alyatem
11-03-2013, 09:22 AM
الاهرام اليوم (http://digital.ahram.org.eg/Policy.aspx?Serial=643923)
23 سبتمبر 2011
في الجزء الثالث والأخير من حواره مع «الأهرام»، أطل الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل على مشهد الربيع العربي قائلا: إن ما نراه في هذه اللحظة هو مشروع قومي يتهاوى، وبقاياه تجرى إزاحتها الآن، كما أن هناك مشروعات أخرى تتسابق إلى ملء الفراغ.
ولاحظ الأستاذ هيكل أننا أمام «سايكس بيكو» جديدة تحل محل القديمة ومصر بعيدة ومشغولة بأحداث اللحظة الآنية.
وأوضح هيكل فكرته قائلا: «سايكس بيكو» الأولى كانت تقسيما للعالم العربي بين انجلترا وفرنسا، وكانت تركيا العثمانية هي أولى الضحايا وقبلها العرب، أما «سايكس بيكو» الثانية، فهى تقسيم لإرث مشروع قومي عربى لصالح تحالف أمريكى ـ أوروبي، وضحاياه كلهم عرب!
وأشار إلى أن المطروح على الساحة الآن 3 مشروعات وشبح مشروع. الأول غربي يبدو مصمما ولديه أدواته، والثاني تركي طموح، أما الثالث فهو إيراني يؤذن من بعيد على استحياء، ثم أخيرا شبح مشروع إسرائيلي يتسم بالغلاظة ولا مستقبل له.
وتطرق الأستاذ إلى الأوضاع في ليبيا قائلا: ما يجرى تقسيمه هو النفط وفوائضه، وتساءل: إذا كان نظام القذافي غير معقول. أليس استدعاء تدخل أجنبي عسكري غير مقبول؟!
واستطرد هيكل قائلا: "القذافي كان من الحق أن يسقط ولكن الشعب الليبي هو من كان يجب أن يتحمل هذه المسئولية. باختصار حلف الأطلنطي لا يحرر بلدا أو شعبا، وإنما يسيطر على شعب وعلى بلد".
ونبه الكاتب الكبير إلى أن التغيير في سوريا قد يكون مطلوبا، لكنه في هذه اللحظة مزعج، مشيرا إلى أن إنذارات بعض الدول العربية لدمشق تبدو وكأنها تمهد الطريق لتدخل عسكري دولي.
وعن علاقة مصر بما يجرى، قال هيكل: ما يقلقني في هذه الساعة هو أن مصر في هذه الظروف كلها تبدو مستغرقة بالكامل في أحوالها وأحداث اللحظة الآنية داخلها.
- عندما وصل الحوار مع الأستاذ الكبير محمد حسنين هيكل إلى شواطئ الربيع العربي، كان الوقت المخصص لنا قد انتهى أو كاد، بعد أن استهلكنا معظم ساعات الحوار في التعرف على قراءة الأستاذ للمشهد المصري ورؤيته لما يحدث في بر مصر الآن.
إلا أن الأستاذ كان كريما ـ كعادته دائما مع الأهرام ـ إذ أصر على أن يمدد الوقت المخصص لنا قائلا: كل أسئلتكم مرحب بها فهاتوا ما لديكم.
وإذا كان الأستاذ قد نبهنا ـ عند قراءته المشهد المصري ـ إلى أهمية الخريطة لكى نفهم ماذا يجري ولماذا، فإنه بدا أكثر اهتماما بالخريطة عندما شرع في الإجابة على أسئلتنا الخاصة بالربيع العربي، وأخرج لنا خريطة كاشفة تظهر تقسيم مناطق النفوذ فى العالم العربي بنهاية الحرب العالمية الأولى بين انجلترا وفرنسا فيما عرف باتفاقية «سايكس بيكو».
ولم يكتف الأستاذ بذلك، بل أخذ قلما وورقة بيضاء ليرسم لنا خريطة العالم العربي حاليا وكيف يعيد الغرب إنتاج «سايكس بيكو» جديدة لتقسيم العالم العربي، قائلا: «التقسيم في المرة الأولى كان تقسيما جغرافيا وتوزيع أركان، لكن التقسيم هذه المرة تقسيم موارد ومواقع».
وقد بدا الكاتب الكبير ـ خلال الحوار ـ مهموما شاعرا بالأسى لما يجرى في العالم العربي ومحاولات تقسيمه والانقضاض على مشروعه القومي الذي عاصره الأستاذ في مراحله الأولى وفي ذروة نجاحه حتى وصل إلى تلك اللحظة الحزينة.
ما سبق ليس مقدمة، لأن كلام الأستاذ لا يحتاج إلى مقدمات، بل مجرد حاشية أو هامش.
فإلى الحوار:
- كيف ترى «طقوس» الربيع العربي. هل هو نهاية لمشروع نظام عربى قديم أم هو «تنقيح» له؟
- ما نراه الآن ليس مجرد الربيع العربي تهب نسماته على المنطقة، وليس مجرد عاصفة تقتحم أجواءه برياحها وغبارها وعتمتها، وإنما هو في ذات الوقت تغيير إقليمي ودولي سياسي، يتحرك بسرعة كاسحة على جبهة عريضة، ويحدث آثارا عميقة، وأيضا محفوفة بالخطر!
ما نراه الآن هو إزاحة وتصفية وكنس بقايا وعوالق مشروع نظام عربي، حاول عدد من رواد النهضة في هذه الأمة أن يبشروا به، وحاول ساسة على مسار هذه النهضة أن يمهدوا له، وحاولت شعوب كثيرة أن تقيم أعمدته - بعد غيبة عربية طويلة عن التاريخ، وقد تبدى في بعض سنين الخمسينيات والستينيات والسبعينيات من القرن العشرين أن هذا المشروع العربي قابل للبقاء وقابل للنجاح، ثم فجأة تخلى العرب عن مشروعهم، حين استجدت ظروف ومتغيرات، وبعد التخلي بدأ التراجع، وراحت تداعيات هذا التراجع تظهر يوما بعد يوم، وتحدث آثارها، حتى جاءت لحظة السقوط النهائي، فإذا المشروع يتهاوى كتلا وأحجارا وعوالق وزوائد، لم تكن في الحقيقة تمثله أو تعبر عنه، لأنها كانت رواسب مرحلة.
وهذا ما نراه هذه اللحظة: مشروع قومي يتهاوى، وبقاياه تجري إزاحتها الآن، كما أن هناك مشروعات أخرى تتسابق إلى الفراغ، بعد أن أضاع ذلك المشروع مكانه وزمانه.
- إذا كان المشروع القومى العربى يتهاوى الآن. فما هي نقطة البداية لهذا الانهيار أو السقوط؟
- يمكن أن نتوقف هنا لحظة لإيضاح أنبه به إلى أن المشروع لم يسقط كما يظن بعضنا نتيجة لضربة 1967، فكل المشروعات التاريخية الكبرى - وفيها المشروع الأمريكي - وفيها المشروع الأوروبي - وفيها المشروع الآسيوي - وغيرها خاضت الحروب، وتلقت الضربات، وتحملت النكسات، لكن مشروعاتها بقيت، دافعت عن نفسها، وواصلت دورها.
ثم إن المشروع العربي ذاته بعد ضربة 67 استعاد إرادته وقدراته، وخاض معركة سنة 1973، وأثبت - خصوصا في الأيام العشرة الأولى من تلك المعركة - أن بنيانه على ما فيه من ثغرات - قادر بموارده وإرادة شعوبه، وبجيوشه وتحالفاته - على الصمود.
وكذلك - وعلى نفس السياق فإنه ليس دقيقا إن يُقال أن المشروع العربي وقع مع نسف برجي التجارة في "نيويورك" 11 سبتمبر 2001، لأن هذه الحادثة مع بشاعتها، لا يتحملها العرب، وإذا كان شباب من المسلمين قاموا بها - حسب ما هو ظاهر - فإن المسئولية تعود إلى من حاولوا إعدادهم وتوظيفهم في حرب باسم "الجهاد الإسلامي" ضد الإلحاد الشيوعي في أفغانستان - كما قالوا.
وقد أضيف أن حادثة نيويورك - مع أنها كانت صدمة إنسانية وسياسية كبرى - إلا أنها لم تكن العملية الإرهابية الأكبر والأخطر في زمانها.
وفي الحقيقة فإن العملية الإرهابية الأكبر والأخطر في العصر الحديث لم تكن من صنع عشرة أو عشرين رجلا خطفوا ثلاث طائرات، حوَّلوها إلى قنابل بشرية قتلت مئات الأبرياء.
وإنما الأخطر مما حدث في سبتمبر 2001 هو ما حدث في "نيويورك" أيضا بعد ست سنوات أي في 2007، إرهاب قام به خمسون أو ستون فردا من رؤساء البنوك الكبرى، استهتروا واستغلوا وتصرفوا بما أدى إلى انهيار الأسواق المالية في العالم، وتهاوي الأحوال الاقتصادية، وإفلاس وصل بالاقتصاد الدولي كله إلى حافة الخراب!
بمعنى أن حوادث "نيويورك" مع آلامها الإنسانية مثلها مثل أي حادث من الحوادث البشعة المشهورة، كغرق عبَّارة في البحر الأحمر مثلا - أو مثل نسف عمارة آهلة بالسكان في "أوكلاهوما"، وغيرها يمكن استيعابه عذابا إنسانيا وألما، وأما ما جرى للاقتصاد العالمي فهو كارثة أصابت كل الأوطان وكل البلدان في حاضرها وفي مستقبلها وإلى زمان طويل، تستعصي آثاره على حساب مدخرات الشعوب!
والواقع رغم المفارقة في هذا الواقع - أنه إذا كان زعيم القاعدة "أسامة بن لادن" إرهابيا - فإن "آلان جرينسبان" رئيس البنك الفيدرالي الأمريكي سابقا وخمسين أو ستين معه من رؤساء البنوك - تصرفوا بما أدى إلى إرهاب أكثر وحشية، لأن وحشية خراب على مستوى العالم أكبر من وحشية الدمار، حين تتعرض لها مدينة - حتى وإن كانت «نيويورك»! «عندما أثرت هذه المسألة في مؤتمر للمستشرقين قبل سنوات عارضنى بعضهم، والآن لعل بينهم من يعيد تقديره لما جرى وآثاره التي لاتزال حتى هذه اللحظة تروع الاقتصاد العالمى».
- لنبقى فى قضية انهيار المشروع العربي ونتساءل: ما هو دور العرب أنفسهم فى هذا السقوط؟
- أعود إلى كلامي عن انهيار المشروع العربي كما نراه الآن - وبصفة عامة - هو موضوع له أسباب كثيرة، وهو يستحق بحثا أوسع وأعمق أكثر في مجال آخر غير لقائنا اليوم.
فإذا عُدنا إلى سياقنا الأًصلي فإن أحدا لا يستطيع إنكار أن النظام العربي راح يهتز منذ سنين، ثم يتآكل ويتداعى، وهذه عملية بدأت للدقة مع خروج مصر من العالم العربي بصلح منفرد مع إسرائيل - ثم تواصلت مع حرب أهلية في لبنان - ثم مع حرب ضد إيران - ثم مع غزو للكويت - ثم مع تدمير للعراق - ثم مع جهالة ليس لها نظير في إدارة القضية الفلسطينية، والقائمة طويلة، وأظهرها حماقات زادت عن الحد هنا وهناك في العالم العربي، وأثار بعضها من الاستهانة والاستهتار أكثر مما أثار من الاحترام والاعتبار، والأمثلة أمامنا.
وكذلك حلت مرحلة سقوط الأطلال، وإزاحة ما تهاوى من شظايا وبقايا.
وهذا بالضبط ما نراه الآن، ومعه وبالطبع فقد تفتحت الأبواب والنوافذ في المنطقة على مصراعيها لشيء مختلف، هو يقينا غير عربي، وهو على الارجح سيظل معنا إلى زمن طويل!
لا الطبيعة ولا التاريخ يصح فيهما فراغ، وإذا لم يستطع أهل منطقة ولا أهل عصر أن يملأوا فضاءها وفضاءه، فسوف تندفع القوى الأقرب لملء الفراغ، وهذا بالضبط ما يحدث الآن، العرب ينسحبون، وآخرون يتقدمون حاملين أسماء أخرى، وعلامات أخرى، وبيارق أخرى، ومبادئ ومطالب أخرى.
- هؤلاء الذين يتقدمون بينما ينسحب العرب. ماذا يفعلون تحديدا مع الملف الفلسطيني؟
- أكاد أرى حتى من مقعدي في هذا المكتب أن هناك حركة نشيطة تجري في مواقع صنع القرار في عواصم مؤثرة وفاعلة - ملفات جديدة تطرح وملفات غيرها تُرفع - وخرائط جديدة تجيء، وخرائط غيرها تطوى.
ملف الصراع "العربي - الإسرائيلي" مثلا يُزاح من اهتمامات البيت الأبيض، ويُحال إلى لجنة فرعية في الأمم المتحدة.
ملف التفاوض "الفلسطيني - الإسرائيلي" مثلا يخرج من مكتب "هيلاري كلينتون" (وزيرة الخارجية الأمريكية)، ليذهب إلى فندق "الكوخ" السويسري Swiss Cottage في القدس، حيث مكتب "توني بلير" الذي عُهد إليه بتمثيل اللجنة الرباعية فى إدارة مفاوضات السلام في الشرق الأوسط، وهو في الحقيقة مجرد قناع ظاهر، لأن الذي يمسك بالملف فعلا هو "دنيس روس" موظف الخارجية الأمريكية الغامض، الذي أشرف منذ سنوات على كتم أنفاس أهم قضايا العرب.
وإذا كان هناك من يريد أن يعرف إلى أين وصلت قضية القضايا العربية وهي "فلسطين"، فعليه أن يطلع على مذكرة عمل طرحها "توني بلير" و"دنيس روس" على الدول الأعضاء فى الرباعية لمواجهة ما يطلبه الفلسطينيون من الأمم المتحدة، من الاعتراف بفلسطين دولة عضوا في الأمم المتحدة.
الاقتراح عُرض ونوقش جديا في عواصم كبرى.
مؤداه:
أنه بدلا من دولة فلسطينية كاملة العضوية فى الأمـم المتحدة فانهم يعرضون ماسموه "خيار الفاتيكان" Vatican option، دولة مُعترف بها، لكنها ليست عضوا في الأمم المتحدة - وذلك وضع الفاتيكان.
وحاول "توني بلير" و"دنيس روس" إقناع عواصم كثيرة والمنطق أنه:
بدلا اعتراض أمريكا ـ فيتو ـ على دولة فلسطينية عضو في الأمم المتحدة.
وبدلا من إغضاب الولايات المتحدة والغرب.
لماذا لا يقبل الفلسطينيون الآن حلا مؤقتا يرضى طموحاتهم فى دولة أو بمعنى أدق نصف دولة يعترف بها العالم ولكنها ليست دولة أو لها حدود نصف دولة يعترف بها العالم، والولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا على استعداد للاعتراف بمثل هذا الحل الذي يوفق بين مطالب الجميع.
ومع أن لدي شخصيا بعض التخوف من فكرة إعلان دولة فلسطينية بغير ضمانات محددة لحقوق اللاجئين وحق العودة تواجه حقوقا أساسية سوف تظل عالقة بعدها: القضية الرئيسية لفلسطين وكافة جوانبها؟! - حقوق اللاجئين وحق العودة - وداعى التخوف من أن تتحول الدولة الفلسطينية المقترحة أمام إسرائيل إلى دولة أمام دولة، ثم إن ما بينهما ساعتها مجرد مشكلة خلاف على حدود.
ومن حسن الحظ أن البعض تنبهوا إلى أن خيار الفاتيكان خيار مراسمي، وليس خيارا سياسيا، بمعنى أنه ينشئ شبه هيئة تُسمى نصف دولة، لاتتعدى سياستها جدران المسجد الأقصى في القدس حتى وإن رفعوا عليه علما عربيا أو اسلاميا وهو ما لا تمانع فيه إسرائيل، ثم إن المشكلة تنتهي به، وبدلا من الانتقال من نصف دولة إلى دولة، فإن قضية فلسطين سوف تُصفى ويلقى بها على الرصيف المجاور لحائط المسجد، وهناك تستطيع أن تعيش على صدقات المارة والعابرين!
وذلك تجديد في الفكر السياسي لا يتجاسر عليه إلا رجل مثل "توني بلير"، وآخر من طراز "دنيس روس"!
- القضية الفلسطينية ـ على ما يبدو ـ ليست وحدها التى تتعرض للتصفية. ماذا عن قضايا العرب الأخرى؟
- ملفات كثيرة أخرى تُزاح، ومع الملفات صور رجال ونساء أدوا أغراضهم، واستهلكوا فائدة وجودهم، وكعادة القوى الكبرى في التاريخ لا يهمها إطالة النظر إلى ألبومات الصور القديمة، وكذلك تلقى إلى سلال المهملات صور رجال كانوا ملء الساحة في الشرق الأوسط وفي العالم العربي.
فوق الملفات والصور، أكاد أرى الآن أن خرائط كانت معلقة على الجدران ترفع الآن وتُطوى، لأن المشاهد اختلفت: المواقع العصية تأدبت أو يجري تأديبها - والمواقع الضائعة استعيدت، أو أنها تُستعاد الآن.
وكل ذلك تمهيد لفصل في شرق أوسط يُعاد الآن تخطيطه وترتيبه وتأمينه، حتى لا يفلت مرة أخرى كما حدث عندما راود العرب حلم مشروعهم القومي، وتبدى لسنوات كأن هذا المشروع القومي العربي هو شكل المستقبل!
- في إطار رؤيتك الثاقبة الراصدة لما يجرى على الساحة من هم اللاعبون الرئيسيون وماهى مشروعاتهم؟
- على الساحة الآن وبالتحديد 3 مشروعات ونصف!
الأول مشروع غربي يبدو مصمما ولديه فعلا من أدوات الفعل والتأثير ما يشجع طلابه - والثاني مشروع تركي يبدو طامحا - والثالث مشروع إيراني يؤذن من بعيد على استحياء - ثم أخيرا نصف مشروع أو شبح مشروع إسرائيلي يتسم بالغلاظة، وأقول إنه شبح مشروع، لأنه فيما أرى بلا مستقبل على المدى البعيد، وهذه قضية معقدة نناقشها فيما بعد، رغم أن هذا الشبح الإسرائيلي يبدو متشجعا هذه اللحظة وكأنه يتمدد، لكني أظن أن ما تراه إسرائيل نوعا من خداع البصر، سببه في الغالب هذه الحركة السريعة لتهاوي المشروع العربي والفراغ الواسع في المنطقة بعد سقوطه.
شيء وحيد يقلق إسرائيل الآن، وهو المخاوف من أن ما يجري الآن في مصر يؤثر على ما يُسمى "معاهدة سلام"
23 سبتمبر 2011
في الجزء الثالث والأخير من حواره مع «الأهرام»، أطل الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل على مشهد الربيع العربي قائلا: إن ما نراه في هذه اللحظة هو مشروع قومي يتهاوى، وبقاياه تجرى إزاحتها الآن، كما أن هناك مشروعات أخرى تتسابق إلى ملء الفراغ.
ولاحظ الأستاذ هيكل أننا أمام «سايكس بيكو» جديدة تحل محل القديمة ومصر بعيدة ومشغولة بأحداث اللحظة الآنية.
وأوضح هيكل فكرته قائلا: «سايكس بيكو» الأولى كانت تقسيما للعالم العربي بين انجلترا وفرنسا، وكانت تركيا العثمانية هي أولى الضحايا وقبلها العرب، أما «سايكس بيكو» الثانية، فهى تقسيم لإرث مشروع قومي عربى لصالح تحالف أمريكى ـ أوروبي، وضحاياه كلهم عرب!
وأشار إلى أن المطروح على الساحة الآن 3 مشروعات وشبح مشروع. الأول غربي يبدو مصمما ولديه أدواته، والثاني تركي طموح، أما الثالث فهو إيراني يؤذن من بعيد على استحياء، ثم أخيرا شبح مشروع إسرائيلي يتسم بالغلاظة ولا مستقبل له.
وتطرق الأستاذ إلى الأوضاع في ليبيا قائلا: ما يجرى تقسيمه هو النفط وفوائضه، وتساءل: إذا كان نظام القذافي غير معقول. أليس استدعاء تدخل أجنبي عسكري غير مقبول؟!
واستطرد هيكل قائلا: "القذافي كان من الحق أن يسقط ولكن الشعب الليبي هو من كان يجب أن يتحمل هذه المسئولية. باختصار حلف الأطلنطي لا يحرر بلدا أو شعبا، وإنما يسيطر على شعب وعلى بلد".
ونبه الكاتب الكبير إلى أن التغيير في سوريا قد يكون مطلوبا، لكنه في هذه اللحظة مزعج، مشيرا إلى أن إنذارات بعض الدول العربية لدمشق تبدو وكأنها تمهد الطريق لتدخل عسكري دولي.
وعن علاقة مصر بما يجرى، قال هيكل: ما يقلقني في هذه الساعة هو أن مصر في هذه الظروف كلها تبدو مستغرقة بالكامل في أحوالها وأحداث اللحظة الآنية داخلها.
- عندما وصل الحوار مع الأستاذ الكبير محمد حسنين هيكل إلى شواطئ الربيع العربي، كان الوقت المخصص لنا قد انتهى أو كاد، بعد أن استهلكنا معظم ساعات الحوار في التعرف على قراءة الأستاذ للمشهد المصري ورؤيته لما يحدث في بر مصر الآن.
إلا أن الأستاذ كان كريما ـ كعادته دائما مع الأهرام ـ إذ أصر على أن يمدد الوقت المخصص لنا قائلا: كل أسئلتكم مرحب بها فهاتوا ما لديكم.
وإذا كان الأستاذ قد نبهنا ـ عند قراءته المشهد المصري ـ إلى أهمية الخريطة لكى نفهم ماذا يجري ولماذا، فإنه بدا أكثر اهتماما بالخريطة عندما شرع في الإجابة على أسئلتنا الخاصة بالربيع العربي، وأخرج لنا خريطة كاشفة تظهر تقسيم مناطق النفوذ فى العالم العربي بنهاية الحرب العالمية الأولى بين انجلترا وفرنسا فيما عرف باتفاقية «سايكس بيكو».
ولم يكتف الأستاذ بذلك، بل أخذ قلما وورقة بيضاء ليرسم لنا خريطة العالم العربي حاليا وكيف يعيد الغرب إنتاج «سايكس بيكو» جديدة لتقسيم العالم العربي، قائلا: «التقسيم في المرة الأولى كان تقسيما جغرافيا وتوزيع أركان، لكن التقسيم هذه المرة تقسيم موارد ومواقع».
وقد بدا الكاتب الكبير ـ خلال الحوار ـ مهموما شاعرا بالأسى لما يجرى في العالم العربي ومحاولات تقسيمه والانقضاض على مشروعه القومي الذي عاصره الأستاذ في مراحله الأولى وفي ذروة نجاحه حتى وصل إلى تلك اللحظة الحزينة.
ما سبق ليس مقدمة، لأن كلام الأستاذ لا يحتاج إلى مقدمات، بل مجرد حاشية أو هامش.
فإلى الحوار:
- كيف ترى «طقوس» الربيع العربي. هل هو نهاية لمشروع نظام عربى قديم أم هو «تنقيح» له؟
- ما نراه الآن ليس مجرد الربيع العربي تهب نسماته على المنطقة، وليس مجرد عاصفة تقتحم أجواءه برياحها وغبارها وعتمتها، وإنما هو في ذات الوقت تغيير إقليمي ودولي سياسي، يتحرك بسرعة كاسحة على جبهة عريضة، ويحدث آثارا عميقة، وأيضا محفوفة بالخطر!
ما نراه الآن هو إزاحة وتصفية وكنس بقايا وعوالق مشروع نظام عربي، حاول عدد من رواد النهضة في هذه الأمة أن يبشروا به، وحاول ساسة على مسار هذه النهضة أن يمهدوا له، وحاولت شعوب كثيرة أن تقيم أعمدته - بعد غيبة عربية طويلة عن التاريخ، وقد تبدى في بعض سنين الخمسينيات والستينيات والسبعينيات من القرن العشرين أن هذا المشروع العربي قابل للبقاء وقابل للنجاح، ثم فجأة تخلى العرب عن مشروعهم، حين استجدت ظروف ومتغيرات، وبعد التخلي بدأ التراجع، وراحت تداعيات هذا التراجع تظهر يوما بعد يوم، وتحدث آثارها، حتى جاءت لحظة السقوط النهائي، فإذا المشروع يتهاوى كتلا وأحجارا وعوالق وزوائد، لم تكن في الحقيقة تمثله أو تعبر عنه، لأنها كانت رواسب مرحلة.
وهذا ما نراه هذه اللحظة: مشروع قومي يتهاوى، وبقاياه تجري إزاحتها الآن، كما أن هناك مشروعات أخرى تتسابق إلى الفراغ، بعد أن أضاع ذلك المشروع مكانه وزمانه.
- إذا كان المشروع القومى العربى يتهاوى الآن. فما هي نقطة البداية لهذا الانهيار أو السقوط؟
- يمكن أن نتوقف هنا لحظة لإيضاح أنبه به إلى أن المشروع لم يسقط كما يظن بعضنا نتيجة لضربة 1967، فكل المشروعات التاريخية الكبرى - وفيها المشروع الأمريكي - وفيها المشروع الأوروبي - وفيها المشروع الآسيوي - وغيرها خاضت الحروب، وتلقت الضربات، وتحملت النكسات، لكن مشروعاتها بقيت، دافعت عن نفسها، وواصلت دورها.
ثم إن المشروع العربي ذاته بعد ضربة 67 استعاد إرادته وقدراته، وخاض معركة سنة 1973، وأثبت - خصوصا في الأيام العشرة الأولى من تلك المعركة - أن بنيانه على ما فيه من ثغرات - قادر بموارده وإرادة شعوبه، وبجيوشه وتحالفاته - على الصمود.
وكذلك - وعلى نفس السياق فإنه ليس دقيقا إن يُقال أن المشروع العربي وقع مع نسف برجي التجارة في "نيويورك" 11 سبتمبر 2001، لأن هذه الحادثة مع بشاعتها، لا يتحملها العرب، وإذا كان شباب من المسلمين قاموا بها - حسب ما هو ظاهر - فإن المسئولية تعود إلى من حاولوا إعدادهم وتوظيفهم في حرب باسم "الجهاد الإسلامي" ضد الإلحاد الشيوعي في أفغانستان - كما قالوا.
وقد أضيف أن حادثة نيويورك - مع أنها كانت صدمة إنسانية وسياسية كبرى - إلا أنها لم تكن العملية الإرهابية الأكبر والأخطر في زمانها.
وفي الحقيقة فإن العملية الإرهابية الأكبر والأخطر في العصر الحديث لم تكن من صنع عشرة أو عشرين رجلا خطفوا ثلاث طائرات، حوَّلوها إلى قنابل بشرية قتلت مئات الأبرياء.
وإنما الأخطر مما حدث في سبتمبر 2001 هو ما حدث في "نيويورك" أيضا بعد ست سنوات أي في 2007، إرهاب قام به خمسون أو ستون فردا من رؤساء البنوك الكبرى، استهتروا واستغلوا وتصرفوا بما أدى إلى انهيار الأسواق المالية في العالم، وتهاوي الأحوال الاقتصادية، وإفلاس وصل بالاقتصاد الدولي كله إلى حافة الخراب!
بمعنى أن حوادث "نيويورك" مع آلامها الإنسانية مثلها مثل أي حادث من الحوادث البشعة المشهورة، كغرق عبَّارة في البحر الأحمر مثلا - أو مثل نسف عمارة آهلة بالسكان في "أوكلاهوما"، وغيرها يمكن استيعابه عذابا إنسانيا وألما، وأما ما جرى للاقتصاد العالمي فهو كارثة أصابت كل الأوطان وكل البلدان في حاضرها وفي مستقبلها وإلى زمان طويل، تستعصي آثاره على حساب مدخرات الشعوب!
والواقع رغم المفارقة في هذا الواقع - أنه إذا كان زعيم القاعدة "أسامة بن لادن" إرهابيا - فإن "آلان جرينسبان" رئيس البنك الفيدرالي الأمريكي سابقا وخمسين أو ستين معه من رؤساء البنوك - تصرفوا بما أدى إلى إرهاب أكثر وحشية، لأن وحشية خراب على مستوى العالم أكبر من وحشية الدمار، حين تتعرض لها مدينة - حتى وإن كانت «نيويورك»! «عندما أثرت هذه المسألة في مؤتمر للمستشرقين قبل سنوات عارضنى بعضهم، والآن لعل بينهم من يعيد تقديره لما جرى وآثاره التي لاتزال حتى هذه اللحظة تروع الاقتصاد العالمى».
- لنبقى فى قضية انهيار المشروع العربي ونتساءل: ما هو دور العرب أنفسهم فى هذا السقوط؟
- أعود إلى كلامي عن انهيار المشروع العربي كما نراه الآن - وبصفة عامة - هو موضوع له أسباب كثيرة، وهو يستحق بحثا أوسع وأعمق أكثر في مجال آخر غير لقائنا اليوم.
فإذا عُدنا إلى سياقنا الأًصلي فإن أحدا لا يستطيع إنكار أن النظام العربي راح يهتز منذ سنين، ثم يتآكل ويتداعى، وهذه عملية بدأت للدقة مع خروج مصر من العالم العربي بصلح منفرد مع إسرائيل - ثم تواصلت مع حرب أهلية في لبنان - ثم مع حرب ضد إيران - ثم مع غزو للكويت - ثم مع تدمير للعراق - ثم مع جهالة ليس لها نظير في إدارة القضية الفلسطينية، والقائمة طويلة، وأظهرها حماقات زادت عن الحد هنا وهناك في العالم العربي، وأثار بعضها من الاستهانة والاستهتار أكثر مما أثار من الاحترام والاعتبار، والأمثلة أمامنا.
وكذلك حلت مرحلة سقوط الأطلال، وإزاحة ما تهاوى من شظايا وبقايا.
وهذا بالضبط ما نراه الآن، ومعه وبالطبع فقد تفتحت الأبواب والنوافذ في المنطقة على مصراعيها لشيء مختلف، هو يقينا غير عربي، وهو على الارجح سيظل معنا إلى زمن طويل!
لا الطبيعة ولا التاريخ يصح فيهما فراغ، وإذا لم يستطع أهل منطقة ولا أهل عصر أن يملأوا فضاءها وفضاءه، فسوف تندفع القوى الأقرب لملء الفراغ، وهذا بالضبط ما يحدث الآن، العرب ينسحبون، وآخرون يتقدمون حاملين أسماء أخرى، وعلامات أخرى، وبيارق أخرى، ومبادئ ومطالب أخرى.
- هؤلاء الذين يتقدمون بينما ينسحب العرب. ماذا يفعلون تحديدا مع الملف الفلسطيني؟
- أكاد أرى حتى من مقعدي في هذا المكتب أن هناك حركة نشيطة تجري في مواقع صنع القرار في عواصم مؤثرة وفاعلة - ملفات جديدة تطرح وملفات غيرها تُرفع - وخرائط جديدة تجيء، وخرائط غيرها تطوى.
ملف الصراع "العربي - الإسرائيلي" مثلا يُزاح من اهتمامات البيت الأبيض، ويُحال إلى لجنة فرعية في الأمم المتحدة.
ملف التفاوض "الفلسطيني - الإسرائيلي" مثلا يخرج من مكتب "هيلاري كلينتون" (وزيرة الخارجية الأمريكية)، ليذهب إلى فندق "الكوخ" السويسري Swiss Cottage في القدس، حيث مكتب "توني بلير" الذي عُهد إليه بتمثيل اللجنة الرباعية فى إدارة مفاوضات السلام في الشرق الأوسط، وهو في الحقيقة مجرد قناع ظاهر، لأن الذي يمسك بالملف فعلا هو "دنيس روس" موظف الخارجية الأمريكية الغامض، الذي أشرف منذ سنوات على كتم أنفاس أهم قضايا العرب.
وإذا كان هناك من يريد أن يعرف إلى أين وصلت قضية القضايا العربية وهي "فلسطين"، فعليه أن يطلع على مذكرة عمل طرحها "توني بلير" و"دنيس روس" على الدول الأعضاء فى الرباعية لمواجهة ما يطلبه الفلسطينيون من الأمم المتحدة، من الاعتراف بفلسطين دولة عضوا في الأمم المتحدة.
الاقتراح عُرض ونوقش جديا في عواصم كبرى.
مؤداه:
أنه بدلا من دولة فلسطينية كاملة العضوية فى الأمـم المتحدة فانهم يعرضون ماسموه "خيار الفاتيكان" Vatican option، دولة مُعترف بها، لكنها ليست عضوا في الأمم المتحدة - وذلك وضع الفاتيكان.
وحاول "توني بلير" و"دنيس روس" إقناع عواصم كثيرة والمنطق أنه:
بدلا اعتراض أمريكا ـ فيتو ـ على دولة فلسطينية عضو في الأمم المتحدة.
وبدلا من إغضاب الولايات المتحدة والغرب.
لماذا لا يقبل الفلسطينيون الآن حلا مؤقتا يرضى طموحاتهم فى دولة أو بمعنى أدق نصف دولة يعترف بها العالم ولكنها ليست دولة أو لها حدود نصف دولة يعترف بها العالم، والولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا على استعداد للاعتراف بمثل هذا الحل الذي يوفق بين مطالب الجميع.
ومع أن لدي شخصيا بعض التخوف من فكرة إعلان دولة فلسطينية بغير ضمانات محددة لحقوق اللاجئين وحق العودة تواجه حقوقا أساسية سوف تظل عالقة بعدها: القضية الرئيسية لفلسطين وكافة جوانبها؟! - حقوق اللاجئين وحق العودة - وداعى التخوف من أن تتحول الدولة الفلسطينية المقترحة أمام إسرائيل إلى دولة أمام دولة، ثم إن ما بينهما ساعتها مجرد مشكلة خلاف على حدود.
ومن حسن الحظ أن البعض تنبهوا إلى أن خيار الفاتيكان خيار مراسمي، وليس خيارا سياسيا، بمعنى أنه ينشئ شبه هيئة تُسمى نصف دولة، لاتتعدى سياستها جدران المسجد الأقصى في القدس حتى وإن رفعوا عليه علما عربيا أو اسلاميا وهو ما لا تمانع فيه إسرائيل، ثم إن المشكلة تنتهي به، وبدلا من الانتقال من نصف دولة إلى دولة، فإن قضية فلسطين سوف تُصفى ويلقى بها على الرصيف المجاور لحائط المسجد، وهناك تستطيع أن تعيش على صدقات المارة والعابرين!
وذلك تجديد في الفكر السياسي لا يتجاسر عليه إلا رجل مثل "توني بلير"، وآخر من طراز "دنيس روس"!
- القضية الفلسطينية ـ على ما يبدو ـ ليست وحدها التى تتعرض للتصفية. ماذا عن قضايا العرب الأخرى؟
- ملفات كثيرة أخرى تُزاح، ومع الملفات صور رجال ونساء أدوا أغراضهم، واستهلكوا فائدة وجودهم، وكعادة القوى الكبرى في التاريخ لا يهمها إطالة النظر إلى ألبومات الصور القديمة، وكذلك تلقى إلى سلال المهملات صور رجال كانوا ملء الساحة في الشرق الأوسط وفي العالم العربي.
فوق الملفات والصور، أكاد أرى الآن أن خرائط كانت معلقة على الجدران ترفع الآن وتُطوى، لأن المشاهد اختلفت: المواقع العصية تأدبت أو يجري تأديبها - والمواقع الضائعة استعيدت، أو أنها تُستعاد الآن.
وكل ذلك تمهيد لفصل في شرق أوسط يُعاد الآن تخطيطه وترتيبه وتأمينه، حتى لا يفلت مرة أخرى كما حدث عندما راود العرب حلم مشروعهم القومي، وتبدى لسنوات كأن هذا المشروع القومي العربي هو شكل المستقبل!
- في إطار رؤيتك الثاقبة الراصدة لما يجرى على الساحة من هم اللاعبون الرئيسيون وماهى مشروعاتهم؟
- على الساحة الآن وبالتحديد 3 مشروعات ونصف!
الأول مشروع غربي يبدو مصمما ولديه فعلا من أدوات الفعل والتأثير ما يشجع طلابه - والثاني مشروع تركي يبدو طامحا - والثالث مشروع إيراني يؤذن من بعيد على استحياء - ثم أخيرا نصف مشروع أو شبح مشروع إسرائيلي يتسم بالغلاظة، وأقول إنه شبح مشروع، لأنه فيما أرى بلا مستقبل على المدى البعيد، وهذه قضية معقدة نناقشها فيما بعد، رغم أن هذا الشبح الإسرائيلي يبدو متشجعا هذه اللحظة وكأنه يتمدد، لكني أظن أن ما تراه إسرائيل نوعا من خداع البصر، سببه في الغالب هذه الحركة السريعة لتهاوي المشروع العربي والفراغ الواسع في المنطقة بعد سقوطه.
شيء وحيد يقلق إسرائيل الآن، وهو المخاوف من أن ما يجري الآن في مصر يؤثر على ما يُسمى "معاهدة سلام"