د. حامد العطية
03-03-2013, 10:37 PM
متى يكون التدين كالخمر؟ مقال في الدين والسياسة
د. حامد العطية
للخمر منافع، هكذا يخبرنا القرآن الكريم، ولها آثام أو مضار أيضاً، بشهادة القرآن العظيم أيضاً، ولأن مضارها أكثر من منافعها حرمها الله.
في التدين بالإسلام منافع عظيمة، يستفيد منها الفرد المسلم، وكذلك عائلته ومجتمعه الصغير والأمة كلها، ولكن هل لبعض أشكال التدين مضار؟
عندما لا تنهى الصلاة عن الفحشاء والمنكر، ولا يمر صيام يوم من دون اقتراف منكرات، ويعود المرء بعد الحج لسيرته الأولى المنحرفة، ويتعصب لقومه أو قبيلته، ولا يقول الحق ولو على نفسه والأقربين يكون التدين سطحياً أو شكلياً، مجرد هيكل خاو، فلا صلاح للنفس ولا إصلاح للمجتمع، وهذا نمط تدين منتشر، بدأ عندما حكموا على الصحابي أبي ذر الغفاري رضي الله عنه بالنفي بذريعة أنه يدعو الناس لما لا يطيقونه.
الطغاة من حكام المسلمين، الذين يضطهدون رعيتهم ويلوذون بالأجانب الحاقدين، يصطفون الانتهازيين ويبعدون المخلصين، يسرقون ويبذرون المال العام، يخالفون كل قيم ومباديء الإسلام لكنهم في الوقت ذاته يتظاهرون بالحرص عليه وتطبيق تعاليمه، حتى أن البعض منهم تجرأ على انتحال لقب أمير المؤمنين، ونفاقهم سبب لنفور البعض من الدين، فهم وبال على شعوبهم، وتدينهم أشبه بالخمر، أو أسوء لأن لا منافع له البتة.
من غشنا ليس منا، والغش أنواع، أيسره الغش في البيع، وأثقله الغش في الدين، وهو فعل وعاظ السلاطين الذين يفرضون على الناس طاعة الحكام الظالمين، وينهونهم عن حتى انتقاد طغيانهم وتعسفهم واسرافهم وسرقتهم للمال العام، وهم يتحملون شطراً كبيراً من المسؤولية عن قرون الطغيان والتخلف الماضية وعن أحوال المسلمين المزرية اليوم.
المتدين الذي يضع نفسه في مرتبة الرب، يحاكم تدين الغير، ويصدر عليهم الأحكام القطعية، فهذا مؤمن في تقديره، وذلك كافر أو مشرك، مخالفاً بذلك التحذير الآلهي: ( لا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مسلماً تريدون عرض الحياة الدنيا) وهذا التدين أشبه بالخمر لأن مضاره أكثر بكثير من منافعه.
وكذلك التدين الذي يثير صاحبه الفتن بين المسلمين، والفتنة أشد من القتل، يبث الفرقة بينهم، يتغافل عن المشترك الكبير بينهم ويسلط الاهتمام على القليل المختلف، كلما خمدت نار الفتنة سارع إلى اشعالها من جديد، يدعو إلى القطيعة والتنائي ويمنع التواصل والتآلف، فهو بالتالي يعمل بالضد من مشيئة الله القاضية بأخوة وتآلف المسلمين، بل هو حليف للشيطان في تفريقه بين المسلمين، فما نفع الإسلام بتدين مثل هذا الإنسان؟
ولكن هنالك من هو أسوء منه ، وهو المتدين الذي يحرض على استعمال العنف بدلاً من الحوار في حل الخلافات بين المسلمين، ويتسبب في سفك دماء مسلمين وتهجير آخرين وتخريب مدنهم وتدمير مساكنهم، فهو يرى بعين الشيطان بأن لو كان إصلاح بلد يتطلب هلاك ثلث سكانه فلا بأس، وينسى بأن الرسول الأعظم تحمل وصبر على أذى الكفار، ورفض إبادة مشركي قريش بالإرادة الربانية قائلاً: (بل أرجو أن يخرج الله من اصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئاً)، فهو لم يدفع الهلاك عن الكفار بانتظار إسلامهم بل املاً في اهتداء أبناءهم او أحفادهم للإسلام.
لنتأكد بأن تديننا ليس أشبه بالخمر قبل فوات الاوان.
3 اذار 2013م
د. حامد العطية
للخمر منافع، هكذا يخبرنا القرآن الكريم، ولها آثام أو مضار أيضاً، بشهادة القرآن العظيم أيضاً، ولأن مضارها أكثر من منافعها حرمها الله.
في التدين بالإسلام منافع عظيمة، يستفيد منها الفرد المسلم، وكذلك عائلته ومجتمعه الصغير والأمة كلها، ولكن هل لبعض أشكال التدين مضار؟
عندما لا تنهى الصلاة عن الفحشاء والمنكر، ولا يمر صيام يوم من دون اقتراف منكرات، ويعود المرء بعد الحج لسيرته الأولى المنحرفة، ويتعصب لقومه أو قبيلته، ولا يقول الحق ولو على نفسه والأقربين يكون التدين سطحياً أو شكلياً، مجرد هيكل خاو، فلا صلاح للنفس ولا إصلاح للمجتمع، وهذا نمط تدين منتشر، بدأ عندما حكموا على الصحابي أبي ذر الغفاري رضي الله عنه بالنفي بذريعة أنه يدعو الناس لما لا يطيقونه.
الطغاة من حكام المسلمين، الذين يضطهدون رعيتهم ويلوذون بالأجانب الحاقدين، يصطفون الانتهازيين ويبعدون المخلصين، يسرقون ويبذرون المال العام، يخالفون كل قيم ومباديء الإسلام لكنهم في الوقت ذاته يتظاهرون بالحرص عليه وتطبيق تعاليمه، حتى أن البعض منهم تجرأ على انتحال لقب أمير المؤمنين، ونفاقهم سبب لنفور البعض من الدين، فهم وبال على شعوبهم، وتدينهم أشبه بالخمر، أو أسوء لأن لا منافع له البتة.
من غشنا ليس منا، والغش أنواع، أيسره الغش في البيع، وأثقله الغش في الدين، وهو فعل وعاظ السلاطين الذين يفرضون على الناس طاعة الحكام الظالمين، وينهونهم عن حتى انتقاد طغيانهم وتعسفهم واسرافهم وسرقتهم للمال العام، وهم يتحملون شطراً كبيراً من المسؤولية عن قرون الطغيان والتخلف الماضية وعن أحوال المسلمين المزرية اليوم.
المتدين الذي يضع نفسه في مرتبة الرب، يحاكم تدين الغير، ويصدر عليهم الأحكام القطعية، فهذا مؤمن في تقديره، وذلك كافر أو مشرك، مخالفاً بذلك التحذير الآلهي: ( لا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مسلماً تريدون عرض الحياة الدنيا) وهذا التدين أشبه بالخمر لأن مضاره أكثر بكثير من منافعه.
وكذلك التدين الذي يثير صاحبه الفتن بين المسلمين، والفتنة أشد من القتل، يبث الفرقة بينهم، يتغافل عن المشترك الكبير بينهم ويسلط الاهتمام على القليل المختلف، كلما خمدت نار الفتنة سارع إلى اشعالها من جديد، يدعو إلى القطيعة والتنائي ويمنع التواصل والتآلف، فهو بالتالي يعمل بالضد من مشيئة الله القاضية بأخوة وتآلف المسلمين، بل هو حليف للشيطان في تفريقه بين المسلمين، فما نفع الإسلام بتدين مثل هذا الإنسان؟
ولكن هنالك من هو أسوء منه ، وهو المتدين الذي يحرض على استعمال العنف بدلاً من الحوار في حل الخلافات بين المسلمين، ويتسبب في سفك دماء مسلمين وتهجير آخرين وتخريب مدنهم وتدمير مساكنهم، فهو يرى بعين الشيطان بأن لو كان إصلاح بلد يتطلب هلاك ثلث سكانه فلا بأس، وينسى بأن الرسول الأعظم تحمل وصبر على أذى الكفار، ورفض إبادة مشركي قريش بالإرادة الربانية قائلاً: (بل أرجو أن يخرج الله من اصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئاً)، فهو لم يدفع الهلاك عن الكفار بانتظار إسلامهم بل املاً في اهتداء أبناءهم او أحفادهم للإسلام.
لنتأكد بأن تديننا ليس أشبه بالخمر قبل فوات الاوان.
3 اذار 2013م