المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : في يوم اللغة العربية : الإبداع يسمو بها ويجددها..


kumait
18-12-2012, 08:41 PM
http://thawra.alwehda.gov.sy/images/NEWS8/M12/D19/19-3.jpg

في يوم اللغة العربية..جبران خليل جبران: الإبداع يسمو بها ويجددها..
يمن سليمان عباس

لم يحظ شعب في العالم أو أمة منالامم بلغة أروع و أنقى من اللغة العربية، ولم يعرف التاريخ شعباً أو أمة تستعجلموت لغتها واندثارها كما تفعل الأمة العربية.

قول لكاتب غربي يلخص حال لغتنا وواقعها و آفاق مستقبلها، لغة كانت برداً وسلاماً على أكبادنا لكنهااليوم بألف شكل ولون ورقعة، مجامعنا اللغوية قدمت ما قدمته ولكنها بقيت مقصرة بحقلغتنا و قس على ذلك في المؤسسات الاخرى التي يعنيها شأن اللغة و تطورها.‏

أن يكون للغة العربية يوماً يحتفي بها فهذا أمر جميل و لكن الاحتفاء يجب ألا يكون آنياً أبداً. نقف اليوم عند حال اللغة العربية ومستقبلها كما توقعه ذات يوم جبران خليل جبران.‏

سئل جبران ما هومستقبل اللغة العربية فقال: إنما اللغة مظهر من مظاهر الابتكار في مجموع الأمة أوذاتها العامة فإذا هجمت قوة الابتكار توقفت اللغة عن مسيرها، وفي الوقوف التقهقر وفي التقهقر الموت و الاندثار.‏

إذاً فمستقبل اللغة العربية يتوقف على مستقبل الفكر المبدع الكائن - أو غير الكائن- في مجموعالامم التي تتكلم اللغة العربية، فإذا كان ذلك الفكر موجوداً كان مستقبل اللغة عظيماً كماضيها، وإن كان غير موجود فمستقبلها سيكون كحاضر شقيقتها السريانية والعبرانية.‏

وما هذه القوة التي ندعوها بقوة الابتكار؟‏

هي في الأمة عزمدافع إلى الأمام. هي في قلبها جوع وعطش وشوق إلى غير المعروف، و في روحها سلسلة أحلام تسعى إلى تحقيقها ليلاً و نهاراً و لكنها لا تحقق حلقة من أحد طرفيها إلا أضافت الحياة حلقة جديدة في الطرف الآخر. هي في الأفراد النبوغ وفي الجماعة الحماسة، وما النبوغ في الأفراد سوى المقدرة على وضع ميول الجماعة الخفية في أشكال ظاهرة محسوسة، ففي الجاهلية كان الشاعر يتأهب لأن العرب كانوا في حالة التأهب، وكان ينمو و يتمدد أيام المخضرمين لأن العرب كانوا في حالة النمو و التمدد و كان يتشعب أيام المولدين لأن الأمة الإسلامية كانت في حالة التشعب.‏

وظل الشاعريتدرج ويتصاعد ويتلون فيظهر آناً كفيلسوف و آونة كطبيب و أخرى كفلكي، حتى راود النعاس قوة الابتكار في اللغة العربية فنامت و بنومها تحول الشعراء إلى ناظمين والفلاسفة إلى كلاميين و الأطباء إلى دجالين والفلكيون إلى منجمين.‏

إذا صح ما تقدم كان مستقبل اللغة العربية رهن قوة الابتكار في مجموع الامم التي تتكلمها، فإذا كان لتلك الامم ذات خاصة أو وحدة معنوية وكانت قوة الابتكار في تلك الذات قد استيقظت بعد نومها الطويل كان مستقبل اللغة العربية عظيماً كماضيها، وإلا فلا.‏

وسائل إحيائها‏

يقول جبران فيرد على هذا السؤال: إن خير الوسائل بل الوسيلة الوحيدة لإحياء اللغة هي في قلب الشاعر و على شفتيه و بين أصابعه، فالشاعر هو الوسيط بين قوة الابتكار و البشر و هوالسلك الذي ينقل ما يحدثه عالم النفس إلى عالم البحث، وما يقرره عالم الفكر إلى عالم الحفظ و التدوين.‏

الشاعر أبواللغة وأمها، تسير حيثما يسير و تربض أينما يربض وإذا ما قضى جلست على قبره باكية منتحبة حتى يمر بها شاعر آخر ويأخذ بيدها.‏ وإذا كان الشاعرأبا اللغة و أمها فالمقلد ناسج كفنها وحافر قبرها، أعني بالشاعر كل مخترع كبيراًكان أو صغيراً، و كل مكتشف قوياً كان أو ضعيفاً و كل مختلف عظيماً كان أو حقيراً،وكل محب للحياة المجردة إماماً كان أو صعلوكاً، وكل من يقف متهيباً أمام الأيام والليالي فيلسوفاً كان أو ناطوراً للكروم.‏ أما المقلد فهو الذي لا يكتشف شيئاً ولا يختلق أمراً بل يستمد حياته النفسية من معاصريه ويصنع أثوابه المعنوية من رقع يجزها من أثواب من تقدمه.‏

أعني بالشاعر ذلك الزارع الذي يفلح حقله بمحراث يختلف ولو قليلاً عن المحراث الذي ورثه عن أبيه فيجيء بعده من يدعو المحراث الجديد باسم جديد. وذلك البستاني الذي يستنبت بين الزهرة الصفراء والزهرة الحمراء زهرة ثالثة برتقالية اللون فيأتي بعده من يدعوالزهرة الجديدة باسم جديد، وذلك الحائك الذي ينسج على نوله نسيجاً ذا رسوم وخطوط تختلف عن الأقمشة التي يصنعها جيرانه الحائكون فيقوم من يدعو نسيجه هذا باسم جديد.‏

أعني بالشاعر الملاح الذي يرفع لسفينة ذات شراعين شراعاً ثالثاً، والبنّاء الذي يبني بيتاً ذا بابين و نافذتين بين بيوت كلها ذات باب واحد، ونافذة واحدة، والصباغ الذي يخرج الألوان التي لم يخرجها أحد قبله فيستخرج لوناً جديداً، فيأتي بعد الملاح و البناءو الصباغ من يدعو ثمار أعمالهم بأسماء جديدة فيضيف بذلك شراعاً إلى سفينة اللغة ونافذة إلى بيت اللغة و لوناً إلى ثوب اللغة.‏

أما المقلد فهوذاك الذي يسير من مكان إلى مكان على الطريق التي سارت عليها ألف قافلة و قافلة ولايحيد عنها مخافة أن يتيه و يضيع، ذاك الذي يتبع بمعيشته و كسب رزقه ومأكله و مشربه و ملبسه تلك السبل المطروقة التي مشى عليها ألف جيل و جيل فتظل حياته كرجع الصدى ويبقى كيانه كظل ضئيل لحقيقة قصية لا يعرف عنها شيئاً ولا يريد أن يعرف.‏

أعني بالشاعرذلك المتعبد الذي يدخل هيكل نفسه فيجثو باكياً فرحاً نادباً مهللاً مصغياً مناجياً ثم يخرج وبين شفتيه و لسانه أسماء وأفعال و حروف و اشتقاقات جديدة لأشكال عبادته التي تتجدد في كل يوم وأنواع انجذابه التي تتغير في كل ليلة فيضيف بعمله هذا و تراً فضياً إلى قيثارة اللغة وعوداً طيباً إلى موقدها.‏

ما أراده جبران بالحديث عن الشاعر ينسحب على كل مافي حياتنا فحين نبدع في كل عمل تتجدد اللغة وتتجدد أساليبها، وحدهم المبدعون في كل ألوان العطاء يعطون اللغة نسغاً جديداً ومستقبلاً مزدهراً، أما المقلدون المحتفون بالمستحاثات فهم أول من يحنطون اللغة ويجعلونها مفردات لاحياة فيها و لا معنى، بل هي ركام من الزخرفة البلاغية البلهاء.‏

kumait
18-12-2012, 10:53 PM
لغتنا العربية تطالبنا بوعي ذهنيتها
يوسف الحوراني

تحتفل عواصم عربية ومراكز ثقافية عربية في عواصم عالمية بـ «اليوم العالمي للغة العربية» الذي أعلنته منظمة اليونسكو في 18 كانون الأول(ديسمبر) من كل سنة. لا أدعي أني أعرف الكثير من لغات العالم وذهنيات أبنائها، لكني أعرف ما يكفي منها للمقايسة مع لغتنا العربية والذهنية التي نشأت عنها ورافقتها خلال مسيرتها التاريخية الطويلة. وهي، كما نعرف، تفاعلت مع لغات جماعات مختلفة متعددة، تعاقبت على البروز في أرض البلاد العربية الحاضرة. وأعرف، إضافة إلى تطورات اللغة، أن هذه الجماعات بإمكاناتها الذهنية هي التي وضعت الأسس الراسخة والأقدم للحضارة الاجتماعية بعدها. هكذا يكون بحثنا في اللغة وبنياتها، إنما هو بحث عن شواهد رافقت التطور الفكري والمؤهلات التي رعته وشجعت استمراره.

وأول ما يلفت في اللغة التي نستعملها في كتابتنا العربية هو اتساع مجال مفرداتها في تحول الدلالات. كما أن الحركات الصوتية لهذا التحول هي أوجز ما يكون الإيجاز أو الإلماع الوحي بالمطلوب. فالكلمة المفردة الواحدة من اللغة العربية قابلة للتحويل، بحركة أو بحرف، من فعل إلى فاعل أو مفعول به أو إلى ظرف مكان أو زمان أو إلى فعل ذاتي أو انفعال شخصي أو إلى مشاركة، كما إذا كانت الكلمة اسماً يمكن تحويلها إلى مطلق مثالي، لا ارتباط له بزمان أو مكان أو بفعل محسوس عندما تدخله «أل» التعريف.كل هذا يتم مع الحفاظ على مصدر المفردة ودلالته الأصيلة، حتى ليمكننا القول، باستعارة تشبيه مألوف، أن المفردة العربية هي كالمارد في القمقم بإمكاناتها التعبيرية عن الإرادات والحالات المطلوبة. وهذه الحالة قل أن نجد ما يقاربها في اللغات الأخرى. وهي إن دلت على شيء فإنما تدل على ذهنية التقصي والإصرار على المتابعة، مع الالتزام التام بالمبدأ والغاية المقصودة من دون أي التباس.

ولنأخذ كموضوع كلمة عربية عادية نستعملها مثل فعل «قبل»:

قَبل، يقبل، إقبل، قابل، قبول، استقبل، تقبَّل، مقابل، قبيل، قبالة، قبيلة، أقبل، انقبل، قبَّل، مقبول، قِبل، إلى آخر الجدول الشقاقي...

إن أمثال هذه المفردة الواحدة مع حالاتها العديدة التي تتحول إليها دون التباس، هي خير مثال عن ذهنية الذين توافقوا على قواعد استعمالها، مع رهافة التغييرات التي أدخلوها على أصلها للتعبير عن المراد من حالاتها.

وهنا، أورد مقاربة واعية لهذا الموضوع، كان كتبها المغربي «علال الفاسي» في العدد الأول من مجلة «اللسان العربي» عام 1964، حين علّق على كتابة لابن جني فقال: «... وزيادة على ذلك، فإن اللغة انبثاق من النفس ومن المجتمع. فدراسة الدلالات اللفظية يكشف عن العلاقة التي بين الكلمة وبين الفكر الذي انبثقت منه والوسط الذي ولدت فيه. وهذا ما يعطي علم الدلالة قيمة عظيمة الأهمية، إذا شئنا، أن تعرف كل أمة نفسها عن طريق لغتها الأم وما تحمله ألفاظها من عالم الماضي وصوره».

وأضيف إلى إضافته: أن اللغة تكشف ما هو كامن في النفس الجماعية لأبناء اللغة من نزعة للتقصي والإصرار على الالتزام وقابلية للتعامل والتحول، من دون ارتباك أو تنازلات، بل ومن دون التباس أو ابتعاد عن الغايات.

وهنا ألفت إلى أن الفعل الذي صودف اختياره كمثال، تبين عند التأمل العملي فيه أنه فعل ذاتي، عاطفي، اجتماعي وتاريخي أصيل. وعند مراجعة معجمية سريعة، تبين له في معجم «المنجد» فقط، وهو الأوجز، «65» مدلولاً إضافة إلى ما ذكرنا من تراكيب. وجميعها ذات علاقة منطقية ببعضها، تبررها ظروف استعمالها أو تاريخيتها أو حتى الحس الذاتي العاطفي. وكمثل منها: قبالة بمعنى كفالة، ثم بمعنى مواجهة، وأقبال الجبل تعني سفحه، أي ما يقبل أو يقابل الإنسان. كما الإقبال بمعنى الخصب. وهذه الحالة من التوسع بالمدلولات تؤكد الالتزام والإصرار على ربط الطارئ بأصل ثابت معروف، مهما تكن رهافة العلاقة في هذا الربط. وهو ما سيتكشف لنا في كتابة الحروف العربية ذاتها بوضوح.

الكتابة العربية

لقد نقل الفينيقيون، أسلاف العرب، الكتابة من ترميز للأشياء والإرادات في الكتابة المسمارية إلى ترميز لنطق الإنسان ذاته، مهما يكن وضعه في المجتمع، فجعلوا لكل حركة نطق صوتية رمزاً يسهل رسمه وحفظه. أي أنهم وضعوا صوراً لما لا صورة له. ومع هذا الإبداع أوجدوا قيمة جديدة نوعية لكل إنسان يستطيع النطق، مهما يكن لونه أو قوميته. وهذا الإبداع اصطلحنا على تسميته «الأبجدية».

لكنهم، مع ذلك، لم يوفوا الموضوع حقه في تصنيف الأصوات، فاقتصروا على اثنين وعشرين حرفاً، كانت مألوفة في التعامل الأكادي الكنعاني قبلهم. وبـرز العرب بنـزعة الـتقصـي لديهم خلال لغتهم الثلاثية المقاطع. فـميـزوا فـي النطق ستة حروف جديدة أضافوها للمتداول في الكتابة الأبجدية. ومن دون تمنين أو إنكار فضل للسابقين استعملوا الصور الموجودة للحروف، وأكملوا البناء عليها، بإضافة نقاط مرهفة فوقها، فقط فوق الحروف ذات القابلية للتميز. والحروف هي: «ث خ ذ ض ظ غ».

لم تقتصر هذه الإضافة على كونها إبداع فن، بل كانت إمعان تقدير وتحرير للنطق بالكلمات. وقد حرصوا كذلك على استمرارية التراث الذي وصلهم خلال وضع الرمز الكتابي للحرف المضاعف بالشدَّة، فهي كتبوها مثلثة الأسنان فوق الحرف، لأنها كانت خلال الكتابة المسمارية تكتب بثلاثة مسامير على الطين، وكأنها حرف منطوق مستقل، بينما هم جعلوها حركة نطق فقط.

ولم يباعدوا بين كتابة الألف والعين، وهما مشكلة الالتباس التي لا زلنا نعاني منها في الحروف اللاتينية التي لا وجود لحرف العين فيها. لقد وجدوا الحل بكتابة الهمزة فوق الألف بصورة «عين» مجتزأة. وكأن ذلك كان وعياً للمشكلة وإشارة توكيد على وجودها.

هوية الأمة

ونبقى مع «علال الفاسي» في قوله: «الأمة تعرف نفسها من خلال لغتها». والنفس هنا، كما نفهمها، هي نزوع الأمة وميولها النفسية.

والميول الأساسية لدى الإنسان العربي هي التطلع إلى البعد الآخر للإنسان، خلال التدين والحنين إلى المطلق الإلهي، أي الحس بالميتافيزيق. هذه الحالة كانت مرافقة للذهنية السامية الأقدم التي عبَّروا عنها بالتعبد والالتفاف حول معابد أنشأوها لآلهة، افترضوها مسؤولة عن رعاية شؤونهم. وقد اصطلح الأكاديون في بابل على وضع صورة «نجمة» فوق أسماء هذه الآلهة لتمييزها عن أسماء الناس. كانت هذه النجمة تقرأ بلفظ «أل» باللغة الكنعانية التي ورثتها العربية. وبلغ عدد الأسماء التي تحملها الآلاف خلال الكتابات التي كشفها الآثريون في مكتبة «أشور بانيبال» الشهيرة. وعندما شاؤوا التعريف بهذه اللفظة ومدلولها اللاهوتي المطلق، استعملوا في الكتابة المسمارية نجمة فوق نجمة، فغدت تقرأ باللفظ العربي «أل أل»، أي الإله الواحد المطلق.

استفاد منظمو استعمال اللغة العربية من انتشار استعمال «أل» للأسماء اللاهوتية، وتابعوا استعمالها مع الأسماء المصادر كبادئة تشير للمطلق، أي المبدأ والمثال غير المحسوس للشيء، أو الفعل، أي للمصدر؛ بينما غدا اسم «الله» في التداول مفصولاً علوياً عن المحسوسات. هكذا بقي الذهن العربي محافظاً، خلال اللغة، على تاريخية الارتقاء، بفكرة التوحيد والعقيدة الدينية؛ وهي حالة ليست عند غيرها من اللغات التي تعاملت مع «أل» التعريف هذه.

هكذا نجد أن اللغة العربية، كما وصلتنا، كانت تعبيراً عن «ذهنية» شديدة الحرص على قيمة الإنسان ونطقه، مبدعة في التصنيف والتحديد والتركيب، رهيفة في اكتشاف العلاقات والتعبير عنها بالصيغ والاشتقاقات الموائـمة، واسـعة الـصدر لـقبول لـغات الآخـريـن وخبراتهم، عميقة التجربة في الحدس والإلماع إلى الخفايا والكوامن التي يرجحها المنطق.

والسؤال الذي ينشأ لدينا بعد هذه «اللمحة» عن الذهنية العربية: هل هي غير ما تطلبه الحضارة الحديثة للإسهام في مسيرتها؟

إني أخال الذهنية العربية لا تزال سجينة في «قمقم»، كالمصدر للمفردة العربية، ولا بد لنا من كشف تعويذة تفتح هذا القمقم السحري. وعندها ينطلق العرب لمماشاة لغتهم ومفرداتها المتسعة المدلولات، الضابطة لكل علاقة مهما رهف وجودها وتضاءل فعلها. ولا نستطيع إلاَّ أن نفترض أن الذين نظموا التعامل باللغة، بمثل هذه الرهافة المسؤولة، وأوجدوا الموسوعات اللغوية في تقصي دلالات ألفاظها وعلاقاتها، لا يزال أحفادهم مؤهلين لاتباع نهجهم والدخول بهذا النهج إلى عالم الفيزياء والعلوم الحديثة.

وفي هذا العالم الغامض سيكون لهم دور هام في الموجيات والرادياويات ومجهريات الفضاء، وتحولات العدم والطاقة والتكوين، بل وأسرار استمرارية الحياة...

وجميع هذه هي حقول حرية لتوكيد معنى الإنسان...

kumait
19-12-2012, 11:12 AM
http://middle-east-online.com/meopictures/biga/_145605_petite.jpg
الامية تتفشى في المجتمعات العربية
http://www.middle-east-online.com/meopictures/inphotos/_13558403025.jpg
يوم دولي ولا نشاطات عربية

'لا احتفاء عربياً' في اليوم العالمي للغة العربية
يونسكو: نحتفل بقدرة اللغة العربية على جمعنا حول قيم مشتركة٬ وعلى بث القوة في أفكارنا وتوسيع آفاق طموحاتنا.

باريس - تخلد منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة الثلاثاء٬ لأول مرة اليوم العالمي للغة العربية٬ تقديرا لإحدى اللغات الأكثر انتشارا في العالم واعترافا بإسهامها في التنوع الثقافي والنهوض بقيم السلم. وفي الوقت تحتفل فيه منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة، بهذا اليوم تبدو النشاطات في الدول العربية لا تتناسب مع قيمة هذا اليوم، وغالبية الدول العربية لم تمنح المناسبة ما يتوافق مع القيمة التاريخية والعلمية للغة العربية.

وقالت المديرة العامة للمنظمة إيرينا بوكوفا٬ في رسالة وجهتها بهذه المناسبة٬ "يوم 18 كانون الاول/ ديسمبر 1973 قررت الجمعية العامة للأمم المتحدة جعل اللغة العربية إحدى لغاتها الرسمية ولغات العمل. وبعد مرور أكثر من أربعين عاما على ذلك٬ نحتفل بقدرة اللغة العربية على جمعنا حول قيم مشتركة٬ وعلى بث القوة في أفكارنا وتوسيع آفاق طموحاتنا٬ وتسخير كل ذلك لخدمة السلام والتنمية المستدامة". وأبرزت أن الأمر يتعلق بالاحتفال بلغة 22 دولة من الدول الأعضاء في اليونيسكو٬ التي ينطق بها أكثر من 422 مليون إنسان في العالم العربي ويستخدمها أكثرمن مليار ونصف من المسلمين في العالم.

وأضافت بوكوفا "أن اللغات تشارك في تكوين جمال العالم لأن كل لغة تثري الأشياء من خلال إطلاق الأسماء عليها. وليست لغاتنا أدوات للتواصل فحسب٬ بل إنها تحمل القيم والهويات"٬ معتبرة التنوع اللغوي "توسيعا لآفاق الفكر ووسيلة لبناء حوار بين الثقافات والأديان يقوم على التفاهم المتبادل الحقيقي". كما أن الاحتفال باللغة العربية يتيح٬ حسب المديرة العامة٬ "إبراز ما قدمه كتاب هذه اللغة وعلماؤها وفنانوها من إسهام في الثقافة العالمية. فالمؤلفون الذين كانوا يكتبون باللغة العربية هم الذين أتاحوا نقل المعارف الإغريقية إلى اللغة اللاتينية التي كانت مستخدمة في الغرب خلال القرون الوسطى٬ وأقاموا بذلك صلات دائمة لا يمكن قطعها بين الثقافات عبر الزمان". وأشارت في هذا السياق إلى أن مؤلفات ابن رشد وابن خلدون ونجيب محفوظ "تدخل في عداد أعمق مؤلفات العقل البشري٬ وهي لا تعبر عن كامل قوتها إلا باللغة العربية. وهذا الحب للغة والافتتان بها٬ اللذان يتجليان مثلا في فن الخط وفي الشعر٬ بما لهما من مكانة مرموقة في الثقافة العربية٬ يشكلان البوتقة التي تنشأ منها أعظم الحضارات".

من جهة أخرى٬ قالت بوكوفا إنه "في مواجهة التحولات التي تقلب العالم رأسا على عقب٬ وأمام ظهور مجتمعات تعددية٬ تمثل كل لغة عاملا أساسيا يسهم في عيش أفضل معا٬ وإقامة روابط تضامنية٬ ومساعدة كل فرد على إسماع صوته. إن تعدد اللغات ينطوي على قوة تدفع نحو التقارب بين الشعوب والثقافات". هكذا٬ كلما تقاربت الثقافات٬ أصبح من الضروري للأفراد٬ ولا سيما الشباب٬ إتقان عدة لغات ومعرفة المؤلفات والقيم التي تنقلها تلك اللغات٬ لكي تتوسع آفاق الحوار والتعاون٬ حسب المديرة العامة للمنظمة التي خلصت إلى أن "هذا هو روح إعلان اليونسكو العالمي بشأن التنوع الثقافي وروح البرامج التي تنفذ في إطار اتفاقية عام 2003 لصيانة التراث الثقافي غير المادي واتفاقية عام 2005 لحماية وتعزيز تنوع أشكال التعبير الثقافي".

ويتميز الاحتفال باليوم العالمي للغة العربية داخل مقر اليونيسكو بباريس بتنظيم ندوتين حول "اللغة العربية وعلاقتها بباقي اللغات" و"آلية توسع اللغة العربية والنهوض بها". وحرصت اليونيسكو على التأكيد في هذا الصدد أنها تعتبر الترجمة إحدى ركائز الحوار وتدرجها في صميم أنشطتها. كما أن تحليل علاقات التبادل بين البلدان والمناطق واللغات المستخدمة بفضل الترجمة يتيح بالفعل "فهم الحوار بين الثقافات ومساعدته والنهوض به". كما أبرزت اليونيسكو إسهاماتها في النهوض باللغة العربية من خلال مختلف برامج الترجمة التي تشرك البلدان العربية٬ بما فيها المغرب٬ خاصة في إعداد "فهرس الترجمة".

ويعد فهرس الترجمة٬ الذي أنشأته عصبة الأمم عام 1932 واعتمدته اليونيسكو سنة 1948 الفهرس الدولي الوحيد للمؤلفات المترجمة في العالم حتى اليوم٬ حيث يوفر بشكل مباشر على الأنترنت إحصائيات عن تطور أنشطة الترجمة حسب البلد أو اللغة أو المؤلف أو الموضوع أو السنة. ويجري التعاون مع البلدان العربية٬ سواء على المستوى الوطني٬ مثلا مع المترجمين المغاربين خلال ندوة "الكتاب المترجم ودوره في التطور الثقافي" التي احتضنتها الرباط في ايلول/ سبتمبر الماضي٬ أو المستوى الدولي عبر المشاركة في إعداد تقرير واسع حول الترجمة بالمنطقة المتوسطية من خلال المشروع التي تشرف عليه مؤسسة أناليند للحوار بين الثقافات. وتضم قاعدة البيانات الخاصة بهذا الفهرس 11 ألف و500 كتاب تم نقلها إلى اللغة العربية في معظم البلدان الناطقة بهذه اللغة٬ وذلك في فترة 1979 2009. وتعتبر اليونيسكو هذه النتيجة "ثمرة للتعاون بين الفهرس وبين المكتبات الوطنية والمعاهد الببليوغرافية وشتى الوزارات في البلدان العربية"٬ مراهنة على هذه التجربة من أجل "تعزيز وعكس صورة وفية لعلاقات التبادل القائمة عبر الترجمة بين البلدان العربية وباقي العالم".

كما تخول قاعدة البيانات الخاصة بهذا الفهرس إمكانية قياس حضور الإبداع الأدبي والثقافي العربي عبر العالم. ومنذ نشأتها سنة 1948 أطلقت اليونيسكو فكرة إنشاء مجموعة اليونيسكو لروائع الأدب العالمي وهي عبارة عن قائمة تضم التراث الأدبي للإنسانية. وانتهى هذا البرنامج منذ نحو عشر سنوات٬ لكنه بقي مرجعا للناشرين الذين يبحثون عن نصوص مرجعية أو يعملون في مجال إعادة نشر أو ترجمة نصوص إلى لغات أخرى. وتضم هذه المجموعة 62 مؤلفا تم نقلها من اللغة العربية إلى ثلاث لغات متداولة "الإنكليزية والإسبانية والفرنسية"٬ بالإضافة إلى حوالي ثلاثين نصا منقولا إلى اللغة العربية. وتروم الأيام العالمية للغات لدى الأمم المتحدة النهوض والاحتفاء بالتعددية اللغوية والتنوع الثقافي٬ فضلا عن إقرار المساواة بين جميع اللغات الرسمية المستعملة داخل المنظمة.

واحتفلت الأمم المتحدة منذ بداية السنة بخمس من بين لغاتها الست الرسمية وهي الفرنسية (20 آذار/ مارس) والإنكليزية (23 نيسان/أبريل) والروسية (6 حزيران/يونيو) والإسبانية (12 تشرين الاول/أكتوبر) والصينية (12 تشرين الثاني/ نوفمبر).