جعفر المندلاوي
26-10-2012, 08:35 PM
صوت لا يتكرر
المجاهد الشيخ عبد الزهراء الكعبي
====================
صوتُ لعله لا يتكرر على مساحة الزمان ، وامتد لآزمان لم يعشها ، لانه صوت صدح بالحق وقال به وملأ الارجاء حزنا وألما ، صوت وثق لواقعة كربلاء بما لم يأت بمثله أحد قبله ولا بعده مثله ، حتى صار صوته مقترنا بالمقتل وبيوم مرد الرؤوس ، صوت للزهراء ولابنها ، رحم الله شيخنا المجاهد وحشره مع من أحب من آل محمد آمين يا رب العالمين .
مولده ونشأته
هو الشيخ عبد الزهرة بن فلاح بن عباس بن وادي آل منصور الكعبي. نزحت أسرته من المشخاب واستوطنت كربلاء. ولد الشهيد الكعبي في مدينة المشخاب في يوم العشرين من شهر جمادى الآخر عام 1327هـ الموافق 8 يوليو 1909م، في يوم ذكرى مولد الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء عليها السلام ولذلك سمي بـ (عبد الزهرة).
نشأ وترعرع في ربوع كربلاء المقدسة وتعلم القراءة والكتابة وحفظ القرآن الكريم في سن مبكر خلال ستة أشهر على يد المرحوم الشيخ محمد السراج في الصحن الحسيني الشريف، وفي علم العروض على يد الشيخ عبد الحسين الحويزي، ثم أصبح من أساتذه الحوزة العلمية الشريفة في كربلاء حيث كان يلقي دروسه في الفقه الإسلامي واللغة العربية وفن الخطابة على عدد من طلبة الحوزة والعلوم الدينية وتولى التدريس في مدرسة الإمام القائم ومدرسة السيد المجدد الشيرازي ومدرسة (باد كوبة) الدينية وغيرها كما درس الأحاديث النبوية وخطب نهج البلاغة.
حضر مباديء العلوم على الحجة الشيخ علي بن فليح الرماحي، ثم درس الفقه والأصول على العلامة الشيخ محمد داود الخطيب، وأخذ المنطق والبلاغة على العلامة الحجة الشيخ جعفر الرشتي.
أما الخطابة فقد أخذها على الخطيبين الجليلين الشيخ محمد مهدي المازندراني الحائري المعروف بـ(الواعظ) وخطيب كربلاء الأوحد الشيخ محسن بن حسن أبو الحب الخفاجي ثم برع فيها واشتهر، وذاع صيته في الآفاق مخلصاً متفانياً في خدمة الإمام الحسين سيد الشهداء عليه السلام.
فكانت له المجالس العامرة بالجماهير من الرجال والنساء والأطفال في مساجد كربلاء وحسينياتها ودورها وأسواقها فضلاً عن مجالسه في مدن العراق الأخرى مثل بغداد والنجف الأشرف والحلة والدجيل والمشخاب والبصرة والديوانية والشطرة والمجر الكبير والأهواز.
وقد سافر لعدد من الدول العربية من أجل التبليغ بإشارة من مراجع الدين العظام أمثال آية الله السيد محسن الحكيم وآية الله السيد الشيرازي وبعض أهل العلم والفضيلة فذهب إلى مملكة البحرين والقطيف والأحساء وجنوب إيران وغيرها من البلدان خارج العراق. ونال إعجاب المستمعين وتأثرهم بمجالسه، لما له من دور متميز في هذا الفن، فضلاً عن سجاياه الحميدة وطباعه الكريمة التي شهد بها له الصديق والعدو والقريب والبعيد.
المقتل الحسيني يبث في إذاعة بغداد
كان يرقى المنبر في يوم العاشر من المحرم بجوار الصحن الحسيني الشريف ويقرأ قصة مقتل الإمام الحسين ( ع ) كاملة، وفي عام 1379 هـ قابل الشيخ ومعه السيد مهدي الحكيم نجل آية الله العظمى السيد محسن الحكيم وبعض رجال العلم مدير اذاعة يغداد طالبين اليه بث المقتل من الإذاعة في بغداد ولم يكونوا على ثقة أن مدير الإذاعة سيفي بما وعدهم به وفي صبح العاشر من تلك السنة أذيعت قصة مقتل الإمام الحسين ( ع ) بصوت الشيخ عبد الزهراء الكعبي وكانت المفاجأة أن المقتل أعيد بثه في مساء اليوم نفسه ولما سألوا عن سبب الإعادة أعلن مدير الإذاعة أن نحو 14 ألف طلب انهمر على الإذاعة خلال ساعات قليلة من مختلف المدن ومن مختلف طبقات المجتمع تطالب بإعادة بث المقتل رغم أنه يستغرق نحو 3 ساعات وهكذا ظل صوت الشيخ عبد الزهراء الكعبي يُبث من إذاعة بغداد ثم من إذاعة الأهواز كما بثت إذاعة الكويت مقاطع من المقتل أيضاً.
وقد أكسب هذا البث الشيخ عبد الزهراء الكعبي شهرة كبيرة ولكنها لم تغير من صفاته وأخلاقه شيئاً فبقى الشيخ الكعبي كما هو عابداً متواضعاً بسيطاً يبذل الجهد والمال في خدمة الناس ويعلم الطلبة المبتدئين ويدرب صغار الخطباء ولا يبخل عليهم بالنصح والتوجيه والعلم
دروس وخطباء
امتاز الشهيد الكعبي (قدس سره) بقدرته المنبرية الفائقة المتمثلة في قوة البيان والشجاعة في عرض الأفكار المقدسة للإسلام الحنيف وفي مهمة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، كما كان مهتم بحفظ القرآن الكريم، والتأكيد على حفظ الأحاديث الشريفة للنبي وأهل بيته الكرام (عليهم السلام) بنصها، فضلاً عن اهتمامه بالجانب الأدبي بانتقائه البليغ من عيون الشعر .
وقد هيأ الشهيد الشيخ الكعبي (قدس سره) جيلاً من الخطباء البارعين بخطاباتهم وتأثيرهم في المجتمع، فكان يؤكد عليهم في دروسه بالاهتمام بالمنبر الشريف ومقوماته وعوامل التوفيق لخدمته المقدسة، فتخرج من تحت منبره ودرسه عدد من الخطباء الكبار يربو عددهم على (300) خطيب حسيني بارع منتشرون في البلاد الإسلامية أمثال الشيخ ضياء الشيخ حمزة الزبيدي والخطيب الشيخ على الساعدي والخطيب الشيخ عبد الرضا الصافي والخطيب الشيخ عبد الحميد المهاجر والسيد محمود الخطيب والشيخ أحمد عصفور وغيرهم.
جهاده ومعاناته
عُرف (قدس سره) بإخلاصه وتفانيه في خدمة أهل البيت (عليهم السلام) و كان زاهداً في الدنيا وحطامها، فلقد كان معروفاً بجهاده أينما حل، ومناهضته ضد الباطل والانحراف والظلم والجور والتعدي مهما كانت نتائجه والمعاناة بسببه حيث المضايقة من قبل الطغاة وأعوانهم لمن سلك هذا السبيل المقدس المناصر للحق على مر العصور كما هو معروف.
وقد نقل عن جهاده ومواقفه الشيخ ضياء الزبيدي وهو من تلامذته قائلاً: (تم اعتقال الشهيد السيد حسن الشيرازي (قدس سره) من قبل السلطة البعثية الجائرة في العراق. فبادر بعض خطباء كربلاء برفع برقية إلى (البكر) طالبين إطلاق سراح السيد، فما كان من السلطة إلا أصدرت أمراً باعتقال الموقعين على البرقية وهم الشيخ عبد الزهرة الكعبي، الشيخ حمزة الزبيدي، السيد كاظم القزويني والسيد مرتضى القزويني والشيخ عبد الحميد المهاجر.
فتمكنت السلطة من اعتقال الشيخ الكعبي والشيخ حمزة الزبيدي واختفى الآخرون. فكان اعتقال الكعبي والزبيدي في دائرة أمن كربلاء لمدة ثلاثة أيام نُقلا بعدها إلى مركز أمن (الحرية) ثم مديرية الأمن العامة في بغداد. بعدها تم نقلهما إلى سجن (بعقوبة) حيث حكم عليهما بالحجز الاحترازي لمدة أربعة أشهر أُطلق سراحهما بعدها وذلك عام 1969م.
الكعبي الاديب والشاعر
ومن خلال قراءتك لمقالاته المنشورة في المجلات الكربلائية كصوت المبلغين وغيرها تظهر لك قابليته الإبداعية ، فكان من أئمة العربية طويل الباع ، حسن الاختيار ، غزير المادة . له اليد الطولى في النظم والنثر . وكفى بها شاهداً على علو همته ورفعة مقامه بين خطبائنا الأفاضل بما تركه من آثار نافعة وفوائد جمة ، ومنها ديوان شعره المخطوط الموسوم بـ(دموع الأسى) إضافة إلى مخطوطات أخرى له محفوظة في مكتبته العامرة التي يزيد عدد كتبها على عشرة آلاف كتاب. كما ذكر ذلك ايضا المرجاني في كتابه خطباء المنبر الحسيني
استشهاده
ولا يزال يواصل مسيرته الجهادية المقدسة، سيما جهاده المنبري الذي كان مدوياً، ولم يكترث فيه من مضايقات الطغاة وأساليبهم القمعية الإرهابية، فما كان منهم إلا أن سخّروا بعض جلاوزتهم لدسّ السمّ القاتل إليه في القهوة التي قدمت له في مجلس فاتحة حضره الشيخ الكعبي وبعض تلامذته، فرجع إلى مجلسه في صحن العباس (عليه السلام) وأثناء قراءته أصابته حالة إغماء سقط على أثرها من على المنبر وفي طريقه إلى المستشفى عرجت روحه الطاهرة إلى ربها راضيةً مرضية في ليلة شهادة فاطمة الزهراء عليها السلام في يوم 13 جمادى الأولى سنة 1394هـ الموافق 3 يونيه 1974م، أعقب الشهيد الكعبي (قدس سره) ولدين هما (علي، عبد الحسين).
تشييعه
كان يوماً مشهوداً في مدينة كربلاء بل في العراق، فقد زحفت الجماهير من كل حدب وصوب للاشتراك في تشييع جثمانه المقدس عبر الخط الطويل من داره إلى مرقده في الوادي القديم بعد إتمام الزيارة والصلاة عليه.
وكانت مراسيم تشييعه مشابهةً تماماً لمراسيم تشييع مراجع الدين الكبار، حيث وضع جثمانه في (العماري) وهي نعش خشبي كبير يوضع فيه التابوت احتراماً للمتوفى. ثم انطلقت المسيرات العزائية الحزينة في مقدمة الجنازة. وقد ضجت لوفاته كثير من البلاد الإسلامية فكتبت عنه الصحف والمجلات وأقيمت على روحه مجالس الفاتحة في كثير من البلاد داخل العراق وخارجه.
وكان رحيل الشيخ عبد الزهرة فلاح الكعبي في الخامس عشر من شهر مجادي الأولى عام 1394 هـ ، وكانت تلك الليلة ليلة أليمة في كربلاء المقدسة، وكان يوم الخامس عشر من شهر جمادي الألى يوماً مشهوداً في مدينة الإمام الحسين عليه السلام.
فقد زحفت الحشود المؤمنة من كل صوب وحدب للإشتراك في تشييع جثمان الفقيد الراحل عبر الخط الطويل من بيته الكائن في (حي الحسين) إلى مرقده في (الوادي) مروراً بالمغتسل في محلة (المخيم) وبالروضتين الحسينية والعباسية ضج لوفاته الكثير من البلاد الإسلامية.
وكتبت عنه الصحف والمجلات وأقيمت على روحه مجالس الفاتحة في العديد من المدن العراقية والدول الاسلامية منها بغداد والبصرة والناصرية والعمارة وكربلاء والنجف والسماوة، إضافة الكويت وبيروت وطهران وقم.
المجاهد الشيخ عبد الزهراء الكعبي
====================
صوتُ لعله لا يتكرر على مساحة الزمان ، وامتد لآزمان لم يعشها ، لانه صوت صدح بالحق وقال به وملأ الارجاء حزنا وألما ، صوت وثق لواقعة كربلاء بما لم يأت بمثله أحد قبله ولا بعده مثله ، حتى صار صوته مقترنا بالمقتل وبيوم مرد الرؤوس ، صوت للزهراء ولابنها ، رحم الله شيخنا المجاهد وحشره مع من أحب من آل محمد آمين يا رب العالمين .
مولده ونشأته
هو الشيخ عبد الزهرة بن فلاح بن عباس بن وادي آل منصور الكعبي. نزحت أسرته من المشخاب واستوطنت كربلاء. ولد الشهيد الكعبي في مدينة المشخاب في يوم العشرين من شهر جمادى الآخر عام 1327هـ الموافق 8 يوليو 1909م، في يوم ذكرى مولد الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء عليها السلام ولذلك سمي بـ (عبد الزهرة).
نشأ وترعرع في ربوع كربلاء المقدسة وتعلم القراءة والكتابة وحفظ القرآن الكريم في سن مبكر خلال ستة أشهر على يد المرحوم الشيخ محمد السراج في الصحن الحسيني الشريف، وفي علم العروض على يد الشيخ عبد الحسين الحويزي، ثم أصبح من أساتذه الحوزة العلمية الشريفة في كربلاء حيث كان يلقي دروسه في الفقه الإسلامي واللغة العربية وفن الخطابة على عدد من طلبة الحوزة والعلوم الدينية وتولى التدريس في مدرسة الإمام القائم ومدرسة السيد المجدد الشيرازي ومدرسة (باد كوبة) الدينية وغيرها كما درس الأحاديث النبوية وخطب نهج البلاغة.
حضر مباديء العلوم على الحجة الشيخ علي بن فليح الرماحي، ثم درس الفقه والأصول على العلامة الشيخ محمد داود الخطيب، وأخذ المنطق والبلاغة على العلامة الحجة الشيخ جعفر الرشتي.
أما الخطابة فقد أخذها على الخطيبين الجليلين الشيخ محمد مهدي المازندراني الحائري المعروف بـ(الواعظ) وخطيب كربلاء الأوحد الشيخ محسن بن حسن أبو الحب الخفاجي ثم برع فيها واشتهر، وذاع صيته في الآفاق مخلصاً متفانياً في خدمة الإمام الحسين سيد الشهداء عليه السلام.
فكانت له المجالس العامرة بالجماهير من الرجال والنساء والأطفال في مساجد كربلاء وحسينياتها ودورها وأسواقها فضلاً عن مجالسه في مدن العراق الأخرى مثل بغداد والنجف الأشرف والحلة والدجيل والمشخاب والبصرة والديوانية والشطرة والمجر الكبير والأهواز.
وقد سافر لعدد من الدول العربية من أجل التبليغ بإشارة من مراجع الدين العظام أمثال آية الله السيد محسن الحكيم وآية الله السيد الشيرازي وبعض أهل العلم والفضيلة فذهب إلى مملكة البحرين والقطيف والأحساء وجنوب إيران وغيرها من البلدان خارج العراق. ونال إعجاب المستمعين وتأثرهم بمجالسه، لما له من دور متميز في هذا الفن، فضلاً عن سجاياه الحميدة وطباعه الكريمة التي شهد بها له الصديق والعدو والقريب والبعيد.
المقتل الحسيني يبث في إذاعة بغداد
كان يرقى المنبر في يوم العاشر من المحرم بجوار الصحن الحسيني الشريف ويقرأ قصة مقتل الإمام الحسين ( ع ) كاملة، وفي عام 1379 هـ قابل الشيخ ومعه السيد مهدي الحكيم نجل آية الله العظمى السيد محسن الحكيم وبعض رجال العلم مدير اذاعة يغداد طالبين اليه بث المقتل من الإذاعة في بغداد ولم يكونوا على ثقة أن مدير الإذاعة سيفي بما وعدهم به وفي صبح العاشر من تلك السنة أذيعت قصة مقتل الإمام الحسين ( ع ) بصوت الشيخ عبد الزهراء الكعبي وكانت المفاجأة أن المقتل أعيد بثه في مساء اليوم نفسه ولما سألوا عن سبب الإعادة أعلن مدير الإذاعة أن نحو 14 ألف طلب انهمر على الإذاعة خلال ساعات قليلة من مختلف المدن ومن مختلف طبقات المجتمع تطالب بإعادة بث المقتل رغم أنه يستغرق نحو 3 ساعات وهكذا ظل صوت الشيخ عبد الزهراء الكعبي يُبث من إذاعة بغداد ثم من إذاعة الأهواز كما بثت إذاعة الكويت مقاطع من المقتل أيضاً.
وقد أكسب هذا البث الشيخ عبد الزهراء الكعبي شهرة كبيرة ولكنها لم تغير من صفاته وأخلاقه شيئاً فبقى الشيخ الكعبي كما هو عابداً متواضعاً بسيطاً يبذل الجهد والمال في خدمة الناس ويعلم الطلبة المبتدئين ويدرب صغار الخطباء ولا يبخل عليهم بالنصح والتوجيه والعلم
دروس وخطباء
امتاز الشهيد الكعبي (قدس سره) بقدرته المنبرية الفائقة المتمثلة في قوة البيان والشجاعة في عرض الأفكار المقدسة للإسلام الحنيف وفي مهمة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، كما كان مهتم بحفظ القرآن الكريم، والتأكيد على حفظ الأحاديث الشريفة للنبي وأهل بيته الكرام (عليهم السلام) بنصها، فضلاً عن اهتمامه بالجانب الأدبي بانتقائه البليغ من عيون الشعر .
وقد هيأ الشهيد الشيخ الكعبي (قدس سره) جيلاً من الخطباء البارعين بخطاباتهم وتأثيرهم في المجتمع، فكان يؤكد عليهم في دروسه بالاهتمام بالمنبر الشريف ومقوماته وعوامل التوفيق لخدمته المقدسة، فتخرج من تحت منبره ودرسه عدد من الخطباء الكبار يربو عددهم على (300) خطيب حسيني بارع منتشرون في البلاد الإسلامية أمثال الشيخ ضياء الشيخ حمزة الزبيدي والخطيب الشيخ على الساعدي والخطيب الشيخ عبد الرضا الصافي والخطيب الشيخ عبد الحميد المهاجر والسيد محمود الخطيب والشيخ أحمد عصفور وغيرهم.
جهاده ومعاناته
عُرف (قدس سره) بإخلاصه وتفانيه في خدمة أهل البيت (عليهم السلام) و كان زاهداً في الدنيا وحطامها، فلقد كان معروفاً بجهاده أينما حل، ومناهضته ضد الباطل والانحراف والظلم والجور والتعدي مهما كانت نتائجه والمعاناة بسببه حيث المضايقة من قبل الطغاة وأعوانهم لمن سلك هذا السبيل المقدس المناصر للحق على مر العصور كما هو معروف.
وقد نقل عن جهاده ومواقفه الشيخ ضياء الزبيدي وهو من تلامذته قائلاً: (تم اعتقال الشهيد السيد حسن الشيرازي (قدس سره) من قبل السلطة البعثية الجائرة في العراق. فبادر بعض خطباء كربلاء برفع برقية إلى (البكر) طالبين إطلاق سراح السيد، فما كان من السلطة إلا أصدرت أمراً باعتقال الموقعين على البرقية وهم الشيخ عبد الزهرة الكعبي، الشيخ حمزة الزبيدي، السيد كاظم القزويني والسيد مرتضى القزويني والشيخ عبد الحميد المهاجر.
فتمكنت السلطة من اعتقال الشيخ الكعبي والشيخ حمزة الزبيدي واختفى الآخرون. فكان اعتقال الكعبي والزبيدي في دائرة أمن كربلاء لمدة ثلاثة أيام نُقلا بعدها إلى مركز أمن (الحرية) ثم مديرية الأمن العامة في بغداد. بعدها تم نقلهما إلى سجن (بعقوبة) حيث حكم عليهما بالحجز الاحترازي لمدة أربعة أشهر أُطلق سراحهما بعدها وذلك عام 1969م.
الكعبي الاديب والشاعر
ومن خلال قراءتك لمقالاته المنشورة في المجلات الكربلائية كصوت المبلغين وغيرها تظهر لك قابليته الإبداعية ، فكان من أئمة العربية طويل الباع ، حسن الاختيار ، غزير المادة . له اليد الطولى في النظم والنثر . وكفى بها شاهداً على علو همته ورفعة مقامه بين خطبائنا الأفاضل بما تركه من آثار نافعة وفوائد جمة ، ومنها ديوان شعره المخطوط الموسوم بـ(دموع الأسى) إضافة إلى مخطوطات أخرى له محفوظة في مكتبته العامرة التي يزيد عدد كتبها على عشرة آلاف كتاب. كما ذكر ذلك ايضا المرجاني في كتابه خطباء المنبر الحسيني
استشهاده
ولا يزال يواصل مسيرته الجهادية المقدسة، سيما جهاده المنبري الذي كان مدوياً، ولم يكترث فيه من مضايقات الطغاة وأساليبهم القمعية الإرهابية، فما كان منهم إلا أن سخّروا بعض جلاوزتهم لدسّ السمّ القاتل إليه في القهوة التي قدمت له في مجلس فاتحة حضره الشيخ الكعبي وبعض تلامذته، فرجع إلى مجلسه في صحن العباس (عليه السلام) وأثناء قراءته أصابته حالة إغماء سقط على أثرها من على المنبر وفي طريقه إلى المستشفى عرجت روحه الطاهرة إلى ربها راضيةً مرضية في ليلة شهادة فاطمة الزهراء عليها السلام في يوم 13 جمادى الأولى سنة 1394هـ الموافق 3 يونيه 1974م، أعقب الشهيد الكعبي (قدس سره) ولدين هما (علي، عبد الحسين).
تشييعه
كان يوماً مشهوداً في مدينة كربلاء بل في العراق، فقد زحفت الجماهير من كل حدب وصوب للاشتراك في تشييع جثمانه المقدس عبر الخط الطويل من داره إلى مرقده في الوادي القديم بعد إتمام الزيارة والصلاة عليه.
وكانت مراسيم تشييعه مشابهةً تماماً لمراسيم تشييع مراجع الدين الكبار، حيث وضع جثمانه في (العماري) وهي نعش خشبي كبير يوضع فيه التابوت احتراماً للمتوفى. ثم انطلقت المسيرات العزائية الحزينة في مقدمة الجنازة. وقد ضجت لوفاته كثير من البلاد الإسلامية فكتبت عنه الصحف والمجلات وأقيمت على روحه مجالس الفاتحة في كثير من البلاد داخل العراق وخارجه.
وكان رحيل الشيخ عبد الزهرة فلاح الكعبي في الخامس عشر من شهر مجادي الأولى عام 1394 هـ ، وكانت تلك الليلة ليلة أليمة في كربلاء المقدسة، وكان يوم الخامس عشر من شهر جمادي الألى يوماً مشهوداً في مدينة الإمام الحسين عليه السلام.
فقد زحفت الحشود المؤمنة من كل صوب وحدب للإشتراك في تشييع جثمان الفقيد الراحل عبر الخط الطويل من بيته الكائن في (حي الحسين) إلى مرقده في (الوادي) مروراً بالمغتسل في محلة (المخيم) وبالروضتين الحسينية والعباسية ضج لوفاته الكثير من البلاد الإسلامية.
وكتبت عنه الصحف والمجلات وأقيمت على روحه مجالس الفاتحة في العديد من المدن العراقية والدول الاسلامية منها بغداد والبصرة والناصرية والعمارة وكربلاء والنجف والسماوة، إضافة الكويت وبيروت وطهران وقم.