المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : المرجع الشيرازي: الحكّام الذين يمنعون إقامة الشعائر الحسينية هم من أئمة الكفر


هامة التطبير
21-11-2012, 02:20 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف

http://im17.gulfup.com/ZuWu2.jpg (http://www.gulfup.com/?H7Dd8z)

المرجع الشيرازي: الحكّام الذين يمنعون إقامة الشعائر الحسينية هم من أئمة الكفر

في ليلة الحادي عشر من شهر محرّم الحرام 1430 للهجرة والتي تسمّى بـ (ليلة الوحشة)، وكالسنوات السابقة، ألقى المرجع الديني سماحة آية الله العظمى السيد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله كلمة مهمة حول الشعائر الحسينية المقدسة، بالمئات من المعزّين، وذلك في بيته المكرّم بمدينة قم المقدسة.

في بداية كلمته قدّم سماحته تعازيه لمولانا المفدّى اﻹمام صاحب العصر والزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف بذكرى عاشوراء واستشهاد مولانا سيد الشهداء اﻹمام الحسين صلوات الله عليه، وسأل الله تبارك وتعالى أن يمنّ على المعزّين ومقيمي الشعائر الحسينية في أرجاء المعمورة بالتوفيق والخير وقبول الطاعات والخدمات.

ثم تلا سماحته العبارة الأخيرة التي تُقرأ في زيارة عاشوراء الشريفة في حالة السجود، وهي: «وثبّت لي قدم صدق عندك مع الحسين وأصحاب الحسين الذين بذلوا مهجهم دون الحسين عليه السلام» وقال:

إن عبارة «لسان صدق» في زيارة عاشوراء هي كنظيراتها التي وردت في القرآن الكريم واﻷدعية والزيارات، ومنها قوله تعالى : «وجعلنا لهم لسان صدق عليّاً» (1). ومعنى القدم هنا هو اﻹقدام، فاﻹنسان عندما يقدم على أي عمل يقوم عادة بتحريك ورفع قدميه أولاً. وهذه الفقرة من زيارة عاشوراء تشير إلى أن بعض اﻷقدام هي أقدام كذب وإن ادّعى أصحابها بأنها في سبيل اﻹمام الحسين صلوات الله عليه.

لقد خرج مع اﻹمام الحسين صلوات الله عليه إلى كربلاء اﻷلوف، ولكن لم يبقَ معه إلى يوم العاشر من المحرم ليضحّي بنفسه في سبيل نصرة الإمام إلاّ قليل كزهير بن القين رضوان الله تعالى عليه. وقد كان عمل زهير هذا مصداقاً لـ(قدم صدق). وكان عمل الذين تركوا اﻹمام الحسين صلوات الله عليه مصداقاً لـ(قدم كذب)؛ ﻷنه لو كانت أقدامهم قدم صدق لبقوا مع اﻹمام الحسين صلوات الله عليه ونصروه لينالوا بذلك السعادة اﻷبدية.

قام بعض الأشخاص على مرّ التاريخ وفي سبيل اﻹمام الحسين صلوات الله عليه بأعمال كانت بالظاهر حسنة، ورغّبوا اﻵخرين وشجّعوهم على إحياء الشعائر الحسينية ونشرها وتوسيعها، بل بعضهم شارك في مراسم العزاء، لكنهم بعد فترة غيّروا طريقتهم وبدوا يعترضون على الشعائر الحسينية ويحاربونها ويعرقلونها، ومنهم رضا بهلوي (والد الشاه المقبور). فهذا الرجل في بداية سيطرته على الحكم كان يشجّع على إقامة الشعائر وكان يحضر في مراسم العزاء، وأنا شخصياً رأيت صورة عن مشاركته في مراسم العزاء الحسيني في إحدى الصحف اﻹيرانية ذلك الحين، لكنه بعد أن استتبّ حكمه شرع في محاربة الشعائر الحسينية ومنعها والصدّ عنها. ونقل كبار السنّ عن أوضاع ذلك الزمان أن شرطة البهلوي فرضت غرامة مالية كبيرة على كل من يقيم مجلس العزاء وعلى الخطيب، وفرضت غرامة مالية أيضاً وبنسبة أقلّ على المشاركين في مجالس العزاء، وكانوا يبطلون جواز عمل كثير من الكسبة.

وانتهج أوباش حزب البعث العراقي النهج نفسه وزادوا على البهلوي بأنهم قمعوا واضطهدوا كل المعزّين الحسينيين، بل منعوا من الذهاب إلى زيارة الإمام الحسين صلوات الله عليه مشياً على الأقدام وقتلوا اﻵلاف منهم وهم في طريقهم إلى كربلاء المقدسة.

وأكّد سماحته ضرورة المشاركة في خدمة قضية مولانا سيد الشهداء صلوات الله عليه باليد واللسان والمال وما شابه ذلك، وقال:

على كل فرد حسب قدرته وطاقاته أن يخطو ويقدّم الخدمة. ومن كان ذا مال كثير فعليه أن يقدم أكثر من اﻵخرين.

كان السيد صالح الحلّي من خطباء العراق البارعين وكان من تلاميذ المرحوم السيد محمد كاظم اليزدي قدّس سرّه صاحب كتاب (العروة الوثقى).

وكان السيد الحلّي يرتقي المنبر الحسيني ولسنين عديدة عند أحد التجّار.

ذات سنة وكعادته دعا ذلك التاجر السيد الحلّي ليرتقي المنبر في مجلسه، لكن السيد اعتذر له ولم يقبل دعوته، وأصرّ التاجر على السيد أن يعرف سبب رفضه، لكنه امتنع ولم يقل له شيئاً. وخوفاً من ذهاب ماء وجهه أخبر التاجر السيد اليزدي بذلك وطلب منه الوساطة. فطلب السيد اليزدي السيد الحلّي وسأله عن سبب امتناعه، فتعذّر أيضاً السيد الحلّي عن ذلك. فقال له السيد اليزدي:

أنا آمرك أن تقرأ له المجلس.

قال السيد الحلّي: سمعاً وطاعة، ولكن بما أنكم أمرتموني بذلك سأخبركم عن سبب امتناعي، وهو إني رأيت مولانا اﻹمام سيد الشهداء صلوات الله عليه في عالم الرؤيا فقال لي:

لا تقرأ في بيت هذا الرجل. فقلت له سلام الله عليه: سمع وطاعة، ولكن هل يمكن أن تخبروني عن سبب ذلك. فقال الإمام سلام الله عليه: إن الله تعالى قد منّ على هذا الرجل بثروة كبيرة لكنه يتعامل معي كالفقير.

فقد كان الرز والسمن الذي يستعملهما ذلك الرجل في طبخ الطعام الذي يقدّمه في مجلسه للمعزّين من أرخص ما هو موجود في السوق.

فقال السيد اليزدي: إذاً دعك مما أمرتك به ولا تقرأ له.

وفي جانب آخر من كلمته أشار سماحته إلى ضرورة تأسيس قنوات فضائية شيعية وقال:

لقد اُسست اليوم وتحت عناوين ومسمّيات مختلفة المئات من القنوات الفضائية، وكلّها تعمل على تضليل الناس وغسل أدمغتهم في سبيل إبعادهم عن أهل البيت وعن اﻹمام الحسين وعن مولاتنا الزهراء صلوات الله عليهم أجمعين. فكم هو جدير بالمؤمنين أن يؤسّسوا قناة فضائية باسم مولانا سيد الشهداء صلوات الله عليه، بحيث تغطّي ببثّها أرجاء المعمورة ببرامج تعرّف اﻹمام الحسين صلوات الله عليه وشعائره المقدسة. وقد يصعب هذا العمل في بدايته لكنه يسهل بهمم المؤمنين والشباب وبالصبر وبتحمل المشاكل. فإذا اهتمّ المؤمنون بهذا الأمر من هذه الساعة فسنأمل إن شاء الله تعالى أن تكون عندنا قناة فضائية باسم الحسين صلوات الله عليه في السنة القادمة. وليعلم اﻹخوة الذين يتمتعون بقدرة مالية كبيرة أن مسؤوليتهم في هذا المجال أكبر من غيرهم. وعلى الضعفاء مالياً أن لا ينسوا بأن مسؤوليتهم هي أن يستعملوا جوارحهم في هذا المجال، وأقلّ ذلك هو نشر الشعائر الحسينية بلسانهم.

وأكد سماحة المرجع الشيرازي دام ظله ضرورة التثقيف في مجال الشعائر الحسينية وقال:

لم يكن يوم عاشوراء عطلة رسمية في زمن حكم البهلوي، ومن كان يغلق دكانه ومحل عمله اعتبروه مجرماً. وأما في عصرنا الحالي فإن ربع سكان الكرة اﻷرضية عندهم يوم عاشوراء عطلة رسمية. فأتباع أهل البيت في الهند هم أقليّة ويشكلون نسبة عشرة بالمئة من مجموع سكان الهند الذين أغلبهم عبّاد أوثان وأصنام، لكن ومنذ خمسين سنة يعتبر يوم عاشوراء في الهند عطلة رسمية للمسلمين ولعبّاد البقر ولعبّاد اﻷصنام وغيرهم.

إن مولانا اﻹمام الحسين صلوات الله عليه لا يخصّ الشيعة فقط. فكثير من الكفّار في شرق اﻷرض وغربها يقيمون مجلس العزاء على اﻹمام الحسين صلوات الله عليه، ويحزنون عليه، وينظمون الشعر بحقّه، ويؤلّفون الكتب حوله.

إذن أليس من الجدير أن يكون لهذا اﻹمام العظيم قناة فضائية مستقلة؟!

أنتم يا شباب الشيعة إن لم تهتموا لهذا اﻷمر فسيقوم به غيركم. فكثير من الكفّار استفادوا من اﻹمام الحسين صلوات الله عليه، وكثير من أتباع موسى الكليم وعيسى المسيح على نبينا وآله وعليهما الصلاة والسلام استبصروا بنور التشيّع وذلك ببركة مولانا اﻹمام الحسين صلوات الله عليه.

وأشار سماحته إلى سعة انتشار إقامة الشعائر الحسينية رغم محاربتها من قبل بعض الحكومات وشدّد قائلاً:

لقد شاء الله سبحانه وتعالى أن تتسع إقامة الشعائر الحسينية يوماً بعد يوم رغم محاربتها. فالله تعالى شاء أن تشرق الشمس، وأن يبزغ القمر، وأن تجذب اﻷرض اﻷشياء، وليس بحول الشمس والقمر واﻷرض أن يقوموا بغير ما شاء الله جلّ وعلا. وهكذا فيما يخصّ قضية مولانا سيد الشهداء صلوات الله عليه، فقد شاء الله عزّ وجلّ أن تزداد الشعائر الحسينية وتتسع يوماً بعد يوم رغم عرقلة الظالمين لها ومحاربتها، وهذا وعد إلهي تكويني وقطعي، ولا يمكن عرقلته أو منعه.

يقول مولانا رسول الله صلى الله عليه وآله حول قضية مولانا اﻹمام الحسين صلوات الله عليه: «وليجتهدنّ أئمة الكفر وأشياع الضلالة في محوه وتطميسه، فلا يزداد أثره إلاّ ظهوراً وأمره إلاّ علوّاً» (2). وهنا نكتة مهمة جداً وهي أن مولانا الرسول صلى الله عليه وآله قد بيّن أن محاولات محاربة القضية الحسينية لها نتائج عكسية أي إن هذه المحاولات تبعث على ازدياد واتّساع إحياء قضية اﻹمام الحسين صلوات الله عليه، وليس أنها محاولات عقيمة فقط. فقبل خمسين سنة كانت الشعائر الحسينية تقام في إيران وفي بعض الدول في الشرق اﻷوسط. أما اليوم فإنها تقام بجنب البيت اﻷبيض وبجنب قصر الكرملين وفي المناطق القريبة من قطب الشمال والجنوب، وتزداد انتشاراً يوماً بعد يوم.

حسب كلام مولانا رسول الله صلى الله عليه وآله فإن الرؤساء والحكّام الذين يمنعون إقامة الشعائر الحسينية هم من أئمة الكفر. فالبهلوي الذي كان يعدّ نفسه مسلماً وشيعياً هو من أئمة الكفر. وصدام أيضاً حيث كان يعدّ نفسه مسلماً فهو حسب قول الرسول صلى الله عليه وآله من أئمة الكفر ﻷنه حاول إطفاء نور الحسين صلوات الله عليه.

وقال سماحته: لقد قال مولانا اﻹمام الحسين صلوات الله عليه ﻷصحابه اﻷخيار سلام الله عليهم: «إن القوم إنما يطلبونني، ولو أصابوني لهوا عن طلب غيري» (3) وبيّن لهم أنهم سيقتلون لو بقوا معه. ولكن اﻷصحاب سلام الله عليهم مع يقينهم بأنهم سيقتلون ببقائهم مع اﻹمام، لم يتركوا اﻹمام الحسين وضحّوا بأنفسهم بين يديه صلوات الله عليه، وهم في الواقع إنما فدوا أرواحهم كي تطول مدّة بقاء اﻹمام الحسين صلوات الله عليه وتتأخّر ساعة شهادته.

قال المرحوم الشيخ عبد الكريم الحائري قدّس سرّه مؤسس الحوزة العلمية المباركة في مدينة قم المقدسة حول استشهاد أصحاب اﻹمام الحسين قبله صلوات الله عليه: (إن كل لحظة من لحظات عمر اﻹمام الحسين سلام الله عليه أفضل من الخلق أجمعين).

وعقّب سماحته قائلاً: إن قطرة واحدة من دم مولانا أبي الفضل العباس وسيّدنا علي اﻷكبر سلام الله عليهما أفضل من العالم، لكنها جديرة أن تهدر في سبيل تأخير ساعة استشهاد مولانا اﻹمام الحسين صلوات الله عليه.

====

المصادر:
1) سورة مريم: الآية 50.
2) الكامل في الزيارات/ الباب الثامن والثمانون فضل كربلاء/ ص 262.
3) المناقب/ج4/ فصل في مقتله عليه السلام/ ص 99.

ومع السلامة.