moussawi
28-10-2012, 07:45 PM
بائعة الورد
هو الربيع إن هبت عليه العاصفة وبعثرت زهراته يفوح أريج زهوره وتندمج بين رمال العاصفة فتتبعثر وتتلاشى في كل مكان ,وبعد الهدوء يختفي الزهر ويصبح الربيع فعل ماضي فتدخل الأرض في ثبات عميق حتى يطل الربيع في العام المقبل.
من البائع ؟هل هي التي تبيع الورد أم الورد هو الذي يبيع برائتها ونعومة أضلاعها ؟
لم تكن الوحيدة في الشارع ولكنها الوحيدة التي لفتت نظري وأنا لفت نظرها أيضا فكانت تلحق بي كل يوم تركض خلفي لعشرات الأمتار تمل من عدم مبالاتي لها تستسلم لقدرها فتعود حزينة إلى حيث يجتمعن صديقاتها البائعات كي يرصدن زبون آخر يدفع لهن ثمن ما يشتريه من ورودهن.
لقد اعتدت عليها كل يوم فكانت بإنتظاري أمام المنزل لقد أصبحت من روتين حياتي الذي أعيشه لأنها لم تتغيب يوما رغم أنني لم أشتري منها بتاتا كنت خارجا إلى عملي كالعادة فوجدتها منتظرة في نفس المكان, أكملت مسيري ولكنها اعترضت طريقي هذه المرة وكانت مصرة على أن أشتري منها شيأ لم أبالي لها إنما أسرعت في خطواتي ورأسي مصوبا إلى الأرض لم أثير لها اي اهتمام أما هي فكانت تقاوم عدم مبالاتي لها فبدأت تقفز أمامي كأرنب مطارد وكانت تقول أرجوك يا سيدي خذ وردة لحبيبتك, فقلت لها ليس لدي حبيبة فقالت إذن وردة لوالدتك. يا إلهي لقد انتصرت علي هذه المرة فقررت أن أتوقف و أجبر بخاطرها حدقت بقدماها الشبه عارية وكان نظري يرتفع تدريجيا إلى ثوب نومها الممزق رفعت نظري أكثر والصدمة تأكل وجهي إنها المرة الأولى التي أراها فيها عن قرب كيف لم ألاحظ هذا؟ عيناها كانت زرقاوتان وشعرها كان أشقر وبالرغم من عدم تسريحها لشعرها وعدم تنظيف ملابسها صدقوني أنها كانت آية من الجمال. مسكت بيداها الصغيرتين وضممت جسدها النحيل إلى صدري شعرت ببرودة قلبها وحسرت روحها نظرت إلى عيناها ثانية فوجدتها تذرف الدموع فمسحتها براحة يدي وقلت لها لا تبكي يا بنيتي .
نظرت إلي وقالت: هل ستشتري وردة يا سيدي؟
قلت :نعم نعم سأشتري فسألتها عن أنواع الورود التي تحملها.
إبتسمت وقالت :معي وردة رنا ومعي وردة سمر,
ولكنني أنصحك يا سيدي أن تشتري وردة أمل.
ماذا !!رنا سمر ووردة أمل أيضا؟
هذه أول مرة أسمع بهذه الأسماء!!
حملت وردة أمل وأنا مبتسم وقلت لها هذه وردة ياسمين وليست وردة أمل
قالت لا يا سيدي هذه وردة أمل.
وكانت مصرة على ذلك.
حسنا ولكن من قال لك هذا؟
أنا أسميتها يا سيدي.
ضحكت ولكنني أخفيت ضحكتي كي لا أحرجها.
ثم سألتها ثانية ولكن مالسبب لتبديلك أسماء هذه الورود؟
قالت أمل هو اسم ماما وسمر هو اسم أختي ورنا أيضا على إسم اختي الصغيرة.
كانت تخبرني والدموع تلف وجهها .
لقد صدمتني ولكن قصتها غريبة فأصريت على معرفة المزيد عنها.
وأين أمك ؟ فبدأت تتمتم... بكلمات مبهمة وفي نهاية تمتمتها رفعت رأسها تجاهي وقالت لقد ذهبت. وإلى أين ذهبت ؟ هيا اخبريني يا صغيرتي؟نظرت إلي بعيون يغلب عليها الحزن المغمس بالدموع وقالت لقد ذهبت إلى حيث القمر والنجوم ولكنها تأخرت يا سيدي ترى هل تعرف متى ستعود؟ آآآه وحسرتاه ضممتها إلى صدري وسألتها عن والدها فقالت : والدي هو الذي أجبرني على العمل كبائعة ورد كي أجمع له النقود لتكفيه ثمن زجاجة خمر يستأنس بها طوال الليل نعم يا سيدي وإن لم أجمع المبلغ المطلوب انا وأخواتي سوف يضربنا ويجعل من جلدنا طعام للقطط نعم هكذا قال يا سيدي. كنت متأثرا من داخلي ولكن ماذا عساي أن أفعل . أعطيتها النقود وأكملت سيري بإتجاه عملي وصورتها لم تفارق مخيلتي طوال النهار ومنذ ذالك اليوم بدأت أشتري منها وردة أمل يوميا. كنت أحس بالشفقة عليها فكنت من بعد أن أشتري الوردة المغمسة بدموع تلك الطفلة أضعها في الماء كي تكون أمل في إيجاد حل لهذه الطفلة البريئة. كانت والدتي تسألني عن سبب شرائي لوردة أمل يوميا فكنت أقول لها أن تلك الوردة تروقني كثيرا وتعطيني إحساس جميل. كانت ساعات الفجر تلامس البزوغ حتى تغير الجو خارجا وبدون سابق إنذار هبت رياح الشمال حاملة معها ثلوج قاتلة فغمرت المدينة بأكملها أما الهواء فلم يكن عادي بل كان يحمل في طياته صقيعا جعل الزجاج يتكسر والحجارة تتفتفت .
بقيت أسير المنزل لمدة أربعة أيام فما من عاقل يخرج في مثل هذا الجو القاتل.
إنحسرت العاصفة وطلت الشمس بخجل من خلف غيوم سوداء فعاد للمدينة نشاطها خرج أهلها الذين انسجنوا لفتح الطرقات وتنظيف الثلج من أمام المنازل كنت انا مثلهم حاملا {للرفش} كي أنظف ممر منزلنا ,وعند الظهيرة قاربت على الإنتهاء من العمل بقي ممر البوابة الرئيسية, فبدأت بتنظيف الثلج من حولها وتوقفت وتوقفت قواي عن العمل لحظة رؤيتي لوردة تطل من بين الثلوج دنوت منها فأدركت أنها وردة أمل . حاولت نزعها فلم أفلح, نظفت الثلج من حولها وحاولت نزعها ثانية فلم أفلح أيضا غريب أمرها وكأنها معلقة بشيىء.
رفعت باقي الثلوج حول تلك الوردة .......فوجدت
كيف سأخبركم عما وجدت كيف سأعبر لكم عن ذالك المشهد المروع عن إحساسي بالذنب والندم لقد وجدت يد طفلة فأدركت أنها بائعة الورد فمن غيرها يحمل وردة أمل ؟ رفعت الثلوج كاملة وإذ ببائعة الورد راقدة أمام منزلي وفي يدها اليمنى وردة أمل الوردة التي كنت أشتريها منها يوميا, أما في يدها اليسرى فكانت حاملة وردة رنا ووردة سمر وقد ضمتهما إلى صدرها ربما كانت تحاول حمايتهما من البرد القاتل. أما وردة أمل فرفعتها كي لا يقتلها الثلج فكانت تقول أن روح أمها تعيش بداخلها. ربما كانت تنتظرني وربما طال انتظاري والبائعة لم تمل وبقيت تنتظر طيلة أربعة أيام لعلي ألحظ وجودها أو لعلي أحميها.
نعم الذنب ذنبي كان من المفترض ان أتذكرها ليلة هبوب العاصفة ليلة تساقط الثلج يا للأسف ما ينفع الندم الآن. طلبت الإسعاف رغم انني لم أحس بأي نبض ينذر بالحياة داخلها .نعم لقد فارقت الحياة وما بقي من أثرها سوى الورود التي كانت تحملها .آسف يا بائعة الورد لقد ظلمتك ولكنني أعدك أنني سأشتري ورود الأمل يوميا من البائعات المتواجدات في الساحات والأزقة .وربما تكون اخواتك من بينهن نعم سوف أشتري كل الورود وسأوزعها على كل منزل في هذه المدينة وسأخبر الناس عنك وعن برائتك . ربما يستيقظون ويصحون من غفلتهم ويشترون معي ورود الأمل جميعها كي لا يبقى بائعات في الشوارع وحقا فعلت كما وعدتها وأسست جمعية مع بعض المتطوعين وأسميتها وردة أمل.
عزيزي القارىء هذه القصة ليست لملىء وقت الفراغ إنما هي رسالة لإنسانيتك لكيانك وإحساسك لا تنتظر الغد إنما اليوم تحرك واشتري وردة أمل من أيادي الأطفال ولنزرعها سويا كي لا نرتكب المزيد من الجرائم بحق الأطفال المشردين
اخواني أخواتي اتمنى أن تكونوا قد استمتعتم بقراءة هذه القصة المتواضعة كما أعدكم بقصص جديدة ومميزة نسألكم التوفيق والدعاء كما ننتظر ردودكم وانتقاداتكم والسلام
موسوي (عاشق حزين )
هو الربيع إن هبت عليه العاصفة وبعثرت زهراته يفوح أريج زهوره وتندمج بين رمال العاصفة فتتبعثر وتتلاشى في كل مكان ,وبعد الهدوء يختفي الزهر ويصبح الربيع فعل ماضي فتدخل الأرض في ثبات عميق حتى يطل الربيع في العام المقبل.
من البائع ؟هل هي التي تبيع الورد أم الورد هو الذي يبيع برائتها ونعومة أضلاعها ؟
لم تكن الوحيدة في الشارع ولكنها الوحيدة التي لفتت نظري وأنا لفت نظرها أيضا فكانت تلحق بي كل يوم تركض خلفي لعشرات الأمتار تمل من عدم مبالاتي لها تستسلم لقدرها فتعود حزينة إلى حيث يجتمعن صديقاتها البائعات كي يرصدن زبون آخر يدفع لهن ثمن ما يشتريه من ورودهن.
لقد اعتدت عليها كل يوم فكانت بإنتظاري أمام المنزل لقد أصبحت من روتين حياتي الذي أعيشه لأنها لم تتغيب يوما رغم أنني لم أشتري منها بتاتا كنت خارجا إلى عملي كالعادة فوجدتها منتظرة في نفس المكان, أكملت مسيري ولكنها اعترضت طريقي هذه المرة وكانت مصرة على أن أشتري منها شيأ لم أبالي لها إنما أسرعت في خطواتي ورأسي مصوبا إلى الأرض لم أثير لها اي اهتمام أما هي فكانت تقاوم عدم مبالاتي لها فبدأت تقفز أمامي كأرنب مطارد وكانت تقول أرجوك يا سيدي خذ وردة لحبيبتك, فقلت لها ليس لدي حبيبة فقالت إذن وردة لوالدتك. يا إلهي لقد انتصرت علي هذه المرة فقررت أن أتوقف و أجبر بخاطرها حدقت بقدماها الشبه عارية وكان نظري يرتفع تدريجيا إلى ثوب نومها الممزق رفعت نظري أكثر والصدمة تأكل وجهي إنها المرة الأولى التي أراها فيها عن قرب كيف لم ألاحظ هذا؟ عيناها كانت زرقاوتان وشعرها كان أشقر وبالرغم من عدم تسريحها لشعرها وعدم تنظيف ملابسها صدقوني أنها كانت آية من الجمال. مسكت بيداها الصغيرتين وضممت جسدها النحيل إلى صدري شعرت ببرودة قلبها وحسرت روحها نظرت إلى عيناها ثانية فوجدتها تذرف الدموع فمسحتها براحة يدي وقلت لها لا تبكي يا بنيتي .
نظرت إلي وقالت: هل ستشتري وردة يا سيدي؟
قلت :نعم نعم سأشتري فسألتها عن أنواع الورود التي تحملها.
إبتسمت وقالت :معي وردة رنا ومعي وردة سمر,
ولكنني أنصحك يا سيدي أن تشتري وردة أمل.
ماذا !!رنا سمر ووردة أمل أيضا؟
هذه أول مرة أسمع بهذه الأسماء!!
حملت وردة أمل وأنا مبتسم وقلت لها هذه وردة ياسمين وليست وردة أمل
قالت لا يا سيدي هذه وردة أمل.
وكانت مصرة على ذلك.
حسنا ولكن من قال لك هذا؟
أنا أسميتها يا سيدي.
ضحكت ولكنني أخفيت ضحكتي كي لا أحرجها.
ثم سألتها ثانية ولكن مالسبب لتبديلك أسماء هذه الورود؟
قالت أمل هو اسم ماما وسمر هو اسم أختي ورنا أيضا على إسم اختي الصغيرة.
كانت تخبرني والدموع تلف وجهها .
لقد صدمتني ولكن قصتها غريبة فأصريت على معرفة المزيد عنها.
وأين أمك ؟ فبدأت تتمتم... بكلمات مبهمة وفي نهاية تمتمتها رفعت رأسها تجاهي وقالت لقد ذهبت. وإلى أين ذهبت ؟ هيا اخبريني يا صغيرتي؟نظرت إلي بعيون يغلب عليها الحزن المغمس بالدموع وقالت لقد ذهبت إلى حيث القمر والنجوم ولكنها تأخرت يا سيدي ترى هل تعرف متى ستعود؟ آآآه وحسرتاه ضممتها إلى صدري وسألتها عن والدها فقالت : والدي هو الذي أجبرني على العمل كبائعة ورد كي أجمع له النقود لتكفيه ثمن زجاجة خمر يستأنس بها طوال الليل نعم يا سيدي وإن لم أجمع المبلغ المطلوب انا وأخواتي سوف يضربنا ويجعل من جلدنا طعام للقطط نعم هكذا قال يا سيدي. كنت متأثرا من داخلي ولكن ماذا عساي أن أفعل . أعطيتها النقود وأكملت سيري بإتجاه عملي وصورتها لم تفارق مخيلتي طوال النهار ومنذ ذالك اليوم بدأت أشتري منها وردة أمل يوميا. كنت أحس بالشفقة عليها فكنت من بعد أن أشتري الوردة المغمسة بدموع تلك الطفلة أضعها في الماء كي تكون أمل في إيجاد حل لهذه الطفلة البريئة. كانت والدتي تسألني عن سبب شرائي لوردة أمل يوميا فكنت أقول لها أن تلك الوردة تروقني كثيرا وتعطيني إحساس جميل. كانت ساعات الفجر تلامس البزوغ حتى تغير الجو خارجا وبدون سابق إنذار هبت رياح الشمال حاملة معها ثلوج قاتلة فغمرت المدينة بأكملها أما الهواء فلم يكن عادي بل كان يحمل في طياته صقيعا جعل الزجاج يتكسر والحجارة تتفتفت .
بقيت أسير المنزل لمدة أربعة أيام فما من عاقل يخرج في مثل هذا الجو القاتل.
إنحسرت العاصفة وطلت الشمس بخجل من خلف غيوم سوداء فعاد للمدينة نشاطها خرج أهلها الذين انسجنوا لفتح الطرقات وتنظيف الثلج من أمام المنازل كنت انا مثلهم حاملا {للرفش} كي أنظف ممر منزلنا ,وعند الظهيرة قاربت على الإنتهاء من العمل بقي ممر البوابة الرئيسية, فبدأت بتنظيف الثلج من حولها وتوقفت وتوقفت قواي عن العمل لحظة رؤيتي لوردة تطل من بين الثلوج دنوت منها فأدركت أنها وردة أمل . حاولت نزعها فلم أفلح, نظفت الثلج من حولها وحاولت نزعها ثانية فلم أفلح أيضا غريب أمرها وكأنها معلقة بشيىء.
رفعت باقي الثلوج حول تلك الوردة .......فوجدت
كيف سأخبركم عما وجدت كيف سأعبر لكم عن ذالك المشهد المروع عن إحساسي بالذنب والندم لقد وجدت يد طفلة فأدركت أنها بائعة الورد فمن غيرها يحمل وردة أمل ؟ رفعت الثلوج كاملة وإذ ببائعة الورد راقدة أمام منزلي وفي يدها اليمنى وردة أمل الوردة التي كنت أشتريها منها يوميا, أما في يدها اليسرى فكانت حاملة وردة رنا ووردة سمر وقد ضمتهما إلى صدرها ربما كانت تحاول حمايتهما من البرد القاتل. أما وردة أمل فرفعتها كي لا يقتلها الثلج فكانت تقول أن روح أمها تعيش بداخلها. ربما كانت تنتظرني وربما طال انتظاري والبائعة لم تمل وبقيت تنتظر طيلة أربعة أيام لعلي ألحظ وجودها أو لعلي أحميها.
نعم الذنب ذنبي كان من المفترض ان أتذكرها ليلة هبوب العاصفة ليلة تساقط الثلج يا للأسف ما ينفع الندم الآن. طلبت الإسعاف رغم انني لم أحس بأي نبض ينذر بالحياة داخلها .نعم لقد فارقت الحياة وما بقي من أثرها سوى الورود التي كانت تحملها .آسف يا بائعة الورد لقد ظلمتك ولكنني أعدك أنني سأشتري ورود الأمل يوميا من البائعات المتواجدات في الساحات والأزقة .وربما تكون اخواتك من بينهن نعم سوف أشتري كل الورود وسأوزعها على كل منزل في هذه المدينة وسأخبر الناس عنك وعن برائتك . ربما يستيقظون ويصحون من غفلتهم ويشترون معي ورود الأمل جميعها كي لا يبقى بائعات في الشوارع وحقا فعلت كما وعدتها وأسست جمعية مع بعض المتطوعين وأسميتها وردة أمل.
عزيزي القارىء هذه القصة ليست لملىء وقت الفراغ إنما هي رسالة لإنسانيتك لكيانك وإحساسك لا تنتظر الغد إنما اليوم تحرك واشتري وردة أمل من أيادي الأطفال ولنزرعها سويا كي لا نرتكب المزيد من الجرائم بحق الأطفال المشردين
اخواني أخواتي اتمنى أن تكونوا قد استمتعتم بقراءة هذه القصة المتواضعة كما أعدكم بقصص جديدة ومميزة نسألكم التوفيق والدعاء كما ننتظر ردودكم وانتقاداتكم والسلام
موسوي (عاشق حزين )