الرحيق المختوم
23-02-2013, 07:41 AM
محاضرة لحجة الإسلام والمسلمين سماحة الأستاذ علي رضا بناهيان في موضوع كمال الأسرة:
المفتاح الذهبي للحياة المشتركة
اصلاح الرؤية
اهمية تقوية وإصلاح بناء الاسرة
ما السبب في اختيار بحث الأسرة؟ وما هي أهمية أمثال هذه المواضيع؟ أما كان هناك بحث آخر مقدما على هذه البحوث في هذا المقطع الزمني؟ أوليس من الأفضل الخوض في المسائل التي يبتلي بها الشباب أو في مشاكل المجتمع الثقافية الضخمة وغيرها من الأمور؟ يعتقد كثير من الناس بأن الأحرى في هذه الأيام تناول المسائل الثقافية والعمل في سبيل تحسين قضايا المجتمع الثقافية. أمّا تجربتي التي حصلت عليها في طوال سنيِّ نشاطاتي الثقافية هي إن أكثر البرامج والخطط الثقافية في المجتمع لا تجدي نفعا.
فمثلا التخطيط لكي يصبح الانسان او المجتمع مصلّيا او لجعل التلاميذ أكثر أدبا أو أكثر درسا أو وضع البرامج للحدّ من الانحراف والإجرام في المجتمع وغيرها من النشاطات لا تجدي نفعا وإن كانت جيدة، إذ أن العمل الأصلي والأصيل هو تقوية وإصلاح بناء الأسرة.
قبل فترة كنت في جلسة مع عدّة من مدراء الإذاعة والتلفزيون، وكان البحث يدور عن ماهية المخاطب الأصلي للاذاعة والتلفزيون. فكانوا يعتقدون بأن المخاطب الأصلي هو الفرد والمجتمع. فقلت لهم: هذا تصور خاطئ وأبعدوه عن أذهانكم. فمخاطبكم هو الأسرة فحسب، لا الفرد ولا المجتمع. لا الفرد الذي تشاهدونه بمفرده ولا المجتمع متكون من أفراد مجتمعين. فالمجتمع يعني الأسر التي تعيش فيه. إذ الوحدة الاصيلة للمجتمع هي الأسرة. وهوية كل شخص تتشكل من أسرته. على هذا يمكن اعتبار وضع البرامج والتخطيط لتحسين وتقوية بناء الأسرة، أهم عمل لرفع مستوى المجتمع ثقافيا.
فمن الممكن إثبات هذا المدعى في محله وهو: أن العمل في سبيل توسعة الدين وردع الاستكبار العالمي و الوقوف أمام الغزو الثقافي وعلى رأس كل هذه الأمور، تحقق ظهور الإمام الحجة (عج) لا يتمّ إلا بإصلاح الأسر في المجتمع أولا. فما لم يكن للمتدينين عوائل جيدة ستتفشى حالة التظاهر بالتديّن، وما لم تكن العوائل الشيعية بحياتها البسيطة هي القدوة للباقين، سوف لا تتحقق الارضية لفرج الإمام الحجة (عج).
الملاحظة المهمة الأخرى هي إن أهم آلية صهيونية للسيطرة على المجتمعات الإسلامية وتحطيم قدرة الإسلام، هي القضاء على بنيان الأسرة المرصوص. بحثنا في الأسرة ليس بحثا دفاعيا. فنحن نعدّ هذا العمل الصهيوني ناجم عن مطالعات دقيقة وبسبب إدراكهم لقوة الأسر الشيعية. هذه القوة التي لربّما لم ندرك نحن أيضا عمقها الواقعي لحدّ الآن. إن تكليفنا اليوم تجاه إمام العصر والزمان (عج) هو تقوية الأسرة والاستعانة بهذه القوة لنشر تعاليم الإسلام إلى كل العالم. حتى لا يطول ليل الإنتظار من دون أن يصبح صباحه.
لابد للأسرة أن تكون راقية
إن أول قدم لمعرفة الأخلاق والحقوق المتبادلة بين الزوج والزوجة في رحاب الأسرة هو تشخيص الهدف من هذه المعرفة. فما سبب أهمية الوصول إلى هذه الإحاطة؟ فهل نطمح في أسرة بعيدة عن المشاكل و المتاعب وبعيدة عن الظلم أيضا؟ أو بالتعبير المعاصر هل نريد أسرة موفّقة؟ أم إننا نريد أكثر من هذا، نريد أسرة متعالية وسامية. فمن الطبيعي أن يفكر الجميع بأهمية القدرة على تحصيل أسرة موفّقة، بيد أن تصوّر الناس عن شاخص الأسرة الموفقة هو: الأسرة الخالية من الخصام والنزاع ومن الظلم أيضا والأسرة التي يمكن للزوجين في ظلّها أن يتحمّل كل واحد الآخر ويحصلا على لذة العيش فيها ويمكنهما أداء أعمالهما و واجباتهما الأخرى فيها بهدوء وسكينة. ولكن هذا التعريف عن الأسرة الناجحة، ناظر إلى الحدّ الأدنى من معالم الأسرة الموفقة. وإلا فنحن نسعى وراء تحقق أسرة راقية. وليس البحث في الألفاظ. فشاخص الأسرة الراقية يختلف عن شاخص الأسرة الموفقة. فلابد من إصلاح نظرة المجتمع عن الأسرة.
اللذة العاطفية في العوائل الراقية أتم وأكثر
كان من اللازم هنا ذكر بعض مقومات العائلة الراقية وشواخصها ليُعلم بأن الهدف من الحديث عن أخلاق وحقوق الأسرة هو الوصول إلى مثل هذا النموذج من العوائل. إن اللّذة والعاطفة المفعمة التي من طبيعتها أن تصل في بداية العلاقة بين الزوجين إلى الغليان، تتضاعف وتبلغ ذروتها وكمالها في الأسر الراقية لا أنها لا تبرد و لاتنطفئ فحسب. في حين أن أكثر الناس يراها علاقة عاطفية مقتصرة على الأيام الأولى من التعارف وتبرد بعد ذلك. فأغلب الناس يتصورون بأن الزوجين وبعد مدة من التعارف وتشكيل الحياة الزوجية فيما بينهم، تتحول علاقتهم إلى علاقة روتينية شيئا فشيئا ولا يبقى منها بعد حين إلا أن يضطرّ أحدهما إلى تحمل الأخر، أما المشاعر والعواطف الأولية، فلا يبقى لها ذكر. أما العلاقة في الأسر السامية التي نحن بصدد إيجادها يمكن أن تولد أرقى وأسمى أنواع العواطف الجياشة.
لقد جاء في السُنّة إن العلاقة بين الزوجين للمؤمنين كشراب مسكر. فالحياة لابد أن تكون على قدر واسع من اللذة والمحبة، لا أننا لابد أن لا نشعر بنقص في المحبة من الطرف الآخر فحسب، بل لابد من أن تكون أجواء الأسرة مفعمة بالعاطفة كي لا يشعر أولادنا بالنقص العاطفي، بل لا يشعر أحد من الأسرة بالحاجة إلى لفت انظار الآخرين تجاهه، وإلا فسيصاب أولادنا بصدمات لا يمكن جبرانها.
تترك العلاقة والمحبة بين الزوجين آثارها على العالم بشكل ملفت. فقد يؤثر كلّ من الزوجين على طول عمر الزوج الآخر وعلى رزقه فيما لو أرادا ذلك. إن لأهل المعرفة كلام طويل في هذا المضمار، فقد يؤجّل عمر الزوج في هذه الأسر بسبب عدم قبول زوجته بوفاته. ينقل عن أحد العرفاء في طهران وقد كان ينازع الموت في المستشفى، أنه عاد إليه الوعي فقال لأولاده إرجعوا بي إلى البيت. وعندما سألوه عن ذلك قال لهم: لم ترضَ أمّكم برحيلي، وقيل لي إذا لم تسمح زوجتك لا يمكنك الرحيل إلى ذلك العالم. أما عن آثار هذه العلاقة على الرزق، فينقل عن أحد العرفاء أن رزق الرجل متعلق بقلب زوجته، فإذا كانت طيبة القلب يأتيه رزقه، ولو كانت سيئة الخلق والعمل، تُغلق أبواب الرزق بوجهه... فيالها من آثار خفية على العالم. هذه العلاقة مؤثرة حتى على تحديد شخصية أولادنا أيضا وسأشير إلى بعض هذه الآثار في بعض المناسبات.
إذن، لو استطعنا أن نوصل بهذه العلاقة إلى أعلى نقطة ممكنة، سيترتب عليها آثار خفية لا تحصى. إنها تؤثر على حياة كلّ من الزوجين بل وعلى الأولاد أيضا والمتعلقين بل حتى على كل الوجود.
نحن لا نريد الحديث عن الأخلاق والحقوق في الأسرة بالمقدار الذي نقف به أمام الطلاق، أو لكي لاينجرّ الأمر إلى المخاصمة والشجار بينهما، لا أبدا، فنحنُ لم نُرِد هذا الأمر على الإطلاق! هدفنا من هذا البحث هو الوصول إلى أكثر قدر ممكن من البركات التي يمكن أن يشتمل عليها تشكيل الأسرة.
الأسرة تمثل أرضية للتكامل
لابد من تعريف الأسرة أولا لكي نحصل على رؤية كاملة لأخلاق وحقوق الأسرة؛ ولابد من تعريف كامل للحياة المشتركة بين الشاب والفتاة اللذين يتحولان شيئا فشيئا إلى الأب والأم.
فما هو تعريف الأسرة التي تتكون نواتها المركزية من زوجين شابّين؟ وماذا نفهم منها؟ لابد من السعي الدائم للنظر إلى الأبعاد المختلفة لهذه الظاهرة لنصل إلى التعريف الدقيق لها.
بظني ان تعريف الحياة المشتركة بين زوجين يعيشان معا، ويريد كلّ منهما أن يوصل صاحبه إلى الكمال هو:
إن الأسرة: هي أرضية للرشد و التكامل. أما كيفية الوصول إلى هذا المستوى، فهذا ما لا يرتبط بنا كثيرا. فنحن في مقام الاختيار يتحتم علينا الاهتمام كثيرا، أما على من ستقع قسمتنا وبأي طريق نصل إلى التكامل وماذا سيؤول إليه الامر أخيرا و...؟ هذه من الأمور التي لا ترتبط بنا كثيرا.
فقد يصل الزوج إلى التكامل بسوء خلق زوجته. فيجب ان نرفع بمستوى نظرنا في هذه المسألة عن نظرة العوام، وهذا ما سنتطرق إليه في البحوث اللاحقة. كما لابد من الإضافة إلى أن السير للوصول إلى نقطة التعادل والتوافق وكذلك السير للوصول إلى نقطة بداية التعالي، قد يدوم سنين طويلة. فليست هي مقتصرة على لذة الفترة الأولى من الزواج، فقد تطول مدة الوصول إلى هذه النقطة عشر سنوات.
المفتاح الذهبي للحياة المشتركة
اصلاح الرؤية
اهمية تقوية وإصلاح بناء الاسرة
ما السبب في اختيار بحث الأسرة؟ وما هي أهمية أمثال هذه المواضيع؟ أما كان هناك بحث آخر مقدما على هذه البحوث في هذا المقطع الزمني؟ أوليس من الأفضل الخوض في المسائل التي يبتلي بها الشباب أو في مشاكل المجتمع الثقافية الضخمة وغيرها من الأمور؟ يعتقد كثير من الناس بأن الأحرى في هذه الأيام تناول المسائل الثقافية والعمل في سبيل تحسين قضايا المجتمع الثقافية. أمّا تجربتي التي حصلت عليها في طوال سنيِّ نشاطاتي الثقافية هي إن أكثر البرامج والخطط الثقافية في المجتمع لا تجدي نفعا.
فمثلا التخطيط لكي يصبح الانسان او المجتمع مصلّيا او لجعل التلاميذ أكثر أدبا أو أكثر درسا أو وضع البرامج للحدّ من الانحراف والإجرام في المجتمع وغيرها من النشاطات لا تجدي نفعا وإن كانت جيدة، إذ أن العمل الأصلي والأصيل هو تقوية وإصلاح بناء الأسرة.
قبل فترة كنت في جلسة مع عدّة من مدراء الإذاعة والتلفزيون، وكان البحث يدور عن ماهية المخاطب الأصلي للاذاعة والتلفزيون. فكانوا يعتقدون بأن المخاطب الأصلي هو الفرد والمجتمع. فقلت لهم: هذا تصور خاطئ وأبعدوه عن أذهانكم. فمخاطبكم هو الأسرة فحسب، لا الفرد ولا المجتمع. لا الفرد الذي تشاهدونه بمفرده ولا المجتمع متكون من أفراد مجتمعين. فالمجتمع يعني الأسر التي تعيش فيه. إذ الوحدة الاصيلة للمجتمع هي الأسرة. وهوية كل شخص تتشكل من أسرته. على هذا يمكن اعتبار وضع البرامج والتخطيط لتحسين وتقوية بناء الأسرة، أهم عمل لرفع مستوى المجتمع ثقافيا.
فمن الممكن إثبات هذا المدعى في محله وهو: أن العمل في سبيل توسعة الدين وردع الاستكبار العالمي و الوقوف أمام الغزو الثقافي وعلى رأس كل هذه الأمور، تحقق ظهور الإمام الحجة (عج) لا يتمّ إلا بإصلاح الأسر في المجتمع أولا. فما لم يكن للمتدينين عوائل جيدة ستتفشى حالة التظاهر بالتديّن، وما لم تكن العوائل الشيعية بحياتها البسيطة هي القدوة للباقين، سوف لا تتحقق الارضية لفرج الإمام الحجة (عج).
الملاحظة المهمة الأخرى هي إن أهم آلية صهيونية للسيطرة على المجتمعات الإسلامية وتحطيم قدرة الإسلام، هي القضاء على بنيان الأسرة المرصوص. بحثنا في الأسرة ليس بحثا دفاعيا. فنحن نعدّ هذا العمل الصهيوني ناجم عن مطالعات دقيقة وبسبب إدراكهم لقوة الأسر الشيعية. هذه القوة التي لربّما لم ندرك نحن أيضا عمقها الواقعي لحدّ الآن. إن تكليفنا اليوم تجاه إمام العصر والزمان (عج) هو تقوية الأسرة والاستعانة بهذه القوة لنشر تعاليم الإسلام إلى كل العالم. حتى لا يطول ليل الإنتظار من دون أن يصبح صباحه.
لابد للأسرة أن تكون راقية
إن أول قدم لمعرفة الأخلاق والحقوق المتبادلة بين الزوج والزوجة في رحاب الأسرة هو تشخيص الهدف من هذه المعرفة. فما سبب أهمية الوصول إلى هذه الإحاطة؟ فهل نطمح في أسرة بعيدة عن المشاكل و المتاعب وبعيدة عن الظلم أيضا؟ أو بالتعبير المعاصر هل نريد أسرة موفّقة؟ أم إننا نريد أكثر من هذا، نريد أسرة متعالية وسامية. فمن الطبيعي أن يفكر الجميع بأهمية القدرة على تحصيل أسرة موفّقة، بيد أن تصوّر الناس عن شاخص الأسرة الموفقة هو: الأسرة الخالية من الخصام والنزاع ومن الظلم أيضا والأسرة التي يمكن للزوجين في ظلّها أن يتحمّل كل واحد الآخر ويحصلا على لذة العيش فيها ويمكنهما أداء أعمالهما و واجباتهما الأخرى فيها بهدوء وسكينة. ولكن هذا التعريف عن الأسرة الناجحة، ناظر إلى الحدّ الأدنى من معالم الأسرة الموفقة. وإلا فنحن نسعى وراء تحقق أسرة راقية. وليس البحث في الألفاظ. فشاخص الأسرة الراقية يختلف عن شاخص الأسرة الموفقة. فلابد من إصلاح نظرة المجتمع عن الأسرة.
اللذة العاطفية في العوائل الراقية أتم وأكثر
كان من اللازم هنا ذكر بعض مقومات العائلة الراقية وشواخصها ليُعلم بأن الهدف من الحديث عن أخلاق وحقوق الأسرة هو الوصول إلى مثل هذا النموذج من العوائل. إن اللّذة والعاطفة المفعمة التي من طبيعتها أن تصل في بداية العلاقة بين الزوجين إلى الغليان، تتضاعف وتبلغ ذروتها وكمالها في الأسر الراقية لا أنها لا تبرد و لاتنطفئ فحسب. في حين أن أكثر الناس يراها علاقة عاطفية مقتصرة على الأيام الأولى من التعارف وتبرد بعد ذلك. فأغلب الناس يتصورون بأن الزوجين وبعد مدة من التعارف وتشكيل الحياة الزوجية فيما بينهم، تتحول علاقتهم إلى علاقة روتينية شيئا فشيئا ولا يبقى منها بعد حين إلا أن يضطرّ أحدهما إلى تحمل الأخر، أما المشاعر والعواطف الأولية، فلا يبقى لها ذكر. أما العلاقة في الأسر السامية التي نحن بصدد إيجادها يمكن أن تولد أرقى وأسمى أنواع العواطف الجياشة.
لقد جاء في السُنّة إن العلاقة بين الزوجين للمؤمنين كشراب مسكر. فالحياة لابد أن تكون على قدر واسع من اللذة والمحبة، لا أننا لابد أن لا نشعر بنقص في المحبة من الطرف الآخر فحسب، بل لابد من أن تكون أجواء الأسرة مفعمة بالعاطفة كي لا يشعر أولادنا بالنقص العاطفي، بل لا يشعر أحد من الأسرة بالحاجة إلى لفت انظار الآخرين تجاهه، وإلا فسيصاب أولادنا بصدمات لا يمكن جبرانها.
تترك العلاقة والمحبة بين الزوجين آثارها على العالم بشكل ملفت. فقد يؤثر كلّ من الزوجين على طول عمر الزوج الآخر وعلى رزقه فيما لو أرادا ذلك. إن لأهل المعرفة كلام طويل في هذا المضمار، فقد يؤجّل عمر الزوج في هذه الأسر بسبب عدم قبول زوجته بوفاته. ينقل عن أحد العرفاء في طهران وقد كان ينازع الموت في المستشفى، أنه عاد إليه الوعي فقال لأولاده إرجعوا بي إلى البيت. وعندما سألوه عن ذلك قال لهم: لم ترضَ أمّكم برحيلي، وقيل لي إذا لم تسمح زوجتك لا يمكنك الرحيل إلى ذلك العالم. أما عن آثار هذه العلاقة على الرزق، فينقل عن أحد العرفاء أن رزق الرجل متعلق بقلب زوجته، فإذا كانت طيبة القلب يأتيه رزقه، ولو كانت سيئة الخلق والعمل، تُغلق أبواب الرزق بوجهه... فيالها من آثار خفية على العالم. هذه العلاقة مؤثرة حتى على تحديد شخصية أولادنا أيضا وسأشير إلى بعض هذه الآثار في بعض المناسبات.
إذن، لو استطعنا أن نوصل بهذه العلاقة إلى أعلى نقطة ممكنة، سيترتب عليها آثار خفية لا تحصى. إنها تؤثر على حياة كلّ من الزوجين بل وعلى الأولاد أيضا والمتعلقين بل حتى على كل الوجود.
نحن لا نريد الحديث عن الأخلاق والحقوق في الأسرة بالمقدار الذي نقف به أمام الطلاق، أو لكي لاينجرّ الأمر إلى المخاصمة والشجار بينهما، لا أبدا، فنحنُ لم نُرِد هذا الأمر على الإطلاق! هدفنا من هذا البحث هو الوصول إلى أكثر قدر ممكن من البركات التي يمكن أن يشتمل عليها تشكيل الأسرة.
الأسرة تمثل أرضية للتكامل
لابد من تعريف الأسرة أولا لكي نحصل على رؤية كاملة لأخلاق وحقوق الأسرة؛ ولابد من تعريف كامل للحياة المشتركة بين الشاب والفتاة اللذين يتحولان شيئا فشيئا إلى الأب والأم.
فما هو تعريف الأسرة التي تتكون نواتها المركزية من زوجين شابّين؟ وماذا نفهم منها؟ لابد من السعي الدائم للنظر إلى الأبعاد المختلفة لهذه الظاهرة لنصل إلى التعريف الدقيق لها.
بظني ان تعريف الحياة المشتركة بين زوجين يعيشان معا، ويريد كلّ منهما أن يوصل صاحبه إلى الكمال هو:
إن الأسرة: هي أرضية للرشد و التكامل. أما كيفية الوصول إلى هذا المستوى، فهذا ما لا يرتبط بنا كثيرا. فنحن في مقام الاختيار يتحتم علينا الاهتمام كثيرا، أما على من ستقع قسمتنا وبأي طريق نصل إلى التكامل وماذا سيؤول إليه الامر أخيرا و...؟ هذه من الأمور التي لا ترتبط بنا كثيرا.
فقد يصل الزوج إلى التكامل بسوء خلق زوجته. فيجب ان نرفع بمستوى نظرنا في هذه المسألة عن نظرة العوام، وهذا ما سنتطرق إليه في البحوث اللاحقة. كما لابد من الإضافة إلى أن السير للوصول إلى نقطة التعادل والتوافق وكذلك السير للوصول إلى نقطة بداية التعالي، قد يدوم سنين طويلة. فليست هي مقتصرة على لذة الفترة الأولى من الزواج، فقد تطول مدة الوصول إلى هذه النقطة عشر سنوات.