مرتضى علي الحلي
30-03-2013, 11:19 PM
: التنميَّة الإنسانية والثقافيّة والتعليميَّة :
: وظائفٌ و مُعطياتْ :
=====================
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله المعصومين
إنَّ من المُتيقَّن به أنَّ مفاهيم التنمية الإنسانية والثقافية والتعليمية
هي مفاهيم أولية أصيلة في البناء والتكوين في نظرية القرآن للإنسان .
ولاغرو في أنْ يجعل القرآن الكريم مفهوم التنمية مفهوماً مُرادفا في القيمة والأثر والغرض لمفهوم التزكية .
وإلى ذلك المعنى قد أشار القرآن الكريم صراحةً
قال تعالى
وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا{7} فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا{8} قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا{9} وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا{10}الشمس
وتزكية النفس هو تنميتها إنسانيا على مستوى الفعل الذهني والخارجي .
وأما مفهوم تنمية الثقافة والتعليم فهو الآخر قد أخذ بعداً دلاليا ومعرفيا بيِّنا
إذ جاء الفتح الثقافي قرآنيا بصورة الإرشاد والتحضيض على القراءة .
قال تعالى
اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ{1} خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ{2} اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ{3} الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ{4} عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ{5} العلق
ومن المعلوم أنَّ لكل وحدة تعليمية خلفية فكرية ومنهجية تنطلق منها في تربية وتزكية وتنمية الأفراد المُنتمين إليها علميا وأخلاقيا وإنسانيا.
وإذا كانت مفاهيم التنمية الإنسانية والثقافية والتعليمية هي مفاهيم إسلامية التأصيل
فلابد من أن تكون الإنطلاقة التأسيسية والقيمية والتنموية في تربية وتوعية الأفراد والمجتمع .
إنطلاقة إسلامية أصيلة معتدلة وعقلانية مقبولة لدى الجميع
تجمع بين التواصل مع الأصالة والمُعاصرة والحداثة منهجا وسلوكا .
بحيث لاتتقاطع مع الأصول والثوابت الدينية والفكرية
وتقبل الإنفتاح المُنتج والصالح تطويراً للواقع التعليمي والتربوي والثقافي في ظرفه الإسلامي .
إذ إنَّ ديننا الإسلامي قادرٌ على التعايش مع فروضات الحضارة والمعاصرة والحداثة لحد التأثير في مايفدُ إلينا ثقافيا وتقنيا قبولاً أو رفضا .
فضلاً عن أهليته لتكوين القناعات الإرادية والخيارات الصحيحة
في الإعتقاد بسمة المعاصرة والتوظيف والإنتاج والتكييف .
وتكمن أهم وظائف الوحدات التنموية والتثقيفية و التعليمية
بشكل عام في تعاطيها مع الأفراد وبكافة المستويات العلمية
بمايلي:
:1:
تجذير الإنتماء الإنساني ومعياريّته الربانيّة :
إنّ تجذير مفهوم الإنتماء الإنساني و الإجتماعي والأخلاقي والفكري في نفوس الأفراد بصورة فعليّة
إبتداءً من الإنتماء إلى الأسرة والمجتمع عامة
وإنتهاءً بالدين الذي هو حاضنة الإنتماءات كافة وراعيها قيمياً.
هو عين ما أسسَ له الإسلام العزيز إنسانيا و ثقافيا وتعليميا
قال الله تعالى مُفصِحاً عن هذا المفهوم:
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ }الحجرات13
{وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ }الروم22
لنلحظ وندرك جَعلِ الله تعالى الشعورالإنساني بوحدة أصل الخَلق وضرورة الإنتماء إلى الحاضنة الإجتماعية السليمة وحقيقة التنوع البشري والإجتماعي
منطلقات واقعية في هذه الحياة يكون معيارها التقوى في التفاضل والتعامل المُتبادل
وهذا المفهوم التربوي القيّم ينبغي غرسه في نفوس الأفراد حتى نبني جيلاً واعيا وحضاريا ناضجا في فكره وسلوكياته .
:2:
التَنميَّةُ الذاتية للإنسان ومنحه التقدير والتكريم :
إنَّ من أبرز ما تحددَ به منهاج القرآن في تربية
الأفراد هو التركيزعلى مبدأ حفظ الذات الإنسانية و تقديرها وتكريمها وإستقلاليتها
وتقوية هذا الشعورالنفسي عندهم وإشعارهم بحقيقة شخصياتهم الوجودية
وتجنب وسائل الإهانة اللفظية والفعلية كونها تولّد الشعور بالإحتقار والنقص .
وبالتالي تخلِق ظاهرة العنف الفكري والسلوكي عند الفرد الذي يواجه بهذه الوسائل غير التربوية
وهذا ما نص عليه القرآن الكريم في تأسيساته القيمية بقوله تعالى :
{وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً }الإسراء70
هذا في مجال تكريم وتفضيل الأفراد بما منحم الله تعالى من قيمة الكرامة الإنسانية وحرمتها
بحيث يجب أن يُؤخَذ ذلك بعين الإعتبار في تنمية شخصية الفرد إنسانيا وثقافيا
لأنه متى ما شعر بقيمة ذاته أحس وأدرك بقيمة الأخرين وكرامتهم البشرية وتجنب العنف تجاههم .
وهذه القيمة هي الأخرى إتفقتْ عليها الشرايع السماوية والمذاهب التربوية الوضعية .
فهذا القرآن الكريم يُعلن عن هذا المنحى التنموي الإنساني الصالح
في قوله تعالى :
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْراً مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاء مِّن نِّسَاء عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْراً مِّنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ }الحجرات11
ويتضح من ذلك المنهاج القرآني القويم أنَّ العمل على تركيز القيم الأخلاقية والإجتماعية السليمة في ذهنيّة وشخصية الأفراد كآليّة تعليمية وتربوية .
تضمن لنا الإستقرار النفسي لدى الأفراد ذاتهم فضلاعن تحقيقها الإستقرار في مؤسساتهم الأسرية والمجتمعية عامة.
وذلك يتحقق من خلال منهج تعليمي متزن في طرحه للفضائل الإنسانية والدينية كسبيل لتثقيف الأفراد فكريا وأخلاقيا .
:3:
ضرورة توعية الأفراد توعية كيفيةً وكميَّة
إنَّ من جملة ما أكّدَ عليه منهاج القرآن الكريم
هو ضرورة تعاطي الأفراد في حياتهم مع الآخرين تعاطياً عقلانيا وشرعيا معتدلا
والإبتعاد عن السلوكيات الإنفعالية
وهذا الوعي إنّما يتأتى من إشعارهم بأنّ العقلانية والشرعيّة والإعتدال
هي السبل الوحيدة لحل الإشكاليات أيّاً كانت .
وإلى ذلك أشار القرآن الكريم في قوله تعالى:
{الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ }الزمر18
ويتحقق ذلك الوعي الكيفي والكمي بتربية الأفراد على ممارسة التفكير السليم والحكيم عمليا ونظريا
لذا قال الرسول الأكرم محمد :صلى اللهُ عليه وآله وسلّم :
( إذاهممتَ بأمرٍ فتدبر عاقبته )
:بحار الأنوار: المجلسي: ج71:ص339:
وقال الإمام جعفر الصادق:عليه السلام :
( تفكر ساعة خير من عبادة سنة )
وقرأ بعد هذا الحديث قوله تعالى
(إنما يتذكر أولوا الألباب)
:مستدرك الوسائل:الميرزا النوري:ج11:ص183.
وتتجلى ممارسة التفكير هذه في صورة مراجعة الفرد ذاته بشكل دائم وإخضاع سلوكياته للتقييم المعياري السليم
أو تقييم الوحدة التعليمية له بشكل دوري ضبطاً لسلوكياته
وترشيداً لها من تنبيهه على ضرورة المطالعة والقراءة والإنتخاب الواعي للفكر والثقافة
بما ينسجم وخلفياته الدينية والأخلاقية
ورصد الظواهر المرفوضة ومعالجتها كي لايتأثر بها حياتيا .
فإنَّ تفعيل منهاج القرآن للإنسان في تنميته البشرية عمليا
يجعلنا في حال ثقافي وتعليمي وتربوي يتلبس به الفرد ومجتمعه بصورة فضلى .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مرتضى علي الحلي : النجف الأشرف.
: وظائفٌ و مُعطياتْ :
=====================
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله المعصومين
إنَّ من المُتيقَّن به أنَّ مفاهيم التنمية الإنسانية والثقافية والتعليمية
هي مفاهيم أولية أصيلة في البناء والتكوين في نظرية القرآن للإنسان .
ولاغرو في أنْ يجعل القرآن الكريم مفهوم التنمية مفهوماً مُرادفا في القيمة والأثر والغرض لمفهوم التزكية .
وإلى ذلك المعنى قد أشار القرآن الكريم صراحةً
قال تعالى
وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا{7} فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا{8} قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا{9} وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا{10}الشمس
وتزكية النفس هو تنميتها إنسانيا على مستوى الفعل الذهني والخارجي .
وأما مفهوم تنمية الثقافة والتعليم فهو الآخر قد أخذ بعداً دلاليا ومعرفيا بيِّنا
إذ جاء الفتح الثقافي قرآنيا بصورة الإرشاد والتحضيض على القراءة .
قال تعالى
اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ{1} خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ{2} اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ{3} الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ{4} عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ{5} العلق
ومن المعلوم أنَّ لكل وحدة تعليمية خلفية فكرية ومنهجية تنطلق منها في تربية وتزكية وتنمية الأفراد المُنتمين إليها علميا وأخلاقيا وإنسانيا.
وإذا كانت مفاهيم التنمية الإنسانية والثقافية والتعليمية هي مفاهيم إسلامية التأصيل
فلابد من أن تكون الإنطلاقة التأسيسية والقيمية والتنموية في تربية وتوعية الأفراد والمجتمع .
إنطلاقة إسلامية أصيلة معتدلة وعقلانية مقبولة لدى الجميع
تجمع بين التواصل مع الأصالة والمُعاصرة والحداثة منهجا وسلوكا .
بحيث لاتتقاطع مع الأصول والثوابت الدينية والفكرية
وتقبل الإنفتاح المُنتج والصالح تطويراً للواقع التعليمي والتربوي والثقافي في ظرفه الإسلامي .
إذ إنَّ ديننا الإسلامي قادرٌ على التعايش مع فروضات الحضارة والمعاصرة والحداثة لحد التأثير في مايفدُ إلينا ثقافيا وتقنيا قبولاً أو رفضا .
فضلاً عن أهليته لتكوين القناعات الإرادية والخيارات الصحيحة
في الإعتقاد بسمة المعاصرة والتوظيف والإنتاج والتكييف .
وتكمن أهم وظائف الوحدات التنموية والتثقيفية و التعليمية
بشكل عام في تعاطيها مع الأفراد وبكافة المستويات العلمية
بمايلي:
:1:
تجذير الإنتماء الإنساني ومعياريّته الربانيّة :
إنّ تجذير مفهوم الإنتماء الإنساني و الإجتماعي والأخلاقي والفكري في نفوس الأفراد بصورة فعليّة
إبتداءً من الإنتماء إلى الأسرة والمجتمع عامة
وإنتهاءً بالدين الذي هو حاضنة الإنتماءات كافة وراعيها قيمياً.
هو عين ما أسسَ له الإسلام العزيز إنسانيا و ثقافيا وتعليميا
قال الله تعالى مُفصِحاً عن هذا المفهوم:
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ }الحجرات13
{وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ }الروم22
لنلحظ وندرك جَعلِ الله تعالى الشعورالإنساني بوحدة أصل الخَلق وضرورة الإنتماء إلى الحاضنة الإجتماعية السليمة وحقيقة التنوع البشري والإجتماعي
منطلقات واقعية في هذه الحياة يكون معيارها التقوى في التفاضل والتعامل المُتبادل
وهذا المفهوم التربوي القيّم ينبغي غرسه في نفوس الأفراد حتى نبني جيلاً واعيا وحضاريا ناضجا في فكره وسلوكياته .
:2:
التَنميَّةُ الذاتية للإنسان ومنحه التقدير والتكريم :
إنَّ من أبرز ما تحددَ به منهاج القرآن في تربية
الأفراد هو التركيزعلى مبدأ حفظ الذات الإنسانية و تقديرها وتكريمها وإستقلاليتها
وتقوية هذا الشعورالنفسي عندهم وإشعارهم بحقيقة شخصياتهم الوجودية
وتجنب وسائل الإهانة اللفظية والفعلية كونها تولّد الشعور بالإحتقار والنقص .
وبالتالي تخلِق ظاهرة العنف الفكري والسلوكي عند الفرد الذي يواجه بهذه الوسائل غير التربوية
وهذا ما نص عليه القرآن الكريم في تأسيساته القيمية بقوله تعالى :
{وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً }الإسراء70
هذا في مجال تكريم وتفضيل الأفراد بما منحم الله تعالى من قيمة الكرامة الإنسانية وحرمتها
بحيث يجب أن يُؤخَذ ذلك بعين الإعتبار في تنمية شخصية الفرد إنسانيا وثقافيا
لأنه متى ما شعر بقيمة ذاته أحس وأدرك بقيمة الأخرين وكرامتهم البشرية وتجنب العنف تجاههم .
وهذه القيمة هي الأخرى إتفقتْ عليها الشرايع السماوية والمذاهب التربوية الوضعية .
فهذا القرآن الكريم يُعلن عن هذا المنحى التنموي الإنساني الصالح
في قوله تعالى :
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْراً مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاء مِّن نِّسَاء عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْراً مِّنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ }الحجرات11
ويتضح من ذلك المنهاج القرآني القويم أنَّ العمل على تركيز القيم الأخلاقية والإجتماعية السليمة في ذهنيّة وشخصية الأفراد كآليّة تعليمية وتربوية .
تضمن لنا الإستقرار النفسي لدى الأفراد ذاتهم فضلاعن تحقيقها الإستقرار في مؤسساتهم الأسرية والمجتمعية عامة.
وذلك يتحقق من خلال منهج تعليمي متزن في طرحه للفضائل الإنسانية والدينية كسبيل لتثقيف الأفراد فكريا وأخلاقيا .
:3:
ضرورة توعية الأفراد توعية كيفيةً وكميَّة
إنَّ من جملة ما أكّدَ عليه منهاج القرآن الكريم
هو ضرورة تعاطي الأفراد في حياتهم مع الآخرين تعاطياً عقلانيا وشرعيا معتدلا
والإبتعاد عن السلوكيات الإنفعالية
وهذا الوعي إنّما يتأتى من إشعارهم بأنّ العقلانية والشرعيّة والإعتدال
هي السبل الوحيدة لحل الإشكاليات أيّاً كانت .
وإلى ذلك أشار القرآن الكريم في قوله تعالى:
{الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ }الزمر18
ويتحقق ذلك الوعي الكيفي والكمي بتربية الأفراد على ممارسة التفكير السليم والحكيم عمليا ونظريا
لذا قال الرسول الأكرم محمد :صلى اللهُ عليه وآله وسلّم :
( إذاهممتَ بأمرٍ فتدبر عاقبته )
:بحار الأنوار: المجلسي: ج71:ص339:
وقال الإمام جعفر الصادق:عليه السلام :
( تفكر ساعة خير من عبادة سنة )
وقرأ بعد هذا الحديث قوله تعالى
(إنما يتذكر أولوا الألباب)
:مستدرك الوسائل:الميرزا النوري:ج11:ص183.
وتتجلى ممارسة التفكير هذه في صورة مراجعة الفرد ذاته بشكل دائم وإخضاع سلوكياته للتقييم المعياري السليم
أو تقييم الوحدة التعليمية له بشكل دوري ضبطاً لسلوكياته
وترشيداً لها من تنبيهه على ضرورة المطالعة والقراءة والإنتخاب الواعي للفكر والثقافة
بما ينسجم وخلفياته الدينية والأخلاقية
ورصد الظواهر المرفوضة ومعالجتها كي لايتأثر بها حياتيا .
فإنَّ تفعيل منهاج القرآن للإنسان في تنميته البشرية عمليا
يجعلنا في حال ثقافي وتعليمي وتربوي يتلبس به الفرد ومجتمعه بصورة فضلى .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مرتضى علي الحلي : النجف الأشرف.