الباحث الاكاديمي
18-03-2013, 10:31 PM
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على خير الخلق محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين
ان علامات الظهور المقدس المحتومة انما هي داخلة في تنجيز بعض السنن الالهية ولارتباطها بتلك السنن اكتسبت علامات الظهور المقدس صفة الحتمية التي لابد منها.
ومن تلك السنن قوله تعالى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ [محمد : 7].
وقوله سبحانه : وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ [العنكبوت : 69].
وقوله عز وجل : أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ [العنكبوت : 2].
وقوله عز وجل : أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء وَزُلْزِلُواْ حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللّهِ قَرِيبٌ [البقرة : 214].
وتتصف السنن الالهية بأنها لا تتبدل ولا تتحول فلا يمكن ان يطرأ عليها توقيف او بداء.
قال تعالى : فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلاً وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلاً [فاطر : 43]
سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً [الفتح : 23]
***
وتصنف علامات الظهور حسب الدور الذي تلعبه في تنجيز تلك السنن الى نمطين :
النمط الاول : العلامات البشرية.
وتقسم هذه العلامات الى اربعة اصناف :
***
اولا- العلامات البشرية التي يقدمها المؤمنون :
وهي العلامات التي يقدمها المؤمنون باتجاه التمهيد للظهور المقدس تأدية منهم لدورهم في تنجيز السنن الالهية (نصر الله , والجهاد فيه ), واستدراراً ( لنصر الله تعالى لهم وهدايتهم الى سبله) وهو جزائهم في السنن الالهية.
وهذه العلامات هي : العدة 313 واليماني.
العدة 313 :
------------
ان العدة 313 هي مفتاح العلامات فعند اكتمال نضوج الرجال اصحاب العدة 313 بوصولهم الى درجة الوعي المطلوب لقيامهم بأدوارهم التي سوف تناط بهم بعد ذلك, تقوم الحجة على الامام الغائب عج بوجود الناصر.
قال امير المؤمنين (عليه السلام) عن ذلك: (أما والذي فلق الحبة وبرأ النسمة لولا حضور الحاضر وقيام الحجة بوجود الناصر وما أخذ الله على العلماء أن لا يقاروا على كظة ظالم ولا سغب مظلوم لألقيت حبلها على غاربها ولسقيت آخرها بكأس أولها ولألفيتم دنياكم هذه أزهد عندي من عفطة عنز. (نهج البلاغة/ جزء من الخطبة الشقشقية).
تلك السنة الالهية التي اجراها على الخلق والزم بها قادته المعصومين صلوات الله عليهم انه اذا حضر الناصر لاينبغي لهم القعود.
عن أبي عبد الله (ع) قال: ( أما لو كملت العدة الموصوفة ثلاثمائة وبضعة عشر كان الذي تريدون). كتاب الغيبة - محمد بن إبراهيم النعماني - الصفحة ٢١١
اليماني :
-------
ان اليماني يمثل تنجيز سنة نصرة الله تعالى والجهاد فيه.
وقد ذكرت الروايات ان اليماني هو اهدى الرايات وهو راية الهدى لانه يدعوا الى القائم عج.
عن الصادق عليه السلام قال: ( خروج السفياني واليماني والخراساني في سنة واحدة ، في شهر واحد ، في يوم واحد ، نظام كنظام الخرز يتبع بعضه بعضاً ، فيكون البأس من كل وجه ، ويل لمن ناواهم . وليس في الرايات راية أهدى من راية اليماني ، هي راية حق لأنه يدعو إلى صاحبكم ، فإذا خرج اليماني حرم بيع السلاح على الناس ، وإذا خرج اليماني فانهض إليه فإن رايته راية هدى ، ولا يحل لمسلم أن يلتوي عليه ، فمن فعل ذلك فهو من أهل النار ، لأنه يدعو إلى الحق وإلى طريق مستقيم) ( بشارة الإسلام ص93 عن غيبة النعماني ).
فصفة الهدى الموصوف بها اليماني مرتبطة بالدعوة الى القائم عج قبل خروجه ولكي يكون اليماني هو الداعي الاهدى فالمنطق العقلي يدعونا الى الاعتقاد بأن اليماني يجب ان يكون محيطا بكافة جزئيات القضية المهدوية سيما علامات الظهور المقدس حيث يقوم اليماني بتحليل علامات الظهور تحليلا بارعا يكشف فيه جميع شخوص واحداث الظهور ويقوم بالدعوة الى تلك الافكار من دون ان يعلن عن نفسه بأنه هو اليماني الموعود وان كان يعلم ذلك ظنا او يقينا.
وتقوم دعوة اليماني وسط دعوات الهدى الاخرى لكن دعوته هي الدعوة الاوضح والاكثر منطقية من بين الدعوات بل هي التي انفردت بالصواب لذلك كانت الاهدى. وفي مقابل دعوة اليماني سوف ترفع دعاوى الادعياء.
-
وبالإضافة الى تلك الدعوة التي يقوم بها اليماني فأنه يقوم بالخروج المسلح لمقاومة جيش السفياني وذلك يعني انه بالإضافة الى كون اليماني رجل دين فانه رجل سياسة وقيادي امني حيث انه القائد الميداني للراية.
ان تلك الصفات التي اتصف بها اليماني والتي اكتسبها باجتهاده الشخصي في مسيرته العلمية الدينية والسياسية والامنية والتي لم تتوفر في غيره من اصحاب الدعوات هي التي اهلته للقيام بدور اليماني الموعود.
ان العراق كما اسلفنا هو مقر اقامة الامام عج وهو مركز انطلاقته في فتوحاته العالمية وفي العراق مركز الثقل الشيعي المناصر ومراقد اجداده العظام.
لذلك كان من المحتم على شيعة القائم عج تمهيد الارض في العراق لاستقبال الامام الحجة عج بطرد جيش السفياني ومن بعد ذلك انتقال اليماني الى مكة المكرمة ليكون وزير الامام الحجة عج.
ثانيا- علامات بشرية تمثل جانب الشر والوثنية مقابل جانب الخير والتوحيد ومنها :
السفياني :
-----------
جاء في الرواية : عن الإمام زين العابدين عليه السلام : (إن أمر القائم حتم من الله ، وأمر السفياني حتم من الله ، ولا يكون قائم إلا بسفياني). (البحار:53/182)
ان ذلك الجزم ( ولا يكون قائم الا بسفياني) وتلك الحتمية الموصوف بها السفياني تبين لنا كون السفياني داخلا في تنجيز السنن الالهية.
وتلك السنة الالهية التي يدخل السفياني في تنجيزها هي القانون الالهي بجعل المجرمين مقابل دعوة النبيين :
وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً مِّنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِياً وَنَصِيراً [الفرقان : 31]
وهو صراع الحق والباطل والايمان والنفاق والوثنية والتوحيد.
فلا يبين الحق الا بوجود الباطل ولا يقوم التوحيد الا بالاقتصاص من الوثنية.
وهي سنن الابتلاء والاختبار والتمحيص والغربلة التي اجراها الله تعالى بحكمته وهيمنته على عباده. وحمله اياهم على الجهاد ونصرته سبحانه ضد اعدائه واعداء انبيائه ورسله من المجرمين.
ومصداق المجرمين في زمان الظهور المقدس هو السفياني الملعون حيث انه سيكون ممثل الوثنية بعد زوال الاوثان الحاكمة في حركة خلع العرب لاعنتها في مقابل ممثل التوحيد الامام الحجة عج.
***
ثالثا- علامات بشرية يقوم بها عامة البشر :
خلع العرب لاعنتها :
-------------------
عن يعقوب السراج ، قال : " قلت لابي عبد الله ( عليه السلام ) : متى فرج شيعتكم ؟ قال : إذا اختلف ولد العباس ووهى سلطانهم
، وطمع فيهم من لم يكن يطمع ، وخلعت العرب أعنتها ، ورفع كل ذى صيصية صيصيته ، وظهر السفياني ، وأقبل اليماني ، وتحرك الحسني
، خرج صاحب هذا الامر.الغيبة للنعماني ص270.
وفي تاج المواليد للطبرسي ، في علائم ظهور الإمام القائم المهدى عجل الله فرجه عن الإمام علي الرضا (ع) : ( ... وخلع العرب أعنتها
وتملكها البلاد ، و خروجها عن سلطان العجم..).
في مواطن التمهيد للظهور المقدس تحدث الثورات الشعبية التي لا تقتصر على المؤمنين الموالين وانما تشمل جمع العرب لخلع الاوثان الحاكمة وسعي تلك الشعوب لنشر القيم الروحية للاسلام والانسانية المتمثلة بالعدل والمساواة والحريات العامة وحقوق الانسان وايجاد النظام السياسي الامثل.
-
ان ذلك الجهد الانساني له الشأن الكبير لدى الباري عز وجل حيث ان تلك الشعوب الثائرة والتي بذلت وسعها رافضة قيم الظلم والجور والعدوان تكون قد عملت ما يتحتم عليها وعلى الله تعالى عز وجل ان يقدم لهذه الشعوب قيادته المعصومة للسير بتلك الشعوب نحو تحقيق غاياتها وارساء دعائم الخلافة الالهية التي يتوق اليها المسلمون منذ قرون من الزمان.
فلا ريب ان ابواب السماء سوف تتفتح لهم والامر الالهي بالظهور المقدس سيكون بين الكاف والنون.
فالجميع اصبح يعمل على انجاز القضية الالهية فأن ثورات الشعوب العربية على الاوثان البشرية والتي كانت العلة الابرز للغيبة الشريفة : جاء في رسالة الامام عج للشيخ المفيد (نحن وإن كنا نائين بمكاننا النائي عن مساكن الظالمين حسب الذي أراناه الله تعالى لنا من الصلاح ولشيعتنا المؤمنين في ذلك ما دامت دولة الدنيا للفاسقين).
رابعا- العلامات التي تكون من صنع البشر :
رجفة الشام :
-------------
وهي علامة تعد ضرورية لتنجيز العلامات الحتمية.
عن أمير المؤمنين عليه السلام ، قال :
إذا اختلف الرمحان بالشام ، لم تنجل إلا عن آية من آيات الله . قيل: وما هي يا أمير المؤمنين؟ قال: رجفة تكون بالشام ، يهلك فيها أكثر من مائة ألف، يجعلها الله رحمة للمؤمنين وعذاباً على الكافرين. فإذا كان ذلك ، فانظروا إلى أصحاب البراذين الشهب المحذوفة ، والرايات الصفر ، تقبل من المغرب حتى تحل بالشام ، وذلك عند الجزع الأكبر والموت الأحمر . فإذا كان ذلك فانظروا خسف قرية من دمشق يقال لها حرستا . فإذا كان ذلك خرج ابن آكلة الاكباد من الوادي اليابس ، حتى يستوي على منبر دمشق . فإذا كان ذلك فانتظروا خروج المهدي ) (غيبة النعماني: 305).
-
ان الاوضاع السياسية في سوريا في حركة خلع اهل سوريا لحاكمهم الاصهب سائرة نحو التأزيم ولا مجال لخروج السفياني حتى تحدث تلك الرجفة التي وصفتها الروايات بأنها يقتل فيها اكثر من مائة الف وستكون رحمة للمؤمنين وعذابا على الكافرين - حيث ان الوضع بحاجة الى عمل طاريء يؤدي الى تسيير الامور لصالح السفياني - فعند حدوث الرجفة والتي يتضرر منها اعداء الشيعة من النواصب سيتاح للسفياني الخروج وسوف تتحرك جميع العلامات ولولا حدوث تلك الرجفة لما استطاع السفياني من الخروج وتلك الرجفة لابد ان تكون من صنع البشر للاسباب التالية :
1- ان تسلسل هذه العلامة يكون في بداية حدوث العلامات البشرية والمنجزة لشرط السنة الالهية. وان كانت الرجفة ليست من صنع المؤمنين لكنها لن تكون صادرة من جهة الغيب لعدم توفر مقتضيات الجزاء للمؤمنين. كما ان هذه العلامة ليست كعلامة الخسف بجيش السفياني بين مكة والمدينة والتي صرحت الروايات انها بأمر من الله تعالى وبتنفيذ من جبرائيل عليه السلام.
2- تمركز اثار تلك العلامة في اعداء الله من الاسلاميين المتطرفين ( تكون رحمة للمؤمنين وعذابا على الكافرين) ويعني ذلك انها موجهة الى ذلك الحشد السكاني بالتحديد.
3- ان تلك الرجفة تصب اثارها في مصلحة السفياني بعد ضعف جانب الابقع وهذا الفعل لا يمكن ان ينسب الى جانب الغيب حيث ان الله تعالى لا يعين الكافرين.
كما ان العدد المقتول في تلك الرجفة يشير الى استخدام احد اسلحة الدمار الشامل وسنتناول هذا الموضوع بالتفصيل في ابحاثنا القادمة ان شاء الله تعالى.
النمط الثاني : العلامات الغيبية :
وهي العلامات التي يقدمها الله عز وجل للتمهيد للظهور المقدس اتماما لسننه بعد قيام البشر وخصوص المؤمنين بتنجيز مقدم السنن الالهية بجهادهم في سبيله ونصرتهم له سبحانه فتمتد يد الغيب لنصر المؤمنين وتثبيت اقدامهم وهدايتهم الى سبله وكذلك من اجل القاء الحجة على عباده وهذه العلامات هي : الصيحة والنفس الزكية والخسف بالبيداء.
-
الصيحة :
--------
هي اول العلامات الغيبية وتكون بعد انتصار المؤمنين في جيش اليماني والخراساني على جيش السفياني وتمهيد ارض العراق لاستقبال القائد المفدى عج, حيث تجري سنة الله تعالى في القاء حجته البالغة على عباده بالنداء بأسم القائم عج على لسان جبرائيل عليه السلام.
قال تعالى : قُلْ فَلِلّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاء لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ [الأنعام : 149].
وقوله عز وجل : رُّسُلاً مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللّهُ عَزِيزاً حَكِيماً [النساء : 165].
النفس الزكية :
--------------
ورد في إكمال الدين بسنده عن محمد بن مسلم أنه قال للباقر عليه السلام متى يظهر قائمكم فذكر علامات إلى أن قال: وقتل غلام من آل محمد بين الركن والمقام اسمه محمد بن الحسن النفس الزكية.
وبسنده عن إبراهيم الحريري: النفس الزكية غلام من آل محمد اسمه محمد بن الحسن يقتل بلا جرم ولا ذنب فإذا قتلوه لم يبق لهم في السماء عاذر ولا في الأرض ناصر فعند ذلك يبعث الله قائم آل محمد.
ان النفس الزكية هو غلام من ذرية رسول الله صلى الله عليه واله من ابناء الامام الحسن المجتبى عليه السلام.
ان تقديم ذلك الغلام للإعلان المقدس وذبحه بين الركن والمقام انما هو تنجيز لاحد السنن الالهية وتلك السنة نجد دلائلها في القرآن الكريم في قصة ذبح النبي ابراهيم لولده اسماعيل عليهما السلام بعد رفع قواعد رمز التوحيد في الكون ذلك المكعب الذي يمثل الاتجاهات المادية الستة وهو الكعبة المشرفة فبعد ان جرى اتمام البناء صدر الامر الالهي بإسالة دماء نفس زكية على اعتاب ذلك الرمز المقدس ايذانا بنهاية الوثنية الى الابد وبداية عصر التوحيد الخالص لله عز وجل.
وفي تلك الحادثة عبرة ومثل ضرب للناس يؤدي رسالة مفادها : ان الفتح لا يتحقق الا بأسالة الدماء الطاهرة.
-
فعندما يعلن الظهور المقدس في الثالث والعشرين من رمضان بالصيحة الجبرائيلية يتحرك الامام الحجة عج للوصول الى مكة للتحضير للظهور المقدس بعد حج وداع الغيبة ويقدم النفس الزكية للإعلان عن بدء انطلاقة دولة التوحيد والعدل الالهي ونهاية الوثنية.
حيث يقوم الغلام بالإعلان وسط الجموع فيقوم النواصب بذبحه بين الركن والمقام معلنين بذلك الفعل بوار قومهم وانقضاء امرهم فيحصل الغضب الالهي.
وقد أورد ابن حماد:(28) (http://www.m-mahdi.info/book/090/004.htm#_ftn28) إن المهدي لا يخرج حتى تقتل النفس الزكية فإذا قتلت النفس الزكية غضب عليهم من في السماء ومن في الأرض فأتى الناس المهدي فزفوه كما تزف العروس إلى زوجها ليلة عرسها، وهو يملأ الأرض قسطاً وعدلاً، وتخرج الأرض نباتها وتمطر السماء مطرها وتنعم أمتي في ولايته نعمة لم تنعمّها قط.
-
وبالرغم من كون الغلام الحسني النفس الزكية من البشر وتم اعداده من قبل عائلته المؤمنة اعدادا ايمانيا حيث يبدو انه (( من ابناء احد العوائل الحسنية المشهورة على مستوى العمل الاسلامي الجهادي)) من موسوعة الشهيد الصدر الثاني. الا انه لا يصنف مع العلامات البشرية لأنه مرسل من قبل الامام عج بالتكليف الالهي للإعلان عن الظهور المقدس باستنصار اهل مكة.
الخسف بالبيداء:
----------------
بعد حركة النفس الزكية يرسل السفياني جيشه الذي في المدينة الى مكة المكرمة للسيطرة على الاوضاع الامنية هناك وحيث ان الامر الالهي قد صدر بالظهور المقدس فان جيش السفياني لو قدر له ان يصل مكة لما استطاع الامام الحجة عج من اعلانه بالظهور في يوم العاشر من المحرم حيث انه ليس هنالك من رادع لجيش السفياني من وصوله الى مكة حيث ان مكة مليئة بالنواصب.
فيكون حينئذ موضوع وصول جيش السفياني الى مكة أمرا حتميا الا ان الله عز وجل بمنه على عباده وتحقيقه لوعده وانجاز سننه يبدو له في حتمية وصول جيش السفياني الى مكة فيأمر جبرائيل عليه السلام بالخسف بجيش السفياني. وبعد الخسف يتم الامر وتصبح الساحة مهيأة للإعلان النهائي عن الظهور المقدس ويتحقق الوعد الالهي بالطلعة الرشيدة ارواحنا لتراب مقدمه الفداء.
ان علامات الظهور المقدس المحتومة انما هي داخلة في تنجيز بعض السنن الالهية ولارتباطها بتلك السنن اكتسبت علامات الظهور المقدس صفة الحتمية التي لابد منها.
ومن تلك السنن قوله تعالى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ [محمد : 7].
وقوله سبحانه : وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ [العنكبوت : 69].
وقوله عز وجل : أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ [العنكبوت : 2].
وقوله عز وجل : أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء وَزُلْزِلُواْ حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللّهِ قَرِيبٌ [البقرة : 214].
وتتصف السنن الالهية بأنها لا تتبدل ولا تتحول فلا يمكن ان يطرأ عليها توقيف او بداء.
قال تعالى : فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلاً وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلاً [فاطر : 43]
سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً [الفتح : 23]
***
وتصنف علامات الظهور حسب الدور الذي تلعبه في تنجيز تلك السنن الى نمطين :
النمط الاول : العلامات البشرية.
وتقسم هذه العلامات الى اربعة اصناف :
***
اولا- العلامات البشرية التي يقدمها المؤمنون :
وهي العلامات التي يقدمها المؤمنون باتجاه التمهيد للظهور المقدس تأدية منهم لدورهم في تنجيز السنن الالهية (نصر الله , والجهاد فيه ), واستدراراً ( لنصر الله تعالى لهم وهدايتهم الى سبله) وهو جزائهم في السنن الالهية.
وهذه العلامات هي : العدة 313 واليماني.
العدة 313 :
------------
ان العدة 313 هي مفتاح العلامات فعند اكتمال نضوج الرجال اصحاب العدة 313 بوصولهم الى درجة الوعي المطلوب لقيامهم بأدوارهم التي سوف تناط بهم بعد ذلك, تقوم الحجة على الامام الغائب عج بوجود الناصر.
قال امير المؤمنين (عليه السلام) عن ذلك: (أما والذي فلق الحبة وبرأ النسمة لولا حضور الحاضر وقيام الحجة بوجود الناصر وما أخذ الله على العلماء أن لا يقاروا على كظة ظالم ولا سغب مظلوم لألقيت حبلها على غاربها ولسقيت آخرها بكأس أولها ولألفيتم دنياكم هذه أزهد عندي من عفطة عنز. (نهج البلاغة/ جزء من الخطبة الشقشقية).
تلك السنة الالهية التي اجراها على الخلق والزم بها قادته المعصومين صلوات الله عليهم انه اذا حضر الناصر لاينبغي لهم القعود.
عن أبي عبد الله (ع) قال: ( أما لو كملت العدة الموصوفة ثلاثمائة وبضعة عشر كان الذي تريدون). كتاب الغيبة - محمد بن إبراهيم النعماني - الصفحة ٢١١
اليماني :
-------
ان اليماني يمثل تنجيز سنة نصرة الله تعالى والجهاد فيه.
وقد ذكرت الروايات ان اليماني هو اهدى الرايات وهو راية الهدى لانه يدعوا الى القائم عج.
عن الصادق عليه السلام قال: ( خروج السفياني واليماني والخراساني في سنة واحدة ، في شهر واحد ، في يوم واحد ، نظام كنظام الخرز يتبع بعضه بعضاً ، فيكون البأس من كل وجه ، ويل لمن ناواهم . وليس في الرايات راية أهدى من راية اليماني ، هي راية حق لأنه يدعو إلى صاحبكم ، فإذا خرج اليماني حرم بيع السلاح على الناس ، وإذا خرج اليماني فانهض إليه فإن رايته راية هدى ، ولا يحل لمسلم أن يلتوي عليه ، فمن فعل ذلك فهو من أهل النار ، لأنه يدعو إلى الحق وإلى طريق مستقيم) ( بشارة الإسلام ص93 عن غيبة النعماني ).
فصفة الهدى الموصوف بها اليماني مرتبطة بالدعوة الى القائم عج قبل خروجه ولكي يكون اليماني هو الداعي الاهدى فالمنطق العقلي يدعونا الى الاعتقاد بأن اليماني يجب ان يكون محيطا بكافة جزئيات القضية المهدوية سيما علامات الظهور المقدس حيث يقوم اليماني بتحليل علامات الظهور تحليلا بارعا يكشف فيه جميع شخوص واحداث الظهور ويقوم بالدعوة الى تلك الافكار من دون ان يعلن عن نفسه بأنه هو اليماني الموعود وان كان يعلم ذلك ظنا او يقينا.
وتقوم دعوة اليماني وسط دعوات الهدى الاخرى لكن دعوته هي الدعوة الاوضح والاكثر منطقية من بين الدعوات بل هي التي انفردت بالصواب لذلك كانت الاهدى. وفي مقابل دعوة اليماني سوف ترفع دعاوى الادعياء.
-
وبالإضافة الى تلك الدعوة التي يقوم بها اليماني فأنه يقوم بالخروج المسلح لمقاومة جيش السفياني وذلك يعني انه بالإضافة الى كون اليماني رجل دين فانه رجل سياسة وقيادي امني حيث انه القائد الميداني للراية.
ان تلك الصفات التي اتصف بها اليماني والتي اكتسبها باجتهاده الشخصي في مسيرته العلمية الدينية والسياسية والامنية والتي لم تتوفر في غيره من اصحاب الدعوات هي التي اهلته للقيام بدور اليماني الموعود.
ان العراق كما اسلفنا هو مقر اقامة الامام عج وهو مركز انطلاقته في فتوحاته العالمية وفي العراق مركز الثقل الشيعي المناصر ومراقد اجداده العظام.
لذلك كان من المحتم على شيعة القائم عج تمهيد الارض في العراق لاستقبال الامام الحجة عج بطرد جيش السفياني ومن بعد ذلك انتقال اليماني الى مكة المكرمة ليكون وزير الامام الحجة عج.
ثانيا- علامات بشرية تمثل جانب الشر والوثنية مقابل جانب الخير والتوحيد ومنها :
السفياني :
-----------
جاء في الرواية : عن الإمام زين العابدين عليه السلام : (إن أمر القائم حتم من الله ، وأمر السفياني حتم من الله ، ولا يكون قائم إلا بسفياني). (البحار:53/182)
ان ذلك الجزم ( ولا يكون قائم الا بسفياني) وتلك الحتمية الموصوف بها السفياني تبين لنا كون السفياني داخلا في تنجيز السنن الالهية.
وتلك السنة الالهية التي يدخل السفياني في تنجيزها هي القانون الالهي بجعل المجرمين مقابل دعوة النبيين :
وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً مِّنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِياً وَنَصِيراً [الفرقان : 31]
وهو صراع الحق والباطل والايمان والنفاق والوثنية والتوحيد.
فلا يبين الحق الا بوجود الباطل ولا يقوم التوحيد الا بالاقتصاص من الوثنية.
وهي سنن الابتلاء والاختبار والتمحيص والغربلة التي اجراها الله تعالى بحكمته وهيمنته على عباده. وحمله اياهم على الجهاد ونصرته سبحانه ضد اعدائه واعداء انبيائه ورسله من المجرمين.
ومصداق المجرمين في زمان الظهور المقدس هو السفياني الملعون حيث انه سيكون ممثل الوثنية بعد زوال الاوثان الحاكمة في حركة خلع العرب لاعنتها في مقابل ممثل التوحيد الامام الحجة عج.
***
ثالثا- علامات بشرية يقوم بها عامة البشر :
خلع العرب لاعنتها :
-------------------
عن يعقوب السراج ، قال : " قلت لابي عبد الله ( عليه السلام ) : متى فرج شيعتكم ؟ قال : إذا اختلف ولد العباس ووهى سلطانهم
، وطمع فيهم من لم يكن يطمع ، وخلعت العرب أعنتها ، ورفع كل ذى صيصية صيصيته ، وظهر السفياني ، وأقبل اليماني ، وتحرك الحسني
، خرج صاحب هذا الامر.الغيبة للنعماني ص270.
وفي تاج المواليد للطبرسي ، في علائم ظهور الإمام القائم المهدى عجل الله فرجه عن الإمام علي الرضا (ع) : ( ... وخلع العرب أعنتها
وتملكها البلاد ، و خروجها عن سلطان العجم..).
في مواطن التمهيد للظهور المقدس تحدث الثورات الشعبية التي لا تقتصر على المؤمنين الموالين وانما تشمل جمع العرب لخلع الاوثان الحاكمة وسعي تلك الشعوب لنشر القيم الروحية للاسلام والانسانية المتمثلة بالعدل والمساواة والحريات العامة وحقوق الانسان وايجاد النظام السياسي الامثل.
-
ان ذلك الجهد الانساني له الشأن الكبير لدى الباري عز وجل حيث ان تلك الشعوب الثائرة والتي بذلت وسعها رافضة قيم الظلم والجور والعدوان تكون قد عملت ما يتحتم عليها وعلى الله تعالى عز وجل ان يقدم لهذه الشعوب قيادته المعصومة للسير بتلك الشعوب نحو تحقيق غاياتها وارساء دعائم الخلافة الالهية التي يتوق اليها المسلمون منذ قرون من الزمان.
فلا ريب ان ابواب السماء سوف تتفتح لهم والامر الالهي بالظهور المقدس سيكون بين الكاف والنون.
فالجميع اصبح يعمل على انجاز القضية الالهية فأن ثورات الشعوب العربية على الاوثان البشرية والتي كانت العلة الابرز للغيبة الشريفة : جاء في رسالة الامام عج للشيخ المفيد (نحن وإن كنا نائين بمكاننا النائي عن مساكن الظالمين حسب الذي أراناه الله تعالى لنا من الصلاح ولشيعتنا المؤمنين في ذلك ما دامت دولة الدنيا للفاسقين).
رابعا- العلامات التي تكون من صنع البشر :
رجفة الشام :
-------------
وهي علامة تعد ضرورية لتنجيز العلامات الحتمية.
عن أمير المؤمنين عليه السلام ، قال :
إذا اختلف الرمحان بالشام ، لم تنجل إلا عن آية من آيات الله . قيل: وما هي يا أمير المؤمنين؟ قال: رجفة تكون بالشام ، يهلك فيها أكثر من مائة ألف، يجعلها الله رحمة للمؤمنين وعذاباً على الكافرين. فإذا كان ذلك ، فانظروا إلى أصحاب البراذين الشهب المحذوفة ، والرايات الصفر ، تقبل من المغرب حتى تحل بالشام ، وذلك عند الجزع الأكبر والموت الأحمر . فإذا كان ذلك فانظروا خسف قرية من دمشق يقال لها حرستا . فإذا كان ذلك خرج ابن آكلة الاكباد من الوادي اليابس ، حتى يستوي على منبر دمشق . فإذا كان ذلك فانتظروا خروج المهدي ) (غيبة النعماني: 305).
-
ان الاوضاع السياسية في سوريا في حركة خلع اهل سوريا لحاكمهم الاصهب سائرة نحو التأزيم ولا مجال لخروج السفياني حتى تحدث تلك الرجفة التي وصفتها الروايات بأنها يقتل فيها اكثر من مائة الف وستكون رحمة للمؤمنين وعذابا على الكافرين - حيث ان الوضع بحاجة الى عمل طاريء يؤدي الى تسيير الامور لصالح السفياني - فعند حدوث الرجفة والتي يتضرر منها اعداء الشيعة من النواصب سيتاح للسفياني الخروج وسوف تتحرك جميع العلامات ولولا حدوث تلك الرجفة لما استطاع السفياني من الخروج وتلك الرجفة لابد ان تكون من صنع البشر للاسباب التالية :
1- ان تسلسل هذه العلامة يكون في بداية حدوث العلامات البشرية والمنجزة لشرط السنة الالهية. وان كانت الرجفة ليست من صنع المؤمنين لكنها لن تكون صادرة من جهة الغيب لعدم توفر مقتضيات الجزاء للمؤمنين. كما ان هذه العلامة ليست كعلامة الخسف بجيش السفياني بين مكة والمدينة والتي صرحت الروايات انها بأمر من الله تعالى وبتنفيذ من جبرائيل عليه السلام.
2- تمركز اثار تلك العلامة في اعداء الله من الاسلاميين المتطرفين ( تكون رحمة للمؤمنين وعذابا على الكافرين) ويعني ذلك انها موجهة الى ذلك الحشد السكاني بالتحديد.
3- ان تلك الرجفة تصب اثارها في مصلحة السفياني بعد ضعف جانب الابقع وهذا الفعل لا يمكن ان ينسب الى جانب الغيب حيث ان الله تعالى لا يعين الكافرين.
كما ان العدد المقتول في تلك الرجفة يشير الى استخدام احد اسلحة الدمار الشامل وسنتناول هذا الموضوع بالتفصيل في ابحاثنا القادمة ان شاء الله تعالى.
النمط الثاني : العلامات الغيبية :
وهي العلامات التي يقدمها الله عز وجل للتمهيد للظهور المقدس اتماما لسننه بعد قيام البشر وخصوص المؤمنين بتنجيز مقدم السنن الالهية بجهادهم في سبيله ونصرتهم له سبحانه فتمتد يد الغيب لنصر المؤمنين وتثبيت اقدامهم وهدايتهم الى سبله وكذلك من اجل القاء الحجة على عباده وهذه العلامات هي : الصيحة والنفس الزكية والخسف بالبيداء.
-
الصيحة :
--------
هي اول العلامات الغيبية وتكون بعد انتصار المؤمنين في جيش اليماني والخراساني على جيش السفياني وتمهيد ارض العراق لاستقبال القائد المفدى عج, حيث تجري سنة الله تعالى في القاء حجته البالغة على عباده بالنداء بأسم القائم عج على لسان جبرائيل عليه السلام.
قال تعالى : قُلْ فَلِلّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاء لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ [الأنعام : 149].
وقوله عز وجل : رُّسُلاً مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللّهُ عَزِيزاً حَكِيماً [النساء : 165].
النفس الزكية :
--------------
ورد في إكمال الدين بسنده عن محمد بن مسلم أنه قال للباقر عليه السلام متى يظهر قائمكم فذكر علامات إلى أن قال: وقتل غلام من آل محمد بين الركن والمقام اسمه محمد بن الحسن النفس الزكية.
وبسنده عن إبراهيم الحريري: النفس الزكية غلام من آل محمد اسمه محمد بن الحسن يقتل بلا جرم ولا ذنب فإذا قتلوه لم يبق لهم في السماء عاذر ولا في الأرض ناصر فعند ذلك يبعث الله قائم آل محمد.
ان النفس الزكية هو غلام من ذرية رسول الله صلى الله عليه واله من ابناء الامام الحسن المجتبى عليه السلام.
ان تقديم ذلك الغلام للإعلان المقدس وذبحه بين الركن والمقام انما هو تنجيز لاحد السنن الالهية وتلك السنة نجد دلائلها في القرآن الكريم في قصة ذبح النبي ابراهيم لولده اسماعيل عليهما السلام بعد رفع قواعد رمز التوحيد في الكون ذلك المكعب الذي يمثل الاتجاهات المادية الستة وهو الكعبة المشرفة فبعد ان جرى اتمام البناء صدر الامر الالهي بإسالة دماء نفس زكية على اعتاب ذلك الرمز المقدس ايذانا بنهاية الوثنية الى الابد وبداية عصر التوحيد الخالص لله عز وجل.
وفي تلك الحادثة عبرة ومثل ضرب للناس يؤدي رسالة مفادها : ان الفتح لا يتحقق الا بأسالة الدماء الطاهرة.
-
فعندما يعلن الظهور المقدس في الثالث والعشرين من رمضان بالصيحة الجبرائيلية يتحرك الامام الحجة عج للوصول الى مكة للتحضير للظهور المقدس بعد حج وداع الغيبة ويقدم النفس الزكية للإعلان عن بدء انطلاقة دولة التوحيد والعدل الالهي ونهاية الوثنية.
حيث يقوم الغلام بالإعلان وسط الجموع فيقوم النواصب بذبحه بين الركن والمقام معلنين بذلك الفعل بوار قومهم وانقضاء امرهم فيحصل الغضب الالهي.
وقد أورد ابن حماد:(28) (http://www.m-mahdi.info/book/090/004.htm#_ftn28) إن المهدي لا يخرج حتى تقتل النفس الزكية فإذا قتلت النفس الزكية غضب عليهم من في السماء ومن في الأرض فأتى الناس المهدي فزفوه كما تزف العروس إلى زوجها ليلة عرسها، وهو يملأ الأرض قسطاً وعدلاً، وتخرج الأرض نباتها وتمطر السماء مطرها وتنعم أمتي في ولايته نعمة لم تنعمّها قط.
-
وبالرغم من كون الغلام الحسني النفس الزكية من البشر وتم اعداده من قبل عائلته المؤمنة اعدادا ايمانيا حيث يبدو انه (( من ابناء احد العوائل الحسنية المشهورة على مستوى العمل الاسلامي الجهادي)) من موسوعة الشهيد الصدر الثاني. الا انه لا يصنف مع العلامات البشرية لأنه مرسل من قبل الامام عج بالتكليف الالهي للإعلان عن الظهور المقدس باستنصار اهل مكة.
الخسف بالبيداء:
----------------
بعد حركة النفس الزكية يرسل السفياني جيشه الذي في المدينة الى مكة المكرمة للسيطرة على الاوضاع الامنية هناك وحيث ان الامر الالهي قد صدر بالظهور المقدس فان جيش السفياني لو قدر له ان يصل مكة لما استطاع الامام الحجة عج من اعلانه بالظهور في يوم العاشر من المحرم حيث انه ليس هنالك من رادع لجيش السفياني من وصوله الى مكة حيث ان مكة مليئة بالنواصب.
فيكون حينئذ موضوع وصول جيش السفياني الى مكة أمرا حتميا الا ان الله عز وجل بمنه على عباده وتحقيقه لوعده وانجاز سننه يبدو له في حتمية وصول جيش السفياني الى مكة فيأمر جبرائيل عليه السلام بالخسف بجيش السفياني. وبعد الخسف يتم الامر وتصبح الساحة مهيأة للإعلان النهائي عن الظهور المقدس ويتحقق الوعد الالهي بالطلعة الرشيدة ارواحنا لتراب مقدمه الفداء.