حسن الخشيمي
22-12-2012, 05:04 PM
الدعاء - اسراره و طرق الاستجابة - حسن اللامي
(( وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُم يَرْشُدُونَ ))
الاية (186) من سورة البقرة
كل انسان يمر في مواقف صعبة جداً و قضايا مستعصية جداً فقد يمر في ضرف حرج صحي كان او مالي , او فرضا تمر عليه ايام شديدة كالحروب و ما شابه ذلك , فلابد ان يكون معه من يعينه و خير معين هو الله عز و جل , لكن يتسائل البعض كيف يستعين بالله عز و جل و هو لا يعلم اين موجود الله ؟ اذا كان الانسان يريد ان يستعين بالله فلابد ان يستعين به من خلال الدعاء لان الله عز و جل موجود في كل مكان فانه يقول ( و نحن أقرب اليه من حبل الوريد ) فلا داعي من ان يسئل الانسان اين الله و هل هو قريب مني او لا , الكلام عند هذه الاية و ينتهي فأن الله اقرب الى الانسان من حبل الوريد .
الان يأتي السؤال المهم ( ما هي اسباب نزول الاية المباركة 186 من سورة البقرة )
توجد اسباب عديدة لنزول هذه الاية المباركة و من هذه الاسباب هو كثرة تسائل الناس عن قرب الله عز و جل و هل عندما يناجيه الانسان يكون قريب منه او بعيد , قيل انه جاء اعرابي لرسول الله صلى الله عليه و اله و سلم قال له : أقريب ربنا فنناجيه ام بعيد فنناديه , فسكت رسول الله صلى الله عليه و اله ثم بعد سكوته تلى هذه الاية المباركة التي نزلت عليه في هذا الوقت الذي جاء اليه الاعرابي فيه و ان سكوت الرسول (ص) ما هو الا لوصول الوحي لهُ , و ايضاً الروايات تذكر موقف اخر من نزول هذه الاية فعن الحسن عليه السلام قال : سأل بعض الاصحاب رسول الله (ص) اين ربنا ؟ فأنزل الله عز و جل هذه الاية المباركة و نسند الكلام برواية اخرى عن امير المؤمنين عليه السلام قال سمعت رسول الله (ص) يقول لا تعجزوا عن الدعاء فأن الله عزل و جل قال (( ادعوني استجب لكم )) فقال رجل : يا رسول الله ربنا يسمع الدعاء ام كيف ذلك ؟ فأنزل هذه الاية و ايضاً رواية اخرى نستند عليها لسبب النزول , احد الاصحاب كان جالساً عندما نزلت هذه الاية المباركة التي تقول : (( و قال ربكم ادعونى أستجب لكم )) قالوا : لا نعلم أى ساعة ندعو ، فنزلت هذه الآية , فهذا هو السبب الحقيقي من نزول هذه الاية المباركة , لكن البعض يقول هل ان الله عزل و جل قريب بقرب معنوي اي يراه الانسان ام معنوي فقط يحس بوجوده في كل مكان و لا يستطيع الانسان ان يخفي نفسه عن الله عز و جل ؟
بينما انا اطلع على دعاء الندبة وجدت مقطوعة لطيفة يشكل الوهابية عليها بأننا لا نؤمن نؤمن بالتجسيم و دعائكم يؤمن بالتجسيم و المقطع يقول (يَا بْنَ مَنْ دَنا فَتَدَلّى فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ اَوْ اَدْنى دُنُوّاً وَاقْتِراباً مِنَ الْعَلِيِّ الاْعْلى) يقولون ان الدعاء يبين انه وصل الى الله عز و جل ؟ نعم وصل لكن ليس الوصول المادي بل هو المعنوي فوصول الى مرحلة انه يرى الله مرافقاً له في كل مكان لذلك نرى اكثر المتدينيين يخافون ان يعصون الله في كل الاوقات لانه حسو بوجوده و قربه منهم فهو اقرب لهم من حبل الوريد فكيف لا يخشونه ؟ اذكر هذه القصة لعلها تفيدنا بشيء , يقال انه كان رجلاً ثرياً لديه الكثير من المزارع و الاموال و مع ذلك كان ذو اخلاق عجيبة و لديه بنته ايضاً على خطى والدها لديها اخلاق رفيعة , و لديه خادم ايضاً كان ذو اخلاق عجيبة , ارسل هذا الرجل خادمه الى مزرعة و قال له ابقى بها حتى أتبعك انا , ذهب هذا الرجل و بقى شهرين بها حتى وصل له , جلس قليلاً و قال له احضر لي قليلاً من العنب فجاءه بعنقود من العنب اكل منه فوجده حامض , قال له احضر لي غيره اكل منه و اذا به حامض و تكرر هذا الكلام 3 مرات حتى غضب هذا الرجل قال له الا تميز بين الحامض و الحلو ؟ قال له انت قلت لي احضر لي عنب و لم تقل لي تذوق العنب فأني و الله العلي العظيم لم اضع في فمي عنبة واحدة من هذه المزرعة لاني لم اجعلك رقيباً علي و لم اجعل الناس رقيبة علي بل جعلت الله عز و جل هو الرقيب , انصدم هذا الرجل من اخلاقه فقال له اريد ان استشيرك بشيء , قال له انا بخدمتك قل ما تريد ؟ قال له تقدم لي رجلين لابنتي من الاثرياء و اصحاب الجاه و هم فلان و فلان فمن برآيك ازوجها له ؟ اجابه بجواب لطيف جداً قال له اليهود يزوجون النساء لاحصاب المال و الجاه و النصارى يزوجون النساء لاحصاب الجمال اما رسول الله صلى الله عليه و اله كان يزوج لذو الاخلاق الجيدة , فقال له لقد رآيتك انت من تستحق ابنتي قال له اعرضني عليها فذهب الى ابنته و قال لها هل تقبلين به ؟ قالت نعم فأن الله رقيبه كيف لا اقبل به ؟
اذاً هذه ثمرة من يجعل الله رقيبه و يفكر بأنه موجود معه في كل مكان .
الان ننتقل الى الجزء الثالث من هذه الاية المباركة او المقطع الثالث الذي يقول به عز و جل
(اجيب دعوة الداعي اذا دعانِ)
اذا كان الله عز و جل يستجيب دعوة الداعي فلابد من شروط ان تتوفر في هذا الداعي فهل من المعقول ان يستجاب من الزاني و المغني و فاعل الفواحش و العياذ بالله ؟ هذا محال فأن استجاب الله عز و جل منه فقد ظلم العباد الخلص و هذا محال ان يكون الله ظالم لان الله عادل ليس بظالم اذاً الانسان يجب ان يتصف بصفاة حتى يستجاب له الله عز و جل و هذه الصفاة يبينها رسول الله صلى الله عليه و اله بحديث شريف يقول به ( ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث: إما أن يعجل له دعوته وإما أن يدخرها في الآخرة وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها قالو اذا نكثر قال الله اكثر )
اذاً نفهم من هذا الحديث الشروط ان الانسان حتى يستجاب دعائه يجب اولاً ان يبتعد عن الاثم بمعنى انه يبتعد عن المعاصي و يتقرب من الله عز وجل حتى في الخلوة و الشرط الثاني ان لا يقطع رحمه , يجب ان يتواصل الانسان مع اقربائه و اصدقائه و باقي من يحبهم و يحبونه عكس ما نراه الان في واقعنا فالناس لا يريد واحد الاخر و هكذا اكثرهم
و ايضا من الشروط التي وضعها الله عز و جل في نفس هذه الاية المباركة في المقطع الاخير الذي قال به (فليستجيبوا لي و ليؤمنوا بي) اذاً هنا الله عز و جل يبين انه القضية مرتبطة بالاستجابة الى اوامر الله فاذا الانسان يريد ان يحصل الى رحمة استجابة الدعاء لابد له ان يخوض عدة ضوابط و قوانين حتى يفوز بهذه الرحمة , و ايضاً الايمان به فأن الكافر لا يستجاب دعائه و الزاني و شارب الخمر و من يحمل الكثير من هذه الصفاة ايضاً لا يستجاب منه .
و مقابل استجابة الدعاء توجد اشياء تمنع وصول الدعاء أي يحجب الدعاء ما بين العبد و ربه لكن ما هي الاسباب من حجب الدعاء ؟
روي ان الامام علي ابن ابي طالب.عليه السلام. خطب في يوم جمعة خطبة بليغة فقال في
آخرها : أيها الناس سبع مصائب عظام نعوذ بالله منها : عالم زل وعابد مل ومؤمن خل ومؤتمن غل وغني أقل وعزيز ذل وفقير اعتل.
فقام إليه رجل فقال : صدقت ياأمير المؤمنين أنت القبلة إذا ماضللنا والنور إذا ما أظلمنا ولكن نسألك عن قول الله تعالى : ادعوني أستجب لكم فما بالنا ندعو فلا يجاب؟
قال : إن قلوبكم خانت بثمان خصال :
أولها: أنكم عرفتم الله فلم تؤدوا حقه كما أوجب عليكم فما أغنت عنكم معرفتكم شيئاً .
والثانية: أنكم آمنتم برسوله ثم خالفتم سنته وأمتم شريعته , فأين ثمرة إيمانكم .
والثالثة: أنكم قرأتم كتابه المنزل عليكم , فلم تعملوا به , وقلتم سمعنا وأطعنا ثم خالفتم .
والرابعة: أنكم قلتم أنكم تخافون من النار وأنتم في كل وقت تقدمون إليها بمعاصيكم فأين خوفكم؟
والخامسة: أنكم قلتم أنكم ترعبون في الجنة وأنتم في كل وقت تفعلون ما يبعدكم منها , فأين رغبتكم فيها ؟
والسادسة: أنكم أكلتم نعمة المولى ولم تشكروا عليها.
والسابعة: أن الله أمركم بعداوة الشيطان وقال : إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا فعاديتموه بلا قول وواليتموه بلا مخالفة .
والثامنة: أنكم جعلتم عيوب الناس نصب عيونكم , وعيوبكم وراء ظهوركم , تلومون من أنتم أحق باللوم منه .
فأي دعاء يستجاب لكم مع هذا ؟ وقد سددتم أبوابه وطرقه ؟
فاتقوا الله وأصلحوا أعمالكم , وأخلصوا سرائركم وأمروا بالمعروف وأنهوا عن المنكر فسيستجيب الله لكم دعاءكم
بعد هذه الرواية المباركة لأمير المؤمنين لا يحتاج الى ان اوضح ما هي اسباب عدم استجابة الدعاء فأن امير المؤمنين عليه السلام قد بين كل الاسباب و بشكل مفصل و جميل
يأتي سؤال اخر , هل ان لأستجابة الدعاء مكان مخصص ؟ و هل يكون في هذا المكان المخصص نكهة خاصة في الدعاء ؟
عن الصادقين عليهم السلام (إنّ الله سبحانه عوّض الحسين عليه السلام عن شهادته ثلاثاً استجابة الدعاء تحت قبّته، والأئمّة من ذرّيته، والشفاء في تربته)
فخير مكان يستجاب به الدعاء هو تحت قبب مراقد الائمة عليهم السلام لان الملائكة تسكن في كل مرقد من مراقد اهل البيت و في الرواية ان 70 الف ملك يسكنون في قبر الحسين عليه السلام يبكون عليه حتى ظهور القائم , ومضمون حديث اخر عندما يرون الموالي يبكي على الحسين عليه السلام يدعون له عند الله عز و جل فيستجاب .
نسئل الله التوفيق في كل اعمالنا بحق محمد و اله الطاهرين
(( وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُم يَرْشُدُونَ ))
الاية (186) من سورة البقرة
كل انسان يمر في مواقف صعبة جداً و قضايا مستعصية جداً فقد يمر في ضرف حرج صحي كان او مالي , او فرضا تمر عليه ايام شديدة كالحروب و ما شابه ذلك , فلابد ان يكون معه من يعينه و خير معين هو الله عز و جل , لكن يتسائل البعض كيف يستعين بالله عز و جل و هو لا يعلم اين موجود الله ؟ اذا كان الانسان يريد ان يستعين بالله فلابد ان يستعين به من خلال الدعاء لان الله عز و جل موجود في كل مكان فانه يقول ( و نحن أقرب اليه من حبل الوريد ) فلا داعي من ان يسئل الانسان اين الله و هل هو قريب مني او لا , الكلام عند هذه الاية و ينتهي فأن الله اقرب الى الانسان من حبل الوريد .
الان يأتي السؤال المهم ( ما هي اسباب نزول الاية المباركة 186 من سورة البقرة )
توجد اسباب عديدة لنزول هذه الاية المباركة و من هذه الاسباب هو كثرة تسائل الناس عن قرب الله عز و جل و هل عندما يناجيه الانسان يكون قريب منه او بعيد , قيل انه جاء اعرابي لرسول الله صلى الله عليه و اله و سلم قال له : أقريب ربنا فنناجيه ام بعيد فنناديه , فسكت رسول الله صلى الله عليه و اله ثم بعد سكوته تلى هذه الاية المباركة التي نزلت عليه في هذا الوقت الذي جاء اليه الاعرابي فيه و ان سكوت الرسول (ص) ما هو الا لوصول الوحي لهُ , و ايضاً الروايات تذكر موقف اخر من نزول هذه الاية فعن الحسن عليه السلام قال : سأل بعض الاصحاب رسول الله (ص) اين ربنا ؟ فأنزل الله عز و جل هذه الاية المباركة و نسند الكلام برواية اخرى عن امير المؤمنين عليه السلام قال سمعت رسول الله (ص) يقول لا تعجزوا عن الدعاء فأن الله عزل و جل قال (( ادعوني استجب لكم )) فقال رجل : يا رسول الله ربنا يسمع الدعاء ام كيف ذلك ؟ فأنزل هذه الاية و ايضاً رواية اخرى نستند عليها لسبب النزول , احد الاصحاب كان جالساً عندما نزلت هذه الاية المباركة التي تقول : (( و قال ربكم ادعونى أستجب لكم )) قالوا : لا نعلم أى ساعة ندعو ، فنزلت هذه الآية , فهذا هو السبب الحقيقي من نزول هذه الاية المباركة , لكن البعض يقول هل ان الله عزل و جل قريب بقرب معنوي اي يراه الانسان ام معنوي فقط يحس بوجوده في كل مكان و لا يستطيع الانسان ان يخفي نفسه عن الله عز و جل ؟
بينما انا اطلع على دعاء الندبة وجدت مقطوعة لطيفة يشكل الوهابية عليها بأننا لا نؤمن نؤمن بالتجسيم و دعائكم يؤمن بالتجسيم و المقطع يقول (يَا بْنَ مَنْ دَنا فَتَدَلّى فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ اَوْ اَدْنى دُنُوّاً وَاقْتِراباً مِنَ الْعَلِيِّ الاْعْلى) يقولون ان الدعاء يبين انه وصل الى الله عز و جل ؟ نعم وصل لكن ليس الوصول المادي بل هو المعنوي فوصول الى مرحلة انه يرى الله مرافقاً له في كل مكان لذلك نرى اكثر المتدينيين يخافون ان يعصون الله في كل الاوقات لانه حسو بوجوده و قربه منهم فهو اقرب لهم من حبل الوريد فكيف لا يخشونه ؟ اذكر هذه القصة لعلها تفيدنا بشيء , يقال انه كان رجلاً ثرياً لديه الكثير من المزارع و الاموال و مع ذلك كان ذو اخلاق عجيبة و لديه بنته ايضاً على خطى والدها لديها اخلاق رفيعة , و لديه خادم ايضاً كان ذو اخلاق عجيبة , ارسل هذا الرجل خادمه الى مزرعة و قال له ابقى بها حتى أتبعك انا , ذهب هذا الرجل و بقى شهرين بها حتى وصل له , جلس قليلاً و قال له احضر لي قليلاً من العنب فجاءه بعنقود من العنب اكل منه فوجده حامض , قال له احضر لي غيره اكل منه و اذا به حامض و تكرر هذا الكلام 3 مرات حتى غضب هذا الرجل قال له الا تميز بين الحامض و الحلو ؟ قال له انت قلت لي احضر لي عنب و لم تقل لي تذوق العنب فأني و الله العلي العظيم لم اضع في فمي عنبة واحدة من هذه المزرعة لاني لم اجعلك رقيباً علي و لم اجعل الناس رقيبة علي بل جعلت الله عز و جل هو الرقيب , انصدم هذا الرجل من اخلاقه فقال له اريد ان استشيرك بشيء , قال له انا بخدمتك قل ما تريد ؟ قال له تقدم لي رجلين لابنتي من الاثرياء و اصحاب الجاه و هم فلان و فلان فمن برآيك ازوجها له ؟ اجابه بجواب لطيف جداً قال له اليهود يزوجون النساء لاحصاب المال و الجاه و النصارى يزوجون النساء لاحصاب الجمال اما رسول الله صلى الله عليه و اله كان يزوج لذو الاخلاق الجيدة , فقال له لقد رآيتك انت من تستحق ابنتي قال له اعرضني عليها فذهب الى ابنته و قال لها هل تقبلين به ؟ قالت نعم فأن الله رقيبه كيف لا اقبل به ؟
اذاً هذه ثمرة من يجعل الله رقيبه و يفكر بأنه موجود معه في كل مكان .
الان ننتقل الى الجزء الثالث من هذه الاية المباركة او المقطع الثالث الذي يقول به عز و جل
(اجيب دعوة الداعي اذا دعانِ)
اذا كان الله عز و جل يستجيب دعوة الداعي فلابد من شروط ان تتوفر في هذا الداعي فهل من المعقول ان يستجاب من الزاني و المغني و فاعل الفواحش و العياذ بالله ؟ هذا محال فأن استجاب الله عز و جل منه فقد ظلم العباد الخلص و هذا محال ان يكون الله ظالم لان الله عادل ليس بظالم اذاً الانسان يجب ان يتصف بصفاة حتى يستجاب له الله عز و جل و هذه الصفاة يبينها رسول الله صلى الله عليه و اله بحديث شريف يقول به ( ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث: إما أن يعجل له دعوته وإما أن يدخرها في الآخرة وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها قالو اذا نكثر قال الله اكثر )
اذاً نفهم من هذا الحديث الشروط ان الانسان حتى يستجاب دعائه يجب اولاً ان يبتعد عن الاثم بمعنى انه يبتعد عن المعاصي و يتقرب من الله عز وجل حتى في الخلوة و الشرط الثاني ان لا يقطع رحمه , يجب ان يتواصل الانسان مع اقربائه و اصدقائه و باقي من يحبهم و يحبونه عكس ما نراه الان في واقعنا فالناس لا يريد واحد الاخر و هكذا اكثرهم
و ايضا من الشروط التي وضعها الله عز و جل في نفس هذه الاية المباركة في المقطع الاخير الذي قال به (فليستجيبوا لي و ليؤمنوا بي) اذاً هنا الله عز و جل يبين انه القضية مرتبطة بالاستجابة الى اوامر الله فاذا الانسان يريد ان يحصل الى رحمة استجابة الدعاء لابد له ان يخوض عدة ضوابط و قوانين حتى يفوز بهذه الرحمة , و ايضاً الايمان به فأن الكافر لا يستجاب دعائه و الزاني و شارب الخمر و من يحمل الكثير من هذه الصفاة ايضاً لا يستجاب منه .
و مقابل استجابة الدعاء توجد اشياء تمنع وصول الدعاء أي يحجب الدعاء ما بين العبد و ربه لكن ما هي الاسباب من حجب الدعاء ؟
روي ان الامام علي ابن ابي طالب.عليه السلام. خطب في يوم جمعة خطبة بليغة فقال في
آخرها : أيها الناس سبع مصائب عظام نعوذ بالله منها : عالم زل وعابد مل ومؤمن خل ومؤتمن غل وغني أقل وعزيز ذل وفقير اعتل.
فقام إليه رجل فقال : صدقت ياأمير المؤمنين أنت القبلة إذا ماضللنا والنور إذا ما أظلمنا ولكن نسألك عن قول الله تعالى : ادعوني أستجب لكم فما بالنا ندعو فلا يجاب؟
قال : إن قلوبكم خانت بثمان خصال :
أولها: أنكم عرفتم الله فلم تؤدوا حقه كما أوجب عليكم فما أغنت عنكم معرفتكم شيئاً .
والثانية: أنكم آمنتم برسوله ثم خالفتم سنته وأمتم شريعته , فأين ثمرة إيمانكم .
والثالثة: أنكم قرأتم كتابه المنزل عليكم , فلم تعملوا به , وقلتم سمعنا وأطعنا ثم خالفتم .
والرابعة: أنكم قلتم أنكم تخافون من النار وأنتم في كل وقت تقدمون إليها بمعاصيكم فأين خوفكم؟
والخامسة: أنكم قلتم أنكم ترعبون في الجنة وأنتم في كل وقت تفعلون ما يبعدكم منها , فأين رغبتكم فيها ؟
والسادسة: أنكم أكلتم نعمة المولى ولم تشكروا عليها.
والسابعة: أن الله أمركم بعداوة الشيطان وقال : إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا فعاديتموه بلا قول وواليتموه بلا مخالفة .
والثامنة: أنكم جعلتم عيوب الناس نصب عيونكم , وعيوبكم وراء ظهوركم , تلومون من أنتم أحق باللوم منه .
فأي دعاء يستجاب لكم مع هذا ؟ وقد سددتم أبوابه وطرقه ؟
فاتقوا الله وأصلحوا أعمالكم , وأخلصوا سرائركم وأمروا بالمعروف وأنهوا عن المنكر فسيستجيب الله لكم دعاءكم
بعد هذه الرواية المباركة لأمير المؤمنين لا يحتاج الى ان اوضح ما هي اسباب عدم استجابة الدعاء فأن امير المؤمنين عليه السلام قد بين كل الاسباب و بشكل مفصل و جميل
يأتي سؤال اخر , هل ان لأستجابة الدعاء مكان مخصص ؟ و هل يكون في هذا المكان المخصص نكهة خاصة في الدعاء ؟
عن الصادقين عليهم السلام (إنّ الله سبحانه عوّض الحسين عليه السلام عن شهادته ثلاثاً استجابة الدعاء تحت قبّته، والأئمّة من ذرّيته، والشفاء في تربته)
فخير مكان يستجاب به الدعاء هو تحت قبب مراقد الائمة عليهم السلام لان الملائكة تسكن في كل مرقد من مراقد اهل البيت و في الرواية ان 70 الف ملك يسكنون في قبر الحسين عليه السلام يبكون عليه حتى ظهور القائم , ومضمون حديث اخر عندما يرون الموالي يبكي على الحسين عليه السلام يدعون له عند الله عز و جل فيستجاب .
نسئل الله التوفيق في كل اعمالنا بحق محمد و اله الطاهرين