نووورا انا
17-12-2012, 12:00 AM
خارطة طريق ليوم الاربعين
نزار حيدر
يتمنى المرء، عادة، ان يمنح فرصة ليوظفها في تحقيق انجاز ما، كأن يزيد في علمه او يحسن من ادائه او يعيد النظر في حياته، او حتى يتفكر في عاداته وسلوكياته وعلاقاته الاجتماعية وغير ذلك، خاصة في هذا الزمن الذي اشغلت الحياة الدنيا الانسان بدرجة مذهلة، فلم يعد يمتلك الوقت اللازم للتفكير والتفكر، خاصة في بلداننا العربية والاسلامية، والذي انشغل بها المواطن بهموم وشجون الحياة اليومية جراء الازمات الخانقة والمتكررة والمتتالية التي ابتلته بها السلطة الحاكمة والتي عادة ما تكون ظالمة ومستبدة.
كما ان ثقافة استهلاك التكنولوجيا هي الاخرى حولت الانسان الى قطعة تافهة في هذا العالم الذي له بداية وليس له نهاية، فتراه منهمك في العبث بأدوات التكنلوجيا الحديثة ليل نهار يستهلك ما ينتجه الاخرون بلا تفكر او روية او حتى استفادة حقيقية منها.
ولقد استغل كثيرون السجن، مثلا، كفرصة اما لإعادة النظر في متبنياتهم الفكرية والايديولوجية وفي طريقة حياتهم، او لإعادة صياغة شخصياتهم من الناحية الروحية والمعنوية من خلال الانقطاع الى الله تعالى بالعبادة والدعاء وقراءة القرآن الكريم وغير ذلك، او لتأليف كتاب او موسوعة، او انهم استفادوا من السجن كفرصة للقراءة وزيادة علومهم وثقافاتهم ووعيهم، على اعتبار ان السجين ليس له عمل خلف القضبان، ولذلك فان بوسعه ان يستغل هذا الفراغ لإنجاز شيء ما.
والعاقل هو الذي يستغل الفرصة كلما سنحت له، واذا كان بإمكانه ان يصنعها لنفسه بيده فذلك افضل واحسن، ولقد حدثنا القران الكريم عن كيفية اغتنام فرص الخير من اجل تحقيق انجاز يخدم البشرية في اكثر من سورة وآية منها قوله تعالى يحدثنا عن نبي الله يوسف عليه السلام وكيف انه استغل فرصة ثقة فرعون مصر به ليتبوأ موقع المسؤولية الذي غير من خلال الخدمة فيه وجه مصر، وعلى مختلف الاصعدة، الدينية منها والاجتماعية والادارية والاقتصادية وغير ذلك، يقول تعالى:
{وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ * قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ * وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاء نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَن نَّشَاء وَلاَ نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ * وَلَأَجْرُ الآخِرَةِ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ}.
اما رسول الله (ص) وائمة اهل بيت النبوة والعصمة عليهم السلام فقد حثوا كثيرا على اغتنام فرص الخير، بل انهم حذروا من ضياع الفرصة اذا لم يبادر المرء الى اغتنامها في عمل الخير.
ففي الحديث الشريف عن رسول الله (ص) {من فتح له باب من الخير فلينتهزه فانه لا يدري متى يغلق عنه} وعن امير المؤمنين عليه السلام {الفرصة تمر مر السحاب، فانتهزوا فرص الخير} وعنه عليه السلام {الفرصة سريعة الفوت بطيئة العود} وقوله عليه السلام {ايها الناس، الان الان، من قبل الندم، ومن قبل ان تقول نفس يا حسرتي على ما فرطت في جنب الله وان كنت لمن الساخرين، او تقول: لو ان الله هداني لكنت من المتقين، او تقول حين ترى العذاب: لو ان لي كرة فأكون من المحسنين} وقول الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام {من انتظر بمعالجة الفرصة مؤاجلة الاستقصاء سلبته الايام فرصته، لان من شأن الايام السلب، وسبيل الزمن الفوت}.
تأسيسا على هذه المقدمة، فان مناسبة اربعين سيد الشهداء الامام الحسين بن علي عليهم السلام، والتي تتميز بشعيرة سير المحبين الى كربلاء المقدسة لزيارة مرقده الشريف، تعد، برايي، واحدة من اعظم الفرص الذهبية التي ينبغي لعشاق الحسين عليه السلام توظيفها من اجل الاصلاح والتغيير وتحسين الاداء واعادة بناء وصياغة الشخصية، فنحن نعرف بان المشي الى كربلاء سيرا على الاقدام يتطلب قضاء ايام وليالي طويلة قد تصل احيانا الى اكثر من اسبوعين اذا كانت المسافة المقطوعة بعيدة، وبما ان من يمشي الى الحسين عليه السلام لا ينشغل عادة بشيء سوى السير وقطع المسافة الى كربلاء المقدسة، ولذلك فان من غير المنطقي ابدا ان تمر مثل هذه الايام كفرصة على المرء من دون ان يستغلها من اجل تحقيق شيء ما.
ومن اجل توظيف هذه الفرصة بشكل سليم، ومن اجل ان لا تمر علينا بلا فائدة، فانا اقترح ما يلي كخارطة طريق لعشاق سيد الشهداء عليه السلام ممن سيمشي على قدميه الى كربلاء المقدسة، بالاضافة الى عشاقه ممن لا يمشون اليه بسبب مانع ما.
وقبل ان ادرج المقترحات، اود ان انبه هنا الى نقطة في غاية الاهمية لتكتمل الصورة في الاذهان، وهي:
ان مجرد السير مشيا على الاقدام لزيارة الحسين السبط عليه السلام في كربلاء المقدسة بنية القربة الى الله تعالى، يعد عملا مثابا عليه المرء، حتى اذا قطع المسافة صامتا، مثلا، فلقد وردت الكثير جدا من الروايات عن ائمة اهل البيت عليهم السلام تتحدث عن عظمة هذه الشعيرة واهميتها ومنزلتها عند الله تعالى، منها ما روي عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ الْحَسَنِ الْعَسْكَرِيِّ عليه السَّلام أنَّهُ قَالَ {عَلَامَاتُ الْمُؤْمِنِ خَمْسٌ: صَلَاةُ الْخَمْسِينَ، وَزِيَارَةُ الْأَرْبَعِينَ، وَالتَّخَتُّمُ فِي الْيَمِينِ، وتَعْفِيرُ الْجَبِينِ، وَالْجَهْرُ بِبِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}.
الا ان المنفعة العبادية ستزداد وتتضاعف اكثر فاكثر اذا ما وظفها الانسان بشكل ارقى، ولذلك فان المقترحات التالية انما هدفها مضاعفة المنفعة الدنيوية والاخروية المرجوة من هذه الشعيرة الدينية والحسينية.
نزار حيدر
يتمنى المرء، عادة، ان يمنح فرصة ليوظفها في تحقيق انجاز ما، كأن يزيد في علمه او يحسن من ادائه او يعيد النظر في حياته، او حتى يتفكر في عاداته وسلوكياته وعلاقاته الاجتماعية وغير ذلك، خاصة في هذا الزمن الذي اشغلت الحياة الدنيا الانسان بدرجة مذهلة، فلم يعد يمتلك الوقت اللازم للتفكير والتفكر، خاصة في بلداننا العربية والاسلامية، والذي انشغل بها المواطن بهموم وشجون الحياة اليومية جراء الازمات الخانقة والمتكررة والمتتالية التي ابتلته بها السلطة الحاكمة والتي عادة ما تكون ظالمة ومستبدة.
كما ان ثقافة استهلاك التكنولوجيا هي الاخرى حولت الانسان الى قطعة تافهة في هذا العالم الذي له بداية وليس له نهاية، فتراه منهمك في العبث بأدوات التكنلوجيا الحديثة ليل نهار يستهلك ما ينتجه الاخرون بلا تفكر او روية او حتى استفادة حقيقية منها.
ولقد استغل كثيرون السجن، مثلا، كفرصة اما لإعادة النظر في متبنياتهم الفكرية والايديولوجية وفي طريقة حياتهم، او لإعادة صياغة شخصياتهم من الناحية الروحية والمعنوية من خلال الانقطاع الى الله تعالى بالعبادة والدعاء وقراءة القرآن الكريم وغير ذلك، او لتأليف كتاب او موسوعة، او انهم استفادوا من السجن كفرصة للقراءة وزيادة علومهم وثقافاتهم ووعيهم، على اعتبار ان السجين ليس له عمل خلف القضبان، ولذلك فان بوسعه ان يستغل هذا الفراغ لإنجاز شيء ما.
والعاقل هو الذي يستغل الفرصة كلما سنحت له، واذا كان بإمكانه ان يصنعها لنفسه بيده فذلك افضل واحسن، ولقد حدثنا القران الكريم عن كيفية اغتنام فرص الخير من اجل تحقيق انجاز يخدم البشرية في اكثر من سورة وآية منها قوله تعالى يحدثنا عن نبي الله يوسف عليه السلام وكيف انه استغل فرصة ثقة فرعون مصر به ليتبوأ موقع المسؤولية الذي غير من خلال الخدمة فيه وجه مصر، وعلى مختلف الاصعدة، الدينية منها والاجتماعية والادارية والاقتصادية وغير ذلك، يقول تعالى:
{وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ * قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ * وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاء نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَن نَّشَاء وَلاَ نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ * وَلَأَجْرُ الآخِرَةِ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ}.
اما رسول الله (ص) وائمة اهل بيت النبوة والعصمة عليهم السلام فقد حثوا كثيرا على اغتنام فرص الخير، بل انهم حذروا من ضياع الفرصة اذا لم يبادر المرء الى اغتنامها في عمل الخير.
ففي الحديث الشريف عن رسول الله (ص) {من فتح له باب من الخير فلينتهزه فانه لا يدري متى يغلق عنه} وعن امير المؤمنين عليه السلام {الفرصة تمر مر السحاب، فانتهزوا فرص الخير} وعنه عليه السلام {الفرصة سريعة الفوت بطيئة العود} وقوله عليه السلام {ايها الناس، الان الان، من قبل الندم، ومن قبل ان تقول نفس يا حسرتي على ما فرطت في جنب الله وان كنت لمن الساخرين، او تقول: لو ان الله هداني لكنت من المتقين، او تقول حين ترى العذاب: لو ان لي كرة فأكون من المحسنين} وقول الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام {من انتظر بمعالجة الفرصة مؤاجلة الاستقصاء سلبته الايام فرصته، لان من شأن الايام السلب، وسبيل الزمن الفوت}.
تأسيسا على هذه المقدمة، فان مناسبة اربعين سيد الشهداء الامام الحسين بن علي عليهم السلام، والتي تتميز بشعيرة سير المحبين الى كربلاء المقدسة لزيارة مرقده الشريف، تعد، برايي، واحدة من اعظم الفرص الذهبية التي ينبغي لعشاق الحسين عليه السلام توظيفها من اجل الاصلاح والتغيير وتحسين الاداء واعادة بناء وصياغة الشخصية، فنحن نعرف بان المشي الى كربلاء سيرا على الاقدام يتطلب قضاء ايام وليالي طويلة قد تصل احيانا الى اكثر من اسبوعين اذا كانت المسافة المقطوعة بعيدة، وبما ان من يمشي الى الحسين عليه السلام لا ينشغل عادة بشيء سوى السير وقطع المسافة الى كربلاء المقدسة، ولذلك فان من غير المنطقي ابدا ان تمر مثل هذه الايام كفرصة على المرء من دون ان يستغلها من اجل تحقيق شيء ما.
ومن اجل توظيف هذه الفرصة بشكل سليم، ومن اجل ان لا تمر علينا بلا فائدة، فانا اقترح ما يلي كخارطة طريق لعشاق سيد الشهداء عليه السلام ممن سيمشي على قدميه الى كربلاء المقدسة، بالاضافة الى عشاقه ممن لا يمشون اليه بسبب مانع ما.
وقبل ان ادرج المقترحات، اود ان انبه هنا الى نقطة في غاية الاهمية لتكتمل الصورة في الاذهان، وهي:
ان مجرد السير مشيا على الاقدام لزيارة الحسين السبط عليه السلام في كربلاء المقدسة بنية القربة الى الله تعالى، يعد عملا مثابا عليه المرء، حتى اذا قطع المسافة صامتا، مثلا، فلقد وردت الكثير جدا من الروايات عن ائمة اهل البيت عليهم السلام تتحدث عن عظمة هذه الشعيرة واهميتها ومنزلتها عند الله تعالى، منها ما روي عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ الْحَسَنِ الْعَسْكَرِيِّ عليه السَّلام أنَّهُ قَالَ {عَلَامَاتُ الْمُؤْمِنِ خَمْسٌ: صَلَاةُ الْخَمْسِينَ، وَزِيَارَةُ الْأَرْبَعِينَ، وَالتَّخَتُّمُ فِي الْيَمِينِ، وتَعْفِيرُ الْجَبِينِ، وَالْجَهْرُ بِبِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}.
الا ان المنفعة العبادية ستزداد وتتضاعف اكثر فاكثر اذا ما وظفها الانسان بشكل ارقى، ولذلك فان المقترحات التالية انما هدفها مضاعفة المنفعة الدنيوية والاخروية المرجوة من هذه الشعيرة الدينية والحسينية.