هامة التطبير
15-11-2012, 11:03 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف
http://im16.gulfup.com/TPpo4.jpg (http://www.gulfup.com/?X5bgw4)
« العبور إلى الحسين عليه السلام » - آية الله السيد هادي المدرسي.
العبور إلى الحسين (ع) يتطلب العبور عن كل مغريات الدنيا وملذاتها ، وشهواتها ، ومباهجها ، وبهارجها.!
لقد كان الحسين (ع) رسول الحياة في زمن الموت.
فالفضائل كلها سحقت في عصره.
والمكارم كلها مسحت من قبل عدوه.
ولولا قيامة الحسين (ع) لظل موت الفضائل والمكارم حاكما على الناس ، إلى يوم القيامة.
1- الحسين صلوات الله عليه في السماء أشهر منه في الأرض، لأننا في الأرض نعرف قَدْره ، أمّا الملائكة في السماء فيعرفون قَدْره وقُدْرَته ، لكي تتقرّب إلى الله، لابدّ أن تتقرّب إلى الحسين صلوات الله عليه ، ولكي تتقرّب إلى الحسين صلوات الله عليه ، لابدّ أن تتقرّب إلى الله ، هكذا هي دائرة الحق المغلقة في الكون ، وهذا معنى: «أحبّ الله من أحبّ حسيناً».
2- علاقتنا بالحسين صلوات الله عليه لا تنتهي ، بدأت من عالم الأشباح والأظلّة، وسوف تمتدّ إلى عالم الآخرة والجنّة ، فهي معنا وُلدت، ومعنا تبقى.
3- الحق، والحقوق، والحقيقة، عناوين رئيسية في نهضة الحسين صلوات الله عليه ، فمن أجل الحق، قام ، ومن أجل الحقوق، قاتل ، ومن أجل الحقيقة، قُتل.
4- المواجهة بين الحسين صلوات الله عليه وبين أعدائه كانت مواجهة بين حق صراح، وباطل مغلَّف بالحق ، وهذا هو الفارق بين الإيمان والنفاق ، وبين الحسين صلوات الله عليه وأعدائه.
5- بالشهادة أصبح الحسين صلوات الله عليه قوّة عظمى لا تُقهر ، ألا تجد كيف أنّ الحسين صلوات الله عليه وهو في قبره، أقوى من جميع الطغاة، وهم فوق عروشهم؟
6- مِن أغرَب مفارقات معركة عاشوراء، أنها بخلاف جميع معارك التاريخ لم تقع حول أمر واحد بين طرفين مختلفين ، بل كانت بين طرفين كلُّ واحدٍ منهما يريد أمراً غير ما يريده الآخر ، فالحسين صلوات الله عليه كان يريد الآخرة ، ويزيد كان يريد الدّنيا ، والحسين صلوات الله عليه كان يريد العدالة ، ويزيد كان يريد السلطة ، والحسين صلوات الله عليه كان يريد قلوب الرجال ، ويزيد كان يريد زنودهم ، والحسين صلوات الله عليه أراد رضا ربّه ، ويزيد كان يريد رضا نفسه.
7- عندما تمطر السماء، فهي قطرات دموعها على مقتل الحسين صلوات الله عليه ، أمّا عندما تمسك، فللإحتجاج على ما فعل به أعداؤه.
8-بمقدار ما للحسين صلوات الله عليه من الجاذبيّة عند أهل الحق، بمقدار ما له من الكراهيّة عند أهل الباطل ، ألا ترى كيف أنّ النور بمقدار ما يجذب الفراشات، بمقدار ما يطرد خفافيش الليل؟
9- الحسين صلوات الله عليه صراط الله، لِخَلْق الله، إلى جنّة الله ، ومن أخطأه في دنياه، فقد أخطأ طريق جنّته في آخرته، وضلَّ سواء السبيل.
10-من دون الحسين صلوات الله عليه قد يستطيع المرء أنْ يعيش، وأنْ يعمل، وأنْ يموت ، لكنّه لن يكون كريماً في عيشته، ولا مُفلحاً في مهنته، ولا عزيزاً في ميتته.
11-كلمة الحسين ع: «شاء الله أن يراني قتيلاً» تلخِّص سُننَ الله في تاريخ هذه الأمّة ، فهي تعني: شاء الله أن تكون راية التوحيد بأيدي أهل بيت النبيّ ص إلى أبد الآبدين ، وتعني: شاء الله أن لا تموت شريعة سيّد المرسلين بأيدي حفنة من المنافقين ، وتعني: شاء الله أن لا يستسلم أهل الحق لأهل الباطل ، وتعني: شاء الله أن يدافع المؤمنون حتى آخر قطرة دم عن دين الله القويم.
12-لا تتلخص قضيّة عاشوراء في دماء سُفكتْ، وحُرمات إنتُهكتْ، ومصائب نزلتْ، وإنْ كانت تلك أمور حدثت في كربلاء ، غير أنّ ذلك وجه واحد من وجوه نهضة الحسين صلوات الله عليه ، فهناك أيضاً: بطولات تمثَّلتْ، ومناقب تجلَّتْ، ومكرمات تحقَّقت.
13-لقد أسقطت دماء الحسين صلوات الله عليه وأصحابه إمبراطورية الشرّ التي أقامها بنو أميّة ، وكان ذلك إنجازاً لوعد الله بأنْ ينتصر للمظلوم، ولو بعد حين.
14-لقد تربَّع الحسين صلوات الله عليه على قمة الأخلاق، كما تربّع على قمة الشهادة ، أليس هو القائل: «إنّ حوائج الناس إليكم من نِعَمِ الله عليكم، فلا تملّوا النعم»؟
15-لقد كَسَرتْ شجاعةُ الحسين صلوات الله عليه في كربلاء، جبروت كلّ الطغاة، في كلّ زمان ومكان ، ألم يقل رسول الله ص: «أما الحسين صلوات الله عليه فله جودي وشجاعتي»؟
16-حطّم الحسين صلوات الله عليه حاجز الخوف بين الناس وبين حكّام الجور ، فإذا كانت بعض المسلّمات المزيَّفة تحول بينهم وبين أن يثوروا فإنّ نهضة الإمام الحسين صلوات الله عليه نسفت هذه المسلَّمات، ووضعت ضرورة النهضة ضد الجور والظلم والباطل مكانها.
17-لأنّ الحسين صلوات الله عليه في مركز الجاذبيّة في عالم الغيب والملكوت، لذلك هو يجذب ملايين الناس إلى نفسه، في عالم الدنيا والشهود.
18-الحسين صلوات الله عليه مَقْسم الجنّة والنار، وعنه يتفرّق الناس إلى سماطين:سماط يقف مع الحسين صلوات الله عليه ويدخل الجنّة ، وسماط يقف مع أعدائه، ويدخل النار .
19-لقد كان الحسين صلوات الله عليه رسول الحياة في زمن الموت ، فالفضائل كلّها سُحقت في عصره ، والمكارم كلّها مُسخت من قبل عدوّه ، ولو لا قيامة الحسين صلوات الله عليه لظل موت الفضائل والمكارم حاكماً على الناس، إلى يوم القيامة.
20-لقد علّمتنا نهضة الحسين صلوات الله عليه أنَّ مواقف الرجال، وليست اُروماتهم، هي التي تحدّد مصائرهم في نهاية المطاف ، فعمر بن سعد، وهو من أرحام الحسين صلوات الله عليه يصبح من الأخسرين أعمالاً ، ووهب النصراني ينضمّ إلى أهل بيت رسول الله ص ويُحشر معهم ، وهكذا تمّت في كربلاء صفقة بيع الجنّة والنار، بين تلك الأطراف.
21-لقد تجلّى أهل البيت صلوات الله عليه في عاشوراء بكلّ فضائلهم، كأمّة ربّانية، من دون أن يشذّ عن ذلك الطفل الصغير، والشيخ الكبير، والمرأة، والرجل ، كما ظهر مشروعهم كحضارة متكاملة لا يشذّ عنها أيّ بُعد من أبعاد الحياة.
22-زينب صلوات الله عليه شهيدة عاشوراء الأولى ، وشاهدة وقعتها العظمى ، صحيح أنها لم تُقتل في كربلاء، لكنّها تحمّلت آلام القتل مع كل شهيد سقط هناك ، ولولا زينب صلوات الله عليه لضاعت دماء أهل البيت صلوات الله عليه في رمال الأرض ، ولضاعت تفاصيل أحداث عاشوراء في زحمة الأحداث ، ولم يكن أحد يعرف ماذا جرى في أهم، وأخطر، وأعظم معركة وقعت في هذه الحياة ، لقد كانت زينب صلوات الله عليه المرأة التي حملت أمرين عظيمين في وقت واحد: آلام كلّ الشهداء، ورسالة كلّ الأنبياء.
23-صلاة الحسين صلوات الله عليه ظهر عاشوراء هي أوّل صلاةٍ اُقيمت في دائرة الموت، وقُتل كلّ من اشترك فيها ، صلاة إختلطت فيها أصوات المصلّين مع أصوات إشتباك الأسنّة، وتقاطرت فيها الدماء من شفاههم، مع تقاطر كلمات الذكر منها ، لقد كانت صلاةً في مواجهة أعداء الصلاة ، وكانت صلاة الدم في محراب الإيمان ، وصلاة العدل في دائرة الشهادة.
24-الحسين صلوات الله عليه حجّة الباري على كلّ ما سواه ، فهو إمام أهل الدنيا، كما هو إمام أهل الآخرة،وسيّد الإنس كما هو سيّد الجنّ ،ولعلّ ذلك معنى ما قيل فيه أنه: سيّدٌ في الدنيا، والآخرة".
25-في معركة عاشوراء نموذج للتعبئة الشاملة، فقد انخرط في القتال الطفل الصغير، إلى جانب الكهل الذي تجاوز السبعين عاماً،وقاتلت المرأة إلى جانب الرجل، وقاتل العبيد إلى جانب الأحرار ، ومع قلّة العدد، فإنّ كل أهل البيت صلوات الله عليه دخلوا في المواجهة مع كلّ بني أميّة.
26-لقد كانت المواجهة في كربلاء بين نفوس «أعلا عليّين» مع نفوس «أسفل السافلين»، فالتقابل فيها كان بين كلّ الفضائل مع كلّ الرذائل ، وكلّ الإيمان مع كلّ النفاق ، ألم يَقتل أدعياء الإسلام أهل بيت رسولهم، ثم إحتفلوا بإراقة دمائهم الزاكيات في المساجد التي كانت ترتفع فيها الشهادة بنبوّة جدّهم خمس مرّات كلّ يوم؟
27-المُثُل العليا والحسين صلوات الله عليه كلمتان مترادفتان، حتى أنه يمكنك أن تضع أية مفردة من مفردات المُثُل مكان إسم الحسين صلوات الله عليه ، فأنْ تقول: الحسين ع، فكأنك تقول: الإيمان ، وأن تقول: الإيمان، فكأنك تقول: الحسين صلوات الله عليه ، وأن تقول: العدالة، فكأنك تقول: الحسين صلوات الله عليه ، وأن تقول: الحسين ع، فكأنك تقول: العدالة ، وكذلك في مفردات الشهادة، والصبر، والصدق، والوفاء، والثبات، والشجاعة، والكرم، والعطاء، والصلاح، والإصلاح.
28-في نهضة الحسين صلوات الله عليه ينبوع لا ينضب من المكرمات، يرتوي منه أهل الحق بحسب حاجاتهم، وتطلعاتهم ، ويتجاهله أهل الباطل، بحسب ضلالاتهم وجهالاتهم.
29-بالحسين صلوات الله عليه نكتشف الحقائق ، فهو الجمال الذي يفضح كلَّ قبح ، والإيمان الذي يفضح كلَّ زيف ، والحق الذي يفضح كلَّ باطل.
30-إذا كانت شجاعة الرجال هي ما تظهر في المجابهات، فإنّ شجاعة النساء في نهضة الحسين صلوات الله عليه نافست شجاعة الرجال، قبل مقتلهم، وبَزّتها بعد ذلك.
31-الحسين صلوات الله عليه مشروع حضارة ، ومنهج إنتصار ، وخطة عمل ، وراية رسالة ، فمن أراد عزّاً بلا عشيرة، وهيبة بلا سلطان، فليفعل ما فعله الحسين صلوات الله عليه ، ليخرج من ذلّ طاعة الطاغوت، إلى عزّ طاعة الرحمن.
32-باختصار: الحسين صلوات الله عليه قدِّيس الأولياء ووليُّ القدّيسين.
33-الحسين صلوات الله عليه دعوة حقّ ، وراية حقّ ، ومشروع حقّ ، وسيف حقّ ، ومنارة حقّ ، وشهيد حقّ ، الحسين صلوات الله عليه حقٌّ كلّه، وكلّه حقّ.
34-إنّ العالم شهد بطولات كثيرة في التاريخ، ولكنّه لم يشهد إيماناً كإيمان الحسين صلوات الله عليه في شهادته ، ولا شجاعةً كشجاعة الحسين صلوات الله عليه في منازلته ، ولا بطولةً كبطولة الحسين صلوات الله عليه في معركته ، حقاً إنّ الحسين صلوات الله عليه فريد في كلّ ما تألَّق فيه.
35-من دروس نهضة الحسين صلوات الله عليه أنّ من لا يخشى الموت، فلن توجد قوّة على الأرض يمكنها أن تفرض عليه موقفاً لا يريده ولا يبغيه.
36-نهضة الحسين صلوات الله عليه كانت إنفجاراً هائلاً نسف كلّ القواعد الجاهليّة التي اعتمدها بنو أميّة، ولا يشبهها إلاّ إنفجارات الكون الهائلة.
37-لم تكن القضيّة أنّ الحسين صلوات الله عليه قاتل، وقُتل ، ، بل كانت القضيّة: أنّ الحسين صلوات الله عليه قام بنهضة شاملة، وتحمّل المسؤولية الكاملة، واستشهد من أجلها مع كلّ رجاله ، وبين مجرّد القتال، والنهضة الشاملة مسافة أطول من مسافة الأرض من النجوم، وهي المسافة التي تفصل الشهادة في سبيل رسالات الأنبياء، والمغامرة من أجل مغانم الدنيا.
38-دماء الحسين صلوات الله عليه ودماء الذين قتلوا معه تزداد سخونة يوماً بعد يوم، لأنها المنبع الذي تتجمع فيه دماء جميع شهداء الحقّ والعدل والحرّية، وينتصر لجميع المظلومين والمستضعفين.
39-كان الموت عند الحسين صلوات الله عليه وأصحابه سُلّماً إلى جنان الله، ومرافقة الشهداء والصدّيقين ، ولهذا فقد كانوا يتلذذون كلّما قربت منهم الأسنّة والسيوف، ويستبسلون في المقاومة كلّما قربت نهايتهم في الحياة الدنيا.
40-عاشوراء أُمّ الثورات الحقّة في تاريخ الأُمّة، فمنها إنطلقت المقاومة الداخليّة ضد الطغاة، والمواجهة الخارجية مع الغزاة.
41-للدّم الذي تدفَّق من نحر الحسين صلوات الله عليه ونحور أصحابه حضور مجلّل في كل نهضة يقوم بها الرجال المؤمنون من أجل حقّهم، ودينهم، ودنياهم.
42-لقد علّمنا الحسين صلوات الله عليه إنّ المؤمن لا يساوم على الدين، ولا يستسلم للعدوّ، ولا يتنازل عن الحقّ، ولا يبالي بالأخطار.
43-لقد علّمنا «الحُرّ» أن الالتزام ولو بمبدأ واحد من مبادئ أهل البيت صلوات الله عليه وهو: «لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق» يرفع المرء في لحظة واحدة من الفرش إلى العرش، ويحوّله من مجرم حربٍ، إلى شهيدٍ قدّيس.
44-في كربلاء تقابلت رايتان: راية الحسين صلوات الله عليه وهي راية الرحمن، وبين راية بني أميّة وهي راية الشيطان ، وكانت راية الحسين صلوات الله عليه هي ذاتها راية آدم، وإبراهيم ع، وموسى ع، وعيسى ع، ومحمّد ص، وعليّ صلوات الله عليه ، وكانت راية بني أميّة هي ذاتها راية قابيل، ونمرود، وفرعون، وهامان، وأبي سفيان، ومعاوية .
45-من دروس عاشوراء:إنّ مَن يصارع الحقّ، يصرعه الحقّ ، ومَن يستسلم للباطل، يغدر به الباطل ، ومَن يتّبع إبليس، يخونه إبليس ، كما أن من يقف مع الله، يقف معه الله ، ومن يدافع عن الحقّ، يدافع عنه الحقّ .
46-رفض الحسين صلوات الله عليه أن يهادن يزيد، ولو يوماً واحداً ، ، كما رفض رسول الله ص أن يعبد الأصنام، ولو يوماً واحداً.
47-كان التقابل في عاشوراء بين قرآن الحقيقة، وقرآن الخديعة ، وبين حجّ الحجيج، وحجّ الضجيج ، وبين صلاة التقوى، وصلاة عن الفحشاء لا تنهى ، وبين الدفاع عن رسول الله ص والانقلاب على رسول الله ص .
48-لقد قاتل أصحاب الحسين صلوات الله عليه بأخلاق الأنبياء، وشهامة الرجال، وخصائص القدّيسين ، فالتضحية بكل شيء ، من أخلاق الأنبياء ، والصمود حتى آخر لحظة ، من شهامة الرجال ، والإخلاص لله ، من خصائص القدّيسين .
49-عندما يقف أهل الحق وأهل الباطل وجهاً لوجه ويشهران السلاح، فإنّه يضطر كلّ شخص أن يقف في الصف الذي هو منه: الصادق مع الصادقين، والكاذب مع الكاذبين ، هكذا تساقطت الأقنعة عن وجوه المنافقين في مواجهة الحسين صلوات الله عليه ، وهكذا تتساقط الأقنعة عن وجوههم اليوم، من خلال مواقفهم من تلك النهضة.
50-مادام الشرف، شرفاً ، والرجولة، رجولةً ، والصدق، صدقاً ، والوفاء، وفاءً فالحسين صلوات الله عليه في كل أرض راية، وعاشوراء في كل يوم ثورة.
51-لقد تسارعت عجلات التاريخ في يوم عاشوراء، فَكَبُرَ الأطفال في نصف نهار بأكثر مما يكبر أمثالهم في نصف قرن، وتصرّفوا كقادة ربّانيّين، وزعماء عظام.
52-كلّما استخدم العدوّ العطشَ سلاحاً في وجه الحسين صلوات الله عليه وأصحابه، أشهر هؤلاء الصبر سلاحاً في مواجهته ، وانتصر صبرهم على العطش ، كما انتصر دمهم على السيف.
53-لقد أحرق العدوّ خيام الحسين صلوات الله عليه وهدم ما كان يملكه أهل بيته من البيوت، فبنى المؤمنون ملايين البيوت في كل بلاد العالم، وأوقفوها للحسين صلوات الله عليه وأهل بيته.
54-ما فعله العدوّ بأجساد شهداء الطفّ، يكشف إلى أيّ مدى يستطيع الشيطان أنْ يُحمّل أولياءَه من الآثام، ويورّطهم في الإجرام.
55-لقضية الحسين صلوات الله عليه جانبان: جانب «الجسد المقطّع» وجانب «الحقّ المضيّع» ، فإذا بكينا على «الجسد المقطّع» فلكي نشحذ عزائمنا من أجل إستعادة "الحقّ المضيّع".
56-لقد فعل بنو أميّة بالحسين صلوات الله عليه وأهل بيته ما لم تفعله الذئاب والفهود بضحاياها ، حقاً إنّ من ينسلخ عن دينه يقوم بارتكاب جرائم، يندى لها جبين الإنسانية، بأسهل مما يشرب كأس الماء.
57-أعطى الحسين صلوات الله عليه لربّه كلّ ما يملكه، وهو عبدٌ له ، ، فهل يكون كبيراً على الله وهو ربّه، أن يعطي جنّته على دمعة واحدة تُذرف في مصائبه؟أليس الله أكرم من عبده؟
58-كما نتقرّب إلى الله تعالى بزيارة الحسين والسلام عليه، كذلك نتقرّب إليه بالبراءة من أعدائه ولعنهم، ابتداءً من أول ظالمٍ ظلم حقّ محمّد وآل محمّد ص إلى آخر تابع له على ذلك ، شاء من شاء، وأبى من أبى.
59-في قلب كلّ مؤمن صادق بيتٌ للحسين صلوات الله عليه ، وفي ضمير كلّ مناضل صالح جذوةٌ من حماسة الحسين صلوات الله عليه ، وفي يد كلّ ثائرٍ مؤمن راية من رايات الحسين صلوات الله عليه.
60-ذِكرُ مصائب الحسين صلوات الله عليه والبكاء عليه، وإحياء أمره هي من أسهل وسائل الارتباط بسبط رسول الله ص، وسيّد شباب أهل الجنّة صلوات الله عليه ، ومن خلال الارتباط بالحسين عليه السّلام يتم الالتزام بكلّ تعاليم الرّسل والأنبياء.
61-لقد علّمنا الحسين صلوات الله عليه أن نكون أسخياء في بذل الدماء، وبخلاء في هدر الكرامات ، وأنْ نكون رحماء مع أصحاب الحقوق، وأشدّاء مع مغتصبيها .
62-الحسين صلوات الله عليه أعظم نجم لهداية البشرية في سماء النبوّة .
63-نهضة الحسين صلوات الله عليه تُسقط أعذار جميع المتقاعسين عن نصرة الدين في كلّ زمان ومكان ، فهل هناك حياة أغلى، ودمٌ أشرف، ونفس أعزّ من حياة الحسين صلوات الله عليه ودمه ونفسه، وقد أرخصها لإنقاذ العباد من الجهالة وحيرة الضلالة؟
64-عرف أصحاب الحسين صلوات الله عليه «أن الله لا يُخدع عن جنّته» فاسترخصوا دماءهم راضين مرضيّين.
65-«الحسين مصباح هدى» لمن كان ذا بصيرة ، و«سفينة نجاة» لمن كان حَسَن السريرة ، فإذا أردنا الإستضاءَة بمصباح الحسين صلوات الله عليه فعلينا إستلهام البصيرة من مناهج الحسين صلوات الله عليه ، وإذا أردنا النجاة بسفينة الحسين صلوات الله عليه فعلينا تعلّم حسن السريرة من مواقف الحسين صلوات الله عليه .
66-وَيْ، كأنّ يوم عاشوراء لم يكن يوماً واحداً، بل مليون عام ، وكأنّ 73 شهيداً لم يكونوا 73 فرداً، بل 73 أُمّة ، وكأنّ الحسين صلوات الله عليه لم يكن واحداً من أولياء الله، بل كلّهم بلا إستثناء ، وكأنّ زينب صلوات الله عليه لم تكن امرأة واحدة، بل كلّ النساء المؤمنات في الحياة ، لقد ملؤوا التاريخ، حتى كأنّ الكون ليس فيه أحد، إلاّ هُم .
67-لقد شهد الحسين صلوات الله عليه بوحدانيّة الله بدمه، كما شهد بها بلسانه وعمله ، إنّها الشهادة التي يُقتل بها الأحرار، بينما غيرهم يأكل بها خبزاً.
68-سألني عن معنى الكلمات التالية:فقال: ماذا تعني لك كلمة الحسين ع؟قلت: الإيمان كلّه في مواجهة النفاق كلّه ، قال: وزينب ع؟قلت: مواجهة أولاد الأدعياء بشجاعة أولاد الأنبياء ، قال: العبّاس ع؟قلت: تحمّل العطش لإرواء العطاشى ، قال: عاشوراء؟قلت: موعد العبادة في محراب الشهادة ، قال: عبدالله الرضيع؟قلت: التوقيع بالدم على وثيقة العهد مع الله ، قال: الأصحاب؟قلت: جنون الحبّ للإلتحاق بالمحبوب.
69-الحسين صلوات الله عليه هو الإسم الوحيد الذي عندما يُذكر يوم عاشوراء، يصاب من أجله ملايينٌ من الناس بالجنون.
70-هل رأيتَ كيف تتدافع مجموعة من الذئاب الجائعة على طيرٍ جريح، عندما يسقط مكسور الجناح من علّ؟هكذا تدافع ذئاب بني أميّة على فراخ رسول الله ص في عاشوراء، ومع ذلك يطالبوننا بالكفّ عن لعنهم؟ألا عليهم لعنةُ الله، والملائكة، والمؤمنين.
71-تجلّت بصيرة أهل البيت صلوات الله عليه حول ما جرى في كربلاء في كلمة زينب صلوات الله عليه ليلة الحادي عشر من المحرّم: «اللّهم تقبّل هذا القربان من آل محمّد ص» ، فأهل بيت رسول الله ص قدّموا قرباناً بحجم إيمانهم بالله وقربهم منه .
72-لقد عشقنا الحقّ، فعشقنا الحسين صلوات الله عليه ، وعشقنا الوفاء، فعشقنا العبّاس صلوات الله عليه ، وعشقنا البسالة، فعشقنا عليّ الأكبر صلوات الله عليه ، وعشقنا الثُبات، فعشقنا حبيب بن مظاهر رض ، وعشقنا التوبة، فعشقنا الحرّ رض ، وعشقنا الصبر، فعشقنا زينب صلوات الله عليه ، وهل يُلام أحد إذا عشق القيم متجسدةً في أشخاص؟
73-ما انفكت تتوالد من ثورة الحسين صلوات الله عليه ونهضته، ثورة بعد ثورة، ونهضة بعد نهضة، وتمرّد على الظلم بعد تمرّد ، لقد أصبحت تلك الثورة جزءًا أساسياً من حركة المنظومة الشمسيّة بحيث إنك لا يمكن أن تتصوّر هذه المنظومة من دون تلك الثورة.
74-كانت العزّة والكرامة من عناوين نهضة الحسين صلوات الله عليه ومنطلقاتها، وعندما قتل الحسين صلوات الله عليه من أجلها أصبحت شهادته عنواناً للعزّة والكرامة.
75-من دروس عاشوراء، إنّك إذا لم تستطع أن تقيم سلطة العدل والإيمان، فإنّك قادر على الأقل أن تسقط سلطة الجور والعدوان.
76-من فتاوى عاشوراء: إن قتال المحليّين الظلمة أوجب من قتال المتمردين الكفرة ، ألم يرفض الإمام الحسين صلوات الله عليه الذهاب لقتال الترك والديلم،وفضّل على ذلك الذهاب إلى قتال بني أميّة؟
77-لقد نُكّب الجلاّدون بمقتل الحسين صلوات الله عليه أكثر مما نُكّب المؤمنون بمقتله ، إذ لم تمر أيام على شهادة الحسين صلوات الله عليه إلاّ وأصبح بنو أميّة محاصرين بجرائمهم ، وتهاوت أحلامهم بفعل عواصف الثورة التي اجتاحت العالم الإسلامي طلباً لثارات الحسين صلوات الله عليه ، حتى لم يجد أي واحد من أعدائه ملجئاً يلتجأ إليه في الأرض، ولا شخصاً واحداً يرغب في وجودهم، ولا بيتاً واحداً يأويهم، ولا فرداً واحداً يأسف لسقوطهم.
78-الحسين صلوات الله عليه نهضة لا شائبة فيها ، وثورة لا هزيمة لها ، وشهادة لا مزيد عليها ، ومنابع خير لا يستغني منها.
79-لقد استطاعت ثورة الحسين صلوات الله عليه أن تقضي على سلطة الجور في الشام، بأسهل مما استطاعت تلك السلطة أن تقضي على الحسين صلوات الله عليه في كربلاء .
80-الشعائر الحسينيّة هي تدريب متواصل على طريقة مواجهة الأعداء، وليست طقوساً فارغة من المعاني ، ودموع الباكين على الحسين صلوات الله عليه هي قطرات زيت تُرشُّ على الجراح لإذكاء جذوة الإيمان، وليست دموع الذلّة والاستكانة ، وترداد مصائبه على المنابر استحضار للقضايا التي من أجلها تحمّل الحسين صلوات الله عليه تلك المصائب، وليست مجرد تكرار لقصص المأساة .
81-لأن الحسين صلوات الله عليه قُتل من أجل القيم التي جاء بها الأنبياء، فهو يبقى من الثوابت التي لا تبرح المكان والزمان، في أي حال من الأحوال .
82-منطق الحسين صلوات الله عليه كان يقوم على أساس أنّ الدنيا مطيّة الآخرة ، أما منطق أعدائه فكان يقوم على أساس أن الآخرة مطيّة الدنيا .
83-قطعوا رؤوس الشهداء في كربلاء، فنصب المؤمنون لهم قباباً في الشوارع والأزقة، وأخرى في البيوت والقلوب .
84-الحسين صلوات الله عليه حافز إلى الثورة يتجدّد في قلوب المقهورين، فيمنحهم سيفاً يمتشق ضد كلّ ظلم ، وصرخةً تدوي ضد كلّ انحراف ، وعصا يُضرب بها وجه كل جبّار ، إنّهم قتلوا الحسين صلوات الله عليه للحفاظ على سلطانهم، فمنحت شهادُتُه السلطةَ للناس بأن يقاوموا كلّ سلطان ظالم في كل عصر ومصر.
85-سألني أحدهم: هل كانت نهضة الحسين صلوات الله عليه خروجاً للسلطان، أم خروجاً على السلطان؟قلت: بل كانت خروجاً عن السلطان، بكل ما في الكلمة من معاني، وأبعاد .
86-لقد علّمنا الحسين صلوات الله عليه أن باب الشهادة هو أقرب الطرق إلى الدرجات العليا، وأضمن الوسائل لكسب الفردوس الأعلى، وأفضل الأسباب للسلامة في الدين والدنيا .
87-بحق أقول لكم: لولا نهضة الحسين صلوات الله عليه لكان الذي يجلس في موقع رسول الله ص حتى اليوم هو كلّ طاغوت غاشم، لا يعرف الله، ولا يؤمن بيوم الحساب .
88-لقد أعطى الحسينُ صلوات الله عليه دَمَه لكي يعيد الحياة إلى الحياة ، ويعيد الحقّ إلى الحقّ ، ويعيد الأمل إلى الأمل .
89-لقد كانت ثورة الحسين صلوات الله عليه ثورةَ الجوهر، للجوهر، بالجوهر؛ وقيامَ الحقّ، بالحقّ، للحقّ؛ ونهضة الدّين، بالدّين، للدّين .
90-كان الحسين صلوات الله عليه في حياته هو الذي يخرج إلى الناس ليهديهم سواء السبيل، أمّا بعد شهادته فإن على الناس أن يخرجوا إليه ليهتدوا بهداه ، ولعلّ ذلك معنى «مصباح هدى، وسفينة نجاة» ، فالمصباح لا يطلب المحتاج إلى النور، بل يطلبه المحتاج إلى النور، والسفينة لا تطلب طالب النجاة، بل يطلبها طالب النجاة.
91-لقد علّمتنا عاشوراء أنّ خيار الشهادة هو الخيار الوحيد للأحرار، عندما يكون السيف هو الخيار الوحيد للسلطات .
92-الحسين مَنـزلٌ، وميزانٌ، ومَنـزلة ، فهو للتائهين مَنـزل ، وللعدالة ميزان ، وفي الجنّة منـزلة .
93-العبور إلى الحسين صلوات الله عليه يتطلّب العبور عن كل مغريات الدنيا وملذاتها، وشهواتها، ومباهجها، وبهارجها ، الخروج من دائرة الخوف هو الشرط الأول للدخول في مدرسة عاشوراء .
94-لقد قتلوا الحسين صلوات الله عليه حتى لا تنفلت منهم دنياهم ، غير أنّ الحسين صلوات الله عليه أمسك بزمام التاريخ فكبّ عليهم دنياهم، وطمّهم فيها .
95-الحسين صلوات الله عليه ثار الله ، وقد أسكن الله دمه في الخلد، فلن تضيع منه قطرة واحدة، لا في الدنيا ولا في الآخرة .
96-عاشوراء عنوان لألف درس في العزة، والكرامة، والإيمان، والوفاء، والشجاعة، والصدق، والإخلاص، والمقاومة، والعطاء، والتضحية والفداء .
97-الحسين صلوات الله عليه أوّل شخص كانت ولادته، لشهادته ، فما أن وُلد حتى أقيم العزاء على شهادته ومقتله ، والحسين صلوات الله عليه أيضاً أوّل شخص شهد مقتل أصحابه واحداً بعد واحد ، ثم شهد مقتل إخوته واحداً بعد واحد ، ثم شهد مقتل أولاده واحداً بعد واحد ، ثم شهد مقتل نفسه عضواً عضواً ، وعندما كان شمر بن ذي الجوشن يجلس على صدره ليحتزّ رأسه الشريف، كان الحسين صلوات الله عليه يرى ما يفعل به، ويجد ألم خنجره وهو يفري أوداجه، ويقطع رقبته، ويمزق أوصاله ، ومع كل ذلك فهو لم يستسلم، ولم يتنازل، ولم يبايع.
98-الحسين صلوات الله عليه قيمٌ، وقُدوة، وقيامة ، إنّه قيم دينيّة، وقدوة رسالية، وقيامة ربّانيّة .
99-لقد قتلوا الحسين صلوات الله عليه في كربلاء، وأرادوا أن تكون نهاية نهضته هناك ، لكن الحسين صلوات الله عليه ظهر متربصاً بكل ظالم وطاغوت، في كل بلاد الأرض ومنحنيات التاريخ ، فقد تحوّل من شخص إلى شاخص ، ومن إمام إلى أمّة ، ومن أسلوب فرد إلى مدرسة عامة ، وأصبح ملايين من الناس يحملون رايته، ورُؤيته، ورويَّته ، وعاد له ألف ظهور وظهور ، فتارة تراه في صورة شيخ طاعن في السّن مثل سليمان بن صُرد الخزاعي يقود ثورة التوّابين في الكوفة ، وتارة في صورة شاب مناضل مثل إبراهيم بن مالك الأشتر في البصرة، ومرّات أخرى في صورة شباب، وشيوخ، ونساء ورجال، هنا وهناك يثورون في وجوه البغاة، ويسقطون عروش الطغاة ، فطلاّب الحقّ والعدل يستنسخون في كل زمان ومكان ثورته، وينهضون تحت رايته، ويجابهون الظلم على طريقته، وشعاراتهم هي ذاتها شعاراته، وأساليبهم هي ذاتها أساليبه ، ويتعاقب بفضله أجيال الثوّار على مسرح الحياة، يقاومون العدوان بروح حسينيّة، ويطبّقون تعاليم عاشوراء في تغليب مصلحة الدين على مغانم الدنيا، وفي التضحية بالذات لصالح المبادئ، وفي الوقفة الشجاعة في مواجهة الموت، شاهرين سيوفهم في وجوه الظالمين، لابسين قلوبهم على دروعهم، يتهافتون على الشهادة، كتهافت الأطفال الرضع على صدور أُمهاتهم، ويسلّم السَلَفُ منهم مشعل الثورة إلى الخَلَف، جاعلين من كل أرض كربلاء، ومن كل شهر محرّم، ومن كل يوم عاشوراء .
100-بمقدار ما كان أعداء أهل البيت صلوات الله عليه مستعدّين دائماً للاستجابة الفورية لإغراءات السلطة، وارتكاب كل أنواع الجرائم من أجلها ، فإن أهل البيت صلوات الله عليه كانوا مستعدين دائماً للاستجابة الفورية لمتطلبات قيم الدين، والتضحية بكل غال ورخيص لمواجهة الأعداء ، وهذا ما ظهر جلياً في عاشوراء.
101-ثورة الحسين صلوات الله عليه وضعت جميع المسلمين أمام خيارات ثلاث:فإمّا أن يؤدّوا أدواراً حسينيّة ، أو يؤدّوا أدواراً زينبيّة ، وإلاّ فسوف يتورّطون في أداء أدوار يزيديّة.
102-كان الحسين صلوات الله عليه يقصد الكوفة، وهو يعرف أنه يُقتل في كربلاء، لكي يعلّمنا أن الحياة هي دار مجاز، وليست بدار قرار، وأنها رحلة دائمة، وليست ميناءً للوصول .
103-لقد حارب الحسين صلوات الله عليه سلطان السلطة، وليس من المعقول أن يكون هو ممن يبحث عن سلطة السلطان.
104-عدوُّ الدين اثنان: الكفر والنفاق ، ولقد هزم النبيُّ ص الكفر ، وهزم الحسين صلوات الله عليه النفاق ، فاكتمل بذلك الدين، وهذا معنى «حسين منّي وأنا من حسين».
105-الحسين صلوات الله عليه مشروع الله ، ومن هنا فهو هدف ووسيلة ، وطريقة وغاية ، وبداية ونهاية .
106-من الممكن الاستفادة من منهج الحسين صلوات الله عليه للانتصار على الأعداء للدنيا ، لكن الأفضل هو الاستفادة من منهجه للانتصار على النفس للآخرة.
107-لقد علّمتنا زينب صلوات الله عليه أنه كما لا صوت لمن لا حياة له، كذلك لا حياة لمن لا صوت له ، كلاّ ، لم يرحل الحسين صلوات الله عليه عن الحياة قطّ ، وإنما فقط ترجلت روحُهُ عن جوادها في كربلاء .
108-بعد مقتل الحسين صلوات الله عليه أصبحت زينب صلوات الله عليه بمفردها خير أمّة أخرجت للناس تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، بعد أن عادت الأمة إلى جاهليّتها الأولى .
109-سبحان الله ، !كم كان قلب الحسين صلوات الله عليه مفعماً بالحبّ حتى يبكي صباح عاشوراء على عدوّه، لأنه يدخل النار بسببه؟
110-ضرب العدوّ ألف حصار على الحسين صلوات الله عليه في كربلاء، ابتداء من حصار الجوع والعطش، وانتهاء بحصار الجراح والموت ، لكنه فشل في أن يضرب حصاراً على حرّية الحسين ع، وإرادته، واختياره.
111-بدون أن تكونوا مؤمنين حسينيّين، لن يقبل الله منكم صرفاً ولا عدلاً، ولا صلاة ولا صياماً ، إن الحسين صلوات الله عليه شرط أساسي من شروط الإيمان .
112-لقد علّمنا الحسين صلوات الله عليه بشهادته أن لا أحد على الإطلاق فوق أن يكون شهيداً في سبيل دين الله ورسالته .
113-إذا وقعتَ أسيراً لليأس فتذكّر ما فعله الحسين صلوات الله عليه في لحظاته الأخيرة: لقد نسي كلّ آلامه، وجراحاته، وتعلّق بالأمل بالله، والتوكّل عليه، والصبر على بلائه .
114-عندما يطالبنا الحسين صلوات الله عليه بأن ننصره، فهو يجيز لنا أن نلبس عمامته، وأن نمتشق حسامه، وأن نمتطي جواده، لنقاوم كل حاكم يجلس على مسند يزيد، ونقاتل كل زعيم يركب حصان عمر بن سعد، ونواجه كل مسؤول يحمل خنجر شمر بن ذي الجوشن، ونصارع كل ضابط يستخدم سهام حرملة.
115-كانت ثورة الحسين صلوات الله عليه في مواجهة التحريف والتجديف والتزييف، كما كانت في مواجهة الكفر والشرك والظلم والطغيان .
116-الحسين صلوات الله عليه مشروع دائم للنهضة الدينيّة ، ونهضة دائمة في المشروع الديني.
117-لم تدخل قطرة دم واحدة مما أُريق في كربلاء في الدورة الحضارية لأية أمّة، إلاّ وخلّصتها من كلّ سلطان ظالم، ودفعت عنها كلّ عدوان غاشم، وأعطتها خطّة واضحة المعالم .
118-من يقرأ الحسين صلوات الله عليه في عاشوراء يجد نفسه وسط عاصفة من الفضائل وطوفان من البطولات .
119-إذا كانت شهادة الرجال هي النهاية في جميع الثورات، فإنها في ثورة الحسين صلوات الله عليه كانت البداية ، فمشروع أهل البيت صلوات الله عليه لإنقاذ البلاد والعباد بدأ بشهادة الحسين صلوات الله عليه ، ألا ترى كيف أن الحسين صلوات الله عليه من عالم الملكوت، يغيّر المعادلات في عالم الناسوت؟
120-لم يرحم العدوّ أحداً في كربلاء ، فكم من عروس عادت باكية إلى أهلها من غير عرّيسها ، وكم من أُمّ عادت إلى بيتها صارخة بعد مقتل طفلها ، وكم من أُخت رجعت إلى دارها، وهي تندب أخاها ، ولكنّهم عادوا راضين مرضيّين، فقد كتب عليهم القدر سلفاً أن يكون القتل لهم عادة، وكرامتهم من الله الشهادة .
121-كل ما كان يطمح إليه يزيد هو أن يقضي على الحسين صلوات الله عليه وأصحابه في كربلاء، لكن نهضة الإمام ليس فقط قضت على سلطة يزيد وبني أمية بالكامل، وإنما زلزلت – ولا تزال – كل سلطة اشتركت، ولو في نقطة واحدة، مع سلطة يزيد ، فشبح كربلاء يظل يلاحق الظالمين في جميع مراكز الحكم في حاضرة العالم الإسلامي وخارجها، إلى يوم القيامة .
ونسألكم الدعاء.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف
http://im16.gulfup.com/TPpo4.jpg (http://www.gulfup.com/?X5bgw4)
« العبور إلى الحسين عليه السلام » - آية الله السيد هادي المدرسي.
العبور إلى الحسين (ع) يتطلب العبور عن كل مغريات الدنيا وملذاتها ، وشهواتها ، ومباهجها ، وبهارجها.!
لقد كان الحسين (ع) رسول الحياة في زمن الموت.
فالفضائل كلها سحقت في عصره.
والمكارم كلها مسحت من قبل عدوه.
ولولا قيامة الحسين (ع) لظل موت الفضائل والمكارم حاكما على الناس ، إلى يوم القيامة.
1- الحسين صلوات الله عليه في السماء أشهر منه في الأرض، لأننا في الأرض نعرف قَدْره ، أمّا الملائكة في السماء فيعرفون قَدْره وقُدْرَته ، لكي تتقرّب إلى الله، لابدّ أن تتقرّب إلى الحسين صلوات الله عليه ، ولكي تتقرّب إلى الحسين صلوات الله عليه ، لابدّ أن تتقرّب إلى الله ، هكذا هي دائرة الحق المغلقة في الكون ، وهذا معنى: «أحبّ الله من أحبّ حسيناً».
2- علاقتنا بالحسين صلوات الله عليه لا تنتهي ، بدأت من عالم الأشباح والأظلّة، وسوف تمتدّ إلى عالم الآخرة والجنّة ، فهي معنا وُلدت، ومعنا تبقى.
3- الحق، والحقوق، والحقيقة، عناوين رئيسية في نهضة الحسين صلوات الله عليه ، فمن أجل الحق، قام ، ومن أجل الحقوق، قاتل ، ومن أجل الحقيقة، قُتل.
4- المواجهة بين الحسين صلوات الله عليه وبين أعدائه كانت مواجهة بين حق صراح، وباطل مغلَّف بالحق ، وهذا هو الفارق بين الإيمان والنفاق ، وبين الحسين صلوات الله عليه وأعدائه.
5- بالشهادة أصبح الحسين صلوات الله عليه قوّة عظمى لا تُقهر ، ألا تجد كيف أنّ الحسين صلوات الله عليه وهو في قبره، أقوى من جميع الطغاة، وهم فوق عروشهم؟
6- مِن أغرَب مفارقات معركة عاشوراء، أنها بخلاف جميع معارك التاريخ لم تقع حول أمر واحد بين طرفين مختلفين ، بل كانت بين طرفين كلُّ واحدٍ منهما يريد أمراً غير ما يريده الآخر ، فالحسين صلوات الله عليه كان يريد الآخرة ، ويزيد كان يريد الدّنيا ، والحسين صلوات الله عليه كان يريد العدالة ، ويزيد كان يريد السلطة ، والحسين صلوات الله عليه كان يريد قلوب الرجال ، ويزيد كان يريد زنودهم ، والحسين صلوات الله عليه أراد رضا ربّه ، ويزيد كان يريد رضا نفسه.
7- عندما تمطر السماء، فهي قطرات دموعها على مقتل الحسين صلوات الله عليه ، أمّا عندما تمسك، فللإحتجاج على ما فعل به أعداؤه.
8-بمقدار ما للحسين صلوات الله عليه من الجاذبيّة عند أهل الحق، بمقدار ما له من الكراهيّة عند أهل الباطل ، ألا ترى كيف أنّ النور بمقدار ما يجذب الفراشات، بمقدار ما يطرد خفافيش الليل؟
9- الحسين صلوات الله عليه صراط الله، لِخَلْق الله، إلى جنّة الله ، ومن أخطأه في دنياه، فقد أخطأ طريق جنّته في آخرته، وضلَّ سواء السبيل.
10-من دون الحسين صلوات الله عليه قد يستطيع المرء أنْ يعيش، وأنْ يعمل، وأنْ يموت ، لكنّه لن يكون كريماً في عيشته، ولا مُفلحاً في مهنته، ولا عزيزاً في ميتته.
11-كلمة الحسين ع: «شاء الله أن يراني قتيلاً» تلخِّص سُننَ الله في تاريخ هذه الأمّة ، فهي تعني: شاء الله أن تكون راية التوحيد بأيدي أهل بيت النبيّ ص إلى أبد الآبدين ، وتعني: شاء الله أن لا تموت شريعة سيّد المرسلين بأيدي حفنة من المنافقين ، وتعني: شاء الله أن لا يستسلم أهل الحق لأهل الباطل ، وتعني: شاء الله أن يدافع المؤمنون حتى آخر قطرة دم عن دين الله القويم.
12-لا تتلخص قضيّة عاشوراء في دماء سُفكتْ، وحُرمات إنتُهكتْ، ومصائب نزلتْ، وإنْ كانت تلك أمور حدثت في كربلاء ، غير أنّ ذلك وجه واحد من وجوه نهضة الحسين صلوات الله عليه ، فهناك أيضاً: بطولات تمثَّلتْ، ومناقب تجلَّتْ، ومكرمات تحقَّقت.
13-لقد أسقطت دماء الحسين صلوات الله عليه وأصحابه إمبراطورية الشرّ التي أقامها بنو أميّة ، وكان ذلك إنجازاً لوعد الله بأنْ ينتصر للمظلوم، ولو بعد حين.
14-لقد تربَّع الحسين صلوات الله عليه على قمة الأخلاق، كما تربّع على قمة الشهادة ، أليس هو القائل: «إنّ حوائج الناس إليكم من نِعَمِ الله عليكم، فلا تملّوا النعم»؟
15-لقد كَسَرتْ شجاعةُ الحسين صلوات الله عليه في كربلاء، جبروت كلّ الطغاة، في كلّ زمان ومكان ، ألم يقل رسول الله ص: «أما الحسين صلوات الله عليه فله جودي وشجاعتي»؟
16-حطّم الحسين صلوات الله عليه حاجز الخوف بين الناس وبين حكّام الجور ، فإذا كانت بعض المسلّمات المزيَّفة تحول بينهم وبين أن يثوروا فإنّ نهضة الإمام الحسين صلوات الله عليه نسفت هذه المسلَّمات، ووضعت ضرورة النهضة ضد الجور والظلم والباطل مكانها.
17-لأنّ الحسين صلوات الله عليه في مركز الجاذبيّة في عالم الغيب والملكوت، لذلك هو يجذب ملايين الناس إلى نفسه، في عالم الدنيا والشهود.
18-الحسين صلوات الله عليه مَقْسم الجنّة والنار، وعنه يتفرّق الناس إلى سماطين:سماط يقف مع الحسين صلوات الله عليه ويدخل الجنّة ، وسماط يقف مع أعدائه، ويدخل النار .
19-لقد كان الحسين صلوات الله عليه رسول الحياة في زمن الموت ، فالفضائل كلّها سُحقت في عصره ، والمكارم كلّها مُسخت من قبل عدوّه ، ولو لا قيامة الحسين صلوات الله عليه لظل موت الفضائل والمكارم حاكماً على الناس، إلى يوم القيامة.
20-لقد علّمتنا نهضة الحسين صلوات الله عليه أنَّ مواقف الرجال، وليست اُروماتهم، هي التي تحدّد مصائرهم في نهاية المطاف ، فعمر بن سعد، وهو من أرحام الحسين صلوات الله عليه يصبح من الأخسرين أعمالاً ، ووهب النصراني ينضمّ إلى أهل بيت رسول الله ص ويُحشر معهم ، وهكذا تمّت في كربلاء صفقة بيع الجنّة والنار، بين تلك الأطراف.
21-لقد تجلّى أهل البيت صلوات الله عليه في عاشوراء بكلّ فضائلهم، كأمّة ربّانية، من دون أن يشذّ عن ذلك الطفل الصغير، والشيخ الكبير، والمرأة، والرجل ، كما ظهر مشروعهم كحضارة متكاملة لا يشذّ عنها أيّ بُعد من أبعاد الحياة.
22-زينب صلوات الله عليه شهيدة عاشوراء الأولى ، وشاهدة وقعتها العظمى ، صحيح أنها لم تُقتل في كربلاء، لكنّها تحمّلت آلام القتل مع كل شهيد سقط هناك ، ولولا زينب صلوات الله عليه لضاعت دماء أهل البيت صلوات الله عليه في رمال الأرض ، ولضاعت تفاصيل أحداث عاشوراء في زحمة الأحداث ، ولم يكن أحد يعرف ماذا جرى في أهم، وأخطر، وأعظم معركة وقعت في هذه الحياة ، لقد كانت زينب صلوات الله عليه المرأة التي حملت أمرين عظيمين في وقت واحد: آلام كلّ الشهداء، ورسالة كلّ الأنبياء.
23-صلاة الحسين صلوات الله عليه ظهر عاشوراء هي أوّل صلاةٍ اُقيمت في دائرة الموت، وقُتل كلّ من اشترك فيها ، صلاة إختلطت فيها أصوات المصلّين مع أصوات إشتباك الأسنّة، وتقاطرت فيها الدماء من شفاههم، مع تقاطر كلمات الذكر منها ، لقد كانت صلاةً في مواجهة أعداء الصلاة ، وكانت صلاة الدم في محراب الإيمان ، وصلاة العدل في دائرة الشهادة.
24-الحسين صلوات الله عليه حجّة الباري على كلّ ما سواه ، فهو إمام أهل الدنيا، كما هو إمام أهل الآخرة،وسيّد الإنس كما هو سيّد الجنّ ،ولعلّ ذلك معنى ما قيل فيه أنه: سيّدٌ في الدنيا، والآخرة".
25-في معركة عاشوراء نموذج للتعبئة الشاملة، فقد انخرط في القتال الطفل الصغير، إلى جانب الكهل الذي تجاوز السبعين عاماً،وقاتلت المرأة إلى جانب الرجل، وقاتل العبيد إلى جانب الأحرار ، ومع قلّة العدد، فإنّ كل أهل البيت صلوات الله عليه دخلوا في المواجهة مع كلّ بني أميّة.
26-لقد كانت المواجهة في كربلاء بين نفوس «أعلا عليّين» مع نفوس «أسفل السافلين»، فالتقابل فيها كان بين كلّ الفضائل مع كلّ الرذائل ، وكلّ الإيمان مع كلّ النفاق ، ألم يَقتل أدعياء الإسلام أهل بيت رسولهم، ثم إحتفلوا بإراقة دمائهم الزاكيات في المساجد التي كانت ترتفع فيها الشهادة بنبوّة جدّهم خمس مرّات كلّ يوم؟
27-المُثُل العليا والحسين صلوات الله عليه كلمتان مترادفتان، حتى أنه يمكنك أن تضع أية مفردة من مفردات المُثُل مكان إسم الحسين صلوات الله عليه ، فأنْ تقول: الحسين ع، فكأنك تقول: الإيمان ، وأن تقول: الإيمان، فكأنك تقول: الحسين صلوات الله عليه ، وأن تقول: العدالة، فكأنك تقول: الحسين صلوات الله عليه ، وأن تقول: الحسين ع، فكأنك تقول: العدالة ، وكذلك في مفردات الشهادة، والصبر، والصدق، والوفاء، والثبات، والشجاعة، والكرم، والعطاء، والصلاح، والإصلاح.
28-في نهضة الحسين صلوات الله عليه ينبوع لا ينضب من المكرمات، يرتوي منه أهل الحق بحسب حاجاتهم، وتطلعاتهم ، ويتجاهله أهل الباطل، بحسب ضلالاتهم وجهالاتهم.
29-بالحسين صلوات الله عليه نكتشف الحقائق ، فهو الجمال الذي يفضح كلَّ قبح ، والإيمان الذي يفضح كلَّ زيف ، والحق الذي يفضح كلَّ باطل.
30-إذا كانت شجاعة الرجال هي ما تظهر في المجابهات، فإنّ شجاعة النساء في نهضة الحسين صلوات الله عليه نافست شجاعة الرجال، قبل مقتلهم، وبَزّتها بعد ذلك.
31-الحسين صلوات الله عليه مشروع حضارة ، ومنهج إنتصار ، وخطة عمل ، وراية رسالة ، فمن أراد عزّاً بلا عشيرة، وهيبة بلا سلطان، فليفعل ما فعله الحسين صلوات الله عليه ، ليخرج من ذلّ طاعة الطاغوت، إلى عزّ طاعة الرحمن.
32-باختصار: الحسين صلوات الله عليه قدِّيس الأولياء ووليُّ القدّيسين.
33-الحسين صلوات الله عليه دعوة حقّ ، وراية حقّ ، ومشروع حقّ ، وسيف حقّ ، ومنارة حقّ ، وشهيد حقّ ، الحسين صلوات الله عليه حقٌّ كلّه، وكلّه حقّ.
34-إنّ العالم شهد بطولات كثيرة في التاريخ، ولكنّه لم يشهد إيماناً كإيمان الحسين صلوات الله عليه في شهادته ، ولا شجاعةً كشجاعة الحسين صلوات الله عليه في منازلته ، ولا بطولةً كبطولة الحسين صلوات الله عليه في معركته ، حقاً إنّ الحسين صلوات الله عليه فريد في كلّ ما تألَّق فيه.
35-من دروس نهضة الحسين صلوات الله عليه أنّ من لا يخشى الموت، فلن توجد قوّة على الأرض يمكنها أن تفرض عليه موقفاً لا يريده ولا يبغيه.
36-نهضة الحسين صلوات الله عليه كانت إنفجاراً هائلاً نسف كلّ القواعد الجاهليّة التي اعتمدها بنو أميّة، ولا يشبهها إلاّ إنفجارات الكون الهائلة.
37-لم تكن القضيّة أنّ الحسين صلوات الله عليه قاتل، وقُتل ، ، بل كانت القضيّة: أنّ الحسين صلوات الله عليه قام بنهضة شاملة، وتحمّل المسؤولية الكاملة، واستشهد من أجلها مع كلّ رجاله ، وبين مجرّد القتال، والنهضة الشاملة مسافة أطول من مسافة الأرض من النجوم، وهي المسافة التي تفصل الشهادة في سبيل رسالات الأنبياء، والمغامرة من أجل مغانم الدنيا.
38-دماء الحسين صلوات الله عليه ودماء الذين قتلوا معه تزداد سخونة يوماً بعد يوم، لأنها المنبع الذي تتجمع فيه دماء جميع شهداء الحقّ والعدل والحرّية، وينتصر لجميع المظلومين والمستضعفين.
39-كان الموت عند الحسين صلوات الله عليه وأصحابه سُلّماً إلى جنان الله، ومرافقة الشهداء والصدّيقين ، ولهذا فقد كانوا يتلذذون كلّما قربت منهم الأسنّة والسيوف، ويستبسلون في المقاومة كلّما قربت نهايتهم في الحياة الدنيا.
40-عاشوراء أُمّ الثورات الحقّة في تاريخ الأُمّة، فمنها إنطلقت المقاومة الداخليّة ضد الطغاة، والمواجهة الخارجية مع الغزاة.
41-للدّم الذي تدفَّق من نحر الحسين صلوات الله عليه ونحور أصحابه حضور مجلّل في كل نهضة يقوم بها الرجال المؤمنون من أجل حقّهم، ودينهم، ودنياهم.
42-لقد علّمنا الحسين صلوات الله عليه إنّ المؤمن لا يساوم على الدين، ولا يستسلم للعدوّ، ولا يتنازل عن الحقّ، ولا يبالي بالأخطار.
43-لقد علّمنا «الحُرّ» أن الالتزام ولو بمبدأ واحد من مبادئ أهل البيت صلوات الله عليه وهو: «لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق» يرفع المرء في لحظة واحدة من الفرش إلى العرش، ويحوّله من مجرم حربٍ، إلى شهيدٍ قدّيس.
44-في كربلاء تقابلت رايتان: راية الحسين صلوات الله عليه وهي راية الرحمن، وبين راية بني أميّة وهي راية الشيطان ، وكانت راية الحسين صلوات الله عليه هي ذاتها راية آدم، وإبراهيم ع، وموسى ع، وعيسى ع، ومحمّد ص، وعليّ صلوات الله عليه ، وكانت راية بني أميّة هي ذاتها راية قابيل، ونمرود، وفرعون، وهامان، وأبي سفيان، ومعاوية .
45-من دروس عاشوراء:إنّ مَن يصارع الحقّ، يصرعه الحقّ ، ومَن يستسلم للباطل، يغدر به الباطل ، ومَن يتّبع إبليس، يخونه إبليس ، كما أن من يقف مع الله، يقف معه الله ، ومن يدافع عن الحقّ، يدافع عنه الحقّ .
46-رفض الحسين صلوات الله عليه أن يهادن يزيد، ولو يوماً واحداً ، ، كما رفض رسول الله ص أن يعبد الأصنام، ولو يوماً واحداً.
47-كان التقابل في عاشوراء بين قرآن الحقيقة، وقرآن الخديعة ، وبين حجّ الحجيج، وحجّ الضجيج ، وبين صلاة التقوى، وصلاة عن الفحشاء لا تنهى ، وبين الدفاع عن رسول الله ص والانقلاب على رسول الله ص .
48-لقد قاتل أصحاب الحسين صلوات الله عليه بأخلاق الأنبياء، وشهامة الرجال، وخصائص القدّيسين ، فالتضحية بكل شيء ، من أخلاق الأنبياء ، والصمود حتى آخر لحظة ، من شهامة الرجال ، والإخلاص لله ، من خصائص القدّيسين .
49-عندما يقف أهل الحق وأهل الباطل وجهاً لوجه ويشهران السلاح، فإنّه يضطر كلّ شخص أن يقف في الصف الذي هو منه: الصادق مع الصادقين، والكاذب مع الكاذبين ، هكذا تساقطت الأقنعة عن وجوه المنافقين في مواجهة الحسين صلوات الله عليه ، وهكذا تتساقط الأقنعة عن وجوههم اليوم، من خلال مواقفهم من تلك النهضة.
50-مادام الشرف، شرفاً ، والرجولة، رجولةً ، والصدق، صدقاً ، والوفاء، وفاءً فالحسين صلوات الله عليه في كل أرض راية، وعاشوراء في كل يوم ثورة.
51-لقد تسارعت عجلات التاريخ في يوم عاشوراء، فَكَبُرَ الأطفال في نصف نهار بأكثر مما يكبر أمثالهم في نصف قرن، وتصرّفوا كقادة ربّانيّين، وزعماء عظام.
52-كلّما استخدم العدوّ العطشَ سلاحاً في وجه الحسين صلوات الله عليه وأصحابه، أشهر هؤلاء الصبر سلاحاً في مواجهته ، وانتصر صبرهم على العطش ، كما انتصر دمهم على السيف.
53-لقد أحرق العدوّ خيام الحسين صلوات الله عليه وهدم ما كان يملكه أهل بيته من البيوت، فبنى المؤمنون ملايين البيوت في كل بلاد العالم، وأوقفوها للحسين صلوات الله عليه وأهل بيته.
54-ما فعله العدوّ بأجساد شهداء الطفّ، يكشف إلى أيّ مدى يستطيع الشيطان أنْ يُحمّل أولياءَه من الآثام، ويورّطهم في الإجرام.
55-لقضية الحسين صلوات الله عليه جانبان: جانب «الجسد المقطّع» وجانب «الحقّ المضيّع» ، فإذا بكينا على «الجسد المقطّع» فلكي نشحذ عزائمنا من أجل إستعادة "الحقّ المضيّع".
56-لقد فعل بنو أميّة بالحسين صلوات الله عليه وأهل بيته ما لم تفعله الذئاب والفهود بضحاياها ، حقاً إنّ من ينسلخ عن دينه يقوم بارتكاب جرائم، يندى لها جبين الإنسانية، بأسهل مما يشرب كأس الماء.
57-أعطى الحسين صلوات الله عليه لربّه كلّ ما يملكه، وهو عبدٌ له ، ، فهل يكون كبيراً على الله وهو ربّه، أن يعطي جنّته على دمعة واحدة تُذرف في مصائبه؟أليس الله أكرم من عبده؟
58-كما نتقرّب إلى الله تعالى بزيارة الحسين والسلام عليه، كذلك نتقرّب إليه بالبراءة من أعدائه ولعنهم، ابتداءً من أول ظالمٍ ظلم حقّ محمّد وآل محمّد ص إلى آخر تابع له على ذلك ، شاء من شاء، وأبى من أبى.
59-في قلب كلّ مؤمن صادق بيتٌ للحسين صلوات الله عليه ، وفي ضمير كلّ مناضل صالح جذوةٌ من حماسة الحسين صلوات الله عليه ، وفي يد كلّ ثائرٍ مؤمن راية من رايات الحسين صلوات الله عليه.
60-ذِكرُ مصائب الحسين صلوات الله عليه والبكاء عليه، وإحياء أمره هي من أسهل وسائل الارتباط بسبط رسول الله ص، وسيّد شباب أهل الجنّة صلوات الله عليه ، ومن خلال الارتباط بالحسين عليه السّلام يتم الالتزام بكلّ تعاليم الرّسل والأنبياء.
61-لقد علّمنا الحسين صلوات الله عليه أن نكون أسخياء في بذل الدماء، وبخلاء في هدر الكرامات ، وأنْ نكون رحماء مع أصحاب الحقوق، وأشدّاء مع مغتصبيها .
62-الحسين صلوات الله عليه أعظم نجم لهداية البشرية في سماء النبوّة .
63-نهضة الحسين صلوات الله عليه تُسقط أعذار جميع المتقاعسين عن نصرة الدين في كلّ زمان ومكان ، فهل هناك حياة أغلى، ودمٌ أشرف، ونفس أعزّ من حياة الحسين صلوات الله عليه ودمه ونفسه، وقد أرخصها لإنقاذ العباد من الجهالة وحيرة الضلالة؟
64-عرف أصحاب الحسين صلوات الله عليه «أن الله لا يُخدع عن جنّته» فاسترخصوا دماءهم راضين مرضيّين.
65-«الحسين مصباح هدى» لمن كان ذا بصيرة ، و«سفينة نجاة» لمن كان حَسَن السريرة ، فإذا أردنا الإستضاءَة بمصباح الحسين صلوات الله عليه فعلينا إستلهام البصيرة من مناهج الحسين صلوات الله عليه ، وإذا أردنا النجاة بسفينة الحسين صلوات الله عليه فعلينا تعلّم حسن السريرة من مواقف الحسين صلوات الله عليه .
66-وَيْ، كأنّ يوم عاشوراء لم يكن يوماً واحداً، بل مليون عام ، وكأنّ 73 شهيداً لم يكونوا 73 فرداً، بل 73 أُمّة ، وكأنّ الحسين صلوات الله عليه لم يكن واحداً من أولياء الله، بل كلّهم بلا إستثناء ، وكأنّ زينب صلوات الله عليه لم تكن امرأة واحدة، بل كلّ النساء المؤمنات في الحياة ، لقد ملؤوا التاريخ، حتى كأنّ الكون ليس فيه أحد، إلاّ هُم .
67-لقد شهد الحسين صلوات الله عليه بوحدانيّة الله بدمه، كما شهد بها بلسانه وعمله ، إنّها الشهادة التي يُقتل بها الأحرار، بينما غيرهم يأكل بها خبزاً.
68-سألني عن معنى الكلمات التالية:فقال: ماذا تعني لك كلمة الحسين ع؟قلت: الإيمان كلّه في مواجهة النفاق كلّه ، قال: وزينب ع؟قلت: مواجهة أولاد الأدعياء بشجاعة أولاد الأنبياء ، قال: العبّاس ع؟قلت: تحمّل العطش لإرواء العطاشى ، قال: عاشوراء؟قلت: موعد العبادة في محراب الشهادة ، قال: عبدالله الرضيع؟قلت: التوقيع بالدم على وثيقة العهد مع الله ، قال: الأصحاب؟قلت: جنون الحبّ للإلتحاق بالمحبوب.
69-الحسين صلوات الله عليه هو الإسم الوحيد الذي عندما يُذكر يوم عاشوراء، يصاب من أجله ملايينٌ من الناس بالجنون.
70-هل رأيتَ كيف تتدافع مجموعة من الذئاب الجائعة على طيرٍ جريح، عندما يسقط مكسور الجناح من علّ؟هكذا تدافع ذئاب بني أميّة على فراخ رسول الله ص في عاشوراء، ومع ذلك يطالبوننا بالكفّ عن لعنهم؟ألا عليهم لعنةُ الله، والملائكة، والمؤمنين.
71-تجلّت بصيرة أهل البيت صلوات الله عليه حول ما جرى في كربلاء في كلمة زينب صلوات الله عليه ليلة الحادي عشر من المحرّم: «اللّهم تقبّل هذا القربان من آل محمّد ص» ، فأهل بيت رسول الله ص قدّموا قرباناً بحجم إيمانهم بالله وقربهم منه .
72-لقد عشقنا الحقّ، فعشقنا الحسين صلوات الله عليه ، وعشقنا الوفاء، فعشقنا العبّاس صلوات الله عليه ، وعشقنا البسالة، فعشقنا عليّ الأكبر صلوات الله عليه ، وعشقنا الثُبات، فعشقنا حبيب بن مظاهر رض ، وعشقنا التوبة، فعشقنا الحرّ رض ، وعشقنا الصبر، فعشقنا زينب صلوات الله عليه ، وهل يُلام أحد إذا عشق القيم متجسدةً في أشخاص؟
73-ما انفكت تتوالد من ثورة الحسين صلوات الله عليه ونهضته، ثورة بعد ثورة، ونهضة بعد نهضة، وتمرّد على الظلم بعد تمرّد ، لقد أصبحت تلك الثورة جزءًا أساسياً من حركة المنظومة الشمسيّة بحيث إنك لا يمكن أن تتصوّر هذه المنظومة من دون تلك الثورة.
74-كانت العزّة والكرامة من عناوين نهضة الحسين صلوات الله عليه ومنطلقاتها، وعندما قتل الحسين صلوات الله عليه من أجلها أصبحت شهادته عنواناً للعزّة والكرامة.
75-من دروس عاشوراء، إنّك إذا لم تستطع أن تقيم سلطة العدل والإيمان، فإنّك قادر على الأقل أن تسقط سلطة الجور والعدوان.
76-من فتاوى عاشوراء: إن قتال المحليّين الظلمة أوجب من قتال المتمردين الكفرة ، ألم يرفض الإمام الحسين صلوات الله عليه الذهاب لقتال الترك والديلم،وفضّل على ذلك الذهاب إلى قتال بني أميّة؟
77-لقد نُكّب الجلاّدون بمقتل الحسين صلوات الله عليه أكثر مما نُكّب المؤمنون بمقتله ، إذ لم تمر أيام على شهادة الحسين صلوات الله عليه إلاّ وأصبح بنو أميّة محاصرين بجرائمهم ، وتهاوت أحلامهم بفعل عواصف الثورة التي اجتاحت العالم الإسلامي طلباً لثارات الحسين صلوات الله عليه ، حتى لم يجد أي واحد من أعدائه ملجئاً يلتجأ إليه في الأرض، ولا شخصاً واحداً يرغب في وجودهم، ولا بيتاً واحداً يأويهم، ولا فرداً واحداً يأسف لسقوطهم.
78-الحسين صلوات الله عليه نهضة لا شائبة فيها ، وثورة لا هزيمة لها ، وشهادة لا مزيد عليها ، ومنابع خير لا يستغني منها.
79-لقد استطاعت ثورة الحسين صلوات الله عليه أن تقضي على سلطة الجور في الشام، بأسهل مما استطاعت تلك السلطة أن تقضي على الحسين صلوات الله عليه في كربلاء .
80-الشعائر الحسينيّة هي تدريب متواصل على طريقة مواجهة الأعداء، وليست طقوساً فارغة من المعاني ، ودموع الباكين على الحسين صلوات الله عليه هي قطرات زيت تُرشُّ على الجراح لإذكاء جذوة الإيمان، وليست دموع الذلّة والاستكانة ، وترداد مصائبه على المنابر استحضار للقضايا التي من أجلها تحمّل الحسين صلوات الله عليه تلك المصائب، وليست مجرد تكرار لقصص المأساة .
81-لأن الحسين صلوات الله عليه قُتل من أجل القيم التي جاء بها الأنبياء، فهو يبقى من الثوابت التي لا تبرح المكان والزمان، في أي حال من الأحوال .
82-منطق الحسين صلوات الله عليه كان يقوم على أساس أنّ الدنيا مطيّة الآخرة ، أما منطق أعدائه فكان يقوم على أساس أن الآخرة مطيّة الدنيا .
83-قطعوا رؤوس الشهداء في كربلاء، فنصب المؤمنون لهم قباباً في الشوارع والأزقة، وأخرى في البيوت والقلوب .
84-الحسين صلوات الله عليه حافز إلى الثورة يتجدّد في قلوب المقهورين، فيمنحهم سيفاً يمتشق ضد كلّ ظلم ، وصرخةً تدوي ضد كلّ انحراف ، وعصا يُضرب بها وجه كل جبّار ، إنّهم قتلوا الحسين صلوات الله عليه للحفاظ على سلطانهم، فمنحت شهادُتُه السلطةَ للناس بأن يقاوموا كلّ سلطان ظالم في كل عصر ومصر.
85-سألني أحدهم: هل كانت نهضة الحسين صلوات الله عليه خروجاً للسلطان، أم خروجاً على السلطان؟قلت: بل كانت خروجاً عن السلطان، بكل ما في الكلمة من معاني، وأبعاد .
86-لقد علّمنا الحسين صلوات الله عليه أن باب الشهادة هو أقرب الطرق إلى الدرجات العليا، وأضمن الوسائل لكسب الفردوس الأعلى، وأفضل الأسباب للسلامة في الدين والدنيا .
87-بحق أقول لكم: لولا نهضة الحسين صلوات الله عليه لكان الذي يجلس في موقع رسول الله ص حتى اليوم هو كلّ طاغوت غاشم، لا يعرف الله، ولا يؤمن بيوم الحساب .
88-لقد أعطى الحسينُ صلوات الله عليه دَمَه لكي يعيد الحياة إلى الحياة ، ويعيد الحقّ إلى الحقّ ، ويعيد الأمل إلى الأمل .
89-لقد كانت ثورة الحسين صلوات الله عليه ثورةَ الجوهر، للجوهر، بالجوهر؛ وقيامَ الحقّ، بالحقّ، للحقّ؛ ونهضة الدّين، بالدّين، للدّين .
90-كان الحسين صلوات الله عليه في حياته هو الذي يخرج إلى الناس ليهديهم سواء السبيل، أمّا بعد شهادته فإن على الناس أن يخرجوا إليه ليهتدوا بهداه ، ولعلّ ذلك معنى «مصباح هدى، وسفينة نجاة» ، فالمصباح لا يطلب المحتاج إلى النور، بل يطلبه المحتاج إلى النور، والسفينة لا تطلب طالب النجاة، بل يطلبها طالب النجاة.
91-لقد علّمتنا عاشوراء أنّ خيار الشهادة هو الخيار الوحيد للأحرار، عندما يكون السيف هو الخيار الوحيد للسلطات .
92-الحسين مَنـزلٌ، وميزانٌ، ومَنـزلة ، فهو للتائهين مَنـزل ، وللعدالة ميزان ، وفي الجنّة منـزلة .
93-العبور إلى الحسين صلوات الله عليه يتطلّب العبور عن كل مغريات الدنيا وملذاتها، وشهواتها، ومباهجها، وبهارجها ، الخروج من دائرة الخوف هو الشرط الأول للدخول في مدرسة عاشوراء .
94-لقد قتلوا الحسين صلوات الله عليه حتى لا تنفلت منهم دنياهم ، غير أنّ الحسين صلوات الله عليه أمسك بزمام التاريخ فكبّ عليهم دنياهم، وطمّهم فيها .
95-الحسين صلوات الله عليه ثار الله ، وقد أسكن الله دمه في الخلد، فلن تضيع منه قطرة واحدة، لا في الدنيا ولا في الآخرة .
96-عاشوراء عنوان لألف درس في العزة، والكرامة، والإيمان، والوفاء، والشجاعة، والصدق، والإخلاص، والمقاومة، والعطاء، والتضحية والفداء .
97-الحسين صلوات الله عليه أوّل شخص كانت ولادته، لشهادته ، فما أن وُلد حتى أقيم العزاء على شهادته ومقتله ، والحسين صلوات الله عليه أيضاً أوّل شخص شهد مقتل أصحابه واحداً بعد واحد ، ثم شهد مقتل إخوته واحداً بعد واحد ، ثم شهد مقتل أولاده واحداً بعد واحد ، ثم شهد مقتل نفسه عضواً عضواً ، وعندما كان شمر بن ذي الجوشن يجلس على صدره ليحتزّ رأسه الشريف، كان الحسين صلوات الله عليه يرى ما يفعل به، ويجد ألم خنجره وهو يفري أوداجه، ويقطع رقبته، ويمزق أوصاله ، ومع كل ذلك فهو لم يستسلم، ولم يتنازل، ولم يبايع.
98-الحسين صلوات الله عليه قيمٌ، وقُدوة، وقيامة ، إنّه قيم دينيّة، وقدوة رسالية، وقيامة ربّانيّة .
99-لقد قتلوا الحسين صلوات الله عليه في كربلاء، وأرادوا أن تكون نهاية نهضته هناك ، لكن الحسين صلوات الله عليه ظهر متربصاً بكل ظالم وطاغوت، في كل بلاد الأرض ومنحنيات التاريخ ، فقد تحوّل من شخص إلى شاخص ، ومن إمام إلى أمّة ، ومن أسلوب فرد إلى مدرسة عامة ، وأصبح ملايين من الناس يحملون رايته، ورُؤيته، ورويَّته ، وعاد له ألف ظهور وظهور ، فتارة تراه في صورة شيخ طاعن في السّن مثل سليمان بن صُرد الخزاعي يقود ثورة التوّابين في الكوفة ، وتارة في صورة شاب مناضل مثل إبراهيم بن مالك الأشتر في البصرة، ومرّات أخرى في صورة شباب، وشيوخ، ونساء ورجال، هنا وهناك يثورون في وجوه البغاة، ويسقطون عروش الطغاة ، فطلاّب الحقّ والعدل يستنسخون في كل زمان ومكان ثورته، وينهضون تحت رايته، ويجابهون الظلم على طريقته، وشعاراتهم هي ذاتها شعاراته، وأساليبهم هي ذاتها أساليبه ، ويتعاقب بفضله أجيال الثوّار على مسرح الحياة، يقاومون العدوان بروح حسينيّة، ويطبّقون تعاليم عاشوراء في تغليب مصلحة الدين على مغانم الدنيا، وفي التضحية بالذات لصالح المبادئ، وفي الوقفة الشجاعة في مواجهة الموت، شاهرين سيوفهم في وجوه الظالمين، لابسين قلوبهم على دروعهم، يتهافتون على الشهادة، كتهافت الأطفال الرضع على صدور أُمهاتهم، ويسلّم السَلَفُ منهم مشعل الثورة إلى الخَلَف، جاعلين من كل أرض كربلاء، ومن كل شهر محرّم، ومن كل يوم عاشوراء .
100-بمقدار ما كان أعداء أهل البيت صلوات الله عليه مستعدّين دائماً للاستجابة الفورية لإغراءات السلطة، وارتكاب كل أنواع الجرائم من أجلها ، فإن أهل البيت صلوات الله عليه كانوا مستعدين دائماً للاستجابة الفورية لمتطلبات قيم الدين، والتضحية بكل غال ورخيص لمواجهة الأعداء ، وهذا ما ظهر جلياً في عاشوراء.
101-ثورة الحسين صلوات الله عليه وضعت جميع المسلمين أمام خيارات ثلاث:فإمّا أن يؤدّوا أدواراً حسينيّة ، أو يؤدّوا أدواراً زينبيّة ، وإلاّ فسوف يتورّطون في أداء أدوار يزيديّة.
102-كان الحسين صلوات الله عليه يقصد الكوفة، وهو يعرف أنه يُقتل في كربلاء، لكي يعلّمنا أن الحياة هي دار مجاز، وليست بدار قرار، وأنها رحلة دائمة، وليست ميناءً للوصول .
103-لقد حارب الحسين صلوات الله عليه سلطان السلطة، وليس من المعقول أن يكون هو ممن يبحث عن سلطة السلطان.
104-عدوُّ الدين اثنان: الكفر والنفاق ، ولقد هزم النبيُّ ص الكفر ، وهزم الحسين صلوات الله عليه النفاق ، فاكتمل بذلك الدين، وهذا معنى «حسين منّي وأنا من حسين».
105-الحسين صلوات الله عليه مشروع الله ، ومن هنا فهو هدف ووسيلة ، وطريقة وغاية ، وبداية ونهاية .
106-من الممكن الاستفادة من منهج الحسين صلوات الله عليه للانتصار على الأعداء للدنيا ، لكن الأفضل هو الاستفادة من منهجه للانتصار على النفس للآخرة.
107-لقد علّمتنا زينب صلوات الله عليه أنه كما لا صوت لمن لا حياة له، كذلك لا حياة لمن لا صوت له ، كلاّ ، لم يرحل الحسين صلوات الله عليه عن الحياة قطّ ، وإنما فقط ترجلت روحُهُ عن جوادها في كربلاء .
108-بعد مقتل الحسين صلوات الله عليه أصبحت زينب صلوات الله عليه بمفردها خير أمّة أخرجت للناس تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، بعد أن عادت الأمة إلى جاهليّتها الأولى .
109-سبحان الله ، !كم كان قلب الحسين صلوات الله عليه مفعماً بالحبّ حتى يبكي صباح عاشوراء على عدوّه، لأنه يدخل النار بسببه؟
110-ضرب العدوّ ألف حصار على الحسين صلوات الله عليه في كربلاء، ابتداء من حصار الجوع والعطش، وانتهاء بحصار الجراح والموت ، لكنه فشل في أن يضرب حصاراً على حرّية الحسين ع، وإرادته، واختياره.
111-بدون أن تكونوا مؤمنين حسينيّين، لن يقبل الله منكم صرفاً ولا عدلاً، ولا صلاة ولا صياماً ، إن الحسين صلوات الله عليه شرط أساسي من شروط الإيمان .
112-لقد علّمنا الحسين صلوات الله عليه بشهادته أن لا أحد على الإطلاق فوق أن يكون شهيداً في سبيل دين الله ورسالته .
113-إذا وقعتَ أسيراً لليأس فتذكّر ما فعله الحسين صلوات الله عليه في لحظاته الأخيرة: لقد نسي كلّ آلامه، وجراحاته، وتعلّق بالأمل بالله، والتوكّل عليه، والصبر على بلائه .
114-عندما يطالبنا الحسين صلوات الله عليه بأن ننصره، فهو يجيز لنا أن نلبس عمامته، وأن نمتشق حسامه، وأن نمتطي جواده، لنقاوم كل حاكم يجلس على مسند يزيد، ونقاتل كل زعيم يركب حصان عمر بن سعد، ونواجه كل مسؤول يحمل خنجر شمر بن ذي الجوشن، ونصارع كل ضابط يستخدم سهام حرملة.
115-كانت ثورة الحسين صلوات الله عليه في مواجهة التحريف والتجديف والتزييف، كما كانت في مواجهة الكفر والشرك والظلم والطغيان .
116-الحسين صلوات الله عليه مشروع دائم للنهضة الدينيّة ، ونهضة دائمة في المشروع الديني.
117-لم تدخل قطرة دم واحدة مما أُريق في كربلاء في الدورة الحضارية لأية أمّة، إلاّ وخلّصتها من كلّ سلطان ظالم، ودفعت عنها كلّ عدوان غاشم، وأعطتها خطّة واضحة المعالم .
118-من يقرأ الحسين صلوات الله عليه في عاشوراء يجد نفسه وسط عاصفة من الفضائل وطوفان من البطولات .
119-إذا كانت شهادة الرجال هي النهاية في جميع الثورات، فإنها في ثورة الحسين صلوات الله عليه كانت البداية ، فمشروع أهل البيت صلوات الله عليه لإنقاذ البلاد والعباد بدأ بشهادة الحسين صلوات الله عليه ، ألا ترى كيف أن الحسين صلوات الله عليه من عالم الملكوت، يغيّر المعادلات في عالم الناسوت؟
120-لم يرحم العدوّ أحداً في كربلاء ، فكم من عروس عادت باكية إلى أهلها من غير عرّيسها ، وكم من أُمّ عادت إلى بيتها صارخة بعد مقتل طفلها ، وكم من أُخت رجعت إلى دارها، وهي تندب أخاها ، ولكنّهم عادوا راضين مرضيّين، فقد كتب عليهم القدر سلفاً أن يكون القتل لهم عادة، وكرامتهم من الله الشهادة .
121-كل ما كان يطمح إليه يزيد هو أن يقضي على الحسين صلوات الله عليه وأصحابه في كربلاء، لكن نهضة الإمام ليس فقط قضت على سلطة يزيد وبني أمية بالكامل، وإنما زلزلت – ولا تزال – كل سلطة اشتركت، ولو في نقطة واحدة، مع سلطة يزيد ، فشبح كربلاء يظل يلاحق الظالمين في جميع مراكز الحكم في حاضرة العالم الإسلامي وخارجها، إلى يوم القيامة .
ونسألكم الدعاء.