المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : بر الوالدين


الشيخ علي محمد حايك
01-11-2012, 12:32 AM
بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على محمد وآله
قال الله تعالى في كتابه الكريم )وقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلآَّ إِيَّاهُ وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَّهُمَا قَولا كَرِيماً(23) وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَما رَبَّيانِى صَغِيراً(24) رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِى نُفُوسِكُمْ إِنْ تَكُونُوا صالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلأَوّابِينَ غَفُوراً(25(
إِحترام الوالدين في المنطق الإِسلامي
بالرغم مِن أنَّ فطرة الانسان وعاطفته ومعرفته للحقائق ، تدعو لاحترام ورعاية حقوق الوالدين، إِلاّ أنَّ الإِسلام لم يلتزم الصمت في هذه القضية ، ونراه يُعطي التعليمات اللازمة إِزاءها، بحيث لا يمكن لنا أن نلمس مثل هذه التأكيدات في الإِسلام إِلاّ في قضايا نادرة جدا.وما هذا الا لشدة اهتمام الإسلام بهذه المسالة
الايات تؤكد على بر الوالدين:
التأكيد الاول:،كلمة «قضاء» في قوله تعالى (وقضى ربك) لها مفهوم توكيدي أكثر مِن كلمة «أمر» وهي تعني القرار والأمر المحكم الذي لا نقاش فيه.
التأكيد الثّاني: ربط التوحيد بالإِحسان إِلى الوالدين. ففي أربع سور قرآنية ذكر الإِحسان إِلى الوالدين بعد التوحيد مُباشرة، وهذا الإِقتران يدل على مدى الأهمية التي يوليها الإِسلام للوالدين.
1- سورة البقرة آية (83) نقرأ: (لا تعبدون إِلاّ إِيّاه وبالوالدين إِحساناً(
2-سورة النساء آية (36) نقرأ قوله تعالى: (واعبدوا اللّه ولا تشركوا به شيئاً وبالوالدين إِحسانا).
3-الآية (151) مِن سورة الأنعام فإِنّها تقول: (ألا تشركوا بهِ شيئاً وبالوالدين إِحساناً).
4-الآية التي صدرنا بها قوله تعالى: (وقضى ربّك أن لا تعبدوا إِلاّ إِيّاه وبالوالدين إِحساناً)
وقد قرنت بعض الآيات بين شكر الوالدين وشكر لله
إِذ تقول الآية (14) مِن سورة لقمان: (أن أشكر لي ولوالديك)
يقول الإمام الرضا (عليه السلام): إن الله عز وجل أمر بالشكر له وللوالدين، فمن لم يشكر والديه لم يشكر الله
وهذا دليل على عمق وأهمية حقوق الوالدين في منطق الإِسلام وشريعته، بالرغم من أن نعم اللّه التي يشكرها الإِنسان لا تعدّ ولا تحصى.
التأكيد الثّالث: الإِطلاق الذي تفيده كلمة «إِحسان» والتي تشمل كل أنواع الإِحسان من غير تقييد له بحالة دون اخرى او زمن دون آخر بينما فيما يرتبط بالزوجة فان الاحسان خاص في مورد التسريح والفراق لأنه غالبا ما يتصاحب مع الخصومة قال تعالى (فإمساك بمعروف أو تسريح باحسان). فالاساس في معاشرة الزوجة هو المعروف والفارق شاسع بين العلاقة القائمة على المعروف والعلاقة القائمة على الاحسان، اما مع الوالدين فان البر يكاد لا يصدق لو كانت العلاقة معهما دون الاحسان.
التأكيد الرابع: معنى الإِطلاق الذي تفيده كلمة «والدين» إِذ هي تشمل الأم والأب، سواء كانا مُسلِمَينْ أو كافِرَيْن، برّين او فاجرين ، حيين او ميتين .
الاحسان للوالدين
الايات المتقدمة بعد ان تحصر العبادة باللّه دون غيره تنتقل إِلى أحد مصاديق هذه العبادة متمثلا بالإِحسان إِلى الوالدين
جاء عن الإمام الصادق (عليه السلام) - في قوله تعالى: * (وبالوالدين إحسانا) * -: الإحسان أن تحسن صحبتهما، وأن لا تكلفهما أن يسألاك شيئا مما يحتاجان إليه وإن كانا مستغنيين
ثم تقول: (إِمّا يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما) بحيث يحتاجان الى الرعاية والإِهتمام الدائم. فلا تبخل عليهما بأي شكل من إِشكال المحبّة واللطف ولا تؤذيهما أو تجرح عواطفهما بأقل إِهانة حتى بكلمة «اُف» فالآية أشارت إِلى فترة الشيخوخة، وحاجة الوالدين في هذه الفترة إِلى المحبّة والإِحترام أكثر مِن أي فترة سابقة، فمِن الممكن أن يصل الوالدان إِلى مرحلة يكونان فيها غير قادرين على الحركة دون مساعدة الآخرين، وقد لا يستطيعون بسبب الكهولة رفع الخبائث عنهم، وهنا يبدأ الإِختبار العظيم للأبناء، فهل يعتبرون وجود مِثل هذين الوالدين دليل الرحمة، أو أنّهم يحسبون ذلك بلاءاً ومصيبةً وعذاباً .. هل عندهم الصبر الكافي لاحترام مثل هؤلاء الآباء والأمهات; أم أنّهم يوجهون الإِهانات ويسيئون الأدب لهم; ويتمنون موتهم؟!
(فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما) بمعنى لا تظهر عدم ارتياحك أو تنفرك مِنهم (ولا تنهرهما) القرآن الكريم لا يسمح بأدنى إِهانة للوالدين، ولا يجيز ذلك، ففي حديث عن الإِمام الصادق(عليه السلام) قال: «لو علم اللّه شيئاً هو أدنى من أف لنهى عنه، وهو مِن أدنى العقوق، ومِن العقوق أن ينظر الرجل إِلى والديه فيحدّ النظر إِليهما)
بل: (وقل لهما قولا كريماً) ثمّ تؤكّد مرّة أُخرى على ضرورة التحدّث معهم بالقول الكريم، إِذ اللسان مفتاح إِلى القلب (بان تقول اذا ضرباك غفر الله لكما)
وكن أمامهما في غاية التواضع (وأخفض لهما جناح الذل مِن الرحمة، وقل ربّ ارحمهما كما ربياني صغيراً).( بان لا تملأ عينيك من النظر اليهما الا رحمة ورقة)
أخيراً تنتهي الآيات، إِلى توجيه الإِنسان نحو الدعاء لوالدَيْه وذكرهم بالخير سواء كانا أمواتاً أم أحياء، وطلب الرحمة الرّبانية لهما جزاء لما قاما به مِن تربية (وقل ربّ ارحمهما كما ربياني صغيراً)
إِضافة إِلى ما ذكرناه، فثمّة ملاحظة لطيفة أُخرى يطويها التعبير القرآني، هذه الملاحظة خطاب للإِنسان يقول: إِذ أصبح والداك مُسِنَيّن وضعيفين وكهلين لا يستطيعان الحركة أو رفع الخبائث عنهما، فلا تنس أنّك عندما كُنت صغيراً كُنت على هذه الشاكلة أيضاً، ولكن والديك لم يقصرا في مداراتك والعناية بك، لذا فلا تقصَّر أنت في مداراتهم ومحبتهم.
منزلة بر الوالدين بلحاظ بعض العبادات
يؤكد رسول الله (صلى الله عليه وآله) على المنزلة الرفيعة التي اعطاها الاسلام لبر الوالدين اذ يقول صلوات الله عليه واله وسلم - وقد سأله ابن مسعود عن أحب الأعمال إلى الله تعالى -: قال: الصلاة على وقتها، قلت: ثم أي ؟ قال: بر الوالدين فبر الوالدين احب عمل الى الله تعالى بعد الصلاة في وقتها (
بل ان بعض الفقهاء نص على تقديم طاعة الوالدين على الصلاة في أول وقتها رغم الاهمية العظمى للصلاة في اول الوقت حتى قيل ان اهم عمل عبادي على الاطلاق كما يستفاد من بعض النصوص الصلاة في اول وقتها ومع ذلك فان بر الوالدين يقدم عليها في صورة التزاحم
بر الوالدين مقدم على الجهاد
بالرغم مِن أنَّ الجهاد يُعتبر مِن أهم التعاليم الإِسلامية، إِلاّ أنَّ رعاية الوالدين تعتبر أهم مِنهُ، بل لا يجوز ان يخرج الرجل الى الجهاد إِذا أدّى خروجه إِلى أذية الوالدين، بالطبع هذا إِذا لم يكن الجهاد واجباً عينياً، وإِذا توفرَّ العدد الكافي مِن المتطوعين له.
فقد جاء عن الإِمام الصادق(عليه السلام): أنَّ رجلا جاءَ إِلى الرّسول(صلى الله عليه وآله وسلم) وقال لَهُ، إِنّي أُحبّ الجهاد، وصحتي جيدة، ولكن لي أمّ لا ترتاحُ لذلك، فماذا أفعل; فأجابه(صلى الله عليه وآله وسلم): «إِرجع فكن مَع والدتك فو الذي بعثني بالحق لأنسها بك ليلة خيرٌ مِن جهاد في سبيل اللّه سنة»
حق الام
عن رسول اللّه(صلى الله عليه وآله وسلم) جاء فيه: «عن بريده عن أبيه، أنَّ رجلا كانَ في الطواف حاملا أُمّه يطوف بها، فرأى النّبي(صلى الله عليه وآله وسلم) فسأله: هل أديت حقّها؟ فأجابه(صلى الله عليه وآله وسلم): )لا، ولا بزفرة واحدة(
ويقصد بالزفرة الواحدة الوجعة الواحدة، أو الطلقة الواحدة، التي تغشى الأم حين الولادة والوضع ،
قال رجل لرسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : إن والدتي بلغها الكبر ، وهي عندي الآن ، أحملها على ظهري ، وأطعمها من كسبي ، وأميط عنها الأذى بيدي ، وأصرف عنها مع ذلك وجهي استحياء منها واعظاما لها ، فهل كافأتها ؟ قال : " لا ، لان بطنها كان لك وعاء ، وثديها كان لك سقاء ، وقدمها لك حذاء ، ويدها لك وقاء ، وحجرها لك حواء ، وكانت تصنع ذلك لك وهي تمنى حياتك ، وأنت تصنع هذا بها وتحب مماتها " .
حق الوالد
عن الإِمام الكاظم(عليه السلام) قال إِنَّ رجلا جاءَ النّبي الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم) يسأله عن حق الأب على ابنه، فأجابهُ(صلى الله عليه وآله وسلم) بقوله: «لا يسميه باسمه، ولا يمشي بين يديه، ولا يجلس قبله، ولا يستسب له) (اي لا يفعل شيئاً يؤدي الى أن يسبّ الناس والديه).
بر الوالدين يزيد الرزق ويطيل العمر
عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): (من سره أن يمد له في عمره ويزاد في رزقه فليبر والديه، وليصل رحمه) وعنه (صلى الله عليه وآله): (من بر والديه طوبى له زاد الله في عمره)
عقوق الوالدين حرمان من الجنة
فعن الرّسول(صلى الله عليه وآله وسلم) قال: «إِيّاك وعقوق الوالدين فإِنَّ ريح الجنّة توجد مِن مسيرة ألف عام ولا يجدها عاق.

بريق
01-11-2012, 01:37 PM
(وقل ربي ارحمهما كما ربياني صغيرا)
اللهم احفظ والدينا واجعلنا من البارين بهم يالله
شكرًا أيها الشيخ المحترم على هذا العمل القيم

(بنت بغداد)
01-11-2012, 04:24 PM
الله يجعلنا من البارين بوالديهم بارك الله بيكم

ابراهيم العبيدي
01-11-2012, 09:59 PM
الله (http://www.imshiaa.com/vb)م اجعلنا من البارين باحسان بوالديهم

بارك الله (http://www.imshiaa.com/vb) بكموجزاكم الله خيرا

ابوكرار2
01-11-2012, 10:40 PM
بارك الله بك

وهل هناك اعظم من البر بالوالدين

ملامح طفولة
02-11-2012, 12:07 AM
http://files2.fatakat.com/2010/12/12936156691741.gif

صادق العارضي
02-11-2012, 09:21 PM
الله (http://www.imshiaa.com/vb)م صلِ على محمد (http://www.imshiaa.com/vb) وال محمد (http://www.imshiaa.com/vb) وعجل فرجهم
طرح جميل وفقكم الله

وسام القاسمي
03-11-2012, 08:28 AM
سلمت يدك على الكلام الموثر

فلاح حسن بيعي
03-11-2012, 09:05 AM
رحم الله والديك
نسالكم الدعاء لوالديً

الشيخ علي محمد حايك
08-12-2012, 01:00 AM
بارك الله بكم جميعا واسأل الله القبول وحسن العاقبة

الشيخ علي محمد حايك
16-12-2012, 03:34 PM
نسأل الله حسن القبول