نعيم الشرهاني
30-03-2013, 06:25 PM
أخبر أبو طالب رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: " كان أبي
يقرأ الكتب جميعاً " وقال: " إنّ من صلبي نبيّاً، لوددت أنّي أدركت ذلك الزمان فآمنت به، فمن أدركه من ولدي فليؤمن به وقال أمير المؤمنين (عليه السلام): " واللّه ما عَبدَ أبي ولا جدّي عبد المطلب ولا عبد مناف ولا هاشم صنماً، وإنّما كانوا يعبدون اللّه، ويصلّون إلى البيت على دين إبراهيم، متمسّكين به
وكان أبو طالب سيّد البطحاء شبيهاً بأبيه شيبة الحمد، عالماً بما جاء به الأنبيّاء، وأخبرت به أُممهم من حوادث وملاحم ; لأنّه وصيّ من الأوصياء، وأمين على وصايا الأنبياء حتّى سلّمها إلى النّبي
قيل لابي الحسن : أكان رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) محجوجاً بأبي طالب؟
قال: " لا، ولكن كان مستودع الوصايا فدفعها إلى النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) " قلت: دفعها إليه على أنّه محجوج به؟
قال (عليه السلام): " لو كان محجوجاً به ما دفعها إليه ".
قلت: فما كان حال أبي طالب؟
قال: " أقرّ بالنّبي وبما جاء به حتّى مات
وقال المجلسي: " أجمعت الشيعة على أنّ أبا طالب لم يعبد صنماً قطّ، وأنّه كان من أوصياء إبراهيم الخليل (عليه السلام)
وحكى الطبرسي إجماع أهل البيت على ذلك، ووافقه ابن بطريق في كتاب المستدرك.
وقال الصدوق: " كان عبد المطلب وأبو طالب من أعرف العلماء وأعلمهم بشأنّ النّبي، وكانا يكتمان ذلك عن الجهّال والكفرة
وممّا يشهد على أنّه كان على دين التوحيد وملّة إبراهيم، أنّ قريشاً لمّا أبصرت العجائب ليلة ولادّة أميّر المؤمنين، خصوصاً لما أتوا بالآلهة إلى جبل أبي قبيس ليسكن بهم ما شاهدوه ارتجّ الجبل، وتساقطت الأصنام، ففزعوا إلى أبي طالب ; لأنّه مفزع اللاجىء، وعصمة المستجير، وسألوه عن ذلك، فرفع يديه مبتهلاً إلى المولّى جلّ شأنه قائلاً: " إلهي أسألك بالمحمّدية المحمّودة، والعلويّة العالّية، والفاطميّة البيضاء إلاّ تفضّلت على تهامة بالرأفة والرحمّة، فسكن ما حلّ بهم، وعرفت قريش هذه الأسماء قبل ظهورها، فكانت العرب تكتب هذه الأسماء وتدعو بها عند المهمات، وهي لا تعرف حقيقتها
ومن هنا اعتمد عليه عبد المطلب في كفالة الرسول وخصّه به دون بنيه وقال:
وصيت من كنيته بطالب ****** عبد مناف وهو ذو تجارب
بابن الحبيب اكرم الاقارب****** بابن الذي غاب غير آئب
فقال ابو طالب:
لاتوصني بلازم وواجب****** اني سمعت اعجب العجائب
من كل حبرعالم وكاتب***** بان بحمد الله قول راهب
فقال عبد المطلب: " أُنظر يا أبا طالب أن تكون حافظاً لهذا الوحيد الّذي لم يَشمّ رائحة أبيّه، ولم يذق شفقة أُمّه، أُنظر أن يكون من جسّدك بمنزِّلة كبدك، فإنّي قد تركت بنيّ كُلّهم وخصصتك به، لأنّك من أُمّ أبيّه، وأعلم فإنّ استطعت أن تتبعه فافعل، وانصره بلسانك ويدك ومالك، فإنّه واللّه سيسودكم ويملك ما لا يملك أحد من آبائي، هل قبلت وصيّتي "؟
قال: " نعم، قد قبلتُ، واللّه على ذلكِ شاهد ".
فقال عبد المطلب: " الآن خفف عليَّ الموت "، ولم يزل يقبله ويقول: " اشهد أنّي لم أر أحداً في ولدي أطيب ريحاً منك ولا أحسن وجهاً
وفرح أبو طالب بهذه الحظوة من أبيه العطوف، وراح يدّخر لنفسه السعادة الخالدة بكفالة نبيّ الرحمّة، فقام بأمره، وحماه في صغره بماله وجاهه من اليهود والعرّب وقريش، وكان يؤثره على أهلّه ونفسه، وكيف لا يؤثره وهو يشاهد من ابن أخيّه ولمّا يبلغ التاسعة من عمره هيكل القدس يملأ الدست هيبةً ورجاحة، أكثر ضحكه الابتسام، ويأنس بالوحدة أكثر من الاجتماع.
وإذا وضع له الطعام والشراب لا يتناول منه شيئاً إلاّ قال: " بسم اللّه الأحد "، وإذا فرغ من الطعام حمِد اللّه وأثنى عليه، وإن رصده في نومه شاهد النور يسطع من رأسه إلى عنان السماء
وكان يوماً معه بذي المجاز، فعطش أبو طالب ولم يجد الماء، فجاء النّبي إلى صخرة هناك وركلها برجله، فنبع من تحتها الماء العذب وزاد على ذلك توفر الطعام القليل في بيته حتّى إنّه يكفي الجمع الكثير إذا تناول النّبي منه شيئاً
وهذا وحدّه كاف في الإِذعان بأن أبا طالب كان على يقين من نبوة ابن أخيه محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم).
أضف إلى ذلك قوله في خطبته لما أراد أن يزوّجه من خديجة: " وهو واللّه بعد هذا له نبأ عظيم، وخطر جليل
وفي وصيته لقريش: " إنّي أوصيّكم بمحمّد خيراً، فإنّه الأمين في قريش، والصدّيق في العرب، وهو الجامع لكُلّ ما أوصاكم به، وقد جاء بأمر قبله الجنان
يقرأ الكتب جميعاً " وقال: " إنّ من صلبي نبيّاً، لوددت أنّي أدركت ذلك الزمان فآمنت به، فمن أدركه من ولدي فليؤمن به وقال أمير المؤمنين (عليه السلام): " واللّه ما عَبدَ أبي ولا جدّي عبد المطلب ولا عبد مناف ولا هاشم صنماً، وإنّما كانوا يعبدون اللّه، ويصلّون إلى البيت على دين إبراهيم، متمسّكين به
وكان أبو طالب سيّد البطحاء شبيهاً بأبيه شيبة الحمد، عالماً بما جاء به الأنبيّاء، وأخبرت به أُممهم من حوادث وملاحم ; لأنّه وصيّ من الأوصياء، وأمين على وصايا الأنبياء حتّى سلّمها إلى النّبي
قيل لابي الحسن : أكان رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) محجوجاً بأبي طالب؟
قال: " لا، ولكن كان مستودع الوصايا فدفعها إلى النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) " قلت: دفعها إليه على أنّه محجوج به؟
قال (عليه السلام): " لو كان محجوجاً به ما دفعها إليه ".
قلت: فما كان حال أبي طالب؟
قال: " أقرّ بالنّبي وبما جاء به حتّى مات
وقال المجلسي: " أجمعت الشيعة على أنّ أبا طالب لم يعبد صنماً قطّ، وأنّه كان من أوصياء إبراهيم الخليل (عليه السلام)
وحكى الطبرسي إجماع أهل البيت على ذلك، ووافقه ابن بطريق في كتاب المستدرك.
وقال الصدوق: " كان عبد المطلب وأبو طالب من أعرف العلماء وأعلمهم بشأنّ النّبي، وكانا يكتمان ذلك عن الجهّال والكفرة
وممّا يشهد على أنّه كان على دين التوحيد وملّة إبراهيم، أنّ قريشاً لمّا أبصرت العجائب ليلة ولادّة أميّر المؤمنين، خصوصاً لما أتوا بالآلهة إلى جبل أبي قبيس ليسكن بهم ما شاهدوه ارتجّ الجبل، وتساقطت الأصنام، ففزعوا إلى أبي طالب ; لأنّه مفزع اللاجىء، وعصمة المستجير، وسألوه عن ذلك، فرفع يديه مبتهلاً إلى المولّى جلّ شأنه قائلاً: " إلهي أسألك بالمحمّدية المحمّودة، والعلويّة العالّية، والفاطميّة البيضاء إلاّ تفضّلت على تهامة بالرأفة والرحمّة، فسكن ما حلّ بهم، وعرفت قريش هذه الأسماء قبل ظهورها، فكانت العرب تكتب هذه الأسماء وتدعو بها عند المهمات، وهي لا تعرف حقيقتها
ومن هنا اعتمد عليه عبد المطلب في كفالة الرسول وخصّه به دون بنيه وقال:
وصيت من كنيته بطالب ****** عبد مناف وهو ذو تجارب
بابن الحبيب اكرم الاقارب****** بابن الذي غاب غير آئب
فقال ابو طالب:
لاتوصني بلازم وواجب****** اني سمعت اعجب العجائب
من كل حبرعالم وكاتب***** بان بحمد الله قول راهب
فقال عبد المطلب: " أُنظر يا أبا طالب أن تكون حافظاً لهذا الوحيد الّذي لم يَشمّ رائحة أبيّه، ولم يذق شفقة أُمّه، أُنظر أن يكون من جسّدك بمنزِّلة كبدك، فإنّي قد تركت بنيّ كُلّهم وخصصتك به، لأنّك من أُمّ أبيّه، وأعلم فإنّ استطعت أن تتبعه فافعل، وانصره بلسانك ويدك ومالك، فإنّه واللّه سيسودكم ويملك ما لا يملك أحد من آبائي، هل قبلت وصيّتي "؟
قال: " نعم، قد قبلتُ، واللّه على ذلكِ شاهد ".
فقال عبد المطلب: " الآن خفف عليَّ الموت "، ولم يزل يقبله ويقول: " اشهد أنّي لم أر أحداً في ولدي أطيب ريحاً منك ولا أحسن وجهاً
وفرح أبو طالب بهذه الحظوة من أبيه العطوف، وراح يدّخر لنفسه السعادة الخالدة بكفالة نبيّ الرحمّة، فقام بأمره، وحماه في صغره بماله وجاهه من اليهود والعرّب وقريش، وكان يؤثره على أهلّه ونفسه، وكيف لا يؤثره وهو يشاهد من ابن أخيّه ولمّا يبلغ التاسعة من عمره هيكل القدس يملأ الدست هيبةً ورجاحة، أكثر ضحكه الابتسام، ويأنس بالوحدة أكثر من الاجتماع.
وإذا وضع له الطعام والشراب لا يتناول منه شيئاً إلاّ قال: " بسم اللّه الأحد "، وإذا فرغ من الطعام حمِد اللّه وأثنى عليه، وإن رصده في نومه شاهد النور يسطع من رأسه إلى عنان السماء
وكان يوماً معه بذي المجاز، فعطش أبو طالب ولم يجد الماء، فجاء النّبي إلى صخرة هناك وركلها برجله، فنبع من تحتها الماء العذب وزاد على ذلك توفر الطعام القليل في بيته حتّى إنّه يكفي الجمع الكثير إذا تناول النّبي منه شيئاً
وهذا وحدّه كاف في الإِذعان بأن أبا طالب كان على يقين من نبوة ابن أخيه محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم).
أضف إلى ذلك قوله في خطبته لما أراد أن يزوّجه من خديجة: " وهو واللّه بعد هذا له نبأ عظيم، وخطر جليل
وفي وصيته لقريش: " إنّي أوصيّكم بمحمّد خيراً، فإنّه الأمين في قريش، والصدّيق في العرب، وهو الجامع لكُلّ ما أوصاكم به، وقد جاء بأمر قبله الجنان