حفيد الكرار
18-11-2012, 09:20 PM
کان المرحوم السيّد البروجردي(1) رحمه الله، يدرّس الأصول في مسجد «عشق علي»(2) عصراً ، وفي أحد الأيّام وبينما السيّد يلقي الدرس من علي المنبر وجّه أحد التلاميذ الحاضرين إشکالاً علي الموضوع الذي کان يطرحه السيّد. فأجاب السيّد علي الإشکال، ولکن التلميذ استشکل مرّة أخري، وأجاب السيّد أيضاً، ولکنه احتدّ هذه المرّة في کلامه بعض الشيء، فسکت التلميذ.
يقول السيّد الخونساري: کنت قد أتممت صلاة المغرب في اليوم نفسه ولم أصلّ العشاء بعد عندما جاءني خادم السيّد البروجردي وقال لي: «يطلب منك السيّد أن تحضر عنده الآن». أسرعت الي السيّد فرأيت التأثّر بادياً عليه وکان واقفاً عند باب مکتبته متعجّلاً قدومي؛ فقال لي: لقد صدرت حدّة في کلامي مع ذلك التلميذ الذي استشکل عليّ اليوم وأريد منك أن تأخذني إليه قبل أن أصلّي المغرب والعشاء لأعتذر منه، فلم يکن ما قد صدر منّي تجاهه صحيحاً.
يقول السيّد الخونساري: قلت للسيد: ان الشيخ (التلميذ) يؤمّ جماعة المصلّين في المسجد الفلاني ثمّ يذکر بعد ذلك بعض المسائل الشرعية للناس ويجيب علي أسئلتهم، فهناك أمامنا زهاء ساعتين ريثما يذهب الشيخ إلي بيته، فلأذهب الليلة وحدي إلي بيته وأخبره بالأمر واُرتّب معه موعداً لزيارته غداً، لكي نذهب سويّة إلي منزله.
وهکذا حدَث، فلقد أخبرت الشيخ بالأمر ليلاً ، وفي الصباح الباکر ذهبت إلي حرم السيّدة المعصومة عليها السلام کما جرت عادتي علي ذلك، ثمّ رجعت الي البيت وإذا بي أري السيّد البروجردي مستقلاًّ عربته، مستعدّاً أمام بيتي ينتظرني، وکان رحمه الله كبير السنّ لايستطيع المشي بسهولة، فرکبت معه العربة وانطلقنا إلي بيت الشيخ الذي ما إن سمع طرق الباب حتي أسرع إلي فتحه ورحّب بالسيّد کثيراً. کيف لا وقد کان طالباً بين يديه والسيّد يومذاك كان مرجعاً عامّاً للشيعة، وکان الشيخ من مقلّديه.
يقول السيّد الخونساري: عندما دخل السيّد أمسك بيد الشيخ وهمّ بتقبيلها لولا أنّ الشيخ سحب يده بقوّة ممتنعاً!!
قال السيّد البروجردي: اعذرني علي شدّتي في الکلام معك أمس، فما کان ينبغي لي أن أفعل ذلك!
فقال له الشيخ: أنت سيّدنا ومولانا ومرجع المسلمين وأنا أحدهم، وتوجّهك هذا إليّ يعدّ فضلاً منك عليّ.
ولکن السيّد البروجردي کرّر قوله بطلب العفو والصفح.
وهنا نسأل: اذا صدر من الإنسان شيء لم يکن ـ أو شعر أنّه لم يکن ـ في محلّه، ألا يجدر به العمل بما وافق السنّة؟ فإن عمل به فهو أحسن الأعمال وإلا فلا. ولو لم يکن السيّد البروجردي رحمه الله ممتلئاً بعلوم أهل البيت سلام الله عليهم لما وُفق لهذا التوفيق ببلوغ أحسن الأعمال؛ الأمر الذي يجعلنا ندرك مدى أهميّة الحديث المتقدّم المرويّ عن الإمام الرضا سلام الله عليه والذي يقول فيه: «يتعلّم علومنا ويعلّمها الناس».
(1) تزعّم الحوزة العلمية في مدينة قم المقدّسة بعد رحيل مؤسّسها المرحوم الشيخ عبدالکريم الحائري، ولعلّ العشرات بل المئات من الأفاضل الموجودين الآن في قم حضروا درسه أو التقوه، وهذه القصّة التي وقعت إبان مرجعيته العامّة للشيعة مدوّنة في تاريخه، ونُقلت عنه کثيراً، ومن الذين نقلوها مراراً السيد مصطفي الخونساري رحمه الله، الذي کان ملازماً له.
(2) أحد المساجد المعروفة في قم المقدّسة.
نقلاً عن كتاب حلية الصالحين لسيد صادق الشيرازي
يقول السيّد الخونساري: کنت قد أتممت صلاة المغرب في اليوم نفسه ولم أصلّ العشاء بعد عندما جاءني خادم السيّد البروجردي وقال لي: «يطلب منك السيّد أن تحضر عنده الآن». أسرعت الي السيّد فرأيت التأثّر بادياً عليه وکان واقفاً عند باب مکتبته متعجّلاً قدومي؛ فقال لي: لقد صدرت حدّة في کلامي مع ذلك التلميذ الذي استشکل عليّ اليوم وأريد منك أن تأخذني إليه قبل أن أصلّي المغرب والعشاء لأعتذر منه، فلم يکن ما قد صدر منّي تجاهه صحيحاً.
يقول السيّد الخونساري: قلت للسيد: ان الشيخ (التلميذ) يؤمّ جماعة المصلّين في المسجد الفلاني ثمّ يذکر بعد ذلك بعض المسائل الشرعية للناس ويجيب علي أسئلتهم، فهناك أمامنا زهاء ساعتين ريثما يذهب الشيخ إلي بيته، فلأذهب الليلة وحدي إلي بيته وأخبره بالأمر واُرتّب معه موعداً لزيارته غداً، لكي نذهب سويّة إلي منزله.
وهکذا حدَث، فلقد أخبرت الشيخ بالأمر ليلاً ، وفي الصباح الباکر ذهبت إلي حرم السيّدة المعصومة عليها السلام کما جرت عادتي علي ذلك، ثمّ رجعت الي البيت وإذا بي أري السيّد البروجردي مستقلاًّ عربته، مستعدّاً أمام بيتي ينتظرني، وکان رحمه الله كبير السنّ لايستطيع المشي بسهولة، فرکبت معه العربة وانطلقنا إلي بيت الشيخ الذي ما إن سمع طرق الباب حتي أسرع إلي فتحه ورحّب بالسيّد کثيراً. کيف لا وقد کان طالباً بين يديه والسيّد يومذاك كان مرجعاً عامّاً للشيعة، وکان الشيخ من مقلّديه.
يقول السيّد الخونساري: عندما دخل السيّد أمسك بيد الشيخ وهمّ بتقبيلها لولا أنّ الشيخ سحب يده بقوّة ممتنعاً!!
قال السيّد البروجردي: اعذرني علي شدّتي في الکلام معك أمس، فما کان ينبغي لي أن أفعل ذلك!
فقال له الشيخ: أنت سيّدنا ومولانا ومرجع المسلمين وأنا أحدهم، وتوجّهك هذا إليّ يعدّ فضلاً منك عليّ.
ولکن السيّد البروجردي کرّر قوله بطلب العفو والصفح.
وهنا نسأل: اذا صدر من الإنسان شيء لم يکن ـ أو شعر أنّه لم يکن ـ في محلّه، ألا يجدر به العمل بما وافق السنّة؟ فإن عمل به فهو أحسن الأعمال وإلا فلا. ولو لم يکن السيّد البروجردي رحمه الله ممتلئاً بعلوم أهل البيت سلام الله عليهم لما وُفق لهذا التوفيق ببلوغ أحسن الأعمال؛ الأمر الذي يجعلنا ندرك مدى أهميّة الحديث المتقدّم المرويّ عن الإمام الرضا سلام الله عليه والذي يقول فيه: «يتعلّم علومنا ويعلّمها الناس».
(1) تزعّم الحوزة العلمية في مدينة قم المقدّسة بعد رحيل مؤسّسها المرحوم الشيخ عبدالکريم الحائري، ولعلّ العشرات بل المئات من الأفاضل الموجودين الآن في قم حضروا درسه أو التقوه، وهذه القصّة التي وقعت إبان مرجعيته العامّة للشيعة مدوّنة في تاريخه، ونُقلت عنه کثيراً، ومن الذين نقلوها مراراً السيد مصطفي الخونساري رحمه الله، الذي کان ملازماً له.
(2) أحد المساجد المعروفة في قم المقدّسة.
نقلاً عن كتاب حلية الصالحين لسيد صادق الشيرازي