرار دولي يندد بما قامت به القوات الإسرائيلية من عمل عدائي تجاه قافلة الحرية التي كانت في طريقها إلى قطاع غزة في مايو/أيار من عام 2010، وكان هذا الحادث نفسه هو ما تسبب في نسف العلاقات بين إسرائيل وتركيا عدوة اليونان التقليدية.

إلا أن التطور الأكثر تعبيرًا عن تدهور العلاقات الإسرائيلية-التركية تمثل في الزيارة التي قام بها وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان إلى أثينا عام 2011، والتي أدت إلى فتح باب التحاور بين الطرفين حول رسم الإستراتيجيات المشتركة وتوحيد جهودهما لمكافحة الإرهاب. تجاوبت اليونان بسرعة ولعبت دورها في "مكافحة الإرهاب" بتعطيلها ومنعها للاستعدادات التي كان يقوم بها نشطاء خيريون لإرسال مساعدات إلى الشعب الفلسطيني المحاصر في قطاع غزة، ولذلك كوفئت من قبل إسرائيل التي ضمت الجزء اليوناني من جزيرة قبرص إلى مشروع التنقيب عن النفط والغاز الطبيعي في حقل ليفياتان، وهكذا زادت العلاقات الثنائية بينهما متانة في مجالي الطاقة وحماية البيئة الطبيعية. هذا الاتفاق المبرم في مارس/آذار عام 2012 ضمّ أيضًا قطاع الطاقة الكهربائية وسمح بمد خط كهربائي ينطلق من إسرائيل إلى قبرص ومنها إلى اليونان ما يجعله أطول خط للطاقة الكهربائية في العالم. كما أن مشروعًا مشتركًا ضخمًا بين إسرائيل وقبرص واليونان يتعلق بالتنقيب في حقول للغاز تقع شرق البحر الأبيض المتوسط ويهدف بوضوح إلى جعل اليونان الشريك والحليف الرئيسي لإسرائيل في منطقة البلقان.

ثانيًا: بلغاريا

الحقيقة دائمًا هي أمر أكبر من مجرّد اجتماع عدة دلالات. هذه المقولة تصحّ على حقيقة طبيعة العلاقات الإسرائيلية-البلغارية، بمعنى أن الدلالات التي تُقدَّم على وصف العلاقات البلغارية-الإسرائيلية بالجيدة لا تبدو كافية وحدها للكشف عن طبيعة وسمات الأحداث التي بُنيت عليها. فعندما تُسوَّق بلغاريا على أنها من الدول الأوروبية القليلة، مع رومانيا، التي كانت تحت الاستعمار الألماني خلال الحرب العالمية الثانية، والتي أنقذت حوالي 80% من اليهود الذين كانوا يعيشون على أرضها من محنة المحرقة، وتجعل من هذا المعطَى دليلاً على متانة وتطوّر علاقاتها المتميزة الحالية مع إسرائيل، فإن هذا لا يكشف شيئًا من حقيقة الأجواء التي دارت فيها عمليات الإنقاذ المشار إليها لحوالي 48 ألفًا من اليهود، وهو ما يعادل 80% من العدد الإجمالي للجالية اليهودية التي سَلِمت من الترحيل القسري إلى معسكرات الموت الألمانية.

علينا هنا قبل كل شيء أن نقول: إنّ لا بلغاريا ولا رومانيا كانتا محتلَّتَيْن من قبل ألمانيا خلال الحرب العالمية الثانية لكنهما بالأحرى كانتا حليفتين لألمانيا. وهذا الوضع سمح لهما بالتالي:

· أولاً: كان هناك قدر كبير من استقلالية القرار فيما يتعلق بالمسائل الداخلية لكل من بلغاريا ورومانيا وتمكنتا من حرية التصرف في قضية ترحيل اليهود من أراضيهما.

· ثانيًا: إن عددًا من المؤرّخين يتفقون، يدعمهم كمٌّ كبير من الوثائق المثبتة، على أن العامل الأساسي في عدم ترحيل اليهود إلى المعسكرات الألمانية في عهد الحكومة الفاشية البلغارية، يعود أساسًا إلى جهود الحزب الشيوعي البلغاري في معارضة عمليات الترحيل ولا يعود الفضل فيه للحكومة البلغارية الرسمية! فقد جنّد الحزب الشيوعي البلغاري كل قواه الشعبية لمواجهة التوجه الحكومي البلغاري الرسمي الداعم للفاشية في الوقت الذي كانت فيه الحكومة البلغارية، وبالأخص القيصر بوريس الثالث، ذات توجه معارض للسامية، وذلك بعكس مقولات بعض المؤرخين الآخرين. أدت تلك المعارضة الشعبية الواسعة المدعومة من قبل أوساط كنسية بلغارية إلى رفض ترحيل كامل لليهود نحو معسكرات الموت الألمانية. لكن السلطات البلغارية، وبقصد تخفيف حدة ردة الفعل الألمانية المتوقعة حول منع ترحيل اليهود البلغاريين إليها، أصدرت أوامرها بترحيل كامل لليهود المتواجدين في كلٍّ من مقدونيا التي كانت واقعة ضمن حدود مملكة يوغسلافيا، ويهود منطقة تراكيا التي كانت تابعة لدولة اليونان التي أخضعتها بلغاريا حينها إلى وصايتها بمباركة ألمانية عندما كانت صوفيا حليفًا قويًّا للقوة الألمانية الفاشية الغاشمة. أدت عمليات الترحيل تلك إلى التسبب في قتل حوالي 11700 يهودي، وهدّأت من غضب ألمانيا، بل ومثّلت -بالإضافة إلى ذلك- إنجازًا ونجاحًا تامًّا؛ حيث لم ينجُ من عمليات الترحيل تلك سوى بعض الأفراد من اليهود!

· ثالثًا: لقد كلفت عملية منع ترحيل اليهود من بلغاريا الكثير من المال في المقابل، فقد تنازل اليهود حينها عن كل ممتلكاتهم المنقولة وغير المنقولة ودفع أموال طائلة كانت جماعات يهودية في الخارج قد أرسلتها إلى السلطات البلغارية من أجل إنقاذ اليهود البلغاريين.

· رابعًا: عدد من الناجين من اليهود المرحَّلين قسرًا إلى المعسكرات الألمانية كانوا قد أدلوا بشهادات تفيد بأن جزءًا من المرحَّلين لم يكونوا أصلاً من اليهود بل كانوا مساجين بلغاريين من المعارضة الشيوعية البلغارية تم تجميعهم من داخل السجون وشحنهم في قوافل المرحَّلين على أنهم يهود.

تبدو معرفة هذه الحقائق والأحداث ضرورية على مستوى التحليل الجدي لأن كلا الطرفين الإسرائيلي والبلغاري يعرفان تلك الحقائق جيدًا؛ إذ إن هذا الجانب الخفي من واقع العلاقة بين البلدين كان حاضرًا وبقوة في الحقبة التي مرت بها علاقاتهما الباردة ، فبالرغم من اعترافها بدولة إسرائيل عام 1948، متبعة في ذلك خطى الاتحاد اليوغسلافي الذي كانت من حلفائه المقربين ، وعضوًا في حلف وارسو**، فإن بلغاريا كانت قد قطعت علاقاتها الدبلوماسية بإسرائيل عام 1967 على إثر حرب الأيام الستة، وكان ذلك مرة أخرى بتأثير من الاتحاد اليوغسلافي.

بعد انهيار الاتحاد اليوغسلافي عام 1990 أعادت بلغاريا علاقاتها الدبلوماسية بإسرائيل وكان ذلك على مستوى تبادل السفراء في كل من تل أبيب وصوفيا بالإضافة إلى قنصلية فخرية في مدينة فارني البلغارية. التعاون بين البلدين يتجه أكثر نحو المجالين الاقتصادي والعسكري مع تكثيف التعاون في مجال مكافحة الإرهاب، وقد توصل الطرفان إلى هذا المستوى من التعاون في مكافحة الإرهاب على إثر حادث الهجوم على حافلة كانت تقل سائحين يهودًا في بلغاريا في 19 يوليو/تموز عام 2012، والذي نفذه شخص يحمل رخصة قيادة أميركية.

ثالثا: ألبانيا

عند إعلان قيام دولة إسرائيل، كانت ألبانيا حينها تتمتع بعلاقات متميزة مع الاتحاد السوفيتي، وبما أن هذا الأخير كان قد اعترف بإسرائيل فإن كل الدول الأعضاء في حلف وارسو تبعت خطى الحليف الأكبر ولم تكن ألبانيا لتتأخر في الاعتراف بالدولة الإسرائيلية وأعلنت ذلك عام 1949، إلا أن العلاقات الدبلوماسية بين البلدين لم تتخذ طابعًا رسميًّا على مستوى السفراء في كل من تيرانا وتل أبيب سوى في الفترة التي أعقبت تهاوي الشيوعية في ألبانيا، وكان ذلك في 20 أغسطس/آب 1991.

جوهر الحقيقة عادة ما يكون غير معروف أو متجاهَل عن قصد، ومؤداه أنه لا يجب إطلاقًا التحقير من أي شخص أو الانتقاص من قدرات الشعوب والدول الصغيرة، هذا المعنى نجده متحققًا في كون عدد اليهود في ألبانيا عند نهاية الحرب كان أكبر من عددهم عند انطلاقها!؟ وذلك على الرغم من أن ألبانيا كانت خاضعة لاستعمار القوى الغاشمة خلال فترة الحرب العالمية الثانية (تحديدًا من قبل الاستعمار الفاشي الإيطالي تحت قيادة بينيتو موسيليني)، وهذا ما لم يتحقق في أية دولة من الدول التي استعمرتها ألمانيا وإيطاليا الفاشيّتان. الدلائل تشير إلى أن الترحيل القسري طال عائلة يهودية واحدة ووحيدة خلال تلك الفترة بعد تأخّر وصول النجدة الشعبية الألبانية إليها في الوقت المناسب.

ازدياد عدد اليهود في ألبانيا لم يكن فقط بفضل منع ترحيلهم وإنما أيضًا باستقبال ألبانيا لأعداد ممن رُحِّلُوا منهم من دول الجوار على أراضيها وتأمينهم على حياتهم. لكن هذا النجاح لم يكن دون مخاطر جدية، فقد مكنت السلطات الألبانية اليهود من أوراق ثبوتية مزورة ووطّنتهم في مناطق البلاد الداخلية البعيدة مما سهل عملية اندماجهم في المجتمع الألباني بسرعة. وبحسب الأرقام الرسمية فإن ألبانيا كانت بلد الاستقبال لحوالي 1200 يهودي لجأوا إليها من بلدان البلقان المجاورة. إسرائيل من جانبها، وكرد جميل لألبانيا استضافت على أراضيها عددًا من الألبان اللاجئين إليها من كوسوفا خلال الاعتداء الصربي عليها عام 1999، ومكنتهم من العلاج والإقامة على أراضيها.

بصفتها عضوًا ملاحِظًا في الاتحاد الأوروبي، ساندت إسرائيل بقوة طلب ألبانيا عضوية الاتحاد وحلف النيتو عن طريق لوبياتها القوية والفعالة على الساحة الدولية. إلا أن نقطة التحول في هذه العلاقة قد كمنت في اعتراف ألبانيا الرسمي بدولة فلسطين. لكن يبدو أن حتى هذا الاعتراف لم يغير من طبيعة العلاقات المتميزة والقوية التي تربط إسرائيل بألبانيا والتي يمكن أن تُصنَّف على أنها أقوى العلاقات التي تربط إسرائيل بدول منطقة البلقان على الإطلاق. يعيش حاليًا في ألبانيا حوالي 530 أسرة يهودية. ومنذ العام 2007 ازداد اهتمام الشركات الإسرائيلية بالشراكة مع نظيراتها الألبانية؛ ومن ثم فقد ازداد حجم الاستثمارات الإسرائيلية في البلاد بسرعة وخاصة تلك الموجهة إلى قطاعات الفلاحة والسياحة وتمويل مشاريع التنقيب عن النفط والغاز الطبيعي.

هكذا تبدو علاقات إسرائيل بدول جنوب شرق البلقان، اليونان وبلغاريا وألبانيا، متوازنة بشكل عام وتحكمها مصالح السياسة الدولية وسعي كل طرف منها إلى تعزيز مصالحه وكسب ودّ الطرف الآخر تجاه قضاياه الإستراتيجية الكبرى. لغة المصالح المشتركة تطغى على طبيعة تلك العلاقات، وماضي اليهود وما لاقوه من عنت على أيدي اليونانيين والبلغار خلال العقود الماضية، وخاصة ما تعرضوا له من تنكيل وسجن وترحيل قسري أثناء الحرب العالمية الثانية، لا يُشكِّل عاملاً معطّلاً لسيرورة العلاقات وتطوّرها، كما أن تميز العلاقة بين إسرائيل وألبانيا تاريخيًّا لم تتغير طبيعته، بل ازدادت متانة رغم أن ألبانيا دولة يشكِّل المسلمون فيها غالبية مطلقة.
_______

* النص بالأصل أعد لمركز الجزيرة للدراسات باللغة البوسنية، وترجمه إلى العربية الباحث المتخصص بشؤون البلقان كريم الماجري.
* * يُسمّى حلف وارسو رسميا بمعاهدة الصداقة والتعاون المشتركين ، وهي منظمة عسكرية تأسست في العام 1955، كانت هدفها الأساسي مواجهة تهديدات حلف شمال الأطلسي (الناتو)، واستمر عمل المنظمة التي نشطت كثيرا أثناء حقبة الحرب الباردة حتى انهيار جدار برلين وما تلاه من تفكك للاتحاد السوفييتي، لكن الإعلان الرسمي عن حلّ الحلف في يوليو/تموز من عام 1991 سبق بقليل الإعلان الرسمي عن التفكك النهائي للاتحاد السوفييتي المُعلن في 25 ديسمبر/كانون الأول من العام نفسه.

وتجدر الإشارة هنا إلى أن الاتحاد اليوغسلافي كان الدولة الشيوعية الوحيدة التي لم تنضم إلى منظمة معاهدة وارسو.(المترجم)
فريد موهيتش - محاضرا لمادّة الفلسفة بجامعة القديسين سيريل وميثوديوس بالعاصمة المقدونية سكوبيا. أستاذ زائر بالمعهد الدولي للفكر والحضارة الإسلامية بكوالالومبور الماليزية. وأستاذ زائر في جامعة فلوريدا الحكومية وجامعة سيراكوز بنيو يورك، وجامعة السوربون الباريسية وعدد آخر من الجامعات الغربية والإسلامية.

kumait
30-11-2012, 02:30 AM
http://studies.aljazeera.net/ResourceGallery/media/Images/2012/11/13//20121113104517813734_2.jpg
تعتبر إسرائيل علاقاتها مع دول البلقان مهمة جدًّا في بناء شبكة علاقاتها

خارطة علاقة دول البلقان وشعوبها مع إسرائيل: حدودها وطبيعتها(2)

تناول الجزء الأول من هذه الدراسة علاقة إسرائيل بدول البلقان التي لم تكن جزءًا من الاتحاد اليوغسلافي السابق، أي بلدان منطقة جنوب شرق البلقان. ويتناول الجزء الثاني منها وهو الأخير، طبيعة العلاقات الإسرائيلية مع دول البلقان التي كانت منضوية تحت لواء الاتحاد اليوغسلافي السابق (ثم استقلت عنه)، والتي عاشت حقبًا تاريخية مشتركة عرفت خلالها الأوضاع البلقانية تطورات درامية وصراعات دامية خلّفت جراحًا وندوبًا في التاريخ يصعب محوها.

إسرائيل ودول البلقان المستقلة عن الاتحاد اليوغسلافي السابق

عرف مصير اليهود في البلدان التي كانت مستقلة عن الاتحاد اليوغسلافي مرحلتين مختلفتين تمامًا بل ومتناقضتين، فبينما لُوحق اليهود وشُرّدوا ورُحِّلوا قسرًا، وصودرت ممتلكاتهم، وسيق من سيق منهم إلى معسكرات الموت الألمانية النازية في كلٍّ من صربيا الأرثوذكسية وكرواتيا المسيحية، تمامًا كما كان الأمر بالنسبة لكل مسيحيي أوروبا في تعاملهم مع اليهود، فإن تاريخ اليهود مع شعوب البلدان البلقانية التي تغلب فيها ديموغرافيا المسلمين عرف وجهًا مشرقًا وحضاريًّا وإنسانيًّا يعترف به اليهود أنفسهم.

لكن ثمة مشكلة ما تجعل هذه الحقائق التاريخية تُنتج آثارًا عكسية، فما نشهده اليوم من علاقات متينة بين اليهود والبلدان المسيحية (التي أقامت لأجدادهم المحرقة وطردتهم من أراضيها ولاحقتهم وصادرت أموالهم) أمر يدعو إلى الاستغراب، خاصة إذا قارنّاه بحالة الحقد والكراهية الإسرائيلية المعلنة لكل ما هو مسلم، وهذا قدر عدد من دول البلقان.

فما هي طبيعة تلك العلاقات؟ وهل لها من تأثير على واقع ومستقبل الدول البلقانية؟

أولاً: مقدونيا

يعود تاريخ العلاقات الدبلوماسية الرسمية بين مقدونيا وإسرائيل إلى 7 ديسمبر/كانون الأول عام 1995، أي أربع سنوات بعد إعلان مقدونيا استقلالها عن الاتحاد اليوغسلافي. وبالرغم من أن دستور مقدونيا قد أعلن أن اسم البلاد الرسمي هو جمهورية مقدونيا، فإن إسرائيل أقامت علاقاتها الدبلوماسية مع مقدونيا باعتماد اسمها المؤقت المعتمد لدى الأمم المتحدة تحت اسم جمهورية مقدونيا اليوغسلافية السابقة (من المعروف أن اليونان طالبت من جانب واحد بضرورة تغيير مقدونيا لاسمها الدستوري واقترحت أن تُسمّى جمهورية مقدونيا اليوغسلافية السابقة، ورغم أن الخلاف لا يزال موضوع نظر الأمم المتحدة إلا أن إسرائيل بادرت إلى الاعتراف بجمهورية مقدونيا مما أثار غضب اليونان، ويبدو أن ذلك هو ما قصدته إسرائيل من وراء هذا الاعتراف).

تم تسجيل قدوم أعداد بسيطة من اليهود إلى المناطق الواقعة جنوب أرض مقدونيا في منتصف القرن الماضي، إلا أن وجودهم في مقدونيا يعود إلى نهاية القرن الخامس عشر وبداية القرن السادس عشر، وكان ذلك على إثر عمليات الترحيل القسري التي طالت اليهود في إسبانيا واستقبلتهم سلطات الإمبراطورية العثمانية التي كانت الدولة الأوروبية المسلمة الوحيدة.

يعيش اليوم في مقدونيا حوالي 200 يهودي أغلبهم في العاصمة سكوبيا، بالإضافة إلى أسرتين في مدينة شتيب وهم من بقايا الأسر اليهودية المرحّلة. ينتظم هؤلاء اليهود في جماعة يهودية ناشطة في مجال مزيد من التقريب بين البلدين، كما يعملون على ربط علاقات قوية بين جماعتهم وجماعات اليهود الأخرى في باقي دول البلقان وأميركا. من جانبها قامت حكومة مقدونيا بتسوية وضعية ممتلكات اليهود العقارية التي ظلت دون وريث شرعي بعد موت أصحابها وأعادت ملكيتها إلى منظمة الجماعة اليهودية في مقدونيا، وهو إجراء قلّ نظيره في دول العالم، كما شيدت حكومة مقدونيا أحد أكبر المراكز في العالم خُصِّص لذاكرة الهولوكوست في نفس المكان الذي كان في ما مضى حيًّا يسكنه اليهود. التعاون الاقتصادي بين البلدين يتقدم ببطء على غير ما خُطّط له، ولم يتم تحويل الاستثمارات الإسرائيلية الموعودة لإنجاز جملة من المشاريع المعلنة منذ 2008 والمتعلقة باستصلاح الأراضي وإقامة نظام للريّ الزراعي، لكن النشاط الأكبر يسجَّل في قطاعي السياحة والتبادل الثقافي بين البلدين.

ثانيًا: الجبل الأسود (مونتينيغرو)

مباشرة على إثر إعلان استقلال الجبل الأسود في يونيو/حزيران 2006، اعترفت إسرائيل رسميًّا بالدولة الجديدة في 13 يونيو/حزيران من نفس السنة، وبعد شهر واحد من ذلك التاريخ وبسرعة غير معهودة سارعت إسرائيل إلى تكليف سفيرها في العاصمة الصربية بلغراد بالقيام بأعمال السفير الإسرائيلي في الجبل الأسود في 19 سبتمبر/أيلول عام 2007. أما الجبل الأسود فقد افتتح قنصلية فخرية لتمثيله في تل أبيب بداية من العام 2009. وخلال هذه الفترة قام وزيرا خارجية البلدين بتبادل عدد من الزيارات بين عامي 2009 و2010، في حين قام، ميلو دجوكانوفيتش، رئيس وزراء الجبل الأسود بزيارة رسمية إلى إسرائيل.

التعاون الاقتصادي بين الجانبين لا نظير له من حيث تسارع نموّه كمًّا ونوعًا في أيٍّ من بلدان منطقة البلقان كلها، فإلى جانب شراء أسهم شركة الطيران التابعة للجبل الأسود، فإن إسرائيل تضخ أموالاً هائلة في البنية التحتية السياحية وبناء النزل الفاخرة والمرافق السياحية العصرية على شواطئ جمهورية الجبل الأسود. لم يُسجَّل في الماضي أي أثر لوجود الجالية اليهودية في الجبل الأسود، وقد تم ترحيل من عُثر عليهم من اليهود على أرض الجبل الأسود، إثر خضوعها للاستعمار الفاشي الإيطالي والنازي الألماني الذي تواصل من سبتمبر/أيلول 1943 إلى فبراير/شباط 1944.

بالرغم من عدم وجود إحصاءات رسمية تفيد عن أعداد اليهود في جمهورية الجبل الأسود اليوم، فإنه لا شك لدينا في أن عددهم ضئيل جدًّا، وقد لا يتعدى عدد أصابع اليدين. لكن ومع ذلك فإن كل الإمكانات وُضِعت بين أياديهم لبناء روابط بينهم وبين باقي الجاليات اليهودية، في البلقان، ومن ذلك أنهم أسسوا جماعتهم الخاصة في الجبل الأسود. في يناير/كانون الثاني من العام 2012 وقَّعت حكومة الجبل الأسود معاهدة مع الجماعة اليهودية المقيمة على أراضيها تضبط العلاقة الثنائية بينهما، (هذه هي أقل الجماعات اليهودية عددًا في العالم)، واعترفت حكومة جمهورية الجبل الأسود باليهودية دينًا رسميًّا فيها.

ثالثًا: صربيا

كما هي الحال في كامل منطقة البلقان، فإن تاريخ هجرة اليهود إلى الأراضي الصربية يعود إلى العام 1492 عندما تم تهجيرهم قسرًا من إسبانيا، فكانت الإمبراطورية العثمانية الدولة الأوروبية الوحيدة حينها التي استقبلت عددًا غير محدود من اليهود المهجَّرين، وقد تأسس هذا الموقف المنفتح آنذاك على مبادئ الإسلام التي قامت عليها الإمبراطورية العظمى. إن الإمبراطورية العثمانية بصفتها دولة إسلامية كانت الدولة الوحيدة التي بإمكانها قبول ذلك العدد الهائل من أشخاص مهجَّرين ينتمون إلى دين آخر (الدين اليهودي) دون أن تؤدي تلك الهجرة الجماعية الكبرى إليها إلى التساؤل عن أصول الوافدين وديانتهم. هذا الموقف لم يكن في تعارض مع المبادئ الاجتماعية والسياسية التي تحكم نظام الدولة العثمانية الأوروبية المسلمة، بل على العكس من ذلك فقد كان تأكيدًا واقعيًّا لتلك المبادئ وذلك التسامح الذي عزّ نظيره.

في إطار نفس هذا المنطق في التعامل مع أصحاب الديانات المخالفة، لا يجب أن نستغرب في المقابل من أن هذا الوضع الآمن الذي عاشه اليهود على أرض البلقان، وعلى أرض صربيا في حدودها الحالية، وما عرفوه من تطور كان قد توقف وانقلب إلى نقيضه بمجرد انتهاء الحكم الإسلامي في كامل هذه المنطقة.

مباشرة على إثر سقوط مملكة يوغسلافيا عام 1941، تأسست على أرض تلك المملكة دولتان جديدتان، كلتاهما مبنيتان على أسس الغطرسة والقوة المفرطة، وهما: دولة كرواتيا المستقلة ودولة صربيا، وقد كانت حكومة دولة صربيا التي تشكّلت على إثر انهيار المملكة اليوغسلافية تتعاون مع النظام الفاشي الألماني، لكنها وفي نفس الوقت استمرت في ضغطها على بقايا رجال النظام الملكي المنهار مما دفع ولي العرش اليوغسلافي إلى اللجوء إلى لندن. هذا التعاون كان يعني، على مستوى التطبيق، قبولاً بمخطط ترحيل اليهود الذين كانوا يعيشون على أرض صربيا إلى معسكرات الموت الألمانية، أما على مستوى القناعات والإيمان لدى الحكومة الصربية المؤقتة فقد تُرجم بإقامتها معسكرًا لتجميع يهود البلقان في منطقة بانيتسي بالقرب من بلغراد.

تم ترحيل ما يقرب من 10 آلاف و500 يهودي، وهو عدد اليهود المسجلين في الدفاتر الرسمية لمدينة بلغراد بعد إلقاء القبض عليهم وسجنهم في معسكر بانيتسي، ويضاف إلى هؤلاء حوالي 500 يهودي كانوا يعيشون في كوسوفا. ولم يلقَ أغلب هؤلاء اليهود الموت في محرقة الهولوكوست في المعسكرات الألمانية، ومن نجا منهم من الأسر هاجر لاحقًا إلى إسرائيل. علينا هنا أن نذكر أن عددًا من اليهود الذين انضموا إلى قوات "البارتيزان" (المقاومة للاستعمار الألماني وللحكومة الصربية الفاشية آنذاك)، بقيادة يوسيب بروز تيتو، أصبح أغلبهم فيما بعد من وجهاء الحياة الاجتماعية والثقافية والفنية، وخاصة الاقتصادية لصربيا حيث يعيش اليوم حوالي 1700 يهودي أغلبهم في العاصمة بلغراد.

من المثير هنا (وكذلك من الأمور التي تحمل دلالات قوية) الإشارة إلى أن المصادر والوثائق الحكومية الصربية فيما يتعلق بالعلاقات الصربية-اليهودية لا تذكر إطلاقًا فترة الهجرة المكثفة لليهود نحو الأرض الصربية أيام كانت تخضع للحكم الإسلامي للإمبراطورية العثمانية!! هذا الموقف الصربي المستغرب يبدو أكثر وضوحًا إذا علمنا أن بلغراد بدأت بإقامة علاقاتها الدبلوماسية في 31 يناير/كانون الثاني من العام 1992، وهي الفترة ذاتها التي كانت تُعدّ فيها صربيا لعدوانها على البوسنة والهرسك، مُعلنة أنها تخوض حربًا لحماية أوروبا من الإسلام الذي يتهددها، حتى تحصل بذلك على مباركة ودعم تل أبيب.

هذه السياسة الصربية الداخلية المعلنة المعادية للإسلام تمثل اليوم ركيزة أساسية ودافعًا مهمًّا لسياستها الخارجية أيضًا. إن طبيعة العلاقات الصربية-الإسرائيلية ترتكز بالأساس على موقفيهما من قضيتين ذواتي أهمية خاصة لكليهما، وهما قضية وضع كلٍّ من كوسوفا وفلسطين القانوني على المستوى الدولي، فبعد تبني مجلس الأمن الدولي للقرار رقم 1244 للعام 1999 الذي وضع كوسوفا تحت وصاية الأمم المتحدة على إثر إعلانها استقلالها وسيادتها على أراضيها في العام 1998، فإن صربيا لا تزال تعلن رفضها القاطع للاعتراف باستقلال كوسوفا وتتمسك بها كجزء من أراضيها، وذلك على الرغم من الضغوط الدولية المتواصلة عليها من أجل انتزاع اعترافها بسيادة كوسوفا. وفي هذا الإطار فإن عدم اعتراف إسرائيل باستقلال كوسوفا تُرجم صربيًّا على أنه دليل على دعم تل أبيب لبلغراد وتعبير عن صداقتها لها.

لكن صربيا لم ترد المعاملة بالمثل فيما يتعلق بقضية الاعتراف بفلسطين كدولة غير عضو في الأمم المتحدة، وكان ذلك بالتعبير عن دعم بلغراد لهذا المقترح وتأكيدها على عدم ممانعتها قيام دولة فلسطينية ذات سيادة على أراضيها إذا ما طُرح هذا المقترح أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة. من الواضح أن خلفية مثل هذه المواقف "وإشارات الدعم المتبادل" تصدر عن تقييم دقيق لآثار وتبعات موقفي الجانبين تجاه أحدهما الآخر من القضايا ذات الأهمية الإستراتيجية لكليهما. فإسرائيل رفضت الاعتراف بسيادة جمهورية كوسوفا واستقلالها حتى لا تكون في تناقض مع موقفها المُنكر لحق الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة، أما من الجانب الصربي فإن اعترافها بحق الفلسطينيين في دولة سيدة مستقلة نابع من تقدير لما قد تكون عليه الأوضاع مستقبلاً من إبقاء الباب مفتوحًا أمام تحقيق مخطط انفصال "ريبوبليكا صربسكا" ومن ثم التحاقها بدولة صربيا.

قسمت اتفاقيات دايتون أرض دولة البوسنة إلى كيانين منفصلين لكنهما يشكّلان معًا دولة البوسنة والهرسك، وهذان الكيانان هما: فيدرالية المسلمين والكروات وتشمل 51% من مساحة البوسنة وتعيش فيها أغلبية مسلمة وكرواتية، و"ريبوبليكا صربسكا" التي تحتل 49% من مساحة البلاد وتعيش فيها أغلبية صربية ساحقة).

لكن أزمة الاعتراف الصربي بإمكانية قيام دولة فلسطينية لم تؤثر سلبًا على العلاقات الاقتصادية بين البلدين، وبحسب تصريحات رئيس الوزراء الصربي السابق بوريس تاديتش في الأول من فبراير/شباط 2012، بمناسبة مضي عشرين عامًا على إقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، جاء فيها أن الاستثمارات الإسرائيلية في مجال البنية التحتية الصربية قد بلغ بليون يورو، وهو رقم ضخم إذا ما قورن باستثمارات إسرائيل في باقي دول البلقان. أما في مجال التعاون المشترك فقد وقّع البلدان اتفاقًا في العام 2009 يقضي بمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة وتجارة المخدرات. وانطلاقًا من ذلك التاريخ شهد التعاون بين البلدين في مجال السياحة تطورًا نوعيًّا حيث بلغ عدد السياح الصرب إلى إسرائيل في العام 2011 حوالي 4700 سائح مقابل 1400 سائح فقط عام 2009.\

رابعا: كوسوفا

العلاقات الكوسوفاوية-الإسرائيلية لا تشكو من ثقل تأثير الأحداث التاريخية فيها، ويعود ذلك بالأساس إلى أن أعداد اليهود المقيمين في كوسوفا لم تكن كبيرة، وكذلك لأن اليهود القلائل الذين سكنوا كوسوفا تمتعوا رسميًّا، وعلى امتداد قرون طويلة، بحقوقهم كمواطنين في الإمبراطورية العثمانية. إلا أن يهود كوسوفا، وبعد 30 عامًا فقط من رحيل السلطات العثمانية عن كوسوفا، لاقوا مصيرهم في أتون محرقة الهولوكوست، ولم يكن لسكان كوسوفا من الألبان أي دخل في تعرضهم لذلك المصير، فقد كان جزء من كوسوفا مستعمَرًا عام 1941 من قبل القوات الألمانية والإيطالية الفاشية التي نظمت عمليات تجميع حوالي 200 من اليهود الكوسوفاويين في معسكرات بانيتسي بالقرب من بلغراد، ومن ثم إرسالهم إلى المحرقة النازية الألمانية. أما الشعب الألباني، الذي كان حينها يسكن جانبي كوسوفا المحتلَّيْن، فقد بذل كل جهده في حماية اليهود ولم يسجل التاريخ أي خيانات أو معاملات قاسية من قبل الألبان تجاه اليهود، وهذا كان ديدن الألبان في علاقتهم باليهود في كل المناطق التي عمروها.

من الحقائق التي لا مراء فيها أن العدد الأقل من اليهود المقيمين في مناطق الألبان هو من لاقى مصير الترحيل إلى المعسكرات الألمانية بالرغم من بذل أقصى جهد في سبيل حمايتهم، وما يدلل على هذا هو أن ألبانيا التي كانت ترزح تحت الاحتلال الألماني الفاشي هي البلد الأوحد الذي زاد فيه عدد اليهود المقيمين فيه إثر انتهاء الحرب العالمية الثانية عن أعدادهم في فترة بداية الحرب!

يبدو أن هذا المعطى ليس بغائب أو مجهول من طرف السلطات الإسرائيلية، من ذلك أن وزارة خارجيتها، وخلال محادثات خاصة في العام 2008 أبدت تفهمًا وتعاطفًا مع قضية كوسوفا، كما أن إسرائيل استقبلت في العام 1999 عددًا من اللاجئين الألبان الكوسوفاويين على أراضيها وشملتهم بالعلاج والإقامة. لكن كل هذا لم يكن كافيًا، فإلى اليوم لم تعترف إسرائيل باستقلال جمهورية كوسوفا، والسبب في ذلك يعود إلى تخوفها من استغلال الفلسطينيين مثل هذا الاعتراف للمطالبة بالاعتراف باستقلال دولتهم وهو ما ترفضه إسرائيل بقوة. في إبريل/نيسان عام 2009 صرّح أرثور كول سفير إسرائيل لدى صربيا بأن موقف بلاده من استقلال كوسوفا لم يتغير وأن في ذلك برهانًا على علاقات الصداقة الحميمة بين إسرائيل وصربيا، إلا أن أفيغدور ليبرمان، وزير خارجية إسرائيل قلّل من هذا التصريح وقال في رد عليه: إن قضية الاعتراف باستقلال كوسوفا حساسة، مضيفًا أن بلاده ستدرس المسألة بعد أن تتخذ إسبانيا واليونان موقفًا واضحًا منها، وقد شكّل هذا التصريح ضربة موجعة لصربيا وهو ما قصده ليبرمان بالضبط من وراء تصريحاته تلك.

أما اليوم، وفي الوقت الذي لا توجد فيه علاقات دبلوماسية بين إسرائيل وكوسوفا، فيبدو أن موقف إسرائيل من استقلال كوسوفا ومستقبل إقامة علاقات دبلوماسية بين البلدين، يبقى خيارًا إسرائيليًّا للابتزاز تضغط من خلاله على بلغراد من أجل دفع مستوى التعاون معها إلى أقصى درجاته الممكنة لصالح إسرائيل بالطبع.

خامسا: البوسنة والهرسك

حقيقة طبيعة العلاقات الإسرائيلية المتناقضة مع دول البلقان تظهر بجلاء في علاقة تل أبيب بالبوسنة والهرسك؛ فالبرغم من الحقائق التاريخية التي تشير إلى أن أكبر عدد من اليهود في البلقان تم ترحيلهم من صربيا (البلد الأكبر والأقوى في كل المنطقة)، بعد تجميعهم في معسكرات الاحتجاز التي أقيمت في بلغراد، فإن إسرائيل ساندت صربيا في عدوانها الوحشي على البوسنة والهرسك عام 1992، وزادت من تقوية علاقاتها الدبلوماسية مع بلغراد تحت حكم الرئيس سلوبودان ميلوشيفيتش، وكان العنوان الأبرز لذلك الدعم هو أن ميلوشيفيتش سوّق لعدوانه على أنه معركة يقودها شخصيًّا من أجل الدفاع عن أوروبا من خطر الإسلام الداهم، واصفًا البوسنة والهرسك بأنها موطن المجاهدين والعرب الإرهابيين، وهو ما يتفق تمامًا مع موقف إسرائيل من المسلمين وبالأخص من العرب، وجاء في وقت كانت فيه منظمة بات يا أور Bat ya’or تشن حملة ضارية في الأوساط الفكرية ومراكز البحوث شبه العلمية معادية للإسلام والعرب، تدعمها في ذلك آلة إعلامية دولية ضخمة.

حقيقة أن اليهود كانوا يَلقَوْن، طيلة تاريخ إقامتهم في البوسنة، حسن المعاملة لم تشفع لشعب البوسنة لدى حكومة إسرائيل، وهذا التاريخ الذي شهد صفحات ناصعة من العيش المشترك والكريم لليهود بين ظهراني البوسنيين، وإن كان معتَرَفًا به ضمنًا من قبل إسرائيل، إلا أنّه تم تجاهله بالكلية من قبل القادة الإسرائيليين؛ حتى إن أول سفير إسرائيلي لدى البوسنة والهرسك، وفي معرض رده على سؤال: هل البوسنة والهرسك حالة خاصة بما أنه لم يكن يوجد في التاريخ أماكن كثيرة عاش فيها اليهود بأمان وفي صداقة حقيقية مع شعبها مثلما كان ذلك في البوسنة؟ قال السفير الإسرائيلي جويل ألون: "إنه من التواضع القول بأنه لا توجد دول كثيرة، لأنني ببساطة لا أعرف أي مكان آخر عاش فيه اليهود بأمان وفي صداقة مع شعبه مثل ما كان في البوسنة"، إلا أنه أضاف معقّبًا: "هذا دليل على أن الجماعات اليهودية لها من المرونة والذكاء ما يجعلها تعمل وتتحرك بسلاسة داخل مجتمعات غريبة عنها وتتمكن من المحافظة على عاداتها الدينية وعلاقاتها مع باقي الجماعات اليهودية في العالم".

يبدو أن هناك شيئًا ما غير واضح هنا، فإذا كانت علاقات المسلمين واليهود على أرض البوسنة بهذه النصاعة التي ذكرها السفير الإسرائيلي وعبَّر عنها بأنه لا يعرف أي مكان آخر في العالم عرف عيْشًا مشتركًا وآمنًا بين اليهود والمسلمين غير البوسنة، فإن التفسير الذي قدمه لذلك لا يبدو مقنعًا؛ إذ إنّ ما ذكره من قدرة اليهود على التعامل بمرونة وذكاء داخل مجتمعات غريبة عنها، دون أن يُرجع ذلك إلى الخصوصية الثقافية والأنثروبولوجية البوسنية، يجانب الحقيقة والواقع؛ إذ كيف يمكن إذن ألاّ تكون نفس تلك النتائج (العيش الآمن) وأسبابه (الذكاء والمرونة في التعامل) قد تحققت لليهود في أماكن أخرى من العالم خاصة في إسبانيا عام 1492، أو في ألمانيا وكل البلدان التي خضعت لسيطرتها خاصة في الفترة ما بين 1938 إلى عام 1945.

من نافلة القول أن إسرائيل أقامت علاقات دبلوماسية كاملة مع البوسنة والهرسك على مستوى تبادل السفراء دون أن يمنعها ذلك من التجاهل التام للمصالح الحيوية البوسنية في سبيل تحقيق مصالح تل أبيب الإستراتيجية. وفي هذا السياق لابد من التذكير بالدعم الواضح والصريح الذي قدمته إسرائيل لرئيس "ريبوبليكا صربسكا" ميلوراد دوديك ولتصريحاته المتكررة الداعية إلى الانفصال ونفيه العلني لحدوث مجزرة سربرينيتسا التي راح ضحيتها آلاف المسلمين البوسنيين ونفذتها قوات صرب البوسنة في يوليو/تموز من عام 1995.

تقارب دوديك مع كبار القادة الإسرائيليين وخاصة وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان عبّر عنه رئيس "ريبوبليكا صربسكا" خلال حوار تليفزيوني طرح قضية هذا الكيان الصربي؛ حيث قال: "إن هناك حوالي تسعة أو عشرة بلدان مستعدة للاعتراف بدولة ريبوبليكا صربسكا لو أُعلن عنه الآن". ورأى محللون في ثنايا هذا التصريح إشارة واضحة إلى أن إسرائيل ستكون في مقدمة تلك البلدان، خاصة وأن دوديك يُروّج لدى الأوساط الإسرائيلية بأن الفيتو الذي استعملته "ريبوبليكا صربسكا" هو ما منع دولة البوسنة والهرسك من التصويت لصالح قرار مجلس الأمن الدولي حول إنشاء دولة فلسطينية مستقلة.

الواضح إذن أن علاقات إسرائيل بالبوسنة متعددة الأوجه والمستويات، وتتداخل تلك العلاقات بين تعامل إسرائيل مع دولة البوسنة والهرسك المعتَرَف بها دوليًّا، لكن دون أن يمنع ذلك تل أبيب من التعامل المباشر مع "ريبوبليا صربسكا"رغم أنها كيان لا شرعية دولية له، ولا يتمتع بأية استقلالية عن دولة البوسنة.

أما على مستوى التعاون الاقتصادي فيظل في أدنى درجاته ولم يتخطّ بعد مرحلة مناقشة المشاريع المحتمل تنفيذها بين الجانبين، في حين أن التوجه على مستوى العلاقات السياسية يشير إلى تصنيف إسرائيل لدولة البوسنة على أنها دولة ذات أغلبية مسلمة وذات توجه مساند للعرب ضد المصالح الإسرائيلية، في حين تنظر تل أبيب إلى "ريبوبليكا صربسكا" (بالرغم من أنها ليست دولة شرعية وتمثل جزءًا من دولة البوسنة) على أنها صديقة لإسرائيل وعدوّة لدودة لكل ما يحمل طابعًا إسلاميًّا.

في السياق البلقاني العام، يبدو من الواضح أن دولة صربيا تدفع بالكيان الصربي البوسني "ريبوبليكا صربسكا" إلى إقامة علاقات جيدة مع إسرائيل في محاولة لاستغلال تلك العلاقات في تنفيذ أطماعها بضم الأراضي البوسنية التي أقيمت عليها "ريبوبليكا صربسكا"، وتتفق إسرائيل مع هذه اللعبة لأن صربيا يمكنها لعب دور المحترِم لحق الفلسطينيين في الحصول على دولة مستقلة، وبالتالي يمكنها أيضًا فعل نفس الشيء مع البوسنة (التي ترى فيها إسرائيل صديقًا مقربًا من العرب ومعاديًا لإسرائيل) فيما يتعلق بالمطالبة بحق "ريبوبليكا صربسكا" في الانفصال عنها.

سادسا: كرواتيا

العلاقات الإسرائيلية مع دول البلقان -كما رأينا- مليئة بالتناقضات، ويتجلّى أبرز تلك التناقضات في علاقة إسرائيل بدولة كرواتيا التي هي أقرب دول المنطقة للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي. فعلى الرغم من قيام علاقات دبلوماسية كاملة بين البلدين منذ العام 1997 إلا أن التوتر هو ما يحكم علاقتهما التي لا تزال أسيرة للماضي. فتاريخ كرواتيا مرتبط بقربها من ألمانيا الفاشية خاصة خلال السنوات الثلاث الأولى من الحرب العالمية الثانية؛ حيث إن إقامة دولة كرواتيا الوطنية، على إثر انهيار مملكة يوغسلافيا في إبريل/نيسان من عام 1941، كان بمساعدة الرّايخ الألماني، وبذلك ظهرت للوجود دولة كرواتيا المستقلة ذات التوجه الفاشي المُعلَن. في تناغم تام مع نظرية هتلر بنقاء العرق الآري، نظمت حكومة دولة كرواتيا حملة واسعة لتطهير البلاد عرقيًّا من كل السكان الذين ينتمون لغير العرق الكرواتي، وكان من أولى أهداف تلك الحملة العنصرية تطهير البلاد من اليهود وترحيلهم إلى المعسكرات الألمانية.

إن معاداة السامية التي كانت موجودة لدى المسيحيين منذ بدايات القرن الماضي، تصاعدت حدتها أكثر واتخذت طابع الكراهية المعلنة التي تُرجمت إلى حملات من الملاحقة والمطاردة لليهود، ثم بلغ الأمر حد التخطيط لإنهاء وجودهم بشكل كامل، فكان الهولوكوست في كرواتيا هو الأكثر فتكًا باليهود في كل منطقة البلقان.

ضمت دولة كرواتيا المستقلة أكبر معسكرات الاعتقال في منطقة البلقان على الإطلاق، واسمه ياسينفتسو؛ حيث لقي عشرات الآلاف (تتحدث بعض المصادر عن إعدام 700 ألف شخص) من غير الكروات مصرعهم فيه، كان ربعهم من اليهود. وعلى إثر هزيمة جيش دولة كرواتيا المستقلة ذات التوجهات الفاشستية المعلنة أواخر عام 1943، قامت دولة كرواتيا المُعلنة على إثر انهيار الاتحاد اليوغسلافي بدايات التسعينيات من القرن الماضي، وقد تم إعادة بنائها ليس فقط على أسس قومية متطرفة، بل أيضًا على إيقاظ المشاعر الشوفينية المبالغة في العداء للآخر والتي تشمل أيضًا معاداة السامية. وحتى الرئيس الكرواتي، فرانيو تودجمان، الذي كان معارضًا للتوجه الكرواتي الفاشي في فترة الحرب العالمية الثانية، وبمجرد اعتلائه كرسي الرئاسة كشف عن ميل صريح نحو أقصى اليمين وتصرف كواحد من أعتى المتطرفين القوميين الكروات.

أدى هذا التوجه إلى ردود فعل قوية وهجوم مفتوح على سياسة كرواتيا وتوجيه اتهامات صريحة لها بتجديد عهدها مع الفاشية وانتهاجها سياسة معادية للسامية. ولم تفلح محاولات الرئيس تودجمان في إصلاح الأوضاع، حتى إنّ الندوة الصحفية التي عقدها لتهدئة الأمور بين تل أبيب وزغرب، انقلبت إلى ضدها وفُسّر كثير من كلامه على أنّ فيه عداءً مفضوحًا للسامية، وهو ما أدى إلى إلغاء تل أبيب لزيارة كانت مقررة لتودجمان إلى إسرائيل، وهو ما عُدّ سابقة تاريخية لأنها كانت ستكون أول زيارة على هذا المستوى في تاريخ البلدين. بعد هذا البرود الذي طبع العلاقات بين البلدين، عادت الحرارة إلى تلك العلاقات بداية العام 2010 لتتعمق أكثر بزيارة رئيسة الوزراء الكرواتية، يادرانكا كوسور، إلى إسرائيل لتعلن في تصريح مشترك مع نظيرها الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن العلاقات بين البلدين ممتازة. إلا أنّ جلّ المحادثات بين الجانبين تمحور حول المعطى الاقتصادي فقط.

البرلمان الكرواتي، من جانبه، وخلال مداولاته عبّر عن رغبته في تحسين العلاقات مع إسرائيل وجعلها بناءة في أكثر من توصية صادرة عنه في العام 2012، وهذا ما يشير إلى أن "العلاقات الممتازة" التي أعلنها وزيرا خارجية البلدين لم تكن كذلك حقيقةً، وهو ما ظهر بوضوح أكثر عندما لم تلقَ زيارة الرئيس الكرواتي، إيفو يوسيبوفيتش، في 14 فبراير/شباط 2012 أي ترحيب رسمي وإعلامي من قبل إسرائيل، وعوملت الزيارة على هامش الأخبار، أما الصحيفة الوحيدة التي علقت على هذه الزيارة، فكانت صحيفة هآرتس، التي استغلت الزيارة لإحياء الذاكرة اليهودية وما حل باليهود في ظل الدولة الكرواتية الفاشية خلال الحرب العالمية الثانية، والتذكير بتصريح تودجمان المعادي وكذلك تحميل حكومة يوسيبوفيتش مسؤولية امتناعها عن التصويت في قضية الاعتراف بدولة فلسطين.

الوقائع إذن تؤكد أن العلاقات بين الطرفين لا تزال تبحث عن طريقها، كما أنها لا تزال تبحث عن أجوبة لكثير من الأسئلة المفتوحة. فهل سيكون قبول كرواتيا في عضوية الاتحاد الأوروبي عاملاً مخففًا للتوتر بينهما؟ لا يمكن الآن الإجابة على ذلك بكل تأكيد. من الأكيد أن تتغير موازين القوى التي حكمت وتحكم العلاقات الإسرائيلية مع هذه الدول البلقانية الست إذا اكتمل التحاقها بعضوية الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي، واكتمل بناؤها كدول حديثة ذات سيادة كاملة واستقلال في القرار، وقد تصبح حينها إسرائيل مضطرة للتعامل مع هذه البلدان كجزء من الاتحاد الأوروبي وليست بلدانًا ما زالت تبحث عن تأكيد هويتها وكسب الأصدقاء والداعمين في عالم ما بعد الحرب الباردة، وعندها فإن طبيعة العلاقة ستتغير حتمًا وستكون ندية أكثر.

الخاتمة

في المجمل، يبدو واضحًا أن إسرائيل تعتبر علاقاتها مع دول البلقان مهمة جدًّا في بناء شبكة علاقاتها وإستراتيجيتها السياسية الدولية التي تبنيها تل أبيب على معطيين رئيسيين: الأول: هو خصوصية منطقة البلقان الجيوسياسية، والتي لكل بلد من بلدانه أهميته وموقعه الخاص فيها، والثاني: هو الطبيعة المتعددة للإثنيات والديانات والثقافات والقوميات التي تميز كل دولة من دول البلقان. وفي هذا الواقع البلقاني تُفتح الأبواب مشرعة أمام إسرائيل للعب دور دينامي نشط لتحقيق مصالحها واستغلال هذه العوامل في فرضها لنوع وحجم العلاقة التي تريدها من شعوب المنطقة يدعمها في ذلك وضعها الدولي القوي والمؤثر في مثل هذه الدول البلقانية.

إن تقسيم شعوب البلقان إلى مسلمة وكاثوليكية وأرثوذكسية يمثل معطى آخر يمكِّن إسرائيل من اللعب به كورقة رابحة تتغير تشكيلتها من وضع لآخر أثناء تعاملها مع شعوب المنطقة، وهو ما تفعله تل أبيب الآن في رسم علاقاتها مع دول البلقان دون تحفظ. مثل هذا النوع من العلاقات التي تقيمها إسرائيل مع مختلف بلدان البلقان على الساحة السياسية البلقانية يبدو واضح التأثير.

يجري التفاعل المتبادل بين دول البلقان ويُفسَّر أيضًا من خلال علاقات كل دولة منها مع إسرائيل التي باتت تلعب دور البوصلة الموجّهة والجاذبة، فكان من بعض الدول أن سارعت إلى تأكيد توجهاتها الداعمة للغرب (والتي عبَّرت عنها بشكل عملي من خلال تأكيدها على توجهاتها المعادية للإسلام والمسلمين). وإذا أخذنا في الاعتبار أن علاقة المسلمين باليهود، وعلى امتداد فترات تاريخ طويل لقرون عديدة على أرض البلقان، كانت من أكثر العلاقات تميزًا واحترامًا وحماية لليهود الذين كانوا حينها مستضعفين، فإننا نرى أنّه يمكن استغلال هذا المعطى على المستوى الدولي ليكون في صالح مسلمي المنطقة وبالتالي البلدان البلقانية المسلمة، طالما أن طبيعة العلاقة مع إسرائيل هي التي تحدّد موقف المجتمع الدولي من أي دولة في العالم ومنها دول البلقان. كما أن حضور العرب القوي في البلقان وتقوية علاقاتهم الثقافية والاقتصادية والسياسية مع بلدان المنطقة من شأنه أن يؤثّر بقوة في إعادة ترتيب مرتكزات ومستويات العلاقة بين إسرائيل ودول البلقان، والتي تميل كفتها اليوم لصالح إسرائيل.

إن مستقبل البلقان بالمعنى السياسي يرتبط في جانب منه دون شك بالعلاقة مع إسرائيل، علمًا بأن معطيات تلك العلاقة ليست هي المحددات الوحيدة ولا هي المحددات الأهم في رسم مستقبل دول البلقان. أما إذا أخذنا بالمعنى الجغرافي الصرف لمصطلح منطقة البلقان، فإن تركيا تكون جزءًا من المنطقة، وبالتالي فإن التصوّر العام للعلاقات البينية داخل البلقان لابد أن يستحضر قوة الدولة التركية وتأثيرها الإستراتيجي على المنطقة.

____
* النص بالأصل أعد لمركز الجزيرة للدراسات باللغة البوسنية، وترجمه إلى العربية الباحث المتخصص بشؤون البلقان كريم الماجري.
فريد موهيتش - محاضرا لمادّة الفلسفة بجامعة القديسين سيريل وميثوديوس بالعاصمة المقدونية سكوبيا. أستاذ زائر بالمعهد الدولي للفكر والحضارة الإسلامية بكوالالومبور الماليزية. وأستاذ زائر في جامعة فلوريدا الحكومية وجامعة سيراكوز بنيو يورك، وجامعة السوربون الباريسية وعدد آخر من الجامعات الغربية والإسلامية.

nad-ali
01-12-2012, 04:53 PM
https://encrypted-tbn3.gstatic.com/images?q=tbn:ANd9GcT-0TyclRnOcD-fSS5IVUvOnaPal_Jjpwan8JW67_DmObnfWzcd-A

"ربيع الإخوان" في خطر
الأربعاء, 28 نوفمبر 2012

http://www.athabat.net/news/images/resized/images/stories/issue240/z46_450_300.jpg

حسناً فعل "الإخوان" في مصر بأن ألغوا التظاهرة التي كانت مقررة يوم الثلاثاء الماضي، رداً على تظاهرة المعارضين ضد قرارات الرئيس المصري محمد مرسي الأخيرة، فالانقسام الذي تشهده الساحة المصرية ينذر بشرّ مستطير، قد لا تسلم منه مصر كلها، فيما لو التحمت المظاهرتان وسالت الدماء في الشارع.

من خلال "إعلانه الدستوري" يكون الرئيس محمد مرسي قد قام بخطأ استراتيجي كبير، سيعود بالخسارة الكبيرة عليه، وعلى الجماعات التي يمثلها، ليس في مصر فحسب، بل في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ككل، ويمكن إدراج عوامل سوء التقدير المؤدي إلى الخطأ في ما يلي:

- يعلم الرئيس مرسي أن المصريين يعيشون إحباطاً لا مثيل له، فهم يعتبرون أنهم خرجوا إلى ثورة، ووجدوها تُسرق أمام أعينهم، وهكذا يكون قد أخطأ في المراهنة على قدرة تحمّل المصريين، وعلى إمكانية "بلع" إعلانه الدستوري، بعدما استطاع سابقاً أن يمرر إحكام السيطرة على السلطة التشريعية والتنفيذية والإعلام والعسكر، من دون اعتراضات تُذكر.

- لم يتحسّب مرسي للعوامل الاقتصادية والاجتماعية والأمنية المتردية في مصر بشكل لم يسبق له مثيل، فالشعب المصري الذي تئنّ غالبيته من الجوع، كان قد وضع آمالاً وتوقعات بتحسّن الأحوال بعد استتاب الحكم الجديد، فإذا بالبطالة ترتفع نسبتها، ولا سياحة تنشّط الاقتصاد، ومظاهر التشدد والانقسامات السياسية تؤدي إلى هروب رؤوس الأموال، وهبوط البورصة.

- أراد الرئيس مرسي أن يستغل الانتصار الذي تحقق في غزة، فقام مسرعاً بمحاولة إعلان سيطرته على القضاء المصري، قبل أن يجف حبر الهدنة الموقعة بين المقاومة الفلسطينية و"إسرائيل"، متوهماً أنه يستطيع استثمار ما تصور أنه فائض قوة إقليمي ودولي تحصّل لديه، حين أعلن الرئيس الأميركي باراك أوباما إعجابه ببراغماتيته، وامتدحه أفيغدور ليبرمان وشيمون بيريز على أنه رجل دولة، ولم ينتبه مرسي إلى أن مديحاً من المتطرف الصهيوني ليبرمان ورئيسه بيريز، يعني أن عليه أن يقلق، فإما أنه قام بعمل مضرّ بأمته، أو أنهم يريدون تشويه سمعته في أنحاء العالم العربي.

- اللافت للنظر أن الرئيس المصري كان قد اتخذ قراراته السلطوية دائماً بعد مقابلة المسؤولين الأميركيين، بما يشير إلى أنه قد استحصل على ضوء أخضر منهم، فقد أقال المشير طنطاوي والفريق عنان بعد أن قابل وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون، وألغى الإعلان الدستوري المكمل، الذي قلّص فيه العسكر صلاحيات الرئيس، بعد مقابلة ويليام بيرنز؛ نائب وزيرة الخارجية الأميركية، وقام بإعلانه الدستوري الأخير بعد مقابلة هيلاري كلينتون مجدداً.

وبهذا الإطار، يبدو أن مرسي لم يتعظ من تجربة صدام حسين، الذي لطالما تمتّع بدعم أميركي غير مسبوق خلال حربه التي دامت ثماني سنوات مع إيران، وفي النهاية، قامت السفيرة الأميركية آبريل غلاسبي بتشجيعه على الدخول إلى الكويت، من خلال التلميح بأن هناك ضوءاً أخضر أميركياً بذلك، سرعان ما تبيّن أنه فخ دفع ثمنه كل من الكويت والعراق وصدام حسين نفسه.

ولعل فائض القوة المتحصل الذي استشعره مرسي، من إرهاق الشعب والضوء الأخضر الأميركي، ونشوة انتصار إعلامي على "إسرائيل"، جعله يقدم على تلك المغامرة، التي قد تكون إحدى نتائجها أمرين:

- أن تدفع حدة الانقسام السياسي والاحتقان الطائفي وانتشار السلاح، مصر إلى حرب أهلية لن تكون قصيرة الأجل، بسبب تداخل العوامل الإقليمية والدولية والمذهبية والدينية.. وحرب كهذه، إن اندلعت، لن تنتهي إلا بتقسيم مصر، الذي سيشكّل بدوره نوعاً من الدومينو يؤدي إلى تقسيم معظم دول شمال أفريقيا.

- خسارة حلم المشروع "الإخواني" الأممي الذي ظهر بعد الثورات العربية، إن فشل حكم "الإخوان" في مصر، أو حتى تعثّره، وظهوره كديكتاتورية دينية سيكون له تداعيات تشبه تداعيات مقتل السفير الأميركي في ليبيا، حيث سيعيد الأميركيون تقييم سياساتهم في المنطقة، ويعيدون النظر في الدعم الذي يقدمونه لهم، ما يؤدي إلى ترجيح كفة الحل السياسي مع النظام في سورية، وعودة تركيا إلى حجمها الطبيعي، وعودة حماس إلى حضن إيران، ومزيد من الضغوط على الحكم الجديد في تونس وغيرها..

انطلاقاً من كل ذلك، وانسجاماً مع سياساتهم البراغماتية، لا يبدو أن هناك حلاً أمام الرئيس مرسي وجماعة "الإخوان" إلا إعادة النظر في السياسة التي ينتهجونها، والقبول بمبدأ التعددية في مصر، والتوقف عن التعويل على الدعم الخارجي، وذلك لأن استمرارهم في محاولة الاستئثار قد يؤدي إلى أحد الأمرين السابقيْن أو كليهما معاً.

ليلى نقولا الرحباني

nad-ali
02-12-2012, 04:38 PM
http://neurobonkers.com/wp-*******/uploads/2010/07/independent1.jpg

قطر تدخل مرحلة العزلة الدولية

http://static.guim.co.uk/sys-images/Guardian/Pix/pictures/2011/11/12/1321106274157/Qatari-prime-minister-She-007.jpg

تحت عنوان “قطر تنسحب من العالم العربي الجديد والمرحلة العالمية” بدأت صحيفة (إندبندنت) البريطانية تحليل نظرة قطر للعالم من حولها، وكيفية تعاملها مع العالم العربي الجديد، وتأثير ذلك على علاقتها الوثيقة بأمريكا.
وقالت الصحيفة: لسنوات كانت قطر، الإمارة الصغيرة الغنية بالنفط، شريكا وثيقا للولايات المتحدة في الشرق الأوسط – كمضيفة لأكبر قاعدة عسكرية أمريكية في المنطقة وحصنا دبلوماسيا ضد إيران- وساندت سقوط الحكام المستبدين في ليبيا وسوريا.
وبعد عامين من بداية الربيع العربي، تشوشت وتذبذبت سمعة قطر كشريك الولايات المتحدة – ودور الوسيط المحايد في المنطقة – على نحو متزايد، حيث إن تمويل جيل جديد من الإسلاميين في مختلف أنحاء الشرق الأوسط أثار تساؤلات حول رؤيتها للمنطقة، وعما إذا كانت بعض سياساته بدأت تتخذ شكل الصراع المباشر مع مصالح الولايات المتحدة.
ورأت الصحيفة أن هذه الأسئلة معقدة وصعب الإجابة عليها بسبب حرص قطر على الاحتفاظ بنفوذ في الغرب، وظهر ذلك من خلال تأمين قطر لمكانة الجامعات الغربية ومراكز البحوث، بما في ذلك جامعة جورج تاون ومعهد بروكينجز، على أرضها للمساعدة في إثراء وجهات النظر الغربية حول مستقبل المنطقة ودور قطر في ذلك.
وعند سؤال بعض المراقبين، “ماذا تمثل قطر بالضبط؟!”، قال دبلوماسي عربي بارز الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، “أعتقد أن هذا أمر يشوبه العديد من الألغاز، ولكن الحكومة القطرية على علاقات وثيقة مع دول الخليج الفارسي.
واستطردت الصحيفة تحليلها قائلة: سعت قطر طويلا لرسم صورة لنفسها باعتبارها دولة تهتم في خدمة الصالح العام، وكجزء من هذا الجهد، استثمرت مئات الملايين من الدولارات في جهود السلام في دارفور والسودان واستضافة المتمردين المسلحين واللاجئين وزعماء القبائل في الفنادق الفخمة في الدوحة لإجراء محادثات. وفي لبنان، اكتسبت قطر استحسان دولي لوساطتها الماهرة، والتي عززت حكومة وطنية تضم حزب الله الموالي لإيران والحركة المؤيدة للغرب.
وأضافت الصحيفة قائلة: إن قطر لديها علاقة غامضة مع إيران، حيث وقعت اتفاقية دفاع عسكري مع طهران عام 2010 والحفاظ على علاقات وثيقة مع وكلائها التقليديين وحماس وحزب الله. وفي الآونة الأخيرة، عملت قطر على تفقد النفوذ الإيراني، ودعمت عسكريا الإطاحة بأقرب حلفائها، سوريا.
وقال “إبراهيم جمباري”، دبلوماسي نيجيري سابق سافر إلى الدوحة أكثر من اثنتي عشرة مرة خلال مفاوضات السلام حول دارفور: “ان قطر تريد أن ينظر إليها على أنها لاعب كبير مهم وأن تكون موضع احترام وعلى استعداد لإحلال السلام في البلاد الأخرى، ولكن هذا الأمر يبدو مهمة حساسة وصعبة للغاية، حيث أن طريقة قطر للتتعامل مع هذه الأمور يعتمد على دفتر الشيكات الدبلوماسي”.
ولكن المحللين يقولون ان البلاد قد فقدت بعضا من مصداقيتها كوسيط نزيه من خلال دعمها للاعبين محددين في الربيع العربي.
ففي ليبيا، على سبيل المثال، كانت قطر من أوائل الدول التي وفرت الطائرات الحربية لحلف شمال الاطلسي ضد العقيد الراحل “معمر القذافي”، ولكنها بالغت بعد سقوط القذافي في دعمها للفصائل الإسلامية من أجل رعاية حكومة البلاد الانتقالية.
وقال “إبراهيم الدباشي”، السفير الليبي لدى الأمم المتحدة: “إن قطر كانت تدعم جماعات معينة في ليبيا، ولكن، هذه المجموعات لم تحظ بأي دعم شعبي على أرض الواقع …. والفصيل الرئيسي الذي كان مدعوما من قبلهم لم يحصل على أي مقاعد في الجمعية الوطنية، واعتقد ان الليبيين حساسون جدا للتدخلات الخارجية في شؤونهم، وأعتقد أن القطريين استوعبوا ذلك الآن”.

http://b.vimeocdn.com/ps/325/704/3257040_300.jpg

nad-ali
02-12-2012, 04:47 PM
بعد ان امتنع السلفيون حصد اخواننا الشيعة 17 مقعد في مجلس الامة الكويتي وابرزهم عبد الحميد دشتي وخالد الشطي المحامي المعروف وصاحب المقولة عن تسريحة فيصل الشيخ ومعصومة مبارك وعبد الصمد وعاشور والقلاف والدويسان الذي اصبح شيعيا وزلزلة والمطوع وثمة صور في صحيفة القبس تبين الفرحة للطائفة الشيعية وهم يحملون الفائزين

kumait
03-12-2012, 12:42 AM
اللهم صل على محمد وآل محمد
وأنصر وبارك مواليهم في كل مكان
وأبعد عنهم شر كل من ارادهم بسوء

مجلس... «الصوت الواحد»

الشيعة حصدوا ثلث عدد المقاعد... 8 في «الأولى» و3 في «الثانية» و2 في «الثالثة» و1 في «الرابعة» و3 في «الخامسة»

لم تشأ انتخابات الصوت الواحد ان تكون عادية، وكأنها أبت إلا أن تحاكي ظروف ماقبلها على الساحة السياسية المحلية.

رهان مقابل رهان، فكانت المفاجآت. المرشحون الشيعة فازوا في كل الدوائر، وشكلوا ما يزيد قليلا على ثلث المجلس الجديد، فيما كان للأقليات نصيب لا سيما في الدائرة الخامسة، أما العلامة الفارقة فكانت مجلس أمة بلا مطران أو عوازم.

ومع الوجوه الجديدة التي تتأهب لدخول قاعة عبدالله السالم،استعادت المرأة «صوتها الناعم» تحت القبة، بوجه قديم وآخرين حديثي العهد بالكرسي الأخضر.

وحصد الشيعة في الدائرة الأولى ثمانية مقاعد بفوز كل من فيصل الدويسان وعدنان عبدالصمد والدكتور يوسف الزلزلة والدكتورة معصومة المبارك وعبدالحميد دشتي وصالح عاشور وحسين القلاف وخالد الشطي.

وفاز المرشحون الشيعة بثلاثة مقاعد في الدائرة الثانية بفوز كل من عدنان المطوع وأحمد لاري وخليل الصالح، فيما اخترقواالدائرة الثالثة بمقعدين من نصيب خليل عبدالله وهشام البغلي، والدائرة الرابعة بمقعد لمبارك النجادة، وثلاثة مقاعد في الدائرة الخامسة من نصيب عبدالله التميمي وهاني شمس وناصر الشمري.

وحقق السلف فوزا بمقعدين حققه كل من الدكتورعلي العميرفي الدائرة الثالثة وعبدالرحمن الجيران في الدائرة الثانية. وعادت المرأة الى قبة عبدالله السالم بـ «الثلاث» فربحت النائبة والوزيرة السابقة الدكتورة معصومة المبارك مقعدا في الدائرة الاولى، فيما كان المقعد الثاني من نصيب صفاء الهاشم عن الدائرة الثالثة، وفازت ذكرى الرشيدي بالمركز النسائي الثالث عن الدائرة الرابعة.

وفازت قبيلة عنزة بمقعدين احتلهما كل من خلف دميثير في الدائرةالثانية وعسكر العنزي في «الرابعة»، في حين حققت قبيلة الرشايدة قصب السبق في الدائرة الرابعة بخمسة مقاعد من نصيب سعد الخنفور ومبارك الخرينج وذكرى الرشيدي ومحمد الرشيدي وعلي الرشيدي.

وباعلان نتائج الانتخابات، فإن من المقررأن تقدم الحكومة استقالتها اليوم الى الأمير تمهيدا لتشكيل حكومة جديدة تتواكب والمجلس الجديد الذي بدوره يتهيأ لعقد اجتماعات متلاحقة بين أعضائه للتنسيق والتشاور حول خوض المنافسة على مناصب الرئيس ونائبه وأمين السر والمراقب وعضوية اللجان.

فمن سيكون الرئيس الجديد للمجلس الجديد؟

وعلى السؤال أجاب النائبان المنتخبان علي الراشد وأحمد المليفي معلنين خوضهما السباق الى منصب الرئيس، وشاطرهما في ذلك الدكتورعلي العميرالذي قال ان الاحتمالات مفتوحة للترشح الى المنصب، في حين بدأ السباق الى منصب نائب الرئيس بإعلان من عدنان عبد الصمد ومبارك الخرينج.

nad-ali
03-12-2012, 11:02 PM
في حين يرفعون من التهديد والوعيد، فهم يستجدون التسوية في كثير من الملفات العالقة التي تهم الغرب الأناني واللا إنساني!

أميركا مستعدة لإجراء محادثات ثنائية مع إيران إذا كانت «مستعدة»

واشنطن - رويترز
قالت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون إن الولايات المتحدة مستعدة لإجراء محادثات ثنائية بشأن البرنامج النووي الإيراني إذا كانت طهران «مستعدة دائماً».
وفي رد على سؤال وصفت كلينتون إيران بأنها أصعب قضية تعاملت معها كوزيرة للخارجية «بسبب الأخطار التي يمثلها سلوكها بالفعل والخطر الأكبر الذي ستشكله إيران المسلحة نوويّاً».
وفي حديث أمام مجموعة من المسئولين والخبراء والدبلوماسيين من الولايات المتحدة والشرق الأوسط؛ شددت كلينتون على أن إدارة الرئيس باراك أوباما مستعدة لإجراء محادثات ثنائية مع إيران.
وقالت كلينتون إنه بالنسبة للوقت الحالي؛ فإن واشنطن تعمل مع أعضاء ما يسمى بمجموعة (5+1) للقوى الكبرى وهي بريطانيا والصين وفرنسا وألمانيا وروسيا والولايات المتحدة لاستئناف المحادثات مع إيران بشأن برنامجها النووي. من جانب آخر، قالت الشرطة الإيرانية أمس إن رئيس وحدة شرطة الإنترنت بطهران عزل من منصبه بسبب وفاة مدون إيراني أثناء احتجازه ما أدى إلى موجة من الإدانات الدولية وأثار دعوات إيرانية لإجراء تحقيق رسمي.
وقال بيان نشر على الموقع الرسمي للشرطة الإيرانية إن قائد وحدة الإنترنت بشرطة طهران عزل بسبب «أوجه الفشل والقصور في الإشراف بكفاءة على أفراد تحت إدارته». وقالت قناة تلفزيون «برس» الإيرانية الناطقة بالإنجليزية ووكالة أنباء «مهر» شبه الرسمية إن القائد المعزول هو محمد حسن شكريان.
وفي السياق نفسه طالبت الولايات المتحدة إيران بالإفراج عن داعية حقوق الإنسان المسجونة نسرين سوتوده والتي قالت إنها مضربة عن الطعام منذ أكثر من ستة أسابيع، وانتقدت بشدة السلطات الإيرانية لأسلوب معاملتها المحامية البالغ عمرها 49 عاماً. وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية فيكتوريا نولاند إن التدهور السريع في صحة سوتوده مقلق للغاية وإنها حرمت من الرعاية الطبية واحتجزت في حبس انفرادي.

http://alwasatnews.com/mobile/news-720081.html

kumait
05-12-2012, 04:04 PM
من العراق الى ايران: حصار الانسان واستهداف الانسانية

الطفل الايراني منوتشر اسماعيلي الذي لم يتجاوز الخامسة عشرة من العمر توفي الاسبوع الماضي ليكون اول ضحية للحصار الاقتصادي المفروض من الغربيين على الجمهورية الاسلامية. وعلى مدى الاسابيع الاخيرة سعت عائلته للحصول على الادوية المطلوب لعلاجه، ولكن بدون جدوى. فبرغم ان الحصار لا يشمل الادوية الا ان الشركات الغربية تمتنع عن التعامل التجاري مع ايران خشية معاقبتها من قبل حكوماتها، بالاضافة لصعوبة التحويلات المالية.

فالحصار المفروض على المصرف المركزي الايراني يجعل تمويل الصفقات التجارية شبه مستحيل. اما الفتاة عاطفة اللهياري (جار الله) فقد سعت هي الاخرى لانقاذ حياة اخيها المصاب بالسرطان، فكانت تبدأ يومها الساعة الرابعة والنصف صباحا لتنتظم في الطابور امام صيدلية '13 آبان' وسط العاصمة طهران، لعلها تحصل عقار (باكليتاكسل) لعلاج السرطان الذي اصيب به اخوها الاصغر، ولكن مسؤول الصيدلية كان يقول لها كل يوم: لم يصل الدواء حتى الآن. وما هي الا ايام حتى التحق الشاب بربه. وهكذا بدأت قافلة ضحايا الحصار الغربي تسجل اسماءهم يوميا، حتى لكأن ايران اليوم بدأت المشوار الذي بدأه العراق بعد حرب الكويت. يومها وقف العالم صامتا امام القتل الجماعي الذي عانى منه ذلك البلد، حتى لكأن الضمير الانساني قد حكم عليه بالاعدام. وبفرض العقوبات الحالية على ايران يبدو ان السجال حول حقوق الانسان والمواثيق الدولية التي تحرم قتل الناس ليس سوى وسائل للتخدير، لان العمل بمقتضياتها يتعارض مع مصالح الدول الغربية.

ويمكن القول ان ما حصل في العراق على مدى 14 عاما لم يكن له نظير في التاريخ الانساني المعاصر. فحتى العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة الامريكية على كوبا منذ الخمسينات لم تكن بهذه الصرامة.

فهل نسيت الذاكرة الانسانية معاناة شعب العراق خلال سنوات الحصار ولما يمض عليها سوى اقل من عقد ونصف؟

ام ان السياسة الغربية تقتضي طي صفحتها وازالتها من الذاكرة ومن سجلات الجرائم ضد الانسانية لكي لا يعاقب مرتكبوها وفقا للقانون الدولي. ومع اقتراب اليوم العالمي لحقوق الانسان الذي يصادف العاشر من ديسمبر يطرح تساؤل حول جدوى تلك المواثيق والاتفاقات. فاذا كان العالم مستعدا لمقاضاة الرئيس السوداني بسبب مشكلة دارفور ولا يلتفت لمقولة 'الحصانة الدبلوماسية'، فكيف يتغاضى هذا العالم عمن ساهمبشكل مباشر في خنق العراقيين حتى الموت. لم يكن ذلك سرا، ولم تنحصر فترته بساعات اوايام او شهور بل امتد طوال الفترة المذكورة، وكتبت حوله تحقيقات ودراسات كثيرة. معذلك كان زعماء امريكا وبريطانيا قادرين على إحكام الحصار بدون رحمة.

ولما وعى بعض الاطراف الدولية بحجم الكارثة الانسانية امتنع عن التصديق على قرار الحرب الذي اتخذته امريكا وبريطانيا قبل عشرة اعوام ضد العراق. ومع ذلك قامت الحرب الشرسة التي اسقطت نظام بغداد. والرئيس الامريكي الذي اتخذ قرار الحرب، وكان قبلها شريكا في الحصار المفروض على ذلك البلد، هو نفسه الذي أكد في مذكراته انه اعطى الاوامر بممارسة التعذيب بحق سجناء غوانتنامو، وانه أقر استخدام طريقة 'الايهام بالغرق' التي تعتبرها المنظمات الحقوقية الدولية تعذيبا واضحا. وبعد صدور كتابه، ظهر الرئيس بوش على شاشة التلفزيون وكرر ما ذكره في الكتاب وانه شخصيا أقر استخدام ذلك التعذيب. ولم يتخذ اي اجراء دولي ضده برغم اعترافه العلني باقرار ممارسة التعذيب.

واليوم، يتكرر تطبيق نسخة مماثلة جدا للحصار الذي فرض على العراق. ضحيتها هذه المرة الشعب الايراني الذي بدأ يمر بمعاناة لا تختلف كثيرا عما عاناه العراقيون. العالم يعرف ما جرى آنذاك، ولا يحتاج الى ذكاء كبير ليستنتج ان فرض الحصار على ايران سوف يؤدي الى نتائج مماثلة لما حصل في العراق. بدأ الحصارالاقتصادي على بغداد بسرعة ملفتة للنظر، ففي 6 اغسطس 1990 فرض ذلك الحصار، اي بعداربعة ايام من اجتياح الكويت، واستمر حتى اسقاط نظام صدام حسين في العام 2003 نتيجةالحرب التي شنها التحالف الانكلو امريكي ضد العراق. تقول الاحصاءات المتوفرة ان عدد الاطفال الذين توفوا كنتيجة مباشرة لفرض الحصار يتراوح ما بين 100 الف ونصف مليون،وهو رقم مرعب جدا. يضاف الى ذلك الامراض التي نجمت عن ذلك الحصار نتيجة سوء التغذية وعدم توفر مستلزمات العناية الصحية والغذائية. وتضاعفت المعاناة بعد الحرب بسبب الاستخدام المكثف للبلوتونيوم المنضب الذي استخدم لصنع ذخيرة المدافع والقنابل التي تقذفها الطائرات. ويعاني العراقيون اليوم من تشوهات غير مسبوقة للاطفال حديثي الولادة. وقد أشارت دائرة صحة محافظة واسط الى أن هناك ظاهرة منتشرة في السنوات الاخيرة في واسط وهي التشوهات الولادية بسبب الحروب التي تعرض لها البلد وانتشرت بسببها المواد المشعة، وكذلك التلوث البيئي والاستخدام غير المنظم للعلاج. وتقول الدكتورة ابتهال الأخصائية في توليد النساء أن حالات التشوه موجودة في داخل مستشفى البتول بأعمار مختلفة بين 3 أشهر الى سنة من العمر والبعض من هذه الحالات قد توفي. بعض هذه الحالات غريب ونادر، بينما البعض الآخر منها عادي وبسيط. ومن هذه الحالات مواليد بجسد محترق ورأس كبير وأنف في جانب الرأس. وتضيف ان المستشفى في عام2011 سجل 54 حالة في سجلاته، أما في سنة 2012 فهناك حتى الآن 43 حالة البعض منها يتوفى بعد ساعة من الولادة و البعض الاخر يبقى ليعاني من هذا التشويه طوال عمره.

اماالدراسة التي قدمتها جامعة ميتشغن الأميركية فأكدت ارتفاع نسبة التشوهات الخلقية في محافظة البصرة الى 12 حالة تشوه لكل ألف ولادة مقارنة بـ 1.3 تشوه ولادي لكل ألفعام 1994 . وأشارت الدراسة إلى أن 'معدل تشوهات الدماغ في البصرة بلغت ستة أضعاف ماهو موجود في كاليفورنيا الأمريكية، على الرغم من أن 'عدد نفوس كاليفورنيا يفوق عدد سكان البصرة إذ يبلغ نحو 34 مليونا، فيما لا يتجاوز عدد نفوس البصرة حاجزالمليونين'. وهناك دراسات أجريت على 5000 عائلة في مدينة الفلوجة بينت أن هناك معدلات مقلقة للإصابة بالسرطان والتشوهات الخلقية ، وأن معدل الوفيات بين الأطفال بعمر سنة واحدة أو أقل قد وصل إلى 80 حالة وفاة في الألف'.

في العام 1996 سئلت وزيرة الخارجية الامريكية آنذاك، مادلين اولبرايت، في برنامج 'ستون دقيقة' عن آثارالحصار الامريكي على العراق وما اذا كان بالامكان تبرير موت البشر نتيجة ذلك. فكان جوابها: 'اعتقد انه خيار صعب، ولكن الثمن (وفاة الاطفال والمرضى)، كما نعتقد، يستحق ذلك'. هذا الثمن الباهظ لم يحاسب اي ممن فرضوا العقوبات على العراق بشأنه بعد سقوط النظام العراقي وانكشاف حقيقة ان العراق لم يكن يمتلك اسلحة الدمار الشامل. مئات الآلاف من البشر قتلوا بسبب 'الشك' و 'الظن' لدى المسؤولين في واشنطن ولندن. واليوم يتكرر الامر نفسه مع ايران لان الساسة في واشنطن ولندن 'يظنون' ان ايران قد تسعى لانتاج السلاح النووي، او 'يشكون' في النوايا الايرانية من وراء البرنامج النووي. مع العلم ان ايران (وليس الكيان الاسرائيلي) وقعت اتفاقية الحد من انتشار الاسلحة النووية، وانها (وليس تل أبيب) تسمح بشكل منتظم للمفتشين الدوليين بزيارة منشآتها النووية. واذا لم يحرك العالم اليوم ساكنا لالغاء الحصار فسوف تتكرر الكارثة الانسانية التي حلت بالعراق، وسيمنى الضمير الانساني بانتكاسة جديدة لا تقل خطرا.

الهدف الرئيسي الذي طرح في بداية الامر لذلك الحصار، تنفيذا لقرار مجلس الامن الدولي رقم 661 هو 'اجبار العراق على الانسحاب من الكويت دفع ودفع التعويضات والقضاء على اسلحة الدمار الشامل'. وقامت الامم المتحدة بتنفيذ القرار 661. ولكن بعد نهاية حرب الكويت تم توسيع دائرة الحصار وربطه بازالة اسلحة الدمار الشامل. ومنع الحصار التبادل التجاري ما عدا في مجال الدواء والغذاء. ولكن بعد سقوط النظام لم يتم العثور على اي من اسلحة الدمار الشامل التي طبق الحصار بسببها اثني عشر عاما اضافية. لقد كانت جريمة ضد الانسانية بدون حدود، ولكن في عالم محكوم بقوى الشروالهيمنة اصبحت حياة الانسان اقل شأنا من المصالح المادية لهذه القوى، ولا مجال للحديث عن الاخلاق او القيم. بل ان من يمعن في ما يطرح من مفاهيم وثقافة حول 'حقوق الانسان' و 'الحرية' و'الديمقراطية' يكتشف ببساطة انها لم تعد سوى وسائل للتخدير منجهة وتقنين الهيمنة من جهة ثانية، والقضاء على اية مقاومة جادة للقوى الشريرة التي تمارس الاحتلال وتدعم الاستبداد وتسلب ثروات الشعوب وتصادر حقوقها الطبيعية في صياغة انماط حياتها.

وفي ضوء التجربة المرة التي مرت بالشعب العراقي وما تعرض لهمن حصار كان تجسيدا لقيم الشر وانعدام الانسانية او الاخلاق، اصبح من الضرورة بمكان، لدى من يملك ضميرا حيا او انسانية فاعلة، او اهتماما بقيمة حياة البشروكرامة الانسان، ان يتخذ موقفا مضادا للعقوبات المترتبة على الحصار.

هذه المرة تجاوز الحصار كافة الحدود، فحتى لو ذهب المرء لفتح حساب تجاري باحد المصارف فعليه توقيع تعهد بان لا يتعامل تجاريا او ماليا مع ايران، ويتحول الموظف في البنك المسؤول عن فتح الحساب الى محقق مع الشخص المتقدم لفتح الحساب، خصوصا اذا كان هذاالشخص من منطقة الشرق الاوسط.

وبعد ثلاث جولات من العقوبات، يتدبر الكونغرس الامريكي حزمة اخرى من العقوبات التي يناقشها مجلس الشيوخ، لفرضها على ايران. وتشمل العقوبات المزمع تطبيقها قريبا مجال الطاقة والموانئ وصناعة السفن. كما يشمل رصد حركة الذهب بين تركيا وايران بدعوى ان تجارة الذهب ساعدت طهران على ادارة اقتصادها برغم العقوبات الاقتصادية الصارمة. وهذه هي المرة الثالثة خلال عام واحد التي يحاول الكونغرس الامريكي فيها منع وصول الاموال الى نظام الحكم في طهران. تطبيق العقوبات يهدف لكسر ارادة ايران في المجال النووي الذي استثمرت فيه كثيرا.

وبرغمالاعتراف بان تلك العقوبات ساهمت في تبطئة حركة المشروع، يقول روبر منندز، عضو مجلس الشيوخ عن الحزب الديمقراطي: 'لقد تأثر الاقتصاد الايراني سلبا بهذه العقوبات من قبل الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي' مضيفا: 'ان رسالتنا واضحة وان الشباك (الذي ينفذ منه هواء التنفس) يغلق تدريجيا. لقد انتهى وقت الانتظار. علينا فعل شيءما '. وقال السناتور عن الحزب الجمهوري، مارك كيرك : ان علينا مسؤولية عمل كل ما في وسعنا لفرض ضغط مدمر على الحكومة الايرانية، وان تمرير هذه العقوبات ضرورة لانجاح ذلك الجهد'.

مهما كانت مبررات الحصار فقد بدأ يتحول الى كارثة انسانية شبيهة بماجرى في العراق. فمنع التعامل مع البنك المركزي الايراني ادى الى توقف وصول عائداتبيع النفط ، وتوقفت بذلك كافة اشكال التبادل التجاري مع العالم بما في ذلك استيراد الادوية والمعدات الطبية. وفي شهر يوليو الماضي كان الاحتياطي الايراني من العملات الاجنبية يقدر بـ 150 مليار دولار، بينما تراجع هذا المخزون الى 110 مليارات في غضون اربعة شهور، اي انه يتناقص بمعدل عشرة مليارات شهريا. وهذا يعني انه سينفذ تماما في غضون عام واحد، بينما تراجعت العملة الايرانية الى نصف قيمتها قبل بدءالحصار.

وذكرت مصادر اعلامية ان ما تملكه ايران من الدواء لا يكفي لاكثر من مائة يوم فقط. ومع ان الحكومة شجعت الانتاج المحلي من الادوية فان صعوبة استيراد بعض المواد اللازمة للتصنيع يعني عدم امكان التصنيع الكامل بما يلبي احتياج المواطنين. ومن اكثر المتضررين من نقص الدواء مرضى الدم والثالاسيميا ونقص الدم وانواع عديدة من السرطان. يضاف الى ذلك ان الحصار يمنع المرضى الذين يحتاجون لعلاج خارج بلادهم من السفر نظرا لعدم توفر الاموال من جهة واستحالة تحويل العملة، حتى لو توفرت، بسبب الحصار المفروض على البنك المركزي.

وقد تعددت في الفترة الاخيرة التقاريرالاعلامية التي تبثها وكالات الانباء الدولية مثل رويترز وهيئة الاذاعة البريطانية حول تداعي الاوضاع الصحية في المدن والارياف الايرانية نتيجة قلة الدواء وتداعي الرعاية الصحية. فاذا سمح للوبي الصهيوني بتكرار نجاحه في فرض العقوبات على العراق قبل 23 عاما، فان التاريخ سيعيد نفسه، ولكن هذه المرة بقرار دولي ووعي الجيل الحاضربالكارثة الانسانية التي حلت بالعراق، وسيكون الجميع شركاء في جريمة القتل الجماعي التي اودت بحياة مئات الآلاف العراقيين، اغلبهم من الاطفال، وادت الى آلاف التشوهات والامراض والسرطانات.

هذه المرة تعاقب ايران، ليس بسبب افعال قامت بها، بل بتهم توجه اليها بانها 'تنوي' تصنيع اسلحة نووية، المحاكمة والادانة وتنفيذ العقوبة، تأتي هذه المرة على النوايا وما يختلج في النفس، وليس على جرائم ارتكبت، بينما يفلت من العقاب مرتكبو جرائم التعذيب في غوانتنامو وابوغريب وقاعدة بغرام والسجون السرية في ثلاثين بلدا حليفا لامريكا، وكذلك قتلة الفلسطينيين الذين امطروا غزة بالحمم والقنابل بدون رحمة.

د. سعيد الشهابي كاتب وصحافي بحريني يقيم في لندن

kumait
11-12-2012, 02:36 AM
الألبان يحتفلون بمئوية استقلالهم وينقسمون على تاريخهم
محمد م. الأرناؤوط

على رغم أن ألبانيا تحتفل كل عام في 28 تشرين الثاني (نوفمبر) بـ «يوم الاستقلال» إلا أن الاحتفال هذا العام يبدو مختلفاً ليس لأنه يتزامن مع الذكرى المئوية (1912-2012) بل لأنه يتوّج ما يحلو للبعض أن يسمّيه «قرن الالبان» نظراً لما تحقق لهم خلال السنوات الاخيرة نتيجة للتطورات الاقليمية والدولية.

ففي 28 تشرين الثاني 1912 اجتمعت شخصيات وطنية ألبانية في مدينة فلورا الساحلية لتعلن «استقلال ألبانيا» عن الدولة العثمانية في الوقت الذي لم يعد هناك وجود للدولة العثمانية نظراً لأن معظم الاراضي الالبانية كانت تحت سيطرة جيوش صربيا والجبل الاسود واليونان التي كانت قد أعلنت في تشرين الاول (اكتوبر) 1912 الحرب على الدولة العثمانية بتأييد سري ثم علني من روسيا القيصرية. ونظراً لأن انتصار حلفاء روسيا كان يعني رسم خريطة جيوسياسية جديدة تهدد مصالح النمسا وألمانيا وايطاليا في الشرق فقد توترت العلاقات الاوربية ووصلت الى حافة الحرب بسبب «ألبانيا».

كانت «ألبانيا» أو «بلاد الالبان» حتى ذلك الحين مفهوماً جغرافياً غير محدد المعالم لأن الألبان خلال الحكم العثماني الطويل (حوالى 500 سنة) توزعوا على أربع ولايات متجاورة (شكودرا وكوسوفا ومناستير ويانينا) كانو يشكّلون فيها الغالبية اضافة الى الصرب والبلغار واليونان الخ... ومع نمو الحركات القومية في البلقان ونشوء الدول القومية (اليونان وصربيا والجبل الاسود) تبلورت الحركة القومية عند الالبان بالاستناد الى اللغة والثقافة وليس الدين (غالبية مسلمة وأقلية مسيحية) في 1878 لتطالب بتوحيد الولايات الاربع في ولاية واحدة تتمتع بالحكم الذاتي ضمن الدولة العثمانية. وفي هذا السياق كان أهم انجاز للألبان اتفاق غالبيتهم في «مؤتمر مناستير» 1908 على تبني أبجدية واحدة (لاتينية عوضاً عن العربية) للغة الالبانية أصبحت توحدهم ثقافياً على الاقل.

ولكن اسطنبول لم تستجب الى ذلك على رغم المطالبات والانتفاضات الالبانية المتواصلة حتى 1912 حين جاءت الحرب البلقانية لتنهي الحكم العثماني في غرب البلقان وتضع الالبان في المجهول. ومن هنا كان سبب الخلاف بين القوى الاوربية الكبرى الذي كاد يوصل الى حرب بينها يدور حول الاعتراف باستقلال «البانيا» والاتفاق على حدود هذا الكيان السياسي الجديد. فقد كانت روسيا ومعها حليفاتها في البلقان لا تريد أن تكون هناك «تركيا أخرى» (دولة ألبانية بغالبية مسلمة)، بينما كانت النمسا والمانيا وايطاليا تؤيد تشكيل دولة ألبانية مستقلة لتكون حاجزاً أمام وصول روسيا وصربيا الى البحر الادرياتيكي. ومع انعقاد «مؤتمر لندن» في كانون الاول (ديسمبر) 1913 أثمرت الضغوط والضغوط المضادة عن حل وسط أو نصف حل: نعم لدولة البانية مستقلة ولكن بحدود مصغرة لم تشمل سوى نصف الالبان، بينما ذهب النصف الآخر (كوسوفو ومكدونيا الغربية وتشامريا) الى صربيا واليونان. ومع هذا الحل الوسط أمكن تفادى حرب أوروبية وأمكن لوزير خارجية بريطانيا ادوار غراي أن يصرح في مجلس العموم أن ما تحقق كان «لأجل الحفاظ على السلم في أوروبا».

ترسيم حدود «ألبانيا» استغرق طيلة 1913، وفي ذلك الحين توافقت القوى الكبرى على ترشيح النبيل الالماني ولهلم فون فيد لحكم أول دولة أوربية بغالبية مسلمة (70 في المئة مسلمون و20 في المئة اورثوذكس و10 في المئة كاثوليك) ، إلا أن وصوله تأخر حتى آذار (مارس) 1914 ولم يبق فيها سوى عدة شهور لانه عاد الى ألمانيا بعد اندلاع الحرب العالمية الاولى واحتلال النمسا لصربيا وألبانيا معاً. وبعد الاحتلال النمسوي جاء الاحتلال الايطالي ثم مقاومة الالبان لذلك في 1920 الى أن قرر «مؤتمر السفراء» في باريس (الذي تابع أعمال مؤتمر الصلح) الاعتراف باستقلال ألبانيا في حدودها الحالية وقبولها في عصبة الامم في كانون الاول 1920 .

في فترة الاستقلال برزت أولاً شخصية أحمد زوغو الذي حكم ألبانيا خلال 1922 - 1939 رئيساً للحكومة ثم رئيساً للجمهورية وأخيراً «ملك الالبان»، الذي كان معجباً بمصطفى كمال أتاتورك وتنافس معه في التخلص من كل ماهو شرقي وتبنّي كل ماهو غربي. لكن زوغو فوجئ في نيسان (ابريل) 1939 بايطاليا تغزو بلاده وتضمها بعد الحبشة الى الامبراطورية التي أنشأها موسوليني، وهو ما فجّر المقاومة المسلحة في البلاد التي تطورت في 1943-1944 الى حرب أهلية بين اليمين واليسار. وفي نهاية الحرب تمكّنت القوات التابعة للحزب الشيوعي الالباني بقيادة أنور خوجا أن تحسم الوضع لصالحها وأن تلغي الملكية وتعلن ألبانيا «جمهورية شعبية».

وكما أن زوغو بقي مرادفاً لألبانيا حتى الحرب العالمية الثانية فقد أصبح أنور خوجا مرادفاً لألبانيا بعد الحرب العالمية الثانية الى أن توفي في 1985. وخلال تلك العقود اشتهرت ألبانيا بتطرفها الايديولوجي ، حيث انها انضمت الى الصين في مقاومة النهج السوفياتي الجديد (التعايش السلمي) وتجاوزت الصين في «الثورة الثقافية» عام 1967 لتعلن «إلغاء الدين» وإغلاق كل الجوامع والكنائس في البلاد لتبقى «الممثلة الوحيدة للماركسية اللينينية» بعد تخلص الصين من التركة الماوية.

بعد وفاة أنور خوجا بدأ «ربيع» أوربا الشرقية الذي وصل الى ألبانيا متأخراً في 1990 لينهي احتكار الحزب الشيوعي للحكم و يسمح بتأسيس أحزاب ديموقراطية جديدة كان أولها «الحزب الديموقراطي» الذي برز على رأسه صالح بريشا. وربما يمكن القول أن اسم بريشا هو الثالث الذي ارتبط به تاريخ ألبانيا بعد الاستقلال حيث أنه كان أول رئيس غير شيوعي لألبانيا خلال 1992-1997 ورمز الانتقال بألبانيا من الشيوعية الى الديموقراطية. وبعد تحول ألبانيا من نظام رئاسي الى نظام برلماني عاد الى الحكم ثانية كرئيس للحكومة في 2005 و فاز في 2009 بفترة ثانية، وهو يستعد منذ الان لانتخابات 2013 المهمة بالنسبة لعضوية ألبانيا في الاتحاد الاوروبي.

خلال هذه السنوات عرفت ألبانيا ازدهاراً اقتصادياً تخطى 3 في المئة في 2011 بفضل تطور السياحة واندماجاً في المنظمات الاوربية الاطلسية، حيث انها انضمت الى حلف شمال الاطلسي في 2008 وتقدمت حينها بطلب للانضمام الى الاتحاد الاوربي. وربما ليست مصادفة أن تقرر بروكسيل تقديم مكافأة لألبانيا عشية الاحتفال بالذكرى المئوية لاستقلالها حيث أن لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الاورربي أوصت بمنح ألبانيا وضعية «دولة مرشحة» في 22 تشرين الثاني، وهو الامر الذي يفترض أن يقرّه البرلمان الاوربي في كانون الاول.

الا ان بريشا لن يدخل تاريخ ألبانيا المعاصر باعتباره من قاد البلاد من الشيوعية الى الديموقراطية ومن العزلة الى حلف الاطلسي والاتحاد الاوروبي بل أنه من تجرأ على مراجعة التاريخ الرسمي لالبانيا بعد الاستقلال الذي ساد طيلة الحكم الشيوعى ودعا الى إعادة الاعتبار الى الملك أحمد زوغو، بل انه تبنى مبادرة نقل رفاته من باريس الى تيرانا لتدفن بمراسيم رسمية عشية الاحتفال بالذكرى المئوية للاستقلال.

ولكن هذا الاحتفال قسّم الالبان بين من يتعاطفون مع زوغو وبريشا في الشمال ومع من يؤيدون أنور خوجا ورئيس الحزب الاشتراكي (وريث الحزب الشيوعي) إدي راما في الجنوب. هذا الانقسام لا يتعلق بألبانيا فقط بل أنه يشمل الالبان أيضا في كوسوفا المجاورة التي أصبحت «الدولة الالبانية الثانية» منذ 1999. فقد شاركت رئيسة الجمهورية عاطفة يحيى آغا في مراسيم تشييع رفات الملك أحمد زوغو وكالت المديح له، بينما لم يشارك في ذلك رئيس الحكومة هاشم ثاتشي بل انتقد بشدة نهج الملك زوغو إزاء ألبان كوسوفو. في هذه المناسبة لم يكن الاحتفال يخصّ ألبانيا بل أنه كان احتفالاً للألبان في ألبانيا وكوسوفو ومكدونيا والجبل الاسود وصربيا بـ «قرن الالبان» بعد أن خرج الالبان من عزلتهم وأصبحت لهم دولة ثانية (كوسوفو) وربع دولة ثالثة (مكدونيا) ووجود قوي في جنوب صربيا وجنوب الجبل الاسود.

وعبّر وزير خارجية ألبانيا السابق ورئيس «حزب الاندماج الاشتراكي» إيلير ميتا عن هذه الاجواء في احتفال كبير بمدينة تيتوفو (عاصمة الالبان في مكدونيا الغربية ذات الغالبية الالبانية) بأن «المئة سنة المقبلة ستشهد توحيد الالبان»، وهو الشيء الذي كرّره الاكاديمي الكوسوفي المعروف مارك كراسنيتشي بالقول: «إن ألبانيا ستصبح دولة كل الالبان مهما طال الزمن». إلا أن بريشا يعبّر عن ذلك بواقعية أكثر حين يقول أن «كل الالبان سيتوحدون تحت مظلة الاتحاد الاوروبي»، أي بعد أن يكتمل انضمام دول غرب البلقان الى الاتحاد.

nad-ali
11-12-2012, 03:00 PM
http://www.almanar.com.lb/images/logo.png

خُمس الاسرائيليين تحت خط الفقر

كشفت معطيات جديدة عرضتها مؤسسات الضمان الوطني الصهيونية ان خمس الاسرائيليين تحت خط الفقر وان هذا المعطى الى ازدياد اذا لم تبادر السلطات الى مواجهة هذا الخطر. واظهرت هذه المعطيات ايضا ان "اسرائيل" تعد من الدول التي تحوي العدد الاكبر من الفقراء بين الدول المتقدمة وانها تضم الفوارق الاجتماعية الاكثر اتساعاً.

nad-ali
11-12-2012, 03:00 PM
http://www.manifestosardo.org/wp-*******/uploads/2012/02/il-manifesto-logo.jpg

MANLIO DINUCCI

http://www.areen.info/wp-*******/uploads/2012/12/ciaobama-300x198.jpg

لا يحب الرئيس أوباما الحرب. ليس لأنه حاصل على جائزة نوبل للسلام، بل لأن العمل الأعرج المفتوح يكشف بطاقات الاستراتيجية الأمريكية والمصالح التي تشكل الركيزة لذلك. وكتبت صحيفة واشنطن بوست انه أطلق خطة كبرى، “تعكس تفضيل ادارته التجسس والعمل السري بدلا من استخدام القوة التقليدية”. تتيح هذه الخطة إعادة هيكلة وتحفيز “ديا” (وكالة مخابرات الدفاع)، المركـِّزة حتى الآن على حربيْ أفغانستان والعراق، بصورة يمكن أن تعمل على نطاق عالمي، بوصفها “وكالة تجسس تركز على التهديدات الناشئة، أوثق ارتباطا بالـسي.أي.أي ووحدات النخبة العسكرية”.
ستكون الخطوة الأولى برفع المخطط الهيكلي لـ”ديا” -الذي تضاعف خلال العقد الأخير- بحوالي 16500 عضو. وسيتم تشكيل “جيل جديد من العملاء السريين” تحضيرا لإرسالهم الى الخارج. وتتكفل وكالة المخابرات المركزية “سي.أي.أي” بتدريبهم في مركزها الواقع بولاية فرجينيا، المعروف باسم “المزرعة”، حيث يؤطـَر عملاء سريون: بالنسبة الى اولئك المنضمين الى “ديا”، الذين يشكلون الآن 20٪ من الطلاب، سيتم خلق مناصب جديدة لهم.
ويترجم التعاون المكثف بتزايد بين الوكالتين من خلال حقيقة أن “ديا” قد تبنت بعض الهياكل الداخلية لوكالة الاستخبارات المركزية، بما في ذلك وحدة تسمى “بارسيا هاوس”، التي تنسق العمليات السرية داخل إيران. وسيُجري وكلاء “ديا” الجديدة دورة تخصصية لدى قيادة العمليات الخاصة. وهي متخصصة، بالإضافة إلى القضاء على الأعداء، في “حرب غير تقليدية” أجرتها قوات خارجية مدربة على هذا الغرض، على “التصدي للتمرد” لمساعدة الحكومات الحليفة على قمع تمرد ما، على “العمليات النفسية” للتأثير على الرأي العام، بهدف دعم الإجراءات العسكرية الامريكية.
عند انتهاء التأطير، ستعين وزارة الدفاع الامريكية عملاء “ديا” الجدد، وهم حوالي 1600 عند الانطلاقة، في بعثات في جميع أنحاء العالم. وتتكفل وزارة الخارجية الامريكية بأمر توفير هويات مزيفة لهم، عن طريق توظيف جزء منهم في السفارات. ولكن، بما انها (السفارات) مليئة بعملاء وكالة المخابرات المركزية، فسيقدم لوكلاء “ديا” هويات مزيفة أخرى، كجامعيين أو كرجال أعمال. إن وكلاء “ديا” بفضل خبرتهم العسكرية، أكثر ملاءمة لتجنيد مخبرين قادرين على توفير معلومات ذات طابع عسكري، مثلا، حول الطائرة المقاتلة الصينية الجديدة. يسمح تطور المخطط الهيكلي لـ”ديا” بتوسيع نطاق الأهداف المزمع ضربها بطائرات بدون طيار وبقوات خاصة. انها طريقة جديدة لخوض الحرب، التي تـُعدّ وتدعم هجوما علنيا بواسطة العمل السري، لتلغيم البلد من الداخل، كما فعلوا في ليبيا، أو للإسقاط من الداخل، مثلما يحاولون القيام به في سورية. في هذا الاتجاه تسير إعادة هيكلة “ديا”، التي أطلقها الرئيس أوباما.
ولا يُعرف ما إذا كان المرشح الجدد لرئاسة الوزراء بيير لويجي برساني(1)، الذي يكن تقديرا كبيرا لأوباما، وقد هنأه فعلا. في غضون ذلك، ذهب إلى ليبيا من أجل “التقاط خيط تواجد قوي لإيطاليا في البحر المتوسط”، خيط الحرب على ليبيا، التي شاركت فيها إيطاليا تحت القيادة الامريكية. في حين تمتع، برساني، مستبشرا “مرحى”..

الترجمة من الإيطالية (الى الفرنسية): ماري آنج باتريزيو
تعريب: خالدة مختار بوريجي

مركز عرين للمعلومات

nad-ali
11-12-2012, 03:01 PM
http://www.alqudscenter.org/arabic/images/head1.jpg
مركز القدس للدراسات السياسية

"حملانٌ" في فلسطين و"أسودٌ" في سوريا وليبيا

http://www.gulfissues.net/m_p_folder/main_div/image_kotab/areeb.jpg

عريب الرنتاوي

http://sphotos-a.xx.fbcdn.net/hphotos-ash4/c23.0.403.403/p403x403/302881_164742323671038_891503043_n.jpg

نظرية "العرب الحملان"، هي الامتداد الطبيعي والمنطقي، لنظرية "التوسل والتسول"، كلتاهما صدرتا عن المصدر نفسه: رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري...ودائماً في سياق توصيف الموقف العربي من القضية الفلسطينية والصراع الفلسطيني – الإسرائيلي...ودائماً أيضاً في سياق الترويج للتسويات والصفقات التي تنتقص الحقوق و"تُسفّه" المقاومة والعمل العربي المشترك، من دون أن تندرج يوماً في سياق النهوض والاستنهاض.

العرب "حملانٌ" في فلسطين، هكذا يقول المسؤول القطري، المنزعج بلا شك من اندلاع المواجهة بين إسرائيل والفلسطينيين خشية أن "تغطي" على حربه المعلنة على سوريا، وحربه المُستترة ضد إيران...لكنهم (العرب الحملان) أسود في ليبيا وسوريا..في فلسطين لا سبيل سوى لدراهم معدودات لدعم صمود الفلسطينيين، أما في ليبيا، فإن بمقدور سلاح الجو العربي، الخليجي بخاصة، أن يزأر هناك، وسط أسراب المقاتلات والقاذفات الأطلسية. وينهمر المال والسلاح بغزارة، ومن كل المنافذ الحدودية، البرية منها والبحرية، بل ويُرسل بآلاف الجنود للقتال ضد الديكتاتور، وتحت رايات نشر الديمقراطية وحقوق الإنسان (تصوروا يرعاكم الله).

حملانٌ في فلسطين، وأسود في ليبيا وسوريا، هذه هي الرسالة التي يراد إيصالها للفلسطينيين...لا تعولوا على صواريخ "التنك"، قالها رئيس تحرير الشرق الأوسط، معبراً عن الموقف كما يرتسم في الرياض، وهنا نتساءل عمّا فعلته صفقات القرن والعقد، اليمامة والغراب، وهل كانت فعّالة حتى في مواجهة الحوثيين الحفاة والجوعى في بلاد اليمن السعيد؟.

لا تلتفتوا لتهديد الإخوان المسلمين ووعيدهم، ولا لمناورات محمد مرسي، فهو في "الجيب"، وثمة حدود متواضعة لما يمكن أن يفعله أو يصل إليه...أيها الفلسطينيون، يجب ألا ترفعوا سقف توقعاتكم...ليس لدينا لكم سوى قليل المال، لتضميد الجراح وشراء الأطراف الصناعية، وفي أحسن الحالات، لتمويل "البنية التحتية" للهدنة طويلة الأمد، التي بشّر بها شارون لأول مرة، وأعاد صياغتها نتنياهو في مشروعه للدولة ذات الحدود المؤقتة.

ليس مسموحاً لحماس والمقاومة والشعب الفلسطيني أن ينتشوا بمواجهتهم الباسلة للعدوان الإسرائيلي...ليس مسموحاً لهم أن يتفاءلوا بالتغيير في مصر، وليس مسموحاً لمصر، أن تغادر مربع الضياع والاستتباع، نهوض مصر خطر على هذا المحور الذي لم ينتعش دوره إلا على أنقاض دورها وريادتها، ليس مسموحاً للقاهرة أن تنفض عن نفسها غبار سنوات الركود والاستنقاع الطويلة، ليس مسموحاً لها أن تقترب من الخطوط الحمراء، فمثل هذا الأمرٌ يستدعي الاستنفار..ولقد استنفروا وهرعوا إلى القاهرة، لضمان الانصياع لـ"صوت العقل" و"الحكمة" والتعقل"، التي رسمت سقفاً لمقررات الوزراء العرب في القاهرة، لم تفلح العبارات الرنانة والإنشاء الثوري الجميل، في التغطية على قصور قراراتهم وبؤس نتائجها.
حملانٌ في فلسطين، وأسود في سوريا وليبيا...هنا مطلوب تعميق الانقسام وإنشاء بنية تحتية لإدامته...وهناك يبذل الغالي والنفيس لتوحيد المعارضة، ويستخدم الجزر والعصي بكثافة بالغة للوصول إلى الغاية والمبتغى...هنا تنهمر النصائح والضغوط على عباس للعدول عن الذهاب للأمم المتحدة بحثاً عن الاعتراف، وهناك يجوبون العالم، بكل أدوات الضغط والإغراء التي يملكون، بحثاً عن تأمين الاعتراف بالوليد السوري الجديد في الدوحة.

لن نذهب أبعد من ذلك في التكهن والتخمين، بيد أننا نشتم رائحة كريهة تفوح من بين جنبات "المرابطين" في القاهرة، وهذا التحرك الكثيف صوب التهدئة والهدنة، بأي ثمن، حتى لا أقول بالشروط الإسرائيلية...هنا تزرع بذور "الترتيبات النهائية" لوأد القضية الفلسطينية تحت عنوان التوسل والتسول، فالحملان لا تحرر وطناً ولا تسترد حقوقا، ليس للحملان من مستقبل سوى أن تصبح خرافاً ونعاجا، ليس لها من مكان في أعراف هؤلاء وتقاليدهم الحديثة، خارج موائد "الكبسة" و"المندي" و"الزرب"..فالحذر الحذر.

nad-ali
11-12-2012, 03:06 PM
مخطط استبدال "اسرائيل" بإيران: بداياته وغاياته ومصيره؟



حسين ملاح

منذ اللحظة الاولى لانتصار الثورة الاسلامية في ايران عام 1979، عكفت دوائر الغرب بجناحيه الاميركي والاوروبي مستعينة بدول عربية وخليجية بشكل خاص على وضع مخططات لاستهداف النهج الايراني الجديد ، خاصة مع رفع الثورة الاسلامية بقيادة الامام الخميني (قده) شعار دعم حركات المقاومة في لبنان وفلسطين لاستعادة الحقوق العربية والاسلامية ، وهو ما أربك المشاريع الاميركية المعدة للمنطقة خاصة مع توقيع اتفاقية كامب ديفيد واخراج مصر السادات من معادلة الصراع مع العدو الصهيوني ، ومنذ تلك اللحظة بدأت الغرف السوداء بإعداد العدة لضرب الثورة معتمدين على وسائل شتى من الحرب العسكرية والاستخباراتية وصولاً الى التحريض القومي والمذهبي …


بداية مخطط ضرب ايران تحت ستار "منع تصدير الثورة الاسلامية"!!!!

لم تكد تمضي اشهر بل ايام قليلة على انتصار الثورة الاسلامية (عام 1979) حتى بدأت موجة اغتيالات استهدفت شخصيات بارزة في الثورة (الشهيد بهشتي ، الشهيد مطهري وغيرهم) وذلك عبر سلسلة عمليات هدفت الى زرع الفوضى في البلاد مستعينة بعناصر داخلية جُندت من قبل اجهزة مخابرات أجنبية.
ولم تكد تنتهي الثورة من اجتياز حاجز الاغتيالات والفوضى حتى أعلن صدام حسين الحرب على ايران في ظل دعم غربي ومالي وفرته دول خليجية متخفية تحت عباءة "حماية العالم العربي" من بوابته الشرقية، ورغم الخسائر الكبيرة في الارواح والاموال استطاعت الجمهورية الاسلامية افشال تلك الحرب ، فلجأت واشنطن وحلفاؤها الى المعارك السياسية لعزل طهران ، بعد مد القيادة الايرانية جسور تواصل مع حركات المقاومة الفلسطينية واللبنانية.
وتمثلت هذه المعارك بمحاولة اختزال القضية الفلسطينية والاحتلال الاسرائيلي لأراضٍ عربية عبر توقيع اتفاقيات "سلام" (اوسلو، وادي عربة) ، وترافق ذلك مع لجوء الكيان الصهيوني الى الزج بترسانته العسكرية للقضاء على المقاومة في فلسطين وتصعيد الاغتيالات بحق قادة المقاومة واجتياح المدن الفلسطينية ، كذلك عمد العدو الى شن حربين على لبنان صيف (1993) وربيع (1996) .

وبعد الفشل في تحقيق اهدافهم عمد الصهاينة الى الانسحاب من جنوب لبنان (2000) وبعده قطاع غزة وهو ما دفع "اسرائيل" وامريكا ومعهم حلف ما يسمى "الاعتدال العربي" الى التصويب على ايران بصفتها رأس "محور الممانعة" ، فبدأ التبشير بخطورة ما أسموه "الهلال الشيعي" وانتشر في الفضائيات والصحف المدعومة من قبل دول خليجية العزف على الوتر المذهبي في محاولة لتأليب الرأي العام العربي والاسلامي ضد ايران بهدف عزلها على الساحة الاسلامية والعربية وابعادها عن قضايا العرب الاساسية وفي مقدمتها احتلال فلسطين.

غزو العراق ومرحلة جديدة من التحريض المذهبي

أمام نجاح ايران في استيعاب الحملات ضدها وصمود المقاومتين الفلسطينية واللبنانية بدعم وغطاء سوري بوجه الاحتلال الصهيوني ، سعت الادارة الاميركية الى التدخل عسكرياً في المنطقة متذرعة بالحرب على "الارهاب" بعد احداث ايلول / سبمتبر فإحتلت افغانستان والعراق. وبعد فشلها في هذين البلدين انطلقت حملة تحريض مذهبية ضد ايران ساعدت فيها اطراف عربية واقليمية عملت على تغذية الشعور المذهبي خاصة في العراق الذي دخل بدوامة عنف حصدت مئات الالالف من الابرياء.
ورغم ذلك استطاع العراقيون تحقيق نجاح جزئي في منع انتشار الفتنة في بلدهم ودفعوا الاميركيين الى الخروج منه وهو ما وصف بضربة قوية لمحور "الاعتدال العربي" (لخوفه من غياب الخاضنة الاميركية) ، وبدلاً من الانفتاح على ايران وانشاء تعاون معها رفع محور "الاعتدال العربي" من سقف تمويله لحملات التحريض ضد ايران وبدأوا بتصويرها على انها عدو العالم العربي الجديد.


انقلاب الموازين …..ايران بدل "اسرائيل" عدوا للعرب!!

حملة التحريض ضد ايران وصلت الى مستوى غير مسبوق في السنتين الاخيرتين خاصة مع سقوط ابرز حلفاء واشنطن في المنطقة حسني مبارك في مصر وزين العابدين بن علي في تونس ، وشعر معه الغرب ودول "الاعتدال" العربي بانهم اصيبوا بضربة قوية ، فوجدوا في الازمة السورية التي اندلعت لاحقاً فرصة للنيل من ايران لقربها من سورية ولما تمثل هذه الاخيرة من اهمية بالنسبة الى دعم المقاومة في لبنان وفلسطين.
هنا وجدت امريكا وحلفاؤها العرب في الازمة السورية فرصة ذهبية لتسعير الفتنة والتحريض ضد ايران وايقاع الشرخ في صفوف حركات المقاومة ، وتحميل ايران مسؤولية نزيف الدم السوري عبر القول ان الحرب في سورية هي بين اقلية علوية تحتكر السلطة ضد اغلبية سنية ، فسُخرت وسائل الاعلام على اختلاف انواعها لتحقيق هذا الهدف وزُج بالفتاوى الدينية واستقدم الاف المقاتلين من شتى البلدان الى سورية تحت عناوين "الجهاد" ، وسط هذا كله بدأت محاولات للايحاء بان "اسرائيل" هي كيان طبيعي يمكن التعايش معه وان ايران هي دخيلة على المنطقة وتسعى الى بسط نفوذها.
اما القيادة الايرانية فكانت اول من رحب بالثورات في تونس ومصر ووصفتها بالصحوة الاسلامية ونادت بضرورة الاصلاح في سورية واعتماد الانتخابات والخيار الشعبي للوصول الى عملية تحول ديمقراطي في هذا البلد داعية الى ابعاد عناصر التدخل الاجنبي وحصر الحل بالسوريين لتسوية خلافاتهم ، ورغم ذلك اصرت اطراف سورية بتحريض اميركي على رفض اية حلول رافعين شعار اسقاط النظام ولو بالقوة المسلحة.

وفي هذا الاطار يرى الكاتب والمحلل السياسي مخائيل عوض في اتصال مع موقع المنار ان محاولات ضرب ايران وتشويه صورتها (خاصة مع اندلاع الاحداث السورية) اتت بعد سلسلة الانتصارات التي حققها المقاومون في لبنان وفلسطين والذين وضعوا حداً لتفوق الكيان الصهيوني وهو ما لم يحتمله داعمو هذا الكيان على رأسهم الادارة الاميركية ، التي جندت حلفاءها من العرب والمنطقة وسعت جاهدة لعزل طهران ومحاصرتها وفي تفكيرهم ان ضرب الرأس ويتداعى بعدها الجسد.

كيفية التصدي لمخطط استهداف ايران؟

وبحسب عوض فإن مشروع استهداف ايران سيظل قائما طالما بقيت القضية الفلسطينية حية مؤكدا ان افضل وسيلة لمنع اصحاب مشاريع الفتنة في بلاد الغرب والعرب هو الاستمرار في احياء هذه القضية ومواصلة نهج المقاومة في لبنان وفلسطين والعمل على شد الاهتمام العربي والاسلامي اليها (فلسطين) وجعلها بوصلة الصراع لتمييز العدو من الصديق، ولعل صواريخ المقاومة الفلسطينية الاخيرة التي وصلت للمرة الاولى الى تل ابيب تُثبت بالدليل القاطع ان الجمهورية الاسلامية هي خير داعم للقضية الفلسطينية وليس من رفع شعار "السلام" كخيار لاسترجاع الحقوق المسلوبة...


http://www.almanar.com.lb/adetails.p...ccatid=34&s1=1 (http://www.almanar.com.lb/adetails.php?eid=368461&cid=21&fromval=1&frid=21&seccatid=34&s1=1)

nad-ali
11-12-2012, 03:07 PM
https://lh5.googleuser*******.com/-inw10FtnwPM/UMI0QVFJnJI/AAAAAAAAAJA/aconPUQU3ZU/s640/Untitled-12.jpg

أخي نسمات الحرية! سلام عليكم ومرحباً بك وبمشاركاتك وبمقترحاتك.

أخي العزيز إلهي عظم البلاء! نحمد الله على عودك وعودك ميمون ورؤيتك تزيل الهم وتفرج السرائر حقاً.

ملامح زوال آل خليفة باتت على الأبواب

الراية الحسينية كتب:

جاءت الأوامر الأمريكية للنظام البحريني بالسماح للمعارضة بالإعتصام والتظاهر السلمي في البحرين وبالأخص العاصمة المنامة ، وذلك بعد إتفاق مسبق أمريكي إيراني قبل بدء أي حوار بين الأمريكان وإيران ، وذلك كتقديم أوراق حسن نية من الطرف الأمريكي بأنه فعلا يدعم الديمقراطية قولا وفعلا ويسعى لحل المشكلة البحرينية ولا يفرق بينها وبين ما يجري في مصر وتونس واليمن وغيرها ولا يدعم النظام البحريني كما تتهمه أطراف عديدة كروسيا وإيران ، وحل مشكلة البحرين هو أول شروط إستئناف الحوار مابين إيران ومجموعة 5+1 بعد توقف إستمر 6 شهور ولم تلتزم خلالها أمريكا بالإتفاقات التي تم التوصل إليها ، لذلك فالبحرين هي ورقة إعتماد إستئناف الحوار ، لذلك تم إعطاء الأوامر لبريطانيا لإستئناف إدارتها للملف البحريني وإرغام النظام على الدعوة إلى حوار والسماح بحق التظاهر والإعتصام للمعارضة ، فرضخ النظام البحريني مجبرا وإشترط أن يكون الإعتصام سلميا ، فخرج ولي العهد الخليفي وأعلن دعوته للمعارضة لحوار جديد حسب بنود باتت مختلفة تماما عن الدعوة الأولى التي أطلقها قبل أكثر من سنة وبسقف أعلى وأشد مرارة على النظام الخليفي ، فهذه المرة الحوار يحظى بظروف إقليمية مختلفة تماما وحالة ضعف وإرباك خليفي غير مسبوقة ، بالأخص أن الداعم الأساسي وهي العربية السعودية في حال إنكفاء داخلي ومرشحة للإنفجار نتيجة الوضع الصحي للملك السعودي ، والسبب الأكبر لقبول إمريكا بهذا التراجع والقبول بفتح حوار مابين النظام البحريني والمعارضة هو أن المشروع الأمريكي في المنطقة وبالأخص في سوريا قد هزم شر هزيمة وجاءت هزيمة الصهيوني في غزة لتتوج هذه الهزيمة ، فما كان من الأمريكي إلا الرجوع إلى الروسي أولا والإتفاق معه على إحياء بنود إتفاق جنيف والذي ينص أولا أيضا على حل مشكلة البحرين والدخول في مفاوضات لحل المشكلة السورية بشرط موافقة النظام السوري على أية نتائج وتضمن بقاء الأسد بموقعه ، هذا الحوار من المستحيل أن يتم بعيدا عن النظام الإيراني فبدأت أمريكا بالدعوة مرة أخرى للحوار المباشر مع إيران ولكن إيران رفضت وفضلت الحوار عبر مجموعة 5+1 ومباشرة ماتم التوصل إليه من إتفاقات قبل توقف الحوار وأولها حل مشكلة البحرين وإعطاء المعارضة حقوقها كاملة غير منقوصة وأول حق التظاهر والإعتصام وإسقاط أي تهم سياسية مفبركة والإفراج عن النشطاء إضافة إلى الدخول في حوار يفضي إلى نظام ديمقراطي وحكومة ملكية دستورية وحق الشيعة في الإنخراط بكل الأجهزة الحكومية بما فيها العسكرية وتوقيف التجنيس العشوائي وتعويض المتضررين ، فوافقت أمريكا وأوكلت المهمة للمستعمر التقليدي الذي يعرف طبيعة البحرين والمنطقة جيدا بريطانيا لتدير الملف.

هنا الأمور ستأخذ منحى آخر مختلف عن أي مرة سابقة لأن الأمريكي الأن مجبر على الوصول لحل لمشكلة البحرين وإلا فقد معها كل وجوده بالمنطقة فالقضية البحرينية هي الأخطر على الأمريكان لأنها نقية ولا يستطيعون التفلت منها بالأخص وأنها تشكل الإحراج الأكبر لها في كل المحافل والحوارات وحتى أمام الرأي العام في أمريكا لذلك لا تستطيع أمريكا تجاهل المشكلة للأبد ، إضافة إلى أننا أمام مفصل تاريخي كبير بعد بداية العام 2013 حيث من المقرر أن تدخل القوى العالمية الكبرى في حوارات ومفاوضات لتسوية مجمل الوضع في العالم كله وليس المنطقة فقط وذلك لتقاسم النفوذ وتشكل البحرين معضلة المعضلات لأمريكا في هذه المفاوضات ، لذلك هي تقبل الأن بحل المشكلة وبالتنازل عن البحرين بشكل أخف وطأة حتى لا تفقدها بالكامل عبر التوصل لحكومة شبه ملكية دستورية ليكون لها نوع من النفوذ في النظام الجديد الذي سينشأ في البحرين.

هنا نأتي إلى النقطة الأهم في كل ما يجري ... ونتساءل عن ردة فعل النظام البحريني أزاء الأوامر الأمريكية الجديدة !! وهل سينصاع آل خليفة إلى أمريكا للدخول في حوار شفاف ونزيه مع المعارضة يسلمون بموجبه الحكم إلى سلطة الشعب وإلى إنشاء دستور يحجم آل خليفة ويقزم أكثر من 90% من نفوذهم وربما يعرضهم للمحاكمة والسجن لاحقا نتيجة مخالفاتهم وجرائمهم ، وبذلك يخسرون كل شيء ولا تبقى لهم إلا سلطة الملك الذي لا يملك إلا بعض الصلاحيات المحدودة؟؟!! ....

الإجابة أن النظام سيسعى كما المرات السابقة للتهرب من الحوار بإفتعال أزمات أخرى والتحجج بحجج واهية حتى لا يتم التوصل لحل حقيقي ولكنه يعلم هذه المرة أن الوضع مختلف عن أي مرة سابقة وبأن الظروف تغيرت ، لذلك يعمد إلى تسليح السنة في البحرين والمرتزقة تمهيدا للحظة إعلان فشل التوصل لحل في الحوار مع المعارضة لأنه لا يستطيع تحمل كلفة مطالب المعارضة لأن طبعه الذي جبل عليه كعدو غزى البحرين منذ 230 سنة لم يتغير على مدى الأجيال لذلك لن يسلم الغنيمة بسهولة وسيقاتل بكل الوسائل الشرعية وغير الشرعية مهما كان الثمن للحفاظ على غنيمته التي حصل عليها بالغزو ، فالنظام ليس إلا سارق وقاطع طريق وقاتل ومعتدي وهذه حقيقته التي يدركها هو وكل الدول المرتبطة بالقضية البحرينية ، وعلى ضوء هذه المعطيات ، فإن النظام سيعمد إلى إفشال الحوار بشتى الوسائل أولها الإدعاء بأن المعارضة غير سلمية عبر إفتعال أعمال عدائية ونسبها للمعارضة كما حصل سابقا ولكن هذه المرة بشكل أكبر ، وسيتبع كل الوسائل الشيطانية لتشويه سمعة المعارضة ، ولكنه بالتأكيد سيفشل وستضيق ذرعا كل الدول الكبرى التي تشارك بحل المشكلة البحرينية من تصرفات النظام البحريني والذي سيلجأ في نهاية المطاف إلى إستخدام العنف وإشعال حرب أهلية مابين السنة المؤيدين له والمعارضة الشيعية والتي ستؤدي إلى تدخل خارجي يستأصل حكم آل خليفة من البحرين بشكل أبدي وتحقق المعارضة البحرانية الإنتصار بعد بذل تضحيات كبيرة بسبب جرائم آل خليفة ، إذا فالمسألة هذه المرة بإذن الله محسومة ، وسقفها الزمني محدد حسب تطور أوضاع الحوار المرتقب والتي لا أعتقد بأنها ستتعدى الثلاثة شهور على أقصى تقدير منذ بدء الحوار ، وبعد إنتهاء الحوار بالفشل أيضا لن تستمر الأمور أيضا لأكثر من ثلاثة شهور لوضع نقطة النهاية في سطر حكم آل خليفة في البحرين وطبعا هذه الشهور تقديرات شخصية أتوقعها وربما تقصر أو ربما تطول حسب تطور الأوضاع الإقليمية فربما تتغير الأمور في أية لحظة في البحرين وتنقلب الأمور رأسا على عقب إذا ما تطورت الأوضاع في منطقة ما في منطقة الشرق الأوسط وبالأخص في سوريا ، فإن أي خلل في الخطوط الحمراء المتفق عليها في سوريا من شأنها إنهاء حكم آل خليفة خلال أيام ، لذلك لايوجد سقف زمني محدد ولكن بكل تأكيد بأن الأمور هذه المرة لن تتعدى الشهور فقط قبل إعلان سقوط آل خليفة وإنتصار المعارضة البحرانية المؤمنة المظلومة في البحرين الأبية ، وبعض التسريبات أشارت إلى أن الأمور لن تتعدى شهر مارس القادم 2013 كحد أقصى لزوال آل خليفة.

وبوادر هذا الإنتصار بدأت فعليا بالظهور وأهمها السماح للمعارضة بالتظاهر وقريبا بإذن الله الرجوع لدوار اللؤلؤة رمز الثورة البحرانية ، وأيضا طلب بعض السفارات بتسفير عائلات الموظفين بها والإبقاء على بعض الموظفين الأساسيين وتراجع الإقتصاد بشكل كبير وحركة الأسواق والبيع والشراء والأهم الإفراج عن بعض قيادات الحراك البحراني من السجون الخليفية وكلها بوادر تبشر بقرب الإنهيار الخليفي وزوالهم المحتوم بإذن الله.

ولكم الأن أن تتابعوا خطاب الشيخ علي سلمان الأخير والذي كان بنبرة صوت عالية ومختلفة جدا عما تعودناه منه ، وبكلام شفاف ومباشر وتلميحات لا تقبل التأويل ، وطلبات مباشرة وإصرار على عدم التنازل عنها ، فهو بحق خطاب فصل الخطاب وكلمة الإنتصار النهائية قبل إعلانه رسميا ، وهو يؤكد على إنتصار السنة الإلهية المتمثلة في حصول الشعب على حقوقه وقريبا جدا ، فأبشروا بالخير يا آل أوال وتمسكوا بقيادة الحكيم وخوئي البحرين سماحة آية الله الشيخ عيسى قاسم الذي قادكم بنجاح باهر لهذه اللحظة التاريخية والتي ستؤدي كتحصيل حاصل لإعلان الإنتصار وزوال الحكم الخليفي بكل يقين ، فقد صبرتم صبر أيوب بسلميتكم ولابد أن يكافأكم الله على هذا الإيمان والصبر الغير مسبوق في تاريخنا الحديث.

وتعقيباً كتب أبو رقية:

اغلب المتابعين للاحداث من المهتمين الشيعة بعلامات الظهور المبارك يعتقدون ان ما يحدث اليوم في العالم وفي سوريا خصوصا هو مقدمة للعلامات الحتمية
واذا كان الامر كذلك ومع وجود بعض النصوص الشريفة التي بين ايدينا , يمكن لنا ان نرسم صورة تقريبية لما سيحدث في القادم من الايام او ما سيحدث قبل ظهور داعي الحق والعدل عليه صلوات ربي وذلك بربط الاحداث الجارية والجو السياسي العام القائم بعلامات واحداث الظهور .

أمريكا تقاتل اليوم ( بالنيابة ) في سوريا بكل شراسة للاسباب التالية

1- مصالح امريكا الاستراتيجية ومشاريع الطاقة العالمية
2- أمن الكيان الصهيوني اللقيط
3- أمن حلفاؤها الخليجيين
فبقاء سوريا ضمن الحلف المقاوم في المنطقة مع تراجع الهيمنة الامريكية وبروز اقطاب منافسة سيؤدي عاجلا ام اجلا الى ضرب المصالح الامريكية بالصميم وكذلك تصبح خطر وجودي حقيقي على كيان الصهاينة وبعد هذا ستصبح مشيخات خليج الخيانة في مهب الريح , فممالكهم واماراتهم اوهن من بيت العنكبوت لعنهم الله .

بالعودة الى صلب الموضوع وربط الاحداث الجارية بروايات الظهور المبارك نستطيع القول ( والله العالم )
أن الروايات تتحدث عن صراع بين الاصهب والابقع ثم خروج السفياني عليهما لتكون له الغلبة والنصر , وان هذا السفياني لع سيدخل العراق بعد ذلك وسيكون اصطدامه بالايرانيين واليمانيين على ارض العراق او داخل اراضي ايران ( اصطخر )
اي ان ايران لن تتدخل في احداث سورية عسكريا ( او تدخل ضعيف ليس ذو جدوى ) وكذلك اليمانيين الا بعد فترة طويلة ويصبح حكم ال الاسد ( او غيرهم ) في خبر كان وتتعرض المنطقة الى دمار كبير ومنها العراق !

اين ايران واليمانيين وحزب الله اذن ؟
اين الروس والصينيين ودول البريكس ؟
لماذا لم يتحركوا ؟
وتركوا سوريا تسقط هكذا بيد الحلف الغربي الصهيوني !!

قبل الاجابة على هذا السؤال يجب معرفة التالي
في الجولات القادمة ( ساعات الصفر القادمة ) سيكون الحلف الممهد للسفياني اكثر شراسة واصرار على الاطاحة في الاسد وسيلجأون الى اجراءات متطرفة ( فالروايات تتحدث عن رجفة وعن هزة وعن امور عظام تحدث قبل خروج السفياني يهلك فيها مائة الف او اكثر ) وربما تخدمهم ايضا كوارث طبيعية وتسهل لهم المهمة كما حدث في هاييتي من زلزال اذاب كيان الدولة ومؤسساتها ودمرها.
فبمرور الايام تشعر امريكا بالضعف والتراجع اكثر واكثر والوقت ليس بصالحها وعليها العمل بصورة اسرع واكبر لتحقيق اهدافها , خصوصا اذا علمنا ان اكبر حلفاؤها بالمنطقة ( مملكة الخيانة السلولية ) ايلة للسقوط ( والاتيان ببندر وتسليمه وزارة هو عمل امريكي ليحافظوا على هيمنة الاسرة الحاكمة على مقاليد الامور داخل المملكة والمحافظة على التوازنات بين ال سعود انفسهم وضمان هيمنة امريكا على القرار السعودي , فبندر لم يكن بعيدا عن المسالة السورية حتى يقربوه بهذه الخطوة هذا من ناحية من ناحية اخرى , اذا كانت الاستخبارت الامريكية والموساد ومخابرات الاعراب والاتراك والغربيين مستنفرة وتعمل على اضعاف سورية ليل نهار فماذا يمكن لبندر السوبر مان ان يضيفه لكل هؤلاء )
واعتقد والله العالم سنشهد هذا التطرف في الملف السوري بعد 4 - 6 اشهر من اليوم وبعد ان يزجوا بدماء ومقاتلين جدد الى ارض المعركة وامكانيات اكبر لتحقيق النصر على الاسد وسيظهر السفياني وترتفع رايته بعدها ويقاتل حتى يستلم السلطة .
فما سيحدث في سوريا , ان اغلب حاملي فكر القاعدة المثقوبة سيتجمعون في الشام تحت قيادة امريكا ( وهذا ما اكده الشيخ الكوراني كثيرا ) بالاضافة الى هؤلاء هناك الجيش الحر وتيارات اخرى كثيرة طامعة للوصول الى السلطة لكنها في نهاية المطاف سينتهي بها الامر كما انتهى بالفصائل الافغانية التي قاتلت الروس ثم تناحرت فيما بينها , فلابد اذن من طالبان جديدة ولكن امريكية الهوى وهذا ما يمثله السفياني , فالموجودون حاليا دماء رخيصة جدا دورها ابقاء الوضع السوري مضطربا ودمويا حتى ساعة الصفر الحقيقية .وسيبقى الكثير منهم لينظم بعدها الى جيش السفياني الذي يعد الان على الارض الاردنية واللبنانية والتركية وبقية الدول المنخرطة في هذا المخطط الخبيث.
والحديث عن تفتيت سوريا الى كانتونات طائفية صغيرة متناحرة غير صحيح حيث ستكون عرضة للاختراق والتموضع لقوى عالمية اخرى , ولايمكن ايضا والحال هكذا من الحفاظ على مشاريع الطاقة الكبرى التي تفكر بها امريكا بعد اسقاط الاسد هذا من من ناحية , من ناحية اخرى نرى ان المخطط الامريكي في مصر حدث عبر استبدال حسني بالاخوان المفلسين مع بقاء السلطة الحقيقية بيد العسكر الموالين لامريكا والبلد لازالت موحدة ( لكن يمكرون ويمكر الله ) والعراق ايضا بقي موحدا رغم الاحتلال الامريكي .

نعود لسؤالنا الكبير

اين ايران , اين روسيا , اين الصين , اين حزب الله .

يبدو لي من خلال الروايات الشريفة ان حزب الله سيتدخل في سوريا عند احتدام الصراع بين القوى الثلاث في دمشق لتنفيذ غاية محددة وينسحب بعدها , والله هو العالم طبيعة تلك المهمة او المهمات العاجلة .
الصين التي استخدمت الفيتو المزدوج مع الروس ثلاث مرات , هل تتخلى هكذا عن سوريا وتبقى متفرجة لا مبالية وهي التي اعلنت العام الفائت على لسان هوجينتاو اوامره للبحرية الصينية بالاستعداد للحرب دفاعا عن مصالح الصين الاستراتيجية .
ام روسيا التي نرى وزير خارجيتها منذ سنة ونصف لم يطول به المقام في روسيا اسبوعا واحدا فهو دائم التنقل هنا وهناك حتى وصل بعض الاحيان الى حالة الاصطدام مع رئيس وزراء موزة الديوث لعنه الله والتهديدات اللفظية والعسكرية الفعلية التي تطلقها روسيا بين الحين والاخر وقطعها البحرية تجوب المياه الاقليمية السورية وقاذفاتها الاستراتيجية التي بدأت تقترب كثيرا من الشرق الاوسط .

او ايران التي تعلم جيدا ان استهداف سوريا اليوم هو مقدمة لاستهدافها وباقي المقاومات بالمنطقة مستقبلا للقضاء عليها قضاءا مبرما وهي التي تعد حالها منذ 30 عاما لمثل هذه المواجهة المصيرية .
فمعركة اليوم في سوريا وعلى سوريا ستحدد بلا شك شكل العالم لعقود قادمة
فالمسألة اليوم هي اما نكون او لانكون
انها مرحلة فاصلة ومفصلية وسمها ما شئت في تاريخنا المعاصر نعيشها اليوم على ارض سورية .
بعد هذا نعرف انه لايمكن التراجع والسماح لامريكا واذنابها في العبث في سوريا والمنطقة والعالم كيفما تشاء وكما اعتادت على ذلك خلال العشرين عاما المنصرمة من الهيمنة المطلقة للارادة الامريكية , خصوصا بعد النكسة المالية والاقتصادية التي جعلت العالم الغربي يترنح بسببها ويهتز والخسائر العسكرية المذلة لامريكا وحلفاؤها في العراق وافغانستان وجنوب لبنان وكشفت سوئاتهم .
اذن لابد من مقاومة المشروع الامريكي
لكن اين ؟

الكل يعلم ( او الكثيرين ) ان هناك حربا عالمية ستسبق ظهور الامام عليه السلام ( وهناك موضوع خاص عن هذا الامر في المدونة ) وان زمان ظهور السفياني واستيلائه على السلطة يكون خلال هذه الحرب وبالتأكيد بعد نشوبها والتي ستشغل القوى العالمية والاقليمية فيها.
وستكون الصين وروسيا وايران مشتركة بها ضد المعسكر الغربي وخصوصا امريكا التي ستدمر ولن يكون لها ذكر بعد ذلك ( تدمر بصورة تجعلها غير قادرة بعد ذلك على التدخل في اي مكان من العالم ) .اما اوربا فستتضرر جزئيا وليس كليا من هذه الحرب ( ربما تحاول ان تنأى بنفسها من دخول هذه الحرب ) وهذا يتضح من خلال الروايات التي تتحدث عن قدوم الجيوش الاوربية لحرب الامام المهدي ارواحنا لتراب نعله الفداء .
وستكون الضربة الاولى لهذه الحرب الكونية قادمة من المشرق ( الصين او روسيا ) ضد امريكا حيث ان الرواية تقول ( تخرج نار من المشرق فتصيب المغرب ثم تخرج نار من المغرب فتصيب المشرق )
حيث الروايات عن اختلاف صنفين من العجم وسفك دماء كثيرة

اما ايران فاعتقد والله العالم انها ستستغل ظروف الحرب وتقوم بالتحرك في استهداف القوات الامريكية في الخليج والمنطقة وستقضي على الوجود الحربي لهم وستغرق اساطيلهم وتدمر قواعدهم ان شاء الله وتقوم بتحرير البحرين والقضاء على الاسر اليهودية النجسة الحاكمة في الخليج عدا السعودية التي سيبقى لال سعود لعنهم الله سلطان ضعيف ومحدود ويفقدون السيطرة على اجزاء كبيرة من البلاد ولكنها ( اي ايران ) سيصيبها ضرر كبير ايضا يمنعها من الحركة السريعة للقضاء على السفياني وجيشه في بادئ الامر مما يمكنه من دخول العراق لفترة قصيرة ومحدودة , فلابد من فترة لاعادة بناء وتنظيم جيوشها .

ملاحظة (أبو رقية نفسه):
هذا الكلام كتب قبل 4 أشهر وشهر صفر القادم سيحدد كل شئ ولاأظن أن هناك تسوية قادمة بين الامريكان وخصومهم فلو هدأت سوريا اليوم فيستبعد جدا أن تعود هذه الاحداث من جديد في وقت قريب
منقول

nad-ali
11-12-2012, 04:15 PM
"المشروع القطري "تدمير السعودية


لقد سببت أحداث الربيع العربي والمتغيرات التي طرأت على العراق بعد غزوه في عام 2003 والتي أدت إلى سقوط الحكام الديكتاتوري، فراغا سلطويا وسياسيا تنافست عليه الدول التي مازالت حكوماتها تمسك بزمام الحكم فيها لتتحول إلى دول ذات سطوة. ومن هذه الدول قطر ذات المساحة الصغيرة والطموحات الكبيرة والتي تدعمها وتباركها الولايات المتحدة وإسرائيل. وأصبح الخليج منطقة لسباق النفوذ والقوة بين الجهات المختلفة بما فيها بين قطر والمملكة العربية السعودية وتحولت المنطقة الى أرض للصراع السياسي، فقط أصبح واضحا ان السياسة العربية هي سياسة مبنية على المصالح الخاصة للحكام ولا يوجد فيها اي احترام لحرية الكلمة أوالضمير، خصوصا أن ما يحدث في ظاهرها يختلف تماما عن ما يكتب بين السطور. ومن الواضح ان السياسة القطرية تهدف الى تقوية سلطتها ودورها في المنطقة على حساب الدورالسعودي.
وفي الوقت ذاته اصبحت العلاقات السورية القطرية متوترة بسبب خطة قطر لضرب سورية من أجل الحصول على موطئ قدم في الخليج وبعد ذلك تقوم بتدمير وتقسيم الدول الاخرى كي تتحول لدولة عظمى بين دول صغيرة مفتتة في المنطقة. كما تستمر قطر حتى الساعة بدعم المعارضة المسلحة السورية مادياً وإعلامياً كي تفضح دور الحكومة السعودية بعد اسقاط سورية. لذلك يبقى السؤال الأساسي: كم ولمن تدفع قطر؟ والجواب واضح: دفعت جمعية الشيخة موزه حوالي 200 مليون دولار لجمعيات وهابية (كأنصار السنة في مصر) و100 مليون للاخوان المسلمين وشيد أمير قطر جامعا كبيرا باسم محمد بن عبد الوهاب.
كما قامت قطر بتنفيذ خطة عسكرية لنقل القواعد العسكرية الامريكية من السعودية الى اراضيها وبهذا فرضت نفسها على العالم الغربي كدولة اقليمية وعربية. وأصبح هذا الأمر سببا لضرب السعودية مادياً وسياساً بعد ان كانت المملكة مقراً للاتفاق بين دول الخليج والدول الاخرى.
فلذلك سيتم ترويج ايديولوجية ضد الاسرة الحاكمة في المملكة بين الجيش والشعب السعودي لزعزعة الاستقرار و تدمير الدولة السعودية سياسيا وإقتصاديا ثم ستعرض قطر نفسها كدولة إقليمية.
وفي الوقت ذاته نرى ان الوضع في المملكة السعودية ليس هادئاً كما هو معهود، ويختفي شيئا فشيئا أمام أعيننا ما يسمى "بالاستقرار السعودي"، حيث تغلي المناطق الشرقية الشيعية الغنية بالنفط ويسمع وقوع أصوات انفجارات في المناطق القريبة جداً من العاصمة الرياض، علاوة على أن أحفاد العائلات العربية القديمة في الحجاز وعسير غربي البلاد يتذكرون الدور الذي لعبوه سابقاً في حياة شبه الجزيرة العربية وحرموا منه في عهد آل سعود (راجع الرابط). وبالطبع ستأتي قطر الدولة الصغيرة المستقرة الغنية على خلفية التناقضات والانقسامات العربية وستظهر كأنها متزعمة للدور الاقليمي في المنطقة.


http://arabic.ruvr.ru/2012_12_04/96825923/

kumait
12-12-2012, 05:45 PM
تقرير عن نشاط إيران النووي زيّفته إسرائيل... ينقلب عليها

كُشف، أمس، أن التقرير الذي تناقلته أخيرا وسائل الإعلام العالمية وبالأساس وكالة أنباء «أسوشيتد برس» واوضحت أن مصدره الوكالة الدولية للطاقة النووية التي تتخذ من فيينا مقراً لها وتضمن صورا لموقع ذكر التقرير أنه المكان الذي أجرت فيه إيران تجربة نووية وتضمن أيضاً صورا للمنشآت التي قيل أنها استخدمت في التفجير، «كان مزورا وأن إسرائيل هي المتهم الأول في تزويره»، الأمر الذي، وفقا للمراقبين السياسيين، انقلب على إسرائيل وألحق ضررا فادحا بالحملة الدولية ضد البرنامج النووي الإيراني في شكل عام.

وذكرت «نشرة علماء الذرة» التي تصدر في فيينا عن الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن علماء الفيزياء الذرية الذين اطلعوا على التقرير والصور المنشورة معه لاحظوا وجود أخطاء واضحة يمكن من خلالها بسرعة ملاحظة عدم صحة التقرير والصور وقالوا أنه «عمل مزور من شخص هاو». وكان التقرير المزور أثار أسئلة حول التحقيق الجاري من جانب مفتشي الوكالة الدولية والذي يشكل جزءاً مهماً من المعلومات الاستخبارية حول الأعمال الجارية في المنشآت التابعة للبرنامج النووي الإيراني وشكك فيه، ما سبب حرجا للوكالة، ودفع الاتحاد الأوروبي إلى تشديد العقوبات من جانبها على إيران. واوضحت النشرة أن «المسؤولين الغربيين يعتقدون أن نفاذ صبر الإسرائيليين دفعهم لارتكاب هذا التزييف، إضافة إلى تزييفات أخرى تتعلق بالبرنامج النووي الإيراني، الأمر الذي يُسلط الضوء على الحملة الدعائية الواسعة التي تتعرض لها إيران بسبب برنامجها النووي».

وأكدت صحيفة «الغارديان» في تعليق لها على الفضيحة ظهر على موقعها الإلكتروني، أمس، أن التقارير الإسرائيلية المزيفة حول الموضوع أتت بنتائج عكسية، وأشارت إلى أن وكالة الاستخبارات الخارجية الإسرائيلية تنشط في شكل مركز في مدينة فيينا التي انقلبت إلى ما يشبه ساحة الحرب للنشاط التجسسي، في ما يتعلق بالبرنامج النووي الإيراني. وكانت «اسوشيتد برس» نشرت التقرير الذي ذكرت أنه سُرِّب إليها «على يد مسؤولين من دولة غير راضية عن برنامج إيران النووي» من دون أن تكرها بالإسم. وأضافت أن المسؤولين الإسرائيليين الذين اتصلت بهم للحصول على تعليق منهم حول التقرير رفضوا التعليق على الموضوع.

وتضمن التقرير المزيف معلومات استخبارية غير عادية تجعل التقرير أقل مصداقية بدلاً من تعزيزه، مثل المعلومات التي وردت عن اثنين من خبراء الفيزياء الذرية الإيرانيين الأول قتل والثاني جرح قبل عامين، هما ماجد شهرياري الذي اقتربت دراجة نارية من السيارة التي كان يستقلها في طريقه إلى العمل في طهران في نوفمبر العام 2010 وألصق راكب الدراجة على السيارة شحنة ناسفة انفجرت فقتلت شهرياري، والثاني فريدون عباسي ديواني الذي جرح في محاولة اغتيال شبيهة. يُشار إلى أن كتابا نشر أخيرا في الولايات المتحدة بعنوان «جواسيس ضد آرماغيدون» ذكر أن العمليتين نفذتا على يد عملاء يعملون لحساب وحدة «كيدون» التابعة لجهاز الموساد.

ونقلت «الغارديان»، أمس، عن مسؤولين غربيين لم تسمهم، أن «التقرير المزور كان يهدف إلى إضفاء الشرعية على عمليات الاغتيال التي تنفذها إسرائيل في إيران». وقال المسؤولون أن «وكالة الطاقة الذرية ستضطر بعد كشف زيف هذا التقرير إلى إلغاء بعض الخطوات التي كانت اتخذتها ضد إيران بالنسبة لعمليات التفتيش على منشآتها النووية، فتكون النتيجة التخفيف عن إيران بدلاً من تشديد الخناق عليها». وتابعوا: «خلق التقرير المزور شعورا بالمرارة داخل الوكالة الدولية للطاقة التي يشعر المسؤولون فيها أنهم مستهدفون من جانب الجواسيس، وأنهم معرضون لحملات مركزة للتأثير على قراراتهم أو إظهارهم كأشخاص من دون مصداقية»

.وذكرت «الغارديان» أن الرئيس السابق للوكالة محمد البرادعي، «كان تعرّض لحملة إسرائيلية شعواء لإظهاره منحازا إلى إيران، بل جرت محاولة من جانب الإسرائيليين لوضع مبلغ كبير من المال في حسابه البنكي للادعاء لاحقا بأنه يحصل على أموال من طهران.

معهد واشنطن: اختلافات الولايات المتحدة مع البحرين تتجلى بوضوح على الملأ

تشهد علاقات واشنطن مع البحرين توتراً بعد التعليقات الملكية في مؤتمر إقليمي حول الاستراتيجيات عُقد في عاصمة المملكة. إن الحدث الذي وصفته وكالة "أسوشيتيد بريس" بأنه "زلة دبلوماسية" و"صفعة ضد واشنطن على الملأ" يعيد فتح النقاش بشأن تقدم الإصلاحات مع استمرار العنف في الشوارع بين المحتجين الشيعة وقوات الأمن التي نشرتها عائلة آل خليفة الملكية السُنية.

وقد لقي أكثر من خمسين شخصاً حتفهم، من بينهم رجال أمن، في الاحتجاجات المطالبة بمزيد من التمثيل السياسي والحقوق الأخرى على مدى العامين الماضيين. وكان معظم الأعضاء الشيعة في البرلمان قد استقالوا في شباط/فبراير 2011، مما أسفر عن تعزيز الأغلبية السنية في مجلس النواب في الانتخابات اللاحقة التي جرت بعد ذلك، رغم أن أغلبية سكان المملكة هم من الشيعة. ولا تزال الاحتجاجات مستمرة بشكل يومي تقريباً - الأمر الذي يشكل حرجاً لواشنطن نظراً لاستضافة المملكة للأسطول الخامس الأمريكي الذي هو أحد المكونات الرئيسية في ردع إيران.

وقد فوجئ الدبلوماسيون الغربيون في مؤتمر "حوار المنامة السنوي" عندما لم يذكر ولي العهد الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، الولايات المتحدة بالأسم عندما سرد الحلفاء الذين قدموا دعماً جوهرياً أثناء الاضطرابات. وكان يُنظر إليه من قبل باعتباره الإصلاحي الرائد في العائلة الملكية. وقد تحدث ايضاً عن بلدان وجهت انتقادات "انتقائية" إلى قيادة البحرين، دون ذكر أمثلة محددة. وأثناء دعوته إلى الحوار، صرح أيضاً بأن على القادة الدينيين الشيعة - الذين أشار إليهم بمصطلح "آيات الله" - شجب العنف بمزيد من القوة.

وقد حاكى كلمات سلمان القاسية نجل العاهل السعودي ونائب وزير خارجية المملكة العربية السعودية الأمير عبد العزيز بن عبد الله آل سعود. وفي محاولة واضحة لتبرير التدخل العسكري في البحرين من جانب السعودية في العام الماضي، حذّر من أن دول الخليج "لا تستطيع تقبل عدم الاستقرار".

وفي غضون ذلك، أكد نائب وزيرة الخارجية الأمريكية وليام بيرنز الذي ترأس الوفد الأمريكي على "التحديات العاجلة لسلوك إيران الطائش". وفيما يتعلق بالإصلاح، قال "لا يوجد منهج واحد يناسب الجميع في العمليات الانتقالية أو الإصلاحية، فالكثير يعتمد على الظروف المحلية ومؤهلات القيادة المحلية". ومع ذلك فقد صرح أيضاً بأن "الاستقرار طويل الأجل والأمن الدائم، يعتمدان على المشاركة الكاملة لجميع المواطنين في الحياة السياسية والاقتصادية، وإيمان جميع المواطنين بأنه يتم سماع واحترام وجهات نظرهم المعبّر عنها سلمياً؛ [و]اقتناع جميع المواطنين بأن لهم نصيب في مستقبل بلادهم". وفي نص الخطاب المرسل عبر البريد الإلكتروني الذي وزعته وزارة الخارجية الأمريكية، كان ذكر الكلمات "جميع" ثلاث مرات وارداً بخط سميك في جميع الحالات.

وتشير الرسالة إلى أن الفجوة في التصورات والرؤى بين واشنطن والمنامة شاسعة أكثر من أي وقت مضى. وتنظر الولايات المتحدة إلى الإصلاح السياسي على أنه يتفق مع الحفاظ على العلاقات الأمنية التاريخية، بينما تنظر العائلة المالكة إلى القادة الشيعة بعين الريبة والشك، حيث ترى أنهم متعاطفون جداً مع إيران وعازمون على تغيير الوضع السياسي الراهن. وبالإضافة إلى ذلك، كان منظمو المؤتمر يأملون أن يكون وزير الدفاع الأمريكي ليون بانيتا من ضمن المتحدثين الرئيسيين. وعلى الرغم من إدراج قائد القيادة المركزية الجنرال جيمس ماتيس وقادة الأسطول الخامس نائب الأدميرال جون ميلر كمتحدثين، إلا أن نائب وزيرة الخارجية وليام بيرنز هو الذي ألقى البيان التوضيحي حول السياسة الأمريكية والمنطقة.

وقد رافقه مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية لشؤون الديمقراطية وحقوق الإنسان مايكل بوزنر. وفي ملاحظاته في التاسع من كانون الأول/ديسمبر قال بوزنر أنه: "من أجل خلق مناخ يمكن فيه تحقيق الحوار والمصالحة، تحتاج حكومة [البحرين] إلى محاكمة المسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان التي وقعت في أوائل 2011. كما يجب عليها إسقاط التهم ضد جميع الأشخاص المتهمين بارتكاب انتهاكات ترتبط بالتعبير غير العنيف عن الآراء السياسية وحرية التجمع".

وفي المرحلة اللاحقة، هناك خطران يهددان العلاقات بين الولايات المتحدة والبحرين: أولهما أن إيران سوف تحاول إضعاف العلاقة بشكل أكبر؛ وثانيهما أن واشنطن لم تبذل الكثير من الجهد على ما يبدو لرأب تلك العلاقة. ففي كانون الأول/ديسمبر 2011، على سبيل المثال، لم يحضر الاحتفال بالعيد القومي البحريني في واشنطن سوى مسؤول أمريكي واحد صغير الرتبة. وعلى الرغم من هذا التوتر، يجب أن يكون تمثيل الولايات المتحدة في مناسبة هذا العام - التي من المقرر الاحتفال بها يوم الأربعاء 12 كانون الأول/ديسبمر - أكبر حجماً وتمثيلاً.

سايمون هندرسون هو زميل بيكر ومدير برنامج الخليج وسياسة الطاقة في معهد واشنطن.

nad-ali
18-12-2012, 11:53 PM
http://www.assafir.com/Images/Logo.png

الانحدار الأميركي : الأمة المنقسمة
سمير التنير

http://mepanorama.mepanorama.netdna-cdn.com/wp-*******/uploads/2012/12/mepanorama15117.jpeg

«لم تبق أميركا الأمة الأقوى في العالم. ليس هناك من دليل على ذلك. وليست هي الأولى. هي الأولى في عدد المساجين. والأولى في الإنفاق على التسلح». هذا ما يقوله سوركين أحد أكبر كتاب أميركا في الزمن الحالي.

http://www4.pictures.zimbio.com/gi/Aaron+Sorkin+Hollywood+Foreign+Press+Association+1 1MsPwGZ00jl.jpg

تلف الأزمة السياسية والاقتصادية أميركا. ولكن لا بحث في هذا الموضوع ولا نقاش. هم لا يعترفون بهذه الحقائق ويعتبرون كل بحث في ذلك بمثابة خيانة وطنية. واعتماداً على أقوال سوركين وعلى الإحصاءات، فإن أميركا ليست من الدول العشر الأولى في العالم من ناحية البنى التحتية، وخاصة بالنسبة للطرق وللجسور والأنفاق ومحطات السكك الحديد والمطارات. وتتفوق أوروبا عليها في كل تلك المناحي.
تفتقر أميركا حالياً للقدرة المالية والشجاعة السياسية والإرادة الاجتماعية. وإذا نظرنا إلى الانقسام الثقافي، الذي ظهر واضحاً أثناء الحرب الأهلية التي جرت منذ 150 عاماً، رأينا انه (أي الانقسام) قد عاد الآن أقوى من ذي قبل. ويدلّ على ذلك الأزمات المتوالية حالياً. وفي مختلف المجالات. لقد تغير الوضع، عما كان عليه في القرن العشرين، عندما خرجت أميركا، بعد الحرب العالمية الثانية، كأقوى دولة في العالم. اما في القرن الحادي والعشرين، فقد انهار الحلم الأميركي، الذي كان وهماً، بفعل الانحدار الاقتصادي، الذي نتج عن تطبيق الليبرالية الجديدة، التي جعلت من «وول ستريت» مركز الاقتصاد العالمي، والذي أنتج الأزمة المالية الكبرى، التي أدت إلى خسارة ملايين الأميركيين لبيوتهم وأعمالهم، ولصعود البطالة إلى مستويات لم تُعرف من قبل.
بعد خسارة أميركا حروبها في العـراق وأفغانسـتان أصـاب التعب الأميركيين. على ما تقوله مادلين أولبرايت وزيرة الخارجية في عهد بيل كلينتون. وبعد الهجوم على مركز التجارة العالمي في نيويورك العام 2001 تفكك المجتمع الأميركي، وظهر ذلك في المشاجرات السياسية التي حدثت ما بين الحزبين الديموقراطي والجمهوري.
تتراجع أميركا في مجالات يسبقها فيها الآخرون، وخاصة في مجال الطاقة الشمسية. والتي أشار إليها الرئيس بيل كلينتون في الحملة الرئاسية الحالية، إذ تستوعب بريطانيا 300 ألف فرصة عمل في هذا المضمار. اما في أميركا فالعدد قد يصل إلى مليون فرصة عمل.
يقول باراك أوباما إن أميركا لا تستطيع إرسال جنودها لإشعال الحروب في الخارج. وقد أشعل هذا الاعتراف نقاشات لا تنتهي حول نهاية الدور الأميركي في العالم، ويرجع السبب إلى الأزمة الاقتصادية وأزمة النظام السياسي. إن الوضع الاقتصادي لأي دولة يؤثر في سياستها الخارجية. ويثير هذا الأمر حفيظة المحافظين، الملتصقين بالماضي الزائل.
يدرك معظم الأميركيين أن بلادهـم فـقدت دورها القـيادي. ويصبّ الجمهوريون جام غضبهم على تمثال الكراهـية الذي صنعوه. (وهو هنا باراك أوباما وليس غيره) ويحمّلونه مسؤولية الهزيمـة المنـكرة. ولـكن ما دمـنا قد التزمـنا بالموضوعـية، فلا بد من القول بأن أميركا هي الأكثر تطوّراً عســكرياً واقتـصادياً. ولا تزال الأولى في الابتكار والاختراع العلمي. وتتميز أيضاً بالنمو السكاني، والمســاحة الشـــاسعة من الكرة الأرضيــة. وهذا مختلف عمـــا هي أوروبا عليه، التي سيكون انحدارها أسرع من ذلك المتوقع لأميركا.

nad-ali
18-12-2012, 11:54 PM
http://www.neworientnews.com/news/images/non_02.jpg

أميركا على حافة الإنهيار المالي – هل ستهوي فعلا ؟
د.منذر سليمان

http://cdn3.alalam.ir/sites/default/files/imagecache/slider/image/news/alalam-1325315128.jpg

تطغى التحذيرات من السقوط في الهاوية المالية على غيرها من أولويات سياسية وإجتماعية في واشنطن، على خلفية التجاذبات الحادة لإقرار بنود الميزانية المركزية بين الفريقين السياسيين الرئيسيين. حقيقة الأمر أن مخاطر الوقوع في هاويتين تنتظران البت العاجل: الأولى، الإرتفاع التلقائي للنسب الضريبية المقررة مع بداية العام المقبل، والتي من شأنها الوصول بالحالة الإقتصادية الى الركود. والثانية تتمثل في رفع سقف الديون العامة والذي لا مفر منه للمحافظة على مستويات الإنفاق المركزية الراهنة.

يرى بعض الفرقاء من طرفي الصراع ضرورة الوصول بالدولة إلى السقوط لاحداث الصدمة لدى العامة وصناع القرار على السواء. هناك من يجادل داخل فريق الحزب الديموقراطي بأن التحديات الناجمة بعدئذ جاءت بسبب تعنت الحزب الجمهوري، مما يشكل ذخيرة انتخابية للفريق الاول في الانتخابات النصفية المقبلة، عام 2014. بالمقابل، يستمر فريق الحزب الجمهوري في عناده بان مسؤولية الركود الاقتصادي تقع على عاتق البيت الابيض وحده لتخلفه عن الوصول الى اتفاق مشترك بخفض الانفاق على البرامج الاجتماعية والصحة العامة.



بعضهم يرى انه يتعين على اوباما استثمار فوزه بولاية رئاسية ثانية من اجل ممارسة مزيد من الضغوط على الفريق الجمهوري للتساوق مع موقفه. حقيقة المشهد السياسي تدل على خطأ تلك الفرضية، لا سيما وان اوباما لا يتمتع راهنا بمستويات عالية من الدعم الشعبي ومن شأن اي اهتزاز في الوضع الاقتصادي، نتيجة تفعيل مستويات ضرائبية اعلى، ان يؤدي الى تآكل قاعدة الداعمين والمؤيدين له. اذ يتطلع الى حشد اكبر دعم جماهيري ممكن لصالحه قبيل الانتخابات النصفية في عام 2014، التي عادة تنذر بالشؤم للحزب المسيطر على البيت الابيض وتداعياتها القاسية في مناخ يتسم بالركود الاقتصادي. كما ان تضاؤل الموارد المالية نتيجة لحالة الركود وعدم رفع سقف الدين العام يشكلان قيودا جديدة على حرية حركته في ولايته المقبلة وبرامجه المتعددة.

من المستبعد ان يسمح اي من الفريقين بتدهور الاوضاع ودفعها نحو السقوط الاقتصادي المدوي. بل ان الفريقين يشتركان في الظهور بموقف صارم امام قواعدهما الانتخابية، لكنهما في حقيقة الامر سيتوصلان لصيغة عمل ما لدرء تفاقم الازمة. وكما جرت العادة، فان الحلول الوسط التي سيتوصلان اليها طبيعتها قصيرة الاجل وتستند الى الحد الادنى من تقديم التنازلات المتبادلة. الا انها في نهاية المطاف تشكل اتفاقا يمكن البناء عليه، مع ادراك الطرفين لطبيعته للمعالجة السريعة بمثابة ضمادات تخفي عمق الازمة بغية درء التداعيات المقبلة، ومن شأن الازمة العوده مجددا العام المقبل.

ومن بين المقترحات المتداولة الطلب من وزارة المالية بعدم قبض اموال ضرائبية مستحقة على اصحاب الدخل العالي لعام 2013، واجماع الخبراء وصناع القرار على السواء ان لدى وزير المالية، تيموثي غايتنر، صلاحية اقرار حجم الضرائب المستحقة على المداخيل – لكافة اصحاب الدخل او البعض منهم. مما يعني ان اجراءاته المرتقبة تتساوق مع موقف البيت الابيض القاضي برفع النسب الضريبية لذوي الدخل المرتفع من فئة 250،000 دولار سنويا فما فوق. وفي نفس الوقت، الابقاء على النسب الضريبية المستحقة على الطبقة الوسطى كما هي عليه راهنا، وعدم تعرض مداخيلهم لمزيد من الاستقطاعات الضرائبية.

من شأن الحل المقترح تخفيف وطأة الازمة، اذ ان الضرائب المستحقة تبقى كذلك، وعدم قبضها في اوانها يؤجل ولا يلغي الاستحقاق الذي لا مفر منه ان لم يتم تسوية الامر وابقاء المستويات المستحقة على نسبها الراهنة. اذ ان صلاحية السلطة الرئاسية تقتصر على تحديد النسب الضرائبية المستحقة على المداخيل، وليس اعفاء اصحابها منها بالكامل. الادارة هي في وضع المقامرة، ففي حال ثبوت خطأ فرضياتها السابقة سيواجه الملايين استحقاقات ضرائبية كبيرة في العام الذي يليه، 2014، وقبل نحو ستة اشهر من بدء حملة الانتخابات النصفية لممثلي الكونغرس.



لمعالجة الهوة المالية الامثل الناجمة عن فروقات الدخل والانفاق هو اعتماد تغييرات جادة في برامج اصلاح الاستحقاقات الاجتماعية، الامر الذي يشكل عنصرا تجاذبيا لدى فرقاء الحزبين. اورد الصحافي الاستقصائي المعروف، بوب وودووارد، عن رغبة البيت الابيض في ادخال اصلاحات على برامج الاستحقاقات، برفع سن التأهل لبرنامج الرعاية الصحية والرعاية الاجتماعية. الا ان العثرة تكمن في معارضة القاعدة الديموقراطية العريضة للخطوة، اذ يعتبر الحزب البرنامجين جوهرة سياساته التقليدية. في المقابل، يواجه رئيس ممجلس النواب الجمهوري، جون بينر، تحديا مماثلا من اقرانه للتمسك بتخفيض الاستحقاقات الضرائبية على ذوي الدخل العالي.

الحل، برأي وودوورد، يتعين على الطرفين تقديم تنازلات في هذا الصدد، اذ ان كل فريق يتمترس خلف معتقداته، لكن ما يجمعهما هو الرغبة المشتركة في التوصل لحل وسط يحفظ ماء الوجه لهما معا. ما ينشده المجتمع باكمله هو التوصل لحلول عملية والاقلاع عن المناكفات الحزبية والايديولوجية المتزمتة، وقد ضاق ذرعا لتشتيت الطرفين للوقت والجهود، ولديه قابلية لتبني اي حل يحظى بموافقة مشتركة.

من المفارقات الحزبية، ان عددا لا باس به من معارضي الرئيس اوباما هم اعضاء في مجلس النواب المسيطر عليه من قبل الحزب الجمهوري. ان كان بمقدوره التوصل لاتفاق مع رئيس المجلس، جون بينر، فمن شان ذلك تهميش معارضيه من حزبه.

يتشارك الطرفين المعنيين خشية الافصاح علنا عن حجم التنازلات المتفق عليها، درءا لسهام الانتقادات المتربصة بهما. قد يكون من الافضل لهما اصدار اعلان مشترك لصيغة الاتفاق النهائي تحفظ ماء وجهيهما امام قواعدهما الحزبية. وعليه، من الجائز ان تستمر وتيرة المفاوضات الراهنة لبضعة اسابيع مقبلة.

عند توصل الطرفين لاتفاق حول تجنب السقوط في الهاوية، يبقى عليهما معالجة رفع سقف الدين العام الذي يخول الحكومة الاميركية الاقتراض المالي لتغطية الانفاقات المتعددة. اذ سعى اوباما منذ البداية الى حصر صلاحية رفع السقف بالسلطة التنفيذية. اما الكونغرس الذي يزهو بسلطته المطلقة على "ميزانيات الانفاق،" كما هو منصوص عليها دستوريا، لا يبدي استعدادا لتخليه طواعية عنها. مما يعني ان اي طلب للكونغرس برفع سقف الاستقراض يشكل عنصر ضغط ونفوذ يسعى الحزب الجمهوري التشبث به. كما ان عددا من زعماء الحزب الديموقراطي ليسوا على استعداد للتنازل عن تلك الصلاحية، لخشيتهم مما يضمره المستقبل من رئيس جمهوري يعارضون سياساته.

جعبة مناورات السلطة التنفيذية لا تخلو من مفاجآت. اذ يلوح البيت الابيض الاعتماد على نص التعديل الدستوري الرابع عشر، المادة الرابعة، اذ تنص بان "صلاحية اقرار الدين العام للولايات المتحدة، المصادق عليه قانونيا .. لا تجوز مساءلته." وعليه، ينذر فريق البيت الابيض خصومه المعارضين بان اخفاق الكونغرس في رفع سقف الدين العام سيؤدي تلقائيا الى تعثر التزامات الولايات المتحدة بسداد ديونها، الامر الذي لا تسمح به المادة الخاصة بالدين العام. ودرءا لتلك الواقعة، يطالب بالمصادقة على صلاحية الرئيس برفع سقف الدين العام دون موافقة مسبقة من الكونغرس.

الفريق الاخر، بالمقابل، يتمسك بالنص الدستوري الذي حصر الصلاحية بالكونغرس. كما ان المحكمة العليا حسمت الجدل سابقا بالقول ان التعديل الدستوري المشار اليه كان يرمي لدرء تخلف الولايات المتحدة عن الوفاء بالتزاماتها او اضطرارها لتعديل شروط الاستقراض.

من بين المقترحات الاخرى المتداولة ثغرة "عملة البلاتين،" اذ ان القوانين المعمول بها تخول وزارة المالية صك عملة معدنية مصنوعة من البلاتين وتحديد قيمتها الشرائية كما تراه مناسبا. وعليه، باستطاعة هيئة صك العملة استحداث زهاء 2 تريليون دولار من عملة البلاتين، تخضع لامرة الرئيس بتخزينها في البنك المركزي والذي سيشرف على تسويقها عبر وزارة المالية. وبهذا تستيقظ وزارة المالية لتجد في حوزتها ملياري دولار في خزينتها تسدد ديونها لنحو سنتين قادمتين – دون اللجوء للتعامل بسقف الدين، وابطال مفعول النص الدستوري الاصلي.

بالرغم من ان الاقتراح المذكور لا تشوبه تحفظات قضائية، الا انه ينطوي على بضعة تحديات. اولها، النص القانوني الاصلي لم يكن يرمي الى تطبيق من هذا القبيل وباستطاعة الكونغرس ابطال مفعوله بغية الحفاظ على سلطاته الحصرية للتحكم بمصادر الدخل العام. ثانيا، تداعيات التضخم الاقتصادي المترتبة عن سياسة عدم الاستقراض، بل البحث بوسائل تنفيذها. وفي التاريخ القريب، كانت تجربة المانيا ابان عهد جمهورية ويمر في عشرينيات القرن المنصرم، ومثال حديث العهد في زيمبابوي التي اعتمدته مما ادى الى افراط التضخم الاقتصادي واضطرابات اجتماعية.

في نهاية المطاف، تتضائل الخيارات المتاحة امام الحزبين لتجنب السقوط مما يشكل ضغطا مضاعفا على الطرفين لتقديم تنازلات كافية، وستستمر جهودهما في الظهور بمظهر التشدد العام وعدم الرضوخ لاهواء الطرف المقابل، وستعلو اصوات بعدم الرضا من بعض مؤيدي الطرفين. الا ان شدة وطأة الاوضاع وتنامي الضغط العام على الطرفين لتقديم تنازلات يُعقّد من رغبة المعسكرين التمترس وراء مواقفهما المعلنة، ويدفع باتجاه الاقتراب للتوصل الى حل يرضيهما.

kumait
23-12-2012, 04:42 AM
http://www.aawsat.com/2012/12/21/images/hassad1.709611.jpg
«حلم» الصين العظيم
صممت جوازات سفر جديدة تضم خريطة ما يعرف بـ «الصين الكبرى».. فأغضبت الجيران

قامت الدنيا ولم تقعد.. واعترضت غالبية الدول الآسيوية على ما سمته بحادثة «اغتصاب الأرض» الذي قامت به بكين عندما وضعت علامة مائية جديدة على جوازات السفر الصينية التي أصدرتها مؤخرا ضمت مناطق متنازع عليها إلى السيادة الصينية. الخطوة أثارت غضب دول الدول الجوار الآسيوية وقلقا بشأن دوافع بكين. أعاد الصينيون تصميم جوازات السفر الجديدة لتضم خريطة ما يعرف باسم «الصين» الكبرى، التي تضم البر الرئيسي في الصين وتايوان وبحر الصين الجنوبي إضافة إلى المنطقة التي تزعم الفلبين وفيتنام وبروناي وماليزيا وبعض أجزاء الهند وبوتان تبعيتها لها. كانت للصين مزاعم دائمة بالسيطرة على بحر الصين الجنوبي ومجموعة من الجزر قبالة ساحل اليابان. وعلى صعيد ذي صلة، دخلت الصين واليابان في نزاع على خمس جزر غير مأهولة، تعرف باسم دياو في الصين وسينكاكو في اليابان. بيد أن هذه الجزر لم تكن بين الخرائط المثيرة للخلاف. من ناحية أخرى لم يكن قرار بكين في إصدار جوازات سفر بيو مترية، تمثل ما تعتبره حدودا برية أصيلة لجمهورية الصين الشعبية، إجراء إداريا عاديا، بل هي خطوة علنية وتصعيدية مهمة باتجاه تنفيذ نواياها. وقد كشفت بكين صراحة عن طموحاتها في وقت تتزايد فيها قواتها العسكرية بشكل سريع وتجتهد لتصبح القوة الأبرز في المحيط الهادي في آسيا.

كانت الصين تراجع سياستها الخاصة بدول الجوار منذ العام الماضي، باستراتيجيات عسكرية صينية وبالتوصل إلى مفهوم يؤكد على أن سياسة استرضاء دول الجوار وتنحية الخلافات غير فاعلة. وأوصوا بضرورة استبدالها بأخرى ممتزجة بتعاون مع التزامات ذات مصداقية لاستخدام القوة. وأكدوا على أن مبدأ السيادة والمصالح الوطنية طويلة المدى تأتي على رأس أولويات الصين. وقد أعلنت القيادة العسكرية الصينية الجديدة عن تأييدها لهذه لسياسة الجديدة. وعلى الرغم من إصدار جوازات السفر الجديدة في مايو (أيار)، فإن وسائل الإعلام لم تسلط عليها الضوء إلا في الآونة الأخيرة عندما أشيع على نطاق واسع أن كل صفحة من صفحات جواز السفر الجديد به خلفية مختلفة تظهر تايوان ومجموعة جزر سبراتلي أند باراسل ومناطق الهمالايا المتنازع عليها مع الهند.

تشهد العلاقات في الوقت الراهن توترا نتيجة المواجهات في بحر الصين الجنوبي، حيث تزعم الصين سيادتها على عدة جزر استراتيجية، حتى أنها أرسلت قوارب حربية لتعزيز الموقف العدائي. لكنها كشفت الآن عن طموحاتها الحدودية صراحة في الخريطة المطبوعة داخل جوازات السفر الصينية الجديدة التي تضم بحر الصين الجنوبي بأكمله. ويحذر الخبراء من إمكانية تقويض الخطوة الصينية الجديدة للتوازن الدقيق للعلاقات الثنائية مع دول الجوار في آسيا على نحو خطير. واقتصر رد فعل الدول الغاضبة تجاه التحرك الصيني، في الوقت الراهن، على التصريحات واتخاذ الإجراءات البيروقراطية المعتادة للتعامل مع جوازات السفر التي أثارت المشكلة، حيث ردت فيتنام برفض منح تأشيرات دخول على هذه الجوازات وأصدرت بدلا من ذلك تأشيرات على أوراق منفصلة فيما ألغت الأصلية. بينما التزمت الفلبين بموقف أكثر حيادية حيث آثرت الترقب وانتظار تحرك الدول الأحرى ثم سارت على نهج فيتنام وبدأت في رفض منح التأشيرات على جوازات الزوار الصينيين الوافدين إلى مانيلا، لتصدر عوضا عن ذلك وثائق مستقلة خشية أن يؤدي ذلك إلى تعزيز المزاعم الصينية بشأن سلسلة جزر سبراتلي إذا اعترفت بجواز السفر الجديد. لم تعترف تايوان بجواز السفر الصيني على أي حال، وحصل الزائرون الصينيون المقبلون إلى الجزيرة على وثائق سفر خاصة. أما بوتان فلم تقم أي علاقات دبلوماسية مع الصين حتى الآن.

وعلى الرغم من تعبير بعض الدول الأخرى عن غضبها وحنقها رفضت الهند هذا التحرك الصيني واتخذت خطوة أكثر جرأة وعرضت إحدى الخطط الأصلية. فقد بدأت السفارة الهندية في بكين إصدار تأشيرات مطبوع عليها خريطة الهند تضم المناطق المتنازع عليها في شمال شرقي ولاية أرونكال براديش وهضبة أكساي تشين في أقصى شمال الشطر الهندي من كشمير. ما أثار المشكلات على نحو خاص كان قرار الصين ضم أجزاء من الهند في نسختها المطبوعة من خريطة الصين الأكبر الجديدة. ويأتي هذا في أعقاب الذكرى الخمسين للحرب الهندية الصينية عام 1962. ويعد جواز السفر الجديد تأكيدا واضحا على الحدود الإقليمية كما تراها الصين، وبات واضحا أنه يعكس حدود الدولة الصينية التي جاءت ضمن الخريطة التي نشرتها الصين عام 1954، والتي لا تزال تدرس في الصين حتى اليوم. كانت هذه الخريطة جزءا من كتاب بعنوان «مختصر تاريخ الصين الحديث»، الذي يزعم أنها تضم أراضي الصين التي استولت عليها الدول الاستعمارية في عهد الثورة الديمقراطية القديمة (1840 - 1919). وتضم الخريطة دول نيبال وسيكيم وبوتان، وشمال شرقي الهند الذي يتألف من ولايات آسال وإن إي إف إيه وولاية ناغالاند، وجزر أندامان وبورما.

وقال سلمان خورشيد، وزير الخارجية الهندي: «نحن غير مستعدين لقبول ذلك، ومن ثم فنحن نؤكد أن الخلافات ستستعر بمجرد أن يحدث شيء. يمكننا التوصل إلى حل للمشكلات بصورة مقبولة أو قد يتعذر التفاهم فلا يكون هناك سوى الوسائل غير المرغوب بها».

كانت الهند والصين قد دخلتا في مواجهات عسكرية حدودية عام 1962 في منطقة أروناكال براديش الجبلية ومنطقة الهيمالايا في آكساي تشين، حيث لم يجر ترسيم المنطقة الحدودية غير المأهولة على الأرض. وتتسم هذه المنطقة النائية بتضاريسها الوعرة التي يتعذر على الشرطة الوصول إليها وهو ما سمح لبكين ببناء واحد من أكثر الطرق ارتفاعا على الإطلاق في العالم في منطقة آكساي تشين. لم تكتشف نيودلهي وجود الطريق إلا بعد الإعلان عن بنائه في الصحافة الصينية. وكانت الصين قد رفضت في الماضي مزاعم السيادة الهندية على كل من جامو وكشمير وقامت بإصدار تأشيرات للكشميريين على أوراق مستقلة تعترف بكشمير منطقة متنازع عليها، في الوقت الذي رفضت فيه بشكل واضح منح تأشيرات لسكان منطقة أرونكال براديش.

ويشير أدواي بهاسكار، المحلل السياسي في الهند إلى أن جوازات السفر الصينية الجديدة تسببت في ردود فعل قوية من دول آسيان، اتحاد دول جنوب شرقي آسيا، وأشعرتهم بالحاجة إلى اتخاذ موقف حاسم، وهو ما يعتبر تطورا غير مسبوق، إذ إنها المرة الأولى التي تقوم فيها إحدى هذه الدول بنقش خارطتها الخاصة على جواز السفر. وقد أثار التحرك الصيني ردود فعل قوية من جانب الهند التي انتهجت نفس الأسلوب في الرد على الصين. ويعتقد بهاسكار أن الصين شرعت في شيء دون منطق استراتيجي يدعمه.

وأكدت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية هوا تشونينغ في تصريحات للصحافة أن هذه الخرائط أو الصور المطبوعة في جوازات السفر الجديدة، التي استقر عليها اختيار السلطات الصينية، تم اختيارها بعناية. وقالت في إشارة إلى أن بكين لن تحيد عن موقفها، وفي محاولة خفية لتحويل اللوم عن أي اضطرابات في العلاقات الثنائية التي تتسبب فيها الأعمال الاستفزازية الصينية: «نأمل أن تأخذ الدول المعنية موقفا عقلانيا ومعقولا لتجنب التسبب في اضطراب العلاقات الطبيعية الهندية الصينية. والخريطة الصينية التي على جواز السفر غير موجهة ضد دولة بعينها، فالصين ترغب في التواصل مع الدول المعنية ومواصلة تعزيز العلاقات الثنائية مع جميع الأطراف».

وتبدي دول جنوب شرقي آسيا هي الأخرى مخاوف بشأن الصين وأن ذلك قد بدا واضحا في الاجتماع الذي عقدته دول جنوب شرقي آسيا مؤخرا في كمبوديا، عندما شكا قادة الفلبين وسنغافورة وفيتنام من التهجم الصيني، بل الاعتداء والسعي وراء مصالحها الاقتصادية في المنطقة، ووجودها العسكري الضخم في بحر الصين الجنوبي. بينما تشهد بعض الدول في المنطقة سياسات توسعية، يشهد كثير من الصينيين استردادا لأراضٍ. إن رؤية بكين يعاد صياغتها. وينظر إلى «الصين العظمى» على نطاق واسع بوصفها أحد الاهتمامات المحورية للدولة. ومدفوعة بصعود القومية الصينية التي تتطلب مزيدا من السيطرة القوية على الأجزاء الصغيرة المتنازع عليها من الأراضي، دخلت بكين في عدد من المطالبات المتشابكة بملكية أراض عبر منطقة آسيا - المحيط الهادي، بدءا من جزء مهجور من جبال الهيمالايا إلى عدة أجزاء صخرية نصف مغمورة بالماء في بحر الصين الجنوبي. ويقول مجلس شؤون البر الرئيسي في تايوان، وهو الهيئة الوزارية المسؤولة عن العلاقات مع بكين: «هذا جهل تام بالحقائق ويثير فقط نزاعات». وقال المجلس إن «الحكومة لن تقبل بتلك الخريطة».

وانشقت تايوان عن الصين بعد حرب أهلية اندلعت في عام 1949. وقد طالبت الصين بأحقيتها فيها منذ ذلك الحين. وأصبحت العلاقات بين البلدين التي شهدت تحسنا خلال الأعوام القليلة الماضية مهددة الآن. وأخبر وزير خارجية الفلبين، ألبرت ديل روساريو، الصحافيين في مانيلا بأنه قد أرسل رسالة موجزة إلى السفارة الصينية يشير فيها إلى أن بلده «تعارض بشدة» ذلك المشهد. وقال إن مطالبات الصين تضمنت منطقة تعتبر «بشكل واضح جزءا من الأراضي الفلبينية ونطاق البر الرئيسي». وجاء رد فعل فيتنام مماثلا. فقد بعثت بالمثل برسالة دبلوماسية إلى السفارة الصينية في هانوي. وفي الرسالة، شدد المسؤولون على ضرورة أن تزيل بكين «المحتوى المغلوط»، على حد تعبيرهم.

إن طباعة خريطة في جواز سفر وهو ما تعتبره دول أخرى إجراء غير صحيح هو إجراء تحريضي على وجه الخصوص، من الناحية الدبلوماسية، لأن تلك الدول مجبرة على ختم الخريطة، وبالتبعية التصديق على المحتوى. وتؤكد دول جنوب شرقي آسيا على مواقفها بصورة دبلوماسية قدر الإمكان. إنه إجراء يهدف لتحقيق التوازن. فهي تعلم أنه من الحصافة من الناحية الاقتصادية بالنسبة لها أن تحافظ على علاقاتها بالصين، لكنها متمسكة بمواقفها وثيقة الصلة بشأن القضايا الإقليمية.

وعلى الرغم من علمها بجواز السفر الجديد، وتأثيره على العلاقة بالهند واتحاد دول جنوب شرقي آسيا (أسيان)، أصدرت الحكومة الصينية قرابة 6 ملايين جواز سفر جديد. وقال إس دي برادهان، نائب سابق لمستشار الأمن القومي في الهند والذي ترأس أيضا لجنة الاستخبارات المشتركة في الدولة، إن الصين استمرت على مدى أعوام كثيرة في شن «هجوم متعلق برسم الخرائط». وفي تعليق له، وجه برادهان للصين تهمة «التدخل السافر» في مناطق الحدود الهندية، و«القيام بأنشطة جريئة مثل تدمير ملاجئ تحت الأرض أو حفر كلمة (الصين) على الصخور الهندية أو إزالة علامات تعيين الحدود». وأشار أيضا إلى أنه كانت هناك «الكثير من المواجهات التي تعكس الأبعاد الخطيرة للموقف». وأضاف برادهان: «أعتقد أنها خطوة خبيثة جدا من جانب بكين من بين آلاف الإجراءات الحاقدة».

إن كلا الطرفين قلق من الآخر لمجموعة معقدة من الدوافع الموروثة، والتي قد أضيف إليها الآن الجوانب الجذابة الحالية للعولمة، حسبما يشير بهاسكار. وقال: «إن هذا يحدث بالفعل، لكن الآن باتت الهند والصين متورطتين في هذه القضية الغريبة المتعلقة بجوازات السفر، حيث دخلت النزعة الإقليمية المجال الدبلوماسي». وعلى الرغم من ذلك، فإنهما في الوقت نفسه مشتركتان في حوار اقتصادي استراتيجي، يعتبر دليلا على الأوجه المتعددة للعلاقة التي تربط بينهما، حسبما يوضح بهاسكار. ويشرح قائلا: «لا أرى أي من دول اتحاد آسيان أو دول جنوب شرقي آسيا قادرة على تبني موقف أكثر حسما تجاه الصين نظرا لأن جميعها تربطها علاقات تجارية واقتصادية قوية بالصين، وتعتبر تابعة لها».

وبالنسبة لتي سي إيه رانغاتشاري، مدير قسم دراسات العالم الثالث بالجامعة الملية الإسلامية في نيودلهي، لا يمكن أن تبقى الهند غافلة عن حقيقة أن النفقات العسكرية الصينية أكبر من نفقات الهند والصين مجتمعة، ومع نمو الاقتصاد، سوف تصبح الصين دولة أقوى من الناحية العسكرية. علاوة على ذلك، فإن ما ترمز إليه المنافسة بين الصين والهند وأعضاء اتحاد آسيان هو انهيار البحرية الأميركية كقوة عسكرية مهيمنة أحادية الجانب في منطقة المحيط الهادي ما بعد الحرب وظهور بيئة جيوسياسية متعددة الأطراف أكثر تعقيدا مع الثقل الذي سيلقي به كل لاعب من الدول على الطاولة. إن ما لا تتمناه الصين على وجه التحديد هو أن تدفع مطامحها الإقليمية البارزة في جواز سفرها الجديد القوى الأقل تنافسا إلى الارتماء في أحضان الولايات المتحدة للاتحاد ضد بكين بوصفها تمثل تهديدا مشتركا.

فقط هذا الواقع السياسي الصريح يمكن أن يدفع هؤلاء الأعداء العنيفين أمثال فيتنام والولايات المتحدة للاتحاد أو يشجع الهند التي «مالت» من قبل إلى كفة الاتحاد السوفياتي إلى الميل نحو كفة واشنطن.

والسؤال هو: إلى أي مدى تبدو الصين عازمة على تحقيق مصالحها، بما فيها مطالبها الإقليمية؟

nad-ali
24-12-2012, 08:37 PM
http://www.arabi-press.com/images/hdr.jpg

كتب محمد صادق الحسيني : واشنطن، طهران...بينهما برزخ لا يبغيان
طهران - عربي برس

http://www.arabi-press.com/userfiles/a1001356742679021269.jpg

في جولة افق مع بعض الديبلوماسيين والعارفين بخطوط المواجهة الايرانية الاميركية، يفيد هؤلاء سندا الى اتصالاتهم وما هم مطلعون عليه فيقولون:
صاحب القرار التنفيذي الأول في الادارة الاميركية اي " باراك اوباما " بات في حكم اليقين لديه بانه لا مفر لإدارته من التعايش مع ايران "دولة نووية سلمية " تخصب اليورانيوم بالنسبة التي تريد، اذا ما اراد ان يتجنب مواجهة شاملة مع الجمهورية التي يرى بعض قادتها الاساسيين انهم في موقع يتيح لهم التمسك بأقصى مصالحهم في مواجهة المناكفة السياسية والامنية والضغوط الاقتصادية الاميركية التي تتمظهر احيانا كثيرة في تبجح عسكري يعرف الاميركي قبل الايراني انه غير واقعي وغير متاح لاسباب موضوعية .
للأميركي مصالح في المنطقة وحتى يحفظ باراك اوباما مصالح بلاده في هذه المرحلة التي تغلي فيها المنطقة على مرجل العته والهجوم الاميركي الفاشل على حور المقاومة ، فلا بد للأميركيين من القبول بالواقع كما هو والتصرف على اساسه ، وإلا فالمصالح الاميركية في منطقة جنوب غرب أسيا او ما يسمى زورا وبهتانا بالشرق الاوسط لن تبقى كما هي لأن ما خطط له الاميركي من فوضى خلاقة تحول إلى مأزق يضيق الخناق على الاميركيين بدل ان يعيد لهم بعض كرامة سقطت في العراق عبر انسحابهم المهين.
من جهتها لا تخفي طهران إتخاذ المستوى القيادي الاول فيها قرارا لا رجعة عنه بأن لا تفاوض، ولا حوار ثنائيا مع واشنطن، ما لم تقر وتذعن الاخيرة بتكافؤ الطرفين في الحوار.التكافؤ وحده هو السبيل الوحيد لتجسير الثقة مع قوة لم ترى منها الجمهورية الاسلامية الا الجانب الشيطاني من ادارتها ولا علم لأي مسؤول ايراني منذ سبعة عقود بوجود اي وجه انساني للمسؤولين الاميركيين منذ ايزنهاور وحتى الرئيس الحالي. الامريكي االفاقد للمصداقية اصلا بسبب تلطخ ايديه بدماء علماء ايران ونخبها ومرضاها وكل اطياف المجتمع الايراني دون استثناء (...)
ولما كان ذلك اكيد بالمعلومات والرسائل كما بالتحليل، فان طهران تسير على
خطين متوازيين يزيدان من حيرة اوباما وقلقه، فما ظن اوباما انها فرصته الذهبية لقلب موازين الشرق لصالحه اصبح وبالا عليه او يكاد،و ما يحصل في بلاد المسلمين لن يكون الا لصالح شعوبها مهما بذل الاميركي من جهود لسرقة الحراكي الشعبي ولدعم فئات من عملائه.
ماذا اعدت طهران لعدوها؟
أولا:
لم تفاوض الجمهورية الاسلامية عدوها الاكبر الا بعدما أمنت التكافؤ معه ، هذا التكافؤ في البحر كما في الجو كما في البرّ وفي العلوم كما في التكنولوجيا كما في مجال المعلومات و في ثورة الاتصالات وفي العالم السايبري كما في علوم الفضاء و في فنون الحرب كما في ديبلوماسية السلم .
ثانيا:
الانتهاء من خطة اقتصادية بديلة باتت جاهزة على طاولة القائد الاعلى للجيوش الايرانية والرجل الاول في البلاد اي قائد الثورة و المجتمع الايراني الامام السيد "علي الخامنئي" و محورها صفر واردات من المشتقات النفطية، و تأمين احتياطي استراتيجي من الذهب ، والمعادن، و مليارات الدولارات الموزعة في اكثر من عاصمة شقيقة او صديقة او محايدة بالاضافة الى طهران كمقر اساس لمجابهة احتمالات الصعبة.
طهران التي تراقب هذه الايام بدقة بالغة تحولات المشهدين الاقليمي
والدولي من حولها ومن حول عدوتها اللدود المعروف بـ " الشيطان الاكبر" باتت
اكثر يقينا بان واشنطن اقرب ما يكون الى وضع القوة العظمى المنكفئة و العاجزة عن خوض الحروب الكبيرة والتي تفضل استراتيجية الحروب بالوكالة واعتمادها الحرب الناعمة كاداة رديفة في المواجهات مع خصومها .
ولما كان افضل وضع في الحرب الناعمة ضد عدوك هو ان تلعب بقواعدك في ملعبه
وافضل وضع للعدو هو ان يلعب بقواعده في ملعبك . لذلك اتخذت طهران كافة احتياطاتها اللازمة لان تلعب في ملعب العدو، ولكن بقواعدها هي ما يعني الابقاء على كل اشكال الحوار والمفاوضات مع حلفاء واصدقاء وادوات واشنطن . فيما يسميه السياسيون " الابقاء على شعرة معاوية مع الخصوم.
الخطة الجديدة والتي صممت لتجابه العقوبات والضغوطات لا تسمح فقط بالالتفاف على العقوبات الاميركية بل تسمح للجمهورية الاسلامية القيام بواجبها لتأمين ما يحتاجه الشقيق والصديق من دواء وغذاء ومال وسلاح ودعم معنوي وسياسي حتى النفس الاخير .
التكنولوجيا الفضائية انعكاس لقوة الاقتصاد الايراني وهنا نذكر بأن الروس لجأوا للتمويل الغربي لاستكمال برامجهم المماثلة بعد سقوط الاتحاد السوفياتي قبل ان يتعافى اقتصادهم ويتألق، في حين ان الجمهورية الاسلامية تستعد حاليا للصعود الى الفضاء بقمرين جديدين مصنوعان بالكامل في ايران وسيطلقان الى الفضاء بجهود ايرانية.
الطائرات من دون طيار والحرب السايبرية والحرب الالكترونية وتعزيز القوة
البحرية بما يتيح لها الحضور في المياه الدولية بشكل ملفت، فضلا عن التواجد الفعال حول المضائق البحرية بقوة ردعية ما دفع وزيرة
الشؤون الخارجيةفي الاتحاد الاوروبي كاترين اشتون الى طلب التعاون مع البحرية الايرانية في مجال مكافحة القرصنة.
, كلها خطوات جعلت من طهران رقما اساسيا في اي تفاهمات دولية محتملة ، رقم لا يمكن للروسي والاميركي ان يجتمعا ويتجاهلا مصالحه ومصالح اصدقائه واولهم سورية.
ولما كان ما يجري اليوم على كل من الارض السورية والارض المصرية من
احتراب داخلي مفتعل هو تطبيق عملي للقاعدة الثانية من الحرب الناعمة بحسب قراءة طهران، فان القيادة الايرانية ترسل رسائل واضحة وشفافة وحازمة مع
كل يوم يمر على هاتين الساحتين، ومفادها انها ستظل الحليف الوفي لكل اصدقائها من
اتباع المقاومة، فيما ستقف بالمرصاد لكل من يريد السوء لهذين البلدين الشقيقين .
من هنا تعتقد طهران اعتقادا راسخا بان اللاعبين المحليين على مسرح ما يسمى بالعملية السياسية الداخلية او ما يطلق عليها باللعبة الديمقراطية في بلدان الثورات العربية اليوم يخطئون مرتين اذا لم يجعلوا حراكهم الحالي ضد الاستبداد الداخلي رديفا موازيا للصراع مع العدو الوحيد والاساس للامة الا وهو العدو الصهيو امريكي .
بناء على ما تقدم فان صانع القرار الايراني يرى في المشهد الدولي العام
انعكاسا لتراجع متسارع للقوة الاحادية العظمى التي ظلت وحيدة في السنوات الاخيرة , يقابله تصاعد متسارع لمجموعة من القوى الناهضة بينها قوى شعبية كثيرة لم تصل الى الحكم بعد , تتصارع فيه القوتان المتهاوية والصاعدة على مفترق طرق تاريخية وعرة الغلبة فيها مرجحة لصالح القوى الناهضة وفي مقدمتها قوى محور المقاومة .
هذا التقدير للموقف هو الذي يدفع بطهران الى الاصرار على عدم تقديم اي تنازل
يُذكر للقوة المتدحرجة من اعلى قمة الجبل السلطوي الدولي الى الهاوية , مقابل الوقوف بحزم وصلابة الى جانب كل القوى التي تتعرض للعدوان من قوى المقاومة حتى لو ادى ذلك بالعدو الاساسي الدفع باتجاه حرب عالمية يتخوف منها هذا
العدو ويهابها اكثر من اي وقت مضى كما تعتقد طهران.
كلمة الايرانيين الى الشعوب المسلمة : إحذروا النمر الجريح امريكا فهي عاجزة ولكن عملائها نشطون وخيارها الوحيد في هذه المرحلة التاريخية هو الحرب بالوكالة وحروب الفتن الطائفية والعرقية والمذهبية.

nad-ali
24-12-2012, 08:39 PM
قادة مجلس التعاون يغيبون عن "قمة المنامة" عدا أمير الكويت


http://manamavoice.com/pictures/medium_1356341302.jpg

صوت المنامة – خاص
يغيب قادة دول مجلس التعاون الخليجي عن القمة الثالث والثلاثين لقادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، التي ستعقد في مملكة البحرين وبرئاسة عاهل البلاد الملك حمد بن عيسى آل خليفة يومي الاثنين والثلاثاء الموافقين الرابع والعشرين والخامس والعشرين من ديسمبر 2012، فيما عدا أمير الكويت السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح الذي أعلن ترأسه لوفد دولة الكويت في القمة.

وأنتدب سلطان عمان قابوس بن سعيد رئيس الوزراء لشئون مجلس الوزراء فهد بن محمود آل سعيد نائب لترؤس وفد السلطنة في "قمة المنامة" ويرافقه كلا من الوزير المسئول عن الشؤون الخارجية يوسف بن علوي بن عبدالله ووزير التجارة والصناعة علي بن مسعود السنيدي ووزير الشؤون القانونية عبدالله بن محمد بن سعيد السعيدي.

كما سيمثل أمير قطر في القمة ولي العهد القطري الشيخ تميم بن حمد آل ثاني ولي العهد.

فيما يصل اليوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل إلى المنامة على رأس وفد الدولة الى اجتماعات القمة الخليجية.

فيما من المتوقع أن يمثل المملكة العربية السعودية في القمة وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل.

وتبحث القمة اليوم سبل تطوير مسيرة التعاون والتكامل الاقتصادي بين دول المجلس في مختلف المجالات والمستجدات السياسية الاقليمة والدولية.

وأوضح سمو الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية أن الموضوعات المطروحة في جدول أعمال القمة تشمل كافة الملفات المهمة المتعلقة بالتعاون الخليجي وإنجاز ما يمكن إنجازه.

وقال سموه عقب اختتام الاجتماع التحضيري المغلق لوزراء الخارجية أمس "إن التصريحات الايرانية والتدخلات الايرانية في الشأن العربي سبق وأن تحدثنا عنها تكرارا ومرارا".

وأضاف "إيران تحاول أن تستغل الامور، وهذا واضح وغير مريح ولو كان تدخلها في صالح الدول العربية كان هذا مفهوما".

من جهته أبان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد الصباح أن جدول أعمال الدورة الـ33 للمجلس الأعلى لقادة دول مجلس التعاون الخليجي التي ستعقد برئاسة مملكة البحرين حافل بالعديد من القضايا التي تهم أبناء دول المجلس.

وقال إن القادة سيستعرضون دور مجلس التعاون في التعاطي مع المستجدات والقضايا الاقليمية والدولية ويبحثون قضايا اقتصادية ومالية وبيئية وأخرى في مجال حقوق الإنسان.

وأشار إلى أن القضايا التي تصب في مصلحة أمن واستقرار دول المنطقة سيكون لها نصيب كبير من اهتمام القادة من أجل تحقيق مزيد من التعاون والتنسيق بين أبناء دول مجلس التعاون الخليجي في مختلف المجالات.

كما أن التكامل الاقتصادي بين دول المجلس سيكون احد البنود المهمة التي ستناقش في القمة بكل قضاياه التي جرى بحثها من قبل وزراء المالية والخارجية.

أخبار عامة , 24/12/2012 م

nad-ali
28-12-2012, 09:43 PM
http://www.alhejazi.net/common/banner.jpg

بندر بن سلطان
الأميـر المذعـور!
محمد الأنصاري


رغم ما ينسب اليه من مغامرات خيالية، مثل تسلّله الى داخل سورية منذ سنوات عبر المطار لجهة التواصل مع بعض القيادات العسكرية والأمنية والقبلية، وما يقال عن ضلوعه في جرائم بشعة مثل مجزرة بئر العبد في بيروت في 8 آذار (مارس) 1985، وما يحكى عن إدارته لشبكات من المقاتلين الذين يتنقلون من جبهة الى أخرى لتلبية أهداف معركة ليست لهم، فإن في حياة الرجل جانباً مجهولاً لدى كثيرين، وهو على النقيض من شخصيته المعروفة والظاهرية..
انغماسه في عالم الاستخبارات لم يمنحه قوة، رغم اطّلاعه على خبايا وشرور وأشرار هذا لعالم، بل زاده خوفاً على خوفه التكويني، فهو يمارس اللعبة القذرة، ولكن في الوقت نفسه يخشى من أن يكون ضحية فيها يوما ما..
يقتل، يتآمر، يخدع، يستدرج، وفي نهاية المطاف يجدها لعبة مزدوجة: تسلية ومجازفة، فهو لا يكف عن رسم مخططات ضد الخصوم، وأحياناً ضد الأصدقاء وهذا مايبعث الرعب في داخله، لأنه يستطيع تفادي الوقوع في أيدي أعدائه عبر تدابير أمنية محكمة وصارمة، ولكن خوفه ينبع من الأصدقاء الذين يتواصلون معه..وقد خفّف في الآونة الأخيرة حتى مجرد التواصل الروتيني معهم، لاعتقاده بأن مقتله سوف يكون على يد صديق، وليس عدواً.
في واقع الأمر، إن فوبيا الأضواء التي يعاني منها الأمير بندر بن سلطان، تعكس شخصيته القلقة والمذعورة، وليس زهداً في الإعلام، فهو يعلم تماماً ما ارتكبه من جرائم قتل ضد الأصدقاء، وهناك في دوائر الاستخبارات المقرّبة منه من يهمس بقليل من الحذر بأن للأمير بندر يداً في الاغتيالات السياسية في لبنان بدءاً من رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري وصولاً الى مدير فرع المعلومات في الأمن الداخلي اللواء وسام الحسن..
يعيش بندر وضعاً لا يحسد عليه، فقد تحوّل الحذر لديه الى مرض يصل الى حد الارتياب من كل شيء، ومن كل شخص، ولذلك فإن حياته اليومية لا تقوم على جدول منظّم من المواعيد والمهمات، بل هي قائمة مفتوحة، تتغير باستمرار، ولأتفه الأسباب، وقد يقفل على نفسه باب قصره دونما سبب حقيقي، لمجرد إحساس بأن ثمة من يتربّص به لقتله..
المسؤولون الأوروبيون والأميركيون باتوا يدركون تقلّبات مزاج الأمير بندر، ولذلك لا يتفاجأون إذا ما ألغى موعداً مع أحدهم، أو لم يحضر اجتماعاً مقرراَ مسبقاً، خوفاً منه بأن قد يكون هناك من كمن له في الطريق أو من يخطط لتصفيته..
أكثر من عاصمة أوروبية كانت تنتظر قدوم بندر للتفاهم معه على بعض الملفات الاستخبارية، ولكن كل المواعيد التي جرى تحديدها ألغيت لأن بندر قرر عدم السفر، خوفاً من المجهول الذي قد يكون أحد مرافقيه..
يمسك الآن بالملف السوري، ويستفرد به، وله شركاء في أوروبا يتقاسمون معه الرأي، وهم يديرون اللعبة من خلف الستار، ويتواصلون مع قوى المعارضة السورية، ولكن بندر يتصرّف كتاجر جبان، فهو يدرك بأن في الملف السوري أهدافاً متعدّدة منها الهدف الشخصي الحاضر بقوة في معركة بندر مع بشار الأسد، ولكن هناك أبعاد أخرى منها الحصول على نصيب من الاموال التي تتدفق على المعارضة السورية عبر قنوات سرية، وتحقيق غايات بعيدة منها الحصول على دعم الولايات المتحدة والغرب لجهة تحقيق حلمه الكبير بأن يصل الى العرش في يوم ما عبر تحقيق منجز سياسي كبير كإسقاط النظام السوري وتفكيك معسكر الممانعة الممتد من طهران الى بيروت وغزة مروراَ بالعراق وسوريا.
يكتفي بندر حالياً باللعب في الظلام، ويدرك بأن الضوء يحمل مخاطر على حياته، ولربما هناك من كشف بعض أسراره، ويتحيّن الفرصة للإنتقام منه..فهو بمثابة خبير الجراثيم، الذي يتعامل معها في المختبر ولكن يدرك مخاطرها فيما لو تسلّلت الى جسده. يعلم تماماً بأن يديه ملطّخة بدماء الخصوم والأصدقاء، وإن في عالم الاستخبارات، كما في عالم العسكرية، الخطأ الأول هو الخطأ الأخير، فما إن يقع في قبضة الضحايا فلن يترددوا في إيصاله الى حيث يجب أن يكونه..
اختار اللعب في مجال أحبه كثيراً، هو الاستخبارات وسمح له ذلك بتنفيذ كل ما يشاء بطريقة سريّة وبعيداً عن الأضواء، ووضع بصمة على جرائم كثيرة شارك في التخطيط لها وتمويلها، ولكن بمرور الوقت إكتشف بأنه صنع سياجاً من نار حول نفسه، فصار مطوّقاً بداخله، لا يستطيع الخروج منه بسهولة، ولا البقاء بداخله أيضاً لفترة طويلة..
خضع للعلاج من الإدمان ونجحت فترة التأهيل القاسية والطويلة في التخفيف من معاقرة السكر، ولكن المزاجية بدت تلاحقه حتى داخل غرفة نومه، فهو لا يكاد يقرر فعل شيء حتى ينتهي الى فعل نقيضه. يغضب المسؤولون الاستخباريون الأوروبيون وخصوصاً البريطانيون منه لأنه يقطع وعوداً معهم ثم حين يحين الوقت يطلب منهم عدم المجيء، أو حين يصلون الى المملكة يبقون في أماكنهم دون أن يتواصل معهم أحد فيضطّرون للعودة الى ديارهم. ولذلك قرروا دعوته الى لندن للتفاهم معهم بخصوص ملفات عديدة منها الملف السوري، ولا زالوا ينتظرون قدومه، ولكّنه لم يحدد موعداً حتى الآن!

nad-ali
28-12-2012, 09:44 PM
http://www.almanar.com.lb/images/logo.png

مرسي ينتشي بدستوره .. والقضاة ينسحبون مؤقتاً من المعركة
مصر على طريق اليونان: الكارثة الاقتصادية تقترب!

http://news.bbcimg.co.uk/media/images/50987000/jpg/_50987884_jex_938800_de27-1.jpg

محمد هشام عبيه

http://image.almanar.com.lb/edimg/2012/MiddleEast/Egypt/president/2441images_pic_D007044_20121226212849.jpg

انتظر الرئيس المصري محمد مرسي 20 يوماً كاملة قبل أن يتحدث إلى الشعب المصري بعد طول صمت، وفي وقت بالغ الحساسية، اشتد فيه الاستقطاب بين التيارين الديني والمديني على خلفية أزمة الجمعية التأسيسية ودستورها. وبالأمس فقط خرج مرسي ليتحدث في كلمة تلفزيونية مسجلة أراد من خلالها، كما يبدو، الاحتفال باليوم الأول الذي بدت فيه الأمور السياسية أكثر استقرارا في حوزته، وفي حوزة جماعة «الإخوان المسلمين»، بعد إقرار الدستور بنسبة 63,8 في المئة، وتحقيقهم انتصار جزئي في معركتهم مع السلطة القضائية.

ومنذ آخر كلمة تلفزيونية مسجلة له عقب ما عرف في مصر بـ«مذبحة الاتحادية»، التي سقط فيها نحو 12 قتيلاً وأكثر من 600 مصاب، عقب قيام عناصر من «الإخوان» بالهجوم على المعتصمين ضد الإعلان الدستوري أمام قصر الرئاسة، وهي الكلمة التي وصفها كثيرون بأنها تصادمية متعالية غير متصالحة، كان الأمس هو أول ظهور لمرسي في كلمة مسجلة، والمناسبة كانت إقرار الدستور الذي أعدته جمعية تأسيسية سيطر عليها التيار الإسلامي وانسحب منها ممثلو الكنيسة والتيار المدني.

وجاءت كلمة مرسي بعد يوم على إعلان اللجنة العليا للانتخابات، في مؤتمر صحافي، عن أن نحو 10,6 ملايين مصري قد صوتوا بـ«نعم» لصالح الدستور، فيما رفضه نحو 6 ملايين مصري، وذلك من إجمالي ما يقرب من 17 مليون ناخب، من أصل 52 مليون مواطن لهم حق التصويت، أي بنسبة تصويت لاتزيد عن 32 في المئة، وهي النسبة الضعيفة التي اتخذتها المعارضة للتشكيك في شرعية الدستور الذي يفترض أن يلتف حوله الشعب.

لكن هذه النسبة وهذه الاعتراضات لم تقلق في ما يبدو مرسي، الذي بدا في خطابه التلفزيوني المسجل أمس، أكثر حيوية وانفراجا، منتشيا بنتيجة الاستفتاء على الدستور، ولعله في ذات الوقت أيضا يخمد أي أحاديث تواترت عن تردي حالته الصحية واحتمالات سفره إلى ألمانيا نهاية هذا الشهر للعلاج.

ووصف مرسي في كلمته اليوم الذي صوّت فيه 63 في المئة من 32 في المئة من الشعب المصري بـ«نعم» للدستور بأنه «يوم تاريخي». وبالرغم من أن الوصف تقليدي وسبق أن استخدمه مرسي نفسه، بل ورموز النظام السابق في إضفاء هالة على أحداث شاركوا في صنعها، فإن مصطلح «تاريخي» هذا كشف في تلقائية عن المسافة الشاسعة بين مرسي ومعارضيه، كون أن رئيس «حزب الدستور» محمد البرادعي، وهو أحد أبرز قادة جبهة الإنقاذ الوطني، وصف هذا اليوم بأنه يوم حزين.

وحسم مرسي الحديث المتصاعد عن إقالة حكومة هشام قنديل التي يراها كثير من الخبراء السياسيين والاقتصاديين هشة وضعيفة، عندما أكد أنه كلّف قنديل نفسه بإجراء التعديلات الوزارية اللازمة لمواجهة التحديات الاقتصادية القاسية التي تواجهها مصر الآن، لافتا إلى أن تلك الحكومة ستظل مستمرة حتى انتخاب مجلس نواب جديد، أي حتى ثلاثة أشهر مقبلة. وإذا كان مرسي بذلك قد أنهى أي حديث عن إمكانية تولي نائب المرشد العام لـ«الإخوان» خيرت الشاطر منصب رئاسة الحكومة، فإن مرسي بدا في الوقت ذاته بعيدا لمرة جديد عن تطلعات المعارضة، ومن خلفها قطاع كبير من الشعب كان يأمل في تشكيل حكومة إنقاذ وطني من كل التيارات على رأسها شخص قوي وتوافقي، لمواجهة شبح الإفلاس الذي بات يحيط بمصر للمرة الأولى.

وردا على هذه الكلمة أعلنت جبهة الإنقاذ الوطني أنها ستواصل نضالها لاسقاط الدستور المعيب، وستخوض الانتخابات البرلمانية من أجل عدم ترك الساحة أمام تيار الاسلام السياسي المتمثل فى الاخوان والسلفيين والجماعة الإسلامية.


طائر الإفلاس يفرد جناحيه
في يومين متتاليين ـ تصادف أن في أحدهما تم الإعلان الرسمي عن إقرار الدستور ـ تلقت مصر ثلاث ضربات اقتصادية من العيار الثقيل. الضربة الأولى كانت أمس الأول، عندما خفضت وكالة «ستاندرد آند بورز» التصنيف الائتماني طويل الأمد لمصر إلى مستوى (- B) ، وهو ذات التصنيف الائتماني لليونان التي تعاني أزمة اقتصادية حادة وكادت تعلن إفلاسها قبل أشهر.

الوكالة أوضحت، أن السبب في هذا التصنيف هو التدهور في المؤشرات الاقتصادية وتراجع احتياطي النقد الأجنبي وعجز الموازنة والغموض السياسي. بل ذهبت للقول بأنه من المرجح حدوث تخفيض جديد للتصنيف إذا وجدنا أن الحكومة غير قادرة على منع تدهور المؤشرات المالية. التصنيف السابق قفز بمصر إلى مرتبة الدول التي يعد فيها الاستثمار مخاطرة، وهو أمر يحمل دلالات اقتصادية كبرى، ودلالات سياسية لا تقل أهمية.

الضربة الثانية للاقتصاد المصري جاءت في اليوم التالي. وقبل أن يتحدث الرئيس مرسي في كلمته التلفزيونية خفّضت «ستاندرد آند بورز» التصنيف الائتماني لثلاثة من كبرى المصارف المصرية من B/B إلى B-/C، وهي «البنك الأهلي المصري» (أكبر مصرف تملكه الدولة)، و«بنك مصر» (ثاني أكبر مصرف تملكه الدولة)، و«البنك التجاري الدولي»، وهو واحد من أكبر مصارف القطاع الخاص العاملة في مصر، ويملك فيه «البنك الأهلي» نحو 99.9 في المئة من الأسهم منذ العام 1987 بعدما كانت 51 في المئة عندما تم تأسيسيه عام 1975 بالشراكة مع مصرف «تشيس مانهاتن» الأميركي.

وبعد ساعات من تحفيض التصنيف الائتماني لهذه المصارف الكبرى، جاءت الضربة الاقتصادية الثالثة، عندما ذكرت شبكة «بلومبرغ» أن وزارة المال المصرية تعتزم التوسع في طرح السندات الحكومية في ربع السنة المالية بزيادة قدرها 60 في المئة، قياسا على الربع الحالي من العام المالي، وأن الحكومة ستسعى لبيع 26 مليار سند حكومي في الربع الجديد، تتراوح آجالها بين ثلاث الى عشر سنوات، قياسا الى 16 مليار سند في الربع الحالي، وهو رقم كبير للغاية دفع الوكالة الاقتصادية الأميركية البارزة إلى تصنيف العجز المالي في مصر حالياً بأنه الأكبر في منطقة الشرق الأوسط.

وبدا أن هذا التوجه الحكومي الأخير جاء بعد تعثر المفاوضات بين مصر وصندوق النقد الدولي للفوز بقرض تبلغ قيمته 4،5 مليار دولار على خلفية الفوضى السياسية التي تضرب مصر منذ أشهر. وانعكست كل هذه الضربات الاقتصادية المتتالية على المواطن المصري البسيط، الذي يعيش في قلق متضاعف منتظرا زيادة الضرائب على سلع غذائية وخدمية خلال أيام قليلة بعدما علق مرسي تفعيل هذه القرارات قبيل الاستفتاء، فيما ضرب نوعا من أنواع الهلع المتعاملين مع المصارف في ما يتعلق بتراجع قيمة الجنيه، فبدأ عدد كبير من العملاء في تحويل أرصدتهم إلى الدولار، بينما تم رصد صعوبة في التحويلات المالية في عدد من كبرى شركات التحويلات، ليبدو النصر السياسي الذي حققه الإخوان في الفوز بالدستور منقوصا بسبب التردي في الأوضاع الاقتصادية حتى ولو كانوا قد حققوا نصرا آخر نسبيا في المعركة مع القضاء.


القضاة... هل خرجوا من المعركة مؤقتا؟!
البيان المشترك الذي خرج عقب الاجتماع المشترك الذي جمع أعضاء المجلس الأعلى للقضاة، ورئيس نادي القضاة المستشار أحمد الزند أمس، فسّره كثيرون بأنه تنحية مؤقتة للقضاة من الصراع السياسي الدائر في مصر منذ شهور. البيان الذي تمت صياغته بعد اجتماع دام لثلاث ساعات ونصف، ناشد المستشار طلعت عبد الله النائب العام العودة إلى منصة القضاء، لما يحققه ذلك حاليًا لصالح العمل بالنيابة العامة والقضاة وحتى يتفرغ الجميع لأداء عملهم.

وبالرغم من أن البيان يعني ضمنا استقالة النائب من منصبه، إلا أن لفظ استقالة لم يرد ذكره صراحة في البيان، فيما نص صراحة في جانب آخر على مطالبة القضاة المعتصمين ووكلاء النيابة المعتصمين بعد تعيين النائب العام بقرار من مرسي بالمخالفة للقانون بالعودة للعمل. بل ونص البيان أيضا على تعليق انعقاد الجمعيات العمومية للقضاة التي ظلت في حالة انعقاد دائم منذ الإعلان الدستوري الذي أصدره مرسي في 21 تشرين الثاني الماضي.

لكن أمر القضاء على القضاة لم يتوقف عند حد أزمة النائب العام فقط بل امتدت الى المحكمة الدستورية التى تم استبعاد ستة من قضاتها واعادتهم الى محاكم النقض والاستئناف. أبرز هؤلاء القضاة هو المستـــشار حاتم بجاتو، المتحدث السابـــق باسم لجنة الانتخابات الرئاسيـــة، فيما لم يتحدد بعد موقـــف المستشارة تهـــاني الجـــبالي المعروفة بتصريحاتها المنـــاهضة لـ«الاخوان» منذ تم انتخاب محمد مرسي رئيسا للجمهورية.

nad-ali
28-12-2012, 09:51 PM
http://kassioun.org/templates/img/logo.jpg

الانهيار الأمريكي المالي والاقتصادي

http://1.bp.blogspot.com/-f-IslQxn7HE/Taqqtp1QQAI/AAAAAAAAEWg/xF5OniQ2ocM/s1600/craig.jpg
Dr.Paul Craig Roberts
د. بول كريغ روبرتس* - ترجمة: أمين عليا - قاسيون /

http://kassioun.org/user_files/news/photo/347477351.jpg

يعاني الاقتصاد الأمريكي من انحدار مالي ناتج عن عدم القدرة على معالجة العجز في الموازنة الفيدرالية. ولا يمكن معالجة هذا العجز بسبب عدد الوظائف الهائلة التي تم سحبها من الطبقة الوسطى الأمريكية وما لذلك من تأثير على القاعدة الضريبية والناتج المحلي الإجمالي، مما ساهم بتخفيض الإيرادات والعائدات الفدرالية. بالإضافة إلى أن السياسات الاقتصادية المتبعة كان جلّ اهتمامها هو إنقاذ المصارف التي كانت خارج إطار الرقابة المالية الحكومية، مما سمح بانتشار عمليات الدمج والمضاربة، على أمل أن تصبح تلك المصارف عصية على الانهيار. تَطلّب ذلك إعانات عامة، تم اقتطاعها من مخصصات الإنفاق على الرعاية الاجتماعية في الولايات المتحدة. بالإضافة إلى أن أحد عشر عاماً من الحروب التي شنتها أمريكا على نصف دول العالم الثالث، ساهمت بدورها بتعميق الانحدار المالي، فلم تحقق تلك الحروب سوى زيادة التعقيد بالوضع العسكري والأمني، وتغذية الأطماع «الإسرائيلية».
الكينزية لم تُفلح!
ويأتي هنا دور التلاعب الدعائي، بتصوير إمكانية تجنب الوقوع في الانحدار المالي، من خلال التراجع عن تقديم مخصصات الضمان الاجتماعي والرعاية الصحية، التي تُقتطع أصلاً كضريبة من رواتب المواطنين. وأيضاً من خلال تقليص دور شبكة الأمان الاجتماعي بكل جوانبها، من القسائم الغذائية ومعونات البطالة، إلى المساعدات الطبية والإعانات السكنية. لقد حاول الجناح اليميني التخلص من شبكة الأمان الاجتماعي منذ تأسيسها على يد فرانكلين روزفلت أثناء فترة «الكساد الكبير».
لقد واجهت الحكومة في واشنطن الانحدار المالي بسياسة التقشف، المعبر عنها بخفض الإنفاق وزيادة الضرائب. وكان رد الجمهوريين أنهم سيصوتون لمصلحة برنامج الديمقراطيين بزيادة الضرائب، إذا ما صوت الديمقراطيون بدورهم لمصلحة الهجوم على شبكة الأمان الاجتماعي. أي أن التسوية بين هذين الحزبين ما هي إلا زيادة التقشف. لقد فهم الاقتصاديون، منذ عهد جون ماينارد كينز، أن زيادة الضرائب وخفض الإنفاق لن يحفز النشاط الاقتصادي بل على العكس سيقوم بإخماده. وهذه هي حال الاقتصاد الأمريكي الذي يحركه الإنفاق الاستهلاكي، فعند تخفيض الإنفاق يتراجع الاقتصاد ويرتفع العجز في الموازنة.
هذه هي الحال في الاقتصاد الضعيف والمتهالك، فالتدهور الاقتصادي يعني مبيعات أقل، وعائدات ضريبية أقل، وبطالة أكثر. إن سياسة التقشف تلك ستؤدي إلى إنهاك الاقتصاد أكثر، بدلاً من تحفيزه وتقويته. فخفض إعانات البطالة والقسائم الغذائية في الوقت الذي ترتفع فيه نسبة البطالة سيؤدي إلى زيادة الاحتقان الاجتماعي والتوتر السياسي.
يرى بعض الاقتصاديين كروبرت بارو (جامعة هارفرد) أن التدابير التحفيزية في الاقتصاد لن تجدي نفعاً، لأن المستهلكين يتوقعون ارتفاع الضرائب لتغطية العجز في الموازنة، لذلك سيسعون لخفض نفقاتهم وزيادة مدخراتهم ليتمكنوا من دفع الضرائب المتوقعة. بمعنى آخر، عملت الجهود «الكينزية» بشكل عكسي، أي أنها أدت إلى تخفيض الانفاق بدل زيادته و تحفيزه. إلا أنني لم أجد أي دليل تجريبي ليثبت صحة هذا الطرح! فالوضع حالياً على أرض الواقع يتمثل بإنهاك الدخل إلى الحد الأقصى بالنسبة للغالبية العظمى من الناس، فلم يتمكن العديد منهم من دفع الفواتير والرهون العقارية أو أقساط السيارات أو القروض المدرسية. بالمحصلة إنهم غارقون بالديون، ولن يتبقى شيء من الدخل ليتم دفعه للضرائب المرتقبة. يشتكي معظم المراقبين من سلبية الكونغرس الأمريكي في التعاطي مع هذه الأزمة، تاركاً الانحدار المالي يفعل فعله. ولعل هذا أفضل مايمكن أن يكون، فالانحدار المالي ماهو إلا نتيجة، وليس سبباً. فلايمكن معالجة المرض بالنظر إلى أعراضه، بل إلى مسبباته.

الدولار يَهْرب!

يعاني الاقتصاد الأمريكي من مَرضَين جدّيين، وليس أحدهما الإنفاق الكبير على الرعاية الاجتماعية. المرض الأول هو سحب الوظائف الإنتاجية ووظائف الخدمات المهنية كالهندسة والتصميم والبحوث وتكنلوجيا المعلومات من الطبقة الوسطى الأمريكية، ليشغلها الوافدون الأجانب الذين يعملون بثلثي الراتب.
المرض الثاني هو تحرير الاقتصاد من القيود الحكومية، وخاصة في المجال المالي، مما تسبب باستمرار الأزمة المالية. أدى ذلك إلى خلل في دورة الرأسمال وإغلاق العديد من الشركات المفلسة. تركز سياسة البنك المركزي الأمريكي على إنقاذ المصارف، لا على إنقاذ الاقتصاد. فلم يكتف بشراء سندات الخزينة الصادرة لتمويل أكثر من ترليون دولار عجز في الموازنة الفدرالية سنوياً، بل ذهب لتمويل المصارف الغارقة بالسندات المالية، ليزيل تلك السندات عن عاتق دفتر الحساب المصرفي لتلك البنوك، ويضعها على الحساب المصرفي للبنك المركزي.
عادةً، يؤدي تسييل الديون «تحويلها إلى نقد» بهذا الكم إلى زيادة التضخم، ولكن النقود التي ضخها البنك المركزي الأمريكي بهدف إدارة الدين العام وديون المصارف الخاصة، بقيت عالقة داخل النظام المصرفي على شكل احتياطات فائضة ولم تجد طريقها في دورة الاقتصاد. فغدت المصارف معطلة وغير قادرة على تقديم القروض، ولا المستهلكون قادرون على الاقتراض بسبب غرقهم بالديون. كما أن تسييل الديون أو تحويلها إلى نقد، يشكل تهديداً آخر بضرب الاقتصاد الأمريكي وبالتأثير على مستوى المعيشة بشكل كبير. فالمصارف المركزية الأجنبية والمستثمرون الأجانب في الأسهم والسندات المالية الأمريكية، وحتى الأمريكيون أنفسهم، أصبحوا يلاحظون أن استمرار البنك المركزي بسياسة تسييل الديون لا يمكن أن تجنبهم القلق بشأن قيمة الدولار بسبب المزيد من الدولارات التي تواصل تدفقها خارج البنك المركزي.
هنالك الكثير من المصارف المركزية والبنوك الخاصة التي فكت ارتباطها بالدولار مستبدلة إياه إما بالسبائك الفضية والذهبية، أو بعملات بلدان أخرى مستقرة اقتصادياً. فبحسب جون ويليامز من موقع Shadowstats.com، هبطت النسبة المئوية للدولار من الأرصدة الاحتياطية للأسهم العالمية من 36.6% عام 2006 إلى 28.7% عام 2012. بالمقابل ارتفع الذهب من 10.5% إلى 12.8% ، أما العملات الأجنبية ماعدا اليورو، فارتفعت من 38.4% إلى 44.4%. تعتزم دول روسيا والصين والبرازيل والهند وجنوب أفريقيا، التخلي عن الدولار في التداولات التجارية فيما بينها، لتستبدله بعملاتها المحلية. أما دول الاتحاد الأوروبي فالتداولات التجارية فيما بينها تعتمد على اليورو. كما أن الدول الآسيوية تناقش طرح عملة جديدة للتداول فيما بينها. يتخلى العالم شيئاً فشيئاً عن استخدام الدولار في تنظيم الحسابات الدولية، كما أن الطلب على الدولار يواصل تراجعه، والمصرف المركزي الأمريكي يزيد من تكديس الدولارات. مما يعني أن سعر صرف الدولار يتعرض لهزة حقيقية.
إن القلق بشأن الدولار يعني القلق بشأن التعاملات المالية المتعلقة به كالأسهم وسندات الخزينة. حيث تملك الصين ما يقارب 2 ترليون دولار في التعاملات المالية في الولايات المتحدة الأمريكية، واليابان تملك 1ترليون دولار تقريباً كسندات خزينة أمريكية، كما أن السعودية ودول الخليج النفطية تحوز على كميات كبيرة من الصكوك المالية بالدولار الأمريكي. وسيعني التخلي عن الدولار، في لحظة معينة، التخلي عن التعاملات المالية المرتبطة به، وبالتالي فإن التخلص من السندات والأسهم الأمريكية سيتسبب بزعزعة استقرار سوق الأوراق المالية وسيقضي على ما تبقى من الثروة الأمريكية.

عمق الانهيار، والمُنقذ السعودي

كما ذكرت سابقاً، قد يتمكن البنك المركزي الأمريكي من ضخ أموال جديدة لشراء الصكوك المالية التي جرى التخلص منها، وذلك ليحافظ على سعرها. ولكنه لن يتمكن من طباعة العملات الأجنبية أو الذهبية، لشراء الدولارات التي يدفعها الأجانب مقابل الأسهم وسندات الخزانة الأمريكية. فعندما يتم التخلص من الدولار، ستنهار قيمته التداولية، وسينفجر التضخم في الولايات المتحدة الأمريكية. ستكون موجة التضخم الأولى قوية ومفاجئة، مثلها مثل الانهيار الذي سيصيب قيمة العملة في التداول.
إن الأزمة الحقيقية التي تواجه الولايات المتحدة، هي الانهيار الوشيك للقيمة التداولية للدولار في النقد الأجنبي. فقد انهارت قيمة الدولار بالفعل أمام الذهب والفضة. في السنوات العشر الماضية، ارتفع سعر الأونصة الذهبية بالدولار الأمريكي من 250$ للأونصة، إلى 1,750$ للأونصة الواحدة. وأيضاً ارتفع سعر الفضة من 4$ للأونصة، ليصل إلى 34$ للأونصة الواحدة. ارتفاع الأسعار هذا ليس بسبب الشح المفاجئ في الذهب والفضة، وإنما يعود للانتقال من الدولار إلى أشكال من العملة التاريخية التي لايمكن لآلة طباعة العملة أن تطبعها.
شهدت السنوات العشر الماضية ارتفاعاً في سعر برميل النفط من 20$ للبرميل، إلى 120$، ليستقر سعر البرميل منذ مطلع هذا العام حتى الوقت الحالي على 90$ للبرميل. وقد جاء هذا الارتفاع في الاسعار بالرغم من ضعف الاقتصاد العالمي، ودون فرض أي قيود إضافية، سوى تلك التي سببها الاحتلال الأمريكي للعراق والهجوم الغربي على ليبيا، بالإضافة إلى العقوبات الغربية على إيران. لقد قامت السعودية- دمية واشنطن المطيعة - بالتصدي لتلك التأثيرات، محاولةً موازنة الكفة، فهذا البلد مستعد للتضحية بكل ثرواته النفطية لإنقاذ الغرب من مشكلاته. يتحدث المحافظون الجدد بغباء عن رغبتهم بإسقاط الحكومة في السعودية، ولكن أين يمكن لواشنطن أن تجد خدماً أكثر عبودية من العائلة الحاكمة السعودية؟؟

أعيدوا العمال

لطالما أشرت في السنوات السابقة إلى أن الأزمة تتجلى في ارتفاع نسبة البطالة بين الأمريكيين وانخفاض دخل المستهلك، والنقص الحاد في الناتج المحلي الإجمالي. ويكمن الحل بعكس تدفق الوظائف وإعادتها الى الولايات المتحدة. يمكن لذلك أن يتم كما يشير«رالف غومري» بفرض الضرائب على الشركات بحسب المكان الذي يستثمرون فيه قيمة منتجاتهم، فإذا كان خارج الولايات المتحدة، تدفع الشركة ضريبة مرتفعة، وإذا استثمرت القيمة محلياً بأيدي عمال أمريكيين، سيكون معدل الضرائب أقل. يمكن حساب الفرق بين الضريبتين كتعويض عن رخص العمالة الأجنبية. ككل البضائع القادمة من الخارج والتي يجري تسويقها للأمريكيين على أنها واردات، فإن نقل البضائع داخل الولايات المتحدة من شأنه أن يقلل من العجز التجاري، مما سيزيد الثقة بالدولار. وارتفاع دخل المواطن الأمريكي سيزيد من عائدات الضرائب وبالتالي سيخفض من العجز في الموازنة، إنه حل ناجح لكل الأطراف. أما الجزء الثاني من الحل فيتلخص بإيقاف الحروب المكلفة التي أنهكت الموازنة الفدرالية لأحد عشر عاماً مضت، كما أنهكت موازنة الرعاية الصحية للمحاربين القدماء. وفقاً لمحطة ABC World News فقد تم نشر 2,333,972 جندي أمريكي في كل من العراق وأفغانستان وذلك منذ أحداث 11/9 ، فهؤلاء الجنود لهم الحق بأن يستفيدوا من الرعاية الصحية المجانية مدى الحياة. لقد استفاد حوالي 711,986 جندي من إدارة الرعاية الصحية في الفترة ما بين 2002 و2011.
يسعى الجمهوريون للاستمرار بشن الحروب الخاسرة، وتحميل تكلفتها على عاتق الـ 99% ، بينما ينشغل المحافظون الجدد بحماية الـ1% من الزيادات الضريبية. لا يوجد أحد لا في البيت الأبيض ولا في الكونغرس ، يمثل الشعب الأمريكي، لذلك وعلى الرغم من وضوح علاج المشكلة لا أحد يقوم بفعل أي شيء حيالها. مما يقود أمريكا إلى الانهيار، وستكون بقية دول العالم ممتنة لهذا الحدث الجلل، فأمريكا و»إسرائيل» دولتان مكروهتان بشكل كبير، فلا يتوقع أحد أن يقوم الخارج بإنقاذ هذه «القوة العظمى» المنهارة.

kumait
28-12-2012, 11:14 PM
نصح مرسي بعدم 'تلوين الهرم'.. واكد وجود مركزين امريكيين للمراقبة في سيناء
ولم يستبعد استخدامها 'لتفريغ قنبلة غزة'
هيكل: اغلب المصريين رفضوا الدستور.. وتقييد حرية الاعلام الخطوة المقبلة للاخوان

لندن - 'القدس العربي': قال الكاتب الصحافي الاستاذ محمد حسنين هيكل 'ان أغلب المصريين رفضوا الدستور الذي شابته العديد من المخالفات وتم تمريره بالإكراه ، وان الخطأ الأساسي يكمن في القاعدة الانتخابية التي لا يحذف منها اسماء الموتى وتسمح بتزوير ربع الاصوات لمصلحة السلطة' .

وكشف عن وجود مشاورات تجري بين ''هضبة المقطم'' والتي يوجد بها المقر الرئيسي لجماعة الإخوان المسلمين ومؤسسة الرئاسة التي يرأسها الرئيس محمد مرسي، مؤكدا وجود عوائق كبيرة أمام تنفيذ خطة ''التمكين'' أو ما يدعوه البعض ''أخونة الدولة'' الا انه لم يستبعد ان يحاول الاخوان إصباغ الدولة بلون معين.

وقال 'يخيفني أننا أمام سلطة منقسمة يديرها 'الاتحادية' و'المقطم'، وهناك قوى الظل تؤثر على قرارات الرئيس'، مشيراً إلى أن الثلاثة أشهر القادمة حرجة جدا.

وأضاف هيكل في برنامج ''مصر إلى أين'' على فضائية ''سي بي سي'' أنه يتوقع أن أهم التشريعات التي ستصدر ستعمل على الحد من حرية الإعلام، باعتبار أن الإعلام منبر التعبير ضد صباغة مصر بلون معين'، مشيرا إلى أن التشريع الذي سيليه سيقوم بتقويض المحكمة الدستورية ،والذي سيساعد على إجراء ذلك بسرعة.

واعتبر ان اهم المتغيرات الايجابية التي شهدناها ان الشعب المصري قد تسيس، وان حتى نسبة الرفض الرسمية التي ظهرت في الاستفتاء كافية للتفاؤل، وابدى اعجابه بان كل مواطن اصبح مهتما بالمخاض في مصر، ونوه خاصة بدور المرأة في الحراك السياسي، الا انه ابدى قلقه من الوضع الاقتصادي وقال 'مصر تستورد 8 ملايين طن قمح وليس لديها القدرة على سد احتياجاتها، والاقتصاد المصري يحتاج إلى معجزة، ونحن في زمن انتهت فيه المعجزات،إننا أمام موقف اقتصادي متردٍّ جداً ولا ندري كيف يمكننا سد احتياجاتنا، ولا أحدلديه رؤية، ونتمنى أن تظهر كفاءات تدير عجلة البلاد'.

وعلى صعيد الوضع في سيناء اعتبر ان سيناء تواجه تهديدات امنية حقيقية متمثلة في الفراغ الامني الكبير الذي تملأه اسرائيل والجماعات الارهابية، وعصابات المافيا الروسية التي تهرب المخدرات والبغايا واي شيء عبر سيناء الى اسرائيل.

وكشف هيكل عن ان الولايات المتحدة تملك مركزين للمراقبة شمالي شرم الشيخ والجورة قرب رفح، وان الموساد يملك مواقع سرية في سيناء رغم الانسحاب الرسمي من شبه الجزيرة اثر توقيع اتفاق السلام بين البلدين في العام 1979.

ولم يستبعد ان يكون وجود الاخوان في الحكم في مصر عاملا في تحقيق التسوية السلمية للقضية الفلسطينية، عبر استخدام 'الفراغ في سيناء لتفريغ الشحن البشري في غزة التي تشبه القنبلة' وخاصة ان حماس تتولى الحكم في القطاع.

واكد ان حماس تعهدت عبر الوساطة التي قام بها محمد مرسي مؤخرا، بعدم اطلاق اي صواريخ علىاسرائيل، وهو ما مكن خالد مشعل من زيارة غزة والتحرك فيها بحرية، الا انه توقع ان يكون تمرير هذه التسوية في غاية الصعوبة من جانب مصر. واكد ان قرار الجيش الاخيربمنع غير المصريين من تملك الاراضي في سيناء استهدف منطقة شرق العريش بشكل خاص التي تعد حيوية بالنسبة للانفاق التي تديرها حماس، ومن الطبيعي ان تسعىل تأمينها.

وشكك هيكل في امكانية تطبيق القرار على الارض بسبب سلطة القبائل، الا انه لم يستبعد ان يكون القرار تمهيدا لتدخل عسكري مصري لفرض الامن مع السيادة.

وعلى الصعيد الامني قال ان خطر العنف يوضحه حجم السلاح الموجود من كل حدب وصوب، واصفاً ذلك بالأمر 'المخيف جدا' ولا يمكن التقليل من العنف مع وجود سلاح في أيدي المواطنين.

واشار الى ما اسماه بالتنظيم الخاص في جماعة الاخوان وتاريخه المعروف في ممارسة العنف السياسي مثل محاولة اغتيال جمال عبد الناصر. واكد ان هناك استعدادا لانفجار العنف بالرغم من تناقضه مع الطبيعة المصرية.

واعرب هيكل عن قلقه من استمرار النظام في السياسات الحالية، وطالب الاخوان بالانتقال من شهوة السلطة ووهجها الى تحمل المسؤولية والتصالح الوطني.

ونصح الرئيس مرسي بعدم اغراق البلاد بسيل من التشريعات بهدف تلوين مصر بلون واحد، وان يحشد الكفاءات لعمل رؤية لمصر دون الحاجة الى تلوين الهرم لانه غير ممكن.

nad-ali
30-12-2012, 05:36 PM
«فاينانشيال تايمز»: انفراجة دبلوماسية وشيكة بين إيران والولايات المتحدة في 2013


كتب: أ.ش.أ
السبت, 29/12/2012 15:33

رجحت صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية، السبت، أن يشهد عام 2013 انفراجة دبلوماسية بين أمريكا وإيران، في حال أراد الطرفان تفادي اندلاع صراع جديد في منطقة الشرق الأوسط.
*
ولفتت الصحيفة البريطانية إلى أن قضية النووي الإيراني والتوصل إلى اتفاق مع إيران بهذا الشأن كانت ولاتزال أكبر التحديات التي تواجه الرئيس الأمريكي باراك أوباما خلال فترة ولايته الثانية التي تبدأ الشهر المقبل.
*
وذكرت أنه «بالرغم من أن أوباما اختار أن يلعب دور المتفرج في الأزمة السورية الحالية إلا أنه لا يزال، بحكم الأمر الواقع، يقود المفاوضات مع إيران»، معتبرة أنه يتعين على إدارة أوباما أن تقرر أي التكتيكات والإستراتيجيات التي سيتم توظيفها من أجل التأكد من أن هذا الخلاف الذي دام طوال 10 سنوات سينتهي بالدبلوماسية دون اللجوء إلى خوض حرب.
*
وتساءلت الصحيفة عن فرص انتهاء المفاوضات الجارية بين إيران والقوى الدولية بنجاح خلال العام الحالي، لاسيما وأن كل الأطراف لديها أسباب تؤكد رغبتها في التوصل لاتفاق من شأنه إنهاء هذا الصراع.
*
ورأت أن النظام الإيراني يشعر باليأس من عبء العقوبات الاقتصادية المفروضة عليه من قبل أمريكا والاتحاد الأوروبي، والتي أدت إلى تراجع صادرات النفط الإيراني، وانخفاض قيمة الريال الإيراني، إضافة إلى تفشي التضخم، وهو الأمر الذي يؤكد حاجة إيران إلى تخفيف حدة هذه القيود.
*
وذكرت صحيفة «فاينانشيال تايمز» أن الخطوط العريضة للاتفاق بين إيران والغرب تتمثل في أن تكف إيران عن إنتاج المزيد من اليورانيوم عالي التخصيب، وتحول مخزونها الحالي من اليورانيوم إلى وقود مفاعل لا يمكن استخدامه لصنع قنبلة، وتفكك أجهزة الطرد المركزي في موقع فوردو لتخصيب اليورانيوم.
*
في المقابل، يتعين على الغرب أن يقدم لإيران أكثر مما طرح على طاولة المفاوضات خلال الاجتماعات الثلاثة الماضية التي جرت خلال العام الماضي، إضافة إلى التزام الغرب بعكس مسار بعض جوانب الحظر النفطي المفروض من قبل الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وبعض العقوبات المصرفية من الاتحاد الأوروبي، فضلاً عن ضرورة أن يكون هناك وعد بتقديم المزيد من التنازلات، في حال اتخذت إيران المزيد من الخطوات لبناء جسر الثقة بين كل الأطراف، وفقًا للصحيفة.
*
ورأت الصحيفة أن المرحلة القادمة ستشهد محورين جديدين يتمثل أولهما في إجراء انتخابات الرئاسة الإيرانية في يونيو المقبل والتي لا يمكن التنبؤ بما ستفرزه، لاسيما في حال نظمت المعارضة صفوفها وأصبحت أكثر فعالية، مشيرة إلى أنه في حال وقعت نزاعات نتيجة هذه الانتخابات فيمكن أن تسهم في إشعال الاضطرابات العامة التي ميزت الانتخابات السابقة في عام 2009.
*
أما عن المحور الثاني، فيتمثل في أنه في الوقت الذي لن تكون فيه إيران قادرة على اختبار أجهزة الطرد هذا العام، فإنها لن تمتلك أي سلاح نووي في عام 2014، الأمر الذي سيكون بمثابة تهديد لن تتمكن واشنطن وتل أبيب من التعايش معه.
*
ورجحت «فاينانشيال تايمز» البريطانية أنه في حال لم يحمل عام 2014 في طياته صراعًا إيرانيًا أمريكيًا، فإن عام 2013 سيشهد انفراجة دبلوماسية بين الطرفين.

http://m.almasryalyoum.com/node/1346351

nad-ali
05-01-2013, 09:57 PM
نصر الله: ما يجري في سورية هي حرب حقيقية ونحن من منع انتقالها الى لبنان




http://arabic.rt.com/media/pics/2013.01/512/12e6cccf59f7c64ac23141891e7deeab.jpg


نصر الله: ما يجري في سورية هي حرب حقيقية ونحن من منع انتقالها الى لبنان
قال حسن نصر الله الامين العام لـ"حزب الله" اللبناني يوم الخميس 3 يناير/كانون الثاني في كلمته التي ألقاها في ذكرى اربعينية الامام الحسين من بعلبك أن على اللبنانيين التمسك بوحدة لبنان وطنا وارضا وشعبا ومؤسسات واذا اطلت من هنا او هناك مشاريع
دويلات او امارات "يجب ان نرفضها جميعا لان لبنان اصغر من ان يقسم".

وأشار نصر الله: "اللبنانيون مدعوون الى المحافظة على وحدة الوطن والمؤسسات، وثانيا يجب ان نعترف بأن لبنان هو اكثر بلد يتأثر بما يجري حوله، خصوصا بما يجري في سوريا، وذلك بسبب التنوع الطائفي والسياسي والتعارض في المصالح وهامش الحريات، وبسبب الحدود الطويلة، ولانه الجار الوحيد، واكثر من يتأثر بهذا الموضوع البقاع والشمال بسبب التواصل الاهلي والشعبي".

كما أكد نصر الله أن "سوريا في حرب حقيقية، ومنذ اليوم الاول كان في لبنان نهجان تجاه ذلك" وقال: "دعوا سياسة النأي بالنفس جانبا، لاننا نتكلم جديا".
وشدد : "هناك موقفان: اولا موقف يدعو الى الحوار وعدم نقل القتل والقتال الى لبنان، واما النهج الثاني فيريد نقل الاحداث والقتال الى لبنان والى اكثر من ساحة، وهذا نهج خاطئ".

وأعلن نصر الله "ان هناك اختلافا في الرؤى والمنهجية، ولكن يجب الا نتقاتل، ولكن هناك اشخاصا عملوا على التحريض لجر اطراف اخرى الى الشارع".

وقال: "اسجل ان موقف فريقنا السياسي وموقف الحكومة اللبنانية الحالية يعود اليهما الفضل بمنع انتقال القتال الى الساحة البنانية، ولو كان الفريق الاخر في سدة الحكومة لكان ورط البلد، ليس بقتال داخلي، بل وبقتال مع سوريا ايضا".
المصدر: وكالات

nad-ali
05-01-2013, 10:01 PM
http://topnews-nasserkandil.com/topnews/toplogo.jpg

طهران – الرياض... والحرب الباردة...

رأى مجلس العلاقات الخارجية الأميركي في تقرير له أن القادة السعوديين متشددون بثلاثة ملفات حاضرة دائماً في ملفاتهم السياسية وهي: قصف المفاعل النووي الإيراني، وتسليح المعارضة السورية، ودعم النظام الملكي وآل خليفة في البحرين، مؤكداً أن هذه الملفات ليست سياسية بقدر ما هي حقيقة مقلقة للرياض وواشنطن.


فوزير الخارجية السعودي سعود الفيصل ينتقد بشدة موقف الحكومة الأميركية من عدم تسليح المعارضة السورية، ولكن لا جواب لديه عندما يسأل عما سيحدث في سوريا إذا سقط الناظم القائم فيها، والخطة القابلة للتطبيق لمساعدة السوريين التي يطرحها القادة السعوديون هي إعادة البناء بعد سقوط الدولة البعثية.


ويؤكد تقرير مجلس العلاقات الأمريكية أن الصراع السوري لا يقتصر فقط على سوريا، بل يتعداها إلى إيران العدو اللدود للمملكة السعودية، فمعظم المسؤولين السعوديين مقتنعون بأن إيران تتجه نحو تطوير أسلحة نووية، وقلقون من احتمال استعمالها لهذا السلاح في هجوم على إسرائيل، وعلى المملكة نفسها، مشيراً لوجود خوف حقيقي لدى السعودية من نية إيران مهاجمة أراضيها، وأن الولايات المتحدة لا تدرك عمق التهديد الإيراني لها.


ويشير التقرير إلى وضوح في سياسة المسؤولين السعوديين حول البحرين، إذ يشيرون للدعم الإيراني لرجل الدين الشيعي آية الله قاسم عيسى الذي كان في المنفى بمدينة قم قبل أن يعود إلى مسقط عام 2001، في حين سقوط آل خليفة سيؤدي لوصول رجال الدين الشيعة إلى سدة الحكم وسيطرة الموالين لإيران على مؤسسات البلاد.


ويضيف التقرير أن سيطرة الشيعة على البحرين، ستؤدي عواقب وخيمة، حيث ستشجع إثارة السكان الشيعة في المملكة السعودية، وتؤدي لوجود حكومة مؤيدة لإيران بدول مجلس التعاون الخليجي، والوصول لحقول النفط المشتركة بين السعودية والبحرين.


ويرى المجلس أن المخاوف السعودية من طهران ليست جديدة، حيث أن تدخل إيران المباشر في البحرين واليمن والمملكة السعودية وباكستان والعراق وأفغانستان يعطي الرياض كل الحق بالقلق من التأثيرات الجديدة /للإمبريالية الإيرانية/، والغرب ساعد بتسليم العراق لمنطقة النفوذ الإيراني بالشرق الأوسط الحديث، ولا يمكن الآن أن يتكرر الخطأ في البحرين، ولن يتكرر طالما أن السعودية بالمرصاد.


ويوضح تقرير المجلس واشنطن لا تتفق مع السعوديين حول تسليح المعارضة السورية، وقصف المفاعل النووي الإيراني، لكنها تراهم محقين بقلقهم من المخاطر في البحرين والنتائج المترتبة على عدم دعم النظام الملكي، وأن الإدارة الأمريكية محقة بإنشاء قاعدة لأسطولها الخامس في البحرين.


ويخلص التقرير إلى أن رغبة الولايات المتحدة بالمشاركة بشكل أكبر في نزاعات الشرق الأوسط قد تبددت، ويؤكد على وجود حرب باردة حالية حقيقية بين السعودية وإيران، والبحرين تقع على خط الجبهة الأمامية في هذه الحرب.

nad-ali
05-01-2013, 10:03 PM
http://www.alahednews.com.lb/desimages/jimages/anws.png

مشيخات النفط واردوغان يوجهون تهديدات لإيران !
عقيل الشيخ حسين
لا يبدو أن فوز باراك أوباما بولاية ثانية سيضع حداً لتقاعسه عن ضرب إيران، على ما كانت تشيعه الدوائر العربية السائرة في ركاب أميركا. ليس فقط لأن أميركا ليست مستعدة لخوض مغامرة فاشلة أو، على الأقل، بالغة التكاليف، بعد الهزائم التي مني بها المعسكر الأميركي في أفغانستان والعراق ولبنان وغزة، وفي ظروف الهزيمة التي تنتظره في سوريا، وبعدها في أكثر من بلد من بلدان المنطقة. وليس فقط لأنها تعاني من أزمات داخلية، اقتصادية وغير اقتصادية، مرشحة لأن تدفع بها إلى ما هو أكثر عمقاً من الهاوية المالية. بل لأنها، والكلام ينطبق أيضاً على الكيان الصهيوني المشهور أيضاً بكثرة ما يوجهه من تهديدات بضرب إيران، فيما لو وجدت أن لا مناص من الإقدام على مثل هذه المغامرة بشرط ألا تؤدي سريعاً إلى ضرب مصادر النفط أو إغلاق مضيق هرمز، تجد كثيراً من الأتباع الإقليميين الذين يمكن أن توكل إليهم هذه المهمة. والأرجح أن الأدوار قد وزعت في هذا الإطار، وإن كان الجزم غير ممكن بأن ما يصدر من تهديدات يتجاوز سقف الحرب النفسية والشحن الفتنوي الهادف إلى تعميم انموذج الاقتتال البيني والفوضى البناءة.

http://www.alahednews.com.lb/uploaded1/essayimages2013/0113/ardgan_1.jpg

فخلال الأيام القليلة الماضية، انهال على إيران سيل من التهديدات الصادرة عن أكثر من جهة إقليمية. مجلس التعاون الخليجي رفع صوته بدعوة إيران إلى ما أسماه بـ "عدم التدخل في شؤونه" (؟) وأشفع هذا التهديد بإقرار اتفاقية أمنية وتشكيل مجلس أعلى للدفاع، في وقت تسعى فيه الولايات المتحدة إلى بيع درع أو دروع صاروخية في منطقة الخليج، وهو السعي الذي يقابل من قبل المعنيين بالترحيب الحار والتهافت على تقديم طلبات الشراء.

وكعادتها في تغيير جلدها بسرعة قياسية إن لجهة الانقلاب على سوريا، بعد أن كانت العلاقات معها قد ارتقت إلى مستويات تبعث على الأمل بلم شعث الأمة، وإن لجهة تعزيز العلاقات الأمنية والعسكرية والاقتصادية مع الكيان الصهيوني، بعد المواقف العابرة التي اشتم منها أنها قد عادت إلى احتلال الموقع اللائق بها على خط المواجهة العربية والإسلامية مع هذا الكيان، قلبت تركيا ظهر المجن لإيران من خلال تصرفات غير ودية كان آخرها توجيه التهمة إليها بدعم حزب العمال الكردستاني.

وفي الوقت نفسه، من الواضح أن تركيا أردوغان تسعى جهدها لرفع مستوى التوتر مع العراق، إن من حيث تجاوز الحكومة المركزية وإقامة علاقات تجارية وغير تجارية تفتقر إلى الشرعية مع إقليم كردستان، وإن من حيث اللعب على وتر الفتنة الطائفية، وتأمين الحماية والدعم لمتورطين في أعمال إرهابية تستهدف المدنيين العراقيين، مع عدم استثناء دور تركي في أعمال التفجير الدامية التي تشهدها الساحة العراقية. ولا يخفى أن كل ذلك ينطوي على التحرش المباشر وغير المباشر بإيران. خصوصاً وأن أعلاماً إيرانية قد أحرقت وشعارات معادية لإيران قد رفعت من قبل بعض العراقيين الذين يصغون إلى التصريحات التحريضية التي تصدر عن أردوغان وأشباهه.

أما الرئيس المصري محمد مرسي فلم يفاجىء أحداً عندما شدد بلهجة مفعمة بالشجاعة والقوة على "عروبة" الخليج واعتبر أن أمن الخليج وسيادته لا ينفصلان عن أمن مصر وسيادتها.

http://www.alahednews.com.lb/uploaded1/essayimages2013/0113/ardgan01.jpg

كل هذا التهديد والوعيد الذي يصطف إلى جانب التهديدات الأميركية والإسرائيلية بضرب إيران، تقابله إيران على الدوام بالحرص الشديد على العمل على مد كل ما يمكن من جسور المودة بينها وبين جيرانها رغم كل ما يوجهونه إليها من إساءات. وهي لا تتوقف، منذ مدة طويلة، عن توجيه الدعوات من أجل إقامة نظام أمني بين دول المنطقة، وتحرص، حتى عندما تقوم بإجراء مناورات عسكرية في الخليج والمحيط الهندي، على التأكيد بأن المناورات هي رسائل صداقة لبلدان الضفة الأخرى. وهي عندما تؤكد ذلك تعني ما تقول : قوة إيران العسكرية لا وظيفة لها غير التصدي للعدو الإسرائيلي وبلدان الغرب الحريصة على تدمير المنطقة ووضع يدها على ثرواتها النفطية وغير النفطية.

أما إذا شاء هؤلاء أن ينوبوا عن الغرب والعدو الصهيوني في الكيد لإيران، فإنهم لن يفعلوا غير السقوط في هاوية أعمق بما لا يقاس من تلك التي سبقهم إليها صدام حسين. مع فارق مهم جداً : يومها كانت الثورة الإسلامية بعمر عام أو عامين. أما اليوم، فقد بلغت من العمر أربعة وثلاثين عاماً، كلها زرع متسارع النماء على عكس ما يفعله هؤلاء الحكام العرب وغير العرب من تبديد قدرات شعوبهم ومن تخريب بلدانهم بالأشكال التي يمليها عليهم أعداء الأمة من المستكبرين.

kumait
12-01-2013, 03:03 AM
برلسكوني 'يفضح' الثورة الليبية
رأي القدس

لم نتوقع ان تظهر ملامح الخديعة الكبرى في ليبيا بمثل هذه السرعة، ولكن المستر سيلفيوبرلسكوني رئيس الوزراء الايطالي، الذي كان مشاركا رئيسيا في التدخل العسكري لحلف الناتو، وتنطلق الطائرات من قواعد بلاده لقصف طرابلس وسرت وبني الوليد وسبها،فاجأنا جميعا عندما فجر قنبلة من الوزن الثقيل واعلن في حديث لوكالة الانباء الايطالية الرسمية 'ان ما حدث في ليبيا لم يكن ربيعا عربيا، او ثورة شعبية، بل تدخلا ارادته فرنسا'.

برلسكوني ذهب الى ما هو ابعد من ذلك عندما قال في الحديث نفسه 'ان ما حدث في ليبيا جرى وفق قرار للحكومة الفرنسية بالذهاب الى هناك، والتدخل في نزاع داخلي، وتقديمه في اطار المجتمع الدولي على انه ثورة، وهاجمت الطائرات الفرنسية ليبيا قبل ان يتم اتخاذ قرار مشترك، والبدء في قصف قوات القذافي'.

هذا الاعتراف، ومن رئيس وزراء ايطاليا الذي كان يشارك في ادارة الحرب على ليبيا، ويطلع على كل التقارير العسكرية والاستخبارية، يؤكد ما ردده 'القلة' بان الحرب في ليبيا لم تكن من اجل حقوق الانسان والحريات وانهاء الظلم الواقع على الشعب الليبي، وانمامن اجل مصالح فرنسية بريطانية صرفة عنوانها الاستيلاء على النفط الليبي، وتدميرالبلاد وبناها التحتية من اجل اعادة اعمارها من قبل الشركات الغربية.

نعم.. كانت مسرحية فرنسية بطلها الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي وصديقه المفكر اليهودي برنارد هنري ليفي الذي توجه الى بنغازي مبكرا، وادعى التعاطف مع الليبيين من ابنائها، ورفع سماعة الهاتف مستنجدا بالرئيس ساركوزي طالبا منه التدخل فورا لمنع مجزرة تعد لارتكابها قوات القذافي في المدينة.

المفكر ليفي اعترف في كتابه الذياصدره حول دوره في ليبيا، وكذلك في تصريحات صحافية، انه فعل ذلك انطلاقا من كونه يهوديا وخدمة لمصالح اسرائيل، وتحدث عن الرسالة التي حملها من اصدقائه 'الثوار' في المجلس الوطني الانتقالي الى بنيامين نتنياهو رئيس وزراء اسرائيل عارضين فيها التطبيع.

نختلف مع برلسكوني في نقطة واحدة هي 'ان الزعيم الليبي الراحل معمرالقذافي كان محبوبا من قبل شعبه، ورغم انه كان يفتقر الى الحرية فانه كان يحصل علىالخبز والسكن مجانا'، فالتعميم هنا خطأ كبير، فليس كل الشعب الليبي كان محبا لرئيسه، كما ان الحرية اهم من الحصول على الخبز والسكن مجانا، فالمعتقلون في السجون يحصلون عليهما، اي السكن والخبز مجانا ايضا.

النظام الليبي السابق ارتكب اخطاء قاتلة في حق شعبه، عندما صادر الحريات وفشل في تقديم الخدمات الاساسية التي تليق بدولة ثرية تصدر مليونا ونصف المليون برميل يوميا من النفط، ولكن هذا لا يعني ان النظام الجديد افضل حالا، فمعدلات الفساد في ليبيا الجديدة بلغت ارقاما خرافية،والانهيار الامني بات معروفا للجميع، والصراعات المناطقية والقبلية اصبحت من البديهيات في المشهد الليبي الحالي.

برلسكوني نفسه قال ان ما يحدث في ليبيا حاليا يبعث على الكثير من القلق لدى الجميع، والسبب في ذلك ان 'هذا الربيع يعيد البلاد الى الوراء، وهذا لا يمت بصلة الى الديمقراطية الغربية'.

نكتفي بترديد المقولة الاثيرة 'وشهد شاهد من اهلها'!

nad-ali
12-01-2013, 09:18 PM
http://topnews-nasserkandil.com/topnews/toplogo.jpg

http://topnews-nasserkandil.com/topnews/banners/HUGLE-20130108-155153.jpg

الاعلام الاميريكي و الاسرائيلي في حالة غليان و القيادات السياسية الاسرائيلية و اللوبي اليهودي في واشنطن تحت تاثير اعنف رسالة اميريكية وجهها باراك اوباما الى اسرائيل كما لم يفعل رئيس اميريكي من قبل في تعييناته بالادارة الاميريكية

وزارات رفيعة و ادارات مفصلية اسندها باراك اوباما الى شخصيات منفتحة و اكثر ليونة و اقل حدة و تطرف في مواقفها تجاه قضايا الشرق الاوسط واكثرها اختلاف مع اسرائيل بعدة قضايا ظهر ابرزها في الملف الايراني النووي و سوريا و حركات المقاومة في المنطقة و استبعادها اللجوء للخيارات العسكرية ..
بالامس تعيين جون كيري وزيرا للخارجية على راس الديبلوماسية الاميريكية خلفا لهيلاري كلينتون و اليوم تشاك هاغل المختلف مع اسرائيل وزيرا للدفاع الاميريكي خلفا لليون بانيتا صديق ايهود باراك و تعيين جون برينان رئيسا لجهاز الاستخبارات الاميريكية cia و اسرائيل في حالة من الغليان و قلق و حذر بين كل هذا ...
ربما تشاك هاغل هو اكثرما يعني اسرائيل وهواجسها اليوم نظرا لتسلمه حقيبة الدفاع المعنية بالحروب و الدعم العسكري لها والوزارة التي لطالما اخذت بعين الاعتبار في ميزانيتها احتياجات اسرائيل العسكرية وتطلعاتها و هي الوزارة التي تعتبر بالنسبة لاسرائيل السند الاساس في مشاريعها خصوصا بما طرحته حول عملية عسكرية ضد ايران و منشاتها النووية بمساعدة اميريكية .
يعود السبب من وراء القلق الشديد و الغضب عند الساسة الاسرائيلين و المنظمات اليهودية الأمريكية كاللجنة اليهودية الأمريكية و عند عدد من أعضاء السيناتورات الديمقراطيين و الجمهوريين الموالين لاسرائيل هو مواقف هاغل السابقة المعروفة بلهجته المعادية لاسرائيل والى معارضته للمواجهة العسكرية مع طهران و رفضه الحعقوبات الاقتصادية عليها اضافة الى عدم تصويته على اعتبار الحرس الثوري الايراني منظمة ارهابية و الى مواقفه بخصوص حرب تموز و انتقاده اسرائيل بشدة لها حيث اعتبرها تدميرا ممنهجا للبنان و دعا الرئيس بوش وقتها للايقافها اضافة الى معارضته غزو العراق و دعواته الى حكومة وحدة وطنية بين فتح و حماس عام 2007

تعيين هاغل هو اعنف رسالة ممكن ان يوجهها اوباما الى نتنياهو لكن يجب ان لا نحصر اطار التعيينات فقط بالخلاف بين اوباما و نتنياهو مثل القول ان الوقت حان كي ينتقم اوباما من اسرائيل ومن نتنياهو بعد كل الحشد و الجهود التي بذلوها من اجل خسارته بالانتخابات الرئاسية الاميريكية لولاية ثانية ..
.بالتاكيد الامر اكبر بكثير ويجسد سياسة و استراتيجية و وجهة جديدة و جدية ترى فيها الولايات المتحدة مصلحة عليا وطنية بعيدا عن تدخلات الغير خصوصا ما يشاع عن عدم قدرة اي ادارة اميريكية اتخاذ خطوات دون الحصول على رضى اللوبي اليهودي الاميريكي و اليوم اوباما اثبت العكس بوضوح و الاهم من ذلك ان اوباما الذي فاز بولاية ثانية اكد ان هذا هو راي الشعب الاميريكي الذي بات يريد الامن و الامان و التمتع بوضع اقتصادي لائق دون سياسات التوسع التي خاضتها الولايات المتحدة منذ عقود ...
التعيينات هذه هي اكبر اشارة على الانكفاء الاميريكي عن السياسات التوسعية و الانتقال الى ما فيه مصلحة للشعب و الاقتصاد الاميريكيين و رفض اي ضغط خصوصا ان وزارة الدفاع الاميريكية تعتبر الثقل الاكبر من ميزانية الاقتصاد الاميريكي ما يشير الى ان اولى اولويات اوباما باتت تحسين الاقتصاد و في تعيين هاغل تاكيد على الحاجة الى التقليص من نفقات الولايات المتحدة الدفاعية ما يعني ان هاغل لن يكون له تواصل ودي و خاص بنظيره الاسرائيلي بالمقارنة مع العلاقة التي كانت بين باراك و بانيتا و المعروفة و من هنا فان هواجس اسرائيل مفهومة
الواقع الجديد مخيف على اسرائيل و لن يكون سهلا ان تتقبل كل المتغيرات القادمة لا بل قد تسعى لافشال العديد من الامور و التخطيط حتى لارسال تهديدات بالاغتيالات و هذا غير بعيد عنها عندما يتعلق الامر بامنها ...

انها الرسالة الاميريكية الاعنف و الاقوى من باراك اوباما لاسرائيل ......
تشاك هاغل وزيرا للدفاع الاميريكي المعروف بعدائه لاسرائيل و لسياستها الاستيطانية و التي لطالما كانت مواقفه سبب لاستبعاده عن مناصب عديدة تقول مصادر اميريكية .....بالاضافة الى جون برينان رئيسا للاستخبارات الاميريكية و هو من ابرز ضباط العمليات الخاصة الذي يعتقد انه المسؤول عن تنفيذ عملية اغتيال بن لادن و في ذلك اشارة ان اوباما سيواصل التصعيد ضد الحرب مع القاعدة و الارهاب مع فريق يعرف سلفا ماذا يقرر و متى ...
معادلة "وحيدة " و اولوية "جديدة "رسمها اوباما لسنوات حكمه القادمة و لن يسمح لاي ضغط من هنا او هناك ان يثنيه عن تحقيقها و تحويلها عن اولويات ادارته و هي .... انقاذ الاقتصاد الاميريكي ومواصلة الحرب على الارهاب عبر خطى .... ما هو مناسب للولايات المتحدة فقط .
انها بالفعل نقلة جديدة في السياسة الاميركية سيترقب العالم و يلتمس انعكاساتها في شتى القضايا و دليل كبير ان اوباما يترجم رغبات الشعب الاميريكي الذي بات يتوق الى الهدوء و الاستقرار ... و هذا التعيين سيضع إسرائيل واللوبي المؤيد لها داخل الولايات المتحدة AIPAC المعروف ب ايباك في حالة حرب سياسية قريبة في واشنطن من جهة و بين واشنطن و تل ابيب من جهة اخرى .
باراك اوباما يقول اليوم بوضوح ... ليس بالضرورة ما هو جيد لاسرائيل ان يكون جيد للولايات المتحدة ....

nad-ali
12-01-2013, 09:18 PM
http://alnnasib.com/images/headertemp.jpg

المسجد النبوي.. وخطر التدمير

http://www.walfajr.net/media/lib/pics/1351219958.jpg

الأربعاء, 09 يناير 2013

سيطر آل سعود على الحكم في شبه الجزيرة العربية بواسطة السيف والفكر الوهابي، وألحقت البلاد وما عليها باسمها (السعودية) نسبة إلى آل سعود، رافعة راية "التوحيد" ومحاربة كل أنواع الشرك الخفي والظاهر وفق شعاراتها العلنية.. وتكاملت المؤسستان الدينية والملكية للإطباق على البلاد وما عليها وما في جوفها من ثروات على أساس النظام الملكي والفكر الوهابي.

مشكلة الفكر الوهابي أنه فكر إلغائي يكفّر كل من يخالفه الرأي، ويعتمد على الثروة المالية لنشره في بقاع الأرض، ويستغل ولايته على الأماكن المقدسة في مكة والمدينة المنوّرة وبقية أرجاء المملكة، ليفرض قناعاته وأفكاره ورأيه على بقية المسلمين الذين يحجون للمسجد الحرام في مكة المكرمة، وزيارة رسول الله عليه الصلاة والسلام في المدينة المنورة حيث مسجده وقبره.

لقد تمّ تدمير وإغلاق أكثر من 90% من المعالم والمواقع والآثار الإسلامية في السعودية، تحت عنوان منع الشرك وعبادة الأصنام، ومنع زيارة القبور، وتنقية الإسلام من الشوائب والبدع المضللة.. لا ننكر المغالاة في بعض الممارسات، نتيجة فهم خاطئ لبعض العامة، لكن لا يمكن مواجهة التطرف والبدع بتطرف وسلوكيات أكثر سوءاً، وتصحيح الخطأ بالخطيئة، وكل ذلك نتيجة اجتهاد شخص هو من البشر، لا يستطيع فرض رأيه أو فهمه بما يناقض ما جاء في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، ولنفترض أن هذا العالم (محمد بن عبد الوهاب) قد أخطأ في لحظة ما، فهل يجب على المسلمين تحمل نتائج هذا الخطأ الاجتهادي أو نقص في العلم أو المعرفة أو خطأ استنباط الحكم من النص؟

في مقاربة حديثة بين الشيخين ابن باز وعبد الوهاب، فإن ابن باز يقول بتكفير كل من يقول بـ"دوران الأرض"، خلافاً للنص القرآني {وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب}، ولكل الاكتشافات العلمية، فما هو الحل إذا قتل المسلم القائل بدوران الأرض وفق فتوى ابن باز؟ ومن يتحمل مسؤولية تكفير المسلمين الذين يزورون القبور (حديث السيدة عائشة وزيارة القبور)، أو حادثة أهل الكهف، حيث انقسم الناس فريقين حول التعامل مع معجزة أهل الكهف، بعدما كشف أمرهم مع مضي 309 سنوات {ابنوا عليهم بنياناً} وهم العامة غير المؤمنين، بينما يقول المؤمنون الذين انتصروا فيما بعد {قال الذين غلبوا على أمرهم لنتخذن عليهم مسجداً}.

لقد نشرت صحيفة "الإندبندنت" البريطانية أخباراً عن نية السعودية هدم المسجد النبوي وثلاثة مساجد (مسجد عمر وأبو بكر والغمامة)، وكذلك جزء من مقبرة البقيع بهدف توسعة المسجد النبوي الشريف ليتسع لنحو مليون ونصف المليون مصلٍّ.. هذا هو الهدف المعلن، لكن الهدف الأساسي هو استكمال عملية هدم المعالم الإسلامية التي بدأها السعوديون منذ عام 1344هـ، بعد استلامهم الحكم، حيث تم الارتكاز على مبادئ الفكر الوهابي لإضفاء الشرعية على أعمال الهدم، وفي استعراض للمعالم الإسلامية التي تعرضت للهدم أو الحصار، نذكر منها:

- تحويل المنزل الذي وُلد فيه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى مكتبة عامة في مكة المكرمة.

- هدم منزل السيدة خديجة رضي الله عنها؛ زوجة الرسول عليه الصلاة والسلام وبناء حمامات عامة مكانها.

- محاولة إزالة مقام إبراهيم عليه السلام من المسجد الحرام، والتراجع عنه بعد اعتراض العلماء والمسلمين.

- محو كل الآثار والأسوار وبيوت الصحابة حول المسجد النبوي الشريف في المدينة المنورة، وإقامة الفنادق والأسواق.

- منع الزوار من الوصول إلى غار "حراء"؛ مهبط الوحي الإلهي.

- منع الزوار من زيارة قبور شهداء "أُحد"، بمن فيهم قبر حمزة عم رسول الله.

- إقفال الطرق المؤدية إلى حصن خيبر، ومنع الزوار من الوصول إليه.

- منع الزوار من الوصول إلى ساحة موقعة بدر.

- إغلاق منطقة مدائن صالح، حيث توجد آثار قوم النبي صالح عليه السلام ومعجزة الناقة.

- منع الزوار من زيارة مقبرة البقيع التي دُفن فيها معظم صحابة رسول الله وزوجاته وبعض الخلفاء والأئمة.

- إزالة معالم مقبرة حواء في جدة.

بالإضافة إلى تدمير الكثير من المعالم وآثار صدر الإسلام في كل أنحاء شبه الجزيرة العربية، لمحو الذاكرة التاريخية والحضارية التي طبعت المنطقة خلال أكثر من 1400عام.

إن هدم المسجد النبوي الشريف بهدف توسعته وفق الطريقة التي تنفذها السلطات السعودية، يؤدي إلى إزالة معالم أحد الحرمين (المسجد الحرام والمسجد النبوي) وفق فتاوى صدرت مؤخراً، وكان آخرها ما اخترعه وأفتى به الشيخ يوسف الأحمد بهدم المسجد الحرام وإعادة بنائه بشكل دائري من عشرة إلى عشرين أو ثلاثين طابقاً، لمنع الاختلاط، وكان الشيخ السعودي عبد الرحمن البراك قد أفتى مؤخراً بجواز قتل من يبيح الاختلاط!

إن السكوت عن هدم المسجد النبوي الشريف، كما تم السكوت عن هدم بقية المعالم الإسلامية، مسؤولية تقع على عموم المسلمين علماء وعامة، لأنها تفتح الطريق أمام هدم المسجد الأقصى؛ أولى القبلتين وثالث الحرمين، فمن يقبل بهدم مسجد رسول الله في المدينة المنورة، عليه أن يقبل بهدم المسجد الأقصى؛ موطن الإسراء النبوي، والتبرير للاحتلال الإسرائيلي لهدمه لإعادة بناء "الهيكل"، خدمة للعقيدة اليهودية الصهيونية، ما يعني أن هدم المسجد الأقصى له هدف عقائدي وديني، وليس هدفاً سياسياً أو عنصرياً يوازي في تبريره هدف هدم المسجد النبوي لتأمين مساحات للمصلين المسلمين.

إن الواجب الديني يفرض على المسلمين وجوب التصدي لهذه المحاولات، والمؤسف أن داعية مثل الشيخ يوسف القرضاوي قد توجّه إلى أفغانستان للتوسط عند حركة طالبان لمنعها من هدم تمثال "بوذا" في أحد الجبال، ولم يتحرك مع أقرانه من العلماء للتصدي لما يجري في السعودية والقدس، وكأن الدين والأحكام الشرعية صارت وفقاً لـ"الفرمان" السياسي والحوالة المالية التي تسقط في جيب العالم أو الداعية.

www.alnnasib.com (http://www.alnnasib.com/)

د. نسيب حطيط

nad-ali
12-01-2013, 09:19 PM
http://www.athabat.net/news/images/stories/graphics/hishamX.jpg

المناورات الروسية.. أهداف ورسائل
الأربعاء, 09 يناير 2013

http://image.moheet.com/images/11/big/113414.jpg

يرتقب العالم في شهري كانون الثاني الحالي وشباط المقبل، أضخم مناورات عسكرية روسية منذ عقود، وهذه المناورات تكتسب أهمية بالغة لأسباب عدة؛ من حيث حجم القوة المشاركة، وهي أربعة أساطيل: أسطول البحر الأسود، وأسطول البلطيق، وأسطول المحيط الشمالي، وأسطول المحيط الهادئ.

أما من حيث المكان، فتبلغ الأهمية أعلى من المتوقع، سيما في الظروف العالمية الحالية، إذ إن حلبة المناورات ستكون البحر الأبيض المتوسط والبحر الأسود، حيث بدأت القطع تتحرك إلى الميدان، ومعلوم أهمية البحريْن المذكوريْن الجغرافية، إن من حيث الممرات المائية، أو من حيث التروات التي تختزنها الدول المشاطئة، وأهميتها الاستراتيجية على المستوى العالمي.

كان ممكناً أن تكون المناورات عادية ضمن خطة رفع الكفاءة القتالية، والوقوف على الجهوزية التي يتمتع بها كل أسطول بذاته، أو الأساطيل مجتمعة ضمن خطة قتالية واحدة، إلا أن الوقائع المرافقة للإعلان عن المناورات المذكورة، تشي بأن أسلوباً جديداً بدأ يدخل العقيدة الروسية في التعامل مع الأزمات الدولية.

فروسيا ومنذ الحرب العالمية الثانية، أظهرت تمسكاً بالقانون الدولي، وزاد هذا التمسك بعد انهيار الاتحاد السوفياتي إلى جانب نهج احترام سيادة الدول الذي يطبع السياسة الخارجية الروسية، إلا أن "الاستفراس" الغربي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية، دفع القيادة الروسية الحالية إلى رفع البطاقة الصفراء، حتى الآن، والتي بدأت تميل إلى اللون البرتقالي، أي أن للمناورات ارتباطاً وثيقاً بالصراعات المتجددة دولياً، ومن ضمن تلك الصراعات، الدرع الصاروخي الأطلسي، إن في تشيكيا أو بولندا، وصولاً إلى تركيا، حيث بدأت طلائع القوة الأميركية بالوصول لموضعة منظومة صواريخ الباتريوت، والتي انطلقت احتجاجات شعبية تركية رفضاً لها، بعد انكشاف النوايا العدوانية منذ تركيب المنظومة الرادارية في ملاطيا، وهنا تجدر الإضاءة على أن روسيا أعلنت أن القوات الاستراتيجية الصاروخية ستنفذ أيضاً مئة مناورة، تستخدم فيها صواريخ قادرة على حمل رؤوس نووية إلى قارات بعيدة مثل أميركا على حد التعبير الدقيق للناطق باسم القوات الصاروخية الاستراتيجية سيرغي شورين.

طبعاً، لهذا التعبير الدقيق دلالة بالغة في العلاقات الدولية، وإذا عطفناه على رفع الموازنة العسكرية والعمل على تعزيز الأسطول الروسي بـ50 غواصة وسفن حربية متطورة، مع تحديث الترسانة الصاروخية بصواريخ تفوق أهمية صاروخ "اسكندر" المعروف بـ"قاتل الباتريوت"، وكذلك تعزيز الترسانة بصاروخ "يارس"، وتطوير صاروخ جديد بعيد المدى وثقيل يحل محل "فويفودا" الذي يسميه الأطلسي بالشيطان، يمكن أن يستشف مآلات الأمور والرسائل المقرر إرسالها والعناوين المرسلة إليها.

ويقول سكرتير مجلس الأمن القومي الروسي نيكولاي باتروشيف، إن نتائج تحليل الوضع العسكري الاسترتيجي حول العالم وفقاً لتطوره، يدل على أن الساحة الدولية تشهد الانتقال من النزاعات الواسعة النطاق إلى حروب ونزاعات محدودة النطاق، ويضيف: "في هذا الإطار تؤكد العقيدة العسكرية الروسية الحاكمة، أنه من حقها أن تستخدم القوات المسلحة وغيرها من صفوف القوات لصد العدوان عليها أو على حلفائها والحفاظ على السلام أو استعادته"، بناء على قرار من مجلس الأمن الدولي "أو غيره من منظمات الأمن الجماعي".

ليس الموقف المشار إليه معزولاً عن الموقف الروسي المعلن أيضاً بأن "منطقة شرق المتوسط لها أهمية جيوسياسية كبيرة بالنسبة لروسيا"، ولذلك يجري التعرف الآن وليس غداً على مسرح العمليات الحربية في المنطقة، لأنها ربما تشهد أعمالاً حربية في وقت ما".

صحيح أن لأي مناورات أهدافاً تدريبية وتنسيقية بين الوحدات المشاركة، لكن لهذه المناورات خاصية فريدة باتت معلنة، وهي أن محاولة للتلاعب مع روسيا لن تكون نزهة بعد أن صم الغرب وحلفه الأطلسي الآذان عن سماع الكلام الروسي الجميل، ويختصر خبير روسي الصورة بجملة سمعها الأميركيون مباشرة وهي "ما دمتم ترفضون العيش بسلام.. فليكن".

يونس ع

nad-ali
12-01-2013, 09:20 PM
http://www.alhejazi.net/common/banner.jpg

الأردن في استراتيجية الصراع بين الرياض ودمشق
محمد فلالي

منذ اندلاع الثورة السورية ودخول أطراف إقليمية ودولية على الخط، كان مقرراً للدول المحيطة بسورية، وخصوصاً المحسوبة على معسكر الاعتدال أن تلعب دوراً لوجستياً أساسياً في دعم الجماعات المسلّحة، التي تمّ تجنيدها وإقحامها في أتون الصراع الدموي الدائر في طول الأراضي السورية وعرضها..وكما الحال بالنسبة للدور التركي، فإن الدور الأردني كان أساسياً في الصراع، لأسباب عديدة منها تخفيف الضغط على الجبهة التركية، من حيث نقل المقاتلين والسلاح والمال، ونزوح اللاجئين، فيما تتولى الجبهة الأردنية مهمات لوجستية وأمنية واستراتيجية بالغة الخطورة.
سمح الأردن في بداية الثورة السورية لدخول عناصر مسلّحة الى المناطق المحاذية لحدوده، على الأقل في محافظة درعا ومدن حوران ونوى وبصرى الشام وغيرها، وصدرت تصريحات من الملك الاردني ومسؤولين في حكومته وصفتها القيادة السورية بأنها عدائية وتدخل سافر في الشؤون الداخلية للدولة السورية. قبل الأردن منذ البداية أن يقتصر دوره على المهمة الاستخبارية وإدارة العمليات الأمنية داخل الأراضي السورية، وقيل بأن عملية اغتيال القيادات العسكرية والأمنية (آصفت شوكت، حسن تركماني، هشام بختيار) فيما نجا وزير الداخلية محمد الشعّار، تم التخطيط لها في عمّان من قبل خلية استخبارية مسؤولة عن (الملف السوري) مؤلفة من ضباط استخبارات أميركيين واسرائيليين وبريطانيين وأتراك وسعوديين وأردنيين..
تحوّلت السفارات الأميركية والبريطانية والاسرائيلية والسعودية في عمّان الى ما يشبه خلايا استخبارية حيث تضاعف عدد العاملين في هذه السفارات وفي الغالب ينتمون الى الأجهزة الأمنية والاستخبارية في بلدانهم، وقد باتت أجهزة الاستخبارات الروسية والصينية على معرفة تامة بطبيعة التحرّكات الاستخبارية واللوجستية التي تقوم بها تلك السفارات، وقد أوصلت معلومات دقيقة الى القيادة السورية من أجل اتخاذ الاحتياطات اللازمة لاحباط الهجمات التي تقع في المناطق الجنوبية الشرقية من سورية..
منذ اندلاع المظاهرات في محافظة درعا، كانت الاردن مرشّحة لأن تلعب دوراً استراتيجياً في تسهيل مهمة تسلل المقاتلين والعتاد الى المحافظة، وتفاعل المسؤولون الاردنيون مع الاحداث بطريقة لافتة واستفزازية بالنسبة للجانب السوري، الى حد كان من الصعب على أحد تصديق أن الاردن سوف ينأى بنفسه عن تداعيات التظاهرات، فيما كانت تتهيأ محافظات أردنية محاذية لأحداث مماثلة..
كانت السعودية ودول خليجية في مجلس التعاون على استعداد لأن تقدّم مساعدات مالية للجانب الاردني لشراء السخط الشعبي عبر هبات ودعم أسعار الوقود ومواد تموين رئيسية، وقد فعلت ذلك فتراجعت وتيرة الاحتجاجات، على الأقل لفترة من الوقت، أي منذ مارس 2011 بعد مظاهرات حاشدة في نهاية فبراير من العام نفسه..
كانت الاردن مرشّحة على الدوام لأن تشهد احتجاجات، ولكن التقديرات كانت تجمع على أنها سوف تقتصر على مطالب معيشية وخدمية ولن ترقى الى مستوى تغيير النظام أو إسقاطه، دع عنك المساس بذات الملك، الذي بقي الى ما قبل الاحتجاجات الأخيرة، أو (هبّة الكرامة) كما اصطلح عليها خارج أي تجاذب سياسي..
ماهو جديد في الملف الأردني له صلة بما تطلبه أنظمة خليجية من القيادة الأردنية بخصوص الأزمة السورية.. فهناك من يريد من عمّان أن تقدّم أكثر من مجرد تعاون أمني واستخباري، وأن تتحوّل، كما تركيا، الى لاعب فاعل ورئيسي في الصراع على سورية، وهو ما ترفضه القيادة الأردنية لإدراكها بأن تداعيات الإنخراط الواسع في الحرب الأهلية الداخلية في سورية سوف يؤول الى اتساع رقعة الحرب وانتقالها حكماً الى الأردن.

العقاب الإقتصادي السعودي للأردن أجّج حراك الشارع
دول الخليج خيّرت عمّان بين: الانخراط الكامل والشامل في الحرب على سورية أو الحرمان من المساعدات الاقتصادية الموعودة. فكانت الهبّة الأخيرة بمثابة رسالة خليجية الى النظام الأردن مفادها أن العزوف عن المشاركة في مشروع اسقاط النظام السوري بحسب الشروط الخليجية، يعني بلوغ الاحتجاجات الى رأس النظام الأردني، وإسقاط المحرّمات التي كانت حتى وقت قريب مصونة بفعل المال الخليجي.
لم يكن لدى القيادة الأردنية خيارات عديدة حيال هذا الضغط المتراكم عليها من قبل حكومات الخليج، ومن المستحيل بطبيعة الحال أن يبدّل النظام الأردني تحالفاته. وسط هذا التجاذب الأردني الخليجي، قدّمت إيران عرّضاً ربما كان لصالح الأردن في كل الاحوال سواء قبل العرض أو رفضه، فالعرض يقوم على تزويده بالنفط مجاناً، وقال السفير الايراني في عمان مصطفى زاده بأن العرض هو لتجاوز الازمة الاقتصادية التي يمر بها الأردن و (يقضي بتزويد الاردن بالنفط والطاقة لمدة 30 عام مجانا مقابل تبادل الزيارات الدينية بين عمان وطهران). وشدّد زادة في مقابلة مع قناة أردنية محلية (ان عدونا واحد والكل يعرف بذلك وكان ولا يزال يحاول تفرقة المسلمين كي يتسيدوا ويسيطروا على المنطقة). ولفت زادة الى وجود اتفاقيات تجارية بين البلدين ولكنّها غير مفعّلة. مسؤولون في الحكومة الأردنية دعوا الى دراسة عرض السفير الإيراني بشكل جدي، فيما جرى توظيفها من قبل القيادة الأردنية للضغط على الحكومات الخليجية من أجل الوفاء بوعودهم.
وكانت بعثة صندوق النقد الدولي التي زارت الأردن مؤّخراً طالبت الحكومة الاردنية بتخفيض سعر الدينار كخيار إجباري للإصلاح النقدي والاقتصادي، ما أثار فزع مدراء البنوك وكبار المسؤولين في الحكومة الأردنية لأن ذلك يعني بداية مرحلة جديدة يفقد فيها الدينار قوته الشرائية والاستعداد لتضخم الأسعار. البعثة التي اجتمعت مع الطاقم المالي الأردني بهدف إنقاذ الموقف كانت قد حذّرت وزير المالية سليمان الحافظ بأن الخزينة الأردنية لن تحصل على مساعدات دولية بعد الآن الا من خلا ضوء أخضر من صندوق النقد الدولي. حاول الطاقم المالي الأردني تفادي خيار تخفيض قيمة الدينار مع تقديم ضمانات تتصل جميعها بمساعدات مالية سعودية. ولكن المفاجأة أن مسؤولة الصندوق والبعثة الدولية سألت بصورة قاطعة وحاسمة: لا يكفي مجرد الوعود، هل بإمكانكم تزويدنا بتعهد خطي من السعودية ينص على أن المال في طريقه اليكم؟
احتار الفريق المالي الاردني المؤلف من وزير المالي والبنك المركزي الاردني ووزير التخطيط في تقديم اجابات حاسمة، وخصوصاً فيما يتعلق بوعود السعودية التي لم تدخل حيز التنفيذ. ما جرى بعد ذلك لم يكن واضحاً، فقد تخلّص الفريق المالي الأردني من ضغط صندوق النقد الدولي بطريقة غير مفهومة، واكتفى الطرفان بالإتفاق على مسارات طوارىء مؤقّتة تلتزم الحكومة الاردنية بالسير فيها ريثما تحسم خياراتها، المتعلّقة حكماً بالمساعدات المالية الخليجية وعلى رأسها السعودية.
كان أول تطوّر لافت بعد ذلك هو تغيير الحكومة الاردنية، وهو الإجراء التقليدي المتبّع في الاردن كلما شهد الأخيرة أزمة سياسية أو اقتصادية، وجاء على رأسها عبد الله النسور وهو رجل بيروقراطي وصديق للأميركيين مع بقاء الطاقم الاقتصادي نفسه. ظهر النسور على شاشة التلفزيون وأعلن في خطاب صادم خيّر فيه الشعب الأردني بين: خفض سعر الدينار أو رفع الأسعار.
على أية حال، لم يلبث أن حسم النسور الخيارات، حيث انتهى الى ارتفاع الاسعار فاندلعت الاحتجاجات في المدن الأردنية طالت الملك نفسه، فيما كان صنّاع القرار الأردني يتبادلون الحديث عن الأزمة الداخلية الحادة بسبب المساعدات السعودية التي لم تصل ولم تقدّم فيها الحكومة السعودية أي تعهد من أي نوع.
النسور تحدّث الى مقربين منه بأن لديه أساليبه الخاصة في مداواة التطنيش الخليجي والسعودي، وبالرغم من مخاوف المسؤولين الأردنيين من (أساليب) النسور، إلا انه ليس هناك من لديه بدائل ولذلك ترك حتى يكمل خطّته في استدراج أو بالاحرى استفزاز الخليجيين كيما يسارعوا الى الوفاء بوعودهم بدعم الاقتصاد الأردني.
ماذا فعل النسور؟ قام باستدعاء ثمانية مراسلين لوسائل إعلام أجنبية وعقد مؤتمراً صحافياً مغلقاً وأطلق تحذيراً خارج نطاق الخطاب الرسمي الأردني مع الخليج وقال: لولا الدور الاردني في حماية حدود الخليج لأنفق الاشقاء نصف ثروتهم في شراء منظومة صواريخ تحميهم.
تقول مصادر أردنية بأن جهود وزير الاتصال الاردني سميح المعايطة بمحاصرة تصريح النسور هذا وتذكير المراسلين الاجانب بأن ذلك ليس للنشر، وكانت للتسريب على شكل رسالة تبيّن لاحقاً في تقييمات النسور أنها لم تحقق أغراضه، فمنع وزير خارجيته المعترض ناصر جودة من اصحطاب وفد كبير معه لدولة الإمارات.
بعد يومين من المؤتمر الصحافي، قام النسور بتوجيه رسالة ثانية وأطلق تصريحاً آخر شرح فيه كيف أن الأردن يحمي حدود الخليج من عبور ثلاثة أخطار هي اسرائيل والسلفيون والمخدرات..وهنا بدا واضحاً من تصريحات النسور بأن ثمة مطلباً أردنياً عاجلاً لدول الخليج ولابد من الاستجابة له، ولفت الى الاردن (متضايق) الى أبعد حدود، وثم صدر تصريح ثالث للنسور وهو الأكثر وضوحاً حين قال بأن: الازمة المالية التي نعيشها حاليا لم تمرعلينا منذ اكثر من خمسين عاما.
ردود فعل الخليج حيال تصريحات رئيس الوزراء الأردني كانت فاترة وربما باردة، وهناك من رفض اسلوب النسور في استدرار عطف الخليجيين، ومن بينهم وزير الخارجية ناصر جوده ورئيس مجلس الاعيان طاهر المصري لكن المؤسسة سمحت للرجل بالتصعيد قليلاً في هذه اللغة بدلاً من غرق البلاد في الاتجاهين معاً وهما رفع الاسعار وانخفاض سعر الدينار ايضاً.
ولكن في المقابل بدأت تصريحات النسور تأتي أكلها، حيث أبلغ الملك نخبة من السياسيين التقاهم في منزل رئيس الوزراء الأسبق عبد السلام المجالي بأنه يأمل بأن تكون المساعدات في الطريق. كما لمس الفريق الاقتصادي الذي يعمل مع النسور باهتمام اماراتي كويتي بحريني بالمساعدة والضغط على السعودية وقطر، ومنها تخفيف القيود المفروضة على مشاريع اقتصادية اردنية.
ويمكن القول بأن التطوّرات تسارعت بعد تصريحات السفير الايراني حول تقديم نفط مجاني للأردني، بدأت بإعلان الحكومة العراقية عن هبة عبارة عن مئة ألف برميل من النفط مجاناً لمرة واحدة. ما لفت في التطوّرات هو حديث رئيس الوزراء الأردني النسور في 29 نوفمبر الماضي عن تقديم السعودية 3 مليارات ريال (787 مليون دولار) لدعم مشاريع التنمية في المملكة الأردنية..وقال النسور بأن السعودية (قامت مشكورة بتنفيذ الجزء الاول من التزامها لدعم المشاريع التنموية، حيث بلغت قيمة المشاريع التي تم اعتمادها والاتفاق عليها ـ حتى 28 نوفمبر ـ 487 مليون دولار). وأضاف إنه (سيتم اعتماد عدد آخر من المشاريع بقيمة 300 مليون دولار اخرى قبل نهاية هذا العام). وتحدّث النسور عن تفاصيل الهبة وموارد صرفها ولكن بقدر كبير من الغموض حول مواعيد تسلّم الدفعات. وتحدّث عن استمرار الاتصالات مع الكويت والامارات وقطر حول دعم مشاريع اقتصادية في الأردن..نشير الى أن الموازنة الاردنية تعاني من عجز كبير بلغ بحسب الارقام الرسمية 7.7 مليار دولار فيما يعتمد الاردن في معظم حاجاته النفطية على الدعم الخارجي وكذلك اقتصاده القائم على المساعدات.
ما يلفت أن تصريحات النسور الأولى وبشائره أيضاً لم تؤخذ على محمل الجد، وأن الاهتمام الذي حظيت به بالاردن من قبل دول الخليج ليس لأن هناك التزامات أو وعود يراد الوفاء بها، ولكن ثمة من يتحدث عن أن الاردن قد يكون قبل بالانخراط في الأزمة السورية بشكل أكبر ولكن مع تعديل على الخطة السابقة، فقد وضع النظام الأردني في مهب الريح بعد (هبّة الكرامة)، فإما ان يستجيب لشروط السعودية وقطرفي الحرب في سورية أو يدفع ثمناً باهظاً قد يصل الى قطف رأسه.

nad-ali
12-01-2013, 09:21 PM
http://www.neworientnews.com/news/images/non_02.jpg

إنذار إقليمي كبير يحرك اتصالات لاستباق قمة بوتين أوباما

http://www.neworientnews.com/news/files/news/obbama-20130111-141643.jpg

ذكرت مصادر إقليمية فاعلة أن إنذارا بعمل ردعي واسع النطاق على مساحة المنطقة يوضع في اعتبار الدوائر الغربية و أسلوب تعاملها مع الأحداث في سورية و العراق.

الجهات الغربية تبلغت الإنذار قبل أسابيع قليلة و شرعت بعده تظهر تدابير استثنائية في منطقة الخليج و خصوصا في كل من دبي و الدوحة و الرياض و كذلك في تل أبيب و تفيد المعلومات الدبلوماسية الخاصة أن مصدر الإنذار أكثر من عاصمة في المنطقة و خارجها و قد تحركت بعده اتصالات مكثفة بين واشنطن و حلفائها تحت عنوان التحضير لجدول أعمال اللقاء المرتقب بين الرئيسين الروسي و الأميركي فلاديمير بوتين و باراك أوباما الذي يعتبر محطة فاصلة في إقرار المعادلات الجديدة عالميا و حيث تحتل منطقة الشرق العربي و الإسلامي مكانة رئيسية في الحسابات الدولية الجديدة سياسيا و اقتصاديا في ظل التقارير المتعلقة بمكتشفات النفط و الغاز الوفيرة.

nad-ali
28-01-2013, 10:33 PM
http://www.alhejazi.net/common/banner.jpg

2013.. عام التغيير في السعودية؟

http://www.alhejazi.net/images/123_3_0.jpg

http://www.alhejazi.net/images/123_4_0.jpg

لعبة الدومينو لم تصل الى نهايتها بعد في الشرق الأوسط، فلا تزال هناك مناطق مرشّحة لأن تشهد تحوّلات كبرى، وأن رياح التغيير منذ انطلقت من الغرب هي في طريقها الى الشرق، وقد وصلت الى المناطق التي كان يعتقد حكّامها بأنها محصّنة وبمنأى عن التغيير..لقد بات حديث التغيير محسوماً الآن في المملكة السعودية، ولم يعد الأمر فرضياً، ولا تكهناً، فهذا الربيع يزحف تدريجاً، ويحاول حكّامها احتواءه، استيعابه، الالتفاف عليه عبر مبادرات عبثية، كتشكيل مجلس شورى جديد يضم 30 إمرأة، من أجل كسب تأييد الغرب..مصيبة العائلة المالكة أنها باتت عاجزة عن هضم الحقائق الجديدة، وأبرزها أن الناس لم تعد تنتظر دعماً غربياً أو تكترث لموقف الغرب سلباً أم إيجاباً، ولا للتغطية الاعلامية شبه الغائبة عن وقائع التحول الداخلي العميق والسريع، ولا التهويل الامني الذي يزداد شراسة الى حد اعتقال النساء والاطفال، ولا تدابير كثيرة كان النظام يلجأ اليها حين يريد قمع الحركة المطلبية..
لقد فرض ربيع الثورة نفسه في مملكة الاستبداد حتى على الأمراء أنفسهم الذين راحوا يتحدثون عنه تارة بعنوان التمجيد حتى قال خالد الفيصل، أمير منطقة مكة المكرمة، بأن الربيع بدأ في المملكة قبل 82 عاماً، موهماً جمهوره بأن المملكة سبّاقة في التغيير والاصلاح ولكن ليس وفق شروط الربيع الثوري الديمقراطي، ولذلك لم يلبث أن شنّ هجوماً على الربيع الحالي في نسخته الحالي وكتب فيه قصيدة بعنوان (هبوب) اشتملت على هجاء للربيع العربي، واعتبر ان ما يجري هو لخدمة الدولة الصهيونية وتحقيقاً لفكرة الفوضى الخلاّقة..
على أية حال، فإن قصيدة خالد الفيصل لم تلامس الاستبداد السياسي في مملكة ال سعود، والذي يتطلب تغييراً شاملاً وجوهرياً، وإن تحميل الآخر، مسؤولية مايجري ليس سوى المحاولة المكرورة واليائسة للهروب..وقد سبقه أخوه الأمير تركي الفيصل، رئيس الاستخبارات العامة الأسبق والسفير السابق في لندن وواشنطن، الذي نفى وجود ربيع عربي، وقال بأن من السابق لأوانه الحكم على ما يجري في الشرق الأوسط بأنه ربيع (فقد يكون صيفاً أو شتاءً أو زمهريراً).
ومهما كانت التوصيفات لما يجري، فإن مملكة آل سعود تواجه حركة مطلبية شعبية متصاعدة، لايمكن إيقافها، بل تفيد المؤشرات بأن ما تشهده هذه البقعة شديدة الحساسية والحيوية بالنسبة للإقتصاد العالمي ينذر بتحولات غير قابلة للسيطرة في حال تمسّكت العائلة المالكة بموقف التجاهل لمطالب الشعب التي باتت قنوات التواصل الاجتماعي (تويتر) و(فيسبوك) الأكفأ في نقلها بأمانة فائقة.
الصحف السعودية هي الأخرى لم تعد قادرة على تجاهل ما يجري، بحيث بات طيف من الكتّاب المحليين ينخرطون في نقاشات جدية وواسعة حول موضوعات ذات مصلة بمطالب الناس وهمومهم اليومية الاقتصادية والسياسية..فقضايا مثل الحريات والانتخابات والمشاركة السياسية وحقوق المرأة، وتدخّل رجال الدين والمطاوعة في خصوصيات المواطنين، وعلاقة الحاكم بالمحكوم، وشرعية السلطة، باتت عناوين حاضرة في الكتابات الصحفية اليومية..

nad-ali
29-01-2013, 10:58 PM
https://twimg0-a.akamaihd.net/profile_images/2233484530/BCSL-T-1.png

http://bcsl.org.uk/images/bhs2013bgar.jpg

http://bcsl.org.uk/images/bhs2013bgar-re.jpg

الجزء الأول:
البحرين: التقرير الاستيراتيجي 2013

يقدم مركز البحرين للدراسات في لندن في هذا الإصدار: البحرين.. التقرير الاستيراتيجي 2013، قراءة تحليلية معمقة لصورة جانبية من الحالة البحرينية في العام 2012، وآفاقها في العامين 2013 و 2014.

وينشر المركز التقرير بنسخة عربية، وأخرى إنجليزية تضم أغلب عناصر التقرير.

التقرير ليس إرشيفا، ولا يحيط بكامل المشهد، وإلا كان حجمه مضاعفا لمرات، وإنما ينتقي معطيات ومفاصل، ويقاربها حدثا وتحليلا وأفقا.

وإجمالا، يحاول التقرير الإجابة على جملة من الأسئلة تتعلق بواقع الحال واستشراف الآتي، ومن بينها: من هم الفاعلون في المشهد؟ ما هي مواقعهم ؟ ما أبرز خطواتهم أو افعالهم خلال العام المنصرم؟ ما نوع السياسيات التي يسلكها الفاعلون؟ هل هي سياسات واضحة أو غير متوقعة أم أنها سياسات ثابتة ضئلية التغيير؟ إلى اي حد يمكن لهذه السياسات أن تواجه منافسين أو مخاطر عملية؟ ما هي المبادرات التي قدمها الفاعلون في سياق عملهم؟ هل أثمرت السياسات المتبعة عن نتائج ما؟ ما هي؟ ما أهم الإشكاليات والتحديات التي تواجه الفاعلين؟ وما هو أفق المستقبل القريب والمستقبل البعيد لهذه السياسات والنتائج؟

يحتوي التقرير على سبع أوراق موزعة على خمسة فصول، ساهم فيها خمسة من الباحثين المعروفين بكتابتهم الموضوعية والمعمقة.

في الفصل الأول، يكتب الباحث البحريني عباس المرشد عن القوى السياسية، معتبرا أن "سيطرة صيغة الانقسام بين أطراف المعارضة، أثر سلبا على إنجاز التحول الديمقراطي، إذ تولدت حالة من الشرعية المنقوصة لدى أطراف المعارضة والمولاة، بما أفقدها صفة الشمول والاستيعاب لكافة مكونات المجتمع. ونتيجة لهذا الوضع المنقسم، توفرت مساحة فراغ بمقدور النظام الهروب إليه كلما ضاق عليه أفق الحلول والتسويات، بل إن بقاء الانقسام السياسي أيا كانت مسبباته أعطى النظام فرصة لأن يسوق نفسه على أنه متعالٍ على الخلافات والانقسامات السياسية”.

وفي مقاربته للحراك الميداني، يلاحظ المرشد أن "التظاهر في العاصمة كان ولا يزال بمثابة خط التماس بين المعارضة والنظام، وأن الأكثر نفوذا وهيمنة هو من يحكم سيطرته على العاصمة، ما يجعل من سياسات النظام تتشدد بطريقة متطرفة في حصارها للفعاليات الاحتجاجية التي تقام في المنامة، وفي الوقت نفسه فإن هذا الوضع الاستراتيجي يجعل من فعاليات المعارضة خارج محيط العاصمة بمثابة الوضع المسموح به ضمن حدود اللعبة السياسية، ومع ذلك فإن بعض تلك الفعاليات تصيب النظام بأكثر من حالة هسيترية يفقد معها قواعد الاشتباك السياسي.

في الفصل الثاني: مشكلات مزمنة، يكتب الباحث البحريني نادر المتروك عن أزمة الإعلام الذي يعيش خصاما على الحقيقة، ويقرر أن “المواد الإعلاميّة أصبحت مرجعاً لمقاربة الأوضاع العامة التي عاشتها البلاد تباعاً منذ تفجّر الانتفاضة. وقد عمل الإعلام الرّسمي على ترسيخ الصّورة النّمطيّة المعهودة، فقدّم دوراً "رسميّاً" خالصاً، ونأى عن إعطاء المساحات المرضيّة للآراء الأخرى. وتحوّل الجهاز الإعلامي الحكومي إلى أداة "مؤثرة" في تشجيع قمع الاحتجاجات السّياسيّة القائمة”.

ويعتقد المتروك أن "توزُّع العمل الإعلامي بين الأهالي والإعلاميين المجهولين؛ نقطة قوّة أمّنت استمراريّة الإعلام المُعارض وحماه من الاستهداف القاتل. إلاّ أنّ تشتّت الجهود، وغياب التّنسيق الإستراتيجي، ضيّع على الإعلام المعارض الفرص المناسبة لتحقيق الأهداف الإعلاميّة في الأوقات المناسبة".

وفي مسألة الإسكان، يرى المتروك أن “الصّراعُ الحاد بشأن أزمة الإسكان يتداخل على أهم محورين في المناجزة السيّاسيّة القائمة في البحرين اليوم. الأوّل، محور الأرض، والثّاني محور السّكان. وقد عمِد نظام الحكم إلى السّيطرة على منافذ القوّة على الأرض، فتحكّم في حدود الانتشار، وطريق التملّك. من جانبٍ آخر، اشتغل الحكم على الطبيعية السّكانيّة، وأنشأ فئات مختلطة من السّكان، وهو ما يوفّر حجماً مؤثراً في التأثير على إدارة أزمة الإسكان من جهة، والحيلولة دون الانتقال إلى الاستحقاقات المعيشيّة الأكبر من جهةٍ أخرى".

وفي البعد الاقتصادي (الفصل الثالث)، يتساءل النائب البحريني السابق والمحلل الاقتصادي الدكتور جاسم حسين عما إذا كان المارشال الخليجي "سيكون بديلا عن الإصلاح السياسي والاقتصادي، بسبب وجود رغبة للاستفادة من الأموال الخليجية لمعالجة بعض الملفات الساخنة غير السياسية، خصوصا تلك المتعلقة بتوفير مستوى من الرفاهية للمواطنين. بمعنى آخر يخشى أن يكون المارشال الخليجي بديلا عن تنفيذ إصلاحات ديمقراطية جوهرية. ومرد ذلك استغلال حاجة البعض للحصول على مسكن لائق، ووظيفة توفر العيش الكريم له ولأفراد أسرته، لكن على حساب المطالبات الديمقراطية".

وفي موضوع المديونية العامة، يلاحظ جاسم حسين "تكرار ظاهرة رفع سقف الدين العام المسموح به بصورة مستمرة في غضون عدة سنوات فقط من مليار دينار إلى مليارين ومن ثم إلى 3.5 مليار دينار في العام 2011، فيما حجم السقف الجديد للدين في العام 2012 فيبلغ 5 مليار دينار".

ويعتقد حسين أنه "في ظل غياب مؤسسات دستورية قادرة على لجم شهية القطاع العام للصرف يخشى بخروج المديونية العامة عن نطاق السيطرة مع كل سلبيات ذلك على الحالة الاقتصادية للبلاد ومعيشة ومستقبل الناس".

ويعالج الباحث السعودي الدكتور حمزة الحسن، في الفصل الرابع، الموقف الخليجي والعربي من أزمة البحرين، ويسجل أن "مواقف الدول العربية عامة والإقليمية كتركيا وإيران اتسمت بطابع الجمود طيلة العام 2012، ولربما كان هذا سبباً أساسياً في الجمود السياسي الذي تشهده القضية البحرينية. فبالرغم من انقسام الموقف تجاه الثورة البحرينية، فإن تحولاً في السياسات والمواقف لم يحدث. ولم يسجل للدول العربية والخليجية والإقليمية أية مبادرة جادّة للتوصل إلى حلّ سياسي بين النظام البحريني والمعارضة، ما ينبئ عن حقيقة أن الموضوع البحريني بالنسبة لأغلبية هذه الدول إما مؤجلا وتسبقه في الأهمية ملفات أخرى اكثر أهمية وحساسية (كالملف السوري)؛ أو أنه موضوع يتعمّد لاعبون أساسيون تجاهله أملاً في موت الثورة البحرينية ببطء أو بسبب الإهمال، أو على أمل أن يؤدي الصراع الإقليمي والدولي في منطقة الشرق الأوسط الى بروز ظرف مناسب يساهم في تقليص حجم التنازل من قبل نظام الحكم في البحرين للمعارضة".

ويستشرف الصحافي البحريني عباس بوصفوان السنياريوهات المحتملة للتسوية في 2014 في الفصل الخامس من التقرير، على النحو التالي: 1. سيناريو إزاحة الملك يصطدم بتشتت المعارضة وضعف ولي العهد، 2. اعتبار المعارضة وزير الديوان ملكا يواري خيار إزاحته ويزيد من فرص الإطاحة برئيس الوزراء، 3. فرص التوافق الدستوري منعدمة مادام الملك يرى المس بالدستور مسا بشخصه، 4. سيناريو الإصلاح الحكومي من طرف واحد المكلف من دون مردود، 5. سيناريو إنجاز "أسلو" بحريني جديد الذي قد يقصم ظهر الحراك الشعبي ويؤثر سلبا على جمعية "الوفاق".

ويرى بوصفوان أن الوصول إلى تسوية ما أمراً وارداً، بالنظر إلى حدوث ذلك في 1923، 1973، و2001، والمشاركة في انتخابات 2006 و2010، مرجحا أن تكون التسوية هشة أو مؤقتة (أوسلو بحريني جديد)، عوضا عن توافق مجمع عليه وطنيا. بمعنى أنه يصعب أن تكون التسوية المرتقبة دائمة/ تاريخية، وفرص أن لا يتم الوصول إلى تسوية أقرب من الوصول إلى تسوية تاريخية. ولا يساعد ذلك إلا على القول بأن الأرض البحرينية ستظل مسرحا للتوتر لن يحل إلا بتسوية "رصينة" وتاريخية وتقوم على التوافق الوطني.

يتبع...

nad-ali
29-01-2013, 10:59 PM
https://twimg0-a.akamaihd.net/profile_images/2233484530/BCSL-T-1.png

http://bcsl.org.uk/images/bhs2013bgar.jpg

الجزء الثاني:

الفصل الأول: البعد السياسي والميداني.. أزمة الولاء والتوافق الوطني

http://bcsl.org.uk/images/4.jpg

1-القوىالسياسية.. موالاة تائهة.. ومعارضة“حقوقية“

أولا: الموالاة وإشكالية الولاء للدولة

لم يكن من الواضح خلال العام المنصرم قدرة القوى السياسية الموالية للنظام على خلق ولاء سياسي للدولة مقابل الولاء الشخصي للعائلة المالكة، بما خلق لدى القاعدة الشعبية المصنفة مذهبيا (اهل السنة) إشكاليات عميقة حول الانتماء والولاء لم تحسم، فهناك الانتماء الخليجي -وبالأخص السعودي- مقابل الانتماء للدولة بحدودها المعروفة، وهناك الانتماء الوطني مقابل الانتماء الديني/المذهبي، وهناك الولاء للنظام السياسي مقابل الولاء للوطن.

لقد حاولت هذه القوى استعادة موقعها السياسي والبحث لها عن مكانة داخل المسار السياسي البحريني وطرحت وثيقة الفاتح كنوع من المسايرة لوثيقة المنامة، التي قدمت فيها المعارضة رؤيتها للبحرين الديمقراطية. إلا أن وثيقة الفاتح لم تجد صدى لا داخل هذه القوى ولا عند النظام أو الأطراف المعنية بالأزمة السياسية في البحرين، ما يعد فشلا في تحقيق وظيفتها السياسية وتحولها لعناصر مذخرة يبقيها النظام وقت ما يحتاجها في صراعه مع القوى المعارضة أو في مباحثاته مع الأطراف الدولية والإقليمية.

من ناحية التعبئة الشعبية فقد كشفت الفترة المتأخرة من العام الماضي انحسار قدرة القوى الموالية على الحشد والتعبئة سواء في المواضيع والقضايا التي شكلت عصبية جماهيرتيها أو في البناء الهيكلي لبعض تلك القوى.

وقد صرح الدكتور عبد اللطيف المحمود لإحدى الصحف المحلية عن عجز تجمع الوحدة الوطنية في إقامة تجمعات جماهيرية لنقص الكوادر البشرية وضعف الميزانية الاقتصادية لإقامة مثل هذه التجمعات.

كما أبرزت المؤتمرات السنوية لهذه القوى ومنها تجمع الوحدة الوطنية تضاؤل الحضور وصعوبة تحقيق النصاب القانوني لعقد تلك المؤتمرات، وهو وضع تكرس بعد حالات الخروج والانشقاق على الوحدات الناظمة لهذه القوى كما في حالة جمعية المنبر الإسلامي (إخوان مسلمين)، وجمعية الأصالة (سلفيين)، حيث استقال العديد من أعضائها للدخول في تجمع الوحدة الوطنية وثم انشقوا عن التجمع مؤسسين شباب تجمع الفاتح الذي تلاشت قوته بعد ذلك أيضا.

لقد استفادت هذه القوى الموالية من دعم النظام لها سياسيا واقتصاديا كما استفادت من غياب النظام الديمقراطي الحقيقي وهو ما ترك المجال مفتوحا لأعضاء هذه القوى لأن تنطبق عليهم خصائص قانون الحظوة والاقتراب من مركز السلطة والحصول على المنافع الاجتماعية والمهنية، خصوصا في الوظائف العليا داخل المؤسسات الحكومية وخلق وظائف عليا جديدة لهم. مقابل هذا الصعود ( الشخصي) تعرضت القوى الموالية لهبوط في أدائها السياسي تمثل في عدة مظاهر:

أولا: فقدانها عصبية التجميع الشعبي عبر حشرها بداية في تجمع الوحدة الوطنية ومن ثم تعرض التجمع لخطر التفتت.

ثانيا: انعدام رؤيتها السياسية المستقلة عن رؤية النظام وأجندته وقد عكس تقرير المؤتمر الأول لتجمع الوحدة الوطنية هذا الواقع عبر تفسيره للمسار السياسي الذي اتخدته القوى الموالية منذ 14 فبراير 2011 وأفضى لأن تستخدم هذه القوى من قبل النظام بشكل صريح وعلني.

ثالثا: انسداد فرص تفاعلها الجماهيري دون الحماية والدعم الحكومي لها.

رابعا: انشغالها بمناكفة ومعارضة القوى السياسية المعارضة والمزايدة على النظام في إنزال أشد العقوبات بالقيادات السياسية المعتقلة والطليقة.



ثانيا: الجمعيات المعارضة: طغيان البعد الحقوق

تضم المعارضة الرسمية ثمان جمعيات سياسية تشكل جمعية الوفاق وجمعية العمل الديمقراطي من الناحية السياسية عمودها الفقري. بطبيعة الحال لم تخلق الجمعيات السياسية حراك 14 فبراير وكانت حذرة في تعاطيها مع دعوة يوم الغضب باستثناء جمعية العمل الديمقراطي التي كان لها موقف مؤيد بشكل علني وواضح لتلك الدعوة، إلا هذه الجمعيات انخرطت في الحراك بعد اشتداده وسخرت كافة كوادرها للانخراط في فعاليات الثورة ولكن على طيقتها الخاصة.

يقوم مشروع الجمعيات السياسية على مبدأ الإصلاح الديمقراطي الجذري وهي تعني بذلك المطالبة بالانتقال من الملكية الدستورية المطلقة إلى الملكية الدستورية المقيدة حيث يمكن تداول السلطة وانتخاب الحكومة بدل تعينها من قبل الملك.

اعتمدت الجمعيات السياسية استراتيجية سلمية الحراك الميداني، وإدانة العنف مهما كان مصدره كأفضل الخيارات المتاحة في ظل تعقيد الوضع الداخلي وشراسة الأجهزة الأمنية وقوتها المتعاظمة.

مع الإعلان عن تشكيل لجنة تقصى الحقائق المستقلة وتحت ضغوط بعض السفارات الكبرى وافقت الجمعيات السياسية على الدخول في جلسات حوار التوافق الوطني، إلا أن جمعية الوفاق انسحبت في الأيام الأولى رافضة مخرجات الحوار، وكذا رفضته الجمعيات السياسية المعارضة، بما في ذلك المنبر التقدمي.

رغم وجود خلافات عديدة بين الجمعيات السياسية المعارضة في المنحى الايديولوجي، وخلافات أعمق في صيغ المعالجة السياسية كالاختلاف في شكل الحكومة المنتخبة والاحتماء بالمرجعيات الدينية؛ إلا انها استطاعت أن تؤصل خلافاتها السياسية في وثيقة سياسية سميت "بوثيقة المنامة" كإطار سياسي يجمع القوى السياسية المعارضة. وقد دعت الجمعيات السياسية الموقعة على وثيقة المنامة مؤسسات المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية للتوقيع على الوثيقة إلا ان الاستجابة لم تكن بالمستوى المتوقع.

مع ذلك فقد تجاهل النظام والقوى الموالية وثيقة المنامة معتبرين أنها رؤية سياسية خاصة لقوى المعارضة، وليست أرضية حوار وطني الذي يجب أن يبدأ دون شروط ودون متطلبات سياسية. تطور الموقف السياسي للحوار لدى الجمعيات السياسية المعارضة بتطور المعطيات السياسية المتغيرة، وتناغم خطابها مع خطابات الحوار بلا شروط، بعد أن كانت تسوق للمبادئ السبعة لولي العهد ووثيقة المنامة وتقرير اللجنة المستقلة لتقصى الحقائق، ولم تلق هذه التحولات قبولا لدى أطراف الحكم بل إن النظام مارس هجمات أمنية وتسعفا في التضييق على عمل الجمعيات السياسية المعارضة لدفعها للجلوس على طاولة حوار شكلي ودون جدول أعمال زمني أو أرضية واضحة.

وقد استغل النظام حاجة الدول الكبرى كالولايات المتحدة الامريكية وبريطانيا وفرنسا إلى إنهاء ملف القضية البحرينية، والتفرغ لملف إيران النووي والقضية السورية، من أجل ممارسة ضغوط أكبر على قوى المعارضة لقبول تسويات سياسية لا تصل لحد انتخاب الحكومة وتأجيل ذلك لمرحلة قادمة. وكان من الطبيعي أن تسقط مثل هذه التسويات نظرا لعدم توافر مكافئ لها لدى شارع المعارضة ونظرا لدرجتها المتدنية مقارنة مع السقف الادني من المطالب الديمقراطية.

ما يجدر ذكره أن المعارضة الرسمية ظلت تؤكد تمسكها بالحوار غير المشروط، ورفضها للعنف كوسيلة من وسائل الضغط السياسي، وقد أدى تأكيدها على ما يسميه البعض السلمية إلى تعرضها لبعض النقد الاجتماعي خصوصا فيما يتعلق بإدانتها لأعمال احتجاجية مضادة لعنف السلطة والأجهزة الأمنية واحتوائها فتوى اسحقوه الصادر من المرجع الشيخ آية الله عيسى قاسم.

لقد ظلت قوى المعارضة الرسمية ثابتة في مواقعها السياسية ولم تلجأ للتصعيد السياسي. وقد أدى إلى تحويل قضية المطالبة بالديمقراطية إلى قضية حقوقية تؤكد على أحقيتها تقارير اللجنة المستقلة لتقصى الحقائق وتقرير مجلس حقوق الإنسان في جنيف وغيرها من التقارير الحقوقية، وبالتالي فإن الجمعيات السياسية المعارضة لم تفلح تماما في جعل القضية السياسية على قائمة الموضوعات والأولويات الخاصة بقضية البحرين.



ثالثا: إئتلاف شباب 14 فبراير : المطرقة الثقيلة

خارج إطر النظام السياسي السلطوي وخارج القوى السياسية الرسمية تقف القوى السياسية المعارضة والمطالبة بإسقاط النظام وحق تقرير المصير بدلا من الإصلاح السياسي والمملكة الدستورية.

ويعتبر إئتلاف شباب 14 فبراير كأبرز هذه القوى حيث يقود عمليات مواجهات ميدانية بشكل يومي، وبات يتملك قوة بشرية موزعة جغرافياً على العديد من مناطق البحرين بما فيها جزيرة المحرق، يؤمن لإتئلاف تعدد في القيادات الميدانية، كما يعتمد على تنسيق بين المنضوين في الحركة والمتعاطفين معه في القرى والمدن، سواء من حيث الشعارات التي يتم رفعها، أو من حيث نوع تكتيكات المواجهة مع قوات الأمن.

من الناحية السياسية يرى الإئتلاف أن النظام القائم فقد شرعيته منذ 17 مارس 2011، ولم يعد هناك فسحة لأن تكون هناك جولة تصالح أو حوار مع النظام ورموزه، وبالتالي فإن الاستمرار في المواجهة والتصعيد الميداني والسياسي هي الوسائل والآليات التي يهتم بها الإئتلاف في حركيته ونضاله اليومي. منذ يوليو 2011 طرح الإئتلاف شعار تقرير المصير كشعار سياسي قد يعتبر جسرا بين أطياف المعارضة المنقسمة حول المطالب الكلية بين مملكة دستورية وما بين جمهورية شعبية، رغم أن للإئتلاف رؤية سياسية ضمنها في وثيقة ثورة اللؤلؤة تقوم على فكرة إسقاط النظام كأساس لأي حل سياسي منصف. ونظرا لطبيعة عمله الميداني فقد نفذ الإئتلاف العديد من الفعاليات عنونها بعنوان مساندة ومؤيدة للقيادات السياسية المسجونة أو لقضايا سياسية محل إجماع كافة القوى السياسية المعارضة. وهو بذلك يؤطر عمله بما يشبه المطرقة التي يجب عليها تكسير أروقة النظام وتفكيك سلطويته. من جانبه ظل النظام يتجاهل وجود الإئتلاف ويحمل تبعاته على عاتق جمعية الوفاق ومرجعيتها الدينية، وهذا يتأكد من خلو لوائح الإتهام التي قدمت للنيابة العامة والتي يتجاوز عددها الخمسة آلاف صحيفة اتهام من تهمة الانضمام لإئتلاف 14 فبراير واستبدالها بتهم خلايا صغيرة منفصلة ووجهت إليهم تهم التفجيرات أو استهداف دورايات الأجهزة الأمنية أو قطع الطرق.



رابعا: التوافق الوطني مفتاح الحل

سيطرة صيغة الانقسام بين القوى السياسية على أغلب مفاصل المشهد السياسي بما أثر سلبا على إنجاز التحول الديمقراطي المطلوب رغم وجود أرضية صالحة لتحقيق الانتقال، بيد أن الرهان على كسب الجولة بحصيلة صفرية كان سيد مواقف القوى السياسية المعارضة والموالية، وبسبب الانقسام السياسي على أسس طائفية تولدت حالة من الشرعية المنقوصة لدى كل الأطراف بما أفقدها صفة الشمول والاستيعاب لكافة مكونات المجتمع. ونتيجة لهذا الوضع المنقسم والمتصارع بين القوى السياسية، توفرت مساحة فراغ بمقدور النظام الهروب إليه كلما ضاقت عليه أفق الحلول والتسويات، بل إن بقاء الانقسام السياسي أيا كانت مسبباته أعطى النظام فرصة لأن يسوق نفسه على أنه متعالي على الخلافات والانقسامات السياسية، وأنه بصدد الانتظار لحين وصول القوى السياسية لتفاهمات متفق عليها وبتعبير اللغة الرسمية، فإن تحقيق الاجماع أو التوافق الوطني على جملة المطالب السياسية وصيغة الانتقال الديمقراطي هي ورقة ومفتاح الحل للأزمة المتفاقمة منذ 14 فبراير.

.. يتبع

nad-ali
05-02-2013, 09:42 PM
https://twimg0-a.akamaihd.net/profile_images/2233484530/BCSL-T-1.png

http://bcsl.org.uk/images/bhs2013bgar.jpg

الجزء الثالث:

2-الحراك الميداني.. تحديات ليست قانونية

http://bcsl.org.uk/images/4.jpg

رغم سيطرة النظام في البحرين على منطقة دوار اللؤلؤة، وهدم نصبه التذكاري وتحويل منطقة محيط الدوار لمنطقة عسكرية مغلقة، وقيام قوات مشتركة من الحرس الوطني ووزارة الداخلية بمنع اقتراب أي مواطن منها، إلا أن الحراك السياسي والحراك الميداني (الثورة الشبابية) التي انطلقت في 14 فبراير 2011 لا يزالان يهمينان على كافة مفاصل المشهد السياسي. هذا الاستمرار المثير للدهشة ساهم في تكوين حركة مراجعات حول مسألة الديمقراطية والتنمية في منطقة الخليج العربي، بعد أن انكشفت حقيقة التنمية النفطية، وأنها لم تكن سوى تكريس للأوضاع التقليدية والمركزية السياسية والاستئثار بالسلطة. كما شكلت احتجاجات البحرين محورا مهما في صيغة العالم العربي بعد الربيع العربي، فقد كشفت طبيعة الاحتجاجات ومطالبها وردّة الفعل التي قوبلت بها من قبل أنظمة الخليج العربي عن بداية تشكل غطاء حماية للأنظمة السياسية، من قبل الأطراف الدولية الفاعلة في الخليج من جهة وبداية للإنحلال السياسي في الأنظمة الملكية من جهة أخرى.



أولا: التمايزات بين المعارضة

اتسم الحراك الميداني منذ إعلان رفع حالة السلامة الوطنية (الطوارئ)- مطلع يونيو 2011- بالفاعلية والحيوية آخذا بعدا متنوعا في الأشكال الاحتجاجية. فقد باشرت الجمعيات السياسية أنشطتها السياسية بعد تجميدها خلال فترة الطوارئ، في حين كثفت التنظيمات الشبابية ممثلة في إئتلاف 14 فبراير من وتيرة حراكها، مستفيدة من دعم ومساندة الحقوقيين والفاعلين السياسيين في الخارج والداخل.

تنوُع الحراك الميداني أرفد القضية المركزية حيوية متواصلة، وحضوراً واسعاً على الصعيد المحلي، كما اسهم هذا الحراك في إسباغ التعددية على قوى المعارضة وخلق تمايزات فيما بينها، خصوصا في الجزء المتعلق بالتصعيد الميداني والموقف من المواجهات الأمنية المعبر عنه بالعنف والعنف المضاد.

وبصورة عامة فقد اتسم الحراك الميداني خلال هذا العام بصفتين هما الجماهيرية والمواجهة أو ما يعرف بين الاوساط الشعبية بالصمود.

فقد حافظت الجماهير على التواجد بكثافة في جميع فعاليات قوى المعارضة التي حملت عناوين مختلفة، مؤكدة على الاستمرار في الحراك الميداني وعلى المطالب الديمقراطية، ومواجهة السلطة سياسيا وحقوقيا وإعلاميا. ورغم حالات القمع والتصدي العنيف للحراك الميداني السلمي من قبل ألجهاز الأمني المهمين على شكل وجوهر النظام فقد ظلت المسيرات اليومية مستمرة وبفعالية عالية وهو ما أكسبها سمة مدهشة في القدرة على التكييف مع أنماط جديدة من القمع والملاحقات الأمنية



ثانيا: إشكالية الاعتصامات المرخصة



المظهر الذي شكل تطورا لافتاً هو سماح الحكومة باعتصامات مؤقتة للجمعيات السياسية المعارضة (الوفاق وشريكاتها)، في ساحة الحرية بقرية المقشع بداية فبراير 2012 ، حيث نظمت الجمعيات عدة اعتصامات مستمرة لأكثر من ثلاثة أيام ماعدا المبيت في الساحة نفسها، و شارك فيها العديد من النشطاء من بينهم الحقوقي الدولي نبيل رجب عبر مسيرة سلمية قادها إلى مقر الاعتصام وتكرر اختيار الجمعيات السياسية لساحة المقشع مرات عديدة، من بينهم الاعتصام الذي أقيم في في يونيو 2012 تحت عنوان التعذيب جريمة ضد الانسانية.



واجه هذا النوع من الحراك إشكالتين: أحدهما الرهان على قدرة مثل هذه الاعتصامات في خلق أجواء تحشيدية كالتي كانت تعقد في دوار اللؤلؤة بين فبراير ومارس 2011.

والاشكالية الاخرى: افتقاد هذه الاعتصامات تجاوز سلطة المنع والتحكم من قبل وزارة الداخلية؛ التي منعت أكثر من مرة إقامة اعتصامات خاصة للجمعيات السياسية. وإشكاليات قانون التجمعات وهو ما يجعل من الجمعيات السياسية ترتهن في حراكها لقانون ترفضه اساسا، وتحاول الخروج عليه، إلا أنها في النهاية كانت تجبر على الانصياع إليه وتكييف الاعتصام بحسب أوامر وزارة الداخلية. كما حدث في الاعتصام المقرر في يوليو 2012 والتوجه بالاعتصام إلى قرية جبلة حبشي القريبة من قرية المشقع، وآخر كان مقرراً في سبتمر 2012، حيث قامت وزارة الداخلية بمنع الاعتصام واعتقال الكوادر المنظمة لعقده ومن ثم الافراج عنهم لاحقاً.

الجمعيات السياسية بحسب قناعتها ترى بأن الجماهير تريد أن تعتصم وتمارس حقها في التظاهر، ولكنها في الوقت نفسه تبحث عن سياجات أمان في حراكها، وهذا ما يوفره قانون التجمعيات في مواده الإيجابية التي تحاول الجمعيات السياسية استثمارها، لكنها تواجه تحديا حقيقيا في المواد القامعة لحرية التظاهر والتجمع والرغبة الذاتية التي تتيح للأجهزة الأمنية التلاعب في منع وترخيص هذه المسيرات والتجمعات.

فتحت عنوان الأماكن الحساسة رفضت وزارة الداخلية إقامة اعتصام الجمعيات السياسية في خليج توبلي المقرر عقده الأربعاء 9 مايو 2012، تحت شعار "لا عودة إلا بالديمقراطية"، وقد أصدرت الجمعيات بياناً قالت فيه ان قوات الأمن منعت بالقوة تجمعا جماهيريا دعت له قوى المعارضة البحرينية في منطقة خليج توبلي بالعاصمة المنامة، مشيرة إلى أن «قوات الأمن طوقت كل المداخل والمنافذ المؤدية لمنطقة الاعتصام منذ وقت مبكر وكثفت تواجدها الأمني في محيط المنطقة وفي طرقاتها الرئيسية والفرعية لمنع وصول المواطنين»، وتابعت «رغم تقديم الاخطار وتوفر المتطلبات لاقامة الاعتصام في المنطقة فإن الجهات الأمنية قالت ان الاعتصام ممنوع دون أن تبدي أسباباً موضوعية للمنع، ونشرت قواتها في محيط المنطقة.

مع وذلك، فقد شكلت التظاهرات المرخصة فرصة كبيرة، ليس فقط لإبراز استمرار الحراك الشعبي المطالب بالديمقراطية، وإنما أيضا أن حجم هذا الحراك ضخم بمقاييس البحرين حين تسير مظاهرات تفوق حجمها مئة وخمسين ألف متظاهر، إضافة إلى استمرار ادعاء الجمعيات بأن هذه الحشود تؤيد المسار السياسي للجمعيات المعارضة.

وقد جاءت مسيرة 9 مارس 2012 كأبرز حراك ميداني من حيث عدد المشاركين الذين قدر عددهم بأكثر من 200 ألف، ومن حيث مشاركة كافة الأطياف السياسية والاجتماعية المعارضة في رسالة مباشرة على توصيف ملك البحرين بأن المعارضة الحالية هي شرذمة يمكن التعامل معها بكل سهولة وأن مطالبهم لا تلقى تعاطفا وقبولا من الشعب، فجاءت مسيرة 9 مارس لتؤكد على وجود خط متفق عليه يخالف توصيف الملك وأن ما اشار إليه بالشرذمة يمثلون نصف الشعب، وهذا ما جعل من الديوان الملكي يصدر بيانا بعد انتهاء المسيرة يصفها بالعمل الحضاري في محاولة لتمليع صورة النظام الذي فشل في تنظيم مسيرة تأييد من قبل تجمع الوحدة الوطنية في المحرق، حيث لم يتجاوز حضور تلك المسيرة سوى بضع مئات.



ثالثا: العاصمة المحاصرة

ظلت العاصمة عصية على الجمعيات السياسية، ولم تستطيع عبر تفاهماتها مع وزارة الداخلية وممثلي نظام الحكم في الحصول على ترخيص لتنظيم مسيرات جماهيرية فيها، وقد حدثت عدة مواجهات أمنية في أكثر من مرة ( 13 يونيو/ 29 يونيو/19 يوليو 2012) أطلقتها الجمعيات السياسية لتحدي المنع في العاصمة، حيث لم تستطيع الجمعيات من تنظيم مسيراتها في العاصمة بفعل قيام قوات الأجهزة الأمنية بفرض حصار أمني على منطقة المنامة ومنع التوافد عليها ومن ثم ملاحقة التجمعات الصغيرة التي تحاول الانطلاق.

وقد اتسمت الدعوات الثلاث بقلة المشاركين فيها، إلا أن دعوة التظاهر في العاصمة في 7 سبتمبر 2012 وتصدي الأمين العام لجمعية الوفاق الشيخ علي سلمان في التحشيد لها، ونزوله ميدانيا أكسب تلك المسيرة قوة وحيوية.

صنفت المسيرة على أنها من أقوى المسيرات وأكثرها إيلاما للنظام، وذلك من خلال ردة الفعل الحكومية وإيعازها للتجار والجهات الموالية لإصدار بيانات استنكار ورفض للتظاهر في المنامة.

وكان الواضح في حراك الجمعيات السياسية ناحية المنامة أنه خيار تلجأ إليه عند محاصرتها ومنعها من تنظيم مسيراتها المتعادة، وكأنها رسالة للنظام أن المنع والتعسف في قانون التجمعات يقابله تحدي في كسر الهدنة غير المعلنة بخصوص التظاهر في منطقة المنامة وفي الحي التجاري في العاصمة.

إزاء الدعوات القليلة من قبل الجمعيات السياسية للتظاهر في المنامة العاصمة، كان الناشط الحقوقي نبيل رجب يدعو بإستمرار عبر ما أطلق عليه بمسيرات "صمود" إلى التظاهر في المنامة، وكان يقودها بنفسه وقد نظم رجب أكثر من ست مسيرات في شهري فبراير ومارس 2012 في مساء كل خميس، بعنوان مسيرة "صمود" في المنامة، تنتهي بصدامات أمنية ومواجهات بين المتظاهرين وقوات الأجهزة الأمنية.

كما دعا إئتلاف شباب 14 فبراير إلى التظاهر في العاصمة المنامة، مؤكدا على أنها قلب الثورة وخاصرة النظام وكان يشارك في هذه المسيرات المئات من مؤيدي الإئتلاف.

وفي الواقع، فإن التظاهر في العاصمة كان ولا يزال بمثابة خط التماس بين المعارضة والنظام، وأن الأكثر نفوذا وهيمنة هو من يحكم سيطرته على العاصمة، ما يجعل من سياسات النظام تتشدد بطريقة متطرفة في حصارها للفعاليات الاحتجاجية التي تقام في المنامة، وفي الوقت نفسه فإن هذا الوضع الاستراتيجي يجعل من فعاليات المعارضة خارج محيط العاصمة بمثابة الوضع المسموح به ضمن حدود اللعبة السياسية، ومع ذلك فإن بعض تلك الفعاليات تصيب النظام بأكثر من حالة هسيترية يفقد معها قواعد الاشتباك السياسي.



رابعا: إشكالية المواجهة مع الأجهزة الأمنية

شهد الحراك الميداني جدلا سياسيا حول الأدوات المستخدمة والطريقة التي يجب أن يتحرك من خلالها، ففي الوقت الذي تصر فيه الجمعيات السياسية على تجنب المواجهات مع الأجهزة الأمنية وتحبذ المسيرات المخطر عنها والموافق عليها من قبل وزارة الداخلية، تضطر الفئات الشبابية في مواجهتها اليومية مع القوات الأمنية للتصادم، ما يقتضي أن تفعّل أدوات ما بات يعرف "الدفاع المقدس"، وهو مصطلح محلي يشير لاستخدام المالتوف وإغلاق الطرق بالإطارات، كنوع من أنواع الحماية للمتظاهرين والمحتجين، والذي قد يشمل الهجوم على قوات الأمن المشكلة من عناصر أجنبية (مرتزقة).

لقد خلق هذا التباين في أدوات الحراك إصطفافا سياسيا وإصطفافا ميدانيا بين القوى السياسية المعارضة، وبين هذه القوى وقوى الموالاة والحكم من جهة ثانية. فقد اعتبرت الجمعيات السياسية نفسها مسئولة عن ترشيد الحراك الميداني وتشجيعه على نبذ استخدام المالتوف، وبرزت هذه الحملة في تصريحات قادة الجمعيات السياسية، وفي حراكها فترة منعها من القيام بالمسيرات والتظاهر، حيث قام أمين عام جمعية الوفاق الشيخ علي سلمان ومساعده خليل المرزوق بعقد لقاءات مفتوحة في المناطق والقرى، واحتوت أغلب تلك اللقاءات على تشجيع نبذ ما تمسيه عنفا مضادا لعنف السلطة وقد أصدرت الجمعيات عدة بينات سياسية قالت فيها أنها ضد كل أشكال العنف ومن أي جهة.

وفي الواقع أتت هذه الدعوات متسقة سياسيا مع منطق الجمعيات السياسية، لكن ذلك لم يكن بعيدا عن مجريات لقاءات التفاهم التي أجريت بين السلطة والجمعيات السياسية، أو التعاطي مع دعوات الحوار حيث برزت شروط جديدة منها إدانة العنف بكل أشكاله، والتي قد يكون في ضوئها صنفت المواجهات اليومية على أنها عنف أيضا مع أن الجمعيات المعارضة تدين العنف دائما، كما لا يجب فصل ذلك عن ضغوط ممثلي بعض الدول الكبرى حيث تصر على ان تعلن الجمعيات السياسية موقفها من مواجهة قوات الشرطة والتصدي لهم.

من ناحية أخرى، عكس الحراك الميداني لتيارات الممانعة وبالأخص إئتلاف شباب 14 فبراير عن قدرة الإئتلاف على تحريك الساحة ميدانيا كما يريد، وهي قدرة يمكن ملاحظتها مباشرة في فعاليات تقرير المصير التي تقام في مناطق مختلفة وتشهد مواجهات أمنية فريدة من نوعها وترتيبات أمنية ولوجستية خاصة بالمناطق حيث تقوم التنظيمات الشبابية بتجهيز مشافي ميدانية ودعم وحماية المشاركين من قمع وملاحقة قوات الأجهزة الأمنية.



خامسا: فعاليات تقرير المصير

في 23 اكتوبر 2011 ، أصدر إئتلاف 14 فبراير بيانا أعلن فيه استئناف فعاليات تقرير المصير، عبر شعلة تقرير المصير كفعالية ميدانية تجوب المناطق والقرى، وبحضور عوائل الشهداء والمعتقلين، حيث قدم الائتلاف فعاليات حق تقرير المصير كمطلب سياسي وكشعار مرحلي يجمع الفئات الثورية وقد خصص الإئتلاف لجان شعبية ( سترة، المنامة، الدير، كرزكان، بلاد القديم، العكر والنويدرات، الدراز وبني جمرة. عالي وبوري..) تتوزع في الكثير من أنحاء قرى ومدن البحرين، وتعمل على خلق أزمات للسلطة ولها طرقها في الأحتجاج ومواصلة الحراك الميداني.

وشهدت هذه الفعاليات حضورا وترتيبات تدل على قوة التنظيم والتواصل بين المجاميع الثورية في أوضاع شديدة السرية وعالية الخطورة، ويخصص لكل فعالية مستشفى ميداني وتجهيزات خاصة لمعالجة الإصابات التي تحدثها قوات الأاجهزة الامنية عند تصديها لفعاليات تقرير المصير.



سادسا: الحراك المضاد

قاد تجمع الوحدة الوطنية الموالي للنظام مظاهرات تحت مسمي مظاهرات الولاء للقيادة مضادة للمظاهرات الأصلية، وأنشأت صفحات إلكترونية مضادة لصفحات ثورية على "الفيس بوك". ولعبت الآلة الإعلامية المرئية والمقروءة هي الأخري دورا رئيسيا في إنشاء حراك مضاد للحراك السياسي، بالتركيز على فكرة طائفية الحراك وعنفه وارتباطه بإيران من جهة ومحاولة تضخيم الأحداث السياسية في البلدان الأخرى من جهة أخرى. هكذا، تبدو الثورات المضادة في الخليج أكثر ضراوة من الثورات المضادة التي تشهدها دول الثورات العربية (مصر وتونس)، وفي الوقت الذي لا تزال فيه قوي الثورات الحقيقية هزيلة ومنزوية في هامش المشهد الإعلامي، تبدو الثورات المضادة طاغية ومسيطرة، ولديها وسائل القوة والتعبير اللازمة لإجهاض الثورات الأصلية. إن قوي الثورة المضادة متمترسة في قلب النظام، وتتمثل في المؤسسات الدينية التي أقامت تحالفا حديديا مع السلطة، وتستقطب الأنصار، وتغدق الحوافز، وتتمثل أيضا في أجهزة إعلام قوية لديها القدرة علي التستر علي المشهد الداخلي الحقيقي، وتصدير مشهد مغاير، ولديها أيضا القدرة علي استيراد مشاهد قلق إقليمية، والصمت علي مشاهد القلق الداخلي(1)



سابعا: تحديات الحراك الميداني

رغم كثافة الحراك الميداني اليومي والاسبوعي فقد واجه هذا التحرك مجموعة من التحديات أبرزها:

أولا: تدخل الأجهزة الأمنية وفق قانون التجمعات لمنع بعض الفاعليات أو تحديد أماكنها، فقد ظل حظر التظاهر في العاصمة المنامة ساريا منذ فرضه في 16 مارس 2011، ولم تستطع القوى السياسية الرسمية من خرق هذا المنع سوى في حالات ممانعة نادرة كما في دعوة جمعية الوفاق للتظاهر في العاصمة المنامة بقيادة الأمين العام الشيخ علي سلمان في بداية سبتمبر 2012.

كما منعت السلطات الأمنية الجمعيات السياسية من إقامة أي تجمع أو مسيرة بعد تحدي الشيخ علي سلمان لقائد الجيش المشير خليفة بن احمد، في كلمة افتتاح المؤتمر السادس لجمعية الوفاق في مارس 2012 حيث قال سلمان: "قال المشير إن عدتم عدنا وعندنا 200 بالمئة قوة، لتعلم يا أيها المشير إن في هذا الشعب قوة ومصادر قوة لم نستخدم حتى خمسين بالمائة منها، تعلم أنت ويعلم غيرك أننا أبناء رسول الله وأهل البيت، وهذه الذرية وأبناء خيار الصحابة و التابعين، وتعلم أن تربيتنا مركزها الآخرة، وتعلم أن مجرد كلمتين بفتوى شرعية، يقدم أبناء هذا الشعب عشرات الآلاف على كفوفهم لا تبقي ولا تذر...مهما استخدمتم من وسائل بطش ستؤول إلى الفشل، ولو جاء كل قوات المنطقة من أجل منعنا عجزت وستعجز. الدنيا تغيرت لا يمكن إرجاع عقارب التاريخ للخلف، ولم يعد بالإمكان أن ينهي القمع هذه المطالب ، لن تكونوا بقوة صدام ولا ببطش صدام حسين ، ولكن كل هذه التجارب التي قدمها الله لكم قادت إلى أنه لم يعد بالامكان أن تكسر شعبا واعيا، مصرا على نيل حقوقه بالقوة، ولن تستيطع أيها النظام أن تقوم بمناورات سياسية تقسم فيها المعارضة او تشققها، فعقل المعارضة وتجربتها أكبر من قدرتك والآعيبك فأترك ذلك".

بعد كلمة زعيم الوفاق تلك، ظل المنع قائما لأكثر من شهرين ثم تم السماح للجمعيات السياسية باستئناف حراكها الميداني.

ثانيا: تحول المسيرات والتظاهرات اليومية في المناطق إلى مواجهات أمنية فور انطلاقها بما أدى إلى تقليل عدد المشاركين فيها وحصر ذلك بالفئات الشبابية والنسوية المتوسطة في العمر.

ثالثا: انحسار التفاعل الإعلامي من قبل القنوات الإعلامية مع الحراك الميداني لحساب قضايا أخرى، مثل القضية السورية والقضية المصرية.

رابعا: التضارب والتعارض في فعاليات الحراك الميداني بين إئتلاف شباب 14 فبراير وفعاليات الجمعيات السياسية، وهو تعارض يؤدي بطبيعة الحال لفرز الجماهير وتصنيفها في بعض اللحظات المفصلية، وقد شهدت أيام الجمع الكثير من هذا النوع من التضارب على الأقل في البعد الزمني فضلا عن البعد الوظيفي للحراك نفسه.

خامسا: استنزاف الحراك الميداني اليومي للعديد من الكوادر عبر الحملات الأمنية المقننة من جهة وإحداث إصابات خطيرة في صفوف الشباب المتظاهرين في المناطق من جهة اخرى.



أصدرت الجمعيات السياسية في البحرين "جمعية العمل الوطني الديمقراطي-وعد، وجمعية الوفاق الوطني الاسلامية، وجمعية المنبر التقدمي، وجمعية التجمع الوطني الوحدوي وجمعية التجمع القومي وجمعية الاخاء الوطني" اعلان مبادئ اللاعنف.

إعلان مبادئ اللاعنف:


هذا الإعلان يمثل مبادئنا التي نؤمن بها، وقد التزمنا بها منذ تأسيس جمعياتنا وأكدنا عليها بعد 14 فبراير 2011، ونعيد التأكيد عليها، باعتبار ان السلمية هي النهج الاستراتيجي في عملنا السياسي سلوكا وممارسة لتحقيق مطالب شعبنا من خلال مشاركته الحقيقية في صياغة قراره السياسي ورسم مستقبل بلادنا في الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية والمواطنة المتساوية والأمن الاجتماعي والسلم الأهلي. وان دعواتنا المتكررة للتسامح والتعددية والتنوع نابعة من قناعاتنا الراسخة والصادقة بانها الطريق الأمثل لتعزيز الوحدة الوطنية بين أبناء شعبنا بمكوناته المختلفة.
إن الحراك السياسي والمجتمعي في البحرين له تاريخ عريق يمتد لقرابة قرن من الزمان، وشهد هذا التاريخ لقوى وشخصيات وطنية قديما وحديثا ناضلت وتناضل من أجل حقوق الشعب المشروعة، وحراك اليوم هو امتداد لحراك الأمس، ويتكامل معه في منطلقاته وأهدافه، وإنطلاقا من الحق الأصيل والحرية الكاملة المكفولة إنسانيا ودوليا ووفق المبادئ الدستورية المتعارف عليها، في تحقيق المطالب المشروعة السياسية والاجتماعية والاقتصادية عبر انتهاج الحراك السلمي الحضاريوالتمسك بالوحدة الوطنية اللتين درجت عليهما نضالات شعبنا، وبواسطتهما حققت الاستقلال السياسي وأنتجت أول دستور وبرلمان للبلاد، نطلق نحن الموقعون على هذا الاعلان، مبادئ نؤمن ونلتزم بها، ونحفز الآخرين على االاخذ بها لتكون الإطار الجامع لجميع قوى المجتمع ومكوناته مهما بلغت درجة خلافاتهم في الرؤى والمواقف، ليبقى الإطار الوطني الجامع هو الانتماء الوطني النابع من القيم السماوية والإنسانية التي لا تتجزأ ولا تتعارض ولا تصادر.

ومن هذا المنطلق،
وإذ نشير للقرار A/RES/61/271 الذي اتخذته الجمعية العامة للأمم المتحدة في 27 حزيران/يونيه 2007 بخصوص اليوم الدولي للاعنف
وإلى قرارات الجمعية العامة 53/243 ألف وباء المؤرخين 13 أيلول/سبتمبر 1999، ‏اللذين يتضمنان إعلان ثقافة السلام وبرنامج العمل بشــأن ثقافــة الســلام، و 55/282 ‏المؤرخ 7 أيلول/سبتمبر 2001 بشأن اليوم الدولي للسلام، و 61/45 المؤرخ 4 كانون ‏الأول/ديسمبر 2006 بشأن العقد الدولي لثقافة السلام واللاعنف من أجل أطفال العالم، ‏‏2001-2010، والقرارات الأخرى ذات الصلة،‏
واضعين في إعتبارناأن اللاعنف، والتسامح، والاحترام الكامل لجميع حقوق ‏الإنسان، والحريات الأساسية للجميع، والديمقراطية، والتنمية، والتفاهم المتبادل، واحترام ‏التنوع، أمور مترابطة ويعزز ويكمل بعضها بعضا،‏
ومؤكدين أن العنف لا يمكن أن يكون وسيلة لتحقيق مطالب مشروعة أو يستخدم لمنع تحقيق مطالب مشروعة.
ومؤمنين أن الكرامة والحرية والأمن والعدالة والمساواة والتعددية والتنوع والشراكة في الدولة الديمقراطية الحديثة هي متطلبات ضرورية للأفراد والمجتعات لايجوز سلبها من الأفراد والمجتمعات تحت أي ظرف أو مبرر.
ومعتمدين أن من حق الأفراد والمجتمعات اتخاذ كافة الوسائل السلمية من حرية تعبير وتجمع وتنظيم للمطالبة بهذه الحقوق الأساسية، ولا يجوز لأحد معارضة ذلك فضلا عن منعهم خصوصا بالقوة.

وواضعين في اعتبارنا أننانحن اليوم بأمس الحاجة أكثر من أي وقت مضى، وبعمل وطني جماعي من كافة الأطراف ومن كل المستويات لترسيخ ثقافة اللاعنف وانتهاج أسلوب الحوار والقبول بالرأي الآخر والتعددية في الآراء
وعليه نطرح مبادئنا في إعلان مبادئ اللاعنف ونحث الآخرين لتبنيها:
1- أن نحترم الحقوق الأساسية للأفراد والقوى المجتمعية، وأن ندافع عنها.
2- أن نلتزم بمبادئ حقوق الآنسان والديموقراطية والتعددية
3- أن لا ننتهج في سلوكنا أي من أساليب العنف أو تجاوز حقوق الإنسان والآليات الديموقراطية
4-أن ندين العنف بكل أشكاله ومصادره وأطرافه.
5- آن ندافع عن حق المواطنين في حرية التعبير والتجمع السلمي وتكوين الجمعيات، وفقا للمواثيق العالمية المعتمدة، وفي مقدمتها الاعلان العالمي لحقوق الانسان، والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية.
6- أن نكرس وندعوا في آدبياتنا وخطابنا وبرامجنا الي ثقافة اللاعنف وانتهاج السبل السلمية والحضارية.

الجمعيات السياسية الموقعة
·جمعية العمل الوطني الديمقراطي وعد
·جمعية الوفاق الوطني الإسلامية
·جمعية التجمع الوطني الوحدوي
·جمعية المنبر التقدمي
·جمعية الإخاء الوطني
·جمعية التجمع القومي الديمقراطي



واشنطن ترحب بإعلان المعارضة البحرينية «وثيقة اللاعنف»

واشنطن - وزارة الخارجية الأميركية
أعلن بيان صحافي صادر عن المتحدث الرسمي لوزارة الخارجية الأميركية بتاريخ 9 نوفمبر/ تشرين الثاني 2012 ترحيبه بـ «وثيقة اللاعنف» التي أصدرتها المعارضة البحرينية. وجاء في البيان: «نرحب بإعلان مبادئ اللاعنف الصادر عن ست من الجمعيات السياسية المعارضة في البحرين في 7 نوفمبر 2012. إن الالتزام العلني باللاعنف يُعتبر خطوة مهمة نحو بناء الثقة، ونحن نثني على الجمعيات السياسية بإعلان التزامها بمسار سياسي يرفض العنف من أجل تحقيق أهدافهم. إننا نحث الحكومة البحرينية والجمعيات السياسية الست للدخول في عملية سياسية جادة وعملية لإيجاد سبل تفسح المجال لاستئناف المظاهرات السلمية في أقرب وقت ممكن.
لقد طالبنا مراراً وتكراراً حكومة البحرين وجميع عناصر المجتمع البحريني باتخاذ خطوات ملموسة لخلق مناخ ملائم لحوار وطني جاد يستجيب لتطلعات جميع البحرينيين. ونحن نحث جميع الأطراف على المساهمة في تعزيز مناخ المصالحة.
ما زلنا نشعر بالقلق العميق إزاء استمرار الاشتباكات بين الشرطة والمتظاهرين في البحرين، وكذلك بسبب زيادة الهجمات العشوائية العنيفة والمتزايدة على المدنيين وقوات الأمن البحرينية».

http://www.alwasatnews.com/3718/news...l#.UKIypI77XaY (http://www.alwasatnews.com/3718/news/read/714978/1.html#.UKIypI77XaY)

nad-ali
05-02-2013, 09:44 PM
https://twimg0-a.akamaihd.net/profile_images/2233484530/BCSL-T-1.png

http://bcsl.org.uk/images/bhs2013bgar.jpg

الجزء الرابع:

الفصل الثاني : الإعلام والإسكان.. تعبير عن أزمة أعمق


http://bcsl.org.uk/images/nader.jpg
نادر المتروك

3- الإعلام.. الخصام على الحقيقة

أولاً: الإعلام الرسّمي.. تأمين الموالاة ومصَادر التشّويش

1-هيئة شؤون الإعلام

لا تختلف السّياسة الإعلامية الرسمية في الفترة بين أكتوبر 2011- سبتمبر 2012 عن الفترات السّابقة. تعتبر هيئة شؤون الإعلام الجهة الحكوميّة المختصّة بالإعلام الرّسمي، وهي تتولّى الإشراف على جميع وسائل الإعلام، بمختلف أنواعها، وقد تشكّلت بمرسوم ملكي اعتباراً من 8 يوليو 2010م، بعد فصْلها عن وزارة الثقافة، وإنشاء الهيئة برئاسة الشّيخ فوّاز بن محمد بن خليفة آل خليفة. بحسب أدبيّات الهيئة المنشورة في موقعها الإلكتروني؛ فإنّها تضع في أولوياتها جملةً من الأهداف العامة، من بينها تحقيق "المصلحة العليا للوطن، والمحافظة على وحدة المجتمع"، انطلاقاً من محدِّدات معياريّة تتبنّاها الهيئة، وهي "خدمة مسيرة الإصلاح، والتطوّر السّياسي والدّيمقراطي، والتّنمية الاقتصاديّة والاجتماعيّة، وحماية حقوق الإنسان وحرّياته الأساسيّة"(1).

تتصدّر الهيئة قائمة الفاعلين في إعلام الحكومة، وقد اكتسبت قوّةً مضافةً بمجيء شخصيّة محسوبة على المتشدّدين في العائلة الحاكمة. تتكشف صلابة الشّيخ فوّاز من إدارته السّابقة للوسط الرّياضي – حيث كان رئيس المؤسّسة العامة للشّباب والرّياضة - فقد كان معروفاً بسلوكه الحاد والنّهاني في التّعاطي مع إدارات الأندية والإعلام الرّياضي. من خلال متابعة الإطلالات والبيانات الصّادرة عن الهيئة، يظهر الشّيخ فوّاز بوصفه مؤثّراً أساسيّاً في إمساك الرّواية الرّسميّة، ومنحها ما تحتاجه من إسنادٍ وحِجج.

1-بانوراما هيئة الإعلام



أشاد الشّيخ فوّاز (2 سبتمبر 2012) بكلمة ملك البحرين التي دعت للارتقاء بالرّسالة الإعلاميّة. تطرّق الملك في كلمته إلى رغبة الحكومة في "تحسين أوضاع الصّحفيين معيشيّاً وإسكانيّاً ومهنيّاً واحترافيّاً"، واعتبر رئيس الهيئة الخطاب الملكي ضامناً لتوفير "أفضل السّبل للتّعبير عن الرأي بحرّية وأمان واستقلاليّة"(12.

في 14 أغسطس 2012م، وعد رئيس الهيئة بإصدار "قانون عصري ومستنير" للصّحافة، مع إشراك جمعية الصّحافة البحرينيّة في ذلك. وقد حرص على مدى الفترة التي يرصدها هذا التقرير؛ على الإشادة بالكتّاب والإعلاميين الذين ارتبطت أسماؤهم بالإثارة الإعلاميّة، ومناوأة المعارضين، والكتابات المؤيّدة لسياسة العنف الرّسمي ضدّ المحتجّين.

أجرت مجلّة "المجلّة" السّعوديّة ( 3 يوليو 2012) حواراً مع الشّيخ فوّاز تتجلّى فيه أهم ملامح السّياسة الإعلاميّة "المتحايلة" التي تطبع هيئة الإعلام ومؤسّساتها. كرّر رئيس هيئة الإعلام ذات المضامين المثيرة التي اشتغل عليها الإعلامُ التّحريضي والكتاباتُ الصّحافيّة التي أفرزتها مرحلة السّلامة الوطنيّة، حيث وصّف أحداث فبراير ومارس 2011 بأنّها "مؤامرة إرهابيّة لقلب نظام الحكم"، وأعاد تثبيت اتهامات لم يجزم بها القضاء التّابع للدّولة، مستخدماً لغة إطلاقيّة معتادة بحديثه عن "احتلال مستشفى حكومي"، و"تشكيل تحالف لإقامة جمهوريّة طائفيّة على النّمط الإيراني".

في نهاية شهر سبتمبر من عام 2011م، نشرت الهيئة بياناً "هاماً" أشارت فيه إلى قيامها بتوثيق "انتهاكات" الكادر الطّبي البحريني، وقامت ب"تسجيل اعترافاتهم التي تكشف حجم المؤامرة التي قاموا بها". صدر هذا البيان في إطار إبراز الهيئة لدورها في "إظهار الحقائق"، و"صدّ المؤامرة الانقلابيّة" التي تعرّضت لها البلاد، بحسب اللّغة التي ستكون لازمة غير منقطعة في بيانات الهيئة وتصريحات رئيسها الشّيخ فوّاز. يمثّل هذا البيان تأكيداً على شهادات قدّمها ضحايا في السّجون، ذكروا أن موظفين في الهيئة قاموا بتصويرهم وهم يدلون باعترافاتٍ أُنتزعت منهم تحت التّعذيب، وبينهم المخرج البحريني أحمد يعقوب المقلة.

على هذا المنوال، سيرحّب رئيس هيئة الإعلام بتقرير تقصّي الحقائق (23 نوفمبر 2011م)، ولكنّه يُسجّل بمعيّة هذا التّرحيب أنّ "الهيئة كانت مهمّتها في الفترة الماضية نقْل الحقائق على أرض الواقع، وتوصيلها للرأي العام الخليجي". يأتي ذلك في سياق سياسة أخرى اعتمدها الإعلام الرّسمي، وتقوم على اجتزاء المواقف الصّادرة. بعد نشْر تقرير بسيوني، أذاعت وكالة الأنباء الرسمية (بنا) بياناً اكتفى بما ذكره التقرير من عدم وجود أدلة على "خطاب مفعم بالكراهية" في الإعلام الحكومي، وتحاشى الإشارة إلى ما ذكره التقرير نفسه من نقودٍ حول برامج التلفزيون، وتبعيّة الإعلام المطلقة للسّلطة.

2- وزيرة الدولة لشؤون الإعلام: سميرة رجب

شكّلت الوزيرة سميرة رجب عنصراً فاعلاً في تمرير السّياسة الإعلاميّة للسّلطة. كانت وُجهة مفضّلة للإدلاءات المثيرة، ووجهاً مطلوباً من جانب السّلطة، وهي خيارها الأكثر دفْعاً في الإطلالات الإعلاميّة الخارجيّة. تنطوي رجب على قيمة إيجابيّة للسّلطة، كونها تنحدر من عائلة شيعيّة عريقة، كما أنّها تملك سجلاً قديماً في تكريس الإطار التبريري الذي سوّقه الإعلام الرّسمي في قمع الاحتجاجات الشّعبيّة، وخصوصاً الحديث عن المدّ الإيراني في المنطقة وارتهان المعارضة بالأجندة الخارجيّة.

في مؤتمر صحافي بتاريخ 18 أغسطس 2012م(3) وافقت رجب الحكومة على الإجراءات المتخذة ضدّ النّاشط الحقوقي نبيل رجب، وأكّدت على سلامة الموقف القانوني للسّلطة، وأن الناشط رجب مُنح كافة حقوقه بوصفه متّهماً بالتّحريض والتجمهر "غير القانوني". ومن اللافت أنّ الوزيرة كرّرت في المؤتمر المذكور أهم العناوين التي تتبنّاها السّلطة ضد نشطاء حقوق الإنسان، الذين تراهم يمارسون "عملاً سياسيّاً". وامتعضت من موقف المنظمات الدّولية تجاه الحقوقي رجب، وشدّدت على أن هذه المنظّمات "لديها ترسّبات من اعتمادها على الإعلام المُضلِّل" التّابع لمن أسمتهم بالمخرّبين الذين يواصلون "الكذب وإيصال الافتراءات إلى الإعلام في الخارج".

كان تعيين رجب في منصبها الوزاري (أبريل 2012م) تتويجاً لظهوراتها الإعلاميّة المتكرّرة، والتي نافحت فيها بصرامةٍ متواصلة عن الموقف الرّسمي تجاه الأحداث الجارية، ومن غير اكتراث بما حولها من اعتراضات أو نقودٍ معاكسة. وقد اكتسبت، تبعاً لذلك، احتراماً كبيراً في أوساط الموالين للسّلطة، ونظروا إليها باعتبارها نموذجاً "للشّيعي" الحر الذي يستحقّ الاحتفاء والتّكريم.

3- تلفزيون البحرين

واكب تلفزيون البحرين السّياسة الرّسميّة التي اتبعتها السّلطات في التّعاطي مع الأحداث والاحتجاجات، وقدّم مواد إعلاميّة اعتادت على "تلويث سمعة المحتجين"، و"الحديث بطريقة مُهينة"، كما سجّل تقرير بسيوني(4)، والذي خلُص إلى أمرٍ وصفه بالـ"جليّ" مفاده أن "وسائل الإعلام البحرينيّة كانت مُنحازة إلى حكومة البحرين"(5).

من أبرز البرامج التلفزيونيّة التي ارتبطت بهذه الأوصاف، برنامج "الرّاصد"(6)، و"حوار مفتوح" (سعيد الحمد)، و"كلمة أخيرة" (سوسن الشّاعر)(7). تخصّص الأوّل في بثّ حلقات ذات طابع أمني، وباستخدام التّشهير المبرمج، وقام بعرض حلقات متسلسلة تناولت قطّاعات مهنيّة متعدّدة بغرض التّحريض عليها، واتهام منسوبيها بالمشاركة في التظاهرات السّياسيّة، وقد اعتقل العديد جرّاء هذه الحلقات مباشرةً. انطلق البرنامج فوْر دخول قوّات درع الجزيرة في 17 مارس 2011م، واستمر حتّى نهاية شهر أبريل من العام الماضي.

مثّل سعيد الحمد أكثر النماذج الممتلئة بعمليات التّشهير ضد المعارضين. سبّب حرجاً للمسؤولين في التلفزيون الذين اضطّروا إلى إيقاف برنامجه مع مجيء لجنة بسيوني. استمرّ الحمد في تقديم برنامجه من خلال قنوات أخرى معروفة بالتّحريض الطّائفي. أسّس الحمد للغة التّحقير الإعلامي، واعتمد على معلومات أمنيّة واستخباراتية لمزاولة المهمّة. لا يختلف الأمر مع سوسن الشّاعر التي ترفض أيّ تقارب مع المعارضين، وخصّصت برنامجها التلفزيوني وكتابتها الصّحافيّة لاتهام المعارضة والطّعن فيها، ولم تتردّد في لصق تهمة الخيانة بها والتّحريض المباشر ضدّها. وكان لافتاً أنّها استضافت في حلقة أخيرة من برنامجها سعيد الحمد، في خطوةٍ بدت احتفاءاً بطريقته في التشويه الإعلامي.

4- الصّحف والمطبوعات المحلّية

تصدر في البحرين سبع صحف يوميّة، كلّها تمثّل الموقف الرّسمي، عدا صحيفة الوسط. تحرص الصّحف على التطابق شبه التّام مع السّياسة الإعلاميّة الرّسميّة. قدّمت صحيفة "الوطن"، على وجه الخصوص، نهجاً صحافياً منبوذاً في العمل المهني، وذلك بإمعانها في مناهضة المعارضين، ونشرها أخبارا وتقاريرا تحطّ من سمعة المناوئين للحكومة وتشويه مطالبهم المرفوعة، وباللّجوء عادةً إلى النّبش الطائفي. فقدت الصحف الرسمية المعايير المعتادة في التحرير الخبري، وطغى عليها الخطاب التّحريضي. يختصر هذا الاندفاع غير المسبوق للصّحافة المحلّية؛ الهجوم المنظّم ضدّ شيخ عيسى قاسم ومخاطبته بنعوت تحقيريّة.

5- قناة العربيّة (محمد العرب)

ارتبط مراسل قناة العربية (السّعوديّة) محمّد العرب – العراقي، الفلسطيني الأصل، المتجنّس بالجنسية البحرينيّة حديثاً– بالجهاز الأمني مباشرةً وبشكل علني. أعدّ تقاريره بما يتوافق مع سياسة القناة السّعوديّة، ومن خلال تنسيق دائم ومفتوح مع جهاز المخابرات البحريني. لم يكتفِ العرب بنقل الأحداث من خلال الرّواية الرّسميّة، فقد سعى لإضافة "اجتهادات إعلاميّة" انطوت على فبركات مفضوحة والتّشهير وإهانة المعارضين، وقد سجّل تقرير بسيوني ذلك(8). من خلال رصد السّلوك الإعلامي للعرب، وما ينشره في القناة وموقعها الإلكتروني؛ يتضح أن الهدف الأبرز لديه هو تبرئة السّلطات من الاستخدام المفرط للقوّة وإضفاء صفات ملائكيّة على رجال الأمن من ناحية، وإلصاق تهم الإرهاب والعنف والعمالة بالمتظاهرين من ناحيةٍ أخرى(9).

6- الإعلام الإلكتروني

استغرق الموالون للنّظام في بثّ الكراهية والتحريض على العنف من خلال قنوات التواصل الاجتماعي. لم يُسجّل الإعلام الإلكتروني الرسمي حضوراً مؤثراً على مشهد الأحداث، باستثناء اهتمام الموالين. اعتمدت السّلطة الدّعم غير المعلن للمواقع والحسابات الإلكترونيّة المتخصّصة في تجريح المعارضين واستهدافهم، وقد نشطت هذه المواقع في فترة السّلامة الوطنيّة. في ذلك الوقت، شهد موقع "منتديات مملكة البحرين" تصعيداً طائفيّاً حامياً، وتجاوب مع عمليات التّشهير والتّطهير التي بلغت أوجها آنذاك. من بين الأدوار المؤثرة على هذا الصّعيد، برز حساب "حارقهم" في تويتر، الذي انطبع بالكراهية والتّحريض على العنف، كما قال تقرير بسيوني(10). تشير المعطيات إلى أنّ الحساب المذكور مرتبط بجهات نافذة في هيئة الإعلام ووزارة الدّاخليّة، ومن اللافت أنّ مسؤولين في الهيئة يتابعون "حارقهم" ويقوم بعضهم بإعادة نشْر تغريداته (11).



ثانيا: السياساتالمتبّعة

من خلال رصْد البيانات والمواقف الإعلاميّة للهيئة ولوسائل الإعلام الخاضعة لها؛ يتضح أنّ الجهاز الإعلامي الحكومي؛ أبدى حرصاً مفهوماً على إدخال أدبيّاتٍ خطابيّة جديدة، تتركّز على حرّية الإعلام والصّحافة، والمواكبة "الدّعائيّة" للتّوصيات التي خرجت بها لجنة تقصّي الحقائق (لجنة بسيوني) ومؤتمر التوافق الوطني. ولكن لم تشهد الممارسة الإعلاميّة الرّسميّة تغييرات إيجابيّة ملموسة، وعوّلت الهيئة على إستراتيجيّة مزدوجة، فهي تؤكّد على عناوين برّاقة في مجال الشّفافيّة والموضوعيّة والانفتاح، ولكنها تتولّى تنفيذ سياسات إعلاميّة تتناقض مع جوهر هذه العناوين.

عوّل الإعلام الحكومي على إغراق المشهد بالإدّعاءات والاتهامات، وتوظيف مختلف وسائل الإعلام لتوسيع نطاق هذه الاتهامات، وإبرازها بوصفها حقائق نهائيّة، وغير قابلة للدّحض والنّفي. واعتبر الإعلام الآخر ضالاً ومضلاً. بدورها، استمرّت الصّحف في تبليغ الموقف الحكومي، وظلّت مقفلة في وجه المعارضة أو الكتابات الناقدة للسّلطة. خلافاً للبيانات الرّسميّة، فإنّ الصحف الرّسميّة لم تشهد حراكاً متنوّعاً للآراء والمواقف، وكان الجامع المشترك بينها هو الالتحاق بالرّواية الرّسمية والتّطبيل عليها.



ثالثاً : النتائج

كان الفاعلون في الإعلام الحكومي والمؤيّد للسّلطة مؤثّرين على مستوى تحقيق الهدف الإعلامي الدّاخلي (الأنصار المفترضين)، فقد استطاع النّمط الإعلامي الموسّع ضمان إبقاء الموالين في الصّف الحكومي، وأمّن المبرّرات المؤيّدة لاتهام المعارضين بالتّخوين والعمالة للأجنبي، وقد أثمر ذلك –تدريجيّاً- (وبسرعةٍ) في تصليب الجدار الطّائفي. رغم أن الاستثناءات محدودة، فإنّ موالين مفترضين للسّلطة لم يبدوا تسليماً مفتوحاً للإعلام الحكومي، وارتفع صوتٌ يسخر من بعض المواد الإعلاميّة التي تنشرها الحكومة بغرض التّحريض وتعليب الاتهامات.



رابعاً: التّحدّيات والسّيناريوهات

خسر الإعلام الرّسمي مصداقيته المهنيّة بدرجاتٍ كبيرة. قدّم دوراً كبيراً في التّعتيم، وصناعة الشّائعات، والتّوجيه المضاد للرّأي العام. لم تُحقّق هيئة الإعلام شيئاً من أهدافها المنصوصة، وكان أداؤها على النّقيض. بناءاً على الأداء الذي استمرّ حتّى إعداد التّقرير، فإنّ التّلفزيون الحكومي ارتبط مباشرةً بالخطط الأمنيّة التي تتبعها السّلطة، وتولّى المعدّون والمقدّمون مهمّة محدّدة، تتلخّص في مباركة السّلطات، وإلحاق الأذى بالمعارضين.

من غير المتوقّع أنّ يتخلّى الجهاز الإعلامي الحكومي عن هذا المنهاج، إلا في حال إجراء تغيّر في السّياسة الرّسميّة وإصلاح الوضع السّياسي برمّته، وهو قرارٌ لا يبدو في الأفق القريب.



ثانياً: الإعلام المُعارِض.. الإزعاج وإبطال الاتهامات

عانى الإعلام "المستقل" والصّحافيين غير التّابعين للسّلطة؛ محنة كبيرة بعد إعلان السّلامة الوطنيّة(12). استمرّ ذلك في المرحلة التي سبقت وتلقت مجيء المحقّق بسيوني وإصدار التّقرير. رغم ذلك، فرضَ الاحتجاج المعارض مستوياتٍ جديدة من الإعلام الُمناهض للسّلطة، وكان لافتاً أنّ فئة "المعارضين الإعلاميين" جرّبت المهمّة الإعلاميّة بمقادير واضحة من الاحتراف والمهنيّة بالمقارنة من الأداء الإعلامي للحكومة وموالاتها.

حضور صحافيين محترفين في أوساط المعارضة البحرينيّة؛ وفّر أجواء محفّزة على تحقيق الجودة والإبداع. التقى ذلك باشتراطات الصّدقيّة والنّقل الميداني المباشر، وهي مواصفات تميّز بها إعلام المعارضة، وهو ما هيّأ سُبلاً وافرة لمناجزة الإعلام الحكومي، رغم فارق الإمكانات الماديّة.



1- قناة اللؤلؤة

تُعرّف القناة نفسها بأنها قناة بحرينيّة مستقلة، تبثّ من العاصمة البريطانيّة لندن. بدأ بثّها الفضائي في يوليو 2011م. تختص القناة بنقل الشأن البحريني، وتحرص على تقديم تغطية قريبة من الوقائع الجارية على الأرض وهو ما جعلها تتعرّض للتشويش من قِبل السّلطات البحرينيّة. خطابها الإعلامي يتجاوب مع المطالب الدّيمقراطيّة التي ينادي بها المواطنون، مع محافظة ملحوظة على المواصفات المهنيّة.

2- قنوات عربيّة وأجنبيّة

مع انطلاق احتجاجات 14 فبراير 2011م، حظيت الأحداث في البحرين بتغطيات موسّعة من جانب المحطّات الأجنبيّة والعربيّة، وقد أُعدّت تقارير خاصة من الدّاخل، نال بعضها جوائز دوليّة مرموقة(13). تتميّز الوثائقيّات المُعدّة حول البحرين بطرحها المتوازن، وعدم تبنّيها المطلق للموقف الرّسمي، وسلّطت الضّوء على طبيعة الأحداث الجارية، ومنحت مساحة لشرح وجهة نظر المعارضين. بعض القنوات العربيّة تبنّت مطالب المحتجّين، وخصّصت تغطيات يوميّة حول البحرين، ومنها قناة "العالم" التي انحازت بوضوح إلى الموقف الشّعبي، وأحدثت ثغرة في احتكار الصّورة، وقد شنّت عليها السّلطات حملات دعائيّة، وطالبت بإيقاف بثّها الفضائي وطردها من اتحاد العرب التلفزيوني. في السّياق نفسه، تُقدِّم قناة "المسار" إطلالة يوميّة لمتابعة التطوّرات السّياسيّة والميدانيّة في البحرين، وبلغةٍ إعلاميّة قريبة من الحراك الثّوري هناك. تعرض القناة للوقائع اليوميّة الجارية من داخل البحرين، مع الحرص على نقل الوتيرة المتصاعدة من الغضب الشّعبي جرّاء تزايد قمع السّلطة، إضافة إلى إجراء حواراتٍ مع المعارضين البحرينيين من السّياسيين والإعلاميين.

3- صحيفة الوسط

تُصنّف "الوسط" باعتبارها الصّحيفة الوحيدة غير الرّسمية من بين الصّحف اليوميّة التي تصدر من داخل البحرين. منذ بدء الاحتجاجات، اتخذت الصّحيفة موقفاً واضحاً في دعم المطالب الديمقراطيّة التي رفعها المحتجّون، ولكنها نأت عن المطابقة مع الحراك الثّوري الذي تفجّر مع تطوّر الأحداث. نتيجة ذلك، كانت الصحيفة والعاملون فيها محلّ استهداف من السّلطة والموالين. تعرّضت مكاتبها ومطبعتها للهجوم في منتصف مارس 2011، وأوقفت هيئة الإعلام صدورها في 2 أبريل من العام نفسه بعد أن بثّ التلفزيون الحكومي حلقة خاصة ضدّ الصّحيفة ورئيس تحريرها، منصور الجمري، أُتهمت فيه بنشر أخبار كاذبة. أجبر الجمري على التنحّي شرطاً لمعاودة ظهور الصّحيفة، وفُرض عبيدلي العبيدلي بديلاً عنه. رغم أنّ ذلك لم يستمر طويلاً، إلا أنّ هذه التجربة أعطت الوسط والجمري، فيما بعد، قدرةً مضاعفة في التأثير على الرأي العام.

4- مرآة البحرين

ظهرت صحيفة "مرآة البحرين" http://www.bahrainmirror.org/ في مايو 2011م، وهي واحدة من أهم تطوّرات الإعلام الإلكتروني المعارض. استطاعت في فترة وجيزة أن تأخذ موقعها المؤثر والمتميّز ضمن شبكات الإعلام غير الرّسمي التي ظهرت بعد ثورة 14 فبراير. انزعاج النّظام من الصّحيفة كان مؤشّراً على نجاحها غير المتوقّع بالنسبة للكثيرين. اللّقطة الهامة في الاستهداف الذي وُجّه للصّحيفة، كان في الاعتراف بتفوّقها على الجهاز الإعلامي الحكومي، كما عبّر الصحافي عقيل سوار في لقاء بتلفزيون البحرين.

تتميّز "مرآة البحرين" بأنها جمعت بين الصّحافة المحترفة، ووظائف الإعلام الجديد. يمكن القول بأنها الخلاصة الأكثر نضجاً للإعلام المعارض حتّى الآن. لم تخلُ من الأخطاء أو تحيّزات النشأة الأولى. ويُسجّل أنها قدّمت أكثر من اعتذار حين تورّطت في الأخطاء غير المقصودة. من الواضح أنها استفادت من أخطائها بسرعة، والأهم من ذلك أنها تعلّمت الدّرس الإلكتروني بذكاء عندما تخلّت عن الإدّعاءات المفرطة، وأخذت بعين الاعتبار الوقائع المستجدة وغير الثابتة. حدّثت (آب ديت) قرون استشعارها بشكل متواصل. مع مرور الوقت، تخلّت عن الرقابة المسبقة، وتعاملت بمرونة مع اختلاف أسقف المعارضة، وكان منهجها الإعلامي يقوم على المتابعة الصّحافيّة للأحداث والفاعلين، بمعزل عن سياستها الإعلاميّة.

5- المواقع الإلكترونيّة

يوتيوب :تمثّل مواقع التواصل الاجتماعي ساحة مفتوحة للمعارضين في البحرين. مبكّراً، استفاد المحتجّون من هذه المواقع في تبليغ أهدافهم ومطالبهم. الإلمام بطبيعة الإعلام الرّسمي، وطريقة إنتاج المعلومة، يسّر للأهالي توظيف الأدوات الإلكترونيّة في صناعة إعلامهم المعارض والبديل. لا تهتم المواد الإعلامية المنشورة في الفضاء الإلكتروني بإثبات "الكذبة الرّسميّة" فحسب، ولكن أيضاً القيام بأدوار أخرى.

في "يوتيوب" اهتم المعارضون بتقديم الأحداث مباشرةً. كان نقل الصّورة الحيّة والكاملة جزءاً من المهام الحرجة التي مارسها الإعلاميّون الإلكترونيون، وتسبّب في إبطال السّياسات الدّعائيّة للإعلام الحكومي. تتمّ المقارعة بأسلوب السّخرية تارة(14)، وبجديّة مهنيّة تارة أخرى. يستهدف هذا الإعلام إفشال الإعلام الحكومي، وإظهار الغايات المبرمجة، وتحصين الرّأي العام من آثارها النفسيّة والتوظيفات السّياسية المضادة. اشتغل المعارضون على توفير مواد إعلاميّة تعمل في كلّ هذه الاتجاهات، ونجحوا في تحقيق أهدافهم، برغم غياب التخطيط الممنهج وعدم الالتزام الكامل بأصول اللّعبة الإعلاميّة.

استهدفت قوات الأمن المصوّرين الميدانيين، وتكشف الأفلام المنشورة أن فرقاً أمنيّة خاصة تتولّى رصْد حاملي الكاميرات أثناء التظاهرات، وتتعمّد إصابتهم مباشرةً(15). لم يفوّت الإعلاميون المتظاهرون هذا الاستهداف، فتمّ توثيق عشرات الأفلام التي تُظهِر القوات الأمنيّة وهي تُطلق النّار على الكاميرا والإعلاميين الميدانيين، ولم يسلم مراسلون محترفون من الأذى، وكان ذلك شكلاً من المواجهة الحامية بين كاميرا الأجهزة الأمنيّة وكاميرا المتظاهرين.

تويتر: وجد تويتر ولادته الحقيقيّة مع بدء الاحتجاجات في فبراير 2011. أحرز تقدّماً على موقع فيسبوك في الإعلام المعارض. تحوّل الأوّل إلى فضاء حيوي، وهو متقدِّم في كلّ السّاحات ويتواجد في أكثر الميادين سخونةً. في تويتر يخوض المتظاهرون ومؤيّدو الثورة أوسعَ عمليات التغطية الإعلاميّة. يتبادلون الأخبار العاجلة، ويعلّقون على مستجدات الأحداث. منه تنطلق حملات التّضامن وتنسيق فعّاليات الاحتجاج الدّيمقراطي. وهو المكان المفضَّل لإبداء الآراء المختلفة ومناجزة رموز النّظام والمسؤولين والموالين. مثّل ذلك أبرز وجوه الإعلام الجديد وأسرعها فاعليّةً في البحرين، وقد علّق ناشط حقوقي مصري (جمال عيد) بأن "تويتر يتكلّم بحريني"(16)، وهو ما تؤكّده بعض الأرقام التي تتحدّث عن حضور البحرينيين المتقدِّم في "تويتر".

يجمع تويتر ميزات الإعلام الجديد، ما يمنح دوره الإعلامي مثاليّةً أكثر وشموليّة أكبر. عمِدت السّلطة إلى التّشويش على الإعلام التويتري المعارض من خلال تجنيد ما يُعرف ب"الترولز". أشاع هؤلاء أجواء مناوئة للمعارضين في تويتر، وحاولوا تنظيم حملات لغلق الحسابات، وإغراقها بالشتائم والقاموس التخويني المعروف. لكنها لم تفلح في مهمّتها، واستطاع المعارضون الاستمرار في التربّع على عرش تويتر. مؤخراً، لجأت السّلطة إلى استهداف هذا الإعلام من خلال محاكمة ناشطين في تويتر بتهمة الإساءة إلى الملك. وكان الحقوقي نبيل رجب قد حوكم بسبب تغريداته أيضاً.

المدوّنات والمنتديّات: تراجع حضور المدوّنات البحرينيّة في المشهد الإعلامي المعارض. إضافة إلى الأسباب الأمنيّة، فإنّ المدوّنين وجدوا في وسائل الاتصال الجديدة فسحةً أوسع للانتشار والتأثير. برغم التراجع المحدود، إلا أن المنتديات الإلكترونيّة حافظت على نشاطها، وخصوصيتها في إتاحة التحاور التفاعلي، وبينها موقع "بحرين أون لاين". بشكل عام، استمرّت هذه المواقع في مهمّتها المفترضة، بوصفها قنوات إعلاميّة غير معنيّة بالالتزامات والمواثيق الجارية بين السياسيين والفاعلين في المشهد الواقعي. رسّخت هذه القنوات الإلكترونيّة سيرتها المعهودة في التّحريض على الخروج على كلّ الاتفاقات والتّوصلات النّهائيّة.

6- رابطة الصّحافة البحرينيّة

تأسّست الرّابطة في لندن، في يوليو 2011م، علي أيدي صحافيين وإعلاميين بحرينيين خرجوا من البلاد بعد اجتياح قوّات درع الجزيرة وإخلاء دوّار اللؤلؤة. تأسيس الرّابطة شكّل ردّاً على احتكار التّمثيل الذي تدّعيه جمعية الصّحافيين المدعومة من الحكومة. وهي بهذا المعنى تعتبر حدثاً إعلاميّاً هاماً. أصدرت الرّابطة بيانات وتقارير غير مرهونة للسياسة الرّسمية، ومنها تقرير بمناسبة اليوم العالمي للصّحافة، وتقريرها السّنوي لعام 2011م الذي رصدَ الانتهاكات التي يتعرّض لها الصحافيون غير التّابعين للإعلام الحكومي. قدّمت تقارير الرّابطة مادة توثيقيّة موسّعة تكشف الخروقات والمعوقات الكبيرة التي تعترض العمل الصّحافي الحر داخل البلاد، وبادرت لتقديم توصياتها لأجل إنعاش حرية الصحافة وحماية الإعلاميين من الاستهداف والقتل.

7- الظهور الإعلامي والصّحافي

ظهر المعارضون في الصّحف غير البحرينيّة والقنوات الخارجيّة بكتاباتهم ومقالاتهم وتحليلاتهم. قدّم هؤلاء الرأي الآخر، وفنّدوا وجهة النّظر الحكوميّة، كما حرصوا على عرض المطالب الدّيمقراطيّة التي ينادي بها المتظاهرون. إضافة إلى ظهور السياسيين والنشطاء، فقد كان للكتّاب والإعلاميين حضورهم الخاص، خصوصاً في الكتابات الصّحافيّة التي قدّمت صورةً مختلفة عن الصّورة المنشورة في الصّحف الرّسميّة. قدّمت صحيفة "الأخبار" اللّبنانيّة تعاوناً مفتوحاً في هذا المجال، وأسهم فيها كتّاب وصحافيون بحرينيون في إعداد تقارير وملفات مؤثرة، مثل ملفها الخاص باختيار البحرين عاصمة للثقافة العربيّة، والتي عرض وجهة نظر ناقدة للسّلطة السياسية والثقافيّة في البلاد(17).



ثالثاً:السّياسات المتّبعة:

اهتمّ الإعلامُ المعارض بتقديم الصّورة المُغيّبة من الأحداث. كان معنيّاً بأن يكوِّن إعلاماً بديلاً متعدِّد الوظائف. تطلّب ذلك الدّخول في مختلف مجالات الإعلام واستثمارها. نشط المعارضون في مواقع التّواصل الاجتماعي، وطوّروا الإمكانات الإلكترونيّة لتأسيس إعلام إلكتروني محترف، إضافة إلى التّواجد المؤثر في الوسط الصّحافي العربي والأجنبي. لم يقتصر التنوّع على وسائل الإعلام، فقد تنوّع الأنماط الإعلاميّة، تبعاً للمهام المطلوبة.

نجحت هذه السّياسة في إيصال الصّوت الآخر، والصّورة الأخرى، وهو ما أزعج الحكومة، ولجأت إلى مضاعفة حملاتها الدّعائيّة المضادة في الدّاخل والخارج، وقامت هيئة الإعلام برفع دعاوي ضدّ صحف أجنبيّة (الاندبندت) والرّد على أخرى (الإيكونومست).



رابعاً: النّتائج:

رغم الطّوق الإعلامي الدّاخلي، وسياسة الحكومة في بناء شبكة علاقات عامة واسعة في الخارج، ولكن المعارضين حقّقوا قوّة إعلاميّة ملموسة. اعترفت وزيرة شؤون الإعلام، سميرة رجب، بما أسمته بالقصور الإعلامي للحكومة، ورأت أنّ المعارضة تتميّز بنشاط إعلامي "قوي" و"غير طبيعي". (برنامج "الصورة الكاملة"، قناة أون تي في، بتاريخ 7 أكتوبر 2012م).

مع الممارسة المتواصلة في تغطية الأحداث، تحوّل المعارضون والمتظاهرون إلى إعلاميين يتقنون فنّ التوثيق. حقّق ذلك غلبة مؤكّدة ضد الإعلام الحكومي الذي عوّل على قوّة الانتشار في تطبيع رواياته للأحداث. النتيجة الحاسمة هي أنّ التوثيق الإعلامي لا يتطلّب إمكانات ماديّة وفنيّة ضخمة، ويكفي الحضور في السّاحات أو رصْد الحدث الجاري للحصول على التفوّق المطلوب.

بسبب عدم الحرفيّة الكافية، وعدم التفرّغ، فإنّ بعض إدّعاءات الإعلام الحكومي لم تجد ردوداً شافية في الإعلام الأهلي. اكتفى المعارضون بإنتاج مواد إعلاميّة ذات طابع ساخر أو ترويجي للردّ على اتهامات تتعلّق بطائفيّة الحركة الاحتجاجيّة أو ارتباطاتها الدّينيّة بالخارج. بسبب الضّخ الإعلامي الحكومي، لم يفلح الإعلام الأهلي المعارض في اكتساب شرائح جديدة أو واسعة من الوسط السّني المحلّي والخليجي والعربي. بدا الإعلام المعارض، في الغالب، غير جادٍ في تقديم المزيد من الإقناع، مكتفيّاً بإعلام المظلوميّة وتوثيق الانتهاكات.



خامساُ: لتّحدّيات والسيناريوهات:

تحمل الفترة التي يرصدها التقرير، خلاصة الآثار الحاسمة التي عاشتها المملكة بعد الانتفاضة الشّعبية في فبراير 2011م، ومثّل الإعلام صورةً ناظرة وعاكسة لتلك الآثار، وأصبحت المواد الإعلاميّة مرجعاً لمقاربة الأوضاع العامة التي عاشتها البلاد تباعاً منذ تفجّر الانتفاضة. رسّخ الإعلام الرّسمي، خلال هذه الفترة، الصّورة النّمطيّة المعهودة، فقدّم دوراً "رسميّاً" خالصاً، ونأى عن إعطاء المساحات المرضيّة للآراء الأخرى. تحوّل الجهار الإعلامي الحكومي إلى أداة "مؤثرة" في تشجيع قمع الاحتجاجات السّياسيّة القائمة، ووفّر الأجواء المناسبة لتوتير الرأي العام، وإثارة الضغائن بين المواطنين. وبنحوٍ دقيق، فقد تولّى الإعلام الحكومي تهيئة المبرّرات المحتملة لسياسة القمع العنيف الذي واجهت به السّلطات حركة الاحتجاج، وتمّ ذلك عبر سلسلة من البرامج والمواد الإعلاميّة المليئة بالتّحريض ضدّ كلّ ما له صلة بالبيئة الاحتجاجيّة.

لم يستطع الإعلام "غير الحكومي" والإعلام المعارض مجاراة إعلام الحكومة، بسبب نقص الدّعم المادي المناسب، ولكنه قدّم قدرة محسوبة في إظهار الرأي الآخر، ونقض روايات السّلطة، وهو ما أسهم بشكل مباشر في إجهاض استثمار الحكومة لنجاحها الأمني.

يُنتظر من الإعلام الأهلي تحديد أهدافه بوضوح، والخروج من ردود الأفعال. الانشغال بالاتهامات يفضي إلى الرّضوخ لأجندة إعلاميّة محدودة. ليس ثمّة حاجة إلى مركزيّة إعلاميّة موحّدة بالنسبة للمعارضة، فقد كان توزُّع العمل الإعلامي بين الأهالي والإعلاميين المجهولين؛ نقطة قوّة أمّنت استمراريّة الإعلام المُعارض وحماه من الاستهداف القاتل. إلاّ أنّ تشتّت الجهود، وغياب التّنسيق الإستراتيجي، ضيّع على الإعلام المعارض الفرص المناسبة لتحقيق الأهداف الإعلاميّة في الأوقات المناسبة.



سادساً: خاتمة

لا إعلام حرّاً في ظلّ نظامٍ غير ديمقراطي، والحديث خلاف ذلك هو ضرْبٌ من التّرويج الدّعائي أو محاولة إثبات المستحيل. هذا الحكم لا يمكن المغالبة عليه في بلدٍ خليجي يشهدُ، منذ 14 فبراير 2011م، سلسلة غير متوقّفة من الاحتجاجات السّياسيّة، تخلّلتها أحداث دامية، تذكر التقارير الدّوليّة بأنها مثّلت تجاوزاً لحقوق الإنسان، وأظهرت قدراً هائلاً من "الاضطهاد السّياسي" بحسب مفوضيّة حقوق الإنسان، بيلاي، الأمر الذي انتهى بالبلاد إلى أن تكون "مقبرة" للإنسان وحقوقه، وفق التّوصيف الذي اعتادت على استخذامه جمعيّة "الوفاق"، كبرى جمعيات المعارضة في الدّاخل.

المكارثيّة صفة مستحقّة في الأداء الإعلامي للحكومة. المعارضون بنوا إعلاماً مُوزَّعاً يُقدِّم الكثير من المظلوميّة والمناوأة والتوثيق، والقليل غير الكافي من المناظرة الملائمة في إقناع الرأي العام المعاصر.

_________________________________

1- الموقع الإلكتروني لهيئة شؤون الإعلام http://www.iaa.bh/ar/aroverview.aspx

2- في حوار مع صحيفة الأيام البحرينيّة، نُشر بتاريخ 23 أكتوبر 2012م، ذكر رئيس هيئة شؤون الإعلام بأنّ "الإعلام البحريني يعيش عصره الذّهبي بفضل انحياز (الملك) للحرّيّات الإعلاميّة وحقوق الصّحفيين (...)". وأكّد ترحيب الحكومة بحقّ النّقد، ولكنه اشترط أن يكون ذلك "في ظلّ المشروع الإصلاحي للملك"، وهي شارطة يُراد بها التّسليم بالسياسة الرّسميّة المعمول بها. http://www.iaa.bh/ar/arnews-details.aspx?id=362

3- وكالة أنباء البحرين "بنا" http://www.bna.bh/portal/en/news/521349

4- جاء في تقرير لجنة تقصّي الحقائق - النّسخة العربيّة – (قُدّم بتاريخ 23 نوفبمر 2011م) بأنّ تلفزيون البحرين أساء استخدام هذا المنبر الإعلامي وشارك في سلوكٍ، ربّما، يكون انطوى على التّشهير. ص 506، فقرة 1630.

5- تقرير لجنة تقصّي الحقائق، النّسخة العربيّة، ص 508، فقرة رقم 1640

6- انظر نتائج بحث "برنامج الراصد" في موقع يوتيوب. ومن بين الذين قدّموا البرنامج الإعلامي محمد الشّروقي، الذي خرج من تلفزيون البحرين ليلتحق بقنوات أخرى متخصّصة بالتّأجيج الطائفي. في حسابه عبر تويتر @malshurouki، يتبنّى الشروقي القاموس التخويني ضد المعارضة، ويمارس لغة تحقيريّة ضدّ رموزها السياسيين والدّينيين، ويكاد يتطابق أداؤه "الإعلامي" مع مجموعة "حارقهم".

7- من اللّافت أنّ تلفزيون البحرين، وعلى موقع الهيئة، يُعرِّف برنامج "كلمة أخيرة" على هذا النّحو: "تقدم الإعلامية المخضرمة سوسن الشاعر عمودها الصحفي اليومي في قالبٍ تلفزيوني يضم حوارات على طاولة مستديرة. حيث يستضيف البرنامج الإسبوعي مجموعة من المختصين في الشأن العام ليطرح عليهم القضايا المحلية و الإقليمية و يحاورهم فيها". ومن المعروف أن العمود اليومي للشّاعر يُنشر في صحيفة "الوطن" البحرينيّة، والتي تُصنّف باعتبارها من صحف التّحريض الطّائفي. والصّحيفة إحدى ثمار ما يُسمّى بتقرير "البندر"، وهو تقرير أصدره المستشار الحكومي المنشقّ صلاح البندر، وضمّ تفصيلاً لمخطّط القوى المتشدّدة في السّلطة لإثارة الفوضى في البلاد.

8- تقرير تقصّي الحقائق، ص 507، فقرة رقم 1635

9- انظر مثلاً تقريره الأخير حول قرية العكر البحرينيّة، أثناء حصارها من قبل الشّرطة، حيث أعدّ تقريره بغرض تكذيب الحصار، وتأكيد رواية السّلطات. قارن: تقرير العرب حول "العكر" http://www.youtube.com/watch?v=90PBe...eature=related (http://www.youtube.com/watch?v=90PBeTat_P0&feature=related). وتقرير آخر ينقل شهادات من أهالي العكر أثناء الحصار http://www.youtube.com/watch?v=Z97jm...eature=related (http://www.youtube.com/watch?v=Z97jmbjv0oI&feature=related) . وكذلك تقريره "الأمني" بشأن ما يُعرف بنفق قرية عذاري البحرينيّة، والإيهام بوجود مخازن للأسلحة لدى المتظاهرين. وقد أرسلته السّلطات البحرينيّة إلى جنيف لحضور اجتماعات حقوق الإنسان في سبتمبر 2012، وقد تولّى مهمّة محدّدة وهي إثارة الوفد الأهلي ومشاغبته، وتعرّض للطّرد نتيجة ذلك.

10- تقرير تقصّي الحقائق، فقرة رقم 162

11- بتاريخ 23 أكتوبر 2012م قام يوسف محمد، مدير إدارة المطبوعات والنّشر في هيئة شؤون الإعلام، بإعادة نشر تغريدة لحساب مجموعة "حارقهم". الحساب لايزال يعمل حتّى تاريخ إعداد هذا التقرير، وينشر تغريدات بنفس المحتوى الطائفي، ويحرّض على العنف والكراهية. وقد كشف تقرير نُشر بتاريخ 26 أكتوبر 2012م على موقع "الفاتح نيوز" هوية الشّخصية التي تدير هذه المجموعة، وهو محمد بن سلمان آل خليفة http://alfatehnews.wordpress.com/

12- انظر: تقرير لجنة التقصي، الفصل العاشر. و: تقارير رابطة الصّحافة البحرينية، ومراسلون بلا حدود مثلا.

13- فاز وثائقي قناة "الجزيرة" الإنكليزيّة (البحرين.. صرخة في الظلام) بجوائز متنوّعة، منها جائزة «جورج بولك» الدولية. كاد يفجّر الفيلم أزمة بين البحرين وقطر، فقد وصفه وزير خارجية البحرين الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة بـ«المكيف»، وأضاف عبر حسابه على تويتر:"من الواضح أنّ في قطر مَن لا يريد خيراً للبحرين. وما الفيلم المكيّف في «الجزيرة» الإنكليزية سوى خير مثال على العداء غير المفهوم". وردّ سفير قطر لدى البحرين الشيخ عبد الله آل ثاني في حسابه بتويتر: "يستغل العاطفة ليزيد في نشر سمومه، فلا يتورع في ذلك حين يذكر أن هناك من يضمر السوء في قطر. (...) أحترم البحرين ملكاً وحكومة وولي العهد وشعباً غالياً على قلبي عشت معه لإحدى عشرة سنة (...) تعلمت الكثير فيه وله كل احترامي. أما من يتطاول على قطر ورموزها، فسأردّ بتوضيح الحقائق باحترام، ولن يعنيني السفهاء». وقد اشتعلت في الصحافة القطرية والبحرينية هذه المناوشة، حتّى هدأت فجأة.

14- عرض تلفزيون البحرين في نوفمبر 2011م، من خلال برنامج سوسن الشاعر، شريطاً ادّعى أنه يُظهر متظاهرين يمارسون التخريب. http://www.youtube.com/watch?v=q0kgALZCOno ونظراً لكونه مليئاً بالثغرات، فقد ردّ عليه معارضون بأسلوب ساخر http://www.youtube.com/watch?v=q0kgALZCOno

15- قُتِل الشّاب أحمد إسماعيل في مارس 2012م أثناء تصويره لإحدى التظاهرات في منطقة سلماباد. والشهيد إسماعيل ناشط إعلامي اختصّ بتغطية المسيرات والتظاهرات بكاميرته الخاصة. http://www.youtube.com/watch?v=v6y1lq7a6qw

16- مقال قاسم حسين، صحيفة الوسط البحرينيّة، العدد 3508 - الأحد 15 أبريل 2012م الموافق 24 جمادى الأولى 1433هـ http://www.alwasatnews.com/3508/news/read/656011/1.html

17- صحيفة الأخبار اللّبنانيّة، ع 1632، 11 فبراير 2012م، ص 10-11، ملف بعنوان "المنامة عاصمة المكارثيّة العربية 2012". وقد نشرت مجلّة الآداب اللبنانية ملفاً بعنوان "انتفاضة البحرين" في عدد صيف 2012م ساهم فيه كتّاب بحرينيون.

يتبع..

nad-ali
05-02-2013, 09:45 PM
https://twimg0-a.akamaihd.net/profile_images/2233484530/BCSL-T-1.png

http://bcsl.org.uk/images/bhs2013bgar.jpg

الجزء الخامس:

4-أزمة الإسكان..بل أزمتا الأرض والسكّان

http://bcsl.org.uk/images/nader.jpg
نادر المتروك

يتّفقُ البحرينيون جميعاً على الحديث عن أزمة سكن في بلادهم. تشيع في الإعلام وكتابات الصّحافة أوصافٌ تعتبر السكن "أزمة الأزمات"، و"القنبلة الموقوتة". هذه الأزمة من الملفّات التي تلقى إجماعاً بين فئات المجتمع البحريني، ولا يختلف حولها المعارضون عن الموالاة. ارتبطت هذه الأزمة بالأزمات الأخرى، وهي عادةً ما تكون موضوعاً سياسيّاً بالنسبة للسّلطة السّياسيّة في البحرين، خصوصاً حينما تعجّ البلاد بالأزمات المتراكمة. حين لجأت السّلطة إلى حلّ التجربة البرلمانيّة الأولى، عام 1975م، صرّح رئيس الوزراء، خليفة بن سلمان، بأنّ أزمة الإسكان ستكون إحدى أهم أولوياته في المرحلة المقبلة، مؤكّداً على إنهاء هذه الأزمة بسرعة. تكرّرت هذه التّصريحات الرّسميّة مع كلّ انعطاف سياسي تمرّ به البلاد، وصولاً إلى الرّابع عشر من فبراير 2011م، وحتّى كتابة هذا التّقرير.

اولاً:واقع الحال

بحسب طبيعة المشكلة الإسكانيّة؛ كان من الطّبيعي أن تتراكم طلبات الإسكان على مرّ السّنين. الحصيلة المتوافرة تفوق 52 ألف طلب إسكاني، مرشّح للزّيادة كلّ يوم. مؤخراً، لجأت الجهة الحكوميّة، وزارة الإسكان، إلى إلزام المراجعين بحجز مسبق للمواعيد، وهو ما يُشير إلى ضغوط متزايدة في مراجعات المواطنين (بما فيهم المجنّسين).

ومن الملاحظ أنّ هذه المشكلة لم تُواجَه بالنّكران من جانب الحكومة، فالأخيرةُ اعتادت على تسجيل وعود دائمة بحلّ المشكلة، وبطرقٍ مختلفة. عبّرت الدّولة عن هذه الوعودة بجملةٍ من الشّعارات البرّاقة. اتضح، عبر السّنوات، أنّ المسألة كانت هروباً من الحلّ، أو انشغالاً بأزماتٍ أخرى تعصف بالبلاد، لاسيما الأزمة السّياسيّة التي أخذت مجرى أكثر صداميّة مع احتجاجات 14 فبراير 2011م.

"بيت لكلّ مواطن"، هو اختصار للشّعارات التي ضخّتها الدّولة كلّ مرة. بعد اندلاع انتفاضة فبراير، لم يكن مستغرباً أن الحكومة لجأت بسرعة إلى تحسين مواقفها وصورتها من أزمة الإسكان. ابتدأ ذلك، وبنحوٍ دراماتيكي، مع الإتيان بالوزير السّابق مجيد العلوي على رأس وزارة الإسكان (فراير 2011). كان من الواضح أنّ الحكومة قدّمت حجماً متقدّماً من الوعود، ففي 27 فبراير 2011م وضع العلوي تشخيصاً مجملاً للمشكلة القائمة، مؤكّداً على أنّ هناك ما "يكفي من الموازنة والخطط ومن الأفكار لحلحلة الملف الإسكاني"، مبشّراً الجميع بتفاؤلٍ مُبكّر، فحواه "بأننا سنتقدّم خطوات كبيرة في طريق معالجة الأزمة الإسكانية بشكل جذري، من خلال تعاون الجميع(1).

بمواكبة مع الظروف العصيبة التي أحاطت الإتيان به، تقدّم الوزير العلوي سريعاً في إطلاق الحلول، وأعلن عن "خطّة عاجلة" لحلّ ملف الإسكان، تتضمّن "بناء 50 ألف وحدة سكنية خلال ثلاث سنوات".

لم يُقدَّر للعلوي أن يُنجز مهمّته، أو اختباره الأصعب، حيث علق عمله في الحكومة مع دخول قوّات درع الجزيرة في منتصف مارس 2011، واستخدام القوّة لإنهاء اعتصام دوّار اللؤلؤة، وأدى ذلك إلى تعيين وزير جديد.

باستثناء فترة السّلامة الوطنيّة (نهاية مايو 2011) كان موضوع الإسكان حديثاً متّفقاً عليه بين جميع الأطراف، وفي كلّ الأوقات. ليس ثمّة معارضة أو موالاة في هذا المجال، فالجميع يتحدّث عن "أزمة" حقيقيّة قائمة، كما يتّفق الجميع على تحميل الحكومة المسؤولية المباشرة على استمرار المشكلة، كما يقول النّائبان حسن الدّوسري، وعدنان المالكي(2). ولكن الموقف لا يذهب بعيداً بالنسبة للموالين، حيث يُكرّس الموالون انتقاداتهم للجهات التنفيذيّة في الحكومة، من غير سحبها إلى رئيس الحكومة، والذي يتّفق الموالون على اعتباره صادقاً في وعوده، مع وجود توجّه عام لمناشدة "القيادة العليا" لحلّ المشكلة، والإيحاء الدّائم بأنّ المشكلة تكمن في المعوّقات البيروقراطيّة، والتّزايد الطّبيعي في طلبات الإسكان.

لم يتغيّر الموقف الحكومي جرّاء ذلك. استمرّ وزراء الإسكان في ترديد العبارة "الإمكانيّة"، وأنّ الوزارة تضع خططاً إستراتيجيّة لحلّ المشكلة، مع إدخال طرفٍ آخر في المعادلة، متمثّلاً في القطاع الخاص، والذي مارس بدوره قدْراً من إلقاء المسؤوليّة على الحكومة، حيث وجّه بعض رجال الأعمال الأنظار إلى مشكلة ارتفاع سعر الأراضي وكلفة البناء، وطبيعة القروض البنكيّة غير الميسّرة(3). وقد أبرزت بعض الجهات الأهليّة المعنيّة بالإسكان، اهتماماً متزايداً في حلحلة الأزمة الإسكانيّة، وقدّمت جمعية العقاريين في 8 أكتوبر 2011م رؤيتها لحلّ الأزمة. هذا الاهتمام في إشراك القطاع في حلّ الطلبات الإسكانيّة دفعت به، على نحوٍ خاص، غرفةُ تجارة وصناعة البحرين في 17 سبتمبر 2012 أثناء اجتماع لجنة القطاع العقاري في الغرفة(4).

من جهتها، تؤكّد المعارضة على المضاعفات الخطيرة لأزمة الإسكان، وتذهب إلى أنّ الأزمة ترتبط بإهمال الدّولة لحلّها بطريقة جذريّة منذ البداية. بحسب المعارضة، فإن تراكم الطّلبات الإسكانيّة (قروض، شراء أرض، وحدات سكنيّة مؤقتة ودائمة) يرتبط هيكليّاً بأزمة الدّولة نفسها، والتي تعاني من الفساد وسوء الإدارة(5).

وفي هذا الإطار، يُثير سياسيّون وحقوقيّون مسائل تتعلّق بالأراضي، والاستملاك الخاص، ودفان السّواحل من قِبل أشخاص متنفّذين ومن أبناء العائلة الخليفيّة خاصةً، وكذلك مسألة التّجنيس والفساد المالي الذي تتطرّق إلى بعض جوانبة تقارير الرقابة المالية التي تصدرها الدّولة.

كلّ تلك العوامل أدّت إلى أن يكون أكثر من 500 كم من مجموع أرض البحرين (البالغة 700 كم) في قبضة عدد محدود من الملاّك، في حين يتنافس على البقيّة كلّ من الدّولة والمستثمرين وعامة المواطنين. يزيد من المخاوف، أنّ عملية توزيع الأراضي وتخطيطها تتمّ خلف الأستار، ويخفى على المعنيين بالقطّاع العقاري الجهات التي تتولّى هذه العمليّة.

دخول المستثمر الخليجي ضاعف من حدّة الأزمة السّكانيّة، حيث يُعاني المواطن البحريني من محدوديّة الدّخل، في حين يتمتع الخليجي بقوّة شرائيّة تمنحه القدرة الواسعة على الاستثمار في الأراضي، وهو ما يعني زيادة سعر الأراضي، وبالتّالي مضاعفة أزمة السكن بالنسبة للمواطنين.



ثانياً: السّياسات المتّبعة

مجمل السّياسات التي اتّبعتها الحكومة لمعالجة أزمة الإسكان، تنحصر في حدود التّعاطي معها بوصفها إفرازاً لأزماتٍ أخرى، أو مرتبطة بها، وليست أزمة لها أبعادها الخاصة، بما يعني ضرورة التّخطيط الإستراتيجي لها، وبمعزل عن الظّروف المحيطة.

لهذا السّبب، لم تنجح الحكومة في إنهاء الأزمة، بل إن سياساتها المتعثّرة أو المؤقّتة تسبّبت في خلق تراكمات إضافيّة كما سنلاحظ. سعت الحكومة إلى استملاك الأراضي، لإقامة المزيد من المشاريع الإسكانيّة، إلاّ أنّ ذلك لم يكن كافياً، ولأسبابٍ تتعلّق بمشاكل جوهريّة تتعلّق بصعوبة الوضع المعيشي، ومحدوديّة الدّخل، وعدم كفاية التمويل البنكي والقروض الممنوحة، فضلاً عن ارتفاع كلفة البناء بشكلٍ عام.

تتحدّث الحكومة، باستمرار، عن إستراتيجيّة لحلّ الأزمة، إلا أنّ بقاء الأزمة وتفاقهما يشير إلى غياب إستراتيجيّة حقيقيّة معمول بها كما تمّت الإشارة. ومن المريب، من بعض الجهات، الحديث عن تجاوز الأزمة لقدرة الدّولة وإمكاناتها، لاسيما في ظلّ إلحاح القطاع الخاص على تمكينه من الإسهام في حلّ المشكلة الإسكانيّة. ليس فقط الإهمال هو السّبب في تراكم الأزمة، وبالتّالي احتشاد الطّلبات الإسكانيّة وصعوبة تلبيتها جميعاً في الوقت المناسب، فالرؤية الإستراتيجية تغيب تماماً، خصوصاً في ظلّ المشاكل الجوهريّة المتعلّقة بإدارة الدّولة عموماً، وتسيير أمورها العامة وفق سياسات التّمييز والفساد المالي والمحسوبيّات.

انحصرت السياسات الحكوميّة على التحرّك في إطار "الأرض"، ومن غير مواكبة كافية للمحاور الأخرى المرتبطة بخصوصيّة الأوضاع الاجتماعيّة للبلد، والتشكيلات المركّبة للسّكان، والأبعاد المرتبطة بالتمويل والمساعدات البنكيّة. على هذا النّحو، كانت سياسة البناء العمودي ونظام الشقق محلّ إعراض واعتراض غير قليل من جانب أصحاب الطّلبات الإسكانيّة. وبسبب نقص مساحات الأرض، وضغط الطّلبات (فاقمتها سياسة التّجنيس) لم ينفع التوجّه إلى البيوت الذكيّة في الحدّ من تفاقم الأزمة، ويتّصل ذلك بشكل محوري بتمركز الكثافة السّكانيّة في مناطق معيّنة من البلاد (شمال البحرين ووسطها)، حيث تنتشر أراض شاسعة في المناطق الجنوبيّة غير واردة في التخطيط الإسكاني العام، وانحصار المشاريع الإسكانيّة فيها بفئات معيّنة، وخصوصاً العاملين في السّلك العسكري والمرتبطين بالعائلة الحاكمة. إضافة إلى ذلك، فإنّ هناك مجموعة من الجزر المناسبة(6) لإقامة مشاريع الإسكان عليها، ولكنها مستبعدة نهائيّاً لكونها خاضعة لسيطرة كبار شخصيّات عائلة آل خليفة، ويتم التّعامل معها بوصفها مناطق مسكوت عنها عادةً بفعل نظام الهيمنة والاستبداد السّائد في البلاد.



ثالثا: النتّائج

عدم وجود مخطّط هيكلي واضح ومعلن للأراضي في البحرين؛ تسبّب في تعويم كلّ الحلول الموضوعة لحلّ أزمة الإسكان. على هذا النّحو؛ كان استمرار التبرّم، وعدم تطويق امتداد المشكلة، والطّفرة في الطّلبات، وممانعة الأهالي ورفضهم لأنظمة الإسكان غير الملائمة مع الطبيعة الاجتماعيّة للمواطنين، والذين يجدون صعوبة في التّجانس مع فئة المجنّسين المُراد زرْعهم عنوةً داخل النّسيج الاجتماعي وشبْكهم في علاقاتٍ جديدة تسمح للنّظام باستثمارهم سياسيّاً وطائفيّاً. أخفقت كلّ الحلول التي اعتمدتها الحكومة في حلّ مشكلة الإسكان، وفي المقابل، فإنّها لم تغيّر جذريّاً في سياساتها.

في ظلّ ذلك، كان توجيه الحلول نحو "الأرض"، سبباً في بروز مشاكل أخرى، وكانت بمثابة النتائج المدمّرة لغياب السياسة الحكيمة، أو لسيطرة الفساد على إدارة الأزمة. برز على هذا الصّعيد ما يُعرف بالدّفان، أو ردم البحر، من أجل توفير الأرض المطلوبة للإسكان أو للاستثمارات الأخرى. وخلال السّنوات العشر الماضية، تمّ "ردم أكثر من 60 كم من بحر (البحرين)، أي ما يوازي 10% من مساحة يابسة البحرين الأصليّة"(7). جرّاء ذلك، غاب البحر بوصفه معلماً أساسيّاً في حياة البحرينيين، وكان الدّفان فرصةً ذهبيّة لكبار المتنفّذين الذين لم يهتمّوا بالمسألة الإسكانيّة للمواطنين، وكان اهتمامهم محصوراً في إقامة مدن جديدة تُرضي كبار الملاّك والموظفين الأجانب والشّخصيات القريبة من الحكم.

غير مستبعد ما يذهب إليه باحثون من أن طبيعة السياسة العقاريّة المتّبعة في البحرين سوف تؤدي إلى ما يُشبه "اقتلاع الجذور"، وإحداث أكبر خلل في التركيب السّكاني للمواطنين، وذلك إرضاءاً لجشع التّجار المحلّيين والوافدين والمتنفّذين (وهي عبارة تتضمّن عادةً الفاسدين من العائلة الحاكمة)(8). وسيكون لذلك مضاعفات على حقوق المواطنين، وإعادة رسم الخارطة السّياسية، وبما يُتيح للنّظام السّياسي توسيع نطاق الهيمنة والإخضاع السّياسي والتّحكم في الإفرازات السّكانيّة وتوجّهاتها. وهي جوانب سيتم التطرّق إليها في الملف الخاص بالتّجنيس في البحرين.



رابعا: التحّديّات والسيّناريوهات

يتداخل في مسألة الإسكان الصّراعُ الحاد على أهم محورين في المناجزة السيّاسيّة القائمة في البحرين اليوم. الأوّل، محور الأرض، والثّاني محور السّكان. عمِد نظام الحكم إلى السّيطرة على منافذ القوّة على الأرض، فتحكّم في حدود الانتشار، وطريق التملّك. من جانبٍ آخر، اشتغل الحكم على الطبيعية السّكانيّة، وأنشأ فئات مختلطة من السّكان، وهو ما يوفّر حجماً مؤثراً في التأثير على إدارة أزمة الإسكان من جهة، والحيلولة دون الانتقال إلى الاستحقاقات المعيشيّة الأكبر من جهةٍ أخرى.

التّحدي البالغ سيكون في إفراز دولة متوافق عليها تكون مؤتمنة لوضع خارطة تخطيطيّة تفصيليّة للبلاد، وإنجاز سياسة مناسبة لتخطيط المدن والمشروعات الإسكانيّة، وبالتّوازي مع مراجعة شاملة لمسألة التّجنيس، والتي أفرزت جملة من التّحديات أمام المجتمع البحريني من جهة، وإمكانات الدّولة الخدميّة من جهة أخرى، ومن المؤكّد أنّ التّغاضي عن هذه المسألة لن يُفضي إلى حلولٍ جادة لأزمة الإسكان، ولأزمة الوطن في المحصّلة. ولاشكّ أنّ النّظام الحالي في البحرين غير مؤهّل حتّى الآن للإقدام على خطوات عمليّة في أمْرَي الأرض والسّكان، ومن المتوقّع أنّ القائمين على الحُكم سيواصلون الأداء السّابق، والقائم على ضخّ الوعود، وتطبيق السّياسات الإسكانيّة غير المتكاملة، بما يعني ذلك فرْض الأمر الواقع على الجميع.

_____________________________

1- وكالة أنباء البحرين (بنا) بنا 0746 جمت 27/02/2011

2- صحيفة "الوطن"، تاريخ 29 أغسطس 2012م؛ يقول النّائب الدوسري: " إن ما يعانيه البحرينيون في قضايا الإسكان ليست مشكلة بل أزمة، وأنها اليوم وبفعل عدم وجود استراتيجيات حقيقية لدى الوزارة، وصلت الأزمة إلى العمق وتجذرت، وحين تتحول المشكلة إلى أزمة حقيقية". ويقول المالكي “حين أتحدث معكم عن قضية الإسكان، فإني أتحدث معكم عن قضية شعب بأكمله، فكم من وزير تم تبديله بسبب ضعف أدائه أو لأسباب أخرى، وكلهم لم يكونوا يملكون خططاً واضحة وصريحة في تنفيذ المشاريع، ما يؤدي بالتالي إلى تأخيرها”.

3-رجل الأعمال عبدالله الكبيسي.

4-صحيفة الوطن - العدد 2473 الأثنين 17 سبتمبر 2012

5-انظر رؤية جميعة الوفاق الوطني الإسلاميّة للأزمة الإسكانيّة، موقع الوفاق الإلكتروني www.alwefaq.org (http://www.alwefaq.org)

6-تضمّ البحرين حالياً ما يصل إلى 36 جزيرة، وليس مُتاحاً الاستفادة العامة من أكثرها. وتعدّ المنامة (البحرين) وسترة والمحرّق أكبر هذه الجزر من حيث المساحة، وهي مأهولة بالسّكان. ومن مجموع مساحة البحرين، فإنّ المنطقة المعمورة تساوي 330 كم فقط.

7-عمر الشّهابي، المدينة والدفان في الخليج العربي، موقع مركز الخليج لسياسات التّنمية.

8-عمر الشهابي، "اقتلاع الجذور.. المشاريع العقارية وتفاقم الخلل السكاني في مجلس التعاون لدول الخليج العربيّة"، مركز دراسات الوحدة العربيّة, ط 2012.

يتبع..

nad-ali
05-02-2013, 09:48 PM
https://twimg0-a.akamaihd.net/profile_images/2233484530/BCSL-T-1.png

http://bcsl.org.uk/images/bhs2013bgar.jpg

الجزء السادس:

الفصل الثالث: الاقتصاد.. التداعيات والربح

http://bcsl.org.uk/images/jassimhussain.jpg

د.جاسم حسين

5- المارشال الخليجي: بديل الإصلاح السياسي والاقتصادي

أكثر ما يخشى من مشروع (المارشال الخليجي) المعني بتقديم منح مالية لكل من البحرين وعمان هو أن يكون بديلا عن تنفيذ إصلاحات سياسية شاملة. ففيما يخص البحرين وهو موضوع بحثنا يتداول وراء الكواليس حديث مرده وجود رغبة للاستفادة من الأموال الخليجية بدأ بالعون المالي من الكويت لمعالجة بعض الملفات الساخنة غير السياسية، خصوصا تلك المتعلقة بتوفير مستوى من الرفاهية للمواطنين. وتشمل هذه الملفات- والتي تركز على المسائل المعيشية- أموراً مثل: الإسكان وتطوير البنية التحتية (كالكهرباء) وتطوير شبكة الطرق وتطوير مرافق صحية ومنشآت تعليمية في مختلف ربوع المملكة.

بمعنى آخر يخشى أن يكون المارشال الخليجي بديلا عن تنفيذ إصلاحات ديمقراطية جوهرية. ومرد ذلك استغلال حاجة البعض للحصول على مسكن لائق فضلا عن وظيفة توفر العيش الكريم له ولأفراد أسرته لكن على حسابالمطالبات الديمقراطية.

أولا: مال سياسي

بالعودة للوراء وافق مجلس التعاون الخليجي في العام 2011 بتقديم مبلغ قدره 10 مليار دولار لكل من مملكة البحرين وسلطنة عمان على حده، بغية مساعدة البلدين العضوين في المنظومة الخليجية بالتكيف مع أسباب وتداعيات اندلاع احتجاجات سياسية في الربع الأول من 2011. وكانت البحرين أول دولة عضو في مجلس التعاون الخليجي تشهد مظاهرات شعبية في أعقاب الربيع العربي بهدف تحقيق مطالب ديمقراطية، وشراكة في صنع القرارات والخيارات ومعالجة التحديات التي تواجه البلاد فضلا عن القضاء على كافة أشكال التمييز بين المواطنين وضمان تكافؤ الفرص.

وفهم من القرار أو التوجه كونه غير ملزم قيام الدول الأربع الأخرى وهي الغنية نسبيا وتحديدا السعودية والإمارات وقطر والكويت تحمل العبء المالي بالتساوي أي 2.5 مليار دولار من أصل 10 مليار دولار. عموما ليس متى وهل سوف تقدم الدول الثلاث الأخرى في تقديم العون المادي للبحرين وهل سوف يتم التعبير عن الدعم بشكل نقد أم بآلية أخرى.



ثانياً: الكويت في المقدمة

حقيقة القول لم يكن مفاجئا أخذ الكويت زمام المبادرة الخليجية بتقديم العون المالي للبحرين، بالنظر للروابط التاريخية بين البلدين الشقيقين على كافة المستويات الرسمية منها والشعبية. بل تشتهر الكويت بتقديم مساعدات دورية للبحرين تنصب كلها في خدمة التنمية مع التركيز على حقل التعليم وعلى الخصوص إنشاء مدارس نموذجية فضلا عن تطوير القطاع الصحي مثل بناء مراكز صحية.

وكانت الحكومة الكويتية قد وافقت في شهر يونيه على تخصيص هذا المبلغ للبحرين انطلاقا من ميزانية السنة المالية 13-2012. تبدأ السنة المالية في الكويت في شهر أبريل وتنتهي في مارس وبالتالي تم تخصيص المبلغ من العام الجاري. كما أنه لم يكن من المتوقع وقوف السلطة التشريعية حجر عثرة أمام الإقرار النهائي للمخصصات المالية للبحرين نظرا للعلاقة الطيبة التي تربط البلدين.

وتماشيا مع التوجه الخليجي المتفق عليه سوف يتم توزيع مبلغ 2.5 مليار دولار على مدى 10 سنوات بقيمة 250 مليون دولار سنويا. ويعد هذا الأمر صحيحا لأن المطلوب صرف الأموال على مشاريع تنموية بعد إخضاعها لدراسات مستفيضة، إضافة للتأكد من قدرة الأسواق المحلية على استيعاب الأموال والأنشطة وبالتالي ضمان وجود طاقة استيعابية.

كما تشتهر هكذا مساعدة بضمان وجود نوع من استدامة دخول أموال جديدة في الاقتصاد البحريني لفترة مطولة نسبيا. وهذا يذكرنا بمقولة (قليل دائم خير من كثير من منقطع). في المقابل من شأن دخول أموال ضخمة وبسرعة التسبب بالتضخم، وهي حالة غير مرغوب فيها في كل حال من الأحوال. بل هناك شبه اتفاق بين الاقتصاديين بأن التضخم عدو جوهري لأي اقتصاد لأنه ينال من القدرة الشرائية للناس.



ثالثاً: مشاريع متنوعة

تتضمن تفاصيل المرحلة الأولى من مبلغ الدعم الكويتي أي 250 مليون دولار الصرف على البنية التحتية مثل تطوير شبكة الطرق التابعة لمشروعين إسكانيين فضلا عن شوارع أخرى وتوسعة محطة لمعالجة مياه الصرف الصحي وتمويل جانب من شبكة نقل الكهرباء. أيضا سوف يتم تخصيص جانب من الأموال لمشاريع تطوير البنية التحتية بمدينة سلمان الصناعية شمال العاصمة فضلا عن إنشاء مجمع الإعاقة وإنشاء مجمع للخدمات الاجتماعية وبالتالي أمور مهمة وحساسة.

بالتمعن في مخصصات أول دفعة سوف يتم توظيف جانب من الدعم لإنشاء 6600 وحدة سكنية في شمال وغرب العاصمة المنامة، وبالتالي المساهمة في حل موضوع شائك في البحرين. يشار إلى أن نسبة كبيرة من المواطنين بحرينيين يعتمدون على مشاريع خدمات إسكانية حكومية لحل مشكلة السكن بسبب الواقع المعيشي للمواطنين والمتمثل بمحدودية الدخل. حيث يعد شراء أو بناء منزل القرار الأكثر كلفة للناس بصورة عامة ولا يمكن مقارنة ذلك مع شراء سيارة على سبيل المثال.

لكن الملفت بأن السواد الأعظم من المنازل المراد تشييدها تقع في محافظة المحرق وليس محافظتي الشمالية والعاصمة. وتحديدا سوف يتم تمويل بناء 4500 وحدة سكنية شرق الحد مقابل 2100 وحدة سكنية في الجزيرة رقم 14 بالمدينة الشمالية. مصدر الذهول هو أن الأزمة الإسكانية متفاقمة بشكل أساسي في المحافظة الشمالية والتي بدورها تحتضن أكبر نسبة تجمع للمواطنين بين المحافظات الخمس للمملكة. لكن ما يبعث على الاطمئنان هو تخصيص 45 في المائة من نفقات المرحلة الأولى للدعم المالي الكويتي للمشاريع الإسكانية.

وبخصوص الشوارع المراد تطويرها في إطار 250 مليون دولار فهناك الطريق المؤدى للمدينة الشمالية، الطريق الغربي، الطريق الساحلي، تطوير شارع الشيخ جابر الأحمد الصباح (أي الأمير السابق لدولة الكويت).

كما تشمل المشاريع جانب من المرحلة الرابعة من توسعة محطة توبلي لمعالجة مياه الصرف الصحي، تمويل جانب من مشروع تطوير شبكة نقل الكهرباء جهد 400 كيلو فولت وتمويل جانب من مشروع تطوير شبكة نقل الكهرباء جهد 220 كيلو فولت.

وبخصوص قطاع الكهرباء تبين لنا بعد البحث والتمحيص بأن الكلفة الإجمالية عبارة عن 800 مليون دولار حيث قررت الكويت تحمل 250 مليون دولار من المجموع. ويفهم من هذا الأمر توقع قيام الدول الثلاث الأخرى (السعودية والإمارات وقطر) بتحمل باقي الأموال لكن الصورة ليست واضحة بخصوص الدعم المالي الخليجي عير الكويتي.

ويتوقع تخصيص مبلغ أكبر من الدعم المالي الكويتي لمشروع الكهرباء ربما في 2013 و 2014 حيث من المقرر الانتهاء منه في غضون ثلاث سنوات. بمعنى آخر سوف يتم تخصيص أكبر من الدعم المالي الكويتي لقطاع الكهرباء مستقبلا. ومن شأن تطوير قطاع الكهرباء المساهمة شبه القضاء على أزمة انقطاع الكهرباء من جهة وتعزيز توافر الطاقة لأغراض السكن والصناعة وغيرها من الأمور الحيوية. وربما يفهم من إسناد حقيبة الكهرباء للوزير د.عبدالحسين ميرزا إلى رغبة الحكومة بالاستفادة من خبراته للإشراف على هذا القطاع المهم بالنسبة للمشاريع التنموية بشكل عام. وحتى الأمس القريب كان الوزير ميرزا يتولى حقائب وزارية أخرى مثل النفط.

أيضا تقرر تخصيص مبلغ وقدره 23 مليون دولار من الدعم الكويتي بهدف إنشاء مجمع عصري للإعاقة في منطقة عالي، يشمل على كافة وسائل الترفيه والتعليم. ومن المنتظر الانتهاء من المشروع النوعي في غضون سنتين.

من جهة أخرى من شأن تطوير مدينة سلمان الصناعية المساهمة في حل معضلة أخرى وهي توفير فرص عمل مناسبة للمواطنين. يعتبر القطاع الصناعي حيويا أنه يتمتع بقدرة توفير عدد ضخم من الوظائف وهي من المسائل المهمة في البلاد. يتميز الشعب البحريني بوجود رغبة لدى قطاع واسع من الشعب للعمل في المجال الصناعي كما هو الحال مع صناعة الألمنيوم فضلا عن القطاع النفطي.

اللافت في هذا الصدد قيام الجانبين بالتوقيع على اتفاقية إطارية لم يتم الإعلان عن تفاصيلها بشكل كامل. لكن اشتهر وهو أمر معقول ضرورة حصول موافقة كويتية بل وإشراف كويتي على كافة تفاصيل المشاريع التنموية المقررة لضمان عودة الأموال بالنفع المباشر على المواطنين مثل الإسكان والبنية التحتية والصحة والتعليم ورعاية الشبابوغيرها من الأمور المتعددة.



رابعا: تعزيز الاقتصاد أم تعزيز الحل الأمني

يعد مبلغ الدعم المالي الخليجي -أي 10 مليار دولار- ضخما نسبيا قياسا بالواقع الاقتصادي للبحرين. الشواهد والأدلة على ذلك كثيرة حيث لا يزيد حجم الناتج المحلي الإجمالي للبحرين عن 26 مليار دولار استنادا لمبدأ الأسعار الجارية، وأقل من ذلك عند احتساب الأرقام ضمن مفهوم الأسعار الثابتة، أي بعد إبعاد هامش ارتفاع أسعار النفط. كما تقل قيمة النفقات المخصصة للسنة المالية 2012 عن 9 مليار دولار تذهب غالبيتها للنفقات الجارية مثل الرواتب بدل المشاريع التنموية.

كما من شأن النفقات المرتبطة بالدعم المالي الخليجي المساهمة في تعزيز النمو الاقتصادي في البحرين، وهي مسألة ذات أهمية بالنظر للنتائج غير المرضية للعام 2011. فحسب مجلس التنمية الاقتصادية وهي الجهة المخولة برسم السياسيات الاقتصادية فقد تم تسجيل نمو فعلي أي بعد تحييد عامل التضخم قدره 2.2 في المائة فقط في 2011. بالمقارنة وحسب المصدر نفسه تم تحقيق نمو اقتصادي قدره 4 في المائة في 2010. في المقابل قدر صندوق النقد الدولي نمو الناتج المحلي الإجمالي بنحو 1.8 في المائة في 2011 وبالتالي أقل من التقديرات الرسمية. وحسب الصندوق حقق الاقتصاد البحريني نموا قدره 4.1 في المائة في 2010 (الرجاء ملاحظة بحث آخر حول تراجع الأهمية النسبية لمجلس التنمية الاقتصادية في أعقاب الحراك الديمقراطي في البلاد).

كما من شأن المنحة المالية الكويتية وضع حد لتنامي ظاهرة المديونية العامة والتي تقدر بنحو 11.6 مليار دولار أي 44 في المائة من حجم الناتج المحلي الإجمالي (الرجاء ملاحظة بحث آخر حول المديونية العامة).

عموما يتوقع أن يساهم المبلغ الدعم المالي الخليجي في تعزيز النشاط الاقتصادي بشكل عام، عبر ما يعرف بمتغير (مضاعف الدخل) حيث يتحول كل دينار إلى أكثر من دينار في الاقتصاد عن طريق تبادل الأيدي. كما سوف يستفيد القطاع الخاص من الدعم الخليجي بناء على مبدأ (الخير يعم). والمقصود هنا عبارة عن تحول عمليات شراء لمختلف أنواع المنتجات والخدمات عند إنشاء مدارس ومراكز وتطوير طرق. كما من شأنه تعزيز إنتاج الكهرباء ضمان وصول الخدمة لمن يحتاجها وخصوصا بالنسبة لقطاعي الصناعة والتجارة.

مهما يكن من أمر يشكل إقرار الكويت بتقديم مبلغ مالي ضخم نسبيا للبحرين في إطار ما يعرف بمشروع (المارشال الخليجي) نقلة نوعية في عملية التكامل الاقتصادي في المنظومة الخليجية حيث تقوم البلدان الغنية بمساعدة تلك الفقيرة نسبيا. حقيقة القول يعتبر الاقتصاد السعودي الأكبر من نوعه على مستوى العالم العربي. كما يعد دخل الفرد في قطر الأعلى من نوعه على الإطلاق دونما منافس يذكر.

بيد أنه في الوقت الذي لا بد من الترحيب بالدعم المالي الخليجي لا بد من التأكيد على مسألة جوهرية وهي أن لا يكون الدعم بديلا عن حل المعضلات السياسية التي تواجه البحرين حيث ليس بالمقدور الخلط بين الأمرين.

nad-ali
05-02-2013, 09:50 PM
طهران تنعى «المشروع القطري»: الرياض تغيّر الاتجاه... وواشنطن تلهث للتفاوض

إيلي شلهوب ..


اعتاد صديق القول إن الفرق بين العقل الإيراني وباقي العقول كالفرق بين نظامي تشغيل ماكينتوش وويندوز. الرموز مختلفة، كذلك آليات القراءة، وبالطبع النتائج. فرق لا يمكن أن يتلمسه إلا متابع دقيق لمقاربة المسؤولين الإيرانيين لما يجري في الداخل والخارج. مقاربة، برهنت بعد 34 عاماً على الثورة، أنها فعّالة. فهل تصيب هذه المرة أيضاً؟



تتسارع التطورات في المنطقة في أكثر من اتجاه. جو بايدن يعرض مفاوضات مباشرة على طهران. معاذ الخطيب يستعد لزيارتها. تعيين مقرن بن عبد العزيز نائباً ثانياً لرئيس الوزراء في السعودية. حزب النور السلفي في مصر ينقلب على الإخوان، في خطوة تؤدي إلى تصدعه، ولا يوقف تمرده هذا... وكل ذلك في خضمّ الغارة الإسرائيلية على سوريا، وقبل أسابيع من اللقاء المرتقب بين الرئيس الأميركي باراك أوباما والرئيس الروسي فلاديمير بوتين في آذار المقبل.

حراك يبدو للوهلة الأولى متعدد المسارات ولا رابط بينها. لكنها في عيون المعنيين في طهران تأتي في سياق واحدة جامع لا يمكن فهم أيّ مما يجري في المنطقة من دونه. مصادر قريبة من أروقة صناعة القرار في إيران تختصره بجملة واحدة: هزيمة المشروع القطري في المنطقة التي تتجه نحو تسوية في قمة الكبار.

مشروع قطري في المنطقة؟ يأتي الجواب بسيطاً ومختصراً: المقصود محاولة قطر بناء دائرة نفوذ للإخوان المسلمين تمتد من تركيا إلى المغرب في مقابل المشروع الإيراني. هزيمة لعل أبرز الدلائل حولها، على ما تصفه المصادر، بأنه «تراجع أميركي سعودي منظم»، من مؤشراته دعوة نائب الرئيس الأميركي جو بايدن لطهران إلى مفاوضات مباشرة، والصدام السعودي القطري في أكثر من محور. «ألم تلاحظ أن كل النقد يتوجه منذ مدة إلى تركيا وقطر، ويجري تحييد السعودية».
«واشنطن ومعها تل أبيب والرياض تريد أن تنسحب من الجبهة الداعمة للإخوان المسلمين».

الحديث هنا يجري عن أكثر من ملف. في سوريا، قناة تفاوض سعودية سورية عبر الأردن. تقارب انعكس ميدانياً في توجه لواء التوحيد المدعوم من السعودية، الذي يحاصر غالبية القرى الشيعية والمسيحية في الشمال السوري، إلى قريتي نبّل والزهراء الشيعيتين موزعاً السلاح والأموال تحت عنوان: ما عدنا نريد أن نقاتل الشيعة، بل جبهة النصرة (المدعومة من قطر). هذا ما تؤكده مصادر سورية وثيقة الاطلاع كشفت أيضاً عن أن «صفقة إطلاق الرهائن الإيرانيين في سوريا، تضمنت إطلاق معتقلين سعوديين من السجون السورية جاء الأمير السعودي عبد العزيز بن عبد الله إلى دمشق وأخذهم بنفسه». ولا يمكن نسيان عودة وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل إلى اللجنة الرباعية المعنية بالأزمة السورية بعد مقاطعة طويلة.

في مصر، السلفيون، وفي مقدمتهم حزب النور السلفي (المدعوم من السعودية)، يحيدون أنفسهم عن «الإخوان» (المدعومين من قطر) في خطوة أدت إلى تصدعات في صفوفهم. «وحدها جماعة حازم أبو اسماعيل بقيت متحالفة مع الإخوان. قيادات حزب النور أخذت مسافة، في مقدمهم منظر السلفيين في مصر (الداعية) محمد حسان الذي بدا أكثر قرباً من جبهة الإنقاذ». ويفسر البعض ما يجري لمحمد مرسي بأنه تعبير عن توجه أميركي مدعوم من حلفاء واشنطن في المنطقة بإضعاف مصر، عبر ترك رئيسها منهمكاً بالشؤون الداخلية من دون أن تكون له القدرة على التفكير في الخارج، وخاصة إسرائيل.

لكن المؤشر الأبرز، في عيون المعنيين في طهران، كان تعيين مقرن بن عبد العزيز في منصبه الجديد، لافتين إلى أن هذا الأخير هو «منظّر التقارب السعودي ـــ السوري، الذي ترجم في إحدى المراحل في معادلة سين ــ سين». بنظر هؤلاء، «أعطت القيادة السعودية بندر بن سلطان الفرصة»، عبر تكليفه قيادة جهاز الاستخبارات. «جربناك ولم تفعل شيئاً»، الجملة التي يقدر الإيرانيون أن تكون قد هُمس بها في أذن بندر. يستعيدون عبارة نقلها لهم مسؤول خليجي رفيع المستوى: «الأميركيون ضاقوا ذرعاً بـ(رجب طيب) أردوغان»، في إشارة إلى رئيس وزراء تركيا. وبناءً عليه، يرى هؤلاء أن السعودية بدأت تأخذ زمام المبادرة شيئاً فشيئاً من أيدي قطر.
ننتقل الآن إلى عرض بايدن. يضحك محدثوك عندما تسأل عما يجري. يكشفون عن أن إيران تلقت على مدى الأشهر الماضية أكثر من عرض أميركي، عبر وسطاء بينهم أوستراليا وإيطاليا وألمانيا. المشترك بين كل هذه العروض كان النووي: قبول طهران بوقف التخصيب بنسبة 20 في المئة، في مقابل اعتراف دولي بها دولة نووية. الاختلاف بين الرسائل كان يتعلق بتقسيم دوائر النفوذ في المنطقة: كلها تعطي إيران حقها في ممارسة نفوذها على الخليج كله. لكن مرة يعرض أن تسحب إيران يدها من الملف السوري في مقابل أن تصبح جزءاً من الحل، ومرة تُشترَط أمور يفهم منها وقف طهران تمددها باتجاه البحر الأحمر ومصر وباتجاه المتوسط. وإن شملت كلها تأكيدات لـ«مفاوضات مفتوحة إلى حين التوصل إلى اتفاق».
في مقابل هذه العروض، يجزم المعنيون بأن «الوقت ليس وقت تفاوض. لن يحصل شيء قبل تحصين عرين الأسد»، في إشارة إلى الرئيس السوري. بدا ذلك من خلال رد علي أكبر صالحي: ندرس الاقتراح.

الموكلون الملف السوري في طهران يكشفون عن أن الرئيس الأسد «فوض إلى طهران خطياً التفاوض نيابة عن دمشق مع من تريد في سبيل إيجاد حل في سوريا»، مشيرين إلى أن «كل أطياف القوس المعارض السوري، من سلمي ومسلح، إلى معاذ الخطيب، كلهم اتصلوا بنا. أدركوا أن اتفاق بوتين أوباما على حلول تفاوضية أصبح من المسلمات. لا يريدون أن يقضوا بين الأرجل». ويضيفون: «نعدّ لطاولة مفاوضات نفضلها في دمشق. لكن المعارضة السورية تريدها في الخارج».

معلومة تفتح الباب أمام سؤالين: ماذا يفعل سعيد جليلي في دمشق؟ «يضع الأسد بصورة المباحثات الدولية والعروض الغربية للتفاوض. وفي الوقت نفسه، يضع خبرات إيران وقدراتها في تصرف دمشق إن كان القرار الرد على الغارة الإسرائيلية». ولماذا يضع الأسد كل أوراقه بيد طهران؟ «لأنه يثق بالإيرانيين أكثر مما يثق بالروس. روسيا تقاتل من أجل أمنها القومي. تقاتل في دمشق لحماية أسوار موسكو. قتالها دفاعي. أما إيران، فهي تقاتل من أجل القدس. عقيدتها العسكرية تختصر بمقولة أنه بقتالها على أبواب تل أبيب تكون تدافع عن جميع العواصم العربية والإسلامية. قتالها تقدمي».

وماذا عن الغارة الإسرائيلية؟ وعن الرد المزعوم؟ ضحكة. «لنتفق أولاً على أن ما فعله الإسرائيلي أشبه بلعب كلمات متقاطعة في المرحلة الانتقالية الأميركية في المنطقة. غارة ضربت هدفاً ساقطاً عسكرياً. لم يكن أمامه هدف متاح. موقع أخلي منذ أشهر. وثانياً، أنها أظهرت للعالم كله أن كل ما كنا نقوله منذ عامين صحيح. أن الإسرائيلي هو المدير الحقيقي للعمليات في سوريا والباقي أدوات. لا ثورة ولا ربيع ولا من يحزنون. وثالثاً، أن (رئيس وزراء إسرائيل بنيامين) نتنياهو، بضربته تلك، يكون قد حرر واشنطن من ضغوطه لتصعيد المعركة، تحت عنوان أن الغارة لم تحقق شيئاً، وفي الوقت نفسه أرضى شهيته للحرب». حسناً، لكن أين الرد؟ «لننتهِ أولاً من التوظيف السياسي للغارة. الأتراك سقطت لهم طائرة ولم يردوا. لا يعني أنهم سكتوا. وظفوا الضربة في مكان آخر. إيران قتل لها علماء وحصل داخلها عمليات تفجيرات، ولم تعلن الحرب. الأمور ليست دائماً أسود أو أبيض». للفائدة، «سقطت طالبان في أفغانستان، وصدام حسين في العراق، من دون طلقة واحدة». ألن يفسر عدم الرد ضعفاً؟ «أولاً، لم يقل أحد إنه لن يكون هناك رد. ثانياً، الإسرائيلي أكثر ذكاءً ليعتقد بضعف. هو يعلم أن قواعد الاشتباك معه في مكان آخر، وطبيعتها مختلفة عن ألعاب الصغار التي يلعبها».




http://www.al-akhbar.com/node/176839

kumait
06-02-2013, 03:49 PM
ايران تحتفل بذكرى ثورتها وعينها على الخارج
د. سعيد الشهابي

الانجاز السياسي لهثمنه الاقتصادي الباهظ في الدول الناهضة، هذه واحدة من حقائق الثورة الاسلاميةالايرانية التي يحتفل قادتها وشعبها هذه الايام بمرور 34 عاما على انتصارها. وليسمن الصعب ادراك حقيقة اخرى ذات صلة، مفادها ان من جذور الاختلاف بين الفرقاءالايرانيين (وآخر تجلياته ما جرى مؤخرا من تبادل الاتهامات بين الرئيس احمدي نجاد،ورئيس مجلس الشورى الاسلامي، علي لاريجاني) الموقف ازاء طرفي هذه المعادلة.

فأيهما الاهم: الانجاز السياسي على الصعيد الدولي الذي يجعل الدولة مهابة، ام الرفاه الاقتصادي مع غياب الاستقلال والمكانة السياسية؟

زعماء ثورة ايران التي اطلقهاالامام الخميني واسقطت اكبر عروش الاستبداد والتبعية للولايات المتحدة الامريكية في المنطقة، يرون في استقلال ايران وانفصالها من التبعية للغرب اهمية استراتيجية مرتبطة بهوية الثورة التي تنتمي لعقيدة وايديولوجية متباينتين مع الاسس التي يقوم عليها النظام السياسي العالمي الذي تمخض بعد الحرب الثانية. ولتحقيق ذلك، وفق رؤية هذا الفريق الذي يقود الثورة ويمسك بمفاصل الدولة، تقتضي الضرورة تحمل تبعات تلك الاستراتيجية ومن بينها الصعوبات الاقتصادية والحصار والمقاطعة. بينما يذهب معارضو تلك السياسة الى ان على ايران انتهاج سياسات اخرى مختلفة تساهم في تبريد البؤرالساخنة كالملف النووي ومشروع الاسلام السياسي وتغيير الموقف ازاء 'اسرائيل' ودعم المقاومة الاسلامية ضدها، والتوقف عن تطوير المشاريع التصنيعية التي انتجت الصواريخ ودفعت ايران لغزو الفضاء. بين هذين المذهبين، يتواصل التوتر الظاهر احيانا والخفي اغلب الاحيان. وقد تحول ذلك الى ما يشبه القطيعة بين التيارين اللذين خاضا حروبا اعلامية وسياسية ضد بعضهما. ومع شيخوخة رموز التيارين، استطاع تيار ولاية الفقيه تهميش مناوئيه، معتمدا على اجهزة سياسية وامنية ودينية. وبرغم ذلك يتواصل السجال السياسي على اشده، خصوصا مع اقتراب الانتخابات الرئاسية بعد بضعة شهور.

من يزورايران هذه الايام يرى بلدا متحركا على صعدان شتى. وفي اجواء ذكرى الثورة يسعى قادتها لاعادة اجوائها للحياة العامة، املا في ربط الجيل الحالي بتلك الثورة وزعاماتها خصوصا قائدها الامام الخميني. ولكنهم يواجهون تحديات تتصاعد تدريجيا خصوصا مع الاصرار الغربي على استهداف الجمهورية الاسلامية على كافة الصعدان،واستمرار الاختلافات بين الاجنحة المتنافسة للوصول الى السلطة وتحديد وجهة الثورة. وتزامنت الاحتفالات هذا العام مع ذكرى مولد النبي محمد عليه افضل الصلاة والسلام، فنظمت ايران مؤتمرا عالميا حول الوحدة الاسلامية والتقريب بين المذاهب، حضره المئات من الرموز الدينية من كافة اقطار العالم. الرسالة كانت واضحة: ان محاولات تفتيت الامة وفق خطوط التباين العرقي والمذهبي امر مرفوض يجب مواجهته من قبل علماء الامة ومفكريها، وان نهضة امة العرب والمسلمين لن تتحقق الا بالوحدة والتفاهم والتحاوروتقارب وجهات النظر، وليس بالاحتراب والاستهداف. ايران تعلم، من خلال التجربة والممارسة، ان مشاريع التغيير في العالمين العربي والاسلامي مستهدفة، وان ذلك الاستهداف بدأ عندما قامت ثورة ايران واستطاعت تعبئة الجماهير ضد نظام الشاه الذي سقط في مثل هذه الايام قبل 34 عاما.

وتعرف الجمهورية الاسلامية ايضا ان قوى الثورة المضادة استطاعت آنذاك اقامة جدران عازلة بين النظام السياسي الاسلامي في ايرانوالشعوب العربية، واطلقت اتهامات طالما كررها السياسيون ووسائل الاعلام الغربي، بانايران تعتزم 'تصدير الثورة' وانها تروج لـ 'الاسلام السياسي'. او 'الخمينية'. بهذه التهم تم التعامل معها بقدر كبير من الحذر والشك، فشنت ضدها الحرب، وفرض عليهاالحصار، واستهدفت اعلاميا بحرب بلا هوادة. والحقيقة ان مشروع التغيير الثوري تأجل كثيرا، ولكنه لم يتوقف تماما، فخلال الثمانينات والتسعينات انتعشت الحركات الاسلامية واصبح ما يسمى 'الاسلام السياسي' ظاهرة اوصلت العديد من الحركات الىالحكم او مواقع متقدمة في الحراكات السياسية في بلدانها. وبعد ثلاثين عاما انتهت حقبة العمل السياسي كوسيلة للوصول الى الحكم، بعد ان اتضح ان التغيير من داخل تلك الانظمة اصبح سرابا لا يمتلك القدرة على التحول الى واقع. وجاءت ثورات الربيع العربي لتدفع بالمشروع التغييري الى الامام. ولكن الامر تكرر مجددا، فاستهدفت الثورات بقسوة، تارة بالقوة العسكرية، واخرى بالقمع الامني، وثالثة بخداع الجماهير بان القوى التي طالما عرفت بدورها ضد حرية الشعوب اصبحت تدعم الثورات. ايران من جانبها حققت انتصارا معنويا كبيرا واعتبرت تلك الثورات امتدادا لثورتها، وتحدثمسؤولوها ووسائل اعلامها عن 'صحوة اسلامية' انطلقت في اجواء التغيير التي صاحبت ثورتها في 1979.

هموم ايران اليوم تختلف عما عانت منه خلال الحرب العراقية الايرانية وما بعدها. وثمة دوائر اربع تقلق الجمهورية الاسلامية وتضغط على مسؤوليها. اولها الانتخابات الرئاسية المقبلة في غضون شهور ثلاثة. فبرغم انتظام تلك الانتخابات التي تجرى كل اربع سنوات، تخشى طهران من تكرر ماجرى في الانتخابات السابقة التي اعادت احمدي نجاد الى الحكم واعقبت ذلك موجة من الاضطرابات والاحتجاجات من المجموعات التي تعتبر نفسها اصلاحية. وتخشى ان تتكرر تلك الاضطرابات مجددا خصوصا مع توسع الفجوة بين تياري المحافظين والاصلاحيين. ووفقا للمعلومات المتوفرة فقد اتخدت السلطات اجراءات جديدة لمنع الاضطرابات، مستفيدة منتجربتها السابقة، ومن انقسام تلك المجموعات التي استطاعت اختراقها وتحييد بعض عناصرها.

واظهر النظام قدراته الامنية والعسكرية من خلال حوادث عدة اثبتت بها فاعلية قدراتها في هذين المجالين. ففي فبراير 2010 تمكنت اجهزة الاستخبارات والامن الايرانية من القبض على عبد الملك ريغي المسؤول عن عدد من التفجيرات في ايرانوأهمها قتل حوالي 15 من قيادات الحرس الثوري في مدينة زاهدان وذلك في فبراير 2007. واعتبرت تلك الحادثة من اكثر العمليات تعقيدا اذ استطاعت السلطات متابعة ريغي الذي كان يتنقل بين باكستان ودبي، وعندما استقل طائرة لتنقله الى احدى البلدان الأسيوية استطاعت السلطات الايرانية انزال طائرته بأحد مطاراتها، ومن ثم محاكمته واعدامه. وتمكنت لاحقا من اعتقال اعضاء مجموعته ومحاكمتهم بالسجن او الاعدام. وعلى الجانب الآخر وجهت ايران ضربة قوية للولايات المتحدة عندما تمكنت من انزال ثلاث طائرات امريكية تطير بدون طيار، الاولى من نوع 'شبح' والأخريان من نوع 'درون'. وهذا النوع من الطائرات اصبح السلاح الاول في الاستراتيجية الامريكية الجديدة لمواصلة ما تسميه 'الحرب ضد الارهاب' بديلا للتدخل العسكري المباشر. وقد اندهش الامريكيون من قدرةالايرانيين على الاستيلاء على اهم سلاح في هذه الحرب بدون جهد يذكر، وانزال الطائرات بدون تحطم. هذه التطورات جعلت ايران في عيون مناوئيها دولة قوية قادرة على الدفاع عن نفسها امام التحديات.

ولكن يبقى الملف النووي واحدا من اكثر القضايا ضغطا على ايران وعلى الدول الغربية التي تتحداها ازاء هذا المشروع وتسعى لمنعها من امتلاك دورة تصنيع نووية كاملة. وسيظل هذا التوتر في العلاقات والتشكيك في النوايا مستمرا. الايرانيون يعلمون ان الضغط انما هو بسبب السياسة الايرانية تجاه الكيان الاسرائيلي ورفض طهران الاعتراف بالكيان الاسرائيلي. والواضح ان ايران نجحت في استمالة كل من روسيا والصين الى جانبها في العديد من القضايا الجوهرية خصوصا الملف النووي والقضية السورية.

وتسعى الجمهورية الاسلامية للتقارب مع مصر الثورة، ولذلك اقترح الايرانيون ان تعقد المفاوضات المقبلة بين ايران ودول 5+ 1 في مصر في اشارةالى تحسن العلاقات بين البلدين. كما انه اشارة للغربيين بان لايران امتدادات عربية واسلامية اكبر مما يتصورونه. واذا صدق تقرير صحيفة 'التايمز' البريطانية الشهرالماضي بان الحاج قاسم سليماني، مسؤول لواء 'القدس' بالحرس الثوري قد زار مصر في ديسمبر وتباحث مع جماعة الاخوان المسلمين بشأن تأسيس ذراع امني لها، فان التعاون بين النظامين قد قطع خطوات كبيرة الى الامام.

ايران تصر على مواصلة التخصيب وفق نصوص معاهدة منع انتشار السلاح النووي، الامر الذي دفع جو بايدن، نائب الرئيس الامريكي لاطلاق تصريحات مثيرة ضد ايران خلال لقائه الاسبوع الماضي مع المستشارة الالمانية، انجيلا ميركيل، مهددا بان دور الدبلوماسية لن يستمرالى الابد. ولكنه فياليوم التالي عاد ومد غصن الزيتون باتجاه طهران، آملا ان يؤدي ذلك الى حوار جاد بين البلدين. هذه التصريحات تعكس التوتر الامريكي الناجم في بعض جوانبه من الشعور بعدم جدوى الحصار الاقتصادي في التأثير على الموقف الايراني ازاء تخصيب اليورانيوم. هذالا يعني عدم وجود نتائج سلبية لتلك المقاطعة. فمنذ ان بدأت بشكل جاد واستهدفت المؤسسات الاقتصادية والمصارف، تراجع مستوى العملة الايرانية بمقدار النصف، الامرالذي ادى الى ارتفاع باهظ في الاسعار. وبلغ الامر ان اصبحت ايران غير قادرة على استيراد الدواء. وعندما كشفت وزيرة التعليم السابقة، عدم وجود ادوية كافية لدى الحكومة اضطرت للاستقالة من منصبها، نظرا لحساسية القضية واصرار الايرانيين على التظاهر بعدم فاعلية ذلك الحصار. ومن يتحدث للاطباء الايرانيين يسمع منهم قصصا مأساوية حول وفاة اطفال ورجال مرضى نتيجة عدم توفر الدواء المناسب. صحيح انالحصارلا يشمل الدواء، ولكن الشركات الغربية ترفض التعامل التجاري مع ايران خشية من قيام حكوماتها بمعاقبتها. ومن نتائج هذا الحصار ارتفاع الاسعار بمعدلات متسارعةوتراجع النمو الاقتصادي نتيجة عدم القدرة على الاستيراد.

وثمة قلق في اوساط الحكم الايراني من احتمال تأثير الغلاء المعيشي على مجريات الانتخابات الرئاسية المقبلة، وما قد ينجم عن ذلك من تحديات امنية للنظام المركزي. فالتراجع الاقتصادي ينعكس عادة بشكل سلبي على الثورات الحديثة العهد، ويحاصر الانظمة، ويصرف انظارالناس عن قضاياهم المعيشية الخاصة. فبعد ان تمكنت القيادة الايرانية من احتواءالموقف في سوريا، أصبحت اكثر اصرارا على استقلال قرارها وعدم الرضوخ للضغوط الامريكية. لقد كان للسياسة الايرانية دورها في منع سقوط بشار الاسد، الامر الذي لايخلو من دلالات استراتيجية. فكأن طهران تقول: نحن لا نتخلى عن اصدقائنا عند الشدة. بينما تخلى الامريكيون عن انظمة طالما تحالفوا ودافعوا عنها. وهكذا فبعد ثلث قرن اصبحت الجمهورية الاسلامية قادرةعلى التأثير على مسار دول المنطقة، بل تحديده في بعض الاحيان.

ايران اليوم تختلف عما كانت عليه سابقا. فقد اصبحت اكثر اطمئنان المشروع 'الاسلام السياسي' الذي قامت ثورتها من اجله، وأقدر على مواجهة التحديات الخارجية، وأوسع تأثيرا على مسارات السياسة في منطقة مضطربة على كافة الصعدان. انهاتسعى لبلورة مشروع استقلال سياسي وثقافي يشمل بقية الدول العربية والاسلامية، خصوصا بعد ثورات الربيع العربي التي تتحدى، في جوهرها وهويتها، النفوذ الغربي في المنطقة وتقاوم الاحتلال الاسرائيلي في فلسطين. ومع ان ايران، كغيرها من الدول التي ترفع شعار الديمقراطية، تسعى للموازنة بين المبادىء والمصالح، فان تجربة العقود الثلاثة الماضية تؤكد ان الجمهورية الاسلامية استطاعت تحقيق توازن دقيق بينهما، واصبحت دولة ذات نفوذ يتسع تدريجيا. انها اكثر دولة تفاعلت مع ثورة مصر بشكل ايجابي، وانحازت بشكل مبدئي الى جانب الثوار، كما ان مواقفها ازاء ثورات تونس وليبيا واليمن والبحرين. وموقفها من سوريا ينطلق من حرصها على قطع ايدي القوى التي تسعى باستمرارلاستهداف قوى التحرر وانظمة الاستقلال. انها تسعى لتفعيل مبادرة عربية او اسلامية تهدف لانقاذ سوريا من اوضاعها الحالية والوصول بها الى بر آمن، بعيدا عن العنف والارهاب والاستبداد.

ومن هنا تشعر القيادة الايرانية انها اكثر حضورا في الميدان الاقليمي مما كانت عليه طوال الثلاثين عاما الماضية. وقد حققت مكاسب كثيرة للمشروع الاسلامي، بالاضافة لما اقامته من علاقات مع دول العالم بدون انقطاع. انها تشعرانها في وضع صعب، ولكن المهمة ليست مستحيلة في ظل منظومة سياسية فاعلة تأسست علىقواعد الاستقلال وانهاء التبعية. بين الامل والقلق تواصل ثورة ايران طريقها الوعرآملة ان تحتوي التهديدات الغربية والسياسات المعادية للمشروع السياسي الاسلامي. مع ذلك ستبقى التحديات الداخلية واحدة من التحديات الكبرى التي تواجهها دولة الثورة،كما اظهرت حادثة مجلس الشورى قبل يومين. مرشد الثورة، آية الله السيد علي خامنئي،يقود سفينة ايران وسط محيط لجي، ولكي يحميها من الغرق او الضياع، فانه سيجد نفسها امام تحديات الداخل والخارج على حد السواء. انها فترة عصيبة في تاريخ الثورة، والعالم ينتظر ما ستتمخض عنه التطورات الداخلية الايرانية، المرتبطة هي الاخرى بالتدافع الاقليمي في 'ربيع الثورات' والتهديدات الدولية المنبعثة من الكيانالاسرائيلي وداعميه في الغرب.

' كاتب وصحافي بحريني يقيم في لندن

nad-ali
11-02-2013, 08:51 PM
http://www.alquds.co.uk/alquds.jpg

هندسة العالم الجديد بعيون ايرانية!

http://www.alquds.co.uk/today/10qpt697.jpg
محمد صادق الحسيني

لا مفاوضات لا صلح لا استسلام وكل من يريد ذلك مع واشنطن اما ساذج او مغرض وكلاهما في الجوهر واحد لا سيما في وقت تهافت الامبراطوريين وافتضاح خداعهم!
وايران لن تكون ورقة امريكا الرابحة في معادلة المفاوضات تحت الضغط واستمرار العقوبات مهما كانت العروض مغرية!
هذا هو تقدير الموقف لدى الناس والقيادة في طهران الثورة والاسلام وكل من اتقن فن التفاوض وديبلوماسية حياكة السجاد ولكل من له قلب بصيراوالقى السمع وهو شهيد !
هكذا تبدو ايران في عيدها الرابع والثلاثين للثورة وهي تشد الرحال مرة الى المناورات ومرة الى المفاوضات وفي كل الاحوال قاطعة الاف الاميال طولا وعرضا مرة على اليابسة واخرى في البحار وثالثة الى الفضاء وعزمها الراسخ دوما يشير ان لا تراجع الى الوراء!
يحدثك اهلها دوما باجيالهم الاربعة عن سر استودعه الله في هذا الكون لم يتغير منذ عهد ادم من ادركه وعمل به ربح وفاز فوزا عظيما ومن جحده خسر خسرانا مبينا!
اربعة وثلاثون عاما بالتمام والكمال مضت والشعب الايراني العظيم صامد شامخ مرفوع الهامة وعالي الجبين كجبل دماوند العظيم رغم تزاحم عوادي الدهر عليه كما لم تتزاحم على امة من قبل!
برمح انطلق من قوسه في القرن السابع الميلادي ليستقر في قلب كلب حراسة اكبر امبراطورية في القرن العشرين اي ملك ملوك ايران الشاه ابتدأت حكاية هذه الثورة الفريدة من نوعها بامتياز!
رجل ثمانيني جلس على سجادة صلاته لا يملك من سلاح العصر وقتها الا الدعاء وارادة الانحياز للفقراء والمستضعفين وقول الحق في وجه سلطان جائر تمكن بقدرة قادر قدير من تفكيك عرش الطاووس وتقطيع اوصال امبراطوريته المادية العظمى ليهلكه ويستبدل به قوما اخرين!
جنوده الذين نصروه وظلوا مصممين على الا يخذلوه ما هم الا فتية امنوا بربهم وقالوا ربنا الله ثم استقاموا وعقدوا العزم على مبايعة الولي الفقيه في البأساء والضراء وبذل الغالي والنفيس من اجل اقامة سلطة العدل فدانت لهم الدنيا كما لم تدن لاحد من قبل!
لم تكن ايران قبل هذا التحول الكبير شيئا مذكورا ولم يكن لها موقع لا في سجل دول الرفاهية ولا رتب العلوم ولا سلم الاقوياء النافذين ولا في جغرافية المدنية او العسكر ولا في دنيا المبتكرين او المبدعين!
وحده منطق النور مقابل منطق النار منطق الاعتراف بالربوبية لله مقابل العبودية للمستكبرين وحده منطق ان تكون مظلوما خير من ان تكون ظالما هو من جعل الدم ينتصر على السيف ولو بعد حين!
انها معادلة التوازن السلبي تجاه القوى العظمى ' انها المعادلة المعجزة التي جعلت ذلك الشيخ العجوز ينتصر على جبروت الطاغوت المدعوم من القوتين العظميين انذاك اي الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي سابقا ما جعلته يرفع شعار العصر الذي لم يعرف الهزيمة لا في النظرية ولا في التطبيق شعار لا شرقية ولا غربية جمهورية اسلامية!
اليوم ورغم مرور السنين وتغير الحال والاحوال تستمر التجربة هي هي وتخط مسارها المتجدد على يد خليفته المجدد وهو يواجه المتغيرات بكل حيوية واقتدار متحديا الكبار في زمن تكالب الاغيار!
انه القائد الكبير السيد علي الخامنئي الخليفة المنتخب والامام المنتسب وصاحب القدرة على مقارعة عتاة الحروب بالسيف والقلم وهو القائل بان امر عملياتنا اليوم هو ان واجهوا التهديد بالتهديد والعين بالعين والسن بالسن والبادي اظلم !
انه هو من امر رجاله وطالبهم بالرد بكل ما اوتوا من قوة في البر والبحر والفضاء وان لا تفاوض مع من يحمل السكين على رقابهم او يملي عليهم التفاوض والحوار المباشر الا بعد ان يضع السلاح جانبا ويذعن بمعادلة التكافؤ وعندها لكل حادث حديث!
انه هو صاحب القرار القائل بان ما يواجه ايران اليوم انما هو حرب ارادات وصراع مقولات ومعتقدات وانه من صبر ظفر ومن تعجل خسر وان ' مداراة العدو ' في الديبلوماسية والحوار ليس ضعفا والمروءة مع الصديق لا تعني بالضرورة اشعال حرب في غير موعدها!
وكما في ايران فهي الحال ايضا في تونس ومصر واليمن والبحرين وسوريا فان من سيبقى وينتصر هو الشعب ومن سيخرج ملطخا بالعار فهو من تسول له نفسه ان باستطاعته سرقة ثورات الشعوب!
هكذا تعتقد ايران القيادة وهكذا يعتقد جمهور الناس في ايران وهم متأكدون بان ما هو طاف على السطح ليس سوى زبد وما سيمكث في الارض هو الذي سيغير مجرى التاريخ وهو في الاعماق كامن وهو من سيفاجئ عتاة الفتنة والحروب في اللحظة المناسبة وما ذلك على الله بعزيز!
انه الصبر الاستراتيجي الذي سيجني ثماره يوم تعد الفراخ في اخر الخريف كما يقول المثل الايراني الشهير!
ايران اليوم شوكة في حلق معادلة المنتصرين في الحرب العالمية الثانية وهي تنازعهم الدور والمقام والوزن وتصارع قوى الشر الكبرى على حافة الهاوية في منعطف هو الاخطر في تاريخ البشرية تعاد فيه اعادة صياغة هندسة العالم الجيوسياسية بامتياز!
ايران اليوم استطاعت بالصبر والتحمل والاناة وطول البال والاستقامة والمثابرة رغم العواصف ان تتحول الى الرقم الاصعب في معادلة فك رموز الاحادية الامبراطورية الامريكية ' تلك الامبراطورية التي يتوقع الكثيرون بانها ستهزم على يد هذا المارد الاسلامي في المنازلة الكبرى التي يتوقعها الكثيرون على بوابات بيت المقدس واكناف بيت المقدس!

nad-ali
11-02-2013, 08:52 PM
http://kassioun.org/templates/img/logo.jpg

الضعف الأمريكي بات جلياً

http://kassioun.org/user_files/news/photo/27848.jpg

يزداد التخبط والتناقض في تصريحات كبار المتحدثين في البيت الأبيض، حول طبيعة السياسة الأمريكية المطلوبة تجاه الملف السوري. ففي وقت سابق أقر وزير الدفاع السابق ليون بانيتا وقائد القوات المسلحة الأمريكية الجنرال مارتن دمبسي الخميس بأنهما ساندا خطة هيلاري كلينتون والمدير السابق لوكالة الإستخبارات المركزية الأمريكية (سي آي ايه) ديفيد بترايوس اللذين إقترحا في تموز/يوليو تقديم أسلحة وتدريب معارضين سوريين. وخطة هيلاري كلينتون التي كشفت عنها صحيفة نيويورك تايمز في 2 شباط/فبراير رفضها الرئيس الأميركي باراك أوباما.
إن التخبط في مراكز القرار لايزداد وحسب بل يفرض على كبار الساسة الأمريكيين- لضرورة استعادة أي توازن- التراجع عن الكثير من تصريحات وأفعال أسلافهم، وهو مانجده في أول حديث لجون كيري وزير الخارجية الأمريكي الجديد، حيث وعد بمبادرة «دبلوماسية» لمحاولة وقف النزاع في سورية، في أول مؤتمر صحافي له كوزير للخارجية، وأكد: « نجري الآن تقييماً للوضع في سورية، ونفكر ما هي الخطوات، إن كان ذلك ممكناً، الدبلوماسية بشكلٍ خاص، التي يمكن اتخاذها من أجل خفض ذاك العنف والتعامل مع ذاك الوضع المعقد والخطير».
ويأتي تصريحه بعد أن دافع البيت الأبيض عن موقفه المعارض لتسليح المعارضة السورية، ورفضه خطة بهذا المعنى أيدتها وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون.
ولم يشأ كيري الدخول في هذا الجدل قائلاً: إنه لم يكن على علم بالقرارات التي اتخذت قبل تولي منصبه، مؤكداً أنه يخطط للمضي قدماً. وأوضح «إنها حكومة جديدة وولاية ثانية للرئيس، وأنا وزير الخارجية الجديد وسنمضي قدماً إنطلاقاً من هنا».
إن هذه الوقائع تؤكد رؤية جريدة قاسيون حول تعمق الأزمة الرأسمالية الكبرى وتوسعها والتي أدت إلى تغييرات استراتيجية هامة في الميزان الدولي، ونجد اليوم أن التراجع الأمريكي المستمر بشكل دراماتيكي، يكثف عمق الأزمة التي تمر بها المنظومة الرأسمالية، فبعد التراجعات الكبرى في معدلات النمو والتي أوصلت الاقتصاد الأمريكي و الأوروبي إلى حد الركود، بدأت انعكاسات هذا الواقع جلية في مواقف الساسة الأمريكيين والأوروبيين على حدّ سواء.

nad-ali
11-02-2013, 08:53 PM
http://www.al-akhbar.com/sites/default/files/akhbartheme_logo.gif

موسكو ترى «بصيص نور»: النظرة اختلفت في واشــنطن



الأميركيون أيقنوا أنهم لا يستطيعون فرض أجندتهم على بلدان الشرق الأوسط. اللعبة خرجت عن السيطرة. مسؤول روسي رفيع المستوى يؤكد مرونة موقف واشنطن حيال سوريا

نزار عبود

نيويورك | بات الأميركيون يرون أنّ الوضع السوري يهدّد بتفجير صراع لا ينتهي. صراع لا يخرج منه رابح، وخسارتهم قد تفوق كل تصوّر، ولا سيّما أن لديهم في المنطقة منابع الطاقة والقواعد العسكرية المتقدمة، من ضمنها إسرائيل. وعليه، بحسب مسؤول روسيّ رفيع المستوى، لقد نظروا إلى مدّ يد رئيس «الائتلاف» أحمد معاذ الخطيب للحوار بشكل مختلف عن الدول الإقليمية، التي تواصل عسكرة سوريا ولم تسقط الرهان على إسقاط الحكم فيها.

المسؤول الروسي متابع بدقة للوضع السوري، وقد تحدث عن بصيص نور في عتمة الأزمة. وإن كان يعرب عن أسفه من الشروط الصعبة التي وضعها رئيس الائتلاف السوري المعارض، إلا أنه شبّه موقف الخطيب بـ«الخطوة الشجاعة» التي أقدم عليها الرئيس المصري أنور السادات بذهابه إلى القدس المحتلة. قال إن الوضع «في غاية الخطورة، ويقتضي الشجاعة» لأن الفشل يفتح الباب أمام كل الاحتمالات، بما فيها نشوب حرب لا تنتهي. المسؤول الروسي انتقد دولاً إقليمية وأخرى خارجية تزعم حيادها وسلميتها، «لكنها تعمل على عرقلة الحوار بدلاً من تشجيعه».

وكشف المسؤول عن ثلاثة اجتماعات تمت مع الولايات المتحدة والأخضر الإبراهيمي بهدف حلّ الأزمة السورية، ضمت نائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف، الموفد العربي والدولي والأخضر الإبراهيمي، ومساعد وزير الخارجية الأميركي وليام بيرنز، وليس عن اجتماعين كما ورد في الإعلام. ورأى أنها اجتماعات مهمة للغاية كونها تعبّر عن خشية الأطراف، ولا سيما الأميركيين من تدهور الأمور وانزلاقها نحو الأسوأ. وأضاف «إذا تمتع الخطيب بشجاعة ودخل إلى الحوار متجاهلاً الانتقادات التي ترد من هنا وهناك، فإنّ أطرافاً أخرى في المعارضة ستنضم إليها أيضاً».

الروس ينتظرون من الطرفين التنازل والتلاقي في منتصف الطريق. لكن المعارضة مقسمة وخياراتها ليست داخلية تماماً حسب رأيه، فيما الحكومة السورية تضع شروطها قبل الحوار، كما فعل الخطيب.

المسؤول لفت إلى أنّ موسكو غير راضية عن مقاربة الإبراهيمي بشأن إعادة تفسير مضمون وثيقة جنيف، إذ طلب الأخير أن ينصّ الشق المتعلق بالحكومة الانتقالية على صلاحيات كاملة ضمن قرار يصدر عن مجلس الأمن الدولي.

في موازاة ذلك، لا يرى القيادي الروسي أنّ عقد قمة بين الرئيسين فلاديمير بوتين وباراك أوباما مفيد لحلّ الأزمة في سوريا «لأن القوى المتصارعة ليست تحت سيطرة موسكو أو واشنطن. كما رفض القول إنّ النظام هو من حوّل التظاهرات السلمية إلى حرب أهلية مسلحة. وأوضح «في البداية، كانت هناك تظاهرات سلمية ومن خلفها عمل عناصر على تخريب البلاد. شنوا هجمات مسلحة على مبان حكومية. عندها ضغطنا وطلبنا من الحكومة إجراء حوار مع المعارضة وتغيير الدستور. وفعلوا، لكن ليس بما يكفي لتبديد مخاوف المعارضة». وأضاف إنّه «في المرحلة اللاحقة، تراجع الحراك السلمي إلى الخلف، وتقدم المسلحون إلى الواجهة».

المسلحون في سوريا ليسوا جميعاً من السوريين، وهذا حسب رأي المسؤول الروسي دليل قاطع على تورط إقليمي ودولي في النزاع. واستشهد بأنّ هناك ما يزيد على خمسين ألف مسلح أجنبي يعملون على الأراضي السورية، بينهم 15 ألفاً من مقاتلين على ارتباط بتنظيم «القاعدة». وأشار إلى أنّ هذه الأرقام ليست من مصادر روسية، بل من مصادر نشرت في الصحافة الألمانية مؤخراً.

ويؤكد المصدر نفسه أنّ روسيا لا تسيطر على الأسلحة الكيميائية في سوريا، ويخشى أن تنجح محاولات المجموعات المسلحة للسيطرة على بعضها. وإنّ حدث ذلك فإنه لا يستبعد بتاتاً أن يلجأوا إلى استخدامها من أجل استدراج تدخل عسكري أجنبي لدعمهم، بحجة أنّ الجيش السوري أقدم على استخدام هذه الأسلحة. لذلك فإن روسيا «لا تستطيع أن تكفل شيئاً. فقط تستطيع التحدث إلى الحكومة السورية وشرح المخاطر المحتملة، وهذا أقصى ما يمكن فعله»، فوق أرض تشهد صراعاً مسلحاً إلى أقصى الحدود والمواقع تتغير بين الجانبين. وماذا عن تسليح روسيا للحكومة؟ يجيب: «سوريا دولة لديها الكثير من الأعداء من كلّ جانب، وهي تحتاج إلى وسائل دفاعية، وروسيا تزوّدها بموجب عقود بنظم دفاعية وحسب».

وكشف المسؤول عن أنّ السلاح بات منتشراً في المنطقة بأكملها، بحيث لا تستطيع أيّ دولة الادعاء بأنها تسيطر عليه. وأشار إلى ذكر مندوب إسرائيل لدى الأمم المتحدة، رون بروزور، مرتين في مجلس الأمن الدولي وصول أسلحة ليبية إلى قطاع غزة مصدرها قطر. وكشف أنّ مندوبة الولايات المتحدة سوزان رايس أثارت، أيضاً، قضية شحنة قطرية وصلت إلى ليبيا، «رغم حظر بيع السلاح الدولي إلى ليبيا بموجب قرارات من مجلس الأمن الدولي». وكان وزن الشحنة، التي تضمّ صواريخ مضادة للطائرات 20 ألف طن، وهذه الكمية تكفي لإحداث تغيير نظام في دولة، برأي المسؤول. وهذا ما حصل في مالي وما قد يحصل في دول أخرى مجاورة، إذ إنّ «القطريين نشروا السلاح من ليبيا في كل اتجاه».

والمقلق حسب رأيه، أنّه عندما تثير روسيا هذا الموضوع في مجلس الأمن الدولي وخارجه تواجه بالتقليل من شأنه. وشدّد على ضرورة أن تشمل معاهدة تجارة السلاح، التي يعمل على إنجازها، مراقبة الشحنات غير الرسمية من هذا النوع. ونفى علمه بشحنة فرنسية من الصواريخ بيعت إلى ليبيا بقيمة تصل إلى مئة مليون يورو في صفقة تمتّ بالرغم من عدم رفع حظر السلاح عن ليبيا حتى الآن.

كما تحدّث المسؤول عن دور الحكومة السورية، عبر الهلال الأحمر السوري، في إيصال المعونات الإنسانية إلى المدنيين. وقال إنّ فتح طرق مساعدات خارج إطار السيادة السورية غير مقبول، لأنّ الحكومة تخشى نقل السلاح إلى المعارضة مع المواد الإنسانية. وهذا الموضوع أثير مع الأطراف الغربية، ولا سيّما مع فرنسا، وتمّ التوصل إلى تفاهم حوله بحيث لم يعد وارداً في بيان صحافي، كان مجلس الأمن الدولي سيصدره. لكن عرقلة البيان استمرت من قبل الأميركيين.

روسيا تخاف التغيرات الحاصلة في المنطقة، ولا سيّما سيطرة الأحزاب الإسلامية على الحكم بأجندات ملتبسة، بعضها يدعم «القاعدة» علناً. ولم يستبعد أن يكون الثوار الشيشان يعملون في سوريا، نافياً علمه القاطع بذلك. وإذا تأكد الأمر، فإنه سيكون مقلقاً للغاية، حسب رأيه.

kumait
11-02-2013, 10:05 PM
http://thirdpower.org/image.php?xx=175&fname=myadmin/media/Refaa.jpg
الصورة للسيد محمد رفاعة الطهطاوي : رئيس ديوان الرئاسة

قادة مصر الجدد: ثورة الخميني فتح مبين...
وأيران ستكون مقبرة للغزاة

أشاد رئيس ديوان الرئاسة المصريةالسفير محمد رفاعة الطهطاوي في كلمة اتسمت بالعاطفة بايران وبرئيسها «الكبير» محمود أحمدي نجاد، كما اعتبر أن «دخول ايران الإسلام كان فتحا كبيرا كما كانت الثورة الإسلامية الخمينية فتحا مبينا أنهت عصور الاستعمار والاستبداد».

وفي لقاء داخل مسكن سفير إيران ورئيس بعثة رعاية المصالح في القاهرة قبيل انطلاق حفل لمناسبة العيد الوطني، بحضو أحمدي نجاد، قال الطهطاوي: «إيران مثل مصر لم تعتد على أحد ولا تاريخ استعماريًّا لهما وأرضهما مقبرة لكل غاز للمنطقة، وزيارة الرئيس أحمدي نجاد للقاهرة ستكون إيذانا بعهد جديد».

وأضاف: «زيارة الرئيس الكبير أحمدي نجاد إلى مصر تذكرنا بالدم الذييراق في سورية. ونرى أن الرئيس وإخوانه مطالبون بالعمل على سرعة وقف هذا النزيفوالمحافظة على سورية ووحدة أراضيها».

وتابع: «نرى أنه إذا اجتمع المسلمون والعرب، خصوصا الدول الكبيرة فيالمنطقة مثل مصر وإيران والسعودية وتركيا، فإنها تستطيع أن تتوصل إلى حل لهذه الأزمة». ثم عاد وأكد أن العلاقات المصرية مع إيران قديمة، وأنها مثل السجادالإيراني «يأخذ وقتا في صناعته لكنها تنتج بصورة جيدة».

من ناحيته، قال نائب مرشد جماعة «الإخوان المسلمون» محمود عزت، «إناللقاء شهد تطرق الرئيس الإيراني إلى الأمور التي تصلح البلدين، وقلنا له إن هناك جهودا بذلت لتمهيد الطريق من طهران للقاهرة، وهناك جهودا أخرى لابد أن تبذلها حتىيمتد الطريق إلى دمشق وبغداد لأنهما أحوج الأمة لهذه الجهود».

أما رئيس «حزب الوسط» أبوالعلا ماضي، فأكد للرئيس الإيراني خلال اللقاء «على وجوب 3 خطوات لابد أن يقوم بها النظام الإيراني لكي تعود العلاقات،أولى هذه الخطوات هي تطمين دول الخليج بأنه ليس هناك أطماع إيرانية في الخليج وحلالمسألة الشخصية في العراق ووقف سيل نزيف الدماء في سورية، وهذه الخطوات في يدالنظام الإيراني، وإذا قام بها النظام فإن العلاقات المصرية ـ الإيرانية والعلاقات العربية ـ الإيرانية ستعود في شكل طبيعي».

وفيما له صلة قال وزير الخارجية محمد عمرو، «إن استقبال مصر للرئيسالإيراني أحمدي نجاد كان في إطار عضوية بلاده في منظمة التعاون الإسلامي الذي استضافة مصر قمتها الـ 12 في القاهرة».

وأضاف انه «تم توجيه الدعوة إلى أحمدي نجاد كرئيس لدولة عضو في المنظمة»، لافتا إلى أن «أي رئيس يقبل دعوة مصر لحضور قمة تجرى على أراضيها سيقابل بنفس الترحاب والكرم».

وعن اعتراض إيران على إدانة نظام الرئيس السوري بشار الأسد، قالعمرو، «إن مثل هذه القمم لا تتخذ فيها القرارات في شكل انفرادي لأي عضو، وما ينتجمن بيانات أو قرارات يتم بالتوافق، وبالتالي، فليس شرطا أن تنتج القرارات موافقة لجميع آراء أي دولة».

الرئيس الإيراني التقى وجمع من السياسيين المصريين، وهو اللقاءالذي تجاوزت مدته الساعة ونصف الساعة، وحضره محمود عزت ومحمد رفاعة الطهطاوي ومحافظالجيزة علي عبدالرحمن وأبوالعلا ماضي ونائبه عصام سلطان والقيادي في الحزب محمدمحسوب ورئيس «حزب غد الثورة» أيمن نور ورامي لكح والمستشار محمود الخضيري وكمال الهلباوي ومجدي أحمد حسين والبدري فرغلي وعدد من شيوخ الأزهر، كما حضره لمدة دقائق رئيس «حزب المؤتمر» عمرو موسى، الذي قال، إنه حضر بصفة شخصية لتحية الرئيس الإيراني الذي تربطه به علاقة قديمة. كما حضر القيادي في حركة «حماس» موسى أبومرزوق .

تقرير أستخباري أسرائيلي : الاستخبارات الاسرائيلية
تتوقع فشلاً مجلجلاً في حالة الحرب مع سورية وحزب الله
ترجمة واعداد مركز شتات الاستخباري والقوة الثالثة

قال رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية السابق في الجيش الإسرائيلي، الجنرال عاموس يدلين، في دراسةٍ جديدةٍ أعدها لمركز أبحاث الأمن القومي التابع لجامعة تل أبيب، والذي يترأسه، قال إنه يتحتم على القيادة العسكرية العليا في الجيش أنْ تأخذ بعين الاعتبار لدى التحضير لعملية عسكرية ضد حزب الله أن جميع الأسلحة الموجودة في سورية وإيران، إنْ كانت تقليدية أوْ غير تقليدية قد وصلت إلى حزب الله.

ولفت إلى أن عمليات نقل الأسلحة المتطورة والمتقدمة، والتي من شأنها أنْ تكون بالنسبة لإسرائيل مُخلة بالتوازن الإستراتيجي، ستستمر من سورية وإيران إلى حزب الله في لبنان، وأن هذه المشكلة كانت وما زالت وستبقى من أخطر التحديات التي يُوجهها المستويين السياسي والأمني في تل أبيب، مشددًا على أن خطر التصعيد مع حزب الله وسورية سيتعاظم من عملية إلى أخرى، على حد تعبيره.

ورأى الجنرال يدلين أن الهجوم الذي شنته إسرائيل على القافلة التي كانت تحمل صواريخ سورية من طراز SA-17، بحسب المصادر الأجنبية، يطرح العديد من القضايا المهمة من الناحية المبدئية بالنسبة لرؤية الأمن القومي الإسرائيلي، ومن ناحية ثانية:

يُثير التساؤل حول التقديرات الإسرائيلية المتعلقة في ما يحدث بلبنان وبسورية في هذا الوقت بالذات. من الناحية المبدئية، قال الجنرال يدلين، إنه توجد معضلة تتمحور في كيفية وماهية وتوقيت شن العملية العسكرية عندما يتشكل تهديدًا حقيقيًا على المصالح الأمنية الحساسة للدولة العبرية، زاعما أن بلاده قامت بالهجوم الثلاثي ضد مصر في العام 1956 بعد التوقيع على الاتفاق بين تشيكوسلوفاكيا ومصر، وهاجمت الجيش المصري في ما تُسمى إسرائيليًا بحرب الأيام الستة في العام 1967، كما أنها عملت بسرعة في العام 1981 لتدمير المفاعل النووي العراقي، وفي العام 2007، بحسب المصادر الأجنبية، ضد المنشأة النووية في دير الزور السورية، كما أن إسرائيل قامت بمهاجمة قوافل أسلحة كانت في طريقها إلى مصر من السودان، ونفذت عمليات اغتيال ممركز ضد قادة التنظيمات "الإرهابية".

عملية عسكرية

وساق قائلاً إن السؤال المطروح اليوم وبقوةٍ هو: هل يتحتم على إسرائيل أنْ تُبادر إلى عملية عسكرية في ظل تعاظم قوة الأعداء، وفي ظل تشكل تهديدات مفترضة وأنْ تكون الضربة قاصمة، ويُجيب يدلين على هذا السؤال بالقول:

إنه يوجد توجهين مختلفتين لمعالجة هذه القضايا:

الأولى تقول إنه من غير الممكن أنْ تُعالج إسرائيل جميع التهديدات، وذلك إذا تم الأخذ بالحسبان أن العلاج الموضعي، على حد وصفه، قد يتطور إلى حرب، وأيضا يدفع بالعدو إلى زيادة جاهزيته لمحاربة جيش الاحتلال، مشيرا إلى أن الهدف الإسرائيلي هو التوصل إلى فترات هدوء أمنية طويلة، وبالتالي لن يكون صحيحا العمل ضد التعاظم العسكري لأن ذلك سيؤدي إلى تقصير فترة الهدوء، وبالتالي على إسرائيل بناء قوة ردع يتم استعمالها فقط عندما تتعرض لهجوم عسكري، وهذه الرؤية، لفت يدلين، هي التي تبناها القادة في تل أبيب، الذين عارضوا الهجوم على المفاعل العراقي وعارضوا العملية العسكرية خلال الانسحاب الإسرائيلي من لبنان في أيار (مايو) من العام 2000، وكذلك بعد حرب لبنان الثانية في صيف العام 2006.

الهجوم

أما الرؤية الثانية ، بحسب الجنرال الإسرائيلي، فإنها تعتمد على الهجوم، والتي يقول مؤيدوها إن تجاهل التهديدات المستقبلية من شأنه أنْ يُكلف اسرائيل ثمنا باهظا للغاية، وحتى التهديد على وجودها، وبالتالي يجب العمل العسكري حتى ولو كلف الأمر التصعيد والوصول إلى حرب شاملة، على حد قوله.

وساق قائلاً إنه في العقد الأخير خاضت إسرائيل ثلاث مواجهات مع حماس (2008 و2012 ومع حزب الله عام 2006) ولم يكن هدفها تدمير حماس أوْ إحراز الانتصار الساحق ضد حزب الله، ذلك أنه برأيه، قامت إسرائيل بهذه العمليات بهدف الحصول على هدوء على الجبهتين الشمالية والجنوبية وتقوية الردع الإسرائيلي، ولكن مع ذلك، أضاف، في المواجهات الثلاث كان واضحًا أن هناك حاجة ماسة لمعالجة تعاظم قوة حزب الله وحماس العسكرية بعد التوصل إلى التهدئة.

أربعة شروط

وزاد أنه في الحالتين المذكورتين فشلت إسرائيل فشلاً مجلجلاً، ذلك أن حزب الله لم يلتزم بقرار مجلس الأمن الدولي 1701، وحماس من ناحيتها لم تلتزم بالقرار 1885 ولم تأبه بالتعهدات الأمريكية لإسرائيل، كما أنه في عملية (عامود السحاب) أواخر العام 2012 لم يكن هناك منظومة إسرائيلية لمعالجة التعاظم العسكري لحركة حماس، وبالتالي فإن هذه المشكلة بقيت مطروحة على جدول أعمال صناع القرار في تل أبيب.

وبرأيه يدلين هناك أربعة شروط لتحقيق هذا الهدف: قدرة مخابراتية لوقف التعاظم العسكري، وبدون هذه القدرة لا مجال لفعل أي شيء.

الأولى: تعاظم القوة العسكرية للأعداء (... المقصود سوريا وحزب الل وايران والمقاومة الفلسطينية )

الثانية:، لا جدوى بعملية عسكرية إذا لم تكن قائمة على الأخلاقيات، ولكن إذا توصل صناع القرار إلى وضع بأن تعاظم القوة العسكرية للأعداء تشمل أيضًا الأسلحة غير التقليدية، فلا مجال إلا القيام بعملية عسكرية لتدميرها،

أما القضية الثالثة : فتتعلق بالثمن مقابل الإنجاز، فهناك مخاطر من العملية نفسها، وفي مركزها رد فعل العدو، الكشف عن مصادر المخابرات، التصعيد إلى حرب شاملة، وبالمقابل يجب فحص المخاطر التي قد تنتج إزاء عدم الخروج إلى عملية عسكرية،

أما القضية الرابعة فتتعلق برد فعل الدول العظمى على العملية العسكرية الإسرائيلية وتداعياتها على بقع أخرى في العالم.

الأسلحة المتطورة

وعرض يدلين في دراسته سيناريوهات تتعلق بالهجوم الإسرائيلي على الأسلحة المتطورة التي وصلت إلى حزب الله، بحسب المصادر الأجنبية، يقول يدلين إن الهجوم الأخير في سورية أكد بشكلٍ غيرُ قابلٍ للتأويل بأن المخابرات الإسرائيلية كانت تملك معلومات دقيقة جدا عن الموقع، ، لم يستبعد البتة أن تقوم سورية وحزب الله بتنفيذ عمليات ضد أهداف إسرائيلية في العالم دون أنْ تأخذا على عاتقهما مسؤولية التنفيذ، كذلك فإن حزب الله لا يملك الشرعية للرد لأن العملية تمت على الأراضي السورية، على حد قوله.

وفي نفس السياق وفي تعقيب لمركز شتات الاستخباري

جاء فية بين الرادع والمردوع ... بلغ مستوى الخطاب الحربي بين إسرائيل وسورية مؤخراً مستوى لم يبلغه منذ عقود عدة، فتصاعدت نبرة المواقف وأطلقت التهديدات والتهديدات المضادة، التي كان أبرزها إعلان دمشق، على لسان وزير خارجيتها وليد المعلّم، أن أي حرب قد تشنها إسرائيل ضدها، أو ضد لبنان، سوف تقوم سورية بضرب إسرائيل، وبالتالي سوف تؤدي إلى حرب شاملة. وقال مركز شتات الاستخباري لقد أظهرت حرب تموز حجم الفعالية العسكرية لصواريخ أرض- أرض بمختلف أنواعها التي أطلقها حزب الله على إسرائيل، ما منح الترسانة الصاروخية السورية بعدا نوعيا جديدا ومؤثرا، بات على إسرائيل أن تحسب حسابه في أي مواجهة مقبلة مع دمشق، لأنه يعني في الحد الأدنى أنه بمقدور سورية، وحتى لو تعرضت لتدمير واسع من قبل سلاح الجو الإسرائيلي، أن تطلق آلاف الصواريخ المتوسطة والبعيدة يوميا (11 ألف صاروخ بحسب التقدير الإسرائيلي) تطال كامل الأراضي الإسرائيلية.

وفي رصد لمركز شتات

ووفقا لنشرة جيش الدفاع الإسرائيلي العبرية ، نشرت صواريخ باتريوت اعتراضية والقبة الحديدية في الجليل الأسفل، وهي المنطقة التي تغطي المدن الرئيسية شمال تل ابيب: العفولة، الناصرة، Yoqn'am والخضيرة. و خارج حيفا والجليل الأعلى من المناطق أقرب إلى الحدود السورية واللبنانية. وجاء بالنشرة أن بالقصف الصاروخي السوري نحو مليوني من الإسرائيليين يمكن أن يكونوا في خطر من هجوم صاروخي. قادم ويعني ان الموضوع يدخل في الاطار الامني لمعاني وجود دولة اسرائيل".

وفي تخمين لمركز شتات

ان اسرائيل باختراقها بنود اتفاق الهدنة مع سوريا، تريد إيجاد حالة من الاستنزاف بين الجانبين لإقناع الأطراف الدولية بحتمية قدوم قوات دولية للفصل بين الجانبين، وبذلك تضمن إسرائيل هدوء منطقة لا تريدها أن تنفجر في لحظة مستقبلية معينة تهدد أمنها الجيوسياسي، لان هناك ما هو اكبر من ذلك؛ المحيط الإقليمي وعلى رأسه سوريا.

بعد العملية:.

فان اسرائيل ستدفع الثمن عن التحرشات في المستقبل القريب فان جولة القتال قد نقلت الى اسرائيل عبر رسالة... سوريا قادرة على تحدي اسرائيل بتحديات لا تستطيع مواجهتها ...من غير ان تصيب الصواريخ المدن الاسرائيلية بالفعل، وستعرف وسيتأكد لها في حينة انه توجد ميزة استراتيجية كبيرة في القدرة على تهديد واحراج العمق الاسرائيلي ولن تكون سوريا بالزاوية وهي تمتلك " الصولجان السحري"؛وكما جاء في معهد ابحاث الأمن القومي الاسرائيلي ان الحديث الان بعد عملية جمرايا اصبح الردع غير مستقر لاسرائيل ...اما عن سوريا فيوجد توجد بضعة عوامل ستكون حاسمة للحفاظ عليه في المستقبل القريب:

و قد يضعف الردع الاسرائيلي سريعا. والوضع قادم لضعضعة الوضع الراهن مع اسرائيل. وسيسقط الحديث عن حسابات الردع الاسرائيلي؟ ، بشكل يلائم تحديات الاشهر القريبة، أي ان هذه الاشهر ستكون مقررة وهي حبلى بالمفاجئات.

ويرى مركز شتات في حالة الحرب سيتحول جزء من الجيش السوري الى تشكيلات فدائية من المجموعات المختارة الخاصة وهي قادرة بالخبرة المخزونة على الانتشار حتى باطراف العمق الاسرائيلي وهذا سياتي في سياق المشاغلة الطويلة وسيكون هنالك دعم لوجستي في اكثر من منطقة وهذا سيكون تحرشا محرجا بجغرافيتها الامنية...

وفي تقدير موقف لمركز شتات الاستخباري اذا تلاشى بُعد الردع الاسرائيلي بسب الصواريخ ...السورية فان اسرائيل لن تنفعها منظومة انقاذ الحياة الى جانب الملاجيء الخاصة والعامة في ادارة حياة طواريء تحت كثافة النيران ولن ينفع ذكاء التحصين الوهمي في جانب الحماية المادية لمنشآت عسكرية ومدنية حيوية فالضربات ستشمل الخدمات الحيوية ايضا. وبسبب كثافة النيران وسيكون أداء قيادة الجبهة الداخلية خامل وكسول ولا سيما استعمال منظومة الاعلام للسكان التي ستكون غير ناجعة ومؤزوومة مع المكاتب الحكومية المختلفة والسلطات المحلية التي انشأت مع جهات الانقاذ – شرطة اسرائيل واطفاء الحرائق ونجمة داود الحمراء جانب انهيار المنعة الاجتماعية في ظروف الحرب والقصف وستعمل اسرائيل بالارتجال والتلفيق بعد انهاك القدرات التفكيرية والتقنية والعسكرية والمدنية الموجودة فالصواريخ السورية في اللحظة الحرجة هي الصولجان السحري القادم الى نقطة الاشباع.

وستكون مشكلة القيادة الاسرائيلية الغير قادرة على العمل في تقدير للامور في هذه الظروف أو تلك. فقد تحملت دولة اسرائيل هجمات على السكان المدنيين في الماضي ايضا – ومع ذلك يشعر قادة اسرائيل بأنهم لا يملكون مقدارا من الحرية ليقرروا هل يهاجمون العدو أم لا، ومتى وكيف

nad-ali
18-02-2013, 10:33 PM
https://twimg0-a.akamaihd.net/profile_images/1681731600/twit-avatar20111208.png

من سيكون الملك القادم للمملكة العربية السعودية؟ سايمون هندرسون

https://encrypted-tbn2.gstatic.com/images?q=tbn:ANd9GcQOu6T2mf0NhEMjc5pH30EFRqrFy0a69 yVDDV-lkuNgdEHTzS8rQA

تتزايد التكهنات بشأن من سيحكم المملكة العربية السعودية في المستقبل بعد مفاجأة تعيين الأمير مُقرن بن عبد العزيز نائباً ثانياً لرئيس مجلس الوزراء في 1 شباط/فبراير. ويُنظر منذ فترة طويلة إلى من يتقلد هذا المنصب على أنه يسصبح "ولي العهد المُنتظر". وهذه الخطوة غير المتوقعة تسلط الضوء على السياسات والإجراءات المُعقدة التي تحيط بالخلافة السعودية.

الخلفية

الأمير مُقرن هو أصغر من بقي من أبناء الراحل بن سعود (المعروف كذلك بالملك عبد العزيز) مؤسس المملكة العربية السعودية. وهو الآن الشخص الثالث الأكثر نفوذاً في المملكة، بعد الملك عبد الله (الذي يشغل أيضاً منصب رئيس الوزراء) وولي العهد الأمير سلمان (نائب رئيس مجلس الوزراء). وهذان الرجلان يعانيان من المرض، ولكن: عبد الله (البالغ من العمر 90 عاماً) نادراً ما يُرى واقفاً منتصباً بالإضافة إلى ضعف سعة انتباهه، أما سلمان (البالغ من العمر 77 عاماً) فهو مصاب بالخرف، وإذا قارناهما بمُقرن (البالغ من العمر 70 عاماً) يبدو أن الرجل بصحة جيدة.

إن تعيين مُقرن قد أصاب المحللين بالحيرة نظراً لأنه كان قد أُقصي من منصبه كرئيس لـ "إدارة الاستخبارات العامة السعودية" في شهر تموز/يوليو الماضي. ورغم عدم إبداء أي سبب وراء ذلك القرار، كان يُفترض أنه يفتقر للحماسة اللازمة لتقويض نظام الأسد المؤيد لإيران في سوريا، في حين تُنازع الرياض منافستها الخليجية "قطر" من أجل بسط النفوذ والسيطرة على المقاتلين الجهاديين. وقد يكون هذا افتراض خاطئ.

وعلاوة على ذلك، يأتي هذا التغيير بعد ثلاثة أشهر فقط من ترقية ابن أخ مٌقرن، الأمير محمد بن نايف، لمنصب وزير الداخلية الهام (يعادل منصب وزير الأمن القومي الأمريكي) فيما بدا وكأنه تجهيز لمحمد كملك محتمل في المستقبل. وفي الواقع، تقابل محمد أثناء زيارته لواشنطن الشهر الماضي مع الرئيس أوباما في البيت الأبيض وهي ميزة لا تُمنح عادة لمسؤولين أجانب من نفس درجته، ولهذا فُهم هذا الأمر على نطاق واسع بأنه يمنح موافقة الولايات المتحدة على تطلعاته الملكية.

خلافة معقدة

في الماضي، كان خط الخلافة السعودية يسير من أخ إلى أخ بين أبناء بن سعود وذلك بخلاف طريقة من أب إلى ابن المتبعة في معظم الملكيات الأخرى. وكان المؤهل الأكبر هو الأقدمية في السن، ومع ذلك فقد حدث أن نُحي بعض الأمراء جانباً نظراً لنقص الكفاءة أو عدم الرغبة في تولي الحكم. فكان من تبعات هذا النظام قِصر الأمد في عهود معظم الملوك منذ عهد بن سعود نظراً لاستمرار تقدم أبنائه في السن وأنهم غالباً ما كانوا يعانون من الأمراض حين يعتلون العرش. وقد دعا الكثيرون في الماضي إلى أنه ينبغي تسليم التاج إلى الجيل التالي، أحفاد بن سعود -- ومن ثم حدث ما حدث من إثارة بعد ترقية محمد الفجائية إلى منصب وزير الداخلية. ولكن لم تستطع العائلة الملكية قط أن تتفق على وقت حدوث هذا التحول وأي الخطوط التي ينبغي اختيارها.

كما أن هناك مبدأ مفترض آخر للخلافة يعترض وضع مُقرن الجديد ألا وهو: أن والدة الملك لا بد وأن تكون من قبيلة سعودية. وقد كانت والدة مُقرن يمنية، بل من غير الواضح إن كان بن سعود قد تزوجها.

وفي الواقع، إن ترتيبات بن سعود الداخلية منذ العشرينات وحتى الأربعينات هي أساسية لفهم السياسات الحالية للخلافة. وعند وفاته عام 1953، كان قد أنجب أربعة وأربعين ولداً، خمسة وثلاثون منهم كانوا على قيد الحياة عند وفاته. وقد نجح في ذلك بزواجه من اثنين وعشرين إمرأة، رغم أنه وفقاً للعرف الإسلامي لم يجمع قط بين أكثر من أربع زوجات في وقت واحد (أنظر إلى الكتاب باللغة الانكليزية "بعد الملك فهد: الخلافة في المملكة العربية السعودية"، تأليف كاتب هذا المقال).

ويؤكد بعض المؤرخين -- وجميع المسؤولين السعوديين -- على أن هذه الزيجات والذرية التي جاءت منها كانت أساسية لتوحيد القبائل وترسيخ دعائم المملكة الوليدة. أما الواقع فهو أكثر اتزاناً من ذلك: فقد رصد أحد الأعمال البحثية الجيدة ("بيت آل سعود" تأليف ديفيد هولدن وريتشارد جونز) أنه بالإضافة إلى الأربع زوجات كان لابن سعود في حقيقة الأمر أربع خلائل مفضلات وأربع جوار مفضلات "حتى يُكمل فريقه الداخلي المعتاد". ويحتمل أن تكون والدة مُقرن المعروفة عادة باسم "بركة اليمانية" من الفئات الأخيرة.

اعتبر ابن سعود مُقرناً ابناً شرعياً له على وجه صريح، والسؤال الذي سيُطرح في المرحلة اللاحقة هو موقف الإخوة غير الأشقاء لمقرن (والبالغ عددهم حالياً خمسة عشر أخاً بعد وفاة حاكم منطقة الرياض، الأمير سطام، في 12 شباط/فبراير) والعديد من أبناء إخوته الذين قد يرون أنفسهم أرفع نسباً. وإلى جانب السن، هناك معايير أخرى للجلوس على كرسي الملك وهي الخبرة والفطنة والشعبية والاتزان العقلي ووضعية الأخوال (التي تشير إلى ما إذا كانت والدة الواحد منهم عبدة أو خليلة، إقرأ المقالة باللغة النكليزية "بعد الملك عبد الله: الخلافة في المملكة العربية السعودية").

الفصائل الملكية الحالية

ليس هناك سجل بأنه يوجد لمُقرن إخوة -- وهو في هذا مساو للملك عبد الله -- مما قد يُفسر حقيقة الرباط الواضح القائم بين الرجلين. لقد كانت التحالفات الأخوية ذات أهمية في السياسات الملكية، فعلى مدى عقود، ظل ما يسمون "السديريون السبعة" وهم الإخوة الأشقاء: فهد، سلطان، عبد الرحمن، نايف، تركي، سلمان، أحمد -- جميعهم أبناء حصة السديري -- شريحة حاسمة. ورغم وفاة الملك فهد وولي العهد سلطان ونايف الذي أضعف كتلتهم، يستمر ولي العهد سلمان في قيادة الفصيل رغم إصابته بالخرف مدعوماً بأبنائه وأبناء إخوته السديريون.

إن تقييم القوة المشتركة لأبناء الإخوة هؤلاء يمثل تحدياته الخاصة. فأخ محمد الأكبر سعود بن نايف عُين مؤخراً حاكماً على المنطقة الشرقية الغنية بالنفط ولكنه في الوقت نفسه حل محل ابن أخ آخر من السديريين وهو محمد بن فهد. أضف إلى ذلك أن أحد أبناء سلمان قد عُين حاكماً على مقاطعة المدينة. ومن الواضح أن أبناء الإخوة السديريون يتمتعون بالخبرة والقدرة ليبقوا قوة هامة في سياسات القصر.

غموض قانوني

لا توضح القوانين السعودية والبيانات الرسمية الكيفية التي سيتطور فيها الوضع الحالي. حيث ينص النظام الأساسي للحكم لسنة 1992 فقط على أن "الحكم ينتقل إلى أبناء الملك المؤسس وأبناء أبنائه". والمؤهل الأساسي هو "الأصلح منهم" ولا يزال هذا المعيار الغامض مجهول المعالم.

في عام 2006، أنشأ الملك عبد الله "هيئة البيعة السعودية" [المكونة من أمراء] لتساعد في قيادة الخلافة المستقبلية. ولكن نطاق دورها غامض: فلم تشارك هذه الهيئة في اختيار ولاة العهد الجدد الذين أعقبوا سلطان (المتوفى سنة 2011) أو نايف (الذي توفي العام الماضي). وفي كلتا الحالتين، اختار عبد الله من يخلفونهم ولم يتعدى دور الهيئة سوى المصادقة على ذلك. ولا يشتمل قانون هيئة البيعة على آلية خلافة الملك وولي العهد في حال عدم قدرتهما على القيام بواجباتهما لأسباب صحية -- ويمكن القول بأن المملكة تقترب من هذه النقطة.

ومن الناحية القانونية، إن منصب مُقرن الجديد كنائب ثاني لرئيس الوزراء قائم فقط لتهيئة رجل آخر ليترأس اجتماعات مجلس الوزراء الأسبوعية ؛ لذلك كان هذا المنصب شاغراً في بعض الأوقات. ووفقاً لقانون مجلس الوزراء، تُعقد هذه الاجتماعات "برئاسة الملك الذي هو رئيس الوزراء أو من قبل أحد نواب رئيس الوزراء". لذا فمن المقدر للنائب الثاني لرئيس الوزراء أن يصبح ولي العهد بالاتفاق -- وليس بالقانون.

وتظل مسألة الاستعانة بأي مما ذكر أعلاه من الوثائق أو الهيئات القانونية في تحديد من هم ملوك وولاة عهد المملكة العربية السعودية في المستقبل ضرباً من التخمينات. وليس هناك شيء يمنع الملك من إلغاء "هيئة البيعة" واتخاذ إجراءات بديلة. وفي غضون ذلك، تُتداول سيناريوهات متعددة للخلافة في أرجاء المملكة والعالم العربي. منها أن مُقرن هو من سيكون الملك وسوف يُعين متعب بن عبد الله ولي عهد له -- ومن ثم يُقصي بذلك المنافسين السديريين. وعلى الرغم من أن المنافسات التي تدور داخل بيت آل سعود كانت تنتهي عادة داخل أسوار القصر، إلا أن هناك تكهنات تزداد بكثرة مفادها أن بقية العالم قد يلحظ المناورات القادمة.

سايمون هندرسون هو مدير برنامج الخليج وسياسة الطاقة في معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى .

kumait
23-02-2013, 07:55 PM
http://studies.aljazeera.net/ResourceGallery/media/Images/2013/1/15//201311510528142734_20.jpg
تقع أذربيجان على تخوم الشرق والغرب، أو بين العالمين السُّني والشيعي، وبين العالمين الإسلامي والمسيحي،
وتتصف بوضع داخلي معقد قد يمزق المجتمع الأذربيجاني في بعض الاحتمالات، بين القيم العلمانية والإسلامية (الجزيرة)

تداعيات الإستراتيجيات الإقليمية على الداخل الأذربيجاني (1)
د. رسلان قوربانوف

تهدف هذه الدراسة إلى قراءة الوضع الأذربيجاني الداخلي وما يحمله من تعدد عرقي وطائفي في ظل حكم علماني صارم، وما يمكن أن ينعكس عليه من تداعيات سياسية من قبل دول الجوار، لاسيما وأن هذه الأخيرة تعتمد إستراتيجيات إقليمية متعارضة ومتنافسة في الغالب وتقع أذربيجان بموقعها الجغرافي والجيوسياسي في وسطها أحيانًا.

وتحقيقًا لهذه الغاية ولأسباب تتعلق بالنشر، تم تقسيم الدراسة إلى قسمين: أحدهما يتعلق بالوضع الأذربيجاني الداخلي وما يختزنه من تنوع يصل أحيانًا حد التناقض بفعل سياسات السلطة الحاكمة، وآخر يرصد علاقات أذربيجان بدول الجوار وما تشهده من اتفاق واختلاف، وما تخلفه من تداعيات على الكيان الأذربيجاني.

القسم الأول:الداخل الأذربيجاني، سلطة حديدية ونسيج هش

تحتل أذربيجان في السياسة العالمية موقعًا فريدًا من نوعه بسبب موقعها الجغرافي على تخوم الشرق والغرب، أو بين العالمين السُّني والشيعي، وبين العالمين الإسلامي والمسيحي، وكذلك بسبب فرادة مكانتها ودورها في السياسة العالمية الذي يؤكده تنافس كبار اللاعبين السياسيين في العالم الحديث للتأثير عليها، كالولايات المتحدة وأوروبا وروسيا وإيران وتركيا والعالم العربي وإسرائيل.

وهناك عديد من الأمور التي تعوق تنفيذ إستراتيجيات أذربيجان السياسية الداخلية والخارجية أو تخلق توترات داخل البلاد أو في محيطها، منها وضع أذربيجان الداخلي المعقد للغاية الذي يمزق المجتمع الأذربيجاني بين القيم العلمانية والإسلامية، بين الإسلام السني والشيعي، بين الاستبداد والمعارضة الوليدة، بين القومية الأذربيجانية وقومية الأقليات العرقية.

علاوة على ذلك، يبدي كثير من الخبراء قلقا من إمكانية انتقال ما يوصف بموجة "الربيع العربي الثورية" إلى بلدان الاتحاد السوفيتي السابق، وأولها أذربيجان؛ حيث إن الجمهوريات السوفيتية السابقة مرت بعدة مراحل من التحول الليبرالي والديمقراطي، ومن المتوقع أن تُتوَّج بمرحلة نهائية مستوحاة من الربيع العربي. أما المرحلة الأولى فقد كانت بعد انهيار الاتحاد السوفيتي في عام 1991 وأدت إلى استقلال الجمهوريات السوفيتية السابقة، وتمثلت "المرحلة الثانية بموجة الثورات الملونة في عدد من جمهوريات الاتحاد السوفيتي، مثل: جورجيا (2003) وأوكرانيا (2004) وقيرغيزستان (2005)؛ حيث أزاحت المعارضة القيادات السوفيتية السابقة وتولت السلطة. والآن، يتوقع بعض الخبراء أن المرحلة الثالثة من التحول الليبرالي يمكن أن تمر بها بعض بلدان الاتحاد السوفيتي السابق مع الموجة الثورية القادمة من العالم العربي. وأول دولة مدونة في هذه القائمة هي أذربيجان.

الوضع الداخلي في أذربيجان

في حديثه عن دور أذربيجان في الشؤون العالمية، كتب سيرغي ماركيدونوف، وهو زميل زائر في المركز الأميركي للدراسات الإستراتيجية والدولية ما يلي "تحظى أذربيجان باهتمام دولي أكبر بسبب مواردها من النفط والغاز والأهمية المتزايدة لمنطقة بحر قزوين عمومًا كمصدر بديل للطاقة في السوق الأوروبية. وبما أن أذربيجان تقع عند تقاطع مصالح عددٍ من البلدان، فهذا يتطلب أن تكون سياستها الخارجية دقيقة ومرنة. فأذربيجان حلقة وصل مهمة في منطقة بحر قزوين بين جنوب القوقاز وآسيا الوسطى، وتحتل مكانةً مهمة في السياسة الخارجية للبلدان المجاورة".

كما يستشهدبقول المحلل السياسي الأميركي زبيغنيو بريجنسكي الذي وصف أذربيجان بأنها «سدادة الفلين في جرّة تحتوي على ثروات حوض بحر قزوين وآسيا الوسطى. تستطيع أذربيجان المستقلة، والناطقة بالتركية، أن تمنع روسيا من ممارسة احتكار الوصول إلى المنطقة، وبالتالي تستطيع أن تحرم روسيا من ممارسة نفوذ سياسي حاسم في سياسات الدول الجديدة في آسيا الوسطى".

تشكّل أذربيجان، في الواقع، جزءًا مهمًا لا يتجزأ من سلسلة الحزام الطوراني أو التركي الذي يمتد من منطقة شينجيانغ (تركستان الشرقية) إلى بحر مرمرة. ويبلغ عدد سكان هذا الحزام نحو 150 مليون نسمة، ويُعد عاملاً إستراتيجيًا في أوراسيا. يقول المفكر السياسي الروسي حيدر جمال: إن "أذربيجان بمثابة مفصل بين الشرق والغرب في السلسلة الطورانية. وهذا الحزام، بسبب موارده الثقافية وموقعه، قد يؤثر في الشرق الأوسط وشمال القوقاز وآسيا الصغرى وآسيا الوسطى في آن واحد".

إن قيام دولة أذربيجان المعاصرة بعد انهيار الاتحاد السوفيتي يَخْلِف بالمعنى السياسي جمهورية أذربيجان الديمقراطية التي أُعلنت في 28 مايو/أيار 1918 قبل تأسيس السلطة السوفيتية فيها.

يُذكِّرنا سيرغي ماركيدونو أنه قد مضت إحدى وعشرون سنة حتى الآن على "استعادة" الدولة الأذربيجانية، وهذا يدل على فعاليتها وقابليتها للحياة. وقد أثبتت أذربيجان بعد استقلالها عن الاتحاد السوفيتي، والتي تلعب دورًا كبيرًا في جنوب القوقاز والشرق الأوسط، أنها ليست لاعبًا جيوسياسيًا ضعيفًا أو عالةً على غيرها. علاوةً على ذلك، هي الدولة الوحيدة في رابطة الدول المستقلة التي تنتهج سياسة خارجية متنوعة ناجحة. يتابع ماركيدونو، "اتباعًا لمبدأ (ليس لدينا أصدقاء ولا أعداء، ولكن مصالح فقط) أجبرت باكو معظم الدول القوية على السعي إلى مصادقة هذه الدولة الصغيرة. فرغم الصعوبات الجسام، عرفت أذربيجان كيف تحافظ على علاقاتها مع كبار اللاعبين الدوليين. فبخلاف تبليسي، أصبحت باكو (واحدًا منّا) في نظر مختلف عواصم القوى العالمية.

النظام السياسي

تقول أذربيجان عن نفسها رسميًا إنها دولةُ قانونٍ ديمقراطيةٌ ذات حكم جمهوري. لكنها في واقع الأمر دولة ذات نظام استبدادي وتحتل المرتبة 140، وفقًا لمؤشر الديمقراطية في العالم لعام 2011 الذي أعدته وحدة المعلومات الاقتصادية.

رأس الدولة هو رئيس الجمهورية وهو المنصب الذي استُحدِث سنة 1991، وينتخب بالاقتراع السري لولاية دستورية مدتها 5 سنوات، على ألا تزيد على ولايتين. في عام 2009، وبعد عام من انتخاب الرئيس الحالي إلهام علييف لولاية ثانية في أذربيجان، أدى استفتاء حول تعديل الدستور إلى إلغاء تحديد فترة الرئاسة بولايتين، وهذا منح إلهام علييف الحق في الترشح للرئاسة عددًا غير محدود من المرات.

تتألف الهيئة التشريعية العليا، أو البرلمان الذي يُسمى المجلس المِلّي، من 125 عضوًا ويُنتخب لمدة 5 سنوات. يُنتخَب البرلمان على أساس الأغلبية والنظم الانتخابية النسبية، وأعلى هيئة تنفيذية هي مجلس الوزراء الذي يعينه رئيس الجمهورية ويوافق عليه المجلس المِلّي.

تتكون أذربيجان من 59 منطقة، ومن جمهوريتين تتمتعان بالحكم الذاتي، هما ناخيتشيفان وناغورنو كرباخ. ولكن ناغورنو كرباخ لا تخضع لسلطة باكو منذ ما يقرب من 20 عامًا، وتعتبرها السلطات الأذربيجانية محتلةً من الانفصاليين الأرمن.

بخلاف بلدان السوق الأوروبية المشتركة ذات الأحزاب القوية المتعددة، لا توجد في أذربيجان إلا أعداد كبيرة من الأحزاب الضعيفة التي يهيمن عليها الحزب الحاكم، ولا توجد عمليًا في البلاد منافسة حزبية حقيقية. لهذا السبب ليست المواقف الأيديولوجية للأحزاب هي من تلعب الدور الأكبر في الحياة السياسية في أذربيجان، بل الأشخاص الذين يقودونها. ومع ذلك، يعتقد الخبراء أنه يمكن اعتبار أن المرحلة الأولى من تشكيل الأحزاب السياسية في أذربيجان قد انتهت.

حزب أذربيجان الجديدة هو الحزب السياسي الحاكم الموالي للرئيس في أذربيجان، ورئيس الحزب هو رئيس البلاد إلهام علييف. يبلغ عدد المنتسبين للحزب، وفقًا للبيانات الرسمية، نحو 600 ألف عضو، وهو يلعب دورًا مهيمنًا في الحياة السياسية للبلاد. يحظى حزب أذربيجان الجديدة بالأغلبية المطلقة في المجلس الملي، وصار ركيزة سياسية صلبة وموثوقة للنظام الحالي. يهيمن على الحزب ممثلو منطقة ناخيتشيفان، وهمُّهم الأكبر هو البقاء في السلطة وخلق الظروف الاقتصادية والسياسية المواتية للقيادة السياسية. أما التوجُّه الأيديولوجي فهو أقرب إلى الليبرالية الديمقراطية؛ أو على الأقل، هذا ما يعلنه الحزب رسميًا.

أكبر أحزاب أذربيجان هو حزب المساواة، وهو أقدمها، وجبهة أذربيجان الشعبية وحزب أذربيجان الليبرالي وحزب أذربيجان الشيوعي، وحزب أذربيجان الإسلامي المحظور لكنه قائمٌ بصورة غير قانونية وهو لا يُخفي تعاطفه مع إيران.

السلطة والمعارضة

طبيعة النخبة السياسية ليست حزبية بل عشائرية، وينتمي رئيس أذربيجان، إلهام علييف ووالده حيدر علييف، رئيس أذربيجان السابق إلى عشيرة ناخيتشيفان وهي من عشائر الأكراد، وقد أحاط الرئيسان نفسيهما بشخصيات كردية. منهم، بحسب المحلل آرثر بهيرو، رَوْنق عبد الله ييف المدير العام لشركة النفط الحكومية لجمهورية أذربيجان، وعبد الباري غزال رئيس شركة شمس أذربيجان وهي أكبر شركة متعددة التخصصات في أذربيجان، وحاجِبالا أبوطالبو رئيس بلدية باكو، وبايليار أيوبو مدير الأمن الشخصي لعلييف، وعارف علي شانو مدير الهيئة الحكومية للإذاعة والتلفزيون وغيرهم.

عملت السلطات الأذربيجانية في السنوات الأخيرة، على إعادة توطين الأكراد في مناطق أخرى غير مناطقهم الأصلية وبأعداد كبيرة، ومؤخرا تم نقل حوالي 60 ألف كردي ما أثار ردة فعل عنيفة في الجمهورية. ويرى الخبراء أن الهدف من إعادة توطين الأكراد هو رغبة الرئيس علييف بتعزيز سلطته بقوة إضافية.

لهذا يقول المحلل الأرمني هرانت مَلِكْشاه نَظاريان: إن رئيس أذربيجان ذا الأصول الكردية يريد بهذه الطريقة تعزيز نفوذه في المناطق المأهولة بالسكان الأذريين في الجمهورية. ولذلك تنتظر العشائر السياسية الأخرى، التي أزاحها آل علييف من السلطة، اللحظة المناسبة للانتقام.

شهدت العاصمة الأذربيجانية باكو في العام الماضي أكبر مظاهرات خلال السنوات الست الماضية، على سبيل المثال، حشد ائتلاف المعارضة الجديد، المُسمّى الحركة المدنية من أجل الديمقراطية (المجلس العمومي) في إبريل/نيسان الماضي، عشرة آلاف شخص لحضور اجتماع المعارضة في باكو.

وطالب أعضاء هذه الحركة أن تُجري السلطات انتخاباتٍ برلمانية غير عادية، وتطلق سراح المعتقلين السياسيين، وتضع حدًا للفساد، وتحل مشكلة منطقة ناغورنو كرباخ الأذربيجانية التي أعلنت استقلالها عن باكو عام 1991. وقد ردد المجتمعون شعارات مثل: "يسقط نظام علييف!" و"الحرية للسجناء، والسجن للمختلسين!".

ورأى علي كريملي، زعيم حزب الجبهة الشعبية المعارض، أن هذ الاجتماع "هو أول اجتماع تسمح به السلطات رسميًا خلال السنوات السبع الماضية. وخلال كل هذه السنوات حاول النظام خنق المعارضة لكنه فشل رغم حظر الاجتماعات وقتل الصحفيين". ووعد أن المعارضة ستحشد 100 ألف شخص للاجتماع القادم.

إن المجتمع الأذربيجاني قابل للانفجار في أية لحظة نتيجة الجور الذي لحق بالناس جَرّاء السياسات الحكومية البيروقراطية التي صارت أكثر وضوحًا في مارس/آذار الماضي؛ ففي قوبا، وهي من المناطق الشمالية في أذربيجان التي تسكنها العرقية اللِزْجية غير الأذرية، نظّم السكان المحليون مسيرات جماهيرية ضد مزاعم فساد اقترفه أحد المسؤولين في المنطقة، مما أجبر الحكومة على إرسال الجيش ووحدات إضافية من الشرطة.

خلال تلك الاضطرابات، احتشد أكثر من عشرة آلاف شخص في شوارع قوبا. ثم حاول جزء كبير من المتظاهرين اقتحام بيت مدير المنطقة والمباني الإدارية الأخرى. وبعد سلسلة من الحرائق المفتعلة والقتل، بدأت الشرطة في استخدام الغاز المسيل للدموع واعتقال قادة المتظاهرين. ولم ينصرف المتظاهرون إلا بعد إعفاء مدير منطقة قوبا من منصبه والإفراج عن جميع المعتقلين.

المجموعات العلمانية والدينية والعرقية

أذربيجان دولة علمانية تعلن التزامها بالمبادئ الديمقراطية، ويقول المتخصص في الشؤون الأذربيجانية بيرم بالدجي في هذا الشأن: إن طبيعة المجتمع الأذربيجاني العلماني الحديث سهّلت غزو روسيا للجزء الشمالي من أذربيجان في أوائل القرن التاسع عشر، بينما ظل جزءها الجنوبي تابعًا لإيران.

لم يكن يفصل أذربيجان الروسية عن أذربيجان الإيرانية إلا نهر الأراكس، لكنهما كانا عالمين مختلفين تمامًا؛ حيث راحت أذربيجان الشمالية الروسية تتخذ طابعًا علمانيًا سريعًا، وفي العهد السوفيتي قُمِع الإسلام في أذربيجان قمعًا شديدًا.

ثم عاد الدين إلى الحياة العامة بعد أن نالت أذربيجان استقلالها عام 1991. ومع أن السلطات الأذربيجانية تضمن للمؤمنين حرية نسبية، إلا أن الدولة تُحكم قبضتها على الدين، كما ترفض الأصولية الإسلامية رفضًا قاطعًا؛ ففي عام 1995، على سبيل المثال، مُنِع الحزب الإسلامي في أذربيجان من التسجيل للمرة الثانية. وفي مايو/أيار 1996، ألقي القبض على قادته، وفي عام 1997 أُدين هؤلاء بالتعاون مع المخابرات الإيرانية الخاصة.

وقد اشتكى عاكف غيدرلي من الحزب الإسلامي المحظور قائلاً: إن الحكومة الأذربيجانية تعزز تعاونها مع إسرائيل، وتمول بناء المعابد اليهودية الجديدة، لكنها في الوقت نفسه تُغلق المساجد، وتحظر ارتداء الحجاب في المدارس. وذكر موقع شبكة OnIslam.net أنه في العام الماضي أمرت الحكومة جميع موظفي الدولة بإزالة كافة الرموز ذات الصلة بالإسلام -مثل الآيات القرآنية- من مكاتبهم. ولكن يؤكد النشطاء أن أهم دليل على حملة الحكومة ضد الدين الإسلامي هو حظر ارتداء الحجاب في المؤسسات الرسمية والكليات والمدارس والجامعات الحكومية. وكان هذا الإجراء قد أغضب العديد من المسلمين الذين نزلوا إلى الشوارع احتجاجًا على ذلك.

ينتمي أكثر من نصف سكان أذربيجان إلى المذهب الشيعي. وبحسب بالدجي فإن أذربيجان أصبحت ذات أغلبية شيعية في القرن السادس عشر بعد أن جعل الشاه إسماعيل الصفوي المذهب الشيعي دين الدولة في إيران.

لكن علينا ألا نبالغ في "نقاء" إيمان الأذربيجانيين؛ فنتيجة للصراع منذ قرون بين إيران الشيعية والسلطنة العثمانية السنية على منطقة القوقاز، أصبحت المنطقة غير متجانسة إلى أبعد الحدود من ناحية الدين؛ فرغم عهود الصراع من أجل الهيمنة، ظل المذهبان السني والشيعي في الواقع يتعايشان في هذه المنطقة، وظلت الغالبية السنية، تاريخيًا، تستوطن شمال أذربيجان كما نعرفها اليوم.

يمثل الشيعة نحو 60-65 في المئة من مسلمي أذربيجان، بينما يمثل السُّنة ما بين 35-40?. ومع ذلك، توسِّع الهيئات الحكومية الأذربيجانية عمدًا نفوذ الشيعة في البلاد. على سبيل المثال، يقول الخبير الداغستاني رسلان جِريـف: إن السلطات الأذربيجانية تُحابي الأوساط والمنظمات الشيعية بشتى الوسائل في حين تقيد نشاط الأوساط والمنظمات السنية. ومن ذلك أن مساجد السنة أُغلقت في البلاد قبل عدة سنوات، وسمى بعض الخبراء تلك الأحداث بـ"حملة القمع الشاملة على المساجد السنية" في أذربيجان. وعلى سبيل المثال أيضًا، جرى إغلاق مسجد أبي بكر في صيف عام 2008، وهو من أكبر المساجد، بزعم أنه "مسجد للوهابية" وفقًا للمسؤولين والشرطة. كما أُغلق مسجد الشهداء التركي في أوائل عام 2009 بدعوى "إعادة البناء" وفقًا للرواية الرسمية، ثم تلاه إغلاق مسجد آخر في مدينة غيانجا، إلا أن محاولة إغلاق مسجد الإلهيات قد أُوقِفت بعد تدخل السفارة التركية.

علاوة على ذلك، لا تكلّ السلطات من استهداف تحفة المركز التاريخي لمدينة باكو القديمة -مسجد أهل السنّة المعروف باسم مسجد لِزجي- الذي بُني في القرن الثاني عشر، والذي أضافته منظمة اليونسكو سنة 2000 إلى قائمة التراث الثقافي العالمي.

ويترافق هذا مع حملة قمعٍ متزايدة للشرطة على النشطاء المسلمين في المناطق الشمالية من أذربيجان التي يقطنها السكان الداغستانيون السُّنة (اللِّزجيون والآـار والتساحور)، وقد أفاض الخبراء خلال مؤتمر يونيو/حزيران في موسكو حول حقوق الشعب اللِّزْجي والآ?ـاري، في الحديث عن الوجود المكثف للجيش في المناطق السنية في أذربيجان.

يتحدث الخبير الداغستاني علي خان عمرانو عن عمليات دورية تقوم بها أجهزة المخابرات الأذربيجانية في المناطق الشمالية من البلاد التي يقطنها السنة، وعن اعتقال المسلمين السنة بتهمة حمل السلاح والتخطيط لهجمات إرهابية. وبحسب قوله، تُمارَس أشد أنواع القمع ضد الأوساط السنية الموالية لداغستان؛ حيث يتهمهم قادة الشيعة في هيئة المسلمين الروحية الرسمية باتباع "الإسلام الوهابي"، وتنظيم جماعات سرية متطرفة، والإعداد لهجمات إرهابية ضد السلطات . وعلى هذه الخلفية، يزداد الانتقاد لسياسة باكو تجاه الأقليات العرقية والدينية صرامةً. والحقيقة هي أن البلاد ليست موطنًا فقط للأكثرية الأذربيجانية الناطقة بالتركية بل أيضًا للأقليات العرقية الأخرى من أهل البلاد: مثل الطاليش الناطقين بالفارسية في المنطقة المتاخمة لإيران، والشعب الداغستاني مثل اللِّزجيين والآفـار والتساحور، وغيرهم في الجزء الشمالي من البلاد.

وتتعرض الإدارة الأذربيجانية للنقد واللوم لانتهاجها سياسةً مغرضةً تهدف إلى ابتلاع الأقليات العرقية، وحظر استخدام اللغات الأصلية في الإدارات الحكومية، وتزوير تاريخ الأقليات العرقية، والتضييق عليها في إنشاء منظمات ووسائل إعلام وطنية، واعتقال النشطاء الوطنيين وقتلهم، وهلم جرّا.

kumait
23-02-2013, 08:01 PM
http://studies.aljazeera.net/ResourceGallery/media/Images/2013/1/27/201312792938814734_8.jpg


تداعيات الإستراتيجيات الإقليمية على الداخل الأذربيجاني (2)

تناول القسم الأول من الدراسة الوضع الأذربيجاني الداخلي وما يحمله من تعدد عرقي وطائفي في ظل حكم علماني صارم.
ويليه هذا القسم وهو الثاني والأخير منه، ويبحث "علاقة أذربيجان بمحيطها الإقليمي وتداعياته".

علاقة أذربيجان بمحيطها الإقليمي وتداعياته

يبحث التقرير في علاقة أذربيجان بدول الجوار وما تشهده من اتفاق واختلاف، وما قد تخلّفه من تداعيات محتملة على الكيان الأذربيجاني الذي يقع في خضم إستراتيجيات إقليمية متعارضة ومتنافسة في غالب الأحيان.

روسيا ومحاولة الاحتفاظ بالنفوذ

يعود الفضل لروسيا في ظهور أذربيجان جمهوريةً مستقلة ذات اسم عصري وحدود ومكانة؛ فعلى مدى مئتي السنة الماضية، كان لروسيا أكبر الأثر في طبيعة المجتمع الأذربيجاني. ولا تزال موسكو ترغب في إبقاء أذربيجان ضمن دائرة نفوذها. يرى سيرغي ماركيدونوف الباحث المتخصص في شؤون القوقاز والأمن الاقليمي أن موسكو وباكو تختلفان أساسًا في نظرتهما إلى "اللعبة الكبيرة" في جنوب القوقاز، ولكن تُبدي أذربيجان التزامَها ببناء علاقات جوار متينة مع روسيا، وهي تحتاج إلى حضور هذه الأخيرة الفعلي (وليس فقط الرسمي) في شمال القوقاز. بالمقابل، ترغب موسكو في الاحتفاظ بعلاقات وثيقة مع أذربيجان ومساعدتها في التنمية المستدامة. كما أن العامل الأذربيجاني يلعب دورًا في سياسة روسيا الداخلية واقتصادها. فوفقًا لتقديرات رسلان غِنْبيرغ، مدير معهد الاقتصاد في أكاديمية العلوم الروسية، تتراوح قيمة التحويلات الخاصة المحولة من روسيا إلى أذربيجان ما بين 1,8 إلى 2,4 مليار دولار سنويًا.

يقول ماركيدونوف: إن تقدير روسيا العالي لأذربيجان يرجع إلى حد كبير إلى كون الأخيرة منعت في نوفمبر/تشرين الثاني 2005 موجة الثورات "الملونة" في رابطة الدول المستقلة. لكن على عكس أرمينيا، لم تصل جمهورية أذربيجان المستقلة مستوى عاليًا من التعاون مع روسيا، وخاصة في المجالين العسكري والسياسي. وعلى عكس أرمينيا أيضًا، ليست أذربيجان عضوًا في الجماعة الاقتصادية الأوروبية الآسيوية أو منظمة معاهدة الأمن الجماعي.

أصبحت أذربيجان عضوًا في منظمة جوام (جورجيا وأوكرانيا وأذربيجان ومولدوفا) التي توصف أحيانًا بعدائها لرابطة الدول المستقلة وبأنها الثقل الموازن للنفوذ الروسي في الجمهوريات السوفيتية السابقة. لكن موسكو وباكو، وفقًا لتقديرات ماركيدونوف، لهما مواقف متضاربة حول التحالف الإستراتيجي بين روسيا وأرمينيا، وهذا التحالف هو الذي حدا بأذربيجان للانضمام إلى جوام بدلاً من منظمة معاهدة الأمن الجماعي؛ فباكو ترى أن الوجود العسكري الروسي في أرمينيا (وخاصةً بعد سحب القوات الروسية من جورجيا ونشرها في أرمينيا) سببٌ لاحتمال تصعيد الصراع بين أرمينيا وأذربيجان.

كما أن باكو ترى أن سياسة روسيا التي تحابي أرمينيا بشكل مفرِط ولا تعرف التنوع في جنوب القوقاز هي أكبر خطأ ترتكبه موسكو في المنطقة. أما أكبر خطأ ارتكبته أذربيجان بالنسبة لروسيا فهو اتصالاتها السياسية في أوائل العقد الأول من القرن الحالي مع الانفصاليين الشيشان. على هذه الخلفية، راحت أذربيجان "تنتهج سياسة غير ودية تجاه أقرب جار لها"؛ فعلى سبيل المثال، رفعت باكو في الآونة الأخيرة سعر تأجير محطة رادار قابالا الروسية في شمالي أذربيجان من 7 ملايين إلى 300 مليون دولار سنويًا. عدَّت موسكو هذا القرار الذي خيّب أمل الكرملين دلالةً على رغبة باكو في عدم تأجير محطة الرادار، وعلاوةً على ذلك تراقب موسكو باهتمام بالغ سياسة أذربيجان تجاه الأقليات العرقية، وخاصةً الشعب الداغستاني.

في نوفمبر/تشرين الثاني من هذا العام، أعدت وسائل الإعلام الأذربيجانية سلسلة من المواد التي تصب في مصلحة تدهور العلاقات بين باكو وموسكو؛ حيث زعمت هذه الوسائل أن الكرملين يعتزم استخدام الأذربيجانيين الروس والأقليات العرقية في أذربيجان ضد السلطات الرسمية في أذربيجان.

ويرى المحلل السياسي الأذربيجاني وفاء غولو زاده علاقة مباشرة بين النشاط المتزايد للأقليات العرقية في أذربيجان والاستخبارات الروسية الخاصة؛ حيث يقول حرفيًا: "من الواضح أن الكثيرين في باكو يخشون أن تجرّب روسيا في أذربيجان ذات السيناريو الذي نجح نسبيًا في جورجيا، أي أنها ستدعم تمرد الأقليات العرقية ضد الحكومة في البلاد".

لكن الوضع في حالة أذربيجان أكثر تعقيدا من جورجيا، فأذربيجان لديها احتياطيات ضخمة من النفط والغاز، وعلى سلوكها يعتمد الكثير في المنطقة. ومن ناحية أخرى يقول غولو زاده: "أذربيجان دولة ضعيفة للغاية بالمقارنة مع روسيا، وتستطيع الأخيرة أن تفعل ما تشاء، وبما أن أرمينيا مستعمرة روسية، فإن أذربيجان تقف عاجزة إزاء أرمينيا". وهو يرى أن روسيا لم تستطع حتى الآن أن تتقبل استقلال أذربيجان، لذا فهي تحاول بكل الوسائل أن تستعيد مصداقيتها هنا.

الخلاف مع أرمينيا والعسكرة

تعود جذور التوترات بين أذربيجان وأرمينيا الحديثتين إلى أعماق التاريخ. وحين انهار الاتحاد السوفيتي، تمردت الأغلبية الأرمنية في إقليم ناغورنو كراباخ -الذي يتمتع بحكم ذاتي في أذربيجان- على باكو، وأعلنت الاستقلال. دعمت أرمينيا الانفصاليين الأرمن في ناغورنو كرباخ، وقدمت موسكو مساعدات هائلة لأرمينيا. هُزِمت باكو في بداية الحرب مع الانفصاليين، وانتقلت بعض مناطق أذربيجان المجاورة لإقليم ناغورنو كرباخ إلى سيطرة الأرمن. لذلك فإن المشكلة رقم واحد بالنسبة إلى جمهورية أذربيجان المستقلة هي وحدة أراضيها. ومن سمات التطورات الداخلية والخارجية في أذربيجان منذ بداية تسعينيات القرن العشرين فقدان ناغورنو كرباخ.

أصبحت الهزيمة العسكرية وفقدان السيادة على هذا الإقليم من العوامل التي لها أثر كبير في هوية الأذربيجانيين؛ حيث صارت صورة الدولة الخاضعة "للعدوان العسكري" الآتي من بلد مجاور من الثوابت الأيديولوجية في أذربيجان. إن خطاب أذربيجان العسكري والخوف من الأرمن المزروع زرعًا يقودان هذا البلد إلى طريق مسدود وإلى مواجهة عسكرية وشيكة مع أرمينيا.

في هذه الظروف تتسلط الأضواء على المشكلات الداخلية لأن النجاحات العسكرية لأرمن ناغورنو كرباخ قد تؤدي إلى انتفاضة الشعوب الأصلية في أذربيجان ضد باكو. لذلك، منذ فقدان ناغورنو كرباخ وأذربيجان تبني قوتها العسكرية. والدليل على ذلك هو ازدياد الإنفاق العسكري للبلاد على نحو غير مسبوق. يقول المحلل العسكري الروسي ?ـلاديمير موخين: إن إجمالي إنفاق أذربيجان العسكري ارتفع خلال سنة واحدة (2010 إلى 2011) من 1,59 مليار دولار (3,95% من إجمالي الناتج المحلي) إلى 3,1 مليار دولار (6,2? من إجمالي الناتج المحلي) .

تركيا وشِقاق الأشقاء

بعد انهيار الاتحاد السوفيتي عام 1991، اختارت أذربيجان تركيا شريكًا إستراتيجيًا لها. ويمكننا تلخيص العلاقات بين هذين البلدين على مرِّ الزمن بشعار "شعب واحد في بلدين"، وهو الشعار المفضل لدى قادة كل من تركيا وأذربيجان بعد انهيار الاتحاد السوفيتي. وبالفعل يتكلم الناس في تركيا وأذربيجان لغة واحدة، ولهم تاريخ واحد وثقافة واحدة.

خلال النزاع بين أرمينيا وأذربيجان حول إقليم ناغورنو كرباخ (1991-1994)، قدمت أنقرة العون لباكو وأغلقت الحدود مع أرمينيا عام 1993، لكن لم يكن هناك تدخل عسكري تركي واسع النطاق في أرمينيا. وفي بدايات العقد الأول من القرن الحالي، عملت تركيا لصالح أذربيجان في منظمة حلف شمال الأطلسي، ودعمت باكو في نزاعاتها مع طهران على بحر قزوين. حاولت كل من تركيا وأذربيجان على مدى سنوات أن تقدم علاقاتهما لجميع البلدان الأخرى على أنها تحالف إستراتيجي، وبموجب هذا التحالف هناك أساس متين من التعاون الاقتصادي الواسع بين البلدين.

تقول وسائل الإعلام الإقليمية: إنه خلال 10 سنوات ارتفع العائد التجاري والاقتصادي لكلا البلدين من 1 إلى 3,5 مليارات دولار، وسيرتفع إلى 5 مليارات دولار بحلول عام 2015. وهناك مشروع طموح جدًا يتحقق الآن في مجال الطاقة، وهو خط غاز الأناضول. ولكن الأساس الاقتصادي وحده لا يكفي. ومن الواضح أن هذين البلدين الشقيقين لم يستطيعا ولمدة طويلة أن يتفقا على قضايا أساسية جدًّا، وهذا ما يُعرقل رفع علاقاتهما إلى مستوى إستراتيجي جديد.

يقول آرتيم إركنيان: إن الدولتين لم تتمكنا حتى الآن من الاتفاق على إلغاء نظام التأشيرات. ومع أن أنقرة منذ فترة طويلة مستعدة لإلغاء تأشيرات الدخول، إلا أن باكو تؤجل البت في هذه المسألة. ما تخشاه باكو هو أن إلغاء التأشيرات سيسمح لأنقرة بالتدخل أكثر في السياسة الداخلية لأذربيجان، كما تخشى أيضًا أن شفافية الحدود ستؤدي إلى مزيد من تدفق السكان من أذربيجان. وقد غضبت باكو من محاولة أنقرة لإصلاح علاقاتها مع أرمينيا في إطار الإستراتيجية التركية "صِفْر مشكلات مع الجيران"، واعتبرت التقارب بين أنقرة ويِريـفـان بمثابة خيانة.

ومن الجدير ملاحظته أن وصول حزب العدالة والتنمية الإسلامي إلى السلطة في تركيا أدى إلى فتور حماسة باكو العلمانية لتطوير علاقاتها مع أنقرة، ورأى قادة أذربيجان العلمانيون في التعاون مع إدارة أردوغان الإسلامية تهديدًا بأسلمة أذربيجان. وهناك خلافات عميقة بين أنقرة وباكو بشأن العلاقات مع إسرائيل، وتتعدد الأسباب الكامنة وراء ذلك، بدءًا من دعم أنقرة لفلسطين وحادثة "أسطول الحرية" وانتهاءً باستدعاء السفير التركي من تل أبيب. من ناحية أخرى، تتطور العلاقات الأذربيجانية-الإسرائيلية بوتيرة متسارعة.

إيران القريبة البعيدة

ما يربط أذربيجان وإيران، بل ما يفصل بينهما أيضًا، هو الإرث الأذربيجاني العرقي والديني الواحد. قبل 1828، كانت كل من إيران وأذربيجان جزءًا لا يتجزأ من إمبراطورية صفوية واحدة، ومع استيلاء روسيا على الأراضي الشمالية من تلك الإمبراطورية اندمج جزء من شيعة إيران الأذربيجانيين في الدولة الروسية، وشكّلوا أساس جمهورية أذربيجان المستقبلية. في الوقت نفسه، ظل الجزء الأكبر من الأراضي الأذربيجانية في إيران.

وتضم إيران اليوم منطقتين أذربيجانيتين كبيرتين: أذربيجان الغربية وأذربيجان الشرقية، ويُقدّر عددُ السكان الأذربيجانيين في إيران بما بين 25-30 مليون نسمة، مع أن جمهورية أذربيجان نفسها لا يبلغ عدد سكانها سوى نحو 8 ملايين نسمة . وكان إسماعيل، شاه إيران، الذي جعل المذهب الشيعي دين الدولة في الإمبراطورية كلها، أذريًا مثل معظم السلالات الحاكمة في إيران قبل وصول سلالة بهلوي إلى السلطة. واليوم ينحدر عدد كبير من نخبة إيران السياسية، بمن فيهم زعيم إيران الروحي علي خامنئي، من أصل أذري. وتعاني العلاقات الأذربيجانية-الإيرانية من تدهور وبوتيرة متزايدة، والأسباب وراء ذلك عديدة.

يقول المحلل الروسي إيغور پانكراتِنكو: إن السلطات الأذربيجانية تخشى طموحات إيران الاستعمارية، بينما تنظر إيران إلى جارتها الشمالية بعين الريبة مخافة أن تكون سببًا في إثارة الأفكار والحركات الانفصالية بين سكانها الأذربيجانيين البالغ عددهم عدة ملايين؛ ولذلك حاولت كل من موسكو وباكو في العهد السوفيتي وبعده مرارًا أن تلعب بورقة فصل الأراضي الأذربيجانية عن إيران.

وتعتبر باكو نفوذ إيران الشيعي تهديدًا للنمط الغربي السياسي والاجتماعي الذي تريده لأذربيجان. لذلك، يكاد يُحظر توزيع كل المطبوعات الإسلامية القادمة من إيران في أذربيجان. أضف إلى ذلك أن رد الفعل الإيراني على الصراع في ناغورنو كرباخ جاء بمثابة صدمةٍ للنخبة الحاكمة في أذربيجان؛ حيث رفضت إيران دعم أذربيجان في نزاعها مع أرمينيا، بل دعت كلا البلدين لتسوية نزاعهما من خلال المفاوضات.

وجاءت المرحلة التالية من تباعد البلدين عندما أدركت طهران إمكانية أن تصبح أذربيجان منطلقًا لعملية عسكرية ضد إيران. وشهد العام الفائت سلسلة من الأحداث الصاخبة بين باكو وطهران؛ حيث كشفت المخابرات الأذربيجانية ما وصفته بمؤامرة "للإرهابيين الإيرانيين" ضد كبار المسؤولين الأذربيجانيين. وما أجبر طهران أخيرًا على استدعاء سفيرها، محمد باهر بهرامي، من باكو هو إهانة المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي خلال تظاهرة في باكو احتجاجًا على "سياسة إيران المعادية لأذربيجان".

كل هذه العوامل أبعدت النخبة السياسية في أذربيجان عن إيران وحرضتها على البدء في تعاون وثيق مع إسرائيل من أجل ضمان أمنها، وقد بدأت سياسة باكو المناهضة لإيران بالفعل تؤتي ثمارها.

وقد باتت تصريحات باكو أكثر علانية وعدوانية، فقد اشتكى مؤخرًا فاضل مصطفى، النائب في المجلس المِلّي (برلمان أذربيجان)، للصحفيين من "انتهاك حقوق ملايين الأذربيجانيين" في إيران، واصفًا النظام في إيران بأنه "دموي". ومما جاء في البيان الأخير للجبهة الشعبية المتحدة في أذربيجان الموجه للأذربيجانيين وغيرهم من شعوب إيران "إن حكام إيران الذين يتمسحون بمُسوح الإسلام ينتهجون في الواقع سياسة تخدم قوى الظلام. ونظرًا للرقابة الداخلية الصارمة في أذربيجان، لا شك أن هؤلاء الساسة يعبّرون عن موقف باكو الرسمي.

أميركا وأوروبا: مقاربات مختلفة

على النقيض من النهج الإيراني المعادي للغرب، دأبت السلطات في أذربيجان منذ أيام الاستقلال الأولى على التقارب مع القوى الغربية. وقد تبنّت أذربيجان نظام التفضيل في المعاملة بالنسبة إلى الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي. وفي عام 2001، حصلت أذربيجان على العضوية في مجلس أوروبا.

يقول سيرغي ماركيدونوف: إنه بسبب علاقات أذربيجان الطيبة مع الولايات المتحدة (التي كانت مواليةً لأرمينيا في تسعينيات القرن العشرين)، لم تُدرَج أذربيجان في القائمة السوداء للدول "غير الديمقراطية" على الرغم من استبداد قيادتها. ويضيف قائلاً: إن الصداقة بين أذربيجان والولايات المتحدة مكَّنت باكو من حلّ المهمة الحساسة لنقل السلطة في البلاد من الأب إلى الابن.

وعشية إحدى زيارات إلهام علييف إلى الولايات المتحدة، وصفت واشنطن أذربيجان بأنها "حليفها الإسلامي"، علمًا بأن هذا اللقب كان قد مُنِح من قبلُ لتركيا. يستطرد ماركيدونوف: "بينما تتعاطف الولايات المتحدة مع المعارضة المناهضة لعلييف، إلا أنها لا تبالغ في تقدير نفوذ هذه الأخيرة؛ ففي نوفـمبر/تشرين الثاني 2005 صرّح السيناتور الأميركي البارز ريتشرَد لوغار عشية انتخابات المجلس الملي في أذربيجان بأنه لا يُتوقَّع حدوث "ثورات برتقالية" في أذربيجان.

يقول غلين هوارد، وهو خبير في شؤون القوقاز وآسيا الوسطى: إن موارد أذربيجان النفطية الهائلة جعلت واشنطن تتغاضى عن بعض سياسات أذربيجان الداخلية. أما الاتحاد الأوروبي فهو شريك أذربيجان الذي لا يُعوَّل عليه كثيرًا. فقد انتقدت المنظمات الأوروبية العمليات السياسية في البلاد، مشيرةً إلى العديد من انتهاكات المسؤولين من كل المستويات للقوانين وتجاوز السلطات.

ومع ذلك فقد أُدرِجت أذربيجان أيضًا، كما جورجيا وأرمينيا الأكثر ديمقراطية، في سياسة الجوار الأوروبي. وقد شدّد قادة أذربيجان على الحاجة إلى التكامل الوثيق مع الاتحاد الأوروبي في جميع المجالات؛ ففي عام 1999 صرّح وزير الدفاع الأذربيجاني سَفَر أبييف بأن بلاده ترى نفسها "جزءًا مكونًا من أوروبا الجديدة" . لكن أذربيجان حققت تقدمًا أكبر بكثير في تعاونها الاقتصادي مع الدول الأوروبية كأفراد؛ فحلفاء أميركا الأكثر موثوقية، وعلى رأسهم بولندا، ينادون بتعاون أوثق مع باكو.

العالم العربي وغياب التفاهم المتبادل

يتحدث السياسيون والمحللون الأذربيجانيون رسميًا عن ضرورة تطوير العلاقات مع الدول العربية، وقد قال وزير خارجية أذربيجان إلمار ماميدياروف: "إن أذربيجان عضو في منظمة التعاون الإسلامي، وبالتالي فهي مهتمة بتوسيع تعاونها مع الدول العربية. وقد أيّد مجلس وزراء الخارجية العرب ترشُّح أذربيجان في انتخابات الأعضاء غير الدائمين في مجلس الأمن الدولي للفترة 2012-2013، وأعلنت وزارة الخارجية الأذربيجانية "أن هذا القرار مؤشر على المستوى العالي الذي بلغه تطور العلاقات بين أذربيجان والعالم العربي".

لكن نظرًا للعلمانية الشديدة التي تتسم بها النخبة الحاكمة والمجتمع الأذربيجاني، يظل الانجذاب للعالم العربي في البلاد ضعيفًا للغاية، كما أن الأذربيجانيين لا تربطهم بالعرب أية رابطة لغوية كما هي الحال مع الأتراك، أو قربٌ جغرافي كما هي الحال مع إيران، ولا تحالف عسكري وسياسي كما هي الحال مع إسرائيل. علاوةً على ذلك، لا يسهم التطور السريع لعلاقات أذربيجان مع اسرائيل ولا تعامل نخبة باكو المكثف مع تل أبيب في تطوير العلاقات بين القيادة الأذربيجانية والعالم العربي. كذلك انزعج الأذربيجانيون من تعاون الدول العربية مع أرمينيا وتعزيز علاقاتها معها "في تجاهل تام لمصالح أذربيجان". أما أرمينيا فهي دائبةٌ في فتح بعثات دبلوماسية جديدة لها في الدول العربية؛ لذلك قال وزير الخارجية الأرمني إدوارد نالبانديان: إن تعزيز العلاقات مع العالم العربي وتوسيعها من أولويات السياسة الخارجية لأرمينيا.

بصراحة، يتمتع الأرمن في الدول العربية - في أغلب الأحيان- بموقع أقوى من موقع الأذربيجانيين. على سبيل المثال، في لبنان وسوريا هناك جاليات أرمنية كبيرة، وهي ذات تأثير كبير في الحياة الاقتصادية لهذين البلدين. وقد قال قبل بضع سنوات المحلل عارف يونوسوف من معهد السلام والديمقراطية الأذربيجاني: "يكاد العالم العربي أن يكون في صف أرمينيا" .

ولا يمكن أن ينسى الأذربيجانيون كيف رفض الرئيس السوري بشار الأسد، خلال زيارة قام بها مؤخرًا إلى أذربيجان، أن يزور "زقاق الشهداء"، وهو المكان الذي دُفن فيه الجنود الأذربيجانيون الذين قُتلوا في الصراع مع أرمينيا على إقليم ناغورنو كرباخ.

إسرائيل وتجنيد النظام الأذربيجاني

يشير الخبراء إلى التنامي السريع في العلاقات الأذربيجانية-الإسرائيلية على أعتاب هجوم إسرائيلي محتمل على إيران. وما تجدر الإشارة إليه أيضًا هو التصريح الوارد في وثيقة ويكيليكس 2009، على لسان نائب السفير الأميركي في باكو دونالد لو "لقد قال رئيس جمهورية أذربيجان إلهام علييف: إن علاقات بلاده مع إسرائيل تشبه جبل الجليد: تسعة أعشاره غائبة عن الأنظار".

بلغ حجم التجارة بين إسرائيل وأذربيجان عام 2010 ما يزيد على 2 مليار دولار، وهو ضعف عائدات التجارة بين أنقرة وباكو في الفترة نفسها. كتب المحلل الدولي آرييه غوت: "لدى إسرائيل وأذربيجان أسس اقتصادية وسياسية قوية للتعاون القائم على أساس الجسر الإنساني المهم جدًا: الجالية اليهودية في أذربيجان والجالية اليهودية الأذربيجانية في إسرائيل". اليوم، تأتي 45% من واردات إسرائيل من الطاقة من أذربيجان، وقد تحدث بنيامين بن إليعازر، وزير البنى التحتية الوطنية في إسرائيل، عن إطلاق برنامج طويل الأجل، يدوم 20-30 سنة، لتزويد إسرائيل بالغاز الأذربيجاني.

ولدى تل أبيب عدة أسباب لإقامة علاقات وثيقة مع باكو، أولاً: يعتقد المحللون أن علاقات إسرائيل مع أذربيجان هي جزء من الجهود التي تبذلها الدولة اليهودية لتحسين صورتها؛ يقول إلهان شين أوغلو، مدير مركز أطلس للأبحاث السياسية الذي مقره باكو: "إن إسرائيل بحاجة إلى علاقات ودية مع دولة مسلمة"، وأن اسرائيل أيضًا تدعم أذربيجان في قضية ناغورنو كرباخ.

وخلال زيارته إلى أذربيجان، دعا أفـيغدور ليبرمان، وزير الخارجية الإسرائيلي الأسبق، باكو لتكون بمثابة جسر بين إسرائيل والعالم العربي، ووسيطًا في الصراع العربي الإسرائيلي.

لكن الخبير الروسي إيغور پانكراتِنكو يرى أن أمام باكو عدة عقبات في طريق تحقيق الهيمنة الإقليمية، مثل: روسيا، وإيران، والوضع في ناغورنو كرباخ، وموقف الولايات المتحدة الفاتر من أية محاولة لحل عسكري للنزاع على ناغورنو كرباخ. وبحسب قوله، تتطابق مصالح باكو في الحد من هذه العوامل مع مصالح إسرائيل تمامًا. لذلك فإن إسرائيل ترى أن الحل العسكري للنزاع على ناغورنو كرباخ سيؤدي حتمًا إلى تفاقم الوضع الروسي في المنطقة، لأنه سيخلق مشكلات كبيرة في جوار حدودها.

وبالتالي، فإن ذلك سيُضعِف اهتمام موسكو بشؤون الشرق الأوسط. إضافةً إلى ذلك، يمكن أن يكون خطر نشوب نزاع في ناغورنو كرباخ بمثابة ذريعة إضافية لمطالبة موسكو بالحد من تعاونها مع إيران. ولهذا الهدف أزالت إسرائيل عمليًا كل العقبات أمام أذربيجان للحصول على التسليح الإسرائيلي، وهو ما لا تستطيع باكو أن تحصل عليه لا من الولايات المتحدة ولا من أوروبا بسبب القيود القانونية، ولا من المورِّدين السوفيت السابقين، مثل: أوكرانيا أو روسيا البيضاء. ولكي تدعم إسرائيل طموحات أذربيجان لتولي الزعامة في المنطقة، فهي لا تكل من استخدام قدرات الضغط لديها في الولايات المتحدة؛ يقول المحلل آرييه غوت: "يقدّم ممثلو الجالية اليهودية المساعدة اللائقة لإطلاع الأسرة الدولية على حقيقة الأمور في أذربيجان، كما يساعدون في تطوير العلاقات الدولية مع أذربيجان" .

ويقول إيليا بيرتمَن من مركز بيغين-السادات الإسرائيلي للدراسات الإستراتيجية: إن اللوبي اليهودي في واشنطن يعمل في الواقع على إبطال سياسة اللوبي الأرمني المناوئة لأذربيجان والتي ترمي إلى الحد من المساعدات الأميركية إلى باكو. يقول بيرتمَن: "ونتيجة لنشاط اللوبي اليهودي في أميركا، ألغت وزارة الخارجية الحظر على مبيعات الأسلحة إلى أذربيجان المعمول به منذ عام 1993، كما خصصت الحكومة الأميركية في منتصف العقد الأول من القرن الحالي منحة قدرها 4,4 مليون دولار لشراء معدات عسكرية". ولكنْ هناك هدف آخر يوحّد أذربيجان وإسرائيل غير ردع روسيا وأرمينيا، ألا وهو التهديد الإيراني؛ وقد أشار الديبلوماسي الأميركي روبرت غارـيرِك إلى ذلك بقوله: "إن كلا البلدين ينظران إلى إيران باعتبارها تهديدًا حقيقيًا لوجوده".

ويقول المحلل الروسي إيغور پانكراتِنكو: إنه لهذه الأسباب مجتمعةً تحرص إسرائيل على التقرب من النخبة الحاكمة في أذربيجان: أحدث الأسلحة، وقوة اللوبي اليهودي في أميركا، ودعم المسعى الأذربيجاني للهيمنة الإقليمية في مقابل الكفاح المشترك ضد "الخطر الإيراني". فبفضل المدفعية الصاروخية الإسرائيلية، والأسلحة الصغيرة، ومدافع الهاون، وأنظمة الاتصالات، والطائرات بلا طيار، يستطيع الجيش الأذربيجاني أن يزيد من قدراته على مواجهة أي صراع محتمل مع أرمينيا وقوة إيران المتصاعدة. وقد بدأت أذربيجان فعلاً باستخدام كل هذه الترسانة التي في متناول يدها؛ ففي أواخر عام 2012، ذكرت قناة الصحافة التليفزيونية الإيرانية أن أذربيجان تستخدم طائرات إسرائيلية خفيفة للغاية بلا طيار مثل أوروبتَر وهيرمِس 450 لحراسة الحدود مع إيران وناغورنو كرباخ.

ونقلت القناة عن خبراء إيرانيين قولهم: إن هذه الطائرات بلا طيار يمكن ربطها بأقمار الاستخبارات الإسرائيلية. إضافة إلى ذلك، ذكرت صحيفة صنداي تايمز البريطانية في ديسمبر/كانون الأول 2012 أن إسرائيل تنوي استخدام طائرات بلا طيار من طراز إيتان متمركزة في أذربيجان لاعتراض الصواريخ الإيرانية المنطلقة على إسرائيل.

التحديات

تعاني أذربيجان اليوم كثيرًا من صراعات داخلية لم تُحَلّ بين الحكومة والمعارضة، وبين العلمانيين والمتدينين في المجتمع، بين الشيعة والسنة، بين الأقليات العرقية والنخبة الحاكمة في أذربيجان. بالإضافة إلى ذلك، تتنافس على أذربيجان القوى المجاورة لها بغية تنفيذ إستراتيجيات متباينة تمامًا؛ لهذا السبب تتنامى فيها اتجاهات متناقضة تمامًا، مثل تزايد العداء تجاه طهران، وزيادة اعتماد أجهزتها الأمنية على الاستخبارات الإسرائيلية الخاصة.كما أن المشكلات آنفة الذكر تزيد من وتيرة التوتر والتطرف بين المعارضة والأقليات العرقية والدينية في المجتمع الأذربيجاني. وعلى هذه الخلفية، بدأ عدد متزايد من الخبراء والسياسيين يتحدثون عن إمكانية تصدير الثورات العربية إلى أذربيجان. ومع قدرة الأذربيجانيين المتسارعة على الوصول إلى الإنترنت ومصادر المعلومات البديلة، وشبكات التواصل الاجتماعي، صار لدى أذربيجان المستقلة تقاليد لا يُستهان بها من المعارضة السياسية والمنظمات العامة والسياسية القوية.

لكي نفهم الوضع داخل المجتمع الأذربيجاني علينا أن ننظر إلى متانة النظام السياسي الأذربيجاني، والنزعة الشرقية لدى الشعب الأذربيجاني لعبادة السلطة، والإرث السياسي السوفيتي وما له من أثر هائل باقٍ لا يزال يخيم على المجتمع الأذربيجاني. لهذا السبب لا يمكن للمرء أن يجزم بالمطلق حول إمكانية استنساخ أي سيناريوهات ثورية في أذربيجان، ولا أن يتحدث عن زلزال سياسي في المجتمع الأذربيجاني إلا في حالة انهيار الأنظمة السياسية في البلدان المجاورة.

وعلى باكو أن تجعل في قائمة أولوياتها مراقبة الوضع في إيران التي يشكّل الأذريون فيها أكثر من ثلاثة أضعاف سكان أذربيجان. ويتوقع بعض الخبراء ظهور "هلال شيعي"، أي تحالفٍ سياسي من الحركات والأحزاب السياسية الشيعية ذات التوجه الإيراني، وتتعزز فرص هذا الاحتمال في ضوء المزاج العام وزيادة شهية الاحتجاج داخل الأوساط الشيعية في البحرين والكويت والمملكة العربية السعودية، وفي ضوء تنامي نفوذ الشيعة في إيران والعراق ولبنان.

ومما تجدر الإشارة إليه مرة أخرى هو أن المسؤولين في باكو سيجدون أنفسهم في مواجهة وضع خطر بسبب الصحوة الدينية المتسارعة في المجتمع الأذربيجاني. يلجأ نظام علييف في أذربيجان اليوم إلى حل مشكلة تزايد النشاط الإسلامي من خلال دعم التوسع الشيعي في المناطق السنية من البلاد وطرد أهل السنة المتشددين إلى جمهورية داغستان الروسية المجاورة. وإذا تعسكرت المجتمعات السنية في المناطق الشمالية من أذربيجان أو توغلت الجماعات القوقازية الشمالية المسلحة في أراضي أذربيجان، عندئذٍ سيجد النظام الحاكم في باكو نفسه في ورطة رهيبة أقطابها مسلحو السُّنة المتشددون في الشمال، والتحالف الشيعي في الجنوب، وواقعٌ يستعصي على التوفيق داخل البلد.
____________________________________________
د. رسلان قوربانوف - باحث في معهد الدراسات الشرقية لأكاديمية العلوم الروسية
ترجم النص عن الإنجليزية د. موسى الحالول

kumait
23-02-2013, 08:22 PM
http://studies.aljazeera.net/ResourceGallery/media/Images/2013/2/14/201321493653784734_8.jpg

مجموعات العنف غير التقليدية.. البلاك بلوك والألتراس نموذجا
د. عبدالفتاح ماضي

تمهيد

برغم أن كل الثورات تشهد أعمال عنف بدرجات متفاوتة، إلا أن نطاق العنف في مصر اتسع مع اقتراب الثورة من عامها الثالث، ومع دخول مجموعات شبابية إلى المشهد السياسي مستخدمة طرقا غير تقليدية من العنف ضد مؤسسات السلطة وأجهزتها الأمنية. وتحاول هذه الورقة التعرف على هذه المجموعات، وعلى الأخص منها مجموعات "الألتراس" و"البلاك بلوك"، من خلال الإجابة عن عدة أسئلة، هي:

ما البيئة التي نشأت فيها هذه المجموعات؟
وما طبيعة هذه المجموعات؟ وكيف نشأت؟ وما أهدافها؟
وما السمات العامة لهذه المجموعات؟ وما الآثار المتوقعة منها؟
وأخيرا كيفية التعامل معها؟

خلفية الأحداث في مصر

استطاع الشباب، عن طريق الاستفادة من وسائل التواصل الاجتماعي وبطرق تعبئة وحشد غير تقليدية، إشعال الثورة في مصر وإسقاط واحدة من أعتى الدكتاتوريات في العالم، رافعين شعارات الثورة (العيش، والحرية، والكرامة، والعدالة الاجتماعية). لكن الشباب لم يتفقوا على بديل واضح للنظام الذي أسهموا بقوة في إسقاطه، ولم يشكلوا تكتلا يمثلهم أو يعبر عن مطالبهم.

لقد تطلع الشباب إلى رؤية تغيير حقيقي ينعكس على أحوال الناس الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، كما نادوا بالثأر لدماء شهداء الثورة ومصابيها، وانتظروا محاكمات سريعة وعادلة لرموز النظام السابق. وبدون الخوض في تفاصيل المرحلة الانتقالية، فإن ما أود التركيز عليه هو أن تطلعات الشباب هذه وقضايا الثورة الحقيقية لم تكن محل اهتمام المجلس العسكري ولا القوى السياسية، الحاكمة والمعارضة، طوال العامين الماضيين. وبدلا من مناقشة كيفية بناء نظام سياسي تتحقق من خلاله شعارات الثورة، انزلقت هذه القوى إلى قضايا فرعية، ليست بأهمية تلبية مطالب الجماهير وبناء نظام ديمقراطي بديل.

أعاقت ممارسات القوى التقليدية مسار الثورة، ولم ما يكفي من الجهد لتحويل قيم الثورة وأهدافها إلى واقع ملموس، مما أدى إلى إطالة الحالة الثورية وتجدد طاقة الشباب الثورية.ومع استمرار حالة الاستقطاب بين الرئيس وجماعته والمعارضة وأنصارها، وفي ظل حالة الاحتقان التي صاحبت محاكمة المتهمين بمجزرة بورسعيد، طفت على السطح أعمال عنف مختلفة راحت ترفع شعارات تبدأ من القصاص وتنتهي بالمطالبة بإسقاط الرئيس.

وهناك مجموعتان رئيسيتان في هذا المجال، هما تنظيمات "الألتراس" التي بدأت كتنظيمات رياضية إلا أنها سُيست وصارت لاعبًا مؤثرًا منذ بداية الثورة، ومجموعات "البلاك بلوك" التي ظهرت في أعقاب أحداث "قصر الاتحادية".

النشأة والأهداف

دخلت هذه المجموعات إلى المشهد السياسي كرد فعل على ارتباك مسار الانتقال، وضعف حكم القانون ومؤسسات الدولة، وانكسار جهاز الشرطة، حيث صار العنف، عند الكثيرين، هو الأسلوب الوحيد للحماية ورد العدوان. كما أن شباب هذه المجموعات يربطون تحركاتهم العنيفة بظهور "فتاوى دينية" تستبيح دم المعارضين، وبتجاهل السلطة للأفكار التي أعلنها البعض لإنشاء "ميليشيات" تابعة لناشطين إسلاميين.

أولا: الألتراس

تستخدم كلمة الألترا (ultra) لوصف مناصري قضية معينة على نحو يجاوز ولاء أصحاب القضية الأصليين لها، وقد انتقلت الكلمة لوصف مشجعي الأندية الرياضية بأوروبا في ظل سياق اتسم بعزوف الشباب عن الآليات التقليدية للسياسة كالأحزاب والنقابات، بجانب صعود السياسات الرأسمالية وأزمة الحداثة بالمجتمعات الغربية. واتسمت جماعات الألتراس الرياضية عن غيرها بولائها غير المشروط لنواديها، وباستقلاليتها المالية والتنظيمية، عن مجالس إدارات النوادي وروابط التشجيع التقليدية، واعتمادها على التبرعات الذاتية للأعضاء، الذين تتراوح أعمارهم عادة ما بين (16-25 سنة)، ومعظمهم من الذكور القادمين من كافة طبقات المجتمع وخاصة الطلاب.

وتتباين هذه المجموعات في تنظيماتها الداخلية بين التنظيم المحكم بهرمية وقواعد محددة ورسوم عضوية، وبين التنظيم غير الرسمي والقواعد غير المكتوبة. وهناك علاقات تواصل وتعاون بين بعض المجموعات عبر الدول الأوروبية . ولكل مجموعة مكان وسلوكيات معينة للتشجيع الدائم والمستمر بغض النظر عن النتيجة، وبرغم أن بعضها يصف نفسه بأنه غير عنيف، إلا أن الممارسات الفعلية غالبا ما تشهد شعارات أو عبارات أو أناشيد عنصرية أو اشتباكات عنيفة أو الهجوم على الممتلكات.

وبشكل عام، ظلت مجموعات الألتراس غير مُسيسة، ولا تتبنى أيديولوجيات محددة، ولا يرتبط أعضاؤها بأحزاب سياسية، غير أن بعض مجموعات الألتراس في دول كإيطاليا وبولندا وأكرانيا لها ميول يمينية متشددة. أما العامل المشترك بين هذه المجموعات فهو عداؤها الدائم لأجهزة الأمن التي تحاول دوما أن تسيطر على هذه المجموعات، وأيضا عداؤها الدائم لأجهزة الإعلام التي ارتبطت في أذهان الألتراس بأنها الحليف الطبيعي لأقطاب صناعة لعبة الكرة وسيطرة العقلية الرأسمالية عليها.

وانتقلت فكرة الألتراس إلى عدد من الدول العربية، ووصلت مصر عام 2007 لتظل مجموعات غير مُسيسة، ومعادية للأمن والإعلام على خلفية رياضية بحتة، وترفض تحول الكرة إلى صناعة يستفيد منها الكبار على حساب الجمهور. ومع اندلاع الثورة، وانكسار حاجز الخوف، شاركت مجموعات الألتراس في الأيام الأولى للثورة، وانصب اهتمامها على حماية الميدان وأسر الشهداء والمصابين، وفي الضغط أثناء محاكمات الرئيس السابق. كما شاركت بمليونية 9 سبتمبر/أيلول2011 التي انتهت باقتحام السفارة الإسرائيلية.

ومنذ مجزرة ملعب بورسعيد، التي راح ضحيتها 74 شخصا، تصاعد النشاط السياسي للألتراس، وخاصة ألتراس النادي الأهلي، إذ راح أفراده ينظمون احتجاجات دورية للمطالبة بالقصاص. وبدءًا من 19 يناير/كانون الثاني 2013 كان الألتراس في مقدمة الصفوف ضد قوات الشرطة استعدادًا للحكم في مذبحة بورسعيد في 26 من نفس الشهر، وسُيرت عدة مظاهرات بمحافظات مختلفة، كما لجأ لطرق عنف غير تقليدية كقطع الطرق وتعطيل المترو والتهديد بالانتقام. ولأن الأحكام جاءت مشددة، فقد شهدت البلاد نوعين من نشاطات الألتراس، ففي القاهرة، احتفل ألتراس الأهلي بالأحكام باعتبارها خطوة أولى للقصاص، معلنا انتظاره لبقية الأحكام على قيادات الداخلية يوم 9 مارس/آذار القادم. أما في بورسعيد، فقد قام ألتراس النادي المصري بمحاصرة سجن بورسعيد لتهريب المتهمين، ثم اندلعت احتجاجات شعبية عارمة ضد مقار الشرطة والمباني الحكومية تنديدا بالأحكام ومطالبةً بإسقاط الرئيس. وامتدت الاحتجاجات لعدة أيام وانتهت بأكثر من خمسين قتيلا وسيطرة الجيش على مدن القناة الثلاث.

وللألتراس عدة صفحات على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، منها صفحة تضم ما يقرب من ثلاثة أرباع مليون عضو تسمي (UltrasAhlawy-UA07)، بها عبارات عدائية للشرطة والمجلس العسكري، وأخرى تتوعد بالقصاص وهناك عبارات تنتقد بشدة التيارات السياسية الباحثة عن الشهرة، لكن لا تتبنى هذه الصفحات أي نقد لرئيس الجمهورية أو الإخوان. وعلى صفحة (Ultras Devils) جاءت العبارة التالية يوم 27 يناير/كانون الثاني الماضي: "26 يناير مجرد بداية "مقبولة".. 9 مارس إما استمرار و"اكتمال" العدالة، وإما الفوضى ودم بـدم، لن نقبل بمعاقبة بريء أو براءة ظالم أو قاتل أو فاسد" . وهناك صفحة أخرى تسمى"جيش الألتراس"، حددت لنفسها عدة أهداف، منها التضحية من أجل الثورة والقصاص من قتلة الشهداء، والتصدي لأي عمل إجرامي ضد الثوار، ومساندة المسيرات.

وهناك صفحة لألتراس النادي المصري على الفيس بوك هي (Ultras Green Eagle-Uge)، قامت بتنسيق تحركات أفرادها قبل النطق بالحكم، ودعت إلى الاحتجاج بطرق مختلفة كمحاصرة ميناء بورسعيد. وبعد النطق بالحكم اعتبرت الصفحة أن الأحكام جائرة، وأنها جاءت ترضية لألتراس الأهلي ولتهدئة الأمور بكافة المحافظات والتضحية ببورسعيد. وحمّلت الصفحة الرئيس والإخوان مسؤولية هذه الأحداث، وانتقدت عدم تدخل الجيش لحماية الأهالي (28 يناير/كانون الثاني 2013). كما تنشر الصفحة أسماء الشهداء وبعض مقاطع الفيديو التي تُظهر اعتداء أفراد الشرطة على المتظاهرين وتعذيب الأطفال.

ثانيا: البلاك بلوك

نشأت مجموعات البلاك بلوك (Black Bloc) كتكتيك في التظاهرات، حيث يرتدي أفرادها الملابس السوداء، ويخفون وجوههم بأقنعة سوداء لستر هوياتهم وإظهار أنفسهم ككتلة واحدة متضامنة. وارتبطت هذه المجموعات بحركات الاحتجاج اليسارية والفوضوية والحركات الراديكالية بشكل عام، وتعود جذورها إلى نهاية الستينيات بشيكاغو فيما عرف بأيام الغضب أثناء الحرب الفيتنامية، ثم في الثمانينيات بألمانيا ضمن الحركات المناهضة للسياسة النووية وسياسات أخرى. ونُسب لهذه المجموعات الكثير من أعمال الشغب والحرائق والتظاهر بدون تصريح وإتلاف ممتلكات الشركات متعددة الجنسية. ثم جذبت اهتمام العالم في المظاهرات المناهضة لمنظمة التجارة العالمية أثناء مؤتمر بمدينة سياتل الأميركية عام 1999 عندما تم إتلاف عدة محال تجارية تابعة لشركات متعددة الجنسيات.

وفي مطلع العام الثالث للثورة، ظهرت بمصر مجموعات صغيرة تُطلق على نفسها ذات الاسم وتتبنى نفس الأساليب غير التقليدية في الاحتجاج. وقد أنشأ هؤلاء عدة صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، أهمها صفحة الكتلة السوداء- مصر(Black Bloc Egypt) التي ظلت تعمل حتى 10 فبراير/شباط الجاري ثم أغلقت.

ويعرف ناشطو هذه المجموعة أنفسهم بالقول "نحن نسل من دماء الشهداء"، الذين سقطوا في الثورة، ويرون أنفسهم بأنهم "التطور الطبيعي لغياب القصاص". ويؤكدون على أن "الثورات لا تصنع من ماء الورود، الثورات تصنع من الدماء"، ويرفعون شعارات مثل: "إذا انعدم العدل فانتظر الفوضى"، "نحن فوضى تمنع الفوضى".

وقالت المجموعة في بيان مصور لها: إن هدفها هو "السعي لتحرير الإنسان، وهدم الفساد، وإسقاط الطغاة في كل زمان ومكان"، و"إسقاط نظام الإخوان المسلمين" و"ذراعه العسكري". ونفت أي علاقة لها بالكنيسة، مؤكدة على أنها تقف فقط ضد الإخوان المسلمين و"أي جماعة تستغل الدين من أجل تحقيق أهداف سياسية خاصة" . لكن المجموعة أكدت على عدم تعرض أفرادها لرجال الشرطة والجيش، لكنها حذرتهم بأنهم "لن يتهاونوا في الرد على وزارة الداخلية إذا ما واجهتهم، لدى محاولتهم إسقاط الفاشية". كما نفت أي علاقة مع حمدين صباحي أو جبهة الإنقاذ، معلنة رفضها لمعظم قراراتها لأنها "ضعيفة ولا تحقق طموحات الثورة" . ويرى أفراد المجموعة أن سبب وجودهم هو الهجوم الذي شنته ما يسمونها "ميليشيا الإخوان" على معتصمي "الاتحادية" مطلع ديسمبر/كانون الأول 2012، وظهور ما عُرف إعلاميًا "بميليشيا حازمون" التي اشتبكت مع المتظاهرين أمام مسجد القائد إبراهيم بالإسكندرية وحاصرت مدينة الإنتاج الإعلامي.

وهكذا، فإنه، وعلى خلاف مجموعات الألتراس، التي لا تنتقد جماعة الإخوان، فإن البلاك بلوك تعادي بوضوح الرئيس والإخوان. وقد نسبت لهم الصحف الهجمات التي تعرضت لها مقار الإخوان وبعض المباني الحكومية والمحاكم وإيقاف حركة المرور والمترو في عدة مدن مصرية، بجانب احتجازهم طاقم الجزيرة لأنها "قناة تعمل لصالح النظام الحالي، وتروج للإخوان المسلمين" حسب اعتقادهم.

ويبدو أن الأعداد المنتمية لهذه المجموعات محدودة حتى الآن، ففي استفتاء أجرته صفحة (Black Bloc Egypt) بعنوان "استفتاء نريد القصاص والحل:" بتاريخ 4 فبراير/ شباط 2013 ظهرت بعض النتائج بمشاركات لم تتجاوز المئات، أهمها: 188 "الكفاح المسلح والفوضى"، 148 "السلمية وتأمين المظاهرات من الاعتداء"، 36 "السلمية + انقلاب من ضباط الجيش الشرفاء فقط". ويؤكد الكثير من الناشطين والصحفيين بالإسكندرية أن وجوه المنتمين للتنظيم بالإسكندرية غير مألوفة لهم، ولم يكن أي فرد منهم ينتمي إلى أحزاب أو حركات ثورية أخرى. وذلك عكس ما نُسب إلى قائد إحدى المجموعات بالإسكندرية في تصريحات صحفية، من أن معظمهم كان ينتمي لحركات سياسية، لكنهم انفصلوا عنها لتكوين البلاك بلوك.

والخطير هنا هو أن هذه المجموعات لا تترد في استخدام العنف للوصول إلى أهدافها. فبرغم نفيها العمل المسلح إلا أن صفحاتها على "فيسبوك" تحتوي فيديوهات تُظهر طرق عمل المولوتوف المتطور (6/2/2013)، وكيفية صنع قنبلة دخان (6/2/2013)، كما أظهرت بعض الفيديوهات مسيرات لأعضائها بالأسلحة البيضاء. وفي صفحاتهم تقرأ: "نعلن نحن مجموعة البلاك بلوك عن القصاص بأيدينا ولا ننتظر من القانون شيء.. فقط الكفاح المسلح هو الحل.. كما نعلن عن الاغتيالات لرموز النظام قريبا." وكذا: "سلّحوا الثورة.. حق إللي ماتوا مش هيجي بالهتاف والمسيرات والاعتصامات. كما نقلت عنهم الصحف أنه "إذا تطور الأمر وازداد "إرهاب" الجماعات الإسلامية، فلن يكون أمامهم خيار سوى اللجوء لاستخدام السلاح.

ويدافع أفراد المجموعة عن أنفسهم بالقول بأنهم مستهدفون من الداخلية، بينما هم قاموا بحماية المتحف المصري يوم 26 يناير/كانون الثاني، ومتحف المجوهرات الملكية المجاور لمسكن محافظ الإسكندرية الذي تمت محاصرته . وبرغم نفي المجموعة علاقتها بأي متحدث يظهر في وسائل الإعلام، وتأكيدها على أنه لا أحد يتحدث باسمها، إلا أنه نُقل عنهم أنهم اختاروا، بعد ذلك، أن يتعاملوا مع الإعلام بسبب وصفهم بالبلطجية في بعض القنوات الإعلامية وإظهارهم كتنظيم فوضوي.

وقد اعتبرت النيابة العامة هذه المجموعة "جماعة إرهابية"، وأصدرت بيانا أعلنت فيه أن المجموعة جزء من "مخطط إسرائيلي يستهدف شركات البترول والمواقع الحيوية"، كما كلف النائب العام هيئة الأمن القومي وقطاع الأمن الوطني، بجمع كافة المعلومات عن المجموعة ومصادر تمويلها وأهدافها ومدى صحة ما نسب لهم بالمواقع الإلكترونية .

السمات العامة

برغم حداثة هذه المجموعات وقلة المعلومات المتوفرة عنها، فإنه يمكن استنادا إلى ما تقدم رصد عدد من السمات العامة:

أولها: أن العماد الرئيس لهذه المجموعات يتكون من الشباب في العقدين الثاني والثالث من العمر، والكثير منهم من طلاب المدارس الثانوية والمعاهد والجامعات. وهذه المجموعات غير منظمة تنظيما هرميا تقليديا، وإنما يعتمد أفرادها على التواصل الأفقي والشبكي. وليس من المعروف حتى الآن ما إذا كانت هناك أطراف ما تستخدم هؤلاء، ولا من يمولهم.

ثانيا: إن ثقافة أعضاء هذه المجموعات مستمدة، غالبا، من وسائط إعلامية وفضائية ومعلوماتية حديثة، وهي ثقافة محدودة بشكل عام. كما أنه ليس لدى الكثيرين منهم ثقة كبيرة في الأطر القديمة بما في ذلك الهُوية الوطنية، ويعانون بالتالي من أزمة هُوية وانتماء، وهذا نتاج طبيعي لعولمة الثقافة وغزو الفضائيات الأجنبية وضعف البدائل الثقافية القائمة . وليس أدل على ذلك من أن أساليبهم في مواجهة خصومهم منقولة بالكامل من تجارب خارجية (الألتراس والبلاك بلوك). الشباب يبحث، في الواقع، عن هُوية مفقودة منذ عقود، وإذا لم تنجح الثورة في إقناعهم بأن هناك أملا في صياغة هُوية وطنية جامعة، وإذا لم تتجاوز القوى التقليدية خلافاتها السياسية، وإذا لم تستمع هذه القوى للشباب، فستستمر الحالة الثورية، بل وقد تتطور هذه المجموعات إلى حركات أكثر تنظيما وعنفا وخطورة على هُوية البلاد ووحدتها.

ثالثا: ليس لهذه المجموعات لون أيديولوجي محدد، وما يجمع كل مجموعة فكرة بسيطة هي "القصاص أو الدم" أو "القصاص أو الفوضى". وهذا في حد ذاته مصدر للقوة، إذ لا يشغل أفراد هذه المجموعات الخلافات التاريخية والاختلافات الإيديولوجية السائدة بين القوى التقليدية، ولا حسم القضايا الخلافية الكبرى.

رابعا: تعاني هذه المجموعات من تناقضات فكرية وسلوكية، فالكثير من أفرادها أقرب إلى الاتجاهات اليسارية، لكنهم لا يترددون في استخدام منتجات الحضارة الغربية، وخاصة في مجال التكنولوجيا والاتصالات وأنماط السلوك الجمعي. ولكنهم لا يخلطون القضايا الداخلية بالقضايا الخارجية على مستوى الخطاب السياسي، وذلك فيما عدا بعض المواقف المنددة بالاعتداءات الإسرائيلية والأميركية. كما تختلف هذه المجموعات عن الحركات اليسارية التقليدية، فهذه الأخيرة لم تكن أبدا عنيفة في مصر، وتركزت مطالبها حول مطالب سياسية واجتماعية.

خامسا: يشعر أفراد هذه المجموعات بعدم الثقة في النخب والمؤسسات القائمة، ويرفضون -بعد انكسار حاجز الخوف- الخضوع لأية جهة، ويتصورون أن بإمكانهم تغيير أي شيء. إن لدى الكثير منهم إحساس قوي بعدم الأمان، ويجدون ذواتهم في تحدي كل ما هو قائم.

سادسا: الأخطر هو فقدان الشباب، كمعظم النخب السياسية، التركيز على الموضوع الأساس الذي كان يجب أن يكون موضع الاهتمام في أعقاب ثورة ضد الاستبداد، وهو النظام الديمقراطي بمفاهيمه ومؤسساته وضماناته المتعارف عليها. لقد فُقِدَ هذا الموضوع وسط موضوعات أخرى ليست بأهمية بناء النظام البديل الذي (متى تم التوافق عليه بشكل صحيح)، فإنه سيساعد على منع تكرار ممارسات النظام السابق ويفتح الطريق أمام ظهور حكومات منتخبة وقادرة على التصدي للمشكلات الاجتماعية والاقتصادية. وكان من الواجب التفكير مليا في كيفية تطوير هذا النظام الديمقراطي ليلبي طموحات الشباب ويترجم آمالهم في تغيير بنية وطبيعة السلطة وإيجاد مؤسسات أكثر تمثيلا وفعالية.

وفي واقع الأمر، أعتقد أن فرصة وضع دستور جديد في مصر قد أُهدرت منذ اليوم الأول لتأسيس الجمعية التأسيسية، عندما اعتمدت الأوزان الحزبية في تشكيلها، وعندما لم يُمثل الشباب والمجتمع فيها بشكل حقيقي. لقد كانت الثورة فرصة ذهبية لتمثيل الوطن بأكمله في جمعية تأسيسية تضع دستورا حديثا يضمن إقامة نمط جديد لعلاقات القوة والسلطة، يقوم على تمثيل حقيقي للمجتمع ومشاركة حقيقية في الحكم، ويُحوّل قيم الثورة إلى واقع ملموس يصل إلى كل مؤسسات وفئات وهياكل المجتمع. ولم يواكب الدستور التغيير الذي حدث بالألفية الثالثة، على مستوى تطور الديمقراطية ذاتها وظهور أشكال جديدة للمشاركة والتمثيل.

التعامل مع مجموعات الألتراس والبلاك بلوك

ليس من اليسير الآن التوقع بشأن مستقبل هذه المجموعات، فقد يتحول بعضها إلى جماعات ضغط تختفي بتحقيق مطالبها، وقد تتطور مجموعات أخرى إلى تنظيمات عنف منظمة، كما قد يتم اختراق بعض المجموعات من قبل أطراف داخلية وخارجية بهدف إجهاض الثورة. وفي جميع الأحوال يمثل استخدام العنف خطرا شديدا على مستقبل البلاد والثورة معا.

ولهذا يمكن اقتراح بعض الأفكار للتعامل مع هذه الظاهرة.

فأولا،يجب على القوى السياسية، الحاكمة والمعارضة، عدم الاستهانة بأعداد هؤلاء الشباب أو بمواقفهم وأفعالهم، ولا النظر إليهم باعتبارهم فصيلا واحدا. هناك بالطبع فئات قد تكون مأجورة تعمل كأداة للثورة المضادة، وأخرى ترفع السلاح وتهدم مؤسسات الدولة، وهذه لا يصلح معها إلا سحب أي غطاء سياسي عنها ومواجهتها دون تجاوز القانون. أما ما عدا هؤلاء، كشباب الألتراس وشباب الائتلافات الثورية السلمية وغيرهم، فلا يجب تجاهلهم، فالشباب نجحوا فيما فشلت فيه النخب التقليدية، واستطاعوا إسقاط أعتى المستبدين. وهم، في اعتقادي، قادرون على قلب الطاولة من جديد في بضع سنين أو شهور، إذا أحسوا من جديد بالتهميش، وإذا لم يروا تغييرا حقيقيا في بنية السلطة وهياكلها. لقد انكسر حاجز الخوف لديهم ومازالت أدوات التعبئة الإلكترونية والشعبية في أيديهم، ونجاحهم القريب يقدم لهم قوة دفع قوية لتكرار المحاولة.

وثانيا،لن تصلح الحلول الأمنية، فجهاز الأمن لم يتم إصلاحه إصلاحا جذريا، وهو غير قادر على مواجهة موجات ثورية مستمرة بهذا الشكل. والشباب الثائر غير قابل للاحتواء أمنيا، كما أن مطالبهم قوبلت على مدى عامين بتجاهل تام مما أفسح المجال للحركات العنيفة. وكذلك من الخطورة تصور إمكانية وجود حلول عسكرية، فالجيش غير راغب، وغير قادر، على السيطرة المباشرة في ظل ثورة شعبية اللهم إلا إذا لجأ إلى النمط السوري، وهذا مستبعد بسبب التجربة السابقة للمجلس العسكري، ووطنية المؤسسة العسكرية.

ثالثا: لا مفر من إيجاد آليات للحوار والاستماع بجدية وعمق إلى الشباب والتعرف على رؤاهم، وخلق مساحات للحوار فيما بينهم أيضا. ويجب طرح القضايا الجوهرية بدلا من الانزلاق إلى قضايا فرعية يمكن معالجتها لاحقا. وأتصور هنا وجود قضيتين محوريتين للحوار: الأولى حول أسس النظام الديمقراطي المنشود، وآليات وسبل تفعيل مشاركة الشباب في كافة القطاعات السياسية والتنموية والاجتماعية، وحول كيفية إقامة هذا النظام والتوافق حوله والحفاظ عليه. أما القضية الثانية، فهي أنه في ضوء ضعف الانتماء لدى قطاعات كبيرة من الشباب، وامتداد حالة الاستقطاب إلى بعضهم، فلابد من التوافق على مبادئ وأسس هُوية وطنية جامعة، تجمع المصريين وترتب أولوياتهم وتوحد جهودهم، إلى جانب ترسيخ منظومة قيمية واجتماعية جديدة تُعلي من شأن المشاركة وأهمية التفكير في المستقبل وتجاوز كافة العقبات.

رابعا: هناك، داخل هذه المجموعات وخارجها، شباب غاضبون يعبرون عن غضبهم في مجتمع حَرَمَهم من أبسط متطلبات الحياة منذ عقود. هؤلاء قد يكونون نواة لغضبة حشود أخرى من المهمشين الذين لم تتحسن أوضاعهم بعد الثورة، ويشهدون كل يوم معارك سياسية لا ناقة لهم فيها ولا جمل. ومن الملاحظ أن البلاك بلوك ستسعى إلى دفع هؤلاء إلى التظاهر، وهو ما أشار إليه أدمن واحدة من صفحات البلاك بلوك من أن الفقراء بالمناطق الشعبية، أو ما أسماهم "الحرافيش" هم من سيسقطون النظام الحالي . إن أوضاع هؤلاء لابد أن تكون على رأس أولوياتنا، ففي بلد فيه 18 بالمائة من الأسر تعيش في غرفة واحدة، وبه أكثر من 1200 منطقة عشوائية (يعيش فيها أكثر من 12 مليون نسمة) حسب مصادر مختلفة،يجب أن تكون هناك وزارة (أو مجلس أعلى) للمهمشين والعشوائيات حتى يتم القضاء تدريجيا على هذه المشكلة ويتحول هؤلاء الناس من محرومين إلى مواطنين.

وأخيرا، يجب إدراك أن غياب الحل السياسي الشامل القائم على التفاهم والمصالحة والمشاركة وتجنب المصالح الضيقة هو السبب الأول لتفشي العنف بجميع أشكاله، وغياب هذا الحل اليوم سيوصل البلاد إلى حالة من الاحتراب الأهلي المسلح لن تخرج منه قبل سنوات.
______________________________________
د. عبدالفتاح ماضي - أستاذ العلوم السياسية المساعد بجامعة الإسكندرية

kumait
23-02-2013, 08:42 PM
http://studies.aljazeera.net/ResourceGallery/media/Images/2013/1/20//2013120113650659734_2.jpg

"ثورة الغاز الصخري" هل تحقق استقلال أميركا من سيطرة الشرق الأوسط

منذ إعلان استقلالها عن التاج البريطاني في العام 1776، ومن خلال شتى الأساليب، سياسية، دبلوماسية، اقتصادية، تكنولوجية وحتى العسكرية حاولت الولايات المتحدة الأميركية جاهدة ضمان أمن إمداداتها من مصادر الطاقة اللازمة لإدارة عجلة اقتصادها وحماية أمنها القومي، فكان في البداية الفحم، ثم حلت المصادر التقليدية للنفط والغاز، وأخيرا جاء النفط والغاز الصخري.

لقد تعرضت الولايات المتحدة على مدى تاريخها إلى أزمات اقتصادية حادة كان من بين أشدها وطأة أزمة عام 1973 حين قررت الدول العربية النفطية وقف تصدير النفط الخام للغرب فكان ذلك الحظر النفطي سببا عظيما دفعها إلى التفكير بجدية في متطلبات ضمان عدم تكرار الحظر وتفادي تأثيراته عليها. ويؤكد كثيرون أن الولايات المتحدة خاضت حروبا واشتركت في نزاعات مسلحة خلال العقود الثلاثة الماضية لضمان مصادرها من الطاقة وديمومة موقعها الاقتصادي القيادي العالمي. كما أنفقت الإدارات الأميركية المتلاحقة والشركات مئات المليارات من الدولارات لتطوير التقنيات وإنجاز البحوث والدراسات المتعلقة باستغلال مصادر الطاقة المتجددة (الرياح، الطاقة الشمسية، وطاقة الأمواج المائية)، إضافة إلى تعزيز استخدام الوقود الحيوي. ومن جانب آخر، عكفت الشركات النفطية ومراكز البحوث والدراسات والجامعات إلى تطوير وسائل وتقنيات التنقيب عن النفط والغاز واستخراج مخزوناتها لضمان الحصول على أكبر إنتاج لأطول فترة زمنية ممكنة. واستمرت الولايات المتحدة في استيراد أكثر من نصف حاجتها من النفط والغاز، كما شجعت شركاتها للاستثمار في الرمال النفطية "رمال القار" إلى جانب الاستثمار في مشروعات لاستغلال "النفط الثقيل" وكذلك التنقيب عن النفط والغاز في القارة القطبية.

وواصلت الولايات المتحدة حرصها على ضمان استمرار إستراتيجيتها في مجال الطاقة حتى تفجرت "ثورة الغاز الصخري" قبل سنوات قليلة، هذه الثورة التي لا تقل أهمية في تاريخها الاقتصادي عن ثورة استقلالها عن بريطانيا، وقد تؤدي إلى تحقيق استقلالها عن دول الشرق الأوسط النفطية. لقد قلبت ثورة الغاز الصخري كافة الموازين وخالفت كل التوقعات السابقة بالنسبة إلى مصادر الطاقة. وبرزت خلال السنوات الأربع الماضية ريادة الشركات الأميركية في طرق تحديد مكامن الغاز الصخري والتنقيب عنه واستخراجه، وستبقى على مدى سنوات طويلة قادمة قائدة العالم في هذا المجال التقني المتطور.

لقد دفعت ثورة الغاز الصخري الولايات المتحدة للتخلي "عمليا" عن كثير من ثوابتها البيئية ومطالباتها بتفادي التغييرات المناخية والحد من انبعاث الكربون، فبعد أن كانت تروج للغاز الطبيعي بأنه أفضل للبيئة، تحولت لترويج "الغاز الصخري" و"النفط الصخري" رغم أن أساليب استخراجهما يمكن أن تكون ملوثة للبيئة. وتؤكد الولايات المتحدة أن هدفها هو العمل على زيادة المعروض وتفادي شحة الإنتاج والمخزون، مما دفعها إلى الإعلان عن توقعات بزيادة كبيرة في إنتاجها من النفط والغاز خلال العقدين القادمين بما يمكنها من تحقيق الاكتفاء الذاتي من مصادر الطاقة بل ويخلق القدرة لديها على تحقيق صادرات أكبر من الغاز، مما يؤكد -إن تحققت تلك التوقعات- أنها ستتحول إلى مصدر صاف للغاز بحلول العام 2016.

وأكدت إدارة المعلومات الأميركية أن استيراد النفط والغاز والطاقة المتجددة كان في العام 2007 يمثل 29% من حاجاتها الكلية للطاقة. في حين مثلت كميات استيراد النفط والغاز والطاقة المتجددة في العام 2011 نسبة 19% من حاجتها. كما توقعت أن يزيد إنتاج الغاز الطبيعي المسال على الطلب المحلي في العام 2020. لقد كان قطاع الطاقة الأميركي في العام 2008 يعاني من ركود عظيم، ولكن ثورة الغاز الصخري حققت مكاسب للاقتصاد الأميركي، حيث تم استثمار المليارات من الدولارات إلى جانب خلق الآلاف من فرص العمل وتطوير إمكانات الابتكار والإبداع. ويتوقع أن تحوّل هذه الثورة التي حصلت في مجال مصادر الطاقة منشآت وموانئ أميركية ضخمة أقيمت لاستيراد الغاز الطبيعي إلى منشآت لتصدير الغاز الأميركي. كما بدأت هجرة معاكسة للوظائف في مجال النفط والغاز من الصين إلى الولايات المتحدة، ما يؤشر إلى بدء إعادة تشكيل قطاع وصناعة الطاقة الأميركي ويؤكد مبدأ توفير مصادر الثروة إلى جانب تكاليف استخراج مقبولة تجاريا لتحقيق مستويات عالية من المصادر غير التقليدية من النفط والغاز. ولقد ارتفعت تقديرات احتياطيات الولايات المتحدة من الغاز الطبيعي بنسبة 35% عما كانت عليه قبل سنتين فقط. وفي العام 2010 ارتفعت تقديرات مخزونات الغاز الصخري خمسة أضعاف عما كانت عليه في العام 2006. ويمثل الغاز الصخري حاليا 23% من إنتاج الغاز في الولايات المتحدة.

استخراج الغاز الصخري

الغاز الصخري هو غاز طبيعي يستخرج بطرق دقيقة ومعقدة، ويتم استخدام تقنيات حديثة ومتطورة جدا لاستخراج الغاز الطبيعي غير التقليدي من طبقات الصخور الزيتية (السجيل الصخري) تتضمن تقنيات الحفر الأفقي وتشقيق الصخور بالسوائل. وتمتاز هذه التقنيات بالدقة والكفاءة العالية مما أدى إلى خفض تكاليف الإنتاج إلى درجة تدفع البعض للاعتقاد -رغم عدم وجود أرقام موثقة- أن تكاليف مشروعات استخراج الغاز الصخري تكون أحيانا أقل من تكاليف مشاريع استخراج الغاز الطبيعي التقليدي. ويتم استخدام الضغط العالي للمياه المخلوطة برمال ومواد كيمياوية لتشقيق وتكسير الصخور الغنية بالغاز في أعماق تتجاوز الكيلومتر. وتؤكد تقارير تتعلق بعمليات استخراج الغاز الصخري من خلال عملية التشقيق الهيدروليكي أن ذلك يحتاج إلى حوالي خمسة ملايين غالون من الماء لكل بئر، إضافة إلى ضرورة التخلص من المياه المستخدمة حيث تواجه الشركات مشكلات تتعلق بالمياه المستخدمة في استخراج الغاز الصخري وأساليب التخلص منها أو معالجتها.

"الغاز الصخري" في أروقة السياسة الأميركية

لقد تحولت مسألة الغاز الصخري إلى قضية إستراتيجية في طروحات الحزبين الجمهوري والديمقراطي بالولايات المتحدة وكان ذلك واضحا ضمن حملات المتنافسين في الانتخابات الأميركية الأخيرة حين أكد المرشح الجمهوري ميت رومني قائلا: إن فزت بالانتخابات فسأطبق سياسات تهدف إلى خفض اعتماد أوروبا على مصادر الغاز الروسية". وهو بذلك يعني توفير الغاز الأميركي لسد حاجة أوروبا.

أما الرئيس باراك أوباما الديمقراطي فقال"إن الولايات المتحدة تستطيع تطوير إمدادات للغاز الطبيعي لمائة سنة قادمة، وهي احتياطيات قابعة تحت أقدامنا تستطيع خفض إمداداتنا من النفط بمقدار النصف بحلول 2020 وخلق أكثر من 600 ألف وظيفة في قطاع الغاز وحده". وفي حديث خص به مجلة التايم الأميركية قال الرئيس أوباما: "إن جهودنا فيما يتعلق بالغاز الطبيعي والنفط ستتيح لنا حرية أكبر للتحدث مع الشرق الأوسط الذي نريد أن نراه، والعالم الذي نود أن نراه". وذلك يدفع للاعتقاد بأن العلاقات الأميركية العربية التي كانت تحكمها مصالح النفط بالدرجة الأولى ستتغير في المستقبل من سياسة الحاجة الأميركية إلى النفط إلى سياسة المنافسة في تصديره، مما سيعيد ترتيب تلك العلاقات على أسس جديدة. وأكد تقرير أعدته أعلى هيئة استشارية أميركية للشؤون الاستخبارية الإستراتيجية أن بلوغ الولايات المتحدة مرحلة تلبية حاجاتها من الطاقة ذاتيا سيجعل الإنتاج الأميركي يساهم في إضعاف قدرة منظمة أوبك على التحكم بأسواق النفط. كما ستؤدي زيادة الإنتاج المحلي في الولايات المتحدة من النفط والغاز إلى خفض وارداتها من المزودين الحاليين وهم: كندا، المكسيك، دول في أميركا اللاتينية، المملكة العربية السعودية، ودول في غرب أفريقيا مما سيضطرهم للبحث عن أسواق بديلة. ومن خلال متابعة تصريحات المراقبين والمختصين يمكن رصد آراء مختلفة فقد أكد راندي ولفل الرئيس التنفيذي لشركة نوفا كيميكالز، أن اكتشافات ما يعرف بالغاز الصخري ستحول الولايات المتحدة إلى أكبر منتج للنفط الخام والغاز الطبيعي خلال السنوات الخمس عشرة المقبلة.

لكن سيرغي كومليف -رئيس قسم عقود التصدير والتسعير في شركة غاز بروم الروسية- يعتقد أن الولايات المتحدة لن تستطيع تصدير الغاز بكميات وفيرة تفي بمتطلبات الغاز الأوروبية، وأن الأسعار المتدنية للغاز في الولايات المتحدة لن تدوم طويلا. أما جيمس ديمر نائب رئيس باس غلوبل، وهي مؤسسة استشارية، فإنه يعتقد أن استخراج الغاز يكلف حاليا أكثر من السعر الذي يباع به في الأسواق، ويتوقع توقف الاستثمارات في قطاع الغاز الصخري في نهاية الأمر وبالتالي ارتفاع سعر الغاز مجددا. أما جاك غيرارد رئيس معهد البترول الأميركي فأكد أن الولايات المتحدة "تمر بنقطة تحول عظيمة في تاريخها وستعيد من خلالها تنظيم محاور الطاقة نحو الغرب ونحو سيطرتها".

إنتاج أميركا من النفط والغاز

كشفت إدارة معلومات الطاقة الأميركية الحكومية في أحدث تقرير لها أن إنتاج النفط الخام في الولايات المتحدة قفز متخطيا مستوى سبعة ملايين برميل يوميا للمرة الأولى منذ مارس/آذار 1993. أما إدارة معلومات الطاقة فإنها توقعت في أحدث تقرير لها أن إنتاج النفط الخام في الولايات المتحدة سيرتفع نحو 25% في العامين القادمين وسيقفز العام القادم لأعلى متوسط سنوي منذ 1988. وبشأن توقعات الطاقة في المدى القريب أكدت إدارة المعلومات أن إنتاج الولايات المتحدة سيرتفع في العام الجاري إلى 7.3 ملايين برميل يوميا، وسيزيد إلى 7.9 ملايين برميل يوميا في العام 2014، وتشكل الزيادة الإجمالية 23.4% من الإنتاج في العام 2012.

وتأتي أرقام النمو المذهلة للإنتاج الأميركي بفضل تحرير احتياطيات "النفط المحكمة" واستخدام عمليات التشقيق الهيدروليكية وتقنيات الحفر الأفقي.. فالنفط الصخري يتواجد في صخور رسوبية تحتوي على النفط ويمكن اعتباره بديلا للنفط الخام حيث يمكن تكريره إلى غازولين، كيروسين ووقود طائرات ووقود الديزل. وتتركز مكامن النفط الصخري في الولايات المتحدة في مناطق شمال داكوتا وفي ولاية تكساس كما تم تحديد مخزونات منه في ولايات أخرى. ومن الجدير الإشارة إلى أن مناطق ومكامن النفط التقليدية في الولايات المتحدة متفرقة وبعيدة عن مراكز وجود محطات التكرير ما يجعل إيصالها إلى الأسواق صعبا حاليا وذلك الذي جعل أسعار خام غرب تكساس تقل كثيرا عن أسعار خام برنت ما دفع الولايات المتحدة لبذل محاولاتها للتغلب على ذلك بإنشاء خطوط وشبكات نقل للنفط.

وما يتعلق بصادرات الغاز فرغم وجود قرار أميركي بمنع تصدير النفط الخام والذي تسبب في الحد من إنتاج النفط في الولايات المتحدة فإن صادرات الغاز الأميركية لا تحتاج إلى موافقات من وزارة الطاقة إلا في حالة التصدير لبعض الدول القليلة. ولقد وافقت وزارة الطاقة على زيادة كميات تصدير الغاز الأميركي، ولكن المشكلة تكمن في أن الأسواق الأوروبية تشتري الغاز الأميركي بأسعار أعلى بكثير من أسعار بيعه في السوق المحلي الأميركي، ما يجعل الأسواق المحلية عرضة لتأثيرات أسعار التصدير.

تنافس روسي أميركي أسترالي

من المؤكد أن التكنولوجيا المتطورة ستحدث تغيرات كبيرة في أسواق الغاز في العالم، بعد النجاح الذي حققته في تغيير سوق الولايات المتحدة. وستنتقل آثارها من الولايات المتحدة إلى روسيا والصين وأستراليا وسائر الدول التي تتوفر لديها مخزونات من الغاز الصخري. ويتوقع البعض حاليا حدوث ما كان غير محتمل في الماضي، وهو أن تكتفي الولايات المتحدة ذاتيا، وأن تكون روسيا أول الخاسرين. ولا يخفي البعض شكوكهم بأن موسكو تمول بصورة سرية حملة مضادة للسياسات الإستراتيجية الغربية المتعلقة بالغاز. وتقول فيونا هل المختصة بالشؤون الروسية بمعهد بروكنغز الاستشاري الأميركي "إن عهد سيطرة روسيا على أسواق الغاز الأوروبية قد ولى".

وقال تقرير صدر عن كلية كينيدي للإدارة الحكومية بجامعة هارفرد الصيف الماضي "إن مستقبل الولايات المتحدة وروسيا والصين وقدرة كل منها على التأثير في العالم مرهون بصورة أساسية بالتطورات المتعلقة بالغاز". ويذكر أن روسيا اعتادت على بيع كميات كبيرة من الغاز لأوروبا والدول الأخرى بسعر يصل إلى نحو عشرة دولارات لكل مليون وحدة حرارية، في وقت يتم فيه بيع نفس الكمية حاليا في أسواق الولايات المتحدة بنحو ثلاثة دولارات. وقد استرعى هذا الفرق اهتمام شركات الطاقة والسياسيين على حد سواء، وبدأت الحكومات الأوروبية تضع إستراتيجية لخفض إمدادات الغاز الروسية. أما أستراليا وعلى صعيد إنتاج الغاز الطبيعي فهي تستثمر في سبعة مشاريع (ثلاثة مشاريع بهدف التصدير) من بين أكبر 10 مشاريع لإنتاج الغاز الطبيعي المسال في العالم وتبلغ قيمة الاستثمارات (أسترالية وأجنبية) 183 مليار دولار أميركي في مشاريع للغاز منذ 2007.

ويتوقع اتساع رقعة الحاجة للغاز الطبيعي المسال بسرعة في حين تشهد الدول النامية ازدهارا اقتصاديا وتستخدم الغاز لإنتاج الطاقة الكهربائية. ويتوقع بعض المحللين أن تتفوق أستراليا على قطر التي تملك ثالث أكبر احتياطي للغاز في العالم، بحلول العام 2020 لكنها ستواجه منافسة شديدة من الولايات المتحدة ومن بعض الدول الأفريقية المنتجة للغاز الطبيعي. ورغم أن البعض يجادل بأن "الغاز الطبيعي أصبح أفضل خيار للاقتصادات الناشئة بسبب تنوعه وانخفاض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون مقارنة مع الموارد الأخرى" ولكن السؤال الأهم هل ذلك يشمل "الغاز الصخري" أيضا؟

"الغاز الصخري" في أوروبا

لقد أدى ارتفاع إنتاج الغاز الصخري في الولايات المتحدة إلى إعادة تشكيل أسواق الغاز العالمية كما شجع عددا من الدول كالصين وأستراليا والأرجنتين على تطوير احتياطياتها من الغاز الصخري. ويعتبر إنتاج الغاز الصخري خارج الولايات المتحدة حاليا محدودا، جدا ولا يتوقع أن يتم استخراج كميات تجارية منه قبل حلول العام 2020. وفي أوروبا تم تحديد مواقع احتياطيات الغاز الصخري كما في فرنسا وألمانيا وإيطاليا وهولندا وبولندا ورومانيا وإسبانيا والسويد وسويسرا والمملكة المتحدة. وبدأت الدول الأوروبية المنتجة للغاز الطبيعي تقييما جديا لخياراتها بشأن إنتاجها وصادراتها.

وكانت عمليات استخراج الغاز الصخري قد منعت سابقا في بولندا وفرنسا وايرلندا وفي أجزاء من ألمانيا. وتقود بريطانيا حاليا الاستثمارات في مجال الغاز الصخري تليها ألمانيا، فرنسا، إسبانيا ومن ثم بولندا. ويحذر مختصون من أن عملية استخراج الغاز الصخري تتسبب في مخاطر بيئية وصحية من خلال تلويث المياه الجوفية وتلويث الهواء إضافة إلى إمكانية خلق أوضاع جيولوجية تتسبب في حدوث هزات أرضية إلى جانب التسبب في التأثيرات المناخية. ويشكك البعض بمدى توافق التقنيات الجديدة لاستخراج الغاز الصخري مع الضوابط البيئية المطبقة والعمول بها ما أثار رفضا شعبيا في بعض الدول لمشروعات استثمار الغاز الصخري فيها.

من الرفض إلى القبول

في العام 2011 قال وزير الطاقة البريطاني كريس هون: "يجب فطام الاقتصاد البريطاني عن النفط والبحث عن بدائل"، وطالب بتنمية مصادر الطاقة النظيفة والصديقة للبيئة. أما رئيس الوزراء ديفيد كاميرون فأعلن في وقتها "خطة الكربون" لتقليل الاعتماد على مصادر الطاقة التقليدية. ورفضت الحكومة البريطانية الاستمرار في مشروعات التنقيب عن "الغاز الحجري" بعد أن تسببت في حدوث هزات أرضية خفيفة وادعاءات بتلوث المياه الجوفية وقررت إيقافها. ولكن الحكومة الائتلافية فجرت مفاجأة قبل نهاية العام 2012 حين وافقت على إقامة مشروعات لاستخراج الغاز الصخري. وتواجه عمليات استخراج الغاز الصخري في بريطانيا معضلة الكثافة السكانية العالية ما يصعب العمليات التي تحتاج إلى حفر آبار عديدة حتى لو تم ذلك باستخدام عمليات الحفر الأفقي. كما تحتاج إلى كميات كبيرة من المياه التي قد لا تتوفر باستمرار. وتقدر دائرة المسح الجيولوجي مخزونات الغاز الصخري في بريطانيا بأكثر من 5.2 تريليون قدم مكعب (150 مليار متر مكعب) وذلك يمثل 50% أكثر من مخزونات الغاز التقليدية.. ولكن ليس معروفا الكميات التي يمكن استخراجها فعليا. ورغم وجود احتياطيات من الغاز الصخري إلا أن المراقبين لا يتوقعون تراجع أسعار الغاز في بريطانيا بشكل مشابه لما شهدته الولايات المتحدة. أما في أوكرانيا فتنشط شركات عالمية في عمليات التنقيب عن الغاز الصخري بهدف تقليل الاعتماد على الغاز الروسي ويتوفر لدى أوكرانيا رابع أكبر مخزون من الغاز الصخري في أوروبا بعد بولندا وفرنسا والنرويج.

مستقبل "النفط والغاز الصخري"

لقد ساهمت "ثورة النفط والغاز الحجري" في تفنيد نظرية "ذروة إنتاج النفط والغاز" التي كانت تثير قلق الدول المنتجة والمستهلكة في العالم على حد سواء، من خلال اعتقاد البعض أن إنتاج النفط والغاز قد وصل ذروته، وأن تراجع المخزونات والاحتياطيات أمر لا مفر منه بل إنه قد بدأ فعليا. وجاءت زيادة الاستثمارات في قطاع النفط والغاز الحجري على حساب تطوير وإقامة مشروعات الطاقة المستدامة حيث تراجعت وتيرة الاندفاع الأميركي والغربي نحو تنمية مصادر "الطاقة النظيفة". كما تسببت ثورة الغاز الحجري في تراجع اندفاع الشركات للتنقيب عن مكامن النفط والغاز في القارة القطبية وتسببت ذات الثورة أيضا في تراجع الاستثمارات في مشروعات الوقود الحيوي.

ويؤكد خبراء أن "ثورة النفط والغاز الصخري" تضع ضغوطا على الأسعار. وشهد مؤتمر النفط والمال الذي عقد مؤخرا في لندن جدالا واسعا حول التوقعات المتعلقة بمستقبل النفط والغاز الصخري. وقال كريستوف دو مارجري رئيس مجلس إدارة شركة توتال "إننا نواجه ثورة من أميركا الشمالية". أما مايك دالي -أحد مسؤولي شركة بي بي النفطية البريطانية فقال: إن شركات النفط تنفق حاليا تسعين مليار دولار سنويا على عمليات التنقيب، بالمقارنة مع عشرين مليار دولار قبل خمس سنوات، بينما يذهب أكثر من نصف الإنفاق الحالي على إيجاد مصادر غير تقليدية للطاقة مثل النفط والغاز الصخري. أما الأمين العام لمنظمة أوبك عبد الله البدري فإنه يرى أن إنتاج "الغاز الصخري" لن يحظى بمساهمة كبيرة في سوق الطاقة، وحذر من أن توقعات وكالة الطاقة بأن تصبح الولايات المتحدة أكبر منتج للطاقة في العالم ستؤدي إلى هبوط الاستثمارات في الدول المنتجة الأخرى.

وطبقا لتوقعات وكالة الطاقة الدولية التي تمثل الدول الصناعية الرئيسية في العالم فإن الطلب في العالم على الغاز سيزداد بنسبة 50% في عام 2035، وستتم تلبية نصف الزيادة من مصادر الغاز غير التقليدية خاصة في الولايات المتحدة وأستراليا والصين.

شكوك بشأن ديمومة "الغاز الصخري" الأميركي

رغم أن استثمار "الغاز الصخري" في الولايات المتحدة ساهم في إعادة رسم خارطة قطاع الطاقة في العالم إلا أنه قد يواجه مشكلات تتسبب في تراجعه في المستقبل ومنها:

· أولا: استمرار الأسعار المنخفضة لبيع الغاز في الولايات المتحدة مما يدفع الشركات لخفض عدد الآبار المخصصة لاستخراج الغاز الصخري، وتؤكد إحصائية نشرت في مايو/أيار 2012 أن عدد الآبار العاملة انخفض بنسبة 30% عما كان عليه قبل عام من ذلك التاريخ، وهذا يدفع للاعتقاد بعدم استمرار ثورة الغاز الصخري في الولايات المتحدة لسنوات طويلة.
· ثانيا: تصاعد الشكوك بشأن التأثيرات البيئية لعمليات استخراج الغاز الصخري والتي تتوضح من خلال زيادة الاعتراضات الشعبية عبر حملات رفض تقوم بها منظمات أميركية غير حكومية تطالب فيها بوقف عمليات استخراج الغاز الحجري وإجبار الشركات على الإعلان عن التفاصيل والمكونات الكيمياوية للمواد المستخدمة فيها والتي تهدد بتلويث البيئة، وذلك يشير إلى ابتعاد الولايات المتحدة عن التزاماتها المتعلقة بالتغييرات المناخية وتفادي ظاهرة الاحتباس الحراري.
· ثالثا: أسواق الغاز الصخري الأميركية التي في مقدمتها الأسواق الأوروبية والتي تمتاز بأسعار مرتفعة تدفع المنتج الأميركي لتفضيل التصدير على البيع في الأسواق المحلية الأميركية (السعر يصل أحيانا إلى 4 أضعاف).
· رابعا: قد يتسبب الغاز الصخري في خفض اعتماد الولايات المتحدة على نفط وغاز الشرق الأوسط ما سيؤدي إلى تراجع المصالح الأميركية في المنطقة وهذا ما يعترض عليه كثيرون من السياسيين والاقتصاديين الأميركيين.
· خامسا: هنالك دعوات من الصناعيين الأميركيين تطالب الإدارة الأميركية بوقف تصدير الغاز من أجل سد حاجة الطلب المحلي والمحافظة على أسعار منخفضة. ولكن المختصين يؤكدون أن الأسواق وليست الحكومة من لديها السلطة على إقرار جهة وسوق بيع الغاز الأميركي.

"ثورة الغاز الصخري" هل تعرض أسواق الطاقة في الشرق الأوسط لانخفاض الطلب؟

لقد أطلقت وكالة الطاقة الدولية تسمية "العصر الذهبي للغاز" على الفترة الحالية التي جاءت معها دلائل على ارتفاع إنتاج الغاز غير التقليدي (الصخري) في الولايات المتحدة وتوقعات بمخزونات كبيرة منه في دول أخرى. ورغم أن الغاز الطبيعي يمثل أحد المحاور الرئيسة لصناعة الطاقة في العالم ولكن في ظل استمرار ركود الاقتصاد العالمي صار البعض يتوقع تراجع نشاطه حتى يعود للنمو مجددا، وذلك يجعل الدول المنتجة للنفط والغاز في منطقة الشرق الأوسط عرضة لتراجع الطلب وبالتالي تأثر إنتاجها ما يدفعها لإعادة النظر في برامجها وخططها الاقتصادية متوسطة وبعيدة المدى.

وكمثال على ذلك التأثير وإمكانية تفاديه قررت الجزائر وهي رابع أكبر مصدر للغاز في العالم، تطوير مصادر الغاز الصخري فيها. وأكدت مصادر جزائرية أن احتياطيات الغاز الصخري تصل إلى ستمائة تريليون قدم مكعب (17 تريليون متر مكعب) أي نحو أربعة أضعاف احتياطياتها الحالية المعلنة من الغاز. وقد وقعت شركة النفط والغاز الجزائرية (سوناطراك) اتفاقيات مع شركات عالمية لتطوير مصادر الغاز الصخري.. ويناقش البرلمان الجزائري قانونا جديدا للطاقة يشجع عمليات البحث عن مصادر أخرى للغاز والنفط (النفط والغاز الصخري).

أما قطر التي تعتبر في مقدمة منتجي الغاز في الشرق الأوسط والعالم والتي تشترك بأكبر مكمن للغاز الطبيعي مع إيران فإنها تعول على إقامة مشروعات مشتركة وكذلك المساهمة في مشروعات دولية تتضمن شبكات لنقل الغاز الطبيعي عبر دول الشرق الأوسط إلى جنوب أوروبا وتوسيع أسواق الغاز الطبيعي مع زيادة الطلب في ظل توقعات بخروج الاقتصاد العالمي من الركود. ويبقى الغاز الأميركي قليل التأثير عليها بالنظر لاختلاف أسواقهما وموقعها الجغرافي الذي يدفع إلى تفضيل إنتاجها في دول جنوب وشرق آسيا حاليا ودول جنوب وشرق أوروبا مستقبلا.

أما السعودية وهي أكبر بلد مصدر للنفط في العالم فتسعى لتعزيز إنتاجها من الغاز الطبيعي الذي تحتاجه لتلبية طلب محلي متسارع على الكهرباء ولتغذية صناعة البتروكيماويات ذات الأهمية الإستراتيجية. وتشهد السعودية جهودا مبرمجة لتطوير إنتاجها من النفط والغاز حيث قررت تطوير حقل مدين للغاز الطبيعي في البحر الأحمر خلال العام الجاري (اكتشف في الثمانينيات لكن لم يجر تطويره). وسيبدأ الإنتاج خلال فترة قصيرة لإمداد محطات الكهرباء بالغاز بدلا من الديزل إضافة إلى تزويد مناطق صناعية بالكهرباء والغاز.. كما تعمل السعودية على الاستثمار في إقامة محطات لتكرير النفط الخام لسد حاجة الطلب المحلي ولضمان أسواق أوسع لتصدير نفطها الخام مستقبلا.

أما الكويت التي بدأت باستيراد الغاز الطبيعي في العام 2009 لتلبية الطلب المتزايد، وتدرس حاليا استيراد الغاز الطبيعي من الولايات المتحدة لتلبية احتياجاتها لتشغيل محطات الكهرباء وتحلية المياه فإنها تخطط لمضاعفة إنتاجها من الغاز أربعة أضعاف تقريبا ليصل إلى أربعة مليارات قدم مكعبة يوميا بحلول العام 2030.

وأما إيران التي عملت على تطوير صناعة الغازفإنها تتعرض لعقوبات دولية أثرت بشكل ملحوظ على قطاع النفط والغاز فيها مما يزيد صعوبات تسويق إنتاجها خاصة وأن أغلب الدول المتعاملة معها قد التزمت بالعقوبات الدولية وتمكنت من إيجاد مصادر بديلة.

إستراتيجية لمواجهة التحديات

استنادا لدراسة حديثة فإن النفط يمثل 40% من مصادر الطاقة في العالم، يليه الغاز ويمثل 25%، أما الفحم فيمثل 15%، وتمثل مصادر الطاقة النووية 8%، أما مصادر الطاقة المتجددة فتمثل 7.5%. وسيشهد العالم تراجعا ملموسا في استخدام مصادر الطاقة النووية بعد أن قررت اليابان وألمانيا وسويسرا الاستغناء نهائيا عن المفاعلات النووية لإنتاج الطاقة بعد كارثة مفاعل فوكوشيما في اليابان قبل عامين. وأعلنت اليابان أنها ستتوقف عن استخدام الطاقة النووية في توليد الكهرباء بعد العام 2020 ما يجعلها أكبر مستورد للغاز الطبيعي في العالم وثالث أكبر مستورد للنفط.

وتنبئ التوقعات بزيادة الطلب على مصادر الطاقة في العام 2015 وفي مقدمتها زيادة كبيرة في الطلب الصيني بمقدار الثلث) وزيادة أكبر في الطلب الهندي (3 أضعاف) وكذلك الطلب الآسيوي عموما، وذلك يشير إلى الحاجة لتطوير مشروعات النفط والغاز في الدول العربية المنتجة للنفط والغاز لتحقيق زيادة قدراتها التنافسية وتوفير أسواق لإنتاجها ما يمكنها من ضمان مصادر مالية هي الأهم في ميزانياتها وخططها التنموية، وذلك يحتم إقرار برامج وسياسات إستراتيجية تأخذ بالاعتبار تنوع الأسواق وتعدد العوامل المؤثرة فيها خلال السنوات العشرين القادمة على أقل تقدير ويتحقق ذلك من خلال:

· توجيه الاستثمارات لتطوير مشروعات النفط والغاز الحالية والجديدة إضافة إلى الاستثمار في الأساليب التكنولوجية المتقدمة بما يضمن أكبر إنتاج بأقل كلفة، هنا لابد من التأكيد على أن كلفة الاستخراج في الدول العربية المنتجة للنفط تعتبر الأقل بين كل دول العالم وهذا عامل مهم يلعب دورا كبيرا في ضمان التأثير على الأسواق.
· الاستثمار في مشروعات البنى الارتكازية وشبكات نقل النفط والغاز، وطرق النقل والمواصلات لربط مناطق التنقيب المجدية لتيسير إيصال الإنتاج إلى الأسواق العالمية.
· تشجيع الاستثمار في محطات توليد الكهرباء التي تعمل بالغاز وبالتالي ضمان وجود أسواق لبيع الإنتاج.
· عقد اتفاقات مع شركات عالمية لتطوير مكامن نفط وغاز في مناطق أخرى من العالم ما يساهم في خلق مصالح وسياسات إنتاجية وتسويقية مشتركة.
· المساهمة في شراء شركات إنتاجية في مختلف دول العالم (كما هو عرض شركة غازبروم الروسية قبل أيام لشراء أكبر شركة يونانية حكومية لاستخراج الغاز) ما يعزز دور الدول المنتجة حاليا ومستقبلا.
· المساهمة في إقامة شبكات نقل نفط وغاز دولية مما يدفع للتنسيق مع الدول المنتجة الأخرى لضمان توفر الأسواق.
· إقامة محطات لتكرير النفط الخام لسد الحاجة المحلية للمنتجات المكررة وتقليل استيرادها.
· المساهمة في إنشاء محطات تكرير في الدول المستهلكة لضمان الحاجة للنفط والغاز.
· العمل على تعزيز التنسيق ووحدة المواقف بين الدول المنتجة من داخل وخارج أوبك من جهة والدول المستهلكة من جهة أخرى، كما كان التنسيق واضحا وناجحا في تحييد العامل الجيوسياسي المؤثر على أسعار النفط نتيجة تراجع إنتاج النفط الإيراني.
· دعم المنظمات والمؤسسات البيئية الدولية التي تعمل على تحقيق التزام صناعة النفط والغاز بالاتفاقيات والمعاهدات الدولية وتلبية شروطها في مجال البيئة والمحافظة عليها.

وأخيرا لابد من التأكيد على أن الولايات المتحدة الأميركية حتى لو تمكنت من تحقيق الاكتفاء الذاتي من النفط والغاز (وهذا ليس مؤكدا) فإن اقتصادها سيبقى تابعا وعرضة للتأثر بأداء الاقتصادات الأخرى كالصين واليابان والهند وروسيا والدول الناشئة الأخرى وحاجاتها لمصادر الطاقة من النفط والغاز ما يجعل الدول المنتجة للنفط والغاز تحتفظ بدورها وتأثيرها ليست كدول منتجة لمصادر الطاقة فقط ولكن لكونها أسواقا لا يمكن الاستغناء عنها أبدا.
_________________________________________
د.مصطفى البزركان - مستشار في شؤون النفط والغاز

kumait
25-02-2013, 07:56 PM
التعصب يعرّض أوروبا للخطر!
أوبن ديموكراسي وبنجامين ورد - الترجمة

ربما من الأفضل أن ننظر إلى تلك الحوادث باعتبارها معزولة أو غير متداخلة أو ناجمة عن أحداث محلية. لكنّ الحقيقة أكثر مرارة: يبدو أن مشاعر الكراهية والتعصب تزداد ترسخاً في أوروبا....تظهر ملامح التعصب في أوروبا عبر دعم الأحزاب المتطرفة وأعمال العنف والتمييز ضد الأقليات والوافدين. بدل معالجة المشكلة من أساسها، غالباً ما يستخف قادة أوروبا بالمشكلة أو يلومون الضحايا. لكن لا بد من اتخاذ خطوات مكثّفة لوقف العنف والتمييز وتقليص النفوذ المدمّر الذي تمارسه الأحزاب العنصرية، لكن من دون الحد من حرية التعبير والتجمع....في عدد من الدول الأوروبية، تشكل الأحزاب المتعصّبة التي تطبق سياسات عنصرية ومعادية لتوافد المهاجرين والأقليات جزءاً من المشهد السياسي. تتفاوت البرامج التي تطرحها تلك الأحزاب، إذ يتناسب بعضها مع أجندة الأحزاب اليمينية المتشددة التقليدية. لكنها تعرّف عن نفسها في أغلب الأحيان عبر التشديد على معارضتها القوية لجماعات معينة، مثل المسلمين والوافدين (لا سيما بين الجماعات في أوروبا الغربية) ومجموعات «روما» (في شرق أوروبا).*****دخل حزب «الفجر الذهبي» النازي الجديد إلى البرلمان اليوناني في شهر يونيو بعد أن حصد 7% من تصويت الشعب. في فرنسا، حصدت «الجبهة الوطنية» 18% تقريباً من الأصوات في أبريل 2012 خلال الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية. وفي هولندا، تسبّب «حزب الحرية» بانهيار الحكومة في أبريل 2012 بعد أن سحب دعمه للائتلاف الحاكم (مع أنه خسر تفوّقه في الانتخابات في شهر سبتمبر). حتى الفترة الأخيرة، كانت الأحزاب المتطرفة جزءاً من الحكومات الائتلافية في إيطاليا وسويسرا، وفي النمسا سابقاً. حصدت أحزاب مماثلة مكاسب مهمة في الدنمارك والسويد وفنلندا وحققت النجاح في انتخابات البرلمان الأوروبي في عام 2009 في هنغاريا والمملكة المتحدة وأماكن أخرى.

تشير دراسة من إعداد معهد «تشاتام هاوس» في عام 2011 إلى أن دعم تلك الأحزاب هو نزعة قديمة وهو يسبق التراجع الاقتصادي في معظم الحالات. صحيح أن بعض الدول الأوروبية تشهد نجاح الأحزاب اليمينية المتطرفة منذ فترة طويلة، لكن تذكر دراسة من إعداد «الشبكة الأوروبية لمناهضة العنصرية» في عام 2012 أن الأحزاب المتطرفة حققت نجاحاً متزايداً في العقد الأخير داخل البلدان التي كانت تحظى فيها تقليدياً بدعم ضئيل في الانتخابات....لا ينحصر الخطاب السياسي المتعصب ضمن الأحزاب المتطرفة. بل يستعمل السياسيون الأوروبيون البارزون عموماً لغة تحريضية أو مشفّرة للتحدث عن الأقليات التي لا تحظى بتأييد شعبي واسع. هم يبررون ذلك الخطاب على اعتبار أن الامتناع عن مناقشة مسائل مثل توافد المهاجرين يولّد مساحة سياسية للأحزاب المتطرفة. لكن بدل إبطال نفوذ الأحزاب المتطرفة، يكون هذا النوع من الخطابات التي يتبناها وزراء الحكومات وكبار السياسيين الآخرين كفيلاً بتشريع آرائها، ما يوجّه رسالة إلى الناخبين مفادها أن مظاهر كره الأجانب ومعاداة المسلمين أو مجموعات «روما» هي أمور مقبولة بدل أن تكون مواقف مخجلة.*****سمع فريق عمل منظمة «هيومن رايتس ووتش» نائباً يونانياً من حزب بارز وهو يصف الوافدين بـ»الصراصير» خلال جلسة استماع حول أعمال العنف ضد الوافدين أمام اللجنة البرلمانية اليونانية في شهر نوفمبر...قال سيلفيو برلسكوني حين كان رئيس الوزراء الإيطالي في يناير 2010 إن «تخفيض عدد الأجانب في إيطاليا يعني تراجع عدد الأشخاص الذين ينخرطون في صفوف المجرمين». في عام 2010، برر وزير الداخلية الفرنسي حينها تفكيك مجموعات «روما»، مؤكداً على أنها مصدر «الاتجار غير المشروع، واستغلال الأطفال ودفعهم للتسول، والدعارة، أو الانحراف»، بينما أدلى وزير الخارجية الروماني بتصريحات علنية تشير إلى أن مجموعات «روما» قابلة وراثياً لارتكاب الجرائم. في السنة نفسها، ألقت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل خطاباً مهماً لإخبار الوافدين في ألمانيا بما يلي: «نحن مرتبطون بالقيم المسيحية. كلّ من يرفضها لا مكان له هنا» (مع أنها عدّلت لهجتها في عام 2012 واعتبرت أن المسلمين جزء من ألمانيا)...مثلما يعكس أبرز السياسيين أحياناً الآراء المتعصبة التي ترتبط بالأحزاب المتطرفة عموماً، تشير بعض الأدلة إلى أن تلك الآراء تحظى بإجماع واسع ولا تنحصر في إطار الناخبين الذين يصوتون للأحزاب المتطرفة فقط. وفق بيانات الاقتراع في «مؤسسة فريدريش إيبرت» في عام 2010، تبين أن نصف المشاركين في الانتخابات في ثماني دول من الاتحاد الأوروبي (بما في ذلك فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة) يتقاسمون الرأي القائل إن عدد الوافدين أصبح مفرطاً في بلدانهم، وقد استنتج أكثر من 40% منهم الأمر نفسه في ما يخص المسلمين تحديداً.

تنتشر مظاهر معاداة السامية ومجموعات «روما» على نطاق واسع أيضاً. في هنغاريا، قال 68% من المشاركين في استطلاعات الرأي في ديسمبر 2012 إنهم لن يسمحوا لأولادهم بمصادقة أطفال ينتمون إلى مجموعات «روما». كانت أعداد الذين يعارضون أي صداقة بين أولادهم والأولاد الأفارقة واليهود أدنى بقليل (58% و46% على التوالي)، لكن تبقى النسبة مقلقة جداً كونها تشير إلى انتشار الأحكام المسبقة ضد مجموعات «روما» والوافدين والسامية. سجلت السلطات الألمانية والسويدية والبريطانية أعداداً كبيرة من الحوادث المعادية للسامية في عام 2010 وفق أحدث البيانات المتوافرة.

أسباب واعتداءات
ما هو سبب هذا التعصب؟

تشير الأبحاث الأكاديمية إلى أن المخاوف من فقدان الهوية الثقافية والأعمال الإرهابية والجرائم والمنافسة على الموارد الاقتصادية يمكن أن تفسر جزءاً من ما يحدث. قد لا تكون العوامل الاقتصادية المحرك الرئيسي للمشكلة، لكن لن تساعد الأزمة الاقتصادية والمالية في أوروبا وسياسة التقشف الناجمة عنها في تحسين الوضع. يمكن تقييم العواقب عبر ملاحظة تراكم الضغوط وانحصار الفرص المتاحة....في إيطاليا، وثّقت منظمة «هيومن رايتس ووتش» اعتداءات لم يتم التحقق منها وتنم عن العنصرية وكره الأجانب ضد الوافدين الأفارقة ومجموعات «روما» والإيطاليين من أصل أجنبي، بما في ذلك عنف العصابات. كذلك، وثّقت أبحاثنا مظاهر عنف العصابات ضد مخيمات تعود إلى مجموعات «روما» في نابولي وأعمال شغب دامت ثلاثة أيام ضد العمّال الأفارقة الموسميين في كالابريا. تعرّض رجل إيطالي أصله من بوركينا فاسو للضرب حتى الموت في أحد شوارع ميلانو في عام 2009 بعد عملية سرقة صغيرة لأحد المقاهي. في عام 2010، تعرض رجل إيطالي للضرب في بلدة خارج روما، فسُكب عليه البنزين وأُضرمت النار فيه. وفي نهاية عام 2011، فتح رجل النار على باعة متجولين أفارقة في فلورنسا، ما أسفر عن مقتل شخصين وجرح ثلاثة آخرين...

في اليونان، وجدت أبحاث «هيومن رايتس ووتش» أن فشل السلطات في الرد بالشكل المناسب على الاعتداءات المقصودة ضد الوافدين يفكك نسيج المجتمع. كذلك، وثّقت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أكثر من 50 اعتداءً خطيراً، وقد استهدف اثنان منها نساء حوامل. تعرّض رجل صومالي كان يطلب اللجوء إلى البلد ويعمل كمترجم لصالح منظمة «هيومن رايتس ووتش» للضرب على يد خمسة رجال في أثينا في شهر يونيو، فكسروا يده. ثم تعرض للاعتداء مجدداً في شهر يناير على يد ستة أشخاص ضربوه وركلوه فسببوا له الأذى في أنفه وظهره.

إحصاءات وأرقام

وفق دراسة حديثة من إعداد «وكالة الحقوق الأساسية» في الاتحاد الأوروبي، يعتبر واحد من أصل أربعة أشخاص منتمين إلى مجموعات «روما» (في الجمهورية التشيكية واليونان وبولندا)، أو صوماليين (في فنلندا والدنمارك)، أو أفارقة (في مالطا وإيرلندا)، أنهم اختبروا أعمال عنف ناجمة عن مشاعر الكره أو تعرضوا لمضايقات جدية خلال الأشهر الاثني عشر السابقة....لكن ترفض السلطات الوطنية بشكل متكرر الاعتراف بأن جرائم الكره هي المشكلة الفعلية. حين أصدرت منظمة «هيومن رايتس ووتش» تقريرنا عن أعمال العنف الناجمة عن كره الأجانب في إيطاليا، أصر مسؤول إيطالي خلال أحد الاجتماعات على أن «الإيطاليين ليسوا عنصريين بطبيعتهم». كذلك، قوبل تقريرنا عن جرائم الكره ضد الوافدين في اليونان بالرد الآتي: «اليونان لديها تاريخ من حسن الضيافة»....غالباً ما تشير الحكومات إلى تراجع عدد جرائم الكره المسجلة ضمن إحصاءاتها الرسمية. وتشير التقارير السنوية عن جرائم الكره في «مكتب المؤسسات الديمقراطية وحقوق الإنسان» التابع لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا إلى تراجع عدد جرائم الكره التي تسجّلها الشرطة أو التي تخضع للمحاكمة في بلدان عدة، بما في ذلك الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي. لكن تمتنع الحكومات عن الاعتراف بالفشل المتكرر في جمع بيانات مماثلة والخطأ الشائع بتصنيف الاعتداءات العنصرية مع الجرائم العادية وتردد الضحايا في الإبلاغ عن الاعتداءات ضدهم.

أقليات واستخفاف

إن النزعة إلى الاستخفاف بالمشكلة تشبه طريقة التعامل مع الجماعات اليمينية المتطرفة. في استطلاع حديث لوكالة «يوروبول» شمل 30 قوة شرطة أوروبية، أعلنت 29 قوة عن تراجع تهديد العنف اليميني (ألمانيا كانت الاستثناء). وأكدت الشرطة في خمس دول من الاتحاد الأوروبي، منها اليونان، على عدم وجود أي جماعات يمينية متطرفة ناشطة محلياً.,,لا شك أن أعمال العنف الناجمة عن الكره هي جزء صغير من المشكلة. بالنسبة إلى شريحة واسعة من الأقليات والوافدين، يبقى التمييز في السكن والتعليم والعمل أمراً واقعاً في حياتهم.,,,,,,تشير الأبحاث إلى أن المسلمين وأعضاء مجموعات «روما» يختبرون عدائية دائمة وتمييزاً مستمراً في أنحاء المنطقة. ويواجه الوافدون الأفارقة وغيرهم، فضلاً عن المواطنين الأوروبيين من أصل خارجي، تمييزاً فاضحاً حتى من جانب الشرطة. ينعكس ذلك في البيانات الشاملة التي جمعتها «وكالة الحقوق الأساسية» في عام 2009، وفي عدد من الأحكام التي أصدرتها المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان ومحكمة العدل التابعة للاتحاد الأوروبي، وفي التقارير الوافرة التي تعدّها المنظمات غير الحكومية في أنحاء أوروبا.......الوضع مقلق تحديداً بالنسبة إلى مجموعات «روما»، أكبر أقلية إثنية في أوروبا. يعترف الاتحاد الأوروبي بأن استمرار التمييز والتهميش يستدعي التدخل، وقد طور استراتيجية ووفر التمويل اللازم لتحقيق تلك الغاية. لكن عملياً، تبقى مجموعات «روما» كبش المحرقة في أغلب الحالات إذ يُتَّهم عناصرها دوماً بارتكاب الجرائم والتسبب بالمشاكل الاجتماعية.

يواجه الوافدون المنتمون إلى مجموعات «روما» من شرق أوروبا الإجلاء القسري والطرد في فرنسا وإيطاليا. عند التوجه شرقاً، في هنغاريا ورومانيا وبلغاريا والجمهورية التشيكية وسلوفاكيا، يبدو الوضع أسوأ، إذ يبقى التقدم لإنهاء الإجلاء القسري ومظاهر التمييز في أماكن السكن والمدارس ضئيلاً (هذه المشكلة قائمة في اليونان أيضاً)، وذلك على رغم توفير مئات ملايين اليورو من الاتحاد الأوروبي لتمويل هذا الملف وفرض قواعد مُلزِمة من المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان......إن هذه الانتهاكات لحقوق الإنسان الأساسية تخون القيم التي تريد أوروبا تمثيلها. هي تسبب أيضاً هدراً ضخماً للإمكانات البشرية، إذ يوجد ملايين الأشخاص الذين يستطيعون المساهمة في ازدهار أوروبا ولكنهم لا يستفيدون من خدمات التعليم والوظائف التي يحتاجون إليها لإثبات مهاراتهم.....لتقليص التعصب وعوارضه لا بد من إبداء رد متعدد الوجوه في الاتحاد الأوروبي، على المستويات الوطنية والمحلية.........أول ما يجب أن يفعله القادة على جميع المستويات هو الاعتراف بأن أوروبا لم تعد ودية ومضيافة بالقدر نفسه وأنها تسيء إلى صورتها ونسيجها الاجتماعي من خلال إنكار المشكلة. يجب أن تكون معالجة أعمال العنف الناجمة عن الكره على رأس الأولويات. ويجب أن تمرر كل حكومة قوانين صارمة وفاعلة تتطلب الاعتراف بحصول جرائم الكره وجمع البيانات والأدلة لمحاكمة المعتدين بفاعلية. ثم يجب أن يستعين القادة والمشرّعون بضباط شرطة ونيابة عامة ومحاكم تتمتع بما يلزم من الأدوات والتدريب والدعم السياسي لمقاضاة كل من يرتكب جرائم الكره...يجب أن يحرص المسؤولون أيضاً على تمكين الوافدين غير الشرعيين الذين يكونون الأكثر عرضة لأعمال العنف من طلب المساعدة من السلطات دون الخوف من الاعتقال أو الترحيل. وجدت أبحاث «هيومن رايتس ووتش» في اليونان أنّ الخوف من الاعتقال كان العائق الأساسي الذي يحول دون التبليغ عن الاعتداءات وأنّ بعض ضباط الشرطة هددوا الضحايا بالترحيل إذا أصروا على تقديم الشكاوى.

يجب أن تفرض الدول الأوروبية أيضاً تدابير عامة لمحاربة التمييز ضد الأقليات والوافدين، مع الحرص على ألا تميّز سياساتها بين الناس في القانون والممارسة. ويجب أن تفعّل التشريعات ضد التمييز عبر إنشاء هيئات ومحاكم تحصل على تمويل كافٍ لمكافحة التمييز، وأن تلتزم بشكل كامل وسريع بقواعد التمييز المطبقة في المحاكم المحلية والأوروبية. مع أن هذا الموضوع لا يزال مثيراً للجدل في بعض أجزاء أوروبا، يجب أن تجمع الحكومات الإحصاءات المصنّفة وفق الانتماء العرقي والإثني والديني للمساعدة على فهم حجم المشكلة والسماح باقتراح الحلول عبر سياسات مستهدَفة.....لكنّ حظر الأحزاب المتطرفة لن يغير على الأرجح عقلية مناصريها. بل إنه يدفع الأحزاب إلى العمل سراً ويجازف بحرمان كل من يدعمها من فرصة المشاركة في النظام السياسي. إذا فشلت الجهود الرامية إلى حظر أي حزب متطرف، قد ينتهي الأمر بتقويتها (ينتشر هذا القلق بين الأشخاص الذين يعارضون جهود حظر «الحزب الديمقراطي الوطني» في ألمانيا). ترتبط بعض الأحزاب المتطرفة في أوروبا بأعمال العنف أصلاً ويمكن أن يؤدي إقصاؤها من عالم السياسة الديمقراطية إلى رواج أعمال العنف باعتبارها أداة سياسية لأن القادة قد يتحدثون عن غياب مزعوم للخيارات السلمية البديلة.

يُفترض أن تعمل أبرز الأحزاب على سحب الدعم السياسي من تلك الأطراف من دون نسخ سياساتها أو تبني خطابها. تقدم دراسة جديدة من معهد الأبحاث Counterpoint، بعنوان «استعادة الراديكاليين المترددين»، سلسلة من الاقتراحات التي تشمل معالجة مخاوف الناخبين الأكبر سناً والناخبات لأن هذه الفئات تصوّت بشكل متزايد لصالح الأحزاب المتطرفة، ومعالجة العوامل المحلية التي تعزز دعم الأحزاب المتطرفة، والاستثمار في التعليم والخدمات لمحاربة التطرف، والاستعداد لخوض محادثات صعبة عن توافد المهاجرين ودمجهم بطريقة تعزز التسامح. تؤدي مؤسسات الاتحاد الأوروبي دوراً محورياً أيضاً في هذا المجال. لدى الاتحاد الأوروبي قوانين جيدة عموماً، منها قوانين لمنع التمييز ومحاربة العنصرية وكره الأجانب عبر نظام العدالة الجنائية. لكن يجب أن يكون الاتحاد مستعداً لمحاسبة الدول الأعضاء إذا لم تكافح التعصب وعوارضها السيئة. لا تزال جهود المراقبة والإبلاغ عن الحالات في «وكالة الحقوق الأساسية» للاتحاد الأوروبي مهمة. إن صلاحيات محكمة العدل التابعة للاتحاد الأوروبي هي أساسية أيضاً، لا سيما في مجال مكافحة التمييز.

معالجة الكراهية

لا بد من معالجة خطاب الكره أيضاً. إذا كانت أوروبا جدية بشأن كبح التعصب ووقف دعم الأحزاب المتطرفة، فيجب أن يتوقف القادة السياسيون عن استعمال اللغة التحريضية والمشفرة وأن يدينوا بشدة كل من يعبّر عن آراء مماثلة.برزت بعض الأفكار المُلهِمة لمحاربة خطاب الكره في أوروبا خلال مؤتمر بودابست في نوفمبر 2012، بما في ذلك نشر الوعي، وإلقاء الخطابات المضادة، وفرض التنظيمات الإعلامية الذاتية، وتعديل الخطاب على الإنترنت. سيُطلق مجلس أوروبا حملة واسعة في شهر مارس تستهدف الشباب لمكافحة خطاب الكره على الإنترنت....يجب محاربة خطاب الكره الذي يحرّض على العنف عبر نظام العدالة الجنائية. لكن يترافق الإفراط في استعمال نظام العدالة الجنائية مع مخاطر كبرى على حرية التعبير. تحتاج أوروبا إلى تقديم نموذج إيجابي أمام بقية دول العالم بدل أن تدافع عن نماذج تتكل على سوء استعمال السلطة ولغة التجريم التي تسيء إلى الدولة أو الجهات النافذة.....

يبرز خطر أساسي عند المبالغة في ردود الأفعال تجاه الخطاب السائد على الإنترنت وفي وسائل الإعلام الاجتماعية. بريطانيا هي خير مثال على ذلك. حصلت سلسلة من المحاكمات في بريطانيا ضد اعتداءات تشمل تعليقات عنصرية يتم نشرها على الإنترنت. في شهر أكتوبر، حُكم على شاب يبلغ 19 عاماً بالسجن مدة 12 أسبوعاً في مركز للأحداث الجانحين بعد أن كتب تعليقات، بعضها جنسي، عن فتاتين مفقودتين قيل إنهما قُتلتا. في الشهر نفسه، حُكم على رجل في العشرين من عمره بـ240 ساعة من الخدمة الاجتماعية بعد أن كتب تعليقات عن جنود مقتولين على صفحة الفيسبوك الخاصة به....إن سجن الناس لأنهم عبّروا عن رأيهم ينتهك الحقوق عموماً، لا سيما في الحالات التي تفتقر إلى الأدلة على التحريض وتشغل الشرطة والجهات القضائية التي يُفضَّل أن تركز على معاقبة كل من يرتكب أعمال العنف أو يحرّض عليها. كما أنه يوجه رسالة خاطئة إلى قادة الدول الأخرى الذين يريدون فرض الرقابة على الأحاديث على الإنترنت، بما يتناقض مع موقف الحكومة البريطانية التي تجاهر بأنها بطلة حرية التعبير على الإنترنت......

تتحدث بعض الأوساط في أوروبا أحياناً عن الحاجة إلى حماية حرية الأديان لتبرير فرض الضوابط على حرية التعبير. تواجه اليونان عدداً من التحقيقات الجنائية المستمرة بموجب قانون التجديف المحلي لعام 1951، وتستهدف إحدى القضايا إنتاجاً مسرحياً في أثينا كان قد أعاقه المتطرفون الذين اعترضوا على اعتبار يسوع مثلياً. في بولندا، أعطت المحكمة العليا الضوء الأخضر في شهر أكتوبر الماضي لمحاكمة مغني ميتال بتهمة إهانة الدين بعد أن مزق الكتاب المقدس على المسرح.

لا بد من حماية حقوق الأقليات الدينية في أوروبا، بما في ذلك حرية ممارسة شعائرها الدينية في المجالس الخاصة والعامة. لكن تنتهك قوانين التجديف التي تحمي الديانات أو تجرّم أبسط الإهانات حرية التعبير. لهذا السبب، تدعو «خطة عمل الرباط لمنع التحريض» (عملية تقودها الأمم المتحدة لتوضيح النطاق المناسب لمنع التحريض بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان) إلى إلغاء أي قوانين مماثلة. أعلنت الحكومة الهولندية في شهر نوفمبر أنها ستلغي قانون التجديف. ويجب أن تحذو حذوها الدول الأوروبية الأخرى التي لا تزال تحتفظ بقوانين التجديف في دساتيرها.

على رغم النفوذ السلبي الذي تمارسه الأحزاب السياسية المتطرفة، لا سيما تلك التي يرتبط أعضاؤها بأعمال العنف، يجب أن تقاوم الحكومات الأوروبية النزعة إلى حظرها. وافقت الحكومات في 16 ولاية من ألمانيا على دعم اقتراح حظر «الحزب الديمقراطي الوطني». وفي الآونة الأخيرة، اقترحت «اللجنة الأوروبية لمناهضة العنصرية والتعصب» ضرورة أن تفكر اليونان بحظر حزب «الفجر الذهبي». لكن تحمل هذه المقاربة مخاطر كبرى وهي تثير الشكوك حول الحق بالمشاركة السياسية وحرية التجمع إذا تورط قادة أي حزب سياسي أو أعضاء آخرون فيه في سلوك إجرامي، لا بد من محاكمتهم فضلاً عن سحب الحصانة البرلمانية منهم عند الاقتضاء. المجال مفتوح أيضاً للتفكير بفرض عقوبات أو ضوابط على الأحزاب السياسية التي تطلق خطابات أو نشاطات غير دستورية. يجب أن يدين السياسيون البارزون بكل وضوح عبارات الكره والعدائية والانقسام من جانب الأحزاب المتطرفة.

رقابة المفوضية الأوروبية

لا بد من تقوية كلمات وأفعال وأنظمة الرقابة في المفوضية الأوروبية والبرلمان الأوروبي ومجلس الاتحاد الأوروبي لكبح التعصب. من المتوقع أن تدقق المفوضية هذه السنة بالوضع القائم لتحديد ما إذا كانت الدول الأعضاء تلتزم بقواعد الاتحاد الأوروبي في ما يخص محاربة العنصرية عن طريق المحاكم. إنها فرصة جيدة للتعمق بأداء الدول ومعرفة ما إذا كانت تبذل ما يكفي من الجهود لمعالجة جرائم الكره.****يجب أن تلتزم المفوضية بتوصيات التقرير السنوي الذي صدر في شهر ديسمبر عن البرلمان الأوروبي حول الحقوق الأساسية في الاتحاد الأوروبي من أجل تطبيق الإجراءات القانونية عند حصول أي انتهاك وإطلاق تحذير أولي وحصر آلية انتهاك حقوق الإنسان ضمن حدودها الخاصة. يجب أن توسع المفوضية أيضاً نطاق تقريرها السنوي المقرَّر حول الأنظمة القضائية للدول الأعضاء كي تحترم الحقوق الأساسية.****على صعيد آخر، يجب أن يكون البرلمان الأوروبي والمجلس الأوروبي مستعدَّين لكسر حاجز الصمت الذي يجعلهما يترددان في تسمية الدول الأعضاء الفردية المتورطة في الانتهاكات. ويجب أن يستفيد المجلس بشكل أفضل من فرعه المعني بالحقوق الأساسية داخل الاتحاد الأوروبي من أجل التدقيق بالمخاوف الجوهرية على حقوق الإنسان في الدول الأعضاء، بما في ذلك العنف العنصري وكره الأجانب.****أدلى مارتن نيمولر بتصريح شهير عن ألمانيا النازية: «جاءوا في البداية بحثاً عن الشيوعيين لكني لم أعترض لأنني لم أكن شيوعياً...». ثم استنتج أنهم «قدموا من أجلي ولم يتبقَ أحد ليعبّر عن رأيي». صحيح أن أوروبا اليوم تختلف بشدة عن ما كانت عليه في الثلاثينات، لكن يذكّرنا هذا التصريح بالسبب الذي يجعل من مكافحة التعصب أمراً ضرورياً. ما لم تُعالَج هذه المشكلة، سيؤدي التعصب والكره إلى تآكل القيم الأوروبية واستنزاف مجتمعاتنا. إن معالجة المشكلة عبر طرق تصون الحقوق هي حاجة ملحّة.

nad-ali
25-02-2013, 09:20 PM
http://www.alquds.co.uk/alquds.jpg

رجال الخليج الملثمون


د. مضاوي الرشيد

حول اعتماد دول الخليج على المرتزقة المستوردة لحفظ الامن الداخلي الى سر مفضوح فعند بعض المواجهات بين اجهزة الانظمة والناشطين قد يسقط شرطي باكستاني او آخر عربي كما حدث في البحرين منذ فترة قصيرة.

https://encrypted-tbn3.gstatic.com/images?q=tbn:ANd9GcTe9coIHdr1MtKWoAU6iaWrsdAHEogmF Z3Gzs8HFlMZtRzGSfOO

وتتهم معارضات في هذه الدول الانظمة باستعمال المتعاقدين مع الاجهزة الامنية لقمع الحراك الشعبي في الشارع وقد حصل ذلك في الكويت عندما اتهم مسلم البراك حكومة الكويت باستيراد 3000 شرطي ورجل امن من الاردن لقمع مسيرات الكويت ناهيك عن عقود مع شركة بلاك ووتر ابرمتها الامارات لتدريب وتجهيز نفسها لمكافحة ما يسمى بالشغب اما السعودية لم تلجأ الى المواربة حينما استقدمت قوة متعددة الجنسيات في التسعينات لدرء عدوان خارجي عراقي مرتقب وكانت هذه الخطوة العلنية عاملا يثبت عدم جاهزية هذه الدول لتثبيت امن حدودها من عدوان خارجي. لكن نكاد نجزم ان كل الدول الخليجية لا تواجه معضلة امن خارجي بل ان معضلتها اليوم هي منبثقة من الامن الداخلي. ومهما كبرت الانظمة الخليجية ونفخت بالخطر الايراني والتهديد الذي يمثله مشروع ايران النووي او قنبلتها المزعومة الا ان المرحلة الحالية الحرجة قد قلصت هذا الخطر وتحولت انظار واعلام هذه الانظمة الى خطر آخر تحت مسمى تهديد مد الاخوان المسلمين وتغلغله في المجتمعات الخليجية ومؤسساته التعليمية والدينية والخيرية وبعد انتقال الصدام مع الانظمة من الصراع المسلح الذي مثله تنظيم القاعدة على مدى عقد كامل الى صراع سلمي استلهم ابجدياته من الحراك العربي المتمثل بالمظاهرات السلمية وجدت هذه الانظمة نفسها في مواجهة غير متوقعة فخطابات التحذير من الخلايا النائمة او حتى المؤامرات الانقلابية قد لا يجدي في هذه المرحلة التي قلبت معايير واستراتيجيات التغيير من العنف المسلح الى الاحتجاج السلمي في الشارع. فخرجت المظاهرات اولا في البحرين ثم الكويت والسعودية لتجد الانظمة نفسها وجها لوجه مع كتلة بشرية تجمع اطيافا متنوعة من الناشطين وان حاولت الانظمة اسقاط الخطاب الطائفي على مثل هذه الكتل كما حصل في البحرين وشرق السعودية الا ان محاولة تقزيم وتحجيم هذا الحراك تحت مصطلح الطائفية لا يزال غير قادر على احتواء الحراك والمطالب التي هي بدورها جاءت مختلفة ومتنوعة بين بلد وآخر. فمن اسقاط الانظمة الى اصلاحها او حتى شعارات اطلاق مساجين الرأي والمطالبة بحكومات منتخبة وجدت الانظمة الخليجية نفسها مع حراك جديد خاصة في السعودية حيث سقطت ثنائية العنف او مهادنة النظام وتحولت الى استراتيجية تركز على المطالبة بحقوق محدودة كما هو حال الاحتجاجات التي تشهدها السعودية في عمقها وليس على طرفها الشرقي فقط حينما خرجت النساء في مظاهرات ولو محدودة للمطالبة بمحاكمات عادلة لمساجين الرأي والذي يتهمهم النظام بتهم مبهمة تتراوح بين مناصرة القاعدة والتعدي على ولاة الامر او تعطيل التنمية.

https://encrypted-tbn0.gstatic.com/images?q=tbn:ANd9GcRD2-rvcXv5Qb07qgHltlbdUR3YCeXrqdPRBAh6iqTpcAjvlaQ8jg

وان كان الحراك السلمي قديما في مجتمعات مثل البحرين والكويت الا انه لم يتبلور الا بشكل محدود في السعودية خلال الخمسينات والستينات وقد تم القضاء عليه بسرعة لفتوته وانحساره في حركة عمالية لم تستطع اختراق المجتمع فبقيت محدودة في محيطها النفطي وظل المجتمع معزولا عنها غير متجاوب مع مطالبها ولذلك لم تتحول بدايات الحراك العمالي الى حركة شعبية. واستعمل النظام حينها استراتيجيتين لوأد هذا الحراك العمالي أولها القمع المباشر والسجن والنفي لرموز الحركة العمالية ومن ثم تجريم الاتحادات العمالية وثانيها استراتيجية تحجيم مشاركة المجتمع في العمل عن طريق استيراد اليد العاملة الاجنبية العربية والآسيوية فيضمن بذلك تسيير الاقتصاد بمعزل عن كوادر عريضة لها جذور في المجتمع والاستعاضة عنها بيد عاملة تفتقد للحقوق وتعتمد على عقود عمل آنية تتجدد حسب الضرورة فساهمت بذلك في تحييد المجتمع عن تلك المهن التي قد تتبلور حقوقها في تجمعات عمالية او مهنية. فقسمت اليد العاملة الى محلية تتمركز في القطاع العام وتحت سيطرة النظام ويد عاملة مستوردة ذات وضع آني طارئ.

وقد بدأ هذا النمط يتغلغل في مشاريع خصخصة الامن الداخلي حيث يناط بتنفيذه والحفاظ عليه كوادر مستوردة ليس لها جذور اجتماعية في البيئة التي تحاول السيطرة عليها ومن هنا جاءت العقود الامنية التي لا تقتصر على استيراد الاسلحة في سوق عالمية مفتوحة بل استيراد الخبرات التدريبية وحتى البشرية لتنزل الى الشارع عند الضرورة فتقمع كما تشاء دون ان تكون مرتبطة بهذا المجتمع او ذاك عن طريق اواصر قربى او لحمة اجتماعية وتكون هذه الشرائح المستوردة جاهزة لتنفيذ الاوامر مقابل الاجر المدفوع لها. واعتمدت الانظمة على الفائض العسكري الذي ترعرع في البلدان العربية تحت مظلة حكم عسكري واستوردت الانظمة من هذه الدول العربية الكوادر اما المرتبطة بأنظمتها او المطرودة منه واتجهت الى السوق العالمية الامنية لتشتري المرتزقة وقد انتجت مثل هذه البيئات المعولمة خبرات امنية تسوق نفسها في هذه السوق من جنوب افريقيا الى اوروبا الشرقية مرورا بباكستان والتي جمعتها سياسة قديمة بأنظمة مثل النظام السعودي فصدرت باكستان ليس فقط اليد العاملة بل ايضا الرجل المعسكر والذي يبيع خبراته تحت مظلة عقود امنية تبرمها حكومته مع الحكومات الخليجية المحلية وقد لقي احدهم حتفه مؤخرا في البحرين. ويمكن اعتبار المنظومة الخليجية للامن الداخلي الحالية امتدادا لمنظومة سابقة كان على اساسها الامير او الشيخ او الملك يعتمد في امنه على حلقة صغيرة من العبيد الذين يدينون له بالولاء المطلق ويستعمل جيش حضري وقبلي لحفظ الامن بمفهومه الواسع من امن المدن الى امن الحدود وبعد تعثر هذه المنظومة نتيجة مصادمات او مواجهات مع السلطة في مراحل تاريخية سابقة وصلت الانظمة الى قناعة ان الامن موضوع خطير لا يمكن ان يسلم الى تكتلات قبلية معروفة قد تنافس السلطة او تقوض مصلحتها المحدودة فأبقت على هؤلاء بصورة شكلية استعراضية وسلمت الملف الامني لاشخاص قد لا يتمتعون بتلك العلاقات او الطموحات الكبيرة فخلقت لهم ادوارا في شرطة المرور او السوق وابعدتهم عن المفصل المركزي في امن الدولة ما عدا اجهزة المخابرات التي تعمل في دولة الظل المتمثلة بشبكة امنية واسعة متغلغلة في الخفاء تدير ملفات الاعتقال والتجسس وغيره من اساليب خفية. وفي الشارع الخليجي خاصة بعد التحول التاريخي الى اساليب الحراك السلمي كان لا بد من مواجهة الحراك البشري بكتلة بشرية اخرى مطعمة بالمرتزقة المستوردة الملثمة التي تقف على مسافة قصيرة من المتظاهر في مصادمات اصبحت يومية في مناطق كالسعودية والبحرين والكويت. ومن اهم ملامح رجل الامن الملثم ان لا ملامح له مجازيا وواقعيا حيث يخفي لثامه هويته محلية كانت او مستوردة ويتحرر من حزازيات القتل وتبعياته في مجتمعات لا تزال غارقة في اعتمادها على العلاقات الشخصية والتعارف الاجتماعي والتواصل الاسري.

فالملثم المستورد والمحلي بترسانته المنقولة وادوات قمعه المعروفة من خراطيم الغاز وقنابله المستوردة ناهيك عن الذخيرة الحية والقنابل اليدوية ووسائل نقله العصرية اصبح ظاهرة ملازمة للتحول الحاصل على الارض من التهويل بالخطر الخارجي الى واقعية حراك سلمي متكرر يأبى ان يتراجع. ونستطيع ان نجزم ان ظاهرة رجل الامن الملثم تتلازم مع انطلاقة هذا الحراك المكثف الذي لم تشهده بعض الدول الخليجية في العقود الماضية بهذا الشكل رغم وجوده سابقا في مناطق معروفة. وكلما شككت الانظمة بولاء المجتمعات كلما ازداد اعتمادها على اللثام الحديث ووسائل القتل والقمع الجديدة في محاولة للهروب من مواجهة الحقيقة التي فرضت نفسها في شوارع مدن عامرة تتباهى بالعمران العصري وساحات اثقلتها يد السلطة وصورها المتناثرة على الجدران والمباني والمؤسسات. فوجود المجتمع والكتل البشرية في هذه الساحات والشوارع لاهداف غير التنقل والتسوق المنشود والمتوفر غيّر المعادلة التي حاولت السعودية وغيرها من الدول الخليجية فرضها وهي تقتضي الى تحويل المجتمع من المواطنة الى الاستهلاك واليوم نجد اطيافا كبيرة وعريضة لم تقتنع بالاستهلاك كبديل للمواطنة والحقوق ولذلك قد خرجت الى الشارع طلبا لمنظومة جديدة تحل محل تلك القديمة المشبوهة بالفساد والاحتكار والانتقائية والتي اثقلت هذه المجتمعات التي ظلت غير مقتنعة بتحييدها الى الابد وانهكت اقتصادها بل استنزفته تحت شعارات التنمية والاستقرار وفشلت في توفير اهم حق يطلبه المجتمع وهو حق العمل المصادر والمعتبر كهبة مقابل الولاء المطلق. في ظل هذه التحولات التاريخية التي تشهدها منطقة الخليج سيظل رجل الامن الملثم المستورد والمحلي سمة ملازمة تلجأ اليها الانظمة غير المتصالحة مع مطالب شعوبها والتي آثرت خصخصة الامن الداخلي على مستويات متباينة تهدف من جديد الى تحييد المجتمع لتبقى هي المسيطرة على ثرواته وسيادته ومستقبله.

‘ كاتبة واكاديمية من الجزيرة العربية

kumait
25-02-2013, 09:58 PM
http://www.alhejazi.net/images/124_7_500.jpg
جيل ثالث انتهت صلاحيته
http://www.alhejazi.net/images/124_8_500.jpg
أمواتٌ غير أحياء!

وفاة أمير الرياض سطام والتغيير عبر (ملك الموت)!
الأمراء الحاكمون: (أمواتٌ غير أحياء وما يشعرون)
عبدالحميد قدس

كان أمراً متوقعاً أن تكرّ سبحة الموت فتتخطف أبناء مؤسس الدولة عبدالعزيز آل سعود، بحيث أن الفارق بين وفاة أمير وأخيه تتقلّص الى أشهر قليلة بعد أن كان يُحسب بالسنوات.

عدد الأخوة كبير، وتواريخ ميلادهم متقاربة، وبالتالي فإن أعمارهم متقاربة أيضاً. وفي حين أن الأعمار بيد الله، فإن سنته في الموت ماضية على الجميع. اكثر من 36 ولداً كانوا أبناء مؤسس الدولة. أولهم (وهو تركي) ولد في الكويت عام 1900؛ وآخرهم حمود الذي ولد في الرياض عام 1947. تركي توفي عام 1919 بالحمى الأسبانية، وحمود توفي عام 1994؛ وما بين ولادة الإثنين اقتربت الأعوام أكثر فأكثر، ولنشهد وفاة العديد من الأمراء في السنوات القليلة الأخيرة مثل: سلطان ونايف وحديثاً سطام، امير الرياض الذي توفي في 12 من هذا الشهر (فبراير).

لماذا لم يفكر الأمراء في مسألة استقرار حكمهم من جهة ترتيب شؤون الخلافة، قبل أن يحشروا في أرذل العمر، ويضطروا الى تغييرات متتابعة تنهك الدولة واستقرارها؟ ثم مَن بقي حيّاً من الأمراء الـ 36؟

المتوفون حسب التاريخ (20 من 36 أميراً وملكاً):

1/ تركي (1900-1919)؛ كانت وفاته بسبب الوباء الذي فتك بآلاف من البشر.
2/ منصور (1918-1951)؛ من أحب ابناء ابن سعود الى نفسه، وهو أول وزير دفاع منذ تأسيس الوزارة عام 1944، كان مرشحاً للحكم، وتصارع مع أخويه فيصل وسعود عليه في حياة أبيه. اشتهر بالقسوة وقد سجل دبلوماسيون اجانب جوانب من فتكه وبطشه وسحله لمواطنين.
3/ ثامر (1937-1953)؛ أمه نوف الشعلانية بنت زعيم قبيلة الرولة، انتحر في ميامي بامريكا، حيث صبّ الزيت على ملابسه وأشعل في نفسه النار في يونيو 1953.
4/ الملك سعود (1902-1968)؛ ولد ليلة احتلال الرياض، وتوفي في المنفى باليونان في نوفمبر 1969 بعد عزله عام 1964.
5/ الملك فيصل (1906-1975)؛ كان ملكاً ووزير خارجية ورئيس مجلس وزراء. قُتل على يد ابن اخيه فيصل بن مساعد انتقاماً لمقتل أخيه خالد بن مساعد. قيل ان السي آي أيه دبرت مقتله بالتعاون مع فهد.
6/ الملك خالد (1913-1982)؛ كان شخصية ضعيفة، ومنذ توليه الملك عام 1975 كان مجرد اسم، وكان فهد يدير البلد بالنيابة.
7/ ناصر (1913-1984)؛ أول من تولى امارة الرياض في 1947، واشتهر بالفجور الى حدّ ان والده اضطر الى جلده علناً.
8/ عبدالمحسن (1925-1985)؛ وزير داخلية سابق في عهد الملك سعود؛ ثم خرج معترضاً ضمن قائمة (الأمراء الأحرار)، وقد أغراه فيصل بالعودة، وكافأه بأن ولاّه أمارة المدينة المنورة وبقي في منصبه حتى وفاته. كانت سمعته سيئة، كما كان متجاهراً بالتحلّل، وقد وقعت بينه وبين المشايخ مشاجرات!
9/ محمد (1910-1988)؛ لقبه أبوه بـ (ابو الشرين)، فقد كان شرساً، قاتلاً كما سطرت ذلك الكتب للنساء والأطفال، عيّنه ابوه أميراً للمدينة فور احتلالها في ديسمبر 1925. أيضاً كان متجاهراً بالسكر والفسق، وجلده أبوه امام الملأ، كما يذكر وزير العراق المفوض في السعودية امين المميز في مذكراته. ومحمد شقيق الملك خالد، وقد تنازل له بأن يكون ملكاً، لأنه يعلم بانه ليس رجل دولة. محمد كان كبير العائلة وكانت كلمته مسموعة، وله دور في مقتل الأميرة التي تزوجت أحد ابناء العامة، وفضح الأمر في (فيلم موت أميرة).
10/ سعد (1915-1993)؛ لم يتولّ مناصب رسمية.
11/ حمود (1947-1994)؛ لم يهتم بالموضوع السياسي وكان منشغلاً بأعماله التجارية.
12/ مشاري (1932-2000)؛ وهو الذي قتل نائب القنصل البريطاني في جدة سيريل اوسمان بالرصاص في نوفمبر 1951، وكان في حالة سكر، وبسبب شجار بسيط وقع بينهما. قيل ان القنصل رفض تناول الخمر معه، فقتله! كما دون ذلك مؤرخون. الملك اعطى زوجة المتوفى (دورثي) عشرين الف جنيه كفدية وارتحلت الى جنوب افريقيا. اما مشاري فقد اختفى الى ان هدأ والده، ولم يعاقب. ولكن ـ ربما بسبب تلك الحادثة ـ قضي على آماله السياسية ان كان لديه تطلع بشأنها.
13/ ماجد (1938-2003)؛ تولى وزارة الشؤون البلدية والقروية ثم عيّن أميراً لمكة حتى وفاته. كان يعتبر نفسه مختلفاً عن آل سعود، وكان متواضعاً محبوباً من النخبة الحجازية، ومكروهاً من الجناح السديري. لكن أداءه الإداري لم يكن متميزاً، وكان السديريون يتعمدون إفشاله بتخفيض مخصصات أمارة مكة، ما أوقع تلك المنطقة في مشاكل الى اليوم.
14/ الملك فهد (1923-2005)؛ عين ابتداءً وزيراً للمعارف ـ التعليم بين عامي 1953-1960، وان كان لم ينه حتى شهادة السادس الإبتدائي! وكان يدير الوزارة وكيله عبدالوهاب عبدالواسع. ثم اصبح في 1962 وزيراً للداخلية بعد ان اصطف مع فيصل ضد سعود؛ ليصبح ولي عهد خالد، ثم ملكاً غير متوج عام 1982. في 1996 اصيب بجلطة في الدماغ اقعدته وأقعدت البلد وجمدت الحياة فيها حتى وفاته عام 2005.
15/ عبدالمجيد (1941-2007)؛ عُين أميراً لمنطقة تبوك حتى 1987 لينقل بعدها الى امارة منطقة المدينة، ثم الى أمارة مكة بدعم من الملك عبدالله الذي رأى فيه دعماً لجناحه مقابل السديريين. لكن القدر لم يمهله فقد أًصيب بالسرطان وارتحل الى امريكا للعلاج، ثم عاد ومات. لم يشهد له انه كان متميزاً في الإدارة، وقد اتهم بالنهب والفساد شأنه شأن أفراد عائلته الآخرين.
16/ فواز (1934-2008)؛ كان من الأمراء الأحرار!، وعاد فعيّنه فيصل أميراً لمكّة، وقد اشتهر بالفسوق والمجون، وكُتبت عنه كتب توضح مسلكه من قبل غربيين، وقد هاجمه جهيمان من المسجد الحرام علناً، وبعد اسبوعين من وقوع حادثة احتلال الحرم أُقيل من منصبه في ديسمبر 1979 لتهدئة الرأي العام.
17/ سلطان (1931-2011)؛ تولى في عهد أبيه رئاسة الحرس الملكي، ثم عيّن كأول وزير للزراعة عام 1953؛ فوزيراً للمواصلات عام 1955 حتى عام 1960، ليصبح بعدها وزيراً للدفاع عام 1962 حتى وفاته، اضافة الى توليه ولاية العهد بعد وفاة الملك فهد. كان مقرباً من فيصل وأبناء فيصل، وكان أكثر من اشتهر بالفساد والنهب واطلق عليه (الوهّاب النّهاب)، وكان كثير الكلام، واطلق عليه فيصل لقب (أبو الكلام)! لم يكن الملك خالد يثق به ورآه مخادعاً معتدياً على المحارم.
18/ نايف (1934-2012)؛ كان اميراً للرياض برهة من الزمن؛ ثم وكيلاً لوزارة الداخلية في عهد شقيقه فهد، ليصبح وزيراً كاملاً عام 1975 بعد مقتل فيصل، وليصبح ايضاً ولياً للعهد بعد وفاة شقيقه سلطان. عرف عنه الشدّة والقسوة وقتل الخصوم وتعذيبهم، كما عرف عنه تملّقه وتقرّبه من المشايخ الوهابيين ليكونوا في صفّه، فأطلقوا عليه (حامي السنّة)! أسس مركزاً باسمه باسم (السنّة النبوية) امعاناً في التضليل وترضية للمشايخ الذين أحبوه لقمعه خصومهم الأيديولوجيين ومنافسيهم من الليبراليين والإصلاحيين والشيعة. اشتهر عنه قوله في منتصف الثمانينيات: (المرأة لن تقود السيارة ما دمتُ حيّاً)!
19/ هذلول (1942-2012)؛ لم يشغل منصباً سياسياً، وانقطع الى أعماله التجارية.
20/ سطام (1940-2013). وهو شقيق ماجد، كان نائباً لسلمان في أمارة الرياض، وبعد تعيين سلمان ولياً للعهد ووزيراً للدفاع، اصبح سطام تلقائياً اميراً للرياض. ولم يعمّر في منصبه إلا أشهراً قليلة.

الأحياء حسب ترتيب السنّ (16 أميراً بينهم ملك):

1/ بندر (1921- 92 سنة)؛ لم يتول مناصب رسمية، وابنه امير لمنطقة القصيم.
2/ مساعد (1923- 90 سنة)؛ لم يتول منصباً رسمياً، واتهم بالجنون كونه تزوج من شمرية، اي من قبيلة حكام نجد السابقين، وقد قتل ابنه خالد بأمر من فهد وزير الداخلية عام 1964، ولكن ابنه الآخر فيصل قتل الملك فيصل لاحقاً في مارس 1975، ثم تم إعدامه.
3/ الملك عبدالله (1924- 89 سنة)؛ تولى رئاسة الحرس الوطني منذ 1963، وقد أقنعه عبدالعزيز التويجري بأن يقبل المنصب ويعود الى المملكة، وكان معترضاً ومقيماً في بيروت، وذلك لأن المنصب يمكن ان يكبر به ويحفظ له موقعه في السلطة. وهذا ما حدث. لم يتخل عبدالله عن الحرس الوطني إلا بعد ان اصبح ملكاً ليحول رئاسته الى ابنه متعب. عبدالله كان ولياً للعهد منذ 1982، وكان السديريون يتمنون ازاحته ولكن محمد ابو الشرين أوقفهم، فلم يستطيعوا إزاحته. وتشاء ارادة الله ان يتوفى أقطاب الجناح السديري قبله (فهد وسلطان ونايف)! ما منحه فرصة لتعديل مسار الحكم، وتعيين عدد من أبنائه في مناصب كبيرة وفق ما يشتهي في غياب كبار الامراء وعجزهم. الملك يعتبر عاجزاً عن أداء مهماته، ولكنه متلكيء في نقل السلطة الى الجيل الثالث.
4/ مشعل (1925- 88 سنة)؛ شقيق منصور، واصبح وزيراً للدفاع بعد وفاة شقيقه (1951-1957)، ثم تولى امارة مكة برهة من الزمن. يعتبر من لصوص الأراضي الكبار (ملك الشبوك)، وكان قد تنازل لسلطان بولاية العهد مقابل مليارات الدولارات ومساحات شاسعة من الأراضي. وهو يرأس هيئة البيعة حالياً، مع ان الهيئة لا قيمة له ولا مكانة ولا تأثير حقيقي في تحديد مسار الخلافة.
5/ متعب (1928- 85 سنة)؛ تولى وزارة الإسكان عام 1975، ثم وزيراً للبلديات، واعترض على تعيين نايف نائباً ثانياً ـ اي ولياً للعهد مستقبلاً ـ فرفض الحضور الى جلسات مجلس الوزراء. تولى ابنه منصور الوزارة وراثة من أبيه.
6/ طلال (1931- 82 سنة)؛ هو ابن مناير، زوجة ابن سعود المحببة، وكان يسميها (البقرة الحمراء) كونها جارية. تولى وزارة المواصلات عام 1954، اعترض على الملك سعود عام 1958 ودعم فيصلاً، ثم انقلب على هذا الأخير فاستعاد سعود صلاحياته عام 1960 واصبح طلال وزيراً للمالية بين 1960-1961، ثم استقال وقاد مجموعة الأمراء الأحرار التي تطالب بالإصلاح وكان معه (فواز، وبدر، وعبدالمحسن، وسعد بن فهد) ومنذئذ لم يتسلم منصباً، ونُظر اليه معادياً من قبل الجناح السديري.
7/عبدالرحمن (1931- 82 سنة)؛ من السديريين السبعة، تولى نيابة وزارة الدفاع والطيران بين عامي 1979-2012 اي حتى إقالته العام الماضي حين تم تعيين شقيقه سلمان وزيراً للدفاع. ايضاً يعتبر من لصوص الأراضي الكبار، وهو جاهل بالسياسة والإدارة، ولكنه غاضب على إزاحته من منصبه، ورأى لنفسه الحق بأن يكون الملك القادم (حسب السنّ).
8/ بدر (1932- 81 سنة)؛ تولى وزارة المواصلات بين 1960-1961 قبل ان يلتحق بطلال الى المنفى؛ ثم عاد وشغل منصب نائب رئيس الحرس الوطني، قبل أن يبعده الملك عبدالله ويعين ابنه متعب.
9/ تركي الثاني (1932- 81 سنة)؛ ولاه فيصل نيابة وزارة الدفاع والطيران عام 1969 وبقي فيها الى 1979، حين غضب عليه إخوته لزواجه من هند الفاسي، فاستقال او اقيل وارتحل الى مصر وبقي فيها الى عام 2010، حيث توفيت الزوجة وعاد تركي مع اولاده.
10/ نواف (1933- 80 سنة)؛ عين وزيراً للمالية لبرهة بعد رحيل طلال معارضاً عام 1961؛ وفي 2001 عين رئيساً للإستخبارات خلفاً لتركي الفيصل؛ واستمر في منصبه حتى 2005، ليعين مكانه الأمير مقرن ـ النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء حالياً.
11/ ولي العهد سلمان (1936- 77 سنة)؛ تولى امارة الرياض من 1954 الى نوفمبر 2011 (عدا فترات قصيرة). وهو يمتلك كل اسرار العائلة ومشاكلها ما أعطاه قوة غير مسبوقة، حيث كان يبتزّ الجميع. في 2011 عين وزيراً للدفاع بعد وفاة سلطان، وبعد أشهر عينه الملك ولياً للعهد بعد وفاة شقيقه نايف، وذلك خارج اطار هيئة البيعة. وسلمان يمتلك الحصة الأكبر في الشركة السعودية للأبحاث والتسويق، ويتولى ابناؤه العديد من المناصب. عرف عنه خشونته حتى على أبنائه، الذين توفي بعضهم بسبب الإدمان (فهد نائب امير الشرقية السابق؛ وأحمد رئيس الشركة مثلاً) كما أنه متهم بقتل أحد أبنائه ـ غير الشرعيين.
12/ ممدوح (1939- 74 سنة)؛ عيّن عام 1986 اميراً لتبوك؛ ولما وجد فهد أن ضبط طموحاته صار صعباً، خدعه بأن اقنعه بالتنازل ليتولى منصب رئيس (مركز الدراسات الاستراتيجية) والذي تحتاجه البلاد! صدق ممدوح الأمر، وتمت الإقالة من الإمارة والتعيين في المركز الذي لم ير النور الى اليوم، ولا توجد له حتى طاولة وليس مكتباً!
13/ عبدالإله (1939- 74 سنة)؛ عين اميراً للقصيم عام 1980 وحتى عام 1992، وفي 1999 عين اميراً لمنطقة الجوف، ليقال منها بعد ثلاث سنوات ويعين كمستشار للملك، ولازال! بمعنى أن منصب الإستشارية مجرد من أية صلاحيات.
14/ مشهور (1942- 71 سنة)؛ لم يتول مناصب ومنشغل في أعماله التجارية.
15/ أحمد (1942- 71 سنة)؛ من السديريين السبعة، عينه فيصل وكيلاً لإمارة مكة، وفي 1975 عيّن نائباً لنايف في وزارة الداخلية، وبقي في المنصب حتى يونيو الماضي 2012، حيث تمت ترقيته ليصبح وزيراً للداخلية ولكن لأقل من خمسة أشهر (تم اعفاؤه في 5/12/2012). وكان متوقعاً ان يكون احمد ولي عهد شقيقه سلمان، لكن تبين ان توزيره في الداخلية اصطدم مع الرجل الأساس والقوي فيها محمد بن نايف الذي كان يديرها كاملة في عهد والده، واراد أحمد ان يسحب الصلاحيات من ابن اخيه، وحدث صراع قوي فضّل معه الملك إزاحة أحمد، لصالح ابن الأخ محمد بن نايف، المرغوب أمريكياً جداً.

16/ مقرن، النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء (1945- 68 سنة)؛ خدم كطيار في القوات الجوية ثم أصبح آمراً فيها، وفي 1980 تم تعيينه أميراً لحائل لمدة 19 عاماً، لينقل الى امارة المدينة في اواخر 1999، وليمضي فيها ست سنوات حتى تعيينه عام 2005 رئيساً للإستخبارات العامة خلفاً لنواف. وفي يوليو 2012 اطيح به من جهاز الإستخبارات لصالح بندر بن سلطان، وليتولى هو منصباً استشارياً اسمياً. لكن السماء منحته ما لم يتوقعه، ففي الأول من هذا الشهر فبراير تم تعيينه نائباً ثانياً لرئيس مجلس الوزراء، أي أنه سيكون ـ ما لم يحدث أمر غير متوقع ـ الملك القادم بعد سلمان. والأعمار بيد الله!

ملاحظات عامة

الأولى ـ أن القيادة السعودية هرمة جداً، فمن بين الأحياء من أبناء عبدالعزيز، وعددهم 16 أميراً، هناك 10 منهم تجاوزوا سن الثمانين وبينهم الملك الذي يقترب من التسعين عاماً (بعضهم تجاوز التسعين كمساعد وبندر). ايضاً هناك 5 من 16 تجاوزوا السبعين عاماً، وبعضهم اقترب من الثمانين حتى (مثل ولي العهد سلمان). ولا يبقى سوى أمير واحد هو مقرن والذي لم يتخط عمره سقف السبعين (68 عاماً)؛ مع انه بالتقويم الهجري ـ المعتمد في السعودية ـ وصل الى السبعين عاماً (مقرن من مواليد 7/11/1364هـ، ونحن الآن في شهر 4 من عام 1434هـ).

وبناء على هذا، فإن هذه القيادة المعمّرة، اذا اعتبرنا ان الحكم ينتقل من الأخ لأخيه، فإن تعيين أصغر ابناء ابن سعود لا يغير من شيخوخة القيادة التي هي متحكمة الآن بالسلطة، وإن حُصرت في الملك وولي عهده. لا تستطيع السعودية ان تمضي في طريق التعافي بمثل هذه القيادة.

الثانية ـ مثلما اقتربت تواريخ الولادة لأبناء ابن سعود، فإن تواريخ وفاتهم ـ والأعمار بيد الله ـ ستكون متقاربة، ذلك أن الأغلبية الساحقة من أبناء عبدالعزيز (15 من 16) هم فوق السبعين، وبعضهم تجاوز التسعين. ما يشير الى موت متسارع، لا يفصل الواحد عن الآخر إلا قليلاً، اي أشهر فحسب. هذه الفاصلة التي تصغر مع الزمن، تسبب الإرباك لأي حكم، خاصة مع وجود عدد هائل من الحفدة (ابناء الجيل الثالث) الذين أصابت الكثير منهم الشيخوخة أيضاً، وبعضهم أكبر من أعمامه سنّاً.

وهنا تكمن الملاحظة:

بين عام 1919 وحتى عام 1960، توفي ثلاثة إخوة، في 41 عاماً، بمعدل يزيد عن 13 سنة كفارق بين المتوفين.
بين 1961 وحتى 1980 توفي إثنان في عشرين سنة، أي أن الفارق تقلّص الى 10 سنوات.
وبين 1981 وعام 2000 توفي سبعة إخوة، في عشرين سنة، بفارق تقريبي يصل الى أقل من ثلاث سنوات.
وبين 2001 وحتى الآن 2013، توفي ثمانية أخوة، في 12 سنة وشهرين، بفارق يتقلص الى سنة ونصف بين كل وفاة (معدلاً).

ماذا يعني هذا؟

إنه يعني ضرورة التجديد لمسألة الوراثة، بل حتميته، فالتأخير لا يزيد الأمور إلاّ سوءً، واقتراب الموت من الطبقة العليا، بدون ترتيب الخلافة الى الجيل الثالث، ولا ترتيب أمور الجيل الثالث نفسه فيجعلهم متوائمين متفقين، بسبب غياب النظام والمرجعية التي تحكم عملية الخلافة.. يعني تفجير الوضع برمته بعد غياب الملك وولي عهده سلمان.

لا ننس هنا عجزة الجيل الثالث أيضاً ـ المبتلين بالأمراض والعاهات ـ مثل:

ـ خالد الفيصل، من مواليد 1941، وهو امير مكة الآن، ويبلغ من العمر 72 عاماً.
ـ سعود الفيصل، من مواليد عام 1940، وهو وزير الخارجية منذ 1975، ويبلغ من العمر 73 عاماً.
ـ تركي الفيصل، وهو اصغر ابناء الملك فيصل، وهو من مواليد 1945، اي انه في عمر عمّه مقرن، 68 عاماً.
ـ خالد بن سلطان، نائب وزير الدفاع، ومالك جريدة الحياة، وهو من مواليد 1949 ويبلغ من العمر 64 عاماً.
ـ محمد بن فهد، الذي تولى امارة المنطقة الشرقية لثمان وعشرين سنة (من يناير 1985 وحتى يناير 2013)، وهو من مواليد 1950 ويبلغ من العمر 63 عاماً.
ـ بندر بن سلطان، رئيس الإستخبارات العامة، سفير السعودية في واشنطن سابقاً. وهو من مواليد 1949، ويبلغ من العمر 64 عاماً.

هذه عيّنات أسماء بلغت من الكبر عتيّاً، وهي تحسب على جيل (جديد) او (جيل ثالث)..
هؤلاء يفترض أن لا يتولوا مناصب جديدة، ان اريد تجديد شباب الدولة!!

بوفاة أمير الرياض (سطام)، يتزايد صراع الأمراء لخلافته، من جيلي الأبناء والحفدة، ولكن الأزمة الحقيقة ـ اضافة الى أزمة الخلافة ـ هي أزمة (شرعية النظام). فحتى لو تمّ الوصول الى حلول جذرية او مؤقتة لمسألة وراثة العرش، فإن هناك شعباً بدأ بفتح عينيه على واقع السلطة المهلهل، وعلى واقع الفساد المستشري في العائلة المالكة، وهو يطالب بالتجديد والإصلاح، وإلا فالتغيير الشامل. السؤال كيف سيتعامل الأمراء مع هذه المطالب الشعبية المتصاعدة وغير المسبوقة تاريخياً؟

kumait
01-03-2013, 04:12 PM
اسرائيل والربيع الكردي
صحف عبرية
2013-02-28

أحدثت الهزة التي تعصف بالشرق الاوسط في أعقاب الربيع العربي تغييرات جغرافية سياسية بعيدة الاثر في منطقتنا. فمن جهة، أدت هذه الى بعض التردي في الميزان الاستراتيجي لاسرائيل، وعمقت هشاشة الاتفاقات التي وقعت مع مصر، الفلسطينيين والاردن. ومن جهة اخرى، فتحت امامها فرصا جديدة، هي تحصيل حاصل لضعف الدول القومية والانهيار المحتمل لاحدى الوحدات السياسية المصطنعة التي صممت بعد الحرب العالمية الاولى.

احد الامثلة البارزة على الدولة القومية في سياق الانهيار هي العراق. فمنذ قيامه لم ينجح العراق في بلورة هوية قومية عراقية شاملة، تجسر الهوة بين القومية العربية والقومية الكردية التي تطلعت الى تقرير المصير. وبدأت التطلعات الكردية تتحقق مع قيام 'اقليم كردستان'، بعد حرب الخليج في 1991، الخطوة التي تسارعت في أعقاب الاجتياح الامريكي للعراق في 2003 والانسحاب منه في 2011. وخلق ضعف الحكم المركزي في بغداد وآثار الربيع العربي وضعا توجد فيه اليوم دولة كردية بحكم الامر الواقع تؤدي مهامها بشكل مستقل في ظل دفع ضريبة لفظية لوحدة العراق الاقليمية. لقد فهم الاكراد بان الاعلان عن اقامة دولة سيجعلهم فقط يصطدمون بدول مجاورة وسيمس بتطلعاتهم على المدى البعيد. ولهذا فقد امتنعوا عن مثل هذه الخطوة الرسمية.

في باقي الدول الثلاثة التي يتواجد فيها الاكراد ايضا، والذين يبلغ عددهم معا اكثر من 30 مليون نسمة، يحدث اليوم 'ربيع كردي' موازٍ لـ 'الربيع العربي'. فالاحداث في سوريا استغلت من الاكراد الذين يسكنون في شمالي الدولة لاقامة حكم ذاتي في منطقتهم الكردية. هذا الحكم الذاتي يعزز علاقاته مع الحكم الذاتي في كردستان العراقية، ويخلق معها تواصلا اقليميا ايضا. وأدت هذه الخطوات بالتوازي الى تشديد ضغوط الاكراد الاتراك لاقامة حكم ذاتي كردي في تركيا، وكذا الاكراد في ايران لا يصمتون.

ويحث الربيع الكردي سياقات التحول الديمقراطي بسرعة اكبر مما في الانظمة الجديدة في المنطقة التي تعتمد على الاسلام السياسي. وتغير هذه التطورات الخريطة الجغرافية السياسية كما عرفناها حتى الان والسؤال المركزي هو كيف ينبغي لاسرائيل أن تستعد حيالها.

على اسرائيل ان تنظر في النقاط التالية:

هل يوجد مجال 'للخروج من العلبة' ومحاولة اقامة علاقات مع القوة الصاعدة في المنطقة، اي الاكراد؟
هل الاكراد أنفسهم معنيون بمثل هذه العلاقة؟
أي تأثير كفيل بان يكون للعلاقات مع الاكراد على علاقات اسرائيل تركيا؟

كيان كردي مستقر ومتين في العراق كفيل بان يشكل ذخرا استراتيجيا صرفا لاسرائيل، ولا سيما عندما يرتبط مثل هذا الكيان بحبله السري بالاكراد في سوريا، في تركيا وفي ايران، ويخلق حضورا عرقيا ذا مغزى يتمتع بتواصل اقليمي. فالاكراد يرون في اسرائيل نموذجا قدوة، وعلى المستوى الشعبي يوجد عطف تجاه اليهود وتجاه اسرائيل، بسبب ما يعتبر شراكة في المصير بين الشعبين اللذين ترفض الدول المحيطة بهما حقهم في دولة خاصة بهم. وأعلن زعماء الاقليم الكردي في العراق غير مرة بان لا مانع من اقامة علاقات مع اسرائيل حين يجد الحكم المركزي من السليم عمل ذلك. وخلف الكواليس يلمحون ايضا بانهم مستعدون لاقامة كل علاقات مع اسرائيل التي تعتبر حليفا طبيعيا في محيط معادٍ للاكراد. ومع ذلك، ففي الاقليم الكردي في العراق توجد مخاوف كبرى من ردود فعل العالم العربي، ولا سيما ايران على اقامة علاقات مع اسرائيل.

الفكرة السائدة في اسرائيل هي أن العلاقات مع الاكراد ستمس بشدة بالعلاقات مع أنقرة. مثل هذا الفهم يتجاهل التغييرات التي وقعت في علاقات تركيا والاكراد وعلاقات تركيا واسرائيل. فقد تحولت تركيا نفسها الى شريان الحياة المركزي، وربما المؤسسة بالفعل لكردستان العراقية. كما أن أنقرة تعمل بكد على حل المشكلة الكردية الداخلية. وعليه فلم يعد هناك مجال للخوف من العلاقات مع الاكراد. فعلاقات تركيا اسرائيل على اي حال توجد في درك أسفل غير مسبوق ولا يبدو في الافق تغيير بعيد الاثر.

فالدعم الذي تعطيه أنقره لحماس، والتي هي منظمة ارهابية بكل معنى الكلمة، والتهجمات التي لا تنتهي على اسرائيل والمس بها في كل محفل دولي يستدعي تأسيس بنية علاقات جديدة تقوم على أساس التماثل والتبادلية. واذا ما وعندما يكون تحسين في العلاقات بيننا وبين تركيا، فان على اسرائيل أن تبقي لنفسها حرية اقامة علاقات مع الاكراد مثلما تقيم تركيا علاقات وثيقة مع الفلسطينيين بل وتظهر كسيدة لحماس.

مرغوب فيه جدا محاولة تحسين العلاقات مع تركيا ولكن يجب الفهم بان التغييرات الواسعة التي حصلت في تركيا تجعل الامر صعبا جدا. فليس الاكراد هم الذين سيشكلون العائق امام تحسين العلاقات واسرائيل يمكنها أن تنزع عنها هذا القيد الذي نبع من الرغبة في الحفاظ على شبكة علاقات سليمة مع الاتراك.

يجدر باسرائيل أن تتبنى سياسة نشطة ترى في الكيان الكردي في شمال العراق وفرعه في سوريا حليفا. وتبني مثل هذه السياسة معناه المساعدة الانسانية، الاقتصادية والسياسية. وبالنسبة للاكراد في تركيا، لا ينبغي لاسرائيل أن تظهر كمن ينبش في الشؤون الداخلية لتركيا ومن جهة اخرى عليها أن تبلور موقفا اخلاقيا بالنسبة للموضوع الكردي. كما أنه لا مانع لان تحث اسرائيل العلاقات مع الاكراد في ايران، الذين يوجدون في مواجهة مع النظام الاسلامي. وللمساعدة الاسرائيلة في مرحلة مبكرة كهذه كفيل بان تكون أهمية في المدى البعيد، وكل ذلك بالطبع على فرض انه يوجد اهتمام كردي لمثل هذه المساعدة. في نظرنا يعد هذا جهدا اسرائيليا جديرا.

عوفرة بنجو وعوديد عيران
' البروفيسورة بنجو هي باحثة في مركز ديان في جامعة تل أبيب؛
د. عيران باحث في مركز بحوث الامن القومي جامعة تل أبيب.
هآرتس 28/2013

kumait
01-03-2013, 04:32 PM
http://studies.aljazeera.net/ResourceGallery/media/Images/2013/2/28/201322893634564734_8.jpg
الرئيس الصومالي حسن الشيخ محمود ووزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون بمقر الوزارة بواشنطن (الفرنسية)

الاعتراف الأمريكي بالحكومة الصومالية وتأثيراته السياسية في المنطقة
عبد الرحمن محمد حسين

أثارت قضية الاعتراف الدبلوماسي الأمريكي بالنظام الصومالي الجديد الذي يرأسه حسن شيخ محمود الكثير من التساؤلات حول أهميته وتأثيراته السياسية محليا وإقليميا ودوليا.

ظهرت كلينتون وزيرة الخارجية الأمريكية مع الرئيس حسن شيخ محمود في مؤتمر صحفي يوم 17 يناير/ كانون الثاني 2013 عقداه معا في وزارة الخارجية الأمريكية، أعلنت فيه الإدارة الأمريكية استرجاع العلاقات الدبلوماسية مع الصومال بعد انقطاع دام أكثر من 22 عاما. وفي عام 1991م حين سقطت الحكومة المركزية الصومالية سحبت أمريكا بعثتها الدبلوماسية من الصومال، ولم تكن الإدارة الأمريكية تتعامل منذ ذلك مع الحكومات الانتقالية المتعاقبة بطريقة رسمية، وإنما كانت تتعامل معها بالطرق الأمنية أي عبر مؤسساتها الأمنية بفروعها المختفة على ما يخدم مصالحها القومية الاستراتيجية في الصومال وفي محيطها الإقليمي.

وقد أثير بعض الأسئلة المهمة حول هذا الاعتراف الأمريكي للنظام. وتحاول هذه الورقة أن تسلط الضوء على ذلك وتأثيراته المحلية والإقليمية من خلال تحليله عبر المحاور التالية:

بدايات العلاقات الصومالية الأمريكية.. التحالف الإستراتيجي

اعترفت أمريكا رسميا بالصومال في أول يوم من استقلاله 1يوليو 1960، وذلك بإرسال تهنئة من الرئيس الأمريكي أيزنهاور إلى الرئيس الصومالي آدم عبد الله عثمان، ورفعت أمريكا قنصليتها في مقديشو الي مستوى السفارة وكان على رأسها القائم بالأعمال: أندروغ ليينج.

ومنذ ذلك الوقت شهدت العلاقات الصومالية الأمريكية تجاذبات وتوترات كثيرة، كان السبب الرئيسي وراءها رغبةَ الدولة الصومالية الوليدة في تحرير بقية الأراضي الصومالية، والتي ما فتئت تحت الاستعمار (الإثيوبي، الفرنسي، والبريطاني-الكيني). وكانت أمريكا قد وقعت معاهدة عسكرية مع إثيوبيا في عام 1953 لمدة 25عاما قابلة للتجديد، مقابل حصولها على تسهيلات عسكرية في ميناء (كاجينوا) بارتريا.

عندما استقل الصومال وجدت الدولة نفسها في حاجة ماسة إلى قوة تستند اليها، وخاصة أنه كانت في نية القادة الصوماليين استعادة الأراضي الصومالية التي ما زالت مستعمَرة. ولذلك توجه رئيس الوزراء الصومالي عبد الرشيد علي شرماركي إلى أمريكا في عام 1963، وقابل الرئيس الأمريكي جون كينيدي، وبعد مناقشات ومداولات طويلة عرضت الإدارة الأمريكية على الحكومة الصومالية بأنها تقوم بتسليح خمسة آلاف جندي من الجيش الصومالي وذلك بشرط ألا تُستخدم ضد كينيا وإثيوبيا، مما كان يعني بصورة مباشرة الاعتراض على المطالبة على بقية الأراضي الصومالية من قبل الحكومة الأمريكية. وكانت لأمريكا بعض المشروعات التنموية في الصومال مثل مشروع جوبا للتطوير الزراعي ومشاريع تنقيب البترول، كما أنها كانت تنوي إقامة قواعد عسكرية، إلا أن الطرح الأمريكي لم يكن مقنعا للحكومة الصومالية، ولذلك توجهت الي الاتحاد السوفييتي الذي وعد ببناء جيش صومالي قوامه عشرون ألف جنديا خلال عشرين سنة. ووقعت معاهدة تعاون بين البلدين في هذا الشأن في عام 1963.

وكانت الاستراتيجية الأمريكية في القرن الإفريقي تعتمد في ذلك الوقت على:

· إبعاد الاتحاد السوفييتي من السيطرة على باب المندب الاستراتيجي.
· حماية استمرار تدفق البترول إلى أمريكا والدول الأوروبية.

وفي عام 1977 اختلف الصومال والاتحاد السوفييتي في مسألة الحرب مع الجارة إثيوبيا لتحرير منطقة الصومال الغربي التي تحتلها. ووقف الاتحاد السوفييتي إلى جانب إثيوبيا ضد الصومال، ولم يكن أمام الصومال إلا الرجوع إلى دائرة التأثير الأمريكي، وكان هذا خطأ استراتيجيا وسوء تقدير من قبل القيادة الصومالية في ذلك الوقت للحسابات السياسية والاستراتيجية الأمريكية في المنطقة، خاصة بعد زيارة رئيس الوزراء الصومالي لأمريكا في عام 1963، حيث اتضح للقيادة السياسية الصومالية من خلال تلك الزيارة، الموقف الأمريكي الرسمي من هذه المسألة، وتجاوبت أمريكا مع المطالب الصومالية ولكن بشروط كان من ضمنها: انسحاب الجيش الصومالي من الأراضي التي حررها من إثيوبيا والتي كانت تفوق 90% من منطقة الصومال الغربي، منح قاعدة بربرة الاستراتيجية لأمريكا بعد طرد الاتحاد السوفييتي منها، وأن يكون الدعم فقط للأغراض الدفاعية لا الهجومية. وعلى هذا الأساس عقدت اتفاقية الدفاع المشترك بين الحكومتين الصومالية والأمريكية، والتي بسببها حصلت أمريكا علي كل التسهيلات البرية والبحرية والجوية في موانئ ومطارات الصومال، وأنشأت قواعد أمريكية في أماكن كان يستخدمها الجيش السوفييتي في كل من بربرة وكيسمايو، وكانت تعد هذه التسهيلات بدون مقابل بالنسبة لأمريكا.

واستمر هذا التعاون -أو هذا الاستخدام- بين الدولتين حتي أثار الرأي العام الأمريكي موضوع انتهاكات حقوق الانسان في الصومال أواخر ثمانينيات القرن الماضي. وتحت ضغط الكونغرس الأمريكي أنهت إدارة بوش الأب المساعدات العسكرية للصومال في عام 1988. وأثناء احتدام القتال في مقديشو يناير/ كانون الثاني عام 1991 أخلت أمريكا سفارتها وأجلت جميع رعاياها من الصومال، مما يعني توقف العلاقات الدبلوماسية مع الصومال بشكل عملي كما أوقفت أمريكا التعامل مع الأنظمة الصومالية التي جاءت بعد ذلك علي أنهم الممثلون الشرعيون للصومال وشعبه.

أمريكا لم تغب طويلا عن الساحة الصومالية، فقد قادت أكبر عملية عسكرية إنسانية في التاريخ تحت اسم (عملية إعادة الأمل) في 9 ديسمبر/ كانون الأول عام 1992م، وذلك بقرار من الأمم المتحدة والتي هدفت إلى القضاء علي المجاعة في الصومال، وقد نجحت هذه المهمة في بداية الأمر إلا أن التدخل الأمريكي في الشئون الداخلية وعدم وضوح المهام القيادية بين القوات الأممية أدت إلى نشوب حرب بين القوات الدولية بقيادة أمريكا وقوات الجنرال محمد فارح عيديد مما أدى إلى مقتل آلاف الصوماليين ومئات من القوات الأممية والأمريكية، كان من ضمنها 18 جنديا أمريكيا والمئات من الصوماليين قتلوا في يوم واحد، 3 أكتوبر/ تشرين الأول 1993، وفي هذا اليوم تم سحل جثة أحد الجنود الأمريكيين في شوارع مقديشو في مشهد أثار الرأي العام الأمريكي الذي ضغط على حكومته، مما أدى إلى إعلان الإدارة الأمريكية بقيادة كلينتون سحب قواتها من الصومال، وتفويض مهمة حفظ السلام في الصومال الي الأمم المتحدة. وكان لهذا الانسحاب تأثيراته السلبية الواضحة على العلاقات الصومالية الأمريكية فيما بعد والتي اتسمت بالشكوك وعدم الثقة المتبادلة ليس فقط على المستوى السياسي بل على المستوى الشعبي أيضا. ولذلك فوضت أمريكا مسألة التدخل –سواء كان سياسيا أو عسكريا- في الشئون الصومالية إلى حلفائها الإقليميين: مثل دول منظمة إيغاد، وعلى رأسها إثيوبيا وكينيا وحصرت دورها الإدارة من وراء الكواليس، وتوجيه حلفاها الإقليميين أمنيا وسياسيا.

من نهاية التسعينيات القرن الماضي إلى الآن.. الصومال والإرهاب

في عام 2000م تم انشاء أول حكومة انتقالية صومالية في جيبوتي بعد اجتماع مصالحة دام أكثر من ستة أشهر، وتم انتخاب عبد القاسم صلاد حسن رئيسا لهذه الحكومة، وقد رحبت أمريكا بالنظام الجديد واعتبرته خطوة إلى الأمام، إلا أنها لم تعترف بالنظام كحكومة شرعية للصومال. مما أعطى إشارة واضحة إلى الدول المجاورة بعدم التعامل مع الحكومة الوليدة والاستمرار في دعم حلفائهم من زعماء الحرب في الصومال. وتزامن إنشاء هذه الحكومة مع أحداث الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول 2001، وتحدث بوش عن الدول أو الأماكن التي تتخفى فيها القاعدة، وأصبح الصومال بعد أفغانستان على رأس الدول التي يمكن أن تجد القاعدة فيه ملاذا آمنا وذلك لعدم وجود حكومة تسيطر على البلاد، وأصبح في قائمة الأولويات الأمريكية في محاربة الإرهاب، كما أن التفجيرات الذي حدثت في 1998 والتي استهدفت السفارات الأمريكية في نيروبي/كينيا ودار السلام/تنزانيا ألقت بظلالها على الصومال حيث ذُكِر أن المنفذين فروا إلى الصومال حيث لا حكومة تتعقبهم.

وفي خلال الاثنتا عشرة سنة الماضية 2001-2012, كان ملف محاربة الإرهاب يسيطر على العلاقات الصومالية الأمريكية، وبما أن الوضع في الصومال لم يكن واضحا بما فيه الكفاية لدى الإدارة الأمريكية، فإن إثيوبيا وزعماء الحرب المتحالفين معها في الصومال قد استغلوا الوضع لصالحهم، ولأن أمريكا لم تكن تنوي التدخل المباشر في الصومال قامت بدعم زعماء الحرب في الصومال، وشجعتهم على تأسيس تحالف جديد سمي (تحالف إعادة السلام ومحاربة الإرهاب) والذي ضم 11 من زعماء الحرب في مقديشو. وكان هدفه القضاء على الإسلاميين الذين نما نفوذهم في الصومال وخاصة في العاصمة مقديشو عبر المحاكم الإسلامية. وكانت أمريكا تدعم هذا التحالف شهريا بمبلغ مائة وخمسين ألف دولار وذلك لجمع معلومات عن ثلاثة أفراد من تنظيم القاعدة يشتبه في أن لهم صلة بتفجير السفارتين الأمريكيتين في نيروبي ودار السلام، حسب رأي الحكومة الأمريكية. وقد طلب التحالف –مستغلا الدعم الأمريكي- من المحاكم الإسلامية تسليم الإرهابيين. وأعلن التحالف الحرب على المحاكم الإسلامية في 18 فبراير/ شباط 2006 أدت في نهاية المطاف إلى هزيمة تحالف زعماء الحرب، حيث خرج آخر واحد منهم من العاصمة في 11 يوليو/ تموز 2006، وسيطرة الإسلاميين على أغلبية المناطق الجنوبية والوسطى من الصومال، ومحاصرة الحكومة الصومالية الانتقالية في مقرها المؤقت في مدينة بيداوة جنوب غرب العاصمة.

وبعد هزيمة تحالف زعماء الحرب، لم يبق أمام الحكومة الأمريكية خيار آخر غير التدخل المباشر أو الحرب بالوكالة لهزيمة الإسلاميين في الصومال، واتخذت الخيار الثاني حيث استخدمت القوات الإثيوبية وذلك تحت ذريعة حماية الحكومة الشرعية برئاسة عبد الله يوسف، كما ادَّعت إثيوبيا أن أمنها في خطر. وبقرار الامم المتحدة رقم 1725(6 ديسيمبر/ كانون الأول 2006) سمح لدول الاتحاد الإفريقي إرسال قوات إفريقية عرفت باسم "أميصوم" (AMISOM) لحماية الحكومة الصومالية. ولكن إثيوبيا أرسلت عشرات الآلاف من جنودها خارج قرار مجلس الأمن بإيعاز من أمريكا ومدعية كذلك بأن الحكومة الشرعية في الصومال طلبت منها كتابيا هذا التدخل، واستطاعت إثيوبيا الاطاحة بالإسلاميين وإحضار حكومة عبد الله يوسف إلى مقديشو لأول مرة. اندلعت حرب عصابات بين الصوماليين والقوات الإثيوبية أثقلت كاهل القوات الإثيوبية انتهت بانسحاب القوات الإثيوبية بمفاوضات سلام بين الحكومة الانتقالية وتحالف اعادة تحرير الصومال بقيادة الشيخ شريف، حفظا لماء وجه إثيوبيا التي انهزمت قواتها في الصومال. وبعد مفاوضات دامت ثمانية أشهر، تم الاتفاق على توسيع البرلمان وادماج أعضاء تحالف إعادة تحرير الصومال برئاسة الشيخ شريف في البرلمان وانتخابه رئيسا للبلاد. وبهذا نجحت أمريكا بتقسيم الإسلاميين إلى معتدلين يمكن التعامل معهم بقيادة الشيخ شريف، ومتشددين مما فتح جولة جديدة من الحرب بين الإسلاميين فيما بينهم.

وفي الفترة التي ترأس الشيخ شريف البلاد 2009-2012، لم يحدث تغيير يذكر في العلاقات الصومالية الأمريكية، حيث واصلت أمريكا تركيزها على موضوع مكافحة الإرهاب والتعامل مع الحكومة الصومالية على هذا المنظور الأمني فقط. ولذلك انحصر دورها بشكل شبه كلي على دعم قوات البعثة الإفريقية في الصومال (AMISOM) لمحاربة حركة الشباب المجاهدين، ولم يرقى دعمها للجيش الصومالي إلى المستوى المطلوب في فترة شيخ شريف وذلك بعدم ثقتها في كفاءة حكومته في جوانب مختلفة.

أربعة أسباب وراء الاعتراف الأمريكي بالحكومة الصومالية

لم يكن الاعتراف الأمريكي وليد اللحظة، ففي خلال الاثنا عشر سنة الماضية التي تعاقبت فيها على الصومال ثلاثة أنظمة انتقالية، كان الوجود والاهتمام الأمريكي ينمو، ففي بداية الأمر كانت الشئون الصومالية تدار عبر السفارة الأمريكية في نيروبي، ثم عينت الإدارة الأمريكية مبعوثا للشئون الصومالية، كما كانت هناك تطورات إيجابية وإن كانت قليلة وبطيئة، سواء كانت سياسية وعسكرية وبناء مؤسسات الدولة خلال الحكومات الانتقالية المتعاقبة. وقد توجت هذه الانجازات القليلة بإجازة دستور جديد لأول مرة بالصومال منذ الحرب الأهلية، وانتخاب برلمان جديد انتخب بدوره كلا من رئيسي مجلس الشعب ورئيس جمهورية الصومالية الفدرالية. والجديد في الأمر أن هذا تم داخل الصومال لأول مرة لمدة تزيد على 42 سنة، وتحت اشراف الحكومة الصومالية.

والأمر الثاني: هو تحسن الوضع الأمني وتقهقر حركة الشباب المجاهدين أمام ضربات القوات الصومالية والأميصوم وإخلائها كبري المدن الصومالية الاستراتيجية، وتزامن هذا التقهقر مع التطورات السياسية السابقة.

ثالثا: ونتيجة لهذه التطورات الإيجابية، تزايد الاهتمام الإقليمي والدولي بالشأن الصومالي، وكان لتركيا القدح المعلى في الاهتمام حيث قام رئيس وزرائها (السيد رجب طيب أردوغان) زيارة تاريخية إلى الصومال أعلن في خلالها أن تركيا جاءت لمساعدة الصوماليين ولن ترجع. وفتحت تركيا سفارتها في مقديشو كما بدأت بإنشاء مشاريع صحية، وتعليمية، وخدمية. وعلى إثر هذه الزيارة، بدأت الخطوط التركية رحلاتها بين اسطنبول ومقديشو، وبذلك أصبحت أول شركة طيران عالمية تكسر العزلة المفروضة على مقديشو منذ 22 سنة. وهذا الاهتمام التركي لاقى ترحيبا كبيرا من الشعب الصومالي في الداخل والخارج، كما شكلت هذه الخطوات من قبل تركيا تحديا واضحا للدول الغربية التي كانت دائما تتذرع بعدم الأمن في مقديشو لعدم دعمها، وكان الفعل التركي يثبت عكس ذلك حيث إن الأتراك يمارسون أعمالهم الإنسانية والتنموية في مقديشو بصفة عادية ولم يتعرضوا إلى أي أذي، مما جعل الدول الغربية تتسابق الآن في طلب قطع أراضي لتشييد سفارات جديدة أو ترميم سفاراتها القديمة في الصومال: مثل أمريكا، وبريطانيا، وايطاليا، والاتحاد الأوروبي، والنرويج، مما جعل لزاما على أمريكا أن تتخذ مثل هذه الخطوة قبل فوات الأوان.

رابعا: بروز قيادات صومالية جديدة ذات خلفيات مدنية، بمن فيهم الرئيس: حسن شيخ الذي كان الرئيس المؤسس لواحدة من أرقي الجامعات الصومالية (جامعة سيمد)، ووضع هذا المجتمع الدولي أمام التزام أخلاقي بدعم هذه الحكومة الديمقراطية الوليدة ذات الخلفية المدنية.

وأخيرا الأطماع الأمريكية القديمة في الموارد الطبيعية في الصومال، المعدنية منها والبترولية.

أهمية الاعتراف وتأثيراته السياسية

يأتي هذا الاعتراف الأمريكي في توقيت مهم للحكومة الصومالية التي تحاول إعادة الأمن والاستقرار إلى البلد، ولكي تتمكن من هذا فإنها تحتاج إلى عدة عوامل مهمة منها الاعتراف الدبلوماسي من الدول ذات الوزن الثقيل في المسرح الدولي مثل أمريكا، والذي يقضي بدوره على أن هذه الحكومة هي الجهة الشرعية الوحيدة للشعب الصومالي التي يجب التعامل معها.

والواضح أن تأثيرات هذا الاعتراف لا تقتصر فقط على الناحية المعنوية بل تتعداها إلى غير ذلك:

التأثيرات المحلية

سيعطي هذا الاعتراف الحكومة الصومالية فرصة التلقي المباشر للدعم الأمريكي الحكومي وغير الحكومي لإعادة بناء المؤسسات الحكومية الصومالية، كما أنه يعطي الحكومة فرصة الاقتراض من المؤسسات الدولية: مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، وهذه القروض مهمة جدا بالنسبة للحكومة الصومالية، حيث كان من أهم أسباب فشل الحكومات الصومالية المتعاقبة، عدم قدرتها على تسيير أبسط يومياتها المالية ناهيك عن العجز عن التنمية لعدم كفاية الدخل القومي.

تراجع خطورة تفكك الوطن (اقليم بونتلاند وجمهورية أرض الصومال)

كانت الإدارة الأمريكية تتعامل مع هذين الإقليمين والحكومات الانتقالية السابقة على حد سواء، إلا أن وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة هيلاري كلينتون أعلنت بصفة رسمية في مؤتمرها الصحفي الذي عقدته مع الرئيس الصومالي في واشنطن 17 يناير/ كانون الثاني 2013، أن سياسة التعامل المزدوج مع الصومال قد انتهت. وأن أمريكا تتعامل من اليوم مع حكومة صومالية ذات سيادة كاملة على أراضيها، مما يعني أن محاولات أرض الصومال في الانفصال ونيل الاعتراف من المجتمع الدولي أصبحت أبعد مما كانت عليه من قبل أو على الأقل لا يمكن أن تأتي إلا بتراضي الطرفين في مقديشو وهرجيسا، واحتمال اعترافها أحاديا من قبل بعض الدول أصبح بعيد المنال بعد هذا الإعلان الأمريكي الصريح. كما أن بونتلاند ستفقد كثيرا من قوة استحواذها السياسي التي كات تتمتع بها أمام الحكومات الانتقالية السابقة في ظل غياب إقليم شمال الصومال (جمهورية أرض الصومال) من المسرح السياسي الصومالي في العقدين الأخيرين. كما أن المهتمين بالإقليم اقتصاديا لا يمكن أن يتجاهلوا موقف الحكومة الفيدرالية.

تأثيرات الاعتراف على المجموعات المناهضة

ومما لا شك فيه أن أمريكا كانت في حالة حرب بالوكالة في الصومال منذ 2007، مثلتها قوات البعثة الإفريقية (أميصوم) والقوات الصومالية من جهة والقاعدة التي تمثلها حركة الشباب المجاهدين من الجهة الثانية. وقد كانت أمريكا تدعم الحكومة الصومالية بمؤن الجيش وبعض العتاد عبر الأميصوم، ولكن هذا الاعتراف ربما يغير من كيفية الدعم الأمريكي للصومال. أما من ناحية الشباب المجاهدين، فإن هذا الاعتراف لا يغير من موقفهم شيئا من الناحية المبدئية، ومن الناحية الميدانية فيبدوا أنهم استعدوا لحرب عصابات طويلة الأمد.

تأثيرات الاعتراف الإقليمية والدولية

لا شك في أن دول المنطقة ستحاول على الأقل إرضاء لأمريكا على أن تتعامل مع الحكومة الصومالية كممثل شرعي ووحيد للشعب الصومالي. كما يعطي الاعتراف قوة دبلوماسية للحكومة الصومالية أمام دول الجوار، وسوف تتراجع هيمنة أو تأثيرات دول الجوار على القرار الصومالي الداخلي والخارجي، مما يؤدي إلى عودة الصومال إلى حظيرة المجتمع الدولي. وبالنسبة لأمريكا فأنها ستحصل على موطئ قدم في السواحل الصومالية مقابل هذا الاعتراف، كما أن شركاتها البترولية قد تعود أيضا إلى التنقيب عن النفط والغاز في الصومال.

الخلاصة

إن هذا الاعتراف الأمريكي بحكومة الصومال هو اعتراف دبلوماسي للنظام الجديد فقط لا أكثر، ولكي تستفيد منه الحكومة الصومالية الجديدة، لا بد لها ان تضع في الحسبان النقاط الاتية:

· ستظل الإدارة الأمريكية تتعامل مع الملف الصومالي على أنه ملف أمني من الدرجة الأولى، وليس من السهل إخراجه من هذه الدائرة إلا في حال التخلص من الإرهاب والتطرف في الصومال حسب المفهوم الأمريكي. ولا يلوح في الأفق أن هذا الإنجاز قريب التحقق.
· لا بد من الحكومة أن تترجم هذا الاعتراف في الواقع الأمر إلى انجازات أمنية وسياسية واقتصادية، تعود بالنفع على المواطن الصومالي العادي، وهذا وحده يمكن أن يكون كفيلا على نجاح الحكومة محليا ودوليا.
· استخدام هذا الاعتراف كعنصر جذب للحكومات الإقليمية لإعادة لحمة البلد ووحدته لا كعنصر ابتزاز للأقاليم المستقرة واستخدامه كأسلوب ضغط دبلوماسي.

ومما لا شك فيه أن هذا الاعتراف يتطلب كثيرا من الجهد والوقت من الحكومة الصومالية حتي يعطي أكله على أرض الواقع، صوماليا، وإقليميا، ودوليا. إن استثمار هذه الفرصة على الطريقة المثلى للبلد أمنيا، وسياسيا، واقتصاديا، يشكل أكبر تحد أمام الحكومة الصومالية الحالية فهل ستنجح في هذا التحدي؟ الوقت وحده هو الكفيل للإجابة عن هذا التساؤل، فلنتركه له.
__________________________
عبد الرحمن محمد حسين - باحث، ومحاضر في جامعة سيمد في مقديشو

kumait
01-03-2013, 05:05 PM
أميركا والتوجه الإستراتيجي شرقا.. الفرص والتحديات

توطئة

أثار إعلان الرئيس أوباما عن نية إدارته التركيز على البعد الآسيوي خلال الولاية الثانية كثيرا من التساؤلات حول دوافع تلك التوجهات المستحدثة، وطبيعتها، ومدى تأثيرها على اهتمام الولايات المتحدة بمناطق العالم الأخرى وبصفة خاصة الشرق الأوسط. وغني عن البيان أن هذا التوجه قد سبب قدرا من التوجس لدى حلفاء الولايات المتحدة التقليديين. وفى هذه الورقة نتناول باختصار شرحا لأسباب ونتائج هذه السياسة على مقدرات التفاعل الدولي عموما وعلى المنطقة العربية على وجه الخصوص.

أولاً: المعنى والمضمون

بصفة عامة، يقصد بالتوجه الآسيوي تركيز الولايات المتحدة على العلاقات الاقتصادية والإستراتيجية بدول القارة الآسيوية وأستراليا. وترجع إرهاصات هذا التوجه إلى عام 2010، فبعد أشهر قليلة من انسحاب القوات الأميركية من العراق صرح الرئيس أوباما في نوفمبر/تشرين الثاني 2011 خلال حفل عشاء رسمي في البرلمان الأسترالي بأن "الولايات المتحدة ستلعب دورا أكبر وذا أمد طويل في تشكيل هذه المنطقة ومستقبلها". وقد صرح مستشار الأمن القومي توماس دونيلون بأن سياسة أوباما الآسيوية لا تعني التركيز على شؤون القارة الآسيوية فحسب، بل أيضا إعادة توزيع أولويات السياسة الأميركية داخل القارة، نحو تركيز أكبر على جنوب وشرق آسيا.

وبمعنى آخر إعادة توزيع أولويات السياسة الخارجية الأميركية في مناحيها الدبلوماسية، والاقتصادية، والعسكرية على دول شرق وجنوب شرق آسيا بعيدا عن الاهتمام البالغ منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر على وسط وغرب آسيا (أفغانستان والعراق).

ولغير المتبحر في تاريخ العلاقات الدولية للولايات المتحدة قد يبدو هذا المنحى ابتداعا في السياسة الخارجية الأميركية، لكن في واقع الأمر، فإن الاهتمام الأميركي بهذه المنطقة يعود إلى السنوات الأولى لخروج الولايات المتحدة من سياسة العزلة والتي استمرت لنهاية القرن التاسع عشر.

وكانت الحرب الأسبانية-الأميركية عام 1898 والتي أكدت بمقتضاها الولايات المتحدة نفوذها المتفرد في الأميركتين بداية لتغلغل الولايات المتحدة في القارة الآسيوية. فبنهاية الحرب، أرغمت الولايات المتحدة التاج الأسباني ليس فقط على تسليم كوبا وبورتوريكو بل أيضا جزر الفلبين التي احتلتها الولايات المتحدة حتى 1946. وزاد الاهتمام الأميركي بالقارة خلال الحرب العالمية الثانية وبعدها. وخاضت الولايات المتحدة حربين ممتدتين في كوريا وفيتنام. وفرض الثمن الباهظ الذي دفعته الولايات المتحدة والنتائج المخيبة للآمال إعادة توزيع أولويات السياسة الخارجية للولايات المتحدة بعيدا عن شرق القارة الآسيوية، وهو التقليد الذي استمر بدرجات متفاوتة حتى سنوات قليلة مضت. وبدأ الاهتمام بشرق وجنوب آسيا يعود إلى واجهة السياسة الأميركية في التسعينات مع الرئيس بيل كلينتون.

وعلى ذلك، فالتوجه الآسيوي يمثل عودا على بدأ للسياسة الخارجية الأميركية. ويشتمل هذا التوجه وفق ما صرح به أركان إدارة الرئيس أوباما على أبعاد ثلاثة: دبلوماسية، واقتصادية، وعسكرية. فالبعد الأول يتمثل في اتصالات دبلوماسية رفيعة المستوي من خلال زيارات لكبار المسؤولين الأميركيين بمن فيهم الرئيس ووزيري الخارجية والدفاع لمختلف دول المنطقة. وبالإضافة إلى ذلك، فإن البعد الدبلوماسي يركز على تدعيم العلاقات مع الحلفاء والأصدقاء التاريخيين للولايات المتحدة، وبصفة خاصة اليابان وكوريا الجنوبية. كما تسعي الولايات المتحدة للعب دور أكبر في المنظمات الإقليمية في المنطقة. وقد ظهر هذا التوجه جليا خلال عام 2011 من خلال عدة مبادرات دبلوماسية رفيعة المستوى. وقد شمل ذلك استضافة الولايات المتحدة قمة منظمة التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادئ، وإعلان واشنطون عن نشر قوات مشاة البحرية في شمال أستراليا، وحضور الرئيس أوباما لأول مرة قمة دول شرق آسيا.

ومن الواضح أن هذه المبادرات تهدف إلى توصيل رسالة للرأي العام في الولايات المتحدة وآسيا على حد سواء بحجم وعمق الاهتمام الأميركي بالقارة. وكانت وزيرة الخارجية السابقة هيلارى كلينتون أول وزراء الخارجية الأميركية التي تقوم بزيارة كل دول منظمة أمم جنوب شرق آسيا خلال ولايتها. وقد قامت الولايات المتحدة بترميم علاقاتها مع بورما (مينمار)، بل وقام الرئيس أوباما بزيارة العاصمة رانجون بعد أسبوعين فقط من إعادة انتخابه ليكون أول رئيس أميركي يقوم بزيارتها. وأعلن أوباما قبيل أيام من زيارته أن الولايات المتحدة سوف تخصص نحو 170 مليون دولار لمشروعات تنموية في مينمار خلال العامين القادمين. وقام أوباما بزيارة كل من تايلاند وكمبوديا خلال جولاته الآسيوية.

واقتصاديا، ينصرف هذا التوجه إلى تعميق التعاون التجاري مع دول المنطقة، والسعي لإنشاء منطقة للتجارة الحرة تحت مسمى "الشراكة عبر المحيط الهادئ" كإستراتيجية لإدماج الاقتصاد في تحالفات التجارة البينية في المنطقة.

أما عسكريا، فقد عملت أميركا على زيادة تواجدها العسكري في المنطقة، وتسعي الولايات المتحدة إلى إعادة توزيع أسطولها الحربي لتركيز جانب أكبر من المدمرات والغواصات وحاملات الطائرات في المحيط الهادئ، فبينما تنقسم هذه القوات مناصفة حاليا بين المحيطين الهادئ والأطلنطي، فإن إعادة التوزيع ستعني تركيز 60% من الأسطول في منطقة المحيط الهادئ في غضون الأعوام القليلة القادمة. وبالإضافة إلى ذلك، فإن وزارة الدفاع الأميركية زادت من عدد المناورات المشتركة مع دول المنطقة، وأكثرت من زيارات سفن الأسطول الأميركي للموانئ الآسيوية، فعلى سبيل المثال، في الربيع الفائت أجرى الأسطول الأميركي مناورات واسعة مع الفلبين التي تعاني من منازعات حدودية مع الصين في بحر الصين الجنوبي. كما دعمت الولايات المتحدة صلاتها العسكرية بفيتنام والتي تعاني أيضا من نزاعات حدودية مع الصين. وبالإضافة إلى ذلك، فقد قامت الولايات المتحدة بتدعيم تواجدها العسكري في قواعدها في اليابان وكوريا الجنوبية ونشر مشاة البحرية الأميركية في غرب أستراليا. كما زادت الولايات المتحدة من التعاون في مجالات التصنيع العسكري وتبادل التكنولوجيا مع الهند. وكل ذلك جزء لا يتجزأ من مبدأ عسكري جديد للبنتاغون هو "المعركة الجو- بحرية" والذى ينصب على تكامل القوات البحرية والجوية بهدف ردع الصين أو أي عدو محتمل عن إعاقة العمليات العسكرية الأميركية في المحيط الهادئ.

ثانيا: الأسباب والدوافع

يمكن القول بوجود مجموعة من الدوافع الاقتصادية والإستراتيجية لهذا المنحى في السياسة الخارجية الأميركية. فآسيا تعد قارة المستقبل، ويتوقع الخبراء أن تستحوذ على نحو 50% من النمو الاقتصادي الدولي خارج الولايات المتحدة. ولا شك أن للأزمة الاقتصادية أثرها في توجه الولايات المتحدة للتركيز على القارة الآسيوية. فالصين وبقية النمور الآسيوية قد حافظت على معدلات معتبرة للنمو الاقتصادي في مرحلة الكساد العالمي. وتمثل هذه الدول وغيرها في القارة فرصا تصديرية للشركات الأميركية. كما أن النمو الاقتصادي للهند يثير شهية دوائر المال والأعمال في الولايات المتحدة. فالهند اليوم تحتل المرتبة التاسعة في زمرة الاقتصاديات العشر الأضخم في العالم وهى مرشحة لتخطي إيطاليا في غضون عامين فقط. هذا النمو المتسارع في ثاني أكبر دول العالم من حيث تعداد السكان يعنى إضافة عشرات الملايين للطبقة الوسطى التي قد تمثل طوق النجاة للشركات الأميركية التي تعانى من اشتداد حده التنافس داخليا وخارجيا.

وفى 2010 فاق مجموع صادرات الولايات المتحدة لآسيا مجمل صادراتها لأوروبا لأول مرة في التاريخ. وتشير إحصاءات التجارة الخارجية الأميركية إلى وجود 9 دول آسيوية ضمن قائمة الدول الخمس وعشرين الأولى من حيث التبادل التجاري مع الولايات المتحدة. وإذا ما استبعدنا الجارين كندا والمكسيك فإن الدول الآسيوية تحتل المراكز الأول والثاني والخامس في قائمة الشركاء التجاريين للولايات المتحدة.

قائمة الشركاء التجاريين للولايات المتحدة الأميركية عام 2011

الترتيب.........الدولة............................ ...الحجم الكلي (بليون دولار)

1............... كندا................................... 596
2............... الصين................................503
3.............. المكسيك..............................461
4............... اليابان................................195
5.............. ألمانيا.................................148
6.............. المملكة المتحدة....................107
7.............. كوريا الجنوبية.................... 100
8.............. البرازيل.............................. 75
9.............. فرنسا................................. 68
10........... تايوان................................. 67
11......... هولندا................................... 66
12.......... السعودية.............................. 61
13.......... الهند................................... 58
14.......... فنزويلا................................ 56
15......... سنغافورة.............................. 50
16......... إيطاليا.................................. 50
17......... سويسرا............................... 49
18......... بلجيكا.................................. 47
19......... أيرلندا.................................. 47
20.........روسيا.................................. . 43
21....... هونج كونج............................. 41
22....... ماليزيا................................... 40
23....... نيجيريا.................................. 39
24....... أستراليا................................. 38
25....... كولومبيا................................ 37

إجمالي الدول الخمس وعشرين...................3041.8
إجمالي التجارة الأميركية......................... 3688.3
النسبة المئوية للدول الخمس وعشرين........ 82.5%

أما من الناحية الإستراتيجية، فإن التنافس مع الصين يبدو جليا في خلفية هذا التوجه. وبسبب انغماس الولايات المتحدة في حربي العراق وأفغانستان فإن الصين قد تمكنت من تعزيز نفوذها السياسي والاقتصادي في القارة. وقد أثارت سياسات بكين في بحري الصين الشرقي والجنوبي قلق حلفاء الولايات المتحدة التقليديين وبصفة خاصة اليابان وكوريا الجنوبية. وفى غياب دور أميركي بارز يعادل النفوذ الصيني، فإن الكثير من دول المنطقة ربما لا تجد مناصا من التسليم بواقع هيمنة الصين على إقليم شرق آسيا. وقد أثار هذا التوجه قدرا من الاستياء في الأوساط الصينية التي تعتبر أن الامتداد الأميركي في القارة يهدف إلى حرمان الصين من التوسع في مجالها الحيوي اللصيق وأنه نسخة معدلة لسياسة الاحتواء التي انتهجتها الولايات المتحدة ضد الاتحاد السوفياتي خلال فترة الحرب الباردة. وبالإضافة إلى ذلك، فيبدو أن الولايات المتحدة قلقة من تنامي التعاون بين الدول الآسيوية واحتمال أن يؤدى ذلك إلى قيام كيان اقتصادي آسيوي عملاق تستبعد منه الولايات المتحدة. فالحكومة الأميركية تشعر بالقلق مثلا مما يعرف بآسيان+3.

فمنظمة أمم جنوب شرق آسيا المعروفة اختصارا بآسيان قد لجأت منذ الأزمة النقدية الآسيوية عام 1997 إلى تعميق التعاون مع كل من الصين واليابان وكوريا الجنوبية. ولا تخفي هذه الدول رغبتها في إنشاء منظمة شرق آسيا، على غرار منظمة التعاون الأوروبي التي كانت النواة الأولى للاتحاد الأوروبي. جهود التكامل هذه تظهر رغبة الدول الآسيوية الحثيثة في تحقيق التكامل الاقتصادي بين دول القارة. بل بدأ بعض السياسيين يرفعون شعارات سياسية "آسيا أولاً" التي تستبعد بالضرورة الدول غير الآسيوية وفى مقدمتها الولايات المتحدة. كما يلعب العامل الشخصي دوره في تعزيز التوجه الآسيوي للولايات المتحدة، فالرئيس باراك أوباما هو أول رئيس "آسيوي" للولايات المتحدة. فقد ولد في هاواي وهي أقرب الولايات لقارة آسيا، كما قضى أوباما جانبا من سنين النشأة الأولي في إندونيسيا. وبالطبع فقد كانت لهذه التجارب الذاتية تأثيرها في توجهات السياسة الخارجية. وبالإضافة لذلك، فقد أراد أوباما أن يأخذ الولايات المتحدة بعيدا عن تركيز سلفه الرئيس جورج بوش على منطقتي وسط وغرب آسيا.

ثالثا: الأثر على منطقة الشرق الأوسط

إن التوجه الإستراتيجي للولايات المتحدة شرقا يجيء على حساب اهتمامها بمنطقة الشرق الأوسط وفي القلب منها العالم العربي. وهناك العديد من الأسباب التي يمكن أن تفسر تراجع التركيز الأميركي على المنطقة العربية. فالقضية الفلسطينية، وهى القضية المحورية في المنطقة، تبدو عصية على الحل، على الأقل في الأمد المنظور. فانقسام البيت الفلسطيني بين منظمة التحرير وحماس يثبت الادعاء الإسرائيلي بعدم وجود شريك يمكنه التفاوض باسم الشعب الفلسطيني. كما يبدو أن الرئيس أوباما ليس على استعداد لدفع الثمن السياسي المطلوب للضغط على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتينياهو. ويشير المحللون السياسيون في واشنطون إلى تأزم العلاقة بين واشنطون وتل أبيب نتيجة الخلاف بين أوباما ونتنياهو حول عملية السلام، هذا الخلاف الذي يعود إلى البدايات الأولى لجلوس الرئيس الأميركي في المكتب البيضاوي. وتشير نتائج الانتخابات الإسرائيلية في يناير/كانون الثاني 2013 إلى إمكانية بقاء اليمين الإسرائيلي في الحكم لأعوام عدة. كما يبدو أن هناك قدرا من الإنهاك وفقدان الرغبة الأميركية في الانخراط في المنطقة.

ولم يعد البترول بمثابة الحافز الذي لا يمكن مقاومته لدفع الولايات المتحدة للاهتمام بالمنطقة. فإنتاج النفط الأميركي قد بلغ معدلات قياسية في 2012 ومرشح لمزيد من الارتفاع هذا العام. وقد مكنت تكنولوجيا الاستخراج المستحدثة شركات النفط الأميركية من زيادة الإنتاج بنحو 779000 برميل في اليوم قياسا على معدلات عام 2011. ووصل الإنتاج إلى معدل 6.4 مليون برميل في اليوم. وقد مكنت الزيادات المتوالية في الإنتاج مصحوبة بتراجع الاستهلاك المحلى الولايات المتحدة من تخفيض اعتمادها على استيراد النفط وبخاصة من الشرق الأوسط. ويشير الشكل التالي إلى تراجع أهمية النفط العربي في منظومة الطاقة الأميركية. فالواردات الأميركية من منطقة الخليج العربي لا تشكل أكثر من 16% من إجمالي الواردات. وهى أقل من واردات الولايات المتحدة من الجارتين المكسيك وفنزويلا.


http://studies.aljazeera.net/ResourceGallery/media/Images/2013/2/25/2013225737110580_8.jpg


خاتمة

على الرغم من كون معظم الخبراء الاقتصاديين والعسكريين الأميركيين لا يخفون تأييدهم لاهتمام الولايات المتحدة بالقارة الآسيوية في القرن الحادي والعشرين، فان هناك أصوات تحذر من كون هذه السياسة ستؤدى لدفع الصين لتبني سياسات عدائية ضد ما قد يسهل تسويقه باعتباره محاولة لتحجيم أكبر دول العالم من حيث تعداد السكان. ويرى هؤلاء الخبراء أن هذا التوجه بما قد يخلقه من صراع مفتوح مع الصين ليس في مصلحة الولايات المتحدة حاليا أو في المستقبل. وفى الواقع فقد ردت الصين بتحدي مصالح الولايات المتحدة خارج منطقة شرق آسيا. ففي الوقت الذي صوتت الصين في مجلس الأمن الدولي بين عامي 2006-2010 لصالح فرض عقوبات على إيران فإن بكين هددت باستخدام حق النقض (الفيتو) ضد مشروع قرار بفرض عقوبات على صادرات إيران من النفط. وأكثر من ذلك عندما اتفقت الولايات المتحدة واليابان والدول الأوربية على فرض هذه العقوبات خارج إطار مجلس الأمن، قامت بكين بإبرام صفقات جديدة لشراء النفط الإيراني. وانحازت الصين للموقف الروسي المعارض لتوجه الولايات المتحدة بفرض عقوبات على دمشق. ويبدو أن إدارة أوباما على وعي بمخاطر هذا التوجه، ولهذا حرص كبار المسؤولين الأميركيين على التأكيد أن التوجه الآسيوي ليس موجها ضد بكين. وبالرغم من ذلك، فإنه من الواضح أن هناك ثمنا ينبغي على الولايات المتحدة دفعه لتبني مثل هذه السياسة الآسيوية، وليس مستبعدا أن تعيد إدارة أوباما ذاتها أو الإدارة اللاحقة النظر في هذه السياسة كلفةً ومضمونا في ضوء التغيرات في النظام الدولي عموما والتطورات في شرق وجنوب آسيا على وجه الخصوص. ولكن يظل التوجه الآسيوي أحد تغيرات السياسة الدولية الجديرة بالاهتمام والمتابعة في الأمدين القصير والمتوسط.
______________________________________
محمود حمد - أستاذ مساعد العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعتي القاهرة (مصر) ودراك (الولايات المتحدة)

kumait
01-03-2013, 05:29 PM
http://studies.aljazeera.net/ResourceGallery/media/Images/2013/2/6/20132610947548734_8.jpg
تقدر طوكيو أن الإنفاق العسكري الصيني تضاعف ثلاثين مرة ما جعل نظرية "الخطر الصيني" يتصدر اهتماماتها.
وتتخوف الصين من نجاح الحكومة اليابانية الجديدة في مساعيها لتغيير الدستور السلمي للبلاد فتعيد تسليح نفسها وتصبح قوة عسكرية عظمى

الملفات الساخنة في العلاقات اليابانية الصينية
عبد الرحمن المنصوري

شهدت العلاقات الصينية-اليابانية تغيرات عميقة منذ تطبيع العلاقات بينهما سنة 1972 برعاية أميركية. وقد تعرضت هذه العلاقات لهزات كثيرة مع بداية القرن الحادي والعشرين. وأدى تجدد النزاع على جزر سنكاكو/دياويو الواقعة في بحر الصين الشرقي إلى صعود الخلافات بين البلدين إلى الواجهة. وبالرغم من التوتر الكبير الذي يطبع العلاقات بين البلدين على الصعيدين السياسي والدبلوماسي، فإن العلاقات الاقتصادية بينهما ما زالت متينة، بعد ارتفاع الحجم التجاري والزيادة الكبيرة في الاستثمارات بين البلدين.

أما على الصعيد العسكري فيسود مناخ من عدم الثقة بين الجارين؛ ذلك أن اليابان تعبّر باستمرار عن مخاوفها من عمليات التحديث الواسعة التي تجريها الصين الشعبية على جيشها ومستويات الإنفاق العسكري العالية. في حين تتوجس الصين من احتمال تخلي اليابان عن توجهاتها السلمية التي اتبعتها منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية، وتُعيد تسليح نفسها من جديد.

في أسس العلاقات بين البلدين: ترابط اقتصادي وتنافس عسكري

علاقات اقتصادية وتجارية مترابطة

اتبعت الصين منذ أواخر القرن الماضي إستراتيجية آسيوية تعتمد على التعاون الاقتصادي والابتعاد عن التنافس الإستراتيجي والمواجهة مع جيرانها. وكان الهدف من ذلك هو الحفاظ على مناخ إقليمي ودولي سلمي ومستقر يسمح لها بالتركيز على مشاكلها الداخلية ومواصلة نموها الاقتصادي، ويسمح أيضًا بتدفق رؤوس الأموال والسلع بينها وبين شركائها. وهكذا خلقت الصين مجالاً اقتصاديًا تقوم فيه بالدور المحوري، وكنتيجة لذلك تطورت العلاقة الاقتصادية بين الصين واليابان بشكل كبير خلال العقد الماضي. وبحلول سنة 2007، أصبحت الصين أكبر شريك اقتصادي لليابان، وفي سنة 2011 بلغ الحجم التجاري بينهما حوالي 345 مليار دولار، أي ما يعادل 9% من التجارة الخارجية للصين، و21% من الحجم التجاري الكلي لليابان، ويزيد حجم الاستثمارات اليابانية في الصين عن 12 مليار دولار سنة 2011، أي ما يعادل 11% من الاستثمارات اليابانية في الخارج، ليصل حجم الاستثمارات اليابانية المتراكمة في الصين منذ 1996 إلى 83 مليار دولار.

ويدل هذا على أن العلاقة الاقتصادية بين البلدين أصبحت متداخلة ومتينة جدًا. وهكذا أصبح البلدان يعتمدان على بعضهما في الاستيراد والتصدير والاستثمار وخلق الفرص التنموية. وتستورد الصين المنتجات نصف المصنعة والآليات والمعدات عالية التكنولوجيا التي تُعتبر حيوية لقطاعها الصناعي وتمكنها من تصدير منتجاتها إلى الأسواق الخارجية خصوصًا أوروبا والولايات المتحدة. ونقلت الشركات اليابانية الصناعات التي تعتمد على اليد العاملة بكثرة إلى الصين لتجعل منها قاعدة صناعية للشركات اليابانية، وقد ساعدها ذلك كثيرًا في الحفاظ على تنافسيتها على المستوى العالمي. ويعمل ما يزيد عن 23,000 شركة يابانية في الصين وتوفر ما يزيد عن 10 ملايين فرصة عمل. وتعتبر الصادرات إلى الصين مهمة بالنسبة لليابان التي عانت من مشاكل اقتصادية كثيرة في العقدين الأخيرين؛ حيث توفر السوق الصينية، التي ستصبح أكبر سوق استهلاكية في العالم في غضون سنوات، سوقًا كبيرة جدًا للمنتجات اليابانية.

التنافس العسكري والمعضلة الأمنية بين البلدين

إذا كانت العلاقات الاقتصادية بين البلدين قد بلغت مستويات عليا من الترابط والتداخل، فإن السمات الأساسية للعلاقات بينهما على الصعيد العسكري هي التنافس وعدم الثقة وتشكيك كل طرف في نوايا الطرف الآخر، خاصة إذا أخذنا بعين الاعتبار وجود إرث من التوتر بين البلدين ناتج عن الماضي الاستعماري للإمبراطورية اليابانية الذي شمل معظم شرق آسيا.

فمنذ تسعينيات القرن الماضي، تسابق الصينُ الزمنَ لتطوير قدراتها العسكرية وخصوصا البحرية منها. وكان الهدف الأساسي المعلن من طرف الأوساط الرسمية الصينية هو حماية أمنها ووحدتها الترابية ومصالحها الحيوية وخطوطها البحرية وخطوط إمدادات الطاقة. وبعد حوالي عقدين من التحديث والتطوير أصبحت الصين أكبر قوة بحرية في آسيا، وتتوفر على ثلاثة أساطيل، هي: أساطيل البحر الشمالي والبحر الجنوبي والبحر الشرقي. وتملك الصين 27 مدمرة و51 فرقاطة و27 سفينة إنزال كبيرة و54 أخرى صغيرة، وأكثر من 200 قارب سريع. كما تملك الصين أسطولاً من الغواصات هو الأكبر في آسيا ويتكون من 8 إلى 10 غواصات تعمل بالطاقة النووية و48 تعمل بالديزل. وشملت عمليات التطوير أسلحة أخرى، مثل الصورايخ العابرة للقارات، والصورايخ المضادة للسفن وللغواصات، وأنظمة الاستطلاع البحري، وصورايخ أرض-جو، وطائرات من دون طيار. وتعمل الصين أيضًا على تطوير صناعاتها العسكرية الداخلية؛ حيث أدخلت الصين للخدمة طائرات متطورة محلية الصنع من نوع جي10 ابتداء من 2006، لتتبعها بعد ذلك بنوع جي31 الشبح. وحققت الصين تقدمًا كبيرًا في الصناعات الفضائية بتطويرها لأقمار اصطناعية عسكرية تُستعمل للاتصالات والمراقبة والملاحة. كما طورت الصين صواريخ محلية مضادة للأقمار الاصطناعية ASAT. وفي سنة 2011 بدأت الصين في تجريب أول حاملة طائرات لها. وجاءت الورقة البيضاء للدفاع التي نُشرت في 2011 لتؤكد أن "القوة الوطنية الشاملة للصين قد دخلت مرحلة جديدة"، وأن الجيش الصيني حقّق تقدمًا كبيرًا بفعل عمليات التحديث الأخيرة. غير أن الصين تردد باستمرار أنها ملتزمة بنهج سياسة عسكرية دفاعية هدفها الأساسي حماية "صعودها السلمي" إلى مصاف القوى العظمى.

أدت هذه التطورات إلى إثارة الكثير من المخاوف لدى الجار الياباني الذي بدأ يتساءل عن نوايا الصين التي بنت إستراتيجيتها الآسيوية على أساس "التنمية السلمية"، لكنها تعمل على بناء قدراتها العسكرية بالتوازي مع ذلك؛ مما جعل نظرية "الخطر الصيني" تكتسب أهمية عند صنّاع القرار في اليابان، وترَسَّخت لديهم قناعة بأن الإنفاق العسكري الصيني سيتزايد مع نمو قوتها الاقتصادية. وعبّرت اليابان أيضًا عن مخاوفها من الإنفاق العسكري الصيني الذي ارتفع بشكل لافت في السنوات الأخيرة. وتقدّر اليابان أن الإنفاق العسكري الصيني تضاعف ثلاثين مرة خلال الأربع والعشرين سنة الماضية، وتجاوز في سنة 2011 حاجز المائة مليار دولار لأول مرة. وإذا استمر الإنفاق العسكري الصيني على هذه الوتيرة فإنه سيتجاوز نظيره الأميركي بحلول 2035.

ولمواجهة ما تعتبره تهديدًا صينيًا وتهديدات أمنية أخرى بدأت اليابان تعيد التفكير في دور قواتها العسكرية؛ فبعد التجربة الصاروخية التي قامت بها كوريا الشمالية عام 1998، بدأت اليابان في تطوير نظام الدفاع الصاروخي البالستي DMB بالتعاون مع الولايات المتحدة الأميركية. وفي مارس/آذار من 2006، اختبرت اليابان بنجاح صاروخًا بحريًا اعتراضيًا متطورًا من نوع SM-3، وبالرغم من أن اليابان أعلنت أن هدفها هو التصدي للصواريخ الكورية الشمالية فإن هذه الأسلحة يمكن أن تحد من القدرة الصاروخية للصين. وبعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر/أيلول أرسلت اليابان، في بادرة هي الأولى من نوعها منذ الحرب العالمية الثانية، عددًا من أفراد الجيش الياباني (قوات الدفاع الذاتي) إلى أفغانستان والعراق، وبالرغم من أن دور هذه القوات لم يكن قتاليًا، إلا أن العديد من المراقبين رأوا فيه تغيرًا رمزيًا في العقيدة العسكرية اليابانية. وفي سنة 2009 أرسلت اليابان مدمرتين للمشاركة في محاربة القرصنة في خليج عدن، كما خففت اليابان مؤخرًا من الحظر الذي تفرضه على صادراتها العسكرية. وبالإضافة إلى ذلك فإن البحرية اليابانية ستتزود بمعدات قتالية مهمة أهمها طائرات الدورية البحرية من نوع "كاوازاكي بي-1"، وحاملة هيليكوبتر من نوع22DDH ، ومدمرة مضادة للغواصات، وتحديث أنظمة قيادة وسيطرة واتصالات وحاسبات واستخبارات ومراقبة واستطلاع C4ISR. هذه التطورات أثارت مخاوف الصين، لكن ما يخيفها أكثر -وهي مخاوف يتقاسمها العديد من دول الجوار مع الصين- هو أن تنجح الحكومة اليابانية الجديدة في مساعيها لتغيير الدستور السلمي ثم تستغل بعد ذلك قدراتها الصناعية والتكنولوجيا المتطورة جدًا لتعيد تسليح نفسها وتصبح قوة عسكرية عظمى.

تعتبر اليابان أن توجهاتها نحو تعزيز قدراتها العسكرية أمر طبيعي وأنه تأخر كثيرًا، في حين ترى الصين أن تحديث قواتها العسكرية وتطويرها وزيادة نفقاتها العسكرية، أمر طبيعي أيضًا، لأنها تحتاج قوة عسكرية مناسبة لقوتها الاقتصادية. ومع إصرار كل طرف على المضي قدمًا في تطوير قدراته العسكرية باعتباره أمرًا طبيعيًا، أصبح البلدان يواجهان معضلة أمنية حقيقية تزيد من تعقيد علاقاتهما العسكرية؛ فكل إجراء تتخذه الصين لتعزيز قدراتها الدفاعية يزيد من درجة التهديدات الأمنية المحدقة باليابان والعكس صحيح.

الملفات الساخنة بين البلدين

منذ ثمانينيات القرن الماضي، بدأت العلاقة بين الصين واليابان تشهد بين الفينة والأخرى توترًا حول القضايا العالقة بينهما. ويتلخص أهم هذه القضايا في:

أ- النزاع حول جزر سنكاكو/ دياويو

تقع هذه الجزر المتنازع عليها في بحر الصين الشرقي، وهي عبارة عن ثماني جزر صخرية غير مأهولة تسميها اليابان "سنكاكو" وتُعرف في الصين باسم "دياويو". يتراوح الاحتياطي النفطي في هذا البحر بين 60 و100 مليون برميل من النفط، في حين يوجد احتياطي مهم من الغاز الطبيعي يتراوح بين 1 و2 تريليون قدم مكعب، حسب تقديرات إدارة المعلومات حول الطاقة (EIA) التابعة للحكومة الأميركية، بينما تقول المصادر الصينية بأن الاحتياطي النفطي يتراوح بين 70 و160 مليون برميل، ويحوي هذا البحر أيضًا ثروات معدنية مهمة مثل الأحجار المرجانية الثمينة والزركون والذهب والتيتانيوم والبلاتين. بالإضافة إلى وجود هذه الثروات الطبيعية فإن للجزر قيمة إستراتيجية للبلدين معًا بفعل موقعها الإستراتيجي؛ فالسيادة على هذه الجزر ستسمح لليابان أو الصين بالمطالبة باستغلال 40,000 كيلومتر مربع من المياه المحيطة بها باعتبارها منطقة اقتصادية خالصة، كما يمكن استغلال الجزر عسكريًا؛ فالصين تخشى أن تقيم اليابان نظم استطلاع جوية وبحرية تضع الخطوط البحرية والجوية في المنطقة وفي مناطق صينية مثل "وينزهو" و"نينغ بو" تحت المراقبة المباشرة لليابانيين، ويرى الصينيون في هذا تهديدًا أمنيًا وعسكريًا خطيرًا.

http://studies.aljazeera.net/ResourceGallery/media/Images/2012/10/1//20121019135377734_2.jpg
جزر "دياو يو داو" حسب الاسم الصيني وجزر "سنكا كو" كما تسميها اليابان، أحد أهم الملفات الساخنة بين البلدين (رويترز-أرشيف)

الجزر تابعة فعليًا للإدارة اليابانية، لكن الصين تطالب بها باعتبارها جزءًا لا يتجزأ من أراضيها. وتقول الصين إن الجزر تقع تحت سيادتها بناء على الحقائق التاريخية؛ فالجزر كانت تابعة للصين منذ القدم، وظهرت على الخرائط كجزء من الأراضي الصينية ابتداء من عهد أسرة "مينغ" 1368-1644، كما توجد كتب تتحدث عن تبعية هذه الجزر للصين يعود تاريخها إلى 1424، أي ما يزيد عن أربعة قرون من التاريخ الذي اكتشفت فيه اليابان هذه الجزر (1884). وبعد انتصار اليابان في الحرب الصينية اليابانية الأولى سنة 1895، تنازلت الصين حينها عن سيادة هذه الجزر بالإضافة إلى جزيرة تايوان لصالح اليابان بموجب اتفاقية "شيمونوسكي". وبعد هزيمة اليابان تمت إعادة هذه الجزر إلى الصين وفقًا لإعلان القاهرة سنة 1945، وفي 1951 ألحقت الولايات المتحدة سنكاكو/دياويو بالإدارة المدنية التي أقامتها في جزيرة "أوكيناوا" بموجب اتفاقية سان فرانسيسكو، وفي سنة 1972 سلّمت الولايات المتحدة "أوكيناوا "والجزر الملحقة بها إلى اليابان بالرغم من اعتراض كل من تايوان والصين.

من جهة أخرى، تحاجج اليابان بأنها صاحبة السيادة بناء على حقائق تاريخية أيضًا؛ فالجزر –حسب وجهة نظر اليابان- جزء لا يتجزأ من جزر "نانسي" "شوتو" اليابانية، وأصبحت، ابتداء من سنة 1884، جزءًا من أراضيها بعد المسح الذي أجرته مقاطعة "أوكيناوا". وتضيف اليابان: إنه لا توجد أية آثار تدل على تبعيتها لمملكة أسرة "تشينغ" الصينية، وتنفي أن تكون جزر سنكاكو/دياويو تابعة لجزيرة تايوان أو جزر "بيسكادوريس" التي تنازلت عنها الصين لصالح اليابان سنة 1895؛ فالحكومتان الصينية والتايوانية طالبتا بهذه الجزر بعد أن أظهرت دراسة أجرتها الأمم المتحدة في سبعينيات القرن الماضي احتمال توفر المنطقة على إمكانيات مهمة من الطاقة.

تتعدد الأسباب التي أدت إلى إثارة النزاع حول الجزر، وتتلخص أهمها في: التغيرات الهيكلية التي تشهدها المنطقة وتغير ميزان القوى بين البلدين لصالح الصين، وتنامي نزعات التعصب القومي والمشاعر الوطنية في البلدين، وعودة اليمين المحافظ في اليابان، واكتساب الصين لمزيد من الثقة بفعل عقود من النمو الاقتصادي الكبير.

أصبح النزاع حول هذه الجزر الصغيرة، في السنوات الأخيرة، المصدر الرئيسي للتوتر في العلاقة بين الصين واليابان، وساءت العلاقة بشكل كبير بين البلدين بعد قرار الحكومة اليابانية القاضي بشراء ثلاثة من الجزر الخمسة وتأميمها في سبتمبر/أيلول من العام الماضي. ويبدو أن التصعيد سيبقى سيد الموقف بعد وصول "شينزو آبي" للحكم، خصوصًا وأن حزبه -الحزب الليبرالي الديمقراطي- تعهد خلال حملته الانتخابية بتعزيز القدرات العسكرية اليابانية لمواجهة المواقف العدائية للصين في بحر الصين الشرقي، وتطوير عمليات الصيد في جزر سينكاكو/دياويو. هذا بالإضافة إلى أن البلدين أغلقا باب التفاوض وينفيان وجود نزاع حول الجزر ويتمسك كل طرف بحقه السيادي دون تقديم أي تنازل أو محاولة لإيجاد أرضية مشتركة للحوار.

ب- الخلاف حول ترسيم الحدود البحرية

بالإضافة إلى الجزر، يختلف البلدان حول قضيتين بحريتين:

· القضية الأولى تتمحور حول ترسيم وامتداد الحدود البحرية لكل بلد داخل بحر الصين الشرقي، وقد نتج النزاع عن تباين في تأويلات البلدين لاتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار. فقد اقترحت اليابان ترسيم الخط البحري بين البلدين استنادًا على المادة 57 من قانون البحار التي تنص على أن المنطقة الاقتصادية الخالصة لبلد ما لا تتجاوز 200 ميل بحري] (http://studies.aljazeera.net/issues/2013/02/20132610105032411.htm#a14)، وبما أن عرض البحر بين البلدين لا يتجاوز 400 ميل بحري، فإن اليابان رسمت من جانب واحد خطًا حدوديًا على مسافة متساوية من ساحلي البلدين، وهو ما رفضته الصين. هذه الأخيرة طالبت بترسيم حدودها وفقًا للمادة 76 فقرة 5 أي على أساس مبدأ "الامتداد الطبيعي لجرفها القاري" وهو ما سيسمح للصين باستغلال منطقة ممتدة على مسافة 350 ميل بحري؛ وهي المسافة التي يمتد عليها جرفها القاري. وفي سنة 2008، توصل البلدان، بعد 12 جولة من المحادثات، إلى اتفاق يقضي بتطوير مشترك لمنطقة بحرية تمتد على جانبي الخط الذي رسمته اليابان وتضم حقل الغاز والنفط "لونغ جينغ" أو "أسونارو" وفقًا للتسمية اليابانية، ومشاركة اليابان في تطوير الحقل الغازي "تشون شياو"/"شيراكابا"، لكن هذا التعاون لم يحقق أي تقدم يُذكر. وفي 2009، بدأت الصين في تطوير حقل "تيان ويتين"/"كاشي"، من جانب واحد باعتباره يدخل ضمن الحدود البحرية للصين؛ مما أثار احتجاج اليابان. وفي سنة 2010، توقفت المحادثات حول ترسيم الحدود البحرية بين البلدين بعد الأزمة السياسية التي تسبب بها اصطدام قارب صيد صيني بسفينة لخفر السواحل اليابانية بمحيط جزيرة سنكاكو/دياويو، لتعود الخلافات حول ترسيم الحدود البحرية إلى نقطة الصفر.

· أما القضية الثانية فتتعلق بـ "أوكينو توريشيما"، وهي شعاب مرجانية تقع على مسافة 1100 ميل شرقي طوكيو. ولا تدعي الصين سيادتها على هذه الشعاب، لكنها ترفض استعمالها من طرف اليابان للمطالبة بمنطقة اقتصادية خالصة في غرب المحيط الهادي لأن الصين تعتبرها مجرد صخرة وليست جزيرة.

ج- الاختلافات في الكيفية التي يرى بها كل طرف الماضي الاستعماري لليابان

الخلاف حول الجرائم التي ارتكبتها اليابان إبان حروبها السابقة يشكّل نقطة سوداء بين البلدين ودفع بعلاقاتهما نحو التوتر في غير ما مرة؛ ففي الفترة الممتدة بين 2001 و2006، ساءت العلاقة بين البلدين بسبب صعود الخلافات حول التاريخ الاستعماري لليابان إلى الواجهة. وأثارت الزيارات المتكررة التي قام بها رئيس الوزراء "كيوزومي" لضريح "ياسوكوني" -الذي يضم رفات العديد من مجرمي الحرب العالمية الثانية- ردود فعل صينية غاضبة على المستويين الشعبي والرسمي وساءت العلاقة بين البلدين بشكل كبير. ورأت الصين أن الزيارات تدل على عودة اليمين الياباني إلى الحياة السياسية حينها. وفي نفس الفترة تأزمت العلاقة بين البلدين بسبب نشر كتب مدرسية، ارتأت الصين أنها تحوي الكثير من المغالطات اليابانية المتعمدة لتزوير الحقائق التاريخية. فقد ذكرت الكتب المدرسية في إطار حديثها عن مجزرة "نانكينغ" التي حدثت سنة 1937 أن "العديد من الأشخاص قد قُتِلوا"، في حين تتحدث كتب التاريخ عن مجزرة بشعة ذهب ضحيتها 300,000 صيني.

وفي سبتمبر/أيلول من العام الماضي، شهدت الصين احتجاجات كبيرة شملت مدنًا عدة واستهدف المتظاهرون العديد من الشركات اليابانية، بسبب حلول ذكرى حادث "موكدن" (18سبتمبر/أيلول 1931)، أسبوعًا واحدًا فقط بعد شراء الحكومة اليابانية لثلاثة من الجزر المتنازع عليها. وقد طفت قضية زيارة ضريح "ياسوكوني" إلى السطح مرة أخرى؛ حيث ذكرت تقارير صينية أن "شينزو آبي" عبّر لوسائل إعلام محلية عن أسفه الشديد لعدم زيارته الضريح خلال فترة حكمه السابقة. وفي حالة قيام "آبي" بالزيارة فإن العلاقات الثنائية ستعرف تدهورًا أشد.

وترفض أغلبية كبيرة من الطبقة السياسية اليابانية الانتقادات التي توجهها الصين لليابان، تتهم فيها هذه الأخيرة بأنها لم تعتذر بصورة صحيحة عن جرائمها التي ارتكبتها في الصين؛ فهذه الأخيرة تؤكد أن الاعتذار يتناقض مع الزيارات التي قام بها المسؤولون اليابانيون لضريح "ياسوكوني" والكتب المدرسية التي تنفي جرائم الحرب اليابانية. في حين تؤكد اليابان أنها اعتذرت بطريقة لائقة وأنها تعبت من كثرة الاعتذار، وأن الهدف الرئيسي من إثارة هذا الموضوع من طرف الصين هو الدفع باليابان من دورها الريادي إلى وضعية ثانوية في إطار الصراع حول الزعامة في منطقة شرق آسيا. وهكذا يستمر الماضي الاستعماري في مطاردة اليابان وإثارة التوتر مع الصين ودول الجوار الأخرى ما لم تُصَفّ اليابان كل الملفات العالقة منذ الحرب العالمية الثانية.

تداعيات النزاع على الجزر

كانت الصين -ولا تزال- تؤكد من خلال إستراتيجيتها الإقليمية أنها تسعى إلى تحقيق نمو اقتصادي بشكل سلمي وذلك للتخفيف من مخاوف جيرانها بخصوص نوايا الصين المستقبلية. فإذا اختارت الصين اتخاذ موقف متصلب من النزاع أو محاولة حسم النزاع عسكريًا فإنها ستثير مخاوف الدول التي تتنازع السيادة مع الصين على مجموعة من الجزر في بحر الصين الجنوبي والدول الأخرى مثل الهند التي لها مشاكل حدودية مع الصين. كما أن الحل العسكري قد يجر الولايات المتحدة إلى براثن النزاع؛ فالولايات المتحدة أكدت على لسان وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون خلال مؤتمر صحفي عُقد عقب انتهاء لقائها مع وزير خارجية اليابان "فوميو كاشيدا" في 18 يناير/كانون الثاني2013، أن الجزر المتنازع عليها تقع تحت السلطة الإدارية لليابان وبالتالي فهي تدخل في إطار الاتفاقية الأمنية بين الولايات المتحدة الأميركية واليابان.

من جهتها تحاول اليابان، في السنوات الأخيرة، إعادة التوازن بين علاقاتها مع الولايات المتحدة من جهة وعلاقاتها مع الجوار الآسيوي من جهة أخرى، عبر التركيز على بناء تجمع شرق آسيا East Asian Community؛ ففي سنة 2008، قدّم الحزب الديمقراطي الياباني "رؤية أوكيناوا" التي دعت إلى نقل القاعدة الأميركية خارج "أوكيناوا" أو حتى خارج اليابان. وعندما وصل الحزب إلى الحكم بقيادة "يوكيو هاتوياما" سنة 2009، رفض تجديد فترة عمل السفن الحربية اليابانية في المحيط الهندي ضمن الحرب التي تقوم بها الولايات المتحدة في أفغانستان، وصرّحت الحكومة ضمنيًا بأن نشر جنود يابانيين بالخارج لن يكون بناء على طلب أميركي، بل وفقًا للمصالح الوطنية، غير أن النزاع مع الصين غيّر توجهات اليابان وألقى بها مرة أخرى في أحضان الولايات المتحدة، ومنحها فرصة بناء العلاقات الأمنية مع اليابان-بعد التصدعات التي عرفها التحالف بين اليابان والولايات المتحدة عقب انتهاء الحرب الباردة- وتحويلها إلى حليف إستراتيجي لمواجهة الصعود الصيني.

لقد دفع النزاع حول هذه الجزر اليابان إلى تغيير جذري في إستراتيجية الدفاع الوطني؛ فبعد تراجع دور اليابان عالميًا بفعل سنوات من التباطؤ الاقتصادي وتخوفها من تأثير الأزمة المالية في أميركا على الدور الأمني الذي تلعبه أميركا في منطقة شرق آسيا، بدأت اليابان في بناء قدراتها العسكرية بشكل تدريجي، وتطوير علاقاتها الأمنية والعسكرية مع دول مثل الهند وأستراليا، وبناء علاقات عسكرية مع الدول التي تشارك اليابان مخاوفها تجاه الصين. وتدخل في هذا الإطار إستراتيجية "الماسة الديمقراطية الأمنية" التي تحاول اليابان عبرها احتواء الصين. فقد عبّر "آبي" بصراحة شديدة عن رفضه لتحول بحر الصين الشرقي إلى بحيرة صينية ورغبته في إنشاء "عقد أمني ديمقراطي"، يضم اليابان والهند وأستراليا وولاية هاواي الأميركية، من أجل حماية حرية الإبحار عبر المحيطين الهندي والهادي كما خففت الحكومة اليابانية من الحظر التي تفرضه على تصدير الأسلحة إلى الخارج منذ 1967، مما سيسمح لصناعاتها الدفاعية بتطوير مشاريع مشتركة مع الدول الأجنبية. وتخطت اليابان، في السنة الماضية، عتبة مهمة في إطار تحول إستراتيجيتها الدفاعية عندما قدمت معونات عسكرية بقيمة مليوني دولار لكل من كمبوديا وتيمور الشرقية، وهذه أول مساعدات عسكرية تقدمها اليابان للخارج منذ الحرب العالمية الثانية. وتحاول الحكومة الجديدة مراجعة دستور البلاد السلمي الذي يُعمل به منذ 1947 وإدخال تعديلات عليه تسمح لها بالمشاركة بلعب دور أمني أكبر على المستوى الدولي، وبالتالي مواجهة القوة الصينية المتنامية بشكل سريع.

وفي ظل استمرار التوتر، تأثرت العلاقات الاقتصادية المتميزة بين ثاني وثالث أكبر اقتصادين عالميين؛ فقد انخفضت مبيعات السيارات اليابانية في الصين بشكل حاد في الأسابيع الأولى بعد اندلاع التوتر في 11 سبتمبر/أيلول من العام الماضي وأغلقت العديد من الشركات اليابانية مصانعها في الصين، وفي شهر ديسمبر/كانون الأول تواصل انخفاض الصادرات اليابانية إلى الصين للشهر الخامس على التوالي ليبلغ الانخفاض 11,6%، وتعرضت صادرات السيارات إلى انخفاض هو الأكبر منذ 11 سنة، وفي حالة اندلاع حرب تجارية شاملة بين البلدين لن يكون هناك طرف رابح؛ فالعلاقات التجارية بين البلدين جد مترابطة ومحاولة فسخها قد تتسبب في جر الاقتصاد العالمي الهش إلى الهاوية.

خاتمة

يمثل بحر الصين الشرقي منطقة إستراتيجية حيوية، ليس للصين واليابان فقط بل للولايات المتحدة وكوريا أيضًا، ويبدو أن الأسباب الداخلية (مرحلة انتقال السلطة من الجيل الرابع إلى الجيل الخامس في الصين، وعودة "شينزو آبي" إلى هرم السلطة اليابانية بأجندة متشددة تجاه الصين) إضافة إلى أسباب جيوإستراتيجية (الأهمية الإستراتيجية لبحر الصين الشرقي مع تغير مركز الثقل الاقتصادي العالمي إلى شرق آسيا، وتحويل الولايات المتحدة لتركيزها إلى منطقة آسيا-الباسيفيك، ووجود موارد طبيعية متنوعة وهائلة في هذا البحر)، تدفع كل طرف إلى التشبث بمواقفه والامتناع عن تقديم أية تنازلات؛ مما يؤشّر على أن فرص تسوية الخلاف قليلة وأن الخلاف سيستمر بين البلدين لمدة طويلة، غير أن تشابك المصالح الاقتصادية بين البلدين وأهمية المنطقة للولايات المتحدة قد يحول دون تحول النزاع بين اليابان والصين إلى مواجهة مسلحة، ولو في المنظور القريب على الأقل.
___________________________________________
عبد الرحمن المنصوري - باحث في الشؤون الأسيوية

kumait
02-03-2013, 05:11 PM
http://albadee.net/assets/59373429efaf904bc5e1bb15606a574e_598_355.jpg

القواعد العسكرية الأميركية وتطويق إيران
بقلم : د. هيثم مزاحم 25 أيلول 2012

تتمتع القوات الأميركية من سلاح جو وبحرية ومشاة البحرية بوجود في سلطنة عمان والإمارات العربية المتحدة إلى الجنوب من إيران، وتركيا وإسرائيل إلى الغرب، وتركمانستان وقيرغيزستان في الشمال، وأفغانستان وباكستان في الشرق. وبالإضافة إلى ذلك، فإن للولايات المتحدة شراكات وثيقة عسكرية مع جورجيا وأذربيجان في منطقة القوقاز، حيث تشارك القوات الأميركية في مهمات تدريبية، تستخدم فيها المرافق المحلية في نقل الإمدادات عبر بحر قزوين نحو أفغانستان.

بيروت/البديع ـ تحتفظ القوات الأميركية بنحو 750 قاعدة عسكرية في أكثر من 130 دولة من دول العالم، تتنوّع مهامها المعلنة من القيام بالواجبات العسكرية المباشرة أو أعمال الدعم والإسناد اللوجستي أو القيام بعمليات "حفظ السلام" تحت مظلة الأمم المتحدة. وخلال العقدين الأخيرين، كسبت القوّات لأميركية قواعدَ عسكريّة أكثر من أيّ وقت مضى في التاريخ.

يقول تشالمرز جونسون، أبرز مؤرّخ عسكري أميركي، في هذا الصّدد: "إنّ جيشنا ينشر أكثر من نصف مليون جندي وجاسوس وتقني ومعلم وموظّفين ومتعاقدين مدنيّين في أمم (أو دول) أخرى، من أجل الهيمنة على محيطات العالم وبحارِه، فقد أنشأنا نحو ثلاث عشرة قوّة بحريّة على متن حاملات الطّائرات التي تحمل أسماء تلخّص إرثنا الحربي.. ندير العديد من القواعد السرّية خارج أراضينا لمراقبة ما تقوم به شعوب العالم، بمن فيهم مواطنونا، وما يقولونه وما يرسلونه بالفاكس أو البريد الالكتروني إلى بعضهم البعض. الحرب على الإرهاب ليست أكثر من شعار.. فالولايات المتّحدة ترفعه كي تخفيَ طموحها الإمبريالي. لكن الحرب على الإرهاب هي في أفضل حالاتها جزءٌ صغير من الأسباب التي تقف وراء كل تخطيطنا العسكري. فالسّبب الحقيقي لبناء هذه الحلقة من القواعد الأميركية على مدار خطّ الاستواء هو لتوسيع إمبراطوريّتنا وتعزيز هيمنتنا العسكريّة على العالم".

أما الباحث العراقي الكردي عثمان علي فيقول في كتابه "مستقبل العلاقات الأميركية ــ الكردية: هل تصبح كردستان مستعمرة أميركية؟" الصادر عام 2009: "إنّ وسائل الإعلام تنقل لنا فقط قصصاً عن هذه الإمبراطوريّة الأميركية كتلك التي تتحدّث عن تحرير الجنود الأميركيّين للنّساء الأفغانيّات من الأصوليّة الإسلاميّة، ومساعدتهم لضحايا الكوارث الطبيعيّة في الفلبين، أو حماية البوسنيّين والكوسوفيّين أو الأكراد العراقيّين من التّطهير العرقي، ولكن ليس الأمر نفسه بالنسبة إلى الرّوانديّين والأكراد الأتراك والفلسطينيّين الذين يتعرّضون لنفس التّطهير العرقي من حلفاء أميركا".

ويذهب الباحث عثمان علي إلى أنّه استناداً إلى أداء الحكومات الأميركيّة في الكثير من البلدان التي تمّ غزوها، فإن الولايات المتّحدة لن تتخلّى عن أيّ منها من دون الحصول على موطئ قدم دائم فيها. ويذكر مثالاً على ذلك خليج غوانتانامو في كوبا بعد الانتصار في الحرب الأميركية ــ الإسبانية في العام 1898، وكذلك مثاليْ ألمانيا واليابان بعد الحرب العالميّة الثانية، والفلبين بعد الغزو الأميركي، وكوريا بعد الحرب الكورية، والخليج [الفارسي] بعد حرب عام 1991. ففي كلّ واحدة من هذه المناطق كان ينجم عن الانتصار العسكري الأميركي، إنشاء قواعد أميركية عسكريّة دائمة ذات أهداف بعيدة المدى.

وكتب الخبير الياباني ماساماتشي س. آينوي يقول: "الجيش الأميركي هو مؤسّسة عالميّة مرنة، تتكوّن من طبقة من المنظّمات المحليّة والقوميّة والفوق قوميّة.. فهو يحافظ على قواعد في تسعة وخمسين بلداً على الأقلّ وله قدرةٌ ضخمة على دخول الحياة المحليّة والـتأثير فيها وحتّى تشكيلها في العديد من زوايا العالم..".

من جهته، عبّر المؤرّخ العسكري الأميركي تشالمرز جونسون عن مخاوفَ مماثلة من دوافع القواعد الأميركية في الخارج، مؤكّداً أنه مهْما كان السّبب الأصلي لدخول الولايات المتّحدة إلى بلاد ما وإقامة قاعدة عسكريّة فيها، فإنها تبقى فيها لأسباب إمبرياليّة استعمارية تتعلّق بالهيمنة الإقليميّة أو الدّولية، ومنع وصول المنافسين إلى مناطقَ معيّنة، وفتح الطريق للشّركات الأميركية، والحفاظ على الأمن والاستقرار أو المصداقيّة كقوّة عسكريّة، وقوّة الاستمرار.

وفي عرضه لواقع تجارب القواعد الأميركيّة في اليابان وكوريا الجنوبية والفيليبين، يذكر الباحث عثمان علي أمثلةً عن المفاسد الناتجة عن هذه القواعد، بدءاً من التلوّث البيئي النّاجم عن وجود طائرات ضخمة (بي 52) وأسلحة معيّنة، إلى ظاهرة الفساد والعلاقات الجنسيّة غير الشّرعية والتي تسفر عن حمل فتيات كثيرات وإنجابهنّ لأطفال غير شرعيّين وترك الجنود الآباء لأطفالهم وإنكارهم لهم. وفضلاً عن ظاهرتيْ الاغتصاب ونشر الجنود الأميركيين للمخدّرات، ثمّة ظاهرة سلبيّة أخرى هي كذب الادّعاء الأميركي بأنّ هذه القواعد ستعزّز الديمقراطية في الدّول المضيفة. ففي هذه النّماذج الثلاثة، اليابان وكوريا الجنوبية والفيليبين، كانت الولايات المتحدة وقوّاتها العسكريّة تدعم الحكومات الديكتاتورية في هذه الدول (حكومة جزيرة أوكيناوا الدكتاتورية في اليابان، حكومة ماركوس في الفلبين، وتعميق الانقسام بين الكوريّتين في كوريا الجنوبية).

الوجود الأميركي في الشرق الأوسط

نشرت وكالة الصحافة الفرنسية(فرانس برس) قبل أيام تقريراً عن الوجود العسكري الأميركي في الشرق الأوسط قالت فيه إن القوات العسكرية الأميركية الخاضعة للقيادة المركزية في الشرق الاوسط وآسيا الوسطى، قد أعادت انتشارها منذ الانسحاب من العراق نهاية العام 2011، في ظل توترات متزايدة مع الجمهورية الإسلامية في ايران بسبب الخلاف حول برنامجها النووي.

وذكرت الوكالة أن الأميركيين يملكون 180 ألف جندي في المنطقة الخاضعة للقيادة المركزية في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى، بينهم 71 الفاً في أفغانستان و20 الفاً على متن بوارج حربية، وذلك بحسب وزارة الدفاع الأميركية(البنتاغون). وتنقسم هذه القوات الأميركية إلى قوات بحرية وجوية وبرية. وتتجسد القوات البحرية في حاملات الطائرات والأساطيل المتواجدة في مياه الخليج [الفارسي] وبحر العرب والبحر الأبيض المتوسط.

وحالياً تبحر حاملة الطائرات الأميركية "يو اس اس ايزنهاور" في المنطقة، وهي حلت في شمال بحر العرب مكان حاملة الطائرات "يو اس اس ابراهام لينكولن" التي عادت الى الولايات المتحدة مطلع آب/اغسطس الماضي(2012)، على أن تلتحق بها قريباً حاملة طائرات أخرى هي "يو اس اس جون ستينيس". ويرافق حاملة الطائرات "يو اس اس ايزنهاور" طراد ومدمرة بصواريخ مسيّرة عن بعد.

وتنقل "يو.اس.اس بونس"، سفينة النقل البرمائية التي تحوّلت الى حاملة مروحيات، طاقماً معززاً من كاسحات الألغام مهمته الحرص على بقاء مضيق هرمز، مفتوحاً، في مواجهة التهديدات الإيرانية بإغلاقه في حال أي صدام عسكري. وقد تضاعف عدد كاسحات الألغام منذ حزيران/يونيو 2012 لتبلغ ثماني كاسحات.

أما القوات الجوية، فقد نشر الجيش الأميركي عدداً غير محدد من الطائرات المقاتلة من طراز "اف-"22 في قاعدة الظفرة في دولة الإمارات العربية المتحدة المقابلة لإيران. وتعتبر هذه الطائرات "الشبح" التي لم تنشر بعد خارج الولايات المتحدة الأكثر حداثة في الترسانة الجوية الأميركية، وهي قادرة على بلوغ سرعات تفوق سرعة الصوت.

كذلك نشرت الولايات المتحدة طائرات من طراز "اف ـ 15 سي" أقدم منها، في قواعد المنطقة على ما أفادت صحيفة "نيويورك تايمز". وتحمل كل حاملة طائرات ستين طائرة.

أما القواعد الأميركية في الدول الخليجية فهي على الشكل التالي:

الكويت

في الكويت ينتشر نحو 15 ألف جندي في غريفجان في الكويت، كما تعمل الولايات المتحدة مع حلفائها أيضا من قاعدة علي السالم الجوية في الكويت. وقد طلب الجيش الأميركي من الكويت إذناً لنشر ثلاثة آلاف رجل إضافي بعد انسحابه من العراق لكن لم يتبين بعد اذا حصل عليها. وفي الكويت توجد الفرقة الثالثة من المشاة الأميركية "المجوقلة" في "معسكر الدوحة"، بمعدات متنوعة ـ دبابات وعربات مدرعة وطائرات هليكوبتر وأكثر من 80 طائرة مقاتلة ووحدات من القوات الخاصة سريعة الانتشار.

البحرين

أما في البحرين، فإن الأسطول الخامس الأميركي يتخذ من المنامة مقره العام ويسيطر على منطقة تشمل قناة السويس والبحر الأحمر وبحر العرب والخليج [الفارسي]. ويخدم في هذا المقر الأميركي في المنامة 4200 جندي أميركي، ويضم حاملة طائرات أميركية وعدداً من الغواصات الهجومية والمدمرات البحرية وأكثر من 70 مقاتلة، إضافة إلى قاذفات القنابل والمقاتلات التكتيكية وطائرات التزوّد بالوقود المتمركزة في قاعدة الشيخ عيسى الجوية.

الامارات

وفي الإمارات العربية المتحدة، تنشر الولايات المتحدة طائرات من طراز "اف ـ 22" في قاعدة الظفرة الجوية في أبو ظبي التي تستعمل أيضاً لمهمات إمدادات ومراقبة واستطلاع، بحسب الخبراء. وفي القاعدة مستودعات متعددة لأغراض الدعم اللوجيستي، إضافة إلى ميناءين مهمين يطلان على المياه العميقة، الأمر الذي يبرز أهميتهما بالنسبة للسفن العسكرية الكبيرة. كما يشكل ميناء جبل علي في دبي محطة للسفن والبارجات الأميركية للتزوّد بالوقود والغذاء والاستراحة.

قطر

وفي قطر هناك قاعدة "العديد" قرب الدوحة، وبنيت خصيصاً في نهاية التسعينيات من القرن العشرين لإيواء القوات الجوية الأميركية في حال حصول نزاع مع إيران وتستعمل في عمليات جوية وإمدادات ويمكنها إيواء 130 طائرة وعشرة آلاف رجل. وتشتمل قاعدة العديد الجوية على مدرج للطائرات يعد من أطول الممرات في العالم وهو قادر على لاستقبال أكثر من 100 طائرة على الأرض. وتعتبر هذه القاعدة مقراً للمجموعة 319 الاستكشافية الجوية التي تضم قاذفات ومقاتلات وطائرات استطلاعية إضافة لعدد من الدبابات ووحدات الدعم العسكري وكميات كافية من العتاد والآلات العسكرية المتقدمة، ما جعل بعض العسكريين يصنفونها أكبر مخزن إستراتيجي للأسلحة الأميركية في المنطقة.

أما قاعدة السيلية فقد استخدمت في الحرب على أفغانستان حيث بلغ عدد القوات المتواجدة بها حوال 10,000 جندي، وكانت المركز الرئيسي لإدارة الحرب على العراق عام 2003. تتميز بوجود مخازن للأسلحة الأميركية هي الأكبر من نوعها. ويبلغ عدد الجنود الأميركيين المتواجدين بصورة دائمة في القاعدة نحو3000 جندي. تبلغ مساحة القاعدة 1.6 مليون قدم مربع او نحو 37 فداناً من المساحة المخصصة للتخزين، وفيها طرق تصل طولها الى أكثر من عشرة كيلومترات، وتضم منشآت ومراكز القيادة وثكنات الجنود ومستلزمات المعيشة لهم.

عمان

أما سلطنة عُمان فقد سمحت للولايات المتحدة باستعمال قواعدها منذ عام 1980 بعد انتصار الثورة الإسلامية في ايران، وتحركت المقاتلات الأميركية "بي ـ1" من تلك القواعد خلال الحرب الأميركية على حركة طالبان في أفغانستان عام 2001، وفي هذه القواعد يخزن الجيش الأميركي أيضاً عتاداً. وتستمد سلطنة عُمان أهميتها بالنسبة للولايات المتحدة من حيث موقعها كمركز متعدد المهام لخدمات دعم الجسر الجوي، وقامت الولايات المتحدة بإنشاء قاعدة جوية فيها، تتمركز في ها قاذفات طراز (B1) وطائرات التزوّد بالوقود.

السعودية

كانت السعودية تستضيف أحد مراكز قيادة القوات الجوية الأميركية الإقليمية المهمة، داخل قاعدة الأمير سلطان الجوية في الرياض، وبواقع 5000 جندي تابعين للجيش وسلاح الجو الأميركي، وأكثر من 80 مقاتلة أميركية، وقد استخدمت هذه القاعدة في إدارة الطلعات الجوية لمراقبة حظر الطيران الذي كان مفروضا على شمال العراق وجنوبه إبان فترة العقوبات الدولية على العراق خلال حكم صدام حسين. كما كانت القاعدة تعمل مركزاً للتنسيق بين عمليات جمع المعلومات والاستطلاع والاستخبارات الأميركية في المنطقة. لكن، منذ أواسط العام 2003، إنتقل نحو 4500 جندي أميركي إلى دولة قطر المجاورة، وبقي في السعودية نحو 500 جندي أميركي فقط ظلوا متمركزين فيما يعرف بـ"قرية الإسكان"، وأنهت أميركا وجودها العسكري في قاعدة الأمير سلطان الجوية في الرياض.

المغرب

حصلت الولايات المتحدة الأمريكية على موافقة المغرب على استخدام قواتها المسلحة لعدد من قواعد ومنشآت هذا البلدالعسكرية. فالمعاهدة الموقعة مع مراكش في أيار عام 1982 سمحت لواشنطن بنقل قوات الانتشار السريع عبر هذا البلد والقيام بتزويد الطائرات الأميركية بالوقود واستخدام القواعد والمنشآت المحلية لإجراء التدريبات والمناورات. وتملك الولايات المتحدة نقطة اتصال للقوات البحرية في "سيدي يحيا" (80 كيلومتراً إلى الشمال الشرقي من مدينة الرباط) لخدمة الصواريخ المضادة للسفن في منطقة المحيط الأطلسي والبحر الابيض المتوسط. والى جانب ذلك، فإن الامريكيين يملكون مراكز تدريب عسكرية في قينيطرا وبوكاديلي. وأعلنت الحكومة المغربية رسمياً أن القواعد الثلاثة المذكورة تعتبر قواعد “تدريب” للقوات المغربية المسلحة.

جيبوتي

أما في جيبوتي، فمنذ بداية سنة 2002 بدأت القوات الأميركية تتمركز في قاعدة "ليمونيه"، وقد بلغ عددها 900 جندي، وإن كانت بعض التقديرات الأفريقية تقدر عددها بـ1900 جندي.

سائر القواعد في آسيا

أما القواعد الأمريكية الموجودة في وسط آسيا فهي كثيرة أبرزها قواعد: باغرام، قندهار، وخوست، لورا، مزار شريف، وبولي في أفغانستان. والقواعد الأخرى الموجودة في تركيا(أضنة) وقبرص وفلسطين المحتلة وطاجكستان وتركمنستان وأوزبكستان وجورجيا، فضلاً عن قاعدة دييغو غارسيا في المحيط الهادي بالمشاركة مع القوات البريطانية، والقواعد الأميركية في اليابان وكوريا الجنوبية والفيليبين وفي أفريقيا وأوروبا.

السفارة الأميركية في العراق.. قاعدة عسكرية؟

قبل الانسحاب الأميركي في نهاية عام 2011، كان في العراق عدد كبير من القواعد العسكرية الأميركية قدّرها بعض الخبراء العسكريين بنحو 75 قاعدة، كان معظمها يعود للمواقع العسكرية العراقية التابعة للنظام السابق التي احتلتها القوات الأميركية أثناء عملية الغزو. كما كانت القوات الأميركية تستخدم أربعة مطارات في العراق وهي مطار بغداد الدولي، والطليل في جنوب العراق قرب الناصرية، ومهبط للطائرات في غرب العراق قرب الحدود الأردنية ويسمى H1 ومطار باشور في شمال العراق في إقليم كردستان.

ووصل عدد القوات الأميركية في العراق قبل الانسحاب في نهاية 2011 إلى أكثر من 140 الف عسكري، كان يدعمهم عدد كبير من القطع البحرية المرابطة في الخليج [الفارسي] ودول الجوار. أعلنت الولايات المتحدة عن سحب قواتها من العراق بحلول نهاية 2011، لكنها أبقت على 17 ألف بين موظف وعسكري ومتعاقد أميركيين في سفارتها في العاصمة العراقية بغداد، وهي أكبر سفارة في العالم، وكان يفترض أن يصل عدد موظفيها الكلي الى عشرين الفاً في العام 2012 حسب ما جاء في تصريح للمتحدث الرسمي باسم السفارة الأميركية في بغداد ديفيد رانز، حيث ذكر أن الكونغرس الأميركي يدرس مقترح لزيادة عدد العاملين في السفارة الى 20 ألف موظف بحلول العام 2012، وأن السبب الرئيسي لوجود هذا العدد الكبير من الموظفين سيكون لقيامهم بعدد من برامج التطوير والتدريب للكوادر العراقية المدنية منها والعسكرية.

هذا العدد أعادني بالذكرى إلى أيار/مايو من العام 2003 بعد نحو شهرين من غزو العراق، حيث كنت في تغطية صحافية في مقر وزارة الدفاع الأميركية "البنتاغون" في مدينة أرلنغتون(ولاية فرجينيا)، على بعد كيلومترات من العاصمة واشنطن، حيث حضرت مؤتمراً صحافياً لوزير الدفاع أنذاك دونالد رامسفيلد، ثم أجريت مقابلة مع متحدث باسم البنتاغون"، وهو ضابط في الجيش الأميركي. بعد المقابلة، رافقني المتحدث بجولة سريعة في بعض أروقة الوزارة، ومقر البنتاغون كالبيت الأبيض والكثير من الوزارات والمؤسسات الأميركية مفتوحة للزوار والسيّاح ينظمون إليها جولات سياحية، خلال الجولة القصيرة، سألت المتحدث الأميركي عن: عدد الموظفين في هذا المبنى الضخم؟ فأجابني: أنه نحو 24 ألف موظف بين عسكري ومدني. فاجأني الرقم كونه يعادل عديد جيش دولة صغيرة في العالم العربي أو يفوقه، أي ضعف الجيش البحريني ونحو ثلاثة أضعاف الجيش القطري.

بعد التفكير بالأمر، وجدت الرقم منطقياً بالنسبة للدولة التي تعتبر نفسها الأعظم في العالم، والتي يضم جيشها نحو مليون ونصف المليون عسكري في الخدمة ونحو 850 ألف عسكري إحتياطي. فإدارة هذا العدد الضخم من العسكريين، يتطلب عدداً كبيراً من الموظفين والضباط والإداريين، فضلاً عن المهام التي يقوم فيها "البنتاغون" من الإدارة والتخطيط والتنسيق والإعلام والعلاقات العامة والرصد والتجسس والأبحاث والدعم اللوجستي للقوات الأميركية المنتشرة في جميع القارات والمحيطات والبحار.

لكن التفكير بعدد موظفي السفارة الأميركية في العراق الذي يقترب كثيراً من عدد موظفي البنتاغون يظهر أن هذه السفارة هي "بنتاغون مصغّر" أو أكبر قاعدة أميركية في المنطقة.

يقول السفير الهندي السابق في العراق رانجيت سينغ إنه برغم انسحاب القوات الأميركية المعلن من العراق، إلا أن واشنطن قد أعدّت للسيطرة على احتياطيات البلاد من النفط في أي وقت. فبعدما أنفقت الولايات المتحدة ثلاثة تريليونات دولار في العراق، فلا يمكنها على الإطلاق التخلي عن احتياطيات النفط الوفيرة ذات الجودة العالية جداً. ويشير أنه لمواجهة التطورات السلبية سيكون للولايات المتحدة نحو 20 ألف عسكري في سفارتها في بغداد، كما سيكون في كل قنصلية من القنصليات الثلاث في البصرة، وكركوك وإقليم كردستان ألف عسكري.

ورأى السفير الهندي السابق أن القوات الأميركية بعد انسحابها سوف لن تذهب بعيداً عن العراق وسيتم إعادة نشر بعضها في دولة الكويت المجاورة، بحيث يمكن للأميركيين دائماً العودة لأنه سيتم الإبقاء على القواعد العسكرية سليمة، مع بقاء 20 ألف موظف وعسكري في السفارة الموظفين. وأشار إلى أن الولايات المتحدة قد جعلت العراق من دون سلاح جوي ما يعني أن الأجواء العراقية ستبقى تحت السيطرة الأميركية، ما يعني أنها تسيطر على هذه الأجواء وتمنع الآخرين من دخولها.

القواعد الأميركية وتطويق إيران

في تقرير للصحافي "بن بيفن" نشر في موقع الجزيرة بالإنجليزية في الأول من أيار/مايو 2012، إعتبر التقرير أن القواعد العسكرية الأميركية لا تزال تشكل طوّقاً إستراتيجياً على إيران، على الرغم من أن الانسحاب الأميركي من العراق في نهاية عام 2011 قد غيّر نوعاً ما في التوازن الإقليمي لصالح إيران.

وأوضح التقرير أنه بينما تقلّص القوات الأميركية وجودها في أجزاء كثيرة من العالم بسبب التخفيضات في الموازنة، حيث بدأت الخفض التدريجي لقواتها من أفغانستان إلى أن ينتهي الانحساب الكامل بحلول عام 2014، فإن الوجود الدولي لهذه القوات لا يزال واسعاً. فمن أصل 1.4 مليون عسكري هم في الخدمة الفعلية، نشرت الولايات المتحدة 350 ألفاً من قواتها العسكرية في ما لا يقل عن 130 دول أجنبية في جميع أنحاء العالم، إذ يوجد أكثر من 750 قاعدة دولية، بعضها تعود إلى حقبة الحرب الباردة، ولكن الكثير منها تقع في مناطق القتال في الشرق الأوسط أو بالقرب منها، إضافة إلى المتعاقدين من القطاع الخاص والجنود الاحتياط والموظفين المدنيين الذين يعملون في وزارة الدفاع الأميركية.

ويشير التقرير إلى أن المنشآت العسكرية الأميركية في الشرق الأوسط تعمل على إبقاء العين على إيران. يقول مهران كامرافا، مدير مركز الدراسات الدولية والإقليمية في جامعة جورج تاون - كلية الشؤون الدولية في قطر: كانت هناك ثلاثة أسباب لسعي الولايات المتحدة لتأمين وجود عسكري لها في جميع أنحاء الشرق الأوسط قبل حرب الخليج الفارسي الأولى، وهي "تأمين مصادر النفط، وضمان أمن دولة إسرائيل، ومكافحة التهديدات للمصالح الأميركية. وفي وقت لاحق، أصبح الوجود العسكري المباشر لا على شكل إملاءات، ولكن كمظلة أمنية وبقرارات سياسة واعية من جانب دول الخليج الفارسي العربية".

ويضيف كامرافا: "لذا، فإن هذه القواعد ليست بالضرورة بسبب إيران، ولكن لا يحتاج لأن تكون عالم صواريخ كي تدرك أن إيران مطوّقة عسكرياً".

قبل 11 أيلول/ سبتمبر 2001، كانت معظم القوات العسكرية الأميركية في الخارج تتمركز في أوروبا وشرق آسيا. ولكن ارتفع عدد عمليات الانتشار في الشرق الأوسط بشكل كبير خلال الحملات العسكرية الأميركية اللاحقة في أفغانستان والعراق.

وفي عام 2002، قال الاميرال كريغ كويغلي، المتحدث باسم القيادة المركزية الأميركية (CENTCOM) في تامبا، فلوريدا: "هناك قيمة كبيرة في مواصلة بناء المطارات في مجموعة متنوعة من المواقع في محيط أفغانستان، لأنه مع مرور الوقت، يمكن أن تقوم بمجموعة متنوّعة من الوظائف، مثل العمليات القتالية، والإخلاء الطبي وتقديم المساعدات الإنسانية".

ووفقاً للأرقام الجديدة الواردة من القيادة المركزية الأميركية لقناة الجزيرة في 30 نيسان أبريل 2011، فإن هناك نحو 125 ألف جندي أميركي على مقربة من إيران، 90 الفاً في أفغانستان وحولها، ونحو عشرين ألفاً منتشرين في عدد من الدول في منطقة الشرق الأوسط، وبين 15- 20 ألفاً موّزعين على السفن البحرية الأميركية في المنطقة.

وكان وزير الدفاع الأميركي ليون بانيتا قد أعلن حينها أن الولايات المتحدة سوف يكون لها 40 ألف عسكري في الخليج [الفارسي] بعد الانسحاب من العراق. لكن العدد الدقيق لهذه القوات وموقعها ومهمتها يكاد يكون من المستحيل تحديدها. وفي منتصف أيلول سبتمبر 2012، أكد بانيتا أن الجيش الأميركي ليست لديه أية خطط لتعزيز قواته في الشرق الأوسط برغم الاحتجاجات العنيفة التي استهدفت البعثات الدبلوماسية الأميركية في عدد من الدول العربية، بسبب الفيلم المسيء للرسول محمد(ص). وقال بانيتا: "لدينا وجود كبير في المنطقة".

وقال أوسكار سيارا، ضابط الشؤون العامة في القيادة المركزية الأميركية، في رسالة البريد الالكتروني لقناة الجزيرة: "نحن مضطرون لاحترام الرغبات المعلنة من مختلف البلدان المضيفة، الذين طلبوا أن لا نعترف بتفاصيل أي وجود أميركي على أراضيها السيادية"، بسبب حساسية هذه الدول الشريكة.

إذاً، تتمتع القوات الأميركية من سلاح جو وبحرية ومشاة البحرية بوجود في سلطنة عمان والإمارات العربية المتحدة إلى الجنوب من إيران، وتركيا وإسرائيل إلى الغرب، وتركمانستان وقيرغيزستان في الشمال، وأفغانستان وباكستان في الشرق. وبالإضافة إلى ذلك، فإن للولايات المتحدة شراكات وثيقة عسكرية مع جورجيا وأذربيجان في منطقة القوقاز، حيث تشارك القوات الأميركية في مهمات تدريبية، تستخدم فيها المرافق المحلية في نقل الإمدادات عبر بحر قزوين نحو أفغانستان.

أصبحت دول آسيا الوسطى مثل أوزبكستان وطاجيكستان عندما أغلقت باكستان طرق إمداد حلف شمال الأطلسي في أفغانستان، أكثر أهمية لشحن البضائع إلى منطقة الصراع في الجنوب. كما بدأت الولايات المتحدة بشكل مباشر تتنافس مع روسيا والصين على النفوذ الإقليمي.

وفي حين شهد عام 2012 بوضوح الحشود العسكرية الأميركية في الخليج، وخاصة زيادة في حجم القوة القتالية الاحتياطية في الكويت، إلا أن تحركات هذه القوات تحاط بالسرية التامة. يقول مسؤولون أميركيون إن الهدف من زيادة القوات في الخليج [الفارسي] كي تكون بمثابة "رد فعل سريع وقوة طوارئ"، وليس مقدمة لحرب.

كما أعلنت البحرية الأميركية في صيف 2012 عن إطلاق "القاعدة العائمة الأم" يرجّح أن يتم نشرها في منطقة الخليج [الفارسي]. ومن المقرر تحويلها إلى سفينة حربية "يو اس اس بونس" لاستخدامها من قبل القوات البحرية في مهمات مكافحة القرصنة وعملية احتواء إيران. وبينما تتحرك حاملات الطائرات بانتظام في جميع أنحاء الخليج [الفارسي]، فإن هذه السفينة العائمة الجديدة ستكون قادرة على البقاء في المكان نفسه لأسابيع عدة.

وهناك بارجتان حربيتان حاملتا طائرات تعملان في الأسطول الخامس الأمريكي، حاملة الطائرات "إنتربرايز (CVN 65)" التي تعمل في بحر العرب، لدعم عملية "الحرية الدائمة" في أفغانستان، وحاملة الطائرات "ابراهام لينكولن (CVN 72)" التي تجري عمليات الأمن البحري في الخليج [الفارسي]. وهناك نحو 16 الف عسكري في عرض البحر على متن سفن البحرية الأميركية.

فرنسا لديها هي الأخرى حاملة طائرات تعمل بالطاقة النووية، "شارل دي غول"، الذي أفادت التقارير بأنها توجهت إلى الخليج في فبراير شباط الماضي. وكانت فرنسا قد أقامت في عام 2009 محطة بحرية جوية في أبو ظبي.
وعلى الرغم من أن المنشآت الأميركية في تركيا، وإسرائيل، وجيبوتي، ودييغو غارسيا ليست ضمن نطاق مسؤولية القيادة المركزية الأميركية، لكن يمكن أن تستخدم أيضاً في حالة وجود أي صدام مع إيران.

وفي منتصف يوليو/ تموز الماضي، أفادت أنباء عن نية أميركية لتحريك حاملة طائرات إضافية من ميناء نورفولك العسكري في ولاية فيرجينيا باتجاه الخليج [الفارسي] لتصبح الثالثة من نوعها والثانية التي تتوجه الى المنطقة في أقل من ثلاثة أشهر، بعد حاملة الطائرات "ابراهام لينكولن" في ابريل الماضي. وذكرت المصادر أن حاملات الطائرات الثلاث، تحمل كل واحدة منها أكثر من 60 طائرة مقاتلة، إضافة الى عشرات السفن المرافقة من مدمرات وفرقاطات وكاسحات ألغام، مما جعل بعض المراقبين يتوقعون أنه استعداد أميركي لحرب ضد إيران.

قائد "القوات الجو – فضائية" في الحرس الثوري الإيراني العميد أمير حاجي زادة قد حذر قبل يومين أنه اذا اندلعت حرب في المنطقة فربما تتطور الى حرب عالمية ثالثة وأن بلاده ستستهدف القواعد الاميركية في الدول المحيطة بها. وهدد بأن بلاده تعتبر القواعد الأميركية في المنطقة "جزءاً من الأراضي الأميركية وليست أراضي قطرية أو بحرينية او أفغانية وعند وقوع أية حرب سندك جميع تلك القواعد". وأضاف: "إننا نری أمیرکا والكیان الصهیوني في خانة واحدة ولا یمكن أن نتصور بأن کیان العدو سيخوض مثل هذه الحرب دون إسناد أميركي.. في حال بروز مثل هذه الظروف فستقع حوادث لا يمكن السيطرة عليها وادارتها ومن الممكن ان تتحول هذه الحرب الى حرب عالمية ثالثة".

nad-ali
06-03-2013, 02:23 PM
أعلن نائب رئيس فنزويلا نيكولاس مادورو وفاة الرئيس الفنزويلي هوغو تشافيز
بعد معاناة مع داء السرطان.
وتشافيز من مواليد العام 1954، صار رئيسا لفنزويلا في 2 شباط عام 1999، كما أعيد انتخابه عام 2006.

وعُرف بحكومته ذات السلطة الديمقراطية الاشتراكية واشتهر لمناداته بتكامل أميركا اللاتينية السياسي والاقتصادي مع معاداته للإمبريالية وانتقاده الحاد لأنصار العولمة من الليبراليين الحديثين وللسياسة الخارجية للولايات المتحدة الأميركية.


http://www.jurnaljazira.com/news_view_8281.html

kumait
11-03-2013, 02:32 AM
أمريكا واستراتيجية الخطوة الضبابية
عبد المنعم الحيدري

منذ ان وضع بريجنسكي نظريته الجيو ستراتيجية في المجال الحيوي تحت عنوان النظرية الماكندرية الجديدة وسحبها من اوراسيا باتجاه الوطن العربي وتحديدا في المنطقة الحيوية والاستراتيجية المحصورة في منطقة الخليج وذلك لكونها تتمتع بمزايا تؤهلها ان تكون هي الساحة التي لا يمكن للدول العظمى ان تستغني عنها مما جعلها ان تكون محط صراع لبسط النفوذ لتلك الدول حتى هذه الساعة.

منطقتنا العربية وعلى الرغم من اهميتها الاستراتيجية في نظر اللاعب السياسي الاميركي الا انها هي اليوم اكثر المناطق سخونة في العالم وذلك بسبب (الربيع العربي) الذي حدث في كل من تونس ومصر وليبيا وسوريا والعراق والبحرين والسعودية والكويت وقد بات واضحا للمراقبين والباحثين في الشأن السياسي الازدواجية التي تتعامل بها واشنطن مع هذه الدول ، لكن ما يلفت النظر هنا هو الخطوات الضبابية التي تقوم بها اميركا اتجاه (الربيع العربي)، خصوصا في مسألة دعم الحركات الاسلامية من اجل الامساك بالسلطة في كل من مصر وليبيا وتونس وحينما تمكنت هذه الحركات التي كانت بالأمس في نظر واشنطن هي (مشبوهة) الى حد ما والقسم الاخر مصنفا لديها ( ارهابيا)، بدأت اميركا وكأنها تتراجع عن توفير الدعم لهم وكأن مثلها كمثل من يقوم بإنقاذ شخصا من على شاخص ثم يتخلى عنه في نصف الطريق فيتركه فلا هو قادر على العودة الى نقطة الانطلاق التي بدأ منها ولا هو قادر على مواصلة الطريق ومن البديهي ان يكون هذا السلوك السياسي من قبل دولة عظمى مثل اميركا تمتاز بالمؤسساتية لابد ان يكون سلوكا مدروسا وليس اعتباطيا .

ومن هنا يأتي السؤال التالي وهو لماذا هذه الإستراتيجية الضبابية من قبل واشنطن اتجاه المنطقة عموما والحركات الإسلامية خصوصا؟. هنا وقبل الذهاب الى الإجابة على السؤال لابد من معرفة الأساس التي تقوم عليها سياسة واشنطن الخارجية وماهية السلوك الذي تتبعه ضد دول العالم الثالث.

هناك ثلاث أنماط للسلوك السياسي الخارجي تتبعه دول العوالم الثلاث (الرأسمالي والاشتراكي والعالم الثالث).

1. دول العالم الثالث او المتخلف كما يحلو لبعض الغربيين تسميته وهو يقوم على اساس التحرر من الهيمنة والاستعمار.
2. الدول الاشتراكية وهي قائمة على اساس دعم حركات التحرر في العالم.
3. الرأسمالية تقوم على أساس الهيمنة والاحتكار لمقدرات الشعوب في كل دول العالم لأنها لا تهتم الا بتحقيق مصالحها على حاب مصالح الدول الاخرى التي تريدها ان تكون تابعة لها. وأميركا هي اليوم قائدة الرأسمالية في العالم وهي التي سبب المصائب في عالمنا الثالث.

ومن هنا نستطيع ان نحدد السلوك السياسي الخارجي الذي تتبعه واشنطن حيال منطقتنا فهي تسعى لتحقيق هدفين الاول: ان تكون كل ثروات المنطقة بيدها وهي التي تتحكم بها.

والثاني: هي ان تكون اواق تلك دول محتكرة لبضائعها.

ونعود هنا لنضع للاجابة على السؤال الذي طرحناه وهو لماذا تتبع واشنطن هذه السياسة حيال الحركات والاحزاب الاسلامية في بلدان (الربيع العربي) وهو يكون على شكل نقاط كالتالي:

اولا: بعد ان استهلكت الحركات والاحزاب القومية التي انطلقت في اربعينيات وخمسينيات القرن العشرين رصيدها في الشارع العربي شعرت اميركا ان المد الاسلامي الذي عاش مقموعا لعدة عقود من السنين بات هو الذي يسيطر على الشارع وان واشنطن على يقين من انه لا يمكن ترويض الاسلاميين لا بل اكثر من ذلك انها ترى (لا عهد لهم) ومن هنا يأتي الخطر وبالتالي فهي اوصلتهم الى نصف الطريق ثم بدأت تتخلى عنهم من اجل ان يرتد الشارع عليهم على اساس انهم غير قادرين على ادارة الدولة. وهذا ما يحصل في تلك الدول الثلاث التي يسيطر عليها الاسلاميون.

ثانيا : ان اعطاء الضوء الاخضر للحركات الاسلامية في استلام السلطة في تلك الدول الثلاث هو جاء وفق لاتفاقات ابرمت وراء الكواليس مع اقتناع واشنطن قناعة تامة بأن هؤلاء غير قادرين على النجاح وذلك بسبب الفكر السياسي الذي يقوم عليه حكم الدولة في نظر اولئك الاسلاميين مما يفقد الثقة بينهما وبالتالي فأن ما اسست له واشنطن مع الاسلاميين في تلك الدول هو يدخل ضمن التكتيك الذي يهدف الى تحقيق غايات سريعة تخدم الاستراتيجية التي تعتمدها اميركا اتجاه المنطقة من اجل استعادة السيطرة عليها من جديد من خلال استمالت الحركات القومية والليبرالية التي تسعى الى الحكم في تلك البلاد.

ثالثا : ان اميركا تمر بأزمة اقتصادية وان ارباك الوضع في المنطقة وفقدان الاستقرار والأمن يعود عليها بالمردودات الايجابية وبالتالي فأن كل ما تقوم به اميركا هو يصب في صالحها ويحقق لها الأهداف المرسومة.

رابعا : ان الولايات المتحدة الأمريكية تعتقد اعتقادا كليا ان أطروحة هننغتون ( تصادم الحضارات) ، والتي يقول فيها ان الحرب القادمة سوف تكون بين الرأسمالية والتحالف الإسلامي الكونفوشيوسي وهي واقعة لا محالة ومن هنا تسعى واشنطن لخلخلة الإسلاميين بضربة استباقية سياسية وليس عسكرية من اجل ان لا تقع الحرب في المستقبل القادم ، وان وقعت فهي سوف تتصدى الى عدو قد فقد قواه وغير جاهز للمعركة. اما الإسلاميين فهم كما يبدو إمام خيارين لا ثالث لهما الأول : وهو الانخراط بمشروع أميركا والقبول بالتبعية لها وهذا خلاف الفكر السياسي الذي قامت عليه تلك الحركات وبالتالي يتسبب ذلك بمصادرة الإرث التاريخي النضالي لها وفقدان قاعدتها الجماهيرية وبالتالي فأنها سوف تتحسر على خندق المعارضة الذي غادرته الى خندق السلطة وتكون كبائعة اللبن التي لم تحظى بالخادم ولا باللبن.

او تكون قد أدركت وعرفت ووعت الى ما تخطط له واشنطن لها وبالتالي تكون قد استعدت ووضعت خطط وإستراتيجيات لصد وإفشال ما تخطط له واشنطن. ولا يكون ذلك الا بعد ان تعلن تلك الدول التي هيمنة على الحكم بوقوفها إلى جانب الخط المقاوم لان شرفها يكمن في ذلك وتكون قد حافظت على تاريخها النضالي و قواعدها الشعبية وبذات الوقت تحافظ على السلطة التي وصلت أليها.

kumait
11-03-2013, 03:03 AM
http://studies.aljazeera.net/ResourceGallery/media/Images/2013/3/3/20133384858517734_8.jpg
شبه جزيرة البلقان: بوابة لعودة روسيا إلى الساحة الدولية
كريم الماجري

كان البلقان -ولا يزال- يمثل منطقة مصالح حيوية وإستراتيجية مهمة لصنّاع القرار في الاتحاد السوفيتي قديمًا وروسيا حاليًا؛ فشبه الجزيرة البلقانية يقع جغرافيًا على الحدود الجنوبية الغربية لروسيا ويشكّل امتدادًا طبيعيًا لعمقها الإستراتيجي، وهو يفتح على مياه البحار الدافئة (البحر الأبيض المتوسط، البحر الأدرياتيكي، بحر إيجة) التي طالما كان لروسيا رغبة حقيقية في بلوغها، كما كانت رغبتها واضحة دائمًا في محاولاتها السيطرة على مضيق الدردنيل.

المحاولات الروسية لاستعادة موطئ قدم راسخة لها في جنوب شرق أوروبا تجدّدت مع استعادة بوتين لسدّة الرئاسة، وشعور الكرملين بأن واشنطن وبروكسل قد اقتربتا من فرض حصار خانق على روسيا، في مسعى لتحييد دورها وتحجيمه، ليس فقط في منطقة البلقان بل أيضًا في منطقة القوقاز وآسيا الوسطى بشكل عام. وتعتمد موسكو في استرجاع مكانتها وتعزيز دورها على عدة عوامل قد تكون مساعدة لها في تحقيق مشروعها الإستراتيجي المتجدّد.

الأهداف الإستراتيجية الروسية في البلقان

يرتكز التأثير السياسي الروسي الأبرز في منطقة البلقان، وبالأخص في جزئه الجنوبي، على ثلاثة أسس رئيسة:

1. تأكيد دورها الحاسم بصفتها بلدًا دائم العضوية في مجلس الأمن الدولي، يمتلك حق الفيتو الذي يسمح لموسكو بالاعتراض على أي قرار دولي تتخذه المجموعة الدولية يكون متعارضًا مع إستراتيجية الكرملين ومصالحه، أو مصالح حلفائه في المنطقة. وقد رفعت موسكو الفيتو فعلاً عام 2007 أمام مشروع الاعتراف بسيادة واستقلال كوسوفو وسدّت الطريق أمام سعي الاتحاد الأوروبي وأميركا وعدد من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة لتبني قرار الاستقلال، وهو ما أبقى أمر هذا البلد، على المستوى السياسي وحتى على مستوى الشرعية القانونية الدولية، مسألة غير منتهية حتى اليوم.

2. أما الأساس الثاني الذي يرتكز عليه الكرملين للعب دور مؤثر في البلقان فيتمثل في العاملين العرقي والديني، وما يستتبعهما من روابط تاريخية وثقافية تشكّل بدورها جانبًا مهمًا في سياسة روسيا في منطقة البلقان، فموسكو كانت دومًا حريصة على لعب دور أبوي تجاه البلدان البلقانية السلافية التي تدين بالأرثوذكسية، وهي: رومانيا وبلغاريا وصربيا ومقدونيا واليونان، بالرغم من انضمام بعضها إلى حلف الناتو والاتحاد الأوروبي، كما ترعى موسكو الأقليات الأرثوذكسية المتواجدة في باقي الدول. وتظل صربيا الدولة التي تعوّل عليها موسكو أكثر من غيرها في مساعدتها على تأكيد دورها في المنطقة، خاصة وأن صانعي القرار في بلغراد مستعدون للعب أدوار أساسية في منع صربيا من الولوج إلى نادي الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو وبقائها وفية إلى الشقيقة الكبرى روسيا.

3. موضع القوة الأكثر وضوحًا لروسيا في شبه الجزيرة البلقانية يبقى متمثلاً في التأثير الاقتصادي القوي، فهي المصدر الأول والأبرز للطاقة في المنطقة، كما أن روسيا شريك قوي بامتياز فيما يُعرف بمسار الخصخصة غير الشفاف الذي تنتهجه عدّة دول بلقانية لكبريات شركاتها الوطنية من خلال طرحها في مزادات دولية لخصخصة رؤوس أموال تلك الشركات.

روسيا تشعر بأن دورها آخذ في الانحسار في منطقة البلقان بعد انتهاء الحرب الباردة، وأن نفوذ أميركا المتزايد في المنطقة ضيّق عليها الحصار أكثر وسمح لواشنطن بتأكيد حضورها القوي عبر توسيع رقعة حلف الناتو، ويذهب عدد من الإستراتيجيين الروس إلى القول بأن توسيع رقعة حضور الناتو والتواجد الأميركي القوي في المنطقة يعكسان بوضوح إستراتيجية واشنطن لتحجيم أي دور روسي محتمل, ويرون أن هذا الصراع الأميركي-الروسي غير المعلن في جنوب شرق أوروبا مرتبط بالصراع الأشمل في منطقة القوقاز وآسيا الوسطى. وهو ما دفع موسكو إلى بذل محاولات جديدة لاستعادة دورها المؤثر على الساحة الدولية, ويبدو من وجهة نظر روسيا أن تلك العودة إلى التأثير قد تكون أيسر إذا ما كانت من بوابة غرب جزيرة البلقان, خاصة وأن حزامًا من البلدان التي التحقت بعضوية حلف الناتو إثر انهيار الاتحاد السوفيتي يمتد من بحر البلطيق إلى البحر الأسود، يمنع روسيا من الوصول إلى البحر الأدرياتيكي، حتى وإن لجأت إلى استعمال قوتها العسكرية في سبيل تحقيق ذلك. يظل أمل روسيا في اختراق كل تلك الحواجز مرتبطًا بقدرتها على لعب أوراق الضغط التي تمتلكها وتوظيف عناصر التأثير الثلاثة المُشار إليها في الفقرة أعلاه.

الطاقة: مدخل روسي للتأثير في المنطقة

أبرز مشاريع الطاقة التي تستهدف المنطقة وأضخمها على الإطلاق يظل المشروع الروسي العملاق المتمثل في ما يسمى بـ"يوجني توك" أو الخط الجنوبي لإمدادات الغاز الذي يمرّ عبر عدد من دول البلقان، والذي من المقرر أن يُمدّ كامل أوروبا بالطاقة التي تحتاجها. هذا المشروع لن يكون هدفًا نهائيًا في حد ذاته، فهو من دون شك له تأثير واضح على أمن المنطقة من حيث الطاقة، لكنه في عيون صانع القرار في الكرملين آلية لتحقيق أهداف إستراتيجية بعيدة المدى.

فموسكو تعتقد أن أوروبا تحمل تناقضات بين مكوناتها وترى أن ضعفها بيّن على المستويات السياسية والاقتصادية والعسكرية، وقد بدا ذلك في عجزها المتواصل عن تأكيد فعالية دورها في ملفات عديدة في المنطقة ومنها المسألة البوسنية وقضية كوسوفو، كما أبانت دول الاتحاد الأوروبي عن عجز في حماية اقتصادات بلدانها الأعضاء من الانهيار ولم يكن لها مواقف سياسية واقتصادية موحدة حول أهم قضايا المنطقة. إلا أن ما يهم موسكو أكثر هو عدم تفعيل معارضة الاتحاد الأوروبي لمشروع روسيا "يوجني توك"، رغم أن بروكسل تدعم مشروع "نابوكو" للطاقة البترولية والغازية الذي ينطلق من أذربيجان ليمر عبر تركيا ويصل إلى أوروبا.

كما تعوّل موسكو بقوة على انفراط عقد الاتحاد الأوروبي وتقلص قوة حلف الناتو، وبالتالي تراجع دور أميركا وتأثيرها في منطقة أوروبا بشكل عام. وفي هذا السياق الإستراتيجي العام، فإن منطقة شبه جزيرة البلقان قد لا تكون مركز اهتمام الكرملين الأول، وإنما سيكون هدفها الأساسي بعيد المدى هو العودة القوية إلى التأثير المباشر والفاعل في منطقة أوروبا كمركز وليس فقط البلقان كطرف، فشبه الجزيرة البلقانية يُراد له أن يكون بشكل فعلي ومباشر، منطقة حيوية تمكّن روسيا من لعب أدوار أكبر وأكثر تأثيرًا في ما يُعتبر حديقة خلفية لأوروبا والولايات المتحدة الأميركية.

"مكانك راوح" في بلدان البلقان الأضعف

تحتوي الإستراتيجية الروسية الكبرى في استغلال البلقان لعودتها إلى الساحة الدولية على عدة مكونات تكتيكية، منها بالأساس عزم الرئيس الروسي القوي فلاديمير بوتين، على إبقاء عدد من القضايا الحارقة في دول ما كان يُعرف بيوغسلافيا السابقة على ما هي عليه من حالة المراوحة في المكان نفسه، وربما يسعى كذلك إلى مزيد تعقيدها، وللكرملين فرص عديدة للعب هذه الأدوار سواء فيما يتعلق بوضع كوسوفو وخاصة المنطقة الشمالية منه، أو بالوضع الداخلي المعقد في مقدونيا ومحاولة منعها من تحقيق شروط اللحاق بالاتحاد الأوروبي وحلف الناتو، وكذلك لموسكو مجال واسع للعب أدوار أخرى في كل من صربيا ذاتها وجمهورية الجبل الأسود، أما الدور الروسي الأبرز فيتجلى في دعم الكرملين المشبوه لمشروع "ريبوبليكا صربسكا" بقيادة رئيس وزرائها المثير للجدل، ميلوراد دوديك، وتهديده المتواصل بانفصال الكيان البوسني عن دولة البوسنة والهرسك، وهو ما يهدّد أمن المنطقة بأسرها ولا يزيل مخاوف جدية من إعادتها إلى المربع الأول الذي كانت عليه عام 1991 عند انطلاق أحداث حرب البلقان الأخيرة، وفي ذلك بالتأكيد تهديد أمني وسياسي أكبر سيجرّ أوروبا بأسرها إلى حالة من عدم الاستقرار والخوف من أن تصل شرارة أتون حرب بلقانية جديدة إلى قلب أوروبا، إذا ما قُدّر لها أن تندلع في المنطقة الرخوة من خاصرة القارة العجوز.

يمكن لروسيا أيضًا أن تلعب على العامل الإثني في دول البلقان لخلق فوضى جديدة تسمح لها بلعب أدوار متقدمة كوسيط لحلها، أو قد تتدخل بشكل مباشر أو غير مباشر في تسليح بعض أطرافها ودعمه لوجستيًا واستخباراتيًا وعسكريًا، وقد فعلت ذلك خلال الحرب البلقانية الأخيرة، أو أن تقوم بدعم بعض الحكومات التي ترتضيها اقتصاديًا وسياسيًا وكسبها إلى جانبها في دعم موقعها على الساحة الدولية، أو على الأقل ضمان حيادها عند الحاجة.

إن الحفاظ على حالة الفوضى التي يعيشها أغلب دول البلقان يعني لروسيا إظهار حلف الناتو بمظهر الفاشل في تهدئة الأوضاع واستعادة الأمن في المنطقة، وبالتالي التشكيك في فكرة ضرورة حضور قوات الحلف في المنطقة، ومن ورائها واشنطن، كحلّ أوحد لمعالجة أوجاع البلقان بعد رميها بالفشل الذريع في مهامها من أجل إحلال الأمن والاستقرار في أي من مناطق أوروبا.

إن بقاء دول البلقان غير مكتملة الملامح كدول مستقرة سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا وأمنيًا، وفاقدة لمؤسسات ثابتة وسياسات واضحة، لن يقودها إلى الالتحاق بالاتحاد الأوروبي وحلف الناتو، ولن يساعدها بالتالي على التخلص من فساد الطبقة السياسية المتورطة في زعزعة الاستقرار الداخلي لعدد من دول البلقان مثل صربيا والجبل الأسود ومقدونيا وكوسوفو والبوسنة والهرسك.

فعدم استقرار هذه البلدان البلقانية وضعف باقي دول المنطقة الأخرى الاقتصادي والسياسي يؤثر بالضرورة على اكتمال المشروع الأوروبي وتعثره وربما تفككه لاحقًا، وهو ما تراهن عليه موسكو بل وتعمل على تهيئة الأسباب المؤدية إليه، خاصة وأن هناك عدة مؤشرات تشير إلى ذلك، أهمها انقسام دول الاتحاد الأوروبي حول الاعتراف باستقلال كوسوفو، أو موقف الاتحاد غير الواضح والبطيء بشأن ضم بعض البلدان البلقانية إلى الاتحاد، وفي مقدمتها دولة البوسنة والهرسك.

البوسنة والهرسك: الحلقة الأضعف

لا شك أن وضع دولة البوسنة والهرسك اليوم يجعلها الحلقة الأضعف بين دول البلقان المستقلة عن يوغسلافيا السابقة، إذا ما استثنينا كوسوفو، وهي بالتالي، كما يقدّر ذلك عدد من الإستراتيجيين والمحللين السياسيين، قد تكون البوابة الأيسر لتدخل روسي أكبر في المنطقة خاصة وأن انتخابات البوسنة الأخيرة قد صعدت بمن يُحسبون من أتباع موسكو إلى سدة الحكم أو دعّمت مواقفهم، فبناء على ما أفرزته انتخابات أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي 2012، وبناء أيضًا على التشكيل الحكومي الجديد الذي أفرزته معادلة الساحة السياسية الجديدة في البوسنة، يمكن القول بأن ملامح محور ينطلق عموديًا من موسكو ليمر عبر بلغراد، الحليف الطبيعي لروسيا، ثم "بانيا لوكا" عاصمة ريبوبليكا صربسكا وانخراط رئيس حكومتها الكامل في المشروع الروسي، وصولاً إلى سراييفو التي تغيرت ملامح تركيبتها الحكومية، ملامح هذا المحور إذن قد استكملت تشكلها بعد أن كانت مجرد تخمينات في دوائر استخباراتية غربية(*)، وذلك بوصول رجل الأعمال المثير للجدل ورئيس حزب (من أجل مستقبل أفضل للبوسنة)، فخر الدين رادونتشيتش، إلى سدة وزارة الداخلية واحتفاظ زعيم الحزب الاشتراكي الديمقراطي، زلاتكو لاغومدجيا، بوزارة الخارجية.

في هذا السيناريو، الذي شهد ائتلاف الحزبين المشار إليهما أعلاه واستبعاد أكبر الأحزاب البوسنية القومية وهو جبهة العمل الديمقراطي من التشكيل الحكومي؛ فإن الأجواء صارت مهيأة لتنفيذ مخطط يهدف إلى وضع كل العراقيل الممكنة أمام انضمام البوسنة والهرسك إلى حلف الناتو والاتحاد الأوروبي وإبقاء الأوضاع في البلد على ما هي عليه؛ ومن ثمّ توجيه الاتهام إلى مؤسسات الحلف بالعجز عن توفير الأمن والسلم في البوسنة والهرسك، وبالتالي إظهاره في مظهر المنظمة التي لا يمكنها لعب الأدوار الأساسية في رسم معالم مستقبل أضعف دول المنطقة وأكثرها عرضة للاختراق. ما يجعل هذا السيناريو ممكن التنفيذ هو حالة الترهل التي عليها مؤسسات دولة البوسنة والهرسك، ووضعها الحالي كمرشح للالتحاق بحلف الناتو والاتحاد الأوروبي، وهذا ما يمكن أن يتيح الفرصة لنفاذ عناصر موالية للحزبين المذكورين سابقًا إلى المؤسسات الغربية: حلف الناتو والاتحاد الأوروبي، عبر فرق المفاوضين والفنيين المعنيين بعمليات الإصلاح وغيرهم من الموظفين السامين.

تهديد لأمن أميركا وحلف الناتو في شقه الجنوبي

هذا المحور الذي يمتد من موسكو له طرفان مباشران يربطانه مباشرة بـ "بودغوريتسا" عاصمة دولة الجبل الأسود من جهة، ويرتبط أيضًا بطهران من جهة ثانية، وهي الحليف المدلل لروسيا، ولا ينتهي الأمر عند هذا الحد بل إن هناك عددًا آخر من السيناريوهات لاختراقات مشابهة تنطلق من موسكو لتشمل دولاً ومناطق أو جماعات أخرى في البلقان.

هذا التغلغل الروسي الذي يجد له متعاونين في الداخل البلقاني والبوسني على وجد التحديد، عن طريق رادونتشيتش ولاغومدجيا، سيساعد في عمليات تحويل الأموال الروسية غير المراقبة والمتأتية من مصادر غير نظيفة لتمويل مشاريع مشبوهة داخل البوسنة والهرسك، وستحظى أي هذه المشاريع بالمباركة السياسية لأعوان موسكو من السياسيين والأمنيين الموالين لها ولمشروعها التوسعي في المنطقة تحقيقًا لأهداف استعادة السيطرة على مقدّرات البلدان البلقانية واستبعاد الغربيين عن التأثير من خلال تعطيل انضمام البوسنة والهرسك إلى الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو.

تحاول روسيا بقيادة بوتين وبكل الوسائل المتاحة لها العودة من بوابة البلقان لاستعادة دورها على الساحة السياسية الدولية، وقد اختارت هذا الوقت الذي تمر فيه أوروبا الغربية بأوقات صعبة مع تنامي المشكلة الاقتصادية وما أفرزته من أسئلة حول مدى متانة الاتحاد الأوروبي وقدرته على الصمود والحفاظ على الدول الأعضاء فيه، وحمايتها من الهزات الاقتصادية والاجتماعية المتصاعدة على غرار ما تشهده اليونان والبرتغال وإسبانيا وإيطاليا، أو أيضًا على توحيد مواقفه من القضايا المهمة مثل قضية دعم التدخل العسكري الفرنسي في دولة مالي من عدمه، كما أن الولايات المتحدة الأميركية قد صرفت جانبًا مهمًا من تركيزها إلى قارة آسيا باعتبارها وجهتها الإستراتيجية الأهم في المرحلة القادمة كما ورد في عدة تقارير وتصريحات صادرة عن البيت الأبيض ووزارة الخارجية الأميركية.

تخلٍ غربي عن البلقان، وروسيا تملأ الفراغ

في هذا الوقت الذي تنشغل فيه القوى العظمى بملفات أخرى، يبقى الملف البلقاني غير ذي أهمية أو أولوية في سياسات بروكسل وواشنطن، وهو ما جعل روسيا بوتين ترى في الأمر فرصة سانحة تمامًا لتجديد محاولاتها في استعادة دورها وتوسعة تأثيرها في المنطقة الأضعف في القارة الأوروبية، وهي منطقة البلقان.

المكون الرئيسي لهذه الإستراتيجية الروسية، يتمثل في مشروع أنبوب الغاز المسمى "يوجني توك" أو الخط الجنوبي لإمدادات الغاز، والذي تسعى موسكو من خلاله إلى تأكيد ارتباط أجزاء من القارة الأوروبية وجعلها أكثر قربًا واعتمادًا على روسيا. هذا ما يجعل البلقان يمثل المنطقة الرئيسية التي تحظى باهتمام الكرملين كنقطة عبور ومدخل لاختراق آمن للمنطقة الأوروبية عن طريق مدّ أنبوب الغاز "يوجني توك". وقد شهدت الأشهر الثلاث الأخيرة من العام الماضي 2012 إبرام جملة من الاتفاقيات الثنائية بين موسكو وعدد من العواصم البلقانية التي أبدت موافقتها على أن تكون أراضيها ممرًا لهذا الأنبوب الضخم. كما عُقد اجتماع موسع في موسكو وجّه فيه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الدعوة إلى رؤساء الوزراء ووزراء الطاقة في البلدان الشريكة في هذا المشروع وهي إلى حدّ الآن: صربيا والمجر وسلوفينيا، ومؤخرًا التحقت بلغاريا بمجموعة الدول البلقانية الشريكة في مشروع الطاقة هذا والذي سيمرّ جزء مهم من إمداداته عبر أعماق البحر الأسود.

فالحديث اليوم عن أن خيار اللحاق بالمشروع الأوروبي الغربي للبلقان هو البديل الأوحد قد بات مشكوكًا فيه، على الأقل من وجهة نظر روسيا، وقد ظهر ذلك بقوّة خلال الدعوات التي وجّهها عدد من رجال السياسة الروس، كان أبرزهم سفير روسيا لدى صربيا، ألكسندر كونوزين، في ندوة عُقدت في بلغراد أوائل العام الماضي تحت عنوان: روسيا والبلقان: تاريخ واحد وآفاق مشتركة.

تتلخص الرؤية الروسية، كما جاءت على لسان السفير كونوزين، في أن "لحاق دول منطقة البلقان بالاتحاد الأوروبي وحلف الناتو يُخفي مخاطر كبيرة على شعوب المنطقة، ومقولة الوحدة الأوروبية تحمل في طياتها أكذوبة كبرى كشفها تخلّي مؤسسات الاتحاد الأوروبي عن الدول الأعضاء التي عاشت أزمة مالية واجتماعية خانقة. إن البلقان يتعرّض إلى عملية قسرية لتسريع مسار التاريخ فيه، وفي ذلك خطر داهم على أمنه واستقراره، وروسيا لن تتخلّى عن أصدقائها وحلفائها في المنطقة ولن تتركهم لقدر يُراد أن يُفرض عليهم من الدوائر الغربية المتنفذة. سنوثق علاقاتنا مع بلغراد أكثر ونقدّم للشعب الصربي مساعدات حقيقية كما فعلنا ذلك دائمًا، وسنبقى أشقاء أوفياء لهم ولن نخونهم مثلما فعل معهم الغرب وقصف مدنهم ودمّر بنية البلاد التحتية... إن روسيا هي الدولة الوحيد التي ساندت صربيا في مجلس الأمن، وهي مستعدّة لبذل المزيد من الجهد للوقوف إلى جانب صربيا...".

فالبلقان في المنظور الروسي لا يزال يمرّ بتغييرات عميقة لم تنته بعد، وما مسألة كوسوفو ومشكلات البوسنة والهرسك وأحداث مقدونيا والهزات الكبرى التي تعيشها بلغاريا، إلى جانب عدم وضوح الرؤية بشكل حاسم في خيارات القيادات الصربية وتوجهاتها المستقبلية، إلا دليلاً على أن البلقان يقع على الحدود ما بين أحداث مضت ولا تزال آثارها تتفاعل على الساحة، وبين سياسات حالية وأخرى تُصاغ للمستقبل. وهذا ما يجعل البلقان يمثل المنطقة الرئيسية التي تحظى باهتمام الكرملين كنقطة عبور ومدخل لاختراق آمن للمنطقة الأوروبية.

__________________________
كريم الماجري - باحث متخصص في الشأن البلقاني
هامش
(*) يذهب إلى هذا التحليل عدد من المختصين الأمنيين والعسكريين من أبرزهم يانوز بوغايسكي، أستاذ الدراسات الإستراتيجية بمعهد الدراسات الإستراتيجية والسياسية في واشنطن.
كما ساندت هذا التحليل، ماغاريتا أسانوفا، المختصة في العلاقات الدولية في مؤسسة جيمس تاون للدراسات الأورو-آسيوية.

kumait
16-03-2013, 04:03 AM
حرب المعادن النفيسة في التلفزيون الفرنسي
قيس قاسم

ثمة حرب سرية كانت تجري بين الصين وبقية الدول الصناعية للهيمنة على مصادر استخراج المعادن النفيسة لم يعلن عنها إلا قبل سنوات قليلة حين اقتحمت وحدة من شرطة خفر السواحل اليابانية سفينة صيد صينية، جنحت عن طريق الخطأ إلى داخل مياهها الإقليمية، واعتقلت طاقمها ما اعتبرته بكين إهانة قومية لها، فقررت معاقبة طوكيو من خلال الامتناع عن بيعها بعض المعادن النفيسة التي تدخل في صناعة معظم المنتجات الإلكترونية، مثل الهواتف والكومبيوتر وشاشات التلفزيون، ما يشكل كارثة حقيقية وتهديداً بانهيار جزء كبير من مدخولها القومي.

صحا الغرب الصناعي على وقع أصوات المدافع التي أطلقتها الصين ضد اليابان وأدرك متأخراً أن كفة الحرب على المعادن باتت تميل لمصلحة العملاق الآسيوي بعد امتلاكه أكثر من 90 في المئة من حاجة السوق العالمية للمعادن النادرة مثل اليروبيوم والسماريوم وغيرهما، وأن عليه عمل المستحيل من أجل استعادة مكانته ومواقعه السابقة التي خسرها.

اتبعت الصين للانتصار في حربها استراتيجية دقيقة تربط بين السيطرة على سوق المعادن النادرة والاستثمار السياسي لها، ومن أجل ذلك بدأت الاعتماد أولاً على مخزونات مناجمها الوطنية وبيعها إلى الخارج بأسعار رخيصة ثم السعي إلى نقل تكنولوجيا صنيعها من الولايات المتحدة الأميركية الرائدة في هذا المجال ومن بعد البحث عن مصادر خارجية تؤمن سيطرتها الكاملة. اليوم، وربما بعد فوات الأوان، يدرك السياسيون والاقتصاديون الأميركيون ما خطط له الصينيون قبل أكثر من عشرين عاماً، وأعلنه المصلح الاقتصادي الصيني دنغ شياو بينغ: «الشرق عنده النفط ونحن عندنا المعادن».

ومن مراجعتهم التقويمية الجديدة فهموا مغزى شراء الصين مصنع «مغناكوينتش» لإنتاج المغناطيس المستخدم في صناعة أكثر المحركات والأسلحة الإلكترونية. كانوا يريدون معرفة أسرار تشغيل المصنع وحصلوا عليها بالفعل، وحين نقلوا كل ما يحتاجون إليه صاروا يبيعون المعادن في الأسواق الأميركية وغيرها بأسعار أرخص من المحلية فاضطرت المصانع للتوقف وسرحت عمالها. اعتبر الأميركيون أن «حرب المعامل» بدأت عام 1995. السنة التي دخل فيها الصينيون أسواقهم واشتروا مصانعهم ونقلوا عنهم الخبرات التي يحتاجونها، من دون تنبههم لخطورتها، ولم يكن قرار مقاطعة الصين الاقتصادية لليابان عام 2008 سوى إعلان حالة حرب، تجسدت بعد مدة بوضوح حين طالبت الصين العالم الغربي بإقرار معاهدة توزيع حصص إنتاج وبيع المعادن النادرة والتي مثلت تحدياً وتهديداً مباشراً لمصالحها. فالمحاصصة تعني زيادة أسعار ما تنتجه الدول الصناعية من المعادن النفيسة في حين ستبقى الأرخص داخل الصين وبهذا سيكون أي تنافس في مصلحتها.

يُبيّن البرنامج التلفزيوني الفرنسي «حرب المعادن النفيسة» استحالة التنافس الحر في ظل اتباع الصين سياسة تتجاوز بها ضوابط الرقابة الصناعية وتتجاهل بتعمد متطلبات حماية البيئة. فكل ما يهمها هو كسب حرب اقتصادية اعتبرتها الأهم في تاريخها الحديث، وقد تعلمت اللعب على قوانين السوق لا وفقها، وراهنت كثيراً على الدعاية وإغراء أصحاب المصالح الاقتصادية الغربية لإضعاف الضغوط التي تمارسها دولهم ضدها. وفي تسجيل البرنامج لوقائع مؤتمر «باوتو» يتضح مقدار الخداع المتبادل بين الشركات الغربية والصينية وكيف قبلت شركات فرنسية كبيرة بحصص من عمليات تطوير بعض المشاريع المشتركة في منطقة دالاهاي الأكثر تضرراً بعمليات التنقيب عن المعادن النفيسة.

أرض السرطان

غدت المناطق المحيطة بالمناجم مرتعاً للتلوث ومصدراً لأمراض خطرة تصيب الناس المقيمين بقربها إلى درجة أطلقوا عليها «أرض السرطان». والتلوث شمل دولاً أخرى مثل سنغافورة التي تحولت إلى «مقبرة» لنفايات المعادن تصدرها لها الصين وتقوم شركات محلية بدفنها داخل الأرض بكل ما حملت من مواد مشعة خطرة.

وحمى البحث عن المعادن النادرة تجاوزت أرض الصين إلى دول مثل كندا وأستراليا وبعض دول أميركا الجنوبية، بل وتجاوز كوكب الأرض كله وفق ما نشرته صحيفة «لوس أنجليس تايمز» عن مشروع شركة «مون اكسبريس» للبحث عن المعادن النادرة على سطح القمر، ومثله لدى الروس، أيضاً. وإذا كانت هذه المشاريع أقرب إلى الخيال فاليابانيون لن يستسلموا في حربهم مع الصين، ولكسبها أعلنوا نهاية العام الفائت توصل أبحاثهم إلى وجود معادن نفيسة في أعماق المحيط الهادئ وكمياتها المتوقعة تزيد 800 مرة عما موجود منها في باطن الأرض، ما يغري شركاتهم بالإسراع في التنقيب واستثمارها قبل غيرهم، فالحرب أُعلنت ولا بد من كسبها أو على الأقل استرجاع ما فُقد من مواقع مهمة خلالها.

kumait
16-03-2013, 02:59 PM
نموذج أميركي لاحتلال العقول العربية

(يدعي مشرروع "يالا يا قادة الشباب" الأميركي بأنه "حركة من أجل السلام" وبأن "يالا هو المكان الذي تلتقي فيه الثورات" العربية) *

تفتح الولايات المتحدة الأميركية قنوات عديدة للتطبيع العربي مع دولة الاحتلال الإسرائيلي تصب جميعها في خانة الحرب النفسية التي تستهدف احتلال العقول العربية لتفريغها من كل ما يمكنه أن يساهم في مقاومة الاحتلال ودولته. والمفارقة أن هذه القنوات تنخر في الجبهة العربية الداخلية بينما في الجبهة الخارجية "تخسر إسرائيل معركة الرأي العام في الغرب، فحتى الحكومة الإسرائيلية تعترف بهذه الحقيقة الآن، ... في حرب عقول يجري شنها في ميدان معركة لم تعترف أبدابأنها كانت جارية" كما قالت الصحفية والمؤلفة البريطانية ميلاني فيليبس في خطاب لها في "مؤتمر آرييل للقانون ووسائل الإعلام الجماهيرية" بدولة الاحتلال في الثلاثين منآذار / مارس عام 2010.

فعندما يقارن المراقب بين النشر المحدود لصورة فاطمة شقيقة الشهيد الفلسطيني الذي قتلته قوات الاحتلال افسرائيلي الأسبوع الماضي محمود عادل فارس الطيطي ويداها مخضبتان بدمائه تغطيان وجهها يوم تشييعه إلى مثواه الأخير في مخيم الفوار بالضفة الفلسطينية المحتلة لنهر الأردن وبين الانتشار الواسع لصورة المصرية علياء مهدي وهي تمارس "التعري" العلني باعتباره شكلا مستوردا منالغرب من أشكال الاحتجاج السياسي والاجتماعي، فتلحق بها تونسية وإيرانية، فإن المراقب لا يسعه إلا الاستنتاج بأن الحرب النفسية المعادية تحقق نجاحات مضطردة في احتلالها الثقافي للعقول العربية اليافعة.

فتحرم بذلك حركة التحرر الوطني العربية،وبخاصة في فلسطين، من رافعتها الشابة، بينما يستمر تآكل التجزئة السياسية في الوطن العربي بالمزيد من التفتت، ويستمر تآكل الحصانة الوطنية الفلسطينية بالانقسام، وتستمر صغائر الاتهامات العربية المتبادلة التي "تشيطن" الطرف الآخر في تغذية آليات الحرب النفسية المعادية بوقود مجاني يرفدها بكل ما تحتاجه كي تزرع في الوجدان الشعبي اليأس من وجود قيادات للأمة وزرع فكرة أن كل القيادات والقادة العرب والمسلمين، وبخاصة الفلسطينيين منهم، فاسدون ومستبدون وانتهازيون و"أصحاب كراسي" يستقوون بالأجنبي للبقاء فيها، ليكون الخلاص المنشود في التخلص منهم جميعا وفي البحث عن بدائل لهم ولأنظمة حكمهم بمواصفات تحددها دولة الاحتلال الإسرائيلي وراعيها الأميركي، بينما يستمر تشويه الهوية العربية الإسلامية للأمة وترويج بدائلها الغربية ليكون الخلاص المنشود في تبني هذه البدائل وفي التخلص من كل القادة والقيادات التي لا تنسجم معها.

يقول المحللون العسكريون الأميركان إن "مهاجمة عقل العدو" هي من أدوات الحرب الرئيسية عليه، ويقول المحللون السياسيون الأميركانإن "كسب العقول والقلوب" العربية والإسلامية هو أداة رئيسية في السياسة الخارجية للولايات المتحدة في الوطن العربي والعالم الإسلامي، وتعرف وزارة الخارجيةالأميركية الحرب النفسية بأنها "الاستخدام المخطط للدعاية وغيرها من الممارسات النفسية بهدف أساسي هو التأثير في آراء ومشاعر ومواقف وسلوك الجماعات الأجنبية المعادية"، وكانت هيئة الأركان المشتركة الأميركية في الحرب العالمية الثانية قد عرفتها بانها "الحرب النفسية التي تستخدم أي سلاح للتأثير في عقل العدو". وفي دولة الاحتلال الإسرائيلي أنشأوا وحدات للحرب النفسية في الجيش والمخابرات وحتى في الإعلام دورها الرئيسي نشر التضليل الاعلامي والمعلومات المستغلة بعناية في أوساط "العدو".

في هذا السياق، يلفت النظر مشروع نموذجي لااحتلال عقول الشباب العرب أطلقه خبراء الحرب النفسية الأميركية في الرابع والعشرينمن أيار / مايو 2011، في ذروة الاحتجاجات الشعبية التي تجتاح الأقطار العربية، اسمه "يالا يا قادة الشباب" وعنوانه على موقعه الالكتروني مكتوب بالعربية والعبرية والانكليزية، ويعرف المشروع بنفسه بأنه "حركة من أجل السلام" وبأن "يالا هو المكان الذي تلتقي فيه الثورات" العربية، وبلغ عدد أعضاء الحركة حتى الآن ما يزيد على (333) ألف عربي ومسلم و"إسرائيلي" من الشبان والشابات. والمفارقة أن المشروع يتعامل مع الوطن العربي كوحدة واحدة، وإن كان يسميها منطقة "الشرق الأدنى وشمال إفريقيا"،لكنها تضم دولة الاحتلال الإسرائيلي كجزء عضوي منها عضويتها ليست موضع جدل أو نقاش،بالرغم من الجهود الأميركية والغربية والصهيونية الحثيثة لترسيخ التجزئة السياسية العربية بل وتفتيتها.

ومن "القضايا" التي يتم حشد الأعضاء لدعمها "أطفال من أجل السلام" و"السلام من غزة" من دون أن يكون إنهاء "الاحتلال" مثلا قضية جديرة بدعم الأعضاء، ومن هذه القضايا أيضا "سوريا الجديدة" حيث يتم التركيز على تفاصيل الانشقاقات عن الجيش العربي السوري والفرار منه و"هزائمه" وحيث يتم الترويج ل"العنف" الذي لا تزال الإدارات الأميركية المتعاقبة تصر على "نبذ" عرب فلسطين له،ومنها كذلك "المساوة بين الجنسين والشواذ جنسيا" ولهذا الغرض أصدر أعضاء المشروع "إعلان يالا – القادة الشباب لمساواة النوع الاجتماعي (الجندر)".

ويتناول المشروع زيارة الرئيس الأميركي باراكأوباما المرتقبة للمنطقة الأسبوع المقبل فيقلل من شأنها لأنه "في نهاية المطاف نحن الذين نحتاج إلى السلام" ولهذا السبب فإن "إحدى الخطوات الهامة في جهودنا هي تأسيس مؤتمر تفاوض شعبي عام كبير إسرائيلي – فلسطيني"، ل"الشباب" الأعضاء في الحركة طبعا. ولاجتذاب الشباب العرب أنشأ المشروع "أكاديمية" على شبكة الانترنت تشارك فيها جامعات وشركات تكنولوجيا معلومات، وأطلق "مبادرات فلسطينية – إسرائيلية مشتركة" منها "مؤتمر للتعاون السلمي والاقتصادي"، وفتحت صحيفة "الجروزالم بوست" العبريةصفحاتها لأول عامود صحفي للحركة كان أول كتابه عضو الحركة الكويتي خالد الجاسر،ونظم أواخر عام 2011 "مخيما للتكنولوجيا" بمركز شركة مايكروسوفت في هرتزليا بدولة الاحتلال، وكان "يوفال هيداس ومحمد الحاج" الفائزين في مسابقة للصور و"بطلين" من أبطال "الصداقة عبر الصراع" ومبادرة "أصدقاء بلا حدود".

وكان أول استقبال رسمي لوفد من هذه "الحركة" الشبابية مع وكيلة وزارة الخارجية الأميركية بالوكالة للدبلوماسية والشؤون العامة كاثلين ستيفنس في نيسان / ابريل العام الماضي، وفي الشهر السابق من ذات العام دعي وفد لحضور "قمة مبادرة كلينتون العالمية" في العاصمة الأميركية حيث "استغلت الزيارة لتعزيز الصلات مع يو. اس. ايد (USAID) والدائرة المعنية بقضايا الشباب العالمي" في وزارة الخارجية حسب موقع الحركة الالكتروني. ولضيق المساحة ربما يكفي اقتباس ماكتبه "فلسطين الخالدي" على صفحة المشروع على الفيسبوك للتعليق على هذا المشروع والعشرات غيره من مشاريع احتلال العقل العربي: "زرع فكرة إسرائيل أنها دولة عاديةبين الدول العربية !! على شو مبسوطين وبتعملوا لايك !!!" إن صورة يدي فاطمة الطيطي المخضبة بدماء أخيها الشهيد تتناقض بالتأكيد مع صورة حديثة نشرت لأطفال فلسطينيين وإسرائيليين يحملون لافتة كتب عليها: "نحلم بأن نعيش جنبا إلى جنب في المستقبل" !

وهذا المثال مجرد غيض من فيض المشاريع الأميركية والصهيونية لاحتلال العقل العربي الذي ينجرف الان نحو قبول مقولات مثل أن فلسطين تختصر الآن بقطاع غزة والضفة الغربية، وأن إيران لا دولة الاحتلال هي العدو للعرب والمسلمين، وأن دول الاستعمار الأوروبي القديم في الوطن العربي ووريثته الأميركية يمكن أن يكونوا مناصرين للتحرر العربي والإسلامي من هذا الاستعمارومخلفاته، وأن "الجهاد" في سوريا حلال أما الجهاد في فلسطين فمحرم، وأن تأمين حقوق "الأقليات" في الوطن العربي لا يتناقض مع تغييب الأغلبية العربية الإسلامية الساحقة فيه، إلخ.

في كتابه "عن طريق الخداع" يعترف عميل الموساد الإسرائيلي السابق فيكتور أوستروفسكي بأن "الموساد" كان وراء كل الشائعات عن الرئيس الفلسطيني الراحل الشهيد ياسر عرفات، ويسجل المؤلف استغرابه لأن "كثيرامن العرب" رددوا تلك الشائعات باعتبارها "حقائق" ومنهم "بعض المثقفين". ولم يكن عرفات آخر أو أول ضحية للحرب النفسية المعادية، فقد سبقه وتبعه عدد من القادة العرب والمسلمين. وعلى الأرجح سيجد أوستروفسكي والموساد مثالا حديثا لنجاحهم في إعلان كتائب القسام في حركة حماس الخميس الماضي عن عزمها مقاضاة جريدة الأهرام المصرية وانتقادها قناة "العربية" الفضائية لنشرهما "أخبارا كاذبة ومفبركة" عنها وفي تبادل الاتهامات عبر الانقسام الفلسطيني عن تغذية مثل تلك الأخبار.

* نقولا ناصركاتب عربي من فلسطين *

kumait
16-03-2013, 07:47 PM
أفغانستان، طالبان والمخدرات

بعد شيء من التردد، سمع الرئيس الأمريكي باراك أوباما لنصيحة جنرالاته بزيادة عدد الجنود الأمريكيين في أفغانستان من أجل التمكن من طرد طالبان من منطقة هيلمند. وكانت الإستراتيجية هي أن تقوم القوات الأمريكية بإبقاء نوع من الحضور الميداني بمجرد أن يتم تأمين هذه المنطقة ، بينما تتحرك قوات الشرطة ووكالات التنمية نحو استعادة سلطة الحكومة الأفغانية، وتوفير كل سبل إعادة الإعمار الاقتصادي للمنطقة. وكخطوة ثالثة سيتم اختيار العناصر “المعتدلة” من حركة طالبان لتعيينهم في الحكومة الأفغانية.

هذه الإستراتيجية تذكّرنا بالسياسة التي انتهجها الجنرال بترايوس لتهدئة الأوضاع في العراق تمهيدا للانسحاب منه، ولكن هنالك شكوك كبيرة حول مدى إمكانية نجاح هذه الإستراتيجية. وهذا راجع لعدة أسباب:

أولا، إن الرغبة في تعيين طالبان في الحكومة أمر يبعث على القلق. فعلى خلاف الوضع في العراق، كان المتمردون أقلية، وكان تفعيل الأغلبية ودعمها لأجل تشكيل حكومة أمرا معقولا نسبيا، أما في أفغانستان، المتمردون هم الأكثر عددا بحيث ينتمون إلى أكبر قبيلة في المنطقة، وهي: قبيلة الباشتون.إن تعيين طالبان، وهي حركة وهابية المنهج، سيحوّل أفغانستان إلى دولة إسلامية بامتياز، مما سيوفر قاعدة جديدة للـ”جهاديين” الذين سيشكلون تهديدا للدول المجاورة، ولا سيما الهند. أما الصينيون، الذين يخشون من زعزعة الأمن في مقاطعة كسينجيانج، فقد ابدوا اعتراضهم على هذه قيام الولايات المتحدة بهذه الخطوة.

ثانيا، إن محاولات بعث الروح في الاقتصاد التقليدي للمنطقة، وهو اقتصاد أنهكته سنوات الحرب الأهلية، ستواجه عقبات لا يمكن تجاوزها في اقتصاد المخدرات الذي كان قد ازدهر منذ زمن طويل. ففي عام 2007،وفّرت المحافظات الجنوبية من أفغانستان 92% من أفيون العالم، بقيمة استيراد دنيا مقدارها مليار دولار أمريكي. واقتصاد المخدرات هذا يوفّر لطالبان المال الكافي لشراء السلاح والسيطرة على المحافظات التي تزرع الأفيون، من خلال حماية المزارعين من استراتيجيات القضاء على المخدرات التي تتزعمها الولايات المتحدة، كجزء من حربها على المخدرات في العالم ككل.

ثالثا، محاولات إقناع المزارعين بالتخلي عن زراعة المخدرات والتوجّه نحو زراعة المحاصيل المشروعة ستعرقلها المكاسب الأكبر نسبيا المتأتية من زراعة المخدرات. حيث أظهر تقييم مكتب الأمم المتحدة للمخدرات والجريمة (UNODC) لمشروع تنمية البدائل [التابع للأمم المتحدة] بين عام 1997 وعام 2000، في ثلاث مناطق من إقليم قندهار، أظهر أنه على الرغم من نجاح المشروع في رفع محاصيل المزروعات القانونية (كالقمح، والكمون، والفاصوليا، والبصل والفواكه) بنسبة 90% تقريبا، إلا أن هذه التحسينات لم تكن كافية وقادرة على جعل المحاصيل المشروعة أكثر ربحا ومردودا ماليا من زراعة الخشخاش. كما أن عمر محصول الخشخاش أقصر، وحصاده يسبق حصاد القمح، مما يتيح للفلاحين أن يضاعفوا المحاصيل من خلال زراعة الذرة بعد حصاد الخشخاش. فضلا عن أن الخشخاش يقاوم الأحوال الجوية، مما يجعله محصولا معتمدا أكثر من القمح. والخشخاش أيضا سهل التخزين، والنقل، والبيع، مما يوفّر للمزارعين الفقراء وسيلة سهلة للحصول على دخل سلس، وبذلك يسدون احتياجاتهم الاستهلاكية الوقتية في ظل غياب جميع أسواق الائتمان الرسمية. ولقد كان معدل الدخل للهكتار الواحد من الخشخاش عام 2000 ستة عشر ألف دولارا أمريكيا. وكما استنتج تقرير مكتب الأمم المتحدة للمخدرات والجريمة في ’اقتصادالمخدرات‘فإنه ” لدى هذه المستويات الضخمة من الدخل، لا يمكن لأي محصول آخر، يزرع على نطاق واسع، أن ينافس الخشخاش في أفغانستان” (أنظر مقالي عن “مجازفة الحرب على الإرهاب بالحرب على المخدرات”، في مجلة وورلد إيكونوميكس، 2008).

رابعا، نما اقتصاد محظور واسع وتطوّر بعد انسحاب روسيا والحرب الأهلية بين فرق المجاهدين المتعددة التي شهدتها أفغانستان، مما وفّر البنى التحتية للتنقل، والاتصالات، والأسلحة والحماية اللازمة التي تحتاج إليها تلك الفرق والجماعات المتعددة لبسط سيطرتهم كلٌ على منطقته.

وشهد اقتصاد الخشخاش ازدهارا متواصلا تحت رعاية طالبان. وعلى الرغم من منعهم زراعة وإنتاج ’الحشيش‘ الذي يستهلكه الأفغان والمسلمون، إلا أنهم سمحوا بزراعة الأفيون الذي يستهلكه ’الكفار‘ في الغرب! كما أن حظرهم للأفيون عام 2000 لمقاومة الضغوط الدولية لحقوق الإنسان، كان بدوافع مالية. فبهذا الحظر، ارتفع سعر الأفيون في أفغانستان من 44 دولارا للكيلو غرام إلى 350 دولارا للكيلو غرام الواحد. فقبل الحظر، كان 60% من الأفيون يخزن لأغراض البيع المستقبلية، فجنا أصحاب المخزون ثروات طائلة. و قسم كبير من هذه الثروات ذهبت إلى أسامة بن لادن وأتباعه، الذين يعملون كوسطاء أو سماسرة لمنتجي الأفيون الأفغان، مستخدمين هذا الدخل لتمويل معسكرات التدريب الإرهابية في أفغانستان. (أنظر لال، المصدر السابق).

ومع سقوط طالبان وانتهاء الحظر، وصل إنتاج الأفيون إلى مستوى عام 2000 مرة أخرى، وبسرعة كبيرة. أما بالنسبة للقادة العسكريين، الذين ما زالوا يحكمون أجزاء واسعة من أفغانستان، ما زال اقتصاد المخدرات يوفّر مصدرا للإيرادات. في مثل هذه الظروف، لا يمكن الانتصار في حرب أفغانستان إلا من خلال تحطيم اقتصاد المخدرات أثناء مواجهة طالبان. وستكون الاستجابة العقلانية بالنسبة إلى وكالات التنمية التابعة للناتو هي استخدام الأموال التي ينفقونها الآن في جهود التنمية الاقتصادية التي يبذلونها في أفغانستان، والتي باءت بالفشل، وكذلك الأموال التي ينفقونها في مكافحة المخدرات لشراء محاصيل الأفيون والخشخاش وغيرهما من أنواع المخدرات من المزارعين والدخول مباشرة في منافسة مع طالبان وكبار تجار سوق المخدرات. كما يمكن إلزام المزارعين بأن يضعوا نسبة العشرة بالمائة من دخلهم المتأتي من زراعة الخشخاش، والتي يقومون الآن بتقديمها إلى طالبان، أن يضعوها في ودائع للتنمية ، تدار بأيادٍ محلية، ويكون مقرها محليا أيضا، وتستخدم في تجديد البنى التحتية الزراعية المدمرة، والتي يمكن بمرور الزمن أن يرتفع مستوى إنتاجها من المحاصيل الأخرى البديلة بشكل يمكنها من التحوّل نحو المحاصيل غير الممنوعة.

أما الأفيون الذي يُشترى من المزارعين مباشرة، فيمكن أن تستخدمه وكالات التنمية الغربية لتوفير مسكّن المورفين لتسكين الآلام الناجمة عن مختلف الأمراض الفتاكة، بما فيها الإيدز وهذا ما يحدث في العديد من أنحاء العالم، ولا سيما في مناطق جنوب الصحراء الأفريقية الكبرى.

و يرى تقرير منظمة الصحة العالمية أن 4.8 مليون شخص في العام، من المصابين بأمراض السرطان على اختلاف درجاته من المعتدل إلى الشديد، لا يحظون بالعلاج الملائم. وكذلك الحال بالنسبة إلى 1.4 مليون مصاب بمرض الإيدز في المراحل الأخيرة من المرض. أما بخصوص الحالات الأخرى المسببة للآلام، فليست هناك تقديرات لأعداد المصابين بها، ولكن منظمة الصحة العالمية تعتقد أن الملايين من الناس لا يحظون بفرص العلاج. والأغلبية العظمى من هؤلاء هم من سكان الدول النامية (لال، المصدر السابق).

إن أي فائض من الأفيون يمكن تخزينه للمستقبل ليستخدم للأغراض الطبية، وكذلك للسيطرة على أسواق المهدئات. ولكن مثل هذه الحلول العقلانية لمشكلة طالبان وإلحاق الهزيمة بها، من خلال قبول اقتصاد المخدرات في أفغانستان واستخدامه لأجل النصر بدلا من المخاطرة بالحرب على الإرهاب، مثل هذه الحلول لا يمكن تحقيقها إلا إذا تخلّت الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا عن حربها على المخدرات التي استمرت عقودا من الزمن. وهذا هو موضوع مقالي القادم.

♦ديباك لال *أستاذ التنمية الدولية بجامعة كاليفورنيا بلوس أنجلس وكاتب من الهند

kumait
17-03-2013, 09:32 PM
http://rasid.com/media/lib/pics/1172952838.jpg
الملك عبد الله والرئيس احمدي نجاد

التنافس الإقليمي بين السعودية وإيران، مناطق الإشتباك غير المعلنة
شبكة راصد الإخبارية د. حسين خليل، الصباح

يمر الشرق الأوسط هذه الأيام بمرحلة تغيير جذرية تتحدى السياسات للدول الكبرى المؤثرة في رسم سياسة المنطقة، ولعدد من الدول الإقليمية. وتحدد أهم المنافسات الحاصلة بين إيران والسعودية المشهد الإستراتيجي للشرق الأوسط، فالتنافس بين هاتين الدولتين قديم، لكنه يكتسب أهمية خاصة الآن، اعتماداً على تطورات الأحداث الجارية، حيث يمكن لهذا التنافس أن يقوى في نقطة أو يضعف في أخرى على امتداد المنطقة، مشتملاً على دول كثيرة كمصر، البحرين، اليمن، العراق، فلسطين، لبنان، وسوريا. وطالما كان هذا التنافس منعكساً في الحياة السياسية لهذه البلدان الإقليمية حيث تمارس هاتان القوتان نفوذهما، وبشكل كبير.

لقد كانت السعودية وإيران في حالة تنافس منذ الثورة الإسلامية الإيرانية عام 1979 على الأقل. وقد اتخذ هذا التنافس أشكالاً مختلفة، تصرفت كل من السعودية وإيران كمتنافسين جديين بغرض النفوذ في الشرق الأوسط، خاصة في منطقة الخليج. وخلال الحرب العراقية - الإيرانية 1980 - 1988، اشتدّ التنافس عندما قدمت الرياض دعماً دبلوماسياً ومالياً قوياً إلى بغداد. وقد تقلبت طبيعة هذا التنافس بشكل هام وبارز في العقود الأخيرة، وقارب مستوى الحرب الباردة في السنوات التي تلت مباشرة الثورة الإسلامية، وغالباً ما يتغذى هذا التنافس بين الدولتين على الاختلافات والتباينات الإيديولوجية والجيوسياسية الهامة لكلا البلدين، والتي يمكن أن تصبح أكثر حسماً في زمن الاضطرابات الإقليمية.

السعودية تتوجس من فكرة توسع الديمقراطية

فالسعودية تحكمها ملكية إسلامية سنية بحتة ذات أجندة سياسية غالباً ما تركز على الاحتفاظ بالوضع القائم في منطقة الخليج. القيادة السعودية التي تعمل بشكل وثيق مع حكومات ملكية عربية خليجية أصغر منها لتحقيق هذا الهدف، لاعبة بعض الأحيان دور« الأخ الكبير صاحب النوايا الحسنة»، المتعجرف بعض الشيء، تبدو غير مرتاحة لفكرة توسع الديمقراطية الإقليمية، وتنظر بتوجس إلى إمكانية حلول حكومات راديكالية، ليبرالية، أو شعبية محل الحكومات الملكية أو الدول المحافظة الأخرى. إنّ العائلة المالكة السعودية غير مستعدة لتقاسم السلطة مع هيئات منتخبة في بلده، لذا فقد سعت للضغط على حكومات ملكية أخرى لرفض هذا الخيار، وبذلك تجنّب ما تعتبره الرياض نوعاً من المثال الخاطئ.

التزام إيران المتفاوت إزاء التبدلات الإقليمية

وعلى العكس من ذلك، نادراً ما تسعى إيران للدفاع عن الوضع الإقليمي القائم بما يتعلق بالحكومات الملكية الموالية للغرب، رغم أنها تحافظ على مستوى متفاوت من الالتزام إزاء التبدلات الثورية على امتداد الشرق الأوسط. هذا الالتزام مبني عادة على الظروف الإقليمية المسيطرة والسائدة، وعلى المستوى الذي يبدو فيه التغيير المحتمل في مختلف البلدان الشرق أوسطية مفيداً لطهران. ويكمن العامل الآخر المؤثر على السياسة الخارجية الإيرانية في وجود نزاعات مستمرة حول السلطة في طهران، حيث غالباً ما يعمل مختلف القادة وفق أهداف متقاطعة لأسباب مختلفة، والتي تشمل جهوداً فائقة البراعة والدهاء لإضعاف خصومهم ومنافسيهم السياسيين.

تأثير القضايا المذهبية على كلا البلدين

إيران بلد غير عربي وغير سني، وهذان العاملان مهمان في التفاعل الإيراني مع السعودية ودول عربية أخرى، وكثيراً ما تؤثر القضايا المذهبية على التوجهات السياسية لكلا البلدين، إذ لم يكن معروفاً عن السعودية مطلقاً التزامها القوي بالتنوع الديني حتى داخل المجتمع الإسلامي. في الواقع، إنّ المجتمع السعودي يعتنق، بغالبيته، صيغة محافظة ومتشددة للإسلام، معروفة عادة في العالم بالوهابية، رغم أنّ المنتمين لها يفضلون مصطلح الموحدين أو السلفيين. وبحسب ما يقول توماس هيغهامر، باحث في الإسلام السياسي، فإنّ علماء الدين السعوديين السائدين كانوا يعتبرون الناس من غير المذهب الوهابي غير مسلمين، وذلك على امتداد التاريخ القديم للمملكة.

رؤية السعوديين لغير الوهابيين

هذه المقاربة تغيرت في الخمسينات، عندما اجتمع المفتي الأعلى السعودي مع كبار الزعماء الدينيين غير الوهابيين من المجتمع العربي السني خارج السعودية. ورغم هذا الاختراق، فقد بقيت الرؤى السعودية للمسلمين الشيعة، في غالب الأحيان، مستنكرة في الزمن المعاصر. من هنا، فإنّ السعودية غالباً ما توصف بأنها ضد تفويض الشيعة، وإعطائهم سلطات واسعة على امتداد المنطقة، وهي قلقة من أن تتمكن الأقلية الشيعية لديها، والبالغ تعدادها مليونيْ نسمة، من البروز كمصدر صعوبات متكررة بالنسبة للحكومة.

إيران ترفض التفريق المذهبي قولًا وفعلًا

في المقابل، يميل القادة الإيرانيون الى رفض الفروقات بين السنة والشيعة في العلن، وهذا مقرون بالفعل أيضًا، إذ أن الجمهورية الإسلامية لم تميّز يوماً في دعمها لحزب الله «الشيعي»، ولحركة حماس في مقاومتهما للعدو الإسرائيلي. لا بل غالباً ما يعتبر القادة الإيرانيون بلدهم دولة إقليمية أساسية تقف كقائد هام للعالم الإسلامي. فمنذ قيام الثورة الإسلامية، تبنت إيران القضية الفلسطينية، ووقفت بوجه «إسرائيل»، ونادت بزوالها عن خريطة العالم. وفي خطوة لتعزيز نفوذها الإقليمي والإسلامي، فرضت طهران نفسها كقوة قيادية تدعم بكل إمكانياتها حركات المقاومة ضد العدو الإسرائيلي في لبنان وفلسطين من خلال وسائل مختلفة. هذا الدعم الذي حقّق للبنان تحرير معظم أراضيه عام 2000، أجبر« إسرائيل» على الانسحاب من أراضٍ احتلتها دون قيد أو شرط، وذلك لأول مرة في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي. وقد أسقط هذا الدعم أيضاً مقولة الجيش الذي لا يقهر، في إشارة إلى الجيش الإسرائيلي الذي مني بهزائم عدة مدوية، سواء في حروب غزة المتكررة، وآخرها عام 2012، أو إبان عدوان تموز على لبنان عام 2006.

السعودية «المعتدلة» تسوّق لمبادرة السلام العربية

أثناء ذلك، كانت الرياض، وعلى رأس ما يسمّى بفريق الإعتدال العربي المطالب بالتفاوض مع الدولة العبرية، وعدم جدوى المقاومة في تحرير الأرض، تسوّق لمبادرة السلام العربية المطروحة في قمة بيروت عام 2002، في مناسبات كثيرة ومحافل عديدة، معتبرة أنّ المقاومة ضد إسرائيل، في كل من لبنان وفلسطين، مغامرة غير محسوبة. هذه المبادرة التي ضربت بها «إسرائيل» عرض الحائط، وأحرجت الدول الداعمة والراعية للدولة العبرية والمتعاطفة معها في العالم. وفي محاولة لكسب الشارع الفلسطيني، قدمت المملكة مساعدات مالية للفصائل، لكن هذه المساعدات جاءت متفاوتة، وبشكل كبير، بين الأفرقاء، ولم ترقَ إلى المستوى المطلوب، فقد حازت السلطة الفلسطينية جلّ دعم المملكة المالي والسياسي.

الدولتان في تنافس على فلسطين ولبنان

وبالرغم من استضافة الأخيرة لأكثر من لقاء مصالحة بين حركتي فتح وحماس بعد نزاع داخلي على السلطة، عقب إقالة اسماعيل هنية من رئاسة الحكومة، انحدر النفوذ السعودي لدى حماس بشكل ثابت في السنوات الأخيرة، وحلّ مكانه، بشكل كامل تقريباً، النفوذ الإيراني في ظل الإنجازات الهائلة للمقاومة في وجه «إسرائيل». واليوم، لا تزال كل من إيران والسعودية في تنافس قوي على الساحة الفلسطينية، وكل يحاول فرض سياسته ورؤيته لحل القضية الفلسطينية. كذلك هو الحال في لبنان، حيث الإنقسام السياسي بات هذه الأيام عامودياً حتى العظم، فطهران والرياض تدعمان بوضوح حلفائهما من طرفي الصراع القائم في وجه الطرف الآخر، في صورة أخرى من صور التنافس بين البلدين.

ايران والسعودية وقلق التوتر المذهبي في الكويت

و خلال الحرب العراقية - الإيرانية، تزايدت التوترات بين إيران والبلدان العربية الخليجية، وعلى رأسها المملكة السعودية، عندما تمّ اعتبار عدد من الشيعة متعاطفون محتملون مع جهود إيران لتشجيع المعارضة المسلحة ضد حكومات سنية معادية لإيران. وكانت التوترات السنية - الشيعية مقلقة في الكويت بشكل خاص، إذ لدى الكويت ما بين 30 - 40 بالمئة من السكان الشيعة، وقد زعمت بعض القيادات الشيعية أنّ مجتمعهم يواجه مشاكل تمييز مستمرة.

السعودية وقادة اليمن بوجه إيران والحوثيين

وبقي التوتر على حاله بين الطرفين طوال عهد المحافظين في طهران. وبالرغم من أنّ التنافس قد خفت الى حد ما في عهد الرئيس الإيراني الإصلاحي محمد خاتمي «1997 - 2005»، إلّا أنّه عاد واشتد إبان الفترة الرئاسية لمحمود أحمدي نجاد، وسجلت العلاقات السعودية - الإيرانية تراجعاً خطيراً بسبب وجود خلافات جدية بشأن الصراع الأخير بين الحكومة اليمنية والأقلية الحوثية في اليمن، حيث يعيش الحوثيون في محافظة صعدة في الجزء الشمالي من تلك البلاد. وقد اتهم كل من القادة اليمنيين والسعوديين، مراراً وتكراراً، إيران بدعم المتمردين الحوثيين، وتقديم التمويل والتدريب، إضافة إلى المساعدات المادية. كما يدعي اليمن أنّ هذا الدعم مقدم إما مباشرة من قبل إيران أو من خلال مجموعات تابعة لها، لكن لم يتم إثبات التهم اليمنية بتورط إيران بالدعم المادي والتدريب. وربما تكون هذه التهم مبنية، في الحد الأدنى، على واقع أنّ المتمردين هم من الشيعة، رغم أنّهم شيعة زيديون وليسوا اثني عشرية كالموجودين في إيران.

البحرين بين «درع الجزيرة» وطهران

وبلغ هذا التنافس ذروته على خلفية تدخل قيادة السعودية في البحرين في آذار 2011 فيما سمّي« بدرع الجزيرة»، ومساعدة النظام البحريني بسحق الحراك الشعبي المطالب بإصلاحات سياسية في البلاد، والذي قامت به المعارضة الشيعية التي تتهمها الحكومة بتلقي الدعم الكامل من طهران. كما أدت التهم المضادة حول البحرين إلى تصعيد حقيقي في الخطاب العدائي ما بين إيران ومجلس التعاون الخليجي. ففي نيسان 2011، أًصدر وزراء خارجية مجلس التعاون الخليجي بياناً قالوا فيه إن الدول الأعضاء في المنظمة« قلقة بعمق بشأن التدخل الإيراني»، معتبرين أنّ طهران« تنتهك سيادة »دول مجلس التعاون الخليجي. وقد ردت السعودية، سابقاً، على الانتقادات الإيرانية للتدخل السعودي في البحرين بالتصريح بأنّ الإتهامات الإيرانية« غير مسؤولة»، وتحتوي على«مزاعم باطلة وتهجمات صارخة ضد المملكة السعودية». كذلك، فقد دعا وزير الخارجية الكويتي محمد صباح الصباح إيران الى« تغيير في السلوك».

وتشكل البحرين مركزًا هامًا للصراع السياسي السعودي - الإيراني، هذه الدولة الصغيرة تحكمها عائلة ملكية سنية، رغم أنّهم يشكلون في الحد الأقصى 35 بالمئة من السكان. إنّ قرب البحرين الشديد من السعودية غالباً ما كان يجعل الرياض تولي اهتماماً خاصاً بها، فالسعوديون يشككون باستمرار بالنوايا الإيرانية بخصوص البحرين، بسبب أكثريتها السكانية الشيعية. كما أن البحرين متصلة بالسعودية بواسطة جسر الملك فهد الذي يبلغ طوله 16 ميلاً، حيث يمكن للنشاط السياسي هناك أن يجد صداه في كل المملكة. ويرحّب ملك البحرين دائمًا بالدعم السعودي بما في ذلك المساعدات المالية، وهو لا يولي أية أهمية للخط الاستقلالي الذي يمكن رؤيته في بعض دول الخليج الصغيرة والأغنى، وأبرزها قطر، ولا يرى أي مانع في اندماج مملكته مع المملكة السعودية في حال تزايد ضغط المعارضة في الشارع.

أما إيران، فهي تتطلع إلى إعادة توحيد الجزيرة مع الوطن الإيراني بعدما سلخت عنه إبان الإستعمار البريطاني، شأنها شأن الجزر الثلاث التي تدعي كل من إيران والإمارات العربية المتحدة الملكية عليها.

وبالتالي، فإنّ هذه المسالة تشكل أيضاً نقطة تنافس بين طهران والرياض. ومن المرجح أن يشتد التنافس على نحو متزايد بين الرياض وطهران في المستقبل القريب. وهكذا، سيكون صناع السياسة ومسؤولي الإستخبارات في العالم، بالمقابل، بحاجة لأن يكونوا واعين جيداً إلى ما ستؤول إليه أحداث المنطقة نتيجة هذا التنافس بين البلدين.

العراق: «أمن» طهران و«بوابة الخليج» للرياض

إنّ مستقبل العراق يشكل هاجسًا أساسيًا بالنسبة لكل من السعودية وإيران، فهزيمة المشروع الأميركي هناك قد أضعف الدور السعودي إلى حد كبير، في حين زاد نفوذ طهران، وهذا ما بدا واضحاً في السنوات الأخيرة. واليوم، وفي غمرة الحديث عن انسحاب الجيش الأميركي من العراق، ستعود مسألة التنافس السعودي - الإيراني لتطفو من جديد، فبعد سحب الولايات المتحدة لما تبقى من قواتها العسكرية من العراق، سيكون من الصعب على السعودية وحكومات ملكية خليجية سنية أخرى البقاء سلبية إذا ما استمرت إيران بتقديم الدعم للحكومة العراقية الحالية، وللقوى الشيعية في البلد. لذلك، فإنّ الولايات المتحدة تعمل إلى جانب السعودية لاحتواء النفوذ الإيراني بحيث تنظر الرياض إلى العراق على أنه البوابة الشرقية للخليج العربي، وخط الدفاع الأول بوجه العدو القادم من الشرق، في حين تراه طهران البعد الأمني والجيوسياسي لها.

من هنا، تسعى إيران إلى التخلص من النفوذ الأميركي في المنطقة الذي وصل إلى حدودها بعد سقوط نظام صدام حسين، باعتبار أنّ الولايات المتحدة عدو إيران الأخطر. وبما أنّ الهواجس السعودية الأساسية قد تشمل إجراءات الحكومة العراقية في المناطق السنية، والإجراءات ضد المسؤولين السنة، كما حصل أخيراً مع نائب الرئيس السني، وكما حصل من احتجاجات ضد الحكومة في محافظة الأنبار وغيرها من المناطق السنية، فسيكون عليها تحريض السنة في البلاد، ودعمهم لزيادة الاحتجاجات، والمطالبة بدور أكبر في السلطة، وربما يصل الأمر لإضطرابات مسلحة مما يزيد الوضع الحالي سوءاً.

طهران تحتضن الثورة المصرية

لقد أدخلت موجة الأحداث الأخيرة في المنطقة، والتي عرفت باسم الربيع العربي، هواجس جديدة لكل من السعودية وإيران، وجعلتهما يأخذانها بعين الاعتبار ضمن إطار عمل أولوياتهما الإقليمية. لم يكن أي من مصالح الحكومتين الحيوية معنياً بنتيجة النزاع في تونس حيث بدأ الربيع العربي، إلا أن القيادتين أصبحتا مهتمتين بهذه الأحداث بشكل خاص ما إن انتشرت الاضطرابات لتصل الى مصر.

وبينما راقبت السعودية طرد الرئيس المصري حسني مبارك برعب، رأت القيادة الإيرانية بعض الفرص المحتملة في احتضان الثورة المصرية، ودعمها لإعادة مصر إلى الحظيرة العربية والإسلامية، معولة بدور لها في دعم القضية الفلسطينية، هذه القضية التي تعتبرها طهران قضية العرب والمسلمين المركزية. إضافة إلى ذلك، تتطلع طهران إلى دور مصري بارز يؤمّن لها نوعاً من فك العزلة الدولية المفروضة عليها لما لمصر من تأثير بالغ على بعض الدول. فعقب إزاحة مبارك عن السلطة، طلبت القيادة الإيرانية من مصر القيام بـ«خطوة شجاعة» لجهة إعادة تثبيت العلاقات الدبلوماسية مع إيران، وأبدى وزير الخارجية المصري آنذاك نبيل العربي حسن النية إزاء هذا العمل، وصرح في نيسان 2011 قائلاً« يستحق الشعبان المصري والإيراني علاقات تعكس تاريخيهما وحضارتيهما، شريطة أن تكون مبنية على أساس الاحترام المتبادل لسيادة كل منهما، وعدم التدخل بأي نوع من الشؤون الداخلية».

وتفاعلت الرياض، بشكل متوقع، مع صدمة هذه المقترحات، وبعد وقت قصير من تصريح العربي، ضغطت السعودية على مصر للحد من أي تقارب قد يحصل مع إيران، مع الإشارة الى زيادة مفاجئة في حالة العداء ما بين طهران ودول مجلس التعاون الخليجي عقب التدخل السعودي في البحرين في آذار2011. وفي نيسان 2011، اجتمع رئيس الوزراء المصري عصام شرف مع الملك السعودي عبد الله في الرياض لإجراء مناقشات شاملة للقضايا الإقليمية الأساسية حيث شدد الملك بوضوح على هواجس مجلس التعاون الخليجي بشأن إيران. أما قرار الرياض في أواخر أيار منح مصر 4 مليارات دولار بشكل قروض ومنح فقد أصبح، وبسرعة، حافزاً للقاهرة لدرس الأولويات السعودية، خاصة في ضوء العائدات السياحية المصرية المتضائلة، وتوقف الاستثمارات الغربية الخاصة في الاقتصاد المصري. ويواصل البَلدان جهودهما لتحسين علاقاتهما مع مصر ما بعد مبارك حالياً، إذ لا تزال كل من إيران والسعودية غير واثقتين من الكيفية التي قد تتطور بها أسس السياسة الخارجية المصرية، ويشجع كلاهما القاهرة على الاقتراب منها أكثر.

دعم متبادل بين إيران وسوريا

أمّا سوريا، الحليف العربي الأقرب لإيران، فقد حافظت إيران على علاقات جيدة معها على مدى أكثر من ثلاثة عقود، منذ تأسيس الجمهورية الإسلامية. فبعد إنتصار الثورة الإسلامية، قدمت سوريا، إلى جانب ليبيا برئيسها القذافي، الدعم الكلامي والدبلوماسي لطهران خلال الحرب العراقية ـ الإيرانية. وكان أحد العوامل الهامة في تعزيز ودعم العلاقة المستمرة بين الدولتين إستعداد إيران المعلن لتقديم الدعم لسوريا في أية مواجهة مستقبلية مع «إسرائيل»، كما وأنّ سوريا قامت بتأمين خط إمداد لحركات المقاومة المدعومة من إيران ضد «إسرائيل» في كل من لبنان وفلسطين. في حين كانت ولا تزال سوريا وإيران تشعران بالإرتياب، وعدم الثقة بسياسة الولايات المتحدة في المنطقة. وعقب الأحداث المسلحة في سوريا عام 2011، أخذت إيران تراقب الوضع بحذر كبير لا يخلو من الخوف، كما أعرب القادة الإيرانيون والسوريون مراراً بأنّ العلاقة بين بلديهما تاريخية وإستراتجية لا يمكن فكها مهما كانت الظروف.

أما العلاقة السورية مع الرياض فمختلفة. حيث حافظت السعودية، كملكية إسلامية متشددة، على تقليد طويل من عدم الثقة تجاه سوريا الجمهورية العلمانية. وفي الوقت نفسه، فإنّ السعودية ليس لديها الكثير من الأمور المشتركة مع الحكومة السورية، والتي تتخطى مسألة العروبة. وفي الآونة الأخيرة، كانت السعودية وإيران بحاجة لدرس الكيفية التي ستؤثر بها الاضطرابات في سوريا على مصالحهما. فطهران هي التي ستخسر أكثر بسقوط النظام السوري الحالي، وهذا واضح، وهي في الغالب تقف إلى جانب حليفها السوري، ولن تسمح بأي حال بسقوط نظام الرئيس الأسد. لقد كانت سياسة الانفراج السعودية السابقة مع دمشق هامة، إلا أنّ الرياض لم تعتبر يوماً نظام الأسد «العلوي» حليفاً لها، ويتوقع أن تكون مسرورة برؤية طهران تخسر أهم شريك عربي لديها إذا ما سقط هذا النظام، ووصل السلفيون إلى السلطة. لذلك فهي تقوم، مع بعض الدول الخليجية، بدعم مالي هائل للمسلحين السوريين والّذين تتشكل أغلبيتهم من السنة السلفيين. أما من الناحية السلبية، ففي حال الإطاحة بنظام الأسد، وعدم وصول الإسلاميين للحكم، فإنّ الرياض، والتي تملك نظرة قاتمة بشأن الهيجان الثوري والديمقراطيات العربية، ستسعى بالتأكيد الى الحفاظ على مستوى عال من النفوذ لدى أية حكومة ما بعد الحكومة البعثية.

إيران والسعودية والتوجّه الإقليمي

وأخيراً، يعرض مشهد هذا« الربيع العربي» أيضاً احتمالية الإطاحة بحكومات مختلفة أخرى تتخطى تلك التي كانت في تونس، مصر، وليبيا، ما يخلق فجوات بالإمكان استغلالها من قبل دول مختلفة قد تحاول التكيف مع حكومات ما بعد الثورة أو الاستفادة من الفوضى الحاصلة. فالسعودية ودول خليجية صغيرة أخرى قلقة من الإطاحة بأية حكومة ملكية عربية، ولهذه الغاية، أظهر مجلس التعاون الخليجي اهتماماً بتقديم العضوية الكاملة لحكومتين ملكيتين عربيتين ليستا جزءاً من المنظمة هما الأردن والمغرب، رغم أنهما، جغرافياً، ليستا جزءاً من الخليج. ويمكن لعضوية كهذه أن تكون مربحة لدعم وتعزيز الملكيات التي لا تمتلك الكثير من الثروات. أما إيران، فإنها تسعى لتوسيع قوتها في الخليج، والتأثير على دول عربية خليجية للتقليل من علاقاتها العسكرية مع الغرب أو إلغائها.

nad-ali
29-03-2013, 12:36 PM
http://www.elnashra.com/themes/default/images/logo.png

سباق محموم بين الانفجار والانفراج وأرجحية للأول

http://files.elnashra.com/elnashra/middle_pictures/1327352687_20120123-223139.jpg
أنطوان الحايك

يتحدث دبلوماسي عربي مخضرم عن سباق محموم بين انفجار في المنطقة لا يوفر لبنان، وانفراج محدود يشكل مدخلا إلى تسوية تطاوله بنفس القدر الذي ينعكس على الدول المجاورة لسوريا، ويعتبر أنّ هناك تعذراً كاملاً لاعادة تشكيل الوضع العام في لبنان، طالما أنّ الصورة الاقليمية لم تتضح بالكامل بعد، وبمعنى آخر إنّ أيّ جديد لن يطرأ على الوضع اللبناني في ظل غموض المشهد في سوريا.

http://www.mepanorama.com/wp-*******/uploads/2013/03/url897-314x235.jpg

بيد أنّ الدبلوماسي عينه يقرأ في التطورات المتسارعة “حرباً باردة” من نوع جديد بين واشنطن والاتحاد الأوروبي وبعض الدول العربية من جهة، وروسيا والصين وايران وسائر المحور العربي من جهة ثانية، وبالتالي فإنه يرى أنه من الجنون أن يقحم لبنان نفسه في الصراع القديم الجديد باعتباره المحور الأضعف في موازين القوى الاقليمية والدولية، وذلك بعد أن ثبت بالدليل القاطع أنّ المرحلة الراهنة مفتوحة على الاحتمالات كافة بما فيها تحريك الشارع السني – الشيعي، بعد أن باتت الارض مهيأة بالكامل لتلقف مثل هذه الخطوة، ليس لشيء، بل لأن النار السورية انتقلت إلى لبنان ولم يعد هناك من مجال لاطفائها قبل أن تحقق أهدافها المباشرة وغير المباشرة، أقله في الفترة الفاصلة عن موعد لقاء الرئيسين الأميركي باراك أوباما والروسي فلادمير بوتين الذي تأجل من شباط الماضي إلى حزيران المقبل، ولا يستبعد أن يكون هناك أكثر من تأجيل في ظل غرق الادارة الأميركية في محاولات جادة لفصل مسارات المنطقة،وإعادة فرزها وفق خريطة طريق لا تخلو من الخطورة بحسب التعبير.

وانطلاقاً من هذا التصور، يستبعد الدبلوماسي أيّ خطوة جادة لحلحلة الأزمة السياسية العاصفة بالبلاد، فلا الحكومة بوارد الولادة القريبة حتى لو انتهت الاستشارات الملزمة إلى تكليف شخصية معيّنة لرئاستها، ولا قانون الانتخابات سيجد طريقه إلى البرلمان، لا سيما بعد أن تبرأت “القوات اللبنانية” من مشروع قانون اللقاء الأرثوذكسي، من خلال اشارات واضحة اطلقها رئيسها سمير جعجع في اطلالة صحافية لا تخرج كثيراً عن دائرة التأويلات والتكهنات في ظل واقع معروف، وهو أنّ هذه الاطلالة جاءت لتلاقي خطوة رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي في منتصف الطريق.

وما يعزّز هذا الاعتقاد التشدد الزائد الذي يبديه “حزب الله” من جهة ورئيس تكتل “التغيير والاصلاح” العماد ميشال عون من جهة ثانية، وذلك بعد أن تيقن المذكوران بأنّ استقالة الحكومة، ومهما حاول الوسطيون تبريرها بأسباب لا تمت إلى الحقيقة بصلة وفق معلومات الدبلوماسي، تأتي في سياق أجندة خارجية، خصوصاً أنّ حصولها جاء في عزّ تطورات متسارعة استهلها الرئيس الأميركي باراك أوباما بجولة شرق أوسطية لم تشمل سوى دول معدودة، ولاقاها الرئيس الصيني الجديد بزيارة مماثلة لنظيره الروسي حيث أعلن الرجلان توافقهما الكامل بشأن الأزمة السورية وكيفية حلها، وذلك في ظل حقيقة لا يمكن تجاهلها، وهي أن الدول التي مولت الأصولية والسلفية السنية، ونجحت إلى حد بعيد بارهاق الجيش السوري لن تقف عند هذا الحد بل ستنقل نشاطها لضرب “حزب الله” في مثلثه وعمقه الاستراتيجي، بحيث يصبح الاعتقاد مبرراً ومشروعاً بأن حكومة لبنانية جديدة لن تبصر النور، وبان قانون الانتخابات دخل في دائرة المراوحة قبل أن يتم تعديل موازين القوى الداخلية والاقليمية، وهذا لن يكون بسحر ساحر ولا برمشة عين.

nad-ali
29-03-2013, 12:37 PM
http://www.alhejazi.net/common/banner.jpg

د. خالد الدخيل في اطروحته:
(تصدّع القبيلة) وراء ظهور الوهابية وليس (الشرك)
هيثم الخياط

http://www.alhejazi.net/images/khalid_aldakhil_123_210.jpg
د. خالد الدخيل

http://1.bp.blogspot.com/_rOGPHVDxfMA/TF6wTnYSD3I/AAAAAAAAAU0/FxLjg1ILskQ/s320/wahabi%20man.jpg

تأخر كثيراً، إلى حد ما، قبل أن يقرر نشر إطروحته في الدكتوراه من جامعة كاليفورنيا في لوس انجلوس سنة 1998، فموضوعها بالغ الحساسية، ويندّك في صميم المشروعية الدينية للدولة، بل الأخطر من ذلك أنها تنسف الرواية الرسمية حول الأوضاع التي ظهرت فيها الوهابية، ورسالتها وأهدافها. أسباب تأخير نشر الكتاب (560 صفحة)، عائدة الى الظروف غير الملائمة، في ظل سيطرة الخطاب الديني السلفي، ولكن مع انهيار(المحرّمات) السياسية والايديولوجية وتآكل هيبة الجهازين الأمني والديني بات الظرف مناسباً. لقد نُصح الدخيل من قبل أمراء كبار من بينهم ولي العهد الحالي الأمير سلمان بعدم ترجمته الى العربية، فقام الدخيل بتجزئة الكتاب وإيصال مضمونه عبر سلسلة مقالات ونشرها في صحيفة الإتحاد الإماراتية في العام 2010، ولكنّه توقّف بطلب من الأمير نايف، وزير الداخلية الأسبق.
خصّص الدخيل إطروحته لمناقشة تأريخ وتفسير بعض المؤرخين المعاصرين لنشأة الحركة الوهابية والدولة السعودية، ولحظ بأن هؤلاء خضعوا تحت تأثير النظرية الخلدونية لنشأة الدول وسقوطها، ولذلك أهملوا حتى مجرد الرجوع الى مصادر الحركة الوهابية نفسها، أي كتابات مؤسسها والمتحدّرين من بيته.
كما ناقش التفسير الديني لنشأة الحركة الوهابية، حيث يرى بأن طغيان المسحة الدينية عليها ربما ساهم في تضليل الباحثين وأذهلهم عن الاهتمام بالجوانب الأخرى، ولا سيما الجانب السياسي. يضاف الى ذلك، أن الدخيل يؤكّد من طرف غير مباشر على أن التفسير الديني لنشأة الحركة الوهابية والدولة السعودية هو التفسير الذي تريد الأخيرة اعتماده، بمعنى أن الحركة الوهابية نشأت كرد فعل على مظاهر الشرك وبهدف تصحيح الإعتقاد.
وقد تميّزت إطروحة الدخيل بكونها جادّة وجريئة ونزعت الى تجاوز القراءة التقليدية لنشأة الحركات الدينية، وإخضاعها لقوانين الاجتماع، كما ناقش كل المصادر التي كتبت عن الحركة وعن المجتمع النجدي الذي نشأت فيه. كما درس الرسائل والمخطوطات والمراجع التي تشكّل في مجموعها المصدر الرئيسي لقراءة تاريخ نجد. وخلص في بحثه الى أن التفسير الديني لنشأة الحركة الوهابية هو تفسير هش وضعيف ولا يستقيم مع حقائق الاجتماع والتاريخ. قال ذلك بناء على أن ما ذكرته المصادر الوهابية عن شيوع الشرك في نجد قبل بدء الحركة الوهابية هي مجرد مبالغات ومبررات للتوظيف السياسي، وأن مظاهر الشرك التي ذكرها ابن عبد الوهاب كانت محدودة جداً في نجد، ولا تتجاوز مواقع هامشية في منطقة العارض، ولا تشكل ظواهر مجتمعية بل حالات معزولة، وأنه لا يوجد حتى في المصادر الوهابية أي دليل على وجود مظاهر للشرك في سدير والوشم والقصيم عند بدء الحركة الوهابية في الدعوة والتوسع، فضلاً عن أن المجتمع النجدي كان حنبلياً قبل بدء الدعوة الوهابية، ولا يختلف سوى في مسائل محدودة عمّا قرره الشيخ محمد بن عبدالوهاب في رسائله.
في مقالة (تصدع القبيلة وليس الشرك وراء ظهور الوهابية)، التي كتبها الدخيل، وهي بالمناسبة مختصر مكثّف للغاية لإطروحته للدكتوراه، يؤكد الدخيل على أن نشأة الدولة ترتبط بدرجة الاستقرار والتحضر في المنطقة التي تظهر فيها. ويسأل الدخيل: لماذا قامت الدولة السعودية في العارض، وليس في إحدى مناطق نجد الأخرى؟ ويذكّر بأن العارض، جنوب نجد، هي أحدى أقدم مناطق الاستقرار والتحضر في نجد منذ ما قبل الإسلام. ولفت الى أن الاستقرار والتحضّر يزدادان كلما اتجهت جنوباً، ويتضاءلان كلما اتجهنا شمالاً في منطقة نجد؟. وفي ضوء هذه المعادلة يركّز الدخيل الحديث على ثلاثة أمور: الأولى أن الحركة الوهابية هي الحاضنة الأولى لفكرة الدولة المركزية، ثانياً علاقة الدولة السعودية مع القبائل البدوية في نجد، وثالثاً نسب الأسرة السعودية الحاكمة وعلاقته بطبيعة الدولة.
وبخصوص ظهور حركة الوهابية في حاضرة نجد في القرن الثاني عشر الهجري، أن هذا الظهور لا علاقة له بتدهور الحياة الدينية، أو انتشار الشرك في نجد، كما هو شائع على العكس (جاءت الحركة تتويجاً لعمليات استقرار وتحضر استمرت لقرون منذ سقوط دولة بني الأخيضر في القرن الخامس الهجري..).
وبناء على ذلك، يرى الدخيل بأن الظاهرة التي تؤكّدها المصادر المحلية هي أن القبيلة كانت قبيل ظهور الحركة الوهابية (تعاني من تصدع واضح تمثل في أن العائلة حلّت محل القبيلة في مجتمع نجد آنذاك، وأصبحت الأساس الذي يتمحور حوله البناء الاجتماعي، وليس القبيلة كما كان عليه الحال من قبل). يضاف الى ذلك بروز (ظاهرة المدن المستقلة سياسياً عن بعضها، بما يشبه ظاهرة «دول - المدن» المستقلة في العصر الحديث. كانت هذه البلدات أو المدن تحكم من قبل عوائل). ونتيجة ذلك، أن حكم العوائل كان ينجم عنه عدم استقرار داخل العائلة، وكانت المدن في حالة صراع مرير فيما بينها على المصادر وتوسيع النفوذ، يضاف الى ذلك الظروف الطبيعية الصعبة التي تواجهها المنطقة حيث كانت تتعرّض لدورات جفاف متعاقبة، وكوارث طبيعية وحروب، اتضح أن مجتمع حاضرة نجد كان في القرن الثاني عشر الهجري على حافة الانهيار.
في ظل هذه الظروف الصعبة، ظهرت الحركة الوهابية تحديداً وليس هناك من الناحية التاريخية ما يشير إلى أن الشرك، أو تدهور الحالة الدينية، كان جزءاً من هذا الإطار. ولكن كي تضفي على ظهورها معنى متعالياً ربطته بقضية دينية (حيث أن الوهابية طرحت فكرة التوحيد، وفكرة الدولة المركزية، فإن هذا يعني أن الحركة قرنت التوحيد الديني بالتوحيد السياسي..)، وعليه بات (من المنطقي القول بأن ظهور الحركة جاء استجابة لتصدع القبيلة، ولهدف استبدال القبيلة بالدولة كإطار جديد ومختلف للمجتمع). وأن الشيخ محمد بن عبد الوهاب، حمل فكرة الدولة وليس فقط فكرة الدعوة، (باحثاً لها عن دعم ورعاية سياسية من قبل أحد أمراء المدن المستقلة). فذهب أولاً الى العيينة، وأميرها عثمان بن معمر، وبدا حينها أنه أقنع هذا الأمير بمشروعه الديني السياسي. لكن بن معمر تراجع تحت ضغوط حاكم الإحساء. عندها ذهب الشيخ إلى الدرعية، وفيها وجد الدعم والرعاية التي كان يتطلع إليهما. اللافت هنا أن الشيخ لم يذهب في بحثه عن الدعم خارج منطقة العارض.
ملاحظة أخرى تعزز فكرة نزوع الشيخ ابن عبد الوهاب نحو الدولة هو أن الحركة الوهابية بخلاف الحركات الدينية السابقة لم يقتصر نشاطها على الفقه، كما كان الاهتمام الوحيد لعلماء نجد، فقد جاءت الوهابية وغيرت وجهة التعليم الديني في نجد، وأصبح التوحيد وليس الفقه، هو محور النشاط العلمي.
في مقالته المعنونة (البعد السياسي لتوحيد الألوهية) نشر في صحيفة الاتحاد الاماراتية بتاريخ 9 يونيو 2010، يميّز بين توحيد الربوبية وتوحيد الالوهية من حيث أن الأول يقتصر على العلاقة المباشرة بين الله والإنسان، أما توحيد الألوهية فهو ينشيء علاقة مختلفة، وهي ذات شقين نظري وعملي، فأما النظري فله صلة بالمعتقد، ولكن على مستوى العبادة العملية فهي تشمل الى جانب الطقوس والشعائر الدينية أموراً أخرى كثيرة مثل العمل والتربية والانتاج والتجارة وخدمة المجتمع وعمارة الارض..وتدخل في هذا الاطار الواجبات السياسية للفرد، كما يقررها علماء الشريعة ومن هذه الواجبات بيعة ولي الأمر، وهذا نابع من قول النبي صلى الله عليه وسلم (من مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية). ويقول الدخيل (يوحي هذا الحديث، وإن بشكل غير مباشر، بأن إيمان الفرد وإسلامه وأداءه للعبادات خارج إطار الدولة لامعنى له. كأن الاسلام الحقيقي لا يتحقق الا داخل الدولة وعلى الأساس من الإيمان بشرعيتها..). ويستطرد بناء على هذا التأسيس للقول بأن من الواجبات السياسية بحسب العلماء (طاعة ولي الأمر). ويخلص الدخيل للقول: لا يمكن أن يتحقق توحيد الألوهية الا اذا تحققت الوحدة السياسية وقامت الدولة وتحققت الطاعة.
في مقالته حول (الرؤية السياسية لمحمد بن عبد الوهاب) المنشورة في (الاتحاد) في 16 يونيو 2010 يؤكّد على الدور السياسي لمشروع إبن عبد الوهاب، وإن الصبغة الدينية التي اكتسبها الأخير لا تلغي الهدفية السياسية التي حكمت حركته وإن لم يسعى هو على المستوى الشخصي لتولي منصب سياسي. وعاد الدخيل لشرح ذلك بإسهاب في مقالة أخرى بعنوان (ابن عبد الوهاب: نموذج الدور السياسي لرجل الدين) المنشور في 30 يونيو 2010.
لم يرض الكتاب أتباع المذهب الوهابي، كما أثار حفيظة أحفاد ابن عبد الوهاب، الذين غضبوا لأن الدخيل نزع رداء القداسة عن دعوة جدهم وأنزلها منزلة الحركات السياسية المحمولة على أيديولوجية دينية. فقد كتب عبد العزيز محمد آل عبد اللطيف ردّاً بعنوان (نظرات في كتاب الوهابية بين الشرك وتصدع القبيلة)، وأخذ على الدخيل أن بحثه (ذو نزعة مادية في تفسير المواقف والأحداث..)، أي أنه يصعّد من أثر الجانب السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وفي الوقت نفسه يخفّض من شأن البعد الديني وتقليص أثر العقيدة في تلك المتغيّرات. كما أخذ على الدخيل أنه (مولع بالمراجع الغربية، والنقل عنها، والتعليق عليها)، واغفال الرسائل العلمية التي تعالج هذا الموضوع. وأخذ عليه كذلك أنه لم يكن (موضوعياً في توصيفه للدعوة الوهابية..)، بمعنى أن التوثيق لكلام الشيخ محمد بن عبدالوهاب وأتباعه، واستقراء ما حرره (لم يكن حاضراً ولا ظاهراً). وتبع ذلك بملاحظات مماثلة مثل كون الدخيل قاصراً عن الإلمام بتراث ابن عبد الوهاب، وأنه خاض في قضايا عقدية بغير علم وهدى.
ومن الواضح أن صاحب الرد هاله اتهام الدخيل لابن عبد الوهاب بالتناقض حين قال بأن الأخير قال بوقوع الشرك في نجد، فيما قال في مكان آخر بأن غالبية نجد (كانوا يتبعون جادة الصواب). وكذلك أقوال ابن عبد الوهاب في المويس بسب دين الله ورسوله، واتهامه الرؤوساء بمحاولة تضليل الناس بأن ذلك مخالف للحقيقة، أو قوله بتفشي الشرك بما يناقض تماماً الوجهة التاريخية. ويعلّق آل عبد اللطيف بأن الدخيل (لم يفقه كلام الشيخ، ولم يحرّر ما سُطّر في كتب التاريخ، وإنما إغراق في التحليل وفق مقررات سابقة!).
وغضب آل عبد اللطيف من كلام الدخيل حين قال عنه بأنه كان يرى في كل مخالفة للتوحيد بأنها مخالفة خطيرة تكفي لإخراج مرتكبها من الملّة، وقال (وهذا كذب بارد)، على أساس أن الشيخ ابن عبد الوهاب ميّز بين الشرك الأكبر والشرك الأصغر، والحال أن في رسائل ابن عبد الوهاب وكتاباته ما يشير الى أنه بالفعل كان يوصم مخالفيه بأوصاف قاسية لمجرد أنهم لم يتبعوا تفسيره في التوحيد، فكان يرميهم بالشرك والكفر.
يرد آل عبد اللطيف على الدخيل بقوله أن معظم كتابات خصوم الشيخ قد اختفت، ويقول بأن ذلك غير دقيق، (فمقالات ابن فيروز مطبوعة، وكذا مقالات إبن سحيم موجودة في مخطوط «فصل الخطاب في ردّ ضلالات ابن عبدالوهاب» للقباني، وكذا «الصواعق والرعود» لعبد الله الزبيري، و»فصل الخطاب في الرد على محمد بن عبدالوهاب» لسليمان بن عبدالوهاب، وكذا مقالات وكتابات ابن عفالق.. الخ)..والحال أن هذه لا تمثل سوى جزء ضئيل من عشرات الردود التي اختفت بفعل فاعل، وكان يراد طمسها حتى لا يتعرّف الناس على حقيقة الجدالات التي كانت ثائرة بين ابن عبد الوهاب وبين علماء ورجال عصره.
وعارض آل عبد اللطيف فكرة الدخيل في تبرئة نجد من مظاهر الشرك قبل ظهور الحركة الوهابية، وأن نجد كانت بعيدة عن حالات الشرك (وأن الشرك كان ضيق الحدود، وبسيطاً، ومجرد أفراد، وينحصر في «الرياض»..) وكذلك قوله بأن (رسائل الشيخ لا تضمّن دلالات واضحة على وجود الشرك..)، ورجع في ذلك أيضاً الى كتابات إبن بشر التي تتضمن كلاماً يشير الى عدم وجود مظاهر للشرك.
وقام آل عبد اللطيف بذكر قائمة مصادر يثبت فيها أن ظاهرة الشرك كانت عامة، ونقل عن ابن غنام في تاريخه في الجزء الأول قوله (وحكى ما عليه أعراب نجد من كثرة نواقض الإسلام، وأنّ فيهم أكثر من مائة ناقض وما تلبسوا به من إنكار البعث وسبّ الشرع، وتفضيل حكم الطاغوت على حكم الله).
مهما يكن، فإن كتاب الدخيل يعتبر إضافة نوعية في مجال الدرسات الاجتماعية أو بالاحرى الى علم الاجتماع الديني، ولاشك أن نوع المقاربة التي قدّمها تعتبر جادة ومن شأنها أن تحظى باهتمام الباحثين كما ستغضب الحلفاء والرسميين لأنها الكتاب في مجمله ينسف الرواية الرسمية لظهور الوهابية.

nad-ali
29-03-2013, 12:38 PM
https://store.globalresearch.ca/wp-*******/uploads/2013/01/logo_store.png

من هم سجناء الرأي في أميركا؟

http://www.neworientnews.com/news/files/news/sajin-20130327-161758.jpg

السجين السياسي أو سجين الرأي هو شخصية موقوفة حاليا أو سابقا بدون تهمة جنائية بسبب توجهاته وأفكاره السياسية أو الإيديولوجية المخالفة لتفكير الحزب أو الائتلاف الحاكم في دولة ما لا تعترف بالقوانين الدولية التي تنص على حرية الفكر السياسي وإطلاق الحريات العامة.

بعض المسجونين اعتقلوا وأدينوا ظلما، والبعض الآخر اعتبروا مذنبون بسبب رعايتهم للآخرين، سجنهم يكشف أن احتياجات الشعوب أهم من ظلم المجتمع المستمر. السجناء السياسيين (حالة غير معترف بها رسميا بموجب قانون أميركا الشمالية) هؤلاء الرجال والنساء في كثير من الأحيان أبرياء يدفعون ثمن أخطاء المجتمع، ويقدمون الذريعة للشعب للثورة ضد التطرف والظلم، وجرائم الحرب، والجرائم ضد الإنسانية والجرائم الاقتصادية، وجرائم الإبادة الجماعية.

البرت وود فوكس: أطلقت منظمة العفو الدولية حملة لحماية النائب العام في لويزيانا جيمس د. كالدويل من قرار المحكمة التي أدانت سابقا وود فوكس بتهمة التمييز العنصري، ألبرت وود فوكس من "أنغولا3"، كان مستهدفا لتنظيميه "حزب الفهود" الذي يخدم السجناء السود والبيض. وناشدت لويزيانا سابقا المحاكم لمصلحة وود فوكس، في حين طلبت منظمة العفو إعادة محاولة إطلاق سراحه. فمنذ إدانته ظلما، خدم في الحبس الانفرادي لأربعين عاما، وإعادة محاكمته هي فرصة لإطالة مظلوميته.

لين ستيوارت: سجنت منذ 18 شهرا تحت الرعاية الطبية في احد السجون الخاصة بسبب إصابتها بسرطان مزمن، وكان الحكم عليها لمدة عشر سنوات مخالفا للبروتوكول القانوني لان القاضي كان على علم بحالتها الطبية، ومحاولة إعدامها نفسيا هو لحساب الجهود الدعائية "للحرب على الإرهاب"، وما يحصل يسلط الضوء على الخلل في العدالة الأميركية، ولوحظ ذلك سابقا في مطاردة السناتور جوزف ماكارثي للشيوعيين.

برادلي مانينغ: نشرت مؤسسة "حرية الصحافة" بيان للمحكمة العسكرية يدعو إلى حبس الجندي مانينغ مدى الحياة. مانينغ الذي قام بتسريب وثائق سرية أميركية تعنى بحرب العراق إلى ويكيليكس، محبوس في زنزانة انفرادية منذ مايو 2010 وهذا يعد أحد ألوان التعذيب في أميركا، ويتوقع أن يلقى حكما بالسجن 80 عاما بتهمة انتهاك المادتين 92 و 134 من القانون الموحد للقضاء العسكري. الادعاء يؤكد أن تصريحاته ساعدت العدو. مانينغ بحسب ادعاءات المحكمة العسكرية انتهك قوانين الحرب واتفاقيات جنيف.

الإمام جميل الأمين: المعروف لدى حركة الحقوق المدنية بـ "الراب براون"، الإمام يقضي حكما بالسجن لمدى الحياة دون احتمال العفو المبكر، أدين ظلما بجريمة قتل رجل آخر. أخرج من المجتمع لتفكيره الديني والسياسي، ووضع الأمين في سجن سوبرماكس لتدمير نفسيته والإمام هو زعيم مجتمع، وينبغي الإفراج عنه فورا.

سونديتا اكولي: السجين السياسي الذي يبلغ من العمر 76 عاما ليس مؤهلا للحصول على الإفراج المشروط، لإصراره على عدم تغيير فكره السياسي. وهو لم يتخل عن تاريخه مع "حزب الفهود" و"جيش التحرير الأسود"، في أواخر الستينات عمل اكولي مع الفهود السود، وفي العام 1973 انتهت حريته عندما تم سحب السيارة التي كان يستقلها على حاجر جيرسي بعد تبادل لإطلاق النار مع الشرطة.

وقد قتل السائق والشرطي، وأصيب شرطي آخر واكولي، وتشير أدلة المحكمة إلى أن راكب آخر أصيب يدعى اساتا شاكور، لكنه نجا وهرب من السجن لاحقا، ووجد في نهاية المطاف ملاذا له في كوبا.

جي بي جيرالد

http://www.neworientnews.com/news/images/non_02.jpg

ترجمة:وكالة أخبار الشرق الجديد-ناديا حمدان

nad-ali
29-03-2013, 12:38 PM
http://www.alhejazi.net/common/banner.jpg

وزير العدل الأمريكي معجب بالقضاء السعودي
أمريكا وحقوق الإنسان في السعودية!

توفيق العباد

قد لا يكون مؤلماً كثيراً، أنه وبعد يوم واحد من اعتقال الناشطين د. الحامد، ود. القحطاني، يلتقي وزير العدل الأمريكي ايريك هولدر بنظيره السعودي محمد العيسى في الرياض، وليبدي بعدها الوزير الأمريكي اندهاشه الإيجابي بنظام العدالة السعودي و(إعجابه بجهود خادم الحرمين لتطوير القضاء)!
ليس غريباً ان واشنطن ولندن وشقيقاتهما الغربيات لا ترى شيئاً في السعودية غير النفط والعقود وحكومة تابعة تطيع بقدر ما تستطيع!.
لا شيء يستحق الإلفات والإنتقاد. لا يوجد انتهاك لحقوق الإنسان من قبل الحليف السعودي، ولا أزمة حريات وديمقراطية تستحق من واشنطن الإشارة اليها لدى ذلك الحليف. الرصاص الذي قتل 16 شخصاً في القطيف، وجرح العشرات، والاقتحامات العسكرية واستباحة المدن والقرى، لم تغيّر من موقف الصمت اللندني والواشنطني!
لا نعلم ان كان هناك أحد من الناشطين قد انتقد الصمت الغربي ازاء ما يجري في السعودية. ولم يصل الى سمعنا أن هناك من تحدث في مقالة او تصريح مندداً بالموقف الغربي المنافق هذا. لا نظن أن احداً اهتمّ بموقف الغرب ازاء ما يمارسه آل سعود تجاه شعبهم. ربما لأن جميع الناشطين السياسيين والحقوقيين يدركون بأن معركتهم مع آل سعود ليست بعيدة أن تكون معركة مع الغرب نفسه. الكره لواشنطن ولندن متأصّل، ولا يوجد من يأمل خيراً منهما ومن شقيقاتهما. كما لا يوجد أحدٌ فيما نظن ينتظر من الغرب موقفاً من آل سعود لتخفيف التوتر او ينصحهم بشيء من الحرية والعدالة.
الحراك الشعبي بعيد جداً جداً عن التفكير بموقف الغرب، او هو يشعر بالحاجة الى دعمه. مثلما هي العواصم الغربية بعيدة جداً جداً عن الشعب المسعود، بعيدة عن مشاعره وتطلعاته، لا يهمها ـ وهي إذ تفرد مظلّة الحماية لآل سعود ـ ما يجري من انتهاكات وقمع، بقدر ما يهمها ما يمكن استخلاصه من مغانم من هذا الحليف السعودي الغبي.
لعل هناك فوائد كثيرة من صمت واشنطن ولندن بالذات. الصمت موقف مضاد للحراك الداخلي. لا شك في هذا. لا نشك ان الغرب ضد أية تحرك حقوقي سلمي سياسي من اجل الاصلاح والتغيير. ولا نشك لحظة بأن الغرب لن يجد أفضل من آل سعود في حماية مصالحهم، ودفع الخوّة والأتاوة اليهم بأشكال مختلفة (صفقات سلاح؛ وعقود انشاءات، ومتابعة في السياسات الخارجية، والاصطفاف مع الغرب لمكافحة ما يسميه بالإرهاب).
الصمت الغربي المطبق عن انتهاكات آل سعود يعني تأكيداً لعداوته لحركة الشعوب مهما تلفع بمزاعم الحرية والديمقراطية. وهو يفسر لنا بصمته ايضاً حجم مشاعر الكره والغضب الشعبي تجاهه، ليس فقط بسبب مواقفه من القضايا العربية والإسلامية الأخرى، بل وبسبب مواقفه ايضاً من قضية التغيير والإصلاح الداخلي وحمايته للديكتاتورية السعودية. ولذا لا يجب أن يسأل أحد الآن وفي المستقبل: لماذا لا يثق المواطنون المسعودون بالغرب؟ ولا لماذا يخوض الوهابيون ـ أو بعضهم ـ معارك ضد الغرب؟ ولا لماذا يفيض العنف المسعود الى خارج الحدود بسبب اتساع رقعة القمع المحلي ليصل الى اعماق اوروبا وامريكا؟ ولا يفترض أن نجهل أن معركة الإصلاح والتغيير هي في صميمها معركة ضد الغرب نفسه، الذي يزعم دعمها.
كل ما يستطيع الانجليز والأمريكيون فعله اليوم كمكافأة لآل سعود هو:
ـ عدم الضغط عليهم من اجل الإصلاحات واحترام حقوق الإنسان.
ـ توفير مظلة على المستوى الدولي الحقوقي والإعلامي لا تنتقد ممارسات النظام، وتتجاهل ما يفعله.
وفي المقابل، هذا الموقف الغربي متحمّل، وهو لم يضرّ الحراك المتصاعد في المناطق كافة، ولم يحبط الهمم، ولا وجد قبل ذلك من اعتقد بأن أمريكا ستدعم الإصلاحات. لا يوجد من توهم ذلك.
الحراك سيتصاعد، وله أدواته الشعبية والإعلامية التي تغنيه عن اعلام الغرب وأدواته.
وللحراك أدوات الضغط الشعبية تغنيه عن ضغط واشنطن ولندن الحاميتان الأساسيتان لملك آل سعود.
وتجاهل واشنطن الاعلامي والسياسي للحراك لا يعني عدم اهتمامها في الأصل بما يجري ومراقبته، ويكفي ان نطلع على وثائق ويكيليكس الأخيرة بشأن احداث القطيف ومتابعتها تفصيلياً الى أبعد الحدود.
وهذا التجاهل لا يغير من حقيقة ان واشنطن قلقة من الوضع السياسي وهي ترى بأم عينها كيف أن الخطوط الحمراء قد تجاوزها حراك الجماهير.
ان تعارض واشنطن وشقيقاتها الغربيات الإصلاح في السعودية لا يعني انها قادرة على فرض ذلك، وقد تكون معارضتها له ذات فائدة كمحفز للمواطنين الذي يلاحظون بوضوح كيف ان الأمريكيين يدعمون حكماً مستبداً يزعم تطبيق الشريعة! دعم واشنطن للرياض ليس في مصلحة آل سعود، انه ينقض شرعيتهم لدى فئات عديدة اعتقدت ان آل سعود ممثلي الإسلام والمدافع عنه.
ما نتوقعه أن العواصم الغربية ستصحو قريبا على واقع المعارضة المحلية، وستجد نفسها في وجه الشعب ونخبه الذين خذلتهم مراراً وتكراراً. لم تقف لا مع الليبرالي ولا الديني ولا الشيعي ولا السني ولا الحقوقي ولا غيرهم. انما وقفت مع الديكتاتورية، ومصير الديكتاتورية الزوال، شاء الامريكان ام أبوا.

nad-ali
29-03-2013, 12:42 PM
http://www.topnews-nasserkandil.com/topnews/banners/%D8%A8%D9%86%D8%B1%20%D9%84%D9%84%D9%85%D9%88%D9%8 2%D8%B9-20130328-121252.jpg
http://www.topnews-nasserkandil.com/topnews/banners/NewestKatab_02-20130329-092420.jpg

- عندما يجلس بوتين ومن حوله رؤوساء الهند والصين وجنوب افريقيا والبرازيل وعلى الطاولة مشاريع أنابيب النفط والغاز العملاقة يولدالعالم الجديد
- يقرر المجتمعون منع اي محاولة لحل غير سياسي للأزمة الكورية فيبقى التهديد النووي لليابان وأميركا لمواجهة اي إحتمال حرب يقودها الأطلسي في أي بقعة من العالم
- تتبنى القمة موقف إيران من ملفها النووي وتمنحه غطاءها فلن يكون مجلس الأمن ولا وكالة الطاقة ساحة لحرب على إيران
- تقرر القمة إنشاء مصرف يحررها من هيمنة المصارف الدولية وتضع سيولة جاهزة للتدخل في الأزمات بينما مصارف اوروبا وأميركا تفلس وتجف سيولتها
- تقرر القمة تخصيص نسبة من تجارتها بين دولها بالعملات المحلية وتخطو نحو حرمان الدولار واليورو من صفة العالمية
- تخصص القمة نصف بيانها للوضع في سوريا فتؤكد رفض عسكرة الصراع وتعيد الإعتبار للحل السياسي وبيان جنيف لبدء مسار السياسة ونهاية العربدة
- أكثر من نصف العالم سكانا ومساحة وموارد ومالا وسلاحا يقررون فيبدأ زمان جديد وبوتين يذهب بعد شهرين لمفاوضة أوباما بإسم القمة
35 - هاي قمة قارنوا الصوروالبيان بقمة حمد وكرشه.

http://www.topnews-nasserkandil.com/topnews/banners/NewestKatab_01-20130329-092322.jpg

- قلنا هنا مرة أن الذهاب إلى تسليم مقعد سوريا في الجامعة والشروع بتشكيل حكومة للمعارضة خط أحمر روسي للتفاوض السياسي فقيل كيف ؟
- أعلن لافروف أن ما جرى يسقط مهمة الإبراهيمي وتفويضه وينهي دور الجامعة العربية كشريك في أي حل سياسي
- يذهب حلف الحرب على سوريا في أيامه الأخيرة إلى الإنجازات الإفتراضية كلاعبيي البورصة فالعجز عن هجوم على دمشق يعوضه هجوم بالقذائف على سكانها
- العجز عن العودة إلى مطار دمشق والفشل في ضغط كيري على العراق لوقف الإمداد الإيراني يتحول على الشاشات إسقاط وإحراق طائرات ومقتل ضباط إيرانيين
- واشنطن ترد على التهديدات الكورية بالقصف النووي بتلعثم عن جهوزيتها للحرب
- قبرص التي ورطوها بالحرب المالية على روسيا تخسر ودائع الروس وتترنح
- يرمي حلف الحرب بكل قدراته والواضح ان حصيلة جولة أوباما هي تصعيد جبهتي الأردن ولبنان
- أقسى ايام الحرب تعيشها سوريا لكن الفوز للصبر والمثابرة وستنتصر سوريا
- سقوط الإبراهيمي يجعل للتفاوض طريق واحد هو الثنائي الروسي الأميركي
34 يوما لصمود الأسطورة السورية وسقوط الحرب ومعها الجامعة العربية.

nad-ali
04-04-2013, 12:45 PM
8 آذار: المواجهة بين حزب الله واسرائيل قريبة جداً خالد عرار

اكد مرجع سياسي في قوى 8 آذار، ان استقالة الحكومة لم يكن سببها التمديد لمدير عام قوى الامن الداخلي، وعدم الموافقة على تشكيل هيئة الاشراف على الانتخابات النيابية، بل تأتي استقالة الحكومة ترجمة لظواهر خارجية تبرز تقاطع مصالح متعددة، وربط المصدر بين هذه التقاطعات وبين النشاط المكثف لسلاح الجو الاسرائيلي على انواعه فوق بعض المناطق اللبنانية، واكد المصدر ان هذا النشاط في الاونة الاخيرة سببه تحديد خريطة الاهداف التي ستقوم اسرائيل بضربها في اي مواجهة محتملة مع حزب الله، وبتقدير المرجع ان المواجهة بين العدو الاسرائيلي والمقاومة في لبنان قريبة جدا، وعزز المرجع توقعاته تلك، تشكيل الحكومة الاسرائيلية الجديدة التي يغلب عليها الطابع الاستيطاني ومما زاد في توقعات المرجع وصول يمالون الى وزارة الدفاع، وهو صاحب نظرية الحرب الاستباقية على حزب الله منعا لتعاظم قوته في المنطقة ولابعاده عن خط الازمة السورية التي ستشهد فصلوا درامتيكية كبيرة في المرحلة التي تسبق لقاء بوتين - اوباما في مطلع شهر حزيران، تسعى الادارة الاميركية لتهيئة كل الظروف التي تساعد للوصول الى هذا الهدف، من هنا جاء الاعتذار الاسرائيلي من تركيا لما تعرضت له سفينة مرمرة، والخروج المرتقب لزعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله اوجلان من السجن بعد بيانه الذي دعا الى القاء السلاح وخروج عناصر الحزب من تركيا، وزيارة رئيس مجلس التعاون الخليجي الى لبنان في الاونة الاخيرة حيث تردد بانه طلب من المعنيين بضرورة استقالة الحكومة لخروج حزب الله منها وزيارات السفيرة الاميركية كونيللي المكوكية على المسؤولين اللبنانيين، والتي طلبت اجراء الانتخابات في موعدها ووفق قانون الستين الذي يضمن وصول القوى الحليفة لاميركا الى المجلس النيابي والسيطرة على كل مفاصل الدولة، والتقارير الامنية التي تتحدث عن التحضيرات اليومية للعدو الاسرائيلي على الحدود مع لبنان، لان الاسرائيلي يعتقد ان الظروف الحالية السائدة في المنطقة تشكل فرصة سانحة لتوجيه ضربة قوية لحزب الله ولان اسرائيل تعتقد ايضا بانه بات لها ارضية شعبية واسعة بين القوى السلفية وجماعة المعارضة السورية، التي باتت تعتبر ان حزب الله هو عدوها ونشأ بينهما مزاج تطبيعي قد يساعد هذا المزاج بتحقيق اسرائيل الفوز في المواجهة المرتقبة، وفي هذا السياق اشار المرجع لما حصل في الجولان حيث وفرت اسرائيل للمجموعات المسلحة هناك اجواء سمحت لهذه المجموعات بخطف عناصر من الامم المتحدة العاملة على خط الهدنة، واشار ايضا المرجع السياسي للعناية الصحية التي توفرها اسرائيل لجرحى العناصر المسلحة في المنطقة.

ولم يفصل المرجع السياسي ما حصل من اعتداء على بعض المشايخ للاسراع في تحقيق الفتنة بين الشيعة والسنة، حيث تحدثت بعض التقارير الامنية عن تورط اجهزة استخبارات خليجية بهذا الامر، والاعتداءات المتكررة على جبل محسن والتي لا يراد لها الانفجار الشامل والواسع ما دام النظام السوري يتمتع بارادة وقدرة على الصمود، عما يجري تحضيره بالخارج للبنان، وعلى قاعدة «خذوا سرارهم من صغارهم» اشار المرجع لما ادلى به احمد الحريري عندما عاد الشيخين المعتدى عليها في احدى المستشفيات حيث قال الحريري «عندما تنتصر الثورة في سوريا سوف يعاد بناء الدولة من لبنان جديد».

ويؤكد المرجع السياسي بان الازمة في سوريا ستشهد فصولا صعبة وستتسع رقعتها لتصيب دولا مجاورة وقد يكون لبنان اكثر الدول عرضة لهذا التشفي الواسع حيث افاد بان اكثر من 450 مسلحاً استطاعت القوى الاهلية والدينية اخراجهم من مدينة يبرود السورية فاتجهوا الى بلدة عرسال ومما لفت نظر المرجع السياس كلام الرئيس بشار الاسد لصحيفة «الصانداي تايمز» ان اسرائيل وحدها تعلم بحجم الرد السوري على اعتداء جمرايا، وتقول مصادر اخرى متابعة لهذا الامر ان الرد السوري اقلق اميركا ودول الغرب وتركيا بالرغم من التكتم الشديد على طبيعة الرد الذي حصل، من هنا نفهم سبب الاستنفار الدولي والبعد الدولي والاقليمي الذي اتخذته الازمة في سوريا فالمناورات الايرانية البرية الاخيرة والحشد البحري الحربي الروسي في المتوسط ورسو بعض القطع البحرية الروسية في مرفأ بيروت والتي تعتبر فخر الصناعة الروسية وعلى متنها اكثر من 850 جندياً دليل على البعد الذي اتخذته ازمة سوريا، ويأتي تصريح رئيس حلف الناتو ان هناك دولا في الحلف ستقوم بتدخل عسكري بشكل منفرد ضد سوريا وهو يعني بهذه الدول تركيا التي اقلقها الرد السوري على ضربة جمرايا وما استتبعها من اجراءات ميدانية للجيش السوري في مناطق المواجهة المرتقبة.

ولفت المرجع السياسي القرار الحازم لدى الدول والقوى الحليفة لسوريا بدءا من روسيا والصين وايران والعراق ولبنان، على حتمية الانتصار مهما كلف الامر حتى لو ادى ذلك الى مواجهة عسكرية واسعة على مستوى المنطقة برمتها، وتؤكد قيادات هذه الدول والقوى على استحالة سقوط النظام السوري مهما كلف ذلك والايام القليلة المقبلة ستظهر الاجراءات التي ستقوم بها هذه الدول لمنع اي تدخل عسكري خارجي والقضاء على احلام رئيس الحكومة التركية السلجوقي اردوغان.

من هنا رأى المرجع السياسي مزيدا من التأزيم الذي تواجهه المنطقة واستقالة الحكومة اللبنانية هي فصل من فصول التأزيم.

nad-ali
04-04-2013, 12:45 PM
http://www.voltairenet.org/squelettes/elements/images/logo-voltairenet-org.png

حرب الغاز
الصراع على الشرق الأوسط: الغاز أولاً

http://www.voltairenet.org/local/cache-vignettes/L300xH300/auton125414-14074.jpg
بقلم عماد فوزي شعيبي

لم يكن استهداف سورية بعيداً من الصراع على الغاز في العالم والشرق الأوسط.

ففي وقت بدا فيه أن ثمة تداعٍ في دول اليورو وسط أزمة اقتصادية أمريكية بالغة الدقة أوصلت أمريكا إلى حجم دين عام مقداره 14.94 تريليون دولار، أي بنسبة 99.6% من الناتج الإجمالي في وقت وصل فيه النفوذ الأمريكي إلى حد ضعيف جداً في مواجهة قوى صاعدة كالصين والهند والبرازيل بات واضحاً أن البحث عن مكمن القوة لم يعد في الترسانات العسكرية النووية وغير النووية، إنما هناك ... حيث توجد الطاقة. وهنا بدأ الصراع الروسي – الأمريكي يتجلى في أبرز عناصره.

http://www.voltairenet.org/local/cache-vignettes/L400xH267/Syrian_oil-3018e.jpg

لقد تلمس الروس بعد سقوط الاتحاد السوفياتي أن الصراع على التسلح قد أنهكهم وسط غياب عن عوالم الطاقة الضرورية لأي دولة صناعية، فيما كان الأمريكيون يتحركون في مناطق النفط عبر عدة عقود مكنتهم من النمو ومن السيطرة على القرار السياسي الدولي بلا منازعات كبيرة. ولهذا تحرك الروس باتجاه مكامن الطاقة (النفط والغاز). وعلى اعتبار أن القسمة الدولية لا تحتمل المنافسة في قطاعات النفط كثيراً، عملت موسكو على السعي إلى ما يشبه (احتكار) الغاز في مناطق إنتاجها أو نقلها وتسويقها على نطاق واسع.

كانت البداية عام 1995 حين رسم بوتين استراتيجية شركة غاز بروم لتتحرك في نطاق وجود الغاز من روسيا فأذربيجان فتركمانستان فإيران (للتسويق) وصولاً إلى منطقة الشرق الأوسط (مؤخراً)، وكان من المؤكد أن مشروعي السيل الشمالي والسيل الجنوبي سيكونان وسام الاستحقاق التاريخي على صدر فلاديمير بوتين من أجل عودة روسيا إلى المسرح العالمي ومن أجل إحكام السيطرة على الاقتصاد الأوروبي الذي سيعتمد لعقود على الغاز بديلاً من النفط أو بالتوازي معه ولكن بأولوية أكبر لصالح الأول. وهنا كان على واشنطن أن تسارع إلى تصميم مشروعها الموازي (نابوكو) لينافس المشروع الروسي على قسمة دولية على أساسها سيتعين القرن المقبل سياسياً واستراتيجياً.

يشكل الغاز فعلياً مادة الطاقة الرئيسة في القرن الواحد والعشرين سواء من حيث البديل الطاقي لتراجع احتياطي النفط عالمياً أو من حيث الطاقة النظيفة. ولهذا، فإن السيطرة على مناطق الاحتياطي (الغازي) في العالم يعتبر بالنسبة للقوى القديمة والحديثة أساس الصراع الدولي في تجلياته الإقليمية.

واضح أن روسيا قد قرأت الخارطة وتعلمت الدرس جيداً فسقوط الاتحاد السوفياتي كان بسبب غياب موارد الطاقة العالمية عن سيطرته، لتضخ إلى البنى الصناعية المال والطاقة، وبالتالي البقاء. ولذلك تعلمت أن لغة الطاقة القادمة إلى القرن الواحد والعشرين على الأقل هي لغة الغاز.

بقراءة أولية لخارطة الغاز نراها تتموضع في المناطق التالية من حيث الكم والقدرة على الوصول إلى مناطق الاستهلاك:

1. روسيا، انطلاقاً من فيبورغ (Vyborg) وبيري غوفيا (Beregovya).

2. الملحق الروسي: تركمانستان.

3. المحيط الروسي القريب والأبعد: أذربيجان وإيران.

4. المقنوص من روسيا: جورجيا.

5. منطقة شرق المتوسط (سورية ولبنان).

6. قطر ومصر.

على هذا سارعت موسكو للعمل على خطين استراتيجيين الأول التأسيس لقرن روسي – صيني (شنغهايي) يقوم على أساس النمو الاقتصادي لكتلة شنغهاي من ناحية والسيطرة على منابع الغاز من ناحية أخرى.

وبناء عليه، فقد أسست لمشروعين أولهما هو مشروع السيل الجنوبي وثانيهما هو مشروع السيل الشمالي وذلك في مواجهة مشروع أمريكي لاقتناص غاز البحر الأسود وغاز أذربيجان؛ وهو مشروع نابوكو.

سباق استراتيجي بين مشروعين للسيطرة على أوروبا من ناحية وعلى مصادر الغاز من ناحية أخرى:

• المشروع الأمريكي نابوكو: ومركزه آسيا الوسطى والبحر الأسود ومحيطه فيما موقعه المخزِّن هو (تركيا) ومساره منها إلى بلغاريا فرومانيا ثم هنغاريا فالتشيك وكرواتيا وسلوفانيا فإيطاليا. وكان من المقرر أن يمر باليونان، إلا أنه تم غض الطرف عن هذا كرمى لتركيا.

• المشروع الروسي في شقيه الشمالي والجنوبي والذي يقطع الطريق عبر التالي:

أ‌- السيل الشمالي: وينتقل من روسيا إلى ألمانيا مباشرة ومن فاينبرغ إلى ساسنيتز عبر بحر البلطيق دون المرور ببيلاروسيا، وهو ما خفف الضغط الأمريكي عليها.

ب‌- السل الجنوبي: ويمر من روسيا إلى البحر الأسود فبلغاريا ويتفرع إلى اليونان فجنوب إيطاليا وإلى هنغاريا فالنمسا.

المفروض أن مشروع نابوكو كان من المقرر أن يسابق المشروعين الروسيين إلا أن الأوضاع التقنية قد أخرت المشروع إلى عام 2017 بعد أن كان مقرراً عام 2014، مما جعل السباق محسوماً لصالح روسيا، في هذه المرحلة بالذات، ما يستدعي البحث عن مناطق دعم رديفة لكل من المشروعين وتتمثل في:

1) الغاز الإيراني الذي تصر الولايات المتحدة على أن يكون رديفاً لغاز نابوكو ليمر في خط مواز لغاز جورجيا (وإن أمكن أذربيجان) إلى نقطة التجمع في أرضروم (Erzurum) في تركيا.

2) غاز منطقة شرق المتوسط (إسرائيل ولبنان وسورية).

وبالقرار الذي اتخذته إيران ووقعت اتفاقياته لنقل الغاز عبر العراق إلى سورية في شهر تموز/يوليو 2011 تصبح سورية هي بؤرة منطقة التجميع والإنتاج بالتضافر مع الاحتياطي اللبناني، وهو فضاء استراتيجي – طاقي يُفتح لأول مرة جغرافياً من إيران إلى العراق إلى سورية فلبنان. وهو ما كان من الممنوعات وغير المسموح بها لسنين طويلة خلت؛ الأمر الذي يفسر حجم الصراع على سورية ولبنان في هذه المرحلة وبروز دور لفرنسا التي تعتبر منطقة شرق المتوسط منطقة نفوذ تاريخية ومصالح لا تموت، وهو دور ينسجم مع طبيعة الغياب الفرنسي منذ الحرب العالمية الثانية ما يعني أن فرنسا تريد أن يكون لها دور في عالم (الغاز) حيث اقتطعت لنفسها بوليصة تأمين صحي بخصوصه في ليبيا وتريد بوليصة تأمين على الحياة به في كل من سورية ولبنان.

في هذا الوقت تشعر تركيا أنها ستضيع في بحر صراع الغاز طالما أن مشروع نابوكو متأخر ومشروعا السيل الشمالي والسيل الجنوبي يستبعدانها وفيما غاز شرق المتوسط قد بات بعيداً من نفوذ نابوكو وبالتالي تركيا.

تاريخ اللعبة:

من أجل مشروع السيل الشمالي والسيل الجنوبي أسست موسكو شركة غازبروم في أوائل النصف الأول من تسعينيات القرن العشرين. واللافت أن ألمانيا التي تريد أن تخلع عنها أسوار ما بعد الحرب العالمية الثانية قد هيأت نفسها لتكون طرفاً وشريكاً لهذا المشروع، إن من حيث التأسيس أو من حيث مآل الأنبوب الشمالي أو من حيث مخازن السيل الجنوبي التي تقع في المحيط الجرماني وتحديداً النمسا.

* الفيلسوف و الجيوسياسي، رئيس مركز المعطيات و الدراسات الإستراتيجية دمشق، سوريا دكتوراة في الإبستمولوجية ، بكالوريوس الهندسة الالكترونية

***

http://www.voltairenet.org/squelettes/elements/images/logo-voltairenet-org.png

التسابق على الغاز في البحر المتوسط (الجزء الأول)
حوض المشرق وإسرائيل..... هل هناك توزيع جغرافي سياسي جديد؟

http://www.voltairenet.org/local/cache-vignettes/L300xH300/auton124557-f57a3.jpg
بقلم ف. ويليام إنغداهل

إن الاكتشاف المؤخر لطبقات كبيرة من الغاز والبترول في البحر الأبيض المتوسط الشرقي, قد غير بشكل جذري المعادلة الجيو سياسية في المنطقة وفي ماوراء البحار على السواء. فالفرصة متاحة لإسرائيل من أجل الانتقال من التبعية إلى السيادة في مجال الطاقة في الوقت الذي تطالب لبنان بدعم من واشنطن بجزء من هذا الغاز الموجود في مياهها الإقليمية. يبحث ويليام انغدال تعقيدات هذا التطور المفتاحي الذي هو بمثابة أحد الأسباب الأساسية لزعزعة الاستقرار في سورية من قبل قطر والدول الغربية.

http://www.voltairenet.org/local/cache-vignettes/L399xH290/Sans-titre-5-4-cce1b-35473-7b75c-ceb64.gif
بداية استثمار حقل الغاز الطبيعي في تامار حيث يتوجب عليه تأمين امداد اسرائيل بالغاز ابتداء من العام 2012

إن الاكتشافات الجديدة لطبقات من النفط والبترول ليست مهمة ولكنها واسعة النطاق فهي موجودة في جزء قلما استثمر سابقاً في البحر الأبيض المتوسط (بين اليونان وتركيا وقبرص وإسرائيل وسورية ولبنان). من شأن هذه الاكتشافات أن تتمكن المنطقة من أن تصبح "خليج فارسي جديد". كما كان هو الحال بالنسبة للخليج الفارسي "الآخر" فإن اكتشاف هذه الثروات من الهيدرو كاربور يمكن أن يشكل رديفاً جميلاً وجيداً لفتنة جيو سياسية رهيبة في المنطقة.

يمكن أن يتم استبدال الصراعات التاريخية في الشرق الأوسط بمعارك جديدة بهدف الحصول على موارد النفط والغاز في البحر المتوسط الشرقي وفي الحوض الشرقي وفي بحر إيجة, سندرس في بادئ الأمر نتائج ااكتشاف طبقة عملاقة بعيدة عن الساحل من الغاز والبترول على عرض إسرائيل . وفي مقال ثان سنرى التعقيدات الناجمة عن اكتشافات الغاز والبترول في بحر إيجة وبين قبرص وسورية وتركيا واليونان ولبنان.

ليفياتان إسرائيلي:

ما قلب الأمور رأساً على عقب, هو اكتشاف مذهل في منطقة يسميها علماء الجيولوجيا "حوض المشرق". ففي تشرين الأول من عام 2010 وجدت إسرائيل "طبقة عملاقة بعيدة عن الشاطئ من الغاز الطبيعي وذلك في منطقة تعتبرها منطقتها الاقتصادية الحصرية ZEE". يوجد هذا الاكتشاف على بعد 135 كلم غربي ميناء حيفا وعلى عمق 5 كم. يسمى هذا المخزون "ليفياتان" استناداً إلى الوحش البحري المذكور في التوراة. أعلنت ثلاث شركات أسرائيلية متخصصة بالطاقة و بالتعاون مع شركة من تكساس اسمها Noble Energy, أعلنوا عن التقديرات الأولى على ارتفاع مليارات من الأمتار المكعبة وذلك يجعل منه الاكتشاف الأهم للغاز في المياه العميقة في السنوات العشرة الأخيرة. هذه الاكتشافات شككت قليلاً في 450 نظرية لمالتوس حول "نقاس البترول" التي تدعي أن الكوكب على وشك أن يشهد نقصاً حاداً وأساسياً في مادة البترول والغاز والكربون. نستنتج من ذلك أن طبقة غاز ليفياتان ستشكل احتياطاً يكفي لتموين إسرائيل بالغاز لقرن من الزمن. [1]

لم يكن بالإمكان تصور أن تحظى الدولة الإسرائيلية باكتفاء ذاتي في الطاقة وذلك منذ تأسيسها عام 1948. أجريت عمليات بحث مهمة عن البترول والغاز ولمرات عديدة ولكنها لم تحقق أية نتائج. وعلى عكس جيرانها العرب الأغنياء بمصادر الطاقة, فإن إسرائيل ترى هذه الفرصة تضيع منها ولكن في عام 2009 اكتشفت شركة Noble Energy شريكة إسرائيل في التنقيب, اكتشفت في الحوض الشرقي طبقة تامار على بعد 80 كلم غربي ميناء حيفا و حوت قرابة 238 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي ذي الجودة العالية وبهذا فإن تامار هو بمثابة أكبر اكتشاف عالمي للغاز في عام 2009.

بفضل تامار تحسنت الإمكانيات بشكل كبير فبعد عام فقط قامت Noble Energy بأكبر اكتشاف لها منذ تأسيها قبل عشرات السنين مع ليفياتان في نفس الحوض الجيولوجي الشرقي. [2] وبهذا انتقلت إسرائيل بالنسبة لحاجتها لمادة الغاز من الفقر المدقع إلى الغنى الفاحش وذلك خلال أشهر قليلة.

مع اكتشاف كل من تامار أولاً ومن ثم ليفياتان بدأت إسرائيل بالتساؤل كيف ستصبح أمة تتصدر قائمة الدول المستخرجة للغاز الطبيعي. كما بدأت بالتساؤل كيف ستتمكن من حصد الضرائب على عائدات إنتاج النفط والغاز وذلك من أجل أن تشكل قاعدة متينة تستثمر مستقبلاً وعلى المدى البعيد. ( في الاقتصاد القومي على غرار الصين والعديد من البلاد العربية في منظمة الأوبيب). [3]

http://www.voltairenet.org/local/cache-vignettes/L400xH452/oilgas-lebanon-israel-400x4-781fd.jpg

أشار الناطق الرسمي لبرنامج موارد الطاقة في معهد الدراسات الجيولوجية في الولايات المتحدة USGS قائلاً: "توازي منطقة حوض المشرق كبرى مناطق الاستثمار حول العالم فمنابع الغاز فيها أضخم من كل ما تم اكتشافه في الولايات المتحدة ” [4]

ربما قد شعر هذا المعهد بأن هذه الاكتشافات الهائلة من الهيدرو كاربور يمكن أن تقلب رأساً على عقب المعادلات الجيو سياسية في المنطقة بأسرها, ولهذا فقد قدم تقدير أولي لاحتياطي النفط والغاز في منطقة البحر المتوسط الشرقي (يشمل حوض بحر إيجة الممتد على شواطئ اليونان وتركيا وقبرص وحوض المشرق الممتد على شواطئ لبنان وإسرائيل وسوريا وحوض النيل الممتد على الشواطئ المصرية). إنه لمن التلميح أن نقول أن نتائجهم مهمة.

باستناده إلى معطيات عمليات التنقيب السابقة وإلى الدراسات الجيولوجية في المنطقة, خلص المعهدUSGS إلى أنه " تقدر مصادر النفط والغاز في الحوض الشرقي ب 1.68 مليار برميل بترول وب 3450 مليار متر مكعب من الغاز". إلا أنه وبحسب التقديرات فإن "المنابع غير المكتشفة بعد من النفط والغاز في إقليم حوض النيل (يحده جزء صغير من النيل غرباً ومن الشمال بأجزاء ضيقة من بيتوس وقبرص من الشرق ويحده حوض الشرق من الجنوب), قدرت هذه الثروات بحوالي 1.76 مليار برميل من النفط و 6850 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي" .” [5]

قيم معهد USGS إجمالي البحر المتوسط الشرقي ب 9700 مليار متر مكعب من الغاز وب 3.4 مليار برميل من البترول وفجأة واجهت المنطقة جميع الصراعات الجديدة الممكنة وجميع التحديات الجيو سياسية.

لوضع هذه الأرقام في منظور مستقبلي يعتبر ال USGS فإن حوض سيبيريا الغربي وهو الحوض الأكبر من نوعه من الغاز, أنه يحوي 18200 مليار متر مكعب من الغاز. إضافة لذلك يمتلك كل من الشرق الأدنى و شمال أفريقيا عدة مناطق غنية بالغاز الطبيعي ويشمل ذلك حوض الربع الخالي الذي يحوي( 12062 مليار متر مكعب من الغاز) في الجنوب الغربي من السعودية وفي شمال اليمن وحول الغور شرقي السعودية (6427 مليار متر مكعب) وفي السلسلة المتموجة من زاكروس (6003 مليار متر مكعب) وعلى طول الخليج الفارسي في العراق وإيران. [6]

قبل بضعة أشهر كان الأمن القومي في إسرائيل يتركز على ضمان تموينها الخارجي وبالتالي على الانخفاض المقلق في انتاجها للغاز المنزلي. أضيفت إلى أزمة الطاقة تلك مظاهر ما يدعون أنه "الربيع العربي" الذي هز مصر وليبيا في بداية 2011 وسبب بسقوط الرئيس مبارك الذي كان نظامه يؤمن قرابة 40% من الغاز الطبيعي الإسرائيلي. يقترن هذا الأمر بازدياد منع تصدير الغاز من الأحزاب الإسلامية في مصر وبخاصة الأخوان المسلمين والحزب السلفي الأصولي "النور", إضافة إلى أن أنابيب الغاز التي تنقل الغاز المصري إلى إسرائيل باتت هدفاً لمحاولات عرقلة ومقاطعة مستمرة وآخر محاولة كانت في شهر شباط من العام الحالي في شمال سيناء. في هذه الظروف لا يسع إسرائيل إلا أن تكون متوترة بخصوص مستقبل أمنها في مجال الطاقة. . [7]

رد الفعل اللبناني يشحن توترات جديدة:

إن اكتشاف إسرائيل لمخزون ليفياتان على شواطئها فتح المجال مباشرة أمام صراع جيو سياسي جديد فقد أعلنت لبنان أن جزءً من حقل الغاز يقع في المياه الإقليمية لمنطقتها الاقتصادية الحصرية. أرسلت لبنان مطالبتها إلى الأمم المتحدة للحصول على دعمها وعلى هذا رد وزير الخارجية الإسرائيلي ليبرمان فقال: "لن نتخلى عن قطرة"

ما يهم في مشهد الطاقة في المتوسط هو أن إسرائيل حذت حذو الولايات المتحدة ولم تصادق إطلاقاً على معاهدة الأمم المتحدة في عام 1982 حول حق البحر الذي يمنح الحقوق العالمية بالثروات الكامنة تحت البحار. إن آبار استخراج إسرائيل لغاز منبع ليفياتان يوجد بوضوح في الأراضي الإسرائيلية وهو أمر لا تنكره لبنان ولكنها تعتبر أن الطبقة تمتد أيضاً تحت مياهها الإقليمية الخاصة بها. أكد حزب الله أن حقل الغاز تامار الذي سيبدأ بتأمين الغاز من الآن حتى نهاية العام, هو حقل ملك للبنان.

لم تضيع واشنطن وقتها لتلعب ورقتها السياسية والمتعلقة بالطاقة بخصوص النزاع على الغاز الطبيعي بين لبنان وإسرائيل. ففي تموز 2011 في الوقت الذي كانت إسرائيل تتحضر لرفع اقتراحها إلى الأمم المتحدة بخصوص الخط البحري الفاصل بين لبنان وإسرائيل, صرح فريديريك هوف, وهو ديبلوماسي أمريكي مكلف بملف سورية ولبنان, أن إدارته تدعم الملف اللبناني مضيفاً أن التوترات المتنامية ظهرت منذ بداية "الربيع العربي" بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بينيامين نتنياهو والرئيس أوباما . [8]

قام نتنياهو مؤخراً بتحريض الرجل الثامن الأكثر ثراء في الولايات المتحدة وهو صديقه المقرب ملياردير الملاهي الليلية في لاس فيغاس شيلدون أديلسون, حرضه على ضخ مباشر لملايين الدولارات في حملات الجمهوريين الانتخابية بمن فيهم نوت جينغريش وميت رومني. هذا الأمر يمثل تدخلاً إسرائيلياً غير مسبوق في حملة الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة وكل هذا بهدف محاولة منع ولاية ثانية يحصل عليها باراك أوباما. [9] ترتبط القضايا الجديدة بالتحكم بالاحتياطي الواسع من الطاقة المكتشفة على شواطئ إسرائيل ولبنان إضافة إلى شواطئ قبرص واليونان وتركيا الذي سيلعبون دوراً متنامياً في منطقة هي أصلاً إحدى أكثر المناطق تعقيداً في الكرة الأرضية على الصعيد السياسي.

nad-ali
04-04-2013, 12:46 PM
http://www.voltairenet.org/squelettes/elements/images/logo-voltairenet-org.png

الجولة الرابعة من الحوار الاستراتيجي الاقتصادي بين الصين والولايات المتحدة

أمريكا تبيع مصارفها للصين, وترفع قيمة اليوان

http://www.voltairenet.org/local/cache-vignettes/L300xH300/auton120333-91248.jpg
بقلم ألفردو خليفة رحمة

جرت أعمال الدورة الرابعة من المفاوضات بين الصين والولايات المتحدة في أجواء من الارتياح إثر تنازلات جديدة تم تقديمها من بيكين, تجلت في قيام الأخيرة باستثمارات مالية ضخمة في الولايات المتحدة, مقابل رفع قيمة الين أمام الدولار,طبقا لما كانت تطالب به واشنطن منذ زمن طويل. لكن هذا لايعني أن ننخدع في معاني هذه الأحداث, كما يرى ألفريدو خليفة رحمة.

فالصين لم تقبل هذه التضحيات كي تنصاع لمشيئة الولايات المتحدة, بل لتكبح جموحها الامبريالي. تستخدم الصين سلاحها المالي وسيولتها النقدية, من أجل تجريد واشنطن من عدوانيتها, في الوقت الذي تنوي فيه تأسيس منطقة تجارة حرة واسعة مع دول لاتزال تخضع للنفوذ الأمريكي كاليابان وكوريا الجنوبية.

http://www.voltairenet.org/local/cache-vignettes/L400xH300/1-3418-ad366-3-cc52b.jpg
الصين تنزع فتيل الولايات المتحدة من خلال فرض نفسها كضرورة لاقتصادهم. من اليسار إلى اليمين: وزير المالية تيموتي غيتنر. وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون, ونائب رئيس مجلس الوزراء وانغ كيشان ( بيجين 3 أيار-مايو 2012)

هو إذن اللقاء الرابع من أجل " حوار استراتيجي واقتصادي بين الولايات المتحدة والصين" [1] الذي انعقد في بكين يومي 3-4 أيار-مايو 2012. وهو بكل تأكيد, أهم قمة ثنائية في العالم, يمكن أن ينبثق عنها نتائج بالغة المعاني, تنبيء باانفراج واضح بعد مرحلة قاسية من تدهور العلاقات بين القوتين, حسب وصف موقع شاينا اكونومك" [2].

وعلى عكس الصحافة الأمريكية التي فضلت الصمت, فقد أبدت وسائل الاعلام الصينية أهمية بالغة إزاء الموضوع.

ثلاث وقائع ذات مغزى حصلت في تلك الأثناء:
1. وصول فلادي بوتين للمرة الثالثة إلى سدة الرئاسة, الأمر الذي من شأنه أن يخفف من ضغوطات الولايات المتحدة على الصين [3],في الوقت الذي لفت غياب "القيصر" انتباه الجميع عن قمة الثماني الكبار التي لم يعد لها أي فاعلية, مقابل قمة العشرين الكبار, الأكثر امتزاجا وتعدد أقطاب. ;
2. الاعلان عن مشروع معاهدة التبادل التجاري الحر بين أكبر ثلاث قوى اقتصادية في شمال غرب آسيا: الصين, واليابان, وكوريا الجنوبية [4] ;
3. كشف الدلاي لاما المستغرب بالتزامن مع هذه الأحداث عن مؤامرة لاغتياله [5] فهل سيكون بوسع الولايات المتحدة أن تبيع الدلاي لاما من أجل اليوان, علما أن قتله بهذ الشكل سيكون محرجا جدا للصين؟.

http://www.voltairenet.org/local/cache-vignettes/L400xH300/1-3415-4f99d-3-82da3.jpg
ما أن انتهى "الحوار الاستراتيجي الاقتصادي الرابع بين الولايات المتحدة والصين حتى أعلنت الأخيرة عن نيتها خلق منطقة تجارة حرة, من شأنها اخراج كوريا الجنوبية واليابان من دائرة النفوذ التي تخضعان لها. من اليسار إلى اليمين: رئيس جمهورية الصين, لي مونغ باك, ورئيس مجلس الوزراء وين جياوباو, ورئيس الوزراء الياباني يوشيكو نودا (بيجين, 13 أيار-مايو 2012)

لقد انبثق عن عمليات العطاءات في اللقاء الصيني-الأمريكي الرابع ثلاثة مقترحات جيو-مالية, تم تطبيقها فورا:
1. تسريع عملية رفع قيمة اليوان, الأمر الذي أثنى عليه تيموتي غيتنر, وزير الخزانة الأمريكي.;
2. منح "الاحتياط الفدرالي" الصين إذنا بتأسيس ثلاثة مصارف عمومية فوق الأراضي الأمريكية. وهي: :
• مصرف الصين الصناعي والتجاري, وهو المصرف الأكثر ازدهارا في العالم, والذي سبق له أن اشترى 80% من مصارف شرق آسيا الأمريكية, مع 13 فرعا في نيويورك وكاليفورنيا [6]
• مصرف الصين, الذي يأتي في المرتبة الثالثة من حيث أهميته, أذن له بافتتاح فرع في شيكاغو.,
• المصرف الزراعي الصيني, ترتيبه الرابع, سوف يفتتح فرعا في نيويورك.

http://www.voltairenet.org/local/cache-vignettes/L220xH317/1-3414-c04ab.jpg

3. التزام الصين من جديد بتخفيض نسبة الاحتياطي بشكل يتناسب مع ودائعها المصرفية ( بمعدل 50 نقطة أساس) وبشكل يسمح بضخ المزيد من السيولة في الأسواق [7].

هناك ما هو أفضل من ذلك كله. فقد سمح الاحتياط الفدرالي لسلسلة من الكيانات المالية الصينية ( المصرف الصناعي والتجاري الصيني, هيوجين المركزي للاستثمار, وصندوق الاستثمار السيادي الصيني كورب) بالعمل "كشركات مصرفية قابضة".

نحن لسنا الآن في زمن بوش حين منع, بدافع غطرسة السيادة الاقتصادية, شركة صينية حكومية للبترول من تملك مقر لها.

لاينبغي هنا التقليل من شأن انفتاح القطاع المالي الأمريكي ذي الاستراتيجية العالية, على القطاع المصرفي الصيني القوي جدا, على الرغم من رمزية الاجراءات المتخذة حتى الآن.

هل سينتهي المطاف بالمصارف الصينية في العاصمة مكسيكو, وبأمر من واشنطن, قبل أن تظهر أي بادرة وطنية عندنا في هذا الاتجاه؟ وهل سنشهد قريبا اقبال المصارف الصينية على شراء شركات أمريكية حسب مخطط تفكيك- حيازة؟ وهل هناك عمليات مقايضات جيو-سياسية حيكت من وراء الكواليس؟ [8].

ثمة موضوع آخر يجعل الولايات المتحدة تتقبل انفتاحا على نطاق واسع: رفع الحظر عن الصادرات التكنلوجية ذات الطابع المدني باتجاه الصين.

في المقابل, هناك متغيرات سياسية عميقة تجلت في قرار الصين بالسماح في الاستثمارات الأجنبية فوق أراضيها (وهي في الواقع لن تكون سوى أمريكية) بنسبة 49%.


ففي الوقت الذي هنأ الرئيس الصيني هو جينتاو, نفسه بنتائج اللقاء الرابع, بدت وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون أكثر من أي وقت مضى كالسائرة في نومها, حين طمأنت الغاضبين المذعورين من عودة الولايات المتحدة إلى الصين, بترديد أن واشنطن تتمنى رؤية صين قوية ومزدهرة ومتةفوق: هل يجرؤ أحد على الشك بذلك؟

وفي خضم مجاملات مشبوهة تنوس بين المنافسة والتعاون, فقد أفضى حل هذه العقدة السعيدة, بقيام وزير الدفاع الصيني ليانغ غوانغ لي, بعد تسع سنوات, وللمرة الأولى, بزيارة مرتجلة للبنتاغون.

في الوقت نفسه, ظهرت في وسائل الاعلام الكثير من ديباجات المديح للتعاون الثنائي, على حساب أنصار المنافسة إلى حدود الحرب الباردة, الذين هدأ من روعهم جيفري بادر, مستشار أوباما الاقتصادي سابقا لشؤون الصين وآسيا في مجلس الأمن القومي, ومؤلف كتاب " أوباما وصعود الصين: قصة داخلية لاستراتيجية الولايات المتحدة في آسيا" [9].

يرى جيفري بادر أن العلاقات بين الصين والولايات المتحدة تنسج خيوطها حول طاولة المفاوضات, وليس في ميادين القتال. وقد سار ثمانية رؤساء أمريكيين متعاقبين على هذا النهج, بدءا من نيكسون حتى الآن, وإن شاب ذلك النهج بعض التشوهات ( [10].

ويؤكد أن أوباما ليس استثناء, ويخلص إلى أن سياسته ترتكز على ثلاثة مباديء أساسية:
• الاعتراف بصعود الصين القوي, واحترام مصالحها المشروعة;
• الاصرار على المعايير الدولية واحترام القوانين التي من شأنها أن تؤطر هذا الصعود القوي.;
• توطيد هذا الاستقرار من خلال التحالفات الاقليمية والشراكة.

وبحسب رأيه, فإن العلاقات الثنائية شيء بمنتهى الحكمة, إذا أخذنا بعين الاعتبار تعاون الصينيين مع الولايات المتحدة في المسائل المتعلقة بكوريا الشمالية وايران, وأن تايوان لم تكن أبدا مصدر توتر, رغم أنها الموضوع الوحيد, الذي يمكن أن يكون نظريا, سببا للنزاع إلى حد معين, نظرا لأن بيع الأسلحة لتايوان يشكل تحريضا وعنصر فائق التوتر.

ويضيف موضحا بأن موضوع حقوق الانسان, والخلاف في بحر الجنوب, هي موضوعات مثيرة للغضب, وتشكل عائقا أمام التعاون.

من هنا تبرز مختلف التحديات. من صعود الصين خلال العقد الأخير من الزمن, وتعاظم دورها على الساحة الدولية, في مقابل ترنح الولايات المتحدة.

الفكرة الرائجة بأن الصين قد تجاوزت الولايات المتحدة, أو أنها ستتخطاها قريبا في قيادة بلدان أخرى, لاعلاقة لها, حسب رأيه, بالواقع العملي, لأن ثمة فجوة بين السلطة في الصين, ومستوى دخل الفرد.

وفي الواقع, فقد أعيدت العلاقات العسكرية بين البلدين أثناء الزيارة الماضية لوزير الدفاع روبرت غيتس, ومن غير المعقول أن يكون هناك سياسية أمريكية جديدة ترمي إلى احتواء الصين. لكنه يقر بمخاطر نشوب أزمة أمنية بين الولايات المتحدة والصين, انطلاقا من أن كل طرف يرصد خطوات الآخر التي يتخذها من أجل الدفاع عن نفسه على أنها عملا عدائيا ضده.

وبحسب المنطق الذي يسوقه, فإن عدم الثقة المتبادلة يمكن تخطيها ضمن إطار "الحوار الاستراتيجي الاقتصادي" [11].

http://www.voltairenet.org/local/cache-vignettes/L400xH300/1-3417-9040b-3-0e045.jpg
ليانغ غوانغ لي , وزير الدفاع الصيني, يرافقه وفد ضخم مؤلف من 24 جنرالا, قام بزيارة مرتجلة في 7 أيار-مايو 2012 للبنتاغون, بهدف نزع فتيل الصراعات مع الولايات المتحدة. تناولت المناقشات كورية الشمالية, والنزاعات في بحر الصين, والفضاء الالكتروني, والدفاع الصاروخي, والعمليات الانسانية.

أما برندان أوريللي [12] فيرى أن استراتيجية الصين تقوم على التنمية الاقتصادية والتكامل. وهكذا بلغ حجم التبادل التجاري 450 مليار دولار في السنة, والذي يشكل رقما قياسيا في تاريخ العلاقات الثنائية بين أي بلدين: لقد وضعت الصين تكتيكا حاذقا للرد على التفوق العسكري والسياسي للولايات المتحدة, من خلال تكامل واسع الطيف في كلا اقتصاد البلدين.

ويخلص أوريلي إلى نتيجة مفادها أن عدم قدرة الصين على بلوغ مستوى التفوق العسكري للولايات المتحدة في المدى المتوسط, جعلها تتطلع إلى تجريدها من أسلحتها, على مستوى التميز التكتيكي, عبر خلق حالة من التبعية الاقتصادية المتبادلة, وبشكل شبه كامل.

وبالتالي, تسعى الصين إلى إقامة نظام عالمي جديد يكون فيه النزاع السكري بين القوى العظمى فاقدا للصلاحية, تحت تأثير التكامل الاقتصادي. فهل ستتمكن من ذلك؟

* ألفردو خليفة رحمة
بروفيسور علوم سياسية وإجتماعية في الجامعة الوطنية المكسيكية المستقلة UNAM ينشر مقالات في السياسة العالمية في الصحيفة اليومية "لا جورنادا" والصحيفة الأسبوعيةكونترالينيا. آخر مؤلفاته "العالم الهجين المتعدد الأقطاب، مقاربة متعددة الأبعاد.


***

http://www.voltairenet.org/squelettes/elements/images/logo-voltairenet-org.png

ما بعد أمريكا


http://www.voltairenet.org/local/cache-vignettes/L300xH300/auton125414-14074.jpg
بقلم عماد فوزي شعيبي

في نهاية القرن العشرين كان الخبر الجيد هو انهيار الاتحاد السوفييتي كإمبراطورية تبسط سلطتها في أوروبا الوسطى, أما الخبر السيء فكان بقاء الولايات المتحدة الأمريكية كإمبراطورية تفرض سلطتها على أوروبا الغربية وأمريكا اللاتينية وعلى أجزاء أخرى من العالم. مما لاشك به أن نهضة روسيا وصحوة الصين أديا إلى نشوء نظام دولي جديد ستزول فيه إمبراطورية الولايات المتحدة البالية. ومنذ ذلك الحين بدأ الخبراء الاستراتيجيون يتساءلون حول كيفية الحد من مواجهات حتمية في الفترات المفصلية التالية. يرى الدكتور عماد شعيبي أن زعيما العالم الجديدان, ألا وهما بيجينغ وموسكو, يتصرفان بحذر لتفادي نشوب حرب عالمية ولكنهما يتحضران لنزاعات إقليمية دامية

http://www.voltairenet.org/local/cache-vignettes/L400xH266/228505-quoi-monde-serait-fait-advenant-80763.jpg

لم يعد الحديث عن ما بعد العصر الأمريكي نوعاً من فذلكة سياسية أو أمنيات. حينما كتبنا عن ذلك في كتابنا “النظام السياسي العالمي الجديد، 1991” كان ذلك من قبيل التحليل الاستباقي، ولم يكن ممكناً تصديقهُ، وربما غلف عدم التصديق ضروب من الرغبات أو ما يسمى بالعرف الإبستمولوجي “عقبة المعرفة الشائعة وممانعة التغيير”.

كنا آنذاك نفكر فيما ليس مفكراً به أو بالقطع الإبستمولوجي (Epistemological Rupture) أو ما يدعوه – لاحقاً – نسيم طالب (البجعة السوداء) أو ما يُدعى بالعرف الإداري (التفكير خارج الصندوق).

كنا وما زلنا نحذر من أن الدول الكبرى لا تحتضر على الفراش، وأن أخطر ما يمثل احتضارها أنها تمتلك أسلحة نووية وذكريات عظيمة لم تغب عن الذهن أو الذاكرة القريبة في التاريخ والاستراتيجيا ولم تُدفع إلى الذاكرة البعيدة.

لم يخفِ المسؤولون الصينيون والروس، كما لم يعد الأمر – حسب زبينجيو بريجنسكي – مجرد فورة صراحة، أن هبوط أمريكا وصعود الصين وروسيا قد أصبحاً أمرين حتميين. ولكن وبحسب (طبيعة الأشياء) فإن ليس لدولة كبرى أن تنكسر، وأقصى ما يجب أن يكون هو هزيمة بلا أفول أو بلغة أخرى أن (تتأرشف) تلك الدولة الكبرى.

ولكن – وكما ينصح المسؤولون الصينيون والأمريكيون – عليها ألا تنحدر بشكل سريع جداً. ورغم أن بريجنسكي يصادق على ما سبق، إلا أنه يعتقد أن ليس هنالك من احتمال أن يخلف الولايات المتحدة خليفة دولي بارز وحيد ولا حتى الصين، وهو أمر قد نصادق عليه مرحلياً، ونصادق على أن مرحلة من الفوضى العالمية وعدم اليقين الدولي قد زادت في سنة 2011 إلى حد الإنذار بفوضى عارمة. كما نرى أن هذا الإنذار يخشاه الأمريكيون كما كان يخشاه الروس والصينيون، إلا أن مغامرة أطراف كفرنسا وبضعة دول إقليمية باتت تخشى فقدان المكانة الإقليمية قد رفعت من مستوى احتمالات الفوضى، والواقع أن (الكبار - الأقوياء) يخشون الفوضى لكن (الكبار - الضعفاء) يراهنون أحياناً على الفوضى لإرباك الأقوياء على أمل الانسحاب من المشهد الدولي بأقل قدر من الخسائر.

اللافت أن التحول نحو نظام عالمي جديد تسارع في العامين (2011-2012) حتى أن المسافة التي فصلت بين إعلان الرئيس الروسي بوتين في مطلع عام 2012 عن أفول نجم القطب الواحد واستدراكه أن الدول الصاعدة ليست جاهزة بعد لاستلام زمام العالم، وبين الإعلان لاحقاً ،كانت مسافة زمنية قصيرة، وذلك عن مؤتمر دول البريكس وبدء تشكيل منظومة اقتصادية – بنكية جديدة (بنك البريكس) وارتفاع حدة ونبرة كل من روسيا والصين بما شكلّ تجاوزاً للفيتويين وأثرهما إلى حد قيادة الحراك الإقليمي في شرق المتوسط بما لا يدع مجالاً للشك بأن لا عودة إلى الماضي (الأمريكي) وربما لا (قسمة) فيها إلى الآن.

في هذا الوقت كان لإعلان أوباما مطلع 2012 استراتيجية أمريكا الجديدة التي تبقى في حالة حذر في شرق المتوسط، وكأنها تسلم بتبدل معايير القوة هناك، فيما تنتقل إلى محيط الصين لتسليحه،ويأتي تصريح الوزيرة كلينتون من أستراليا متابعةً للحديث عن (مكاسرة ما!) مع الصين، هو ما دفع الأخيرة للرد بأن أحداً لن يستطيع أن يمنع بزوغ فجر الصين.

وقد كان لهذين الإعلانين أن دفعا الصين لعدم الانتظار لعام 2016 حتى تعلن عن قوتها فإذا بها تتسارع في سبيل إعلان نظام يرونه - في التصريحات الروسية - متعدد الأقطاب، ونراه نظاماً عالمياً من محورين بأقطاب متعددة حول كل من المحورين، ولكنه سيكون محور الصاعدين ومحور الهابطين.

هذا الصراع الذي اشتد بات واضحاً أنه قد هز أركان الديبلوماسية الأمريكية التي اضطرت للإعلان عن الانسحاب، ولو اللفظي، من المواجهة، في شهر أبريل 2012 أن لا حرب باردة بينها وبين الصين، إثر لقاء جمع رئيس مجلس الدولة الصيني (الرجل الصيني) مع كوفي أنان ليبلغه أن الصين تعلم أنها مع روسيا أول دولتين في العالم وأن عليه أن ينسق معهما في إشارة بالغة الشدة إلى أن عنان الذي كان شاهداً على عالم القطب الواحد (1991 – مطلع القرن الواحد والعشرين) عليه أن يكون شاهداً على أفول ذلك العالم وأن قضايا شرق المتوسط قد آلت إلى موسكو وبكين.

ولكن واقع الحال أن واشنطن التي أضاعت عقداً في حرب، بدت كحرب النجوم بالنسبة للاتحاد السوفييتي، وهو ما أنهكها وحوّلها مع أزماتها الأخرى إلى أكبر دولة مدينة وقاب قوسين أو أدنى من الإفلاس، تعلن عن توجهها إلى محيط الصين في محاولة للعب في المحيطين الهندي-الهادي وتنسحب من هذا الإعلان بخفة تشعر المراقب أنها قد غدت - فعلا – بلا وهج الدولة الكبرى التي سرعان ما تخسر ثلثي قوتها عندما تستخدم تلك القوة التي خلقت للكبار –فقط- كي يلوحوا بها!.

وجه العالم يتغيّر، إنه النظام العالمي الذي تأخر تبلوره منذ سقوط الاتحاد السوفييتي، لكنه يتسارع في بلورة نفسه رغم أن بعضاً من قواه الجديدة لم تكن مهيأة لذلك، إلا أن الأحداث المتسارعة في منطقة الشرق الأوسط سرعان ما دفعتها إلى دخول لعبة (تنحية) الإرادات.. وبسرعة.

لكن النتائج المترتبة على صعود قوى جديدة وأفول قوى قديمة، كانت لتوها هي قائدة العالم كالولايات المتحدة الأمريكية، سرعان ما يلقي بظلاله على القوى الإقليمية وقد يهيئ لصراعات دامية قد لا تجد طريقاً إلى الحل إلا بعد بلورة النظام العالمي الجديد و(رضا) كل طرف بمكانته الجديدة!

nad-ali
04-04-2013, 12:47 PM
הארץ

الزمن الامريكي يعمل ضد اسرائيل: لي ـ أون هدار


الفكاهي الامريكي الشهير سي بلدكس أراد أغلب الظن أن ينتقد مدينة مولده غير الحبيبة عندما تسلى بفكرة ان يخط على الشاهد على قبره كلمات: ‘بالاجمال كنت افضل الان أن اكون في فيلدلفيا’. الشاهد على قبر بلدكس في كاليفورينا لم يحمل هذه الكتابة في النهاية، ولكن القول بقي مخطوطا في ذاكرة الناس، ولا سيما اذا وجدوا أنفسهم عالقين في موعد مغفل غير ناجح، في غرفة انتظار طبيب الاسنان أو اذا اضطروا لان يبقوا لاكثر من بضع دقائق مع ‘بيبي’ وتقديم ثناء لا نهاية له لسارة نتنياهو مثلما حصل للرئيس الامريكي براك اوباما.

ولكن أوباما، واضح للجميع، هو ‘Cool’ (حلو). فالرجل الذي ينجح في ادارة مفاوضات موضوعية على الميزانية مع الزعماء الجمهوريين الذين اتهموه بتمثيل ايديولوجيا يسارية متطرفة لن يبقي على ضغينة لممثل الجمهوريين في البلاد المقدسة، الذي حتى وقت أخير مضى عمل كمستشار انتخابي لميت رومني الذي أمل في صرف اوباما عن البيت الابيض.

من ناحية No Drama Obama، المصالح الامريكية في الشرق الاوسط ناهيك عن المصالح السياسية الخاصة به هو نفسه تفوق تأثير الكيمياء الشخصية السيئة التي تميز علاقاته مع رئيس الوزراء الاسرائيلي.

ومثل حماس مهني نجح الرئيس الامريكي في أن يوازن بين الشعلات الاسرائيلية والفلسطينية المتلظية في عروض النار الدبلوماسية والبيانية التي قدمها في اثناء زيارته الاخيرة في المنطقة وان يثير حماسة الجمهور الاسرائيلي من خلال الالتزام المزدوج الذي أعرب عنه سواء للفكرة الصهيونية أم للاماني الوطنية الفلسطينية.

ولكن من تحمس (او اغتاظ) لدعوة اوباما تحقيق حل الدولتين يجب أن يتذكر بانه منذ 1992 كان كل الرؤساء الامريكيين بمن فيهم جورج بوش الاب، الذي اشتبه بالعداء لاسرائيل، وبيل كلينتون وبوش الابن، اللذين لم يخفيا عطفهما على دولة اليهود ايدوا بالقطع اقامة دولة فلسطينية مستقلة الى جانب اسرائيل.

لقد كانت خطابية الرئيس إذن دراماتيكية، ولكن الرسالة التي تقدم بها لم تكن تاريخية بل بالاجمال تكرار للمواقف الامريكية الدارجة. ومن مع ذلك يتوقع من اوباما ان ينجح في أن يفعل ما لم ينجح فيه اسلافه، يجب أن يشرح لماذا ما لم يحصل في الفترة التي كان فيها استعداد اكبر في أوساط الاسرائيليين والفلسطينيين للوصول الى تسوية، ومكانة الولايات المتحدة في الشرق الاوسط لا تتزعزع سيحصل اليوم، عندما تكون الزعامة الاسرائيلية والفلسطينية عديمة القدرة على الموافقة على تنازلات ذات مغزى فيما أن قدرة الولايات المتحدة على التأثير على السياقات في المنطقة قد ضعفت جدا.

ان الهدف المركزي للاستراتيجية الامريكية اليوم هي تقليص كلفة تدخل الولايات المتحدة في الشرق الاوسط وتعويض التأثير السلبي للحربين في العراق وفي افغانستان على خلفية تطلعها الى تقليص في الميزانية العسكرية ونقل مركز الثقل العسكري والاقتصادي لها الى شرق آسيا.

ويفترض تقليص التواجد العسكري الامريكي في المنطقة كاستمرار للانسحاب من العراق ومن افغانستان وعدم القدرة على التأثير الكبير على السياقات التي خلقتها احداث الربيع العربي، يفترض تعزيز التعاون مع تركيا ودول الخليج، التي تتخذ صورة المرشحين الطبيعيين للدفاع عن المصالح الغربية في الهلال الخصيب (بما في ذلك سوريا) وفي الخليج الفارسي.

لقد كان السيناريو المثالي من ناحية الامريكيين دوما تسوية اسرائيلية عربية شاملة. ولما كان حل النزاع الاسرائيلي الفلسطيني لا يبدو قابلا للتنفيذ وسقوط النظام المؤيد للغرب في مصر هز هذه الاستراتيجية فلم يتبقَ للامريكيين الكثير من الخيارات باستثناء خلق انطباع بانهم يحاولون عمل شيء لحل النزاع، لمنع انتفاضة ثالثة، لمساعدة الاسرائيليين والاتراك على التسليم المتبادل بينهما ولمنع هجوم اسرائيلي على ايران.

من هنا فان منع التدهور الذي يمس اكثر في الدور الامريكي المهتز في المنطق هو السيناريو الاقل سوءا من ناحية ادارة اوباما. فمن ناحية ما هناك اسرائيل غير القادرة على التأثير المباشر على التغييرات السياسية الداخلية في دول المنطقة، لا يمكنها أن تؤدي دورا مركزيا في هذه السياسة الامريكية؛ ومن جهة اخرى، فان استمرار النزاع مع الفلسطينيين يعزز الميول المناهضة لامريكا في العالم العربي والاسلامي.

لا شك أن اوباما كان يريد أن يساعد اسرائيل على الوصول الى تسوية مع الفلسطينيين ليس فقط كي يحث الى الامام الاستراتيجية الامريكية، بل وايضا انطلاقا من التخوف العميق الذي يشارك فيه يهود امريكيون كثيرون ممن يؤيدوه، فان استمرار الاحتلال سيضعف في المدى البعيد مكانة اسرائيل في الولايات المتحدة. نتائج الاستطلاع الذي أجراه معهد البحوث ‘بيو’ وأبرزتها وسائل الاعلام الاسرائيلية أظهرت بان 49 في المائة من الامريكيين يؤيدون اسرائيل، مقابل 12 في المائة يؤيدون الفلسطينيين. ولكن كانت فيها ايضا نتائج ينبغي أن تقلق مؤيدي اسرائيل ايضا.

فمثلا، بينما كان 66 في المائة من الجمهوريين يؤيدون اسرائيل فان المعدل في اوساط الديمقراطيين هو 39 في المائة فقط. وفي أوساط الشباب من 30 سنة فما دون ينخفض التأييد في اسرائيل الى 36 في المائة، و 19 منهم يؤيدون الفلسطينيين. 34 في المائة من الشباب تحت سن 30 لا يتماثلون مع اي طرف.

المؤيد المميز لاسرائيل هو بروتستانتي، جمهوري وكبير السن. استطلاع ‘بيو’ لم يفحص مواقف السود والهسبانيين. ولكن استطلاعات اخرى تبين أن التأييد لاسرائيل في أوساطهم اقل منه في اوساط الناخبين البيض. واذا أخرجنا من الصورة اليهود المؤيدين للديمقراطيين، فان الصورة الديمغرافية لمن يعبرون عن الانخفاض في التأييد لاسرائيل أو عدم الاهتمام بالنزاع الاسرائيلي الفلسطيني، ديمقراطيين، شباب، غير بيض، تشبه جدا صورة من شكلوا الائتلاف الانتخابي الذي أدى الى انتصار اوباما في الانتخابات الاخيرة، وهم ايضا اولئك الذين يفترض بقوتهم السياسية أن تتعزز في السنوات القريبة القادمة.

من هذه الناحية يمكن أن نرى في زيارة اوباما وفي محاولة الوعد بتسوية مع الفلسطينيين جزءا من المساعي لمنع اتساع الفجوة السياسية الثقافية بين اسرائيل وأمريكا الجديدة. اوباما كان يفضل ربما ان يقضي زمنا اقل مع ‘بيبي’. من سيجلس في البيت الابيض في المستقبل غير البعيد كفيل بان يفضل ان يقضي زمنا أقل في اسرائيل.

محلل كبير في شركة استشارات جغرافية استراتيجية في واشنطن

nad-ali
04-04-2013, 12:47 PM
عمد من أعمدة الستراتيجيا، وتذكير لمن نسي ونقطة انطلاق لمن أراد أن يصفّ نقاط الارتكاز:

قام السيد حسن نصر الله في ذكرى شهداء حزب الله الواقع في 16 شباط 2013 بالرد على الذين يعتقدن أن باستطاعتهم الأعتداء على لبنان خلال الأزمة السورية.

السيد نصرالله يهدد باغراق اسرائيل في الظلام
http://www.youtube.com/watch?v=UdqMTY9M5Ms

nad-ali
11-04-2013, 09:23 PM
BBc
هل دقت ساعة ايران ؟



بعد ان اختتمت المحادثات في الما آتا أعمالها دون التوصل الى اتفاق او حتى تحديد موعد اخر للاجتماع من جديد، لم تجد كاثرين اشتون مسؤولة السياسات الخارجية في الاتحاد الاوروبي سوى تعبير “سأتصل بكم قريبا” لوصف ما الت اليه المحادثات وتعبيرا منها عن اتصالها القادم مع ايران.

لكن هل يكفي ذلك لتخفيف حدة القلق المتنامي بشأن البرنامج النووي لايران وتحصين عقوبات اكثر صرامة؟

قال علي فايز، وهو محلل ايراني بارز لدى المجموعة الدولية للأزمات، إن ما حدث في الما آتا “إخفاق آخر للجهود الدبلوماسية ربما يعمل على تمديد اجل الجمود وزيادة الثمن الذي ستتحمله الاطراف من اجل التسوية.”

ويبدو ان ايران والقوى الست اتفقت على ارضية مشتركة بشأن العزوف عن التوصل الى حل للازمة من خلال المفاوضات.

كما اصبح الوقت الآن ليس في صالحهم الى جانب تحذير ادلى به وزير الخارجية الامريكي جون كيري يقول إن المحادثات لا يمكن ان تستمر الى الابد.

واشار الى سرعة العمل النووي لايران والتهديدات العسكرية الاسرائيلية وتعزيز العقوبات الى جانب المفاوضات.

بناء الثقة

قال مسؤول امريكي بارز في الما آتا “نأمل في ان تجتمع ايران والقوى الست مرة اخرى لاستئناف حوارنا”، مشيرا الى الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الامن وألمانيا، المعنية بالملف النووي.

ولم يستبعد المسؤول جولة اخرى قبل الانتخابات الرئاسية في يونيو/حزيران، ومن الواضح للعيان ان هذه الجولة الاخيرة تضمنت مفاوضات اكثر من ذي قبل.

واضاف المسؤول الامريكي البارز “زملائي، بعضهم يفعل ذلك لعشر سنوات، لم يشهدوا على اي شئ مثل ذلك.”

لكن ما لم تحصل عليه القوى العالمية هو ما كانوا يقولون بشأنه انهم بحاجة الى احراز اي تقدم، او اي استجابة ملموسة وشاملة من جانب ايران لحزمتهم “العادلة والمتوازنة” التي سبق وجرى طرحها على الطاولة في الما اتا في فبراير/شباط.

ويلقى بالمسؤولية على ايران اولا فيما يتعلق ببناء الثقة، غير ان كبير المفاوضين الايرانيين سعيد جليلي اصر على ان “بناء الثقة درب ثنائي (الاتجاه).”

ثقة قليلة

تقول مصادر ان ايران مستعدة لوقف تخصيب اليورانيوم بنسبة 20 في المئة ولكن في مقابل رفع تام لكافة العقوبات، وهي خطوة لن يتخذها المجتمع الدولي.

وتبرز المحادثات مع المسؤولين الايرانيين ايضا الحاجة الى وضوح “نهاية اللعبة”.

ماذا ستكون الملامح النهائية للبرنامج النووي الايراني وحجم العقوبات حال توقف بعض اكثر انشطتها النووية حساسية؟

يلزم ان تدرك ايران ان ما تعتبره “حقا اصيلا ” لتخصيب اليورانيوم” يجري في ظل معاهدة منع الانتشار النووي.

ويختلف الدبلوماسيون الغربيون بشأن تفسيرات ايران، كما يقولون ايضا انه يتعين على الوكالة الدولية للطاقة الذرية ان تشهد بان البرنامج النووي الايراني سلمي تماما وهو ما تعجز عن اثباته حتى الان.

وما زال هناك انعدام ثقة لدى الطرفين والكثير من انعدام المرونة.

سيناريوهات مختلفة

اعترف احد الدبلوماسيين الغربيين واصفا باحباط المفاوضات بانها “مسرح سياسي” قائلا “لايستطيع وفد ايران ان يعود الى وطنه ويقول انه طرح جيد. ربما يرغب جليلي في اتفاق لكن الزعيم الروحي لايراني اية الله علي خامنئي هو المسيطر على مقاليد الامور.”

ففي هذه المسرح يقرأ الطرفان من سيناريو مختلف، ويؤدون ادوارهما امام جمهور محلي، وقال جليلي ان القوى الست اضطرت الى العودة الى عواصمها لتقييم “الخطة الايرانية المقترحة”، مشيرا ضمنا ان الكرة الان في ملعب الطرف الاخر.

وقال المسؤول الامريكي البارز “جميعنا يحتاج الى تقدير ما ينبغي ان تكون عليه الخطوات القادمة في هذه العملية والتفكير من حيث كيفية احراز تقدم فعال.”

ويعقد بعض الخبراء الامل على احتمال تحقيق ايران تقدم بأفكار جديدة بعد انتهاء الانتخابات الهامة.

اسرائيل تراقب النار

قال بيان صادر من يوفال شتاينتز، وزير الشؤون الاستراتيجية الاسرائيلي، “حان وقت العالم كي يتخذ موقفا اكثر حزما وان يوضح للايرانيين دون لبس او غموض ان لعبة المفاوضات ستنتهي بطريقة طبيعية.”

وقالت مصادر غربية واسرائيلية ان اسرائيل تراقب النار حاليا بعيدا عن الانتقادات الشفهية.

وقال احد المسؤولين الغربيين ان طهران حاليا “حريصة جدا” فيما يتعلق ببرنامجها النووي. لقد اكدت مؤخرا انها استئنفت تحويل اليورانيوم متوسط التخصيب الى وقود اكسيدي لتقليل نمو مخزونها.

وعلى جبهة العقوبات ما زال الكثير منها معلقا.

وأكد علي فايز ان “الرئيس الامريكي لا يستطيع الدفع بعقوبات ان حققت لدبلوماسية اي خطوة.”

لكن القوى العالمية، التي تختلف بشدة ازاء ازمات طاحنة مثل سوريا، ما زالت تتقاسم أرضية مشتركة عندما يتعلق الامر بايران.

nad-ali
11-04-2013, 09:26 PM
الخميس, أبريل 11, 2013

الرئيس الصيني : سندخل في حرب مدمرة ضد الولايات المتحدة إذا ما هاجمت إيران




كشفت برقية مسربة من الخارجية الأمريكية أن الرئيس الصيني هوجين تاو كان قد أبلغ نظيره الروسي أنذاك ديمتري ميدفيديف،و رئيس حكومته فلاديمير بوتين أن الصين لن تتردد لحظة واحدة في الدخول في حرب ضد الولايات المتحدة إذا ما تجرأت هذه الأخيرة على مهاجمة إيران.

و تقول البرقية السرية التي نشرتها صحف أمريكية إن بكين أبلغت موسكو أن الدخول في حرب عاجلة ضد الولايات المتحدة هو السبيل الوحيد لوقف المغامرات الأمريكية وفق تعبير هوجين تاو.

الوثيقة المسربة تقول أيضا أن البحرية الصينية وضعت في حالة تأهب قصوى،ما جعل الولايات المتحدة تتراجع عن خطط سرية كانت قد وضعتها للهجوم على إيران،بعد أن تناهى إلى علمها أن الرئيس الصيني أبلغ نظيره الروسي قائلا : “سندخل ضد الأمريكيين في حرب مدمرة فورا حتى و إن قادنا الأمر نحو حرب عالمية ثالثة”.

http://addaronline.com/detail.cfm?id=23789
*
*

nad-ali
17-04-2013, 05:00 PM
الحكم بإخلاء سبيل مبارك في قضية قتل المتظاهرين

بلغت فترة حبس الرئيس السابق احتياطياً على ذمة التحقيق في قتل المتظاهرين عامين

الاثنين 4 جمادي الثاني 1434هـ - 15 أبريل 2013م


http://dam.alarabiya.net/images/0e565399-6426-49ac-b4c3-9e2f0e2d8037/600/338/1?x=0&y=0

قناة العربية -
أفاد مراسل "العربية" بأن المحكمة قررت، الاثنين، إخلاء سبيل الرئيس المصري السابق حسني مبارك في قضية قتل المتظاهرين، ما لم يكن محبوساً على ذمة قضايا أخرى، فيما لم يصدر القاضي قراره حتى اللحظة بالإفراج عن مبارك.

وكان مبارك وصل في وقت سابق اليوم إلى أكاديمية الشرطة لحضور جلسة نظر التظلم الذي قدمه لإخلاء سبيله على ذمة إعادة محاكمته.

وقالت مراسلة "العربية" في القاهرة، إن محكمة الاستئناف حددت دائرة التجمع الخامس، التي يرأسها المستشار محمد رضا شوكت، للنظر اليوم الاثنين، في الطلب الذي قدمه، فريد الديب، محامي الرئيس المخلوع، حسني مبارك، بالإفراج عنه، على ذمة إعادة محاكمته أمام محكمة جنايات جنوب القاهرة المنعقدة بأكاديمية الشرطة، عقب فترة الحبس الاحتياطي.

وأشارت المذكرة المقدمة من محامي الرئيس السابق، إلى أن فترة حبسه الاحتياطي على ذمة قضية قتل المتظاهرين والفساد المالي، بدأت اعتبارا من أبريل/ نيسان 2011 وبمرور عامين على القضية، يتحتم إخلاء سبيله إعمالا لحكم القانون.

وكان رئيس محكمة جنايات القاهرة قرر في الجلسة الأولى لإعادة محاكمة مبارك، التي انعقدت السبت، إحالة ملف المحاكمة إلى محكمة استئناف القاهرة لـ"استشعار الحرج".


http://www.alarabiya.net/ar/arab-and...A8%D9%82-.html (http://www.alarabiya.net/ar/arab-and-world/egypt/2013/04/15/%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B6%D8%A7%D8%A1-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B5%D8%B1%D9%8A-%D9%8A%D9%86%D8%B8%D8%B1-%D8%B7%D9%84%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%81%D8%B1%D8%A7%D8%AC-%D8%B9%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A6%D9%8A%D8%B3-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%A7%D8%A8%D9%82-.html)

nad-ali
17-04-2013, 05:01 PM
http://www.alahednews.com.lb/desimages/jimages/anws.png

إرتباك ’القاعدة’ وحساباته الاستراتيجية؟



بغداد ـ عادل الجبوري

لم تصمد القراءة السريعة والمتسرعة من قبل بعض أصحاب الرأي بشأن إعلان زعيم ما يسمى بـ”دولة العراق الاسلامية” ابو بكر البغدادي دمج هذا التنظيم مع تنظيم “جبهة النصرة” في سوريا تحت مسمى “الدولة الاسلامية في العراق والشام”، لأن جبهة “النصرة” لم تنتظر طويلاً، ولم تذهب الى القنوات السريّة لبحث ودراسة دلالات دعوة ـ او قرار ـ البغدادي، وإنما أعلنت عبر تسجيل صوتي على شبكة الإنترنت وبلسان زعيمها أبو محمد الجولاني مبايعتها لزعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري على السمع والطاعة والخضوع، وكان ذلك ابلغ وأسرع رد على خطوة الدمج.

وأقر الجولاني أن جبهة “النصرة” حظيت بدعم ومساندة “دولة العراق الاسلامية” في بدايات ما أسماه بالثورة السورية، في الوقت الذي اعتبر البغدادي ان الجولاني عين زعيما لجناح تنظيم القاعدة في سوريا من قبل مجلس شورى “دولة العراق الاسلامية”.

وفي مقابل عدم صمود القراءة السريعة والمتسرعة التي ذهبت الى أن توحيد جناحي تنظيم القاعدة في كل من العراق وسوريا يمثل مؤشراً واضحاً على أن التغيير سيسير بصورة متوازية في كلا البلدين، في مقابل ذلك هناك قراءة أخرى مغايرة تماما تشير إلى اختلاف في المواقف بين جناحي التنظيم وهذه ملامحها ومعالمها الأولية.

وأبرز معطيات هذه القراءة:

ـ وجود، إن لم نقل صراع، فإنه خلاف واختلاف كبيران، لهما خلفيات سابقة بين زعامات تنظيم القاعدة في كل من العراق وسوريا، لا يبدو انهما يتعلقان بالخطط والاستراتيجيات العامة بقدر ما يتمحوران حول الإمساك بتلابيب السلطة والقرار والزعامة.

ـ تعدد واختلاف الارتباطات والأجندات الخارجية لكل من الجناحين، بحيث إن تقاطعات واختلافات الأطراف الخارجية ـ السعودية وتركيا وقطر ـ ربما تكون قد ألقت بظلالها على واقع العلاقات بين جناحي التنظيم.

ـ الضربات التي تعرض لها تنظيم جبهة “النصرة” في سوريا، وازدياد حدة الخلافات مع القوى المعارضة الاخرى، لا سيما الجيش السوري الحر، الى جانب استعادته جزءا من زمام المبادرة في العراق، ربما شجعت تنظيم “دولة العراق الاسلامية” على السعي لوضع جبهة “النصرة” تحت مظلتة.

ـ غياب القيادة المركزية والمؤثرة والقوية لتنظيم القاعدة بعد مقتل زعيمه أسامة بن لادن مطلع شهر ايار/مايو من عام 2011 في باكستان على أيدي القوات الاميركية، وهو ما شجع بعض أجنحة التنظيم على التجرؤ للتوسع والهيمنة على اجنحة اخرى للتنظيم.

ـ القلق المتنامي لبعض قيادات وأجنحة تنظيم القاعدة من تنامي نفوذ تيار الإخوان المسلمين، خصوصا بعد نجاحه في تبوؤ مواقع الصدارة في أكثر من بلد عربي كواحدة من نتائج ثورات الربيع العربي، كما هو الحال بين مصر وتونس.

ويزداد ذلك القلق بتحول بوصلة الدعم والتأييد لأطراف اقليمية فاعلة ومؤثرة كالعربية السعودية من خلال رفع يدها عن مساندة التوجه الاسلامي واتجاهها لمساندة التوجه العلماني بدفع وضغط من قوى دولية في مقدمتها الولايات المتحدة الاميركية.

واذا اعتبرنا ان خطوة البغدادي، سواء كانت شخصية أو حصيلة قرار شورَوي، بأنها كانت مرتبكة، لم تخرج عن كونها تخبطاً غير مدروس، فإن ذلك الارتباك لم يأت من فراغ، وإنما افرزته ارتباكات في مستويات أخرى، من بينها الارتباك على مستوى ادارة وتوجيه ومسارات الأزمة في العراق بين متظاهري المحافظات الغربية من جهة والحكومة العراقية من جهة اخرى، وهو ما عبرت عنه بوضوح الانشقاقات والتصدعات في الجبهة السنية على الصعيد السياسي والعشائري معا، ومن بينها ايضا التصدعات وتقاطع المواقف بين قوى المعارضة السورية، وكانت محاولة اغتيال قائد الجيش السوري الحر العقيد رياض الأسعد من أبرز مؤشراتها، اضافة الى معارضة بعض القوى تعيين الكردي المقرب من تيار الإخوان المسلمين غسان هيتو رئيسا للحكومة السورية في المنفى، والمستوى الآخر للارتباكات هو خروج السعودية من محور انقرة ـ الدوحة ـ الرياض الداعم للتغييرات السياسية في المنطقة لمصلحة صعود التيار الاسلامي السني المتشدد، وإضعاف ومحاصرة التيار الشيعي في العراق وإيران ولبنان والبحرين ومواقع اخرى.

والسؤال هنا هو: هل الاختلاف او الخلاف بين جناحي تنظيم القاعدة في سوريا والعراق هو الأول من نوعه؟

بالطبع إنه ليس الأول من نوعه، وإن تنظيم القاعدة مثله مثل أي تنظيم سياسي اخر عرضة للتصدعات والانشقاقات والاختلافات، لا سيما ارتباطا بحقيقة سعة التنظيم وامتداداته الكبيرة وتنوع ظروف وأوضاع الساحات التي يتحرك وينشط فيها؟

بيد ان ذلك لا يعني بداية النهاية للتنظيم، ولا حتى لجناحيه في سوريا والعراق، ولا احتراق اوراقه، فوجود ارتباكات لا يعني انهياراً كاملاً، وبروز خلافات واختلافات لا يعكس وجود اشكالية حقيقية لدى التنظيم، ولا غياباً للأهداف والرؤى الاستراتيجية. وقبل أربعة اعوام تقريبا سرب تنظيم القاعدة معلومات عن استراتيجية ومراحل عمله، والتي تمثلت بما يلي:

الاولى: قيادة دولة العراق وجعل المجاميع المسلحة في العراق تحت خيمة عمله العسكري، او بحسب تعبيره ” قيادة زمام الجهاد بعد خروج المحتل”.

الثانية: قتال شيعة العراق وبعض القوى المرتدة، مثل الجهات السنية المشاركة في الحكم كالحزب الاسلامي العراقي وتيارات اخرى، حتى تطهير أرض العراق منهم.

الثالثة: استلام الحكم في العراق وإدارة الصراع عقائديا وسياسيا مع الشيعة.

ووفق ما جاء في التقارير تقوم استراتيجية القاعدة بعد انجاز المراحل الثلاث على اعادة الخلافة الاسلامية للعراق وجعله منطلقا لإسقاط حكومات دول المنطقة، وقد جاء في نص بيان صدر في بداية شهر نيسان/ابريل من عام 2007 “اقامة اول حكومة اسلامية في المنطقة منذ سقوط الخلافة العثمانية قبل قرنٍ من الزمان لتخليص المسلمين من حكم الطاغوت الذي حكم ديارهم بالحديد والنار، ولإرجاع الشعوب الاسلامية المقهورة الي دينها وشرع ربها”.

nad-ali
17-04-2013, 05:03 PM
صفقة أميركية سعودية يتخللها شرط مفاجئ ومحرج!
http://www.alalam.ir/news/1464607
قال مسؤول إقتصادي أميركي سابق إن الولايات المتحدة الأميركية إتفقت مع السعودية أن تمدها الرياض بالنفط بأسعار بخسة وسد النقص في حال تم فرض حظر نفطي عليها من قبل اي دولة من الاوبك، مقابل ضمان بقاء عائلة آل سعود في الحكم أطول فترة ممكنة وحمايتهم. وذكر أن أحد الأمراء كان لديه شرطا إضافيا محرجا ومفاجئا في هدا المجال(...!!).
المسؤول الأميركي جون بيركنس في مقابلة مع قناة روسيا اليوم تحدث عن تفاصيل هذا الموضوع.
قال بيركنس: إلتقيت أحد المسؤولين الكبار في الخزانة الأميركية وقال لي "نحن لا نستطيع السماح للأوبك بإبتزازنا، وعليك الذهاب مع موظفيك الى السعودية وعليكم أن تضمنوا عدم تكرار إستخدام الحظر النفطي ضدنا وبالفعل فقد عانت الولايات المتحدة معاناة شديدة بسبب الحظر النفطي"، في اشارة الى الحظر النفطي الذي تعرضت له أميركا من قبل الدول العربية في عهد الملك فيصل.

nad-ali
24-04-2013, 10:42 PM
http://www.alhejazi.net/common/banner.jpg

دولة الوصاية

الوصاية في العرف السعودي القبلي والسياسي لا يبطن مجرد الشعور بالفوقية والتميّز، رغم أنه شعور عميق لدى أمراء آل سعود، ولكنها تعني أيضاً نزعة الاستحواذ المستفحلة لدى الأمراء، الى درجة تجعل من بسط اليد وفرض السيطرة على كل ما يمكن الوصل اليه من مال وأرض وعقار وبستان ثم تعلو ذلك الى حكومات ودول عادة جارية و متوارثة..
مثال بسيط لتوضيح ذلك: حين نتأمل عميقاَ في الخلافات الحدودية بين المملكة السعودية والدول المجاورة لها: اليمن، العراق، الكويت، الامارات، قطر، البحرين، عمان، الاردن، لا تجد هناك ما يستحق بقاء ملف الاتفاقات الحدودية عالقاً لعقود طويلة سوى إصرار آل سعود على حقوق مزعومة لهم داخل أراضي هذه الدول، ولذلك تبقى الاتفاقات بدون حسم، وقد تتعطل مشاريع استثمارية وربما تلغى بسبب رفض اعتراف آل سعود بحق هذه الدولة وتلك في العمل على هذه البقعة أو تلك..رغم أن الخلاف قد لا يتجاوز قطعة أرض صغيرة أو لا يستحق هذا القدر من التعطيل الطويل الأمد..
القضية لا تقتصر على مجرد خلاف حدودي، ولكنها النزعة الوصائية التي تعبّر عن نفسها في التعطيل، والخلاف، والإلغاء..فهناك عشرات الأمثلة على خلافات بين السعودية والامارات على واحة البريمي، أدّت الى تعطيل مشروع مد جسر حيوي بين الامارات وقطر بحجة أنه يتجاوز على السيادة السعودية، وقد تابع كثيرون خلاف مركز الخفوس الحدودي مع قطر في العام 1992، والذي أدى الى مقتل شخص من حرس الحدود القطرية وجرح إثنين آخرين، كما عطّلت السعودية مشاريع استثمار بترولية في اليمن بسبب الخلاف الحدودي، وكذلك الحال مع الكويت، وما نجم عنها من انقسامات ومصادرات للأراضي حتى أن بعض المواطنين الكويتيين وجدوا أنفسهم داخل الأراضي السعودية بعد أن كانوا في وقت سابق يعيشون داخل الحدود الكويتية، بسبب المصادرة السعودية..
حين ننتقل من الحدود الى السياسة، تتجلى نزعة الوصاية في أبشع صورها، فآل سعود يعتقدون بأن لهم حقوقاً إستثنائية تجعلهم أوصياء على هذه الأمة، ويتصرّفون كما لو أن شعوب الشرق الأوسط ودوله رهن إشارتهم، ولا يجوز لهم التصرّف دون كسب رضاهم..وهنا نستحضر السبب الجوهري في الخلاف المكتوم بين الرياض والدوحة، وهو خلاف لا يتعدى فكرة الوصاية، التي تمرّدت عليها القيادة القطرية وصارت تتصرف كما لو أنها ندُّ أو منافس لآل سعود في هذا الصدد..ومشكلة القطريين أنهم باتوا يلعبون نفس اللعبة السعودية في الوصاية، منذ تمرّدوا على (الشقيقة الكبرى) بعد حرب الخليج الثانية، وتوقيع اتفاقية الدفاع المشتركة مع الولايات المتحدة التي حرّرت الدوحة من (الوصاية) السعودية، ونقلت الوصاية الى واشنطن، مع هامش تحرّك أوسع..
في مصر، إبان عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك، كانت السعودية قد فرضت وصاية متقنة عبر المساعدات التي تقدّمها، ونجح مبارك في ضبط التيارات السياسية الدينية والعلمانية لفترة طويلة، ولكّنه أصيب بعدوى الوصاية فقرر اعتماد مبدأ التوريث، فأودى بحياة نظامه السياسي، وحين رفض نظام ما بعد ثورة 25 يناير شروط الوصاية السعودية، بقيت مصر تعاني من أزمات اقتصادية، وصدامات طائفية وفلتان أمني، وتجييش مذهبي غير مسبوق، يقوده التيار السلفي المرتبط بالسعودية..تقول للمصريين لا مساعدات بدون وصاية، وسوف تبقى مصر هكذا أمام خطر الافلاس الاقتصادي طالما رفضت الخضوع لمبدأ الوصاية..
في اليمن، تبدو الوصاية السعودية أقبح مما نتوقع، فقد سلبت منها ليس مجرد السيادة، بل حتى الكرامة والعزّة، وصار المال السعودي ينطق على ألسنة الطبقة الحاكمة من مدنيين وعسكريين وأمنيين، وحتى زعماء القبائل، وقادة الاحزاب، والجمعيات، والمعاهد الدينية، والمراكز..يخبر اليمنيون بمرارة أنهم لا يشعرون بوجود دولة يمنية مستقلة، بل هي خاضعة بكامل مؤسساتها السياسية والامنية والعسكرية والخدمية للوصاية السعودية..
رفض الأردن الاستجابة لشروط الوصاية السعودية حين طلب منه فتح الحدود مع سوريا لدخول المسلّحين، واكتفى في فترات سابقة بمجرد الدعم اللوجستي والانساني، وتزايدت الضغوطات الاقتصادية عليه، وأصبح الملك نفسه هدفاً لشعارات المتظاهرين، فقرر النزول عند رغبة السعودية بالحصول على مساعدات اقتصادية بقيمة 4 مليارات دولار بشرط تسهيل مرور المقاتلين الى داخل سوريا..فاختار ملك الأردن اللعبة المزدوجة: تسهيل المقاتلين من جهة، وإبلاغ المخابرات السورية عن طرق تسلّلهم من جهة ثانية.
يتحدث العراقيون عن أموال سعودية تتدفق الآن على المرشّحين للانتخابات، وترّد الجماعات المرتبطة بآل سعود بالسلاح على السياسة، وعلى طريقة الصبيان في ملاعب الهواة (إما ألعب أو أخرب الملعب)، فإن الوصاية السعودية تترجم نفسها في سيارات مفخخة، واحتراب طائفي، واستدراج لمشاريع انفصالية، وكل ذلك لأن العراق قرر السير بعيداً عن وصاية ال سعود.
أينما تضع إصبعك على خارطة الشرق الأوسط، من البحرين وحتى المغرب، لا تجد سوى أشكال وصاية متعددة..ومن سخرية السياسة والوصاية أن دولة مثل البحرين يتم صنع قرارها وسياساتها العامة في الرياض وليس في المنامة، حتى أن من يريد حلحلة ما يجري في البحرين يجب عليه أن يحجز الى الرياض كيما يحصل على إجابة حاسمة حيال ما يجب أن يكون عليه في البحرين..
في لبنان وسوريا وفلسطين..وفي أفغانستان وباكستان، ثمة وصاية سعودية يخبرك عنها أهل هذه البلدان، تارة في السياسة والمال، وأخرى بالسياسة والسلاح، وثالثة بالسياسة والغذاء، ورابعة وخامسة..ولكن هذه الوصاية سوف تلفظ أنفاسها قريباً، لأن زمن الشعوب بدأ.

nad-ali
24-04-2013, 10:43 PM
قناة سما - لقاء خاص مع الدكتور علاء الدين بروجردي رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في مجلس الشورى الإيراني 22-04-2013

http://www.youtube.com/watch?v=06DzYRck46U

nad-ali
26-04-2013, 10:56 PM
http://www.tabnak.ir/client/themes/ar/main/img/logo_03.gif

حول خط الغاز الإيراني- العراقي- السوري والحرب العالمية والنووي المخزن في تركيا

http://www.aljaml.com/files/upload/2-3642.jpg

هل تشعل سوريا وكوريا الشمالية فتيل الحرب العالمية الثالثة؟
تصاعد التوتر بين كوريا الشمالية وأمريكا ربما يكون عامل أخر لبداية حرب عالمية ثالثة ستتسبب بخراب ودمار يعم أنحاء الأرض ومن المؤكد لن تنجو أي دولة.

يتصاعد التوتر بين بيونغ يانغ و واشنطن في وقت تتعقد فيه الأزمة السورية أكثر مما مضى وتتسبب في تهيئة الأجواء لنشوب حرب جديدة في الشرق الأوسط، لكن المثير للجدل أن هنالك الكثير من المحللين يؤكدون أن هذه الحرب ستبدأ قبل نهاية عام 2013.
يمكن تقيمّ حجم الارتباط بين الأزمتين في كوريا و سوريا وإمكانية أن تتسببان في نشوب حرب عالمية مدمرة من خلال المعطيات الآتية:
1-قرب "دمشق" و "بيونغ يانغ" من مجموعة "البريكس" التي تعتبر أكبر تجمع اقتصادي في حال النمو والتوسع وارتباط مصالح البلدين مع الدول الأعضاء في هذه المجموعة كروسيا التي لها حدود مشتركة مع كوريا الشمالية و مصالح جيوسياسية مع دمشق. وشهدنا مؤخراً تقارب واضح بين موسكو وبكين حيث تسعى الصين بشدة لتتحول إلى قوة دولية عظمى على الصعيد الاقتصادي والسياسي والعسكري أيضاً.
كذلك للدول الأعضاء الأخرى في "بريكس" مثل البرازيل والهند وأفريقيا الجنوبية طموحاتها أيضاً للتواجد على الساحة الدولية وإخراج النظام الدولي من نظام القطب الواحد الذي تحكمه أمريكا وتحويله إلى نظام متعدد الأقطاب.
2-القدرات العسكرية الكاملة لسوريا وكوريا الشمالية توجب في حال مهاجمتهما من قبل أمريكا وحلف الناتو بأن يُدخلا المجتمع الدولي برمته في اشتباك وحرب من العيار الثقيل.
الصواريخ النووية لكوريا الشمالية قادرة على عبور القارات والوصول إلى الأراضي الأمريكية ما يشكل ردعاً قوياً بيد "بيونغ يانغ" تجبر واشنطن على العدول عن فكرة مهاجمتها.
كما أن دمشق تملك احتياطي صاروخي و"كيماوي" في حال تم استخدامه فإن قدرته التدميرية تهدد بسهولة وجود اسرائيل والقواعد العسكرية الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط وهذا الأمر يجعل من سوريا وكوريا الشمالية محط اهتمام ودعم مجموعة مثل البريكس ومنظمات دولية أخرى مثل "منظمة شنغهاي" حتى إذا ما حدثت مواجهة عسكرية تتقاسم هذه الدول فيما بينها النتائج السياسية والاقتصادية المترتبة على الانتصار في هذه الحرب.
3-تقارب الخط السياسي بين سوريا وكوريا الشمالية وتموضعهما في موقع العداوة لأمريكا والإمبريالية بالإضافة إلى أن الكثير من التقارير والتحاليل تؤكد استمرار التعاون العسكري الواسع سواءً في تبادل الخبراء العسكريين أو التجارب العسكرية بين البلدين، ودائماً ما كانت كوريا الشمالية تدعم القدرة الصاروخية السورية.
أذعنت تل أبيب حتى بعد الهجوم الإسرائيلي على قاعدة "الكبر" عام 2007 أن الموقع هو مركز نووي بنته كوريا الشمالية على الأراضي السورية، بالرغم من أن هذا الكلام ليس إلا إدعاء لكنه يمكن أن يفسر حجم ومستوى التعاون الموجود بين سوريا وكوريا الشمالية.
نظراً لما سبق يمكن التأكيد أن التوتر الحاصل على الساحة الدولية لا يمكن أن يحمل نتائج ايجابية للمجتمع الدولي وهذه نقطة أشارت إليها وزارة الخارجية الروسية في معرض تحليلها على التحولات الكورية. كما أكد معاون وزير الخارجية الروسي أنه "لا يجب تخطي الخطوط الحمراء" وهي إشارة من قبل موسكو للحؤول دون حدوث أي مواجهة عسكرية تؤدي إلى حرب عالمية.
وحول الأزمة السورية والتحول الأخير الحاصل على الصعيد العسكري والأمني يجب القول أن استخدام المعارضة السورية المسلحة للسلاح الكيماوي دفع واشنطن لإيجاد منطقة عازلة الأمر الذي سيقود إلى وقوع كارثة على الأراضي السورية لأن دمشق لن تسكت أبداً إزاء هذا الإجراء لأنه سيفهم على أنه اعتداء صارخ على السيادة السورية وبلا شك سترد على الهجوم بهجوم مماثل في حين سيقوم حلفاء سوريا كإيران وحزب الله بدعم دمشق في هذا الأمر.
كما يؤكد محللون أنه نظراً لتصاعد التوتر بين أمريكا وكوريا الشمالية وكذلك الأزمة السورية يمكن القول أن العالم ينتظر نشوب حرب عالمية لن تستطع أي دولة أن تنأى بنفسها عن هذه الحرب وسيتمخض عنها تشكل نظام عالمي.
ليس هناك فرق بين من يشعل الشرارة الأولى للحرب سواء كانت "بيونغ يانغ" أو "دمشق" المهم والمحتم الحدوث هو أن المجتمع الدولي على أعتاب حرب عظيمة وعلى ما يبدو تتهيأ الظروف اللازمة لبدء هذه الحرب على أعتاب دمشق و بيونغ يانغ.
المصدر: وكالة فارس


ما هي التحديات التي تواجه مشروع خط أنابيب غاز الصداقة "الإيراني-العراقي-السوري"؟

http://www.aljaml.com/files/upload/2-3643.jpg

مؤخراً أعلن وزير النفط الإيراني في لقاء جمعه مع نظيره العراقي عن توصل الجانبين لتوقيع اتفاقية لتصدير الغاز الإيراني إلى العراق، وقال: سيتم تصدير الغاز الإيراني إلى بغداد نهاية شهر حزيران القادم. كما كشف عن إجراء مفاوضات لمد أنبوب لنقل الغاز الإيراني إلى سوريا عن طريق الأراضي العراقية، وأضاف أنه حصل تقدم ملحوظ بهذا الخصوص ومن المقرر استئناف المحادثات الثلاثية على وجه السرعة في العاصمة طهران بين الدول الثلاث لمد هذا الخط.
يجدر بالذكر أنه في السياق نفسه وقع فيما مضى وزراء النفط في ايران والعراق وسوريا اتفاقية بقيمة /10/ مليار دولار لنقل الغاز الإيراني إلى أوربا عن طريق العراق وسوريا ولبنان ليتم نقله عن طريق البحر المتوسط إلى أوربا.
ونظراً للأوضاع الحالية في المنطقة سنبحث وجهة نظر تتناول التحولات الجديدة الطارئة على خط أنابيب غاز الصداقة وأهميته وتحديات إنشائه.
أهمية خط أنابيب الصداقة:
حظي خط أنابيب الصداقة أو كما أطلق عليه في الماضي "برشين بايب لاين" أو الإسلامي خلال السنوات الماضية باهتمام طهران وبغداد ودمشق وبعض الدول الأخرى مثل لبنان كما أثار اهتمام دول جنوب أوربا أيضاً، لكن خلال العامين الماضين اصطدم هذا المشروع بتحديات جديدة بعد التغيرات الحاصلة في المنطقة خاصة في سوريا، حالياً هناك ثلاث دول لها رأي أخر في هذا الموضوع واستمرت بإجراء محادثات في سياق تنفيذ هذا المشروع خطوة بخطوة. وبعيداً عن التنسيق الموحد بين الدول الثلاث يبذل العراق وإيران مساعي كبيرة في سبيل تنفيذ هذا المشروع.
مؤخراً أعلن العراق عن موافقته لنقل الغاز الطبيعي الإيراني عن طريق أراضيه إلى سوريا. لكن بالرغم من وجود مسافة طويلة تفصل عن تنفيذ هذا المشروع بشكل واقعي، يتوجب القول أن خط أنابيب الصداقة يمنح كل الدول المشاركة فيه ميزات وقدرات متعددة الأمر الذي سيجعل هذه الدول لا تغمض عينيها عن النفع الذي ستحققه من وراء هذا المشروع.
ألف: أهداف الدول المشاركة في مشروع خط أنابيب الصداقة:
1-أهداف ايران:
تعتبر ايران بعد روسيا ثاني أكبر دولة في العالم من حيث امتلاك منابع الغاز ولديها قدرة على تأمين جزء كبير من احتياجات أوربا من الطاقة عن طريق خط أنابيب غاز يصل إلى أوربا مثل خط "ناباكو". لكن معارضة واشنطن وإلى حد ما أوربا الغربية حرمت ايران من التحول إلى قوة من خلال تصدير الغاز. وتسعى طهران التي تستحوذ على حصة صغيرة من تجارة الغاز العالمية من خلال خطة التنمية الخامسة التي أقرتها لرفع حصتها من هذه التجارة.
بالرغم من الظروف السياسية والاقتصادية والعقوبات التي أدت إلى عدم تمكن طهران من لعب دور بارز وخلّاق في سوق الغاز العالمي إلا أن خط غاز الصداقة الذي سيصل إلى أوربا يمكن أن يضاعف من حصة ايران في التصدير، ونظراً لوجود تحديات وعقبات أمام "خط ناباكو" تأمل طهران أن يصل خط الغاز الإيراني –العراقي-السوري في المستقبل إلى اليونان وايطاليا.
في سياق أخر بالرغم من أن لتركيا دور هام في ترانزيت الغاز إلى أوربا إلا أن الدول المنتجة (إيران) والمستهلكة للغاز (دول الاتحاد الأوربي) تخشى من الدور المتعاظم لتركيا في الأسواق العالمية، في ضوء هذا تستطيع ايران التواجد بقوة في الأسواق الإقليمية والأوربية من خلال مد خط أنابيب الصداقة وبصرف النظر عن فائدته الاقتصادية يحاول الإيرانيون زيادة نفوذهم السياسي.
تعي طهران جيداً الظروف الأمنية في الغرب وسوريا لكن كخطوة أولى تفكر بتنفيذ سريع لخط الأنابيب ليصل إلى العراق، وعلاوةً على اتفاقية الغاز الأخيرة التي وقعت بين بغداد وطهران فإن صادرات الطاقة الإيرانية إلى جانب التطورات الحاصلة في خط أنابيب السلام مع باكستان تزيد نوعاً ما من قوة وقدرة دبلوماسية الغاز الإيراني مقابل المنافسين الإقليميين كما تساهم في تحسين موقع ايران في كسب أسواق غاز جديدة في المنطقة والعالم.
2- أهداف العراق:
يحتل العراق المرتبة 13 بين الدول التي تعتبر منبع لاحتياطي الغاز في العالم إلا أن هذه المنابع ما زالت إلى حد كبير دون استثمار. وخلال السنوات الأخيرة خطت الحكومة العراقية خطوات في مجال انتاج وتصدير الغاز من خلال إجراء مناقصات لتسليم حقول الغاز إلى شركات دولية ومع ذلك ما تزال تواجه أزمة مع تصاعد الطلب الداخلي على الغاز، كما تتطلع بغداد إلى قضايا أخرى كحقها في عبور الغاز الإيراني من خلال أراضيها إلى غرب آسيا حتى أوربا. كما تتطلع في المستقبل للمنافسة مع تركيا للعب دور في ترانزيت الغاز وتصديره عن طريق هذا الخط إلى غرب آسيا ومنها إلى أوربا. وطبق برنامج حُدد مسبقاً من المقرر في المرحلة الأولى أن يتم تشغيل خط أنابيب الصداقة منتصف العام القادم ليصل إلى العاصمة بغداد وسيحصل العراق عام2013 على 20-25 مليون متر مكعب من الغاز وهي كمية يمكن أن تؤمن جزء من احتياجات العراق وخاصة احتياجات المحطات في هذا البلد.
3-أهداف سوريا:
السوريون قياساً بالعراقيين ليس لديهم كميات غاز مثيرة للاهتمام لكنهم بالإضافة إلى تأمين احتياجاتهم من الغاز من خلال خط أنابيب الصداقة يفكرون بنقل الغاز بالعبور إلى الأردن ولبنان وكذلك يفكرون بتصديره عبر موانئهم إلى جنوب أوربا. لكن مع ظهور تحديات أمنية تركز دمشق على حضورها في هذا المشروع لأنه في حال إحلال الاستقرار وتأمين الأمن في سوريا سيكون لدمشق مشاكل حادة و متصاعدة مع تركيا مما سيصعب أي شكل من أشكال تبادل الطاقة بين البلدين. لذا تنظر دمشق بجدية كبيرة لخط الغاز الإيراني-العراقي-السوري.
ب: تحديات تنفيذ خط أنابيب الصداقة:
على الرغم من أن العلاقات السياسية المتميزة بين ايران والعراق وسوريا تستطيع أن تسّرع من إنهاء خط أنابيب الصداقة لكن ما تزال هناك تحديات كبيرة متعددة تلقي بظلالها على هذا المشروع. وفي سياق أخر يجب بحث الشروط القانونية ودراسة كيفية التنفيذ وتأمين رأس المال اللازم للتمويل وقضايا أخرى مثل الأمور المالية وقيمة الترانزيت وضمان تصدير النفط والغاز... وبالرغم من المسافة البعيدة التي تفصل عن تنفيذ خط أنابيب غاز الـ10مليار دولار الإيراني-السوري إلا أن أهم تحدي يواجه هذا المشروع هو التعقيدات الأمنية في العراق والمحافظات الغربية المضطربة والمشكلات الأمنية على الحدود العراقية-السورية- وعدم توضح صورة الحرب الداخلية في سوريا ومستقبل النظام السياسي فيها، بعبارة أخرى سيكون أهم تحدي أمام إنشاء خط أنابيب الصداقة هو كيفية تأمين أمن هذا الخط.

آفاق خط أنابيب الصداقة:
يبلغ طول خط الصداقة/56000/كم يبدأ من مدينة "عسلوية" في ايران ويعبر الأراضي العراقية ليصل إلى سوريا وهناك إمكانية ليصل إلى لبنان والبحر المتوسط لينتهي في أوربا. لكن بوجود التحديات الحالية وخاصة الأمنية سيكون من الصعب التنبؤ بتنفيذ هذا المشروع بشكل كامل في مدة زمنية قصيرة، حالياً في المرحلة الأولى نظراً لنوع التعاون الإيراني العراقي في مجال الغاز سيجري مد خط الأنابيب ليصل إلى العراق وليصل لاحقاً إلى سوريا بعد توضح مجرى الظروف الأمنية في سوريا وتحديد المستقبل السياسي فيها, لكن يجب الانتباه إلى أنه نظراً لقدرة استيعاب خط أنابيب الصداقة (ينقل يومياً 110 مليون متر مكعب من الغاز) سيكون هناك إمكانية لزيادة الاستيعاب لتصدير الغاز إلى الدول الأخرى مثل الأردن ولبنان وسينخرط العراق أيضاً في تصدير غازه باستخدام هذا الخط. وفي حال إشاعة الاستقرار في سوريا يستطيع خط أنابيب الصداقة أن يزيد من قدرة دبلوماسية الغاز الإيراني في مواجهة المنافسين الإقليميين بحيث ستكون الخطوة اللاحقة جعل الأماني الإيرانية في تصدير الغاز إلى دول الاتحاد الأوربي حقيقة واقعية.
فرزاد رمضاني بونش
المصدر: وكالة كرد برس

أردوغان، تركيا والتعصب العرقي-القومي؛ خلفيات نمو القومية التركية المتطرفة في عصر الجمهورية:
أطلق مؤسس الجمهورية التركية مصطفى كمال " أتاتورك" عام 1925 في أحد خطاباته الشهيرة على الأتراك والأكراد والعرب وكل أطياف القوميات التركية اسم "عناصر إسلامية" واعتبرهم جمعياً متساوون، لكن تدريجياً قام أصدقاء أتاتورك و مستشاريه بأخذه إلى جهة مغايرة وفي عام 1928حذفت عبارة "تركيا دولة إسلامية" من القانون لتصبح شكلاً بلا أي معنى وليصبح الجنرال "عصمت اينونو" أحد الشخصيات العسكرية البارزة والمتنفذة خلال العهد العثماني بعد تأسيس النظام الجمهوري ليس فقط رئيس الوزراء التركي بل أصبح العقل المفكر لكل الخطوات والإجراءات التي قام بها أتاتورك، وهو الذي شجعه على تحييد الإسلام عن السياسة وحدث ما أراده، حيث تم إدراج قانون "الأصول العلمانية" في الدستور التركي عام 1937 قبل وفاة أتاتورك بعام واحد.

http://www.aljaml.com/files/upload/2-3644.jpg

فجأةً قبل أن يموت أتاتورك تنبه إلى القضايا القومية المتطرفة و القومية التركية وخلال عهده قام عدد من علماء الأنثروبولوجيا (علم الإنسان) مزودين بميزانيات مالية كبيرة بإجراء عدة أبحاث ودراسات بهدف الحصول على معرفة دقيقة عن الأشخاص الذين يحملون الجينات التركية الأصيلة، حيث أجروا اختبارات على آلاف الأتراك وكتبوا مقالات وألفوا كتب عدة حول الخصائص والميزات الفيزيائية والجينية "للأتراك الأصليين". وإذا أردنا أن نصنف أهم الأسباب التي تقف وراء النزعة الشديدة لأتاتورك والسياسيين في صفه إلى القومية المتطرفة يمكن الإشارة إلى عدة نقاط:
1-أقلق تمرد الأكراد بزعامة الشيخ "سعيد بيران" في عام 1925 وفيما بعد تمرد الأكراد العلويين بزعامة السيد "رضا درسيمي" أتاتورك بشدة وأفهمته هذه الأحداث أن لدى الأكراد والأتراك ما يسعون لتحقيقه ويجب التصدي لهم وأطلق على الأكراد اسم "أتراك الجبل".
2-احتذاء أتاتورك بالزعيم النازي أدولف هتلر أمر لا يمكن إنكاره أبداً والعودة إلى أرشيف صحيفة "جمهوريت" التركية ووثائق حزب الشعب التركي أيام نظام الحزب الواحد تظهر أن أتاتورك والجنرال "اينونو" والموالين لهما كالوا المديح لهتلر بشدة. وكانت فكرة التركيز على قضية الأصالة وخصوصية القومية التركية تقليد عن ما كان يعتقده الجرمانيين بأنهم الأمة الأفضل والأعلى. وصدر عن أتاتورك جمل مشهورة متأثراً بهذه المواضيع مثل: "يا لي سعادة الانسان الذي يقول أنا تركي" و "تركي يساوي العالم".
3-اعتبر أتاتورك أن الأفكار الدينية للمفكر الكردي الشهير الشيخ "بديع الزمان نورسي" وتعاليمه الروحية تشكل خطراً وتهديداً، عُرف هذا الشيخ باسم "سعيد الكردي" استناداً إلى الرسائل والمكاتبات التي جرت في عصره واشتهر فيما بعد بـ "بديع الزمان"،كان لديه آلاف المريدين والتلاميذ بين الأكراد و الأتراك. وبغض النظر عن نفي الشيخ أقدم أتاتورك على تهميش رجال الدين وترجم الأذان إلى اللغة التركية وكانت العائلات المذهبية تقيم حلقات تعليم القرآن لأولادهم داخل إسطبلات الحيوانات والمغاور خوفاً من بطش مسؤولي الحكومة كما تم منح إدارة كل أركان الحكومة والمجتمع للعسكريين.
أردوغان والقومية التركية والكردية:
أوصلت انتفاضة الإسلاميين والمتشددين الأتراك والأكراد المنبثقة من ميل شديد نحو الأفكار التركية القومية المتطرفة زعيم حزب الرفاه الإسلامي نجم الدين أربكان إلى رئاسة الوزراء، إلا أن حكومته لم تستطع القيام بأي إجراء لمواجهة تهديدات الجنرالات الأتراك والانقلاب الذي حدث عام 1997.
لكن أردوغان ومعاونيه في حزب العدالة والتنمية وضعوا في جدول أعمالهم برامج تتألف من عدة مراحل تتبع نهج الصبر الطويل لمواجهة القومية التركية الكلاسيكية المتطرفة والمثير للاهتمام هنا كان كلمة أردوغان الشديدة اللهجة ضد القومية التركية المتطرفة التي ألقاها عام 2012 وجاءت بالتزامن بشكل دقيق مع إرساله أكثر من /20/جنرال عامل ومتقاعد في الجيش التركي إلى السجن بتهمة المشاركة في انقلاب 1997 والارتباط بشبكة "اركن اكُن" وعدة ملفات أخرى.
في 2012 أظهرت استطلاعات الرأي أن حزب العدالة والتنمية يتصدر المشهد السياسي داخل المجتمع التركي بـ45% من الأصوات التي شملها الاستطلاع في وقت يواجه فيه الحزبان الرئيسيان حزب الشعب ( حزب المعارضة الرئيسي أسسه أتاتورك) وحزب الحركة القومية (الحزب اليميني المتطرف بزعامة دولت باغتشلي) أزمات وتحديات كبيرة.
ربما لهذا السبب أعلن أردوغان قبل مدة في كلمة ألقاها في مدينة ماردين الكردية: "لقد سحقنا القومية التركية والكردية تحت أقدامنا ونعتبر كل أفراد المجتمع أخوتنا".
إن تضافر الظروف والحظ السعيد ساعدا فريق أردوغان ليظهر أنه لا يعارض القومية التركية والكردية فحسب بل يعارض الأفكار الكردية المتشددة والمتطرفة أيضاً ولن يسمح بأن تطرح أي من المطالب القومية والثقافية للأكراد في سياق يفضي إلى تفاوت قومي.
أحد العوامل التي سمحت بسهولة لأردوغان أن يهاجم الأفكار القومية التركية والكردية علاوة على ضعف البنية القومية الكمالية في تركيا هو تمتع أردوغان وحزب العدالة والتنمية بمكانة خاصة وسط الأكراد حيث قام 9 مليون كردي يتمتعون بحق الانتخاب بإيصال 70 نائب من الموالين لأردوغان إلى البرلمان في حين حصل حزب السلام والديمقراطية (المرتبط بحزب العمال الكردستاني) على 21 مقعدا فقط، يرجح أغلب الأكراد والأتراك من أصحاب التوجه الإسلامي المتشدد أفكار أردوغان على أفكار عبدالله أوجلان ومسعود بارزاني والزعماء الأكراد الآخرين. بموازاة هذا الأمر فإن التيار الديني-السياسي المرتبط بـ(فتح الله كولن) خلال السنوات الأخيرة لم يلق رواجاً فقط في المناطق الكردية التركية بل توسع ليصل إلى اقليم كردستان حيث تحظى هذه الأفكار في الاقليم بانتشار ونفوذ اجتماعي وسياسي كبير. حالياً يشير مجموع هذه العوامل إلى تمتع أردوغان وحزب العدالة والتنمية بشعبية ونفوذ كبير وسط الأتراك والأكراد الأتراك.
المرحلة القادمة:
يتربع حزب العدالة والتنمية منذ 12عاما وحتى الآن على عرش السلطة في تركيا دون أي منازع، وفي الظروف التي اتخذ فيها خطوات متقدمة منذ قرابة الـ 3أشهر لإنهاء الصراع مع حزب العمال الكردستاني من المستبعد بناءً على مطالب الأكراد أن ينجح أردوغان في أن يضع عبارة "مواطن من تركيا" لتحل مكان عبارة "مواطن تركي" في الدستور التركي. مع هذا لا يجب إغفال حقيقة أن مفاهيم وأفكار مثل القومية التركية مازالت موجودة في المجتمع التركي كما يوجد تأكيد على التعصب للمفاهيم القومية الكردية كونها تشكل وقائع وحقائق عينية.
القضية الأهم من كل ما سبق طرحه هي ضرورة إيجاد إجابة للأسئلة المهمة التالية: "أي حوار أو أفكار سيقدمها أردوغان إلى المجتمع التركي كبديل عن القومية التركية والكردية؟

أردوغان غير مستعد بصفته زعيم نظام سياسي علماني لدفاع مستميت عن الأفكار الإسلامية وليس هناك إجماع واضح بخصوص تمهيد الطريق أمام الحرية الدينية للعلويين والشافعيين وليس هناك أي إجماع حول أي مفاهيم مشتركة ستجتمع العناصر المتباينة والمختلفة في المجتمع التركي؟

محمد علي دستمالي: باحث في القضايا الكردية
المصدر: وكالة كرد برس

http://www.aljaml.com/files/upload/2-3645.jpg

لماذا تخزن تركيا أسلحة نووية على أراضيها؟!
منذ مدة يتم توجيه اتهامات لإيران حول برنامجها النووي، يشير المحللين الموضوعيين إلى الكيان الصهيوني باعتباره الدولة الوحيدة في منطقة الشرق الأوسط التي تمتلك أسلحة نووية لكنهم لا يعلنون أنه ليس الوحيد في المنطقة بل هناك دولة أخرى تخزن على أراضيها قنابل نووية وهي تركيا.
وجود سلاح نووي على الأراضي التركية قضية لا تحظى باهتمام المحللين والسياسيين كثيراً بالرغم من أهميتها الاستراتيجية الاستثنائية. لكن هناك مواقع إخبارية أجنبية أشارت للمرة الأولى إلى هذا الأمر بشكل جامع وتناولت جوانب عديدة منه.
يبدأ محلل موقع "المانيتور" من العلاقات العميقة بين أنقرة ودمشق قبل بداية الاضطرابات في سوريا ويشير إلى ذلك الوقت الذي لم تكن تفكر تركيا فيه بأي شكل من الأشكال بأنها بعد عدة سنوات ستستشعر خطر تهديد استراتيجي من الجانب السوري.
ويضيف المحلل مشيراً إلى اجتماع "اللجنة العليا للتعاون الاستراتيجي" بين سوريا وتركيا عام 2009 حيث جاء في البيان الختامي لهذا الاجتماع أن: "الجانبين يتفقان على ضرورة تنظيف الشرق الأوسط من الأسلحة النووية كما بحثوا أخر التطورات في البرنامج النووي الإيراني والمحادثات المرتبطة به مؤكدين على حق أي دولة باستخدام الطاقة النووية، وتم التأكيد على أهمية التوصل إلى حل دبلوماسي لهذه القضية".
يعتقد محلل الموقع أن هناك تناقض في الخطاب التركي لأن أنقرة عضو في حلف الناتو وترغب بشرق أوسط خالي من الأسلحة النووية ويقول:
مصطلح "شرق أوسط خالي من الأسلحة النووية" هو أحد السياسات المناهضة لإسرائيل تم طرحه في تركيا بعد مؤتمر "دافوس" عام 2009 وبعد مهاجمة سفينة "مرمرة" التركية عام 2010. دون شك الرغبة بوجود شرق أوسط خالي من الأسلحة النووية أمر جيد لكن عندما تطرح تركيا هذا الموضوع يتوجب التأمل قليلاً فيه!
تركيا أحد دولتين في الشرق الأوسط تخزن على أراضيها قنابل نووية أمريكية من طرازB61 وهذا الأمر ليس سر لكن لا يتم الحديث عنه نهائياً.
يكمن التباين بين تركيا والكيان الصهيوني في أن القنابل النووية المخزنة في قاعدة "اينجرليك" بالقرب من مدنية "آضنة" التركية تعود ملكيتها لأمريكا وهي قنابل فراغية جو-أرض وعددها "عرضة للتغير". قنابلB61 من جملة الأقسام المهمة في الدرع النووي الذي أوجدته الولايات المتحدة لحلفائها في حلف الناتو.
خلال مدة الحرب الباردة نقلت قنابلB61 إلى قاعدة "اينجرليك" بهدف إيجاد توازن مع الاتحاد السوفيتي لكنها ما تزال مخزنة في نفس القاعدة. وبحسب المصادر العلمية لم يتم تدريب الطيارين الأتراك على استخدام هذه القنابل كما أن مقاتلات F-16 التركية غير قادرة على حمل هذه القنابل أيضاً.

http://www.aljaml.com/files/upload/2-3646.jpg

وبالإضافة إلى تركيا هناك أربع دول عضو في حلف الناتو يوجد على أراضيها قنابل B61 أمريكية وهي بلجيكيا وهولندا وألمانيا وايطاليا وماعدا الأخيرة طالبت بقية الدول الأخرى بإخراج هذه القنابل من أراضيها. لكن بما يتعلق بتركيا على ما يبدو لا يوجد احتمال أبداً لأن تطالب أنقرة بإخراج هذه القنابل من على أراضيها. وحالياً تعتبر قنابلB61 ذات أهمية متعاظمة بالنسبة لتركيا خاصةً في الجيوسياسيا الجديدة بهدف احتواء سوريا وإيران.
الأوضاع في سوريا:
سعت تركيا إلى ما قبل نشوب الاضطرابات في سوريا إلى التعاون والتقرب من دمشق، لكن منذ اندلاع الأحداث في هذا البلد ما من إجراء إلا واتخذته حكومة العدالة والتنمية ضد الحكومة السورية ولم يتبقى سوى المواجهة العسكرية المباشرة. تسعى تركيا لتشكيل حكومة أخونجية في سوريا لأنها تعرف أن الإجراءات التي تتخذها ضد سوريا ستقرأها حكومة دمشق على أنها أعمال عدائية لذلك هي قلقة من الأسلحة الكيماوية السورية.
في سياق أخر فإن التقدم المحرز في البرنامج النووي الإيراني أثار خشية تركيا من أن تقوم ايران بإنتاج سلاح نووي مما سيزعزع موقع تركيا في المنطقة ويضعفها. اعتقدت تركيا قبل عدة سنوات سابقة أنها بدعمها لإيران ومخالفة النظام الدولي تستطيع إيجاد فرصة لتطورها إلا أنها الآن تتماشى مع النظام الدولي وتقف في مواجهة ايران. في المحصلة أدت مجموعة هذه العوامل إلى أن تدافع تركيا عن نفسها بشدة لكن من وراء الكواليس ودون إثارة أي ضجة لوجود أسلحة نووية تكتيكية تابعة لحلف الناتو على أراضيها، حيث تعتبرها بمثابة أداة لضمان أمنها في حال وقعت مواجهة في الظروف المتحولة في المنطقة.

nad-ali
07-05-2013, 11:48 AM
https://encrypted-tbn2.gstatic.com/images?q=tbn:ANd9GcQbvFpO2fXUXpVYAy2xMdhYA-1c4-17zy_yT8JL--kQJOMxiOW1

البعد العقائدي في خطاب نصرالله : لا تكرار لكربلاء «ولاسبي جديد للسيّدة زينب»

https://encrypted-tbn1.gstatic.com/images?q=tbn:ANd9GcQKkhVNAyhzk7zpg849Xz7Ab6qdtFFPY IdhpMcIyLnft6hgqoESbQ
ابراهيم ناصرالدين


الفارق الجوهري والبسيط بين الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله ومن انتقد خطابه الاخير من القيادات اللبنانية، انه صريح يتحدث عن الوقائع كما هي، دون تجميل او مواربة،بينما الاخرون مصرون على كتابة سيناريوهات افلام «الخيال» غير العلمي، متمسكين بالفلكلور اللبناني العقيم المليء «بالملائكية» التي لم تعد تنطلي على احد خصوصا اذا كانت صادرة عن بعض المتورطين المباشرين في الازمة السورية منذ بدايتها قبل نحو عامين وعلى رأسهم زعيم تيار المستقبل سعد الحريري الذي لم يقدر احد على منافسته في السباق الى نيل جائزة الفيلم «الرديء» الا الشيخ احمد الاسير الذي اختار فيلما هوليوديا تم تصويره في ريف حلب اثناء زيارته «السياحية» الى تركيا قبل مدة،ليطل به «كمزحة» سمجة على الجمهور مستعرضا قدراته القتالية ،فيما «المجاهدون» في القصير وريفها ينتظرون قدوم «امبو» مسجد بلال بن رباح لفك الطوق عنهم،لكن ما يدركونه قبل غيرهم انه لن يأتي ابدا، واذا قرر ذلك فحين يصل لن يجد احد منهم هناك،وستوكل التشريفات ومراسم الاستقبال الى وحدات الجيش السوري المتمرسة في الاعداد للمناسبات السعيدة.

هذه الخفة في التعامل مع خطاب مفصلي لن تنجح برأي اوساط الاكثرية، في التعمية على حقيقتين اساسيتين وردتا في الخطاب، الاولى لها بعد عسكري وسياسي، والثانية تحمل بعدا دينيا عقائديا يحبذ الكثيرون القفز فوقها وعدم التوقف عندها رغم اهميتها، وفي هذا السياق يغيب عن منتقدي السيد نصرالله ان اولويته «الاخرة» وليس الدنيا، وهذا فارق شديد الاهمية لا يمكن تجاوزه، فاذا كان جعجع مثلا قادرعلى الرياء وتجاهل ما يحصل مع المسيحيين في سوريا بحسب الاوساط الاكثرية، وغير مكترث بخطف الكاهنين او تدمير الكنائس، واذا كان الحريري غير معني باستشهاد العلامة محمد سعيد البوطي، او بتدمير مقامات الصوفيين، اوبالتكفير العلني للمذاهب السنية غير الوهابية،فان السيد نصرالله لا يمكنه ان يتجاوز البعد الاخلاقي والديني في الحرب الدائرة في سوريا،وهو لا يمكنه ان يقف متفرجا على حملة الرعب التي مارستها الجماعات التكفيرية المسلحة ضد الشيعة هناك.

وتلفت تلك الاوساط الى ان الخلاف في اولويات الجيش السوري واولويات الحزب دفعته الى التدخل متأخرا في هذه الحرب، فبعد اشهر من بدء الازمة سمع السكان في حي السيدة زينب دعوات للجهاد من مئذنة الجامع تدعو للجهاد ضد النظام والعلويين والشيعة. وتم احراق احياء قريبة من المرقد، ووجد بعض السكان طلاء احمر يحذرهم بان الدور قادم عليهم، وعندها حصلت هجرة جماعية من الحي، والمفارقة ان «العصابات المسلحة» طالبتهم «بسخرية» بان يرحلوا ويأخذوا معهم مقام السيدة زينب، لانهم عندما يعودون لن يجدوه في مكانه. وفي نيسان 2012 اغتيل احد قادة الشيعة الدينيين امام حسينية قريبة من السيدة زينب، يدعى سيد نصر العلوي، وبعدها قتل عدد من الاشخاص والائمة في المنطقة.فهل هناك من يظن ان السيد نصرالله سيغض النظر عما يجري هناك او في ريف القصير، ليقف بعد حين مرددا الشعار العاشورائي «يا ليتنا كنا معكم لفزنا فوزا عظيما». من يظن ذلك لا يعرف الرجل ولا يدرك انه لن يسمح بان تتكرر واقعة كربلاء ولن يسمح ايضا بسبي جديد للسيدة زينب.

اما في البعد العسكري للخطاب تضيف الاوساط نفسها، وسواء صدقت تلميحات المناهضين للسيد نصرالله او لم تصدق حول تسليط الضوء على قراءته الجملة التي تقول ان لسوريا اصدقاء حقيقيين، ولن يسمحوا بسقوطها، عن ورقة مكتوبة امامه، واوحوا بان النص متفق عليه مسبقا مع القيادة في طهران وحتى موسكو، فان هذا الامر لن يغير شيئا من المضمون الواضح لهذا التلميح،والخلاصة مما تقدم ان السيد نصرالله يعرف جيدا بعد مروحة الاتصالات التي اجراها في ايران ومع نائب وزير الخارجية الروسية ميخائيل بوغدانوف في بيروت، ان احتمال التوصل لتسوية سياسية ضئيل في هذه المرحلة،واي تسوية لن تحصل من وجهة المعسكر الاخر بدون قيام الولايات المتحدة وحلفائها بتحرك سريع وحاسم لتعديل ميزان الحرب الذي مال خلال الاسابيع القليلة الماضية لصالح الجيش السوري.

ودون ذلك لن يدخل المعسكر الاخر في نقاش جدي للتسوية وتقول الاوساط، وهذا يرفع من احتمالات التدخل الخارجي خصوصا ان المعارضة السورية ابلغت القوى الغربية والاقليمية وكذلك الولايات المتحدة ان خطوة تزويدها بالسلاح لن تكون كافية لتعديل ميزان القوى العسكري بعد ان تبدلت المعطيات على الارض بشكل كبير، ووفقا للمعلومات نشطت الاتصالات بين تلك القوى لاقامة منطقة عازلة، ومنطقة حظر جوي، وجرى درس خيار الهجوم على الدفاعات الجوية السورية، ومراكز التجمع الرئيسية للجيش، ودون هذه الخطوات ابلغت المعارضة «اصدقائها» انها تتجه الى هزيمة محتمة خلال الاسابيع المقبلة. ومن هنا كانت توقيت اطلالة السيد نصرالله حاسم لابلاغ من يعنيهم الامر بأن الخطة الموضوعة لاستعادة المواقع الاستراتيجية في سوريا لن تتوقف ومن يفكر بتجاوز قواعد «اللعبة» الراهنة عليه ان يدرك ان «الاوراق» المستورة لدى الجانب الاخر ما زالت كثيرة ومنها تدخل الحرس الثوري الايراني في القتال .

وتلفت تلك الاوساط الى ان اولى ردود فعل المعسكر المناهض للسيد نصرالله كان اعادة فتح احد الملفات القديمة-الجديدة الضاغطة على حزب الله، واذا كانت لقاءات السفير الفرنسي في بيروت مع مسؤولي الحزب لم تنقطع ومستمرة قبل الخطاب وبعده، فان باريس تتعرض للضغوط مجددا لرفع الفيتو عن مسألة ادراج حزب الله على لائحة الارهاب الاوروبية،مع العلم ان فرنسا كانت تسعى مع قيادة الحزب مواربة، لعدم «احراجها» باعترافات علنية وواضحة بالتدخل في الازمة السورية،كي تستمر في الثبات على موقفها القائل ان لا خطوة في هذا السياق الا بأدلة مثبتة،لم تقدمها بلغاريا بعد حول تفجير «بورغاس»،كما لا توجد ادلة «صارخة» على تورط الحزب في مواجهة «الثورة»السورية.

لكن الساعات القليلة الماضية شهدت تحريكا جديا لهذا الملف بالاتكاء على ما قاله السيد نصرالله في خطابه الاخير والذي بدأت اطراف محلية واقليمية بتسويقه على انه دليل دامغ على هذا التورط، وبالتعاون مع بعض الدوائر الاوروبية والاميركية بدأت حملة اعلامية وديبلوماسية منظمة لتحويل هذه المسألة الى امر واقع يفترض ان يحسم قبل نهاية الشهر الجاري، موعد اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الاوروربي، وهناك اكثر من خيار يتم تداوله لاقناع الفرنسيين الغارقين في «فوبيا» الخوف على وحداتهم المشاركة في قوات «اليونيفيل»، ومن الاقتراحات المقدمة فصل الجناح السياسي عن العسكري وادراج الاخير في لائحة الارهاب، او فرض عقوبات على اسماء محددة من قيادات الحزب العسكرية، واما الخروج بقرار جامع يدرج جبهة النصرة على لوائح الارهاب وفي نفس الوقت ادراج الحزب على اللائحة، والخيار الاخير هو الاكثر جاذبية لدى القوى اللبنانية المعارضة لحزب الله،كما تميل اليه واشنطن، لكن باريس لم «تهضمه» الى هذه اللحظة، ولا تزال تتهيب اتخاذ قرار مماثل، خصوصا بعد ان وضع السيد نصرالله الصراع الدائر في سوريا في اطار صراع «حياة»او «موت» بين معسكرين، وأي تعامل فرنسي سلبي مع الحزب في هذه المرحلة سيجعل من باريس رأس حربة في هذا الصراع الذي لا ترغب في نقله الى الجبهة اللبنانية من باب المواجهة المباشرة وغير المباشرة مع حزب الله .ويبقى السؤال حول ما اذا كانت باريس قادرة على مقاومة الضغوط، ام انها ستتخذ خطوة غير محسوبة وتضحي بمصالحها الاستراتيجية عبر خسارة «البيئة الحاضنة» لموقعها المتقدم في جنوب لبنان.

nad-ali
07-05-2013, 11:50 AM
http://www.project-syndicate.org/default/images/logo-home-1.png

العالم بدون أميركا

http://www.thewashingtonnote.com/twn_up_fls/richard%20haass%20dede.jpg
Richard Haass

اسمحوا لي أن أطرح عليكم فكرة متطرفة: إن التهديد الأكثر خطورة الذي يواجه الولايات المتحدة الآن وفي المستقبل المنظور ليس الصين الصاعدة، أو كوريا الشمالية المتهورة، أو إيران النووية، أو الإرهاب الحديث، أو تغير المناخ. فرغم أن كلاً من هذه المخاطر يشكل تهديداً محتملاً أو فعليا، فإن أعظم التحديات التي تواجه الولايات المتحدة تتلخص في الديون المتزايدة الضخامة، والبنية الأساسية المتهالكة، والمدارس الابتدائية والثانوية الرديئة، ونظام الهجرة الذي عفا عليه الزمن، والنمو الاقتصادي البطيء ــ باختصار، الركائز المحلية التي تستند إليها قوة أميركا.

قد يستسلم القراء في دول أخرى لإغراء التفاعل مع هذا الرأي بجرعة من التشفي والشماتة، ويجدون الرضا والارتياح في الصعوبات التي تواجهها أميركا. والواقع أن مثل هذه الاستجابة ليست مستغربة. فالولايات المتحدة وأولئك الذين يمثلونها مذنبون بالغطرسة (فالولايات المتحدة قد تكون في كثير من الأحيان أمة لا غنى عنها، ولكن قد يكون من الأفضل أن يشير الآخرون إلى هذه الحقيقة)، ومن المفهوم أن تستفز أمثلة التناقض بين ممارسات أميركا ومبادئها الاتهامات بالنفاق والرياء. فعندما لا تلتزم أميركا بالمبادئ التي تعظ بها الآخرين، فإنها بهذا تولد الاستياء والسخط.

ولكن مثل أغلب الإغراءات، لابد من مقاومة الرغبة في الشماتة من عيوب أميركا ونقائصها وصراعاتها. وينبغ للناس في مختلف أنحاء العالم أن يتوخوا الحذر في ما يتمنون. إن فشل أميركا في التعامل مع تحدياتها الداخلية لن يأتي بلا ثمن باهظ. بل إن رهان العالم على نجاح أميركا يكاد يعادل رهان أميركا ذاتها على نفسها.

ويشكل الاقتصاد جزءاً من السبب وراء هذا. فاقتصاد الولايات المتحدة لا يزال يشكل نحو ربع الناتج العالمي. وإذا تسارع نمو الولايات المتحدة، فإن قدرة أميركا على استهلاك سلع وخدمات دول أخرى سوف تزداد، فيتعزز بالتالي النمو في مختلف أنحاء العالم. وفي وقت حيث تنجرف أوروبا وتتباطأ آسيا، فإن الولايات المتحدة هي وحدها (أو شمال أميركا بشكل أكثر عموما) القادرة على دفع عجلة التعافي الاقتصادي العالمي.

وتظل الولايات المتحدة تشكل مصدراً فريداً للإبداع. إن أغلب المواطنين على مستوى العالم يتواصلون باستخدام أجهزة محمولة قائمة على تكنولوجيات تم تطويرها في وادي السليكون؛ وعلى نحو مماثل، صُنِعت شبكة الإنترنت في أميركا. وفي الآونة الأخيرة، تعمل التكنولوجيات الجديدة المطورة في الولايات المتحدة على إحداث زيادة عظيمة في القدرة على استخراج النفط والغاز الطبيعي من التكوينات الجوفية. والآن تنتقل هذه التكنولوجيا إلى مختلف أنحاء العالم، وهو ما من شأنه أن يسمح لمجتمعات أخرى بزيادة إنتاجها من الطاقة والحد من اعتمادها على الواردات المكلفة وما ينتج عنها من انبعاثات كربونية.

وتُعَد الولايات المتحدة أيضاً مصدراً ثميناً للأفكار. ففي جامعاتها العالمية المستوى يتلقى العلم عدد كبير من زعماء العالم في المستقبل. والأمر الأكثر جوهرية هو أن الولايات المتحدة كانت لفترة طويلة مثالاً رائداً للكيفية التي يمكن بها توظيف اقتصادات السوق والسياسات الديمقراطية. ومن المرجح أن يصبح الناس والحكومات في مختلف أنحاء العالم أكثر انفتاحاً إذا نظروا إلى النموذج الأميركي باعتباره ناجحا.

وأخيرا، يواجه العالم العديد من التحديات الخطيرة، التي تتراوح بين الحاجة إلى وقف انتشار أسلحة الدمار الشامل، ومكافحة تغير المناخ، والحفاظ على نظام اقتصادي عالمي قادر على تعزيز التجارة والاستثمار، إلى تنظيم الممارسات في الفضاء السيبراني(الإلكتروني) وتحسين الصحة العالمية، ومنع الصراعات المسلحة. ولن تختفي هذه المشاكل ببساطة أو تحل نفسها بنفسها.

وفي حين قد تضمن يد آدم سميث "الخفية" نجاح الأسواق الحرة، فإنها عاجزة في عالم الجغرافيا السياسية. والنظام يحتاج إلى اليد المرئية للزعامة في صياغة وتحقيق استجابات عالمية لتحديات عالمية.

وأرجو ألا تسيئوا فهمي: فلا يعني أي من هذا أن الولايات المتحدة قادرة على التعامل بفعالية مع مشاكل العالم بمفردها. فالأحادية نادراً ما تنجح. والأمر ليس فقط أن الولايات المتحدة تفتقر إلى السبل والوسائل؛ فطبيعة المشاكل العالمية المعاصرة تشير إلى أن الاستجابات الجماعية فقط هي التي تتمتع بفرصة طيبة لتحقيق النجاح.

ببد أن الدعوة إلى التعددية أسهل كثيراً من تصميمها وتنفيذها. والآن لا يوجد سوى مرشح واحد للاضطلاع بهذا الدور: الولايات المتحدة. ولن نجد أي دولة أخرى تمتلك التركيبة الضرورية من القدرة وآفاق المستقبل.

ويعيدني هذا إلى الحجة القائلة بأن الولايات المتحدة لابد أن تعيد ترتيب بيتها من الداخل ــ اقتصاديا، وماديا، واجتماعيا، وسياسيا ــ إذا كان لها أن تحظى بالموارد اللازمة لتعزيز النظام في العالم. وينبغي للجميع أن يأملوا أن تتمكن من تحقيق هذه الغاية بالفعل:

فالبديل لعالم تقوده الولايات المتحدة ليس عالم تقوده الصين، أو أوروبا، أو روسيا، أو اليابان، أو الهند، أو أي دولة أخرى، بل إنه عالم بلا قيادة على الإطلاق. ويكاد يكون من المؤكد أن هذا العالم سوف يتسم في الأرجح بالأزمات المزمنة والصراع. ولن يكون هذا سيئاً بالنسبة للأميركيين فحسب، بل وأيضاً الغالبية العظمى من سكان كوكب الأرض.

* رئيس مجلس العلاقات الخارجية الذي يصدر عنه مجلة فورين أفيرز Foreign Affairs

nad-ali
07-05-2013, 11:53 AM
ZERO ANTHROPOLOGY
رأي تشافيز الصائب في "الربيع العربي" الخائب

https://encrypted-tbn2.gstatic.com/images?q=tbn:ANd9GcSkQeEyUBPGVzk3kZVxusPu4Yxqva4aH 6n2anJ7Rb8lnSlmU12T
Maximilian Forte
ترجمة: د. مالك سلمان:

http://openanthropology.files.wordpress.com/2013/03/chavezbw2b.jpg?w=224&h=314

يمكن لبعض التوصيفات الموجزة أن تحددَ النغمة الصحيحة للتقدير المناسب للسؤال "من كان على صواب" حول ما يسمى "الربيع العربي". (وقد تعرضت فكرة وجود "ربيع عربي", وهو مصطلح قام بتشكيله لأول مرة المحافظون الجدد الأمريكان من أمثال تشارلز كرراوثامر قي سنة 2005, إلى تأويلات متنوعة بشكل راديكالي, من الإشارة بمفاهيم عامة إلى نوع ما من النضال من أجل "الحرية" و "الديمقراطية" [وكأن هناك نوعاً واحداً من الديمقراطية], إلى آراء تتحدث عن عملية موجهة سرية من التدخل السياسي الأمريكي, والتدخل العسكري المباشر. لكن هذه المقالة موجهة لأولئك الذين لا يزالون مسحورين, حتى الآن, بالهالة الإيجابية لفكرة "الربيع العربي".) وكالعادة, سأركز على ليبيا.

"الربيع العربي": شيء جيد
المرفوض: برنار-هنري ليڤي. كان برنار-هنري ليڤي الفرنسي, والمعروف بالأحرف الأولى "ب. ه. ل." [دعونا نسميه هنا "هُبَل" من أجل السهولة في الطباعة - المترجم], الذي يزعم البعض أنه "فيلسوف", أحد المؤيدين الأعلى صوتاً والأنشط للتدخل العسكري الغربي في ليبيا منذ البداية, وقد لعب دور المستشار الرئيسي, أو المحرض الشخصي, للرئيس الفرنسي, آنذاك, نيكولا ساركوزي. فقد زعم قائلاً, نحن "أنقذنا بنغازي". احزروا من هو الشخص الممنوع من دخول ليبيا الجديدة والحرة الرائعة الآن, والذي تفاخرَ بالمساعدة في تحريرها؟ إنه "هُبَل". فهم لم يعودوا يريدون رؤيته هناك. لماذا؟ لأنه يهودي. فقد اتخذ "هبل" موقفاً دون أن يتوقف قليلاً ليلاحظ أن أن "مقاتلي الحرية" الذين دعمهم كانوا يرشون جدران بنغازي بكتابات تصور القذافي على أنه يهودي (على الأقل جزئياً بناءً على إشاعة تقول إن أمه كانت يهودية), مع رسومات تظهر "نجمة داوود" على صدره. وبين الدبلوماسيين, وعمال الإغاثة الدوليين, والصحفيين, والمسافرين من رجال الأعمال, تحولت عبارة "أنقذوا بنغازي" إلى "أنقذوا أنفسكم من بنغازي". فمن الذي فهم "الربيع العربي" بطريقة خاطئة؟

الحرية, الديمقراطية, وحقوق الإنسان في "ليبيا الجديدة". كيف يمكننا أن نبدأ بوصفَ ليبيا بعد أن أنعشها نسيمُ "الربيع العربي" العليل, بعد تحريرها من قبل حركة (أو شيء من هذا القبيل) يجب ألا يتجرأ أي شخص نزيه أو عاقل على انتقادها؟
ربما يمكننا الإشارة إلى الحرية الدينية في ليبيا, مع احتجاز وتعذيب الأقباط المصريين. وقد جاء ذلك بعد مهاجمة مسلحين للكنيسة القبطية المصرية في بنغازي. أو يمكننا أن نضيف بعض التوازن هنا ونتحدث عن الهجمات المستمرة ضد الصوفيين المسلمين في ليبيا. حتى أن هناك أخباراً جيدة أخرى, مع تعرض الفتيات الليبيات في المدارس للتهديد والضرب. فالنساء الليبيات لسن الوحيدات اللواتي نلنَ على هذا الاحترام الجديد, بل هناك أيضاً عاملات الإغاثة البريطانيات اللواتي تعرضنَ للاختطاف والاغتصاب.
ثم هناك حرية الصحافة, التي تمثل هدفاً مركزياً بالنسبة إلى كل من يزعم أنه يسعى إلى تحقيق الحريات المدنية والتحرر من الدكتاتورية: "اقتحمت مجموعة كبيرة من الرجال المجهولين مقرَ تلفزيون ‘الآسمة’, وهي قناة إخبارية خاصة في طرابلس, واختطفوا أربعة رجال, من بينهم مالك المحطة جمعة الأسطة, والمدير التنفيذي السابق نبيل الشيباني, والصحفيين محمد الهوني ومحمود الشركسي."
في ليبيا الجديدة, يتلقى المواطنون الذين هجرتهم الحرب احتراماً شديداً في حالة "خروقات خطيرة ومستمرة لحقوق الإنسان ضد سكان بلدة طويرغة, الذين يتم النظر إليهم كمؤيدين لمعمر القذافي. إن التهجير القسري لحوالي 40,000 شخصاً, والحجز التعسفي, والتعذيب, وعمليات القتل منتشرة على نطاق واسع, وهي منظمة بما يكفي لترتقي إلى مستوى جرائم ضد الإنسانية ويجب على مجلس الأمن في الأمم المتحدة أن يدينها." إذ يبدو أن ليبيا الجديدة قد وضعت الاعتداءات العرقية في متحف "حقوق الإنسان". كما يبدو أن جميع أولئك الذين غسلوا أفواهَهم بمصطلحات مثل "منع الإبادة الجماعية" قد اختفوا عن الأنظار. فمع ظهور ليبيا الجديدة, ظهرت قوانين تهجئة جديدة: فالطريقة الصحيحة لتهجئة "القمع" هي الآن التحرير. فأي جزء من هذا "الربيع العربي" تؤيدون؟
"لا خجلَ ولا عرفان بالجميل في ليبيا المتحررة من أي قانون". إن تعليق صحيفة "صندي ميل" (5 آذار/مارس 2013) لاذع بشكل خاص بطريقة كان يتميز بها الكلام عن القذافي, لكن بشيء من الندم الآن: "لم تُنتهَك حرمة المقبرة طوال سنوات العداوة بين بريطانيا ونظام القذافي. لكن الأشياء مختلفة الآن في ليبيا الجديدة." ثم يتابع محررو الصحيفة لاستخلاص بعض "النتائج المزعجة" – بشكل متأخر, مرة أخرى – مثل: "أصبحت ليبيا بعد سقوط القذافي مكاناً جامحاً لا قانون فيه حيث يمكن ارتكاب الفظائع بكل صفاقة من قبل من يملك السلاح الكافي. ثانياً, ليس هناك عرفان بالجميل بين أولئك الذين ساعدناهم. ثالثاً, ثبت أن أولئك الذين حذرونا أننا لا نعرف من ندعم, ولا نكترث بذلك, كانوا على صواب وبرهنوا على صحة رأيهم بطريقة مشهدية ومروعة ... يجب على قادتنا, وعلى إعلامنا, ألا يتحمسوا بشكل غبي لاحتضان ودعم كل حركة ثورية تظهر في العالم العربي. المستبدون سيؤون, لكن خصومهم ليسوا أفضلَ منهم بالضرورة." ومرة أخرى, من كان مخطئاً حول "الربيع العربي"؟
واهبو الحرية الغيريون. تبينَ أن الأشخاص "المصيبين تاريخياً" (وهو مجاز متمركز حول الفكر الأوروبي يرفض الرحيل حيثما يكون الجهل قريباً) قد تورطوا في الاستغلال الإنساني, أو ربما الإنسانوية التجارية, إن شئتم. فقد اتضحَ أن الحكومة الكندية التي يرأسها ستيفن هاربر "شنت هجوماً تجارياً شاملاً قبل شهر كامل من انتهاء الحرب على ليبيا في 2011 لكي نضمنَ ‘عوائدَ تدخلنا واستثماراتنا’, كما تبين وثائق نشرت مؤخراً." ربما لم تقرروا بعد من أصابَ بشأن "الربيع" العربي, ولكن ليس هناك شك في ذلك الذي كان يراقب ال "تشا-تشينغ" العربي!
مع هذه التلميحات, على المرء أن يسأل: كيف يمكن للتشكيك في الربيع العربي أن يكون أكثر من شعور بالإنصاف والفخر؟ ولكن هناك تأكيد ثانٍ: أن هوغو تشافيز لم يكن مشككاً في "الربيع العربي", لكنه خسر الدعمَ والمصداقية بسبب ذلك, وأنه ولدَ امتعاضاً شديداً بسبب المواقف التي أخذها.

تشافيز "خسر الدعم" بسبب "الربيع العربي"؟ نقاشات ضد الدلائل
رداً على العدد الأخير, سارع الكثير من وسائل الإعلام الإخبارية إلى التأكيد أنه على الرغم من كل إنجازاته, سوف يذكر التاريخ دائماً أنه كان مخطئاً بخصوص "الربيع العربي", تاركاً بذلك مذاقاً مراً في أفواه "الكثيرين" في الشرق الأوسط. وهكذا, فقد تأثرت سمعة تشافيز بشكل كبير في الشرق الأوسط, مما أدى إلى خسارته لمؤيديه. دعونا نلق نظرة سريعة على بعض الأمثلة:
أوين جونز, يكتب في "الإندبندنت" البريطانية مقالاً قوياً يتجاهل فيه إنجازات تشافيز الكثيرة, ويقدم هذا النقد:
"ومن ثم هناك مسألة علاقات تشافيز الأجنبية المزعجة. فعلى الرغم من أن حلفاءَه المقربين كانوا من الحكومات اللاتينية يسار-الوسط المنتخبَة ديمقراطياً – التي دافعت كلها تقريباً عن تشافيز بحرارة ضد الانتقادات الأجنبية – إلا أنه كان يدعم الطغاة المتوحشين في إيران وليبيا وسوريا. ومما لا شك فيه أن ذلك لطخَ سمعته."
إذا تركنا جانباً الطريقة التبسيطية في تسمية الناس ب "الطغاة المتوحشين", على طريقة جورج بوش الابن وخلفهِ, والتي تنتج ذلك النوع من سياسة "البوب" العبثية التي يتميز بها العالم المسطح الذي تصفه وسائل الإعلام الرسمية, كان على جونز أن يجيبَ على سؤال في غاية البساطة. أمام أي جمهور لطخ تشافيز سمعته؟ إذ يمكن لجونز أن يتحدث باسمك, لكنه لا يتكلم باسمي أنا, كما لا يتكلم باسم الكثيرين ممن أعرفهم. إن التعبير عن التأويل الذاتي لبعض الأشخاص, وكأنه حقيقة عامة وموضوعية, لا يتعدى كونَه ضرباً من المنطق الصبياني التافه.
أما "فرانس 24" فقد كانت مقتنعة بشكل لا يداخله الشك أن تشافيز "قد لطخ سمعته في المنطقة عندما تفجر الربيع العربي في سنة 2011", بسبب دعمه للقذافي والأسد. لكنهم يعتمدون على كلام مصدر واحد هو عالِم سياسي في باريس. يبدو أن الصحافة والدليل قد تطلقا بشكل بشع؛ إذ يرفضان التحدث مع بعضهما البعض في العلن حتى ولو من باب المجاملة الشكلية.
ومن جهة أخرى فإن داني بوستل, المدير المشارك ل "مركز دراسات الشرق الأوسط" في "مدرسة جوزف كوربل للدراسات الدولية" في جامعة دنڤر, يتذمر في "صالون" أنه ليس هناك قدر كبير من الصدق في المديح اليساري لسجل تشافيز حول الطريقة التي يحتضن بها "الطغاة". ومرة أخرى, يأخذ تأويله بمثابة التحليل الوحيد المبني على الحقيقة الموضوعية, أو كأنه الحقيقة بعينها. فيما يتعلق بليبيا, حاولوا أن تجدوا أين يمكننا أن نرى برهاناً يدل على خطأ تشافيز في دعمه للقذافي:
"لقد عبر عن رأيه الصريح في دعم معمر القذافي وبشار الأسد. كان تربط تشافيز صداقة حميمة مع الزعيم الليبي قبل الانتفاضة التي قامت ضده في 2011: ففي سنة 2009 قام بتقليد القذافي نسخة عن سيف سيمون بوليڤار, كما منحَه ميدالية ‘وسام المحرر’ التي منحها من قبله لأحمدي نجاد. وقد أعلن تشافيز أن ‘ما يمثله سيمون بوليڤار بالنسبة إلى الشعب الفنزويلي هو ما يمثله القذافي بالنسبة إلى الشعب الليبي.’ ومع تنامي التمرد الليبي واستمرار القذافي في ذبح شعبه, كان تشافيز واحداً من حفنة من قادة العالم الذين وقفوا إلى جانبه: ‘نحن ندعم الحكومة الليبية.’"
كل ما نقرأه هنا هو "استمرار القذافي في ذبح شعبه" – وكأنه كان يحارب أطفالاً بريئين يلعبون بطائرات ورقية. ومرة أخرى, هناك صمت مطبق حول الرجعيين الإسلامويين العنيفين الذين كان القذافي يقاتلهم والذين كانوا قد تورطوا مراراً في أعمال عنف ضد حكومته, وكيف قامت قوات المعارضة للقذافي باستهداف وقتل العشرات من الليبيين السود البريئين والعمال المهاجرين الأفارقة خلال انتفاضتها الديمقراطية المزعومة.
إن هذا اليسار "النقدي" و "الحساس" بحاجة إلى يبدأ في معالجة نقاطه العمياء العرقية إذا كان يتوقع هؤلاء الكتاب الأوروبيون والأمريكيون أن يأخذهم القراء على محمل الجد مرة أخرى. والأسوأ من كل ذلك عندما يقدم بوستل دليلاً عبر هذا المثال من المبالغة العبثية, الذي يدمر بشكل كامل أية مصداقية متبقية لديه – وقد قصدَ تقديمه كتدليل على الأطروحة القائلة إن موقف تشافيز كان مكلفاً ومحرجاً بالنسبة لحلفائه اليساريين في حكومات أمريكا اللاتينية ... ولا حظوا أيضاً غياب أي ذرة من الدليل لتدعيم الزعم المقدَم. والسبب بسيط: إن هذا الزعم مزيف.
ولكن ليس الكتاب الأوروبيون والأمريكيون الشماليون هم وحدهم الذين يوجهون مثل هذه الانتقادات إلى تشافيز. إذ كان من الأسهل تجاهلهم لو لم ينضمَ إليهم عدد قليل من كتاب الشرق الأوسط الذين أسبغوا نوعاً من "الشرعية العربية" على مثل هذه الاتهامات.
وهكذا يقول علي هاشم في نهاية مقالته في "المونيتور":
"قبل ‘الربيع العربي’ كان الليبراليون المؤيدون للغرب هم الذين يتجاهلونه. ولكن بعد الانتفاضة, غيرَ الكثير ممن كانوا يتغنونَ باسم تشافيز من مواقفهم. إذ إن دعمَه للقذافي والأسد, بعد أن وجها أسلحتهما ضد شعبيهما, أدى إلى تقسيم الرأي العام حوله. فقد نظر تشافيز إلى الانتفاضات بصفتها جزأ من خطة إمبريالية للإطاحة بالقادة المناوئين لأمريكا في المنطقة. واتهمه الثوريون العرب بتجاهل معاناة أولئك الذين أعجبوا به فيما مضى وتغنوا باسمه. فبالنسبة إليهم, أصبحَ قائداً مغروراً آخرَ اختارَ مصالحَه الخاصة ومصالحَ المستبدين فوق مصالح الشعب."
"الكثير". "بالنسبة إليهم". "تقسيم الرأي العام". وحتى نهاية هذا المقطع, يقوم هاشم بإطلاق أحكام عشوائية دون أن يحدد هؤلاء الناس الذين يتحدث عنهم, وأين, وكم عددهم (وكيف عرف بذلك), ودون ذكر أي شيء عن أولئك الذين أخذوا ينظرون إلى تشافيز بهذه الطريقة السلبية. وحتى في النهاية, كل ما نحصل عليه هو إشارة غامضة إلى "الثوريين العرب". فإذا أخذنا بعين الاعتبار ما فعله هؤلاء الثوريون العرب في ليبيا – وهو أبعدُ ما يكون عن أي جمهورية اشتراكية, أو ديمقراطية, أو مستقلة, على المرء أن يسأل: لماذا كان على تشافيز أن يهتمَ بآرائهم؟ هل قام قط بالتزلف لأولئك الرجعيين والعرقيين المدعومين من واشنطن والذين أطاحوا واحدة من الحكومات العلمانية الاشتراكية القليلة في العالم العربي؟ بمقدور المرء أن يتخيل التفكير بجدية أن تشافيز قد أهانَ هذا النوع من المؤيدين – لكن هؤلاء لم يكونوا من بينهم في المقام الأول.
ولا يثير دهشتنا أن إيمان الشناوي قد كتبت مقالة في صحيفة العائلة المالكة السعودية, "العربية", بسخرية كبيرة عن دعم تشافيز للقذافي (حيث عملت على تقليص التحليل إلى مجرد ذكر لأسماء شخصية, دون التطرق إلى المواضيع الهامة). ويجب على نفس الكاتبة أن تحاول كتابة بعض العبارات النقدية حول نظرة البحرينيين لأسيادها السعوديين, حيث شارك السعوديون ودول خليجية أخرى, بشكل كبير ومباشر, في قمع الاحتجاجات الشعبية هناك, وهو جزء من "الربيع العربي" يتظاهر الإعلام المدعوم من السعودية بأنه لم يحدث قط.
وليس من المدهش أيضاً أن تقوم صحيفة أخرى ينشرها بلد خليجي استبدادي آخر, "أخبار الخليج" عبر ليالي سعد, بالتأكيد أن "الكثيرين من العرب فقدوا احترامَهم للرئيس الفنزويللي بعد دعمه للحكام المستبدين خلال الانتفاضات العربية." ومن ثم تستنتج الكاتبة: "كره الكثير من العرب القائدَ الذي بدأ يكشف عن معاييره المزدوجة حول قضايا إنسانية. ومن غير المحتمل أن يعبر العالم العربي عن حزنه لموته اليوم." معاييره المزدوجة هو ... التي تختلف عن معايير "مجلس التعاون الخليجي" حول البحرين! كانت "الثورة" في ليبيا عبارة عن استثمار بالنسبة إلى الدول الخليجية – لقد شكلَ تشافيز تهديداً لمصالحها في السيطرة على ليبيا, كما أنها تكره تشافيز لهذا السبب. وأشك أن آراء هذه البلدان كانت ستدهش أو تهم تشافيز, بما أنها لم تكن صديقة أو حليفة له قط.
ومن ناحية أخرى, تنتقل "البوابة", في مقالتها "الشرق الأوسط يتوق إلى البطل ‘العربي’ تشافيز", إلى تقويم أكثر إيجابية لتشافيز في الشرق الأوسط, لكنها تؤكد أن "دعمه للقادة المستبدين من معمر القذافي في ليبيا, والرئيس بشار الأسد, ونظام آية الله في إيران سبب تراجعاً في شعبيته خلال ‘الربيع العربي’." ومرة أخرى, لا نرى أي دليل, أو استفتاء, لا شيء سوى ما تقوله هذه الصحيفة. كيف يعرف هذا الكاتب أن شعبية تشافيز قد تراجعت؟ إنها عبارة تدل على الكمية, لكن الكاتب لا يقدم أية أرقام أو دلائل.
وفي الصحيفة الإماراتية "ذَ ناشنل", جمعَ عبد الحفيظ الزويتني عدة آراء من صحف المنطقة. وإذا افترضنا أن هذه الآراء تمثل الرأي العام بشكل أو آخر, فإن معظم الآراء لا تهاجم تشافيز لدعمه للقذافي والأسد ولا توحي بأنه فقدَ شعبيته في الشرق الأوسط. إذ إن هناك رأياً سلبياً واحداً فقط يتعلق بدعم تشافيز للقذافي.
أما بالنسبة إلى فقدان الدعم في صفوف الحلفاء, تشير "غلوبل بوست", عوضاً عن ذلك, إلى استمرار تشافيز في تلقي الدعم القوي من أولئك الذين عملَ على كسب دعمهم, مثل الحكومة السورية. كما تحيلنا "ديلي ستار" اللبنانية مرة أخرى إلى الأطراف الإقليمية التي تدعم تشافيز كبداية – وهذه هي نقطة البداية المنطقية لأي نقاش يركز على فكرة فقدان تشافيز لشعبيته بين أصدقائه:
"توحدَ الفلسطينيون في غزة والضفة الغربية في حزنهم يوم الخميس لموت الرئيس الفنزويللي هوغو تشافيز, الذي قاده دعمه المتواصل لقضيتهم إلى شن هجمات شرسة على إسرائيل. كان الرئيس الفنزويللي, الذي توفي يوم الثلاثاء عن عمر 58 سنة بعد عامين من الصراع مع مرض السرطان, يتمتع بشعبية كبيرة بين الفلسطينيين لدعمه العلني لقضيتهم. ‘إنها خسارة كبيرة لنا,’ قال الرئيس محمود عباس أثناء المكالمة التي أجراها مع المكتب الفنزويللي التمثيلي في رام الله."
وأشارت "بي بي سي نيوز" إلى أن شعبية تشافيز مستمرة بعد وفاته, وبعد "الربيع العربي".
عندما يبحث المرء عن أية دلائل ملموسة يتم بناء الآراء عليها, لا يجد أي دليل يدعم الزعمَ القائل إن تشافيز "خسر الدعم" الذي كان يتمتع به في الشرق الأوسط لرفضه القفز على عربة التدخل الإنساني الذي يقوده الناتو ووزارة الخارجية الأمريكية. ففي نهاية المطاف, لم يكن بمقدوره أن يخسر أي دعم لم يكن يتمتع به في المقام الأول.

معرفة تشافيز المناوئة للإمبريالية
في الأنثروبولوجيا [علم الأناسة], عندما يتم تدريب الطلاب على الطرق الميدانية, وما نقرأه حول إجراء أبحاث إثنوغرافية ميدانية, هناك تركيز خاص على مصادر رئيسية: أي, أولئك الذين يتمتعون بمعرفة متقدمة ومتراكمة عن ثقافتهم ويشكلون دليلاً قيماً للباحثين الأجانب الذين يسعون إلى فهم ثقافتهم بشكل أعمق. وعادة ما يكون هؤلاء الأشخاص من كبار السن, وزعماء القبائل, والحكماء, إلخ.
في السياق الأمريكي – اللاتيني, اكتسب بعض القادة معرفة متقدمة ومتراكمة حول الإمبريالية الأمريكية, من خلال مواجهتها بشكل مباشر أو غير مباشر, ومن خلال التجربة الشخصية. وينطبق ذلك على دانييل أورتيغا في نيكاراغوا, والذي قادَ قوات "الساندنيستا" في الثمانينيات من القرن الماضي في حربها ضد الرجعيين المموليم من قبل "سي آي إيه", وكان عليه التعامل مع مؤامرات "سي آي إيه" والمؤامرات الأمريكية الأخرى, مثل تلغيم موانىء نيكاراغوا البحرية ودعم الإعلام المحلي والمجموعات المعارضة. يقود دانييل أورتيغا نيكاراغوا مرة أخرى, وقد دعم حكومة معمر القذافي بقوة. يعرف أورتيغا جيداً الطريقة التي تعمل بها الإمبريالية الأمريكية.
الرئيس الكوبي فيديل كاسترو ناجٍ على عدة مستويات. فقد نجا من أكثر من 600 محاولة اغتيال أجنبية, بما في ذلك بعض المؤامرات الغريبة على يد "سي آي إيه", والتي لو لم يتم إثباتها لكان الناس يشيرون إليها اليوم بصفتها نظريات مؤامرة جنونية. تعرضت كوبا للغزو من قبل قوات مدعومة من الولايات المتحدة في عهد الرئيس جون كيندي, كما عانت من محاولات زعزعة الاستقرار لعقود طويلة. وإن كان فيديل خبيراً في أي شيء, وهو خبير في أشياء كثيرة, فإنه خبير في الإمبريالية الأمريكية والطرق التي تعمل بها. رفض أورتيغا وكاسترو التدخلَ في ليبيا, ولم ينجذبا بغباء إلى معارضي القذافي, كما عبرا عن دعمهما للحكومة الليبية.
وهكذا نأتي إلى هوغو تشافيز, الذي عملت واشنطن على شيطنته لوقت طويل, والذي نجا من انقلاب دعمته الولايات المتحدة, ويتزعم بلده فنزويلا التي شهدت تورط سفارة الولايات المتحدة في التدخل السياسي. وكمثال واحد من بين أمثلة كثيرة, فصلت إحدى البرقيات التي أرسلتها السفارة الخطط التي قامت بإعدادها (والخطوات الفعلية التي تم اتخاذها) في سياق التدخل الأمريكي في فنزويلا, بما في ذلك الأهداف التالية: "1) تعزيز المؤسسات الديمقراطية, 2) اختراق القاعدة السياسية لتشافيز, 3) تقسيم جمهور تشافيز, 4) حماية المصالح الحيوية الأمريكية, 5) عزل تشافيز دولياً." وكان من بين الوكالات الأمريكية التي تسعى لتحقيق هذه الأهداف: "مكتب المبادرات الانتقالية" , وما يسمى "المنظمات غير الحكومية" مثل "الجمعية الدولية للبدائل التنموية", و "فريدوم هاوس" و "سيڤيكوس". فبعد أن شهدَ على ما يجري في فنزويلا, كان من المنطقي, والمبرر, بالنسبة إلى تشافيز أن ينظر بعين الريبة إلى احتجاجات الشارع "العفوية" التي سرعان ما لقيت الدعم الفوري للقوى الغربية التي تهدد بالتدخل العسكري الفوري.
وعلى غرار الكثير من الأمريكيين اللاتينيين الواعين, طلاب التاريخ الأمريكي منذ الاستقلال عن إسبانيا, كان هوغو تشافيز على معرفة وثيقة بالتدخلات الأمريكية في قضايا دول أمريكا اللاتينية خلال ال 200 سنة الأخيرة, كما كان في وضع يمكنه من الحديث عن هذه القضايا بناءً على خبرة تفوق خبرة نظرائه في الشرق الأوسط, أو خبرة بعض المعلقين الأمريكيين الشماليين أو الأوروبيين الذين تنحصر شهرتهم في امتلاكهم لمواقع صحفية إلكترونية. ولسوء الحظ, عندما يتعلق الأمر بالإمبريالية الأمريكية, يعرف معظم الأمريكيين اللاتينيين ما يتحدثون عنه بدقة, على العكس من قناتي "الجزيرة" و "العربية" اللتين تتظاهران بأن الأمر على غرار ذلك.
الفكرة هي أن أشخاصاً مثل تشافيز "تدربوا" جيداً على تمييز الأنماط, وتجميع المعلومات المبعثرة, مما يمكنهم من رؤية الأحداث على الأرض في سياق الأفعال والادعاءات السابقة, ووضع الأحداث التي تبدو عشوائية في صورة متكاملة وواضحة. ففي الحالة الليبية, كان تشافيز محقاً في القول إن الولايات المتحدة تبحث عن أول فرصة لكي تتدخلَ عسكرياً, وكان محقاً في معارضة هذا التدخل, وتمسك بموقفه منذ البداية. كان تشافيز محقاً حتى عندما أكد أولئك الذين يجب أن يتمتعوا بمعرفة ودراية أكبر على أن الولايات المتحدة لن تتدخلَ في ليبيا. لقد قدمَ تشافيز مبادئه وأهدافَه بوضوح شديد منذ البداية وخلال جولاته في شمال أفريقيا والشرق الأوسط: أن فنزويلا لن تؤيد التدخلات المستمرة للإمبريالية الأمريكية, وأنها ستقف إلى جانب من تستهدفهم هذه الإمبريالية, وأنها ستفعل ما بوسعها لدعم القضية الفلسطينية, وأنها ستسعى لبناء تحالف بديل للأمم التي تدعم مبادىء حق تقرير المصير, وعدم التدخل في شؤون الدول الداخلية, وتحقيق العدالة الاجتماعية والاقتصادية.


تُرجم عن ("زيرو آنثروبولوجي", 14 نيسان/إبريل 2013)

الجمل: قسم الترجمة

nad-ali
07-05-2013, 11:54 AM
مناورات ضخمة في الخليج لـ41 دولة تحت اشراف "الإسطول الأميركي"
http://manamavoice.com/pictures/medium_1367857199.jpg
المنامة - أ ف ب
بدأت القوات البحرية لواحد واربعين بلدا هذا الاسبوع تحت اشراف الاسطول الخامس الاميركي المتمركز في البحرين، مناورات لازالة الالغام في الخليج قبالة السواحل الايرانية.

وقال الاسطول الخامس في بيان الاثنين ان هذه المناورات التي ستستمر حتى 30 ايار/مايو "هي اكبر مناورات من نوعها تجرى في المنطقة".

وتتضمن هذه المناورات اجراء عمليات دفاعية تهدف الى "حماية التجارة الدولية"، ومناورات لازالة الالغام وعمليات للامن البحري، كما جاء في البيان. وقد اجريت ايضا مناورات العام الماضي تحت اشراف الاسطول الخامس.

وقال الاميرال جون. دبليو. ميلر قائد الاسطول الخامس "يسعدنا ان يشارك اكثر من 40 بلدا" في المناورات الرامية الى "تحسين القدرات الدولية للحفاظ على حرية طرق الملاحة" العالمية.

وقد بدأت البلدان المشاركة الاثنين تمارين، على ان تبدأ المناورات البحرية الاسبوع المقبل، بمشاركة 25 سفينة منها يو.اس.اس بونس و18 غواصة.

وهددت ايران مرارا في السابق بغلق مضيق هرمز الذي يعبره ثلث النفط العالمي اذا ما تعرضت لهجوم او اذا ما تعرضت مصالحها الحيوية للخطر. واحدى مهمات الحرس الثوري اذا ما اندلع نزاع تقضي بتلغيم هذا الممر الاستراتيجي.

nad-ali
11-05-2013, 01:30 PM
http://www.assafir.com/Images/Logo.png

فلتشر: سايكس بيكو 2 المقبل ليس بريطانيا ـ فرنسيا


غراسيا بيطار



تجول سفير بريطانيا في لبنان طوم فلتشر بين سايكس بيكو واتفاق الطائف. بدا الديبلوماسي الانكليزي ضليعا في تاريخ المنطقة في المحاضرة التي ألقاها، أمس الأول، في مركز عصام فارس بعنوان: “أولويات الممكلة المتحدة في لبنان وإدارة تداعيات الحرب السورية”.

صحيح أن فلتشر لم يكن سفيرا لبلاده في السابق في أي من دول الشرق الأوسط، لكنه كان ولسنوات أحد مستشاري رؤساء الوزراء البريطانيين المتعاقبين مثل دايفيد كاميرون وقبله غوردون براون.

يقرأ فلتشر حاضر المنطقة من ماضيها. برأيه “طبعات” أخرى منقحة من سايكس بيكو للمنطقة واتفاق طائف 2 للبنان تلوح في الأفق. “اتفاق سايكس بيكو” البريطاني الفرنسي، كان نتيجة لحظة تاريخية معينة، واليوم قد تكون هناك طبعة ثانية منه، لكنها لن تكون بين الفرنسيين والبريطانيين، إنما بين الروس والأميركيين.

لبنانيا، قد يحل الإيرانيون محل السوريين في الطائف 2، حسب فلتشر الذي أوضح أنه لا يوجد تفاهم دولي بشأن إقامة منطقة حظر جوي داخل سوريا، ولكن من المهم حفظ مقومات الدولة السورية والاستفادة من دروس التجربة العراقية وخاصة خطأ حل الجيش العراقي.

إنطلق الديبلوماسي البريطاني من كلمة مدير المركز السفير عبد الله بوحبيب عن “انقسام اللبنانيين حيال سوريا منذ العام 1943 الى الأزمة الراهنة”، ليتوقف عند “أهمية إبعاد لبنان عن تداعيات الحرب السورية ودعم الجيش اللبناني بالعتاد اللازم لضبط الحدود مع سوريا”. الأولوية اليوم، برأيه، هي لهذا الموضوع بالإضافة الى “الحفاظ على النموذج اللبناني في التنوع”. وفي الشق الإنساني، اشار الى “خطورة ملف النازحين السوريين”، داعما فكرة إنشاء مخيمات لهم كونها أكثر واقعية وان كان لبنان قد رفضها.

في الشق الأمني، شدد فلتشر على “محورية الجيش اللبناني في معادلة الحفاظ على الاستقرار وعلى أهمية دعم المجتمع الدولي له وتوفير العتاد اللازم له لضبط الحدود”، مشيدا بأدائه المهني والحكيم، داعيا السياسيين الى “توفير الغطاء الكامل للجيش للقيام بمهامه”.

ولفت فلتشر الانتباه الى ان “بريطانيا تساعد الجيش اللبناني بالتدريب والتجهيز وتتطلع الى المزيد من تأمين الحاجات له لضبط الحدود من وسائل اتصال وحماية ولوجستية وأبراج مراقبة”.

إقليميا، شدد سفير بريطانيا، على “أهمية تفادي اندلاع نزاع بين إيران وإسرائيل وعلى تفعيل عملية السلام”، معلقا على الغارة الإسرائيلية الأخيرة على سوريا بالتشديد على ضرورة احترام مستلزمات القرار 1701 لجهة عدم نقل الأسلحة الى لبنان.

وقال إن التطورات في لبنان “قد تقود الى حصول طائف 2 يحل فيه الإيرانيون محل السوريين في أضلاع معادلة الطائف الأول الذي قام على تركيبة أميركية سعودية سورية، ولكن من الأفضل أن يتوصل اللبنانيون بأنفسهم الى اتفاق جديد”، معتبرا أنه “في المرحلة الحالية التي نشهد فيها انتقالا لمراكز القوى والتأثير من أوروبا الى آسيا فإن لبنان يجد نفسه في أفضل أيامه بسبب القدرة على الاستفادة من هذه المعطيات والقدرة على الخلق والإبداع والحركة والتجارة بين الغرب والشرق”.

وردا على سؤال أعرب فلتشر عن اعتقاده “انه في السنوات المقبلة قد يأتي وقت يكون فيه مكان لمحادثات إقليمية تؤدي الى سايكس بيكو جديد أو سايكس بيكو 2، لكن الخريطة الجديدة أو هذا الاتفاق قد يكون بين الإيرانيين والسعوديين أو بين الأميركيين والروس، ولن يكون بريطانيا – فرنسيا”.

nad-ali
11-05-2013, 01:31 PM
http://www.al-akhbar.com/sites/default/files/akhbartheme_logo.gif

تحية نصر الله تشعل قلوب الوطنيين الأردنيين

https://encrypted-tbn2.gstatic.com/images?q=tbn:ANd9GcTM4FfxIe0U9taWekgGIieq3XlBPmPbA D-g-Q6Ap5qEz5TyxOUo
ناهض حتر


حيّا الأمين العام لحزب الله، حسن نصرالله، البرلمانَ الأردني على قراره الصادر بالإجماع، والقاضي بتجميد العلاقات الدبلوماسية مع العدوّ الإسرائيلي. وهو نوّه بأهمية القرار، في ظروف الاستسلام العربي الراهنة، بغض النظر عن استجابة السلطة التنفيذية لحيثياته. نصر الله منصف دائماً، صافي النيّة والسريرة، جدّي لا يعرف الأحقاد والمواقف المسبقة، يكنّ الاحترام لجميع الشعوب العربية، ولا يتوانى عن الإشادة بكل موقف إيجابي يصدر عن أي جهة عربية، مهما كانت الخلافات معها، وفق معيار موضوعي هو معيار المواجهة، بكل أشكالها، مع العدو الرئيسي لأمتنا، الكيان الصهيوني.

هذا الإنصاف ثمين جداً عند الأردنيين المظلومين بشيطنتهم جميعاً، من قبل أطراف يعتبر بعضها أن الأردن «مصطنع كله»، بل و«أن الأردنيين يصطفون جميعا مع نظامهم في السياق الإسرائيلي»! وهي أشدّ أنماط العنصرية المريضة، حين تتهم شعباً عربياً، بأكمله، بالخيانة.

عندما رفع سيّد المقاومة يده بالتحية لبرلماننا، شعرت بأن الجهود الحثيثة التي بذلناها لتغيير الصورة النمطية عن الأردن، وإعادة اكتشاف صورته الواقعية، كمجتمع حي وحيوي، ودولة وطنية تتصارع فيها تيارات اجتماعية سياسية ثقافية، لا كـ «كيان وظيفي»، كما درجت أدبيات «ثوروية» ـــ «شوفينية»، على وصفه وإدانته، واستسهال شطبه.

قرار البرلمان الأردني الثاني الذي لم يحظ بالأضواء، مع أنه الأهم، والصادر بالأكثرية، هو القرار الذي يطالب بإعادة النظر في معاهدة وادي عربة المشؤومة. وأريد أن أشير، هنا، إلى أن تجاهل السلطة التنفيذية لهذين القرارين البرلمانيين، سيضرب صدقية الادعاء بالإصلاحات السياسية، ويُحرج النظام، ويكشف، على الملأ، أن البرلمانية الأردنية، ليست شريكة في اتخاذ القرار. وهو ما ستكون له مفاعيله اللاحقة، شعبياً.

علّق نائب وزير الخارجية الإسرائيلية، زئيف ألكين، على قرارات البرلمان الأردني المعادية لإسرائيل، قائلا: هذه «مبادرة خطابية» طالما أن «القرار هو في أيدي الحكومة»، وهوّن من الأمر باعترافه بأن «البرلمان الأردني معاد لنا على كل حال»!

أريد أن أعطيكم فكرة عن هذا البرلمان المعادي لإسرائيل، البرلمان الذي شبّهه بعضهم من أعداء سوريا، بأنه، في القضية السورية، لا يعدو كونه نسخة أردنية من مجلس الشعب السوري! هذا البرلمان، للعلم، ليس مكوناً من معارضين تقليديين أو يساريين أو قوميين، وإنما هو مكون من ثلاث كتل، تضم الرئيسية منها نواب بيروقراطية الدولة، المدنية والعسكرية، ونواب العشائر والمحافظات، مع كتلتين أصغر حجماً من الليبراليين ونواب التجنيس والتوطين والتطبيع. وهؤلاء غابوا عن جلسة مجلس النواب التي اتخذت القرارات المعادية لإسرائيل.

أعني أن ما يجب أن يلفت الانتباه، بالدرجة الأولى، أن ميول التصعيد ضد إسرائيل، وصلت إلى قوى وشخصيات من «أبناء النظام»، بل أن هؤلاء هم الذين يشكلون الوزن الراجح للتوجهات الرافضة للتدخل في سوريا، والمطالِبة بإعادة النظر الشاملة في العلاقات مع العدو الإسرائيلي، والراغبة في تجديد التحالف الأردني ــــ العراقي، وتحسين العلاقات مع إيران.

ماذا يعكس ذلك، سوى أن الحركة الوطنية (بتعدديتها التي تشتمل على بيروقراطية الدولة والعشائر والقوى اليسارية والقومية) تتسع، وتقوى، وتسعى للتعبير عن توجه الأكثرية الأردنية إلى استبدال التموضع الاستراتيجي، ليس، فقط، درءاً لمخاطر المشروع الأميركي الإسرائيلي الرجعي للكونفدرالية كصيغة للوطن البديل، بل، أيضاً، عن التوق لاستنهاض قيم الذود عن السيادة والتوق إلى الكرامة الوطنية. وفي هذا السياق، فإن الفهم الموضوعي المنصف للحالة الأردنية وظروفها وإمكاناتها، لدى القائدين، بشار الأسد وحسن نصرالله، سيلعب دورا مهما في تعزيز قوة الحركة الوطنية الأردنية، والتيارات الوطنية داخل بيروقراطية الدولة وخارجها.

يواجه الأردن مروحة من الضغوط الخارجية، الأميركية والخليجية والتركية والإسرائيلية، والضغوط الداخلية المتمثلة بالإخوان المسلمين والسلفيين ودعاة التوطين والمحاصصة والفريق النيوليبرالي المتأمرك. وهو تحوّل إلى صيغة لبنانية من 8 و14 آذار، لكنها غير ظاهرة في عناوين مؤسسية، لسببين: طغيان الدولة المركزية، وكون رأس النظام، الملك عبدالله الثاني، ما يزال يدور مدار شعرة معاوية، ولا يقطع مع التيارين.

الثلاثاء الماضي، استقبل الملك، بروح ودية، رسالة القيادة الإيرانية التي تحضّ عمان على الحياد. وبرغم ما أظهرته أوساط 14 آذار الأردنية من جعجعة، فإن ما حدث، ميدانياً، في اليوم التالي، ليس سوى استجابة أولى ـــ ونوعية ـــ للرسالة الإيرانية؛ فلقد قطع المعنيون، فجأة، الإمدادات العسكرية، عن المسلحين الذين كانوا يسيطرون على بلدة خربة غزالة الاستراتيجية على طريق عمان ــــ دمشق، مما اضطر أولئك المسلحين إلى الانسحاب منها، محمّلين الجانب الأردني، المسؤولية عن هزيمتهم!

nad-ali
26-05-2013, 02:57 PM
http://www.al-akhbar.com/sites/default/files/akhbartheme_logo.gif

أميركا القاطرة والمقطورة

https://encrypted-tbn1.gstatic.com/images?q=tbn:ANd9GcTvZHeFjVcOghA8TMloPnKX5s3qrdLV4 HhaLZazhcHssbO3M79e8w
إيلي شلهوب

بات واضحاً أنّ الحراك الدبلوماسي والإقليمي باتجاه «جنيف 2» تقوده مجموعتان، تسعى الأولى إلى عقده وانجاحه، فيما تعمل الثانية على عرقلته، أو بالحد الأدنى رفع سقف مطالبها لإجهاضه. الفريق الأول تقوده روسيا، بالتعاون والتنسيق مع الولايات المتحدة، ومعهما إيران ومصر والنظام السوري وبعض أطراف المعارضة الداخلية. أما الفريق الثاني، فتقوده تركيا بدعم وتشجيع قطري وتواطؤ سعودي وغطاء أوروبي وبالتنسيق مع فصائل معارضة الخارج والمجموعات المسلحة. اللعبة لعبة سقوف ومفخخات سياسية. دعاة انجاح المؤتمر يعرفون أنه صمم لتحقيق النتيجة التالية: حل عبر حوار سوري ــــ سوري تحت سقف بشار الأسد. خلاصة هي السبب الأساس الذي يجعل الفريق الآخر يعمل على منع انعقاده، أو اجهاضه. اللافت في كل هذه المعمعة الاطمئنان الإيراني إلى الموقف الأميركي. ارتياح ليس وليد القراغ، بل نتيجة رسالة روسية حاسمة في مضمونها: الولايات المتحدة أبلغتنا رسمياً أنها حسمت خيارها وقررت تغيير موقفها من الأزمة السورية.

على الأقل هذا ما تفيد به المعلومات الواردة من طهران، التي تشير إلى أن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أبلغ السلطات الإيرانية تفاصيل المحادثات مع نظيره الأميركي جون كيري في موسكو، التي زارها في السابع من الشهر الجاري. وتكشف الرسالة الروسية، على ما تفيد مصادر وثيقة الاطلاع، أن كيري أبلغ القادة الروس أن الولايات المتحدة قررت الاستدارة في ما يتعلق بموقفها من الأزمة السورية. وقال كيري، بحسب تلك الرسالة، لمضيفيه الروس: «عليكم أن تعرفوا أن الولايات المتحدة ليست دراجة نارية يمكنها تبديل خط سيرها 180 درجة، وهي واقفة في أرضها. إن الولايات المتحدة أشبه بشاحنة كبيرة، قاطرة ومقطورة، تحتاج، من أجل الاستدارة، إلى القيام بلفة كبيرة، في خلالها يمكن أن تعبر أحياءً وشوارع ضيقة، وتتسبب بأضرار لبعض المنشآت والأبنية والسيارات المتوقفة على جانبي الطريق، لكنها في النهاية ستستدير». من مصاديق هذه الرسالة، ما كشف عنه أخيراً عن أن الولايات المتحدة وافقت على دعوة إيران إلى حضور «جنيف 2» رغم رفض العديد من الأطراف، وفي مقدمتهم السعودية، التي يبدو أنها لا تزال مترددة وتسعى إلى كسب المزيد من الوقت بانتظار تحقيق مكتسبات يمكن صرفها على طاولة الحل. ومع ذلك فإن التعامل معها، حتى هذه اللحظة، لا يزال يقوم على سياسة اليد الممدودة، خلافاً للوضع مع قطر.

ولعل هذا الاطمئنان إلى الموقف الأميركي، ومعه التقدم الذي يحققه الجيش السوري في الميدان، معطوفاً على ما ثبتته معطيات ما بعد الغارة على سوريا من خشية إسرائيلية من تدحرج الأمور نحو حرب، يفسر محاولات قطر إعادة مد الجسور مع إيران، وإصرار تلك الأخيرة على عدم الاستجابة لطلب الشيخ حمد زيارتها، وإرجاء الموعد أكثر من مرة بحجج واهية. المعنيون في هذا الملف في طهران يؤكدون أنها مستاءة جداً من السياسة القطرية القائمة على «اللعب على الحبلين»، وأنها تشترط، من أجل استضافة حمد، موقفا قطرياً حاسماً تحدد فيه الدوحة خياراتها الاستراتيجية في كل الملفات المتنازع عليها، ويتقدمها الملف السوري، مع تأكيد على الاستعداد لقبول دور للإمارة الخليجية في المنطقة يتناسب مع حجمها وقدراتها. مسؤول خليجي رفيع المستوى يؤكد أنه نقل رسالة بهذا المعنى، قبل إعراب حمد عن رغبته في زيارة طهران بأسابيع، عنوانها تحذير للسلطات القطرية من أنها ستدفع ثمن أدائها أدواراً لا تناسب حجمها. يقول هذا المسؤول إن نظراءه القطريين وقتها استمعوا إلى كلامه ولم يردوا عليه: «أداروا الأذن الصماء. اعتقد أنهم باتوا الآن مستعدين لإدارة الأذن الأخرى».

في المقابل، هناك تركيا التي يجمع المعنيون على أن قيادتها بلغت في معاداتها للنظام السوري حداً بات من الصعب إيجاد صيغة للتفاهم بينهما من أي نوع كان، وخاصة أن الاتصالات بحكومة أنقرة سبق أن انتهت أكثر من مرة إلى وعود تركية بمرونة أكبر وبمراجعة للمواقف من نظام الأسد، لتترجم عبر الممارسة بسلوك أكثر تشدداً وعدوانية. ومع ذلك طفا إلى السطح مجدداً المخرج الذي بُحث أكثر من مرة خلال العام الماضي، ويقوم على تحميل وزير الخارجية التركي أحمد داوود أوغلو مسؤولية المقاربة التركية للملف السوري، ونفض يد رجب طيب أردوغان وعبد الله غول منه، من دون أن يتضح مدى جديته حالياً.

وفي خضم الحديث عن الحل السوري والمرحلة الانتقالية التي يتفق الجميع على مبدئها، لكنهم ينقسمون حول طبيعتها، يقول دبلوماسي عربي محسوب على الفريق المؤيد للمعارضة السورية، إن الأوروبيين فكروا في بادئ الأمر، يوم بدأ الحديث عن تسوية، بوليد المعلم رئيساً للحكومة الانتقالية، لكن إطلالة إعلامية تلت ذلك أظهرت أنه يتبنى الخطاب نفسه الذي يقوله الرئيس بشار الأسد، كما أنه شوهد، بعد ذلك، يجلس في الصف الأمامي في خلال خطاب علني لهذا الأخير، فصرفوا النظر عنه. ويضيف أنه «من بعد حديث (نائب الرئيس فاروق) الشرع إلى جريدتكم («الأخبار»)، صار المرشح الأول لهذا المنصب، لكن سرعان ما صرف النظر عنه لكونه ليس لديه الكثير من المحبين والمؤيدين في الداخل. اليوم تجهد الاستخبارات الألمانية للترويج لعبد الله الدردري ليتولى هذا المنصب في أي مصالحة مقبلة».

nad-ali
26-05-2013, 03:05 PM
الحكومة: حطام الطائرة الإيرانية اكتشف في المنطقة الفاصلة بين البحرين والسعودية

http://manamavoice.com/pictures/medium_1369518570.jpg
صوت المنامة - خاص
نفى مصدر مسؤول في القاعدة الامريكية بالجفير في العاصمة البحرينية، المنامة، أي علاقته بطائرة التجسس الإيرانية العاملة بدون طيار، التي عُثر على حطامها في المياه الاقليمية البحرينية، بينما أكدت الحكومة البحرينية أن حطام الطائرة اكتشف في المنطقة البحرية الفاصلة بين البحرين والسعودية.

وقالت مرسيا مايت، المسؤول الإعلامية في القاعدة لـCNN بالعربية، إن هذا الموضوع، والملف المرتبط به، "أمر مناط بوزارة الداخلية البحرينية وحدها وليس للقاعدة علاقة بالموضوع لا من قريب ولا من بعيد".
في تصريح يأتي بعد نفي إيران ضلوعها بالحادث، قائلة إن الأسطول الخامس للبحرية الامريكية في البحرين لديه أسراب كبيرة من الطائرات العاملة بدون طيار يمكن أن تستخدم لشن هجمات، فضلا عن تنفيذ أعمال المراقبة.

بالمقابل قالت سميرة رجب، وزيرة الدولة لشؤون الإعلام والمتحدثة باسم الحكومة البحرينية، لـCNN بالعربية إن طائرة التجسس "عثر عليها في عرض البحر في المنطقة التي تفصل بين السعودية والبحرين بالمياه الإقليمية البحرينية،" واعتبرت أن الكشف عن ضبط طائرة مماثلة هو "الأول من نوعه".

وتجنبت رجب كشف مكان وجود حطام الطائرة حاليا، وما إذا كان بحوزة الجانب البحريني أم أنه لدى السلطات السعودية، علما أنه لم يسبق أن أعلن عن ضبط طائرات تجسس إيرانية في أجواء دول مجلس التعاون الخليجي، واكتفت رجب بالقول إن تفاصيل الموضوع تشكل "معلومات أمنية غير مصرح بالإعلان عنها في الوقت الحاضر.

"وقد أعلن وزير الداخلية البحريني، الشيخ راشد آل خليفة الأربعاء الماضي، عن رصد طائرة الاستطلاع، مستنكر ما وصفها بـ"الأعمال العدائية" من جانب طهران، والتي رأى أنها "تعكس إصرار إيران على التدخل في شؤون الأمن الداخلي لدول المنطقة بهدف زعزعة أمنها واستقرارها".

ومن جابها بث موق العربية نت صورة قال إنها لحطام الطائرة الإيرانية، وقالت العربية نت إنها حصلت على صورة حصرية لطائرة الاستطلاع الإيرانية التي أعلنت السلطات الأمنية في مملكة البحرين العثور عليها في المياه الإقليمية شمال المملكة العربية السعودية.

أخبار عامة , 26/05/2013 م


#صحيفة الوسط البحرينية، واشنطن تنفي صلتها بطائرة التجسس الإيرانية في البحرين

http://www.alwasatnews.com/3914/news/read/775686/1.html

nad-ali
28-05-2013, 04:34 PM
نقلت صحيفة "الوطن" الكويتية
أن إيران ألمحت بأنها سوف تتدخل عسكريا في النزاع السوري لصالح نظام الرئيس بشار الأسد على غرار دخول قوات «درع الجزيرة» التابعة لمجلس التعاون الخليجي الى البحرين.
ونقلت عن مساعد وزير الخارجية الايراني حسين أمير عبداللهيان قوله إن "سورية قد تفتح جبهة جديدة ضد اسرائيل في الجولان إذا لم يتم وقف تدفق السلاح والمسلحين إليها". وقال إن "إجراءات تتخذ لحماية العتبات الشيعية المقدسة في دمشق".

وأضاف «لا يمكن القبول بأن تدخل البحرين قوات بلد مدججة بمئات الدبابات والمدافع والجنود بذريعة حماية المنشآت العامة» وذلك في إشارة الى دخول قوات درع الجزيرة الى البحرين، «لكن العتبات المقدسة في سورية تتعرض لهجمات الإرهابيين ويبقى عالم التشيع متفرجا» على حد تعبيره.

وأشار إلى «إجراءات يتم اتخاذها لحماية هذه المراقد والعتبات المقدسة والمهمة على صعيد العالم الاسلامي والتشيع».


http://www.jurnaljazira.com/news_view_9565.html

nad-ali
28-05-2013, 04:36 PM
الطيف نيوز-
الطيف - وكالات
لاحظت تقارير إستخبارية أخذت مواقعها على طاولات البحث السياسي في مراكز صناعة القرار العالمي، أنه من المرجح الى حد كبير أن تشهد الأشهر المتبقية من العام الحالي 2013 غيابا لافتا أحيانا، وغامضا أحيانا أخرى لنحو خمسة من القادة العرب، إذ تؤكد التقارير الإستخبارية أن الوفاة للبعض ستأخذ طابع الوفاة العادية نظرا لتقدمهم الشديد في السن، علما أن التقارير المشار إليها تلمح الى زعيم عربي من المحتمل أن يتوفى هذا العام في عملية تفخيخ لموكبه، خلال زيارة لا يكون معلنا عنها الى مدينة بعيدة عن مركز العاصمة في بلاده، إذ تكشف التقارير والتقديرات بأن الغيابات لزعماء عرب ستكون سببا في تسوية قضايا شرق أوسطية، أو ستنجم عنها تسويات لملفات سياسية عالقة في الإقليم منذ عقود.

http://taifjo.com/news.php?sid=1&nid=99980

nad-ali
03-06-2013, 11:08 PM
رئيس منظمة التعبئة: ايران في حرب مع اميركا على 5 جبهات

صرح رئيس منظمة تعبئة المستضعفين العميد محمد رضا نقدي بان الجمهورية الاسلامية الايرانية تخوض اليوم الحرب مع اميركا على 5 جبهات سياسية وثقافية واقتصادية وعلمية وتكنولوجية.

(فارس)

وقال العميد نقدي في كلمة له يوم امس السبت في حشد من التعبويين بمدينة بيرجند في محافظة خراسان الجنوبية شرق البلاد، ان الشعب الان على اعتاب اختبار كبير وان الملحمة تتبلور في ذروة الحرب والصراع.

واعتبر رئيس منظمة تعبئة المستضعفين الملحمة بانها ذات شقين واتجاهين وقال، في احد الطرفين هنالك الشعب الذي يخلق الملحمة وفي الطرف الاخر هنالك الاستكبار بزعامة اميركا.

واعتبر الاقتصاد الاميركي بانه يعاني من الانهيار واضاف، ان الميزانية العسكرية الاميركية انخفضت وهي بناء على ذلك لا قدرة لها على خوض الحرب العسكرية.

واضاف العميد نقدي بان هذه الحروب التي تشنها اميركا هي لمواجهة الاسلام واضاف، انه ومنذ انتصار الثورة الاسلامية جرى التخطيط لانقلابات عسكرية وحروب مختلفة لمواجهة الاسلام.

واشار الى الديون الخارجية المترتبة على اميركا والبالغة 16 الف مليار دولار واضاف، ان جميع الخبراء واثقون من ان اميركا مصيرها الانهيار والسقوط.

http://arabic.farsnews.com/news****.aspx?nn=9202246402

nad-ali
03-06-2013, 11:09 PM
http://www.thediplomatictimesreviewonline.com/WindowsLiveWriter/image_24.png

طلقة تحذيرية لمحور تركيا – قطر


ألبير بيردال/يجيت غوناي
ترجمة: د. مالك سلمان:

http://www.aljaml.com/files/upload/2-4097.jpg

أودى تفجير بلدة ريهانلي التركية في 11 أيار/مايو بحياة 51 شخصاً, لكن الإعلام التركي تجاهله بشكل ملحوظ. ألقى الرئيس التركي, رسب تايب إيردوغان, المسؤولية على الحكومة السورية, ولكن دون أي دليل.
وتزعم مجموعة "ردهاك" التركية أن الاستخبارات التركية كانت تعرف مسبقاً أن المجموعة الجهادية السورية "جبهة النصرة" تحضر لتفجير ثلاث سيارات مفخخة داخل تركيا. لكن إيردوغان التزم الصمت.
تعرضت مجزرة ريهانلي إلى حظر صحفي في تركيا بعد فشل محاولة الحزب الحاكم السيئة في التغطية عليها. ولكن قيما يتعلق بالمجزرة, فإننا نعتقد أنه بمقدورنا أن نخمن هوية مرتكبيها.
كما أن الإعلام التركي لم يناقش الأسباب التي أدت بشكل مفاجىء إلى اندحار المجموعات المسلحة السورية في القصير في غرب سوريا. فمقاتلو القصير ينتمون إلى كتيبة الفاروق. وهذه هي المجموعة التي أشار إليها قائد "حزب الاتحاد الديمقراطي السوري" (الحزب الكردي المتواجد في شمال سوريا والقريب إيديولوجياً من "حزب العمال الكردي" في تركيا) عندما قال "عقدنا صفقة معهم في حلب".
وهي أيضاً نفس المنظمة الإجرامية التي ينتمي إليها ذلك المجرم الذي أخرج قلبَ الجندي السوري وأكله, ثم قال: "وما المشكلة في ذلك؟ فأنا أذبح العلويين".
وقد وضح متحدث باسم كتيبة الفاروق, يزيد الحسن, أن انتكاساتهم الأخيرة جاءت "نتيجة تناقص في شحنات الأسلحة القادمة من تركيا". والحقيقة هي أن المملكة السعودية قد توقفت عن نقل الأسلحة عبر تركيا ونقلت أقنية الإمداد إلى شمال الأردن.
ذهب إيردوغان إلى الولايات المتحدة دون أن يزور ريهانلي ويقدم تعازيه لعائلات ضحايا التفجيرات.
في الأسابيع السابقة, زار قادة ثلاث بلدان عربية واشنطن: الملك عبد الله الثاني (ملك الأردن), ومحمد بن زايد بن سلطان آل نهيان (ولي عهد الإمارات العربية المتحدة), ووزير الخارجية السعودية, سعود الفيصل.
وقد كرروا الرسالة نفسها في اجتماعات عقدت بشكل منفصل: ضَعوا ثقلكم في القضية السورية. وقد قال مسؤول أمريكي ل "وول ستريت جيرنال" إن سبب الطلب من الولايات المتحدة أن "تضعَ ثقلها" وتمسك بزمام المسألة السورية هو "الحاجة لطرف يستطيع إدارة اللاعبين".
واللاعبان اللذان كانت هذه البلدان تشتكي منهما هما تركيا وقطر. حيث يقوم هذان البلدان بتقديم كميات كبيرة من الأموال والأسلحة والذخائر إلى المنظمات الإسلامية, وخاصة المجموعات المرتبطة ب "الإخوان الإسلامويين", دون أي تنسيق مع اللاعبين "الآخرين".
وقد استفسرت "وول ستريت جيرنال" من مسؤول قطري وآخر تركي حول هذا الموضوع. رفض المسؤول القطري التعليق. أما المسؤول التركي, وبعد أن أنكر أن حكومة إيردوغان تدعم الأحزاب الإسلاموية في سوريا أو في أي مكان آخر في العالم, فقد قال "نحن ندافع عن مصالح الشعب السوري".
منذ بداية "الربيع العربي", نشأت منافسة حادة بين المملكة السعودية وقطر, وخاصة في مصر. وقد أثارت هيمنة "الإخوان الإسلامويين" في كافة البلدان التي زارها "الربيع العربي" قلق السعودية الشديد.
وبالطبع لم تكن المشكلة حول "دعم العناصر المتطرفة". إذ كانت السعودية تدعم المجموعات السلفية الأكثر تطرفاً من "الإخوان الإسلامويين". المسألة الجوهرية كانت تتمثل في فرض السيطرة السياسية.
فمنذ تحول الأزمة السورية الأولية إلى حرب شاملة من خلال استقدام القوات الأجنبية, وقفت تركيا إلى جانب قطر في عملية الاستقطاب التي فرزت هذه القوى.
إن تشكيل "كتلتي التحالف" هاتين - الأولى مشكلة من قطر وتركيا, والثانية من السعودية والأردن والإمارات العربية المتحدة – أدى إلى استقطاب حاد أفرز بدوره عدة عمليات دموية؛ مثل الهجوم الانتحاري الغامض على الموكب القطري في مقديشو, عاصمة الصومال, في 5 أيار/مايو.

http://www.aljaml.com/files/upload/2-4098.jpg

ضرب قطر في الصومال
من استهدف هذا الهجوم الذي لم يلقَ أي اهتمام يذكر في الإعلام العالمي؟
عندما انفجرت القنابل, كان وفد قطري يزور الصومال. وكان وزير الداخلية القطري أحد أعضاء هذا الوفد, لكنه – تبعاً لقائد الشرطة نور أبدول – لم يكن في الموكب الذي تعرض للهجوم. قال أبدول إنه لم تحدث أية إصابات بين أعضاء الوفد القطري. ولكن فيما بعد, أشارت الصحيفة اللبنانية "الديار" إلى أن رئيس الاستخبارات القطرية, أحمد ناصر بن قاسم الثاني, قد قتل في الهجوم.
وتبعاً لصحيفة "الديار", في شهر تشرين الثاني/نوفمبر 2012 التقى رئيس الوزراء القطري الشيخ حمد بن جاسم بن جابر آل ثاني ورئيس الاستخبارات القطرية برئيس "الموساد" تامير باردو ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. وفي الاجتماع, تمت مناقشة خطة لاغتيال الرئيس السوري بشار الأسد. وفي هذا الاجتماع, طلب رئيس الوزراء الإسرائيلي من دول "مجلس التعاون الخليجي" الاعتراف بإسرائيل بعد إسقاط الأسد.
كان رئيس الاستخبارات القطرية يحلم باحتلال دمشق وكان يعمل مع الإسرائيليين لتحقيق هذا الحلم. فتبعاً لصحيفة "الديار", كان آل ثاني هو الشخص المسؤول عن تنسيق نقل الجهاديين اليمنيين إلى سوريا بعد تلقيهم التدريب على يد القوات الخاصة الأمريكية في قطر.
ولكن من كان وراء الهجوم الانتحاري في مقديشو؟ هناك مجموعة واحدة في الصومال قادرة على تنفيذ مثل هذا الهجوم الكبير والمنظم بواسطة سيارتين مليئتين بالمتفجرات: منظمة "الشباب" المرتبطة بالقاعدة.

ليس واضحاً حتى الآن إن كان آل ثاني قد مات في هذا الهجوم. ولكن من المؤكد أن القاعدة قد استهدفته. ففي خلفية تعاقب الأحداث التي تعود إلى أفريقيا, هناك "نزاع المقاولين الفرعيين", أي المنافسة بين الثنائي تركيا وقطر ضد السعودية.
هناك علاقة دينامية بين المقاولين الفرعيين الأمريكيين والمجموعات المسلحة التي تقاتل في سوريا. وحقيقة أن قطر وتركيا تتعاونان بشكل وثيق مع "الإخوان الإسلامويين" في سوريا لا تعني بالضرورة أن هذين البلدين لا يعملان مع مجموعات مثل "جبهة النصرة".
إن الوضع في "الميدان" في تغير مستمر. إذ تم توزيع الأسلحة المختلفة التي تم شحنها من البلقان على مجموعات "الجيش السوري الحر" و "جبهة النصرة" على حدٍ سواء. كما أن نسبة انتقال المقاتلين المتطرفين بين المجموعات المختلفة عالية جداً. وكذلك انتقال الدعم الذي تقدمه قوى "المقاولات الفرعية" لهذه المجموعات.
السلاح الرئيس الموجود بين أيدي مقاتلي النصرة هو بندقية "إم 60" المنقولة من كرواتيا. وقد تم نقل هذه الأسلحة, التي دفعت السعودية ثمنَها, إلى المتطرفين المسلحين عبر الأردن وتركيا. وبعد وقت قصير, ظهرت هذه الأسلحة في أيدي عصابات "الجيش السوري الحر" و "جبهة النصرة" على حدٍ سواء.
في الأسابيع الماضية, حصل تطور مثير للانتباه من هذا المنظور. قامت السعودية – المعروفة بعلاقتها الوثيقة مع مجموعات القاعدة في مصر وتونس وليبيا والآن في سوريا, والتي تبتعد دائماً عن "الإخوان الإسلامويين" – بجمع قادة "الإخوان الإسلامويين" السوريين في الرياض.
الأشخاص ال 12 الذين ذهبوا إلى الرياض ينتمون إلى "المجلس الوطني السوري", المدعوم من الولايات المتحدة بصفته "الحكومة السورية الشرعية". وكان من بينهم قائد رفيع المستوى في "الإخوان الإسلامويين" هو محمد فاروق طيفور. وقد توصل طيفور إلى اتفاق مع السعوديين حول انسحاب غسان هيتو, وهو مواطن أمريكي وعضو في تنظيم "الإخوان الإسلامويين", من رئاسة الحكومة الانتقالية التي شكلها "المجلس".
ومن جهة أخرى, تم تشكيل "المجلس الوطني السوري" في قطر بمساعدة مباشرة من الولايات المتحدة. ومن المعروف أن الأمين العام للمنظمة, مصطفى الصباغ, عضو في تنظيم "الإخوان الإسلامويين" المسؤول عن رسم سياسات المنظمة بالتعاون مع قطر.
ومن المعروف أيضاً ارتباط معاذ الخطيب بتنظيم "الإخوان الإسلامويين", والذي تم تعيينه رئيساً للمنظمة لكنه استقال عندما أصبح هيتو رئيساً للحكومة الانتقالية. وهكذا نرى أن "الإخوان الإسلامويين" في كل مكان.
يمكن للاجتماع الذي عقدَ في الرياض أن يكون علامة على تدخل السعودية في الدور الذي ستلعبه قطر وتركيا. وقد قدمت شرحت السعودية للأمريكيين هذا التدخل على أنه محاولة للحد من دور المجموعات الإسلاموية المتطرفة. وكان الجزء الآخر من هذه العملية قرار نقل الأسلحة إلى المسلحين في سوريا عبر سليم إدريس, رئيس "المجلس العسكري الأعلى" ل "المجلس الوطني السوري".
فمن جهة, يضع السعوديون يدهم على "الإخوان الإسلامويين", ومن جهة ثانية يبعثون برسالة إلى قطر عبر قنابل القاعدة في الصومال. وفوق كل ذلك, التفجيرات التي ضربت ريهانلي.
بعد الهجوم الدموي في ريهانلي, أصدر وزير الخارجية الأمريكية جون كيري بيانَ تعزية. ففي رسالة من 3 جمل فقط, ذكر أن الولايات المتحدة سوف تقف إلى جانب حليفتها تركيا. لم تُدِن الرسالة منفذي الهجوم. فقد اكتفى كيري بالتأكيد على "العلاقة الوثيقة التي تربطهم بتركيا".
بعد تفجيرات لندن في سنة 2005, أصدرت الحكومة الأمريكية بياناً مفصلاً من 4 مقاطع. وبكلمات أخرى, فإن إصدار بيان جاف من 3 جمل لا تدين منفذي الهجوم ليس تصرفاً دبلوماسياً ملائماً.
وفوق ذلك, وبعد تفجيرات ماراثون بوسطن, سارع الرئيس التركي ورئيس حكومته بإصدار بيان يدين الهجوم.
هل يمكن أن تكون تفجيرات ريهانلي رسالة إلى تركيا ل "التراجع", كما كانت الرسالة المرسلة إلى قطر في الصومال؟
رسالة في قنبلة
إن نتائج الاجتماع بين إيردوغان وأوباما ليست واضحة تماماً.
بالنسبة إلى الإعلام الرسمي التركي, كانت النتيجة "الاتفاق"؛ حيث "اتفق إيردوغان وأوباما على مسألة ضرورة إزاحة الأسد". كان هناك الكثير من الصحفيين الأتراك في المؤتمر الصحفي ذاك, والذي دامَ 38 دقيقة. وقد شاهده الآخرون على التلفزيون أو الإنترنت. فهل شاهدوه فعلاً, أم أنهم سدوا آذانَهم؟
ففي جلسة الأسئلة والأجوبة المخصصة للصحفيين, تم توجيه السؤال الأول لأوباما من قبل صحفي أمريكي. كان السؤال حول الضريبة. أما السؤال التالي الموجه إلى إيردوغان فكان حول العلاقة مع إسرائيل وإن كان سيذهب إلى غزة أم لا. وسأل صحفي آخر أوباما عن "وزارة العدل" وتسريبات "الأسوشييتد بريس" وهجوم بنغازي. وتم توجيه السؤال التالي إلى إيردوغان: "في حال لم تتدخل الولايات المتحدة في المسألة السورية, ماذا ستفعلون بخصوص تفجيرات ريهانلي؟"
وهناك المزيد. قامت القنوات الإخبارية الأمريكية ببث المؤتمر الصحفي على الهواء. ولكن في الأوقات التي كان يتكلم فيها إيردوغان, كان البث يعود إلى الأستوديو لتحليل النقاط التي ذكرها أوباما حول القضايا الداخلية. وهذا ما فعلته كافة القنوات.
دعونا نعزي هذه الظاهرة إلى عجرفة القنوات الإخبارية الأمريكية. لكن اثنين من الصحفيين الأتراك اللذين طرحا أسئلة في المؤتمر الصحفي لفتا الانتباه إلى قضايا في غاية الأهمية. فقد سأل أحدهما إيردوغان إن كان قد جَلبَ معه أي دليل يتعلق بمزاعمه القائلة باستخدام الأسلحة الكيماوية في سوريا. وباختصار, فإن الجواب الذي تلقاه كان, "نتبادل الآن كل هذه المعلومات".
وقد سأل الصحفي نفسُه أوباما إن كان سيفعل شيئاً لإزاحة الأسد. استهلَ أوباما إجابته بمزاعم استخدام الأسلحة الكيماوية وكرر مقولة الولايات المتحدة التي كان يكررها في الأسابيع الماضية: "لدينا دلائل على استخدام الأسلحة الكيماوية. لكننا بحاجة إلى المزيد من المعلومات الاستخبارية حول هذا الموضوع".
وتابع قائلاً: "بغض النظر عن هذا, فقد مات الآلاف هناك. ولذلك علينا أن نزيد الضغط الدولي على الوضع في سوريا. علينا أن نحرك المجتمع الدولي. لا أعتقد أن أحداً, بما في ذلك رئيس الوزراء إيردوغان, يحبذ التدخل الأمريكي في سوريا من طرف واحد وبشكل مباشر".
وبعد ذلك, سأل صحفي تركي آخر أوباما مرة أخرى: "قلتَ إن على الأسد أن يرحل. كيف ومتى سيرحل؟" ربما كان هذا الصحفي يحاول أن يحصلَ من أوباما على جملة جديرة بخبر صحفي مهم. لكن الرد لم يكن مثيراً. فقد نَوَهَ الرئيس الأمريكي إلى المؤتمر الدولي الذي سيُعقد في جنيف وكرر وعدَه "باستمرار دعم المعارضة".
لم يكن مؤتمر جنيف الأول حول سوريا ناجحاً. إذ لم يكن "الإجماع" نتيجته الأكثر أهمية وإنما شراء الوقت لكل طرف لتعزيز موقفه. ويمكن أن نقول إن الطرفين لن يذهبا إلى المؤتمر الثاني متوقعينَ أي نوع من "الإجماع".
قام الغرب بتجميع المجرمين والمخربين المتمحورين حول "الإخوان الإسلامويين" الذين يسميهم بالمعارضة تحت غطاء جديد يدعى "المجلس الوطني السوري", مما فتح الباب أمام احتمال اللقاء السياسي. ثم حصل على هذا الفريق الذي أنتجَ شخصيات الإخوانية من أمثال معاز الخطيب وغسان هيتو لتشكيل حكومة. فإذا كان الغرب يريد "الإجماع على حكومة انتقالية" في مؤتمر جنيف الثاني, فسوف يمزق الغطاءَ الذي صنعه.
إن مؤتمر جنيف الجديد هذا سيمكن الطرفين مرة أخرى من شراء الوقت وتعزيز مواقعهما السياسية. ومن جهة الولايات المتحدة, سوف تسمح هذه العملية بتقويض تأثير كتلة قطر – تركيا بين قوات المعارضة. وفي حال لم يرتدع هذا المحور, يمكن للرسالة التي تطالبه فيها ب "التراجع" أن تأتي عبر القنابل المتفجرة.

تُرجم عن ("إيشا تايمز", 29 إيار/مايو 2013)

http://www.aljaml.com/sites/all/themes/newtheme/images/header_max.jpg
الجمل: قسم الترجمة

nad-ali
03-06-2013, 11:10 PM
"ناشيونال اينترست": على اميركا التفاوض مع اللواء سليماني

نصحت مجلة اميركية مسؤولي بلادها بان تفتح حسابا على مساعدات ايران ان كانت تتطلع الى استقرار افغانستان وان تستعين بمساعدة قائد فيلق القدس، اللواء "سليماني" وتتفاوض معه، لانه اضطلع بدور مهم وبناء في مكافحة القاعدة بافغانستان بعد احداث 11 ايلول/سبتمبر.

واشنطن (فارس)

ففي مقال بقلم "حسين موسويان" استعرضت مجلة "ناشيونال اينترست" اهمية افغانستان لايران محفزة المسؤولين الامريكيين على طلب مساعدة ايران لحل الازمة الافغانية.

ويعتقد الكاتب انه رغم مساعدة ودعم ايران لأميركا لحل قضية افغانستان، الا ان مسؤولي هذا البلد لم يثمنوا هذه المساعدة. لكن ايران مازالت تواصل مساعداتها.
ويتابع الكاتب:

* ضرورة مساهمة جيران افغانستان ومنها ايران
لقد خططت اميركا لسحب قواتها من افغانستان حتى نهاية عام 2014، ولكنها ستحافظ على وجودها من خلال بقاء حوالي 10 الاف من قواتها العسكرية والمدنية في هذا البلد. وبناء على ذلك، فانها ستكون بحاجة لمساعدة جيران افغانستان ومنها ايران لضمان امن قواتها خلال فترة التغيير.

* تعاون ايران في مجال التصدي للقاعدة وطالبان
ويشير المقال الى ان تنظيم القاعدة وجماعة طالبان ولدا في السعودية وباكستان، وهذا هو سر دعم ايران لامريكا بشكل كامل على صعيد مكافحة الارهاب بعد احداث 11 ايلول. كما ان ايران وخلال اجتماع "بون" الذي عقد عام 2001 لعبت دورا مهما باعتبارها وسيطا اساسيا في دعم جهود امريكا والامم المتحدة لادارة الازمة الافغانية. واثبت هذا الموضوع للجميع عملانية السياسة الخارجية الايرانية ورغبتها بارساء السلام في افغانستان.

فعلى سبيل المثال كانت ايران من العناصر الاساسية لمنح الشرعية الدولية الى حكومة كابول وذلك استنادا لكلمة "الديمقراطية" التي تم ادراجها في الاتفاق. ولكن ردا على هذه الخطوات الامريكية ماذا فعل الرئيس الامريكي جورج دبليو بوش؟ لقد صنف ايران في محور الشر.

* انسحاب القوات الاميركية؛ فرصة جديدة للتعاون مع ايران
ويرى موسويان ان انسحاب القوات الامريكية من افغانستان يمكن ان يشكل فرصة جيدة لمشاركة ايران. فبعد عقد من التواجد الامريكي في المنطقة على هذا البلد ان يحسب حسابا لايران كونها حليفا استراتيجيا لضمان انسحاب هادىء من افغانستان وتحقيق الاستقرار في هذا البلد.

* مخدرات افغانسان تهديد لامن وسلامة ايران
ويتابع المقال بالتنويه الى الحدود المشتركة بين ايران وافغانستان والتي تمتد الى 600 ميل وكذلك الخطر الذي يهددها بسبب تهريب المخدرات وهو ما يجعل موضوع افغانستان مهما لايران ويضيف: ان افغانستان تقوم بانتاج 90 بالمائة من افيون العالم، وتدخل حوالي نصف هذه الكمية الى ايران، ومكافحة هذه الظاهرة تكلف ايران حوالي مليار دولار سنويا.

وفي هذا الخصوص فقد اعلنت مديرية مكافحة المخدرات الايرانية بان الادمان ظاهرة اجتماعية سلبية تهدد المجتمع الايراني وتشكل اكبر خطر على امن وسلامة البلاد، فضلا عن انها عقبة كبيرة امام التقدم والتطور. كما ان عدد المصابين بمرض نقص المناعة ارتفع في ايران منذ عام 2001 الى الضعف ليصل الى 91 الف مصاب، وكانت الحقن الملوثة هي السبب في 70 بالمائة من هذه الاصابات. علاوة على ذلك فانه منذ عام 1979 ولحد الان قتل وجرح حوالي 16 الف جندي ايراني على حدود افغانستان.

* اللاجئون الافغان موضوع آخر يجعل ايران تهتم بافغانستان
ويستطرد صاحب المقال بالتنويه الى موضوع آخر يجعل افغانستان مهمة لايران فضلا عن المخدرات بالقول: ان ايران تستضيف اكثر من مليون عامل ولاجئ افغاني لديهم قواسم ثقافية ودينية كبيرة مع هذا البلد. وفي هذا البين ينبغي الا نتجاهل موضوع الامن البحري، لان المناطق الصحراوية التي تقع شرق ايران هي بحاجة الى المياه المنحدرة من الجبال المركزية بافغانستان. اضف الى ذلك ان مجموعات مثل "القاعدة" و"جند الله" هي من الهواجس الامنية الاخرى التي تواجهها ايران.

* بامكان ايران واميركا التعاون لصيانة مصالحهما المشتركة بافغانستان
كما ان لايران واميركا منافع مشتركة في افغانستان. وفي هذا الاطار يمكننا الاشارة الى موضوعات مثل: تحقيق اصلاحات مستديمة في حكومة كابول، والحيلولة دون تهريب المخدرات وسائر البضائع المهربة، وتسوية ازمة اللاجئين الافغان، وتعزيز قدرات افغانستان باعتبارها شريكا تجاريا موثوقا به والنهوض بمستوى التجارة الاقليمية والترانزيت عبر احياء طريق الحرير، النهوض بمستوى القدرات الامنية لافغانستان عبر تعليم وتدريب كوادرها العسكرية، وتحقيق الوفاق الوطني من خلال اسهام العناصر المعتدلة في جماعة طالبان في العملية السياسية والحكومة.

* المساعات المالية الايرانية لاعادة اعمار افغانستان
لقد وجهت ايران في فبراير 2011 دعوة رسمية الى ممثل امريكا الخاص في شؤون افغانستان "مارك غراسمن" لزيارة طهران. واشنطن رفضت الدعوة، لكن طهران واصلت تعاونها مع المجتمع الدولي حول موضوع افغانستان من خلال مشاركة وزير خارجيتها في اجتماعي اسطنبول (نوفمبر 2011) و"بون" (ديسمبر 2011).
لقد دعمت ايران في هذين الاجتماعين موضوع انسحاب القوات الاجنبية من افغانستان حتى نهاية عام 2014 بهدف الوصول الى افغانستان مستقرة وديمقراطية. وعلى صعيد اعادة اعمار افغانستان فان ايران لا تزال من الدول الداعمة الاساسية في مجال البنى التحتية، والطاقة، والمشاريع الاعمارية وهي من هذا الحيث تساعد اكثر من غالبية الدول الاخرى.

* التفاوض بين القادة العسكريين قد يكون مؤثرا
ويرى صاحب المقال ان امريكا وفي خصوص الموضوعات المشتركة عليها ان تتعاون مع ايران بدلا من مواجهتها، بناء على المكاسب التي تم تحقيقها في خضم مفاوضات 2001 مع ايران حول افغانستان.
وبامكان "جيمس دابينز" سفير وممثل امريكا الخاص في شؤون افغانستان وباكستان الاضطلاع بدور مهم في تسهيل هذه العملية. التجربة السابقة تشير الى ان المفاوضات المباشرة بين القائد العام للقوات الامريكية "ليود جي استين " وقائد فيلق قدس الايراني الفريق "قاسم سليماني" قد يكون مؤثرا.
لقد اضطلع الفريق قاسم سليماني بدور مهم على صعيد مكافحة القاعدة في افغانستان بعد احداث 11 ايلول. فرغم الاتهامات التي تطرح ضده في امريكا الا انه اضطلع بدور مهم على صعيد توفير خروج آمن للقوات الامريكية من افغانستان بين اعوام 2012و 2013.
ان هذا التواصل بين القوات العسكرية للبلدين يمكن ان يمهد الارضية لتعزيز الثقة بين ايران وامريكا. ويمكن ان نواجه فرصا افضل لتقدم العلاقات بين ايران وامريكا بعد الانتخابات الرئاسية الايرانية المقررة في 14 حزيران/يونيو.

http://arabic.farsnews.com/news****.aspx?nn=9202246930

nad-ali
03-06-2013, 11:10 PM
دبلوماسي ايراني سابق:قطر هي الدولة التي اشار اليها بيان وزارة الامن الايرانية

أكد الدبلوماسي الايراني السابق سيد هادي افقهي، ان الدولة التي احجم بيان وزارة الامن الايرانية عن ذكرها يوم امس الاحد،‌ هي قطر، مؤكداً ان الشبكة التي اعلنت طهران عن تفكيكها كانت مرتبطة‌ بالدوحة.

طهران (فارس)

واعلنت وزارة الامن الايرانية، امس الاحد في بيان لها، انها كشفت شبكة ارهابية وألقت القبض على اعضائها، كانت مكلفة بالقيام باعمال تخريبية في يوم الانتخابات الرئاسية الايرانية، المقررة في 14 حزيران/يونيو الحالي.

وجاء في البيان، ان عناصر وزارة الامن وبعد الحصول على خيوط عن شبكة تخريبية تعمل لصالح اعداء ايران والاسلام، وبعد جمع المعلومات الدقيقة والشاملة ونشر الشبكات المضادة للتجسس والارهاب، تمكنوا من كشف جميع اعضاء هذه الشبكة والقبض عليهم.

وأكد سيد افقهي في تصريح ادلى به الى فضائية الميادين ان دولة قطر، احدى‌ الدول المتهمة بالسعي للقيام باعمال تخريبية في الجمهورية الاسلامية الايرانية، وحث هذه الدولة التي وصفها بانها دولة مجهرية (لا ترى إلا بالمجهر)، على الكف عن اجراءاتها الاستفزازية.

وأردف افقهي ان الاشارات في هذا البيان واضحة جداً،‌ مؤكداً‌ ان البيان يقصد دولة قطر وان هذه الدولة كانت تعمل من اجل زعزعة‌ الاستقرار والقيام باعمال تخريبية يوم اجراء الانتخابات الرئاسية في ايران.

ورداً‌ على ‌سؤال حول كيفية الرد الايراني ازاء هذا الاجراء القطري، قال انه اذا استمرت اجراءات هذه الدولة المجهرية في العبور من الخطوط الحمر للجمهورية الاسلامية الايرانية، فإن الرد سيكون قاطعا. مشيرا الى مثل عربي يقول "اذا كان بيتك من زجاج فلا ترمي بيوت الناس بالحجارة".

http://arabic.farsnews.com/news****.aspx?nn=9202246948

nad-ali
24-06-2013, 10:38 PM
امير قطر ابلغ الاسرة الحاكمة قراره تسليم السلطة الى ولي عهده تميم
الدوحة - ا ف ب

ابلغ امير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني الاثنين الاسرة الحاكمة واعيان البلاد قراره تسليم السلطة الى نجله ولي العهد الشيخ تميم بن حمد ال ثاني، بحسب ما افادت قناة الجزيرة.
وذكرت القناة في خبر عاجل على شاشتها ان الشيخ حمد انهى اجتماعا مع الاسرة الحاكمة و"اهل الحل والعقد" واحاطهم علما ب"قراره تسليم السلطة الى ولي عهده الشيخ تميم" البالغ من العمر 33 عاما.

غدا صباحا سيوجه امير قطر كلمة للشعب القطري

nad-ali
29-06-2013, 04:59 PM
http://www.alahednews.com.lb/desimages/jimages/anws.png

أسباب نقل حمد بن خليفة آل ثاني الحكم الى ولده تميم


باريس ـ نضال حمادة



حبل الكذب قصير … هكذا يقول المثل الشعبي الذي ينطبق معناه ونصه على حاكم قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني الذي أشعل سوريا وقبلها ليبيا ناراً ودماءً بحجة دعم الديمقراطية في العالم العربي وانتقال السلطة بين افراد الشعب كافة وعدم احتكارها في مكان معين، فإذا به يناقض نفسه ويندد بها وبكل ما اقترفت يداه من جرائم بحق شعوب هذه الدول وهو الذي يستقبل فوق ارضه اكبر القواعد العسكرية الأمريكية في العالم.

أسباب صحية وأخرى سياسية…

تروي مصادر روسية في باريس لموقع “العهد” ما تقول إنه القصة الكاملة لعملية انتقال السلطة في قطر بين حمد بن خليفة آل ثاني وابنه تميم بالقول: “ان أمير قطر مصاب بفشل كلوي منذ فترة طويلة وهو يعيش على كلية واحدة فقط ـ والسر الطبي الذي تعرفه المصادر هل هذه الكلية زرعت للأمير أم انها كليته الأصلية!

وتضيف المصادر الروسية: “أن الأطباء منذ العام 2008 نصحوا الأمير بالراحة الدائمة وعدم العمل وعدم التوتر غير أنه لم يمتثل لنصائحهم، وزاد على ذلك أنه وضع في طائرته الخاصة قناة “الجزيرة” التي يتابعها من أول يومه العملي حتى لحظة نومه، وهذا ما جعله دائم التعرض للتوتر العصبي والتعب وزاد من حالته المرضية”.

وتتابع المصادر الروسية بالقول: “إن تميم قال لوالده انا لا يمكنني العمل مع حمد بن جاسم لانه سوف يسحب من يدي الحكم فأجابه والده بأننا يمكن ان نخرج بصيغة على طريقة الكويت، وهي ان يكون منصب رئاسة الوزراء من العشائر”، ولفتت هذه المصادر إلى أن “هناك ثلاثة أسماء مطروحة لتولي منصب رئاسة الوزراء مكان حمد بن جاسم من خارج عائلة آل خليفة”.

وتستمر المصادر الروسية في روايتها لموقع العهد قائلة: إن الإدارة الأمريكية نصحت في الآونة الأخيرة حاكم قطر بالإسراع بنقل الصلاحيات لابنه قبل انتكاس حالته الصحية، ونظرا لحاجة الولايات المتحدة للاستقرار في رأس السلطة في المشيخة الخليجية الصغيرة التي تشكل رأس الحربة في سياسة أمريكا في المنطقة منذ اندلاع أحداث العالم العربي عام 2010، وهذا الكلام كان ذكره الرئيس الأمريكي باراك اوباما في أيار/مايو عام 2011 أثناء استقباله لأمير قطر عندما قال (سوف يكون لقطر دور كبير في الربيع العربي).

وتشير المصادر الروسية إلى ان عملية استرضاء حمد بن جاسم تمت عبر تعيينه مسؤولا عن صندوق الاستثمار القطري الذي سوف يتم سحبه منه ما إن تستقر الحال لتميم بن حمد بن خليفة في الحكم حسبما تقول المصادر الروسية التي ختمت “أن الكلام عن عملية إجبار امريكية لأمير قطر بنقل السلطات ليس له اي معنى سياسي على الإطلاق”.

nad-ali
29-06-2013, 05:02 PM
http://www.alahednews.com.lb/desimages/jimages/anws.png

قطر بلا ’الحمدين’ ليست كسابقاتها

محمد حرشي

قراءات كثيرة أعقبت إعلان أمير قطر حمد بن خليفة آل ثاني تنازله عن عرشه لنجله تميم، وفيما رأى البعض أن التغير الذي طال رأس هرم السلطة في البلاد هدفه تهذيب وتحجيم الدور القطري الذي يمثّل في أيامنا هذه واجهة لما يعرف بـ"الربيع العربي"، ردّه البعض الآخر إلى أسباب داخلية محضة يستتبعها بالضرورة ثباتاً في السياسات الداخلية والخارجية في النظام الحديث الولادة.

http://www.alahednews.com.lb/uploaded1/essayimages2013/0613/katar-hamad-tamim.jpg

هذا الرأي عبّر عنه نائب مدير مركز "بروكنجز" بالدوحة الدكتور ابراهيم شرقية، الذي رأى أن "التغيير على صعيد السلطة القطرية لن يؤدي في الأيام القادمة إلى تغييرات على صعيد السياسة الخارجية للبلاد، ليس على المدى المنظور على الأقل"، مشيراً إلى أن "سمات النموذج السياسي القطري القائمة على مفهوم السياسة الواقعية التي تتعامل مع القوى الإقليمية الناشئة وتتعاطى معها دون حواجز مسبقة، ستبقى موجودة".

وإذ رأى أن التغيّر على مستوى القيادة القطرية بالرغم من أنه بسيط ولم يحدث بشكل جذري، لا يمكن الإستهانة به أو التقليل من أهميته، كونه أنتج انتقالاً سلمياً للسلطة من شخص لآخر حتى ولو ضمن العائلة الحاكمة، بحيث بات من الإمكان إلقاء الحجة الديمقراطية عليه، أشار شرقية في حديث لموقع "العهد" الإخباري إلى أن أمير قطر السابق أراد بتخليه عن السلطة بأقل الخسائر أن يتناسب مع التغييرات التي تحصل في محيطه الإقليمي بأقل الخسائر دون أن ينتظر اللحظة الأخيرة.

http://www.alahednews.com.lb/uploaded1/essayimages2013/0613/sharkiyye.jpg

ولفت شرقية إلى أن النموذج القطري المثير للجدل لم يأت بتغيير دراماتيكي لاسيما وأن انتقال السلطة حصل بشكل طوعي ومنظّم من داخله، معتبراً أن النظام المنبثق عنه سيمثّل استمرارية له، باعتبار أن الأمير الجديد هو من نتاج النظام السياسي الحالي بعدما تربى وتعلّم السياسة في كنفه.
كما أن الأمير تميم بن حمد آل ثاني يحمل توجهات سياسية متقاربة من والده، بحسب شرقية، ما يشير إلى أن التغيير حلّ على مستوى الأفراد دون أن يمسّ جوهر النظام الموجود.

وعن تنحي "الحمدين"، أمير البلاد ورئيس وزرائها، أكد شرقية أن أي تغيير في رأس هرم السلطة لا بد أن يعقبه تغيير على صعيد الطاقم العامل معه على المستوى الوزاري إفساحاً في المجال أمام الأمير الجديد لإحداث تغيير كامل، "ولأنه ليس من المحبّب أن يبقى رئيس وزراء - وزير خارجية بوزن حمد بن جاسم ونفوذه وحضوره وقوة شخصيته إلى جانب فتى يافع في السياسة، حتى لا يؤثر بالتالي على عملية إنتقال السلطة ويبقي البلاد أسيرة الماضي".

ورأى نائب مدير مركز "بروكنجز" بالدوحة أن حمد بن جاسم كان يمثّل حالة فريدة من نوعها في السياسة الدولية لجهة خروجه عن البرتوكولات المتعارف عليها في السياسات الدولية، معتبراً أن استبداله سيغيّر طريقة إدارة و"عرض" الأفكار السياسية القطرية دون المسّ بجوهرها.

قمورية: رسالة سيئة للقيادة السعودية التي تعاني أزمة "شيخوخة"

من جهته، قال الكاتب والمحلل السياسي اللبناني أمين قمورية لـ "العهد" إن قرار تنحي أمير قطر عن السلطة لصالح نجله الرابع تميم كان يحضّر في الكواليس منذ سنوات، في ظلّ وجود صراع غير مخفي على السلطة داخل العائلة الحاكمة.

http://www.alahednews.com.lb/uploaded1/essayimages2013/0613/amin.jpg

وأوضح قمورية أن التغيير الحاصل راعى بالدرجة الأولى الظروف الداخلية للإمارة، في ظلّ وجود مخاوف على الحالة الصحية للأمير حمد بن خليفة حيث جعله المرض يخشى حالة طارئة يمكن أن تدفع أولاده للاقتتال في ظل ضعفه، فوجد أنه من الأفضل ان يجري تسليم السلطة لولي العهد تحت إشرافه الشخصي.

وعن شخصية الأمير الجديد، أشار قمورية إلى أنه وليد السياسة القطرية الحالية نفسها، علماً بأنه سُلّم على مدى السنوات الماضية ملفات داخلية جدّ مهمة وحتى خارجية، لافتاً إلى أنه قد يكون أكثر تطرفاً في بعض القضايا.

وأكد قمورية أن السياسية الخارجية القطرية ستبقى دون تغيير يذكر وتحت إشراف الأب، لاسيما في الشأن السوري والعلاقة مع الإخوان المسلمين والتدخل بشؤون الآخرين، مع تغيير طفيف في طريقة مقاربتها.

ورأى الكاتب والمحلل السياسي اللبناني أن التغيير على صعيد القيادة القطرية قد يمثّل رسالة سيئة لنظيرتها السعودية التي تعاني من أزمة "شيخوخة" وعدم وجود بديل ملائم لتسلّم زمام أمور البلاد فيها.

وبرأي قمورية، فإن المرحلة المقبلة ستشهد "تنفيساً" في الدور القطري الذي شهد تضخماً في السنوات الأخيرة بما يزيد عن حجم البلاد وإمكانية تحمّلها، في ظلّ التدخلات الأميركية للجم توسعها على حساب المصالح السعودية والتركية وحتى الأميركية في المنطقة.

وبالرغم من كل ما سبق، فإن وزن السياسة القطرية ودورها من دون "الحمدين" لن يكونا مستقبلاً كسابقتهما في ظلّ النظام المنتهي الصلاحية.

http://www.al-akhbar.com/sites/default/files/akhbartheme_logo.gif

نهاية «ثعلب الخليج» ورجل المؤامرات

http://1-ps.googleuser*******.com/h/www.mepanorama.com/wp-*******/uploads/2013/06/664x371xmepanorama26557-664x371.jpg.pagespeed.ic.1Kv73ANyNr.webp
ميّاسة…


أُطفئت الأنوار وأُنزل الستار، معلنة غياب حمد بن جاسم بعد سنوات من الوهج والبريق من حول الرجل الذي فرض نفسه على الجمهور العربي والعالمي من خلال تدخله في ملفات حساسة وذات تأثير على الساحة العربية والدولية… لكن نهاية المشهد لن يصاحبها تصفيق… فالأكف مشغولة بالتصفيق للأمير الجديد.

في مشاهد البث الحي لاجتماع أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني بأفراد العائلة الحاكمة وأهل «الربط والحل»، شخصت العيون والأنظار لتدقق في الصور المنقولة لتتحقق من حضور رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري حمد بن جاسم، وبعد التأكد من حضوره هذا الاجتماع الهام، ظهر حمد بن جاسم خلال مراسم تسليم السلطة في قطر وخلال مراسم المبايعة بصورة الرجل الكئيب المهزوم، الذي هزمه «ربيع قاتل» صنعه بنفسه.

«هذا ما جنيته على نفسي»، لا بد أن هذا هو لسان حال حمد بن جاسم الذي «طبّل» و«زمّر» للتغيير والحريات والديموقراطية في العالم العربي من المحيط الى الخليج، فأطاحته شعاراته. يتمتع الرجل بكاريزما عالية لا يمكن التنكر لها من محبيه ومبغضيه، وله شبكة علاقات دولية كبيرة صنعها على مدى ربع قرن من الزمن خلفت عنده خصومات سياسية عربياً ودولياً. وقد أثار دعم بلاده للقوى السياسية الصاعدة في دول الربيع العربي موجة من السخط من طرف القوى المعارضة التي ما فتئت تشكك بالدور القطري الساعي إلى تدمير سوريا بما فيها ومن فيها وليس فقط التخلص من نظام الرئيس بشار الأسد، رغم مليارات الدولارات التي أنفقتها الدولة الخليجية لتحسين الحالة الاقتصادية لتلك الدول.

لكن هذه الصفات لم تمنع عنه العداوات الشرسة التي نشأت بينه وبين عدد من المسؤولين القطريين، ولا سيما ولي العهد تميم بن حمد ووالدته الشيخة موزة بنت ناصر، التي كان لها اليد الطولى في تسريع عملية الانتقال هذه لتحصين حكم ولدها من نفوذ بن جاسم السياسي والاقتصادي. ويروى عن الكثير من التنافس والقرارات المضادة بين الفريقين.

يوصف حمد بن جاسم برجل قطر الذكي والقوي، الليبرالي المنفتح، يدعم مشروع حداثة الدولة مع المحافظة على الموروث الديني والوطني. لكن الرجل كانت له مروحة من العلاقات المثيرة للجدل، ولا سيما أنه جذب حركة «حماس» في فلسطين وحزب الله في لبنان والرئيس السوري بشار الأسد في الوقت الذي كانت فيه حبائل الود والتواصل المستمر على أحرّها مع وزيرة الخارجية الإسرائيلية السابقة تسيبي ليفني وعدد من المسؤولين الصهاينة.

ولد في عام 1959، وتلقى تعليمه الأساسي في الدوحة، والأكاديمي في بريطانيا. انطلق في حياته العملية كرجل أعمال ولا يزال، قبل أن يشغل منصب مدير مكتب وزير الشؤون البلدية والزراعة في عام 1982، ومن ثم وزيراً للوزارة ذاتها في عام 1989، ثم وزيراً للكهرباء في عام 1990، ووزيراً للخارجية في عام 1992، الى حين تكليفه برئاسة الوزراء في عام 2007 الى جانب مهماته في وزارة الخارجية التي لم تمنعه من تسلّم مهمات أخرى، من بينها مجالس إدارات الخطوط الجوية القطرية وجهاز قطر للاستثمار وشركة الديار القطرية.

برز دوره كسياسي محنك في كثير من الملفات الإقليمية والدولية التي أدارها، وساهم في وضع بلاده على خريطة السياسة الدولية من خلال توسطها في عدد من ملفات المصالحة والتوفيق، وعلى رأسها ملف السلام في الشرق الأوسط، وتحقيق المصالحة بين السودان وتشاد في عام 2009، الى جانب ملف السلام في دارفور، والمصالحة اللبنانية، والتقريب بين جناحي فتح وحماس في الملف الفلسطيني، ومن ثم انغماسها في ملفات الربيع العربي التي وصلت الى حد المشاركة في العمليات العسكرية ضد نظام القذافي في ليبيا وتسليح المعارضة السورية ضد نظام دمشق.

وحمد بن جاسم، الحليف القوي للغرب في الدوحة، هو أيضاً واحد من أغنى الأشخاص في العالم العربي وربما في العالم، وتقدر ثروته بعدة مليارات من الدولارات.

وكان أمير قطر قد حكم على رئيس وزرائه بالإعدام السياسي، رابطاً مصيره بنهاية حكمه. ونقل كتاب فرنسي صدر مؤخراً حواراً دار بين الأمير حمد وأحد أصدقائه في ربيع 2012، قال فيه «حمد» لصديقه: «لقد قررت أن أترك الساحة بعد أربع سنوات، لا بد من إفساح المجال أمام الشباب»، فسأله الصديق: «أتظن أن حمد بن جاسم سيوافق علي قرارك هذا، أو حتى إنه ينوي ترك السلطة بدوره؟». فرد الأمير: «حمد سيفعل ما آمره». استمر اعتراض الصديق: «لكن حمد يصغركم بتسعة أعوام»، فردد الأمير: «طالما أنا موجود فسيظل حمد موجوداً، أما لو ذهبت، فسيذهب معي».

اعتبر البعض أن قطر تغازل دول الخليج بإبعاد رئيس الوزراء حمد بن جاسم عن المشهد السياسي. وأن قطر الجديدة في عهد تميم بن حمد لن تختلف عن البحرين والإمارات باعتبارها ولايات سعودية… بعدما أشعل بن جاسم الخلافات في ما بينها واتهم بأنه رجل المؤمرات الذي عمل على زعزعة الأمن والاستقرار وإثارة النعرات والخلافات بين الدول الخليجية. وهو اتهم بتحريض المعارضين ضد حكامهم في السعودية والإمارات، ما سبب توتراً بين هذه الدول وشقيقتهم الصغرى قطر.

وتقول مصادر مطلعة إن حمد بن جاسم، الذي كرمه مؤخراً مركز «سابان»، أبرز الداعمين في واشنطن للأنشطة الإسرائيلية الاستيطانية، يعدّ العدة لحياته المقبلة خارج قطر. وأكدت صحف أميركية صفقة شرائه قصر «إلين بيدل شيبمان» في نيويورك مع كل ما يحتويه من أثاث بـ 35 مليون دولار، الأمر الذي يجعل نيويورك وجهة محتملة لإقامته بعد تنحيته من رئاسة الحكومة. فيما رجح مصدر دبلوماسي في الدوحة تفضيل رئيس الوزراء القطري العاصمة البريطانية لندن لتكون مقر إقامته مستقبلاً كمواطن عادي. وعزت مصادر سياسية اختياره لندن مقراً لحياته الجديدة حيث يمتلك أغلى شقة في بريطانيا تطل على الهايد بارك، فضلاً عن حبه للانغماس في أجواء الحياة في بريطانيا.

ويثير غياب حمد بن جاسم المرتقب قلق الإخوان المسلمين في المنطقة لعلاقاته القوية بهم وتبنيه مشروع ردم الهوّة بينهم وبين الولايات المتحدة، ودعمه المالي والاستثماري للتجربتين الإخوانيتين في تونس ومصر.

وتوقع كثيرون أن حمد بن جاسم بن جبر لن يكون على الساحة بحلول 2014 وسيرحل عن الأضواء واللعب على الساحة الدولية وهو في قمة نفوذه، لأسباب ستكون مجهولة إلى حين، وهذا ما حصل، ما يدفع إلى التخمين بأن دور قطر الإقليمي سينكمش بعد خروج بن جاسم من دائرة الحكم، ولا سيما بعدما سلم وزراء الخارجية العرب، باستثناء لبنان وسوريا والعراق والجزائر أمر قيادتهم، إلى «ثعلب» الخليج، الذي نجح في تفتيت الجامعة العربية وتنفيذ أجندة الاستخبارات الغربية في إضعاف الدول العربية من خلال تعزيز الانقسام والدعوة إلى الفوضى.

سينتهي حمد بن جاسم رجلاً للأعمال كما كان دائماً، وهو البارع في التجارة وعقد الصفقات، لكن ثمة خشية من حرتقات انتقامية قد يقوم بها وهو القابض على اللوبي الاقتصادي في البلد، وبالتالي قادر على تحريك حلفائه الاقتصاديين الذين أبدوا تململاً من إبعاده عن الحكم.

http://www.athabat.net/news/images/stories/graphics/hishamX.jpg

صيدا تشهد آخر معارك حمد

http://1.bp.blogspot.com/-tLyeLdXDfz0/TuEXUshDE5I/AAAAAAAAAS8/xaLFi0NoZrQ/s200/1_1048692_1_23.jpg-%2BL.Rahbani.jpg
د. ليلى نقولا الرحباني

http://www.mepanorama.com/wp-*******/uploads/2013/06/%D8%A7%D8%A7%D9%84%D8%A7.jpg

وهكذا، انتهت ظاهرة “الأسير”، وتنفّس الصيداويون الصعداء بعودة مدينتهم إلى مدنيّتها، وفي قلوبهم غصّة وحزن على شهداء الجيش اللبناني الذين سقطوا من دون سبب، وفي معركة لم يكن من المفترَض أن تحصل، لولا أن بعض اللبنانيين باتوا أدوات لمشاريع خارجية مشبوهة، جعلت صيدا تدفع من أمنها واستقرارها واقتصادها وحياة أبنائها.

أما السؤال الذي يتبادر إلى الذهن: ما الذي دفع الأسير للقيام بتخطي الخطوط الحمراء والاعتداء على الجيش اللبناني؟ وما الذي كان يهدف إلى تحقيقه؟

بداية، لا بد من الإشارة إلى أن ظاهرة الأسير – وغيره من الظواهر التكفيرية – ليست صناعة محلية لبنانية، إنما هي حركة أُسست بعد هزيمة “إسرائيل” في لبنان عام 2006، بتمويل وتسليح خليجي، وارتفعت أسهمها بعد الحراك في سورية، حيث أُعطيت مهمة مواكبة ما يحصل في سورية من معركة لإسقاط النظام السوري والتضييق على حلفائه في لبنان، وعليه، فإن إقدام “الأسير” على إحراق نفسه بهذه الطريقة لا بد أنه أتى بأمر خارجي أيضاً، وليس مجرد جنون رجل أصابه الغرور واعتقد نفسه أكبر من الدولة اللبنانية، كما حاول البعض أن يسوّق.

لا شك أن المراقب لحركة القوى الداعمة للمجموعات المسلحة في سورية، يدرك أن حركة “الأسير” لم تكن خارجاً عن السياق العام الذي يتحرك فيه هؤلاء منذ حرب 2006، فهم يتحركون بطريقة متسقة ومتلازمة مع الضغوط الخارجية على المقاومة، وعلى وقع الميدان السوري المتفجر مؤخراً، فالخسارة الميدانية في جبهات القتال في سورية تشعل جبهة طرابلس، والحاجة إلى إمداد عسكري ولوجستي للمقاتلين في سورية تجعل هؤلاء يحاولون إزاحة أي وجود للدولة اللبنانية في عرسال وعكار، وتسعير الصراع المذهبي ضد “حزب الله”، وإغراق لبنان بخطاب مذهبي لم يشهد له لبنان مثيلاً.

وتأسيساً على ما سبق، يكون من المؤكد أن “الأسير” لم يتصرف إلا بناء على أوامر من الجهات المشغِّلة، حددت له الزمان والمكان والوجهة، وقد أرادت تحقيق ما يلي:

- إحراج “حزب الله” في فتنة مذهبية داخلية، تخفف الضغط عن المجموعات المسلحة في سورية، وتدفعه إلى إعادة النظر في عملية القتال في سورية ككل، ولعل ما أبداه السيد حسن نصر الله من حرص على الوضع والاستقرار اللبنانييْن بدعوته هؤلاء للقتال في سورية وتحييد لبنان، هو ما دفعهم لمحاولة القتال في الداخل اللبناني، تصوّراً منهم أن في هذا إحراجاً للمقاومة وإشغالها.

- الاستعجال بمحاولة اقتطاع منطقة لبنانية تكون قاعدة متقدمة للمجموعات السورية المسلحة و”جبهة النصرة” وحلفائها اللبنانيين، لقطع طريق الجنوب، وللإطباق على “حزب الله” من جبهات عدة، وإشراك المخيمات الفلسطينية في القتال، ودفع “إسرائيل” إلى حرب محدودة للقضاء على المقاومة، بعد أن يسيطروا على صيدا ويطردوا الدولة اللبنانية منها، وهو ما تجلى في وعود الأسير لمناصريه بأن الدعم العسكري قادم وما عليهم إلا الصمود.

- استعجال حمد بن جاسم للخروج بانتصار ما يتوّج به حياته السياسية، ويبقيه ركناً لا يُستغنى عنه في المعركة الدائرة في سورية، وهو ما كان قد وعد به من “إجراءات وتدابير سريّة” اتخذها المجتمعون في الدوحة، من شأنها “أن تغيّر المعادلة على الأرض في سورية”، وهنا أظهر الخليجيون في لبنان، كما في سورية، عدم دراية حقيقية بواقع المجتمعيْن اللبناني والسوري، فالأدوات التكفيرية التي استعملوها، ومنها “الأسير”، هي ظواهر غريبة وشاذّة عن المجتمع اللبناني ككل، وعن المجتمع السُّني اللبناني المعروف بعروبته وانفتاحه وتعايشه مع الآخرين، لذا لا بد له من أن يلفظها، وهو بالفعل ما حصل في صيدا، التي أعطت الغطاء والدعم للجيش اللبناني بسرعة فائقة، فأحرجت السياسيين اللبنانيين ودفعتهم إلى تأمين الغطاء للجيش ولو متأخرين، كما أن هؤلاء، وبمحاولتهم التأليب على الجيش اللبناني، وتكرار سيناريو الانشقاقات المذهبية في سورية، قد أظهروا أنهم قاصرون عن فهم أهمية الجيش اللبناني في الوعي الجماعي اللبناني، فاللبنانيون قد يختلفون على كل شيء إلا على دعم الجيش اللبناني، لذلك نرى الحاقدين على الجيش من أمراء الميليشيات السابقين يمارسون الازدواجية والنفاق في تعاطيهم مع الجيش ودعمه، وذلك خشية من أن يتم نبذهم من قبل مجتمعاتهم إن هم جاهروا بعدائهم له.

وهكذا، ومرة تلو المرة، يدفع اللبنانيون بشكل عام، والسُّنة بشكل خاص، أثمان رهانات الخليجيين ومقامراتهم، واستغلالهم للشباب والتغرير بهم، وما الارتياح الذي انعكس على أبناء عبرا وصيدا بانتهاء ظاهرة “الأسير” إلا شاهد على مجتمع بات يدفع من سمعته وكرامته وأمنه واستقراره أثماناً تفوق ما يدفعه الآخرون من الطوائف الأخرى، أو في المناطق الأخرى.

nad-ali
05-07-2013, 09:50 PM
http://www.alhejazi.net/common/banner.jpg

عين ابنه وزيراً وغادر سائحا للمغرب ثم عاد سريعاً
ترتيبات ما قبل الرحيل، أم ترتيبات ما قبل الحرب؟!

http://www.alhejazi.net/images/128_39_500.jpg
عمر المالكي

تغييرات عاجلة قام بها الملك عبد الله قبل الاعلان وبصورة مفاجئة عن (إجازة خاصة) قام بها الى المغرب، في ظل سحابة متصاعدة من الشكوك حول مصير الملك نفسه. مراقبون اعتبروا الاعلان المفاجىء بمثابة هروب من سؤال المصير، ومحاولة لوقف هدير الاسئلة حول سر غياب الملك عن المشهد.

مؤشرات عديدة كانت توحي بأن ثمة متغيّراً كبيراً قد حصل أو على وشك أن يحصل قريباً، رغم محاولات العائلة المالكة وجناح الملك عبد الله على وجه الخصوص تأجيل الكشف عن هذا المتغيّر دع عنك الآثار المترتبة عليه.

التغييرات المفاجئة في الجهاز البيروقراطي بدأت من أكثر من عام وتتم غالباً تحت عنوان صراع الأجنحة، حيث بدت السلطة منقسمة بين ثلاثة أجنحة: جناح الملك عبد الله، وجناح ولي العهد الأمير سلمان، وجناح آل نايف، فيما تعرّض جناحا الملك فهد والأمير سلطان الى ضربة قاصمة أبعدت أبناءهما عن خط وراثة العرش.

سوق الشائعات حول مصير الملك عبد الله ينشط بين فترة وأخرى، ويذكّر بما جرى في نهاية العام 2011 حيث سرت شائعات قوية تفيد بدخول الملك في حالة موت سريري وأن الأطباء أخفقوا في تحريض العضلة القلبية بالصقعات الكهربائية أكثر من مرة، وأنه يعيش على جهاز التنفس الاصطناعي. لكن سرعان ما تغير الموضوع، فالملك وإن كان ضعيفاً هرماً غير قادر من الناحية الجسدية على ممارسة مسؤولياته كاملة، إلا أنه حيّ يرزق ويهيء ابنه لكي يكون ملكاً.

وحسب تعبير أحد المراقبين: كان المعتقد بأن السعودية صارت مملكة سديرية؛ واذا بموت الملك فهد ثم سلطان يحولها الى مملكة نايفية ـ نسبة الى نايف؛ ولكن تشاء الأقدار أن يعمر الملك عبدالله ـ الذي هو أضعف المنافسين ـ ليصبح الحديث اليوم: هل أصبحت المملكة السعودية مملكة لآل عبدالله؟! وهل يصنع خالد التويجري من متعب ملكاً بازاحة المنافسين وترتيب الصفقات الداخلية مثلما فعل والده عبدالعزيز التويجري الذي يُنظر اليه كصانع الملوك، والذي اوصل الملك عبدالله الى الحكم من خلال التمسك بالحرس الوطني؟

في موضوع ضعف الملك عبدالله واحتمالات وفاته، وتصديق شائعات تدور حول ذلك، تبنّت صحيفة الدايلي ميل البريطانية في 28 مايو الماضي خبر وفاة الملك عبد الله اكلينيكياً، ولكنّها عادت وأزالت الخبر من موقعها على الشبكة، فيما نشرت صحف محلية خبر ترؤس الملك للجلسة الاسبوعية لمجلس الوزراء يوم الإثنين 27 مايو. وما قيل عن انعقاد جلسة مجلس الوزراء برئاسة الملك عبد الله يأتي في سياق احتواء الشائعات، كذلك البرقيات الى ملك البحرين وأمير الكويت من قبل الملك، والتي تؤدّي الغرض ذاته.

قوانين الطبيعة تؤكّد نهاية العمر الافتراضي للملك عبد الله، وليس في شائعات من هذا القبيل ما يبعث الدهشة، تماماً كما أن تكرار الشائعات ليس مستغرباً في بلد يجري فيه تقطير المعلومات وفي الغالب إخفاءها عن اعين الجمهور. ففي غضون عامين غيّب الموت ستة من إخوة الملك عبد الله، وجميعهم أقل سناً منه. وكانت شائعة وفاة الملك عبد الله قد انطلقت في 25 مايو من قبل مصادر تزعم بأنها مقربّة من قصر الملك وتفيد بوفاة الأخير في 24 مايو، وأن عدم الإعلان يعود الى قرار من الأمير سلمان، ولي العهد، الذي تقول المصادر بأن لديه خطة ما وراء تأخير الاعلان. وينسب المصدر خبر الوفاة الى أمير ملكي مقرّب جداً من الملك، وآخر مقرّب من قصر الملك.

مهما يكن، فإن توقيت إعلان الوفاة كان دائماً مسألة خلافية، تماماً كما هو إعلان طبيعة مرض الملك وكبار الأمراء..وغالباً ما كانت البيانات الصادرة عن الديوان الملكي حول سفر الملك وكبار الأمراء للخارج لأسباب صحيّة تكتفي بعبارة (إجراء فحوصات طبيّة)، وتختم غالباً مع اقتراب العودة الى الديار بعبارة (قضاء فترة نقاهة).. ثم تبدأ التكهنات الى أن يحسم بيان ثالث من الديوان الملكي نبأ وفاة الملك أو الأمير.

على أية حال، لم تصدق الشائعات، وإن كانت عوامل الدفع لها صحيحة، فهناك عامل السن، فالملك عبد الله يبلغ من العمر 91 عاماً ويعاني من أمراض القلب والظهر والشيخوخة، ولازال يدخن ويشرب المحرّم. أما الأمير سلمان، ولي العهد، 80 عاماً بحسب التقويم الهجري، فيعاني من أمراض القلب وأعراض مرض الزهايمر.

الكلام حول نقل السلطة الى الجيل الثالث خفت سريعاً، خصوصاً بعد تعيين الأمير مقرن بن عبد العزيز نائباً ثانياً لرئيس مجلس الوزراء، وبدت عملية نقل السلطة كما لو أنها تأخذ شكل تقاسم حصص بين الأجنحة الرئيسية الثلاثة، وخصوصاً بين أبناء الملك عبد الله وسلمان ونايف.

إزاحة أبناء فهد وسلطان من دائرة التوارث على العرش، وتالياً تحويل مؤسسة الحرس الوطني الى وزارة، ينطوي على تغييرات دراماتيكية في معادلة السلطة، حيث تصبح وزارة الحرس الوطني مكافئة لوزارتي الدفاع والداخلية، بحيث يصبح لإبن الملك، الأمير متعب بن عبد الله فرصته في الوصول الى العرش، عبر وزارته الجديدة. وكان التقليد السابق يقوم على أن يصبح وزير الداخلية هو المرشّح الأوفر حظاً لتولي منصب النائب الثاني ثم ولاية العهد. ولكن عقب تحويل الحرس الوطني الى وزارة يصبح لجناح الملك عبد الله إمكانية راجحة جداً للبقاء في خط التوارث على العرش لأمد مفتوح، وهذا ما يجعل التنافس محتدماً بين الأجنحة الثلاثة سالفة الذكر.

قد يكون تحويل الحرس الوطني الى وزارة على رأسها إبن الملك عبد الله، الخطوة الأكثر جرأة في مجمل القرارات الصادرة عن الملك. وفي كل الأحوال، فإن صراع الاجنحة سيأخذ وتيرة أسرع وأشدّ خطورة في المرحلة المقبلة في ظل حركة الإزاحة الواسعة النطاق لأجنحة رئيسية وتهميش عدد كبير من الاجنحة والأمراء من كل الأجيال.

سوريا تقطع زيارته
غادر الملك سائحاً الى المغرب، بعد أن اصدر بياناً يخوّل ولي عهده الامير سلمان تسيير امور الدولة ـ كما هو معتاد.

بضعة أيام مرّت وإذا به يعود من جديد الى المملكة. وكان تبرير الديوان الملكي لا علاقة له بالصحة الجسدية للملك، بل بالظروف والأوضاع الإقليمية التي تتطلب حضور الملك الى بلاده.

هذا امرٌ نادر فعلاً. ان يقطع ملك زيارته لسبب اقليمي ويعلن عن ذلك.

إذن لا بد أن تكون هناك قرارات خطيرة ستصدر بشأن إقليمي ما، فما هي؟

التطور الذي حدث خلال الأيام القليلة التي قضاها الملك في المغرب برفقة حاشية تصل الى 1950 شخصاً بينهم امراء ووزراء ومسؤولين وخدم وأفراد عوائل.. التطور كان على صعيد الجبهة السورية.

لقد قام رئيس الاستخبارات بندر بن سلطان، وبمعية وزير الخارجية بزيارة باريس، والتقيا بالرئيس الفرنسي ووزير داخليته. وكان الموضوع السوري هو محور المهمة السعودية. الهدف كان:

1/ تخريب مؤتمر جنيف 2 لأن المعارضة لا تستطيع الحضور، لأنها لا تمثل الداخل ولأنها مشتتة، ولأنها منهزمة على الأرض، وبالتالي فمنتج جنيف ـ هكذا جادل الأميران ـ سيزيد من تشرذم المعارضة في الخارج، ويؤكد انفصالها وعدم تمثيلها للمقاتلين في الداخل.

2/ تسليح المعارضة السورية بأسلحة نوعيّة وإن بحجة إعادة التوازن على الأرض حتى تكون نتائج الحوار مع النظام.

أغرى بندر وسعود الفيصل فرنسا بصفقة ما، فتحركت فرنسا، فهذا زمن النهب الأوروبي على وقع بيع المواقف. فظهرت قضية الكيمياوي والأدلة القطعية، وتم حسم التردد الأميركي بشأن تزويد المعارضة بالأسلحة، تلاه مؤتمر لعلماء مسلمين في القاهرة يدعو لجهاد الشيعة وايران أعداء الله والإنسانية!

في هذه اللحظة بالذات عاد الملك عبدالله.

ماذا بعد قرار تسليح المعارضة؟ هنا يأتي دور السعودية. تزويد المعارضة بالأسلحة النوعية (دير شبيغل الألمانية تحدثت عن أسلحة سعودية من اوروبا الشرقية مضادة للطائرات في طريقها للمعارضة). المطلوب من السعودية التمويل للمعارك القادمة، والتسليح، واعادة ترتيب وضع المعارضة السورية بطريقتها وليس بطريقة قطر ـ تركيا.

تقول مصادر مطلعة بأن أمريكا وقفت مع السعودية بأن قيادة المعارضة في الخارج والتي يغلب عليها الأخوان اصبحت عديمة الفائدة، لا بد من تخفيض دور المعارضة الخارجية واعطاء الأولوية للمعارضة الداخلية بحيث يكون لها الحجم الأغلب من التمثيل السياسي. هذا متفق عليه كما يقال بين واشنطن والرياض.

لكن الملك يستطيع ان يأتي توجيهاته بالتمويل والتسليح دونما حاجة الى عودة الى الرياض. أليس كذلك؟

نعم. لكن القضية اكبر من هذا. هناك احتمالية تدخل عسكري غربي مباشر في سوريا عبر الأردن، ربما يكون للأردن ودول الخليج دوراً مهماً فيه ليس في جانب التمويل (فهذا امرٌ مفروغ منه) وإنما في المشاركة بقواتهم تحت مظلة حماية الباتريوت.

وأياً كان الحال فإن انغماس الغرب في حرب مباشرة، يعني توسّع الحرب الى الأردن ولبنان وربما الى تركيا وفلسطين المحتلة والى السعودية نفسها، فحرب الصواريخ قد تصل حتى مصافي النفط وليس فقط الى القواعد العسكرية السعودية الشمالية في تبوك.

الاحتمالات بتوسع الحرب واردة جداً وقد حذّر منها الغربيون قبل الروس والصينيون والإيرانيون والسوريون أنفسهم.. وقد يتبين الأمر أكثر في مرحلة ما بعد قمة الجي ـ 8 في لندن. فالأرجح أن القمة لن تعيد الحياة لجنيف 2، وهناك تسارع بين تزويد المعارضة السورية بالأسلحة النوعية، وبين مسارعة النظام السوري وحلفائه لتحقيق حسم إما في درعا او في حلب قبل أن يأتي المدد لمعارضيه.

واذا ما فشل الغربيون في أن يحقق تسليحهم في منع تكرار تجربة القصير (كما اتفق السعوديون والفرنسيون في اجتماع باريس) فإن من المرجح ان لا يستسلم الغرب بل سيطيل امد المعركة، وقد لا يأبه بتوسيع نيران الحرب التي اصبحت اقليمية دولية وطائفية بامتياز. ربما تتدخل قوات غربية حينها، وتشتعل المنطقة برمتها.

من هنا كانت عودة الملك من المغرب وقطع اجازته ضرورية. فتداعيات الأزمة السورية أشد خطراً من أي وقت مضى. والسعوديون غامروا وقامروا بكل ما لديهم لتحقيق نصر على الجبهة السورية، لا طمعاً في ديمقراطية، ولا ألماً للضحايا البشرية، بل لأمل يراود الأمراء باستعادة دورهم ونفوذهم الإقليمي، عبر كسر محور ايران ـ دمشق، باسقاط النظام السوري.

nad-ali
05-07-2013, 09:52 PM
http://b.vimeocdn.com/ps/325/704/3257040_300.jpg

أسباب تقليم المخلب القطري .. والآتي أعظم


يونس عودة

بعد التغيير الذي حصل في قطر على مستوى الأشخاص، لا سيما الاستغناء عن رأسي السلطة حمد بن خليفة آل ثاني، وحمد بن جاسم، تتعدد التوقعات المحكومة عملياً بسؤال واحد: إلى أين ستذهب قطر مع الحاكم الجديد تميم بن حمد، خصوصاً أن المشيخة الصغيرة الحجم، جرى منحها حجماً يتجاوز حجمها الفعلي بآلاف الأضعاف، لكن على قاعدة مزدوجة.

- الأولى قيام الشيخ حمد الذي استولى على السلطة من أبيه قهراً، وبنصيحة توريطية من صديقه حمد بن جاسم بمنح منطقة “العيديد” المتنازع عليها مع السعودية، إلى القوات الأميركية لإقامة أكبر قاعدة عسكرية، وبذلك تضمن صمت آل سعود نهائياً من جهة، وتشكل للحكام مظلة أمنية وسياسية في حال تحركت أي رغبة سعودية تجاه المشيخة المجهرية.

- والقاعدة الثانية، المبادرة إلى استباق دول الخليج بإقامة علاقات مع الكيان الصهيوني وافتتاح مكاتب تمثيلية متبادلة، الأمر الذي يؤمن للحكام ممراً آمناً إلى أوروبا من خلال غطاء اللوبي الصهيوني، وبالتالي تتأمن شروط لعب الدور المأمول ولو كانت الشروط على حساب دماء الشعوب العربية والكرامة الوطنية، إلا أن أخطر الأدوار التي لعبتها قطر “الحمدين” هو الانغماس في تخريب البنيان العربي، والتورط في الدم تحت شعارات رفض التوريث، والدفاع عن الديمقراطية المزعومة، وهما الشعاران اللذان اختفيا نهائياً مع تسليم السلطة بأمها وأبيها لولي العهد الشيخ تميم بن حمد.

في الواقع إن التفكير “الرغبوي” للحكام السابقين، هو الذي سرع في أجلهما السلطوي، بعد تجاوز الدور المرسوم لهما من الرعاة والحماة الخارجيين، وذلك من أبواب متعددة.

- العمل على الانقضاض على الدور السعودي، سياسياً، ودينياً، من خلال الاندفاعة المتهورة في بذر الشقاق في المجتمعات العربية، مما جعلها والسعودية في تنافس على التطرف والعبث في الدول العربية، لا سيما في تونس وليبيا ومصر، والأهم في سورية؛ التي كسرت ظهري “البعيرين”.

- حصر الفتاوى التدميرية بالقرضاوي، الذي سيحاسب لاحقاً على اقترافاته، بعد أن صدق نفسه والحمدين أن كل ما يجري نتاج “عبقريتهم” الشريرة.

إن الحقيقة التي ستجتمع حولها كل الاستنتاجات والخلاصات، تكمن بأن الصمود السوري الذي كوكب حوله أكثر من نصف الكرة الأرضية من الدول فضلاً عن الشعوب، هو الذي أدى إلى فرض وقائع جديدة دفع الولايات المتحدة إلى قناعة عنوانها الفشل الذريع في سورية، وبالتالي لا بد من الاستغناء عن الأدوات التي فشلت في تحقيق الرغبة القاتلة، واستبدالها بأدوات من الصنف ذاته، لكن بحيثية أفضل، فكانت الخطوة الأولى باجتماع “إسلاميي الأطلسي” في القاهرة، لنقل المرجعية الإفتائية إلى السعودية من خلال تقديم القرضاوي الاعتذار والطاعة إلى “علماء السعودية”.

هذه الخطوة المستتبعة بقيام وفد أمني أميركي بزيارة إلى الدوحة وتبليغ الشيخ حمد بضرورة تسليم السلطة لنجله قبل نهاية حزيران، وأن الأمر غير خاضع للمناقشة، وامتثلت للأمر.

اللافت أن “إسرائيل” كشفت أنها على علم مسبق بصورة التغييرات المفروضة، ونقلت “يديعوت احرونوت” عن مسؤول يرجح أنه حمد بن جاسم الذي يملك أكثر من قصر في المستوطنات الصهيونية قوله إن “الإسرائيليين” كانوا مطلعين، وأن رئيس منظمة ما (ربما الموساد) التقى الشيخ تميم أكثر من مرة، واطلع على نياته، وسمع منه أنه لا يرمي إلى الدخول في مغامرات أخرى، كما أن المسؤول “الإسرائيلي” الذي وصف بأنه ذو اختصاص وتقدير، التقى الشيخ حمد الذي قال له إن الأمر أشبه بنقل سيارتي إلى تميم وأدير محركها من أجله، فتكون السيارة تعرف إلى أين تتجه.. ولن تحصل تغييرات حادة طوال المسار.

إذاً السيارة المسماة قطر ستواصل سياساتها مع “إسرائيل”، غير أن المخلب القطري جرى تقليمه لصالح الخصوم التاريخيين آل سعود وهو ما عكسته السعودية بأن كشرت عن أنيابها في مزيد من تسليح العصابات التي تقاتل ضد الدولة السورية، والذي اضطرت قطر لدفع جزء من الأثمان جراء تهورها وتجاوز التعليمات الأميركية بعدم إرسال بعض أنواع الأسلحة لتلك العصابات، كي لا تقع في أيدٍ لا تريد واشنطن الوصول إليها، سيما أن يقين أميركا ترسخ باستحالة تغيير الأسد، وأن مشروعها عبر الوسائل العسكرية فشل فشلاً ذريعاً، لذا لا بد من البحث عن تسوية سياسية تنقذ ماء الوجه، ولو ألزمها ذلك تقديم مزيد من أكباش التضحية، وهناك اعتقاد بأن تقديم السعودية الآن على قطر، هدفه المكابرة بأن الحلف الأميركي الغربي –الخليجي – التركي ليس في حال انهيار، أو على الأقل، يرفض الخضوع أو الاستسلام أمام التحالف السوري الإيراني – الروسي، والمتوج بقدرات “حزب الله”، سيما أن قادة الحلف الأول يقتربون في مقاربتهم من حلف الصمود والتحدي لكيفية حل الأزمة السورية.

استناداً إلى ذلك، فإن التغييرات في قطر ستكون أول الغيث، وعندما تمطر سيرى العالم التغييرات المحورية في السعودية التي تؤدي قسطها في التحريض المذهبي، ثم تركيا الأردوغانية، وليس المشهد المصري اليوم الذي يؤكد فشل تجربة القرضاويين، إلا دليلاً أسطع، لا سيما في ضوء الموقف الأميركي.

nad-ali
05-07-2013, 09:54 PM
http://www.alhejazi.net/common/banner.jpg

وزارة الحرس الوطني
الملك القادم متعب بن عبدالله

http://www.alhejazi.net/images/128_1_300.jpg
محمد شمس

التاريخ: 27 مايو الماضي. المصدر: وكالة الأنباء السعودية/ واس. بيان من الديوان الملكي. نحن عبدالله بن عبدالعزيز ملك المملكة العربية السعودية.. أمرنا بما هو آت: (تحويل رئاسة الحرس الوطني الى وزارة باسم وزارة الحرس الوطني). و (تعيين صاحب السمو الملكي الأمير متعب بن عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود وزيراً للحرس الوطني). وفي المساء، كان التلفزيون السعودي يبث صور الوزير الجديد (ابن الملك) وهو يؤدي القَسَم بحضور كبار المسؤولين بمن فيهم وزير الدفاع وولي العهد الأمير سلمان.

خبر مهم بلا شك، فالعائلة المالكة ومنذ مدة غير قليلة مشغولة بالصراع على السلطة، وجناح الملك يريد ان يجعل ابن الملك (وهو الوزير الجديد متعب) ملكاً قادماً من ابناء الجيل الثالث. الخطوة الأخيرة يمكن شرحها بالتالي:

ـ من سيدير المملكة في المستقبل هو من يمتلك القوة بين الأجنحة المتصارعة وتحديداً وزارات الدفاع والحرس الوطني والداخلية.

ـ أزاح الملك عبدالله أبناء اخيه الملك فهد (محمد بن فهد امير الشرقية/ وقبله عبدالعزيز بن فهد وزير الدولة/ وسلطان بن فهد من رعاية الشباب). كما أزاح الملك المنافس الأكبر وهو (خالد بن سلطان) نائب وزير الدفاع.. وذلك تمهيداً لمتعب للوصول الى كرسي الحكم بدون منافسة حقيقية.

ـ الخطوة التالية المتوقعة هي دمج وزارة الدفاع بوزارة الحرس الوطني تحت رئاسة ابن الملك عبدالله (متعب). ربما تكون الإزاحة بعد وفاة سلمان او حتى قبل ذلك.

ـ يبقى المنافس الأكبر محمد بن نايف وزير الداخلية وهو المفضل أوروبياً وأمريكياً.. والذي يتوقع اقناعه بأن يقبل بولاية العهد، فيما يتولى متعب كرسي المُلك. يترافق ذلك مع تقليص حجم وزارة الداخلية لصالح وزارة الحرس، حيث طفحت اخبار بأن أمن المنشآت، وقوات الطوارئ الخاصة، وحرس الحدود ستضاف الى مهمات وزارة الحرس.

ـ اما النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وهو مقرن، فهو ضعيف، وإن كل ما بيده منصبٌ مؤقت، حيث جرى تعيينه فيه لكي يأخذ جناح الملك عبدالله الوقت لاجراء التغييرات اللازمة(فيديو الحرس الوطني).

ترى كيف فهم المواطنون تحويل رئاسة الحرس الوطني الى وزارة وتعيين رئيسها ـ ابن الملك/ متعب ـ وزيراً؟

راى مغردون بأن تحويل رئاسة الحرس الى وزارة جزءً من عملية (الصراع على السلطة داخل العائلة المالكة). فبدر الرشيد يرى بأن الخطوة الملكية تبين مدى تعدد الأقطاب والرؤوس داخل الدولة، وأن أولويات الأمراء بعيدة عن اولويات المواطن. وعبدالله العودة يرى ان يكون للشعب دوراً ومشاركة شعبية لحماية الوطن وإلا استمرت الصراعات العائلية بين الأمراء. في حين لاحظت الدكتورة مضاوي الرشيد بأن وزارة المالية السعودية تكون بيد احد من العامة لأن الأمراء لا يثقون في بعضهم البعض. اما وليد ابو الخير (الناشط الحقوقي المعروف) فعلق ساخراً على تساؤل مفترض من بندر بن سلطان حول لماذا لم تصبح ادارة الاستخبارات وزارة ايضاً؟ يقول: (قلبي معاك وسامعك ياللي تقول وأنا كمان ابغي وزارة للإستخبارات بدل ما هي رئاسة).

سلطان العجيمي غرد بالتالي: (لسنا إلا ديكوراً في مجالسهم. لا قيمة لطموحنا أو رغباتنا. الوطن عندهم مناصب يتقاسمونها حسب قوتهم. الويل لنا ثم الويل لهم).

هو صراع اذن بين الأمراء.. وتحويل الحرس الى وزارة (يعني ان متعب في طريقه الى سدة الحكم والوصول الى العرش مكان ابيه) كما يقول مغرد.

بيد ان الخطوة الأخيرة فتحت قريحة السخرية لمن ليس بيدهم قرار. قال علي الشقير: (الإسم: متعب بن عبدالله. الوظيفة: عبدالعزيز بن فهد قبل عشر سنين)؟ فهل يكون مآل متعب الإزاحة من جناح ما، فيفسد خطة وزير الديوان خالد التويجري؟

إيمان القلاف استغربت من سرعة اصدار القرار وتنفيذه: (كذا بين يوم وليلة؟ وزارة جديدة بهالسرعة؟ وأنا عندي معاملة في وزارة التعليم العالي من جانيوري ما خلصت؟). والناشطة منال الشريف علقت على القرار الملكي بالقول: (اظن اننا البلد الوحيد اللي معظم قراراته إما ردة فعل وإما غير متوقعة تماما. حتى المتابعين للشأن المحلي يقدمون استقالاتهم اليوم).

وليد ابو الخير شكر وزير الداخلية (على روحه الرياضية) بمعنى انه قبل بأن يكون الرجل الثاني في الدولة مستقبلاً. واضاف بأن تحويل الحرس الى وزارة تعد (احدى الإصلاحات التي كنا ننتظرها بشغف)!! ومستنير ـ المغرد المعروف ـ قال على لسان ابن الملك: (أبوي عطاني وزارة جديدة هدية اليوم). وقاسم الرويس غرد بالقول: (كان الأمير متعب وزير دولة ولكن بدون حقيبة، فصنع حقيبته بنفسه، وهذا ما عجز عنه عبدالعزيز بن فهد). اما عبدالرحمن الشهري فرأى أن وزارة الحرس هي وزارة مهرجان الجنادرية. وأخيراً عبدالله بن عباد يعلق بالتالي: (قرار يتخذ من أجل شخص واحد فقط لا غير.. القرار المتعب في تعيين متعب. وينك يالسديس؟).

لكن هل تحويل الحرس الى وزارة يعني وجود ما يشبه وزارتين للدفاع؟

المغرد تنويري يقول: (لا أعلم دولة في العالم لديها وزارتين تحوي عشرات الألوية وتمتلك اسلحة ثقيلة إلا هنا). ويطرح عبدالله المالكي السؤال بطريقة مختلفة: (هل يوجد دولة في العالم فيها وزارتين للحرب غير السعودية. أتحدث عن وزارة بالتحديد؟) ومثلهما منصور البلوشي.

nad-ali
05-07-2013, 09:57 PM
http://topnews-nasserkandil.info/topnews/banners/%D9%83%D8%AA%D8%A8-%D9%86%D8%A7%D8%B5%D8%B1-%D9%82%D9%86%D8%AF%D9%8A%D9%84%281%29_01-20130704-094656.jpg

- لم يقل أحد أن طريق فلسطين سيشقه قبل طلوع الفجر شباب مصر المحتشدين في ميدان التحرير ، ولا أن عبور الجيش المصري من العريش نحو غزة قد بدأ للتو و معه تحددت معه ساعة الصفر لتحرير القدس
- لم يقل أحد أن الجنرال عبد الفتاح السيسي هو الجنرال جياب قائد جيش التحرير الفيتنامي ملحق الهزيمة التاريخية بالجيش الأميركي
- لم يقل أحد ان محمد البرادعي هو فيديل كاسترو العاشق للإستقلال الوطني والفقراء والثورة
- لكن أحدا لا يستطيع أن يقول أن الذي شهدته بلادنا العربية خلال العقد الماضي لم يجر على خلفية الإنتصارات العظيمة والتاريخية التي حققها حلف المقاومة على أميركا وإسرائيل ، و ما لحق بحلفائهما خصوصا في الخليج من شظايا من حرب العراق إلى لبنان إلى غزة بين أعوام 2003 و 2009
- إن أحدا لا يستطيع الإنكار أن الصراع الذي تعيشه آسيا منذ العام 2000 وإنطلاق المشروع الإمبراطوري العسكري الأميركي كان ولا يزال يقف في خلفية كل تطور تعيشه منطقتنا ، التي تشكل قلب آسيا ففيها إسرائيل والنفط والإسلام مثلث الهم والإهتمام الأميركي
- إن أحدا لا يستطيع الإنكار ايضا حجم تداعيات هذه الحرب في تغيير توازنات ما بعد الحرب الباردة التي بشرت بحقبة اميركية إسرائيلية تجثم على صدر المنطقة وارثة تفكك الإتحاد السوفياتي ، ولا أن ابرز التداعيات تجسد ببدء ظهور فراغ إستراتيجي في آسيا بعد الفشل الأميركي الإسرائيلي في حروب العقد الأول من القرن الواحد والعشرين
- إن أحدا لا يستطيع إنكار أن حلف المقاومة كان المبادر لخطة ملء هذا الفراغ بمشروع الرئيس بشار الأسد المعروف بمشروع البحار الخمسة الذي يدعو لنظام إقليمي يدير الإستقرار والمصالح الكبرى فوق الخلافات وتكون قواه السعودية وتركيا ومصر وسوريا وإيران
- كانت الشعوب العربية الغاضبة قد خرجت للمرة الأولى بعد سبات عقود ثلاثة مع إنتفاضة الأقصى وملأت الملايين الشوارع من المغرب إلى اليمن ومصر، وكانت الحروب لفرض نظام إقليمي محوره إسرائيل يفرض هيمنته على المنطقة ردا وإستباقا لهذا النهوض وبوصلته فلسطين لتصير شيئا آخر ، وكان الرئيس الأسد قد شرح مخاطرهذا المشروع في قمة شرم الشيخ العربية عام 2002 قبيل غزو العراق بقوله أنها حروب لتفتيت المنطقة وادخالها في صراعات لا تنتهي على اساس القبائل والأعراق والطوائف والمذاهب
- السباق على ملء الفراغ و بجواره سباق على قيادة الحراك الشعبي الغاضب كانا في قلب مشهد الربيع العربي
- إن أحدا لا يستطيع الإنكار أن اميركا بتقبل التضحية برموز الإعتدال العربي وحلول الأخوان المسلمون مكانهم إستعدادا للحروب المذهبية وأملا بإسقاط سوريا قد فازت بالجولة الأولى من هذا السباق
- إن أحدا لا يستطيع الإنكار ايضا ان الجولات الثانية والثالثة والرابعة قد ربحتها واشنطن ايضا ، فقد وصل الأخوان المسلمون لتحقيق حلمهم التايخي بالإمساك بثنائية الشرق الأوسط الذهبية التي تشكلها مصر وتركيا ، وسقط مشروع البحار الخمسة بإنخراط مصر وتركيا والسعوية في الحرب على سوريا ، و نجحت واشنطن وحلفائها بالإستثمار على نقاط الضعف السورية وحشد الطاقات والإمكانات مالا وسلاحا ومجاهدين و فتاوى وإعلام ، ودخلت سوريا القلعة الصامدة للمقاومة في مرحلة من اصعب مراحل تاريخها بحيث بان للكثيرين أن سقوط القلعة مسألة وقت ليس إلا
- بعد دخول حزب الله الحرب دفاعا عن سوريا رغم الإنتصار الإستراتيجي في معركة القصير المفصلية ، نجحت واشنطن في حشد حلفائها بقوة حضور مصر الأخوان لتفجير الفتنة المذهبية ، وخرج جون كيري من مظلة تفاهمات موسكو مع نظيره الروسي سيرجي لافروف ، وعدل مفهوم الحل السياسي ليصبح إعادة تشكيل طائفية للحكم في سوريا
- جولة خامسة يربحها الحلف الذي تقوده واشنطن ويتراءى النصر لهم قريبا و الفتنة تتفجر في لبنان على يد رجال المخابرات القطرية والسعودية وإمتادات الأخون المسلمين و على رأسهم أحمد الأسير
- صمود سوريا رئيسها وشعبها وجيشها صنع معجزة الهمت الجيوش العربية والنخب العربية ، رغم تفاوت منسوب الكلام بالإعتراف لها بصناعة هذا التحول ، فكان الجيشان المصري واللبناني أول المتلقفين لنتائج هذا الصمود
- كما كان الروس والصينيون يتلقفون هذا الصمود لصناعة خطة لملء الفراغ الإستراتيجي كانت إيران تجدد شباب نظامها الإسلامي بما يحصن المنطقة بوجه خطاب الفتنة بالإستعانة بإحتياطيها في ثقافة الحوار والوحدة والإعتدال الشيخ روحاني فيأتي رئيسا على حصان أبيض
- إنها الجولة السادسة على الحلبة يربحها حلف يقف في رأس لائحة الشرف فيه الرئيس بشار الأسد تتوج بسقوط الأخوان في عرينهم ، ففي مصر ومن مصر يبقى أو يسقط مشروع الأخوان ومعه مشروع الفتنة ومشاريع الحروب الأميركية في المنطقة
- يستحق الجنرال السيسي التحية ويستحق شباب تمرد التحية وتستحق نخب مصر كل التحية لإنجاز حلم تاريخي للأمة ستسقط بعده الكثير من اوراق الفتن
- تركيا ستتلقف النتائج المصرية بجيشها ونخبها ومثلها ستفعل الأردن وأماكن اخرى كثيرة ، وستتموضع واشنطن مع المتغيرات ، ولها بين الحكام الجدد اصدقاء وحلفاء وستسعى للتاقلم مع التغيير وربما احتواءه لكنها سياسة خفض الخسائر وليست سياسة تحقيق الأرباح
- سقط مشروع الحرب على سوريا ولو إستمر بعض الحمقى يقاتلون ، وسقطت الفتنة المذهبية ولو إستمر بعض أصحاب اللحى الصفرا يفتون ، وسقط مشروع الهيمنة ولو بقي من يتوهمون انهم سيهيمنون
- لو أرسل السعودي مالا وورث القطري في مصر فمصر لن تكون قوة تصدير للحرب نحو خارجها ، ولو انفق الامير الصغير في قطر نالا لتقوية الجزيرة لن يبق للجزيرة حول وقوة ومهابة ، فكما القرضاوي سيصير ملاحقا ، كما سينكب الأمير الصغير في قطر على إنفاق المال للصحة والتعليم والتنعم بالنغانم
- مفهوم االنصر يشتق مباشرة من مفهوم الحرب التي نخوض ، فهي ليست اليوم والساعة حرب تحرير فلسطين ، ولو أن فلسطين أصل المشهد في كل هذه الحروب ، ولا حرب إخراج الأميركي من المشهد العربي ، ولو أنها دائما حروب المشهد الإقليمي وحجم الأميركي في صناعته ، إنها حرب إسقاط مشروع الفتنة وحرب إسقاط مشروع الأخونة ، وبسقوطهما لن تقوم قائمة لبدائل مثلهما او عنهما ولو قامت بدائل تشبهمها في التموضع تحت السقف الاميركي
- الحرب تضع اوزارها بالنصر على مشروع إسقاط سوريا وحجارة الدومينو ستتدحرج تباعا ولنا كل الحق أن نحتفل
- بعض الذين يستمتعون بتنغيص فرحة النصر على المحتفلين ، يستحضرون كل الأسئلة المستقبلية والتي لا تعوزها المشروعية ، بل يعوزها التقدير الموضوعي لقدرتها على توفير شروط شن حرب جديدة بوسائل جديدة وشعارات جديدة
- عذر هؤلاء كما يقولون هو الحرص على المستقبل ، فيما هم يخربون الحاضر الذي به يصان المستقبل ، والإستثمار على النصر بما يجسده في حرب المعنويات التي ستقرر مصير المواجهات الكبرى هو أصل الدقة في فهم الحاضر ، والتقليل منه وتهوينه جزء من حرب نفسية يخوضها البعض منا علينا من حيث ينتبهون او لا ينتبهون
- دعا هارون الرشيد في أحد مجالسه وبحضور زوجته زبيدة ابي نواس لمؤانسته وسأله بعضا من فصاحته وشعره ، ثم سأله هات أعطنا مثلا عن عذر أقبح من ذنب ، فقام ابو نواس يقبل الرشيد وهو يهم بدفعه ، فقال له شاعر الخمرة عذرا لقد ظننتك السيدة زبيدة، فغضب الرشيد ليفاجأه ابا نواس بالقول هذا العذر أقبح من الذنب الذي طلبت يا امير المؤمنين ، لكن الرشيد الممتعض من تصرف ابي نواس امر بوضعه على الخازوق ، ولما سال سجانه عن حاله ، اجابه السجان انه يساله كل حين ان ينقله للخازوق المجاور ، وقد حار في امره وامر طلبه ، فطلبه الرشيد الى حضرته وقال له ان ابلغتني سر هذا الطلب عفوت عنك ، فاجاب ابو نواس يا مولاي مهما كان الم الخازوق القادم يكفي انني اتنفس وارتاح قليلا ما بين الخازوقين
- لهؤلاء المنغصين نقول عذركم اقبح من ذنب تقبيل الرشيد بدلا من زبيدة ولو كان الأسوا ات بعد مرسي وامير قطر فدعونا نتنفس ونرتاح قليلا بين الخازوقين باسوأ الأحوال
- يقيننا ان زمن الهزائم قد ولى وان زمن النصر تجلى وان ما جرى في مصر ليس نصرا وحسب وبل هو نصر ونص

4/7/2013

nad-ali
05-07-2013, 09:58 PM
http://www.topnews-nasserkandil.com/topnews/banners/%D9%83%D8%AA%D8%A8-%D9%86%D8%A7%D8%B5%D8%B1-%D9%82%D9%86%D8%AF%D9%8A%D9%84%281%29_01-20130705-121726.jpg

- تروج في الأوساط الإعلامية والسياسية رواية تنسب التغيير الذي شهدته مصر بإنتفاضة شعبها وجيشها على حكم الأخوان وخلع ممثلهم من الرئاسة بالإنقلاب الأميركي السعودي
- تسنتد الرواية إلى دور الجيش الحاسم في هذا التغيير و طبيعة العلاقة الخاصة بين الجيش وواشنطن خصوصا كما ظهرت في التخلص من حكم مبارك من جهة والمواقف الأميركية المترددة ولاحقا المرحبة او المتغاضية عما فعله الجيش بحق من يفترض أنه رئيس منتخب وحليف لواشنطن من جهة أخرى
- - كما تستند الرواية إلى الغضب السعودي من حكم الأخوان وتموضعهم في الحضن القطري إقليميا وما بدا انه رفض خليجي لخياراتهم عبر عنها ضاحي خلفان قائد شرطة دبي بصورة علنية لكن التحفظ السعودي لم يعمر طويلا في الخفاء وفقا لما بدا من إنخراط لقناة العربية الممولة سعوديا في حرب معلنة على الأخوان وحكمهم حتى قال بعضهم أنه إذا صح القول ان قناة الجزيرة صنعت الثورة المصرية الأولى فإن قناة العربية صنعت الثورة المصرية الثانية
- تتوج الرواية وقائعها المساندة بالرسالة المبكرة للملك السعودي بالتهنئة حتى قبل أن يؤدي الرئيس المؤقت القسم الدستوري وإلى تعايش دول الغرب كلها مع نتائج التغيير و الإكتفاء بتمني رؤية إنتخابات قريبة
- قبل مناقشة الفرضية الواردة في الرواية لنسأل ماذا يعني ذلك في حال صحة الرواية ؟
- ذلك يعني أن واشنطن والرياض قد عزمتا على تغيير المشهد المصري بكل التداعيات المترتبة على هذا التغيير وهو تغيير يحمل وجها أول يعلن نهاية حقبة الأخوان المسلمين في المنطقة لإدراك أي معني ومتابع أن قلعة الأخوان هي مصر وان إسقاطهم المهين سيضعضع كل مراكز فعلهم وحراكهم وقوتهم من غزة وتونس الأقربين إلى سوريا والحرب فيها وتركيا ومستقبل الحكم فيها
- ذلك يعني ان آلة التعويض عن التداعيات للحفاظ على المواقع التي يحتلها الأخوان متاح ربما في أماكن وغير متاح في اماكن ففي حال تركيا مثلا كما مصر إذا قبلنا الرواية يمكن لواشنطن أن لاتخشىإستبدالالأخوان بتحالف الجيش والعلمانيين كما في تونس لكن لذلك شرط رئيسي هو التسليم بنهاية الوظيفة الإقليمية في حروب المنطقة لهذه الدول وخصوصا في سوريا
- ذلك يعني في حالة المعارضة السورية التي كسر ظهر الفريق الأخواني فيها والذي يشكل عصبها الرئيسي إهتزازا يصعب تفادي نتائجه
- ذلك يعني تموضعا جديدا لموازين المنطقة تضعف التصعيد على سوريا وتهيئ المناخ في الدول التي شكلت رأس الحربة في الحرب عليها لزمن التسويات خصوصا أن جوهر التحول يتم تحت عنوان محوره القول ما يهمنا هو داخل بلادنا وهمومه كأولوية تتقدم على التطلع نحو مشاريع خارجية ويبدو خطاب المصرنة بارزا في الحركة المناهضة للأخوان في مصر كما سيكون في الحالات المشابهة كما هو حال قطر بعد تبديل الأمير الضخم بالأمير الصغير دورا وحجما وعمرا
- ذلك يعني في حال تبني الرواية أن واشنطن والسعودية تتخليان عن خيار التصعيد الإقليمي بوجه سوريا وإيران وحزب الله لأن آلة التصعيد المحورية هي إستحضار التوتير المذهبي وعدة هذا التوير وصولا للفتنة أمران : تماسك جبهة القوى السنية بإعتبار الصراع مع الشيعة أولوية وهذا عكس ما يقوله الحدث المصري وكذلك تحشيد كل العناوين القادرة على التعبئة وفقا للخلفية الدينية التعصبية في واجهة الحياة السياسية والإعلامية من موقع القادر القوي وليس إقصاءه لحساب العلماني والعسكري اللذين لا مكان ولا دور و لا صفة أو وظيفة لهما تستقيم مع لعبة الفتنة والقدرة على إشعالها
- أين إسرائيل التي حصلت من الأخوان على ما لم تحصل عليه من أحد وموقعها من هذا التغيير والقلق الذي يسكنها من شموله حركة حماس وإنقلاب الموازين فيها لحساب القسام بوجه المكتب السياسي والعودة للحضن الإيراني السوري المصري المتجدد بدلا من الحضن الأخواني المطمئن في كل من قطر وتركيا ومصر ؟
- هل الرواية قادرة على تفسير ما جرى ؟
- السلوك السعودي تجاه سوريا يحمل كل مقومات التصعيد والتوتير المذهبي و التحريض على إيران وحزب الله فهل ما يجري على هذا الصعيد هو مشروع فريق سعودي هو غير الفريق الذي صنع التغيير في مصر او واكبه كي تستقيم الرواية منطقيا ؟
- السلووك الأميركي بدعوة التسليح والدعم للمعارضة السورية بعيدا عن القاعدة والوهابية يعني حكما الإعتماد على الأخوان كعصب للقوة المناوئة للدولة السورية وجيشها ورهان الأميركي كما صرح كيري بأن الجمع بين دعم التصعيد العسكري والتوافق على حل سياسي يلتقيان عند فرز مذهبي عنيف في سوريا يسمح بطرح إعادة التركيب على أساس طائفي لدولتها والأخوان هم حجر الرحى في هذا المشروع
- هل تريد الرواية أن تقول بأن البنتاغون الامريكي بالتفاهم مع فريق الأمير مقرن في السعودية يخوضان حرب إفشال مشروع كيري و حمد و بندر و سعود واوغلو ؟
- المنطقي هو أن التغيير الذي شهدته مصر كان تغييرا مصريا وطنيا إستفاد من التشققات التي عشعشعت في صفوف حلف الغرب والخليج بضوء التعثر في سوريا و تراجع مكانة مشروع الأخوان والشعور بأن التموضع مع زمن التسويات يقترب لكن الأكيد ان التموضع يستدعي نهاية تفاوض مع روسيا لا يزال في ذروته ولا تتناسب مصالح واشنطن والرياض مع تسريح الأحصنة من السباق قبل خط النهايه
- الأقرب للعقل اننا أمام تموضع ملاقاة أميركية سعودية طرفها البنتاغون وجماعة مقرن لإستحقاق تغيير مفاجئ بتوقيته مصريا ولو كان مقبولا في سياقه العام وهذا التأقلم أقرب لمعادلة الحد من الخسائر وليس تحقيق الأرباح ولو جرى الأمر في مطلع العام المقبل ربما لكانت الرواية أكثر قابلية للتصديق بتزامنها مع نهاية التفاوض وبدء ترتيب هياكل المشهد الجديد
- طوفان مصر كطوفان النيل فيها لا تتحدد مواعيده على ساعات توقيت الغير ولا ينبئ أحدا مسبقا بمواعيده

5/7/2013