المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : : إشكاليَّة تعليق الزوجة : : صورة من صور التعسف :


مرتضى علي الحلي
20-02-2013, 09:58 AM
: إشكاليَّة تعليق الزوجة :
==============
: صورة من صور التعسف :
===============

بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله المعصومين

إنَّ ظاهرة تعليق الزوجة من قبل زوجها بحيث يتركها ويذرها في وضع لايصدق عليها أنها زوجة أو غير زوجة

بقصد الإضرار بها أو إجبارها على خيارات مرفوضة شرعة

هو أمرٌ مَنعَ منه الشارع الإسلامي الحكيم وأرشد إلى ضرورة تجنبه لما فيه من آثار سيئة على الزوجة وأولادها إن وجدوا .
فضلاً عن أثم الزوج بفعله ذلك.

لذا يمكن بيان المعالجات الفقهية لهذه الإشكالية بنقاط موجزة
رفداً للوعي العام بالثقافة الفقهية والأخلاقية وضرورة التعرف عليها
حياتيا.

وهي كما يلي :



:1:


على الزوج أن يدرك تماماً أنه ليس من حقه الشرعي ولا الأخلاقي تعليق الزوجة بحيث يضر بها نفسيا وسلوكيا وحتى مجتمعيا

لما ورد في قوله تعالى من نهي إرشادي إلى حكم عقلي يدركه أي عاقل رشيد
وهو قبح الإضرار بالآخرين وممنوعيته

قال تعالى
:
(( وَلَن تَسْتَطِيعُواْ أَن تَعْدِلُواْ بَيْنَ النِّسَاء وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلاَ تَمِيلُواْ كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِن تُصْلِحُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً )) النساء129

وإنَّ القرآن الكريم قد حرّم الإضرار بالزوجة نصاً في صورة الطلاق الرجعي وإستغلال الزوج لحقه في إرجاع الزوجة بقصد الإضرار بها

وفي كل صورة تكون مصداقاً للإضرار بالزوجة

ومنها هذه الصورة صورة تعليق الزوجة وعدم معاشرتها أو تسريحها بإحسان

لما في النص القرآني من إطلاق قيمي يشمل كل الصور المُحتملة والمُفتَرضة وقوعاً

قال تعالى
:
(( وَلاَ تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَاراً لَّتَعْتَدُواْ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَلاَ تَتَّخِذُوَاْ آيَاتِ اللّهِ هُزُواً وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنزَلَ عَلَيْكُمْ مِّنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُم بِهِ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ))
البقرة231





وقد أفتى علمائنا :رحم اللهُ تعالى الماضين منهم
وحفظ الباقين:
:بعدم جواز مُتاركة الزوجة الدائمة رأساً وجعلها كالمعلَّقَة لاهي ذات بعل:زوج: ولا هي مُطلّقة:
:المسائل المنتخبة :السيد السيستاني :ص400:مسألة 1007.





:2:


إنَّ الزوجَ هو مُلزمٌ شرعاً بوجوب الإنفاق على زوجته حتى في صورة تعليقها وهجرها مادامتْ هي زوجته ولم تنشز عن طاعته شرعا



ومن حقها أن تُطالب بالنفقة الواجبة عليها ولها الخيار الشرعي في أن ترفع أمرها إلى الحاكم الشرعي الجامع للشرائط لينظر في أمرها ويجد لها حلاًّ لمشكلتها

ويرقى الأمر إمكانا إلى أن يجبر الحاكم الشرعي الزوج على وجوب الإنفاق عليها أو تطليقها
في صورة إمتناع الزوج عن الإنفاق أو التطليق



وهذا أمر مشهور عند علماء الطائفة الشيعية الحقة

ويُسمى بالطلاق البائن أي ما ليس للزوج بعده الرجوع إلى الزوجة إلاَّبعقد جديد شرعا

أو يُسمى بطلاق الحاكم الشرعي زوجة المُمتنع عن الطلاق وعن الإنفاق عليها





:3:


أما بالسنبة لإمتناع الزوجة عن تسليم أطفالها إلى زوجها
فهو حقٌ كفله الشرع الحكيم



إذ من حقها أن تختار حضانة أولادها وتربيتهم وحفظهم وخصوصاً في الحولين الأوليين من عمرهم الصغير أي مدّة الرضاع

وإن كان للزوج الأب الحق في الإشراف عليهما في فترة الحضانة


ولكن ليس من حقه أن يفصل الأطفال عن أمهم خلال فترة الحضانة

وقد حدد الفقهاء مدة الحضانة ببلوغ الست سنين تقريبا

وحق الأم في حضانة أولادها لايسقط خلال هذه المدة إلاَّ تزوجت من غيره
فحينها يسقط حق حضانتها لأطفالها شرعاً.

وكيف ما كان فقد أرشد العلماء الفقهاء إلى ضرورة التوافق على حضانة الأطفال بالتناوب ونحوه.


:إنظر:المسائل المنتخبة:السيد السيستاني:مسألة 1057:ص82:




وقد بيّن اللهُ تعالى هذا الحق للطرفين بالسوية

قال تعالى
:
((وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لاَ تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلاَّ وُسْعَهَا لاَ تُضَآرَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلاَ مَوْلُودٌ لَّهُ بِوَلَدِهِ )) البقرة233






:4:


إنَّ كل إشكالية بين الزوجية ممكن حلها بصورة ممكنة ومرضية للطرفين
ولا توجد إستحالة عقلية أو حتى شرعية للخروج من مآزق وإشكاليات الحياة الزوجية .


فالزوج هو صاحب الحل أولاً وأخيرا
فإما أن يمسك بمعروف أو يُسّرح بإحسان

وكذا الزوجة فلها حق النفقة والعيش الكريم والمعاشرة والرعاية بالمعروف


وباب الإصلاح والحوار مفتوح شرعا وعرفا لمعالجة أي مشكلة تقع أو يُحتمل وقوعها


وليس من حق الزوج التعسف بإستعمال حقه وخياره في إيقاع الطلاق

وكذلك ليس من حق الزوجة أيضا التعسف بإستعمال حقها في حضانة أطفالها كأن تحول بينهم وبين والدهم



فالزوجان معاً هم شركاء في حق الحضانة للإطفال بالسوية

ويجب أن يجري التفاهم والتوافق بينهم بخصوص إعمال هذا الحق

وبصورة عادلة لاتضر الطرفين على حد سواء

إذ لاضرر ولا ضرار في الإسلام الحكيم








:5:


ينبغي بنا على الأصل دراسة أسباب لجوء الزوج إلى ممارسة التعليق لزوجته
ومحاولة الوقوف عند الدوافع والبواعث لغرض معالجة تلك الظاهرة المرفوضة شرعا وعقلا



وهذا يتأتى من خلال بث الوعي بثقافة الحقوق والواجبات الزوجية ووجوب إدراكها من قبل الزوجين

كي تسير العملية الزوجية على سبيل صحيح وعادل ومرضي للطرفين معا
إذ لايمكن التعايش العشوائي حياتيا وزوجيا دونما أن يعرف كل من الزوجين ماله وما عليه









والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

مرتضى علي الحلي : النجف الأشرف :

مرتضى علي الحلي
20-02-2013, 01:06 PM
تصحيح:

:حق الأم في حضانة أولادها لا يسقط خلال هذه المدة
إلاَّ تزوجت من غيره

فحينها يسقط حق حضانتها لأطفالها شرعاً:


الصحيح :

حق الأم في حضانة أولادها لا يسقط خلال هذه المدة
إلاَّ إذا تزوجت من غيره

فحينها يسقط حق حضانتها لأطفالها شرعاً.

زخات مطر
20-02-2013, 11:12 PM
بارك الله فيكم
ووفقكم لكل خير

مرتضى علي الحلي
20-02-2013, 11:48 PM
وبكمُ يُباركُ اللهُ تعالى أكثر وشكرا لكم

البحرانية
21-02-2013, 10:48 PM
احسنت الطرح اخي الفاضل مرتضى
مسائل مهمة تبين للنساء مالهن وماعليهم من واجبات تجهلها معظم الاخوات والاخوان
ادامك ربي علما شامخا وزادك علما على علم
تقبل مروري وتحياتي

مرتضى علي الحلي
22-02-2013, 08:38 AM
شكرا لمروركم الكريم أختي وموفقةٌ إن شاء الله تعالى

مرتضى علي الحلي
22-02-2013, 08:41 PM
:1:
إنَّ ضرب الزوجة الناشز هو خيار شرعي أخير يأتي بعد العجز عن إصلاح حال الزوجة ونفاذ وسائل العلاج الشرعي كتحكيم أطراف مُحايدة من طرفي أهل الزوج والزوجة أو هجرانها في الفراش تأديباً لها وغيرها

وللعلم إنَّ جواز ضرب المرأة بقصد التأديب هو محدود جداً وبشروط صارمة كعدم إدماء الجلد أو كسر العظم والضرب بمنديل خفيف على ما في الروايات الصحيحة وممنوعية الضرب الشديد والمؤلم .

:2:
نعم يجوز الطلاق في صورة التكاره الإثنيي أو الفردي بين الزوجين وهذا مايُسمى فقهيا بطلاق المُباراة أي طلاق الزوج الكاره لزوجته بفدية منها وهي كارهة له .
أو ما يُسمى بطلاق الخلع وهو الطلاق بفدية من الزوجة الكارهة لزوجها .

:3:
نعم يجوز للزوجة الكاره لزوجها أن تدفع فدية إلى الزوج كي يُطلّقها شرعا .
ويحق للزوج وإن كان غير كارهٍ لزوجته أن يطلبُ منها الفدية في صورة طلاق الخلع كون الزوجة طالبةً للطلاق وكارهة للزوج .