المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الإمام الحسن عليه السلام رمز المظلومية الصامتة


kumait
24-12-2012, 10:11 PM
الإمام الحسن عليه السلام رمز المظلومية الصامتة
السيد محمد باقر الناصر

السابع من صفر يعيد لنا ذكرى مؤلمة، وهي ذكرى استشهاد سيد شباب أهل الجنة الإمام الحسن السبط ع اغتيالاً بالسم عام 50 للهجرة.

والإمام الحسن ع هو أنصع صفحات الخليقة طراً نسباً وحسباً وفضائل وشرفاً ومقاماً ومحتداً، ومن النادر أن نجد شخصية جمعت كل هذه المناقب مجتمعة، ويشاركه في معظم ذلك أخوه الإمام الحسين الشهيد ع .

إلا إن المؤسف في حال هذه الأمة والمفارقة الكبيرة؛ أن هذه الشخصية العظيمة تعرضت في حياتها وعبر التاريخ لمظلومية هي من أعجب المظلوميات، وسأذكر فيما يلي بعضاً منها لنعرف مدى الظلم الذي وقع بحق أهل البيت المطهرين عليهم صلوات المصلين:

1ـ ظلم سلام الله عليه فيما تعرضت له أسرته من الجفاء بعد ارتحال النبي صلى الله عليه آله خلافاً لوصايا الرسول، وفقد أمه سيدة النساء سلام الله عليها، وأقصى أبوه أمير المؤمنين ع الخليفة الشرعي بتعيين من الله تعالى ونص من النبي صلى الله عليه واله، بحيث اضطر سلام الله عليه مع ما يملك من سابقة ومؤهلات وأثر في الدين أن يدخل في شبه عزلة قرابة ربع قرن.

2ـ ومن المظلومية أن حياة الإمام الحسن ع بعد رسول الله وحتى خلافة أمير المؤمنين ـ وهو ابن الثلاثين إذ ذاك ـ ذهبت في الظل ولم تسلط عليها الأضواء، ولا نكاد نعرف عن هذه المرحلة شيئاً.

3ـ تعرض سلام الله عليه لأشد المظلومية بعد توليه الخلافة من قبل الأمة التي خذلته وما نصرته أمام تمرد معاوية وأهل الشام، هذا التمرد الذي بدأ في عهد أبيه واستمر في عهده طغياناً وعدواناً وطمعاً في الحكم، وتعرض لمحاولات اغتيال وخيانة من أقرب المقربين.

4ـ وأما الفصل الأوسع في الظلم فهو ما بدأ بعد صلحه مع معاوية، حيث بدأ الأمويون حملة تشويه لشخصية الإمام الحسن ع ، فصوروه بأنه طالب عافية، وضعيف ليس من أهل الاضطلاع بالمسؤوليات، ومزواج يحب النساء.

5ـ ثم تمَّ اغتيال الحسن ع بالسم بشكل مفجع، وبقي يعاني منه فترة طويلة إلى أن قضى، ولم يؤاخذ قاتله معاوية، ولم يقف التاريخ والمؤرخون وقفة عدل وإنصاف ومحاكمة لقاتله، وبقي يتمتع بأوسمة خال المؤمنين وكاتب الوحي والصحابي وغير ذلك من الأوسمة المزيفة.

6ـ هتكت جنازته في تشييعه، ومنعت من دفنها بجوار جده رسول الله ص ، وهو أحق الناس به واستلت بوجه الجنازة السيوف، ورشقت بالسهام.

7ـ ظلمه المؤرخون والعلماء فلم يعدوه حتى في جملة الخلفاء الراشدين كما زعموا، مع أن سمات الخلافة الراشدة تنطبق عليه بلا شك، ومع أنهم يروون عن النبي ص : «الخلافة بعدي ثلاثون سنة ثم تصير ملكاً عضوضاً» وبخلافة الإمام الحسن ع تكتمل الثلاثون سنة. بل إنهم عندما يعدون الخلفاء الاثني عشر لا يعدون الإمام الحسن ع ، ويعدون يزيد الفاجر وعبدالملك وأبناءه.

8ـ ولم تكفهم كل هذه المظالم، فجاء في العصور المتأخرة من هدم ضريحه والقبة المشيدة عليه، وحرمه الشريف اليوم أطلال، فكأنما تحسر هؤلاء أنهم لم يكونوا في جبهة معاوية آنئذٍ أمام شخص الحسن ع ، فنالوا من قبره، ولم يراعوا حرمة النبي ص فيه.

فيا حسرتاه على الأمة حين تخطئ حظها وتحسب العدو ولياً والصديق عدواً.