المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هل الأحكام الأصولية شاملة للمقلّد أم مختصّة بالمجتهد؟


أبو محمد الخزاعي
22-10-2012, 12:43 PM
سؤال
هل الأحكام الأصولية من جعل الحجية والطريقية اوالوظيفة العملية خاصّة بالمجتهد أم هي تعمّ المقلّد أيضاً؟
من لديه قناعات خاصّة أو أي معلومات حول هذه المسألة يا حبذا اتحافنا بها مشكوراً

الحوزويه الصغيره
22-10-2012, 09:36 PM
اللهم صل على محمد و آل محمد وعجل فرجهم وفرجنا بهم يا كريم


عفواً أخي ممكن توضح السؤال اكثر ؟

زرارة
23-10-2012, 03:57 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


لا يجوز للمقلد إجراء أصالة البراءة أو الطهارة أو الاستصحاب في الشبهات الحكمية -اي معتمداً على فحص نفيه عن الدليل واحرازه عدمه- ، وأما في الشبهات الموضوعية فيجوز بعد أن قلد مجتهده في حجيتها ، مثلاً إذا شك في أن عرق الجنب من الحرام نجس أم لا ليس له إجراء أصل الطهارة ، لكن في أن هذا الماء أو غيره لاقته النجاسة أم لا يجوز له إجراؤها بعد أن قلد المجتهد في جواز الإجراء.

أبو محمد الخزاعي
29-10-2012, 09:45 AM
اللهم صل على محمد و آل محمد وعجل فرجهم وفرجنا بهم يا كريم


عفواً أخي ممكن توضح السؤال اكثر ؟

يمكن توضيح السؤال بما يلي
إنّ الأحكام الشرعية والخطابات الشرعية على قسمين
1- الخطابات والأحكام الاصوليّة من قبيل خطاب لا تنقض اليقين بالشك وخطاب صدّق الثقة وغيرها.
2- الخطابات والأحكام الفقهية من قبيل الأمر بالصلاة والحج وصوم رمضان وغيرها
ولا ريب أن الأحكام من القسم الثاني وهي الخطابات والأحكام الفقهية شاملة للمجتهد والمقلّّد والسؤال كان حول القسم الأوّل من الخطابات فإنّه لا شك في شمولها للمجتهد ولكن هل هي شاملة للمقلّد أيضاً أم مختصّة بالمقلّد
وشكراً لاهتمامكم ووفقكم الله تعالى

أبو محمد الخزاعي
29-10-2012, 09:50 AM
بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


لا يجوز للمقلد إجراء أصالة البراءة أو الطهارة أو الاستصحاب في الشبهات الحكمية -اي معتمداً على فحص نفيه عن الدليل واحرازه عدمه- ، وأما في الشبهات الموضوعية فيجوز بعد أن قلد مجتهده في حجيتها ، مثلاً إذا شك في أن عرق الجنب من الحرام نجس أم لا ليس له إجراء أصل الطهارة ، لكن في أن هذا الماء أو غيره لاقته النجاسة أم لا يجوز له إجراؤها بعد أن قلد المجتهد في جواز الإجراء.
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
اخي الفاضل كلامكم صحيح ولكن ليس السؤال عن ذلك بل كما اوضحته للاخت الفاضلة (حوزوية صغيرة)
وشكراً لاهتمامكم ووفقكم الله تعالى

الشيخ الهاد
29-10-2012, 06:25 PM
بسم الله الرحمن الرحيم ..

أنت قلت أيّها الكريم : الأحكام الأصوليّة ..
فإن كنت تعني القواعد، فهذه تقع في طريق استنباط الحكم الشرعي، وهي خاصة بمن استجمع الشراط دون سواه؛ ضرورة أن المكلف لا يقتدر عليها، لا تأسيساً ولا تنقيحاً ولا استدلالاً..

وإن كنت تعني بشمول الأحكام مقام الإمتثال، فالمكلف لا تبرّء ذمته إلاّ فيما استثناه الدليل؛ كمن بنى على اليقين بوضوئه بعد أن طرأ عليه شك لاحق ..
وقد أشار الأخ الفاضل زرارة إلى هذا المستثنى إشارة محكمة ..

وفي الجملة: فالأحكام الأصوليّة كما سيمتها أنت أيها الفاضل، خاصّة بمن استجمع الشرائط، اللهمّ إلاّ ما استثناه الدليل في شمولها للمكلّف في بعض الصور، أو دلّ الدليل على عدم المانع من الشمول ..

أبو محمد الخزاعي
29-10-2012, 07:11 PM
بسم الله الرحمن الرحيم ..

أنت قلت أيّها الكريم : الأحكام الأصوليّة ..
فإن كنت تعني القواعد، فهذه تقع في طريق استنباط الحكم الشرعي، وهي خاصة بمن استجمع الشراط دون سواه؛ ضرورة أن المكلف لا يقتدر عليها، لا تأسيساً ولا تنقيحاً ولا استدلالاً..

وإن كنت تعني بشمول الأحكام مقام الإمتثال، فالمكلف لا تبرّء ذمته إلاّ فيما استثناه الدليل؛ كمن بنى على اليقين بوضوئه بعد أن طرأ عليه شك لاحق ..
وقد أشار الأخ الفاضل زرارة إلى هذا المستثنى إشارة محكمة ..

وفي الجملة: فالأحكام الأصوليّة كما سيمتها أنت أيها الفاضل، خاصّة بمن استجمع الشرائط، اللهمّ إلاّ ما استثناه الدليل في شمولها للمكلّف في بعض الصور، أو دلّ الدليل على عدم المانع من الشمول ..

أخي الفاضل أعني بالأحكام خصوص الأحكام الشرعية ولذلك هي تقسم إلى أحكام أصولية وأحكام فقهية
والاحكام الشرعية الأصولية هي جزء من القواعد الاصولية وليست جميع القواعد الأصولية وهي من قبيل حجية خبر الثقة وحجية الاستصحاب والبراءة الشرعية والتي تتضمن خطاباً من الشارع.
فمثلاً هناك خطاب شرعي أصولي يقول: ((لا تنقض اليقين بالشك)) فهل بنظركم هذا الخطاب يشمل المقلّد كما يشمل المجتهد أم هو مختصّ بالمجتهد؟
وشكراً لكم مع خالص التحيات

صبر الدنيا
29-10-2012, 09:03 PM
بارك الله فيك

الشيخ الهاد
30-10-2012, 12:41 AM
بسم الله الرحمن الرحيم ..

أحسنتم أخي الفاضل الخزاعي ..
ولقد أجدتم أنكم اختصرتم علينا الطريق بحديث: لا تنقض اليقين بالشك ، فهو مثال جيّد لما قلناه ونقوله ، بيان ذلك ..

في حديث : لا تنقض اليقين بالشك، جهتان..
الأولى: التأسيسيّة، والمقصود أن تكون مدركاً لقانون كليّ (= قاعدة ، أصل ، أمارة) وهو الاستصحاب، وهذا خاص بمن استجمع الشرائط ، والوجه فيه أنّه يحتاج إلى نظر (=استنباط) ، لا يقتدر عليه من لم يبلغ رتبة أهل النظر والفتوى ..

الجهة الثانية: أنّها مؤمّن للمكلف في مقام الامتثال (دون الاستدلال لانه لا يقتدر عليه) وهيهنا صور..
فتارة يسوغ للمكلف التعبّد بهذا الحديث في الموضوعات الخارجيّة ، كمن شك في انتقاض وضوئه السابق ..
وتارة لا يسوغ ، كترتيب الآثار الشرعيّة على إجراء القسم الثالث من استصحاب الكلي ؛ والوجه اختلاف نفس العلماء في حجيّة مثل هذا الاستصحاب، والمشهور الأعظم على عدم جريانه ..
بلى لو كان المكلف مقلداُ من يرى حجيّته، ساغ الأمر..

ولنعلم شيئاً فالغرض من علم الأصول: هو إثبات حجيّة قوانين استنباط الحكم الشرعي، أو نفي الحجية..
فهناك من يرى حجيّة خبر الواحد مثلاً وهناك من لا يرى ..
وهناك من يرى حجيّة الاستصحاب وهناك من لا يرى..،والقائلون بحجيّته اختلفوا حتى النخاع على تسعة أقوال.. وهكذا ..
وعلى هذا، فحتى لو قلنا بشمول بعض الخطابات الشرعيّة -التي أسس عليها أهل النظر والفتوى قواعد أصوليّة- للمكلف، لكنه من الشمول الذي لا يمتّ لعلم الأصول بشيء؛ غايته أنّه مؤمّن للمكلف في مورده..

الهاد

أبو محمد الخزاعي
30-10-2012, 02:44 PM
بسم الله الرحمن الرحيم ..

أحسنتم أخي الفاضل الخزاعي ..
ولقد أجدتم أنكم اختصرتم علينا الطريق بحديث: لا تنقض اليقين بالشك ، فهو مثال جيّد لما قلناه ونقوله ، بيان ذلك ..

في حديث : لا تنقض اليقين بالشك، جهتان..
الأولى: التأسيسيّة، والمقصود أن تكون مدركاً لقانون كليّ (= قاعدة ، أصل ، أمارة) وهو الاستصحاب، وهذا خاص بمن استجمع الشرائط ، والوجه فيه أنّه يحتاج إلى نظر (=استنباط) ، لا يقتدر عليه من لم يبلغ رتبة أهل النظر والفتوى ..

الجهة الثانية: أنّها مؤمّن للمكلف في مقام الامتثال (دون الاستدلال لانه لا يقتدر عليه) وهيهنا صور..
فتارة يسوغ للمكلف التعبّد بهذا الحديث في الموضوعات الخارجيّة ، كمن شك في انتقاض وضوئه السابق ..
وتارة لا يسوغ ، كترتيب الآثار الشرعيّة على إجراء القسم الثالث من استصحاب الكلي ؛ والوجه اختلاف نفس العلماء في حجيّة مثل هذا الاستصحاب، والمشهور الأعظم على عدم جريانه ..
بلى لو كان المكلف مقلداُ من يرى حجيّته، ساغ الأمر..

ولنعلم شيئاً فالغرض من علم الأصول: هو إثبات حجيّة قوانين استنباط الحكم الشرعي، أو نفي الحجية..
فهناك من يرى حجيّة خبر الواحد مثلاً وهناك من لا يرى ..
وهناك من يرى حجيّة الاستصحاب وهناك من لا يرى..،والقائلون بحجيّته اختلفوا حتى النخاع على تسعة أقوال.. وهكذا ..
وعلى هذا، فحتى لو قلنا بشمول بعض الخطابات الشرعيّة -التي أسس عليها أهل النظر والفتوى قواعد أصوليّة- للمكلف، لكنه من الشمول الذي لا يمتّ لعلم الأصول بشيء؛ غايته أنّه مؤمّن للمكلف في مورده..

الهاد

الأخ الفاضل العزيز الهاد
إن الكلام عندما يدور حول شمول الخطاب الشرعي فهو يدور بطبيعة الحال حول إطلاق ذلك الدليل، بعبارة اُخرى الكلام حول مدى قابلية تلك الخطابات لشمول المقلّد على مستوى وجود المقتضى وعدم وجوده أو على مستوى وجود المانع وعدمه، وبعبارة ثالثة ليس السؤال عن مدى قدرة المقلّد على استنباط القاعدة الأصولية الشرعية؛ لأنّ المقلّد لو كان مقلداً بالأصول أيضاً كما هو مقلّد بالفقه فعدم قدرته على الاستنباط أمر مفروض ومفروغ منه فلا يقع مورداً للسؤال والنزاع، وليس الكلام كذلك حول مقام الامتثال؛ إذ ليست هي أحكاماً تكليفية حتّى يكون لها مقام امتثال، بل هي من الأحكام الوضعية وإن جاءت بصيغة الأمر أو النهي كما لو قال (لا تنقض اليقين بالشك) فهذا النهي ليس نهياً تكليفياً، بل هو إرشاد إلى حجية الاستصحاب، نعم مؤدّيات تلك الخطابات الأصولية قد تكون من الأحكام التكليفية.
ننتظر تعليقكم أخي الفاضل مع جزيل شكري وتقديري لكم

زرارة
31-10-2012, 03:41 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أعتذر لتأخري في الدخول إلى هذا الموقع المبارك لتشرفي بزيارة قبر الرسول الأعظم (ص) وآله المظلومين (ع)

وفي مقام جواب سؤالكم بعد التوضيح أقول :

قولكم - حفظكم الله - : - الخطابات والأحكام الاصوليّة من قبيل خطاب لا تنقض اليقين بالشك وخطاب صدّق الثقة وغيرهاهل هي شاملة للمقلّد أيضاً أم مختصّة بالمقلّد؟

أقول بإن الأحكام الأصولية لها عدة وجوه بعضها مختص بالمجتهد والبعض الآخر شامل للمجتهد والمقلد

مثلاً - مما طرحته من أمثلة الأحكام الأصولية (لا تنقض الشك باليقين) له عدة وجوه

فتارة يكون في الشبهات الحكمية وتارة أخرى في الشبهات الموضوعية

مثلاً لو شك المقلد في حلية العصير العنبي المغلي بنفسه أو بالنار أو بغير ذلك عند يذهب ثلثاه بالنار أو بغيرها فلا يجوز له إجراء الإستصحاب وتطبيق مفاد الرواية بعدما فحص عن الدليل ولم يجده وإحرز عدمه ، أما المجتهد فيجوز له إجراء الإستصحاب في الفرض المذكور عند فقدان الدليل - لو قلنا بجريان الإستصحاب في الشبهات الحكمية -على تفصيل يبحث في محله ولكن لتقريب الفكرة

وأما لو شك المكلف في هذا الشراب الموجود على نحو الشبهة الموضوعية فيجوز له إجراء الإستصحاب إذا كان مقلداً لمن يقول بجواز الإجراء والله العالم

.

أبو محمد الخزاعي
01-11-2012, 08:55 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أعتذر لتأخري في الدخول إلى هذا الموقع المبارك لتشرفي بزيارة قبر الرسول الأعظم (ص) وآله المظلومين (ع)

وفي مقام جواب سؤالكم بعد التوضيح أقول :

قولكم - حفظكم الله - : - الخطابات والأحكام الاصوليّة من قبيل خطاب لا تنقض اليقين بالشك وخطاب صدّق الثقة وغيرهاهل هي شاملة للمقلّد أيضاً أم مختصّة بالمقلّد؟

أقول بإن الأحكام الأصولية لها عدة وجوه بعضها مختص بالمجتهد والبعض الآخر شامل للمجتهد والمقلد

مثلاً - مما طرحته من أمثلة الأحكام الأصولية (لا تنقض الشك باليقين) له عدة وجوه

فتارة يكون في الشبهات الحكمية وتارة أخرى في الشبهات الموضوعية

مثلاً لو شك المقلد في حلية العصير العنبي المغلي بنفسه أو بالنار أو بغير ذلك عند يذهب ثلثاه بالنار أو بغيرها فلا يجوز له إجراء الإستصحاب وتطبيق مفاد الرواية بعدما فحص عن الدليل ولم يجده وإحرز عدمه ، أما المجتهد فيجوز له إجراء الإستصحاب في الفرض المذكور عند فقدان الدليل - لو قلنا بجريان الإستصحاب في الشبهات الحكمية -على تفصيل يبحث في محله ولكن لتقريب الفكرة

وأما لو شك المكلف في هذا الشراب الموجود على نحو الشبهة الموضوعية فيجوز له إجراء الإستصحاب إذا كان مقلداً لمن يقول بجواز الإجراء والله العالم

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته أخي الفاضل زرارة ونسأل الله لكم قبول الزيارة والطاعات
وفيما يتعلّق بما ذكرته مشكوراً من اختصاص اجراء الشبهات الحكمية بالمجتهد وشمولها للمقلّد في الشبهات الموضوعيّة فصحيح في نفسه، ولكن ليس الكلام حول مقام إجراء الأمارة أو الأصل وهل يحقّ للمقلّد تطبيق الأمارة والأصل في الشبهات الحكمية من دون الرجوع إلى المجتهد أو لا يحقّ له، بل الكلام حول مقامٍ قبل ذلك وهو مقام الخطاب وأنّ المقلّد هل هو مخاطب بالأمارة والأصل كالمجتهد أم غير مخاطب بهما من الأوّل؟
وبعبارة اُخرى:
هل تعتقدون أن المقلّد معني مثلاً بخطاب (لا تنقض اليقين بالشك) أم أنّ هذا الخطاب موجّه للمجتهد ولا يعني المقلّد بشيء؟
تحياتي الحارّة لكم ولا تنسونا من صالح الدعاء

الشيخ الهاد
01-11-2012, 05:06 PM
أخي الفاضل الخزاعي ، لعلنا الآن فهمنا مقصودكم الشريف..؛ ونعتذر بشدة فلقد كنا نظن أن جنابكم سائل فقط ، لكن انبلج أنك فاضل تبتغي أمراً آخر..؛ وأياً كان ..
فالجواب : نعم -في نظري القاصر- هناك خطابات أصولية تعم المكلف والمجتهد سواء، لكن بهذا البيان ..
فحينما يقول الشارع -مثلاً- كلّ شيء لك طاهر حتى تعلم أنه نجس، أو كما قال عليه السلام. فهينا حصتان ..

الحصّة الأولى : المتيقنة، وهي البناء على الطهارة ما لم تحرز النجاسة، وهذا أصل يسع كلّ مخاطب يفهم الحديث فهماً عرفياً عادياً، مجتهداً كان أم مقلّداً..؛ يدلّ على ذلك أنّ طالب الشرائع أو اللمعة مثلاً قد يعمل بهذا الحديث من دون نظر؛ أي بالأصل الذي ظهر له منه (الظهور حجّة)، من دون الرجوع لمن يقلّد، بل الرجوع تحصيل للحاصل.

الحصّة الثانية: الموسّعة؛ كالإستفادة من هذا النصّ لإثبات أصل الاستصحاب بالمناط الذي فيه ، وهذا لا يقتدر عليه إلاّ أهله .

والزبدة: فثمة خطابات أصوليّة ، تعم المجتهد والمكلف سواء ، لكن بالبيان المتقدم.

الحوزويه الصغيره
01-11-2012, 08:07 PM
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرحهم وفرجان بهم يا كريم

من خلال البحث ...
وجوابا على تساؤلكم نرى ان البعض قد توهم من ان الأحكام الأصولية مختصة بالمجتهد ولا تثبت في حق المقلدين وقد ابطل هذا التوهم مفصلا السيد الخوئي رحمه الله في مبحث حجية القطع / كتاب مصباح الأصول ج١ .
والله اعلم

أبو محمد الخزاعي
01-11-2012, 10:22 PM
أخي الفاضل الخزاعي ، لعلنا الآن فهمنا مقصودكم الشريف..؛ ونعتذر بشدة فلقد كنا نظن أن جنابكم سائل فقط ، لكن انبلج أنك فاضل تبتغي أمراً آخر..؛ وأياً كان ..
فالجواب : نعم -في نظري القاصر- هناك خطابات أصولية تعم المكلف والمجتهد سواء، لكن بهذا البيان ..
فحينما يقول الشارع -مثلاً- كلّ شيء لك طاهر حتى تعلم أنه نجس، أو كما قال عليه السلام. فهينا حصتان ..

الحصّة الأولى : المتيقنة، وهي البناء على الطهارة ما لم تحرز النجاسة، وهذا أصل يسع كلّ مخاطب يفهم الحديث فهماً عرفياً عادياً، مجتهداً كان أم مقلّداً..؛ يدلّ على ذلك أنّ طالب الشرائع أو اللمعة مثلاً قد يعمل بهذا الحديث من دون نظر؛ أي بالأصل الذي ظهر له منه (الظهور حجّة)، من دون الرجوع لمن يقلّد، بل الرجوع تحصيل للحاصل.

الحصّة الثانية: الموسّعة؛ كالإستفادة من هذا النصّ لإثبات أصل الاستصحاب بالمناط الذي فيه ، وهذا لا يقتدر عليه إلاّ أهله .

والزبدة: فثمة خطابات أصوليّة ، تعم المجتهد والمكلف سواء ، لكن بالبيان المتقدم.
أخي العزيز الهاد
يفهم من كلامكم أّنكم تعتقدون بالتفصيل وأنّ بعض الخطابات الاُصوليّة شاملة للمقلّد كما هي شاملة للمجتهد بلا أي فرق وذكرتم ذلك مثالاً وهو قاعدة الطهارة وقاعدة الاستصحاب، ولكن لنا أن نقول:
1- لاشكّ كما ذكرتم(حفظكم الله تعالى) في شمول قاعدة الطهارة للمقلّد كما هي شاملة للمجتهد، لكنّ هذا لو اُريد تطبيقها في مجال الشبهات الموضوعيّة، أمّا لو اُريد تطبيقها في مجال الشبهات الحكميّة فهو متعذّر على المقلّد كما هو معلوم.
فمثلاً لو حصل شكّ في أنّ الخمر طاهر العين أو نجس العين فلا يسع المقلّد إجراء قاعدة الطهارة لإثبات الطهارة الظاهريّة للخمر؛ لأنّ إجراءه يتوقف على الفحص وإحراز عدم وجود أمارة دالّة على طهارة أو نجاسة الخمر، والمفروض أنّ المقلّد غير متمكّن منه.
2- عدم تمكّن المقلّد من إجراء القاعدة في مجال الشبهات الحكميّة، لا يعني بالضرورة أنّ الخطاب غير شامل له؛ إذ ربّ قائل أن يقول بشموله له أيضاً والمجتهد في هذه الحالة يكون نائباً عن المقلّد في إجراء الأصل أو الامارة.
وتقبّل أخي الفاضل خالص تحيّاتي ومودّتي

الشيخ الهاد
01-11-2012, 10:59 PM
بسم الله الرحمن الرحيم ..
ما شاء الله أخي الفاضل الخزاعي ، أوجزتم فأجدتم ..

مع التذكير بشيء مرة أخرى للفائدة ؛ أجليتم عنه أنت والأخ الفاضل زرارة ببراعة، وهو تخصيص المكلف بالشبهات الموضوعيّة دون الحكميّة ، فلماذا؟!!!!!!!!!
الجواب ببساطة : لأنّ المكلف لو استطاع إجراء الأصل في الحكميات ، لانقلب إلى مجتهد . والمفروض أنه غير قادر على هذا .
أحسنتم مرة أخرى

الشيخ الهاد
01-11-2012, 11:37 PM
نحن بإنتظار رأيكم الشريف في المسألة مولانا الخزاعي دام بقاؤه !!!!!!!!!!!
فلو تتحفونا به لننتهل منه ونستفيد رحمك الله .

أبو محمد الخزاعي
02-11-2012, 01:04 PM
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرحهم وفرجان بهم يا كريم

من خلال البحث ...
وجوابا على تساؤلكم نرى ان البعض قد توهم من ان الأحكام الأصولية مختصة بالمجتهد ولا تثبت في حق المقلدين وقد ابطل هذا التوهم مفصلا السيد الخوئي رحمه الله في مبحث حجية القطع / كتاب مصباح الأصول ج١ .
والله اعلم

الاُخت الفاضلة(الحوزوية صغيرة)(حفظكِ الله تعالى)
إنّ الشيخ الأعظم مرتضى الانصاري أراد أن يذكر تقسيماً لمباحث الأمارات والاُصول العمليّة فقال في بداية كتابه فرائد : ((فاعلم أنّ المكلّف إذا إلتفت إلى حكم شرعيّ، فإمّا أن يحصل له الشكّ فيه أو القطع أو الظن)).
ثم الأعلام صاروا بصدد البحث في هذا التقسيم الذي ذكره الشيخ(رضوان الله تعالى عليه) وهل هو شامل للمقلّد أم هو مختصّ بالمجتهد
فبعضهم فسّر كلمة ((المكلّف)) كالمحقّق النائيني اُستاذ السيّد الخوئي بأن المراد منها خصوص المجتهد؛ لأنّ الشيخ الأنصاري قيدّها بـ((الملتفت)) والالتفات هو عبارة عن الالتفات التفصيلي الذي لا يحصل إلاّ للمجتهد، ثم أيّد رأيه هذا ببعض الوجوه وانتهى إلى أنّ هذا التقسيم خاصّ بالمجتهد.
ثم جاء تلميذه الفذّ المحقّق الخوئي وفنّد دعوى اُستاذه وأثبت بيان رائع ومفصّل شمول المقلّد أيضاً للحالات التي أشار إليها الشيخ الأعظم وهي اليقين والظن والشكّ.
وهذه النقطة التي أثارها المحقّق النائيني وعمقّها السيد الخوئي ترتبط بالتقسيم الذي ذكره الشيخ الاعظم، أمّا السؤال الذي طرحناه هنا يتعلّق بزاوية اُخرى غير مسألة التقسيم وهي أنّ الخطابات الشرعية الظاهرية من الأمارات والأصول هل تشمل المقلّد أم مختصّة بالمجتهد؟
ويبدو أنّ ثمّة خلط وقع في كلمات الأعلام لا سيّما المحقّق النائيني(رضوان الله تعالى عليه) بين مسألة التقسيم والمسألة التي هي محلّ السؤال.
على كل حال ما أشرتم إليه من الشبهة وجواب السيّد الخوئي عنها كان يتمحور حول نقطة اُخرى وهي مسألة شمول التقسيم للمقلّد وعدم شموله ولا ربط لها بمحلّ السؤال، لذا جاء في مصباح الاُصول: ((والحاصل أنّه لا فرق بين المجتهد والمقلّد إلّا في خصوصيّة الطرق والأمارات، فإن طرق المجتهد إلى الأحكام هي الكتاب والسنّة، وطريق المقلّد هو فتوى المجتهد فقط، وكما أنّ ظواهر الكتاب والسنّة حجّة للمجتهد، كذلك ظاهر كلام المجتهد حجّة للمقلّد، فلا وجه لاختصاص المقسم بالمجتهد)).
فلاحظوا ودققوا في عبارة: ((فلا وجه لاختصاص المقسم بالمجتهد)) أي لا وجه لدعوى المحقّق النائيني من كون المقسم وهو المكلّف مختصّاً بالمجتهد بل هو شامل لهما معاً.
وأيضاً لاحظوا ما ذكره السيّد الخوئي في بداية البحث حيث قال: ((( الامر الثاني: أنّه هل المراد من المكلّف المذكور في كلام شيخنا الأعظم الأنصاري(ره) هو خصوص المجتهد أو الأعمّ منه ومن المقلّد؟ مقتضى الإطلاق الثاني، وهو الصحيح؛ لعدم اختصاص الأقسام وما يذكر لها من الأحكام بالمجتهد) )
والحاصل
السؤال الذي طرحناه لا يرتبط بمسألة التقسيم وما هو المراد من المقسم
شكراً جزيلاً لاهتمامكم بالموضوع وبارك الله فيكم

الحوزويه الصغيره
02-11-2012, 05:13 PM
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وفرجان بهم يا كريم


شكرًا لكم اخي الكريم ' الخزاعي
على التوضيح واعتذر على هذا اللبس والخطأ .
سأبحث مجددا

تحيتي

موسوي البحراني
03-11-2012, 01:22 AM
اللهم صل على محمد وال محمد

اخي الكريم / الخزاعي ان سؤالكم مرتبط بالبحث الأصولي في ان الخطابات الشرعية سواء تكليفية او بتعبيركم أصولية فهل تشمل المكلف ام لا ؟
الجواب على ذلك أنه وقع خلاف في ذلك على قولين :
اولهما : انه لا تشمل تلك الخطابات الاصولية المكلف من الأساس وذلك لإشتراط تلك الخطابات بالقدرة الشرعية وهي رد الفروع على الاصول وهي ما تسمى بملكة الاجتهاد وهي غير حاصلة للمكلف فيكون من قبيل التكليف بغير مقدور وعليه فليس لها اطلاق من الأساس بحيث يشمل المكلف والمجتهد بل منصرفة الى المجتهد خاصة.
ثانيهما : انه يشمل المكلف والمجتهد بمقتضى اطلاق تلك الخطابات الأصولية الا انها تقيد بحكم العقل بالمجتهد وذلك لان عدم القدرة الشرعية كعدم القدرة العقلية بحكم العقل .

وقد يقال انه لا فرق بين القولين لان نتيجتهما واحدة وهي ان المكلف غير مشمول لتلك الخطابات الأصولية وحينئذ فلا توجد ثمرة عملية في البين .

الا انه يمكن ان يجاب على ذلك وهو ان الثمرة العملية بين القولين تظهر في الشبهة الحكمية والموضوعية اما بناء على القول الاول فان المكلف لا يجوز له جريان الاصول في الشبهة الموضوعية فضلا عن الحكمية لانه غير مكلف بها منذ البداية وأما على القول الثاني فيكون المكلف في بعضها مكلفا في الشبهة الموضوعية دون الحكمية .

والسلام عليكم
أخوكم موسوي البحراني
*

النجف الاشرف
03-11-2012, 08:40 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف
لا يخفى بان الاصول العمليه تجري لمن لم يبلغ مرتبة الاجتهاد في الشبهات الموضوعية دون الحكمية كما كتب الافاضل قبلنا وهي محل تامل
: ((فاعلم أنّ المكلّف إذا إلتفت إلى حكم شرعيّ، فإمّا أن يحصل له الشكّ فيه أو القطع أو الظن)).
نعم فالتعريف متين ... لان ظاهر عبارة الشيخ الاعظم ( المكلف إذا اللتفت ) غير مختصه وهي كما ذهب لها استاذ الفقهاء والاصولين الخوئي ,والمجتهد بماهو مجتهد هو مكلف بالاحكام الشرعيه والمائز بينه وبين من لم يحرز ملكة الاجتهاد هو داوم الالتفات بعد تحصيل الادوات لاستنباط الاحكام الشرعية .
بل يمكن القول بان المكلف الملتفت غير المجتهد يجوز له ان يجري الاصل العملي في الشبهات الحكمية من حيث الجواز العقلي , وكذلك الشرعي بقيد معرفة الاراء التي تخص الحكم في آي واقعه.

وأسجل متابعتي

والسلام عليكم

ابو الحسن الكاظمي
03-11-2012, 08:52 PM
السلام عليكم إخوتي الأفاضل
أنا عندي سؤال على ما تفضلتم به من بيان
وهو اذا كان المكلف داخلا في الخطاب الشرعي ك(لا تنقض اليقين بالشك)في الشبهة الحكمية
فهنا سيقع اشكال وهو هل ان المكلف قد وصل الى اليقين والقطع او الظن من ان نفس هذا الخطاب قد صدر من المعصوم وهو حجة في حقه ام لا
ثانيا هل ان المكلف على علم ان هذا النص لم ينقض بخطاب شرعي ثاني او انه قيل على سبيل التقية مثلا
ثالثا هل ان المكلف قادر على ان مفهوم هذه الرواية مختص بالطهارة فقط ام انه عام في كل الابواب حتى في الغصبية مثلا
هذه الاشكالات تعطي صورة واضحة من ان المكلف غير داخل فيها هذا هو رأي القاصر
ولكم الشكر البالغ لهذا لموضوع القيم

أبو محمد الخزاعي
04-11-2012, 08:28 AM
نحن بإنتظار رأيكم الشريف في المسألة مولانا الخزاعي دام بقاؤه !!!!!!!!!!!
فلو تتحفونا به لننتهل منه ونستفيد رحمك الله .
أنا بخدمتكم أخي الفاضل الهاد

أبو محمد الخزاعي
04-11-2012, 08:40 AM
اللهم صل على محمد وال محمد

اخي الكريم / الخزاعي ان سؤالكم مرتبط بالبحث الأصولي في ان الخطابات الشرعية سواء تكليفية او بتعبيركم أصولية فهل تشمل المكلف ام لا ؟
الجواب على ذلك أنه وقع خلاف في ذلك على قولين :
اولهما : انه لا تشمل تلك الخطابات الاصولية المكلف من الأساس وذلك لإشتراط تلك الخطابات بالقدرة الشرعية وهي رد الفروع على الاصول وهي ما تسمى بملكة الاجتهاد وهي غير حاصلة للمكلف فيكون من قبيل التكليف بغير مقدور وعليه فليس لها اطلاق من الأساس بحيث يشمل المكلف والمجتهد بل منصرفة الى المجتهد خاصة.
ثانيهما : انه يشمل المكلف والمجتهد بمقتضى اطلاق تلك الخطابات الأصولية الا انها تقيد بحكم العقل بالمجتهد وذلك لان عدم القدرة الشرعية كعدم القدرة العقلية بحكم العقل .

وقد يقال انه لا فرق بين القولين لان نتيجتهما واحدة وهي ان المكلف غير مشمول لتلك الخطابات الأصولية وحينئذ فلا توجد ثمرة عملية في البين .

الا انه يمكن ان يجاب على ذلك وهو ان الثمرة العملية بين القولين تظهر في الشبهة الحكمية والموضوعية اما بناء على القول الاول فان المكلف لا يجوز له جريان الاصول في الشبهة الموضوعية فضلا عن الحكمية لانه غير مكلف بها منذ البداية وأما على القول الثاني فيكون المكلف في بعضها مكلفا في الشبهة الموضوعية دون الحكمية .

والسلام عليكم
أخوكم موسوي البحراني
*
الأخ العزيز الفاضل موسوي البحراني
انّ الخطابات الاُصوليّة ليست هي خطابات تكليفيّة حتّى يقال أنّ شمولها للمقلّد يلزم منه التكليف بغير المقدور وأنّ النزاع بينهم في أنّها مشروطة بالقدرة الشرعيّة أو العقلية، بل النزاع بينهم في أنّ الأحكام الاُصوليّة أي الطرق والاُصول العمليّة هل هي شاملة للمقلّد كما هي شاملة للمجتهد أم يوجد هناك مانع وسبب من الشمول ؟
فمن باب المثال عندما يجعل الشارع خبر الثقة حجّة وطبقاً لمسلك جعل الطريقيّة يكون معنى جعل الحجيّة لخبر الثقة هو جعله علماً تعبّداً، فيقال حينئذٍ هل الشارع جعل خبر الثقة علماً للمجتهد والمقلّد معاً أم جعله علماً لخصوص المجتهد؟
فإذن ليست المسألة مرتبطة بالتكليف بغير المقدور من الأصل ولا نزاع لهم في ذلك.
وشكراً لكم أخي الكريم موسوي البحراني على هذه المساهمة مع خالص تحياتي لك

أبو محمد الخزاعي
04-11-2012, 11:42 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف
لا يخفى بان الاصول العمليه تجري لمن لم يبلغ مرتبة الاجتهاد في الشبهات الموضوعية دون الحكمية كما كتب الافاضل قبلنا وهي محل تامل

نعم فالتعريف متين ... لان ظاهر عبارة الشيخ الاعظم ( المكلف إذا اللتفت ) غير مختصه وهي كما ذهب لها استاذ الفقهاء والاصولين الخوئي ,والمجتهد بماهو مجتهد هو مكلف بالاحكام الشرعيه والمائز بينه وبين من لم يحرز ملكة الاجتهاد هو داوم الالتفات بعد تحصيل الادوات لاستنباط الاحكام الشرعية .
بل يمكن القول بان المكلف الملتفت غير المجتهد يجوز له ان يجري الاصل العملي في الشبهات الحكمية من حيث الجواز العقلي , وكذلك الشرعي بقيد معرفة الاراء التي تخص الحكم في آي واقعه.

وأسجل متابعتي

والسلام عليكم


وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

وحيّاكم الله أخي العزيز (النجف الأشرف)
وجزيل الشكر والامتنان لكم لمتابعتكم هذا الموضوع
أخي الفاضل:
انّ المقلّد يتعذّر عليه الالتفات التفصيلي لحكم المسألة؛ إذ معنى الالتفات التفصيلي هو استفراغ وسعه في معرفة ما هو حجّة على الحكم الشرعيّ وهذه خصوصيّة لا يتّصف بها إلاّ المجتهد، وفرض تمكّن المقلّد من الالتفات التفصيلي مستلزم لانقلاب الفرض عمّا هو عليه وأنّ ما فرضته مقلّداً ليس مقلّداً بل يكون مجتهداً ولو على نحو التجزّئ.
ومن باب المثال لو أراد مقلّد أن يجري أصل البراءة على نفسه في مسألة التدخين، فلا يمكنه ذلك؛ لأنّ إجراء هذا الأصل يتوقّف على الفحص وإحراز عدم وجود أمارة وطريق دالّ على حرمة التدخين من عموم أو إطلاق وغيره حاكم على أصل البراءة، وإحراز عدم وجود أصل آخر معارض أو حاكم على هذا الأصل كالاستصحاب، وكيف يتمكّن المقلّد من كل ذلك، ولو فرض تمكنّه من ذلك فهو مجتهد لا محال.
نعم الاتفات الإجمالي واحتمال التكليف هذا أمر لابدّ منه في فعليّة الخطاب الشرعي وتنجّزه على المكلّف؛ لأنّ توجيه الخطاب إلى غير الملتفت لغوّ لا يصدر من الحكيم، ولذا فإن الشيخ الاعظم( رضوان الله تعالى عليه) جعله قيداً للتكليف.

أبو محمد الخزاعي
04-11-2012, 12:58 PM
السلام عليكم إخوتي الأفاضل
أنا عندي سؤال على ما تفضلتم به من بيان
وهو اذا كان المكلف داخلا في الخطاب الشرعي ك(لا تنقض اليقين بالشك)في الشبهة الحكمية
فهنا سيقع اشكال وهو هل ان المكلف قد وصل الى اليقين والقطع او الظن من ان نفس هذا الخطاب قد صدر من المعصوم وهو حجة في حقه ام لا
ثانيا هل ان المكلف على علم ان هذا النص لم ينقض بخطاب شرعي ثاني او انه قيل على سبيل التقية مثلا
ثالثا هل ان المكلف قادر على ان مفهوم هذه الرواية مختص بالطهارة فقط ام انه عام في كل الابواب حتى في الغصبية مثلا
هذه الاشكالات تعطي صورة واضحة من ان المكلف غير داخل فيها هذا هو رأي القاصر
ولكم الشكر البالغ لهذا لموضوع القيم

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته أخي الفاضل الكاظمي
وحيّاك الله وزادك من فضله
بخصوص إشكالك الأوّل نقول:
إنّ عدم وصول اليقين أو الظنّ للمكلّف بالحكم الاُصولي ليس بحد ذاته من الاُمور التي تمنع من شمول تلك الإطلاقات له، فانت تجد مثلاً أنّ الأحكام الفقهية كوجوب الصلاة وشرائطهاشاملة للمجتهد والمقلّد حتّى لو لم يكن متيقناً بها او ظاناً، لذلك يرجع المقلّد إلى أهل الخبرة من المجتهدين ويسألهم ليعرف تلك الأحكام، فلو لم تكن شاملة للمقلّد فلا وجه لرجوعه إلى المجتهد.
وبخصوص الإشكال الثاني والثالث نقول:
فلمجيب أن يقول لك: إنّه حتّى مع عدم علم المقلّد بالمعارض أو عدم العلم بحجيّة الاستصحاب نفسه أو معرفة مدلوله فأيّ مانع يمنع شمول ذلك الخطاب للمقلّد في لوح الواقع؟
فهل فعدم علمه بشمول الخطاب له يستلزم عدم شموله له عند الله تعالى وفي لوح الواقع؟
وتقبّل منّي خالص الشكر والتقدير والمودّة

ابو الحسن الكاظمي
04-11-2012, 02:20 PM
بسمه تعالى
الأخ الفاضل القدير (ابو محمد الخزاعي)
أرجو ان لا يكون كلامي ثقيلا او مملا ولكن اريد ان استوضح فقط لذا ساقوم بالرد على كلامك ان سمحت لي
اما اولا فقولك(إنّ عدم وصول اليقين أو الظنّ للمكلّف بالحكم الاُصولي ليس بحد ذاته من الاُمور التي تمنع من شمول تلك الإطلاقات له، فانت تجد مثلاً أنّ الأحكام الفقهية كوجوب الصلاة وشرائطهاشاملة للمجتهد والمقلّد حتّى لو لم يكن متيقناً بها او ظاناً، لذلك يرجع المقلّد إلى أهل الخبرة من المجتهدين ويسألهم ليعرف تلك الأحكام، فلو لم تكن شاملة للمقلّد فلا وجه لرجوعه إلى المجتهد.)
هذا قياس مع الفارق فنحن نتكلم في الاحكام الاصولية لا الفقهية حسب سؤالكم الاول والفارق واضح كما لا يخفى عليكم بالتالي يكون قياس مع الفارق فلا تتم الحجة بستدلالك .


ثانيا قولك (إنّه حتّى مع عدم علم المقلّد بالمعارض أو عدم العلم بحجيّة الاستصحاب نفسه أو معرفة مدلوله فأيّ مانع يمنع شمول ذلك الخطاب للمقلّد في لوح الواقع؟)
فهذا مبني على المعذرية كما لا يخفى عن جنابكم الكريم فان الاصل هي برأة الذمة مع عدم العلم,
بالتالي يكون ردكم ايظا غير تام في المقام
ارجو ان لا اكون قد تجاوزت مقامي ولكن وددت الأيضاح
تقبل سلامي وودي الفائق

أبو محمد الخزاعي
04-11-2012, 05:24 PM
أخي العزيز الكاظمي:
1- قلتم(حفظكم الله تعالى): ((هذا قياس مع الفارق فنحن نتكلّم في الأحكام الاُصولية لا الفقهيّة حسب سؤالكم الأوّل والفارق واضح كما لا يخفى عليكم بالتالي يكون قياس مع الفارق فلا تتمّ الحجّة)).
والجواب أخي الفاضل
نحن لا نريد أن نلغي الفارق بين الأحكام الاًُصوليّة والفقهيّة وقياس الأصوليّة على الفقهية بل نريد أن نثبت عدم وجود ملازمة بين عدم علم المقلّد أو ظنّه بالحكم الشرعي بشكل عامّ وبين عدم شموله له.
اللهم إلاّ إذا كان مقصودكم من ذلك هو الملازمة فقط بين عدم يقين وظنّ المقلّد بالحكم الاُصولي وعدم شموله له، وهذا يستدعي دليلاً، فلنا أن ننكر هذه الملازمة ونقول لا دليل لديكم على هذه الملازمة.
2- قلتم: ((فهذا مبني على المعذرية كما لا يخفى عن جنابكم الكريم فإن الأصل هي براءة الذمة مع عدم العلم, بالتالي يكون ردكم أيضاً غير تام في المقام))
أخي الفاضل
أنا طرحت سؤلاً ولم يكن رداً، وكنت انتظر جوابه، وهذا نصّه:
((لقائل أن يقول لك حتّى مع عدم علم المقلّد بالمعارض أو عدم العلم بحجيّة الاستصحاب نفسه أو معرفة مدلوله، فأي مانع يمنع شمول ذلك الخطاب للمقلّد في لوح الواقع، فهل عدم علمه بشمول الخطاب له يستلزم عدم شموله له عند الله تعالى وفي لوح الواقع؟))
واكرره للتوضيح:
في حالة عدم علم المقلّد بالمعارض أو عدم العلم بحجيّة الاستصحاب نفسه أو معرفة مدلوله، فما هو المانع الذي يمنع شمول ذلك الخطاب للمقلّد في لوح الواقع؟
مع الشكروالتقدير لكم لتفاعلكم مع الموضوع

النجف الاشرف
06-11-2012, 10:30 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف
حياكم الله أخي العزيز ونشكر سعة صدرك
انّ المقلّد يتعذّر عليه الالتفات التفصيلي لحكم المسألة
قيد التفصيلي لم يضعه صاحب الفرائد رضوان الله تعالى عليه , واذ كان الامر أستنباط منكم فهو في غير محله
قال الميرزا الآشتياني في بحر الفوائد شرحا على تعريف الشيخ الاعظم (أقول : المراد من المكلَّف أعمّ من المجتهد والعامي كما هو قضيّة ظاهر اللَّفظ والتقييد بالالتفات من جهة استحالة حصول الأحوال الثلاثة لغير الملتفت وإن كان مكلَّفا شأنا منقطعا عنه التكليف الفعلي بسبب عروض الغفلة فلا يقال إنّ التقييد غير محتاج إليه أو لا بدّ من أن يحمل على التوضيح
ثمّ إنّ حصر متعلَّق الالتفات في الحكم الشرعي ليس من جهته اختصاص الأحوال به بل من جهة أنّه المقصود الأصلي بالبحث كما يصرّح به في أوّل رسالة أصالة البراءة ويظهر من مطاوي كلماته الأخر وسمعنا منه قدّس سرّه مراراً فتأمّل ثمّ إنّ المراد من الحكم الشرعي ما بيّنوه في أوّل علم الفقه فيشمل الأصول الاعتقاديّة والعمليّة والأحكام الفرعيّة وما يتبعها في الحكم ويخرج عنه الموضوعات الصّرفة وما يلحقها ويشاركها في الحكم
ثمّ إنّ حصر الحاصل للمكلَّف الملتفت فيما ذكره عقليّ لا يخفى وجهه وإن كان هناك أمر آخر خارج عنه وهو الوهم إلَّا أنه لمكان لزومه للظَّن لم يعقل جعله مقابلا له فإنّه كلَّما حصل له الظَّن حصل له الوهم أيضا هذا مع أنّه لا معنى للتكلَّم عنه لعدم ترتّب أثر عليه من حيث إنّه وهم بوجه من الوجوه كما هو واضح لا سترة فيه أصلا)

إذ معنى الالتفات التفصيلي هو استفراغ وسعه في معرفة ما هو حجّة على الحكم الشرعيّ وهذه خصوصيّة لا يتّصف بها إلاّ المجتهد، وفرض تمكّن المقلّد من الالتفات التفصيلي مستلزم لانقلاب الفرض عمّا هو عليه وأنّ ما فرضته مقلّداً ليس مقلّداً بل يكون مجتهداً ولو على نحو التجزّئ
رايكم فيه تامل .
ومن باب المثال لو أراد مقلّد أن يجري أصل البراءة على نفسه في مسألة التدخين، فلا يمكنه ذلك؛ لأنّ إجراء هذا الأصل يتوقّف على الفحص وإحراز عدم وجود أمارة وطريق دالّ على حرمة التدخين من عموم أو إطلاق وغيره حاكم على أصل البراءة، وإحراز عدم وجود أصل آخر معارض أو حاكم على هذا الأصل كالاستصحاب، وكيف يتمكّن المقلّد من كل ذلك، ولو فرض تمكنّه من ذلك فهو مجتهد لا محال.
لا يشترط كل ذلك اخي الفاضل , ونحن قلنا ( بقيد معرفة الاراء التي تخص الحكم في آي واقعه.) فمعرفة المكلف بالاراء لمن يعتقد باعلميتهم التي تخص مسئله التدخين مثلا تغنيه عن كل هذه الطرق , وهذا هو معنى الاحتياط المذكور الذي يندبه بعض الفقهاء بدلا للتقليد .
((لقائل أن يقول لك حتّى مع عدم علم المقلّد بالمعارض أو عدم العلم بحجيّة الاستصحاب نفسه أو معرفة مدلوله، فأي مانع يمنع شمول ذلك الخطاب للمقلّد في لوح الواقع، فهل عدم علمه بشمول الخطاب له يستلزم عدم شموله له عند الله تعالى وفي لوح الواقع؟))
نعم عدم عمله بشمول الخطاب له لا يستلزم المخالفة لقبح العقاب بلا بيان

والسلام عليكم

أبو محمد الخزاعي
07-11-2012, 01:41 PM
وعليكم السلام ورحمة الله أخي الفاضل(النجف الأشرف)

أخي العزيز

1- أنا لم أقل إنّ الشيخ الأعظم وضع قيد التفصيلي, ولم استنبطه أيضاً من كلامه رضوان الله تعالى عليه، بل نقول كما قال الميرزا الآشتياني أنّ المقسم وهو المكلّف أعمّ من المجتهد والعامي، فمن الطبيعي أن يكون المراد من الالتفات مطلق الالتفات؛ إذ لو كان المراد منه الالتفات التفصيلي لكان هذا التقسيم مختصّاً بالمجتهد وهو ممّا لا وجه له.
2- كان كلامي في مقام التعليق على ما ذكرتموه من أنّ المقلّد يمكنه إجراء الأصل العملي في الشبهات الحكمية، وكان جوابي أنّ ذلك محال؛ لأن تطبيق الأصل العملي في الشبهات الحكمية يحتاج إلى الالتفات التفصيلي وأعني به الالتفات الحاصل بعد الفحص اللائق بشأن المجتهد.
3- إن قلتم: من أين تقولون إنّ شرط إجراء الأصل هو الفحص ؟
نقول: إنّ جميع الاُصوليّين متفقون على عدم جواز إجراء الأصل العملي في الشبهات الحكميّة إلا بعد الفحص.
4- إن قلتم: ما الدليل على عدم تمكن المقلّد من الفحص:
نقول: إنّ المقلّد لو تمكّن من الفحص ومعرفة الحاكم والمعارض لما كان مقلّداً بل هو مجتهد حينئذٍ.
5- ذكرتم أنّ عدم علم المقلّد بشمول الخطاب له لا يستلزم المخالفة لقبح العقاب بلا بيان.
نقول
هل تقصدون بالخطاب الخطاب الواقعي أم الخطاب الظاهري؟
بعبارة اُخرى هل تقصدون الخطاب الفقهي أم خطاب الاُصولي(الأمارات والأصول العملية) ؟
ومن البعيد أنّكم تقصدون الخطاب الفقهي، والظاهر أنّكم تقصدون الخطاب الاُصولي لأنه هو محلّ الكلام، وحينئذٍ نقول:
إن المقلّد دائماً لا يعلم بشمول الأمارات والأصول العمليّة له، فلو أردنا تطبيق قاعدة قبح العقاببلا بيان في هذه الحالة لأصبحت كل الأفعال غير الضرورية والقطعيّة مباحة له، وهذا ممّا لا يمكن الإلتزام به.
بل يمكن أن ندعي بأن المجتهد نفسه لو لم يحرز شمول الأمارات والاُصول للمقلّد مع ذلك فلا يصل المجال إلى إجراء قاعدة قبح العقاب بلا بيان بحقّ المقلّد؛ لأنّ دليل حجيّة التقليد وكبرى رجوع الجاهل إلى العالم يسدّ الطريق على المقلّد ويمنعه من إجراء تلك القاعدة من دون الرجوع إلى المجتهد .
بل ويمكن أن ندّعي أيضاً أن المجتهد نفسه لو أحرز وقطع بعدم شمول الأمارات والاُصول العمليّة للمقلّد مع ذلك فلا يصل المجال أيضاً إلى إجراء قاعدة قبح العقاب بلا بيان بالنسبة للمقلّد لنفس السبب المتقدّم.

وشكراً لكم ووفقّكم الله تعالى

الشيخ الهاد
08-11-2012, 05:16 PM
متابع بوركتم جميعا

الحوزويه الصغيره
09-11-2012, 03:12 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد و آل محمد وعجل فرجهم وفرجنا بهم يا كريم

إثراء للموضوع طرحت سؤال الأخ الفاضل الخزاعي على احد الأساتذة وكان هذا رده ..

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، تقبل الله أعمالكم وأسعد أيامكم.

بلا ريب أنه لا مانع من توجّه الأحكام الأصولية واقعياً للمقلِّد مثله مثل المجتهد، فهذه الأحكام إنما هي منصبَّة على طبيعي المكلَّف، بغض النظر عن كونه مجتهداً أم مقلِّداً، جاهلاً بها أم عالماً بها، وقد تم حل استلزام ذلك لمحذور الدور بالتفريق بين الجعل والمجعول وما شاكل.

نعم؛ المقلِّد حدوده المعرفية تجاه الاستنباط ضيِّقة، ولا ترقى لدرجة الفقيه المجتهد العارف، والفقيه إنما دوره هو بلوَرة هذه الأحكام للمكلَّف ضمن مصاديقها الفقهية، وتقديمها له بصورة فتاوى لا غير، وما ذلك إلا لضعف العامّي من جهة القدرة الاستنباطية نظراً لعدم تخصّصه في هذا المجال.

وعليه؛ لو لم تكن الأحكام الأصولية موجَّهة للمقلِّد لما توجَّهت له مؤدَّياتها، فالمؤدَّى بما أنه يستلزم المؤدِّي، فالمكلَّف في مثل هذه الحاجة معني بالإثنين، ولا وجه للتفريق بينهما هنا.

ثم إن هذه الأحكام تتوجَّه للمقلِّد بصورة مباشريّة من نفس الفقيه أحياناً؛ وذلك عندما يعطي له أصلاً كلياً في الرسالة العملية كالاستصحاب مثلاً، فيقول له كلَّما شككت في النجاسة فاْستصحب الطهارة، وكلما شككت في الطهارة بعد أن كنت متيقناً للحدث فاْستصحب الحدث، وهذا كما نرى توجيه من المجتهد للحكم الأصولي تجاه المكلَّف ليطبّقه بنفسه، وما ذلك إلا لأن الأحكام الأصولية لا تخص المجتهد وحده.

بل إنَّ الأحكام الأصوليّة هي قواعد مستنبَطة من نفس الحكم الفقهي، والحكم الفقهي عام منصب على المكلَّف بقيوده، فهو شامل للمجتهد والمقلِّد، فما الأحكام الأصولية إلا قواعد تفرضها نفس الأحكام الفقهية؛ لذا كان علم الأصول زميل علم الفقه كما أن القواعد الفقهية زميلة الفقه؛ وبالتالي مادامت الأحكام الأصولية -التي هي القواعد المشتركة في عملية استنباط الحكم الشرعي- منبعها الأحكام الفقهية، وما دامت الأحكام الفقهية موجَّهة للفقيه وغيره؛ فالوجه يتضح لماذا قلنا بتوجه الأحكام الأصولية للمقلِّد والمجتهد في الواقع، ولماذا لا وجه للتفكيك بينهما من هذه الناحية.

نعم؛ المقلِّد ليس محلاً لتوجّه عملية الاسنباط إليه مادام هنالك من يكفي من المجتهدين للتصدي للإفتاء كون الاجتهاد واجباً كفائياً، وبالتالي هذا كما أنه يُـثْـبت توجّه الأحكام الأصولية للمقلِّد كذلك لا ينفي اختصاصها المجتهد.

من هذا نفهم أن المقلِّد لو طبق حكماً أصولياً بشكل صحيح فهو بلا ريب حجة في حقّه، وإن صدق عليه الاجتهاد التجزّئي بدرجة ما؛ لذا لا يمكن أن نقول له ما دمتَ مقلِّداً فتطبيقك ليس حجة في حقك.

ومِثله ما لو طبَّق الحكم الأصولي وأصاب من باب الاتفاق؛ فعمله حجة ولا يعيد فيما تجب فيه الإعادة على فرض الخطأ.

لقائل أن يقول:
إن ما يَتعسر على المقلِّد التطبيق فيه لا تتوجّه له الحجية فيه لبقائه على التقليد فيها؛ أما ما لا يتعسر عليه التطبيق فيه فهو مادام قد طبَّق الحكم الأصولي فهو مجتهد ولو في حدود هذا التطبيق؛ وبالتالي يكون قد خرج عن دائرة التقليد فيه، والحجية توجّهت له هنا بما هو مجتهد في ذلك المورد لا بما هو مقلِّد، مما يبطل القول بشمولية الأحكام الأصولية للمجتهد والمقلد معاً.

وجوابه مضافاً لما سبق ذكره هو:
أن ما يختص به المجتهد من مسائل يتعسر على المقلِّد استنباط أحكامها لا يعني عدم توجّه الأحكام الأصولية في هذه الموارد له كونه مقلِّداً، كلا، إنما ذلك لرفع العسر عنه واللطف به؛ وهذا تظهر ثمرته متى ما ارتفع العسر عنه في مورد، أو لدى مقلِّد دون آخر، إذ تبقى على توجّهها إليه وتكون حجة في حقه عند الاستعمال الصحيح في ظل صدق التقليد عليه، فليس كل من طيَّق الحكم على مسألة أو مسألتين كان مجتهداً بالمعنى المصطلَح، وإلا لكان كثير من الناس مجتهدين، والحال أن الأمر ليس كذلك.

نسألكم الدعاء
أمين السعيدي-قم المقدسة

أبو محمد الخزاعي
09-11-2012, 04:02 PM
تقديري وشكري العميق للأخ الفاضل الهاد والاُخت الفاضلة(الحوزوية الصغيرة) لمتابعتهم الموضوع .
وتحيّاتي الحارّة لسماحة الاُستاذ الفاضل أمين السعيدي(حفظه الله) وشكراً له لما اتحفنا به من جواب قيّم حول هذه المسألة، وبالتاكيد فإنّ ذلك كما أشارت الاُخت الكريمة سيثري الموضوع كثيراً ويعمقّه، فتحصل بذلك فائدة علميّة للإخوة والأخوات إن شاء الله تعالى.
وكنت قد أعددت مشاركة جديدة ترتبط بهذا الموضوع للتقدّم في هذا الموضوع خطوة نحو الأمام، وحينما دخلت المنتدى وجدت مشاركة الاُخت الفاضلة بارك الله فيها، فسررت بذلك، فصرفت النظر عمّا كتبته وسرّحت نظري القاصر فيما كتبه الاُستاذ الكريم أمين السعيدي وإبراز أهمّ النقاط التي تناولها(حفظه الله) ثم سأحاول التعليق عليها بما يناسب المقام، وهذا ما سيكون في المشاركة الآتية بحول الله تعالى وقوّته.

أبو محمد الخزاعي
09-11-2012, 07:30 PM
الأخ الفاضل الاُستاذ أمين السعيدي
السلام عليكم وحمة الله وبركاته
هذه بعض التعليقات المتواضعة جداً على بعض ما جاء في جوابكم القيّم والرائع:

1- قال الاُستاذ السعيدي: (( وقد تم حل استلزام ذلك لمحذور الدور بالتفريق بين الجعل والمجعول وما شاكل)).

نقول:
ربما وردت هذه الجملة من كلامه (حفظه الله) سهواً؛ لأنّ إشكال الدور وحلّه بالتفريق بين الجعل والمجعول ونحو ذلك إنّما يرد على القول بالاختصاص لا على القول باشتراك الجاهل والعالم بالحكم.

2- قال الاُستاذ السعيدي(حفظه الله تعالى): (( لو لم تكن الأحكام الأصولية موجَّهة للمقلِّد لما توجَّهت له مؤدَّياتها، فالمؤدَّى بما أنه يستلزم المؤدِّي، فالمكلَّف في مثل هذه الحاجة معني بالإثنين، ولا وجه للتفريق بينهما هنا)).

أقول:
لو لم تكن الأحكام الاُصوليّة شاملة للمقلّد فلا يستلزم ذلك عدم شمول مؤدَّياتها له، لأنّ الأحكام الفقهية الواقعية محفوظة في لوح الواقع وهي شاملة للمقلّد والمجتهد حتّى لو تقم عليها الطرق والأمارات، وهي ليست إلا أحكاماً ظاهرية قد تصيب الواقع وقد تخطئه، فلو قام خبر الثقة مثلاً على وجوب صلاة الجمعة فإن كان مؤدّى ذلك الخبر مطابقاً للواقع كان ذلك الواقع وهو وجوب صلاة الجمعة شاملاً للمقلّد والمجتهد، وإن خالفت الواقع فلم يكن الواقع حكم بالوجوب حتّى يكون شاملاً للمجتهد فضلاً عن المقلّد، اللهم إلاّ على نظرية جعل الحكم المماثل وهي محلّ نقاش واسع في علم الاُصول.
وعليه فمن الممكن بناء على مسلك الطريقيّة أن يجعل الشارع خبر الثقة مثلاً علماً وطريقاً تعبديّاً لخصوص المجتهد، وبهذا الجعل يصبح خصوص المجتهد عالماً تعبداً بالحكم الواقعي، وليس من الضروري ان يجعل الشارع المقلّد ايضاً عالماً تعبداً، فكما أنّ العلم الوجداني للمجتهد مع جهل المكلّف لا يمنع من شمول الأحكام الواقعيّة للمقلّد والمجتهد كذلك العلم التعبدي الذي هو مفاد حجيّة الأمارة لا يمنع من شمول مؤدّى الأمارة للمقلّد على فرض إصابتها للواقع.
نعم في الاُصول العمليّة غير التنزيليّة يوجد مجال للقول بأن عدم شمول الأصل للمقلّد يستلزم القول بعدم شمول مؤدّى الأصل للمقلّد؛ لأنّ المفروض أن مؤديّاتها أحكاماً ظاهريّة وهي شاملة للمقلّد والمجتهد بلا أدنى إشكال على تأمّل في الملازمة نتركه لفرصة اُخرى.
ونحن يكفينا لإبطال الدليل الذي جاء به سماحة الاُستاذ السعيدي هو أن نبطل الملازمة على مستوى الأمارت وعلى القول بمسلك الطريقيّة الذي نقّحه المحقّق النائيني وقبله كثير من الأعلام من بعده.

3- قال الاُستاذ السعيدي: ((ثم إن هذه الأحكام تتوجَّه للمقلِّد بصورة مباشريّة من نفس الفقيه أحياناً؛ وذلك عندما يعطي له أصلاً كلياً في الرسالة العملية كالاستصحاب مثلاً، فيقول له كلَّما شككت في النجاسة فاْستصحب الطهارة، وكلما شككت في الطهارة بعد أن كنت متيقناً للحدث فاْستصحب الحدث، وهذا كما نرى توجيه من المجتهد للحكم الأصولي تجاه المكلَّف ليطبّقه بنفسه، وما ذلك إلا لأن الأحكام الأصولية لا تخص المجتهد وحده)).

أقول:
إن الموارد المذكورة هي من موارد الشبهات الموضوعيّة ولا كلام في تمكّن المقلّد من تطبيقها، فليس هنا تطبيق لحكم اُصولي حتّى يقال بشموله للمقلّد.

4- قال الاُستاذ السعيدي: ((بل إنَّ الأحكام الأصوليّة هي قواعد مستنبَطة من نفس الحكم الفقهي، والحكم الفقهي عام منصب على المكلَّف بقيوده، فهو شامل للمجتهد والمقلِّد، فما الأحكام الأصولية إلا قواعد تفرضها نفس الأحكام الفقهية؛ لذا كان علم الأصول زميل علم الفقه كما أن القواعد الفقهية زميلة الفقه؛ وبالتالي مادامت الأحكام الأصولية -التي هي القواعد المشتركة في عملية استنباط الحكم الشرعي- منبعها الأحكام الفقهية، وما دامت الأحكام الفقهية موجَّهة للفقيه وغيره؛ فالوجه يتضح لماذا قلنا بتوجه الأحكام الأصولية للمقلِّد والمجتهد في الواقع، ولماذا لا وجه للتفكيك بينهما من هذه الناحية)).

أقول:
هذا غريب جداً ولم نسمع به أبداً ولا قائل به إلا الاُستاذ السعيدي؛ إذ كيف تستنبط الأحكام الاُصوليّة من الفقهيّة، والأمر هو بالعكس تماماً، فلاقاعدة الاُصوليّة مقدمّة للقاعدة الفقهيّة وليس العكس.

5- قال الاُستاذ السعيدي: ((من هذا نفهم أن المقلِّد لو طبق حكماً أصولياً بشكل صحيح فهو بلا ريب حجة في حقّه، وإن صدق عليه الاجتهاد التجزّئي بدرجة ما؛ لذا لا يمكن أن نقول له ما دمتَ مقلِّداً فتطبيقك ليس حجة في حقك)).

أقول:
لو صدق عليه الاجتهاد الجزئي فهو خارج عن محلّ البحث؛ لأنّه لامانع كما ثبت في علم الاُصول وكذلك في علم الفقه من التجزئ بالاجتهاد، وهو أن يكون مجتهداً في بعض الأبواب او المسائل ومقلّداً في أبواب اُخرى.

وشكراً لكم

الحوزويه الصغيره
12-11-2012, 11:18 AM
اللهم صل على محمد و آل محمد وعجل فرجهم وفرجنا بهم يا كريم

أخي الفاضل ابو محمد ..
هل بإمكانك ان توضح لي , كيف يمكن ان تكون الأحكام الأصولية شاملة للمجتهد والمكلف في اللوح الواقعي , مع أنها احكام ظاهرية حددها المولى للمكلف في مقام الشك في الحكم الواقعي ؟

تحيتي

أبو محمد الخزاعي
12-11-2012, 09:01 PM
اللهم صل على محمد و آل محمد وعجل فرجهم وفرجنا بهم يا كريم

أخي الفاضل ابو محمد ..
هل بإمكانك ان توضح لي , كيف يمكن ان تكون الأحكام الأصولية شاملة للمجتهد والمكلف في اللوح الواقعي , مع أنها احكام ظاهرية حددها المولى للمكلف في مقام الشك في الحكم الواقعي ؟

تحيتي

إن الحكم الظاهري حكم مجعول من قبل الشارع وكونه ظاهرياً لا يعني أنّه حكم وهمي لا واقع له، بل يعني انّه حكم جعل في مقام الشكّ كما ذكرتم
والأحكام الظاهرية على قسمين:
1- أحكام طريقية كحجية خبر الثقة وهذه الأحكام بناءً على مسلك جعل الطريقيّة تعني أن الشارع مثلاً جعل خبر الثقة كاشفاً تاماً عن الواقع من باب التعبّد، والحجيّة كما هو واضح حكم شرعي تعبدي فيكون حكماً واقعياً أيضاً غاية الأمر أنّه حكم طريقي.
2- أحكام مجعولة لا من باب تتميم الكشف بل هي وظائف عمليّة مجعولة في حالة عدم وجود العلم الوجداني او العلم التعبدي بالحكم الواقعي، وهي ايضاً أحكام مجعولة من قبل الشارع، كأصل البراءة فتكون أحكاماً واقعيّة أيضاً لكنّها مجعولة في ظرف الشكّ وسميت بالظاهرية تمييزاً لها عن الأحكام الواقعيّة الأوليّة الثابتة للواقعة بغض النظر عن علم وجهل المكلّف بها، وإلا فهي واقعية أيضاً بمعنى أّنها مجعولة من قبل الشارع، ولذا قال الشيخ الاعظم(رضوان الله عليه) في كتابه فرائد الاُصول ما نصّه:
وأما الشك، فلما لم يكن فيه كشف أصلاً لم يعقل أن يعتبر، فلو ورد في مورده حكم شرعي - كأن يقول: الواقعة المشكوكة حكمها كذا- كان حكما ظاهرياً، لكونه مقابلاً للحكم الواقعي المشكوك بالفرض، ويطلق عليه الواقعي الثانوي أيضاً ، لأنّه حكم واقعي للواقعة المشكوك في حكمها، وثانوي بالنسبة إلى ذلك الحكم المشكوك فيه، لأنّ موضوع هذا الحكم الظاهري - وهي الواقعة المشكوك في حكمها - لا يتحقّق إلا بعد تصور حكم نفس الواقعة والشك فيه
فتأمّلوا في هذا الكلام الذي ذكره الشيخ الأنصاري، فكما تلاحظون هو يطلق على الأحكام الظاهرية اسم الأحكام الواقعيّة الثانويّة.
وخلاصة الكلام
أنّ كون الحكم ظاهرياً لا يعني أنّه غير مجعول من قبل الشارع، بل هو مجعول ونفس الجعل له واقع، وفرض عدم واقعيته مساوق لإنكار وجود الجعل الشرعي للأحكام الظاهرية.
وشكراً لكم وبارك الله فيكم

الحوزويه الصغيره
14-11-2012, 12:11 AM
اللهم صل على محمد و آل محمد وعجل فرجهم وفرجنا بهم يا كريم

أخي الكريم ابو محمد , اشكرك على الإهتمام والرد . اسمح لي بالتعليق على جوابك ..

حاصل ما ورد في كلامكم انه لا فرق بين الحكم الواقعي والظاهري في اللوح المحفوظ إذ أن الحكم الظاهري أيضاً حكم واقعي وقد استشهدت بكلام الشيخ الانصاري في كتابه الرسائل ولكن يمكن الرد عليه بمايلي :-

- ان الحكم الظاهري ليس مجعولا من قبل الشارع بالجعل الاستقلالي حتى يمكن القول إنه حكم واقعي بل جعله تابعا لجعل الحكم الواقعي لأنه شرع على اساس مبادئ الحكم الواقعي فليس له مبادئ خاصة حتى ينشأ منها كما هو واضح , وعليه فليس لدينا في اللوح المحفوظ إلا الحكم الواقعي والحكم الظاهري تابع له في مقام الجعل اذ يكون الاشتراك بين المجتهد والمكلف حقيقة في الاحكام الواقعيه لان الاحكام الظاهرية ترجع الى الاحكام الواقعية في واقع الأمر بالبيان الذي ذكرناه أي تكون تابعة له في مقام الجعل وبالتالي نرجع ونرى هل المكلف والمجتهد مشتركان في الاحكام الواقعية ام لا ؟
والجواب كما هو واضح ان مفاد قاعدة الاشتراك تقتضي ذلك اي اشتراك المجتهد والمكلف في الحكم الواقعي بلا خلاف في ذلك .
إذا تبعا للقاعدة وهي قاعدة الاشتراك التي تشمل المجتهد والمكلف في الاحكام الواقعية وحيث أن الأحكام الظاهرية تابعة له اي للحكم الواقعي في مقام الجعل فيكون الحكم الظاهري شاملا للمجتهد والمكلف في اللوح المحفوظ .

تحيتي

أبو محمد الخزاعي
15-11-2012, 12:58 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
اُختي الكريمة الفاضلة نبارك لكم هذه الروح العلمية ونسأل الله لكم التوفيق والسداد
ولنقف عند العبارات التالية التي وردت في كلامكم:
قلتم: ان الحكم الظاهري ليس مجعولا من قبل الشارع بالجعل الاستقلالي حتى يمكن القول إنه حكم واقعي بل جعله تابعا لجعل الحكم الواقعي لأنه شرع على اساس مبادئ الحكم الواقعي فليس له مبادئ خاصة حتى ينشأ منها كما هو واضح , وعليه فليس لدينا في اللوح المحفوظ إلا الحكم الواقعي والحكم الظاهري تابع له في مقام الجعل
نقول:


1- أنّه لا دليل على أنّ الحكم الظاهري جعل على أساس مبادئ الحكم الواقعي، فلو فرضنا أنّ الحكم الواقعي هو الحرمة، ولكنّ هذا الحكم لم يصل للمكلّف حتّى بأمارة، فحينئذٍ يجعل الشارع البراءة الظاهرية وهو حكم مجعول عند شكّ المكلّف بالحرمة، فليس حكم الشارع بالبراءة هنا مجعول على أساس مبادئ الحرمة الواقعية وهي المفسدة والمبغوضية، بل على مجعول على أساس التسهيل على المكلّف وعدم جعله في حرج من ناحية الحرمة الواقعية.

2- أنّه على فرض صحّة دعوى أنّ الحكم الظاهري ليس له مبادئ خاصّة ينشأ منها وأنّه جعل على أساس مبادئ الحكم الواقعي، إلا أنّ ذلك لا يعني عدم استقلاله بالجعل، ولم يدّعٍ عالم من علماء الاُصول أنّ الحكم الظاهري ليس له جعل مستقل، بل غاية ما يمكن ان يدّعى في المقام أنّه ليس له مبادئ مستقلّة عن مبادئ الحكم الواقعي، وعدم استقلاله بالمبادئ لا يستلزم عدم استقلاله بالجعل.
ويا حبّذا لو جئتم لنا بنصّ لأحد علماء الاُصول يثبت قولكم هذا !

3- ربما طرق سمعكم أنّ جعل الحكم الظاهري في طول الحكم الواقعي وجعله يأتي في مرتبة متأخرة عن جعل الحكم الواقعي، فظننتم أنّ ذلك يعني أن الحكم الظاهري ليس مجعولاً بالجعل الاستقلالي.

لكنّ نقول:
إنّ اختلاف مرتبة الحكمين الظاهري والواقعي لا يعني أنّ الحكم الظاهري ليس له جعل مستقل وليس له واقع مستقل، والذي يؤّكد ذلك أنّ العلماء يقسّمون الأحكام الواقعية إلى قسمين أوّليّة وثانوية، ومعلوم أنّ الأحكام الثانوية تأتي في طول الأحكام الواقعيّة في مرتبة متأخرة عنه ، ومع ذلك لا يقولون أن الأحكام الثانوية ليس لها جعل مستقل أو أنّه ليس لها واقع مستقل، فمثلاً أكل لحم الميتة في حال الاضطرار حكم ثانوي وفي طول الحكم الأوّلي وهو الحرمة، ومع ذلك يكون للإباحة المجعولة من قبل الشارع بأكل لحم الميتة حال الاضطرار واقعاً مشتركاً بين العالم والجاهل.

4 - لو سلّمنا أنّ الحكم الظاهري غير مستقل بالجعل بمعنى من المعاني، لكنّ هذا لا يعني خروجه عن دائرة الجعل الشرعي، وبالتالي يكون موجوداً في عالم الواقع؛ فإن إنكار واقعيته مساوق لإنكار كونه مجعولاً من قبل الشارع، وهو خلاف الفرض، ومع الالتزام بكونه من المجعولات الشرعيّة يصحّ معه فرض وجود واقع مشترك للحكم الظاهري يشمل المجتهد والمقلّد.

قلتم: يكون الاشتراك بين المجتهد والمكلف حقيقة في الاحكام الواقعيه لان الاحكام الظاهرية ترجع الى الاحكام الواقعية في واقع الأمر بالبيان الذي ذكرناه أي تكون تابعة له في مقام الجعل وبالتالي نرجع ونرى هل المكلف والمجتهد مشتركان في الاحكام الواقعية ام لا ؟ والجواب كما هو واضح ان مفاد قاعدة الاشتراك تقتضي ذلك اي اشتراك المجتهد والمكلف في الحكم الواقعي بلا خلاف في ذلك .
إذا تبعا للقاعدة وهي قاعدة الاشتراك التي تشمل المجتهد والمكلف في الاحكام الواقعية وحيث أن الأحكام الظاهرية تابعة له اي للحكم الواقعي في مقام الجعل فيكون الحكم الظاهري شاملا للمجتهد والمكلف في اللوح المحفوظ
نقول
إنّ قاعدة الاشتراك، إنّما تقتضي شمول الحكم للجاهل والعالم مع تحقّق الموضوع، ولا تقتضي شمول الحكم له في حال عدم تحقّق الموضوع، ولذا فإن قاعدة الاشتراك بالنسبة للأحكام الفقهيّة لا تقتضي شمول أحكام النساء للرجال لعدم تحقّق الموضوع بالنسبة لهم وكذا العكس، وفي المقام فإن من يدّعي اختصاص الأحكام الاُصوليّة بالمجتهد إنّما يدّعي أنّ تلك الاحكام لا موضوع لها بالنسبة للمقلّد.


وشكراً لكم ونسألكم الدعاء

الحوزويه الصغيره
19-11-2012, 03:08 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وفرجنا بهم يا كريم

عظم الله اجوركم بمصاب ابي عبد الله عليه السلام
معذرة منكم لتأخري بالرد لانشغالي في هذه الفترة ..
شكرا على الإطراء أخي الكريم .. ابو محمد , لقد اخجلت تواضعي بهذا المدح الذي لا استحقه ..

الآن اسمح لي ان اعلق على ما ذكرتموه في جوابكم :

1/ لقد ذكرتم انه لا يوجد دليل على كون الحكم الظاهري ناشئا من مبادئ الحكم الواقعي فهو واضح البطلان وذلك لأنه - أي الحكم الظاهري - لا يخلو في مقام الثبوت من احد أمرين إما ان يكون ناشئا من مبادئ خاصة به أو لا فإن كان الأول فهو إما أن يكون مماثلا للحكم الواقعي الثابت في فرض الشك والعلم به فيلزم اجتماع المثلين على شيء واحد وهو محال وإما أن يكون مخالفا له - اي الحكم الظاهري مخالفا للحكم الواقعي في المبادئ -
فيلزم اجتماع الضدين على شيء واحد وهو أيضاً مستحيل وعليه فان كلا التقديرين يدرك العقل النظري استحالتهما . وحينئذ يسقط هذا الاحتمال فيتعين الاحتمال الاخر وهو كونه ناشئا من مبادئ الحكم الواقعي .

2/ وأما قولكم ان الحكم الظاهري ليس مجعولا بالتبعية للحكم الواقعي بل مجعولا بالجعل الاستقلالي بدعوى عدم وجود نص من علماء الاصول يدل على ذلك فهو مردود بما يأتي ...

اولا : لأن الجعل الاستقلالي للحكم الواقعي هو أن يلاحظ المولى المصلحة أو المفسدة قائمة في الفعل ثم يجعل ذلك في عهدة المكلف وهذا بخلاف الحكم الظاهري , حيث كان جعله تبعا لجعل الحكم الواقعي بمعنى أنه لولا مبادئ الحكم الواقعي لما كان للحكم الظاهري أي وجود في مقام الجعل , والسر في ذلك انه كما قلنا بأن الجعل الاستقلالي لابد فيه من ملاحظة المولى المصلحة او المفسدة قائمة في الفعل اولاً ثم يجعل ذلك في عهدة المكلف , بينما الحكم الظاهري ليس له مبادئ خاصة حتى يلاحظها المولى في الفعل ثم يجعل ذلك في عهدة المكلف , بل مبادئه هي نفسها مبادئ الحكم الواقعي وعليه يكون الجعل تبعا للحكم الواقعي لا بالجعل الاستقلالي فتأمل .
وأما ثانيا : فلو افترضنا عدم وجود نص من علماء الاصول يدل على ذلك أي كون الحكم الظاهري ليس مجعولا بالتبعية للحكم الواقعي إلا انه لا يدل على عدم ثبوت ذلك بل يكفي في ابطال الملازمة بين وجود النص وثبوته وهو ما يظهر من كلاماتهم في ذلك .
وأما ثالثا : ليس كلام علماء الاصول حجة بل يكون كلامهم حجة اذا كان مستندا على دليل قطعي وبمجرد وجود نص من علماء الأصول لا يعني حجيته وعليه فلابد من التحقيق فيه فان كان يصلح دليلا فهي ونعمة وإلا يضرب به عرض الحائط .

3/ وأما قولكم ان الحكم الظاهري وإن كان ناشأ عن مبادئ الحكم الواقعي فهذا لا يعني انه غير مجعول بالجعل الاستقلالي فيلاحظ عليه وذلك بعد أن عرفتم ان الجعل الاستقلالي هو متفرع على ملاحظة المولى المصلحة او المفسدة قائمة في الفعل اولاً ثم يجعل ثانياً في عهدة المكلف . وبعبارة اخرى : إن لكل حكم واقعي مصلحة أو مفسدة مستقلة عن مصلحة أو مفسدة حكم آخر وهذا بخلاف الحكم الظاهري حيث المفترض فيه انه ناشئ من مصلحة او مفسدة الحكم الواقعي فلا يكون مجعولا بالجعل الاستقلالي بل يكون جعله تبعا في مقام جعل الحكم الواقعي .

4/ وأما قولكم ان الحكم الظاهري وإن كان ناشئا عن مبادئ الحكم الواقعي الا انه لا يخرج عن كونه من المجعولات الشرعية الحقيقية فنلاحظ عليه أيضاً وذلك لأن جوابكم هذا لا يخرج عن كونه مجرد تسمية فلا يحل مشكلة الاجتماع بين الحكم الواقعي والحكم الظاهري كما لا يخفى .
اما حاصل كلامكم هو ان قاعدة الاشتراك تحتاج الى اثبات موضوعها إذ أن احكام النساء لا تشمل الرجال لان القاعدة لا تنطبق في المقام لأنه لم نحرز الموضوع اي الموضوع الموحد بين الرجال والنساء حتى نحمل تلك القاعدة ثم نثبت أحكامها فانه يرد عليه كالتالي ...

اولا : ان ما ذكرتم من أن احكام النساء لا تشمل الرجال فهو خارج عن محل الكلام لان احكام النساء قد خرجت بالدليل الخاص وهذا وفق القاعدة وهي الاصل الاشتراك في الاحكام إلا ما خرج بالدليل الخاص .
ثانيا : ان قياسكم المجتهد على النساء قياس مع الفارق إذ ذكرتم ان احكام النساء لا تشمل الرجال لعدم وحدة الموضوع وهذا صحيح ثابت بالدليل الخاص ولكن لو جئنا الى محل الكلام وهو المجتهد فان دعوى اختصاص الاحكام الأصوليه بالمجتهد هي بحاجة الى الدليل وإذا لم تثبت الدعوى المزبورة فلا اقل من الشك في اختصاص تلك الاحكام بالمجتهد فنتمسك في نفي الاختصاص بالقاعدة اي قاعدة الاشتراك المذكورة .
ثالثا : ان كلامكم المذكور اشبه بالمصادرة وهي جعل الدليل عين الدعوى اذ ذكرتم انه لا يمكن جريان قاعدة الاشتراك لأنه يدعى اختصاص الاحكام الاصولية بالمجتهد دون المكلف وهذا هو اول الكلام .

أبو محمد الخزاعي
20-11-2012, 10:23 PM
السلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى أولاد الحسين وعلى أصحاب الحسين
عظّم الله أجورنا واُجوركم بمصاب سيّد الشهداء الحسين عليه السلام

وشكراً لكم اُختى الفاضلة على تواصلكم ومتابعتكم للموضوع وإثراءه بمشاركات قيمة والتي تنم عن سعة اطلاعكم وخبرتكم فنسأل الله لكم دوام التوفيق.
لقد جاء في جوابكم الأوّل ما يلي:

1/ لقد ذكرتم انه لا يوجد دليل على كون الحكم الظاهري ناشئا من مبادئ الحكم الواقعي فهو واضح البطلان وذلك لأنه - أي الحكم الظاهري - لا يخلو في مقام الثبوت من احد أمرين إما ان يكون ناشئا من مبادئ خاصة به أو لا فإن كان الأول فهو إما أن يكون مماثلا للحكم الواقعي الثابت في فرض الشك والعلم به فيلزم اجتماع المثلين على شيء واحد وهو محال وإما أن يكون مخالفا له - اي الحكم الظاهري مخالفا للحكم الواقعي في المبادئ -
فيلزم اجتماع الضدين على شيء واحد وهو أيضاً مستحيل وعليه فان كلا التقديرين يدرك العقل النظري استحالتهما . وحينئذ يسقط هذا الاحتمال فيتعين الاحتمال الاخر وهو كونه ناشئا من مبادئ الحكم الواقعي .

نقول


1- لنا أن نختار الشق الأوّل وهو أنّ الحكم الظاهري ينشأ من مبادئ خاصّة، لكن هذه المبادئ غير قائمة في مؤدّاه حتى يلزم اجتماع المثلين أو الضدين، بل هي قائمة في نفس جعله بمعنى أن في هذا الجعل وهو الحجيّة والطريقية مصلحة كأن تكون غلبة موافقة الخبر للواقع أو أي ملاك آخر، باعتبار ان الأحكام والتشريعات الإلهية لا تكون جزافاً وبلا ملاك، بل هي تابعة للمصالح والمفاسد كما هو رأي العدلية، وليس علينا نحن المكلّفين أن نعرف ما هو هذا الملاك، فالله تعالى هو علاّم الغيوب وهو وحده العالم بالملاكات والمصالح والمفاسد.


وبعبارة اُخرى:
أن الشارع حينما جعل الحجّية للخبر لا لوجود مصلحة أو مفسدة في مؤدّى الخبر حتّى يقال بلزوم اجتماع المثلين أو الضدين، بل لوجود ملاك في نفس جعل الخبر حجّة، وهذا الملاك غير الملاك القائم في متعلّق الأمارة، ومع عدم وجود أساس صحيح لشبهة التنافي والتضاد وعدم توقّف دفع الشبهة المذكورة على القول بأن ذلك الملاك ينشأ من ملاكات الأحكام الواقعية سيكون ذلك القول مجرّد فرضية.


2- القول بأن ملاك الحكم الظاهري ينشأ من الملاكات الواقعية لا يفيدكم ؛ لأنّ المعنى المعقول لذلك: أن ملاك جعل الأحكام الظاهرية هو حفظ ملاكات الأحكام الواقعيّة، وهذا لا يستلزم عدم استقلال الأحكام الظاهرية الاعتبارية؛ لأنّه علينا أن نميّز بين ملاك الحكم الظاهري وبين الحكم الظاهري نفسه, فليكن ملاك الحكم الظاهري هو حفظ الملاكات الواقعية، لكنّ الحكم الظاهري من سنخ الأمور الاعتبارية كالحكم الواقعي بلا أي فرق من هذه الجهة، فكما أنّ الحكم الواقعي حكم اعتباري ومن مقولة الاعتبار كذلك الحكم الظاهري من الأمور الاعتبارية ومن مقولة الاعتبار، وعليه فيحتاج إلى جعل غير جعل الحكم الواقعي، أي أن للشارع هنا جعلان جعل للحكم الواقعي وجعل آخر للحكم الظاهري، ولو قلنا بعدم استقلال الحكم الظاهري بالجعل لانتفت الحاجة إلى جعل آخر له، مع أنّ جعل الحكم الواقعي لا يغني عن جعل الحكم الظاهري كما هو واضح جداً.



ولنا تعليقات اُخرى على اجوبتكم الاُخرى تاتي إن شاء الله في المشاركة الآتية

أبو محمد الخزاعي
21-11-2012, 10:00 PM
السلام عليك يا أبا عبد الله وعلى الأرواح التي حلت بفنائك وأناخت برحلك
عليكم مني سلام الله ابدا ما بقيت وبقي الليل والنهار
ولا جعله الله اخر العهد من زيارتكم
السلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى أصحاب الحسين
صلوات الله عليهم أجمعين

تتمة للتعليقات السابقة




2/ وأما قولكم ان الحكم الظاهري ليس مجعولا بالتبعية للحكم الواقعي بل مجعولا بالجعل الاستقلالي بدعوى عدم وجود نص من علماء الاصول يدل على ذلك فهو مردود بما يأتي ...

اولا : لأن الجعل الاستقلالي للحكم الواقعي هو أن يلاحظ المولى المصلحة أو المفسدة قائمة في الفعل ثم يجعل ذلك في عهدة المكلف وهذا بخلاف الحكم الظاهري , حيث كان جعله تبعا لجعل الحكم الواقعي بمعنى أنه لولا مبادئ الحكم الواقعي لما كان للحكم الظاهري أي وجود في مقام الجعل , والسر في ذلك انه كما قلنا بأن الجعل الاستقلالي لابد فيه من ملاحظة المولى المصلحة او المفسدة قائمة في الفعل اولاً ثم يجعل ذلك في عهدة المكلف , بينما الحكم الظاهري ليس له مبادئ خاصة حتى يلاحظها المولى في الفعل ثم يجعل ذلك في عهدة المكلف , بل مبادئه هي نفسها مبادئ الحكم الواقعي وعليه يكون الجعل تبعا للحكم الواقعي لا بالجعل الاستقلالي فتأمل .
وأما ثانيا : فلو افترضنا عدم وجود نص من علماء الاصول يدل على ذلك أي كون الحكم الظاهري ليس مجعولا بالتبعية للحكم الواقعي إلا انه لا يدل على عدم ثبوت ذلك بل يكفي في ابطال الملازمة بين وجود النص وثبوته وهو ما يظهر من كلاماتهم في ذلك .
وأما ثالثا : ليس كلام علماء الاصول حجة بل يكون كلامهم حجة اذا كان مستندا على دليل قطعي وبمجرد وجود نص من علماء الأصول لا يعني حجيته وعليه فلابد من التحقيق فيه فان كان يصلح دليلا فهي ونعمة وإلا يضرب به عرض الحائط .


أقول:

1- نكرر ما ذكرناه في المشاركة السابقة لكن بعبارة اُخرى فنقول هنا: ليس من الضروري أن تكون المصلحة قائمة بالفعل بل قد تكون المصلحة قائمة في نفس جعل الحكم حتى في الأحكام الواقعية فضلاً عن الظاهرية، كما في متعلّقات الأحكام الوضعية، فالنجاسة مثلاً حكم شرعي وضعي واقعي وهي متعلّقة بالأعيان لا بالأفعال، والأحكام الوضعية أحكام مجعولة بالجعل المستقل مقابل جعل الأحكام التكليفية مع ذلك فإن المصلحة إنّما تكون في جعلها وليس في متعلّقاتها، ففي فمثلاً يلاحظ الشارع وجود مصلحة من جعل النجاسة للناصبي فيجعلها، والحجية التي هي حكم ظاهري من سنخ الأحكام الوضعية كذلك، لا من سنخ الأحكام التكليفيّة، فيكون ملاكها في جعلها.



2- يبدو لي أنّ جوابكم الثاني والثالث يؤكّد ما نعتقده من أنه لا يوجد عالم من علماء الأصول- ممّن يعتقد بإمكان جعل الحكم الظاهري- يقول أنّ الحكم الظاهري ليس له جعل مستقل، ولا ينبغي لنا تجاهل آراء علماء الأصول والضرب به عرض الحائط بهذه السهولة، بل اللازم علينا في هذه الحالات أن نتريّث ونعيد النظر في أي قول نقوله ويكون مخالفاً لما أجمع عليه العلماء.
وإلا فلماذا لم نجد عالماً واحداً على الأقل مع كثرهم وكثرة كتبهم يقول (إنّ الأحكام الظاهرية ليس لها جعل مستقل)؟!
ونحن نقول إن سرّ ذلك هو ما ذكرناه من أنّ هناك فرق بين ملاك الحكم الظاهري وبين الحكم الظاهري نفسه، فالحكم نفسه أمر اعتباري سواء كان واقعياً أو كان ظاهرياً فكما ان الوجوب امر اعتباري كذلك الحجّية أمر اعتباري ومن المعلوم أن الوجوب غير الحجّية فهما اعتباران مختلفان فمن الطبيعي أنّ يكون جعل كل واحد منهما مستقلاً.



هناك تعليقات اُخرى تأتي إن شاء الله تعالى

أبو محمد الخزاعي
22-11-2012, 02:54 PM
السلام عليك يا أبا عبد الله
السلام عليك يا ابن رسول الله
السلام عليك يا ابن أمير المؤمنين وابن سيد الوصيين
السلام عليك يا ابن فاطمة سيدة نساءالعالمين
السلام عليك يا ثار الله وابن ثاره والوتر الموتور
السلام عليك وعلى الأرواح التي حلت بفنائك
عليكم مني جميعا سلام الله أبدا ما بقيت وبقي الليل والنهار
يا أبا عبد الله لقد عظمت الرزية وجلت وعظمت المصيبة بك علينا وعلى جميع أهل الإسلام
وجلت وعظمت مصيبتك في السماوات على جميع أهل السماوات


تتمة

اما حاصل كلامكم هو ان قاعدة الاشتراك تحتاج الى اثبات موضوعها إذ أن احكام النساء لا تشمل الرجال لان القاعدة لا تنطبق في المقام لأنه لم نحرز الموضوع اي الموضوع الموحد بين الرجال والنساء حتى نحمل تلك القاعدة ثم نثبت أحكامها فانه يرد عليه كالتالي ...

اولا : ان ما ذكرتم من أن احكام النساء لا تشمل الرجال فهو خارج عن محل الكلام لان احكام النساء قد خرجت بالدليل الخاص وهذا وفق القاعدة وهي الاصل الاشتراك في الاحكام إلا ما خرج بالدليل الخاص .
ثانيا : ان قياسكم المجتهد على النساء قياس مع الفارق إذ ذكرتم ان احكام النساء لا تشمل الرجال لعدم وحدة الموضوع وهذا صحيح ثابت بالدليل الخاص ولكن لو جئنا الى محل الكلام وهو المجتهد فان دعوى اختصاص الاحكام الأصوليه بالمجتهد هي بحاجة الى الدليل وإذا لم تثبت الدعوى المزبورة فلا اقل من الشك في اختصاص تلك الاحكام بالمجتهد فنتمسك في نفي الاختصاص بالقاعدة اي قاعدة الاشتراك المذكورة .
ثالثا : ان كلامكم المذكور اشبه بالمصادرة وهي جعل الدليل عين الدعوى اذ ذكرتم انه لا يمكن جريان قاعدة الاشتراك لأنه يدعى اختصاص الاحكام الاصولية بالمجتهد دون المكلف وهذا هو اول الكلام .



1- أنّ مورد جريان قاعدة الاشتراك هي الأحكام التي يمكن شمولها لجميع الأفرادعقلاً، ولم يقم دليل على اختصاصها بالمرأة أو بالرجل أو أي عنوان آخر، فهنا يمكن التمسّك بتلك القاعدة عند الشكّ وعدم وجود دليل يدلّ على التخصيص لإثبات شمول الحكم للجميع، أمّا لو استحال عقلاً شمول الحكم لبعض الأفراد أو بعض العناوين، فلا مجال لتلك القاعدة، فمثلاً لا يمكن القول بأنّ قاعدة الاشتراك تقتضى شمول أحكام الدماء الثلاثة للمرأة والرجل معاً ثم قام الدليل الخاصّ على تخصيصها بالمرأة، بل تلك الاحكام خاصّة بالمرأة من أوّل الأمر؛ لاستحالة شمول مثل هذه الأحكام للرجل، وأيضاً قاعدة الاشتراك لا تقتضي شمول الأحكام التكليفيّة للعاجز، لاستحالة تكليف العاجز عقلاً، وحينئذٍ لا نحتاج إلى دليل خاصّ لاثبات اختصاص التكليف بالقادر، لأنّ الحكم لا يشمله العاجز من الأوّل بمقتضى حكم العقل، فالعاجز خارج تخصّصاً، لا تخصيصاً لقاعدة الاشتراك .

وفي محلّ الكلام الذي يدّعي اختصاص الحكم الظاهري بالمجتهد إنّما يدعي أن شمول تلك الأحكام للمقلّد محال عقلاً، ومعه لا مجال للتمسّك بقاعدة الاشتراك لاثبات الشمول.


2- ليس في كلامنا أي مصادرة على المطلوب، لأنّ المطلوب هو اثبات عدم جريان قاعدة الاشتراك والدعوى ليس هي تخصيص الأحكام الأصولية بالمجتهد حتّى يقال بالمصادرة، بل الدعوى هي اختصاصها بالمجتهد وفرق بين التخصيص والتخصّص، فمن ينكر الشمول يقول بعدم وجود موضوع للمقلّد في الأحكام الأصولية لكي نطبّق عليه قاعدة الاشتراك، والأحكام الأصوليّة من الأوّل لا تشمل المقلّد عقلاً، وحينئذٍ لا نحتاج إلى دليل خاصّ للتخصيص بل أنّ المقلّد خارج تخصّصاً أي تكون القضية بالنسبة له سالبة بانتفاء الموضوع.
ومن يريد أن يدعي الشمول عليه أن يدفع الموانع العقلية التي يدعيها القائل بالاختصاص لا أن يتمسّك بقاعدة الاشتراك.




انتهت التعليقات على كلام الاُخت الفاضلة(الحوزوية الصغيرة)
مع فائق الشكر والاحترام

الحوزويه الصغيره
23-11-2012, 09:58 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وفرجنا بهم يا كريم

عظم الله اجورنا و اجوركم بمصاب ابي عبد الله عليه السلام
معذرة منكم لقلة تواجدي وتأخري في نقل تعليق السيد أمين على ما ذكره الأخ الفاضل أبا محمد ...
الآن ادعكم مع رد سماحته ..


بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، تقبل الله أعمالكم، وغفر لنا ولكم.

يظهر من النقل المذكور أن سماحة الأخ العزيز أبا محمد الموقر أثابه الله يرى أيضاً التوجه للمجتهد والمقلِّد، ولكن في الجملة ببعض القيود المذكورة، وبهذا سيكون النقاش في الشمول للموارد الأخرى كافة، أو لبعض ما نفى الشمول إليه.

أما بالنسبة لما أشرتم له من تعليقات حول الكلام السابق، فبيان الأمر فيها كما يلي:
ت1/: علقتم رعاكم الله على: ((وقد تم حل استلزام ذلك لمحذور الدور بالتفريق بين الجعل والمجعول وما شاكل)).

بـ: نقول:
ربما وردت هذه الجملة من كلامه سهواً؛ لأنّ إشكال الدور وحلّه بالتفريق بين الجعل والمجعول ونحو ذلك إنّما يرد على القول بالاختصاص لا على القول باشتراك الجاهل والعالم بالحكم.

جوابه:-
محذور الدور ذكرناه في قبال قولنا من عبارة نفس المقطع ((جاهلاً بها أم عالماً بها)) الواردة في قولنا هناك ((فهذه الأحكام –الأصولية- إنما هي منصبَّة على طبيعي المكلَّف، بغض النظر عن كونه مجتهداً أم مقلِّداً، جاهلاً بها أم عالماً بها، وقد تم حل استلزام ذلك لمحذور الدور بالتفريق بين الجعل والمجعول وما شاكل))، حيث ذكرنا محذور الدور في قبال العبارة كإشارة لمسألة أخذ العلم في موضوع الحكم، بينما كلمة ((ما شاكل)) ذكرناها إشارة لما أشكل به على مسألة اشتراك الأحكام بين الجاهل والعالم، لا أننا قصدنا بمحذور الدور هذه المسألة، لذا عبرنا بـ((ما شاكل)) ليُلتَفَت إلى المحذورين في ظل تضمن العبارة لكلا المسألتين.

وإنما لم نُـفَصِّـل في هذه الجهة لأن سؤال السائل ليس منصباً عليها بشكل مركزي، مضافاً إلى وضوح هذه المسائل لدى الدارس، والمفترض أن السائل بمثل إنما وضع سؤاله حول الشمول في سؤاله بما هو دارس وفارغ عن سلامة "أخذ العلم في موضوع الحكم" و"توجه الأحكام للعالم والجاهل بها على السواء" عن الإشكالات المطروحة؛ لذا أشرنا له عن ذلك إشارة سريعة ليأخذ هذه النقطة هنا كأمر مفروغ عنه أو كأصل موضوعي بعد طرح سؤاله الذي هو أصل غرضه، مما جعلنا نعرض عن التفصيل في تلك المحاذير تجنباً للخروج عن مرامه.

النتيجة: إن قولنا ((وما شاكل)) هو المعني بما أثير على شمولية الأحكام للجاهل والعالم بها، وهذا غرضنا من ذكرها في ذيل المقطع.

ت2/: وعلقتم على ((لو لم تكن الأحكام الأصولية موجَّهة للمقلِّد لما توجَّهت له مؤدَّياتها، فالمؤدَّى بما أنه يستلزم المؤدِّي، فالمكلَّف في مثل هذه الحالة معني بالإثنين، ولا وجه للتفريق بينهما هنا)).

بـ: أقول:
لو لم تكن الأحكام الاُصوليّة شاملة للمقلّد فلا يستلزم ذلك عدم شمول مؤدَّياتها له، لأنّ الأحكام الفقهية الواقعية محفوظة في لوح الواقع وهي شاملة للمقلّد والمجتهد حتّى لو [لم] تقم عليها الطرق والأمارات، وهي ليست إلا أحكاماً ظاهرية قد تصيب الواقع وقد تخطئه، فلو قام خبر الثقة مثلاً على وجوب صلاة الجمعة فإن كان مؤدّى ذلك الخبر مطابقاً للواقع كان ذلك الواقع وهو وجوب صلاة الجمعة شاملاً للمقلّد والمجتهد، وإن خالفت الواقع فلم يكن الواقع حكم بالوجوب حتّى يكون شاملاً للمجتهد فضلاً عن المقلّد، اللهم إلاّ على نظرية جعل الحكم المماثل وهي محلّ نقاش واسع في علم الاُصول.

وعليه فمن الممكن بناء على مسلك الطريقيّة أن يجعل الشارع خبر الثقة مثلاً علماً وطريقاً تعبديّاً لخصوص المجتهد، وبهذا الجعل يصبح خصوص المجتهد عالماً تعبداً بالحكم الواقعي، وليس من الضروري ان يجعل الشارع المقلّد ايضاً عالماً تعبداً، فكما أنّ العلم الوجداني للمجتهد مع جهل المكلّف لا يمنع من شمول الأحكام الواقعيّة للمقلّد والمجتهد كذلك العلم التعبدي الذي هو مفاد حجيّة الأمارة لا يمنع من شمول مؤدّى الأمارة للمقلّد على فرض إصابتها للواقع.

جوابه:-
إن حجية مؤديات الأمارات والأصول العملية التنزيلية إنما هي حجة -في حق المجتهد فضلاً عن المقلِّد- من باب حجيتها، وإلا لو لم تكن حجة لما جاز التعبد بما تؤدي إليه من أحكام، فالحكم الظاهري وإن كان طريقياً للحكم الواقعي إلا أنه في نفسه له مؤدياته الحجة، وبالتالي لا فرق بينه وبين الحكم الواقعي والوجداني من هذه الجهة، فهو طريق تعبدي له يقوم مقامه في الوظيفة، مما يعني أن التفكيك بين الحكم الواقعي والأمارة والأصل التنزيلي لا وجه له، فالمولى سبحانه نزَّل الأمارة منزلة الواقع، مما يعطي لها صفتية الواقع من هذه الجنبة على أقل تقدير، ناهيك عن أنه لا علم لنا متى تصيب الأمارةُ والأصلُ التنزيلي الواقعَ ومتى يقع الخطأ، خصوصاً وأن في إفادتكم القول بـ [[فكما أنّ العلم الوجداني للمجتهد مع جهل المكلّف لا يمنع من شمول الأحكام الواقعيّة للمقلّد والمجتهد كذلك العلم التعبدي الذي هو مفاد حجيّة الأمارة لا يمنع من شمول مؤدّى الأمارة للمقلّد "على فرض إصابتها للواقع"]]؛ وعليه إذا لم تكن الأحكام الأصولية شاملة للمقلِّد فكيف لا يستلزم ذلك عدم شمول مؤدياتها له وما حجية مؤدياتها إلا تابعة لحجية تلك الأحكام؟

علماً أن الأفضل –حسب نظرنا القاصر- أن يكون تعبيركم رعاكم الله ((لو لم تكن الأحكام الاُصوليّة شاملة للمقلّد فلا يستلزم ذلك عدم شمول مؤدَّياتها له)) هكذا في قبال ما أشرنا له سلفاً: إن شمول مؤديات الأحكام الأصولية للمقلِّد لا يستلزم شمول الأحكام الأصولية له.

ثم إن قولكم حرسكم الله:
[[وعليه فمن الممكن بناء على مسلك الطريقيّة أن يجعل الشارع خبر الثقة مثلاً علماً وطريقاً تعبديّاً لخصوص المجتهد، وبهذا الجعل يصبح خصوص المجتهد عالماً تعبداً بالحكم الواقعي، وليس من الضروري ان يجعل الشارع المقلّد ايضاً عالماً تعبداً، فكما أنّ العلم الوجداني للمجتهد مع جهل المكلّف لا يمنع من شمول الأحكام الواقعيّة للمقلّد والمجتهد كذلك العلم التعبدي الذي هو مفاد حجيّة الأمارة لا يمنع من شمول مؤدّى الأمارة للمقلّد على فرض إصابتها للواقع]].

ليس من الضروري في المورد المذكور أن يجعل الشارعُ المقلِّدَ أيضاً عالماً تعبداً، فيجعله ماذا إذاً؟
أضف إليه أنه إن قلتم ليس بضروري أي من الممكن ذلك، غايته أنه ليس بلازم حتماً؛ فإنكم بهذا أثبتم نفس ما قلناه؛ إذ إمكان ذلك بذاته يرفع المانع من الشمول، وإن قلتم لا، إنما ليس بضروري أي أنه لا يمكن أساساً؛ فهو واضح البطلان لعدم الامتناع، وليس الظن أنه المقصود منكم حفظكم الله.

ثم تفضلتم بالقول:
[[نعم في الاُصول العمليّة غير التنزيليّة يوجد مجال للقول بأن عدم شمول الأصل للمقلّد يستلزم القول بعدم شمول مؤدّى الأصل للمقلّد؛ لأنّ المفروض أن مؤديّاتها أحكاماً ظاهريّة وهي شاملة للمقلّد والمجتهد بلا أدنى إشكال على تأمّل في الملازمة نتركه لفرصة اُخرى.
ونحن يكفينا لإبطال الدليل الذي جاء به سماحة الاُستاذ السعيدي هو أن نبطل الملازمة على مستوى الأمارت وعلى القول بمسلك الطريقيّة الذي نقّحه المحقّق النائيني وقبله كثير من الأعلام من بعده]].

وجوابه:-
الأصول العملية الغير تنزيلية كذلك تخطئ الواقع كالأمارات، والوجه في نفيكم شمول الأمارات هو عدم إصابتها للواقع في حالات، والحال أن نفس هذا الوجه متحقق في غير التنزيلية، فلَم يعد هنالك وجه للتفصيل الذي ذكرتموه.

بالنتيجة ما دام المانع عن الشمول مفقود والمقتضي موجود فلا وجه للتفكيك في خصوص هذه المسألة التي طرحها السائل، فلو وجد المانع فلا مانع من المنع.

ت3/: وعلقتم على ((ثم إن هذه الأحكام تتوجَّه للمقلِّد بصورة مباشريّة من نفس الفقيه أحياناً؛ وذلك عندما يعطي له أصلاً كلياً في الرسالة العملية كالاستصحاب مثلاً، فيقول له كلَّما شككتَ في النجاسة فاْستصحب الطهارة، وكلما شككتَ في الطهارة بعد أن كنت متيقناً للحدث فاْستصحب الحدث، وهذا كما نرى توجيه من المجتهد للحكم الأصولي تجاه المكلَّف ليطبّقه بنفسه، وما ذلك إلا لأن الأحكام الأصولية لا تخص المجتهد وحده)).

بـ: أقول:
إن الموارد المذكورة هي من موارد الشبهات الموضوعيّة ولا كلام في تمكّن المقلّد من تطبيقها، فليس هنا تطبيق لحكم اُصولي حتّى يقال بشموله للمقلّد.

جوابه:-
بغض النظر عن أمارية الاستصاحب أو أصوليته –حسب الاختلاف- فإن الفقيه في مثل هذه الموارد يقدِّم حكماً كلياً للمقلِّد، ليقوم هو بتطبيق هذا الحكم الكلي على المصاديق المشترَكة، فهذا الحكم الكلي عبارة عن قاعدة مشتركة في عملية الاستنباط، والفقيه يقدِّمه للمقلِّد ليستفيد منه في الموضوعات والمصاديق والموارد المشتركة، وتطبيق المقلِّد له في موضوعاته لا يلغي كليته وكونه حكماً أصولياً من جهة أصوليته.

نعم؛ الفارق بين المجتهد والمقلِّد هو أن المجتهد موكولة له مهمّة كشف وبلورة الحكم الأصولي نظراً لضعف العامي عن ذلك، وفَرْق بين البلورة والكشف وبين الشمول لهما واقعياً معاً ولو بقيود الضعف والقدرة في الخارج تبعاً للّطف كما ذكرنا سلفاً، هذا على مستوى الأصل والتأسيس له؛ أما على مستوى الفتوى وفق الأصل فوظيفة المجتهد ما ذكرناه هناك.

ت4/: وعلقتم حفظكم الله على ((بل إنَّ الأحكام الأصوليّة هي قواعد مستنبَطة من نفس الحكم الفقهي، والحكم الفقهي عام منْصَب على المكلَّف بقيوده، فهو شامل للمجتهد والمقلِّد، فما الأحكام الأصولية إلا قواعد تفرضها نفس الأحكام الفقهية؛ لذا كان علم الأصول زميل علم الفقه كما أن القواعد الفقهية زميلة الفقه؛ وبالتالي مادامت الأحكام الأصولية -التي هي القواعد المشتركة في عملية استنباط الحكم الشرعي- منبعها الأحكام الفقهية، وما دامت الأحكام الفقهية موجَّهة للفقيه وغيره؛ فالوجه يتضح لماذا قلنا بتوجه الأحكام الأصولية للمقلِّد والمجتهد في الواقع، ولماذا لا وجه للتفكيك بينهما من هذه الناحية)).

بـ: أقول:
هذا غريب جداً ولم نسمع به أبداً ولا قائل به إلا الاُستاذ السعيدي؛ إذ كيف تستنبط الأحكام الاُصوليّة من الفقهيّة، والأمر هو بالعكس تماماً، فلاقاعدة الاُصوليّة مقدمّة للقاعدة الفقهيّة وليس العكس.

جوابه:-
فَرْقٌ بين الأحكام الفقهية والقواعد الفقهية؛ فالأحكام الفقهية يراد بها نفس المسائل الفقهية من وجوب الوضوء والصلاة وحرمة الربا والمعاوضات الفاسدة ولزومية الهبة في حالات وغير ذلك من سائر مسائل بابي التعبديات والتوصليات وفق التقسيم المشهور، بخلاف القواعد الفقهية التي هي أمور كلية مختصَّة وبخلاف الأحكام الأصولية كما تعلمون؛ وعليه فالفقيه لما عاين الأحكام الفقهية وجد بينها مشتركات استنباطية، فقام على أساس ذلك بتأسيس علم الأصول الحاوي للعناصر المشتركة في عملية استنباط الحكم الشرعي، فضلاً عن أسبقية علم الفقه على علم الأصول بلا أدنى ريب وكون علم الأصول إنما يراد لعلم الفقه، فلا غرابة كما تفضلتم حفظكم الله.

***

ثم إن لقائل أن يقول بأن هذا قد يستلزم الدور؛ إلا أن الأمر ليس كذلك؛ إذ أن الأحكام الفقهية إنما دورها دور الكاشف عن القواعد الأصولية المشتركة في علمية استباط الحكم الشرعي، بينما دور هذه القواعدة دور توليدي لتلك الأحكام والمسائل المتعلقة بها.

ت5/: وعلقتم على ((من هذا نفهم أن المقلِّد لو طَـبَّق حكماً أصولياً بشكل صحيح فهو بلا ريب حجة في حقّه، وإن صدق عليه الاجتهاد التجزّئي بدرجة ما؛ لذا لا يمكن أن نقول له ما دمتَ مقلِّداً فتطبيقك ليس حجة في حقك)).

بـ: أقول:
لو صدق عليه الاجتهاد الجزئي فهو خارج عن محلّ البحث؛ لأنّه لامانع كما ثبت في علم الاُصول وكذلك في علم الفقه من التجزئ بالاجتهاد، وهو أن يكون مجتهداً في بعض الأبواب او المسائل ومقلّداً في أبواب اُخرى.

جوابه:-
لقد أشرتُ في ذيل ما سلف من منتهاه بما يجيب على ما تفضل به سماحتكم، حيث كان من مَقول القول هناك ما يلي:

((نعم؛ المقلِّد ليس محلاً لتوجّه عملية الاسنباط إليه مادام هنالك من يكفي من المجتهدين للتصدي للإفتاء كون الاجتهاد واجباً كفائياً، وبالتالي هذا كما أنه يُـثْـبت توجّه الأحكام الأصولية للمقلِّد كذلك لا ينفي اختصاصها المجتهد.

من هذا نفهم أن المقلِّد لو طبق حكماً أصولياً بشكل صحيح فهو بلا ريب حجة في حقّه، وإن صدق عليه الاجتهاد التجزّئي بدرجة ما؛ لذا لا يمكن أن نقول له ما دمتَ مقلِّداً فتطبيقك ليس حجة في حقك.

ومِثله ما لو طبَّق الحكم الأصولي وأصاب من باب الاتفاق؛ فعمله حجة ولا يعيد فيما تجب فيه الإعادة على فرض الخطأ.

لقائل أن يقول:
إن ما يَتعسر على المقلِّد التطبيق فيه لا تتوجّه له الحجية فيه لبقائه على التقليد فيها؛ أما ما لا يتعسر عليه التطبيق فيه فهو مادام قد طبَّق الحكم الأصولي فهو مجتهد ولو في حدود هذا التطبيق؛ وبالتالي يكون قد خرج عن دائرة التقليد فيه، والحجية توجّهت له هنا بما هو مجتهد في ذلك المورد لا بما هو مقلِّد، مما يبطل القول بشمولية الأحكام الأصولية للمجتهد والمقلد معاً.

وجوابه مضافاً لما سبق ذكره –هنا وهناك- هو:
أن ما يختص به المجتهد من مسائل يتعسر على المقلِّد استنباط أحكامها لا يعني عدم توجّه الأحكام الأصولية في هذه الموارد له كونه مقلِّداً، كلا، إنما ذلك لرفع العسر عنه واللطف به؛ وهذا تظهر ثمرته متى ما ارتفع العسر عنه في مورد، أو لدى مقلِّد دون آخر، إذ تبقى على توجّهها إليه وتكون حجة في حقه عند الاستعمال الصحيح في ظل صدق التقليد عليه، فليس كل من طيَّق الحكم على مسألة أو مسألتين كان مجتهداً بالمعنى المصطلَح، وإلا لكان كثير من الناس مجتهدين، والحال أن الأمر ليس كذلك)).

نسأل الله لنا ولكم المغفرة، ونشكركم على ما تفضلتم به من إفادات علمية قيمة، ونبتهل إلى الله تبارك وتعالى بأن يثيبكم على ذلك ويقضي حوائجكم وحوائجنا بحق الطاهرين محمد وآله الميامين صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.

أمين السعيدي
قم المقدسة

أبو محمد الخزاعي
29-11-2012, 11:33 AM
اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا اَبا عَبْدِاللهِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا بْنَ رَسُولِ اللهِ

اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا بْنَ اَميرِ الْمُؤْمِنينَ وَابْنَ سَيِّدِ الْوَصِيّينَ

اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا بْنَ فاطِمَةَ سَيِّدَةِ نِساءِ الْعالَمينَ

اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا ثارَ اللهِ وَابْنَ ثارِهِ وَالْوِتْرَ الْمَوْتُورَ

اَلسَّلامُ عَلَيْكَ وَعَلَى الاَْرْواحِ الَّتي حَلَّتْ بِفِنائِكَ

عَلَيْكُمْ مِنّي جَميعاً سَلامُ اللهِ اَبَداً ما بَقيتُ وَبَقِىَ اللَّيْلُ وَالنَّهارُ




أقدّم شكري الجزيل للاُخت الفاضلة(الحوزوية الصغيرة) لما تبذله من جهد فشكر الله سعيها وأحسن إليها في الدنيا والآخرة


وكذلك أقدّم شكري لسماحة السيّد السعيدي على ما تفضل به من تعليقات قيّمة ونافعة تستحق الوقوف عندها والتأمل فيها.


ولأجل تعميق النقاش في هذه المسألة وبلورتها، أذكر تباعاً بعض الملاحظات المتواضعة على بعض ما أفاده سماحته عسى أن تكون صائبة والله ولي التوفيق:


الملاحظة الاُولى:


قال السيّد السعيدي (حفظه الله): ((إنّ حجية مؤديات الأمارات والأصول العملية التنزيلية إنما هي حجة- في حق المجتهد فضلاً عن المقلِّد- من باب حجيتها، وإلا لو لم تكن حجة لما جاز التعبد بما تؤدي إليه من أحكام)).


أقول:


حاصل ما استدلّ به سماحة السيّد في إثبات شمول الأحكام الاُصوليّة للمقلّد:
لو لم تكن الأمارات والأصول العملية التنزيلية شاملة للمقلّد لما جاز له التعبّد بما تؤدي إليه من أحكام والتالي باطل فالمقدم مثله.


والجواب على هذا الاستدلال:


أنّ عدم شمول الأمارات للمقلّد لا يستلزم استحالة التعبّد بالمؤدّى؛ لأنّ التعبّد بمؤدّيات الأمارات يمكن أن يحصل بنفس حجّية فتوى المجتهد، وبالتالي يتمكّن المقلّد من التعبّد بمؤدّيات تلك الأحكام الاُصوليّة، ولا يتوقّف الأمر على القول بشمول الأمارات والاُصول التنزيلية للمقلّد.

وتوضيح ذلك:


أنّ مفاد أدلّة التقليد هو رجوع غير العالم إلى العالم والمجتهد بمقتضى أدلّة حجّية الأمارة يكون عالماً بالحكم الشرعي تعبّداً وعليه يكون دليل الحجّية حاكماً على أدلّة التقليد فيكون رجوع المقلّد إلى المجتهد على طبق القاعدة، أي يكون من رجوع غير العالم إلى العالم، ولا نحتاج حينئذٍ لتصحيح عملية التقليد إلى القول بشمول الأمارة للمقلّد وأنّ الشارع جعل المقلّد عالماً تعبداً كالمجتهد.


نترك الملاحظة الثانية للمشاركة الآتية إن شاء الله تعالى.

أبو محمد الخزاعي
30-11-2012, 09:28 AM
تتمة للملاحظات السابقة


الملاحظة الثانية:


قال سماحة السيّد أمين السعيدي: ((ليس من الضروري في المورد المذكور أن يجعل الشارعُ المقلِّدَ أيضاً عالماً تعبداً، فيجعله ماذا إذاً؟))


أقول:
لو لم يجعل الشارع المقلّد عالماً فهو يعني بالضرورة اختصاص الأمارات بالمجتهد، وأنّ موضوع هذه الأحكام هو خصوص المجتهد وخروج المقلّد حينئذٍ سيكون من باب السالبة بانتفاء الموضوع


الملاحظة الثالثة:



قال سماحة السيّد أمين السعيدي: ((أضف إليه أنه إن قلتم ليس بضروري أي من الممكن ذلك، غايته أنه ليس بلازم حتماً؛ فإنكم بهذا أثبتم نفس ما قلناه؛ إذ إمكان ذلك بذاته يرفع المانع من الشمول، وإن قلتم لا، إنما ليس بضروري أي أنه لا يمكن أساساً؛ فهو واضح البطلان لعدم الامتناع، وليس الظن أنه المقصود منكم حفظكم الله)).


أقول
إنّ مواد القضايا كما تعلمون يا سماحة السيّد وكما هو محرّر في علم المنطق ثلاث الضرورة والاستحالة والإمكان، وأنا نفيت الضرورة عن الشمول وهو لا يعني بطبيعة الحال إثبات الإمكان الخاصّ له ولا إثبات الاستحالة؛ لأنّ نفي الضرورة أعمّ من الاستحالة ومن الإمكان ، يعني هو ينسجم مع الاستحالة أيضاً ولا ينافيها ، فالذي لا يكون وجوده ضرورياً قد يكون مستحيلاً وقد يكون ممكناً.


بعبارة اُخرى


لو كان كلامي منصباً على نفي الاستحالة عن الشمول فكلامكم صحيح ولا غبار عليه؛ لأنّ نفي الاستحالة يساوق الإمكان العامّ للشمول المنسجم مع الوجوب والإمكان الخاصّ له المستلزم لاستحالة الاختصاص.

ولكن كلامي لم يكن كذلك، بل كان منصبّاً على نفي الضرورة عن الشمول وهو ينسجم مع استحالة الشمول ومع إمكانه أي أنه يثبت الإمكان العامّ للاختصاص لا أنّه يثبت استحالة الاختصاص.
وعليه فلو تمّت أدلّة القائل باستحالة الشمول صارت حجيّة الأمارة مختصّة بالمجتهد.
إذن مع إبطال ضرورة الشمول تبقى القضيّة معلّقة على ملاحظة ما يذكر من موانع، فإن تمّت صار الشمول مستحيلاً والاختصاص ضرورياً وإلا سيصل المجال إلى مقام الإثبات.

هناك ملاحظات اُخرى سنذكرها في المشاركات الآتية إن شاء الله تعالى

أبو محمد الخزاعي
02-12-2012, 02:18 PM
تتمّة الملاحظات

الملاحظة الرابعة

قال سماحة السيّد أمين السعيدي(حفظه الله تعالى)

((بغض النظر عن أمارية الاستصاحب أو أصوليته –حسب الاختلاف- فإن الفقيه في مثل هذه الموارد يقدِّم حكماً كلياً للمقلِّد، ليقوم هو بتطبيق هذا الحكم الكلي على المصاديق المشترَكة، فهذا الحكم الكلي عبارة عن قاعدة مشتركة في عملية الاستنباط، والفقيه يقدِّمه للمقلِّد ليستفيد منه في الموضوعات والمصاديق والموارد المشتركة، وتطبيق المقلِّد له في موضوعاته لا يلغي كليته وكونه حكماً أصولياً من جهة أصوليته.
نعم؛ الفارق بين المجتهد والمقلِّد هو أن المجتهد موكولة له مهمّة كشف وبلورة الحكم الأصولي نظراً لضعف العامي عن ذلك، وفَرْق بين البلورة والكشف وبين الشمول لهما واقعياً معاً ولو بقيود الضعف والقدرة في الخارج تبعاً للّطف كما ذكرنا سلفاً، هذا على مستوى الأصل والتأسيس له؛ أما على مستوى الفتوى وفق الأصل فوظيفة المجتهد ما ذكرناه هناك)).


الجواب


أنّ الاستصحاب تارة يكون قاعدة اُصولية واُخرى يكون قاعدة فقهية، ومورد البحث هو الاستصحاب من حيث إنّه حكم اُصولي لا من حيث إنّه حكم فقهي؛ لأنّه من الحيثية الفقهية لا ريب في شموله للمقلّد.

وعليه فليس مورد الاعتراض هو أنّ الاستصحاب أصل أو أمارة، بل الاعتراض كان على الاستدلال على شمول الاستصحاب كحكم اُصولي للمقلّد بشمول الاستصحاب كحكم فقهي للمقلّد، مع أنّه لا توجد ملازمة بين الأمرين، فقد يكون الاستصحاب من الحيثية الاُصولية مختصّاً بالمجتهد، لكنّه من الحيثية الفقهية شاملاً للمقلّد والمجتهد.

ونكرّر بعبارة اُخرى

هناك فرق شاسع بين إجراء الاستصحاب في الشبهات الحكمية وإجراءه في الشبهات الموضوعية، والذي يتمكّن منه المقلّد هو إجراءه في الشبهات الموضوعية أمّا اجراءه في الشبهات الحكمية فهو خارج عن قدرة المقلّد، لذا فإنّ محلّ السؤال هو هل أنّ عدم تمكّن المقلّد من إجراء الاستصحاب في الشبهات الحكمية مانع من شمول الاستصحاب له ام لا؟

والحاصل

أنّ تمكّن المجتهد من تطبيق الاستصحاب في الشبهات الفقهية لا يدلّ على أنّ الاستصحاب شامل له في الشبهات الحكمية.

هناك ملاحظات اُخرى تاتي إن شاء الله تعالى

أبو محمد الخزاعي
07-12-2012, 01:29 PM
تتمّة الملاحظات

الملاحظة الخامسة

قال سماحة السيّد أمين السعيدي(حفظه الله تعالى)


((فَرْقٌ بين الأحكام الفقهية والقواعد الفقهية؛ فالأحكام الفقهية يراد بها نفس المسائل الفقهية من وجوب الوضوء والصلاة وحرمة الربا والمعاوضات الفاسدة ولزومية الهبة في حالات وغير ذلك من سائر مسائل بابي التعبديات والتوصليات وفق التقسيم المشهور، بخلاف القواعد الفقهية التي هي أمور كلية مختصَّة وبخلاف الأحكام الأصولية كما تعلمون؛ وعليه فالفقيه لما عاين الأحكام الفقهية وجد بينها مشتركات استنباطية، فقام على أساس ذلك بتأسيس علم الأصول الحاوي للعناصر المشتركة في عملية استنباط الحكم الشرعي، فضلاً عن أسبقية علم الفقه على علم الأصول بلا أدنى ريب وكون علم الأصول إنما يراد لعلم الفقه، فلا غرابة كما تفضلتم حفظكم الله)).

أقول

إنّ كلامكم هذا يثبت تقدّم القواعد الاُصوليّة على الأحكام الفقهية المستنبطة لا تأخّرها؛ لأنّكم تقولون إنّ الفقيه عندما لاحظ الأحكام الفقهية التي استنبطها، فإنّه التفت إلى وجود قواعد مشتركة في عملية الاستنباط تتكرّر في جملة من المسائل، وتفادياً من هذا التكرار قام على أساس ذلك بتأسيس علم الأصول الحاوي للعناصر المشتركة في عملية استنباط الحكم الشرعي، وهذا يدلّ على أنّ تأسيس علم الاُصول هو عبارة عن تجميع لتلك القواعد المشتركة والمتكرّرة في عملية الاستنباط وتدوينها تحت علم واحد هو علم الاُصول.

بعبارة اُخرى

كلامكم يفيد أنّ القواعد الاُصوليّة كانت موجودة في كتب الفقه لكن تمّ تجميعها لأّنها قواعد تتكرّر في عملية الاستنباط وقوعد مشتركة في استنباطات الفقيه، لا أنّه تمّ اكتشافها حين اُسّس علم الاُصول؛ لأنّ تأخّر تدوين علم الاُصول كعلم مستقل لا يعني تأخّر قواعده نفسها عن علم الفقه.

بقي من الملاحظات ملاحظتان فقط سنذكرهما في المشاركة الآتية إن شاء الله تعالى

أبو محمد الخزاعي
07-12-2012, 03:10 PM
تتمّة الملاحظات

الملاحظة السادسة

قال سماحة السيّد أمين السعيدي(حفظه الله تعالى)

((ثم إن لقائل أن يقول بأن هذا قد يستلزم الدور؛ إلا أن الأمر ليس كذلك؛ إذ أن الأحكام الفقهية إنما دورها دور الكاشف عن القواعد الأصولية المشتركة في علمية استباط الحكم الشرعي، بينما دور هذه القواعدة دور توليدي لتلك الأحكام والمسائل المتعلقة بها)).

أقول

لا يمكن أن يكون دور الأحكام الفقهيّة هو دور الكاشف للقواعد الاُصولية؛ لأنّ الكشف إمّا يكون كشفاً تكوينياً وإمّاأنّ يكون كشفاً تعبديّاً:
أمّا الكشف التكويني فهو من خصائص القطع ولا يمكن أن يكون من خصائص الحكم، فالحكم سواء كان فقهياً أو اُصوليّاً يكون منكشفاً وليس كاشفاً.
أمّا الكشف التعبدي فهو من خصائص بعض الأمارات كخبر الثقة والظهور، ولا يمكن أن يكون من خصائص الحكم سواء كان أصوليّاً أو فقهيّاً، والحكم يكون منكشفاً بالكشف التعبدّي لا كاشفاً.


بقيت ملاحظة واحدة سنذكرها في المشاركة الآتية إن شاء الله تعالى

أبو محمد الخزاعي
07-12-2012, 07:25 PM
تتمّة الملاحظات


الملاحظة السابعة

قال سماحة السيّد أمين السعيدي(حفظه الله تعالى)

((أن ما يختص به المجتهد من مسائل يتعسر على المقلِّد استنباط أحكامها لا يعني عدم توجّه الأحكام الأصولية في هذه الموارد له كونه مقلِّداً، كلا، إنما ذلك لرفع العسر عنه واللطف به؛ وهذا تظهر ثمرته متى ما ارتفع العسر عنه في مورد، أو لدى مقلِّد دون آخر، إذ تبقى على توجّهها إليه وتكون حجة في حقه عند الاستعمال الصحيح في ظل صدق التقليد عليه، فليس كل من طيَّق الحكم على مسألة أو مسألتين كان مجتهداً بالمعنى المصطلَح، وإلا لكان كثير من الناس مجتهدين، والحال أن الأمر ليس كذلك)).


أقول:


1- من يتمكّن من إعمال القواعد الاُصوليّة لتحصيل الحجّة في الحكم الشرعي فهو مجتهد بلا ريب ولو على نحو التجزّي، ومن لا يتيسّر له استنباط ولو مسألة واحدة، فهذا عامّي بنحو مطلق.


2- لو فرضنا أنّ كثيراً من طلبة العلوم يتمكّنون من الاستنباط ولو في مسألة واحدة فلا مانع من أن يكون هؤلاء من المجتهدين ولا بعد في ذلك أبداً، بل البعيد هو أنّ يتمكّن أكثر الناس من الاستنباط لا كثير منهم وفرق شاسع بين أكثر الناس وبين كثير من الناس.


3- أنّ من يدّعي عدم شمول الحكم الاُصولي لا يريد أن يقول أنّ ذلك من باب التخصيص بل يقول إن ذلك من باب التخصّص، بمعنى أنّه قد اُخذ في موضوع الأحكام الأصوليّة بعض القيود التي لا تنطبق إلا على المجتهد فيكون المقلّد خارج موضوعاً وتخصصاً، وعليه فمن يدّعي شمول الأحكام الاصوليّة للمقلّد يجب عليه أن يدفع أوّلاً ما يدّعى من القيود، ولا يكفي أن ندّعي الشمول بدون ذلك.
والحمد الله رب العالمين

انتهت الملاحظات

الشيخ علي محمد حايك
22-12-2012, 08:50 AM
بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
الفتاوي التي يصدرها الفقيه هي على نحوين أحكام ظاهرية ، ووظائف عملية والنحو الأول هو من اختصاص المجتهد ليس إلا ولا يستطيع المكلف استخراج هكذا أحكام بنفسه من أدلتها،أما النحو الثاني فتارة نتحدث عن تأسيسها كقاعدة وبيان شروطها وقيودها وموارد جريانها ونحو ذلك فهذا من اختصاص الأصولي وأخرى نتحدث عن إجرائها وتحديد الوظيفة في مقام الامتثال فهذه بالاصل من مهام المكلف إلا أن الفقيه في أغلب الأحيان يتصدى لإجرائها نيابة عنه حذرا من سوء التطبيق فالفقيه الذي يحكم على مشكوك النجاسة بالطهارة اذا كانت حالته السابقة هي الطهارة كأنه يقول للمكلف أنه إذا صادفك شئ شككت بنجاسته وكانت حالته السابقة هي الطهارة عليك بإجراء استصحاب الطهارة وهكذا في موارد أصالتي البراءة والاحتياط

أبو محمد الخزاعي
25-12-2012, 07:25 PM
شيخنا العزيز(علي محمد حايك) حيّاكم الله
قلتم (حفظكم الله تعالى): (الفتاوي التي يصدرها الفقيه هي على نحوين أحكام ظاهرية، ووظائف عملية والنحو الأول هو من اختصاص المجتهد ليس إلا ولا يستطيع المكلف استخراج هكذا أحكام بنفسه من أدلتها،أما النحو الثاني فتارة نتحدث عن تأسيسها كقاعدة وبيان شروطها وقيودها وموارد جريانها ونحو ذلك فهذا من اختصاص الأصولي وأخرى نتحدث عن إجرائها وتحديد الوظيفة في مقام الامتثال فهذه بالاصل من مهام المكلف إلا أن الفقيه في أغلب الأحيان يتصدى لإجرائها نيابة عنه حذرا من سوء التطبيق فالفقيه الذي يحكم على مشكوك النجاسة بالطهارة اذا كانت حالته السابقة هي الطهارة كأنه يقول للمكلف أنه إذا صادفك شئ شككت بنجاسته وكانت حالته السابقة هي الطهارة عليك بإجراء استصحاب الطهارة وهكذا في موارد أصالتي البراءة والاحتياط)


أقول:


1- إجراء الاُصول العمليّة في مقام الشبهات الحكميّة من اختصاص المجتهد، والمقلّد لا يتمكن من تطبيق تلك القواعد على مواردها، وإلاّ فما فرضته مقلّداً ليس بمقلّد وهذا خلف، فالمكلّف إذا واجه موقف معيّن وأراد معرفة حكمه كالتدخين مثلاً، وهل هو حرام أم مباح لا يتمكّن من تطبيق البراءة على مثل هذا المورد؛ لأنّ التطبيق يحتاج إلى استدلال فقهي، وإحراز صغرى وكبرى لا يمكن للمقلّد أن يحرزهما بنفسه



أما الصغرى فهي: التدخين محتمل الحرمة ولا يوجد دليل اجتهادي يثبت حكمه


والكبرى: كل محتمل الحرمة ليس عليه دليل اجتهادي فهو مباح ظاهراً وهذا هو مضمون قاعدة البراءة


فالصغرى لا يمكن إحرازها إلاّ من قبل المجتهد؛ إذ كيف للمقلّد أن يحرز عدم وجود دليل اجتهادي يثبت حكم التدخين مع أنّه فاقد لملكة الاجتهاد؟!


والكبرى أيضاً لا يمكن ان تحرز إلاّ من قبل المجتهد كما هو أوضح من أن يخفى على جنابكم


والحاصل


أنّ تطبيق قواعد الاُصول العمليّة في الشبهات الحكميّة يحتاج إلى استدلال فقهي وهو من مختصّات المجتهد؛ فلو تمكّن المقلّد من إقامة الدليل فما فرضته مقلّداً ليس بمقلّد.


2- ما ذكرتموه من المثال في تمكن المقلّد من تطبيق قاعدة الاستصحاب فهو صحيح في مورد الشبهات الموضوعية وليس الحكميّة؛ لأنّ تطبيق القاعدة في مورد الشبهات الموضوعية لا يحتاج إلى استدلال فقهي بخلاف تطبيقها في مورد الشبهات الحكميّة كم وضحّنا مثاله في الجواب الأوّل.
ومن المعلوم أن الاستصحاب في مورد الشبهات الموضوعيّة ليس من القواعد الاُصوليّة.

وشكراً لكم وبارك الله فيكم

مولى أبي تراب
27-12-2012, 10:47 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد
لما كان الغرض الأساسي من الأحكام الأصولية دخولها في مقدمات الاستنباط ، وأنها عبارة عن قواعد تقع في طريق الاستنباط الفرعي على ما هو المعروف في تعريفها أو نحو ذلك مما عُرّفت به فلا محالة من اختصاصها بالمجتهد وعدم شمولها للعامي لأن الاستنباط من اختصاصه ومختصاته ولا حظّ للعامي فيه فلا يكون معنياً بالخطابات الأصولية بشكل مباشر ، وهذا على القاعدة من أن كل حكم له موضوع وأنه يختص بمن هو داخل تحت موضوعه ولما كان المقلِّد غير داخل تحت موضوعات الأحكام الأصولية فهي إذن غير شاملة له وبهذا يتضح الفرق بين الأحكام الأصولية والأحكام الفقهية فإن موضوعات الأحكام الفقهية من صلاة وصوم ونحو ذلك شاملة للمجتهد والمقلِّد على حد سواء كما لو افترضنا أن موضوع الحكم الفقهي هو المكلّف القادر ونحو ذلك فكما أن المجتهد مكلف قادر فكذا المقلِّد فكل منهما متعنّون بهذا العنوان ، وهذا بخلاف الأحكام الأصولية فإن عناوين موضوعاتها غير شاملة للمقلِّد بل هي مختصة بالمستنبط فلا محالة تختص به فموضوع أصالة البراءة وهو مثلاً قبح العقاب بلا بيان أو الشك الفعلي في الحرمة أو الوجوب بعد تعذر العثور على الدليل الاجتهادي لا يشمل المقلِّد لعدم صدق فقدانه للبيان لأنه لا يكون الا بعد الفحص والعجز عن وجدان الدليل وهذا ليس من شأنه وغير صادق في حقه فهو غير داخل تحت موضوع أصالة البراءة فلا يشمله الحكم بإجراء البراءة ولا يعمّه الخطاب بالتمسك بها ، وهكذا خطاب ( لاتنقض اليقين بالشك ) فموضوعه الشك الفعلي في الحكم بعد سبق اليقين به وعدم انتقاض اليقين السابق بيقين لاحق فهذا الموضوع غير شامل للمقلِّد لأن عدم انتقاض اليقين السابق بيقين لاحق وبالتالي يتحقق الشك الفعلي يتوقف على الفحص والعجز عن وجدان الدليل أيضاً وهو غير متحقق في المقلِّد بل لا يصدق في حقه اليقين السابق أيضاً وليس فقط عدم اليقين والشك اللاحق لأن اليقين السابق لابد أن يكون منشؤه قيام الدليل وهو ليس من شأن المقلِّد أيضاً .
هذا ولكن ذهب بعض المحققين الى عدم الاختصاص وأن الحكم الأصولي كالفرعي يعمّ المجتهد والمقلِّد على حد سواء ، قال السيد الخوئي رحمه الله تعليقاً على قول الشيخ الأنصاري في فرائد الأصول ( فاعلم أنّ المكلّف إذا التفت إلى حكم شرعيّ ، فإمّا أن يحصل له الشكّ فيه أو القطع أو الظنّ ) قال مبيناً المقصود من المكلف وأنه عبارة عن المجتهد والمقلد لا خصوص المجتهد
( الظاهر أنّ المقلّد كالمجتهد في الأحكام المذكورة ، فإن حصل له القطع بحكم من الأحكام عمل به بلا حاجة إلى الرجوع إلى المجتهد ، وإن لم يحصل له القطع ، فإن قام عنده طريق معتبر وليس إلاّ فتوى المجتهد عَمِلَ به ، وإن فقده أيضاً وبقي شاكّاً في الحكم رجع إلى الأصول العمليّة على نحو يأتي . هذا كلّه في الحكم الواقعي ، وكذا الحال في الحكم الظاهري ، فإن حصل له القطع به كما إذا قطع بفتوى المجتهد في مورد عمل به ، وإلاّ فإن قام عنده طريق معتبر كما إذا أخبر عدلان بأنّ فتوى المجتهد كذا أخذ به ، وإلاّ رجع إلى الأصل العملي ، فإن كان متيقّناً بفتوى المجتهد سابقاً وشكّ في تبدّلها يستصحب بقاءها . وإن أفتى أحد المجتهدين بالوجوب والآخر بالحرمة ، دار الأمر بين المحذورين فيتخيّر ، وإن أفتى أحدهما بوجوب القصر مثلاً والآخر بوجوب التمام وجب عليه الاحتياط ، إلاّ أن يثبت قيام الإجماع على عدم وجوب الاحتياط على العامّي على ما ادّعاه شيخنا الأنصاري ، إذن فيتخيّر ) مصباح الأصول / تقرير بحث الخوئي للبهسودي / ج2 ص6
لكن قد يقال أن الكلام في شمول الأحكام الأصولية للمقلِّد يراد به الشمول في مقام الاستنباط لا مطلق تطبيق الأحكام ولو على فتوى المجتهد ولعله لذا قال السيد الخوئي بعد ذلك : ( والحاصل أنّه لا فرق بين المجتهد والمقلّد إلاّ في خصوصيّة الطريق والأمارات ، فإنّ طريق المجتهد إلى الأحكام هو الكتاب والسنّة ، وطريق المقلِّد هو فتوى المجتهد فقط ، وكما أنّ ظواهر الكتاب والسنّة حجّة للمجتهد ، كذلك ظاهر كلام المجتهد حجّة للمقلِّد ، فلا وجه لاختصاص المقسم بالمجتهد )
وقد وافق السيدَ الخوئي قدّس سرّه في ذلك الشهيدُ الصدر قدّس سرّه قال : ( ويكفي في هذا المقام لإثبات عموم المقسم أن نثبت موردية غير المجتهد للوظائف المقرّرة ولو في الجملة ، وهذا ثابت ، توضيحه : أنّ غير المجتهد يعلم بأنّه مكلّف بأحكام الله سبحانه ، فإذا التفت إلى واقعة ، فإمّا أن يحصل له القطع بالحكم سلباً أو إيجاباً ولو لكون المسألة ضروريّة كحرمة الخمر أو يقينيّة بإجماع ونحوه كحرمة العصير العنبي المغلي قبل ذهاب الثلثين ، أو لا يحصل له ذلك . فعلى الأوّل يكون قطعه حجّة في حقّه كقطع المجتهد ، وعلى الثاني ، فإمّا أن يحصل له الظنّ المناسب في شأنه وهو فتوى المجتهد ويحصل له القطع بحجّيته من ضرورة أو إجماع فأيضاً يعمل بقطعه ويكون ظنّه حجّة ، وإن لم يحصل له لا قطع ولا قطعيّ ، إمّا لأنّه لم يتمكّن من الوصول إلى فتوى المجتهد أو لا مجتهد لكي يصل إلى فتواه ، أو لم يقطع بحجّية الفتوى ، فينتهي لا محالة إلى الشكّ ، فلابدّ وأن يستقلّ عقله بوظيفة إمّا البراءة أو الاشتغال أو التفصيل حسب الموارد . فنفس المراحل المتحقّقة في حقّ المجتهد تتحقّق في غير المجتهد أيضاً ، لكن مع فرق بينهما في عدم توفّر بعض مصاديق العلم أو العلمي في حقّ غير المجتهد ، وهو لا يجعله خارجاً عن المقسم ولا يؤدّي إلى تخصيص منهجة التقسيم بخصوص المجتهد ) بحوث في علم الأصول / تقرير محمود الهاشمي ج4 ص9
والله العالم

أبو محمد الخزاعي
01-02-2013, 08:00 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلّ على محمّد وآل محمّد

أخي الفاضل العزيز مولى أبي تراب

1- إنّ الأحكام الاُصولية وإن كانت عبارة عن قواعد تقع في طريق الاستنباط، لكن هذا بحدّ ذاته ليس دليلاً على عدم شمولها للمقلّد واختصاصها بالمجتهد؛ لأنّ الاستنباط وإن كان من مختصّات المجتهد، لكن هذا لا يصلح دليلاً على عدم شمول الخطابات الأصولية لغير المجتهد بشكل مباشر وبالتالي عدم دخوله تحت موضوعات الأحكام الاُصوليّة، فكونها شاملة للمجتهد والمقلّد معاً شيء، ووقوعها في طريق استنباط الحكم الفقهي الذي هو من مختصّات المجتهد شيء آخر ولا ملازمة بين الأمرين إطلاقاً.

2- ما ذكره السيد الخوئي تعليقاً على قول الشيخ الأنصاري في فرائد الأصول وكذلك ما ذكره الشهيد الصدر لا يتربط بهذه المسألة بل يرتبط بمسألة اُخرى وهي أنّ الحالات الثلاث التي ذكرها الشيخ الاعظم قدّس سرّه من اليقين والشك والظن هل تشمل المقلّد والمجتهد معاً أم هي مختصّة بالمجتهد؟

فبحثنا ليس في عموم المقسم أو عدم عمومه بل في شمول الأحكام الاُصوليّة أو عدم شموليتها للمقلّد.
فحتّى لو فرضنا شمول المقسم للمقلّد فلا يستلزم ذلك شمول الأحكام الاُصوليّة له، فالمقلّد يمكن أن يحصل له يقين بالحكم كما لو كان من الضروريات ويمكن أن يحصل له ظن بالحكم من خلال الرجوع إلى فتوى المجتهد ويمكن أن يحصل له شكّ، لكن من الممكن مثلاً أن لا تكون حجيّة خبر الثقة في مورد الشبهات الحكميّة شاملة له وكذلك الاستصحاب والبراءة.

وتقبّل خالص تحياتي وتقديري

أبو محمد الخزاعي
12-02-2013, 03:16 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

وبه نستعين

وصلّ الله على محمّد وعلى آله الطاهرين المعصومين



سنحاول في هذه المشاركة والمشاركات الآتية إن شاء الله تعالى استعراض آراء العلماء في هذه المسألة، فنقول:

استدل القائلون باختصاص الأحكام الاُصولية بالمجتهد بعدّة ادلة، نذكر أهمّها:

الدليل الأول :

ما أشار إليه المحقّق العراقي (قدّس سرّه) كما جاء في نهاية الأفكار، وحاصله:
من أن حجّيّة الأمارات والاُصول متوقّفة على عدم المعارض والفحص عنه، وهذا من شأن المجتهد لا المقلد، إذ لا قدرة له على الفحص عن معارض الخبر - مثلاً - والجزم بعدمه.

والمحقّق العراقي نفسه قد ناقش في هذا الدليل بكلام طويل حاصله:

أنّ المجتهد بمقتضى أدلة الافتاء والاستفتاء يقوم مقام المقلّد ، فيكون فحصه عن الدليل وعن المعارض فحصه وترجيحه لاحد الخبرين ترجيحه، بل بهذا الاعتبار يكون يقينه وشكه أيضاً بمنزلة يقينه وشكه في شمول اطلاقات الأدلة.

وقبل ذكر الدليل الثاني الذي ذكره المحقّق الأصفهاني في نهاية الدرية، سنتوقّف في المشاركة القادمة إن شاء الله عند الجواب الذي ذكره المحقّق العراقي ونزيده توضيحاً وهل هو قابل للقبول أم لا؟

ونتمنّى من الإخوة الأفاضل والأخوات الفاضلات أن يتأمّلوا في هذا الجواب أيضاً كي يتعمّق الموضوع، وبالتالي تعمّ به الفائدة إن شاء الله.

أبو محمد الخزاعي
14-02-2013, 04:22 PM
تتمّة للمطلب السابق


الجواب الذي ذكره المحقّ العراقي لردّ الدليل الأوّل مستفاد من كلمات الشيخ الأعظم فقد جاء في كتاب فرائد الاُصول:



( وجوب العمل بخبر الواحد وترتيب آثار الصدق عليه ليس مختصا بالمجتهد، نعم، تشخيص مجرى خبر الواحد وتعيين مدلوله وتحصيل شروط العمل به مختص بالمجتهد، لتمكنه من ذلك وعجز المقلد عنه، فكأن المجتهد نائب عن المقلد في تحصيل مقدمات العمل بالأدلة الاجتهادية وتشخيص مجاري الأصول العملية، وإلا فحكم الله الشرعي في الأصول والفروع مشترك بين المجتهد والمقلد).


ويلاحظ أن دعوى نيابة المجتهد عن المقلّد غير مبرهنة لا في في كلمات الشيخ الأعظم ولا في كلمات المحقق ضياء الدين العراقي


وقد حاول الشهيد الصدر(رضوان الله تعالى عليه)- كما في تقريرات الهاشمي- البرهنة عليها بالبيان التالي:


إنّ المرتكز فى أذهان المتشرعة من أدلة التقليد هو انّ العامىّ حين يرجع إلى المجتهد فإنّه يطبّق على نفسه نفس ما يطبّقه المجتهد على نفسه بحيث يثبت فى حقّه نفس ما يثبت فى حق المجتهد من درجات اثبات الواقع اوالتنجيز والتعذير عنه، وهذا لا يكون الا مع افتراض أن تمام الوظائف التي يطبقها المجتهد على نفسه تنطبق على العامي،و حيث إنّ هذه الوظائف بحسب ادلّتها لا تنطبق على العاميّ فيستكشف من دليل التقليد ثبوت هذا التنزيل والتوسعة فى موضوع تلك الوظائف الظاهرية بالدلالة الالتزامية، وأنّ تطبيقها على غير المجتهد بعناية التنزيل.


ولكن يمكن المناقشة في ذلك بما ذكره الشهيد الصدر وحاصله:


أنّ عمدة أدلّة جواز التقليد هي السيرة العقلائية وهي إنّما تدلّ على رجوع الجاهل الى العالم وأهل الخبرة لتشخيص الحكم المشترك بين الجاهل والعالم، ولا تدلّ على تنزيل المجتهد منزلة المقلّد.

أبو محمد الخزاعي
04-05-2013, 01:02 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلّ على محمّد وآل محمد

ملخص ما تقدّم


ذكرنا أنّ الدليل الأوّل الذي تمسّك به القائلون باختصاص الأحكام الأصوليّة بالمجتهد، وذكرنا أنّ المحقّق ضياء الدين العراقي (قدّس سرّه) حاول المناقشة في هذه الدليل من خلال طرح فكرة نيابة المجتهد عن المقلّد في عملية الافتاء وذكرنا أنّ فكرة النيابة تفتقر إلى الدليل فلا يمكن الاستناد إليها في مقام الرد


فبقي علينا أن نبحث عن جواب آخر لرد الدليل الأوّل للقول بالاختصاص فنقول:


بأنّ المأخوذ في موضوع حجّيّة الأمارات والأصل ليس هو الفحص حتّى يكون موضوع الحجيّة مختصاً بالمجتهد ويكون المقلّد خارج موضوعاً، بل المأخوذ في موضوعهما هو عدم وجود المخصّص أو المعارض في الواقع، وتكون فتوى المجتهد طريقاً لإحراز هذا الشرط وبرجوع المقلّد إلى المجتهد يتحقّق موضوع الأمارة أو الأصل بالنسبة للمقلّد.


وعليه فالدليل الأوّل للقول بالاختصاص، لا يصمد أمام النقاش، بل ممّا لا يمكن قبوله.



الدليل الثاني للقول بالاختصاص هو ما ذكره المحقّق الأصفهاني (قدّس سرّه)



فقال في نهاية الدراية: ((وجه تخصيص المكلف بالمجتهد، وتعميم الحكم إلى حكمه، وحكم مقلّده، هو أن عناوين موضوعات الأحكام الظاهرية لا ينطبق إلا على المجتهد، فإنّه الذي جاءه النبأ أو جاءه الحديثان المتعارضان وهو الذي أيقن بالحكم الكلّي وشكّ في بقائه وهكذا، إلا أن محذوره عدم ارتباط حكم المقلّد به، فلا يتصوّر في حقّه تصديق عملي وجري عملي ولا نقض عملي وإبقاء عملي، فمن يتعنون بعنوان الموضوع ليس له تصديق عملي ليخاطب به، ومن له تصديق عملي لا ينطبق عليه العنوان ليتوجّه إليه التكليف)).


وحاصل ما أفاده(رحمه الله)


أنّ موضوع حجية الأمارة أو الأصل لا يشمل غير المجتهد من الأوّل لا أنّه مشروط بالفحص كما يرى الدليل الأوّل، والسرّ في خروج المقلّد عن الموضوع هو أنّ موضوع الأحكام الظاهرية من أمارات وأصول عمليّة هو من يأتيه الخبر أو من يأتيه الخبران المتعارضان أو من كان متيقّناً بالحكم ثم شكّ وهذا لا ينطبق إلاّ على المجتهد فلا يمكن أن يكون شاملاً للمقلّد.


وسنترك الجواب عن هذا الدليل للمشاركة الآتية وسيكون غداً إن شاء الله تعالى

أبو محمد الخزاعي
05-05-2013, 02:52 AM
كان البحث في الدليل الثاني للقول باختصاص الأحكام الأصوليّة بالمجتهد.
وذكرنا أن الدليل الثاني هو للمحقّق الأصفهاني وقد نقلنا نصّ كلامه حول ذلك


والآن نضيف أن النائيني أيضاً استدل بنفس هذا الدليل للقول بالاختصاص، فقال في فوائد الأصول للمحقّق الكاظمي: ((كيف يمكن القول بشمول خطاب مثل« لا تنقض اليقين بالشك » في الشبهات الحكمية للمقلد، مع أنه لا يكاد يحصل له الشك واليقين)).


ويمكن المناقشة في هذا الدليل:


أنّ العناوين المأخوذة في ألسنة الأدلّة كعنوان من جاء بالنبأ أو عنوان من كان على يقين وشكّ لو كانت مأخوذة على نحو الموضوعيّة لكان لهذا الدليل مجال، لكن لدينا هنا قرينة عامّة عرفية وهي عبارة عن مناسبة الحكم للموضوع وهي تقتضي حمل هذه العناوين على الطريقيّة أي أنها ماخوذة في ألسنة الأدلّة بما هي طريق للواقع والمقلّد، فيكون دور الفقيه في عمليّة الافتاء باعتباره من أهل الخبرة هو كشف ذلك الواقع للمقلّد.


وعليه فإطلاقات أدلّة الأحكام الظاهرية من أمارات أو أصول عمليّة تكون شاملّة للمقلّد بلا إشكال، فالمقتضي وهو الإطلاق موجود والمانع مفقود.


وللموضوع تتمّة تأتي إن شاء الله تعالى

أبو محمد الخزاعي
19-05-2013, 10:47 AM
تتمّة

قد يقال:

إنّه بناء على صحة الدعوى التي ذهب إليها المحقّقان الكبيران النائيني والأصفهاني من اختصاص الأحكام الأصولية بالمجتهد تصبح عملية الافتاء وحجيّة قول الفقيه غير منطقية ظاهراً؛ لأنّ حجيّة فتوى الفقيه تقتضي وجود واقع مشترك بينه وبين والعاميّ ، والفقيه يعمل خبرويته وقدرته الاجتهادية لكشف ذلك الواقع وجعله بيد العاميّ من خلال الفتوى والرأي الفقهي، ومع القول باختصاص الأحكام بالفقيه وعدم شمولها للعامي سوف لن يكون هناك واقع مشترك بينهما، وبالتالي ستفتقد عملية الافتاء الأساس المنطقي.

فهل هذا الإشكال تامّ أو غير تامّ؟

وهنا نختم كلامنا حول هذا الموضوع ونترك الجواب عن هذا الإشكال للأخوة الأفاضل المؤمنين

وآخر دعوانا أن الحمد الله رب العالمين وصلّى الله على محمّد وآله الميامين.