نرجس*
18-02-2013, 07:48 PM
اللهم صلِ على محمد و آل محمد و عجل فرجهم الشريف
(إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمْ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً مُهِيناً) (الأحزاب/57) .
جاء في معجم البلدان 3 / 161 تعريف بالزهراء هذا نصه :
الزهراء : ممدود تأنيث الأزهر ، وهو الأبيض المشرق , والمؤنثة زهراء . والأزهر : النيّر ؛ ومنه سمّي القمر الأزهر .
ذكر ابن شهر آشوب في المناقب من أسمائها : فاطمة ، البتول ، الحصان ، الحرة ، السيّدة ، العذراء ، الزهراء ، الحوراء ، الطاهرة ، الزكية ، مريم الكبرى ، النورية ، السماوية .
ولدت السيدة فاطمة الزهراء (عليها السّلام) بعد مبعث الرسول (صلّى الله عليه وآله) بخمس سنين في بيت الطهارة والإيمان ؛ لتكون رمز المرأة المسلمة , وسيدة نساء العالمين , واُمّ الأئمة (عليهم السّلام) ؛ حيث كانت القطب الجامع بين النبوة والإمامة (فاطمة وأبوها , وبعلها وبنوها) , وإنّ شهادتها (عليها السّلام) كانت في الثالث من جمادى الآخرة عام 11 هـ , وأمّا مكان دفنها فمجهول عند الناس .
ورغم أنّ من يكتب عن السيدة الزهراء فاطمة (عليها السّلام) سيتجرع كأس ألمها الممزوج بحلاوة نورها الطاهر , إلاّ أنّه سيرى عظيم شأنها ؛ فهي الدليل الى الصراط المستقيم .
وعلى الإنسان أن يحدّد موقفه عندما يقرأ الشيء القليل من حياتها المباركة ؛ فإمّا جنة أو نار في الآخرة ؛ فطريق سيدتنا الجهادي يجعل الإنسان أكثر تعلقّاً في حب الله تعالى .
فحياتها ليست ذكرى تاريخية تمرّ علينا مرور الكرام وتنتهي , بل الإقدام على إظهار حقها فيض نوراني يسهل الله سبحانه به الصعاب والعقبات . ونعتقد أنّ كلَّ مَن أراد رضا الله (عز اسمه) , وشفاعة نبيه , ونورها الطاهر عليه أن ينشر , ويقصّد كلمة : معكم معكم لا مع غيركم .
أحاديث رسول الله (صلّى الله عليه وآله) في فضل السيدة فاطمة الزهراء (عليها السّلام)
قال (صلّى الله عليه وآله) : (( كُنْتُ إذا اشْتَقْتُ إِلى رائِحَةِ الجنَّةِ شَمَمْتُ رَقَبَةَ فاطِمَة ))(1) .
وقال (صلّى الله عليه وآله) : (( ما رَضِيْتُ حَتّى رَضِيَتْ فاطِمَة ))(2) .
وخاطب (صلّى الله عليه وآله) أمير المؤمنين (عليه السّلام) قائلاً : (( يا عَلِي , هذا جبريلُ يُخْبِرنِي أَنَّ اللّهَ زَوَّجَك فاطِمَة ))(3) .
وقال (صلّى الله عليه وآله) : (( أَحَبُّ أَهْلِي إِليَّ فاطِمَة ))(4) .
وقال (صلّى الله عليه وآله) : (( أَوَّلُ مَنْ يَدْخُلُ الجَنَّةَ عَليٌّ وَفاطِمَة ))(5) .
وقال (صلّى الله عليه وآله) : (( إنّ اللّهَ (عَزَّوَجَلَّ) فَطَمَ ابْنَتِي فاطِمَة وَوُلدَها , وَمَنْ أَحَبًّهُمْ مِنَ النّارِ ؛ فَلِذلِكَ سُمّيَتْ فاطِمَة ))(6) .
وقال (صلّى الله عليه وآله) : (( فاطِمَة بَضْعَةٌ مِنّي ، يُريبُنِي ما رابَها ، وَيُؤذِيني ما آذاهَا ))(7) .
وقال (صلّى الله عليه وآله) : (( فاطِمَة بَضْعَةٌ مِنّي مَنْ آْذاهَا فَقَدْ آذانِي ))(8) .
وبعد هذه الأحاديث التي نطقها رسول الله (صلّى الله عليه وآله) بحق مولاتنا السيدة فاطمة الزهراء (عليها السّلام) لنقرأ هذه الرواية التي روتها زوجة النبي (صلّى الله عليه وآله) عائشة ؛ حيث تقول : إنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) دعا فاطمة ابنته , فسارّها فبكت , ثمّ سارّها فضحكت , فقلتُ لفاطمة : ما هذا الذي سارَّك به رسول الله (صلّى الله عليه وآله) فبكيت ، ثمّ سارَّك فضحكت ؟
قالت : (( سارَّني فأخبرني بموته فبكيت ، ثم سارَّني فأخبرني أني أول من يتبعه من أهله فضحكت )) . إسناده صحيح , وهو في المسند / 27 .
وفي الصواعق المحرقة لابن حجر / 190 أن النبي (صلّى الله عليه وآله) قال : (( إذا كان يوم القيامة نادى مناد من بطنان العرش : يا أهل الجمع , نكّسوا رؤوسكم وغضّوا أبصاركم حتّى تمرّ فاطمة بنت محمد على الصراط . فتمرّ مع سبعين ألف جارية من الحور العين كمر البرق ))(9) .
عصمة الزهراء (عليها السّلام)
نلاحظ أنّ مكانة مولاتنا فاطمة الزهراء (عليها السّلام) لا تدركها العقول , فما معنى قول الرسول (صلّى الله عليه وآله) : (( إنّ الله يغضب لغضبها ويرضى لرضاها )) ؟ فمن المستحيل أن يغضب الله لغضب فاطمة وهي غير معصومة من الخطأ , يعني أنّ الزهراء (عليها السّلام) لن تغضب إلاّ لشيء يغضب الله بسببه , ومن كان غضبه يعني غضب الله فهو لن يفعل إلاّ الحق , ولن يخطئ أو يميل إلى الباطل طرفة عين .
وإنّ الرسول (صلّى الله عليه وآله) عندما يتحدث عن شخص أو يدلي بأي حديث فمن منطلق مسؤوليته تجاه الرسالة , وبالتالي يستبعد أي مجاملات أو تقريظ بلا حقٍّ , والمتفق عليه أن قول الرسول (صلّى الله عليه وآله) وفعله وتقريره حجة , يعني شرع نتعبد به قربة الى الله تعالى .
ثمّ إنّ السيدة فاطمة الزهراء (عليها السّلام) كانت معصومة بدلالة آية التطهير ، وكفى بها على عصمتها مستنداً ودليلاً ، والمقصود منها هم الخمسة الطيّبة من أهل العباء ، المجتمعون خاصة تحت الكساء . ونكتفي بما قاله الحداد الحضرمي في القول الفصل : إنّ حديث آية التطهير من الأحاديث الصحيحة المشهورة المتواترة , واتفقت عليه الاُمّة , وقال بصحته سبعة عشر حافظاً من كبار حفاظ الحديث ، ويصل مجموع طرق الحديث ما يقرب من خمسين طريق .
نتيجة حبِّ فاطمة (عليها السّلام)
روى الخوارزمي بإسناده عن سلمان قال : قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) : (( يا سلمان ، من أحبّ فاطمة ابنتي فهو في الجنة معي ، ومَن أبغضها فهو في النار .
يا سلمان , حبُّ فاطمة ينفع في مئة من المواطن ، أيسر تلك المواطن : الموت ، والقبر ، والميزان ، والمحشر ، والصراط ، والمحاسبة . فمَن رضيت عنه ابنتي فاطمة رضيت عنه ، ومَن رضيتُ عنه رضي الله عنه . ومَن غضبت عليه ابنتي فاطمة غضبت عليه ، ومَن غضبت عليه غضب الله عليه .
يا سلمان ، ويلٌ لمَن يظلمها ويظلم بعلها أميرَ المؤمنين علياً ! وويل لمَن يظلم ذرّيتها وشيعتها ! ))(10) .
الحوادث التي جرت على الزهراء بعد استشهاد أبيها (صلوات الله عليهما وآلهما)
لقد كانت الفترة ما بين وفاة الرسول (صلّى الله عليه وآله) إلى حين وفاة ابنته فاطمة الزهراء (عليها السّلام) منحنى خطيراً في تاريخ الاُمّة الإسلاميّة ترك بصمات واضحة لمَن ألقى السمع وهو شهيد .
وكان لفاطمة (عليها السّلام) الدور الرئيس في هذه الفترة , وفي مقابل ذلك لم يسكت أصحاب السقيفة مكتوفي الأيدي وهم يرون الزهراء (عليها السّلام) تفعل ما تفعل ؛ فكان لا بدّ لهم من محاولة إسكات هذه الصرخة ؛ فجرت الأحداث ساخنة كما تذكرها كتب التاريخ والسير .
وبعد وفاة الرسول (صلّى الله عليه وآله) مباشرة حدث الاختلاف حول الخلافة ؛ البعض ينادي بخلافة علي وأهل البيت (عليهم السّلام) , وآخرون يرون شرعية ما جرى في السقيفة من تولية لأبي بكر .
إنّ الأحداث بعد وفاة الرسول (صلّى الله عليه وآله) أخذت بعداً آخر , ولم تكن فدك فيها إلاّ حلقة من حلقات الصراع بين أصحاب السقيفة وأهل البيت (عليهم السّلام) المعارضين لها بقيادة علي وفاطمة (عليهما السّلام) , وكان بيت فاطمة (عليها السّلام) هو ملتقى المعارضة .
يقول ابن قتيبة في تاريخه : إنّ أبا بكر تفقّد قوماً تخلّفوا عن بيعةٍ في دار علي وفاطمة (عليهما السّلام) , فأبوا أن يخرجوا , فدعا عمر بالحطب يريد منهم أن يبايعوا بالإكراه والقوة , وقال : والذي نفس عمر بيده لتخرجنّ أو لأحرقّنها على مَن فيها .
فقيل له : يا أبا حفص , إنّ فيها فاطمة !
قال : وإنْ .
فوقفت فاطمة (رضي الله عنها) على بابها , فقالت : (( لا عهد لي بقوم حضروا أسوأ محضراً منكم ! تركتم رسول الله (صلّى الله عليه وآله) جنازة بين أيدينا وقطعتم أمركم بينكم ؛ لم تستأمرونا ولم تردّوا لنا حقّنا ! ))(11) .
لقد كان لفاطمة (عليها السّلام) موقف واضح من الخلافة , حتّى إن بيتها كان عند جماعة السقيفة هو مركز المعارضة , حتّى قال عمر في روايته لما جرى في السقيفة بعد أن ذكر أنها فتنة ولكنّ الله وقى شرها المسلمين , يقول : وإنّ علياً والزبير ومن معهما تخلّفوا عنّا في بيت فاطمة(12) .
ثمة اُمور ستجدها في مسألة ظلامة الزهراء (عليها السّلام) , وهي :
الأوّل : أنّها قد ضُربت .
الثاني : اُسقط جنينها .
الثالث : هتك حريمها ؛ إذ دخلوا دارها بلا إذنٍ منها .
الرابع : أنّه اُحضر الحطب والنار إلى باب دارها .
الخامس : أنّه غُصب إرثها .
السادس : أنّها أوصت أن تُدفن ليلاً .
السابع : أنّها دعت على الشيخين بعد كلّ صلاة .
الثامن : أنّها ماتت غاضبة عليهما .
التاسع : أنّها أوصت أن لا يصلّيا عليها .
العاشر : أنّها أوصت أن يخفى قبرها .
يقول ابن قتيبة في تاريخه : دخل أبو بكر وعمر على فاطمة (عليها السّلام) , فلمّا قعدا عندها حوّلت وجهها إلى الحائط ... إلى أن يقول : فقالت : (( أرأيتكما إن حدّثتكما حديثاً عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) تعرفانه وتعملان به ؟ )) .
قالا : نعم .
فقالت : (( نشدتكما الله , ألم تسمعا رسول اله (صلّى الله عليه وآله) يقول : رضا فاطمة من رضاي , وسخط فاطمة من سخطي ؛ فمن أحبَّ فاطمة ابنتي أحبّني , ومَن أرضاها فقد أرضاني , ومَن أسخطها فقد أسخطني ؟ )) .
قالا : نعم , سمعنا من رسول الله (صلّى الله عليه وآله) .
قالت : (( فإني أشهد الله وملائكته أنكما أسخطتماني وما أرضيتماني , ولئن لقيت النبي (صلّى الله عليه وآله) لأشكونّكما إليه )) .
ثمّ قالت : (( والله , لأدعون عليكما في كل صلاة اُصلّيها ))(13) .
(إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمْ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً مُهِيناً) (الأحزاب/57) .
جاء في معجم البلدان 3 / 161 تعريف بالزهراء هذا نصه :
الزهراء : ممدود تأنيث الأزهر ، وهو الأبيض المشرق , والمؤنثة زهراء . والأزهر : النيّر ؛ ومنه سمّي القمر الأزهر .
ذكر ابن شهر آشوب في المناقب من أسمائها : فاطمة ، البتول ، الحصان ، الحرة ، السيّدة ، العذراء ، الزهراء ، الحوراء ، الطاهرة ، الزكية ، مريم الكبرى ، النورية ، السماوية .
ولدت السيدة فاطمة الزهراء (عليها السّلام) بعد مبعث الرسول (صلّى الله عليه وآله) بخمس سنين في بيت الطهارة والإيمان ؛ لتكون رمز المرأة المسلمة , وسيدة نساء العالمين , واُمّ الأئمة (عليهم السّلام) ؛ حيث كانت القطب الجامع بين النبوة والإمامة (فاطمة وأبوها , وبعلها وبنوها) , وإنّ شهادتها (عليها السّلام) كانت في الثالث من جمادى الآخرة عام 11 هـ , وأمّا مكان دفنها فمجهول عند الناس .
ورغم أنّ من يكتب عن السيدة الزهراء فاطمة (عليها السّلام) سيتجرع كأس ألمها الممزوج بحلاوة نورها الطاهر , إلاّ أنّه سيرى عظيم شأنها ؛ فهي الدليل الى الصراط المستقيم .
وعلى الإنسان أن يحدّد موقفه عندما يقرأ الشيء القليل من حياتها المباركة ؛ فإمّا جنة أو نار في الآخرة ؛ فطريق سيدتنا الجهادي يجعل الإنسان أكثر تعلقّاً في حب الله تعالى .
فحياتها ليست ذكرى تاريخية تمرّ علينا مرور الكرام وتنتهي , بل الإقدام على إظهار حقها فيض نوراني يسهل الله سبحانه به الصعاب والعقبات . ونعتقد أنّ كلَّ مَن أراد رضا الله (عز اسمه) , وشفاعة نبيه , ونورها الطاهر عليه أن ينشر , ويقصّد كلمة : معكم معكم لا مع غيركم .
أحاديث رسول الله (صلّى الله عليه وآله) في فضل السيدة فاطمة الزهراء (عليها السّلام)
قال (صلّى الله عليه وآله) : (( كُنْتُ إذا اشْتَقْتُ إِلى رائِحَةِ الجنَّةِ شَمَمْتُ رَقَبَةَ فاطِمَة ))(1) .
وقال (صلّى الله عليه وآله) : (( ما رَضِيْتُ حَتّى رَضِيَتْ فاطِمَة ))(2) .
وخاطب (صلّى الله عليه وآله) أمير المؤمنين (عليه السّلام) قائلاً : (( يا عَلِي , هذا جبريلُ يُخْبِرنِي أَنَّ اللّهَ زَوَّجَك فاطِمَة ))(3) .
وقال (صلّى الله عليه وآله) : (( أَحَبُّ أَهْلِي إِليَّ فاطِمَة ))(4) .
وقال (صلّى الله عليه وآله) : (( أَوَّلُ مَنْ يَدْخُلُ الجَنَّةَ عَليٌّ وَفاطِمَة ))(5) .
وقال (صلّى الله عليه وآله) : (( إنّ اللّهَ (عَزَّوَجَلَّ) فَطَمَ ابْنَتِي فاطِمَة وَوُلدَها , وَمَنْ أَحَبًّهُمْ مِنَ النّارِ ؛ فَلِذلِكَ سُمّيَتْ فاطِمَة ))(6) .
وقال (صلّى الله عليه وآله) : (( فاطِمَة بَضْعَةٌ مِنّي ، يُريبُنِي ما رابَها ، وَيُؤذِيني ما آذاهَا ))(7) .
وقال (صلّى الله عليه وآله) : (( فاطِمَة بَضْعَةٌ مِنّي مَنْ آْذاهَا فَقَدْ آذانِي ))(8) .
وبعد هذه الأحاديث التي نطقها رسول الله (صلّى الله عليه وآله) بحق مولاتنا السيدة فاطمة الزهراء (عليها السّلام) لنقرأ هذه الرواية التي روتها زوجة النبي (صلّى الله عليه وآله) عائشة ؛ حيث تقول : إنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) دعا فاطمة ابنته , فسارّها فبكت , ثمّ سارّها فضحكت , فقلتُ لفاطمة : ما هذا الذي سارَّك به رسول الله (صلّى الله عليه وآله) فبكيت ، ثمّ سارَّك فضحكت ؟
قالت : (( سارَّني فأخبرني بموته فبكيت ، ثم سارَّني فأخبرني أني أول من يتبعه من أهله فضحكت )) . إسناده صحيح , وهو في المسند / 27 .
وفي الصواعق المحرقة لابن حجر / 190 أن النبي (صلّى الله عليه وآله) قال : (( إذا كان يوم القيامة نادى مناد من بطنان العرش : يا أهل الجمع , نكّسوا رؤوسكم وغضّوا أبصاركم حتّى تمرّ فاطمة بنت محمد على الصراط . فتمرّ مع سبعين ألف جارية من الحور العين كمر البرق ))(9) .
عصمة الزهراء (عليها السّلام)
نلاحظ أنّ مكانة مولاتنا فاطمة الزهراء (عليها السّلام) لا تدركها العقول , فما معنى قول الرسول (صلّى الله عليه وآله) : (( إنّ الله يغضب لغضبها ويرضى لرضاها )) ؟ فمن المستحيل أن يغضب الله لغضب فاطمة وهي غير معصومة من الخطأ , يعني أنّ الزهراء (عليها السّلام) لن تغضب إلاّ لشيء يغضب الله بسببه , ومن كان غضبه يعني غضب الله فهو لن يفعل إلاّ الحق , ولن يخطئ أو يميل إلى الباطل طرفة عين .
وإنّ الرسول (صلّى الله عليه وآله) عندما يتحدث عن شخص أو يدلي بأي حديث فمن منطلق مسؤوليته تجاه الرسالة , وبالتالي يستبعد أي مجاملات أو تقريظ بلا حقٍّ , والمتفق عليه أن قول الرسول (صلّى الله عليه وآله) وفعله وتقريره حجة , يعني شرع نتعبد به قربة الى الله تعالى .
ثمّ إنّ السيدة فاطمة الزهراء (عليها السّلام) كانت معصومة بدلالة آية التطهير ، وكفى بها على عصمتها مستنداً ودليلاً ، والمقصود منها هم الخمسة الطيّبة من أهل العباء ، المجتمعون خاصة تحت الكساء . ونكتفي بما قاله الحداد الحضرمي في القول الفصل : إنّ حديث آية التطهير من الأحاديث الصحيحة المشهورة المتواترة , واتفقت عليه الاُمّة , وقال بصحته سبعة عشر حافظاً من كبار حفاظ الحديث ، ويصل مجموع طرق الحديث ما يقرب من خمسين طريق .
نتيجة حبِّ فاطمة (عليها السّلام)
روى الخوارزمي بإسناده عن سلمان قال : قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) : (( يا سلمان ، من أحبّ فاطمة ابنتي فهو في الجنة معي ، ومَن أبغضها فهو في النار .
يا سلمان , حبُّ فاطمة ينفع في مئة من المواطن ، أيسر تلك المواطن : الموت ، والقبر ، والميزان ، والمحشر ، والصراط ، والمحاسبة . فمَن رضيت عنه ابنتي فاطمة رضيت عنه ، ومَن رضيتُ عنه رضي الله عنه . ومَن غضبت عليه ابنتي فاطمة غضبت عليه ، ومَن غضبت عليه غضب الله عليه .
يا سلمان ، ويلٌ لمَن يظلمها ويظلم بعلها أميرَ المؤمنين علياً ! وويل لمَن يظلم ذرّيتها وشيعتها ! ))(10) .
الحوادث التي جرت على الزهراء بعد استشهاد أبيها (صلوات الله عليهما وآلهما)
لقد كانت الفترة ما بين وفاة الرسول (صلّى الله عليه وآله) إلى حين وفاة ابنته فاطمة الزهراء (عليها السّلام) منحنى خطيراً في تاريخ الاُمّة الإسلاميّة ترك بصمات واضحة لمَن ألقى السمع وهو شهيد .
وكان لفاطمة (عليها السّلام) الدور الرئيس في هذه الفترة , وفي مقابل ذلك لم يسكت أصحاب السقيفة مكتوفي الأيدي وهم يرون الزهراء (عليها السّلام) تفعل ما تفعل ؛ فكان لا بدّ لهم من محاولة إسكات هذه الصرخة ؛ فجرت الأحداث ساخنة كما تذكرها كتب التاريخ والسير .
وبعد وفاة الرسول (صلّى الله عليه وآله) مباشرة حدث الاختلاف حول الخلافة ؛ البعض ينادي بخلافة علي وأهل البيت (عليهم السّلام) , وآخرون يرون شرعية ما جرى في السقيفة من تولية لأبي بكر .
إنّ الأحداث بعد وفاة الرسول (صلّى الله عليه وآله) أخذت بعداً آخر , ولم تكن فدك فيها إلاّ حلقة من حلقات الصراع بين أصحاب السقيفة وأهل البيت (عليهم السّلام) المعارضين لها بقيادة علي وفاطمة (عليهما السّلام) , وكان بيت فاطمة (عليها السّلام) هو ملتقى المعارضة .
يقول ابن قتيبة في تاريخه : إنّ أبا بكر تفقّد قوماً تخلّفوا عن بيعةٍ في دار علي وفاطمة (عليهما السّلام) , فأبوا أن يخرجوا , فدعا عمر بالحطب يريد منهم أن يبايعوا بالإكراه والقوة , وقال : والذي نفس عمر بيده لتخرجنّ أو لأحرقّنها على مَن فيها .
فقيل له : يا أبا حفص , إنّ فيها فاطمة !
قال : وإنْ .
فوقفت فاطمة (رضي الله عنها) على بابها , فقالت : (( لا عهد لي بقوم حضروا أسوأ محضراً منكم ! تركتم رسول الله (صلّى الله عليه وآله) جنازة بين أيدينا وقطعتم أمركم بينكم ؛ لم تستأمرونا ولم تردّوا لنا حقّنا ! ))(11) .
لقد كان لفاطمة (عليها السّلام) موقف واضح من الخلافة , حتّى إن بيتها كان عند جماعة السقيفة هو مركز المعارضة , حتّى قال عمر في روايته لما جرى في السقيفة بعد أن ذكر أنها فتنة ولكنّ الله وقى شرها المسلمين , يقول : وإنّ علياً والزبير ومن معهما تخلّفوا عنّا في بيت فاطمة(12) .
ثمة اُمور ستجدها في مسألة ظلامة الزهراء (عليها السّلام) , وهي :
الأوّل : أنّها قد ضُربت .
الثاني : اُسقط جنينها .
الثالث : هتك حريمها ؛ إذ دخلوا دارها بلا إذنٍ منها .
الرابع : أنّه اُحضر الحطب والنار إلى باب دارها .
الخامس : أنّه غُصب إرثها .
السادس : أنّها أوصت أن تُدفن ليلاً .
السابع : أنّها دعت على الشيخين بعد كلّ صلاة .
الثامن : أنّها ماتت غاضبة عليهما .
التاسع : أنّها أوصت أن لا يصلّيا عليها .
العاشر : أنّها أوصت أن يخفى قبرها .
يقول ابن قتيبة في تاريخه : دخل أبو بكر وعمر على فاطمة (عليها السّلام) , فلمّا قعدا عندها حوّلت وجهها إلى الحائط ... إلى أن يقول : فقالت : (( أرأيتكما إن حدّثتكما حديثاً عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) تعرفانه وتعملان به ؟ )) .
قالا : نعم .
فقالت : (( نشدتكما الله , ألم تسمعا رسول اله (صلّى الله عليه وآله) يقول : رضا فاطمة من رضاي , وسخط فاطمة من سخطي ؛ فمن أحبَّ فاطمة ابنتي أحبّني , ومَن أرضاها فقد أرضاني , ومَن أسخطها فقد أسخطني ؟ )) .
قالا : نعم , سمعنا من رسول الله (صلّى الله عليه وآله) .
قالت : (( فإني أشهد الله وملائكته أنكما أسخطتماني وما أرضيتماني , ولئن لقيت النبي (صلّى الله عليه وآله) لأشكونّكما إليه )) .
ثمّ قالت : (( والله , لأدعون عليكما في كل صلاة اُصلّيها ))(13) .