مرتضى علي الحلي
03-12-2012, 11:28 PM
: الأنثروبولوجيا الثقافيّة والقضيَّة المَهدويَّة :
==========================
توظيفٌ في التقارب الآيديولوجي والمُعطيات :
===========================
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله المعصومين
:تمهيد :
=====
إنَّ الإطّلاع المفتوح والتتبع المعرفي في العلوم الإنسانيّة الجديدة وخاصة في المواقع الألكترونية عامة
والنشر الكتابي و الرقميّ خاصة.
يُثبِتْ وجود ثمةَ إتجاه عند مَن كتب في علم الأنثروبولوجيا عامة من باحثي الغرب وحتى الشرق .
فضلاً عن مَن يهتمون بهذا المنحى الإنساني الجديد من مثقفين وقرّاء وغيرهم.
يتجلى هذه الإتجاه في محور الثقافة الإنسانية عامة تكوِّناً وصيرورةً وتطورا .
مما يدفعنا حافز الإيمان بقضيّة الإمام المهدي :عليه السلام:
فكرةً وشخصاً ومفهوماً ومصداقا .
إلى ضرورة التعرّف على هذه الإتجاه الإنساني في طوره وسيره الثقافي باعثاً وهدفا .
وفهم الآيديولوجيّة
عند أصحاب هذا الإتجاه الجديد في علم الأنثروبولوجيا
في المنظومة المفهومية والتطبيقية
والتي تؤمن بضرورة أن تصحح الشعوب والأمم والأفراد ثقافاتها بالوجهة الحقة
وهذا ما نعتقد أنه سيحصل قطعاً في ظرف نضج العقل الإنساني وتكامل وعيه فعليّا.
وهو ما نُعبِّر عنه بعصر ظهور الإمام المهدي :عليه السلام: وقيامه بالحق .
من هنا لابدَّ من بيان مفهوم الأنثروبولوجيا
والذي يعني علم الإنسان الثقافي أو الأناسة الثقافية
Cultural anthropology
: وهو من فروع علم الإنسان العام
يهتم بدراسة الثقافة من جوانبها المختلفة حيث يركز على دراسة بناء الثقافات البشرية وأدائها لوظائفها في كل زمان ومكان.
و يهتم دارس الإناسة الثقافية بجميع الثقافات لأنه يسهم في الكشف عن استجابات الناس نحو مشكلات الحياة والعمل
ومن أهم عناصر الثقافة اللغة
ويرجع الفضل إلى العالم إدوارد تايلور في نشأة هذا الفرع وتطوره وتنظيم موضوعاته في إطار واحد ينتظم حول الثقافة
ولعلَّ التعريف الذي قدمه تايلور لا يزال سائداً حتى يومنا هذا على الرغم من ظهوره عام 1878
ويذهب تعريف الثقافة إلى أنها
: ذلك الكل المركب الذي يضم المعرفة والعادات والمعتقدات والأخلاق والفن والقانون
وأية قدرات أخرى يكتسبها الإنسان باعتباره عضواً في المجتمع
إنظر :ويكيبيديا :الموسوعة الحرَّة :
إنَّ المِيزة البارزة في علم الأنثروبولوجيا
هي تقاربها الآيديولوجي والإنساني في دراستها الموضوعية والواقعية للظاهرة الثقافية بشريا وتأريخيا
مع ما نؤمن به دينياً .
مِن الإهتمام بالظاهرة الثقافيّة المؤثّرة في الشخصيّة الإنسانية فكرا وسلوكا .
ودراسة عناصرها الفكرية وعمليات التغيير التي تطرأ عليها
وقدرتها على التمازج الثقافي مع ما تختلف معه جوهراً وعرضا .
وتحديد الخصائص المتشابه بين الثقافات الإنسانية عامة
والتي من أهمها :بحسب مُدركات العقل العملي بشريا
:1:
حسن العدل وضرورة تطبيقه
:2:
قبح الظلم وضرورة تجنبه
:3:
الإيمان بالحق وإنكار الباطل
:4:
المساواة التطبيقية
وغيرها كثير
والإهتمام أيضاً بالمراحليّة التطورية معرفياً وثقافياً وتكنولوجيا.
فالأنثربولوجيا المُعاصرة تتجه اليوم إلى طرح حلول ومعالجات جادة للإشكاليات التي تواجهها الشعوب وحكوماتها .
وخاصة في أبعاد الإقتصاد والإدارة والحقوق الإنسانية والدينية والأخلاقية .
وتؤمن بالتغيير الحضاري الصالح والإيجابي للإنسانية قاطبة.
وهذا الإتجاه الإنساني المنحى فرض عليها الإيمان بالتواصل الحضاري والثقافي مع الآخر المُختلف معها .
بحيث أسسوا قسماً خاصاً يهتم بدراسة الثقافات البشرية كافة والمقارنة بينها والإفادة منها والتأثير بها .
من خلال الإتصال الثقافي أو ما يُسمونه بالتثاقف والمُثاقفة
وأضفُ إليها تنقيحاً وتصحيحاً الإيجابية المُطلقة آيديولوجياً وأخلاقياً .
و يفرضُ علينا خاصة نحن المؤمنين
بالقضية المهدوية فكرةً وشخصا .
عرض ثقافتنا الإسلامية والمهدوية بوصفها
ظاهرةً ثقافية إنسانية ومُعتقداً دينيا مُحقا .
بإتباعنا منهج الحوار الموضوعي المُتسالم عليه عقلائيا بين بني البشر .
والإنطلاق وفق ما يؤمن به الآخر من نظريات إنسانية تتقارب آيديولوجيا مع مرتكزاتنا الفكرية والدينية والثقافية .
لاسيما الإتجاه الذي يؤمن بأنَّ التأريخ الإنساني يتجه في حركته نحو التكامل والتطور والتنمية البشرية والتوحد الثقافي وربما حتى النفسي بين بني البشر
حيثُ تتوفر المُناخات الإيجابية والصالحة
وتستقر الإدراكات في الذهن الإنساني عند نقطة العدل والحق مفاهيميا .
مما يَلزَم من ذلك الإستقرار الإدراكي تطبيقا عادلاً ومشروعا .
وليس من الغلو ولا حتى من الميثولوجيّا
فيما إذا تبنينا نظرية الأنثروبولوجيا في دراسة المهدويَّة الحقّة .
لطالما هناك توحد في البواعث والدوافع والأهداف بالمعنى الإجتماعي والثقافي
بين منظومتي الأنثربولوجيا العامة والإسلام خاصة .
ذلك كون مادة الإجتماع والتقارب بين المنظومتين
هو دراسة الإنسان بوصفه كائناً عضويا في المجتمع البشري
وله وظائفه ووسائله في صنع الحدث المجتمعي
وقدرته في التأثير والتأثر في الظاهرة الثقافيّة .
لذا نجد طلب السلام والعدل والمساواة والإصلاح
كلها مواد جامعة لإتجاهات التغيير في الأنثروبولوجيا والإسلام في التوصيف المهدوي خاصة .
وإن إختلفتْ الأنماط والمناهج تطبيقيا .
فالمهم هو الإلتقاء في النتيجة والثمرات .
مما يُشكِّل ذلك المُلتقى دافعاً لنا
(نحن المؤمنين بالظاهرة المهدوية بوصفها إعتقاداً
أو ثقافةً )
في ضرورة التأصيل والتحرك الواعي إنطلاقاً من الأصل إلى النتيجة
والحفاظ على إستقرار الإدراك الذهني عندنا عقدياً وثقافيا .
وعدم السماح للآخر بإختطاف إدراكنا في وقتٍ ما .
فإذا كانتْ آيديولوجيّة الأنثروبولوجيا تؤمن
بأنَّ للظاهرة الثقافية الإنسانية وجهان
عقلاني وموضوعي
يتوفّر الوجه الأول على ثقافة عقلانية قويمة مقبولة عند الجميع مفاهيميا وإذعانيا .
ويتوفّر الوجه الثاني على حزمة من القيم الإجتماعية والفكرية وأنماطها الصائبة مما يؤسِّس لطريقة حياة صالحة للناس أجمعين .
فكذلك يوجد عند الآيديولوجيَّة المهدوية
الوجهان العقلاني والموضوعي ذاتهما .
إذ الظاهرة أو العقيدة المهدوية تنطلق هي الأخرى
من أصلٍ عقلاني مكين ومتين يقيناً .
وأعني به ضرورة وجود إمام معصوم ومُصلح للعالم أجمع .
ومن واقع موضوعي قويم يُرادُ له التحقق وجوديا .
وأعني به قيمة وحقيقة الإعتقاد بولادة الإمام المهدي :عليه السلام:
ووجوده الواقعي المُعاصر وترقب ظهور الشريف :
في المستقبل القريب وبإذن الها تعالى .
ومما يُلفتْ الإنتباه
أنَّ علماء الأنثروبولوجيا المُعاصرين يعتقدون أنَّ الحضارة الإنسانية المُرتقبة ما هي إلاَّ مجرد نوعٍ راقٍ وشكل خاص من الثقافة .
وهذا يعني أنَّ الثقافة الإنسانية العامة والمتجانسة لها معايير قيَميَّة تتحدد بحسب دراسة الإنثروبولوجيا في
محددات
أهمها :
:1:
التحيّزاتْ الثقافية :ويعنون بها
(القيم والمعتقدات المتجانسة بين الناس أجمعين )
وهنا نتحد ونتفق معهم بالتجانس القيمي والإعتقادي الحق كالإيمان بالخير والعدل
وما يجوز وما لايجوز عقلانيا .
:2:
العلاقات الإجتماعيّة التي تربط بني البشر ببعضهم البعض الناتجة عن التعارف والتواصل الإنساني إيجابيا
وهذا المُحدد المعياري في بوصلة الثقافة الإنسانية العامة
قد أشار إليه القرآن الكريم .
في قوله تعالى
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ }الحجرات13
:3:
أنماط وأساليب الحياة العامة ويعنون بها الحداثة الإسلوبية المُمنهجة ووسائل التجدد التقني والتكنولوجي .
وهذا المحدد الأخير هو ناتج كلي مركب من المُحددَين الأول والثاني .
وبهذا التحديد المعياري والقيمي للظاهرة الثقافية الإنسانية
تتمكن الثقافة هذه من أن تهدي الإنسان للتي هي أحسن وأقوم سبيلا .
وبالتالي تتقارب المفاهيم في معقولاتها الأولية والثانوية
بين الآيديولوجيتين الأنثروبولوجيا والمهدوية .
وربما تتفق معها في آخر الأمر في وحدة المنهج التطبيقي للإصلاح العام بشريا .
وللبحث تتمّة إن شاء الله تعالى والتوفيق منه عزّ وجل
والسلامُ عليكم ورحمة الله وبركاته
مرتضى علي الحلي : النجف الأشرف
==========================
توظيفٌ في التقارب الآيديولوجي والمُعطيات :
===========================
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله المعصومين
:تمهيد :
=====
إنَّ الإطّلاع المفتوح والتتبع المعرفي في العلوم الإنسانيّة الجديدة وخاصة في المواقع الألكترونية عامة
والنشر الكتابي و الرقميّ خاصة.
يُثبِتْ وجود ثمةَ إتجاه عند مَن كتب في علم الأنثروبولوجيا عامة من باحثي الغرب وحتى الشرق .
فضلاً عن مَن يهتمون بهذا المنحى الإنساني الجديد من مثقفين وقرّاء وغيرهم.
يتجلى هذه الإتجاه في محور الثقافة الإنسانية عامة تكوِّناً وصيرورةً وتطورا .
مما يدفعنا حافز الإيمان بقضيّة الإمام المهدي :عليه السلام:
فكرةً وشخصاً ومفهوماً ومصداقا .
إلى ضرورة التعرّف على هذه الإتجاه الإنساني في طوره وسيره الثقافي باعثاً وهدفا .
وفهم الآيديولوجيّة
عند أصحاب هذا الإتجاه الجديد في علم الأنثروبولوجيا
في المنظومة المفهومية والتطبيقية
والتي تؤمن بضرورة أن تصحح الشعوب والأمم والأفراد ثقافاتها بالوجهة الحقة
وهذا ما نعتقد أنه سيحصل قطعاً في ظرف نضج العقل الإنساني وتكامل وعيه فعليّا.
وهو ما نُعبِّر عنه بعصر ظهور الإمام المهدي :عليه السلام: وقيامه بالحق .
من هنا لابدَّ من بيان مفهوم الأنثروبولوجيا
والذي يعني علم الإنسان الثقافي أو الأناسة الثقافية
Cultural anthropology
: وهو من فروع علم الإنسان العام
يهتم بدراسة الثقافة من جوانبها المختلفة حيث يركز على دراسة بناء الثقافات البشرية وأدائها لوظائفها في كل زمان ومكان.
و يهتم دارس الإناسة الثقافية بجميع الثقافات لأنه يسهم في الكشف عن استجابات الناس نحو مشكلات الحياة والعمل
ومن أهم عناصر الثقافة اللغة
ويرجع الفضل إلى العالم إدوارد تايلور في نشأة هذا الفرع وتطوره وتنظيم موضوعاته في إطار واحد ينتظم حول الثقافة
ولعلَّ التعريف الذي قدمه تايلور لا يزال سائداً حتى يومنا هذا على الرغم من ظهوره عام 1878
ويذهب تعريف الثقافة إلى أنها
: ذلك الكل المركب الذي يضم المعرفة والعادات والمعتقدات والأخلاق والفن والقانون
وأية قدرات أخرى يكتسبها الإنسان باعتباره عضواً في المجتمع
إنظر :ويكيبيديا :الموسوعة الحرَّة :
إنَّ المِيزة البارزة في علم الأنثروبولوجيا
هي تقاربها الآيديولوجي والإنساني في دراستها الموضوعية والواقعية للظاهرة الثقافية بشريا وتأريخيا
مع ما نؤمن به دينياً .
مِن الإهتمام بالظاهرة الثقافيّة المؤثّرة في الشخصيّة الإنسانية فكرا وسلوكا .
ودراسة عناصرها الفكرية وعمليات التغيير التي تطرأ عليها
وقدرتها على التمازج الثقافي مع ما تختلف معه جوهراً وعرضا .
وتحديد الخصائص المتشابه بين الثقافات الإنسانية عامة
والتي من أهمها :بحسب مُدركات العقل العملي بشريا
:1:
حسن العدل وضرورة تطبيقه
:2:
قبح الظلم وضرورة تجنبه
:3:
الإيمان بالحق وإنكار الباطل
:4:
المساواة التطبيقية
وغيرها كثير
والإهتمام أيضاً بالمراحليّة التطورية معرفياً وثقافياً وتكنولوجيا.
فالأنثربولوجيا المُعاصرة تتجه اليوم إلى طرح حلول ومعالجات جادة للإشكاليات التي تواجهها الشعوب وحكوماتها .
وخاصة في أبعاد الإقتصاد والإدارة والحقوق الإنسانية والدينية والأخلاقية .
وتؤمن بالتغيير الحضاري الصالح والإيجابي للإنسانية قاطبة.
وهذا الإتجاه الإنساني المنحى فرض عليها الإيمان بالتواصل الحضاري والثقافي مع الآخر المُختلف معها .
بحيث أسسوا قسماً خاصاً يهتم بدراسة الثقافات البشرية كافة والمقارنة بينها والإفادة منها والتأثير بها .
من خلال الإتصال الثقافي أو ما يُسمونه بالتثاقف والمُثاقفة
وأضفُ إليها تنقيحاً وتصحيحاً الإيجابية المُطلقة آيديولوجياً وأخلاقياً .
و يفرضُ علينا خاصة نحن المؤمنين
بالقضية المهدوية فكرةً وشخصا .
عرض ثقافتنا الإسلامية والمهدوية بوصفها
ظاهرةً ثقافية إنسانية ومُعتقداً دينيا مُحقا .
بإتباعنا منهج الحوار الموضوعي المُتسالم عليه عقلائيا بين بني البشر .
والإنطلاق وفق ما يؤمن به الآخر من نظريات إنسانية تتقارب آيديولوجيا مع مرتكزاتنا الفكرية والدينية والثقافية .
لاسيما الإتجاه الذي يؤمن بأنَّ التأريخ الإنساني يتجه في حركته نحو التكامل والتطور والتنمية البشرية والتوحد الثقافي وربما حتى النفسي بين بني البشر
حيثُ تتوفر المُناخات الإيجابية والصالحة
وتستقر الإدراكات في الذهن الإنساني عند نقطة العدل والحق مفاهيميا .
مما يَلزَم من ذلك الإستقرار الإدراكي تطبيقا عادلاً ومشروعا .
وليس من الغلو ولا حتى من الميثولوجيّا
فيما إذا تبنينا نظرية الأنثروبولوجيا في دراسة المهدويَّة الحقّة .
لطالما هناك توحد في البواعث والدوافع والأهداف بالمعنى الإجتماعي والثقافي
بين منظومتي الأنثربولوجيا العامة والإسلام خاصة .
ذلك كون مادة الإجتماع والتقارب بين المنظومتين
هو دراسة الإنسان بوصفه كائناً عضويا في المجتمع البشري
وله وظائفه ووسائله في صنع الحدث المجتمعي
وقدرته في التأثير والتأثر في الظاهرة الثقافيّة .
لذا نجد طلب السلام والعدل والمساواة والإصلاح
كلها مواد جامعة لإتجاهات التغيير في الأنثروبولوجيا والإسلام في التوصيف المهدوي خاصة .
وإن إختلفتْ الأنماط والمناهج تطبيقيا .
فالمهم هو الإلتقاء في النتيجة والثمرات .
مما يُشكِّل ذلك المُلتقى دافعاً لنا
(نحن المؤمنين بالظاهرة المهدوية بوصفها إعتقاداً
أو ثقافةً )
في ضرورة التأصيل والتحرك الواعي إنطلاقاً من الأصل إلى النتيجة
والحفاظ على إستقرار الإدراك الذهني عندنا عقدياً وثقافيا .
وعدم السماح للآخر بإختطاف إدراكنا في وقتٍ ما .
فإذا كانتْ آيديولوجيّة الأنثروبولوجيا تؤمن
بأنَّ للظاهرة الثقافية الإنسانية وجهان
عقلاني وموضوعي
يتوفّر الوجه الأول على ثقافة عقلانية قويمة مقبولة عند الجميع مفاهيميا وإذعانيا .
ويتوفّر الوجه الثاني على حزمة من القيم الإجتماعية والفكرية وأنماطها الصائبة مما يؤسِّس لطريقة حياة صالحة للناس أجمعين .
فكذلك يوجد عند الآيديولوجيَّة المهدوية
الوجهان العقلاني والموضوعي ذاتهما .
إذ الظاهرة أو العقيدة المهدوية تنطلق هي الأخرى
من أصلٍ عقلاني مكين ومتين يقيناً .
وأعني به ضرورة وجود إمام معصوم ومُصلح للعالم أجمع .
ومن واقع موضوعي قويم يُرادُ له التحقق وجوديا .
وأعني به قيمة وحقيقة الإعتقاد بولادة الإمام المهدي :عليه السلام:
ووجوده الواقعي المُعاصر وترقب ظهور الشريف :
في المستقبل القريب وبإذن الها تعالى .
ومما يُلفتْ الإنتباه
أنَّ علماء الأنثروبولوجيا المُعاصرين يعتقدون أنَّ الحضارة الإنسانية المُرتقبة ما هي إلاَّ مجرد نوعٍ راقٍ وشكل خاص من الثقافة .
وهذا يعني أنَّ الثقافة الإنسانية العامة والمتجانسة لها معايير قيَميَّة تتحدد بحسب دراسة الإنثروبولوجيا في
محددات
أهمها :
:1:
التحيّزاتْ الثقافية :ويعنون بها
(القيم والمعتقدات المتجانسة بين الناس أجمعين )
وهنا نتحد ونتفق معهم بالتجانس القيمي والإعتقادي الحق كالإيمان بالخير والعدل
وما يجوز وما لايجوز عقلانيا .
:2:
العلاقات الإجتماعيّة التي تربط بني البشر ببعضهم البعض الناتجة عن التعارف والتواصل الإنساني إيجابيا
وهذا المُحدد المعياري في بوصلة الثقافة الإنسانية العامة
قد أشار إليه القرآن الكريم .
في قوله تعالى
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ }الحجرات13
:3:
أنماط وأساليب الحياة العامة ويعنون بها الحداثة الإسلوبية المُمنهجة ووسائل التجدد التقني والتكنولوجي .
وهذا المحدد الأخير هو ناتج كلي مركب من المُحددَين الأول والثاني .
وبهذا التحديد المعياري والقيمي للظاهرة الثقافية الإنسانية
تتمكن الثقافة هذه من أن تهدي الإنسان للتي هي أحسن وأقوم سبيلا .
وبالتالي تتقارب المفاهيم في معقولاتها الأولية والثانوية
بين الآيديولوجيتين الأنثروبولوجيا والمهدوية .
وربما تتفق معها في آخر الأمر في وحدة المنهج التطبيقي للإصلاح العام بشريا .
وللبحث تتمّة إن شاء الله تعالى والتوفيق منه عزّ وجل
والسلامُ عليكم ورحمة الله وبركاته
مرتضى علي الحلي : النجف الأشرف