مشاهدة النسخة كاملة : ماذا جاء حول كتاب (فدك في التاريخ) للامام الشهيد السيد محمد باقر الصدر رحمه الله
alyatem
15-03-2013, 05:16 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
واللعنة الدائمة على أعدائهم ومناوئيهم وغاصبي حقوقهم أجمعين
الى قيام يوم الدين
http://www.yahosein.com/vb/attachment.php?attachmentid=9034&d=1305942021
ماذا جاء حول كتاب فدك في التاريخ
للامام الشهيد السيد محمد باقر الصدر قدّس الله روحه
http://www.yahosein.com/vb/attachment.php?attachmentid=12475&stc=1&d=1361714550
ذكر السيد كاظم الحائري في كتابه
(الشهيد الصدر سمو الذات وسمو الموقف) ص 78:
http://www.yahosein.com/vb/attachment.php?attachmentid=8945&stc=1&d=1305154513
http://www.yahosein.com/vb/attachment.php?attachmentid=8947&stc=1&d=1305154727
والكتاب مقتبس من المقدمة التي وضعها السيد الحائري لكتاب
مباحث الاصول تقريرات الابحاث الاصولية للسيد الشهيد الصدر رحمه الله،
يقول حفظه الله:
http://www.yahosein.com/vb/attachment.php?attachmentid=8946&stc=1&d=1305154513
http://www.yahosein.com/vb/attachment.php?attachmentid=8972&d=1305558566
وفي التأريخ كتب [يقصد السيد الشهيد محمد باقر الصدر] تأريخاً تحليليّاً عن قِصّة (فدك)، وكان عمره - وقتئذ - نحو سبع عشرة سنة، وترى في هذا الكتاب - الذي يمثّل السنين الاولى من بلوغه سنّ التكليف - ما يعجبك من روعة التأليف، وعمق التحقيق والتدقيق، وممّا يزيدك إعجاباً بهذا الكتاب أنّه جاء فيه بالمناسبة بعض المناقشات الفقهيّة الدقيقة لما ورد في كلمات أكابر الفقهاء، وهذا ما لا يصدر عادة إلّا عن العلماء المحقّقين الكبار في سنين متأخّرة من أعمارهم الشريفة.
فلقد ناقش في كتاب (فدك) ما وقع من بعض أكابر العلماء كصاحب الجواهر من الاستدلال على نفوذ علم القاضي بكون العلم أقوى من البيّنة المعلوم إرادة الكشف منها، ناقش ذلك بقوله:
«والاحظ أنّ في هذا الدليل ضعفاً ماديّاً؛ لأنّ المقارنة لم تقم فيه بين البيّنة وعلم الحاكم بالإضافة إلى صلب الواقع، وإنّما لوحظ مدى تأثير كلٍّ منهما في نفس الحاكم، وكانت النتيجة - حينئذ - أنّ العلم أقوى من البيّنة؛ لأنّ اليقين أشدّ من الظنّ، وكان من حقّ المقارنة أن يلاحظ الأقرب منهما إلى الحقيقة المطلوب مبدئيّاً الأخذ بها في كلّ مخاصمة، ولايفضّل علم الحاكم في هذا الطور من المقايسة على البينة؛ لأنّ الحاكم قد يخطأ كما أنّ البيّنة قد تخطأ، فهما في شرع الواقع سواء، كلاهما مظنّة للزلل والاشتباه».
وأيضاً ذكر المرحوم الشيخ آقا ضياء العراقيّ - الذي يعتبر من أكابر المحقّقين في العصر المتأخر - ذكر في كتابه ردّاً على من استدلّ لنفوذ علم القاضي بأدلّة القضاء بالحقّ والعدل:
«أنّه قد يكون المراد بالحقّ والعدل هو الحقّ والعدل وفق مقاييس القضاء، لا الحقّ والعدل وفق الواقع، وكون علم القاضي من مقاييس القضاء أوّل الكلام»
واستشهد على ذلك بالرواية الدالّة على عقاب رجل قضى بالحقّ وهو لا يعلم، ببيان: أنّه لو كان موضوع القضاء هو الحقّ الواقعيّ لا الحقّ وفق مقاييس القضاء، لكان قضاء من قضى بالحقّ - وهو لايعلم - صحيحاً وضعاً وتكليفاً، ولاعقاب عليه إلّا بملاك التجرّي.
وأورد عليه استاذنا الشهيد في كتاب (فدك) أنّ هذه الرواية لاتدلّ على عدم موضوعيّة الواقع للحكم، غاية ما هناك أن نقيّد الأدلّة التي ظاهرها كون موضوع الحكم هو الحقّ والعدل الواقعيين بالعلم، بمقتضى دلالة هذه الرواية على عقاب من قضى من دون علم، فيصبح الواقع جزءَ موضوع، والعلم به جزءاً آخر للموضوع، ولابأس بذلك.
وعلى أيّة حال، فهذا كتاب تاريخيّ تحليليّ بديع عن قِصّة واحدة من التأريخ، وهي قِصّة (فدك).
هذا، وبعد رَدح من الزمن جاءت لُاستاذنا الشهيد أبحاث في منتهى الروعة في تحليل تأريخ حياة أئمّتنا الأطهار من زاوية عملهم لإعلاء كلمة الله على وجه الأرض، كان يلقيها على طلّابه في أيّام وفيات الأئمّة كاطروحة شاملة متناسقة لكلِّ أئمّة أهل البيت في المنهج الذي نهجوه لخدمة الإسلام الحنيف.
وجميع أبحاثه ترى فيها إضافةً إلى الدقّة والعمق مع السعة والشمول منهجيّةً فنيّةً رائعةً في طريقة العرض.
alyatem
15-03-2013, 05:16 AM
ويقول استاذي السيد علي اكبر الحائري حفظه الله تعالى ورعاه
وهو أحد تلامذة الامام الشهيد قدس الله روحه
في كتابه (حياة الشهيد الصدر) ص 29:
http://www.yahosein.com/vb/attachment.php?attachmentid=12476&stc=1&d=1361717671
ولم يكتف (رحمه الله) في تلك المدة القصيرة بالتحصيل العلمي فقط، بل قام بدور الانتاج العلمي أيضاً، فقد ألّف في تلك الفترة كتابه القيم (غاية الفكر في علم الاصول) الذي طبع منه جزء واحد في سنة (1374 هـ [= 1953]) وقد ذكر في مقدمته أنه بدأ بتأليفه قبل ثلاثة سنين تقريباً. كما ألّف أيضاً في تلك الفترة كتابه الاخر (فدك في التاريخ) الذي طبع في سنة (1374 هـ) أيضاً، ويحتوي على مطالب علمية عميقة رغم كونه معداً لبحث تأريخي. كما أنه ألف كتابه المعروف (فلسفتنا) في نهاية تلك الفترة، حيث إنه طبع في سنة (1379 هـ) وهي السنة التي انتهى فيها من دراساته العلميّة.
وقد أشار المرحوم الشيخ آقا بزرك الطهراني (رضوان الله تعالى عليه) إلى فضيلته العلميّة وبعض آثاره في تلك الفترة، وذلك في ترجمة حياة والده (المرحوم حيدر الصدر رحمه الله) حيث قال:
«خلف (رحمه الله) ولدين: (السيّد إسماعيل، السيّد محمد باقر) وهما من الفضلاء المشتغلين بطلب العلم في النجف الأشرف، ولا سيما الثاني، فقد طبع من آثاره (غاية الفكر) في مبحث الاشتغال، و (فدك في التاريخ) حفظهما الله وزاد في توفيقهما» [انظر: القسم الثاني من الجزء الأول من (نقباء البشر في القرن الرابع عشر) من (طبقات أعلام الشيعة) للمرحوم البحّاثه الشهير آقا بزرك الطهراني (رضوان الله تعالى عليه) ص 684]
أجل هذا هو تاريخ تحصيله العلمي الذي بلغ فيه إلى ما يستحيل بلوغه عادةً لدى متعارف الناس، وأنا أعتقد أنه (رحمه الله) إنما بلغ تلك المرتبة العلميّة الرفيعة في تلك المدة القصيرة واستطاع إن يقوم إلى جنب ذلك بدور الإنتاج العلمي أيضاً لا بفضل نبوغه وعبقريته الذاتية فحسب، بل بفضل جهده وتضحيته وعمله الدؤوب إلى جنب ذلك النبوغ وتلك العبقرية الباهرة، فهذا هو المرحوم السيّد عبد الغني الأردبيلي (رحمه الله) يقول عنه:
«إنه كان يستثمر من كلّ يوم ست عشرة ساعة لتحصيل العلم، فمن حين استيقاظه من النوم في اليوم السابق إلى ساعة النوم في اليوم.
alyatem
15-03-2013, 05:18 AM
ويقول الباحث الاسلامي وأحد الذين أرّخوا لحياة الشهيد الصدر رحمه الله بصورة منهجية، السيد محمد الحسيني في كتابه (الإمام الشهيد السيّد محمّد باقر الصدر دراسات في سيرته ومنهجه) ص 145: تحت عنوان (مفسرا) :
لقد كان السيد الشهيد «قده» مفسراً ذا أفق بعيد ومنهج تفسيري جديد انعكست فيه المعالم ذاتها التي تقدّم ذكرها والتي تتميز بها مدرسة الشهيد «قده».
وقد يبدو غريباً لأول وهلة وصف السيد الشهيد «قده» مفسراً لمن يجعل إطلاق هذا الوصف وعدمه مرتبطاً يدور مدار التصنيف في علم التفسير، فالشهيد «قده» لم يصنّف تفسيراً سوى ما خلّفه للأمة الإسلامية من كتابات ومقالات ومحاضرات، بيد إنها كافية لأن تضعه في مقدمة علماء التفسير؛ لأنه صاحب مدرسة جديده في التفسير وهو (التفسير الموضوعي) الذي أشاد معالمه «قده» إلى جانب آرائه القيّمة المتناثرة هنا وهناك.
ولذلك سأعمد إلى اقتطاف ما سجّله السيد الشهيد «قده» من التفاتات رائعة في تفسير القرآن الكريم.
ويضيف الحسيني في ص 149:
وقد تناول السيد الشهيد «قده» بعض الآيات القرآنية بالتفسير في مناسبات مختلفة ضمن بحوث مختلفة أو محاضرات ألقاها على طلبته، وان مراجعة هذه التفاسير يظهر النفس القرآني المتمّيز في فهم الآيات المباركات. نذكر كنموذج منها:
في كتابه «فدك في التاريخ" الذي صنفه وهو في السابعة عشرة من عمره الشريف وفي تفسير قوله تعالى وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِن وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا* يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا يؤكد السيد «قده» حقيقة أن الإرث المقصود في الآية هو ارث المال لا ارث العلم كما يدعيه البعض، ليصح الاستدلال به في مقام إثبات ارث الزهراء من أبيها بشأن قضية فدك، ولذلك يعمد السيد «قده» إلى إثبات هذه الحقيقة ولكن بأسلوب فلسفي هذه المرة فيقول:
«.. والإرث في الآية بمعنى ارث المال؛ لأنه هو الذي ينتقل حقيقة من الموروث إلى الوارث، وأما العلم والنبوة فلا ينتقلان انتقالًا حقيقيا، وامتناع انتقال العلم على نظرية اتحاد العاقل والمعقول واضح كل الوضوح، وأما إذا اعترفنا بالمغايرة الوجودية بينهما فلا ريب في تجرّد الصور العملية وإنها قائمه بالنفس قياماً صدورياً بمعنى إنها معلولة للنفس، والمعلول الواحد بحسب الذات - لا بمجرد الاتصال فقط - متقوم بعلته ومرتبط الهوية بها فيستحيل انتقاله إلى علّة أخرى، ولو افترضنا أن الصور المدركة أعراض وكيفيات قائمة بالمدرك قياماً حلولياً فيستحيل انتقالها؛ لاستحالة انتقال العرض من موضوع إلى موضوع كما برهن عليه في علم الفلسفة، سواء أقلنا بتجردها أو بماديتها، بأن اعترافنا باشتمال الصور المدركة على الخصائص العامة للمادة من قابلية الانقسام ونحوها. وإذن فالعلم يستحيل انتقاله في حكم المذاهب الفلسفية الدائرة حول الصور العلمية جميعاً» [فدك في التاريخ ص134]
وقد حاول بعض المفسرين أن ينتصر للخليفة الأول ففسّر كلمة الإرث في كلام زكريا بإرث النبوة لأن يحيي «ع» لم يرث مال أبيه لاستشهاده في حياة أبيه، فيجيب السيد الشهيد «قده» على هذا الاعتراض بأنه متوجه على كلا التفسيرين؛ لأن يحيى كما انه لم يرث مال أبيه كذلك لم يخلفه في نبوته، وان ما يثبت له من النبوة لم يكن وراثياً. أما عن مطلوب زكريا فيقول السيد الشهيد «قده» انه سأل ربه وارثاً يرثه بعد موته ولذا قال: وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِن وَرَائِي أي بعد موتي فان كلامه يدل بوضوح على انه أراد وارثاً يخلفه ولم يرد نبياً يعاصره وإلا لكان خوفه من الموالي بعد وفاته باقياً فلابد على كل تقدير أن نوضّح الآية على أسلوب يسلم عن الاعتراض وهو أن تكون جملة يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ جواباً للدعاء بمعنى (إن رزقتني ولداً يرث) لا صفة ليكون زكريا قد سأل ربه ولياً وارثاً، فما طلبه النبي من ربه تحقق وهو الولد، وتوريثه المال أو النبوة لم يكن داخلًا في جملة ما سأل ربه وإنما كان لازماً لما رجاه في معتقد زكريا». [فدك في التاريخ ص136]
ويضيف السيد الحسيني في ص 171: تحت عنوان:
مع الشهيد الصدر مؤرخاً
لم تصرف مشاكل الفقه والأصول الشهيد الصدر «قده» عن الخوض في ميادين المعرفة الآخرى فاتسعت اهتمامات الشهيد لتشمل اكثر حقول العلم والمعارف الإنسانية، ومن ذلك ميدان التاريخ ليسجل روائع أفكاره وآرائه التي توصل إليها «قده».
ولقد كان الإمام الصدر «قده» شغوفاً بالتاريخ منذ صباه، فعالج مشكلة تاريخية من أعقد مشكلات التاريخ وهو في السابعة عشرة [مقدمة للمباحث الاصولية للحائري ص 64] من عمره وقيل في الحادية عشرة [مجلة الجهاد ص 28 عدد/ 14/ سنة 1401 هـ في حديث للسيد نورالدين الأشكوري] ولم [يقصد] يومئذ من تأليفه إلا الاحتفاظ به كمذكر لحياته الفكرية ومؤرخاً لتلك المرحلة من عمره الشريف - كما أوضحه السيد في مقدمة كتابه - ولكنه سرعان ما تقع عليه عيون ممن حوله فيرغبون في طبعه ونشره، فيذعن لرغبتهم وتحقيقاً لأمنيتهم ليظهر كتاب "فدك في التاريخ" ليبدد كل الأبحاث والدراسات التي سبقته ويحتل الصدارة في المكتبة الإسلامية بأسلوبه الموضوعي وحجته البالغة في تحقيق مسألة الخصومة التاريخية بين الخليفة الأول والزهراء (ع) بنت رسول الله «ص» التي لم تعهد المكتبة التاريخية تحقيقاً بمثل هذا التحقيق ومحاكمة بمثل هذه المحاكمة.
وقد كشف الشهيد «قده» عن حقائق تاريخية عدة في كتابه "فدك في التاريخ" وأماط اللثام عنها بلهجة علمية وأسلوب موضوعي، فتناول «قده» اكثر من محور في كتابه بما له دخل في معالجة أمر الخصومة فبحث بأروع ما يمكن معالم سياسية الخليفتين الأول والثاني تجاه أهل البيت وأوضح الأسس التي تقوم عليها [راجع فدك في التاريخ ص 69] وأسهب البحث بشكل لم يسبق له مثيل في أمر السقيفة [فدك ص 53] وكذلك عالج بحثاً من أهم البحوث التاريخية وهو أمر الفتوحات الإسلامية [راجع فدك ص 38] فألقى عليها الأضواء الكاشفة، وفي كل هذه الأبحاث تجرد عن المواقف المسبقة والعواطف الجياشة التي قد تودي بالباحث إلى متاهات مظلمة.
ولم يقتصر الشهيد «قده» على بحث الحقائق التاريخية ودراستها بلغة تاريخية صرفة، فهو المؤرخ الواعي الذي لا يسلم بالحقائق التاريخية بعيداً عن القرآن والسنة والعقل والذوق العام، فقد تناول السيد الشهيد «قده» الحديث الذي رواه الخليفة الأول في مقام رد الزهراء «ع» بالبحث والتحقيق فذكر عدة احتمالات في [راجع فدك في التاريخ ص 116] تفسير الحديث بما يبطل الاستدلال بالحديث الذي رواه الخليفة الأول لصالحة وبذلك يفقد الخليفة الأول حجته في خصومته مع الزهراء «ع».
وكذلك تناول السيد الشهيد «قده» تفسير آيات الإرث التي احتجت بها الزهراء في مقام إثبات ارث الأنبياء بشكل يؤيد دعوى الزهراء ويدحض التبريرات والتأويلات التي حاكها بعض المفسرين [فدك في التاريخ ص 134].
والحقيقة أن كتاب (فدك في التاريخ) بحث تأريخي استعمل فيه الشهيد «قده» أدوات المعرفة من تفسير وتحليل للحديث وفقه وفلسفة بما لا يجعله مجرد سرد تأريخي محض.
كيف يتعامل الشهيد مع التاريخ
لم يكن الشهيد الصدر «قده» من هواة التأليف والتصنيف ولذلك لم يترك في اكثر الحقول التي طرق أبوابها سوى مصنف أو اكثر وعدة بحوث متناثرة ومحاضرات في مناسبات مختلفة ومن ذلك حقل التاريخ الذي ترك فيه الشهيد كتابه "فدك في التاريخ" وبحوثاً ومحاضرات تاريخية قدّر لها أن تكون مصادر للبحث التاريخي.
ومن ذلك كله نسترق التعامل الصدري مع التاريخ والتعرف على مظاهر على التعامل.
يشترط «قده» إن يكون المؤرخ موضوعياً يتجرد من عاطفته ولا يقتفي أثرها ويلبي ايعازاتها؛ لأن الموضوعية إن كانت شرطاً في كل المحاكمات العلمية فأنها في المحاكمات التاريخية أوضح لذلك يقول السيد الصدر «قده»:
«إذا كان التجرد عن المرتكزات والأناة في الحكم والحرية في التفكير شروطاً للحياة الفكرية المنتجة، وللبراعة الفنية في كل دراسة عقلية مهما يكن نوعها ومهما يكن موضوعها، فهي أهم الشروط الأساسية لإقامة بناء تأريخي محكم لقضايا أسلافنا ترتسم فيه خطوط حياتهم التي صارت ملكاً للتأريخ، ويصور عناصر شخصياتهم التي عرفوها في أنفسهم أو عرفها الناس يومئذ فيهم، ويتسع لتأملات شاملة لكل موضوع من موضوعات ذلك الزمن المنصرم، يتعرف بها على لونه التاريخي والاجتماعي ووزنه في حساب الحياة العامة أو في حساب الحياة الخاصة التي يعني بها الباحث وتكون مداراً لبحثه كالحياة الدينية والأخلاقية والسياسية إلى ذلك غير ذلك من النواحي التي يأتلف منها المجتمع الإنساني بشرط أن تستمر هذه التأملات كيانها النظري من عالم الناس المنظور، لا من عالم تبتدعه العواطف والمرتكزات وينشئه التعبد والتقليد، لا من خيال مجنح يرتفع بالتوافه والسفاسف إلى الذروة ويبني عليها ما شاء من تحقيق ونتائج، لا من قيود لم يستطع الكاتب أن يتحرر عنها ليتأمل ويفكر كما تشاء له أساليب البحث العلمي النزيه» [فدك في التاريخ ص 34]
ولكن لماذا كل هذه الشروط وقد انصرم ذلك الزمن ومضى دون رجعة فقد يكون بودّ بعض الباحثين أن يغفر لأسلافه ذنوبهم وخطاياهم وقد يحلو له أن لا يأتي على ذكر شيء من سيئاتهم أو يحاول تبريرها أو تأويلها؟!
يرى السيد الشهيد «قده» إن المؤرخ ليس حراً في أن يغفر لأسلافه تحت ضغوط العاطفة والتعبد والتقليد؛ لأنه إن فعل ذلك فانه سيزوّر التاريخ ويشوّه صورته.
نعم! يحق له أن يكتب رواية يتيه فيها في عالم العواطف والخيال الخصب، وليكتب ما يشاء ويغفر ما يشاء ويحسن ما يشاء فان ذلك ملكه.
يقول السيد الشهيد:
«فإذا كنت تريد أن تكون حراً في تفكيرك، ومؤرخاً لدنيا الناس لا روائياً يستوحي من دنيا ذهنه ما يكتب فضع عواطفك جانباً أو إذا شئت فاملأ بها شعاب نفسك فهي ملكك لا ينازعك فيها أحد، واستثن تفكيرك الذي بها تعالج البحث فإنه لم يعد ملكك بعد أن اضطلعت بمسؤولية التاريخ وأخذت على نفسك أن تكون أميناً، ليأتي البحث مستوفياً لشروطه قائماً على أسس صحيحة من التفكير والاستنتاج» [فدك في التاريخ ص 35]
وغالباً ما تتصف الكتابات التاريخية بالتّجرد التاريخي المحض بل تخالف أحياناً أولى البدهيات العقلية والشرعية، أما الشهيد الصدر «قده» فتجده المؤرخ الفقيه الذي يطعمك التاريخ مشوباً بالفقه كما يبدو ذلك في مسائل تاريخية عديدة، ففي بحثه لحكم الخليفة الأول وقضائه في أمر الخصومة مع الزهراء يطرح على بساط البحث مسألة من أدق المسائل الفقهية ألا هي (مسألة جواز قضاء الحاكم بعلمه أو عدم جواز ذلك) فردَّ على أساطين العلماء فيما تعارفوا عليه وما اشتهر على ألسنتهم.
ثم يذكر السيد الحسيني ما اوردناه من كلام السيد كاظم الحائري ونقلناه آنفا.
alyatem
15-03-2013, 05:20 AM
وأمّا الاستاذ المحقق احمد ابو زيد العاملي
http://www.yahosein.com/vb/attachment.php?attachmentid=8965&d=1305390411
فقد ذكر في كتابه
(الشهيد الصدر السيرة والمسيرة في حقائق ووثائق)
ج1 ص155
http://www.yahosein.com/vb/attachment.php?attachmentid=8964&d=1305390411
وفي احداث العام 1367 هـ .ش = 1948 م
وكان عمر الشهيد الصدر 13 سنة:
تأليف (فدك في التاريخ)
يُحتمل أنّه في شهر رمضان المبارك من هذه السنة (آب/ 1946 م)، اغتنم السيّد الصدر العطلة الدراسيّة في الحوزة وألّف كتاب (فدك في التاريخ) الذي عالج فيه مشكلةً تاريخيّة من أعقد مشكلات التاريخ، وهي مشكلة (فدك).
وقد قصد السيّد الصدر يومئذٍ من تأليف هذا الكتاب التأريخ لتلك المرحلة من عمره، وقد سُئل فيما بعد عن سبب تأليف الكتاب فأجاب: «لقد ألّفتُ هذا الكتاب في مرحلة الصبا، وكنتُ أودُّ أن يبقى لي من تلك المرحلة من العمر كتابٌ، فكان كتاب فدك في التاريخ» [بهجة الراغبين في مؤلفات الشيخ محمد رضا شمس الدين، اعداد رضا حدرج، دار المحجة البيضاء، بيروت 2003، 2: 708، والناقل هو السيّد نورالدين الإشكوري].
ولم يقدّر لهذا الكتاب أن يبصر النور سوى سنة 1374 هـ.
http://www.yahosein.com/vb/attachment.php?attachmentid=12480&stc=1&d=1361739821
وهنا يشير الاستاذ المحقق العاملي في الهامش (3) قائلا:
(3) لا بأس بالتطرّق إلى بعض الأمور المتعلّقة بكتاب (فدك في التاريخ) :
1 - تحديد سنة كتابة الكتاب
(أ) ذكر لي السيّد نور الدين الإشكوري بتاريخ 15/ شعبان/ 1424 هـ أنّ أستاذه ألّف كتاب (فدك في التاريخ) وهو في الحادية عشرة من عمره.
وإذا علمتَ أنّ السيّد الصدر يبلغ الحادية عشرة في 25/ ذي القعدة/ 1364 هـ، وأنّه هاجر إلى النجف سنة 1365 هـ، علمتَ أنّه ألّفه سنة 1365 هـ.
(ب) نقل الشيخ علي كوراني عن السيّد الصدر قوله: «كنتُ في أوّل شبابي أحضر مجالس التعزية في حسينيّة آل ياسين في الكاظميّة (وهم أخواله)، وكتبتُ موضوعاً في أيّام وفاة الزهراء عن فدك وألقيته في المجلس، فأعجبوا به وشجّعوني على تكميله في كتاب .. فأكملته باسم فدك في التاريخ، فطبعوه!» [انظر مسائل في البناء الفكري، الشيخ علي الكوراني : 33؛ مقابلة (2) مع الشيخ علي كوراني (أرشيف المؤتمر العالمي للإمام الشهيد الصدر)].
(ج) ذكر السيّد محمّد الحسيني بادئ الأمر أنّ السيّد الصدر كان في السابعة عشرة من عمره عندما صنّف (فدك) (الإمام الشهيد السيّد محمّد باقر الصدر .. دراسة في سيرته ومنهجه، دار الفرات، بيروت1989، ص: 149)، أي سنة 1369 أو 1370 هـ، وهو ما ذكره السيّد كاظم الحائري (مقدّمة مباحث الأصول: 64) وغيرُه (Une grande figure de l'islamisme en Irak, Pierre Martin: 121) ، إلّا أنّ السيّد الحسيني عدل عن ذلك فيما بعد وقال: إنّ سنّه كانت أقلّ من ذلك (الإمام الصدر.. سيرة ذاتيّة، دار الاسلام، لندن 1996ص: 73).
(د) نقل لي السيّد عبد الهادي الشاهرودي بتاريخ 27/ 11/ 2004 م عن السيّد الصدر أنّه كان في الثامنة عشرة من عمره عندما كتب (فدك في التاريخ) و (غاية الفكر). وبواسطة المال العائد من وراء مبيع (فدك) طبع (غاية الفكر)، وقد ذكر هذه السن 18 عاماً بالنسبة إلى (فدك) الأستاذ صائب عبد الحميد (معجم مؤرّخي الشيعة 2: 114).
(هـ) وقد قرن بعضُهم بين تصنيف السيّد الصدر (فدك) وبين دراسته كتابَ (الأسفار). (الشهيد الصدر رائد الثورة الإسلاميّة في العراق، غالب حسن (ابوعمار)، ايران 1401، ص: 8)؛ وحيث إنّهم قد بنوا على أنّ دراسته الكتابَ الأخيرَ كانت حدود سنة 1369 هـ، فيكون تصنيف (فدك) كذلك.
(و) وذكر بعضُهم أنّ السيّد الصدر ألّف (فدك) في فترة تأليفه (غاية الفكر) ودراسته (الأسفار) وحضوره مجلسَ الشيخ الرميثي، فيكون ذلك عام (1371 هـ) مثلًا.
والنتيجة: أنّ هناك اتّجاهين حول المسألة:
الاتّجاه الأوّل: يمثّله السيّد نور الدين الإشكوري معتقداً أنّ السيّد الصدر ألّف (فدك) في المرحلة الأولى من وصوله إلى النجف الأشرف. وربّما أيّده ما نقله الشيخ علي كوراني، حيث يجعلنا ذلك نحتمل بشدّة أنّ السيّد الصدر بدأ بتأليفه في الكاظميّة وأكمله في إحدى العطل الدراسيّة في النجف الأشرف. وهذا قد يجعلنا نستقرب استقراباً قويّاً أن يكون ذلك ضمن فاصلٍ زمنيٍّ غير مديد.
الاتّجاه الثاني: يمثّله السيّد كاظم الحائري وآخرون، وهو الاتّجاه الذي يميل إلى أن يكون ذلك في فترة تأليف (غاية الفكر). وربّما أيّد البعض ذلك بما ورد في كتاب (فدك) من مطالب عقليّة يطمئنُّ القارئ بأنّ كاتبها قد فرغ عن دراسة العلوم العقليّة.
والتحقيق:
أنّ لكلٍّ من هذين الاتّجاهين مؤيّدات، بعضها حسّي والآخر حدسي. ولكن يُمكن الدغدغة في بعضها:
1 - أمّا الاتّجاه الأوّل فربّما ضعّفه ما جاء في مقدّمة الكتاب من أنّه ألّفه في إحدى العطل الدراسيّة في النجف الأشرف، وهو ظاهرٌ في مرور مجموعة من العطل الدراسيّة على السيّد الصدر، الأمر الذي يبعّد الفترة الزمنيّة. وربّما ردّه أنّ الحوزة كانت تعطّل آنذاك في شهر رمضان وأيّام من رجب وأخرى من شعبان وأيّام من محرّم وأخرى من صفر، فيكفي افتراض كونه سنة وروده إلى النجف الأشرف.
2 - أمّا الاتّجاه الثاني، فلا وجه لتأييده بما ورد في الكتاب من مطالب عقليّة، فإنّ من المطالب العقليّة التي يتحدّثون عنها هي من قبيل قوله في إحدى هوامش (فدك): «فإنّ الحقّ تجرّد جميع مراتب العلم والصور المدركة، ولكن على تفاوتٍ في مراتب التجريد، فإنّ المدركَ بالذات لا يمكنُ أن يكون نفسَ الشيء بهويّته الماديّة، فحتّى المدرك بحاسّة البصر له نحوٌ من التجرّد وليس في نوريّة خروج الشعاع أو الانطباع وما ثبت حول الرؤية في علم المرايا أو بحوث الفيزياء ما يفسّر الإدراك البصري تفسيراً فلسفيّاً، فلا بدّ من الاعتراف بتجرّده فضلًا عن الخيال والعقل، وقد أوضحنا هذا المذهب في كتابنا العقيدة الإلهيّة في الإسلام» (فدك في التاريخ: 134).
فإذا كان السيّد الصدر قد أوضح هذا المذهب في كتاب (العقيدة الإلهيّة في الإسلام) الذي ألّفه في الكاظميّة قبل هجرته إلى النجف الأشرف على ما تقدّم، فبعد ذلك تنتفي الحاجة إلى افتراض دراسته كتابَ (الأسفار) قبل تصنيفه كتابَ (فدك) أو في عرض تصنيفه إيّاه، لأنّ من المقطوع به أنّه لم يكن قد درس (الأسفار) حين تصنيفه كتابَ (العقيدة الإلهيّة).
إضافةً إلى ذلك، فإنّ السيّد الصدر طبع (فدك) و (غاية الفكر) في فترةٍ زمنيّةٍ واحدة على ما يأتي تحقيقه، وطالما أنّ الأمر كذلك، فلماذا قال في مقدّمة (غاية الفكر) : «هذا هو جزءٌ من كتابٍ في الأصول شرعت فيه قبل ثلاث سنوات تقريباً ..»، بينما قال في مقدّمة (فدك) : «فبقي عندي سنين مذكّراً ومؤرّخاً لحياتي الفكريّة ..»، فكيف يتذكّر تاريخ تأليف (غاية الفكر) ولا يتذكّر تاريخ تأليف (فدك) إذا كانا متقارنين؟! ولعلّ عدم تذكّره مشعرٌ بالبعد الزمني..
وعلى أيّة حال، فقبل الوصول إلى المرحلة النهائيّة، لابدّ من أخذ بعض الأمور بعين الاعتبار:
الأوّل: التعارض الموجود بين ما ذكره اثنان من قدامى تلامذته، ففيما ذهب السيّد الإشكوري إلى أنّه كان في الحادية عشرة من عمره، ذكر السيّد كاظم الحائري أنّه كان في السابعة عشرة.
الثاني: أنّ السيّد الصدر قد ذكر على ما نقلناه في المتن أنّه قد ألّف الكتاب في مرحلة (الصبا)، ولعلّ التعبير بـ (الصبا) يتناسب مع الاتّجاه الأوّل أكثر.
وبعد فراغي من تصنيف هذا الكتاب اطّلعتُ على مقابلة مع أحد معارف السيّد الصدر ذكر فيها أنّه سمع من أسرة السيّد الصدر أنّ الأخير ألّف (فدك) عندما كان في 13 أو 14 من عمره (مقابلة مع أحد معارف السيّد الصدر، السيّد محمّد القمّي (أرشيف المؤتمر العالمي للإمام الشهيد الصدر).
2 - تحديد الشهر
ذكر السيّد الصدر أنّه قد ألّف الكتاب في إحدى العطل الدراسيّة في النجف، والعطل الدراسيّة في ذلك الوقت كانت عبارة عن: 1 - بضعة أيّام من شهر رجب وشهر شعبان. 2 - شهر رمضان المبارك. 3 - أسبوعين من شهر محرّم. 4 - أسبوعين من شهر صفر. ولم يكن في النجف عطلة صيفيّة.
والكاتب يميل إلى أن تكون عطلة شهر رمضان المبارك، خاصّة وأنّه قد عبّر قائلًا: «.. في الشهر الذي تمخّض عنه..» بعد قوله «عطلة من عطل الدراسة».
alyatem
15-03-2013, 05:23 AM
هل طبع الكتاب بصيغته الأولى أم تمّ تعديل بعض فقراته؟
نقل لي أحدُ روّاد مجلس السيّد الصدر ومريديه من غير طلّابه أنّه سُئل عن بعض العبارات الواردة في كتاب (فدك) فأجاب بأنّه لم يكن يبني عليها بينه وبين نفسه. ومن هنا، نستطيع الاطمئنان إلى أنّ هذه العبارات لم تكن موجودة في ما كتبه السيّد الصدر بادئ الأمر، فقد أسلفنا أنّه كتبه بادئ الأمر بهدف التأريخ للمرحلة الفكريّة التي كان يعيشها، وهو ما يظهر من مقدّمة الكتاب، ولا وجه في هذه الحالة لأن يكتب شيئاً ويبني في نفسه على شيء آخر، إلّا أن تكون الإضافات متأخّرة زماناً عن تدوين الكتاب ومقارنة لوقت عزمه على طباعته، وهو ما نراه.
وليس هذا حدساً محضاً، بل لدينا مؤيّد آخر يسير في الاتّجاه نفسه: ففي موضعٍ من الكتاب يقول السيّد الصدر: «أكتب هذا كلّه وبين يدي كتاب (فاطمة والفاطميّون) للأستاذ عبّاس محمود العقّاد، وقد جئته بشوق بالغ لأرى ما يكتب في موضوع الخصومة بين الخليفة والزهراء..» (فدك في التاريخ، ط1: 35؛ ط دار التعارف: 40). وفي هامشٍ من هوامش الكتاب جاء: «رواه الطبري كما في ص 18 من سمو المعنى في سمو الذات للأستاذ الكبير الشيخ عبد الله العلائلي..» (فدك في التاريخ، ط1: 121؛ ط التعارف: 113).
وإذا رجعنا إلى كتاب الشيخ العلايلي المذكور وجدنا أنّه طبع سنة 1939 م، وقد جاءت مقدّمته بتاريخ 15/ شعبان/ 1359 هـ (سمو المعنى في سمو الذات، العلايلي، منشورات الرضي قم 1415، ص: 6)، فلا دلالة في ذلك على شيء. أمّا كتاب العقّاد، فقد طبع لأوّل مرّة سنة 1953 م (حوالي 1373 هـ) كما وجدنا في سيرة العقّاد، أي قريب الانتهاء من (غاية الفكر) وإرسال الكتابين إلى الطبع.
وحيث لا يُمكن القول: إنّ السيّد الصدر ألّف كتاب (فدك) سنة 1373 هـ لما جاء في المقدّمة سنة 1374 هـ من أنّه بقي عنده لسنين، فهذا يعني أنّه أعاد النظر فيه قبل إرساله إلى الطبع، فأضاف إليه مناقشةً مع العقّاد لم تكن موجودة في ما كتبه سابقاً، وهذا يؤكّد في نهاية المطاف أنّ (فدك) الذي بين أيدينا يختلف ولو بمقدار عن النسخة الأولى التي ألّفها السيّد الصدر في صباه.
من طبع كتاب (فدك في التاريخ)؟
ذكر الشيخ علي كوراني نقلًا عن السيّد الصدر أنّ أخواله هم الذين طبعوا الكتاب (مسائل في البناء الفكري، الكوراني: 33)، بينما ذكر لي الشيخ محمّد رضا الجعفري بتاريخ 25/ 1/ 2004 م أنّ الشيخ مرتضى آل ياسين قد شجّع السيّد الصدر على طباعة كتاب (فدك في التاريخ)، وقد تبرّع بالمبلغ اللازم لطباعته السيّد عبد الحسين شرف الدين. وقد رجعت طباعة (فدك) على السيّد الصدر بمبلغ كبيرٍ من المال، فطبع به كتاب (غاية الفكر).
وفي كلا القولين نظر (انظر أحداث 1374 هـ)، ويبدو أنّ الصحيح ما ذكره السيّد محمّد باقر الحكيم من أنّ السيّد الصدر عندما أراد طباعة (غاية الفكر) سنة 1374 هـ لم يكن يملك المبلغ الكافي لذلك، فعرض عليه الشيخ محمّد كاظم الكتبي أن يطبع له (غاية الفكر) مقابل أن يعطيه كتاب (فدك) ليطبعه [ملامح من السيرة الذاتيّة، محمد باقر الحكيم (محدود الانتشار)]. وقول السيّد الصدر في مقدّمة (فدك) : «طلب منّي تقديمه إليه ليتولّى طبعه» ناظرٌ إلى هذه المسألة على ما يبدو.
ومع أنّ السيّد الصدر لا يؤمن فقهيّاً بحقوق الطبع، إلّا أنّه قد التزم داخل العراق على الأقلّ بإعطاء حقوق الكتاب إلى الشيخ الكتبي، ومن هنا جاء على غلاف الطبعتين الأولى والثانية للكتاب: (حقوق الطبع محفوظة للناشر محمّد كاظم الحاج محمّد صادق الكتبي صاحب المكتبة والمطبعة الحيدريّة في النجف الأشرف)، أو أن يكون حينها قائلًا بذلك فقهيّاً.
ويأتي ضمن أحداث 1390 هـ أنّ تجّاراً من البحرين طلبوا من السيّد الصدر إعادة طباعة الكتاب، ولكنّ السيّد طلب منهم مراجعة الحاج الكتبي لأنّه لا علاقة له بالكتاب. وبعد أن أعاد الحاج طباعته وأرسل نسخاً منه للسيّد، أرجعها.
كم مرّة طبع كتاب (فدك في التاريخ)؟
ذكر الشيخ علي كوراني أنّ السيّد الصدر لم ينقّح كتاب (فدك) و «لم يُعد النظر فيه طوال عمره، بل لم يطبعه ولم يكن يرغب في طبعه!» (مسائل في البناء الفكري: 32)، ثمّ رتّب على ذلك نتائج آلينا عدم التعرّض لها.
أ - أمّا عدم تنقيح الكتاب وإعادة النظر فيه، فلا وجه للاستشهاد به؛ لأنّ السيّد الصدر لم يعد النظر في حياته بشكل ملحوظ إلّا في كتاب واحد هو (بحث حول الولاية) على ما يأتيك مفصّلًا في متن الكتاب ضمن أحداث 1390 هـ وأحداث 1397 هـ. نعم، ربّما أضاف بعض الأمور اليسيرة أو بعض التخريجات كما في (اقتصادنا) مثلًا. وحيث لا يمكن ادّعاء أنّ السيّد الصدر قد عدل عن كتبه جميعاً، فاللازم باطل والملزوم مثله في البطلان.
ب - أمّا دعوى عدم طبعه الكتاب: فقد ذكر لي الحاج محمّد صادق الكتبي صاحب منشورات الشريف الرضي في قمّ بتاريخ 24/ 2/ 2004 م وهو نجل الشيخ محمّد كاظم الكتبي صاحب المكتبة الحيدريّة في النجف والذي ورد اسمه في مقدّمة السيّد الصدر أنّ كتاب (فدك) ملكٌ لوالده الشيخ الكتبي لا للسيّد الصدر. وقد ذيّل كلامه بذكر حادثتين:
الأولى: أنّ كتاب (فدك) لم يدخل بيت السيّد الصدر حتّى دفع ربع دينار ثمن عشر نسخ منه، إذ كان سعر النسخة الواحدة 25 فلساً.
الثانية: أنّ تجّاراً من الناصريّة أتوا إلى السيّد الصدر طالبين منه السماح لهم بطباعة الكتاب، فأجابهم بأنّه لا علاقة له بالموضوع، وأنّ المسألة غير مرتبطة به، وأحالهم على الشيخ الكتبي والده الذي أجازهم بطباعة 3000 نسخة.
أقول: وهذا يؤيّد ما ذكرناه من أنّ الشيخ الكتبي طبع (غاية الفكر) مقابل طباعة (فدك).
وبعيداً عن هذا، فقد طبع الكتاب في حياة السيّد الصدر في العراق ثلاث مرّات وفي لبنان مرّة:
الطبعة الأولى: وهي طبعة المكتبة الحيدريّة سنة 1374 هـ.
الطبعة الثانية: الطبعة التي طبعها تجّار الناصريّة.
الطبعة الثالثة: المشهورة بالثانية، وهي طبعة المكتبة الحيدريّة كذلك، وتعود إلى سنة 1970 م، وقد جاء على غلافها: «فدك في التاريخ، تأليف محمّد باقر الصدر، الطبعة الثانية، 1389 هـ 1970 م، حقوق الطبع محفوظة للناشر محمّد كاظم الحاج محمّد صادق الكتبي صاحب المكتبة والمطبعة الحيدريّة في النجف الأشرف ..» وعلى الغلاف الخلفي: «تمّ في 15/ 3/ 1970». ويشير إلى الطبعة الأولى فوزي عبد الرزّاق في الفهرست الذي أعدّه عن المطبوعات العربيّة والصادر عن جامعة هارفرد ببوسطن عام 1983 م؛ وإلى الطبعة الثانية الدكتور شبلي الملّاط (انظر: تجديد الفقه الإسلامي محمد باقر الصدر بين النجف وشيعة العالم، شبلي الملاط، ترجمة غسّان الغصن، دار النهار، بيروت 1998، ص : 258). وقد يبدو لنا اتّحاد الطبعة الثانية والثالثة وأنّ من الممكن وقوع اشتباهٍ بين تجّار الناصريّة وبين تجّار البحرين على ما يأتيك ضمن أحداث سنة 1390 هـ.
الطبعة الرابعة: وهي طبعة دار التعارف التي جاءت بتاريخ 1400 هـ 1980 م. وقد احتملتُ كونها بعد استشهاد السيّد الصدر، إلّا أنّ الحاج حامد عزيزي صاحب دار التعارف ذكر لي بتاريخ 14/ 9/ 2004 م أنّ ذلك كان في حياة السيّد الصدر وبموافقته (على تفصيلٍ يأتي).
ولعلّ الشيخ كوراني لم يعلم بطبعة تجّار الناصريّة لخفاء الأمر، ولم يطّلع على طبعة سنة 1970 م لتواجده حينها في الكويت، ثمّ ظنّ أنّ طبعة دار التعارف كانت بعد استشهاد السيّد الصدر، ولهذا نفى أن يكون الكتاب قد طبع، ولكنّ الأمر قد اتّضح.
عدم الرغبة في إعادة طباعة (فدك في التاريخ)
ثمّ إن الشيخ كوراني ادّعى أنّ السيّد الصدر لم يكن يرغب في إعادة طباعة (فدك في التاريخ)، وهي دعوى صحيحة، ولكنّ السياق الذي وضعت فيه والذي أهملنا نقله فضلًا عن التعليق عليه سياقٌ موهم. ولا يهمّنا فعلًا مناقشة النتائج التي أوصل إليها تشكيل المقدّمات بهذا الشكل، بل نكتفي بتوضيح حقيقة الأمر تاريخيّاً:
أ - ذكر لي الحاج حامد عزيزي بتاريخ 14/ 9/ 2004 م أنّه عندما أراد إعادة طباعة (فدك في التاريخ) في لبنان فضّل السيّد الصدر عدم طباعته حفاظاً على أمور الوحدة وما هو من هذا القبيل، وبعد مراجعة الحاج حامد مرّة أخرى بواسطة السيّد محمود الهاشمي وافق السيّد الصدر. ويظهر ذلك أيضاً من جواب للسيّد الصدر عن سؤال وجّهه إليه السيّد محمّد الغروي سنة 1397 هـ يطلب فيه السماح بطباعة (فدك) فلا يوافق السيّد الصدر.
http://www.yahosein.com/vb/attachment.php?attachmentid=12481&stc=1&d=1361740677
ب - وأوضحُ من ذلك ما ذكره السيّد الصدر للسيّد حسن الأمين في رسالة أرسلها إليه (حصلنا عليها مؤخّراً وتُنشر للمرّة الأولى) : «.. وفي نفس الوقت فأنا لا أرجّح إعادة نشر الكتاب نظراً إلى طبيعة موضوعه وملابساته العاطفيّة، وأرى أنّ العمل الفكري الإيجابي المستقلّ أفضل من الدخول في المناقشات المذهبيّة مهما كانت موفّقة وعميقة..» (انظرها كاملةً ضمن أحداث سنة 1374 هـ).
http://www.yahosein.com/vb/attachment.php?attachmentid=12477&stc=1&d=1361739456
وقبل كلّ شيء، لا بأس ببيان مراد السيّد الصدر من (العمل الفكري الإيجابي المستقل) مستفيدين من رسالةٍ أرسلها إلى الشيخ علي الإسلامي بتاريخ 19/ ذي الحجّة/ 1396 هـ حيث يقول: «... وقد تحقّقت بدايات بعض الآمال التي أسعى إلى تحقيقها، فإنّي كنت أفكّر أنّ المرجعيّة النائبة عن الإمام الصادق إذا استطاعت أن تقدّم أحكام الشريعة في إطار فقه أهل البيت إلى العالَم بلغة العصر ومنهجة العصر وبروح مخلصة فسوف تستطيع أن تقنع عدداً كثيراً من أبناء السنّة بالتقليد للمجتهد الإمامي باعتباره اجتهاداً حيّاً واضحاً على مستوى العصر، وبذلك يعود نائب الإمام الصادق مرجعاً للمسلمين عموماً كما كان الإمام كذلك، ويكون هذا التقليد مرحلةً للانتقال إلى التشيّع الكامل، وهذا ما تحقّقت بعض بوادره لأنّ بعض المدرّسين المثقّفين من السنّة في بغداد راجعوني طالبين تحويل تقليدهم من أبي حنيفة إلى الفتاوى الواضحة. وعلى هذا الأساس فقد قرّرنا طبع الفتاوى الواضحة في القاهرة إن شاء الله تعالى ليقدّم صورة واضحة للفقه الإمامي المليء تقوىً وورعاً وإيماناً بين يدي المتعلّمين من أبناء مصر» (انظرها كاملةً ضمن أحداث 1396 هـ).
http://www.yahosein.com/vb/attachment.php?attachmentid=12478&stc=1&d=1361739524
ج - ولكن في المقابل، لم يكن السيّد الصدر يعارض نشر الكتاب في إيران، وهذا ما تجده واضحاً في رسالته إلى السيّد أحمد الحسيني الإشكوري الآتية ضمن أحداث سنة 1374 هـ.
http://www.yahosein.com/vb/attachment.php?attachmentid=12479&stc=1&d=1361739766
إذاً كان جديراً حصر النقاش في استراتيجيّة العمل فقط وفقط دون جرّ البحث إلى بساطٍ آخر ولو بالإيحاءات.
alyatem
15-03-2013, 05:24 AM
رسم الصورة الكاملة حول الكتاب وتاريخه
وعلى ضوء ما تقدّم سابقاً نستطيع رسم صورة أكثر موضوعيّة وملامسةً للواقع، وهي كالتالي:
* عندما كان في الكاظميّة كتب السيّد الصدر موضوعاً حول السيّدة الزهراء ألقاه في حسينيّة أخواله من آل ياسين، وكان عمره حينها حوالي إحدى عشرة سنة، وهنا يلتقي ما نقله الشيخ علي كوراني وما نقله السيّد نور الدين الإشكوري.
* وبعد استقرار السيّد الصدر في النجف الأشرف، استغلّ إحدى العطل الدراسيّة في شهر رمضان المبارك وطوّر ما كان قد بدأه في الكاظميّة، وكان هدفه من ذلك هو التأريخ لتلك المرحلة العلميّة من حياته، ولم يكن في نيّته طباعته ونشره على الإطلاق، وكان ذلك حوالي سنة 1367 هـ.
* وبعد فترة (1370 - 1371) كتب السيّد الصدر (غاية الفكر) وأراد طبعه سنة 1374 هـ، ولكنّه لم يكن يملك المبلغ اللازم لطباعته، فعرض عليه الشيخ محمّد كاظم الكتبي طباعته مقابل أن يسمح له بطباعة (فدك) بعد أن علم أنّ له كتاباً حول الموضوع. ويبدو أنّ السيّد الصدر التزم بإعطاء حقوق الطبع إلى الشيخ الكتبي (داخل العراق على أقلّ تقدير) وإن لم يؤمن به فقهيّاً (أو أنّه كان يؤمن به يومذاك)، ولهذا أحال تجّار الناصريّة إلى الشيخ الكتبي عندما رغبوا في إعادة طبع الكتاب.
* ثمّ بعد أن عرض عليه الشيخ الكتبي طباعة (غاية الفكر) مقابل السماح بطباعة (فدك) أعاد النظر في الكتاب الأخير لكي يكون بنظره أكثر إقناعاً ومدعاةً لتقبّل الطرف الآخر، فأدخل العبارات المرتبطة بالخلفاء غيرَ بانٍ عليها بينه وبين نفسه، إضافةً إلى مناقشته مع العقّاد، وربّما مباحث أخرى.
* وبعد أن أصبح السيّد الصدر في سدّة المرجعيّة شخّص أنّ العمل الفكري الإيجابي أكثر فائدةً للتشيّع، ولهذا كان مهتمّاً بالدخول إلى الساحة السنيّة في مصر من أجل إرجاع مثقّفيها في التقليد إليه ليكون الفقه الإمامي الشيعي هو المرجع، وذلك تمهيداً للتشيّع الكامل بحسب تعبيره.
ولهذا لم يرجّح إعادة نشر الكتاب عندما طلب منه السيّد حسن الأمين ذلك، وهو ما ذكره للحاج حامد عزيزي عندما طلب منه ذلك، ولكنّه وافق بعد أن طلب الحاج حامد ذلك مرّة أخرى. وهذا يعني أنّ ملاك إعادة النشر لم يكن عنده بمستوى المفسدة المطلقة، إضافةً إلى عدم ممانعته من طباعته مترجماً في إيران.
هذه هي الصورة المتكاملة التي أجدها أقدر على تفسير مختلف الظواهر في ما يتعلّق بالكتاب.
نشير أخيراً إلى أنّ السيّد البروجردي مثلًا كان يمنع غيره عن طباعة ما يثير الحساسيّات الشيعيّة السنيّة: فعندما أراد آقاي وكيلي طباعة منظومة له في الفقه تعرّض في أوّلها للخليفتين الأوّل والثاني، قال له السيّد البروجردي: «لا يحق لك نشر هذا الكتاب، وعليك حذف مطلعه، إنّ اليوم ليس زمان طرح هذه الأمور وتشديد الخلاف الشيعي السنّي». كما انتقد الشيخ عبد الحسين الأميني صاحب (الغدير) بدون ذكر اسمه عندما زار إصفهان مصادفاً مع التاسع من ربيع الأوّل، واتّخذت محاضراته طابعاً مشحوناً ضدّ السنّة، فقال: «ما هذا الوضع في إصفهان؟ ففي الوقت الذي تشنّ فيه إسرائيل حربها على مصر وتريد احتلال قناة السويس وتعريض أهل مصر للضغوطات والأخطار، نأتي لنشعل حرباً بين السنّة والشيعة» (انظر: يادنامه شرق، ضميمه رايگان تاريخ وانديشه، شماره 12، ويژه آيت الله بروجردى، فروردين 6: 85).
وكان الشيخ المستشكل قد نوّه سابقاً بجهود السيّد الصدر حيث قال: «الوعي الإسلامي الذي تراه في العالم العربي الشيعي هو مدينٌ لجهود المرحوم السيّد الحكيم والشهيد الصدر..» (صحيفة المبلغ الرسالي، العدد 108، 10/ 4/ 1997 م: 10).
alyatem
15-03-2013, 05:25 AM
يضيف الاستاذ العاملي في كتابه (الشهيد الصدر السيرة والمسيرة في حقائق ووثائق) ج1 ص219 تحت عنوان: طباعة (غاية الفكر) و (فدك في التاريخ)، ويقول:
كان السيّد الصدر قد كتب (فدك في التاريخ) سنة 1366 هـ أو 1367 هـ كما تقدّم، وكان ناشرٌ إيراني قد أخذه منه ليطبعه في إيران إلّا أنّه أعاده بعد فترة ولم يطبعه [مقابلة مع أحد معارف السيّد الصدر (السيّد محمّد القمّي)، نقلًا عن السيّد إسماعيل الصدر (أرشيف المؤتمر العالمي للإمام الشهيد الصدر)].
كان السيّد الصدر قد شرع عام 1370 - 1371 هـ بكتابة دورة أصوليّة كاملة من عشرة أجزاء تمثّل آراءه الأصوليّة سمّاها (غاية الفكر).
وكانت عادة السيّد الصدر الجلوس في المكتبة الحيدريّة لصاحبها الحاج محمّد كاظم الكتبي وتجاذب الحديث معه.
وقد قيل: ذات يوم قال له السيّد: «حاج بو صادق .. إنّني كتبت أوراقاً في موضوع فدك وأحببتُ أن أقدّمها لك وأنت بالخيار في طبعها». فأخذ الحاج الكتبي الأوراق دون أن يتفحّصها أو يراجعها وأعطاها عصراً إلى الطبّاع ليطبعها. وبعد أيّام تمَّ [طبع] الكتاب.
وعندما مرَّ السيّد بالمكتبة أعطاه الحاج الكتبي مجموعةً من النسخ هديّةً له، ولكنّ السيّد رفض أخذ شيء وقال: «إنّني أعطيتكُ الكتاب ولا أريد عوضاً له»، وكلّما ألحّ عليه الحاج لم يجد نتيجة [صحيفة (لواء الصدر)، (167)، 30/ ذي الحجّة/ 1404 هـ، حيث ينقلها السيّد ياسين الموسوي عن الحاج الكتبي نفسه].
وقيل: إنّ السيّد الصدر عندما أراد أن يطبع (غاية الفكر) لم يكن لديه مالٌ ينفقه للطباعة، فاشترط عليه صاحب المكتبة الحيدريّة أن يأذن له بطباعة (فدك في التاريخ) لأنّ موضوعه وأسلوبه له سوقٌ رائجة، وفي مقابل ذلك يطبع له جزءاً مهمّاً وحسّاساً من دورته الأصوليّة (غاية الفكر)، وهو البحث في (تنجيز العلم الإجمالي) الذي كان يتبنّى فيه السيّد الصدر بعض الآراء الجديدة [ملامح من السيرة الذاتيّة، محمد باقر الحكيم (محدود الانتشار)؛ الصدر في ذاكرة الحكيم، جمع محمد الحيدري، دار نور الشروق: 50].
والذي يبدو أنّ صاحب المبادرة هو الحاج الكتبي، ولهذا الأمر يشير السيّد الصدر في مقدّمة (فدك) حيث يقول: «.. غير أنّ حضرة الوجيه الفاضل الشيخ محمّد كاظم الكتبي ابن الشيخ صادق الكتبي أيّده الله طلب منّي تقديمه إليه ليتولّى طبعه، وقد نزلتُ على رغبته تقديراً لأياديه البيضاء على المكتبة العربيّة والإسلاميّة، والكتاب هو ما تراه بين يديك» [فدك في التاريخ، ط1: 3. وقد ذكر لي السيّد عبد الهادي الشاهرودي بتاريخ 27/ 11/ 2004 م أنّ السيّد الصدر طبع (غاية الفكر) من عائدات (فدك في التاريخ)، ولعلّ صيغة ذلك ترجع إلى ما ذكره السيّد محمّد باقر الحكيم].
وبمقتضى هذه الاتّفاقيّة، صار كتاب (فدك في التاريخ) مرتبطاً بالشيخ محمّد كاظم الكتبي صاحب المكتبة الحيدريّة وكانت حقوق النشر له، وإن لم يؤمن السيّد الصدر بهذا الحقّ فقهيّاً، وإلى جانب (فدك) طبع (غاية الفكر).
http://www.yahosein.com/vb/attachment.php?attachmentid=12480&d=1361739821
http://www.yahosein.com/vb/attachment.php?attachmentid=12482&stc=1&d=1361771504
وبعد إنجاز طبع (فدك في التاريخ) قام الحاج الكتبي بإرسال عدّة نسخ من الكتاب بيد أحد معارف السيّد الصدر. وما إن وقعت عينا السيّد على هذه النسخ من كتابه بين يديه حتّى بادر إلى زيارة الحاج الكتبي في مكتبته حاملًا النسخ وقائلًا له: «لا تدخل [إلى] بيتي إذا لم أعرف قيمتها فأقدّمها إليك».
وبعد إصرارٍ وإلحاح، لم يتقبّل السيّد الصدر إلّا نسخةً أو نسختين من كتابه موكلًا الحصول على بقيّة النسخ لمن شاء أن يشتريها من المكتبة الحيدريّة [شيخ الورّاقين في النجف الأشرف .. الشيخ محمّد كاظم الكتبي: 66].
وقيل: إنّ السيّد الصدر دفع ربع دينار ثمن عشر نسخ بعد أن كان سعر النسخة (25) فلساً [حدّثني بذلك الحاج محمّد صادق الكتبي نجل الشيخ محمّد كاظم الكتبي بتاريخ 24/ 2/ 2004 م].
وبعد فترة زار السيّد الصدر جماعة من [الناصريّة] وطلبوا موافقته على إعادة طبع كتابه مجدّداً، فطلب منهم السيّد الصدر مراجعة الحاج الكتبي للحصول على موافقته على طبع الكتاب مجدّداً، فهو بحسب قوله: «الكتاب كتابه يتصرّف فيه [كما] يشاء» [شيخ الورّاقين في النجف الأشرف الشيخ محمّد كاظم الكتبي: 66. وما بين [] ذكره لي الحاج محمّد صادق الكتبي نجل الشيخ محمّد كاظم الكتبي بتاريخ 24/ 2/ 2004 م]، وقد أجاز لهم الشيخ الكتبي طباعة (3000) نسخة منه [حدّثني بذلك الحاج محمّد صادق الكتبي بتاريخ 24/ 2/ 2004 م. وانظر أحداث سنة 1390 هـ].
يُشار إلى أنّ مدير أمن النجف كان قد حضر مع بعض الضبّاط وقت الظهيرة مستغلّين قلّة وجود الناس وقاموا بغلق المكتبة الحيدريّة ووضع (الختم الأحمر) على الأقفال. وكان الحاج الكتبي جالساً على (مصطبة) أمام المكتبة ينظر إليهم عاجزاً عن ردعهم. وفي الأثناء مرّ السيّد الصدر على سوق الكتب وكان قد وضع عباءته على عمامته كما هي عادة رجال العلم في النجف وقت الظهيرة تقريباً. ولدى مشاهدته الحاج الكتبي ورجال الأمن وما يفعلونه وقف سائلًا الحاج الكتبي: «لماذا أنت جالس على الأرض؟»، فأجابه: «إنّ رجال الأمن كما ترى جاءوا وهم يقومون بوضع الختم الأحمر على قفل المكتبة»، فأنزل السيّد الصدر عباءته على كتفه والتفت إليه قائلًا: «يخسأون، هذه ليست مكتبة خاصّة بك بل هي مكتبة الشيعة، اليوم العصر يلزم أن تفتح المكتبة»، ثمّ انصرف وعلامات التأثّر بادية عليه.
وعند العصر طرق باب دار الحاج الكتبي رجال الأمن وطلبوا منه الذهاب معهم إلى حيث يقومون بكسر الأختام الحمراء وفتح المكتبة ويقدّمون الاعتذار عن التأخير لأنّهم لم يتعرّفوا على عنوان المنزل بسرعة [شيخ الورّاقين في النجف الأشرف الشيخ محمّد كاظم الكتبي: 66 - 68؛ وقد حدّثني بذلك الحاج محمّد صادق الكتبي بتاريخ 24/ 2/ 2004 م].
alyatem
15-03-2013, 05:26 AM
وعلى أيّة حال، فقد جاء كتاب (فدك) في (168) صفحة من الحجم الوسط، وجاء عليه: «فدك في التاريخ، تأليف محمّد باقر الصدر، حقوق الطبع محفوظة للناشر محمّد كاظم الكتبي، المطبعة الحيدريّة في النجف، 1374 هـ 1955 م» [انظر كذلك: معجم المطبوعات النجفيّة منذ دخول الطباعة إلى النجف حتّى الآن: 261؛ معجم مؤلّفي الشيعة: 247].
وقد كتب السيّد الصدر في مقدّمته يقول:
«أيّها القارئ الكريم:
هذا إنتاجٌ اغتنمتُ له عطلةً من عطل الدارسة في جامعتنا الكريمة النجف الأشرف، وتوفّرتُ فيها على درس مشكلةٍ من مشاكل التاريخ الإسلامي، وهي مشكلة فدك والخصومة التاريخيّة التي قامت بين الزهراء صلوات الله عليها والخليفة الأوّل رضي الله تعالى عنه.
وكانت تتبلورُ في ذهني استنتاجاتٌ وفكر، فسجّلتُها على أوراق متفرّقة، حتّى إذا انتهيتُ من مطالعة مستندات القضيّة ورواياتها ودرس ظروفها، وجدتُ في تلك الوريقات ما يصلح خميرةً لدراسة كافية للمسألة، فهذّبتُها ورتّبتُها على فصول اجتمع منها كتيّبٌ صغير. وكان في نيّتي الاحتفاظ به كمذكّر عند الحاجة، فبقي عندي سنين مذكّراً ومؤرّخاً لحياتي الفكريّة في الشهر الذي تمخّض عنه، غير أنّ حضرة الوجيه الفاضل الشيخ محمّد كاظم الكتبي ابن الشيخ صادق الكتبي أيّده الله طلب منّي تقديمه إليه ليتولّى طبعه. وقد نزلتُ على رغبته تقديراً لأياديه البيضاء على المكتبة العربيّة والإسلاميّة [كذا في الطبعتين الأولى والثانية والطبعة الجديدة للمؤتمر العالمي للإمام الشهيد الصدر، وفي الطبعة الرائجة لدار التعارف للمطبوعات بيروت (ص 11): «غير أنّ بعض الإخوة (أيّدهم الله) طلبوا منّي طبعه، وقد نزلت على رغبتهم تقديراً لهم ولتوفيره في المكتبة العربية والإسلاميّة»، وقد كان هذا التعديل من قبل الحاج حامد عزيزي بعد أن طبع الكتاب في حياة السيّد الصدر على ما أخبرني به بتاريخ 14/ 9/ 2004 م]. والكتاب هو ما تراه بين يديك.
(المؤلف)» [انظر: فدك في التاريخ: 3 (الطبعة الأولى 1374/ 1955 م)].
http://www.yahosein.com/vb/attachment.php?attachmentid=12480&d=1361739821
أمّا (غاية الفكر)، فقد جاء في (104) صفحات من الحجم الوسط وجاء عليه:
«غاية الفكر .. القسم الخامس من الجزء الثاني .. في مباحث الاشتغال» [انظر كذلك: معجم المطبوعات النجفيّة منذ دخول الطباعة إلى النجف، حتّى الآن، محمد هادي الاميني، النجف1966. ص: 255]، وقد جاء في مقدّمة الكتاب:
«هذا هو جزءٌ من كتابٍ في الأصول شرعتُ فيه قبل ثلاث سنوات تقريباً، وقد ابتدأتُ فيه من القسم الثاني من المباحث الأصوليّة، أي مباحث الأدلّة العقليّة، ورتّبته على عشرة أجزاء، وهذا الذي بين يديك هو الجزء الخامس منها في أكثر مباحث الاشتغال، أعني في أصل المسألة مع بعض تنبيهاتها. ويليه الجزء السادس في باقي تنبيهات المسألة مع أصل مسألة الأقلّ والأكثر.
ولئِن كان أكثرُ مطالب هذا الكتاب مخالفاً لِمَا هو المسموع من الكلمات، فليس ذلك لأنّي قد اهتديتُ إلى ما لم يصل إليه الأساتذة والأكابر، وهيهات لذهني القاصر أن يرتفع إلى ذلك، وإنّما هو لأنّي لم أوفَّق للعروج إلى آفاق تفكيرهم ومجاراتهم في أنظارهم الدقيقة. وكلُّ رجائي من المولى سبحانه أن يشملني بعنايته ولطفه، ويوفّقني لاقتفاء أثرهم، ويعدّني للتشرّف باتّباع خطواتهم المباركة، إنّه على كلّ شيء قدير.
الراجي عفو ربِّه محمّد باقر الصدر» [غاية الفكر، ط المؤتمر العالمي ص: 7].
http://www.yahosein.com/vb/attachment.php?attachmentid=12482&stc=1&d=1361771504
قال آقا بزرگ الطهراني في ترجمة السيّد حيدر الصدر: «..وخلّف ولدين: السيّد إسماعيل والسيّد محمّد باقر وهما من الفضلاء المشتغلين بطلب العلم في النجف الأشرف ولا سيما الثاني، فقد طبع من آثاره غاية الفكر في مبحث الاشتغال وفدك في التاريخ، حفظهما الله وزاد توفيقهما» [طبقات أعلام الشيعة/ نقباء البشر في القرن الرابع عشر 2: 684]، ولكنّه لم يُشر في (الذريعة) إلّا إلى (فدك في التاريخ) [الذريعة 16: 129].
وقد أهدى السيّد الصدر نسخةً من كتاب (فدك) إلى السيّد مهدي الصدر العاملي، وقد كتب له على صفحتها الأولى: «هديّتي إلى حضرة حجّة الإسلام والمسلمين العلم العيلم المعظّم السيّد آغا مهدى صدر عاملى دام بقاه، المؤلّف»، وأهدى أخرى إلى السيّد جمال الموسوي [الإصفهاني] وكتب له: «هديّتي إلى حضرة الصديق العزيز العبقري الأستاذ السيّد جمال الموسوي مع أطيب تمنيّاتي وتحيّاتي [الأخويّة]، محمّد باقر الصدر»...
http://www.yahosein.com/vb/attachment.php?attachmentid=12483&stc=1&d=1361772292
alyatem
15-03-2013, 05:27 AM
ثم يضيف العاملي:
ويبدو من خلال مجموعة من القرائن والوثائق التاريخيّة أنّ السيّد الصدر لم يكن يرغب في مرحلة لاحقة في إعادة طبع الكتاب في العالم العربي، ولم يكن لديه مانعٌ من ذلك في إيران مثلًا، ولكنّ عدم الرغبة لم يبلغ حدّاً عالياً، فلم يمانع من ذلك بشكل لا يقبل النقاش عندما أعيد طبع الكتاب في النجف سنة 1970 م وفي بيروت سنة 1980 م.
وحول هذا الشأن يكتب إلى السيّد حسن الأمين الذي كان قد طلب منه أن يبعث له بنسخةٍ من كتابه (فدك في التاريخ)، وقد كتب إليه السيّد الصدر:
«بسم الله الرحمن الرحيم
حضرة الأستاذ الكبير الأخ العزيز السيّد حسن الأمين دام فضله
السلام عليكم زنة احترامي وتقديري
وبعد، فقد تسلّمتُ رسالتكم الكريمة فقرأتُ فيها روحكم العالية وعملكم المتواصل في سبيل إعلاء شأن الطائفة والكشف عن ثقافتها الإسلاميّة والمذهبيّة، والاستمرار في حمل رسالة المقدّس السيّد رضوان الله عليه [يقصد السيّد محسن الأمين]، ومن أجدر منكم بحكم الوراثة والتربية والثقافة وتوفّر الإخلاص أن يحمل هذه الرسالة المقدّسة ويخدمها بكلّ ما أوتي من حولٍ وطول.
أمّا كتاب فدك فلا توجد عندي إلّا نسخة واحدة منه، وسوف أرسلها إليكم بالبريد المسجّل وثمنها مقبوضٌ سلفاً، إذ يكفي ثمناً لها يسيرٌ من هذه الخدمات الجلّى التي تقدّمونها للطائفة ومن هذه الألطاف التي تغمرونني بها بين حينٍ وحين.
وفي نفس الوقت فأنا لا أرجّح إعادة نشر الكتاب نظراً إلى طبيعة موضوعه وملابساته العاطفيّة، وأرى أنّ العمل الفكري الإيجابي المستقلّ أفضل من الدخول في المناقشات المذهبيّة مهما كانت موفّقة وعميقة.
وأمّا الموضوعات التي تفضّلتم بالإشارة إليها فأنا لا يسعني إلّا أن أتجاوب بقدر الإمكان مع رغباتكم نظراً إلى إخلاصي وتقديري لكم، ولهذا فسوف أحاول دون أن أقطع بذلك وعداً على نفسي أن أكتب في موضوع المجتهد، ولا أدري هل سوف أنجح في المحاولة بالرغم من كثرة الأشغال أو لا.
وختاماً أبتهل إلى المولى سبحانه وتعالى أن يسدّد خطاكم ويواصل توفيقكم في خدمة الطائفة ويحفظكم لها ذخراً والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
النجف الأشرف
محمّد باقر الصدر».
http://www.yahosein.com/vb/attachment.php?attachmentid=12477&d=1361739456
وفي المقابل كتب إلى السيّد أحمد الحسيني الإشكوري في النصف الأوّل من السبعينات الميلاديّة:
«بسم الله الرحمن الرحيم
قرّة العين الفاضل الكامل العلّامة السيّد أحمد الإشكوري دامت بركاته.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وبعد، فقد تسلّمت رسالتكم العزيزة، وفرحت بها، لأنّها ذكّرتني بما لم أنسه ولا أنساه، ذكّرتني بكم وببقيّة الأحبّة الأعزّاء. ولا تزال أيّها الأحبّة صوركم في قلبي وذكرياتكم [ملء] نفسي، رعاكم الله بعينه التي لا تنام، وأسبغ عليك أيّها العزيز ما يسبغه على الصالحين من عباده من تأييد وتسديد في مرضاته وخدمة دينه الحنيف.
وأمّا موضوع ترجمة كتاب فدك، فأمره موكولٌ إليكم؛ فإنّ اهتمامكم بالكتاب كاهتمامي، فأنتم مأذونٌ في إجازة الترجمة إذا رأيتم أنّها كاملة ومناسبة لفظاً ومعنى. وهناك بعض الملاحظات سوف يشير إليها السيّد أبو جواد [يقصد السيّدكاظم الحائري] في رسالته.
والسلام عليكم وعلى سائر أحبّتكم وإخوانكم ورحمة الله وبركاته.
محمّد باقر الصدر» ... [گنج ورنج: 276، 314. وتاريخها كما ذكرنا لأنّ السيّد كاظم الحائري كان في العراق والسيّد أحمد الإشكوري في إيران ...]
http://www.yahosein.com/vb/attachment.php?attachmentid=12479&d=1361739766
alyatem
15-03-2013, 05:27 AM
السيّد عبد الحسين شرف الدين يشهد باجتهاد السيّد الصدر من خلال (فدك)
عندما وصل كتاب (فدك في التاريخ) إلى السيّد عبد الحسين شرف الدين تناوله وطالعه، وكان جالساً في بيته في صور، ثمّ أطبق الكتاب وقال: «أشهد بالله أنّه مجتهد»، وكان ذلك حوالي 1955 م [مقابلة مع السيّد حسين شرف الدين (أبي رائد) حفيد السيّد عبد الحسين (ارشيف المؤتمر العالمي للامام الشهيد الصدر)].
وبمناسبة الحديث عن السيّد الصدر والسيّد شرف الدين يُشار إلى ما نسب للأوّل بحقّ كتاب (المجالس الفاخرة في مآتم العترة الطاهرة) للثاني حيث جاء:
«المجالس الفاخرة في مآتم العترة الطاهرة تكفّلت ببيان أسرار النهضة الحسينيّة وفضل هذه النهضة على الإسلام والمسلمين مع استشهادٍ بكلمات كبار الكتّاب الأجانب الذين توصّلوا إلى عظمة الإسلام عن طريق أبي الشهداء في ثورته الخالدة على الظلم والظالمين» [المجالس الفاخرة في مآتم العترة الطاهرة، الغلاف الخلفي، بدون توثيق].
***
وقد اشار المحقق العاملي في كتابه ج2 ص 341 في احداث سنة 1390 هـ الى أن تجّارا من البحرين كانوا يرغبون بطباعة (فدك في التاريخ) :
في هذه السنة [فدك في التاريخ، ط المكتبة الحيدريّة، 15/ 3/ 1970 م]، وبعد أن نفذ كتاب (فدك في التاريخ) ولم يُعِد الحاج محمّد كاظم الكتبي طباعته، مرّ عليه مجموعةٌ من أهالي البحرين وقالوا له: «إنّنا أردنا أن نعيد طبع كتاب فدك في التاريخ تأليف السيّد الصدر، وجئنا إليه لنأخذ منه إجازة إعادة الطبع، لكنّه فاجأنا بقوله: (الكتاب للحاج محمّد كاظم الكتبي، ويمكنكم أن تراجعوه وتأخذوا الموافقة منه وليست لي علاقة بهذا الكتاب)».
وعندما أعاد الحاج طباعة الكتاب أخذ نسخاً ورزّمها، ولمّا مرَّ مستخدم السيّد (رحمة الله) أعطاه إيّاها، ولكنّه بعد ذلك أعادها مع اعتذار السيّد (رحمة الله) الذي قال له: «إنّي قدّمت تلك الأوراق لك وليس لي حقٌّ بها، راجياً عدم إحراجي في هذا الموضوع» [صحيفة (لواء الصدر)، (167)، 30/ ذي الحجّة/ 1404 هـ، حيث ينقلها السيّد ياسين الموسوي عن الحاج الكتبي نفسه]، فقال له الحاج الكتبي (رحمه الله): «أعطه لتلاميذك وأقاربك»، فأجاب: «فليشتروا الكتاب إن احتاجوا» [السيّد حامد علي الحسيني نقلًا عن الحاج محمّد كاظم الكتبي (رحمه الله) (أرشيف المؤتمر العالمي للإمام الشهيد الصدر)].
alyatem
15-03-2013, 05:28 AM
وتحت عنوان (مع السيّد شير علي النقوي حول بعض ما جاء في (فدك)، ينقل العاملي في كتابه السيرة والمسيرة في حقائق ووثائق ج3، ص: 196:
في 6/ صفر/ 1396 هـ (6، 7/ 2/ 1976 م حرّر السيّد شير علي النقوي- خادم العلوم الدينيّة بفرع الحوزة العلميّة، مخزن العلوم الجعفريّة- بملتان الباكستانيّة السؤال التالي ووجّه إلى السيّد الصدر (رحمه الله):
«6 صفر المظفّر المصادف 6 فبراير سنة 1976
بسم الله الرحمن الرحيم
سماحة العلّامة الكبير والبحّاثة الجليل آية الله السيّد محمّد باقر الصدر دام ظلّكم العالي.
سلام الله ورحمته عليكم وعلى من لديكم من العلماء والمحصّلين.
وبعد، فإنّي قد استعجم عليّ أمور أثناء دراستي كتابكم الممتع الجليل (اقتصادنا) وسفركم القيّم (فدك في التاريخ)، وأرجو من جنابكم إضاحتها وجلاءها مفصّلًا بحيث يغنى الغليل ويشفى العليل وهي كما يلي:
الأوّل: ذكرتم في (اقتصادنا)" أنّ أموال الفيء والأنفال راجعة إلى الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم، وهي ملك له خاصّة، ومالكيّة الرسول تتعلّق بها من حيث كونه رسولًا، وبلفظ آخر: إنّها ملكٌ للدولة ليصرفها الرسول كيف ما شاء. كما أنّ من الثابت المحقّق عندكم أنّ كلّ ما كان له من حيث كونه رسولًا راجحٌ إلى الإمامة بعده.
فأقول: إنّ هذه الفكرة لا تناهض مع دعوى السيّدة الزهراء سلام الله عليها ميراثها من فدك وغيرها من أموال الفيء والأنفال كما هو الظاهر، فكيف التوفيق؟
الثاني: قلتم في كتابكم الشهير (فدك في التاريخ) ص 21 أنّ أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام انتزع فدك من مروان، كما انتزع إقطاع عثمان من آخرين. فالمسؤول من فضيلتكم أنّ هذه الفكرة هل هي ملتقطة من عمومات ما ورد في التاريخ من أنّ أمير المؤمنين ردّ إقطاع عثمان كلّها أو ناشئة من نصّ التاريخ عل خصوص انتزاع فدك من مروان وإرجاعها إلى أهلها.
فأيّاً ما كان فالمرجو منكم النصّ على المآخذ أو الإلماع إليها إلماعاً بيّناً وافياً.
والسلام عليكم ورحمة الله
وأنا خادمكم
السيّد شير علي النقوي- خادم العلوم الدينية
بفرع الحوزة العلميّة- مخزن العلوم الجعفريّة
شيعة ميالى- ملتان- باكستان».
وقد أجاب (رحمه الله) بما يلي:
«بسمه تعالى
بعد السلام عليكم والدعاء لكم بمزيد التأييد والتسديد إليكم الجواب.
ج 1: مالكيّة النبي (ص) للأنفال تستدعي إمكان التمليك من قبله إذا اقتضت المصلحة العامّة ذلك. وقد ثبت أنّه ملّك فدك لفاطمة عليها السلام.
على هذا الأساس، فكما أنّ النبي هو المالك لصفو العنيمة لأنّه من الأنفال وله أن يهب ذلك لغيره إذا اقتضت المصلحة، كذلك الأرض التي لم يوجف عليها بخيل ولا ركاب. والإمام إنّما يرث كلّ ما كان باقياً على ملك النبي لا ما نقله عن ملكه تطبيقاً للمصلحة العامّة بهبة أو بيع ونحو ذلك.
ج 2: طرأ على فدك انحرافات: أحدها الانحراف بتحويلها من حيازة فاطمة عليها السلام إلى بيت المال العام. والآخر تحويلها من بيت المال إلى يد مروان.
والانحراف الثاني تمّ على يد عثمان. والإمام أمير المؤمنين حينما تولّى الخلافة كان بصدد إزالة الانحرافات التي وقعت من قبل عثمان مؤجّلًا إزالة ما قبل ذلك من انحرافات إلى المرحلة التالية.
ولهذا فقد استرجع فدك وأعادها إلى سيرتها قبل عثمان ولم يردّها إلى ورثة الصدّيقة عليها السلام.
الصدر»
http://www.yahosein.com/vb/attachment.php?attachmentid=12484&stc=1&d=1361775356
http://www.yahosein.com/vb/attachment.php?attachmentid=12485&stc=1&d=1361775356
alyatem
15-03-2013, 05:29 AM
وفي ج3، ص: 346 وفي معرض ذكر استفسارات وردت من السيّد محمّد الغروي يذكر العاملي:
في هذه الفترة [يعني عام 1397 هـ] وجّه السيّد محمّد الغروي مجموعة من الأسئلة إلى السيّد الصدر (رحمه الله) أجاب عنها بما يلي:
«بسمه تعالى
ولدنا العزيز حفظه الله تعالى ورعاه.
سرّني الاطّلاع على أحوالكم، وحمدت المولى سبحانه على ما حباكم به من تسديد وتأييد، وقد وصلتنا رسالتكم السابقة وأجبنا عليها وقد أجبنا على الأسئلة هنا مرّة أخرى تأكيداً وضماناً لوصولها.
والسلام وعلى من حولكم من المؤمنين ورحمة الله وبركاته.
الصدر».
أمّا الأسئلة والأجوبة فقد جاءت على النحو التالي: ...
[استفسار السيد الغروي] 15- ما رأيكم في إعادة طباعة معالم الجديدة في الأصول مع العلم الإجمالي في الأصول مع كتاب فدك. إذا تمّت الموافقة إرسال النسخ عن هذه الكتب لإعادة طباعتها. تكفّل حامد بطباعتها. الغرض من ذلك إبراز شخصيّة سيادتكم من خلال كتبكم. فدك تنشر في ايران.
[جواب السيد الصدر] لا أوافق على طبع فدك في التاريخ، وأمّا المعالم الجديدة فقد استبدلت بحلقات ثلاث حتّى الآن إنجاز حلقتين منها وبدأت في الحلقة الثالثة، فلا موجب لإعادة طبع المعالم الجديدة.
http://www.yahosein.com/vb/attachment.php?attachmentid=12488&stc=1&d=1361775870
http://www.yahosein.com/vb/attachment.php?attachmentid=12487&stc=1&d=1361775664
alyatem
15-03-2013, 05:29 AM
وينقل العاملي في ج4، ص: 116 تحت عنوان الفراغ من إلقاء محاضرات (التفسير الموضوعي) ومحاضرة حول (حبّ الدنيا) :
ويوم الأربعاء 4/ رجب/ 1399 هـ (31/ 5/ 1979 م)، فرغ السيّد الصدر (رحمه الله) من إلقاء محاضراته حول (التفسير الموضوعي)، وكان القسم الكبير من المحاضرة الأخيرة حول موضوع (حبّ الله وحبّ الدنيا)، وكانت لها دلالاتها الخاصّة في وقتها.
ثم يذكر نص المحاضرة الى ان يصل في ص: 120 لقول الشهيد الصدر رحمه الله تعالى:
كلّ إنسان يستولي حبّ الدنيا على قلبه يهلك هو، أمّا الطلبة، أمّا نحن إذا استولى حبّ الدنيا على قلوبنا سوف نَهلك ونُهلك الآخرين؛ لأنّنا وضعنا أنفسنا في موضع المسؤوليّة، في موضع ربط الناس بالله سبحانه وتعالى، والله لا يعيش في قلوبنا. إذن سوف لن نتمكّن من أن نربط الناس بالله.
نحن أولى الناس وأحقّ الناس باجتناب هذه المهلكة؛ لأنّنا ندعي أنّنا ورثة الأنبياء وورثة الأئمّة والأولياء، أنّنا السائرون على طريق محمّد وعلي والحسن والحسين عليهم الصلاة والسلام. ألسنا نحاول أن نعيش شرف هذه النسبة؟ هذه النسبة تجعل موقفنا أدقّ من مواقف الآخرين؛ لأنّنا نحن حملة أقوال هؤلاء وأفعال هؤلاء، أعرف الناس بأقوالهم وأعرف الناس بأفعالهم، ألم يقل رسول الله (ص): «إنّا معاشر الأنبياء لا نورّث ذهباً ولا فضّة ولا عقاراً، إنّما نورث العلم والحكمة»
ويعلّق المحقق احمد ابو زيد العاملي في الهامش قائلا:
هذا الحديث مرويٌّ عند الفريقين مع يسير اختلاف:
أمّا عندنا فقد روي عن أبي عبد الله: «إنّ العلماء ورثة الأنبياء، وذاك أنّ الأنبياء لم يورّثوا درهماً ولا ديناراً وإنّما أورثوا أحاديث من أحاديثهم، فمن أخذ بشيءٍ منها فقد أخذ حظّاً وافراً ..» (الكافي 1: 32؛ وفي الكافي 1: 34 عنه عن رسول الله؛ وانظر عموماً: من لا يحضره الفقيه 4: 387؛ وسائل الشيعة 27: 78؛ مستدرك الوسائل 17: 229؛ بحار الأنوار 1: 164). وقد عدّ السيّد الخميني هذه الصيغة ضمن أدلّة ولاية الفقيه (كتاب البيع 2: 245).
أمّا عند أهل السنّة فقد روي بالصيغة التالية: «نحن معاشر الأنبياء لا نورث، ما تركناه صدقة» أو «فهو صدقة» أو «ما تركنا فهو صدقة»، ولم أجده بغير هذه الصيغ في كتبهم.
والمرويُّ عندنا عن أبي بكر: «إنّا معاشر الأنبياء لا نورّث ذهباً ولا فضّة ولا داراً ولا عقاراً، وإنّما نورث الكتب والحكمة والعلم والنبوّة»، وقد ورد في محاججته مع السيّدة الزهراء (انظر: الاحتجاج 1: 104؛ بحار الأنوار [طبعة دار الرضا] 29: 231). ويقول أبو الفضل الديلمي: إنّ هذا الحديث افتراءٌ لاغتصاب فدك (انظر: الذريعة إلى تصانيف الشيعة 4: 257).
يُشار إلى أنّ للسيّد الصدر مناقشتين حول هذا الحديث:
الأولى: سنديّة، حيث يتساءل عن سرّ تفرّد أبي بكر برواية هذا الحديث (فدك في التاريخ. ط. التعارف: 131).
الثانية: دلاليّة، حيث يقول: «... ويمكن أن تكون كناية عن معنى لا يبعد أن يقع في نفس رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بيانُه، وهو تعظيم مقام النبوّة وتجليل الأنبياء. وليس من مظهرٍ للجلالة الروحيّة والعظمة الإلهيّة أجلى دلالة وأكثر ماديّة من الزهد في الدنيا ولذائذها الزائفة ومتعها الفانية، فلماذا لا يجوز لنا افتراض أنّ النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أراد أن يشير إلى أنّ الأنبياء أناس ملائكيّون وبشر من الطراز الأسمى الذي لا تشوبه الأنانيّات الأرضيّة والأهواء البشريّة، لأنّ طبيعتهم قد اشتقّت من عناصر السماء - بمعناها الرمزي - المتدفّقة بالخير، لا من مواد هذا العالم الأرضي. فهم أبداً ودائماً منابع الخير والطالعون بالنور والمورّثون للإيمان والحكمة والمركّزون للسلطان الإلهي في الأرض، وليسوا مصادر للثروة بمعناها المصطلح عليه في عرف الناس ولا بالساعين وراء نفائسها. ولماذا لا يكون قوله: (إنّا معاشر الأنبياء لا نورّث ذهباً ولا فضّة ولا أرضاً ولا عقاراً ولا داراً) كناية عن هذا المعنى» (فدك في التاريخ، ط. التعارف: 116).
وما يورده في خطبة (حبّ الدنيا) ينسجم مع المناقشة الدلاليّة المتقدّمة.
وهنا نتمّم كلام السيّد الصدر بكلام آخر للسيّد الخوئي يقول فيه:
«وليعلم أنّ هذه الرواية مرويّة عن طرقنا أيضاً، و ما قلنا: إنّه كذب و افتراء هو ذيلها، وهو: (ما تركناه صدقة وفيء للمسلمين). و معنى الرواية بدون هذا الذيل المجعول ظاهر، ولا يكاد يخفى عدم دلالتها على أنّ الأنبياء لا يورّثون حتى ثيابهم، إذ لا أقلّ من أنّ النبي عند موته له ثوب لابسه، فالمقصود أنّ الأنبياء ليس همّهم كسائر الناس في جمع المال والذهب والفضّة وتوريثهم ذلك، بل همّهم هو تعليم العلوم الإلهيّة، وعمدة توريثهم هو العلم والحكمة» (الهداية في الأصول 4: 297).
alyatem
15-03-2013, 05:30 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
{وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ}
{كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ}
{فَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ وَإِنَّا لَهُ كَاتِبُونَ}
{فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ}
قال الصادق عليه السلام:
(يحشر العبد يوم القيامة وما ندى (أي: بلل) دما، فيدفع إليه شبه المحجمة (أي: قارورة الحجامة)، أو فوق ذلك، فيقال له: هذا سهمك من دم فلان، فيقول: يا رب إنك لتعلم أنك قبضتني وما سفكت دما، فيقول: بلى، سمعت من فلان رواية كذا وكذا، فرويتها عليه، فنقلت حتى صارت إلى فلان الجبار فقتله عليها. وهذا سهمك من دمه).
إن الشهيد الصدر ظلم كثيرا فلا تضيفوا إلى ظلامته ظلامة أخرى، لقد اغتاله النظام الكافر جسديا فلا تغتالونه معنويا. وليعلم الأدعياء أن مساعيهم ستبقى محدودة وضيقة مهما أتقن روادها فنون المكر والغدر وتسويق الشعارات والتلفع بنصوص الدين العظيمة...
وإذا كان بنو العباس المنحرفون عن أهل البيت عليهم السلام قد رفعوا ظلامة الحسين وأهل البيت شعارا لثورتهم، يستدرون به عطف الامة ونصرتها فحظوا بما يريدون، فما أكثر الخطوط المنحرفة عن خط الصدر وعقيدته ورسالته التي اتخذت من ظلامته شعارا لحركتها، ووسيلة اعلامية في جهدها الاعلامي، لتجسد بذلك هي وكل من يسيء الاستفادة من الظلامة دون ان يؤمن بخط صاحبها ونهجه.
وفي قضية السيد الشهيد الصدر وظلامته الموجعة حصل من التشويه والتحريف والمتاجرة ما يحكم آصرة المماثلة بين ثورته واسوتها وأصلها، ثورة جده سبط المصطفى.
لقد زيد فيها من الامور ما ليس منها، وانقص منها ما هو من صميمها، ونسب اليه ما لم يقله، ونحي عن الاسماع من كلامه ما ينفع السامعين، واستخدم الطامعون قضيته تجارة مربحة ينال منها الربح الوفير، واتخذه طلاب الجاه جسرا الى امجادهم، وبناء ذواتهم، واعمار وجوداتهم، حتى ان الكارهين له بالامس الذين لم يكونوا يكنون له الا اللامبالاة او التحفظ، صاروا بحكم الحس الجماهيري العارم المنشد الى الرمز الشهيد يثنون عليه، ويطرونه، ويذكرونه احسن الذكر في وسائل اعلامهم ومنابرهم.
vBulletin 3.8.14 by DRC © 2000 - 2024
Jannat Alhusain Network © 2024