مرتضى علي الحلي
10-01-2013, 10:53 AM
:مَدخلٌ قُرآني إلى معرفة النبي مُحمّد:صلى اللهُ عليه وآله وسلَّم:القسم الرابع:
====================================
: المنهجُ والأهداف :
===========
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله المعصومين
لقد بيِّنا بعض معالم وتحديدات شخصيّة النبي محمد:ص:
في توصيفها القرآني الكريم في الأقسام السالفة الذكر .
من جهة المفهوم وتطبيقاته وإمكان إنحفاظه قيمةً وبقاءا.
وبقي بيان مفهوم أرحب وأوسع أثراً وقيمةً وغرضا
وهو مفهوم أخلاقيّة المنهج النبوي الشريف
وأخلاقية أهدافه المُقدّسة.
لما إتصف به ذلك المفهوم من معيارية إطلاقيّة غير متحيِّثة بنسبيَّة الموضوع والحكم والزمان والمكان والإنسان آنذاك.
والقرآن الكريم قد إختزل ذلك المفهوم الكبير في قصدياته ودلالاته المُطلقة في مقطع وجيز الألفاظ وواسع المعنى .
قال تعالى:
{وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ }القلم4
َ
ليشهد اللهُ تعالى لنبيه الأكرم محمد:ص: بأنه قد إستمكن ذاتاً ووصفاً وشأناً على حقيقة الأخلاق مُطلقا .
بحيث تُلحظُ الأخلاقُ النبوية الشريفة ظاهرةً
في منهج وأهداف النبي محمد:ص: مفهوما وسلوكا وغرضا .
في صور تعاطيه مع الناس حياتيا.
قال تعالى
{فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ }آل عمران159
{لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ }التوبة128
ولقد أخذ مفهوم ومعيارية الأخلاقية المُطلقة منهجا وأهدافاً
في النطاق النبوي الشريف بُعداً تأسيسياً أصيلا
لُيشرِّع القرآن الكريم له ضرورة شرافة ونزاهة المنهج والهدف في الدعوة والتغيير والمحاورة والإصلاح والتثاقف والتعايش بين الناس أجمعين .
قال تعالى
{ وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ }المائدة2
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلَا تَتَنَاجَوْا بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ وَتَنَاجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ }المجادلة9
ولولاحظنا هاتان الآيتان الشريفتان لوجدنا إهتماماً وتأكيداً بيِّناً
على ضرورة مراعاة أخلاقيّة المنهج والأهداف مُطلقا في التكوين والصيرورة والنتيجة
وهذا التأكيد يرتسم ثبوتاً من أول أمر التحرك منهجيا وحتى طلب الهدف أخيراً.
ويتجلى بمعنى أن لا تتحركوا بإثم ومعصية وتجاوز لحدود الله في المنهج والهدف أو بما هو فيه عدوان على غيركم .
ففي البعد الأدبي والذي هو لغة المنهج والحوار
جائت الصياغة القرآنية لتؤكِّد على الإلتزام بأدبيات شريفة مخصوصة
كقوله تعالى
{لاَّ يُحِبُّ اللّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوَءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلاَّ مَن ظُلِمَ وَكَانَ اللّهُ سَمِيعاً عَلِيماً }النساء148
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً }الأحزاب70
بمعنى:
يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله الأكرم محمد
:صلى اللهُ عليه وآلله وسلّم: وعملوا بشرعه
اعملوا بطاعته، واجتنبوا معصيته؛ لئلا تستحقوا بذلك العقاب وقولوا في جميع أحوالكم وشؤونكم قولا مستقيمًا موافقًا للصواب خاليًا من الكذب والباطل .
وإنَّ القرآن الكريم قد ركَّزَ على توجيه سلوك المنهج في تطبيقاته
بصورة واضحة .
قال تعالى
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْراً مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاء مِّن نِّسَاء عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْراً مِّنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ }الحجرات11
ومعنى ذلك هو :
يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله الأكرم محمد: :صلى اللهُ عليه وآلله وسلّم:
وعملوا بشريعته لا يهزأ قوم مؤمنون من قوم مؤمنين
عسى أن يكون المهزوء به منهم خيرًا من الهازئين
ولا يهزأ نساء مؤمنات من نساء مؤمنات; عسى أن يكون المهزوء به منهنَّ خيرًا من الهازئات
ولا يَعِبْ بعضكم بعضًا, ولا يَدْعُ بعضكم بعضًا بما يكره من الألقاب, بئس الصفة والاسم الفسوق, وهو السخرية واللمز والتنابز بالألقاب
بعد ما دخلتم في الإسلام وعقلتموه
ومن لم يتب من هذه السخرية واللمز والتنابز والفسوق
فأولئك هم الذين ظلموا أنفسهم بارتكاب هذه المناهي .
وأما على مستوى شرافة ونزاهة وأخلاقيَّة الهدف المطلوب تحققه
فقد أولى القرآن الكريم ذلك إهتماماً كبيراً في نصوصه الشريفة
بدءاً من الكون على بصيرة في التحرك بإتجاه الوصول إلى الهدف .
والغاية وإنتهاءاً بالظفر به .
قال تعالى
{قُلْ هَـذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ }يوسف108
وهنا يظهر أمر الكون على بصيرة في طلب الهدف وروم تحقيقه جليّا وبيِّنا
ولم ينحصر هذا الأمر في الواقع الموضوعي الذي كان عليه الرسول الأكرم محمد:ص:
بل الأمر يعني ويشمل مَن بعده ومَن اتبعه إعتقاداً وعملا.
وهذا هو مدلول ومراد قوله تعالى
( أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي )
ولقد حدد القرآن الكريم أخلاقيّة الهدف وإختزلها به تعالى
بمعنى أنَّ ملاك وقيمة وشرافة وأخلاقية الهدف تنحصر بضرورة التوجه إليه سبحانه وتعالى في النتيجة والتحقق مطلقا
وهذا المعنى قد نص عليه اللهُ تعالى في كتابه العزيز نصا
{قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ }الأنعام162
بحيث استوعبتْ معيارية وأخلاقية الهدف وشرافته كل مفاصل الحياة الإنسانية في عباداتها ومعاملاتها وحتى مماتها .
لتجعل الإنسان المسلم إنساناً معياريا وقيميا في وسائله ومناهجه وأهدافه .
وليتحرَّك في نطاق (لله ) في وسيلته وطلبه هدفه
كما كان عليه واقع رسول اللهَ :ص:
والذي هو أسوة حسنة للناس أجمعين
كما قال تعالى
{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً }الأحزاب21
وعلى أساس من الذي تقدم ينبغي بنا كمسلمين ومؤمنين العمل على توظيف الوسائل والمناهج النبوية الشريفة
والتي من شأنها يقينا تحقيق كل هدف شريف وعادل وصالح وحق يطلبه الإنسان أو المجتمع .
وأعني بالتوظيف هنا هو التحرك ضمن شأنية المنهج النبوي في قيمته وأثره وشرافته
فمثلاً ممكن الإلتزام بقاعدة
(لاضرر ولا ضرار في الإسلام)
من جهة تجنب الإضرار بالآخرين في توظيف وسلوك الوسيلة أو آليات تحقيق الهدف.
وغيرها كقاعدة (لاإكراه في الدين)
كما في قوله تعالى
{لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ }البقرة256
وهذه القواعد الأصيلة هي مَن تقدر على التكيِّف مع مستجدات الوسائل والمناهج الحديثة في حال توظيفها بالشكل الصحيح شرعيا وعقلائيا.
مما توجد في محصلتها تطبيقاً إناساً بعيدين عن إستعمال وسائل العنف والإرهاب
في تحقيق أهدافهم الذاتية والمجتمعية
ولا تجعل الإنسان الهادف عرضة للنقد والتجريح من قبل الآخرين .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مرتضى علي الحلي : النجف الأشرف
====================================
: المنهجُ والأهداف :
===========
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله المعصومين
لقد بيِّنا بعض معالم وتحديدات شخصيّة النبي محمد:ص:
في توصيفها القرآني الكريم في الأقسام السالفة الذكر .
من جهة المفهوم وتطبيقاته وإمكان إنحفاظه قيمةً وبقاءا.
وبقي بيان مفهوم أرحب وأوسع أثراً وقيمةً وغرضا
وهو مفهوم أخلاقيّة المنهج النبوي الشريف
وأخلاقية أهدافه المُقدّسة.
لما إتصف به ذلك المفهوم من معيارية إطلاقيّة غير متحيِّثة بنسبيَّة الموضوع والحكم والزمان والمكان والإنسان آنذاك.
والقرآن الكريم قد إختزل ذلك المفهوم الكبير في قصدياته ودلالاته المُطلقة في مقطع وجيز الألفاظ وواسع المعنى .
قال تعالى:
{وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ }القلم4
َ
ليشهد اللهُ تعالى لنبيه الأكرم محمد:ص: بأنه قد إستمكن ذاتاً ووصفاً وشأناً على حقيقة الأخلاق مُطلقا .
بحيث تُلحظُ الأخلاقُ النبوية الشريفة ظاهرةً
في منهج وأهداف النبي محمد:ص: مفهوما وسلوكا وغرضا .
في صور تعاطيه مع الناس حياتيا.
قال تعالى
{فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ }آل عمران159
{لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ }التوبة128
ولقد أخذ مفهوم ومعيارية الأخلاقية المُطلقة منهجا وأهدافاً
في النطاق النبوي الشريف بُعداً تأسيسياً أصيلا
لُيشرِّع القرآن الكريم له ضرورة شرافة ونزاهة المنهج والهدف في الدعوة والتغيير والمحاورة والإصلاح والتثاقف والتعايش بين الناس أجمعين .
قال تعالى
{ وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ }المائدة2
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلَا تَتَنَاجَوْا بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ وَتَنَاجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ }المجادلة9
ولولاحظنا هاتان الآيتان الشريفتان لوجدنا إهتماماً وتأكيداً بيِّناً
على ضرورة مراعاة أخلاقيّة المنهج والأهداف مُطلقا في التكوين والصيرورة والنتيجة
وهذا التأكيد يرتسم ثبوتاً من أول أمر التحرك منهجيا وحتى طلب الهدف أخيراً.
ويتجلى بمعنى أن لا تتحركوا بإثم ومعصية وتجاوز لحدود الله في المنهج والهدف أو بما هو فيه عدوان على غيركم .
ففي البعد الأدبي والذي هو لغة المنهج والحوار
جائت الصياغة القرآنية لتؤكِّد على الإلتزام بأدبيات شريفة مخصوصة
كقوله تعالى
{لاَّ يُحِبُّ اللّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوَءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلاَّ مَن ظُلِمَ وَكَانَ اللّهُ سَمِيعاً عَلِيماً }النساء148
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً }الأحزاب70
بمعنى:
يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله الأكرم محمد
:صلى اللهُ عليه وآلله وسلّم: وعملوا بشرعه
اعملوا بطاعته، واجتنبوا معصيته؛ لئلا تستحقوا بذلك العقاب وقولوا في جميع أحوالكم وشؤونكم قولا مستقيمًا موافقًا للصواب خاليًا من الكذب والباطل .
وإنَّ القرآن الكريم قد ركَّزَ على توجيه سلوك المنهج في تطبيقاته
بصورة واضحة .
قال تعالى
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْراً مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاء مِّن نِّسَاء عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْراً مِّنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ }الحجرات11
ومعنى ذلك هو :
يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله الأكرم محمد: :صلى اللهُ عليه وآلله وسلّم:
وعملوا بشريعته لا يهزأ قوم مؤمنون من قوم مؤمنين
عسى أن يكون المهزوء به منهم خيرًا من الهازئين
ولا يهزأ نساء مؤمنات من نساء مؤمنات; عسى أن يكون المهزوء به منهنَّ خيرًا من الهازئات
ولا يَعِبْ بعضكم بعضًا, ولا يَدْعُ بعضكم بعضًا بما يكره من الألقاب, بئس الصفة والاسم الفسوق, وهو السخرية واللمز والتنابز بالألقاب
بعد ما دخلتم في الإسلام وعقلتموه
ومن لم يتب من هذه السخرية واللمز والتنابز والفسوق
فأولئك هم الذين ظلموا أنفسهم بارتكاب هذه المناهي .
وأما على مستوى شرافة ونزاهة وأخلاقيَّة الهدف المطلوب تحققه
فقد أولى القرآن الكريم ذلك إهتماماً كبيراً في نصوصه الشريفة
بدءاً من الكون على بصيرة في التحرك بإتجاه الوصول إلى الهدف .
والغاية وإنتهاءاً بالظفر به .
قال تعالى
{قُلْ هَـذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ }يوسف108
وهنا يظهر أمر الكون على بصيرة في طلب الهدف وروم تحقيقه جليّا وبيِّنا
ولم ينحصر هذا الأمر في الواقع الموضوعي الذي كان عليه الرسول الأكرم محمد:ص:
بل الأمر يعني ويشمل مَن بعده ومَن اتبعه إعتقاداً وعملا.
وهذا هو مدلول ومراد قوله تعالى
( أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي )
ولقد حدد القرآن الكريم أخلاقيّة الهدف وإختزلها به تعالى
بمعنى أنَّ ملاك وقيمة وشرافة وأخلاقية الهدف تنحصر بضرورة التوجه إليه سبحانه وتعالى في النتيجة والتحقق مطلقا
وهذا المعنى قد نص عليه اللهُ تعالى في كتابه العزيز نصا
{قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ }الأنعام162
بحيث استوعبتْ معيارية وأخلاقية الهدف وشرافته كل مفاصل الحياة الإنسانية في عباداتها ومعاملاتها وحتى مماتها .
لتجعل الإنسان المسلم إنساناً معياريا وقيميا في وسائله ومناهجه وأهدافه .
وليتحرَّك في نطاق (لله ) في وسيلته وطلبه هدفه
كما كان عليه واقع رسول اللهَ :ص:
والذي هو أسوة حسنة للناس أجمعين
كما قال تعالى
{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً }الأحزاب21
وعلى أساس من الذي تقدم ينبغي بنا كمسلمين ومؤمنين العمل على توظيف الوسائل والمناهج النبوية الشريفة
والتي من شأنها يقينا تحقيق كل هدف شريف وعادل وصالح وحق يطلبه الإنسان أو المجتمع .
وأعني بالتوظيف هنا هو التحرك ضمن شأنية المنهج النبوي في قيمته وأثره وشرافته
فمثلاً ممكن الإلتزام بقاعدة
(لاضرر ولا ضرار في الإسلام)
من جهة تجنب الإضرار بالآخرين في توظيف وسلوك الوسيلة أو آليات تحقيق الهدف.
وغيرها كقاعدة (لاإكراه في الدين)
كما في قوله تعالى
{لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ }البقرة256
وهذه القواعد الأصيلة هي مَن تقدر على التكيِّف مع مستجدات الوسائل والمناهج الحديثة في حال توظيفها بالشكل الصحيح شرعيا وعقلائيا.
مما توجد في محصلتها تطبيقاً إناساً بعيدين عن إستعمال وسائل العنف والإرهاب
في تحقيق أهدافهم الذاتية والمجتمعية
ولا تجعل الإنسان الهادف عرضة للنقد والتجريح من قبل الآخرين .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مرتضى علي الحلي : النجف الأشرف