س البغدادي
14-02-2013, 08:43 PM
"هو أحد أخطر العملاء الذين أوقفوا خلال السنوات الأخيرة في لبنان». جملة تغري بما بعدها. المصادر تؤكد أن استجواب علي ي. لم ينته بعد. فمن أصل 23 عاماً من عمالته لإسرائيل، لم يتحدّث حتى أمس أمام القضاء إلا عن 8 سنوات من رحلة الخيانة. ثلث مدة رحلته، فقط، كان كافياً لوصفه بـ«العميل الدسم»
تابع قاضي التحقيق العسكري عماد الزين، أمس، استجواب علي ي. المشتبه فيه بالتعامل مع إسرائيل. وبحسب ما أفادت «الأخبار» مصادر مطّلعة على سير التحقيق، فإن الموقوف أقرّ بأنه بدأ تعامله مع الاستخبارات الإسرائيلية عام 1990 عندما كان يعمل في تجارة «الأنتيكا». ففي رحلة عمل إلى نيويورك، التقى بتاجر «أنتيكا» أميركي يهودي، فعملا معاً. بعد مدّة، أخبره الأميركي بوجود تاجر مثلهما في قبرص، ويمكنه السفر إليه للعمل معه بربح وفير. لم يتردد اللبناني. حزم أمتعته وسافر إلى قبرص والتقى هناك بالتاجر. لم يتأخر الأخير ليكشف عن «صنعته» الحقيقية: ضابط في جهاز الاستخبارات الإسرائيلية. كان يعرف أن علي ي. موظف في وزارة الأشغال، في مديرية المباني العائدة لمحافظة البقاع تحديداً. عرض عليه العمل التجسّسي فوافق بلا تردّد. المحققون مع الموقوف باتوا على اقتناع بأنه «من الذين يحبون المال حتى العمى». كل شيء فيه مال لا يتردد حياله. بدأت رحلة عمالته الطويلة. خضع لدورات تدريب على مهارات الاتصالات، فك الشيفرات، والاستفادة من أجهزة الاتصالات المتطورة. راح يلتقي بمشغليه بمعدل مرّة كل 6 أشهر. في كل مرّة كان يتقاضى بين 10 و15 ألف دولار أميركي. وإلى حين توقيفه، قبل أشهر، كان مجموع ما تقاضاه منهم قد بلغ 600 ألف دولار أميركي تقريباً. كان يلتقي بمشغليه الإسرائيليين في دول مختلفة، منها اليونان (أثينا) وإيطاليا (روما) وقبرص وتايلند. دخل الأراضي الفلسطينية المحتلة. التقاهم مرّات عدة في تل أبيب ومرّات أخرى في حيفا. كانوا ينزلونه في شقق فخمة كما كان يُحب. دخوله إلى الأراضي المحتلة كان يتم بواسطة جواز سفر مزوّر، حصل عليه من مشغليه.
من أخطر ما اعترف به، أثناء التحقيق معه، أنه كُلّف بمراقبة الأمين العام السابق لحزب الله، الشهيد السيد عباس الموسوي، الذي اغتيل عام 1992. آنذاك كان عمر عمالة الموقوف لا يتجاوز سنتين. نقل إلى مشغليه معلومات عن تحركات الموسوي. عن طبيعة موكبه وطريقه سيره، وعن المكان الذي كانت تركن فيه سيارة الموسوي. أخبرهم أيضاً بالمكان الذي تكون فيه عادة تلك السيارة داخل الموكب. لم يُعرف بعد حجم تورطه في عملية الاغتيال، لكن «الأيام المقبلة ستكشف دوره الكامل في هذه المسألة». كل ما قاله أمام القضاء حتى يوم أمس كان يصل إلى عام 1998. الأيام المقبلة ستكشف دوره خلال السنوات اللاحقة. من الشخصيات التي كلّف بمراقبتها، أيضاً، الشيخ صبحي الطفيلي والشيخ محمد يزبك، وغيرهما من قيادات حزب الله في منطقة البقاع، وبنسبة أقل قيادات في حركة أمل. ومن اعترافاته أيضاً، أنه كُلّف لفترة طويلة من الزمن بمراقبة قوات الجيش السوري التي كانت منتشرة في البقاع، إضافة إلى تركيزه على مراقبة مراكز الاستخبارات السورية. وفي حقبة لاحقة، قدّم معلومات عن شبكة اتصالات المقاومة السلكية، بحسب اعترافاته، إذ استفادت إسرائيل ممّا قدمه تحديداً خلال عدوانها على لبنان عام 2006.
خلال رحلة عمالته الطويلة، تعاقب عليه الكثير من ضباط الاستخبارات الإسرائيلية. كانوا يجرون جردة حسابات لما جمعه من معلومات، ثم يعطونه الأوامر لما يجب عليه فعله في المرحلة التالية. كان يقدم لهم معلومات قيّمة، مستفيداً من عمله في مديرية المباني في وزارة الأشغال. تقول المصادر: «لقد مسح لهم منطقة البقاع مسحاً شاملاً، فصّلها لهم كما لم يفعل أحد. كانوا يعرضون عليه الصور الجوية فيحدّد الأهداف على الأرض. لقاءات كثيرة عقدت بينه وبين خبراء في الصور الجوية في تل أبيب». ويبدو أن الإسرائيليين كانوا يقدّرون عالياً قيمة المعلومات التي يقدمها لهم الموقوف علي ي.، إذ إن المبالغ المالية التي حصل عليها ضخمة قياساً بما كان يقدّم إلى سواه من العملاء. كذلك أقام له مشغّلوه حفل تكريم خاصاً.
تقول المصادر إن علي ي. كان «بخيلاً ويعبد المال». ذات مرة، أرسل له مشغّلوه ساعة حائط بداخلها جهاز اتصال متطور صغير. استخرج الجهاز واستفاد منه. لكنه لم يتخلص من الساعة، بل علّقها داخل منزله في البقاع. كان، على ما يبدو، من أكثر العملاء صدقاً مع مشغليه. فبحسب اعترافاته، كانوا يعرضونه باستمرار على آلة كشف الكذب. لم تظهر هذه الآلة، بحضور اختصاصيين إسرائيليين في علم النفس، أنه يكذب ولو قليلاً. هو مهندس، ولديه ثقافة عالية نسبياً. يتحدث بطريقة جيدة، ويعبّر عن نفسه بأسلوب مفهوم. خلال التحقيق معه كان بارد الأعصاب. متّزناً، صافي الذهن عارفاً ما يقول. عمره اليوم 67 عاماً. يعاني من بعض المشاكل الصحية، وقد تقاعد من عمله في الوزارة قبل حوالى 3 سنوات.
يُذكر أن استخبارات الجيش كانت سلّمت الموقوف إلى القضاء، بعدما حققت معه، علماً بأن جهاز أمن المقاومة قدّم معلومات لاستخبارات الجيش ساهمت في الحصول على اعترافاته أثناء التحقيق. ولفتت مصادر متابعة إلى أن في هذه القضية «أسراراً مهمة لا يمكن البوح بها الآن».
يُشار إلى أن الموقوف كان عضواً في المجلس البلدي لمدينة بعلبك، وكان يتخذ من حاجته إلى المال ساتراً لتبرير سفره الدائم إلى الخارج، بحجة العمل في التجارة. ولكي يبعد الشكوك عنه، كان يكثر من «النق» بشأن ظروفه المادية. هكذا، لن تطول المدة قبل صدور القرار الظني بحقه، بعدما أصدر القاضي الزين مذكرة وجاهية بتوقيفه، سنداً إلى المواد 273 _ 274 _ 278 _ 285 _ 463 _ 463/454 من قانون العقوبات، وهي مواد تصل عقوبتها إلى الإعدام
تابع قاضي التحقيق العسكري عماد الزين، أمس، استجواب علي ي. المشتبه فيه بالتعامل مع إسرائيل. وبحسب ما أفادت «الأخبار» مصادر مطّلعة على سير التحقيق، فإن الموقوف أقرّ بأنه بدأ تعامله مع الاستخبارات الإسرائيلية عام 1990 عندما كان يعمل في تجارة «الأنتيكا». ففي رحلة عمل إلى نيويورك، التقى بتاجر «أنتيكا» أميركي يهودي، فعملا معاً. بعد مدّة، أخبره الأميركي بوجود تاجر مثلهما في قبرص، ويمكنه السفر إليه للعمل معه بربح وفير. لم يتردد اللبناني. حزم أمتعته وسافر إلى قبرص والتقى هناك بالتاجر. لم يتأخر الأخير ليكشف عن «صنعته» الحقيقية: ضابط في جهاز الاستخبارات الإسرائيلية. كان يعرف أن علي ي. موظف في وزارة الأشغال، في مديرية المباني العائدة لمحافظة البقاع تحديداً. عرض عليه العمل التجسّسي فوافق بلا تردّد. المحققون مع الموقوف باتوا على اقتناع بأنه «من الذين يحبون المال حتى العمى». كل شيء فيه مال لا يتردد حياله. بدأت رحلة عمالته الطويلة. خضع لدورات تدريب على مهارات الاتصالات، فك الشيفرات، والاستفادة من أجهزة الاتصالات المتطورة. راح يلتقي بمشغليه بمعدل مرّة كل 6 أشهر. في كل مرّة كان يتقاضى بين 10 و15 ألف دولار أميركي. وإلى حين توقيفه، قبل أشهر، كان مجموع ما تقاضاه منهم قد بلغ 600 ألف دولار أميركي تقريباً. كان يلتقي بمشغليه الإسرائيليين في دول مختلفة، منها اليونان (أثينا) وإيطاليا (روما) وقبرص وتايلند. دخل الأراضي الفلسطينية المحتلة. التقاهم مرّات عدة في تل أبيب ومرّات أخرى في حيفا. كانوا ينزلونه في شقق فخمة كما كان يُحب. دخوله إلى الأراضي المحتلة كان يتم بواسطة جواز سفر مزوّر، حصل عليه من مشغليه.
من أخطر ما اعترف به، أثناء التحقيق معه، أنه كُلّف بمراقبة الأمين العام السابق لحزب الله، الشهيد السيد عباس الموسوي، الذي اغتيل عام 1992. آنذاك كان عمر عمالة الموقوف لا يتجاوز سنتين. نقل إلى مشغليه معلومات عن تحركات الموسوي. عن طبيعة موكبه وطريقه سيره، وعن المكان الذي كانت تركن فيه سيارة الموسوي. أخبرهم أيضاً بالمكان الذي تكون فيه عادة تلك السيارة داخل الموكب. لم يُعرف بعد حجم تورطه في عملية الاغتيال، لكن «الأيام المقبلة ستكشف دوره الكامل في هذه المسألة». كل ما قاله أمام القضاء حتى يوم أمس كان يصل إلى عام 1998. الأيام المقبلة ستكشف دوره خلال السنوات اللاحقة. من الشخصيات التي كلّف بمراقبتها، أيضاً، الشيخ صبحي الطفيلي والشيخ محمد يزبك، وغيرهما من قيادات حزب الله في منطقة البقاع، وبنسبة أقل قيادات في حركة أمل. ومن اعترافاته أيضاً، أنه كُلّف لفترة طويلة من الزمن بمراقبة قوات الجيش السوري التي كانت منتشرة في البقاع، إضافة إلى تركيزه على مراقبة مراكز الاستخبارات السورية. وفي حقبة لاحقة، قدّم معلومات عن شبكة اتصالات المقاومة السلكية، بحسب اعترافاته، إذ استفادت إسرائيل ممّا قدمه تحديداً خلال عدوانها على لبنان عام 2006.
خلال رحلة عمالته الطويلة، تعاقب عليه الكثير من ضباط الاستخبارات الإسرائيلية. كانوا يجرون جردة حسابات لما جمعه من معلومات، ثم يعطونه الأوامر لما يجب عليه فعله في المرحلة التالية. كان يقدم لهم معلومات قيّمة، مستفيداً من عمله في مديرية المباني في وزارة الأشغال. تقول المصادر: «لقد مسح لهم منطقة البقاع مسحاً شاملاً، فصّلها لهم كما لم يفعل أحد. كانوا يعرضون عليه الصور الجوية فيحدّد الأهداف على الأرض. لقاءات كثيرة عقدت بينه وبين خبراء في الصور الجوية في تل أبيب». ويبدو أن الإسرائيليين كانوا يقدّرون عالياً قيمة المعلومات التي يقدمها لهم الموقوف علي ي.، إذ إن المبالغ المالية التي حصل عليها ضخمة قياساً بما كان يقدّم إلى سواه من العملاء. كذلك أقام له مشغّلوه حفل تكريم خاصاً.
تقول المصادر إن علي ي. كان «بخيلاً ويعبد المال». ذات مرة، أرسل له مشغّلوه ساعة حائط بداخلها جهاز اتصال متطور صغير. استخرج الجهاز واستفاد منه. لكنه لم يتخلص من الساعة، بل علّقها داخل منزله في البقاع. كان، على ما يبدو، من أكثر العملاء صدقاً مع مشغليه. فبحسب اعترافاته، كانوا يعرضونه باستمرار على آلة كشف الكذب. لم تظهر هذه الآلة، بحضور اختصاصيين إسرائيليين في علم النفس، أنه يكذب ولو قليلاً. هو مهندس، ولديه ثقافة عالية نسبياً. يتحدث بطريقة جيدة، ويعبّر عن نفسه بأسلوب مفهوم. خلال التحقيق معه كان بارد الأعصاب. متّزناً، صافي الذهن عارفاً ما يقول. عمره اليوم 67 عاماً. يعاني من بعض المشاكل الصحية، وقد تقاعد من عمله في الوزارة قبل حوالى 3 سنوات.
يُذكر أن استخبارات الجيش كانت سلّمت الموقوف إلى القضاء، بعدما حققت معه، علماً بأن جهاز أمن المقاومة قدّم معلومات لاستخبارات الجيش ساهمت في الحصول على اعترافاته أثناء التحقيق. ولفتت مصادر متابعة إلى أن في هذه القضية «أسراراً مهمة لا يمكن البوح بها الآن».
يُشار إلى أن الموقوف كان عضواً في المجلس البلدي لمدينة بعلبك، وكان يتخذ من حاجته إلى المال ساتراً لتبرير سفره الدائم إلى الخارج، بحجة العمل في التجارة. ولكي يبعد الشكوك عنه، كان يكثر من «النق» بشأن ظروفه المادية. هكذا، لن تطول المدة قبل صدور القرار الظني بحقه، بعدما أصدر القاضي الزين مذكرة وجاهية بتوقيفه، سنداً إلى المواد 273 _ 274 _ 278 _ 285 _ 463 _ 463/454 من قانون العقوبات، وهي مواد تصل عقوبتها إلى الإعدام