المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حوار الأوهام في البحرين والحلول السياسية الممكنة


kumait
21-12-2012, 11:35 AM
حوار الأوهام في البحرين والحلول السياسية الممكنة

منذ بداية حركة 14فبراير 2011 تعلق جمعيات المعارضة الرسمية في البحرين آمالا على ولي عهد البحرين فيما يخص الحوار مع النظام، ولذلك رحبت بكلمته التي القاها في منتدى حوار المنامة يوم 7 من الشهر الجاري، ورحب فيها بالحوار. ومنذ صدور هذه الكلمة حتى الآن قرابة شهر لم يتبلور شيء على الارض ترجمة لهذه الكلمة، او للحوار المطلوب، جعجعة دون طحين. هذا من جانب، اما من الجانب الآخر وردا على ترحيب المعارضة وتبديدا لأوهامها وتفسيراتها، قالت وزيرة الدولة لشئون الاعلام السيدة سميرة رجب ان دعوة ولي العهد للحوار هي على غير ما فهمته المعارضة، والحوار المطروح ليس بين المعارضة والحكومة انما بين مكونات الشعب البحريني، أي بين السنة والشيعة. تصوروا حوار طوائف، وكأن المشكلة طائفية بين السنة والشيعة . لا شك ان تفسير سميرة رجب هو الصحيح وليس اوهام المعارضة البحرانية ، ذلك ان دعوة ولي العهد او غيره من رجالات النظام للحوار انما تعني ان يتحاور السنة والشيعة وغيرهم من مكونات المجتمع البحريني ثم يرفعون مايرونه للقيادة / أي للشيوخ، لأن الصراع من وجهة نظر النظام هو صراع طائفي، وليس صراعا سياسيا بينه وبين المعارضة وحركة 14 فبراير. وهذا ما لم تفهمه المعارضة .

هذا هو اقصى ما يعنيه النظام بالحوار، وهو وفقا لهذا الفهم فهو يقوم بدورالحَكَم بين المتحاورين (السنة والشيعة)، وفوق الصراعات التي هي صراعات طائفية مذهبية كما يتصور وليست سياسية. هذا هو معنى الحوار الذي يعنيه النظام. وبغض النظرعن شخوصه .

وحوار بهذا المعنى ليس حوارا، بل هروب من قبل النظام والالتفاف على جوهر الازمة السياسية في البحرين المتمثل في الصراع القديم الجديد بين الشعب البحراني من جهة والنظام الخليفي من جهة اخرى، وبالتالي افراغ أي حوار من محتواه السياسي الحقيقي.

فولي العهد عندما يطرح الحوار انما يطرحه من باب الدعاية والعلاقات العامة للنظام، لذلك فإن دعواته غالبا ما ترتبط بفعاليات ومناسبات دعائية من قبيل منتدى المنامة وغيره، بهدف الظهور للعالم بأن النظام لا يرفض الحوار بليدعو اليه، بهدف تبييض وجه النظام فقط، وليس الحوار الحقيقي لاخراج البلاد منالطريق المسدود. وبمجرد ان تنتهي الفعالية تتبخر دعوات ولي العهد، وكأن شيئا لم يكن، لتأتي مناسبة اخرى وتنطلق فيها دعوة اخرى للحوار، وتعود المعارضة لتوهم نفسهابأوهام لا طائل من ورائها حول موضوع الحوار، وفي احسن الحلات اذأ صدقت نوايا ولي العهد فالحوار هو بين مكونات الشعب هكذا. اما النظام فهو ليس من مكونات الشعب انما في برجه العاجي .

إن النظام في البحرين وامام هذه الدعوات والتصريحات التي يطلقها بين فترة واخرى غير قادر على الحوار الجدي والحقيقي، لذلك اوجد بديلا عنه في الحوار الوهمي بين الطوائف او حوار الطرشان، وهذا تحريف للصراع الحقيقي الذي هو بين النظام والحركة الشعبية التي انطلقت في 14 فبراير، والغاء لأطراف الحوار الحقيقية في الساحة البحرانية.

وهذا يعود بطبيعة الحال الى بنية النظام القبلي المغلقةعلى نفسها والتي لا تسمح بالانفتاح على غيرها الآخر / الشعب ولا تعترف بالحوار معه،وكذلك يعود الى الصراعات والتجاذبات فيما بين مراكز القوى والنفوذ في العائلة الحاكمة، وهي صرعات مزمنة تاريخية بنيوية منذ لحظة الاحتلال الخليفي للبحرين، صراعات فيما بين صقور وصقور في العائلة على كيفية اقتسام البحرين والاستحواذ على اعمدة الحكم الثلاثة : السلطة، والثروة، والامن.

وعليه فإن أي حوار يطرحه هذا الطرف اوذاك من النظام انما هو يهدف الى تحسين وضع مجموعة من صقور النظام في وجه مجموعة اخرى من صقوره، وليس من اجل الشعب، او من اجل ايجاد حل سياسي للأزمة البحرانية. تحسين شروط صقور على حساب صقور اخرى، وهذا لا يعني الشعب البحراني في شيء.

انهم يتصارعون فيما بينهم من اجل انفسهم وكل فريق من صقور الحكم يستخدم هذا الفريق من الشعب لمصلحته، في حين يستخدم فريق آخر من صقور العائلة فريقا آخر من الشعب قد يكون في المعارضة او الموالاة. بالنتيجة فإن النظام في البحرين لايمكنه الجلوس الى الحوار مع المعارضة، ولا يمكنه الاستجابة الى مطالب الشعب التي خرج من اجلها كما تتمنى او تتوهم المعارضة الاصلاحية. وذلك للأسباب الذاتية الخاصة بالنظام كما اشرنا، ولأسباب اقليمية ودولية تمنع أي تسوية حتى الآن.

وبناء عليه فإن الحل في البحرين ليس كما يدعي النظام بالحوار الذي على طريقة الشيوخ، وبأنه سيكون حلا بحرينيا، وان البحرينيين قادرون على التوافق فيما بينهم وايجاد الحلول دون تدخلات خارجية، بل الاصح ان المشكل السياسي في هذا البلد بحاجة الى تسوية تاريخية محلية واقليمية ودولية طالما ان النظام غير قادر على اجتراح الحلول المحلية .

كما ان النظام نفسه عند ما يرفض التدخلات الخارجية، فهو من اول من سمح لتلك التدخلات الخارجية من خلال دخول قوات السعودية (مهما تكن الذريعة) وهذا تدخل اقليمي لا لزوم له اصلا. ورفضه للتدخلات الخارجية لا معنى له.
يوسف مكي باحث بحريني في علمالاجتماع