مرتضى علي الحلي
16-03-2013, 04:33 PM
{هَذَا بَصَائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّقَوْمِ يُوقِنُونَ }الجاثية20
================================
:أصالةُ القرآن الكريم قيميِّاً و إطلاقياً :
====================
: منهجٌ ومعطيات :
---------------
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله الطاهرين
: تمهيد :
--------
لم يكن القرآن الكريم كتاباً بشرياً في صياغاته وتشريعاته وإرشاداته حتى يُوصَّف بالمحدودية التأريخية أو الزمانية أو المكانية أو حتى المجتمعية في نطاق المسلمين حصراً .
لا بل هو كان ويكون كتاباً مفتوحاً على الإنسان والزمان والمكان
إذ أنّه أخذ في موضوعاته طبيعي الإنسان بما هو هو
ولاحظ التشكُل النهائي للمجموع من الناس كافة
ليحكي لهم أنَّ كلَّ ما في القرآن الكريم هو بصائر لكم وسبلٌ تتكفل بإرشادكم إلى الحق وتجنبكم
الباطل والضلال .
ذلك ماعناه المنحى اللفظي والصياغي للآية الشريفة أعلاه
فهذا هو إسم إشارة يتعيَّن به المحسوس القريب في الواقع والخارج عياناً ومصداقا
بمعنى أنَّ كل القرآن الكريم بسوره وآياته الشريفة فيه جَنبة وميزة البصيرة وفعليّة الإستبصار به فهماً ومعرفة وحكمة وعلماً وفطنة وحجةً وكشفاً .
لذا جائت الصياغة اللفظية بصورة الجمع :بصائر:
لتضع الإنسان بماهو إنسان قبل التوصيفات على أرضٍ ذات قرار مكين .
فالإنسان بطبيعته البشرية وقبل أن يتلبس بوصف المُسلِم أو المؤمن
ممكن له أن يستبصر بما في القرآن الكريم من بصائر كليّة وجزئية مفاهيمية ومصداقية
ماضوية وحاضرية ومستقبلية
وعقيدية وتشريعية .
من هنا إختزن القرآن الكريم ذلك المراد الجدي بصدر الآية الشريفة
في قوله تعالى
{ هَذَا بَصَائِرُ لِلنَّاسِ }
وحين يترقى الإنسان في طبيعته حال قبوله الإستبصار سيتلبس بوصف المهتدي والموقن فعلاً
وهذا هو مفاد ذيل النص الشريف في قوله تعالى
{ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّقَوْمِ يُوقِنُونَ }
بمعنى أنَّ من الناس من يمكن له أن يستبصر ببصائر القرآن الكريم ليهتدي إراديا
ويُشمَلَ برحمة الله تعالى ويكون من الموقنين .
هذا وقد جعل القرآن الكريم خيار الإستبصار مفتوحاً أمام الناس أجمعين
وألقى المسؤوليَّة على عنق الإنسان في طبيعته حتى أنَّ اللهَ تعالى لم يجعل الإلزام للإنسان سبيلاً لهدايته .
قال تعالى
{قَدْ جَاءكُم بَصَآئِرُ مِن رَّبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا وَمَا أَنَاْ عَلَيْكُم بِحَفِيظٍ }الأنعام104
بمعنى يا أيها الناسُ قد جاءتكم براهين ظاهرة تبصرون بها الهدى من الضلال
مما اشتمل عليها القرآن الكريم
فمَن تبيَّن وعرفَ هذه البراهين وآمن بمدلولها فنَفْغُ ذلك لنفسه
ومَن لم يبصر الهدى بعد ظهور الحجة عليه فعلى نفسه جنى
: البصيرةُ منهجٌ مُثمر ومُنتج :
=================
لقد ذكر القرآن الكريم مفردة البصيرة مرتين
مرةً بجانب الرسول والمعصوم ومرةً بجانب الإنسان نفسه .
قال تعالى
{قُلْ هَـذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ }يوسف108
{بَلِ الْإِنسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ }القيامة14
وهذا يعني أنَّ الإنسان بأيِّ وصفٍ كان يجب أن يكون على وضوح ومعرفة وفهم
وآفاقية ذهنية ونفسية وسلوكية صائبة وقويمة
تُنتج ثمرات فعلية ووجدانية ومجتمعية تأخذ بيد صاحبها إلى ساحل النجاة مُطلقا.
مما يتطلبُ ذلك من الإنسان أن يقوم ببذل وسعه في ضرورة تحصيل الإستقرار الفكري والسلوكي في شخصيته
لينفتح على العالم من حوله جملة وتفصيلا
وليقرأ دلالات الوجود الذي إكتنفه تفضلا من ربه ولطفا .
والقرآن الكريم منذ اللحظات الأولى لنزوله قد بادر بفتح الآفاق الكونية والنفسية على الإنسان وطالبه بقراءة ما حوله مطلقا
وحثه على القيام والنهوض بسلوكه وصلاً بربه وخالقه وتكميلاً لذاته وتطويرا
قال تعالى.
{اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ }العلق1
{اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ }العنكبوت45
ولِنَلحَظ هنا توصيف الله عز وجل نفسه بالربوبية والخالقية المُطلقة
بعد طلبه الإرشادي من الإنسان بأن يقرأ نفسه والعالم الذي هو فيه .
ملحظاً يضعنا في وعي مُتميِّز ومنتج .
ويجعلنا في صورة سوية سلوكاً وأثرا .
والسلامُ عليكم ورحمة الله وبركاته
مرتضى علي الحلي : النجف الأشرف :
================================
:أصالةُ القرآن الكريم قيميِّاً و إطلاقياً :
====================
: منهجٌ ومعطيات :
---------------
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله الطاهرين
: تمهيد :
--------
لم يكن القرآن الكريم كتاباً بشرياً في صياغاته وتشريعاته وإرشاداته حتى يُوصَّف بالمحدودية التأريخية أو الزمانية أو المكانية أو حتى المجتمعية في نطاق المسلمين حصراً .
لا بل هو كان ويكون كتاباً مفتوحاً على الإنسان والزمان والمكان
إذ أنّه أخذ في موضوعاته طبيعي الإنسان بما هو هو
ولاحظ التشكُل النهائي للمجموع من الناس كافة
ليحكي لهم أنَّ كلَّ ما في القرآن الكريم هو بصائر لكم وسبلٌ تتكفل بإرشادكم إلى الحق وتجنبكم
الباطل والضلال .
ذلك ماعناه المنحى اللفظي والصياغي للآية الشريفة أعلاه
فهذا هو إسم إشارة يتعيَّن به المحسوس القريب في الواقع والخارج عياناً ومصداقا
بمعنى أنَّ كل القرآن الكريم بسوره وآياته الشريفة فيه جَنبة وميزة البصيرة وفعليّة الإستبصار به فهماً ومعرفة وحكمة وعلماً وفطنة وحجةً وكشفاً .
لذا جائت الصياغة اللفظية بصورة الجمع :بصائر:
لتضع الإنسان بماهو إنسان قبل التوصيفات على أرضٍ ذات قرار مكين .
فالإنسان بطبيعته البشرية وقبل أن يتلبس بوصف المُسلِم أو المؤمن
ممكن له أن يستبصر بما في القرآن الكريم من بصائر كليّة وجزئية مفاهيمية ومصداقية
ماضوية وحاضرية ومستقبلية
وعقيدية وتشريعية .
من هنا إختزن القرآن الكريم ذلك المراد الجدي بصدر الآية الشريفة
في قوله تعالى
{ هَذَا بَصَائِرُ لِلنَّاسِ }
وحين يترقى الإنسان في طبيعته حال قبوله الإستبصار سيتلبس بوصف المهتدي والموقن فعلاً
وهذا هو مفاد ذيل النص الشريف في قوله تعالى
{ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّقَوْمِ يُوقِنُونَ }
بمعنى أنَّ من الناس من يمكن له أن يستبصر ببصائر القرآن الكريم ليهتدي إراديا
ويُشمَلَ برحمة الله تعالى ويكون من الموقنين .
هذا وقد جعل القرآن الكريم خيار الإستبصار مفتوحاً أمام الناس أجمعين
وألقى المسؤوليَّة على عنق الإنسان في طبيعته حتى أنَّ اللهَ تعالى لم يجعل الإلزام للإنسان سبيلاً لهدايته .
قال تعالى
{قَدْ جَاءكُم بَصَآئِرُ مِن رَّبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا وَمَا أَنَاْ عَلَيْكُم بِحَفِيظٍ }الأنعام104
بمعنى يا أيها الناسُ قد جاءتكم براهين ظاهرة تبصرون بها الهدى من الضلال
مما اشتمل عليها القرآن الكريم
فمَن تبيَّن وعرفَ هذه البراهين وآمن بمدلولها فنَفْغُ ذلك لنفسه
ومَن لم يبصر الهدى بعد ظهور الحجة عليه فعلى نفسه جنى
: البصيرةُ منهجٌ مُثمر ومُنتج :
=================
لقد ذكر القرآن الكريم مفردة البصيرة مرتين
مرةً بجانب الرسول والمعصوم ومرةً بجانب الإنسان نفسه .
قال تعالى
{قُلْ هَـذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ }يوسف108
{بَلِ الْإِنسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ }القيامة14
وهذا يعني أنَّ الإنسان بأيِّ وصفٍ كان يجب أن يكون على وضوح ومعرفة وفهم
وآفاقية ذهنية ونفسية وسلوكية صائبة وقويمة
تُنتج ثمرات فعلية ووجدانية ومجتمعية تأخذ بيد صاحبها إلى ساحل النجاة مُطلقا.
مما يتطلبُ ذلك من الإنسان أن يقوم ببذل وسعه في ضرورة تحصيل الإستقرار الفكري والسلوكي في شخصيته
لينفتح على العالم من حوله جملة وتفصيلا
وليقرأ دلالات الوجود الذي إكتنفه تفضلا من ربه ولطفا .
والقرآن الكريم منذ اللحظات الأولى لنزوله قد بادر بفتح الآفاق الكونية والنفسية على الإنسان وطالبه بقراءة ما حوله مطلقا
وحثه على القيام والنهوض بسلوكه وصلاً بربه وخالقه وتكميلاً لذاته وتطويرا
قال تعالى.
{اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ }العلق1
{اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ }العنكبوت45
ولِنَلحَظ هنا توصيف الله عز وجل نفسه بالربوبية والخالقية المُطلقة
بعد طلبه الإرشادي من الإنسان بأن يقرأ نفسه والعالم الذي هو فيه .
ملحظاً يضعنا في وعي مُتميِّز ومنتج .
ويجعلنا في صورة سوية سلوكاً وأثرا .
والسلامُ عليكم ورحمة الله وبركاته
مرتضى علي الحلي : النجف الأشرف :