kumait
23-12-2012, 03:53 PM
كيف نشأ العزاء الحسيني؟
الشيخ عبد الحافظ البغدادي الخزاعي
كيف نشأ العزاء الحسيني..؟؟
سؤال يتردد في ذهن القراء وغيرهم، متى تبرعمت هذه الممارسة العالمية التي غطت المعمورة..؟
وما هي الظروف التي ساعدتها ورعتها إلى الشكل الذي نراه الآن...؟؟
للإجابة على هذا السؤال لا بد أن نمتد مع الزمن الذي صنعته ملحمة عاشوراء عام 61 هجرية حين فجر أبو الأحرار الحسين بن علي عليهما السلام ثورته ضد الانحراف الأموي وليرسم أعظم لوحة جهادية في تاريخ الإنسانية، وتلقفت الجماهير تلك المناسبة لترضع منها دروسا في الفداء والتضحية والإخلاص والصبر والثبات على نهج القران والعترة{ع}..
يذكر المؤرخون إن العزاء ينقسم إلى قسمين.. العائلي الذي أقامه أهل البيت{ع} وخاصة السبايا أثناء أسرهن.. والثانية أهل العراق – الكوفة – وهم الشخصيات التي شايعت أهل البيت {ع} ولم يتمكنوا من نصرتهم، فشعروا بالندم يأكل قلوبهم فتوجهوا إلى كربلاء لإبداء الموالاة والاعتذار عن القعود من النصرة.. كانت تلك السفرات باكورة مجالس الحزن والبكاء عن التقصير والترهل الذي أصابهم.. وهنا انتظمت القاعدة الجماهيرية للثورة على الطواغيت الذين بدلوا الدين وقتلوا الحسين وأصحابه عليهم السلام.. فكان الزوار الحسينيون نواة حركة سليمان بن صرد الخزاعي وثورة المختار الثقفي، فأصبح قبر الحسين{ع} يمثل الثورة على الظلم والمنطلق نحو الحرية والإسلام الحقيقي.. ولعبت ثورة المختار دورا كبيرا في تحريك الشارع وشحذ الهمم وتحريضهم ضد الأمويين..
ولكن تلك التجمعات لم تكن عادات راسخة وطقوس ثابتة كما هي اليوم.. بل جاءت كردة فعل جماهيرية في التقصير عن النصرة كما ذكرنا.. وحين عرفت السلطة الأموية بالزخم الجماهيري الذي يتوجه إلى قبر الحسين {ع} اعتبرت تلك الزيارات معارضة للدولة وتأييدا لصاحب القبر الثائر.. فحاولت الدولة لملمة جريمتها في قتله وإخفاء سوءة السلطة الأموية في أعظم جريمة ينتهك فيها الإسلام وحرمة رسول الله {ص} في ال بيته {ع} فأطلقت وعاظ السلاطين وزودتهم بكل ما يحتاجون لإلقاء اللوم على الحسين {ع} أولا.. ومن ثم زيارته بدعة وظلاله وكفر كما نسمعها هذه الأيام من الإعلام {الوهابي - اموي} فأطلقت شعاراتها التكفيرية ضد الزوار.. ولكن الجماهير تلقت إشارات وأحاديث من أئمة الهدى بوجوب ومحبوبية زيارة أبي الشهداء{ع} وقد جاء في تراث الشيعة عشرات الأحاديث التي تُرغب المؤمنين وتحثهم لزيارة قبره الشريف في كربلاء.. وتبارى الشعراء من كل جهة للذب عن عقيدته..
وظهر نوعا من الأدب الخاص بملحمة عاشوراء اسمه {النياحة الحسينية} في القرن الرابع الهجري التي عُدت انتماءً لموقف الحسين{ع} وأصحابه في كربلاء. في وقت كان فيه المداحون وقارئي المقامات ينتشرون في الأروقة الأدبية، اعتبر البعض إن النياحة الحسينية تثير الخلافات الطائفية مما سبب نشوب معارك وحرق بعض التكايا في بغداد عام 346هـ..{وبسبب تلك الحوادث الدامية اصدر عدد من علماء الشيعة بتعطيل صلاة الجمعة} حيث تعرض شباب مصلون للاعتقال والسجن.. غير إن قراءة مقتل الحسين {ع} لم يتوقف رغم الضحايا والبلايا التي وقعت على الشيعة في العراق.. يذكر ابن الجوزي في ج7 ص 23.. إن اللطم جرى في المشهد الحسيني في منصف القرن الخامس الهجري. وهو أول توثيق لمواكب اللطم في العراق، ولكن الحقيقة إن اللطم كان أقدم من هذا التاريخ، ولكنه وثيقة كًتبت عن العزاء {وهذا يدفعنا لتوثيق الحوادث}..
وانتشر قراءة المقتل في كل المدن العراقية في القرن السابع الهجري، وكان يصاحبها مواكب اللطم {وأصبح مرقد الحسين –ع- كعبة وملاذا لملايين المحبين لم يوقفهم قتل ولا تفجير مفخخات ولا منع السلطات... وقد جربت الأنظمة الجائرة الحاقدة كل أنواع الحرب النفسية والبدنية، سجن وقتل وتهميش وإقصاء وكل أعمال الخسة لأنظمة الضلالة.. ابتداء من زياد بن أبيه وولده.. ومعاوية ويزيد وأحفاده إلى يوم الله هذا، لم ينفع أي وسيلة لمنع زوار ومجانين الحسين عليهم السلام جميعا أن يتراجعوا عن زيارته.. بل زادهم ذلك إصرارا في تواصلهم رغم الظروف والمحن والحصار...
وكانت فترة حكم الأتراك السلاجقة من أصعب الفترات التي مرت على الشيعة وتاريخهم في العراق، حين أعلنت الدولة حربها ضد الشيعة ورموزها بعد إن تبنت مذهبا آخر.. ساعدهم في ذلك المعتزلة والمتصوفة والاشاعرة، وصار الشيعي لا يجرأ أن يقيم مجلس عزاء للحسين {ع}.. ولكن بعد مجيء الصفويين إلى الحكم في إيران بداية القرن السادس من الهجرة الشريفة وإعلانهم المذهب الشيعي مذهبا رسميا للدولة، انتشر التشيع في العراق بشكل واسع ومراسيم العزاء جنبا إلى جنب {لذلك جاءت التهم إلى الشيعة إن التشيع من إيران واصله فارسي} في حين إن إيران كانت سنية المذهب على رأي إمام فارسي.. وانتقلت للتشيع على رأي إمام عربي هو موسى بن جعفر{ع}.. لذلك اعتبر داود باشا الحاكم التركي إن العزاء الحسيني هو نوع من الدعاية التي تقوم بها الدولة الإيرانية..!! فإذا كان هذا رأي رئيس الدولة فما بالك بعامة الناس..؟؟؟؟!!
في بداية القران التاسع عشر ميلادي ظهر اللطم في العراق كما يذكر علي الوردي في لمحات اجتماعية ص111 ج2 وصاحب الموكب محمد باقر أسد الله من أهالي الكاظمية المطهرة..وشيدت في القرن نفسه أول الحسينيات في كربلاء وهي الحسينية الحيدرية وفي النجف الحسينية الشوشترية... وبدأت مواكب اللطم تظهر تظّلم الشيعة في رداتهم وأهازيجهم باعتبار إنهم لا يملكون أجهزة إعلام ذلك الوقت.. وقدمت مواكب الكاظمية ومناطق بغداد عدد من الشهداء عام 1928 حين منعت الحكومة العراقية الوطنية جميع أشكال العزاء والمواكب.. وهي الحكومة التي جاءت بسبب ثورة الشيعة ودماءهم في ثورة العشرين التي سرقت إلى جهة ثانية..
واستمرت الحكومة العراقية في منع ومحاربة الشيعة وشعائرهم الحسينية.. ففي عام 1932 م منع رئيس الوزراء {ياسين الهاشمي جد أم المجرم الهارب طارق الهاشمي} منع مواكب العزاء في كافة أنحاء العراق – لسبب انه من طائفة أخرى.. وفرضت الدولة قيودا مشددة على المواكب المتوجهة من البصرة إلى كربلاء للمشاركة بيوم الأربعين.. ومنعت مواكب الديوانية والحلة والنجف.. فتوجه الزوار أفواجا وجماعات مشيا على الأقدام من مسافات بعيدة لزيارة الحسين {ع} وخاصة من طريقي الحلة والنجف صوب كربلاء..." وهذه نواة المسيرات الطويلة" وكان ذلك سببا في انتفاضة الفرات الأوسط ضد الحكومة الطاغوتية........
أما في زمن الطاغية صدام فالحديث لا يسع.. لا زالت مرارته في أفواهنا، ولكن ردة الفعل على الملعون المقبور إن خدام الحسين {ع} تبرعموا في كل مدن العراق والكويت وإيران وأوربا ودول الخليج كافة.. وأصبح طريق يا حسين حقيقة فرضها أحباب الحسين{ع} حين اختاروا منطقة رأس البيشة في الفاو " وهي آخر نقطة من العراق" للانطلاق نحو القبر الشريف.. وتحولت بيوت المحبين إلى مضايف ترفع شعار " اهلا بزوار أبي علي".
الشيخ عبد الحافظ البغدادي الخزاعي
كيف نشأ العزاء الحسيني..؟؟
سؤال يتردد في ذهن القراء وغيرهم، متى تبرعمت هذه الممارسة العالمية التي غطت المعمورة..؟
وما هي الظروف التي ساعدتها ورعتها إلى الشكل الذي نراه الآن...؟؟
للإجابة على هذا السؤال لا بد أن نمتد مع الزمن الذي صنعته ملحمة عاشوراء عام 61 هجرية حين فجر أبو الأحرار الحسين بن علي عليهما السلام ثورته ضد الانحراف الأموي وليرسم أعظم لوحة جهادية في تاريخ الإنسانية، وتلقفت الجماهير تلك المناسبة لترضع منها دروسا في الفداء والتضحية والإخلاص والصبر والثبات على نهج القران والعترة{ع}..
يذكر المؤرخون إن العزاء ينقسم إلى قسمين.. العائلي الذي أقامه أهل البيت{ع} وخاصة السبايا أثناء أسرهن.. والثانية أهل العراق – الكوفة – وهم الشخصيات التي شايعت أهل البيت {ع} ولم يتمكنوا من نصرتهم، فشعروا بالندم يأكل قلوبهم فتوجهوا إلى كربلاء لإبداء الموالاة والاعتذار عن القعود من النصرة.. كانت تلك السفرات باكورة مجالس الحزن والبكاء عن التقصير والترهل الذي أصابهم.. وهنا انتظمت القاعدة الجماهيرية للثورة على الطواغيت الذين بدلوا الدين وقتلوا الحسين وأصحابه عليهم السلام.. فكان الزوار الحسينيون نواة حركة سليمان بن صرد الخزاعي وثورة المختار الثقفي، فأصبح قبر الحسين{ع} يمثل الثورة على الظلم والمنطلق نحو الحرية والإسلام الحقيقي.. ولعبت ثورة المختار دورا كبيرا في تحريك الشارع وشحذ الهمم وتحريضهم ضد الأمويين..
ولكن تلك التجمعات لم تكن عادات راسخة وطقوس ثابتة كما هي اليوم.. بل جاءت كردة فعل جماهيرية في التقصير عن النصرة كما ذكرنا.. وحين عرفت السلطة الأموية بالزخم الجماهيري الذي يتوجه إلى قبر الحسين {ع} اعتبرت تلك الزيارات معارضة للدولة وتأييدا لصاحب القبر الثائر.. فحاولت الدولة لملمة جريمتها في قتله وإخفاء سوءة السلطة الأموية في أعظم جريمة ينتهك فيها الإسلام وحرمة رسول الله {ص} في ال بيته {ع} فأطلقت وعاظ السلاطين وزودتهم بكل ما يحتاجون لإلقاء اللوم على الحسين {ع} أولا.. ومن ثم زيارته بدعة وظلاله وكفر كما نسمعها هذه الأيام من الإعلام {الوهابي - اموي} فأطلقت شعاراتها التكفيرية ضد الزوار.. ولكن الجماهير تلقت إشارات وأحاديث من أئمة الهدى بوجوب ومحبوبية زيارة أبي الشهداء{ع} وقد جاء في تراث الشيعة عشرات الأحاديث التي تُرغب المؤمنين وتحثهم لزيارة قبره الشريف في كربلاء.. وتبارى الشعراء من كل جهة للذب عن عقيدته..
وظهر نوعا من الأدب الخاص بملحمة عاشوراء اسمه {النياحة الحسينية} في القرن الرابع الهجري التي عُدت انتماءً لموقف الحسين{ع} وأصحابه في كربلاء. في وقت كان فيه المداحون وقارئي المقامات ينتشرون في الأروقة الأدبية، اعتبر البعض إن النياحة الحسينية تثير الخلافات الطائفية مما سبب نشوب معارك وحرق بعض التكايا في بغداد عام 346هـ..{وبسبب تلك الحوادث الدامية اصدر عدد من علماء الشيعة بتعطيل صلاة الجمعة} حيث تعرض شباب مصلون للاعتقال والسجن.. غير إن قراءة مقتل الحسين {ع} لم يتوقف رغم الضحايا والبلايا التي وقعت على الشيعة في العراق.. يذكر ابن الجوزي في ج7 ص 23.. إن اللطم جرى في المشهد الحسيني في منصف القرن الخامس الهجري. وهو أول توثيق لمواكب اللطم في العراق، ولكن الحقيقة إن اللطم كان أقدم من هذا التاريخ، ولكنه وثيقة كًتبت عن العزاء {وهذا يدفعنا لتوثيق الحوادث}..
وانتشر قراءة المقتل في كل المدن العراقية في القرن السابع الهجري، وكان يصاحبها مواكب اللطم {وأصبح مرقد الحسين –ع- كعبة وملاذا لملايين المحبين لم يوقفهم قتل ولا تفجير مفخخات ولا منع السلطات... وقد جربت الأنظمة الجائرة الحاقدة كل أنواع الحرب النفسية والبدنية، سجن وقتل وتهميش وإقصاء وكل أعمال الخسة لأنظمة الضلالة.. ابتداء من زياد بن أبيه وولده.. ومعاوية ويزيد وأحفاده إلى يوم الله هذا، لم ينفع أي وسيلة لمنع زوار ومجانين الحسين عليهم السلام جميعا أن يتراجعوا عن زيارته.. بل زادهم ذلك إصرارا في تواصلهم رغم الظروف والمحن والحصار...
وكانت فترة حكم الأتراك السلاجقة من أصعب الفترات التي مرت على الشيعة وتاريخهم في العراق، حين أعلنت الدولة حربها ضد الشيعة ورموزها بعد إن تبنت مذهبا آخر.. ساعدهم في ذلك المعتزلة والمتصوفة والاشاعرة، وصار الشيعي لا يجرأ أن يقيم مجلس عزاء للحسين {ع}.. ولكن بعد مجيء الصفويين إلى الحكم في إيران بداية القرن السادس من الهجرة الشريفة وإعلانهم المذهب الشيعي مذهبا رسميا للدولة، انتشر التشيع في العراق بشكل واسع ومراسيم العزاء جنبا إلى جنب {لذلك جاءت التهم إلى الشيعة إن التشيع من إيران واصله فارسي} في حين إن إيران كانت سنية المذهب على رأي إمام فارسي.. وانتقلت للتشيع على رأي إمام عربي هو موسى بن جعفر{ع}.. لذلك اعتبر داود باشا الحاكم التركي إن العزاء الحسيني هو نوع من الدعاية التي تقوم بها الدولة الإيرانية..!! فإذا كان هذا رأي رئيس الدولة فما بالك بعامة الناس..؟؟؟؟!!
في بداية القران التاسع عشر ميلادي ظهر اللطم في العراق كما يذكر علي الوردي في لمحات اجتماعية ص111 ج2 وصاحب الموكب محمد باقر أسد الله من أهالي الكاظمية المطهرة..وشيدت في القرن نفسه أول الحسينيات في كربلاء وهي الحسينية الحيدرية وفي النجف الحسينية الشوشترية... وبدأت مواكب اللطم تظهر تظّلم الشيعة في رداتهم وأهازيجهم باعتبار إنهم لا يملكون أجهزة إعلام ذلك الوقت.. وقدمت مواكب الكاظمية ومناطق بغداد عدد من الشهداء عام 1928 حين منعت الحكومة العراقية الوطنية جميع أشكال العزاء والمواكب.. وهي الحكومة التي جاءت بسبب ثورة الشيعة ودماءهم في ثورة العشرين التي سرقت إلى جهة ثانية..
واستمرت الحكومة العراقية في منع ومحاربة الشيعة وشعائرهم الحسينية.. ففي عام 1932 م منع رئيس الوزراء {ياسين الهاشمي جد أم المجرم الهارب طارق الهاشمي} منع مواكب العزاء في كافة أنحاء العراق – لسبب انه من طائفة أخرى.. وفرضت الدولة قيودا مشددة على المواكب المتوجهة من البصرة إلى كربلاء للمشاركة بيوم الأربعين.. ومنعت مواكب الديوانية والحلة والنجف.. فتوجه الزوار أفواجا وجماعات مشيا على الأقدام من مسافات بعيدة لزيارة الحسين {ع} وخاصة من طريقي الحلة والنجف صوب كربلاء..." وهذه نواة المسيرات الطويلة" وكان ذلك سببا في انتفاضة الفرات الأوسط ضد الحكومة الطاغوتية........
أما في زمن الطاغية صدام فالحديث لا يسع.. لا زالت مرارته في أفواهنا، ولكن ردة الفعل على الملعون المقبور إن خدام الحسين {ع} تبرعموا في كل مدن العراق والكويت وإيران وأوربا ودول الخليج كافة.. وأصبح طريق يا حسين حقيقة فرضها أحباب الحسين{ع} حين اختاروا منطقة رأس البيشة في الفاو " وهي آخر نقطة من العراق" للانطلاق نحو القبر الشريف.. وتحولت بيوت المحبين إلى مضايف ترفع شعار " اهلا بزوار أبي علي".