علاء ناصر حسين
29-10-2012, 05:20 PM
ملح الطعام ماذا تعرف عنه ؟
http://www.alshiaclubs.com/upload//uploads/images/alshiaclubs-06dfd54350.jpg
ملح الطعام مادة أساسية في حياتنا اليومية
منذ متى استخدم الانسان الملح في طعامه
وما هو مصدر هذه المادة ؟
يرجع استخدام الملح إلى بدايات عصر النولتة ، أي إلى بدايات عصر التدجين والزراعة قبل نحو عشرة آلاف سنة في منطقة الشرق الأدنى . ومن المرجح أن سكان وادي الرافدين ووادي النيل كانوا من أوائل الذين استعملوا هذه المادة التي استخلصوها من مناجم صخرية طبيعية .
واستخلصت معظم الحضارات القديمة هذه المادة وبخاصة في الصين والهند وحوض المتوسط. وتشكل البحار والمحيطات التي تصل نسبتها إلى 70 % من سطح الكوكب ، والتي يصل فيها التركيز الوسطي لكلور الصوديوم إلى نحو 30 غرام في الليتر، مصدراً هائلاً للملح . ويمكن أن يكون الملح الذي نجده على مائدتنا من مصادر مختلفة . فقد أمكن الحصول عليه بواسطة تبخير مياه البحر في الهواء الطلق ضمن سبخات مالحة ، عندما يسمح المناخ بذلك ، أي عندما لا تقطع الهطولات فترات التشمس . ويعتبر هذا النوع من المحصول أشبه بالمحاصيل الزراعية لأنه يرتبط بالفصول ، وهو أيضاً شكل من أشكال الافادة من الطاقة الشمسية بشكل ناجح . وهناك بعض البحار ذات الملوحة العالية ( كالبحر الميت وبحر البلطيق ... ) وذلك لأن عملية البخر فيها أعلى من نسب الأملاح المعدنية التي تأتي بها الانهار بعد غسيل الأمطار للتربة . وعندما تصل هذه العملية إلى اقصاها لا يبقى في مكان البحر أو البحيرة سوى طبقة الملح المتراكم .
وعبر العصور الجيولوجية تُغطَى هذه الطبقات الملحية بالرواسب الأكثر كثافة . وهكذا تتشكل مناجم من الملح المتحجر يمكن الوصول إليها اليوم عبر آبار . وهناك نوع خاص من هذا المخزون هو الديابير الذي يمكن أن يصل حجم الواحد منها إلى عدة كيلومترات . وهي عبارة عن كتل الملح البحري الأخف من الصخور التي هاجرت باتجاه السطح ، مشكلة ما يسمى بالفطور الملحية العملاقة . وتتم هذه الحركة البطيئة على المستوى المجهري بانزلاق السويات الذرية على طول خط تفكك البورات . وهذه الصخور الملحية هي التي يتم استهلاكها . ويمكن أن يأتي الملح أيضاً من منابع ملحية أو عن طريق الاستخراج الصنعي بحقن الماء المغلي في مناجم الملح الصخري .
وقد نتساءل أيضاً من أين يأتي الطعم المالح ؟
ولماذا لون الملح أبيض ؟
يتألف الملح كيميائياً في حالته النقية من كلور الصوديوم (NaCl) . ولكنه في حالته التجارية يمكن أن يشتمل على مركبات أخرى ( الصلصال ، الرمل ، سلفات الكالسيوم أو المغنيزيوم ، يود البوتاسيوم ) وذلك بكميات مختلفة . إن المذاق الذي تتحسسه مستقبلات الذوق ، وهي تقع داخل الحليمات الذوقية في مقدمة اللسان ، هو عبارة عن شوارد الصوديوم الموجبة في الملح . فهي تتثبت على بروتينات مستقبِلة ، وينتج عن ذلك بعد عدة مراحل إشارة باتجاه الدماغ . فإذا كنا حساسين جداً لطعم الملح فذلك بلا ريب بسبب الحجم الصغير جداً لشوارد الصوديوم ، فهي تتحلل حتى بكميات بسيطة بحيث أنها تصل بسهولة إلى مستقبلات الذوق .
أما لون الملح فليس أبيضاً كما نعتقد . ولكنه عندما يكون نقياً جداً ومبلوراً بشكل كامل فإن بلورة الملح تكون شفافة . وبالتالي فإن عدم الصفاء في بلورات الملح ناجم عن المواد الشائبة فيه وأولها الماء ، وهي المسؤولة عن تلوينه باللون الأبيض ، وذلك عبر انعكاس وانتثار الضوء داخل هذه البلورات . ولهذا فإن بعض أنواع الملح يتصف بلون مختلف عن الذي نألفه ، ومنها الملح الرمادي بسبب وجود شوائب رئيسيبة فيه من الصلصال ومعادن مختلفة .
هل يقتل الملح حقاً أنواعاً من الرخويات كالحلزونات ولماذا ؟
وما مدى تأثير الملوحة الزائدة على الانسان ؟
لو رششنا ملحاً على أحد أنواع الحلزونات الرخوية فسنجده بعد حين ميتاً في بقعة من الماء المالح . إن خلايا هذا الحيوان هي أنواع من المحافظ المجهرية تحتوي على محلول مائي . وجدران هذه الخلايا ، أو الأغشية ، هي جدران نفوذة . وعندما يفصل غشاء خلوي بين محفظتين إشباعهما بالملح مختلف، فإن نفوذيتها تسمح لهما بالاتصال : وهكذا ينتقل الماء من المحلول الأقل ملوحة إلى المحلول الأكثر ملوحة . وتسمى هذه الظاهرة بالتناضح أو بالارتشاح الغشائي . وتفقد الرخويات الكثير من الماء الذي تنضحه خلاياها عندما تحاول أن تُحل الملح المحيط بها والذي شكل عبئاً عليها مما يؤدي إلى موتها بسبب النقص الشديد بالماء في جسمها . وهذا السبب نفسه هو الذي يؤدي إلى إسالة ماء القثاء أو الخيار ، فإذا كان الوسط المحيط به مالحاً جداً فإنه يخرج ماءه من أجل تعديل الوسطين . ويزداد ويتسارع هذه التسييل للماء إلى الخارج بوجود الشمس وارتفاع درجة الحرارة . والانسان ليس بمنأى عن أثر هذه الظاهرة . إن السائل الدموي الانساني يشتمل وسطياً على 8 غرام من الملح في الليتر ، ويصل تركيز الملح في خلايا الانسان إلى 3 غ في الليتر . وبالتالي فإن حقن ماء البحر الأكثر ملوحة ( بنسبة 30 غ / ليتر ) يمكن أن يكون ساماً : فهو يسبب الجفاف الشديد . وهذا أحد الأخطار التي تهدد الناجين من الغرق . ومع ذلك فقد برهن أحد العلماء المتطوعين أنه يمكن العيش على كميات قليلة جداً من ماء البحر . وبالمقابل فإن بعض المتعضيات تأقلمت مع تغيرات مفاجئة في درجات الملوحة . وهذا هو بشكل خاص حال الأسماك المهاجرة (مثل الأنقليس والسلمون) التي تنتقل باستمرار من المحيطات ذات الماء المالح إلى الأنهار ذات الماء العذب . ففي ماء البحر تكون كافة هذه الأسماك مخففة التناضح : فتركيز الملح فيها ليس أكثر من ثلث تركيز ماء البحر ، ويتم التخلص من الملح الذي يمتصه الحيوان بواسطة البول أو الغلاصم . وعندما يصل إلى الماء العذب تنعكس ظاهرة نقل الايونات ، إذ تمتص الغلاصم الملح .
لماذا يُملح الطعام ؟
ولماذا يرش الملح على الثلج المتراكم على الطرقات ؟
إذا وضع الملح بكميات كبيرة نسبياً فإنه يقتل معظم البكتريا . وقد لاحظ الانسان القديم هذه الميزة منذ عصور سحيقة ، فاستخدم الملح من أجل حفظ اللحوم الفائضة . وهكذا كان الملح يحل محل التبريد القديم هو أيضاً في حفظ المواد الغذائية . ولا تزال هذه الطريقة مستخدمة حتى اليوم ضد التحلل البكتيري . وبالمقابل فللملح استخدامات أخرى كثيرة وبخاصة في الصناعات الكيميائية . كذلك فهو يُعد أساسياً في عمليات فتح الطرقات الجليدية . فليس للماء المالح درجة حرارة غليان أعلى من الماء النقي فقط ، بل وأيضاً درجة حرارة ذوبان أقل لحالته الصلبة أي الجليدية . وهكذا يكون لبعض خلائط الماء والملح والجليد درجات حرارة ذوبان تتراوح بين -15 و-20 درجة مئوية ، في حين أن درجة حرارة خليط الماء والجليد بحدود الصفر المئوي . وتستعمل الطريقة ذاتُها لتبريد زجاجات الماء أو الشراب ، إذ يتم إضافة الملح إلى حاوية قطع الجليد . وهذا هو السبب أيضاً في رش الملح على الطرقات المجلدة . فمزيج الجليد والملح يبقى سائلاً تحت درجة الصفر المئوي بكثير . ومع ذلك فإن رش الملح بكثرة وبلا حاجة اضطرارية يؤدي إلى الإضرار بالأشجار التي على الطريق .
هل يوجد الملح في جليد القطبين كما يوجد في المحيطات والبحار ؟
في الحقيقة لا يوجد ملح في جليد القطبين . فقد تخلص القطبان من ملحهما . فعندما نبخر ماء البحر نلحظ في البداية أن المركب الاكثر تطايراً فيه هو الذي يتبخر . وهو الماء في هذه الحالة . ويمكن التحقق بسهولة من هذا الأمر بتذوق القليل من طبقة الجليد الخفيفة المتكونة نتيجة تجمد بخار الماء على جدار الثلاجة : فلا يوجد فيها أي طعم مالح . وهي مكونة في الحقيقة من ماء نقي جداً على الرغم من أنها ناتجة عن الخضار والفاكهة والمواد الغذائية الأخرى المحفوظة في الثلاجة ، وهي مؤلفة كلها من أخلاط مائية . وقد أنتج البخر ماء نقياً جمده وكثفه البرد في بلورات على جدار الثلاجة. وفي حالة الحاجة يمكننا إذابة هذا الجليد والحصول على ماء خال من الشوائب، وذلك مثلاً من أجل تغدية المحلول الحمضي في مدخرة سيارة . والثلج والجليد مكونان أيضاً من الماء النقي : فالهطولات التي تتراكم على القمم الثلجية تأتي من الغيوم ، أي من بخار الماء الذي ترفعه حرارة الشمس من المحيطات بشكل أساسي . وهكذا فإن جليد القطب هو ماء نقي جداً . ولهذا فقد طُرحت مشاريع عديدة لنقل هذا الجليد إلى المناطق الصحراوية ، لكن مثل هذه المشاريع لا تزال بعيدة عن التحقيق بسبب تكاليفها إضافة إلى عدم دراسة آثارها البيئية والمناخية بشكل كاف .
ما هي الطرق المستخدمة في تحلية مياه البحر ؟
بما أن نقل الجليديات الهائلة من القطبين ليس بالأمر الممكن ، فإن تحلية مياه البحر هي أحد الحلول الضرورية لبعض المناطق من أجل الحصول على مياه الشرب . وإحدى أكثر الطرق اتباعاً حالياً للتحلية هي تسخين ماء البحر في مرجل ثم تقطيره . فانطلاقاً من مياه البحر التي تصل ملوحتها مقاسة بأجزاء من مليون إلى 35 غ/ل يمكننا الحصول على ماء عذب بواسطة التقطير بحيث لا يشتمل إلا على كمية ضئيلة من الملح (بين 1 و50 ملغ / ل) . ويمكن أيضاً القيام بالتقطير بشكل مضاعف ، أي بتبخير الماء بدرجات حرارة أقل بكثير من 100 درجة مئوية إنما بوجود فراغ جزئي . وثمة طريقة حرارية أخرى للتحلية هي التقطير السريع . فإذا سخنا ماء حتى الدرجة 100 مئوية وحافظنا عليه تحت الضغط قبل إدخاله إلى المكان الذي شُكل فيه الفراغ ، فإننا نشهد انتقالاً سريعاً جداً بحيث يتحول السائل بسرعة البرق إلى بخار . وتسمح هاتان الطريقتان بالحصول على ماء نقي جداً .
لماذا يضاف الملح إلى ماء الطهي ؟
يضاف الملح إلى ماء الطهي من أجل تجنب احتقان خلايا الغذاء ، أكان من مصدر نباتي أم حيواني . والأمر يتعلق بظاهرة التناضح : فعندما نسلق بيضة في ماء عذب فإن قشرتها تتشقق فوراً . ولهذا يضاف الملح عادة إلى الماء عند سلق البيض . ومن جهة أخرى فإن الماء المالح يغلي بدرجة حرارة أعلى من الماء النقي ، وهذا يعني أن البيضة مثلاً ستنضج بسرعة أكبر بوجود الملح . والتفسير هو أن الغليان يوافق اللحظة التي يساوي فيها ضغط البخار المشبِع ( وهو تابع للحرارة ) الضغط الجوي . وفي حرارة معطاة فإن لمزيج الملح مع الماء ضغط بخار مشبِع أدنى من الماء النقي . وفي الضغط الخارجي المتساوي يجب بالتالي تسخين الماء المالح إلى درجات حرارة أعلى من الماء العذب من أجل الوصول إلى درجة الغليان .
منقول
http://www.alshiaclubs.com/upload//uploads/images/alshiaclubs-06dfd54350.jpg
ملح الطعام مادة أساسية في حياتنا اليومية
منذ متى استخدم الانسان الملح في طعامه
وما هو مصدر هذه المادة ؟
يرجع استخدام الملح إلى بدايات عصر النولتة ، أي إلى بدايات عصر التدجين والزراعة قبل نحو عشرة آلاف سنة في منطقة الشرق الأدنى . ومن المرجح أن سكان وادي الرافدين ووادي النيل كانوا من أوائل الذين استعملوا هذه المادة التي استخلصوها من مناجم صخرية طبيعية .
واستخلصت معظم الحضارات القديمة هذه المادة وبخاصة في الصين والهند وحوض المتوسط. وتشكل البحار والمحيطات التي تصل نسبتها إلى 70 % من سطح الكوكب ، والتي يصل فيها التركيز الوسطي لكلور الصوديوم إلى نحو 30 غرام في الليتر، مصدراً هائلاً للملح . ويمكن أن يكون الملح الذي نجده على مائدتنا من مصادر مختلفة . فقد أمكن الحصول عليه بواسطة تبخير مياه البحر في الهواء الطلق ضمن سبخات مالحة ، عندما يسمح المناخ بذلك ، أي عندما لا تقطع الهطولات فترات التشمس . ويعتبر هذا النوع من المحصول أشبه بالمحاصيل الزراعية لأنه يرتبط بالفصول ، وهو أيضاً شكل من أشكال الافادة من الطاقة الشمسية بشكل ناجح . وهناك بعض البحار ذات الملوحة العالية ( كالبحر الميت وبحر البلطيق ... ) وذلك لأن عملية البخر فيها أعلى من نسب الأملاح المعدنية التي تأتي بها الانهار بعد غسيل الأمطار للتربة . وعندما تصل هذه العملية إلى اقصاها لا يبقى في مكان البحر أو البحيرة سوى طبقة الملح المتراكم .
وعبر العصور الجيولوجية تُغطَى هذه الطبقات الملحية بالرواسب الأكثر كثافة . وهكذا تتشكل مناجم من الملح المتحجر يمكن الوصول إليها اليوم عبر آبار . وهناك نوع خاص من هذا المخزون هو الديابير الذي يمكن أن يصل حجم الواحد منها إلى عدة كيلومترات . وهي عبارة عن كتل الملح البحري الأخف من الصخور التي هاجرت باتجاه السطح ، مشكلة ما يسمى بالفطور الملحية العملاقة . وتتم هذه الحركة البطيئة على المستوى المجهري بانزلاق السويات الذرية على طول خط تفكك البورات . وهذه الصخور الملحية هي التي يتم استهلاكها . ويمكن أن يأتي الملح أيضاً من منابع ملحية أو عن طريق الاستخراج الصنعي بحقن الماء المغلي في مناجم الملح الصخري .
وقد نتساءل أيضاً من أين يأتي الطعم المالح ؟
ولماذا لون الملح أبيض ؟
يتألف الملح كيميائياً في حالته النقية من كلور الصوديوم (NaCl) . ولكنه في حالته التجارية يمكن أن يشتمل على مركبات أخرى ( الصلصال ، الرمل ، سلفات الكالسيوم أو المغنيزيوم ، يود البوتاسيوم ) وذلك بكميات مختلفة . إن المذاق الذي تتحسسه مستقبلات الذوق ، وهي تقع داخل الحليمات الذوقية في مقدمة اللسان ، هو عبارة عن شوارد الصوديوم الموجبة في الملح . فهي تتثبت على بروتينات مستقبِلة ، وينتج عن ذلك بعد عدة مراحل إشارة باتجاه الدماغ . فإذا كنا حساسين جداً لطعم الملح فذلك بلا ريب بسبب الحجم الصغير جداً لشوارد الصوديوم ، فهي تتحلل حتى بكميات بسيطة بحيث أنها تصل بسهولة إلى مستقبلات الذوق .
أما لون الملح فليس أبيضاً كما نعتقد . ولكنه عندما يكون نقياً جداً ومبلوراً بشكل كامل فإن بلورة الملح تكون شفافة . وبالتالي فإن عدم الصفاء في بلورات الملح ناجم عن المواد الشائبة فيه وأولها الماء ، وهي المسؤولة عن تلوينه باللون الأبيض ، وذلك عبر انعكاس وانتثار الضوء داخل هذه البلورات . ولهذا فإن بعض أنواع الملح يتصف بلون مختلف عن الذي نألفه ، ومنها الملح الرمادي بسبب وجود شوائب رئيسيبة فيه من الصلصال ومعادن مختلفة .
هل يقتل الملح حقاً أنواعاً من الرخويات كالحلزونات ولماذا ؟
وما مدى تأثير الملوحة الزائدة على الانسان ؟
لو رششنا ملحاً على أحد أنواع الحلزونات الرخوية فسنجده بعد حين ميتاً في بقعة من الماء المالح . إن خلايا هذا الحيوان هي أنواع من المحافظ المجهرية تحتوي على محلول مائي . وجدران هذه الخلايا ، أو الأغشية ، هي جدران نفوذة . وعندما يفصل غشاء خلوي بين محفظتين إشباعهما بالملح مختلف، فإن نفوذيتها تسمح لهما بالاتصال : وهكذا ينتقل الماء من المحلول الأقل ملوحة إلى المحلول الأكثر ملوحة . وتسمى هذه الظاهرة بالتناضح أو بالارتشاح الغشائي . وتفقد الرخويات الكثير من الماء الذي تنضحه خلاياها عندما تحاول أن تُحل الملح المحيط بها والذي شكل عبئاً عليها مما يؤدي إلى موتها بسبب النقص الشديد بالماء في جسمها . وهذا السبب نفسه هو الذي يؤدي إلى إسالة ماء القثاء أو الخيار ، فإذا كان الوسط المحيط به مالحاً جداً فإنه يخرج ماءه من أجل تعديل الوسطين . ويزداد ويتسارع هذه التسييل للماء إلى الخارج بوجود الشمس وارتفاع درجة الحرارة . والانسان ليس بمنأى عن أثر هذه الظاهرة . إن السائل الدموي الانساني يشتمل وسطياً على 8 غرام من الملح في الليتر ، ويصل تركيز الملح في خلايا الانسان إلى 3 غ في الليتر . وبالتالي فإن حقن ماء البحر الأكثر ملوحة ( بنسبة 30 غ / ليتر ) يمكن أن يكون ساماً : فهو يسبب الجفاف الشديد . وهذا أحد الأخطار التي تهدد الناجين من الغرق . ومع ذلك فقد برهن أحد العلماء المتطوعين أنه يمكن العيش على كميات قليلة جداً من ماء البحر . وبالمقابل فإن بعض المتعضيات تأقلمت مع تغيرات مفاجئة في درجات الملوحة . وهذا هو بشكل خاص حال الأسماك المهاجرة (مثل الأنقليس والسلمون) التي تنتقل باستمرار من المحيطات ذات الماء المالح إلى الأنهار ذات الماء العذب . ففي ماء البحر تكون كافة هذه الأسماك مخففة التناضح : فتركيز الملح فيها ليس أكثر من ثلث تركيز ماء البحر ، ويتم التخلص من الملح الذي يمتصه الحيوان بواسطة البول أو الغلاصم . وعندما يصل إلى الماء العذب تنعكس ظاهرة نقل الايونات ، إذ تمتص الغلاصم الملح .
لماذا يُملح الطعام ؟
ولماذا يرش الملح على الثلج المتراكم على الطرقات ؟
إذا وضع الملح بكميات كبيرة نسبياً فإنه يقتل معظم البكتريا . وقد لاحظ الانسان القديم هذه الميزة منذ عصور سحيقة ، فاستخدم الملح من أجل حفظ اللحوم الفائضة . وهكذا كان الملح يحل محل التبريد القديم هو أيضاً في حفظ المواد الغذائية . ولا تزال هذه الطريقة مستخدمة حتى اليوم ضد التحلل البكتيري . وبالمقابل فللملح استخدامات أخرى كثيرة وبخاصة في الصناعات الكيميائية . كذلك فهو يُعد أساسياً في عمليات فتح الطرقات الجليدية . فليس للماء المالح درجة حرارة غليان أعلى من الماء النقي فقط ، بل وأيضاً درجة حرارة ذوبان أقل لحالته الصلبة أي الجليدية . وهكذا يكون لبعض خلائط الماء والملح والجليد درجات حرارة ذوبان تتراوح بين -15 و-20 درجة مئوية ، في حين أن درجة حرارة خليط الماء والجليد بحدود الصفر المئوي . وتستعمل الطريقة ذاتُها لتبريد زجاجات الماء أو الشراب ، إذ يتم إضافة الملح إلى حاوية قطع الجليد . وهذا هو السبب أيضاً في رش الملح على الطرقات المجلدة . فمزيج الجليد والملح يبقى سائلاً تحت درجة الصفر المئوي بكثير . ومع ذلك فإن رش الملح بكثرة وبلا حاجة اضطرارية يؤدي إلى الإضرار بالأشجار التي على الطريق .
هل يوجد الملح في جليد القطبين كما يوجد في المحيطات والبحار ؟
في الحقيقة لا يوجد ملح في جليد القطبين . فقد تخلص القطبان من ملحهما . فعندما نبخر ماء البحر نلحظ في البداية أن المركب الاكثر تطايراً فيه هو الذي يتبخر . وهو الماء في هذه الحالة . ويمكن التحقق بسهولة من هذا الأمر بتذوق القليل من طبقة الجليد الخفيفة المتكونة نتيجة تجمد بخار الماء على جدار الثلاجة : فلا يوجد فيها أي طعم مالح . وهي مكونة في الحقيقة من ماء نقي جداً على الرغم من أنها ناتجة عن الخضار والفاكهة والمواد الغذائية الأخرى المحفوظة في الثلاجة ، وهي مؤلفة كلها من أخلاط مائية . وقد أنتج البخر ماء نقياً جمده وكثفه البرد في بلورات على جدار الثلاجة. وفي حالة الحاجة يمكننا إذابة هذا الجليد والحصول على ماء خال من الشوائب، وذلك مثلاً من أجل تغدية المحلول الحمضي في مدخرة سيارة . والثلج والجليد مكونان أيضاً من الماء النقي : فالهطولات التي تتراكم على القمم الثلجية تأتي من الغيوم ، أي من بخار الماء الذي ترفعه حرارة الشمس من المحيطات بشكل أساسي . وهكذا فإن جليد القطب هو ماء نقي جداً . ولهذا فقد طُرحت مشاريع عديدة لنقل هذا الجليد إلى المناطق الصحراوية ، لكن مثل هذه المشاريع لا تزال بعيدة عن التحقيق بسبب تكاليفها إضافة إلى عدم دراسة آثارها البيئية والمناخية بشكل كاف .
ما هي الطرق المستخدمة في تحلية مياه البحر ؟
بما أن نقل الجليديات الهائلة من القطبين ليس بالأمر الممكن ، فإن تحلية مياه البحر هي أحد الحلول الضرورية لبعض المناطق من أجل الحصول على مياه الشرب . وإحدى أكثر الطرق اتباعاً حالياً للتحلية هي تسخين ماء البحر في مرجل ثم تقطيره . فانطلاقاً من مياه البحر التي تصل ملوحتها مقاسة بأجزاء من مليون إلى 35 غ/ل يمكننا الحصول على ماء عذب بواسطة التقطير بحيث لا يشتمل إلا على كمية ضئيلة من الملح (بين 1 و50 ملغ / ل) . ويمكن أيضاً القيام بالتقطير بشكل مضاعف ، أي بتبخير الماء بدرجات حرارة أقل بكثير من 100 درجة مئوية إنما بوجود فراغ جزئي . وثمة طريقة حرارية أخرى للتحلية هي التقطير السريع . فإذا سخنا ماء حتى الدرجة 100 مئوية وحافظنا عليه تحت الضغط قبل إدخاله إلى المكان الذي شُكل فيه الفراغ ، فإننا نشهد انتقالاً سريعاً جداً بحيث يتحول السائل بسرعة البرق إلى بخار . وتسمح هاتان الطريقتان بالحصول على ماء نقي جداً .
لماذا يضاف الملح إلى ماء الطهي ؟
يضاف الملح إلى ماء الطهي من أجل تجنب احتقان خلايا الغذاء ، أكان من مصدر نباتي أم حيواني . والأمر يتعلق بظاهرة التناضح : فعندما نسلق بيضة في ماء عذب فإن قشرتها تتشقق فوراً . ولهذا يضاف الملح عادة إلى الماء عند سلق البيض . ومن جهة أخرى فإن الماء المالح يغلي بدرجة حرارة أعلى من الماء النقي ، وهذا يعني أن البيضة مثلاً ستنضج بسرعة أكبر بوجود الملح . والتفسير هو أن الغليان يوافق اللحظة التي يساوي فيها ضغط البخار المشبِع ( وهو تابع للحرارة ) الضغط الجوي . وفي حرارة معطاة فإن لمزيج الملح مع الماء ضغط بخار مشبِع أدنى من الماء النقي . وفي الضغط الخارجي المتساوي يجب بالتالي تسخين الماء المالح إلى درجات حرارة أعلى من الماء العذب من أجل الوصول إلى درجة الغليان .
منقول