المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : التعقيب بعد الصلاة


مولى أبي تراب
19-03-2013, 10:56 PM
بِسْمِ الله الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ
الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِيْنَ ... وَصَلَّى الله عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرِيْنَ
---------------------
التعقيب بعد الصلاة
معناه :
التعقيب هو عبارة عن الاشتغال عقيب الصلوات أي بعدها بذكر الله تعالى والدعاء له ، ويتحقق بكل قول حسن راجح شرعاً بالذات من قرآن أو دعاء أو ثناء أو تنزيه أو غيرها (1) .
ولا يصدق على مجرد الجلوس في المصلى عقيب الصلاة من دون الاشتغال بالذكر فهو عبادة قولية نعم ذكر السيد اليزدي قدس سره تحققه بالتفكر في عظمة الله تعالى (2) .
حكمه :
يستحب التعقيب بعد الصلوات مطلقاً سواء كانت فرائض أم نوافل استحباباً مؤكداً وهو من السنن الأكيدة فقد ورد عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال :
( التعقيب أبلغ في طلب الرزق من الضرب في البلاد ) (3) ، ومن طريق العامة ورد عن أبي هريرة : ( قال جاء الفقراء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا ذهب أهل الدثور
من الأموال بالدرجات العلا والنعيم المقيم يصلّون كما نصلّى ويصومون كما نصوم ولهم فضل أموال يحجّون بها ويعتمرون ويجاهدون ويتصدقون قال الا أحدثكم بما إنْ
أخذتم أدركتم من سبقكم ولم يدرككم أحد بعدكم وكنتم خير من أنتم بين ظهرانيه الا من عمل مثله تسبحون وتحمدون وتكبرون خلف كل صلاة ثلاثا وثلاثين ) (4)
ويتأكد استحبابه بعد الفريضة أكثر منه بعد النافلة فقد ورد
عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال : ( إن فضل الدعاء بعد الفريضة على الدعاء بعد النافلة كفضل الفريضة على النافلة )(5)
بل أفضل من النافلة نفسها فقد روى عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال : ( الدعاء بعد الفريضة أفضل من الصلاة تنفلاً )(6) ، ويتأكد استحبابه أيضاً بعد صلاة الصبح
فيستحب أن يجلس بعدها في مصلاه إلى طلوع الشمس مشتغلاً بذكر الله تعالى وكذلك عقيب صلاة العصر فعن أبي جعفر عليه السلام قال : ( قال رسول الله صلى الله عليه وآله
قال الله جل جلاله يا بن آدم اذكرني بعد الغداة ساعة وبعد العصر ساعة أكْفِكَ ما أهمك )(7)
فوائده :
للتعقيب فوائد عديدة ومنافع كثيرة في الدنيا والآخرة ، منها / الثواب الجزيل حتى أن صاحبه يكتب عند الله تعالى مستمراً في الصلاة فقد ورد ( من عقب في صلاة فهو في صلاة )(8) .
ويزداد الثواب عليه بما أنه من العبادات الشاقة ولما فيه من الحمازة فعن أبي عبد الله عليه السلام (ما عالج الناس شيئا أشد من التعقيب ) (9)
قال الشيخ الجواهري في الجواهر ( المراد به بحسب الظاهر أنهم لا يزاولون عملا أشق عليهم منه لما فيه من الحبس في الجملة ) (10)
ومنها / أنه من موجبات الرزق فعن أبي عبد الله عليه السلام ( التعقيب أبلغ في طلب الرزق من الضرب في البلاد )(11)
ومنها / استجابة الدعوات فالتعقيب من مواطن استجابة الدعاء وقد جاء في الحديث عن الإمام موسى بن جعفر عليه السلام عن أبيه عليه السلام قال :
( ما من مؤمن يؤدي فريضة من فرائض الله الا كان له عند أدائها دعوة مستجابة )(12) ، وقد روي عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال :
( إن الله فرض عليكم الصلوات الخمس في أفضل الساعات فعليكم بالدعاء في أدبار الصلوات )(13)
أحكامه :
ذكر الفقهاء للتعقيب أحكاماً وشروطاً خاصة يتوقف عليها تحقق التعقيب أو كماله ، منها :
1. لا يختص استحباب التعقيب بالفرائض بل يستحب بعد النوافل أيضاً ، نعم بعد الفرائض آكد وأفضل منه بعد النوافل بل هو بعد الفرائض أفضل من النوافل نفسها كما تقدم .
2. يعتبر في صدق التعقيب وتحققه أن يكون متصلاً بالفراغ من الصلاة بأن لا يفصل بينه وبين الصلاة بفاصل معتد به .
3. يعتبر في تحقق التعقيب عدم الاشتغال معه بفعل آخر ينافي صدق التعقيب ، كالأكل مثلاً أو الكتابة ونحو ذلك ، والمدار على بقاء الصدق والهيئة في نظر المتشرعة .
4. لا يشترط في التعقيب الاستقبال ولكنه أولى ، فأن الاستقبال مستحب مطلقاً ولو في غير حال العبادة فيستحب أن يكون العبد في جلسته مستقبلاً دائماً .
فقد روي عنهم عليهم السلام : ( خير المجالس ما استُقبل به القبلة )(14) ، فمن الأولى ذلك في التعقيب مع ما يشتمل عليه من الذكر والدعاء .
5. لا يشترط فيه الطهارة فإن فقد المصلي طهارته بعد الصلاة مباشرة لم يمنع ذلك من الإتيان بالتعقيب بعدها لكن الأولى فيه الطهارة ، بل الكون على الطهارة دائماً
راجح ومندوب فالوضوء مستحب وراجح في نفسه ومن الأولى ذلك في التعقيب مع ما يشتمل عليه من الذكر والدعاء وقراءة القرآن .
6. لا يشترط فيه الكون في المصلى بأن يأتي به في نفس مصلاه فيمكن أن ينتقل الى محل آخر ويأتي بالتعقيب لكن الأولى فيه الجلوس في مكانه الذي صلَّى فيه .
7. لا يشترط فيه الجلوس فيمكن أداؤه بأي وضعية ولو ماشياً لكن على أن لا ينافي ذلك الحفاظ على هيئة التعقيب وصدقه عند المتشرعة وربما يختلف ذلك
باختلاف المقامات والحالات ففي حالة إذا جاء بالتعقيب ماشياً يصدق أنه في حال التعقيب كما هو الحال في المسافر والمستعجل وفي حالة أخرى
قد لا يصدق التعقيب الا من جلوس كما لعله كذلك غالباً لذا الأولى فيه الجلوس بل ذكروا استحباب كونه على هيئة التشهد من التورك وغيره .
8. لا يعتبر فيه كون الأذكار والدعاء بالعربية وإن كان هو الأفضل .
8. لا يعتبر فيه ذكر مخصوص فيجوز التعقيب بمطلق التسبيح والدعاء ، نعم الأفضل مراعاة الأذكار والأدعية المأثورة المذكورة في كتب الأدعية والأخبار والفقه .
أفضل التعقيبات
التعقيبات المأثورة كثيرة وهي إما تعقيبات مشتركة وعامة لكل الصلوات أو خاصة بصلاة معينة كتعقيب كل واحدة من الفرائض اليومية الخاص بها
وأفضل التعقيبات هو تسبيح فاطمة صلوات الله وسلامه عليها الذي علمّها إياه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فعن أبي جعفر عليه السلام قال :
( ما عبد الله بشئ من التحميد أفضل من تسبيح فاطمة عليها السلام ولو كان شئ أفضل منه لَنَحَلَهُ رسولُ الله صلى الله عليه وآله فاطمة عليها السلام )(15) .
وعن أبي خالد القمّاط قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول : ( تسبيح فاطمة عليها السلام في كل يوم في دبر كل صلاة أحب إلي من صلاة ألف ركعة في كل يوم )(16) .
وعن زرارة عن أبي عبد الله عليه السلام قال : ( تسبيح فاطمة الزهراء عليها السلام من الذكر الكثير الذي قال الله عز وجل " اذكروا الله ذكرا كثيرا " )(17) .
وعن أبي عبد الله عليه السلام قال : ( من سبح تسبيح فاطمة الزهراء عليها السلام قبل أن يثنى رجليه من صلاة الفريضة غفر الله له ... )(18) .
وعن محمد بن عذافر قال دخلت مع أبي على أبي عبد الله عليه السلام فسأله أبي عن تسبيح فاطمة صلى الله عليها فقال :
( " الله أكبر " حتى أحصى ( ها ) أربعا وثلاثين مرة ثم قال : " الحمد لله " حتى بلغ سبعا وستين ثم قال : " سبحان الله " حتى بلغ مائة يحصيها بيده جملة واحدة )(19) .
وقوله حتى بلغ سبعاً وستين أي عدّ الحمد لله ثلاثاً وثلاثين فبلغ مع التكبير أربعاً وثلاثين سبعاً وستين لا أنه ردد الحمد لله وحدها سبعاً وستين
وهكذا قوله حتى بلغ مائة يعني عدّ سبحان الله ثلاثاً وثلاثين فصارت مائة مع السبع والستين ويدل عليه مضافاً الى معهودية ذلك عند المتشرعة
ما رواه أبو بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال : ( في تسبيح فاطمة صلى الله عليها يبدأ بالتكبير أربعا وثلاثين ثم التحميد ثلاثا وثلاثين ثم التسبيح ثلاثا وثلاثين )(20) .
ومما دل على عظمة هذا التسبيح وعلوّ شأنه ما رواه أبو هارون المكفوف عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال : ( يا أبا هارون إنا نأمر صبياننا بتسبيح فاطمة عليها السلام
كما نأمرهم بالصلاة فألزمه فإنه لم يلزمه عبد فشقي )(21) .
اللهم صلّ على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها صلاة دائمة تكون لك شكراً ولنا ذخراً واجعل لنا من أمرنا يسراً واختم لنا بالسعادة إلى منتهى آجالنا
وقد قبلت اليسير من أعمالنا وبلغنا برحمتك أفضل آمالنا إنك على كل شئ قدير
وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم
------------------
(1) جواهر الكلام للشيخ حسن الجواهري 10 / 396 .
(2) العروة الوثقى للسيد اليزدي / فصل في التعقيب .
(3) تهذيب الأحكام / الشيخ الطوسي 2 / 104 .
(4) صحيح البخاري 1 / 205 باب الذكر بعد الصلاة .
(5) الكافي 3 / 341 .
(6) المصدر ص 342 .
(7) ثواب الأعمال / الشيخ الصدوق : 45 .
(8) الرواية مشهورة في كتب علمائنا الفقهية ولكن لا وجود لها في المصادر الحديثية
ولعلها عامية فقد وردت في النهاية لابن الأثير 3 / 267 .
(9) تهذيب الأحكام / الشيخ الطوسي 2 / 104 .
(10) جواهر الكلام : 10 / 392
(11) تهذيب الأحكام / الشيخ الطوسي 2 / 104 .
(12) المحاسن للبرقي 1 / 51 .
(13) الخصال للصدوق : 278 .
(14) وسائل الشيعة للحر العاملي : 8 / 475 .
(15) الكافي : 3 / 343 .
(16) الكافي : 3 / 343 .
(17) الكافي : 2 / 500 .
(18) الكافي : 3 / 342 .
(19) الكافي : 3 / 342 .
(20) المصدر .
(21) المصدر .

شركة العراقي
20-03-2013, 02:26 PM
شكراا لك على طرح الرائع

مولى أبي تراب
22-03-2013, 03:06 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد
شكراً لكم بارك الله فيكم

sem
03-04-2013, 02:56 AM
احسنت مولاي رحم الله والديك

مولى أبي تراب
15-04-2013, 01:46 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد
أحسن الله تعالى وبارك بكم