alyatem
25-03-2013, 10:19 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد
(قل هاتوا برهانكم ان كنتم صادقين)
مهلا يا دكتور: الفرس لم يخطفوا التشيع!
قرأت في جريدة عكاظ الصادرة بتاريخ 11 / 03 /2013م مقالا بعنوان (الفرس واختطاف التشيع) للكاتب الدكتور (عبد الله عبد المحسن السلطان) تحامل فيه على الطائفية الشيعية ونسبهم الى المجوسية واليهودية, وكال لهم جملة من الاتهامات نتعرض لها تباعا!
غرضي من هذه السطور التي سأخطها بيميني بيان الاشتباهات الكثيرة التي وقع فيها سعادة الدكتور, فلا يكاد يخلو سطر من مقاله من سقطة علمية أو هفوة تاريخية, وأنا شخصيا أعذر الكاتب لأنه بحسب علمي هو دكتور في العلوم السياسية والعلاقات الدولية وليس متخصّصا في الأبحاث العقدية والتحقيقات التاريخية.
قال سعادة الدكتور: (بدأ التشيع بتأليه اليهودي عبد الله بن سبأ للإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه).
أقول: هذا السطر احتوى جملة من المغالطات التي لا تصدر من قارىء عادي فضلا عن دكتور:
الأول: نسبة ابتداء التشيع الى عبد الله بن سبأ اليهودي وهذا كلام لا دليل عليه بل هو مجرد دعوى مجرّدة عن البرهان لاكها جملة من المناوئين للشيعة ولم يأتو ببيّنة واحدة وكان على الدكتور أن يحيلنا على المصادر التاريخية التي تثبت هذه الدعوى.
وان كان الأمر كما قال الدكتور فهذه مصيبة لأن جملة من كبار الصحابة والتابعين نسبهم المؤرخون للتشيع منهم:
- الصحابي الجليل أبو الطفيل: قال الذهبي في كتابه سير أعلام النبلاء 3 /468: واسم أبي الطفيل، عامر بن واثلة بن عبد الله بن عمرو الليثي الكناني الحجازي الشيعي كان من شيعة الإمام علي. مولده بعد الهجرة رأى النبي صلى الله عليه [وآله] وسلم وهو في حجة الوداع وهو يستلم الركن بمحجنه، ثم يقبل المحجن.
- الصحابي الجليل حجر بن عدي الكندي: حيث نص الذهبي على تشيعه في سير أعلام النبلاء 3 /468: وكان شريفا، أميرا مطاعا، أمارا بالمعروف، مقدما على الانكار، من شيعة علي رضي الله عنهما شهد صفين أميرا، وكان ذا صلاح وتعبد.
- أبو الأسود الدؤلي مدون علم النحو: حيث نقل الذهبي في سير أعلام النبلاء 4 /83: قاتل أبو الأسود يوم الجمل مع علي بن أبي طالب، وكان من وجوه الشيعة، ومن أكملهم عقلا ورأيا.
فهل يلتزم سعادة الدكتور المكرّم أنّ هؤلاء الصحابة والتابعين كانوا من أتباع ابن سبأ اليهودي؟!
لا أظن أن الدكتور يلتزم بهذا الأمر وان كان بعض الحاقدين على الشيعة قد أعماه الحقد حتى نسب بعض الصّحابة الى اتباع ابن سبأ وهو الشيخ عثمان الخميس الذي صرّح في كتابه حقبة من التاريخ بأن عمرو بن الحمق الخزاعي وعبد الرحمن بن عديس البلوي وعبد الله بن بديل الخزاعي من أكبر دعاة عبد الله بن سبأ!
الثاني: هو اثبات وجود حركة سياسية أو فكرية قادها عبد الله بن سبأ, وهذا أيضا لا دليل عليه البتّة بل لو أردنا الزام الدكتور بكتبه المعتبرة فلن يستطيع اثبات وجود شخصية اسمها عبد الله بن سبأ لأن كل الروايات التي تتحدّث عن هذا (superman) تنتهي كلها الى الكذاب الوضاع سيف بن عمرو التميمي!
وهذا ما جعل جملة من المؤرخين والنقاد يشككون في أصل وجود هذه الشخصية:
- منهم عميد الأدب العربي طه حسين الحاصل على شهادة الدكتوراه من جامعة السوربون شكّك في شخصية ابن سبأ في كتابه (الفتنة الكبرى).
- ومنهم الدكتور عبد العزيز صالح الهلالي الأستاذ المشارك بقسم التاريخ بجامعة الملك سعود والحاصل على دكتوراه في التاريخ الاسلامي في بريطانيا, نفى وجود هذه الشخصية في كتابه (عبد الله بن سبأ).
- بل حتى بعض المستشرقين الذين لا علاقة لهم لا بالسنة ولا بالشيعة نفوا وجود هذه الشخصية مثل الايطالي كايتاني (L.Caetani) كما نقل عنه ذلك عبد الرحمن بدوي في كتابه مذاهب الاسلاميين.
أما عند الشيعة فالروايات كلّها تثبت أن هذا الرجل كان زنديقا كافرا أظهر انحرافه في عهد أمير المؤمنين علي عليه السلام فقتله الامام هو ومن تابعه, ولا تجد في كتب الشيعة الا لعنا لهذا الرجل وبراءة منه.
فلا ندري من أين علم الدكتور أن عبد الله بن سبأ هو المؤسس الأول للشيعة, نتمنى أن يدلّنا على المصادر التي اعتمدها لاصدار هذا الحكم عليهم بضرس قاطع.
الثالث: يعلم كل من قرأ أبسط كتب الشيعة كالرسائل العملية للمراجع العظام على مرّ التاريخ أن الشيعة اعتبروا أن المغالي الذي يعتقد بألوهية أهل البيت عليهم السلام أو ينسب لهم صفات الألوهية كافر نجس!
بل ان الشيخ الصدوق رحمه الله عدهم في كتابه الاعتقادات من أسوأ أهل البدع على الاطلاق فقال في ص97: اعتقادنا في الغلاة والمفوضة أنهم كفار بالله تعالى، وأنهم أشر من اليهود والنصارى والمجوس والقدرية والحرورية ومن جميع أهل البدع والأهواء المضلة، وأنه ما صغر الله جل جلاله تصغيرهم شيء.
وعليه فما قاله الدكتور حفظه الله لا أساس له من الصحّة..
قال سماحة الدكتور: (وجرى على منواله الفرس المجوس الذين اعتنقوا التشيع)
أقول: رويدك يا دكتور فقد خلطت في الأمر وضيعت بضعة قرون من الزمن في هذا السطر!
يجب أن تعلم يا سعادة الدكتور أن الفرس دخلوا في الاسلام في بادىء الأمر في عصر الخليفة عمر بن الخطاب وبالتحديد بين سنة 15 هـ وسنة 21هـ وفي هذه الفترة أخرجت فارس جملة من علماء السنة الذين منهم محمد بن اسماعيل البخاري ومسلم بن الحجاج النيسابوري وأبو داود السجستاني وابن ماجه القزويني ومحمد بن عيسى الترمذي وابن حبان البستي ومحمد بن جرير الطبري وغالبية الفقهاء والمحدثين والمفسرين.
ولم يدخل التشيع بصفة رسمية في بلاد فارس الا في عهد محمد خدابنده أي في القرن الثامن على يد العلامة ابن المطهر الحلّي وهو عربي قح!
فبين دخول الفرس في الاسلام واعتناقهم التشيع سبعة قرون لا ندري هل غفل الدكتور عنها أم سقطت منه سهوا؟
قال سماحة الدكتور(ومنذئذ والفرس يعملون على اختطاف الإسلام بتفكيكه شيئا فشيئا بأكاذيبهم وخزعبلاتهم مضيفين إليه من الطقوس والعبادات المجوسية والزرادشتية ما جعل تشيعهم ينقلب إلى دين لا علاقة له بالإسلام خلاف ما يظهرون).
أقول: ان كان الأمر كما قال الدكتور فالأولى بالاتهام هم الفرس الأوائل الذين دخلوا في الاسلام وحملوا معهم ركاما من العقائد المجوسية والزرداشتية وليس الذين تشيعوا بعد أن قضوا سبعة قرون في الاسلام!
ثم الأمر المهم الذي غفل عنه الدكتور هو أن العرب هم الذين نشروا التشيع في بلاد فارس وليس العكس وقد ذكرنا له سابقا أنه بسبب العلامة الحلي رحمه الله أعلن التشيع مذهبا رسميا في بلاد فارس.
وبعده بسنين كان لأهل جبل عامل دور كبير في نشر التشيع بين الفرس وغيرهم من العجم كالمحقق الكركي والحر العاملي والشهيد الثاني وغيرهم من العلماء الذين سطرت ملاحمهم العلمية في كتب التاريخ وعرفوا بنشاطهم الفكري المنقطع النظير.
ولا ندري لماذا غفل الدكتور عن الجانب اليهودي الذي كان له دور عظيم في صدر الاسلام كشخصية (كعب الأحبار) و (وهب بن منبه) الذين كان لهم دور كبير في تسريب العقائد اليهودية الباطلة الى كتب المسلمين وشحنها بالاسرائيليات كما نص على ذلك المحققون؟
قال سماحة الدكتور(كره الفرس المجوس للإسلام مرتبط بكونه جعل من العرب فاتحين إذ يعتبرون الإسلام السبب في فتح بلادهم بوعده للعرب بالجنة والشهادة... إلخ. فلذلك يعود سبب ممارسة الأعمال العدائية ضد العرب والأعمال التخريبية للإسلام، لدرجة أن أصبح اختلاق الاتهامات والافتراءات تقليدا يتسابق عليه الشيعة الفرس للاقتصاص من العرب والإسلام معا).
أقول: أتفق مع الدكتور على أن الفرس المجوس كانوا حاقدين على الاسلام, لكن لابد من اضافة العرب الوثنيين وبني اسرائيل اليهود والأقباط النصارى, فكل هؤلاء كادوا للاسلام وحاربوه باللسان والسنان فلا ندري ما وجه تخصيص الحقد بالمجوس؟
ثم الشيء الغريب الذي لابد من الوقوف عليه ما وجه الربط بين الفرس المجوس وبين الشيعة؟
كل الشيعة يحكمون بكفر المجوس وأنهم من أهل النّار سواء كانوا عربا أو عجما!
أما من قام بالاعمال التخريبية عبر التاريخ فالظاهر أن الدكتور نسي أن:
- من حاول اغتيال النبي صلى الله عليه وآله بالعقبة هم من أصحابه وليسوا من المجوس.
- من حرق الكعبة هو جيش يزيد بن معاوية الأموي وليس جيشا من الغزاة المجوس.
- من استباح المدينة ثلاثة أيام حتى وصلت الدماء الى القبر الشريف هو الجيش الأموي وليس جيش المجوس.
- من ضرب الكعبة بالمنجنيق حتى هدمها هو الحجاج بن يوسف الثقفي وليس المجوسي.
- من قتل الحسين بن علي عليهما السلام وسبى أطفاله ونساءه هو عبيد الله بن زياد.
ولو شئت أن اعدد أعظم الأعمال التخريبية التي حصلت في صدر الاسلام فقط لسودت عشرات الصفحات في ذكر هذه المخازي!
ويا ليت الدكتور ذكر لنا نموذجا واحدا من هذه الأعمال التخريبية التي قام بها هذا التنظيم الخرافي..
قال سعادة الدكتور (من ذلك اختيارهم التشيع للإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه، ومعاداتهم لصحابة الرسول عليه الصلاة والسلام الذين، كما يعتقد الشيعة الفرس، أيدوا أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه بفتح بلاد فارس، وهم بذلك يريدون ضرب العرب بالعرب)
أقول: ليت الدكتور يتحرّى الدقة في النقل ويذكر المصادر التي اعتمد عليها لأن هذا الكلام الذي ذكره هو أقرب للهذيان وليعذرني في هذه الكلمة:
أولا: الذي اختار للمسلمين التشيّع لعلي هو النبي صلى الله عليه وآله الذي نص على امامة أخيه وابن عمه في عدة موارد منها:
- قوله في حديث الغدير المجمع على صحته: (ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا: بلى؛ قال: فمن كنت مولاه فهذا علي مولاه) مسند أحمد 5 /347
- وقوله في حديث المنزلة المتواتر: (أما ترضى أن تكون منى بمنزلة هارون من موسى الا أنك لست بنبي انه لا ينبغي أن أذهب الا وأنت خليفتي في كل مؤمني من بعدي) حسّن هذا اللفظ الألباني في كتاب السنة لابن أبي عاصم 551
- وقوله في الحديث الصحيح: (ما تريدون من علي ثلاثا إن عليا مني وأنا منه وهو ولي كل مؤمن بعدي) المصنف لابن أبي شيبة 7 /504
والأدلة على امامته وخلافته أكثر من أن تحصى, وقد جمعها العلامة الحلي قدس سره الذي بفضله تشيعت بلاد فارس في كتاب أسماه (الألفين) ذكر فيه ألفي دليل على امامة سيد الموحدين عليه السلام.
ثانيا: ما يشاع من أن الشيعة يعادون الصحابة لا أساس له من الصحة بل هو تضخيم للقضية بغرض تشويه صورة الشيعة والا فكتبهم تطفح بمدح الصحابة الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه.
نعم للشيعة موقف من بعض الصحابة بسبب جملة من السلوكيات غير المقبولة التي صدرت منهم والتي تعتبر في ميزان الشارع المقدس مسقطة للعدالة, أما من ثبت بقاؤه على الصراط المستقيم واتباعه سبيل المؤمنين فهو محل احترام وتقدير عند الشيعة.
نفس الامر بالنسبة للدكتور ففي عقيدته يرى أبو طالب عم رسول الله وحاميه من أهل النار ويرى عبد الله والد النبي صلى الله عليه وآله من أهل النار فقط لوجود روايات في الصحيحين تدل على هذا في حين أن هؤلاء عند الشيعة محل تقديس وتبجيل.
فان كان الأمر بالعاطفة فالدفاع عن عبد الله وأبي طالب أولى من الدفاع عن الاصحاب وان كان الأمر بالدليل فكما ثبت عند أهل السنة كفر هؤلاء ثبت عند الشيعة انحراف بعض من ادعي فيهم أنهم صحابة.
ثالثا: ما ذكره الدكتور من أن بغض الشيعة للصحابة هو لأنهم أيدوا فتح بلاد فارس هو نكتة تضحك حتى الثكلى!
اذ أن الدكتور لا يعلم أن المخطط الأساسي والواضع للخطة العسكرية التي استطاع المسلمون من خلالها هدم عرش كسى هو أمير المؤمنين عليه السلام بل حتى قادة الجيوش عينهم علي بن أبي طالب وكان على رأسهم أبو عبيدة الثقفي والد المختار الذي يلعنه أهل السنة صباحا مساء!
كما أنه تجدر الاشارة أن هناك مجموعة كبيرة من الصحابة ليسوا من العرب شاركوا في فتح بلاد فارس عجّت بهم كتب التاريخ فلا ندري لماذا لم يذكر لنا الدكتور المبجل موقف الشيعة الفرس كما يعبر منهم.
الشيخ أحمد سلمان - 14 / 3 / 2013م
http://www.esharh.net/media/lib/pics/1363256337.jpg
شبكة اشارة (http://www.esharh.net/?act=artc&id=7775)
اللهم صل على محمد وآل محمد
(قل هاتوا برهانكم ان كنتم صادقين)
مهلا يا دكتور: الفرس لم يخطفوا التشيع!
قرأت في جريدة عكاظ الصادرة بتاريخ 11 / 03 /2013م مقالا بعنوان (الفرس واختطاف التشيع) للكاتب الدكتور (عبد الله عبد المحسن السلطان) تحامل فيه على الطائفية الشيعية ونسبهم الى المجوسية واليهودية, وكال لهم جملة من الاتهامات نتعرض لها تباعا!
غرضي من هذه السطور التي سأخطها بيميني بيان الاشتباهات الكثيرة التي وقع فيها سعادة الدكتور, فلا يكاد يخلو سطر من مقاله من سقطة علمية أو هفوة تاريخية, وأنا شخصيا أعذر الكاتب لأنه بحسب علمي هو دكتور في العلوم السياسية والعلاقات الدولية وليس متخصّصا في الأبحاث العقدية والتحقيقات التاريخية.
قال سعادة الدكتور: (بدأ التشيع بتأليه اليهودي عبد الله بن سبأ للإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه).
أقول: هذا السطر احتوى جملة من المغالطات التي لا تصدر من قارىء عادي فضلا عن دكتور:
الأول: نسبة ابتداء التشيع الى عبد الله بن سبأ اليهودي وهذا كلام لا دليل عليه بل هو مجرد دعوى مجرّدة عن البرهان لاكها جملة من المناوئين للشيعة ولم يأتو ببيّنة واحدة وكان على الدكتور أن يحيلنا على المصادر التاريخية التي تثبت هذه الدعوى.
وان كان الأمر كما قال الدكتور فهذه مصيبة لأن جملة من كبار الصحابة والتابعين نسبهم المؤرخون للتشيع منهم:
- الصحابي الجليل أبو الطفيل: قال الذهبي في كتابه سير أعلام النبلاء 3 /468: واسم أبي الطفيل، عامر بن واثلة بن عبد الله بن عمرو الليثي الكناني الحجازي الشيعي كان من شيعة الإمام علي. مولده بعد الهجرة رأى النبي صلى الله عليه [وآله] وسلم وهو في حجة الوداع وهو يستلم الركن بمحجنه، ثم يقبل المحجن.
- الصحابي الجليل حجر بن عدي الكندي: حيث نص الذهبي على تشيعه في سير أعلام النبلاء 3 /468: وكان شريفا، أميرا مطاعا، أمارا بالمعروف، مقدما على الانكار، من شيعة علي رضي الله عنهما شهد صفين أميرا، وكان ذا صلاح وتعبد.
- أبو الأسود الدؤلي مدون علم النحو: حيث نقل الذهبي في سير أعلام النبلاء 4 /83: قاتل أبو الأسود يوم الجمل مع علي بن أبي طالب، وكان من وجوه الشيعة، ومن أكملهم عقلا ورأيا.
فهل يلتزم سعادة الدكتور المكرّم أنّ هؤلاء الصحابة والتابعين كانوا من أتباع ابن سبأ اليهودي؟!
لا أظن أن الدكتور يلتزم بهذا الأمر وان كان بعض الحاقدين على الشيعة قد أعماه الحقد حتى نسب بعض الصّحابة الى اتباع ابن سبأ وهو الشيخ عثمان الخميس الذي صرّح في كتابه حقبة من التاريخ بأن عمرو بن الحمق الخزاعي وعبد الرحمن بن عديس البلوي وعبد الله بن بديل الخزاعي من أكبر دعاة عبد الله بن سبأ!
الثاني: هو اثبات وجود حركة سياسية أو فكرية قادها عبد الله بن سبأ, وهذا أيضا لا دليل عليه البتّة بل لو أردنا الزام الدكتور بكتبه المعتبرة فلن يستطيع اثبات وجود شخصية اسمها عبد الله بن سبأ لأن كل الروايات التي تتحدّث عن هذا (superman) تنتهي كلها الى الكذاب الوضاع سيف بن عمرو التميمي!
وهذا ما جعل جملة من المؤرخين والنقاد يشككون في أصل وجود هذه الشخصية:
- منهم عميد الأدب العربي طه حسين الحاصل على شهادة الدكتوراه من جامعة السوربون شكّك في شخصية ابن سبأ في كتابه (الفتنة الكبرى).
- ومنهم الدكتور عبد العزيز صالح الهلالي الأستاذ المشارك بقسم التاريخ بجامعة الملك سعود والحاصل على دكتوراه في التاريخ الاسلامي في بريطانيا, نفى وجود هذه الشخصية في كتابه (عبد الله بن سبأ).
- بل حتى بعض المستشرقين الذين لا علاقة لهم لا بالسنة ولا بالشيعة نفوا وجود هذه الشخصية مثل الايطالي كايتاني (L.Caetani) كما نقل عنه ذلك عبد الرحمن بدوي في كتابه مذاهب الاسلاميين.
أما عند الشيعة فالروايات كلّها تثبت أن هذا الرجل كان زنديقا كافرا أظهر انحرافه في عهد أمير المؤمنين علي عليه السلام فقتله الامام هو ومن تابعه, ولا تجد في كتب الشيعة الا لعنا لهذا الرجل وبراءة منه.
فلا ندري من أين علم الدكتور أن عبد الله بن سبأ هو المؤسس الأول للشيعة, نتمنى أن يدلّنا على المصادر التي اعتمدها لاصدار هذا الحكم عليهم بضرس قاطع.
الثالث: يعلم كل من قرأ أبسط كتب الشيعة كالرسائل العملية للمراجع العظام على مرّ التاريخ أن الشيعة اعتبروا أن المغالي الذي يعتقد بألوهية أهل البيت عليهم السلام أو ينسب لهم صفات الألوهية كافر نجس!
بل ان الشيخ الصدوق رحمه الله عدهم في كتابه الاعتقادات من أسوأ أهل البدع على الاطلاق فقال في ص97: اعتقادنا في الغلاة والمفوضة أنهم كفار بالله تعالى، وأنهم أشر من اليهود والنصارى والمجوس والقدرية والحرورية ومن جميع أهل البدع والأهواء المضلة، وأنه ما صغر الله جل جلاله تصغيرهم شيء.
وعليه فما قاله الدكتور حفظه الله لا أساس له من الصحّة..
قال سماحة الدكتور: (وجرى على منواله الفرس المجوس الذين اعتنقوا التشيع)
أقول: رويدك يا دكتور فقد خلطت في الأمر وضيعت بضعة قرون من الزمن في هذا السطر!
يجب أن تعلم يا سعادة الدكتور أن الفرس دخلوا في الاسلام في بادىء الأمر في عصر الخليفة عمر بن الخطاب وبالتحديد بين سنة 15 هـ وسنة 21هـ وفي هذه الفترة أخرجت فارس جملة من علماء السنة الذين منهم محمد بن اسماعيل البخاري ومسلم بن الحجاج النيسابوري وأبو داود السجستاني وابن ماجه القزويني ومحمد بن عيسى الترمذي وابن حبان البستي ومحمد بن جرير الطبري وغالبية الفقهاء والمحدثين والمفسرين.
ولم يدخل التشيع بصفة رسمية في بلاد فارس الا في عهد محمد خدابنده أي في القرن الثامن على يد العلامة ابن المطهر الحلّي وهو عربي قح!
فبين دخول الفرس في الاسلام واعتناقهم التشيع سبعة قرون لا ندري هل غفل الدكتور عنها أم سقطت منه سهوا؟
قال سماحة الدكتور(ومنذئذ والفرس يعملون على اختطاف الإسلام بتفكيكه شيئا فشيئا بأكاذيبهم وخزعبلاتهم مضيفين إليه من الطقوس والعبادات المجوسية والزرادشتية ما جعل تشيعهم ينقلب إلى دين لا علاقة له بالإسلام خلاف ما يظهرون).
أقول: ان كان الأمر كما قال الدكتور فالأولى بالاتهام هم الفرس الأوائل الذين دخلوا في الاسلام وحملوا معهم ركاما من العقائد المجوسية والزرداشتية وليس الذين تشيعوا بعد أن قضوا سبعة قرون في الاسلام!
ثم الأمر المهم الذي غفل عنه الدكتور هو أن العرب هم الذين نشروا التشيع في بلاد فارس وليس العكس وقد ذكرنا له سابقا أنه بسبب العلامة الحلي رحمه الله أعلن التشيع مذهبا رسميا في بلاد فارس.
وبعده بسنين كان لأهل جبل عامل دور كبير في نشر التشيع بين الفرس وغيرهم من العجم كالمحقق الكركي والحر العاملي والشهيد الثاني وغيرهم من العلماء الذين سطرت ملاحمهم العلمية في كتب التاريخ وعرفوا بنشاطهم الفكري المنقطع النظير.
ولا ندري لماذا غفل الدكتور عن الجانب اليهودي الذي كان له دور عظيم في صدر الاسلام كشخصية (كعب الأحبار) و (وهب بن منبه) الذين كان لهم دور كبير في تسريب العقائد اليهودية الباطلة الى كتب المسلمين وشحنها بالاسرائيليات كما نص على ذلك المحققون؟
قال سماحة الدكتور(كره الفرس المجوس للإسلام مرتبط بكونه جعل من العرب فاتحين إذ يعتبرون الإسلام السبب في فتح بلادهم بوعده للعرب بالجنة والشهادة... إلخ. فلذلك يعود سبب ممارسة الأعمال العدائية ضد العرب والأعمال التخريبية للإسلام، لدرجة أن أصبح اختلاق الاتهامات والافتراءات تقليدا يتسابق عليه الشيعة الفرس للاقتصاص من العرب والإسلام معا).
أقول: أتفق مع الدكتور على أن الفرس المجوس كانوا حاقدين على الاسلام, لكن لابد من اضافة العرب الوثنيين وبني اسرائيل اليهود والأقباط النصارى, فكل هؤلاء كادوا للاسلام وحاربوه باللسان والسنان فلا ندري ما وجه تخصيص الحقد بالمجوس؟
ثم الشيء الغريب الذي لابد من الوقوف عليه ما وجه الربط بين الفرس المجوس وبين الشيعة؟
كل الشيعة يحكمون بكفر المجوس وأنهم من أهل النّار سواء كانوا عربا أو عجما!
أما من قام بالاعمال التخريبية عبر التاريخ فالظاهر أن الدكتور نسي أن:
- من حاول اغتيال النبي صلى الله عليه وآله بالعقبة هم من أصحابه وليسوا من المجوس.
- من حرق الكعبة هو جيش يزيد بن معاوية الأموي وليس جيشا من الغزاة المجوس.
- من استباح المدينة ثلاثة أيام حتى وصلت الدماء الى القبر الشريف هو الجيش الأموي وليس جيش المجوس.
- من ضرب الكعبة بالمنجنيق حتى هدمها هو الحجاج بن يوسف الثقفي وليس المجوسي.
- من قتل الحسين بن علي عليهما السلام وسبى أطفاله ونساءه هو عبيد الله بن زياد.
ولو شئت أن اعدد أعظم الأعمال التخريبية التي حصلت في صدر الاسلام فقط لسودت عشرات الصفحات في ذكر هذه المخازي!
ويا ليت الدكتور ذكر لنا نموذجا واحدا من هذه الأعمال التخريبية التي قام بها هذا التنظيم الخرافي..
قال سعادة الدكتور (من ذلك اختيارهم التشيع للإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه، ومعاداتهم لصحابة الرسول عليه الصلاة والسلام الذين، كما يعتقد الشيعة الفرس، أيدوا أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه بفتح بلاد فارس، وهم بذلك يريدون ضرب العرب بالعرب)
أقول: ليت الدكتور يتحرّى الدقة في النقل ويذكر المصادر التي اعتمد عليها لأن هذا الكلام الذي ذكره هو أقرب للهذيان وليعذرني في هذه الكلمة:
أولا: الذي اختار للمسلمين التشيّع لعلي هو النبي صلى الله عليه وآله الذي نص على امامة أخيه وابن عمه في عدة موارد منها:
- قوله في حديث الغدير المجمع على صحته: (ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا: بلى؛ قال: فمن كنت مولاه فهذا علي مولاه) مسند أحمد 5 /347
- وقوله في حديث المنزلة المتواتر: (أما ترضى أن تكون منى بمنزلة هارون من موسى الا أنك لست بنبي انه لا ينبغي أن أذهب الا وأنت خليفتي في كل مؤمني من بعدي) حسّن هذا اللفظ الألباني في كتاب السنة لابن أبي عاصم 551
- وقوله في الحديث الصحيح: (ما تريدون من علي ثلاثا إن عليا مني وأنا منه وهو ولي كل مؤمن بعدي) المصنف لابن أبي شيبة 7 /504
والأدلة على امامته وخلافته أكثر من أن تحصى, وقد جمعها العلامة الحلي قدس سره الذي بفضله تشيعت بلاد فارس في كتاب أسماه (الألفين) ذكر فيه ألفي دليل على امامة سيد الموحدين عليه السلام.
ثانيا: ما يشاع من أن الشيعة يعادون الصحابة لا أساس له من الصحة بل هو تضخيم للقضية بغرض تشويه صورة الشيعة والا فكتبهم تطفح بمدح الصحابة الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه.
نعم للشيعة موقف من بعض الصحابة بسبب جملة من السلوكيات غير المقبولة التي صدرت منهم والتي تعتبر في ميزان الشارع المقدس مسقطة للعدالة, أما من ثبت بقاؤه على الصراط المستقيم واتباعه سبيل المؤمنين فهو محل احترام وتقدير عند الشيعة.
نفس الامر بالنسبة للدكتور ففي عقيدته يرى أبو طالب عم رسول الله وحاميه من أهل النار ويرى عبد الله والد النبي صلى الله عليه وآله من أهل النار فقط لوجود روايات في الصحيحين تدل على هذا في حين أن هؤلاء عند الشيعة محل تقديس وتبجيل.
فان كان الأمر بالعاطفة فالدفاع عن عبد الله وأبي طالب أولى من الدفاع عن الاصحاب وان كان الأمر بالدليل فكما ثبت عند أهل السنة كفر هؤلاء ثبت عند الشيعة انحراف بعض من ادعي فيهم أنهم صحابة.
ثالثا: ما ذكره الدكتور من أن بغض الشيعة للصحابة هو لأنهم أيدوا فتح بلاد فارس هو نكتة تضحك حتى الثكلى!
اذ أن الدكتور لا يعلم أن المخطط الأساسي والواضع للخطة العسكرية التي استطاع المسلمون من خلالها هدم عرش كسى هو أمير المؤمنين عليه السلام بل حتى قادة الجيوش عينهم علي بن أبي طالب وكان على رأسهم أبو عبيدة الثقفي والد المختار الذي يلعنه أهل السنة صباحا مساء!
كما أنه تجدر الاشارة أن هناك مجموعة كبيرة من الصحابة ليسوا من العرب شاركوا في فتح بلاد فارس عجّت بهم كتب التاريخ فلا ندري لماذا لم يذكر لنا الدكتور المبجل موقف الشيعة الفرس كما يعبر منهم.
الشيخ أحمد سلمان - 14 / 3 / 2013م
http://www.esharh.net/media/lib/pics/1363256337.jpg
شبكة اشارة (http://www.esharh.net/?act=artc&id=7775)