kumait
23-12-2012, 12:26 AM
هل سيعيد العراق تشكيل الشرق الوسط؟
بقلم: حسين درويش العادلي
هناك إعادة تشكيل لمنطقة الشرق الأوسط، إعادة تشكيل لأممها السياسية (الدول) بعد فشل نموذج الدولة بفعل الإستبداد والتمييز،.. ومع إعادة التشكيل تبرز مخاطر الفوضى العارمة أو الإبتلاع الإستراتيجي،.. وأرى أنَّ للعراق محورية في تقرير مستقبل الشرق الأوسط الجديد وحدةً أم تقسيما بسب موقعه الجيوسياسي وجغرافيته التواصلية الحساسة وثقله الحضاري التاريخي وموارده الإقتصادية الكبرى،.. إنَّ نجاح أو فشل العراق سعيد انتاج منطقته بالضرورة، ففشل أو نجاح طوائفه وقومياته وإثنياته بايجاد صيغة تعايش ضن اطار وحدة الدولة سيشكل نموذجاً لشعوب المنطقة، وقدرته على التماسك أو الإنهيار وسط تجاذب الإستراتيجيات الإقليمية الطائفية سيكون نموذجاً لدول المنطقة الوليدة،.. ويجب ألا ننسى أن العراق رابط إستراتيجي بين أوربا وآسيا، وهو نقطة تواصل واحتكاك بين أمم سياسية عربية إيرانية تركية، فصمود أو انهيار نموذجه سيشكل بداية لصمود أو انهيار المنطقة بأسرها.
مشكلة العراق الحديث
1- فشل النموذج، وأعني به، فشل مشروع الدولة منذ تأسيسها الحديث عام 1921، لقد أدى فشل مشروع الدولة الى انهيار بنى المجتمع والسلطة والاقتصاد والثقافة والهوية. وسقوط الدولة في 2003 جاء بسبب سوء معاييرها ومناهجها وسياساتها الداخلية والخارجية التي قامت على الإستبداد والتمييز والعدوان والمغامرة.
2- سلبية الحواضن، اذ لم يتسن للدولة العراقية منذ التأسيس توافر حواضن خارجية لمساعدته لانجاح مشروع (المجتمع/الدولة).
طبيعة الأزمة العراقية الحالية
ثلاثة عوامل تتظافر لإنتاج الأزمات العراقية بعد التغيير:
1- التركة الكارثية للنظام الصدامي المباد على مختلف الصعد والتي صعبت جميع محاولات النهوض باعادة انتاج الدولة.
2- فشل العملية السياسية بانتاج الدولة الوطنية الموحدة بسبب تبني النظام التوافقي العرقطائفي لبناء الدولة، وهو نظام لا يركب ولا يشتغل في ظل الظروف الإقتصادية والمجتمعية والثقافية العراقية الراهنة، ويؤدي –هذا النظام- وفق الاشتراطات الحالية الى قيام نظام الدويلات المقنع (النموذج اللبناني) المهدد بالتعارض المفضي الى التقسيم (النموذج اليوغسلافي) أو المنساق بالضعف لينهار داخلياً (النموذج الصومالي).
3- الفعل النوعي المضاد لمعظم دول الإقليم لإحتواء التغيير في العراق واجهاضه من خلال سياسة: المقاطعة السياسية، والإرهاب المنظم، والإعلام المضاد، والإحتواء السلبي.
الإستراتيجيات الكبرى
1- هناك اربع استراتيجيات كبرى يقع العراق في مجالها المغناطيسي، وتنشط بشكل مباشر لضمان احتواء العراق أو توجيهه، هي: الإستراتيجية الأميركية، والإستراتيجية السعودية، والإستراتيجية الإيرانية، والإستراتيجية التركية.
2- تسعى هذه الإستراتيجيات بشتى الوسائل لضمان وقوع العراق في مجالها الحيوي.
3- يشهد العراق صراعاً واستقطاباً حاداً بين هذه الإستراتيجيات.
النماذج الثلاثة
هناك ثلاثة نماذج مفترضة للدولة العراقية المراد انتاجها بعد 2003، هي: ( نموذج اللا دولة، دولة الإنحياز، ودولة التوازن الإستراتيجي)، يتوقف ولادة أحدها على نتائج الصراع العراقي العراقي وعلى مخاضات التحولات الشرق أوسطية الجارية وعلى احتكاك وتصادم الإستراتيجيات الأربع آنفة الذكر. ونماذج الدولة العراقية المرشحة هي:
1- نموذج اللا دولة: وأعني به غياب نموذج واضح للدولة فلا هي موحدة ولا هي مقسمة، مع هوية هجينة فلا يمكن اعتبارها مركزية أو لا مركزية أو فدرالية أو كنفدرالية،.. إنَّ غياب شكل وهوية محددة للدولة أدى لفشل انتظام سياقاتها ومؤسساتها ووحدتها المعيارية فخلق انقسام (الأمة/الدولة) على نفسها، وأنتج فشلاً معيارياً لوحدتها ولفعلها السياسي والإقتصادي، وأوجد بيئة مناسبة للتداخل والتدخل والإستلاب الإقليمي والدولي،.. وبعد، شكل أفضل نموذج للتدويل الدائم النافي للسيادة، وأمثل نموذج لإمتصاص الأزمات وتفريغ شحنات التصادم لإستراتيجيات المنطقة المتصارعة ولتمرير الأجندات الكونية لخلق أوضاع كونية جديدة.
2- نموذج دولة الإنحياز: وهو نموذج وقوع الدولة العراقية في المجال الحيوي لإحدى الإستراتيجيات الأربع، كأن تكون (منحازة عربياً) لتكون (بوابة شرقية) جديدة ضد المحور الإيراني، أو تكون (منحازة ايرانياً) لتكون موقعاً ايرانياً متقدماً ضد المحور العربي، أو تكون (منحازة أميركياً) لتكون محطة متقدمة لسياسية الأميركية في المنطقة..الخ. إن نموذج الإنحياز يعتبر نموذجاً انتحارياً يؤدي الى اعادة انتاج ازمات العراق والمنطقة.
3- نموذج دولة التوازن الإستراتيجي: وهو نموذج الدولة العراقية اللاعبة لدور التوازن الإقليمي والدولي الفعال، بما يؤهل العراق ليكون قوة استرتيجية حقيقية موازنة ومتوازنة . إنّ التوازن الفعال يعني (دولة عراقية قوية سياسياً واقتصادياً وعسكرياً قادرة على حفظ التوازن الإيجابي بين إستراتيجيات المنطقة)، وهو النموذج الأفضل للعراق والمنطقة.
ما يحتاجه نموذج التوازن (دولة التوازن)
لقيام دولة التوازن الإستراتيجي لابد من مشروع وطني مدني قادر على انتاج دولة وطنية مدنية موحدة، ففشل مشروع الدولة أو انجازه على وفق متطلبات الإستراتيجيات الإقليمية والدولية المتعارضة أو قيامه على وفق نظام الدويلات العرقية أو الطائفية،.. سيسقط العراق كله كمشروع مجتمع ودولة في فلك الفوضى أو في فلك الإحتراب العرقطائفي أو في سياق الإستراتيجيات الأخرى، وسيدمر ذاته والمنطقة.
يتطلب نجاح مشروع الدولة الوطنية المدنية اعادة تنظيم الرؤى والسياسات والإرادات العراقية على وفق متطلبات المشروع الوطني واستحقاقاته المدنية، بما في ذلك الشروع لإعادة قراءة وهندسة العملية السياسية العراقية وما تتطلبه من سياسات تصحيحية جريئة لتنقيتها من مصداتها الذاتية التي تولّد الأزمات والتي تحول دون تكامل مشروع الدولة وفي الطليعة مصدات النظام التوافقي العرقطائفي. ويتطلب أيضاً خارطة طريق واضحة لحماية ورعاية نموذج الدولة العراقية الوطنية المدنية من التدمير الذاتي أو الإفتراس الخارجي (الحماية السياسية والعسكرية والإقتصادية) لحين تكامل مشروع الدولة.
مع تنامي انهيار البنى السياسية والمجتمعية في المنطقة وتعاظم دور الإستراتيجيات الإقليمية.. تتعاظم أهمية انبثاق عراق وطني مدني موحد يشكل قوة إستراتيجية موازنة وموازية تضمن استقرار المنطقة والعالم، وهي مهمة عراقية أممية معاً لضمان الإستقرار والسلام في هذه البقعة الأخطر في العالم.
بقلم: حسين درويش العادلي
هناك إعادة تشكيل لمنطقة الشرق الأوسط، إعادة تشكيل لأممها السياسية (الدول) بعد فشل نموذج الدولة بفعل الإستبداد والتمييز،.. ومع إعادة التشكيل تبرز مخاطر الفوضى العارمة أو الإبتلاع الإستراتيجي،.. وأرى أنَّ للعراق محورية في تقرير مستقبل الشرق الأوسط الجديد وحدةً أم تقسيما بسب موقعه الجيوسياسي وجغرافيته التواصلية الحساسة وثقله الحضاري التاريخي وموارده الإقتصادية الكبرى،.. إنَّ نجاح أو فشل العراق سعيد انتاج منطقته بالضرورة، ففشل أو نجاح طوائفه وقومياته وإثنياته بايجاد صيغة تعايش ضن اطار وحدة الدولة سيشكل نموذجاً لشعوب المنطقة، وقدرته على التماسك أو الإنهيار وسط تجاذب الإستراتيجيات الإقليمية الطائفية سيكون نموذجاً لدول المنطقة الوليدة،.. ويجب ألا ننسى أن العراق رابط إستراتيجي بين أوربا وآسيا، وهو نقطة تواصل واحتكاك بين أمم سياسية عربية إيرانية تركية، فصمود أو انهيار نموذجه سيشكل بداية لصمود أو انهيار المنطقة بأسرها.
مشكلة العراق الحديث
1- فشل النموذج، وأعني به، فشل مشروع الدولة منذ تأسيسها الحديث عام 1921، لقد أدى فشل مشروع الدولة الى انهيار بنى المجتمع والسلطة والاقتصاد والثقافة والهوية. وسقوط الدولة في 2003 جاء بسبب سوء معاييرها ومناهجها وسياساتها الداخلية والخارجية التي قامت على الإستبداد والتمييز والعدوان والمغامرة.
2- سلبية الحواضن، اذ لم يتسن للدولة العراقية منذ التأسيس توافر حواضن خارجية لمساعدته لانجاح مشروع (المجتمع/الدولة).
طبيعة الأزمة العراقية الحالية
ثلاثة عوامل تتظافر لإنتاج الأزمات العراقية بعد التغيير:
1- التركة الكارثية للنظام الصدامي المباد على مختلف الصعد والتي صعبت جميع محاولات النهوض باعادة انتاج الدولة.
2- فشل العملية السياسية بانتاج الدولة الوطنية الموحدة بسبب تبني النظام التوافقي العرقطائفي لبناء الدولة، وهو نظام لا يركب ولا يشتغل في ظل الظروف الإقتصادية والمجتمعية والثقافية العراقية الراهنة، ويؤدي –هذا النظام- وفق الاشتراطات الحالية الى قيام نظام الدويلات المقنع (النموذج اللبناني) المهدد بالتعارض المفضي الى التقسيم (النموذج اليوغسلافي) أو المنساق بالضعف لينهار داخلياً (النموذج الصومالي).
3- الفعل النوعي المضاد لمعظم دول الإقليم لإحتواء التغيير في العراق واجهاضه من خلال سياسة: المقاطعة السياسية، والإرهاب المنظم، والإعلام المضاد، والإحتواء السلبي.
الإستراتيجيات الكبرى
1- هناك اربع استراتيجيات كبرى يقع العراق في مجالها المغناطيسي، وتنشط بشكل مباشر لضمان احتواء العراق أو توجيهه، هي: الإستراتيجية الأميركية، والإستراتيجية السعودية، والإستراتيجية الإيرانية، والإستراتيجية التركية.
2- تسعى هذه الإستراتيجيات بشتى الوسائل لضمان وقوع العراق في مجالها الحيوي.
3- يشهد العراق صراعاً واستقطاباً حاداً بين هذه الإستراتيجيات.
النماذج الثلاثة
هناك ثلاثة نماذج مفترضة للدولة العراقية المراد انتاجها بعد 2003، هي: ( نموذج اللا دولة، دولة الإنحياز، ودولة التوازن الإستراتيجي)، يتوقف ولادة أحدها على نتائج الصراع العراقي العراقي وعلى مخاضات التحولات الشرق أوسطية الجارية وعلى احتكاك وتصادم الإستراتيجيات الأربع آنفة الذكر. ونماذج الدولة العراقية المرشحة هي:
1- نموذج اللا دولة: وأعني به غياب نموذج واضح للدولة فلا هي موحدة ولا هي مقسمة، مع هوية هجينة فلا يمكن اعتبارها مركزية أو لا مركزية أو فدرالية أو كنفدرالية،.. إنَّ غياب شكل وهوية محددة للدولة أدى لفشل انتظام سياقاتها ومؤسساتها ووحدتها المعيارية فخلق انقسام (الأمة/الدولة) على نفسها، وأنتج فشلاً معيارياً لوحدتها ولفعلها السياسي والإقتصادي، وأوجد بيئة مناسبة للتداخل والتدخل والإستلاب الإقليمي والدولي،.. وبعد، شكل أفضل نموذج للتدويل الدائم النافي للسيادة، وأمثل نموذج لإمتصاص الأزمات وتفريغ شحنات التصادم لإستراتيجيات المنطقة المتصارعة ولتمرير الأجندات الكونية لخلق أوضاع كونية جديدة.
2- نموذج دولة الإنحياز: وهو نموذج وقوع الدولة العراقية في المجال الحيوي لإحدى الإستراتيجيات الأربع، كأن تكون (منحازة عربياً) لتكون (بوابة شرقية) جديدة ضد المحور الإيراني، أو تكون (منحازة ايرانياً) لتكون موقعاً ايرانياً متقدماً ضد المحور العربي، أو تكون (منحازة أميركياً) لتكون محطة متقدمة لسياسية الأميركية في المنطقة..الخ. إن نموذج الإنحياز يعتبر نموذجاً انتحارياً يؤدي الى اعادة انتاج ازمات العراق والمنطقة.
3- نموذج دولة التوازن الإستراتيجي: وهو نموذج الدولة العراقية اللاعبة لدور التوازن الإقليمي والدولي الفعال، بما يؤهل العراق ليكون قوة استرتيجية حقيقية موازنة ومتوازنة . إنّ التوازن الفعال يعني (دولة عراقية قوية سياسياً واقتصادياً وعسكرياً قادرة على حفظ التوازن الإيجابي بين إستراتيجيات المنطقة)، وهو النموذج الأفضل للعراق والمنطقة.
ما يحتاجه نموذج التوازن (دولة التوازن)
لقيام دولة التوازن الإستراتيجي لابد من مشروع وطني مدني قادر على انتاج دولة وطنية مدنية موحدة، ففشل مشروع الدولة أو انجازه على وفق متطلبات الإستراتيجيات الإقليمية والدولية المتعارضة أو قيامه على وفق نظام الدويلات العرقية أو الطائفية،.. سيسقط العراق كله كمشروع مجتمع ودولة في فلك الفوضى أو في فلك الإحتراب العرقطائفي أو في سياق الإستراتيجيات الأخرى، وسيدمر ذاته والمنطقة.
يتطلب نجاح مشروع الدولة الوطنية المدنية اعادة تنظيم الرؤى والسياسات والإرادات العراقية على وفق متطلبات المشروع الوطني واستحقاقاته المدنية، بما في ذلك الشروع لإعادة قراءة وهندسة العملية السياسية العراقية وما تتطلبه من سياسات تصحيحية جريئة لتنقيتها من مصداتها الذاتية التي تولّد الأزمات والتي تحول دون تكامل مشروع الدولة وفي الطليعة مصدات النظام التوافقي العرقطائفي. ويتطلب أيضاً خارطة طريق واضحة لحماية ورعاية نموذج الدولة العراقية الوطنية المدنية من التدمير الذاتي أو الإفتراس الخارجي (الحماية السياسية والعسكرية والإقتصادية) لحين تكامل مشروع الدولة.
مع تنامي انهيار البنى السياسية والمجتمعية في المنطقة وتعاظم دور الإستراتيجيات الإقليمية.. تتعاظم أهمية انبثاق عراق وطني مدني موحد يشكل قوة إستراتيجية موازنة وموازية تضمن استقرار المنطقة والعالم، وهي مهمة عراقية أممية معاً لضمان الإستقرار والسلام في هذه البقعة الأخطر في العالم.